حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 11:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-27-2013, 06:49 PM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي

    حلقة قديمة شاهدتها اليوم عبر قناة النيل الأزرق مع الشاعر الرقيق حسين بازرعة

    كان ضنينا بالبوح عن قصص بعض من قصائده
    قال: ليس هنالك اطلال يبكي عليها سوي الأطلال التي وجدتها في بورتسودان تحكي عن سؤ الحال
    كان لنا نادي معجبي عثمان حسين كان من أعضائه عبد الرحمن سوار الذهب
    ذهبت للسعودية في زيار استكشافية ولكني عدت بعد 45 عاما من الغربة
    لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي

    تحدث بازرعة عن سني حياته الأولي كطالب ببورتسودان ثم مدارس الأحفاد ومن ثم وادي سيدنا التي شهدت تفتح موهبته الشعرية وتعلقهم بعثمان حسين كفنان مجيد لاقت اغنياته الاولي هويً في نفسه ونفس زملائه لحبهم لمدرسة الشعر الفصيح وكانت أغنيات عثمان الاولي من اشعار قرشي محمد حسن فصيحة النظم مثل الفراش الحائر .. أول لقاء له بعثمان حسين كان عبر مجلة هنا امدرمان التي نظمت مسابقة شعرية فازت فيها قصيدته "القبلة السكري" بالجائزة الثالثة وهي القصيدة التي أعجبت عثمان حسين وقام بتلحينها بعد ان اختزلها بازرعة في عدد من الأبيات وكانت تتكون بما يزيد عن الخمسين بيتاً .. وتبعتها روائع الثنائية بين بازرعة وعثمان " أنا والنجم والمسا" والتي قال عنها بازرعة بأنها أثيرة لدي نفسه لأنها كانت تتحدث عن الحب الأول. ثم توالت الروائع التي شكلت الوجدان العاطفي للكثير منا وكأن حسين بازرعة وعثمان حسين يحكيات قصتي وقصتك.

    ذكر بازرعة بأن خفقات قلبه الأولي بالحب كانت في سن الثالثة عشرة وأنه ليس لديه مذكرات ليقوم بكتابتها فالمذكرات يكتبها العباقرة في كافة المجالات ليستفيد منها الغير فأنا كشاعر لا أملك إلا القليل من التجارب.
    حاول المذيع مراراً وتكراراً جره للبوح عن مكنونات بعض من قصائده ولكنه في كل مرة يعتذر ويقول من الصعب بل من المستحيل البوح بتفاصيلها .. جلس مع مقدم الحلقة علي نفس المقعد " وهاهنا كان مقعدنا" والذي شهد جلساته مع المحبوب.

    ذكر بازرعة بأن لأسباب سياسية شهدتها مدرسة وادي سيدنا لم يكمل تعليمه بها وهو الذي لا يجيد ألاعيب السياسة ولا يميل إليها فذهب للعربية السعودية حاملاً خطاب توصية لشخصية سعودية .. فتم توظيفه في مكتب شحن بواخر وطلبت منه أسرة شقيقته القبول بالعرض فوافق علي مضض علي أن يجرب وإن لم يعجبه الحال فهو عائد لا محالة لبورتسودان ومنذ ذلك التاريخ مكث بالسعودية يأتي فقط في اجازات متقطعة للسودان وبعدها لم يعد للسودان طيلة 38 عاماً من الإغتراب مفضلاً البعد لتردي الأحوال في السودان عاماً بعد عام.
    سأله المذيع: طبعاً بعد العودة ذهبت تبكي علي الأطلال فقال له: وجدت أطلالاً أخري غير التي تعني ولم تعد بورتسودان كما كانت ولم يعد السودان هو السودان ولعله قالها في سره هكذا فهمنا " كل السودان اصبح اطلالاً نبكي عليها". قال بازرعة : رميت وراء ظهري كل تجاربي العاطفية وبرءت من جرحها وتعافيت

    سأله المذيع: هل ما زلت تكتب الشعر وعن أي شيء تكتب بعد هزائمك العاطفية؟ أجاب بازرعة: الشعر متنفسي ومازلت اكتب في كل شيء إذا إستفزني موقف أو دعا داعي الكتابة الشعرية بالانفعال بموقف ما.
    سأل الميع: وهل انتهت قصتنا؟ قال بالطبع لا فأنا لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي وقد يأتي جديد بكل جديد.

    شكرا لكم
                  

05-27-2013, 06:59 PM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: عمر الفاروق عبد الله الشيخ)

    أنا والنجم والمسا الأغنية الأثيرة لدي بازرعة والتي تحكي عن الحبيب الأول

                  

05-27-2013, 07:12 PM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: عمر الفاروق عبد الله الشيخ)

    القبلة السكري


    أتذكرى فى الدجى الساجى ... مدار حديثنا العذب
    وفوق العشب نستلقى .. فنطوى صفحة الغـــيب

    أول قصائد بازرعة التي قام بتلحينها وغنائها الراحل عثمان حسين

                  

05-27-2013, 07:27 PM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: عمر الفاروق عبد الله الشيخ)

    بعيدا عن عثمان حسين تغني مطربين آخرين لحسين بازرعة

    يا عازف الأوتار مالك علي قلبي والتاج مصطفي

                  

05-27-2013, 08:32 PM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30720

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: عمر الفاروق عبد الله الشيخ)

    يا سلام عليك
    ياخ بازرعة دا شعره بصلو بيهو
    جني
                  

05-27-2013, 08:37 PM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: jini)

    Quote: يا سلام عليك
    ياخ بازرعة دا شعره بصلو بيهو
    جني


    تسلم اخي جني
                  

05-27-2013, 09:17 PM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: عمر الفاروق عبد الله الشيخ)

    خلاف عثمان حسين ايضا غني لبازرعة عبد العزيز محمد داؤود
    حليلة الفرقة من بكرة مشاركة اداء .. علي ابراهيم وعزة عبد العزيز داؤود


                  

05-27-2013, 10:25 PM

محمد عوض السيد
<aمحمد عوض السيد
تاريخ التسجيل: 06-17-2011
مجموع المشاركات: 966

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: عمر الفاروق عبد الله الشيخ)

    ..
    سلامات عوافي

    ان الحديث عن الشاعر بازرعه يطول ويطول
    وقبل فترة قرات مقال جميل للكاتب معاوية يس يتحدث فيه عن الشاعر بازرعه وتحديدا عن اغنية انا والنجم والمساء سوف اقتبسه لكم هنا لمزيد من الامتاع
    وقد تداخل فيه نفر بمداخلات اجمل وقد استصحبت قراتي للمقال بالاستماع الي اللقاء التاريخي بين بازرعة وعثمان حسين بعد فراق بينهم دام طويلا
    وقد بثته اذاعة امدرمان قبل اعوام واستمر زهاء الثلاث ساعات تخللها حديث بينهم وما اجمله من حديث ..

    Quote: أنا والنجم والمساء والوجد والحنين.. ومقعد قبالة البحر
    كتب معاوية يس:
    لا أعرف شاعراً غنائياً سودانياً في كَيَاسة الأستاذ حسين بازرعة. ذلك أن كثيراً من الشعراء الفحول يصابون بانكسار عاطفي. تراهم يتذللون للمحبوب، على رغم قسوة ما أبداه تجاههم من إعراض، وإنكار للعهود، واصطناع جفوة. بازرعة كان معتداً بنفسه، متماسكاً مهما كانت شدة قسوة المحبوب. وكان من شدّ ما تعذب على أيدي أحِبَّتِه، لم يعد يحفل بالوجود الفيزيائي للمحبوبة؛ بل طفق يكابد عناء المحبة، وغدر الأحبّة، عقوداً؛ حتى اكتهل، وشاخ وأضحى تسعينياً. وبقي عازباً حتى أسكتته جلطة قبل بضع سنوات، لا يزال يتعافى من تأثيراتها.
    لا أعرف لماذا تتملك حواسي وتخلب لبّي تماماً قصيدته "أنا والنجم والمساء" التي تحولت أغنية ذائعة على حنجرة الفنان عثمان حسين؛ على رغم أنني لست مولعاً ببقية أغنياته، ولا يطربني صوته في كثير منها. وهو ليس من قبيل قلة الذوق، ولا قلة الأدب بحق قامة غنائية كبيرة- حاشا وكلا. ولكنه انطباع شخصي ظل يلازمني منذ اليفاعة. ولما شببت عن الطوق، حفظت للفنان القدير قدره من الاحترام بما هو أحق به وسط أقرانه من رواد الأغنية السودانية المعاصرة. وانبريت للترجمة له ضمن الجزء الثالث من كتابي عن تاريخ الغناء والموسيقى في السودان، بكل تجرد وإجلال وإنصاف.
    وتمثل "أنا والنجم والمساء" استثناء لكل آرائي الفردية في شأن عثمان حسين. حين أتعامل مع شعرها الغنائي تراني أجدها فريدة في جودة صوغها، وحسن سبكها، وعبقرية معانيها وأخيلتها. وحين أتعامل مع لحنها الغنائي الموسيقي أجدها أثيرة لقلبي وسمعي. تفنن عثمان حسين في مقدمتها الموسيقية. تَبِينُ في هذه المقدمة لونيتُه وطريقته في عزف العود. ويظهر فيها الأثر النغمي للمسات أنامله على أوتار العود. وبالطبع فإنها يظهر فيها تفرد عثمان حسين بين جميع المطربين في بلادنا، إذ له طريقة محددة باستباق الفرقة الموسيقية بالذهاب من خلال العود إلى النغمة التي سينغمها. ويظهر ذلك في الثواني السابقة لدخوله في المقطع التقديمي المرسل "أنا... والنجم... والمساء".
    ولا شك في أن مقدمة هذه الأغنية من أول ما استمعنا إليه من حوار بين آلة العود وبقية آلات الفرقة الوترية، في ما يطلق عليه مجازاً "أوركسترا". صحيح أنه استبق ذلك بالمقدمة الفريدة لأغنيته الذائعة "الفراش الحائر"، غير أنه هناك حوارٌ لم يقتصر على العود، بل شاركت فيه ثلاث آلات أخرى، فضلاً عن العود؛ في حين أن مقدمة "أنا والنجم والمساء" أشبه بما يمكن تسميته مجازاً "كونشيرتو العود"، فهو الذي يقود الحوار، ويرغم الآلات الوترية على مجاوبته في كل جملة يستهل بها الحوار. وأصِخْ سَمْعَك- يا أعزّك الله- كيف يختار النغمة الأولى على الأوتار الرفيعة في العود في الجملة التي يستهل بها المقدمة، نغمة وحيدة فقط يذهب فيها إلى الوتر الرفيع، وفي الثانية التي تتلوها يتنزل إلى المقامات العادية مسايراً الفرقة الموسيقية.
    ولا بد من الإشارة إلى أن التسجيلات الإذاعية في تلك الفترة الغراء من تاريخ بلادنا لم تكن نتاج أجهزة ومعدات فحسب، بل تتبدى فيها براعة فنييي التسجيلات آنذاك، إذ إن ديدن تلك التسجيلات أن يظهر صوت العود قائداً الفرقة الوترية، ولا يطغى عليها إلا في ما ندر. وربما كان ذلك ملحوظاً في تسجيلات الفنانين أحمد المصطفى وحسن عطية وعثمان حسين، ثم من بعد في تسجيل عدد من الأغنيات الشهيرة في عهود العوادين البارعين الذين حظيت بهم الموسيقى السودانية، ومنهم بشير عمر الشباب ومحمد أحمد داكو وبرعي محمد دفع الله والعاقب محمد حسن وغيرهم.
    ها قد عرفتم ما بي من ولع بهذا اللحن الساحر. ولكن لماذا تشدني القصيدة؟ مما يثير تاملي فيها أن المشهد الذي رسمه بازرعة يقتصر على ثلاثة أشياء محسوسة: أنا (الشاعر)، والنجم، والمساء. لا وجود للمرأة إلا طيفها وخيالاتها! هل للمرأة السودانية تاريخ في القسوة والخيانة والجفا منذ ذلك الوقت؟ لو قدر لبازرعة أن يستعيد عافيته ويدخل في علاقة عاطفية مماثلة مع فتيات هذا الجيل... هل تراه سيأتي بالمحبوبة ويحجز لها مكاناً في المقعد الذي ضمه في خسمينات القرن الماضي هو والنجم والمساء والوجد والحنين؟ المرأة لا تتغير. جميلة ومثيرة ومغرية لكنها أنانية ومجنونة وغبية. وفي هذا الزمن الذي نعيشه أضحت تاجرة عواطف، ومتخصصة في المظاهر، ومستعدة للعشق تجربة تخرج منها لتدخل تجربة جديدة! لو أحب بازرعة اليوم لمات ألف مرة، ولرأى البحر يتبخر في الهواء الساخن، ولانطفأت في عينيه النجوم، وذاك حديث له مقام آخر.
    لا شك في أن حسين محمد سعيد بازرعة أبرز رواد الشعر الغنائي السوداني الرومانسي بأشكاله ومعانيه الكلاسيكية. وقد برز في فترة سادها العفاف والتعفف، والطهر في العلاقات العاطفية، واعتبار المحبوبة شريكاً في رحلة الحياة، وليس مجرد أنثى تتحقق بها الغرائز. والأرجح عندي – بحسب قراءة التاريخ الغنائي للشاعر- أن بازرعة أحب الإنسانة نفسها، منذ عهد تلقيه الدراسة في مدرسة وادي سيدنا الثانوية، وظل يكن لها المحبة، ويضمر لها التقدير، ويعقد عليها الأمنيات، حتى بعدما أضحى اللقاء مستحيلاً. اسمعه يقول عن قصيدته الغنائية الأولى "القبلة السكرى" التي قدمها عثمان حسين في عام 1953: هي "قصتي مع إنسانة من الشرق. فأنا كما تعلم من هناك. هي - الملهمة - متلقية جيدة باللغة العربية، ومغنية. كانت حبي الأول. لو كان هناك حب بعدها أو قبلها لما بقيت هي حتى الآن شريكة الواقع والخيال، والحاضرة على البعد عبر كل هذه السنين العجاف، غربةً وكُربةً ووجْداً ومكابدةً، وبعض الذكريات التي تهزم كل ذلك وتجعل منه شعراً يشدو به عثمان حسين. أنا لا زلت وحيداً، إلا حضورها الخيال والواقع في الوقت نفسه".
    بعد تخرجه في ثانوية وادي سيدنا، عاد بازرعة إلى بورتسودان. وبعد أن عزّ اللقاء مع الإنسانة التي اختصها بعاطفته، وخلدها في أغنياته التي تغنى بها عثمان حسين والتاج مصطفى، قرر السفر إلى السعودية في عام 1959 لأداء مناسك الحج، عساه مثل الشعراء العشاق في العد الجاهلي يتعلق بأستار الكعبة، ضارعاً لمولاه وخالقه أن يجتمع الشتيتان بعد أن ظنا كل الظن ألا تلاقيا. وكان في نيته أن يعود بعد الحج إلى مسقط رأسه. غير أن أهله في جدة أقنعوه بالبقاء والعمل هناك. وهي غربة امتدت أكثر من أربعة عقود، عاد بعدها وقد وهن منه الجسد، وذوت نضارة الشباب. ورغم ذلك بقي طيف تلك الإنسانة عصى يتوكأ عليها.
    آه يا شاطئ الغد
    أين في الليل مقعدي
    أين بالله موعدي
    البحر.. طيور النورس المهاجرة.. مقعد بازرعة قبالة البحر في بورتسودانن وموعد لا يتحقق مع المحبوبة. ظلت هذه الصور تسكن بازرعة وتطارده في جدة عقوداً. وكان من حسن الطالع أنه أقام في شقة مملوكة للأمير الشاعر الراحل عبد الله الفيصل، تطل على البحر الأحمر. وكان بازرعة حين يجلس على شرفتها المطلة على البحر تخطفه ذكريات بورتسودان والسودان والحب الذي لم يكتب له أن يفرح به. هناك من تلك الشرفة نظم قصيدته الغنائية الشهيرة "كل طائر مرتحل.. عبَر البحر، حملتو أشواقي الدفينة".
    لا وجود للمحبوبة في قصيدة "أنا والنجم والمساء" إلا طيفاً وخيالاً وذكرى. وقد تعيد الذكرى أريج عطرها، وحلو لفتاتها، وصدى كلامها. لكنها لا تحضر فيزيائياً ولا فيزيويلوجياً البتة. ليس هناك سوى مقعد قبالة البحر، وذكرى موعد لم يتم الوفاء به، ووجد وحنين وخيبة وتطلع!
    يا خطاها على الرُّبى
    عطرُ أنفاسها صَبَا
    تحمل الشوقَ والصِّبا
    والخيالاتِ موكبا
    وأنا كل ما دنا
    طيفُها الحلوُ وانْثنَى
    عادني الهمُّ والضَّنَى
    أنا والنجم والمساء
    يقول بازرعة في شرحه ملابسات نظمها: "كنت أقيم في منزل يطل على البحر الأحمر في مدينةجدة. كنت أرى من نافذة المنزل السفن رائحة غادية. وكانت شرفتي تلك المطلة على البحر تعطيني شعوراً بالطمأنينة، وبأنني قريب من بورتسودان، التي لا تبعد من جدة أكثر من تسع ساعات إبحاراً. هذا الإحساس كان يزيح عني كثيراً من الأعباء وأحزان الغربة. وقد لبثتُ في تلك الشقة أكثر من 20 عاماً. وعندما أراد صاحبها الأمير عبد الله الفيصل أن يهدمها نظمت فيها قصيدتي "مرثية الرحيل" التي أقول في مطلعها:
    بكيتُ بالأمسِ أحباباً فُجِعتُ فيهم
    واليوم هأنذا أبكي على الحجر.
    ويقول بازرعة: "إنها هي النجم. والمساء يتجسد في الإطار الذي ضمّنا. وأنا الوجد والحنين". اسمع اسمع بكاءه الصادق ونزفه الغزير حين تأتيه مشاهد البحر بصدى صوتها:
    في الدجى شاق مسمعي صوتُها المُلهِمُ النغمْ
    في الهوى هاج مدمعي حبُّها الخالدُ الألمْ
    كلما لاح بارق من محيا خافق
    مات بالهمِّ عاشقٌ
    إنها رؤيتي التي أسرجتْ ليلَ وحدتي
    وخلّدت لحن شهرتي بالأسى والصبابة
    يا للعذاب والضنى. أيتها المرأة هل يمكن أن تمنحي الرجل الذي يحبك كل هذا القدر من الشقاء والتعاسة؟ لقد بقي بازرعة على حبه لتلك المرأة نفسها، ولم تغادر أياً من قصائده منذ سنوات العقد الخامس حتى آخر ما نظم. هل تراها هي أيضاً تعاني ولو بقدر أقل شيئاً من ذلك البؤس وتعذيب الضمير وحرقة الوجد؟ نحن لا نعرف عنها شيئاً، ولا نعرف هل تزوجت ومضت في سبيل بيت زوجيتها وأنجال أنجبتهم، ثم جرفها بحر الحياة بعيداً عن الحيبيب الأول. لكننا نعرف أن بازرعة قرر أن تقترن بها روحه ما بقي حياً. ولذلط ظل يبحث عن خيالاتها وأطيافها كلما جلس قبالة البحر:
    يا رؤى البحر أشهدي
    ها هنا كان موعدي
    وهنا كان مقعدي
    أنا والنجم والمساء
    آخر قصيدة غنائية نظمها بازرعة هي "أزمة ثقة". ألقى مطلعها في لقاء إذاعي أجري معه في جدة سنة 1964. وعاد في التسعينات- بعد عودته إلى الوطن- ليلقي على المشاهدين طرفاً منها باعتبارها أحدث تعاون بينه وصديقه القديم عثمان حسين. لكن لا بازرعة أكمل القصيدة، ولا عثمان حسين أكمل تلحينها حتى وفاته. وحين تطالعها تتلمس طيف تلك المرأة المُلهِمة المُشقِية:
    لى وين مسيرنا وكيف مصيرنا
    إذا انتهتْ بينّا الثقة
    صدقني يا مولاي يا أجمل منايا
    ومشتهايا المُنتقَى
    أنا لولا قسوة دهري
    ما جرّبت ألوان الشقا
    بس إنت ما جرّبت ظلم الدنيا
    ما كل ليلة بشيل صباباتي
    وأذوِّبها في قصيدة مموسقة
    من عمري بَطوِي كلّ
    يوم صفحة أمل
    وأعيش في ثانية مُؤرقة
    ليك إنت وحدك بحترق
    وبشوف همومي رؤى وأماني مُحَلِّقة
    يا هل ترى هانتْ عليك أشواقي
    هانتْ الذكرى الشيِّقة
    سامحني يا أغلى الحبايب
    لو ظروفي قِسَتْ وعَزَّ المُلتقى
    ... اللهم أضرع إليك أن تشفي حسين بازرعة.. الشاعر الرقيق المهذب الصبور. وأن تعينه على شيخوخة هادئة، وسط أهله وأصدقائه وعارفي فضله، إنك سميع مجيب دعوة الداعي إذا دعاك. اللهم آمين يا رب العالمين.
                  

05-28-2013, 09:20 AM

عمر الفاروق عبد الله الشيخ
<aعمر الفاروق عبد الله الشيخ
تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 3478

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسين بازرعة: لم أبلغ بعد سن التقاعد العاطفي (Re: محمد عوض السيد)

    Quote: ن الحديث عن الشاعر بازرعه يطول ويطول
    وقبل فترة قرات مقال جميل للكاتب معاوية يس يتحدث فيه عن الشاعر بازرعه وتحديدا عن اغنية انا والنجم والمساء سوف اقتبسه لكم هنا لمزيد من الامتاع
    وقد تداخل فيه نفر بمداخلات اجمل وقد استصحبت قراتي للمقال بالاستماع الي اللقاء التاريخي بين بازرعة وعثمان حسين بعد فراق بينهم دام طويلا
    وقد بثته اذاعة امدرمان قبل اعوام واستمر زهاء الثلاث ساعات تخللها حديث بينهم وما اجمله من حديث ..


    محمد عوض السيد لك من الشكر اجزله علي إثرائك للبوست واصل يا خي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de