|
تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي..
|
واقع لا يسر عدو و لا حبيب....
على اية حال مبروك لكل الطلاب الناجحين و المتفوقين لهذا العام الدراسي, مع اطيب الامنيات في عملية القبول للجامعات. و اعبر لكم عن عميق أسفي لحال مؤسسات التعليم العالي, حيث انها و منذ عورة (ثورة) التعليم العالي اضحت فقط سرطاني الانتشار و متوالي هندسيا في الانحدار. و من شدة انكشاف عورة التعليم العالي اصبح طلابنا الاماجد يسترونه بمجهموداتهم الجبارة و عرق جبين اسرهم على امل ان تشرق شمس صباح طال انتظاره. و انا في هذا المقام لا اريد ابني جديدا و لا اريد ان اهدم عتيقا و لست متخصصاً او خبيرا في شئون التعليم التعالي و انما اود ان ادون بعض الخواطر و في انتظار مساهمات الاخرين. و لا اريد الثرثرة عن ما هو معلوم بالضرورة للناس طالما الكل يدرك بطريقة او باخرى حجم الدمار الذي لحق التعليم العالي و مؤسساته. لكن سفينة التعليم الجامعي بعد خرابها و ضياع البوصلة و اختفاء الملاح اصبحت تسير كيفما اتفق..... و لا هي سفينة نوح حتى ترسو على بر الامان و لا هي سفينة تايتنك حتى تغرق و تكون في طئ النسيان.
|
|

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
كدي اول حاجة نشوف الجهة المسئولة عن الجامعات و يطلق عليها اصطلاحا "وزارة التعليم العالي و البحث العلمي" قبل ما نمشي بعيد حقو نشوف موضوع البحث العلمي الملحق باسم الوزارة و للاجابة على سؤال: هل يوجد لدينا بحث علمي فعلاً؟ بغض النظر عن تعريف كلمة بحث علمي, لكن اساس نهضة اي دولة هو البحث العلمي و لذلك نجد ان الدول المتقدمة و اللاحقة تفرد لها ميزانيات ضخمة لكن بالغاء نظرة على ميزانية الدولة للبحث العلمي للعام 2013 و الذي يبلغ 6 مليون جنيه فقط اي حوالي مليون و 300 الف دولار.... من جملة 194 مليون دولار مخصصة للتعليم العالي اي ما نسبته 67. % من ميزانية التعليم العالي. و لمعرفة موقع ال 6 مليون دولار بتاع البحث العلمي من الاعراب نعمل مقارنة مع الناتج الاجمالي المحلي للسودان. و حسب بيانات بنك السودان المركزي فان الناتج الاجمالي للسودان للعام 2012 (243,412.80 مليون جنيه) اي حوالي 55 مليار دولار و حسب بيانات البنك الدولي تبلغ 58 مليار دولار, ربما الفروقات بين الرقمين ناتج من قيامي باجراء تحويلات العملات او ان البنك الدولي شمل جنوب السودان في حساباتها. المهم حسب البنك المركزي يكون النسبة 0025.% من الناتج الاجمالي المحلي. و ده امر طبيعي لأن السودان ليست بها صناعات و مراكز ابحاث علمية بالمعنى المتعارف حتي ينفق في عملية البحث و التطوير (RandD) لكن الما طبيعي ان تلحق اسم البحث العلمي بوزارة التعليم العالي.....اللهمً الاً لو البحث العلمي ده عندو معنى تاني في جامعاتنا.
*النمور الاسوية تنفق ما بين 1.2 الى 2.4 من اجمالي الناتج القومي في عملية البحث و التطوير. * السعودية تنفق 28.% في عملية البحث العلمي. من هنا و صاعدا الوزارة عندي اسمو التعليم العالي فقط.
المصادر: بنك السودان المركزي البنك الدولي ميزانية وزارة التعليم العالي للعام 2013
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------- النسب المئوية اعلاه هي عمليات حسابية اجريته و لا توجد في المصادر.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
حاجات تمحن في وزارة التعليم العالي: وضعت الوزارة الصورة ادناه في موقعها و كتبت عليها مدرسة كتشنر الطبية و انشئت عام 1924م, على الرغم من اي طفل بيعرف ان المبنى الاثري ده اسمو كلية غردون التذكارية و افتتحت عام 1902م و اكتمل بصورتها الحالية عام 1903م
 و في معرض صورها (لا يوجد معرض و لا يحزنون) وضعت الوزارة الصورة اليتيمة ادناه و التي لا معنى لها على الاطلاق:
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
كتبت وزارة التعليم العالي "إعلان تحذيري مهم"
Quote: درجت بعض المؤسسات علي منح الطلاب درجات علمية بعد الشهادة الثانوية (دبلوم ،بكالوريوس ،دراسات عليا) علماً بأن هذه المؤسسات لاتحمل ترخيصاً من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بممارسة هذا العمل. وبما أن منح الدرجات العلمية يقتضي إعتماد الوزارة للبرنامج الأكاديمي فإن هذا العمل يعتبر غير قانونياً ويترتب عليه ضرر بالغ يتمثل في إهدار وقت ومال الطلاب. عليه فإن الوزارة تلفت نظر الطلاب وأولياء الأمور إلي أن أي شهادة أكاديمية لاتحمل رقماً جامعياً تصدر عن مؤسسة لم يرد اسمها بدليل القبول لــــــــــــن يتم إعتمادها وتوثيقها من قبل سلطات الوزارة . وعلي الطلاب مراجعة دليل القبــــــــول العام للتأكد من المؤسسات التعليمية المعترف بها. |
الغريبة انو المؤسسات البتكلموا عنها دي, بتدفع ضرائب للدولة و اماكن وجودها معلومة للسلطات و قد يكونوا هم ذاتهم سلطات....لكن نقول شنو!
Quote: أكد بروفيسور خميس كجو كنده وزير التعليم العالى والبحث العلمى لدى مخاطبته قافله الدعم والمؤازرة للقوات المسلحه والمتأثرين من الحرب بولاية جنوب كردفان التي نظمتها وزارته ،وذلك بمنسقيه الدفاع الشعبي ....اكد ان التعليم العالي يشكل الرقم الاعلى في حمل لواء الجهاد وأن الطلاب وأساتذه الجامعات دائماً مايتقدمون الركب في ساحات القتال والبطولات ،مؤكدا بذلك ان التزايد والتدافع المستمر لنصره القوات المسلحه من الطلاب والاساتذه بالجامعات كبيراً لافتا أن دعمهم المادي والمعنوي هو واجب وطني ، وكانت الوزاره قدمت دعماً في شكل مواد غذائية وتموينية للمتأثرين بالحرب في ابو كرشوله بمائه الف جنيه تم تسليمها لمنسقيه الدفاع الشعبي . |
للفساد الف باب و احداها ان وزارة ميزانيتها حوالي 1% تدعم جهة مكوشة على ميزانية البلد كله. و يمكن ان يفسر لماذا بند التسيير في ميزانية 2013 اكبر من ميزانية البحث العلمي؟
Quote: بحث بروفيسور خميس كجو كنده وزير التعليم العالي والبحث العلمي سبل توطين وتنشيط إستراتيجية تأصيل وأسلمة العلوم والمعرفة بالجامعات السودانية وذلك لدى إجتماعه باللجنة المختصة ، واكد سيادته على ضرورة وضع الموجهات والسياسات العامة التي تمكن من تفعيل كل دوائر الإرث الحضاري والتراث العلمي للأمة الإسلامية ، مشدداً على اهمية التنسيق مع الجهات المعنية في الدولة لبث ونشر ثقافة التأصيل المعرفي في المجتمع السوداني بإعتباره المستهدف الحقيقي . |
مافي شئ خرب التعليم في السودان الا عينة الكلام الفوق ده.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
الخبر ادناه في صحيفة الصحافة 10 يوليو 2012.
Quote: رسم خبراء وتربويون صورة قاتمة عن اوضاع الطلاب السودانيين بماليزيا ، مشيرين الى ان الوضع لم يعد آمناً للدراسة ، وحذروا الاسر السودانية من ارسال ابناءئها للدراسة بمفردهم ، وكشفوا عن صعوبات تواجه الطلاب في تحويل المصروفات الدراسية وانخراطهم تحت شبكات اجرامية وترويج المخدرات بشكل مخيف ، ووجود عدد منهم بالسجون الماليزية بسبب المخالفات . وحذر الامين العام لجهاز المغتربين كرار التهامي، في ندوة نظمتها الجمعية السودانية للارشاد الاسري بالمغتربين امس ، من تدهور الوضع الي الاسوأ ، وقال ان مايعانيه الطلاب ناقوس خطر ويجب تدراك الامر ومعالجة الاسباب التي تؤدي الي انحراف الطلاب عن دراستهم . وطالب استاذ علم الادراك، بروفيسور عبد العزيز مالك، بوضع استراتيجية تعليمية وثقافيه لتوعية الطلاب الدراسين بماليزيا ووضع الحلول المادية المناسبة . من ناحيته، حذر البروفيسور عبد الرحيم علي، الاسر السودانية من ابتعاث ابنائها للدراسة الجامعية في الخارج ، وقال ان صغار السن من الدارسين ينغمسون في اللهو وينخرطون تحت عصابات اجرامية ومروجة للمخدرات ، واضاف انه يجب توفير الاحتياجات الاساسية للطلاب قبل اي شئ، وارجع تدهور اوضاعهم الي الاسباب الماديه في المقام الاول . |
ظاهرياً يبدوا ان الخبراء قلبهم على الطلاب و اسرهم, لكنهم لم يتسألوا لماذا لا يرغب معظم الطلاب في الدراسة في الجامعات السودانية (سوف نلغي نظرة على اوضاع الجامعات لاحقا) الموضوع و ما فيه ان الحكومة لا ترغب في ذهاب الطلاب الى الخارج ليس خوفا عليهم بل طمعا في العملات الصعبة التي يوفرها لها الطلاب خاصة ابناء المغتربيين. فطالما انت طالب فالحكومة تسيل لعابها لقروشك و قروش اهلك.... لكن once بقيت خريج فانت لن تفيدها في شئ و بالتالي تتحدث و بدون خجل عن فوائد هجرة الكوادر العلمية (الخبر ادناه صحيفة الصحافة عدد اليوم 8 يوليو) حتى تضخ لهم العملات الصعبة لبقاءهم في السلطة..... و الاهم انها لا تريد متعلمين في البلد خاصة اصحاب الادمغة الكبيرة لأنهم خطر على امنها القومي.
Quote: اعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن تنظيم وترتيب هجرة اساتذة الجامعات بما يحقق الفوائد والمكاسب لكل الاطراف في اعقاب الرغبة الكبيرة من الجامعات العربية للاستفادة من طاقات هيئة التدريس السودانيين، في وقت اعلنت ثلاث جامعات ليبية حاجتها لـ150 استاذا جامعيا في مختلف التخصصات. |
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
اختيار التخصصات الجامعية و مستقبل السودان:
درج الطلاب المتفوقون و منذ زمن بعيد على اختيار تخصص الطب و الهندسة ما عدا في حالات نادرة.... و في الاونة الاخيرة اصبح الموضوع خطير شوية و مزعج و ليس في صالح سودان الغد... مثلاَ في ال15 سنة الاخيرة اصبحت كلية الهندسة و كلية الطب جامعة الخرطوم الوجهة المفضلة لمعظم الطلاب الاوائل و المتفوقون. و الكثيرون منهم يواصلون الدراسات العليا في نفس المجال, و هذا يعني ان الثروة البشرية للسودان مصابة بخلل في التوزيع على التخصصات. اهمل النوابغ من الطلاب الدراسات الاجتماعية كالاقتصاد و التاريخ و العلوم السياسية و علم النفس و الاجتماع و الثقافة..... و هي التخصصات التي يتم فيها اكتساب المعارف الضرورية لنهضة الوطن كالمواطنة الجيدة, و التفكير النقدي و حل الاشكاليات و الكونية.....الخ بالاضافة الى العزوف غير المبرر من تخصصات حيوية كالفلسفة و العلاقات الدولية و الانثربولوجي و القانون والادارة.
فمنذ عام 1997 درج معظم الطلاب المتفوقون على الالتحاق بقسم الهندسة الكهربائية جامعة الخرطوم و ظل هذه القسم طوال عقد و نصف يستحوذ على خيرة شباب السودان و السبب غير معروف غير ان رواية متداولة تقول ان طالبين احرزا المركز الاول و الثاني في العام 1997 و هما عبدالله جعفر ميرغني و الاء عزالدين كامل و التحقا بهذا القسم و من ثم تبعهما المئات من الطلاب النوابغ كتقليد. و السبب الاخر هو ظهور شركات الاتصلات السلكية و اللاسلكية و الانترنت و لحد ما شركات البترول. و مكمن الخطورة في الامر هو عندما يصبح الطلاب النوابغ فنيين و تقنيين و يقع عبء الاقتصاد و السياسة و الادارة و التربية و القانون....الخ على من هم اقل مستوى فلن نتقدم لا سياسيا و اقتصاديا و فكريا و لا صناعيا و تقنياً ما لم نخلق توازن. اصلاً السودان ده لم يدمره الاً عيال الكلية الحربية و ديل كمان اضعف من ولدهم حواء السودانية اللهمً الاً من البنادق الشايلنو و حكمونا بيه 46 سنة اونطة. يعني 90% من عمر السودان حاكمنو الناس الغلط.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
تحياتي اخ سمير ..واسمح لي بان أختلف معك كثيرا في آخر بوست لك التفوق في الشهادة وحده لا يصنع قائدا ناجحا في التخصص الذي يختاره الناجح، كما ان عدم التفوق في الشهادة الثانوية لا يمنع خريجو الاقتصاد و الادارة من التفوق في هذين المجالين...
الموضوع مهم ...ولكنك بنيت حيثياتك على ان التعليم العالي في السودان كان ناجحا ..ثم دمرته ثورة التعليم العالي (بتاعت) الانقاذ.... ولكني أعتقد ان التعليم العالي كان ناجحا فقط في عهد الاستعمار....ومنبع نجاحه هو ملاءمته لذاك العهد... ولكن منذ خروج الاستعمار....ظلت مخرجات التعليم العالي ..كما كانت ...(تخدم في نظام استعماري)....
لم يفتح الله على منسوبي التعليم العالي وقتها بتغيير اهداف التعليم العالي من (خدمة نظام استعماري) الى (خدمة نظام وطني)
كل الجامعات اليوم تطلب من اصغر وحدة فيها تحديد اهداف واضحة (يمكن قياسها) ..وهي ترتبط ارتباطا مباشرا بأهداف الوحدة الاكبر التي تنتمي اليها ..وهكذا
فمثلا ...الجامعة ككل لها اهداف ....لها صلة مباشرة بالتطور واتجاه التطور الذي تنشده البلد الكليات يجب ان تحدد اهدافها (الوثيقة الصلة باهداف الجامعة) اقسام الكليات يجب ان تكون لها اهدافها المرتبطة باهداف الكليات ...ذات الصلة الوثيقة باهداف الجامعة...والتي بدورها لها علاقة مباشرة مع اهداف البلاد العليا... فلنأخذ مثالا افتراضيا.... قسم للارشاد الزراعي بكلية زراعة في جامعة كبرى
ضمن اهداف الجامعة الكبرى ....هدف يؤكد ان احد مسؤوليات الجامعة هو العمل على رفعة و تطور الانسان السوداني.... واحد اهداف كلية الزراعة بالجامعة ...العمل على رفعة و تطور المزارع السوداني وايضا أحد اهداف قسم الارشاد الزراعي...تمليك المزارع المعلومة التي تمكنه من تطوير بيئته و انتاجه الزراعي... تحقيق هدف القسم هذا تقع مسؤوليته على المقررات الدراسية بالقسم....من المستوى الاول ( level course 100 ) الى اعلى مستوى بالتخصص
تأتي بعد ذلك عملية التحقق من ان اهداف كل جسم من هذه المنظومة ...قد تم تطبيقها بنجاح المقررات الدراسية يمكن التحقق منها بواسطة مستويات الطلاب و الملفات المعدة لكل مقرر اما اهداف الجامعة و الكلية فيمكن التحقق من نجاحها بعدة وسائل..منها المباشر ..ومنها غير المباشر (نمو الكلية و الجامعة، الاستبيانات للخريجين و المشغّلين ..........الخ) واذا ثبت جليّا ان هذا الهدف لم يتحقق ...يبدأ التغيير من اصغر وحدة......الا وهي المقرر الدراسي...
في إعتقادي ان هذا هو الطريق لنحكم على نجاح او فشل مؤسسة تعليمية وليس مقدار ما صرفته المؤسسة على البحوث
صدقني لو اتيحت لك الفرصة لمعرفة الكم الهائل من البحوث و الدراسات التي اجريت عن مشروع الجزيرة بمال حكومي و غير حكومي و قروض و منح و هبات لانعقد لسانك من الدهشة
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Zakaria Fadel)
|
مشكورزكريا على التعليق و مساحة الاختلاف عندي لا حدود لها و مرحب بيك.
Quote: التفوق في الشهادة وحده لا يصنع قائدا ناجحا في التخصص الذي يختاره الناجح، كما ان عدم التفوق في الشهادة الثانوية لا يمنع خريجو الاقتصاد و الادارة من التفوق في هذين المجالين.. |
كلامك في مجمله سليم والشواهد و الامثلة لا حصر لها. و لكن سوف اوضح لك مقصدي: النقطة الاولى في موضوع اختيار الطلاب المتفوقين لتخصصي الطب و الهندسة بصورة خاصة و تجاهل التخصصات الاخرى خاصة النظرية. هي محاولتي على الاجابة على سؤال "ما هو سبب اصرار الطلاب و اسرهم على الفكرة التقليدية المتوارثة و هي ان اي طالب متفوق في الشهادة الثانوية لا بدً ان يدرس هندسة او طب" و هل كليات الهندسة في السودان تمتلك الامكانيات الكبيرة كالمعامل الحديثة و فرص التدريب....الخ حتى يسهر الطالب الليالي من اجلها؟ و هل يوجد فرص عمل لهؤلاء الطلاب حتى يواصلو ابداعهم بعد التخرج؟ و الاجابة على السؤالين الثاني و الثالث و حسب معرفتي هي "النفي" و بالتالي المفروض يكون التخصصات النظرية الانفة الذكر و التي لا تحتاج لتجهيزات و معامل و تكنلوجيا كبيرة مقارنة بالهندسات من ضمن خيارات الطلاب. و لكي اكون اكثر دقة, لا فرق بين مستقبل طالب احرز نسبة 96% في الشهادة الثانوية و التحق بقسم الهندسة الكهربائية جامعة الخرطوم و طالب اخر احرز 76% و درس الهندسة الكهربائية جامعة النيل الازرق و ربما الاخير يكون افضل من ناحية الاستفادة العملية لو تخصص في انظمة القدرة الكهربائية لقربه من محطة توليد كهرباء الدمازين. المدى القصير: وهو ملخص النقطة الاولى و هي تنبيه الطلاب المتفوقين ان من حقهم بعد التخرج ان يلتحقوا بوظائف متنوعة و ذات دخل مناسب بدل التكدس في الهندسة و الطب و لم يثبت ان هاتين الكلتين هما الاكثر مرغوبية في التوظيف او الاعلى راتب.
على المدى البعيد: الطلاب المتفوقون في الثانوية عموما يواصلون التفوق في الجامعة, مثلاً الكليات التي يلتحق بها الطلاب اصحاب النسب الكبيرة و هي كليات الطب و الهندسة الكهربائية و العمارة و النفط و هي محصورة في جامعة الخرطوم يحصدون جوائز افضل اداء اكاديمي على مستوى الجامعة ككل بجميع كلياتها الاخرى و يحتكر طلاب قسم الهندسة الكهربائية (يتراوح نسبهم في الشهادة الثانوية ما بين 92% الى 98% في السنوات العشرة الاخيرة) هذه الجوائز لسنوات طويلة مما يعني تفوقهم الاكاديمي متواصل في الجامعة و بفارق كبير على بقية زملاءهم في الكليات الاخرى و هذا يعني انهم الافضل على مستوى السودان. و لكن بعد التخرج لا يجد معظم الخريجيين منهم الامكنة التي يواصلون فيها ابداعاتهم المربوطة باجتهاداتهم في المقام الاول و استعدادهم للمثابرة. و يتنتهي بهم الامر كفني مولدات او مشرفي جنريترات في بلد لا يوجد به صناعات و هو الامكنة التي يفترض ان تحتضن امثالهم. و على المدى البعيد الخاسر هو الوطن لأن لو توزع هؤلاء الطلاب على كليات مختلفة و تخصصات مختلفة و حتى جامعات مختلفة سوف يتحقق الاتي: 1- المستوى العام للاداء الاكاديمي سوف يرتفع و يكون التنافس اكبر بين الجامعات و الكليات. 2- وجود فرص اكبر للتوظيف في قطاعات مختلفة و بالتالي عدم تنافس افضل الادمغة في قطاع واحد و ضيق حتى نضمن عدم خروج اي كفاءة اكاديمية بسبب التنافس. 3- معظم الطلاب المتفوقين في الجامعة و معظمهم متفوقون من الثانوي يميلون لمواصلة الدراسات العليا اكثر من غيرهم و بالتالي خلق طبقة من التكنوقراط و في مجلات مخنلفة.
نواصل في بقية النقاط.............................
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
Quote: ولكني أعتقد ان التعليم العالي كان ناجحا فقط في عهد الاستعمار....ومنبع نجاحه هو ملاءمته لذاك العهد... ولكن منذ خروج الاستعمار....ظلت مخرجات التعليم العالي ..كما كانت ...(تخدم في نظام استعماري).... |
الهدف من التعليم عموما و التعليم العالي بصورة خاصة هو خلق الكادر البشري القادر على توظيف امكانياته المكتسبة لخدمة منظومة مجتمعية معينة في بدايات التعليم (ايام كتشنر و ونجت باشا) كانت احتياجهم للمتعلمين بسيطة و لاغراض اساسية كالكتبة و المحاسبين, و لكن قبل غروب شمس الاستعمار تطورت نوعية و جودة الخريجين بصورة كافية لادارة البلاد و استلم الرعيل الاول نظام تعليمي قوي فقط يحتاج لرعاية مستمرة لمواكبة التطور السريع التي كانت تشهده العالم بعد الحرب العالمية الثانية و هذا ما فشلنا فيه.
لكن لم افهم كيف تظل مخرجات التعليم تخدم النظام الاستعماري؟ اعتقد ان الصحيح هو ان كوادر التعليم السوداني و منذ عهود بعيدة خدمت و ما زالت تخدم الدول الاخرى في الخليج و اروبا وامريكا و حتى استراليا و مجموع هذه الدول لا يطلق عليها نظام استعماري.
نواصل....
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
حديثك يا اخ زكريا عن اهداف الجامعة و التسلسل الهرمي لتحقيق تلك الاهداف و كيفية قياس نجاح المؤسسة التعليمية العليا جميل جدا و مرتب... لكن نتوقف قليلاً عند النتيجة ادناه:
Quote: في إعتقادي ان هذا هو الطريق لنحكم على نجاح او فشل مؤسسة تعليمية وليس مقدار ما صرفته المؤسسة على البحوث |
في النصف الثاني من القرن العشرين و حتى يومنا هذا اختفى تدريجيا الاختراعات الفردية و حلت محلها الابحاث التي يقوم بها مجموعة من العلماء وطلاب المؤسسات الجامعية و غالبا تمول من المؤسسات الخاصة و الشركات ذات الصلة و الحكومات و لأننا جزء من عالم كبير شديد التنافس يصبح التمويل و الصرف جزء اساسي في عملية اجراء الابحاث. و فكرة الابحاث في العالم النامي تمولها الدولة و لا تؤثر نظام الحكم فيها طالما التمويل متوفر كما هو الحال في ايران و الصين. البحوث بالاضافة للتطوير مفترض يكون جزء اساسي في منظومة تعليمية علية و ان يجد التمويل المناسب و الا تحول الجامعة الى مدرسة ثانوية.
Quote: صدقني لو اتيحت لك الفرصة لمعرفة الكم الهائل من البحوث و الدراسات التي اجريت عن مشروع الجزيرة بمال حكومي و غير حكومي و قروض و منح و هبات لانعقد لسانك من الدهشة |
جميل يا عزيزي ان يكون لمشروع الجزيرة كل هذا الدعم و الابحاث و لكن هل نفس الدعم متوفر للقطاعات و التخصصات الاخرى ما خلا الزراعة؟ و بما انه العبرة بالخواتيم, اين مردود تلك الابحاث؟ بل اين مشروع الجزيرة ذات نفسها؟
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: Sameer Kuku)
|
أخونا سامر كوكو
رمضان كريم
هناك تدنى مريع فى التعليم العالى نتيجته هو المشاكل التى تكالبت على السودان فى كل النواحى،،واقصد فعلا كل نواحي الحياة. وقعت فى يدي دراسة علمية للبروفسور على عبدالقادر وهو اقتصادي ضليع. قدم فى هذه الورقة تأثير تدنى التعليم على تطور السودان بأساليب علمية. النتيجة الفعلية هى السودان كدولة فاشلة بمعنى الكلمة.
اسمح لى أشاركك بوجهة نظري فى هذه الموضوع وهى عبارة عن مقال نشرته فى سودانيز أونلاين قبل ثلاث سنوات
تحياتى ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الإنقاذ ودمار التعليم العالى: جامعة "أم طُرقاً عُراض" سيف اليزل سعد عمر
تَعودَ سَاسًةَ مايُسمّى بِالمُؤتمر الوطنَى من وزراء ووزراء الدولة وولاتِها على التدجِيلِ والإستهزاءِ على عقلية المواطن السُودانِى البسيط. فقد تسلطُوا على رقابِ الناسِ من خِلالِ سيطرتِهم على أجهزةِ الدولة الخدمية من تعليمٍ وصحةٍ وطرقٍ وبيئةٍ ومأكل ومشربْ. وصاروا يلقون الآئمةَ على المواطن المغلوب على أمره بأنه جَاهلٌ ومتخلف .
فهناك من إتَهم المواطنين بأنهم كانوا السببَ فى كارثةِ السيول الإخيرة التى إجتاحت الخرطُوم مؤخراً. وآخرَ أغلق المدارس اسبوعاً كاملاً متحججاً بنفس الكارثة بدلا من تحمل المسؤلية وإيجاد الحلول للمشاكل العاجلة. ومع بداية الحملة الإنتخابية هذه الأيام علينا مُحاسبة عُضوية المُؤتمر الوطنى على مافعلُوه خلال السنوات العشرون الماضية قبل أن نستمع لبرنامجهم الإنتخابى. مفهوم الدولة عند هؤلاء، أنها هِبة هبَاها لهمُ اللهُ لخدمة انفُسِهم وعَشِيرتِهم والتُسلطَ بها على المواطن.
فهم الآمِروُن والناهُون، ليس بمعروفٍ ولاعن منكر، بل بما يرونه متماشياً مع مايخدم مصالحهم الشخصية والنفعية. يقُولون ما لايفعلون ويَروُن سُوءَ أَعمالهم حسناً. لاحسيب ولارقيب لسوء الإدارة وإنعدام البصيرة وعدم المسؤلية تجاه الرعية. بعد أن عاث الجبهجية فساداً فى جهاز الدولة، تارة تحت عنوان "الإسلامية" وتارة تحت عنوان "الإنقاذية"ومرة أخرى تحت عنوان "الوطنية" ، يأتُون بعد عشرون عاما من الضياع والخراب للظهور بمظهر البراءة والوداعة وكأن السودان لم يضيع. نتناول فى هذا المقال الدمار الذى لحق بالتعليم العالى وأجهزة البحث العلمى.
هذا القطاع الذى إِستهدفه الإنقاذِيون ودمرُوه لتمكين سلطتهم عن طريق مسخ وتجهيل أجيال وأجيال من أبناء وبنات الشعب السُودانى. ومع إنطلاقة الحملة الإنتخابية فى هذه الأيام فإننا لانسمع إلا كِذباً وتدجيلاً. وعُوداً كاذبة وبرامج فارغة وفساداً عارما. ما دعانى للكتابة عن الدمار الذى لحق بالتعليم العالى وأجهزة البحث العلمى هو مُحاولة وزير الدولة للتعليم العالى، البرفسور فتحى أحمد خليفة، طمس الحقائق وتبرئة حكومته من الذُنوب التى إِرتكبتها حكومته فى حق العلم والتعليم، وفى حق البحث العلمى والباحثين، وفى حق المواطن والبنين. وهو يخوض الإنتخابات متلفحاً بروب التعليم العالى والبحث العلمى كان الأجدرُ به أَن يكونَ صادقاً مع نفسه قبل ان يكون صادقاً تجاه منتخبيه.
ففى لقاءٍ لهُ على شاشةِ التِلفاز قبل اسبوعين تحدث البروفسور عن دَورِ البحث العلمى فى تطوير المُجتمع وخدمةِ الإنسانية. ولكى يُقنع المواطن البسيط بأهمية هذا الدور، ضرب لنا مثلاً بدور جامعتي اكسفورد وكامبريدج فى تطوير المجتمع البريطانى إلا أنه لم يستطع أن يقارن هذا الدور ولو بجامعةٍ واحدةٍ من الجامعات السُودانية والتى فاق عَدَدُها جامعات بريطانيا بأجمعها. ولم يكتفى بذلك بل سَخِر من جامعات السودان واصفاً خاماتها ونوعيتها بخامة ونوعية المدارس الثانوية. سبحان الله!! لهذه المرحلة بلغ الإستهزاءُ والإستخفافُ بعقليةِ المواطن السُودانى؟ فى ذلك اللقاء تحدث السيد البرفسور الوزير عن قرارات ٍسوف "تتنزلُ" من مجلس التعليم العالى على الجامعات السُودانية دون أن يفصح عن محتوى تلك القرارات.
وتحدث عن جامعة المستقبل دون أن يفصح عن مقومات تلك الجامعة سوى أنها سوف تكون جامعة القرن الواحد والعشرون. ونظّرَ البروفسور السياسي فى النهضة والتنمية فقال: أن النهضة تحدث على قاعدة علمية قوية لإحداث التحول فى مقدرات المواطن ولحدوث هذه النهضة لابد من جامعات لمواكبة هذه النهضة. السؤال: ماذا قدمت الجامعات ودور البحث العلمية السودانية تحت عهد الإنقاذ وقيادة البرفسور، السياسي والوزير فتحى أحمد خليفة؟؟ وحتى لا نبخسَ الناسَ أشياؤُهم دعونا نستعرض ماهو إيجابىٌ فى سنوات الإنقاذ فى مجال التعليم العالي. ففى ورشة عملٍ أُقيمت فى مطلع شهر فبراير بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا حول " عناصر التقويم المؤسسي لضمان الجودة فى التعليم العالى" فاخَرَ السيد الوزير بالتوسع الذى حدث فى التعليم العالى مشيراً الى وصول عدد الطلاب إلى أكثر من مئتى ألف طالب. وهذه حقيقة. إلا أن هذا التوسع غير المدروس هو الذى أدى إلى تدنى جودة وخامة الطالب السودانى وبالتالى إنعكس ذلك سلباً على تدنى الخدمات الطبية والهندسية والزراعية والإجتماعية وكافة النواحى الخدمية الأخري. وإليكم واحداً من الدلائِل في المجال الزراعى، مجال تخصص السيد البروفسور الوزير ذات نفسه وعلى لسانه هو. ففى لقاءٍ لهُ مع إتحاد عام مزارعى السودان وصف السيد البروفسور واقع المزارع السودانى بالمرير وأشار الى تفشى نسبة الأُمية الأبجدية والوظيفية من حيث التعامل مع التقانة الحديثة وإلى ضعفهم الإقتصادى وإنتشار الأمراض وسؤ التغذية وضعف قدرتهم التنافسية. كل هذا الوصف لحال المزارع السودانى ماهو إلا إستهزاء وأستخفاف بالمواطن السودانى من قبل قادته ووزراؤه وباحِثيه. أما المُحصلة النهائية لكل ذلك فقد جاءت على لسان السيد البروفسور الوزير الذى تخصص فى مجال إنتاج الحبوب، وهى أن متوسط انتاج الفدان الواحد من الحبوب قد وصل إلى مئة كيلوجرام فقط ليكون انتاج الحبوب هذا العام أربعة ملايين طن فقط. هل سأل البروفسور الزراعى ووزير الدولة للبحث العلمى عن دوره ومسؤليته تجاه هذا الفشل قبل أن يتباهى بإزدياد أعداد الطلاب بالجامعات السودانية؟؟ سبحان الله!!! إزدياد أعداد الطلاب بالجامعات نتيجة "التوسع" فى مجال التعليم العالى واكبها ضعف كبير ليس فقط فى مؤهلات وكفاءة الخريج بل تعداها الى ظهور معضلات وقضايا إجتماعية وظواهر غريبة على المجتمع السودانى.
وقد صدق السيد البروفسور حين قال أن هناك جامعات بمستوى مدارس ثانوية. وكما يقول المثل: تحصد ماتزرع. فبين ليلة وضحاها تحولت بعض المدارس الثانوية الى جامعات وكليات جامعية. فأصبحت مدرسة حنتوب الثانوية كلية للتربية تابعة لجامعة الجزيرة وكلية أبوحراز الزراعية كلية جامعية تتبع لجامعة الجزيرة أيضاً. وبخت الرضا تم ترقيتها إلى جامعة. وتحولت العديد من المبانى ـ والتى لم تكن أصلا مهيئة للبيئة الدراسية ـ إلى جامعات وكليات جامعية. وكانت هذه الآف من الطلاب فى هذه الجامعات العشوائية فى حوجة لمدرسين. فشرعت وزارة التعليم العالى فى فصل خيرة العلماء والأساتذة لعدم ولائِهم السياسي للإنقاذ وتعيين من يدينون لها بالولاء دون النظر لمؤهلاتهم الأكاديمية. فقد شهدت نفس الكلية التى عمل بها فتحى خليفة بجامعة الجزيرة تعيين خريجا بدرجة الماجستير عميدا للكلية وريئساً على أساتذته. وبعد ذلك هل كنا نتوقع زيادة إنتاجية الفدان عن المئة كيلوجرام من الحبوب؟؟ سبحان الله!! أصابتنى الدهشة البالغة من تدنى الخدمات الطبية ومهارة الطبيب السودانى المعروفة عندما زرت العديد من مستشفيات السودان الحكومية فى السنوات الأخيرة. أحد العرافين ببواطن هذا التدنى أجابنى بأن الفرق بين خريجى الأطباء ما قبل الأنقاذ وبعد الإنقاذ يُرى بالعينِ المجردة.
كان قطاع التعليم العالى والبحث العلمى أول قطاع دمرتهُ الإنقاذ وهدمته من قواعده. فهو القطاع الذى كان يُشكل الثُقل الأكبر من المتعلمين والمثقفين والدارسين المعارضين لنظام البشير. كانت خطة الإنقاذ مبنية على سيطرتها على القوة البشرية الموجودة فى هذا القطاع. فبلإضافة لسياسة الفصل التعسفى للإساتذة والعلماء التى ذكرناها سابقاً، "تنزلت" الإنقاذ ومن خلال المجلس الأعلى للتعليم العالى بقرار تعريب المناهج الدراسية بالجامعات السودانية. وبذلك القرار تكون الإنقاذ قد فصلتَ تماماً أجيال الطلاب التى التحقت بالجامعات السودانية فى بداية التسعينيات عن دُور البحث والعلم وتكون قد منعتهُم التسلُحَ بواحدة من أهم لغات البحث العلمى وهى اللغة الإنجليزية. لم أستغرب على الإطلاق لإنعقاد مؤتمرٍ بالخرطوم الأسبوع الماضى لمناقشة التدهور الذى يعانى منه الخريجين فى مجال اللغة الإنجليزية.
ولم أستغرب عندما رفضت أجهزة التعليم العالى البريطانية الإعتراف بالشهادات الصادرة من بعض الجامعات السودانية، والتى كانت قبل الإنقاذ من أعلام الجامعات التى يُشار لها بالبَنان. وحتى بعض الدول العربية، مثل ليبيا، رفضت معادلة الشهادات الصادرة من بعض الجامعات السودانية. أما جامعة الخرطوم فقد تذيلت قائمة ترتيب الجامعات من حيث الأفضلية فى العالم لتحتل المركز (4941) عالمياً و(45) على مستوى إفريقيا و (49) عربياً. ولم يقف مِعول الإنقاذ الهدّام على التعريب، بلْ تعداهُ إلى إدخالِ هوسٍ جديدٍ سُمى "بأَسلَمةِ المعرفة" كان أُستاذِنا البروفسور فتحى أحمد خليفة والبرفسور التجانى حسن الأمين والدكتورآدم بريمة والدكتور عمر آدم رحمة بعضاً من انصار هذا الهوس. وأهتمت الإنقاذُ بالمظهرْ وتركتَ الجوهرْ. فعلى قَرارِ أسلَمة الجُنيه السُودانى ليُصبِحَ دِيناراً، فُرِضَ على طُلاب الطِب دراسةَ علم الحديث بدلا من التركيز على علم التشريح. ثم تبع ذلك هوس "الحرب المقدسة" فى جنوب السودان ودُفِعَ بالخِريجِين الى رِحى الحرب بالجنوب بدلاًٍمن دُور البحثْ. فهم لم يكُونوا أصلاً مهيئين لكى يكونوا علماءً وباحِثين ليُشارِكُوا فى النهضة ِالتى يدعُو لهَا الأستاذ البروفسور الخليفة فقد مُنِعَ عنهمُ العلمَ وغُسلت أمخاخُهم. أما مسيرة أسلمة المعرفة هذه فقد إِنتهتَ بعد سيطرة الإنقاذ على سدة الحكمِ ودُفِنت معها المطالبة بحُكم الشريعة الإسلامية وسُلمت رئاسة الوزارة اليوم إلى سودانى مسيحى لاعلاقة له إن كانت المعرفة "كافرةً" أم "مُسلِمة".
ومع الإنقاذ ضاعت اجيال وأجيال وهُدرت موارد مادية وبشرية وساد الجهل بدلاً من العلم، والظُلم بدلا من العدل، والفساد بدلا من الإصلاح والرُشد. وإن كانت مايسمى بثورة مايو قد بدأت مسيرة دمار التعليم العالى تحت مسمى "تفجير الثورة التعليمة" فى بداية السبعينات فإن الإنقاذ قد أكملت المسيرة تحت مسمى "مشروع السودان الحضاري". ما نراه اليوم فى السودان هو "صوملة" للتعليم فى كافة أشكاله. ففى الصومال أجيال وأجيال منعتها الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ مطلع التسعينات من إكمال تعليمها الإبتدائى ناهيك عن التعليم الجامعى وما فوق الجامعى. عُذر إخواننا الصوماليين هو عدم وجود الدولة من أساسها، أما نحن السودانيين فقد سخرنا الدولة ومواردها لتدمير العلم والتعليم. مع وصول الإنقاذ أصبح العلم والتعليم حِكرا على طبقاتٍ معينةٍ قادرة على الصرف المادى على أبنائها.
أما الغالبية العظمى من فقراءِ السودان فهى غير قادرة على إيجاد لقمة العيش ناهيك عن الصرف على دراسة أبنائهم فى أى من الجامعات التى كثر عددُها. فقد لغت الإنقاذ نظام السكن والإعاشة والذى كان يسمح لأى طالب سودانى بغض النظر عن وضعه الإقتصادى أن يلتحق بالدراسة الجامعية. وصار همّ الطالب أو الطالبة هو كيفية الحُصولِ على سكنٍ يأويه ولقمةٍ يسدُ بِها رُمقَهُ بعد يومٍ دراسىٍ طويل ورحلة عودة شاقة الى مسكنه. أدت هذه السياسات الخاطئة بإلغاء مجانية التعليم والسكن والإعاشة إلى تعرضِ الألآف من الشباب والشابات إلى الضَياعَ والإستغلالَ فى مُحاولاتِهم مساعدةَ أسرِهم لِتَغطِية مصاريف الدراسة. ولستُ من الذين يلومون هؤلاء الشباب، بل المسؤليةَ تقعُ فى المقام الأول على من "تنزلوا" بهذه القرارات والسياسات. ومع إستمرار القرارات "المُتنزلة" هذه أصبح التعليم العالى تجارة رابحة تدر الملايين على أصحاب الكليات الخاصة. وبدلاً من أن تكون كفاءة الطالب هى التى تؤهله للإلتحاق بالجامعة صارت مقدرة أسرته المادية هى التى تختار الكلية والتخصص. وتحت مايسمى بالإستثمار أُجيزت قوانين لقيام جامعات إستثمارية. فأجاز البشير فى شهر اكتوبر الماضى مشروع قانون جامعة المغتربين. أما قانون المشروع فقد قدمه أستاذنا البروفسور الخليفة. ستون بالمئة من مقاعد هذه الجامعة حسب قانونها مخصصة لأبناء الخريجين.
ولا أنكر حق أبنائنا المغتربين فى التعليم العالى فى السودان ولكن طبقية التعليم هذه وإختلاف جودة التعليم بين دول العالم وتركيز الموارد المادية الجاذبة للأساتذة والمعلمين فى جامعة بعينها هو جزءٌ بسيطٌ من الأسباب التى أدت الى تدمير التعليم العالى. وهناك كليات أُنشئت لكى تكون كليات تطبقية فى التمريض أو المهارة المهنية التقنية أو المعامل الطبية أو أى من القطاعات الأخرى التى يحتاج لها المجتمع إلا أنه وبين عشية وضُحَاهَا تحولت الكلية إلى جامعة لتُضاف إلى قائمة الإنجازات الجامعية. واحدة من هذه الكليات بدأت كأكاديمية للعلوم الطبية والتكنولوجيا لتصبح بعد مرور إثنتى عشر عاما من إنشائها "جامعة" للعلوم الطبية. أما المثال التالى حول الترفيع من كلية إلى جامعة فهو يثير الضِحكَ والبكاءَ فى آن واحد. فقد "تنزل" البشير بقرار فى أغسطس من العام الماضى يقضى بترفيع "كلية" مروى التقنية إلى "جامعة" "عبد اللطيف يوسف الحمد" التقنية. وبذلك تكون كلية مروي التطبقية قد تحولت إلى جامعة بعد مرور عامين فقط من إنشائها. هل هناك إستهزاءٌ وإستخفافٌ أكثر من ذلك؟؟ أو لم تكن مراكز العلم والبحث العالمية محقةً فى عدم الإعتراف ببعضٍ من الشهادات الجامعية السودانية؟ ليس لدينا إعتراض على دعم الخييرين للتعليم فى السودان. وسوداننا يذخرُ بالألآف من أمثال هؤلاء الناس. ولسنا ضد تكريم الرجُلِ ولكن ليس بهذه الطريقة.
فتسمية الجامعات لها أصُولُها وقواعِدُها ولا تُطلق هكذا جزافاً. ماذا سوف يكون مصير أبنائنا الذين يحملون هذه الشهادات ويودون الإلتحاق بجامعة عالمية من أجل البحث ومزيدا من المعرفة؟ فكم من عالم ومخترع أسدى للبشرية جمعاءخدمة جليلة وكان قبره على بعد أمتار من الجامعة إلا أنها لم تسمى بإسمه تخليدا لذكراه ولصنيعه. ورغم استمرار التدهور وبصورة سريعة وواضحة فى مجال التعليم العالى فلازالت الجهات المسؤلة عن هذا التدنى تدفن رأسها فى الرمل.
فلم توجه وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بدراسة وتحليل مشاكل وقضايا التعليم بصورة علمية لإيجاد العلاج والتقويم. بل لازالت متمادية فى إمعان الخراب والدمار. ففى عالم متسارع الخطى نحو التطور التكنولوجى والترابط المالى والإقتصادى والمعلوماتى يصبح التسلح بالعلم والبحث ضمانة اساسية لتقدُم ورِفعةَ المجتمع السودانى. ولو كُنا بالفعل نريد مواكبة هذا التطور والتقدم فلابد من وقفة صادقة مع النفس ومراجعة دقيقة لكل السياسات التى لها علاقة بالتعليم العالى وكل القرارت التى "تنزلت" دون دراسة وتخطيط. ولعل أهم خطوة فى هذا الإتجاه هو النظر فى إعادة اللغة الإنجليزية وبصورة تدريجية إلى قاعات ومكتبات الجامعات. على أن يبداء التركيز على اللغة الإنجليزية من المرحلة الثانوية خلال الثلاثة أعوام القادمة. علينا أن نكون جادين فيما نعنى حول الأهداف والمعايير والشروط من قيام جامعة أو كلية أو مدرسة ثانوية أو إبتدائية. أن ندّعى أن لدينا خمسمائة طالبا يدرُسونَ الطب بجامعة "أم طُرقاً عُراض" دون توفير أدنى مقومات العلم والبحث من معامل ومختبرات ومراجع وعلماء، لا يمكن أن يعد إنجازاً بل جريمة فى حق أبناءنا وبناتنا وجريمة فى حق مرضانا، ينعكس مردوده سلباً على الأداء والإنتاج ولا يزيدنا إلا فقراء ومرضا.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: تأمــلات في واقع التعليــــــم العـــــــــالي و مخرجاته في بلادي. (Re: سيف اليزل سعد عمر)
|
عزيزي سيف اليزل, موضوع دمار التعليم في عهد الانقاذ اسألنا منه نحنا عيال عهد البشير و ذنبنا الوحيد اننا اتولدنا في الزمن الغلط.
و شكرا على الكلام المرتب و الذي سوف يكون صالح لوقت طويل ما لم تحدث معجزة. و لأني اكره ان ابكي قتيلاً (التعليم) اعلم يقينا قاتله (الانقاذ) سوف اكتفي ببعض الامثلة التي تعضد مقالك الكبير.
في عام 2004 في جامعة الخرطوم و عندما اكتشفت ان الجامعة لا جميلة و لا مستحيلة و لا يحزنون, كنت اردد ان "براعة السباحة لا تشترط نظافة الماء" و البفهم ده سبحنا في تلك المستنقع الاسن خمس سنوات حسوما على امل ان نجد مكان اخر "نتمر" ما لحقت بنا من شوائب و هذا ما حصل بعد التخرج. و مع ذلك نعتبر انفسنا محظوظين نسبياً في جامعة الخرطوم مقارنة برصفاءنا في جامعة "أم طُرقاً عُراض" لأنها كانت احسن السيئين بحيث وجدنا بعض الاساتذة الاجلاء لهم كل التحايا و التقدير وهم الذين رفضوا الدخول في بيت الطاعة الانقاذي و رفضوا الهجرة كما فعل الكثير من رصفائهم في ظل الحصار و التحرش و الاجندة التي يحاول النظام تمريرها عبرهم. يكفينا شرفاً ان معظم اساتذتنا في كلية الهندسة كانوا يدرسون باللغة الانجليزية ضاربين بهوس التعريب عرض الحائط. لم يعكر تلك البيئة الافضل نسبياً الاً الاساتذة المندسين في اوساط هيئة التدريس امثال الدكتور عبدالحي يوسف و اشباهه. ليس هناك من هو اسوأ من البرفسور فتحى أحمد خليفة الذي عاصرناه كوزير الاً الوزير الحالي البروفيسور خميس كجو كندة و منذ صعود الاخير للوزارة و لأنه بلاء امكانيات ادارية يذكر لذلك نجده يكثر من التصريحات و القرارات المتطرفة و هو كل ما يملكه حتى يرضى عنه اولياء نعمته, فهذا الشخص (انا و هو ابناء قرية واحدة في جبال النوبة) لن يقبل به كعمدة دعك من ناظر للقبيلة, ليس لأنه مؤتمر وطني و لكن بسبب تطرفه التي لا تشبه قيم الانفتاح و التسامح التي تمتاز بها تلك النواحي و من العجائب ان يكون مثل هذا الشخص هو وزير التعليم العالي.
| |

|
|
|
|
|
|
|