رد د.ابراهيم مخيرعلي مقال قاسم المهداوي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 08:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-18-2013, 12:59 PM

محمد الامين محمد
<aمحمد الامين محمد
تاريخ التسجيل: 03-07-2005
مجموع المشاركات: 10013

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رد د.ابراهيم مخيرعلي مقال قاسم المهداوي

    العام والخاص ومأزومية النضال
    إسبرطة واثينا والحسد

    بقلم دكتور ابراهيم مخير
    لندن 15 يوليو 2013

    إطلعت علي مقال المهداوي ( حركة العدل والمساواة ـ (خليل ابراهيم ، تراكم الاخطاء ومأزومية التصرف) منذ فترة الا ان إنشغالي بإمورالجهاد - فالساعي لكسب الرزق كالمجاهد في سبيل الله قال تعالى: {عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُمْ مَّرْضَىand#1648; وَءاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِى and#1649;لأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ and#1649;للَّهِ وَءاخَرُونَ يُقَـand#1648;تِلُونَ فِى سَبِيلِ and#1649;للَّهِ فَand#1649;قْرَءواْ مَا تيسر منه ) المزمل الاية 20 ، وقد قال القرطبي في ذلك : "سوّى الله تعالى في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال للنفقة على نفسه وعياله... فكان هذا دليلاً على أنّ كسب المال بمنزلة الجهاد ؛ لأنّه جمعه مع الجهاد في سبيل الله" – كل ذلك مع ما يحمله كل سوداني روتينياً من حزن وهم علي وطن .

    ولقد جاء تعليقي هذا متأخراً نسبياً مما فتح الباب لتضارب الاراء والجدّل وكذا تعددت التعليقات جلّها معتمداً علي النقلّ المشوب بسوء نية ومن علي صفحاتي الخاصة في الويب، دون إذني – فلا عن ملكية فكرية سأل الرجل ولا إستئذن من صاحب البيت - والواقع أنني عندما قراءت ما خط "المهداوي" وضعت كلماته في باب الطريف والتذكير وبأن ليس كل ما في الحياة يجب أن يؤخذ بجدية وإهتمام ، وأن يعتدّ به ويصنّف ويدّرس ، وذلك أولاً – إذ أني - ومع إحترامي لكل رأي وللحرية المتاحة علي صفحات " سودانيز أون لاين" – حفظ الله صاحبها وأمن من في طرفه - ومع إدراكي ان مع الكلمات تأتي المسئولية ، فانا ايضاً أدرك أن الكثيرين اليوم يلقون الكلمات علي عواهنها دون رأس أو رجلين ويعتبرونها "رأي"، مستفيدين من المجال المفتوح دون رقيب أو حسيب يدفعهم لتحمل أي مسئولية مادية أو معنوية.

    فالكاتب هنا مثلاً ولسبب أو لآخر لا يود أن يتحمل أي مسئولية معنوية بأن يعلن أنه يكره " فلان" أو " علان " شخصياً ، وكذلك لا يود أن يواجه في إعتقادي أي مسئولية جنائية بأن يوجه إتهام مباشر لقادة العدل والمساواة بإرتكاب انتهاكات قانونية قد تضعه أمام ملاحقة جنائية في سودان دولة القانون القادم. والرجل أيضاً لا يود أن يحمل نفسه المسئولية السياسية عن تفنيد حركة العدل والمساواة أساساً ، فهو مما سبق لا يستطيع أن يقول العدل والمساواة حركة غير ديمقراطية أو غير وطنية .

    ومن الصعب بالطبع إلقاء الارتباك في داخل مؤسسة متماسكة ومحنكة بالتجارب الصعبة التي مرت بها حركة العدل والمساواة بمجرد القاء التهم العشوائية في مؤسساتها المتطورة بإستمرار أمام ناظرينا ، لكن لا بأس من تضليل الرأي العام وتحميل الاخرين الموقف الشخصي للكاتب بث عدم الطمأنينة في الموقف الوطني المعارض للظلم والفساد عموماً وهدم الجسور التي يحاول أن يبنيها الاخرين داخل التركيبة المجتمعية المعقدة للسودان.

    وبالطبع هذا الموقف ليس شجاعاً ، فبالاضافة الي أنه يحاول أن يزرع جدرً غير مرئية بين السودانيين يصعب عبورها حتي مستقبلاً متعلقة بالثقة بالاخرين، هو أيضاً لا يحسب وزناً لأي قيمة أخلاقية الإنسانية أو يحترم التقاليد المرعية العريقة التي تفترض عدم الاساءة للاخرين زوراً والتهكم علي خياراتهم أومحاولة تناول مقدراتهم وتاريخهم بإستخفاف تسويفاً لمنطق العقل أو تضليل للحس العام وإضرار بالوحدة المجتمعية وحقناً للدماء ، ولعل ما نعيش فيه من تدهور واختلال مفاهيم وموازين أوصلنا اليه الفساد السياسي المستشري في السودان والذي تبناه ورعاه الحكم الديكتاتوري الحادث بطبيعة المسار فيه من التبرير لمثله ما يكفي والحقيقة الاخري أنه لو كان علي الكلام شروي نقير لما نشره صاحبه ولما اطلع عليه الاخرين.

    ثم إني بحثت عن معاني آخري أو جوهر ولو خفي في حديث كاتب السطور يضيف إلي به ما يفيد في اي أمر من أمور الدنيا ، أو ينير طريقاً او يطرح بديلاً أو يمدّ لنا فيه يدّ العون في ما نحن فيه من مصّاب ، أو يمسح به دمعة أم حزينة او يواسي به أخت مكلومة أو يخفف به ألم معتقل اويصبر أسير أوأي يلقي به في وعيي الجماهير معني فيه رحمة أو بعداً آخر فلم أجدّ ومن ثمّ – وعذراً لصراحتي – فلقد بتّ مقتنعاً بعد أن ما قرأت الذي قراته - وبصعوبة لمأزوميتة – بتّ مقتنعا تماماً بانه موجه لأمر في نفسه شخصي ليس للعامة من أمثالنا شأن به ، بل وليحترق الجميع بالفعل غيظاً أو يموتوا فطيساً أينما كانوا وخاصة من نحن أساساً بصددهم من معتقلين. إذ إن المقال يكتنفه الغموض وتحيط به التلميحات والاشارات المقصودة ، بل الاسرار في بعض الاحيان ومنها ما لا نستطيع له تأكيداً ولا تصريحاً مثل الذي ذهب به د.خليل الي قبره – رحمه الله ، ذلك بالاضافة للكثير الآخر من الاستنتاجات المتراكبة التي لا ادري ما كيفية تلخيصها أو التعليق عليها ،علي أن الكاتب متي ما وجد نفسه قريباً من أن يشبع فضولنا المثار حتي يصّفق الباب علي عقلنا بعبارته المكررة اللئيمة "وما علينا!!" علي أنني كذلك – وبعد وكل ذلك - لم أكن لأعلق علي المقال الا بعد أن وجه لي شخصياً كاتبه حديثه السلوفني وجعلني من السادة – وهوأمر يعكس العقل التصنيفي الرجعي سواء كان عرقياً أو طبقياً - فلم أجد بعد ذلك بدَ من ما ليس منه بدّ ، وخاصة وأن الاخ الشريف حسن فضل أشار إلي في معرض دفاعه عن شرف حركة العدل والمساواة - والذي أؤكد له أنه لا يحتاج الي دفاع .

    وإن عتبت علي قاسم المهداوي من قبل علي إنه لم يستشرني في نقل ما إختار من كلماتي - وهو أمر من الأدب أولا وأخيراً - الا ان كلماتي بالفعل ليست بياناً عسكرياً في دقتها ، ولا خطاباً سياسياً في معناها كما قد يظن الرجل الملئ بالحماس لقضية مبتورة الاطراف - بل جاءت - الكلمات - في سياق حواراً مليئاً بالعاطفة والامل والتفهم موجهاً للأصدقاء والاحباء ، وللعامة الذين يدفعون في صالح الوحدة الوطنية المجتمعية بغرض توطيد الالفة بين السودانيين علي اختلاف قبائلهم وعشائرهم وتوجهاتهم السياسية ، ويستشف منها العاقل ثنائنا علي حركة العدل والمساواة لشجاعتها في عرض قضاياها ومنطقها في الدفاع عن مواقفها وتفهمها لحساسية الصراع الدائر اليوم في السودان وعملها علي تجاوزه بأريحية تامة وذلك في إتجاه مسئوليتنا كمواطنين في مساندة الصحيح والاصيل من الحراك السياسي وتمييزه عن الرثّ منه تشجيعاً للآخرين أن يتخذوه قدوة.

    لم تكن كلماتي ابداً لمن يتسلق الجدران ويختار منها ما يثير به الفتنة والكراهية ويريد ان يعطل به عمل الخير ويقف ضد كل جهد يبذل في زرع التسامح والتعاضد بين السودانيين – وفي ذلك حديث آخر- ولا أزيد إن قلت أن المهداوي لم يبذل قليل جهد في الاتصال بي ، والاستفسار مني أو عني ، أو تصحيحي حتي إن كنت قد أخطاءت في تعبير أو إسم أو تاريخ ، لكن روخه الخبيثة فرحت بما أملته النفس الامارة بالسوء أيما فرح ، وذهب راكضاً ليبني علي سؤة أخيه مجداً ليس له مستقر، فوجد من الاشمئزاز والامتعاض أكثر مما وجد من التأييد والتعضيد . والقران يقول: (فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ(31) ) ، ومن ثم هو لا شك من النادمين الخاسرين إذ اراد لأخوته الخسارة والندم ، والعامة في السودان يدركون ذلك ويقولون : النية زاملة سيدها ، فقد أملت البصيرة والتجربة المتوارثة في ذلك علي البشرية جمعاء أن الحق لابد ينتصرويسود علي الباطل ، والشكر والتقدير لكل من استفسرني ووجهني وأخذ بيدي وسألني عن اصول ما أرمي اليه ومعانيه وإتصل بي من حسنّو النوايا من الاخوة في الوطن - الذين لا أعرف جلّهم - والذين راسلوني أو هاتفوني مطمئنين مساندين وشاكرين وطالبين ان أستعين بهم متي ماشأءت ، وفي أي أمر من الامور المتعلقة بما فيه صالح أهالي المعتقلين أمهاتهم واخواتهم بل استجوبوني في محبة وقلق ليس عن ما أل اليه مصير الاخ د.زريبة بل أيضاً عن آخرين- وقد طمئنتهم بقدر ما أستطيع وأعرف.َ

    علي أن أحد المضامين التي خرجت بها من هذه التجربة - التي أود لها ان تكون قصيرة – ليس عن من يلقون بالحجارة في طريقك وانت ذاهب بالماء للعطشي - بل مدي حاجة السودانيين الي قدوة سياسية في كثيرمن القضايا خاصة في المسائل الشديدة الحساسية كمسـألة الاسري والمعتقلين الذين هم من كافة الاطراف السودانية المتقاتلة ، من المعلن عنهم ومن الغير معلن عنهم ، إذ أن كثير من السودانيين رمت بهم المصيبة السياسية في آتون نار الحرب الأهلية فأصبحوا في أعداد المفقودين أو المنسيين قتلي كانوا أم اسري أو معتقلين .

    ويجب الاشارة هنا أخي حسن فضل أنني مفوض من ناظر الزيادية ، وليس في إهتمام الاب بأبنائه أو الاخ بإخوته ما يعيب ، ولم أكن لأنتظر تفويض الناظر لأسعي في عمل الخير ما مكنني الله ، ومتي كانت الجودية وبذل الجهد في السعي بالحسني بين الناس والدعوة للتأليف بين القلوب أمر معيب؟ وفي ظل أي ظروف جهنمية أصبح السودانيين يتحرّجون من التدخل لتطييب القلوب وتهدئة الخواطر وصبّ الماء علي نار الفتنة من الامور التي يخجل من إعلانها أو إشهارها.

    بل الامر أن السودانيين أغلبهم مكرهين علي ركوب قارب الحكومة المهترئ مقهورين مع آلياتها المتعطلة من قنصليات وسفارات ووزارت ومنظمات لا فائدة منها ولا أمل منها يرجي ، وعندما تصمّ الدولة آذانهاعن الآلم مواطنيها ، وتهدم جسور الحواربينها وبينهم ، وتصبح الاحزاب السياسية داخل البلاد معتقلة وخارجها مطاردة ، هنا يحتاج الناس الي ملجأ آخر يستقون منه الحكمة من قيادات أهلية مختلفة ، وهنا يجب أن تتقدم الدبلوماسية الشعبية الممثلة في القبيلة لتلعب الدور المنوط بها تاريخياً والذي إبتدر حتي من قبل ظهور الدولة الحديثة والذي أتاح للمجموعات السودانية المختلفة من أن تتعايش في المنطقة المسماة السودان قبل أن تظهر الدولة الحديثة ببنيانها وتتمكن بسلطانها.

    ولم تكن القبيلة ضد القومية يوماً – أخي حسن فضل الله - إن نظرنا بعمق الي التاريخ السياسي للسودان بل هي سندها الحقيقي وخندقها الاخير بعد أن سقط جدار الامل في النهضة منذ الاستقلال نتيجة حتمية للفساد والتجاوزات المالية المهولة – حاميها حراميها – وتبع إنهيار الاقتصاد كما هو معلوم تدهور الاخلاق مقتدية بربّ البيت ، ثم اصاب الوازع الديني ما أصابه بعد أن شوه الاسلاميين معظم قّيم ديننا الحنيف – أما القبائل - فالتاريخ يقول أن المهدي عليه السلام وظفها بفعالية للصالح العام فحرر بها السودان من الاستعمار ، ثم نسقها الخليفة عبد الله ود تورشين فبني بها أول دولة مستقلة في الزمن الحديث في هذه المنطقة ، وكان منها السودان وقومه الذين نحن هم اليوم ، والذين نحن اليوم علي نصفه أرضه ما زلنا نعيش ، ونأمل الا نفقد ما تبقي منه حتي لو ذهب الديكتاتور تبعاً لتوابع نظامه البغيض والجروح العميقة التي اصابت الوجدان السوداني – ولكل هزة ارضية توابع.

    علي أن علي السياسيين الوطنيين المحنكين إستغلال التناقضات ووتوظيف العناصر المجتمعية المختلفة وتوجيهها في صالح رفاهية مواطني هذه البلاد ووحدتهم - لا كما يفعل هذا هنا - إذ هنا يكمن المحك والفرق بين السياسة الوطنية الحقيقة والسياسة المستلبة الفاسدة.

    وربما أن تكون عيناي قد التقتا عيني د.خليل عندما مرّ علي شارع الاربعين – أمدرمان وأن حين ذلك في المؤتمر الوطني وهو يحمل ساحه يقاتلني ، ونحن كما يقولون علي ضفتي نهر الكراهية ، الا ان الواقع يقول أنني إستقلت وانا علي أبواب الوزارة من المؤتمر الوطني عند مقتل الرجل إذ علي الرغم من انني وقفت من د.خليل علي طرفي نقيض طوال حياته ، الا أنني أعلنت يوم إغتياله دون تردد رفضي أن يسود العنف الحياة السودانية بل الحوار.

    وأثناء عملي لعشر سنوات في السلاح الطبي مديراً لحوادث الضباط رأيت ما يكفي لأتخلي عن كل الحوفز والامتيازات وأستقيل إحتجاجاً علي هدر الدماء والطاقات السودانية عبثا – وإقتنعت أن علي السياسيين الحقيقيين بناء الجسور لا هدمها ، لذا لم أجد غضاضة في قبول تفويض الناظر الممثل الاهلي علي ذلك الطرف البعيد عن المدينة في الريف ، وانا الطبيب ممثل المدنية المثقف الذي يعيش في لندن - أحد أعمدة الحضارة الحادثة اليوم . لقد غادر ذلك الطبيب السودان وهو مقتنعاً تماماً بأن الديكتاتورية لا منطق لها ولا آذن ، ولقد قبلّ تفويض الناظر لأنه جاء في سياق ما كان قد آمن به بالفعل منذ أن وعي السياسة – ان تحقن الدماء وتؤلف بين قلوب الناس وترشدهم مأستطعت لما فيه خير في الدنيا والاخرة .

    ولقد التقيت د.جبريل في عزاء أخيه وأعتذرت له بأن قدمت له صورة من استقالتي من المؤتمر الوطني حيث ان الاصل موجود بإرشيف عمر البشير ، رئيس المؤتمر الوطني - ذلك الجهاز الصوري الذي يحلل للديكتاتور شهواته ويؤمن له مبرراته في الاعتداء علي مواطنيه ، كما أكدت له عزاء قبيلتي ثم كل السودانيين الحادبين علي وطنهم وسلامة حياته السياسية.

    ولقد كان د.خليل ولا شك صوتاً سودانيًا قومياً شجاعاً ًأبياً فريدا ، وبغض النظر علي إختلافنا معه الا أنه يظل سياسياً تبني قضية الظلم المحلية وخلق منها صرخة آسمعت العالمين . والامر أن حركة العدل المساواة ما كان لها ان تصبح غصة في حنجرة الحكومة لو تواضع الحاكم وجلس في الارض مع البسطاء وقال لهم : اني انا شفيعكم امام الدولة وتسلطها ، وانا مع صاحب الحق حتي ياخذ حقه ، ومع المظلوم حتي أقتص له من الظالم - لكنها النفس الامارة بالسوء والبطانة الفاسدة ومثيري الفتنة والطامعين في الكسب السريع ببيع الغالي واستبداله بالرخيص . وهي قصة معروفة منذ قديم الزمان تجدها بين قصص المسلمين والكفار وآل الكتاب ومن يعبدون الحجر والنار والبقر ومن ليس لهم ربّ ومن ما زالوا يبحثون الي اليوم عن إله يعبدونه ، فقصة الظلم والظالمين قصة واحدة لا تخطئها العين ولا يسهو عنها السمع ، وسوي كان جبريل – قائد حركة العدل والمساواة اليوم - تربي علي يدّ الاسلاميين ام علي يد المجوس فهو لابد سمع بها ويفهمها ويدرك أبعادها ، لكن العلم لا ينجي صاحبه من النار - بل الإخلاص في النوايا والهمة في العمل ، فقد تكون الهمة التي لمسّها فيه الناس هي التي جعلتهم يصوتون له ديمقراطياً ، وقد تكون لأن الناس يهابون المسئولية وهو لايهابها ، وقد تكون لأنهم رأوا فيه ظلّ الذي مضي ، ثم لما لم يمنع قانون حكم الاغلبية التصويت للرجل علي جيناته الوراثية ، توكلوا علي الله وإختاروه فذهب بهم من درجة الي أخري ومن عزلة لوحدة ، وهم اليوم علي أبواب الخرطوم وظل من ظلّ متأخراً يعضّ أصبع الندم ويكتب علي ظهر الهواء ما شاء مما لا يستطيع له جمعا.

    ولقد ترعرع رسولنا الكريم رضع ونشئ في أجواء الشرك والكفر فهل كان من الكافرين؟ وأنظر الي تشي جيفارا الذي تربي منعماً فكان أن إختار الطريق الخشن وأبت أقداره الا أن يموت في أدغال بوليفيا - رافضاً كل راحة نعيم السلطة وجاهها في كوبا ، وكذلك أنظر الي ماركس الذي اختار ان يصاحب أنجلز الفيلسوف الفقير علي ان يمتلك الشركات والعقارات كأخيه فيلبس ، وكذلك مالكوم اكس الذي تربي في السجون وكان مدمناً للمخدارات ، أنظر الي أين قادته همته ...فلا تقل أن الرجل تربي وسط الاسلاميين ، بل قل الحمد لله الذي أخلفه لاخيه وخلق منه صوتاً لشعبه سخره ضد الظلم ، يقف بعناد في وجه المتكبر ، ويحمل الراية التي كادت أن تسقط مع من سقطوا في يد الديكتاتور لقمة سائغة لما غشاهم الشيطان وأعمي بصيرتهم بطول الامل " حَتَّىand#1648; إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئا".

    وأنا لا أعتب علي الحركة محاسبة من تراه قد تجاوز لوائحها أو إنتهك قوانينها في زمن اصبحت فيه المحاسبة من رومانسيات عهود بعيدة في المستقبل ، ينطق بها سياسيونا ويحلم بها وطنيونا وهم يكادوا لا يؤمنون بحقيقة تحققها يوماً ما ، لكنني أعاضد الدعوة الي مزيد من الشفافية وعدم التحرج من كشف الاخطاء وتطوير المفاهيم كما هي العدل والمساواة في نهجها دوماً ، والظاهر في الامر وما لمسناه أن الحركة تجاوزت خط القبلية وتخلصت من أثمالها بل وقفزت فوق علاقات القربي والعائلة ، فصارت لا تجد حرجاً في أن تعلن في حزن ولكن في حزم عن مقتل فلان وعلان ، اللذين هم ذوي رحم قادة التنظيم ومؤسسيه ، كما تعلن للجميع عدم ترددها في تقديم المتجاوزين الي المحاكمة ، وذلك كما كرر لي المحترم جبريل ادم بلال – المتحدث الرسمي بإسم الحركة الذي قال وكرر: أن إعلان الحركة بوجود اولئك كمعتقلين وليس أسري – أنما هو التزام اخلاقي وإنساني بأمرهم –إنتهي.

    ونحن كمثقفين قوميين وحدويين سودانيين – هنا في هذه اللحظة بالذات – نقف بإحترام إذ نشاهد ظاهرة موغلة في التقدم بعيدة في المستقبل تستحق التقدير والمساندة ، إذ تؤكد أولاً استعداد علي تحمل مسئولية قانونية سياسية وقبل ذلك أخلاقية وتؤامتها مع الصدق والصراحة والتعاطف مع السودانيين علي أي طرف كانوا ، ثانياً التزام الشفافية والمؤسساتية - اذ أن عمليات المحاسبة داخل الحركات السياسية عملية صحية يجب أن تؤخذ باليد والنصح والتركيز والمشاركة والتشجيع وذلك ان السودان منذ نشأته لم تهتم التنظيمات السياسية بهذا الامر بين منتسبيها وعلي هذا القدر من الشفافية.

    لقد إندهشت من السرعة التي استجابت بها الحركة عن طريق الأخ بلال - والذي لا معرفة لي سابقة به – سوي عنوانه العام المملوك لكل السودانيين في الشبكة العنكبوتية - كما تقبل الكثيرين حديث السيد جبريل علي راديوا دبنقا بتفاؤل حسدته عليه دون شك حكومة الانقاذ ، التي لم تجروء ان تعلن الي اليوم وحتي للابناء العدل والمساواة المتعاضدين معها - علي ما ظهر لهم من سوءه نواياها وحنثها بوعودها - عن عدد الاسري أو أسماء القتلي في ابكرشولا أو غيرها ، بل لم تهتم أن تبلغ أسر الذين قتلوا أو فقدوا وهم يقاتلون دفاعاً عنها وعلي جانبها من أفراد الجيش السوداني بمصير أبنائهم وقد بتنا نعرف اسماء الكثيرين من الذين سقطوا هنا وهنالك من الجيش السوداني اما عن طريق الحركة او عن طريق اهاليهم الذين يتصلون بنا يومياً معلنين عن اسماء ابنائهم المفقودين هناك ومتسائلين عن أراضيهم.
    ونعلن اليوم للجميع نوايانا في الاستمرار في التوسط للسودانيين أينما كانوا ، وكيف ما كانوا ، لا يمنعنا عن هذا ناعق ولا صارخ ، وسوف نسعي أن نحثّ العدل والمساواة وكل الاحزاب الوطنية الاخري وكذلك القيادات الأهلية والشعبية العمل علي تحقيق آلية سودانية محايدة ومستقلة نرعي بها أهالي المعتقلين والاسري وتبصيرهم بحقوقهم القانونية والمدنية وتمكينهم من الاتصال بأهاليهم والاطمئنان عليهم وندعو كل الحادبين للإنضمام الي المبادرة الاهلية غير السياسية التي لا تطلب سوي تضميد آهات أهالينا وتطيب خواطرهم الا ان ينجلي الهمّ وتشرق الشمس في فجر جديد.

    وأخيرا يجب أن اشير الي أن مواقف الرجال لا تقاس بنواياهم انما بافعالهم ، وان كنت لم أفهم ما معني العقل الجمعي الذي أشرت اليه يا مهداوي الا ان السيد بلال محترم لا شك من في ذلك - لمن عرفه - وذلك لانه أهتدي بفطرته علي الحق ، وعرف ان يختار علي اي ضفة يقف ، ثم تمسك بطابيته الي اليوم والناس تتقاذفهم المواقف والولاءات والاطماع فما تبدل ولاباع ولا أشتري - وهو لهذا فقط يحسب لدي محترم ، علي أن واجب الشرف يحملني علي أن أشير الي أن حديثك عن "بلال" صادر عن لا عقل ، سوي فردي ام جمعي ، إذ ان الكراهية التي تكمن وراء مثل هذا مقال نابعة في اعتقادي ودون شك من الحسد ، الذي كان ومايزال يلعب دوراً حاسما في الأزمة السياسية التي يعيشها السودان.

    الكسندر هاملتون أشار في مقاله حول تاسيس الولايات المتحدة الامريكية عام 1787 " ان الغيرة والحسد عقبات أساسية في تقليص المدّ الوطني " ولكنه تفاءل بأن وجود سياسيين منفتحين هو الدواء الناجع لمثل هذه أمراض ، ولهذا نحن متفائلين من وجود من مثل هذه الجسور يمثلها جبريل ادم بلال ، الذي عبر بنفسه من محلية الازمة وإرتقي مع زملائه الي قوميتها ثم ساهموا في إلباسها عالميتها بالتزامهم بالقوانين والاخلاق الانسانية والدولية في ظروف هي اقرب للمستحيلة.

    ونؤكد لكل ذلك استعداداً دائماً للتعاون مع بلال أو مع من هم علي شاكلته من الشرفاء الوطنيين الأحرار - ليس في أمر د.ابراهيم زريبة والمعتقلين الاخرين فقط - انما في كل الامور الاخري التي تخصّ السودان .....ونحن نتمني للحركة التي بدأت برجل ثم انحدرت بنهر القبيلة وعبرت الي بحار الاقليمية الي القومية واحتضنت المفاهيم الانسانية العالمية ، ان تظل تسير في نفس الاتجاه دون توقف ولا تنظر الي الخلف الا للإعتبار..... وأهلا بالمستقبل مع مثل أولئك.

    -------------------------

    ( وأصاب الحماس كل بلاد الإغريق بعد النصر، وبدا أن البلاد ستتحد في كونفدرالية واحدة ، لولا ظهرت الغيرة والحسد في إسبارطة وأثينا من المجد الطالع للآخيين، فألقتا السم على ذلك المشروع فكان أن أفشل هذه السياسة كليومينيس، ملك إسبارطة ، حيث قام بهجوم لا مبرر له على جيرانه الآخيين ).
    بوبليوس - - من تاريخ اثينا

    (عدل بواسطة محمد الامين محمد on 06-18-2013, 02:44 PM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de