ثلاثة نماذج معيارية للديمقراطية عند هابرماس… زهير الخويلدي

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 11:09 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-08-2013, 12:55 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ثلاثة نماذج معيارية للديمقراطية عند هابرماس… زهير الخويلدي

    ثلاثة نماذج معيارية للديمقراطية عند هابرماس… زهير الخويلدي

    June 7, 2013

    “الديمقراطية هي مرادفة للتنظيم الذاتي السياسي للمجتمع”[1]

    لعل الهاجس الأكبر للفيلسوف الألماني يورغن هابرماس هو اعادة بناء نسق الحقوق ومنظومة المواطنة المعاصرة بحيث يخلصها من القيمة الإستعمالية ويمنحها قيمة تداولية ويتجاوز الهوة التي تفصل الملكية الخاصة مع حرية المجتمعات ويتخطى التوتر القائم بين حقوق الانسان وسيادة الشعوب. وقد ترتب عن ذلك تدشين حقبة جديدة يلعب فيها الباراديغم الاجرائي[2] دور البطل في المشهد السياسي مع الحاجة للاستنجاد بإتيقا المناقشة والكليات التواصلية التي وقعها بنفسه في الفضاء العمومي والعقل التواصلي.

    من المفروض اذن أن تحدد قيمة المواطنة الشروط الأنثربولوجية للحياة السياسية الديمقراطية وتضغط على توجه كل حياة مدنية ممكنة نحو العيش المترك واحترام التعددية وتؤسس بطريقة جذرية انتماء الفرد الى جماعة سياسية معينة وتضع الحق والأخلاق والسياسة في الواجهة التمهيدية لكل فضاء مجتمعي.

    على هذا النحو خصص هابرماس قسما من فصل في كتابه “الإندماج الجمهوري”[3] للتساؤل عن ماهية السياسة التداولية[4] وأقر بوجود احالة الى تصورين للسياسة كلاهما يتأسس على أنماط مثالية، هما التصور الليبرالي والتصور الجمهوري، ويشير الى أن الجبهة التي يثار فوقها هذا النقاش هي جبهة الجماعاتيين. ويرجع الى فرانك ميشالمان[5] الذي وصف النموذجين ويعارض بينهما بشكل سجالي واعتبرهما يختلفان حول تحديد المواطن ومفهوم الحق وحول الطريقة التي يتصورها بها المسار الذي تتكون به الارادة السياسية. لهذا السبب ينفتح هابرماس على عالم العقلانية التواصلية ويقوم بنقد الحمولة الإتيقية للنموذج الجمهورياتي ويطور تصورا ثالثا للسياسة يسميه سياسة تداولية وهو من طبيعة اجرائية.

    ان الذي يصنع الفارق بين النموذجين هو وظيفة المسار الديمقراطي. ان دور المسار الديمقراطي في النموذج الليبرالي هو برمجة الدولة لكي تحقق مصلحة المجتمع وان الدولة الليبرالية تمثل هنا جهاز الادارة العمومية ويمثل المجتمع نظام العلاقات بين الشغل الاجتماعي والأشخاص المستقلين والذي يتم هيكلتهم بواسطة اقتصاد السوق. لذلك تعمل السياسة هنا على تشكيل الارادة العامة للمواطنين وترتكز وظيفتها على التجميع وتأكيد المصالح الخاصة بالمقارنة مع جهاز الدولة الذي تكون وظيفته الخصوصية هي الاستعمال الإداري للسلطة السياسية من أجل انجاز وبلورة الأهداف الجماعية. في المقابل لا يمكن اختزال السياسة في التصور الجمهوري عند باب وظيفة التوسط التي قد تقوم بها بين القوى المتصارعة ، وإنما هي جهد تكويني لمسار الاجتماعية في مجموعه.

    ان السياسة هي الشكل التفكيري للسياق الذي تندرج ضمنه الحياة الإتيقية. وهي كذلك الحاضنة التي يتكون داخلها أفراد المجموعات المتضامنة بصورة تلقائية ويحرصون على المحافظة على استقلاليتهم المتكاملة بوصفهم مواطنين وعلى تنمية وتطوير بواسطة الارادة والضمير الشروط الموجودة للتعارف المتبادل من أجل تأسيس شركة ذوات حقوقية تتمتع بالحرية والمساواة. يترتب عن ذلك أن التنظيم المعماري الذي تقترحه الليبرالية للدولة والمجتمع يخضع الى تحولات هامة في الفلسفة المعاصرة وأن الأدوار الجديدة التي تنضاف الى الدولة الى جانب التنظيم التراتبي والسلطة السيادية هي التنظيم السوق بطريق غير مركزية والاهتمام بقيمة التضامن بوصفها مصدر الاندماج الاجتماعي زيادة على سلطة الادارة وتحقيق مصلحة كل فرد. هذا الحرص على بناء الارادة السياسية بطريقة أفقية يكون الهدف منه بلورة التلاقي وصناعة التوافق بواسطة التواصل ويمتلك الأولوية من وجهة نظر تكوينية ومن وجهة نظر معيارية.

    ان الواقع البديهي الذي يقره هابرماس بالنسبة الى ممارسة المواطنين للتحديد الذاتي هو الاقرار بوجود قاعدة اجتماعية مستقلة عن الادارة العمومية وعن التبادلات الاقتصادية الخاصة ولا يقدر جهاز الدولة على ابتلاعها ولا تتفق مع بنية السوق. والحق أن النموذج الجمهورياتي يعطي مفاهيم الفضاء العمومي السياسي وبنيته التحتية والمجتمع المدني معان استراتيجية ويجعلهما يضمنان الالتقاء بين المواطنين ويقوي لديهم تجارب الاندماج والاستقلالية. هكذا تقوم السلطة التي تتأسس على التواصل وتحرص على تشكيل الرأي العام والإرادة السياسية على الارتباط العضوي بالسلطة الادارية وتتجاوز القطيعة القديمة بين التواصل السياسي والمجتمع الاقتصادي.

    أ‌- مفهوم المواطن:

    في البداية هناك اختلاف حول تحديد مفهوم المواطن. اذ تتحدد منزلة المواطنين بواسطة الحقوق الذاتية التي تعطى لهم من طرف الدولة ومن خلال احترامهم لحدود الملكية الخاصة التي يضبطها القانون مع التزام الدولة بحمايتهم وعدم تعدي على ممتلكاتهم الشرعية بطرق غير شرعية. عندئذ تكون الحقوق الذاتية هي حقوق سلبية حيث تمنح الدولة هامش من الاختيار داخلهم وحيث يكون الأفراد مستقلين على كل ضغط خارجي. والحقوق السياسية هنا تسمح للمواطنين بأن يؤكدوا ملكياتهم الخاصة وأن يكونوا ارادة سياسية وقوة ضغط تحافظ لهم على مصالحهم وأن يكون لهم من يمثلهم في الانتخابات وفي البرلمان وفي الادارة. ان الايمان بقيم المواطنة هو الحل الذي يجب تقديمه كبديل عن انغلاق العالم السياسي في الدولة الشمولية وان التوجه نحو الاندماج والسلم والتعايش والتسامح هي الطريق الشرعي نحو الديمقراطية.

    أما في النموذج الجمهوري فنجد أن منزلة المواطنين لا تتحدد وفق الحريات السلبية وإنما من خلال الحقوق المدنية وخاصة حق المشاركة والتعبير والممارسة العمومية وتحمل المسؤولية في الجماعة السياسية. كما أن المسار السياسي لا يتوقف عند مراقبة المواطنين لنشاط الحكومة وذلك بممارسة حرياتهم والمحافظة على حقوقهم الخاصة وإنما يمتد نحو ايجاد أرضية ديمقراطية للتجاذب بين الدولة والمجتمع والنظر الى السلطة الحكومية على أنها قدرة أصلية تتأسس عن طريق التواصل بين المؤسسات وممارسة القدرة على التحديد الذاتي لدى المواطنين ومن خلال حماية الدولة لهذه الممارسة عن طريق مأسسة الحرية العامة. لذلك لا تستمد الدولة مشروعيتها من حماية الحقوق الذاتية ومن تمكين المواطن من الدفاع على مصلحته الخاصة وإنما من ضمان مسار تكوين الرأي والإرادة من طرف المواطنين الأحرار والمتساوين باعتبارهما المصلحة المشتركة بالنسبة الى الجميع. هكذا يكون المواطن في النموذج الجمهوري أكثر فاعلية في تحقيق المصالح المشتركة من المواطن في النموذج الليبرالي الذي يظل حريصا على المصالح الخاصة والفردية ومؤثرا حياة اقتصادية خالية من ضجيج السياسة.

    غير أن العيب الذي يقع فيه النموذج الليبرالي هو اخضاعه دولة الحق الى معايير المجتمع الاقتصادي والحرص على اشباع حاجة المواطنين المنتجين في التمتع بالسعادة الخاصة.

    ب‌- مفهوم الحق:

    ان معنى النظام القانوني في النموذج الليبرالي هو الذي يسمح بتحديد ووضع الحقوق الممنوحة لبعض الأفراد وان النظام القانوني يبنى بالانطلاق من الحقوق الذاتية، بينما في النموذج الجمهوري تشتق الحقوق الذاتية من النظام القانوني الموضوعي الذي يضمن ويسمح بالاندماج في حياة مشتركة تتأسس على المساواة في الحقوق والاستقلالية والاحترام المتبادل وتعطى الأولوية لمضمون الحق الموضوعي. ان الحق في المشاركة والحق في التعبير السياسي يشكلان البنية التي يتكون منها المسار التشريعي وتغطي مجمل الحقوق الأخرى . كما أن الترخيص الذي يمنحه الحق الخاص من أجل متابعة الاهتمامات الخاصة بحرية واختيار يفرض علينا احترام الحدود الذي تضعها الفعالية الاستراتيجية وتحقيق مصلحة الجميع.

    لا يملك التشكيل الديمقراطي للإرادة وظيفة أخرى غير اصباغ المشروعية على ممارسة السلطة السياسية للدولة ولذلك ترتبط مشروعية الدولة باحترام السيادة الشعبية ولذلك تعمد الحكومة الى تبرير استعمالها للسلطة وتدافع على برامجها أمام الجمهور وممثليه في البرلمان. على هذا النحو تمثل الانتخابات فعل تأسيسي للمجتمع من حيث هو جماعة سياسية منظمة بطريقة قانونية وتتصرف بشكل عقلاني وإجرائي.

    ان مفهوم السيادة الشعبية قد انبثق على أنقاض السيادة الفردية المطلقة ونتج عنه تملك وإعادة تأهيل لدور المواطنين في تسيير المجتمع وحكم أنفسهم بأنفسهم واحترام دولة الحق والنظر الى الحكومة على أنها المخولة لاحتكار عنف الأفراد واستعماله بشكل مشروع وإعادة توزيعه بشكل متساو على قوى المجتمع.

    هكذا يشكل الحق بعد اعادة تأويله على ضوء أخلاق المناقشة ضمان المشروعية التي تحتاجها الديمقراطية الناشئة ويرد بشكل حاسم على مسألة العقلانية العملية ويحمل المواطنين كامل مسؤولياتهم ويبحث عن تأسيس مواطنة ما بعد وطنية وذلك عن طريق التفكير في رباط قانوني مدني ما بعد وطني.

    ج- طبيعة المسار السياسي:

    ثمة عدم اتفاق جوهري حول طبيعة المسار السياسي وذلك بسبب تعدد التعريفات والوظائف بالنسبة الى المواطن والحق. ان السياسة في التصور الليبرالي تختزل أساسا في مواجهة تكون الغاية منها الاستيلاء على مواقع تسمح فيما بعد بالتصرف في السلطة الادارية. ان مسار صناعة الرأي العام والتعبير عن الارادة السياسية يتمان في الفضاء العمومي وبالتحديد في البرلمان ويكون عن طريق التنافس بين الفاعلين الجماعيين والذين ينخرطون في فعل استراتيجي يقصد الاستحواذ على مواقع السلطة. على هذا النحو تحقق المواجهة نجاحا معقولا حينما تنتج حالة من الرضا من طرف المواطنين على الأفراد والبرامج من خلال عدد الأصوات الممنوحة. هكذا يعبر الناخبون عن تفضيلاتهم عن طريق التصويت وتمتلك القرارات الانتخابية نفس البنية التي تحكم اختيارات الفاعلين في السوق حيث يتأسس الفعل من خلال البحث على النجاح. ان الطموح هنا هو بلوغ بعض مواقع السلطة تتصارع حولها الأحزاب السياسية ويتراكم الفعل ويعود بالفائدة على الفضاء العمومي ويكون المجتمع هو الرابح الأكبر. ان مساهمة الأصوات وإنتاج السلطة يخضعان الى نفس الشكل الذي يرسمه الفعل الاستراتيجي.

    في التصور الجمهوري على خلاف ذلك لا يخضع تشكيل الرأي العام والإرادة السياسية في الفضاء العمومي وفي البرلمان الى بنى السوق وقوانين العرض والطلب والإنتاج والتبادل والاستهلاك وإنما الى بنى مستقلة من التواصل الشعبي الموجه نحو التلاقي. ان النموذج في السياسة التي تقوم ممارسة المواطنين لقدراتهم على التحديد الذاتي لا يتأسس على التبادل التجاري في السوق وإنما على المحادثة في التواصل اللغوي. من هذا المنطلق ثمة فرق بنيوي بين السلطة الادارية التي يفرضها جهاز الدولة والسلطة المستخرجة من التواصل السياسي من حيث هو رأي الأغلبية يتشكل عبر أداة النقاش والتفاوض.

    على هذا الأساس تتنافس الأحزاب السياسية من أجل بلوغ مواقع السلطة في الدول وتتوخى أسلوب المناقشات السياسية وتتحلى بجودة الروية والتعقل وحسن التدبير وتبحث عن امتلاك قوة الشرعنة. كما تبحث عن الهيمنة السياسية من خلال الكفاءة في الحجاج والمقدرة على الإقناع أثناء جلسات النقاش العمومي الذي تنخرط فيه مع بقية الأحزاب الأخرى التي تتنافس معها على احتلال مواقع السلطة.

    ان أساس السياسات ليس استعمال السلطة الادارية بشكل بيروقراطي من طرف القوة المهيمنة على مواقع السلطة في مفاصل الدولة وإنما تجعل من النقاش السياسي هو مصدر الهيمنة السياسية وقوة الضغط على التوجهات العامة للدولة وتتعامل مع التنافس بين القوى الفاعلة والأحزاب السياسية بوصفه أصل الشرعية التي تضع القوانين المتحكمة في المسار الديمقراطي والإطار العام الذي تتحرك ضمنه الخارطة السياسية.

    لكن ماذا يترتب عن هذا الفرق الجوهري بين النموذج الليبرالي والنموذج الجمهوري للديمقراطية؟ وما طبيعة الصراع الدائر الآن في المشهد السياسي العالمي بين الليبراليين والجماعاتيين؟

    النموذج الجمهوري له محاسن خاصة حينما يقف وراء معنى ديمقراطي جذري للتنظيم الذاتي للمجتمع بواسطة المواطنين المتحدين من خلال التواصل ويرفض اختزال المقاصد المشتركة في رعاية المصالح الخاصة المتعارضة. لكن هذا النموذج الجمهوري يظل نموذجا مفرطا في مثاليته ويجعل المسار الديمقراطي تابعا لفضائل المواطنين المتجهة نحو الخلاص الجمهور. ان الغلط هنا هو اختزال النقاشات السياسية في وصايا اتيقية خاصة وأن السياسة لا تتمثل في طرح مشاكل اتيقية حول الهوية الجماعية.

    غير أن النقاش الدائر حول مسألة الهوية الوطنية يظل المشغل الأبرز للسياسيين نظرا لأن المشاركين في هذا النقاش يبحثون عن أسلوب يعبرون به عن انتمائهم لهذه الهوية وعن وعيهم بالتحديات التي تواجهها. لكن كيف تمثل السياسة التداولية تجميعا لمنافع السياسة الليبرالية والسياسة الجمهورية وبديلا عن مساوئهما في نفس الوقت؟ وأين يمكن أن نموضع هذا النموذج الجديد؟ هل ضمن خيارات اليمين الديني والاقتصادي أم ضمن حسابات اليسار الاجتماعي والعمالي المناهض للعولمة؟ ماذا لو يكون النموذج التداولي هو الخيار الثالث الذي تبحث عليه الشعوب الرافضة للبدائل المفلسة؟

    د- مفهوم السياسة التداولية:

    لا ينال النموذج التداولي أهمية في النقاش السياسي إلا اذا أخذنا بعين الاعتبار التعددية والتنوع وفسحنا المجال أمام مختلف أشكال التواصل بين المجموعات من أجل أن تشكل إرادة جماعية ورأي عام مشترك. ولا يهتم هذا النموذج بالتعاطي الإتيقي مع موضوع الهوية الوطنية بل يبحث عن تحقيق المصالح والاتفاق على حلول وسطى عقلانية تتماشى من الخيارات العامة وتجسد التماسك القانوني والتسويغ الأخلاقي.

    ان السياسة التداولية تعتمد على تواصل مؤسساتي وتقوم بالجمع بين سياسة حوارية وسياسة أداتية عبر وساطة تدبيرات مشورية وكيانات تعقلية تحدث جملة من الاجراءات والتسويغات وتجعل من تشكيل الرأي العام مؤسسة قائمة الذات وتعطي للإرادة الجماعية المشتركة قوة المشروعية التي تستحقها.

    ان المسار السياسي لا يحقق نتائج عقلانية ولا يتم في شروط من التواصل إلا اذا جرى وفق النموذج الاجرائي وجسد السياسة التداولية على أحسن وجه وسمح بأن يكون الاجرائي هو النواة المعيارية للنظرية الديمقراطية وتباين مع التصور الجمهوري الذي يريد أن تكون الدولة جماعة اتيقية ومع التصور الليبرالي الذي يرغب في تحويل الدولة الى حارس للمجتمع الاقتصادي. ان النموذج التداولي[6] يركز على البعد السياسي الذي تتضمنه عملية التكوين الديمقراطي للرأي وللإرادة عبر الانتخابات العامة وشغل البرلمان.

    علاوة على ذلك تقوم نظرية النقاش بزرع العناصر التي تصلح للجمع بين التصور الليبرالي والتصور الجمهوري وتدمج ضمن الاجرائية النموذجية كل من المداولة والقرار وتسمح للديمقراطية الاجرائية ببلورة صلة داخلية بين المفاوضات والنقاشات حول العدالة والهوية الوطنية وحقوق الانسان الكونية.

    هكذا يفتح الوصف البنيوي للمسار السياسي الديمقراطي الطريق نحو بناء مفهوم معياري للدولة والمجتمع ويستوجب وجود ادارة عمومية تعقلن أفعال الدولة في علاقة تضامن وظيفي مع قيم السيادة والمواطنة. اللافت للنظر أن المجتمع حسب التصور الجمهوري يجد مركز ثقله في الدولة وذلك لأن ممارسة التحديد الذاتي السياسي من طرف المواطنين تفترض وعي الجماعة بذاتها وقدرتها على الفعل بواسطة الارادة. كما يبدع التصور الاجرائي رؤية جديدة للسياسة تسيد علاقة صراعية بنائية مع أجهزة الدولة وسلطاتها.

    والحق أن الحاجة الى النموذج الجمهوري تعود الى مناهضة حالة الحرمان من المدنية التي تعاني منها المجتمعات الممنوعة من ممارسة السياسة والتصدي الى كل من يبحث عن الشرعية من خلال الأحزاب الحكومية ومحاولة لمنح الحياة الى الفضاء العمومي وتفعيل دور المواطنين في حراكهم ضد الدولة. على خلاف ذلك ينحو التصور الليبرالي نحو نموذج دولة الحد الأدني ويفك قيد الرباط بين جهاز الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ويترك المجال الى المواطنين لرسم الخطوط العامة ووجهة المسار الديمقراطي السياسي ويسمح لهم بفرص تحقيق مصالحهم الخاصة وفق العناصر التي تضمنها الدستور.

    خاتمة:

    “العقلنة rationalisation تعني هنا أكثر من مجرد الشرعنة légitimation ولكن أقل من تكوين السلطة”[7]

    ان نظرية النقاش العمومي عند هابرماس تضيف حمولة معيارية أهم من النموذج الليبرالي وأضعف من النموذج الجمهوري ولكنها تزرع عناصر تكوينية يمكنها أن المسار السياسي الديمقراطي على تكثيف الفعل التواصلي في الفضاء العمومي وتشييد النموذج التداولي والاعتماد على مؤسسات مستقلة ومعقلنة.

    لا تقدر نظرية النقاش العمومي على بلورة سياسة تداولية الا في حالة تمكن المواطنون من الفعل التواصلي العقلاني بشكل جماعي ومشترك وصارت الاجراءات والتدبيرات الحقوقية ممأسسة ، وبالتالي لا ينبغي أن يلقي المجتمع بثقله على الدولة ويتنصل من مسؤولياته ودوره وإلا تحولت الدولة الى غول يضم كل شيء ويوجد فوق الجميع وتمركزت السلطة بشكل هرمي ومتعال من جديد. كما يجدر بالمواطنين أن يجعلوا من القوانين الممنوحة لهم مطية لكي يمارسوا حرياتهم بشكل خاطئ ويتحولوا الى ذوات متذرية تمنع من قيام اللحمة بين الجماعة السياسية الواحدة والتعامل معهم ككتلة فاعلة وموحدة.

    ان نظرية النقاش العمومي تسرع عمل الشبكات الاجتماعية التي تمتن من عملية التواصل وذلك عن طريق ايجاد البيذاتية التي تتحكم في مسار التلاقي بين المؤسسات النشطة والضاغطة في المجتمع المدني. غاية المراد أن النموذج الليبرالي ينصح بالمحافظة على الحد الفاصل بين الدولة والمجتمع وأن يترك المجال الى المجتمع المدني كقاعدة اجتماعية للفضاء العمومي المستقل، بينما يحرص النموذج الجمهوري على توزيع عادل للثروة والسلطة الادارية والتضامن ويهدف الى ارضاء مطالب الاندماج والتوجيه.

    ان التنظيم الاداري العقلاني هو الذي يغير تكوين المجتمع ويحدث تحويلا في العلاقات بين الأفراد والمجموعات وان النسق السياسي هو الوحيد القادر على الفعل في الأشخاص وتغيير الذهنيات وان القرارات الناجعة التي تمس الحياة المشتركة هي التي تقدر على النفاذ الى بنى الفضاء العمومي وتشكيل شبكات تواصلية وتسمح باستعمال مشروع للسلطة ومشاركة شعبية واسعة في ادارة الشأن العام.

    هكذا تنبع السلطة الشرعية من التفاعل بين تشكيل الارادة الممأسسة بواسطة دولة الحق والفضاءات العمومية التي ينشطها الفاعلون الثقافيون والجمعيات المجتمع المدني السياسية والاقتصادية والحقوقية.

    كما أن التصور المعياري الذي تقوم عليه السياسة التداولية بالنسبة الى الجماعة القانونية يحصل على نمط من الاجتماعية تتأسس عن طريق النقاش ونظرية معيارية في الحقوق وتصور لامتناهي التعقيد للمجتمع. لهذا السبب لا يملك النسق السياسي لا قمة ولا مركز بل بنية من القوى المتحركة على مستوى واحد وفي تفاعل دائم. ويبدو الهاجس الأخير للسياسة التداولية هي ايجاد مخرج من كل حالات اللاندماج والاستبعاد والتهميش لبعض المجموعات والأفراد وتوفير نظام مشروع من التواصل والتبادل والتضامن. فكيف يعمل النموذج التداولي على قيام ثقافة سياسية تتمحور حول الحرية والاجتماعية؟

    *****

    المرجع:

    Jurgen habermas, l’intégration républicaine, essais de théorie politique, édition Fayard, Paris, 1998.

    *********

    الهوامش

    [1] Jurgen habermas, l’intégration républicaine, essais de théorie politique, édition Fayard, Paris, 1998.p.268

    [2] Paradigme procedural

    [3] Jurgen habermas, l’intégration républicaine,p.257.

    [4] Qu’est-ce que la politique délibérative ?

    [5] F. I. Michelman, Political truth and the rule of law.

    [6] Paradigme délibératif

    [7] Jurgen habermas, l’intégration républicaine,p.271


    المقال منقول عن (حريات)
                  

06-08-2013, 12:59 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ثلاثة نماذج معيارية للديمقراطية عند هابرماس… زهير الخويلدي (Re: طلعت الطيب)

    التعليق الذى ارسلته

    شكرا جزيلا (حريات) على المجهودات العظيمة فى نقل مثل هذه المقالات الفكرية والسياسية المهمة، بالرغم من ان تلك المحاولات قد تتعثر عند عرض بعض المقالات التى تعمل على التشويش اكثر مما تفعله فى التنوير.
    لكن لا بأس طالما ان الحصيلة العامة مشروع استنارى مفيد وطالما ظل الهدف هو التوعية بالجديد الذى قد يساعدنا على تعميق مفاهيمنا حول الديمقراطية.
    من الواضح ان ترجمة اعمال هابرماس وغيره من المعاصرين تواجهها صعوبة فى اللغة العربية حيث تفترض (مفردات) جديدة على القارىء وبالتالى قدر لا يستهان به من التحولات اللسانية ومفردات الخطاب الديمقراطى.
    لتسهيل توضيح المفاهيم التى تناولها المقال ولصعوبات الترجمة التى اشرت اليها، ادناه قد تجد القارئة مقال يساعدها على استيعاب المفاهيم المطروقة وذلك لان المقال تناولها فى اطار الضرية الاسرائيلية لمصنع اليرموك:-

    مفهوم السيادة المفترى عليه فى حادثة اليرموك

    اصدرت ثلاث جهات سياسية معارضة بيانات إدانة للضربة الجوية على مصنع اليرموك بإعتبارها اعتداءا على السيادة الوطنية ، مع ان حمم المصنع استخدمت وما زالت تستخدم فى ضرب القرى الامنة وحرق الابرياء من اطفال ونساء ومدنيين، وهم احياء، فى مناطق مختلفة من جبال النوبة والنيل الازرق ودارفور بشكل متكرر. وبقدر ما تعرضت البيانات التى اصدرها كل من قوى الاجماع الوطنى وحزبى الامة والشيوعى الى نقد مرير، بقدر ما تشبث من دافع عنها بمنطق فحواه ان إدانة الضربة الجوية بإعتبارها اعتداء صهيونى على مصنع الموت، لا يمنع من التضامن مع الجهات التى تعرضت، وتتعرض يوميا تقريبا للقصف الجوى والتقتيل.
    هنا تقفز الى الذهن التساؤلات المهمة التالية :
    هل يمكن الجمع بين إدانة الضربة الجوية التى قضت على مصنع الموت قضاءا مبرما ، وفى نفس الوقت إعلان التضامن مع الابرياء من ضحايا المصنع؟
    ما ذا تعنى السيادة عند هؤلاء؟
    فى تقديرى ان الاجابة على التساؤل الثانى هى المهمة
    ومن اجل الإحاطة بمفهوم السيادة sovereignty لا بد من التنويه الى انه وفى اية دولة، يوجد فضاءين سياسييين ، أحدهما الفضاء السياسى الرسمى الذى يتشكل من المؤسسات مثل البرلمانات المنتخبة والاحزاب السياسية ومؤسسات اخرى ، وهى المعنية بوضع السياسات والقوانين وتنفيذها ، اى بإتخاذ القرارات . اما الفضاء السياسى الاخر فتمثله المنظمات الطوعية والروابط السياسية والمهنية والاعلام باشكاله المختلفة، وهو فضاء سياسى يتم فيه حوار حول مختلف القضايا الخاصة والعامة، ويأخذ طابعا طوعيا حرا ومخلصا ، وتتم فيه المساومات وتقديم التنازلات وصولا الى اجماع ما، ولانه حوار طوعى حر، فأنه يتم من اجل الحقيقة وبلوغ المصلحة العامة، لذلك يعرف هذا الفضاء المعنى بالقدرة على تشكيل الرأى العام فى اى مجتمع من المجتمعات ، بالفضاء السياسى الغير رسمى ، او الاهلى ، ويكون اكثر نضجا بالطبع فى المجتمعات التى تتبنى الديمقراطية الليبرالية حيث يؤدى إطلاق الحريات العامة الى تشجيع هذا الحوار الحر الذى يحد من من تأثير نفوذ القوة والمال ، وغالبا ما يكون الاجماع المتراكم نتيجة التواصل والحوار الطوعى والحر هذا هو الاقرب فى طبيعته لتحقيق المصلحة العليا للبلاد، وليس مصالح قلة من الافراد فى المجتمع..
    فى العادة يكون الفضاء السياسى الرسمى المعنى بصناعة القرار وصياغة القوانين والتشريعات شفافا ومتأثرا بالرأى العام (الفضاء السياسى الاهلى ) فى الدول التى تطبق الديمقراطية، الامر الذى يجعل قرارتها وسياساتها وقوانينها تحظى بالقبول لدى اغلب الناس حيث يمكن إعتبار مؤسسات الدولة مؤسسات صحية ومعافاة.
    ظل التناقض بين الحرية الشخصية وحرية المجموع يشكل بؤرة الصراع ايام الحرب الباردة بين دول حلف وارسو سابقا والمجتمع الغربى الرأسمالى بإعتبارهما بدائل نقيضة لا يمكن التوفيق بينها ، بل كان ما يمثله هذا التناقض بين الحرية الفردية والجماعية، هو ما ظل يشغل المفكرين منذ وقت بعيد، وقد ادعت الاحزاب الشيوعية قدرتها على حل التناقض من خلال الانحياز الى المجموع مع مصادرة وتجفيف المجتمع المدنى والفضاء الاهلى وقد فشلت . فشلت الاحزاب الشيوعية فى حل هذا التناقض لان ادارته فى المجتمع الديمقراطى التعددى فقط هى الممكنة * حيث يتكامل النقيضين كبدائل لا غنى عنها فى الديمقراطية الليبرالية سواء اكان داخل المجتمع او النفس البشرية، كصراع بين مفهومى العطاء المادى والمعنوى، مع ملاحظة ان الاخير يزداد بالعطاء ولا يتناقص مثل الاول ، ولأن حقوق الافراد تتمحور حول فكرة الليبرالية ، فإن الليبرالية تعنى بمفهوم حقوق الانسان وتصطدم مع كل ما من شأنه التعارض مع هذه الحقوق بشكل متسق. اما بالنسبة للمجموع فإن فكرة الحقوق تتمحور فيه حول مفهوم السيادة ، لذلك فان المجتمع التعددى يحمل فى احشائه هذه البدائل النقيضة بشكل قابل للتداول بشكل مستمر. أما الليبرالية كفكرة فإنها ترتبط بصيانة حقوق الافراد ، فيما يتعلق بالمجموع فأن الفكرة المحورية تعرف بالجمهورية المدنية civic republicanism . فى الاولى تأتى الليبرالية فى مرتبة اعلى و اهم من الديمقراطية، اما فى الثانية حيث تسود فكرة الجمهورية المدنية والسيادة الوطنية فإن الليبرالية تكون خاضعة للديمقراطية وتابعة لها . الفكرة الليبرالية تقوم على إحاطة حقوق الافراد بسياج منيع مما يوفر لهم حماية فى السعى لتحقيق مصالحهم المادية من خلال القدرة على استغلال الفرص المتوفرة، وهى نظريا تفترض ان تعم جميع الافراد ، وانه بناءا عليها ، فإن حراك الناشطين السياسيين يفهم على انه مجرد وسيلة واداة للتوفير الحقوق للجميع instrumentally valuable.
    فى مفهوم السيادة فإن لاعتقاد يتأسس على ان الحقوق الديمقراطية لا تعنى مجرد توفير الفرص المادية للافراد كما يعتقد الجانب الليبرالى ، بل ان قيمة الديمقراطية تتجسد فى ممارسة الحقوق excercise of rights مثل حق التعبير والنشر، لان الرأى العام يستطيع التاثير على صياغة قرارات الدولة وسياساتها وقوانينها فى النهاية ، الامر الذى يمكن ان يحقق الذات الجمعية لكل المشتغلين فى العمل السياسى ، لان الدولة فى هذه الحالة تكون الدولة تكون هى المعبرة عن القيم والاخلاق والتصورات لمجمل المجتمع السياسى على مختلف تعدد ميوله مما يجعلها اقرب الى واقع الشعب وثقافته وميوله وتمثيل مصالحه.
    من هنا تأتى ضرورة التوازن الذى يتخلق داخل المجتمع بين الليبرالية من جهة والديمقراطية من جهة ثانية فى المجتمعات الديمقراطية العريقة التى تتبنى الديمقراطية الليبرالية، وتجىء كلمة ديمقراطية سابقة لمفردة ليبرالية لان الديمقراطية تتأسس على ممارسة الحقوق والنضال من اجلها بواسطة الحراك السياسى للمشتغلين بالعمل العام ، وهى التى تجسد المفاهيم العميقة للديمقراطية نفسها ، بحكم انها تقوم على العطاء المعنوى فىى الاساس ومراكمة للارصدة المعنوية للافراد، بينما تتأسس الليبرالية على مفهوم العطاء المادى مما يعنى ان الحرية فى المفهوم اللليبرالي تعنى توفير الفرص المادية opportunity لجميع افراد المجتمع.
    فى المجتمعات التى يحكمها نظام شمولى مثل الانقاذ فإن مفهوم السيادة منعدم تماما، بعكس مفهوم الليبرالية، وذلك بحكم سيطرة المال والقوة على الفضاء الاهلى الذى تم تقييده وشله تماما بترسانة القوانين المعروفة ، ولذلك جاءت الفرص المادية محتكرة لبطانة المؤتمر الوطنى لانعدام الحريات العامة خاصة حريات النشر والتعبير واستقلال المؤسسات القضائية ، وتأسس الامر على مفهوم الاخذ المادى الذى تحول الى نهب منظم لمقدرات البلاد، الشىء الذى ساعد كثيرا على انتشار الفساد وثقافته فى ظل المشروع الحضارى المزعوم لاهل الاسلام السياسى، مما جعل قرارت الدولة لا تهدف فى حقيقتها الى تحقيق المنفعة العامة بقدر ما تهدف الى حماية المصالح الطفيلية الضيقة لافراد النظام، فالانتماء هنا صار للحزب السياسى وليس للمجتمع السياسى الاهلى، فافتقد صفته الطوعية وصار خاضعا للمصالح المادية الضيقة تماما. إن السيادة الوطنية الحقيقية هى التى توفر التوازن للحريات الليبرالية حتى يعم االخير الغالبية فى المجتمع.
    ولكن يبدو ان الاحزاب التى اصدرت بيانات ادانة للضربة الجوية على مصنع اليرموك بحجة التباكى على السيادة الوطنية، ما زالت غارقة فى مفاهيم السيادة التى كانت سائدة ايام الحرب البادرة وهى مفاهيم قد تجاوزها الزمن ..
    لذلك نستطيع ان نلمح المفارقة المضحكة خاصة فى بيان الحزب الشيوعى الذى يبدو انه قد تقمصته روح هيجيلية نقيضة ، فصار يتباكى على سيادة المجموعة الطفيلية الحاكمة بدلا عن مصالح وقيم (المعذبون فى الارض) !

    طلعت الطيب
    عضو المجلس القيادى لحركة حق
    ونائب رئيس الحركة

    *يورغن هابرماس (نظرية الفعل التواصلى ) المجلدين الاول والثانى
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de