|
Re: م ن ط ق (البداهة) : انتصاراً للمعرفة العامّيّة والرأي العام! (Re: صلاح عباس فقير)
|
هذه القوانين المنطقية تعتبر قوانين فطرية، يعني الإنسان العادي يستعملها تلقائياّ، فهي شيء يتولد في فطرته، من خلال تفاعله مع سياق الواقع من حوله! فهذه القوانين الثلاثة وما في حكمها، هي أساس منطق البداهة، وممّا يتميز به منطق البداهة: أنه هو الذي ينبني عليه ما يُسمى بالحس العام، أو الرأي العام، أو موقف جمهور الشعب من مسألةٍ معيّنة! وينبغي أن نوضح بأن منطق البداهة، يمثل الشق الثاني من شقين، تنقسم إليهما المعرفة الإنسانية، في كلّ مجتمع من المجتمعات، وهما: أولا: المعرفة العلمية التي يتوصّل إليها الباحثون في حقول بحثهم، والعلماء في معاملهم، وذلك عبر إجراءاتٍ عديدة. ثانياً: المعرفة العامّيّة التي يتوصل إليها عامّة الناس، وتشيع بينهم باعتبارها رأياً عامّاً وثقافةً عامة، تمثل وجهة نظر عموم الناس! وتستند بالضرورة إلى مبادئ المنطق الفطرية الثلاثة، التي تشكل قاعدة منطق البداهة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: م ن ط ق (البداهة) : انتصاراً للمعرفة العامّيّة والرأي العام! (Re: صلاح عباس فقير)
|
محمد عابد الجابري وعلميّة المعرفة العامية: المفكر المغربي المرحوم محمد عابد الجابري، يجسد بأسلوبه وفكره العميق في مضمونه، والقريب من متناول القارئ العادي في آنٍ واحد، يجسد مبدأ البداهة تماماً، فمن خلال شرحه لأعقد المفهومات الفلسفية، تشعر بأن الأمر في غاية البساطة، كيف لا وهو قد نتج باستخدام منطق البداهة! المهم، وجدت عند الجابري وقفة مهمةً، تمنح المعرفة العامّية اعتباراً كبيراً، وتزيل الفواصل بينها وبين المعرفة العلمية، بحيث يمكن أن نقول إن الفارق بين المعرفتين، هو فارق في الدرجة وليس في الطبيعة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: م ن ط ق (البداهة) : انتصاراً للمعرفة العامّيّة والرأي العام! (Re: صلاح عباس فقير)
|
في صفحتي 21 و 22 من كتابه (مدخل إلى فلسفة العلوم)، يقول محمد عابد الجابري:Quote: نعم، من الممكن دوماً التمييز: - بين المعرفة العلمية التي تعتمد القياس والتجارب، وتستعين بالآلات الدقيقة، التي تكشف للإنسان عمّا تعجز عن بلوغه حواسّه، والتي تخضع للنقد الصارم والمراجعة المتواصلة، - وبين المعرفة العامية الحسية، التي بإمكان مطلق الناس الحصول عليها، بواسطة حواسهم وعقولهم وخبراتهم اليومية. كما أنه يمكن التمييز بين هذين النوعين من المعرفة، وبين نوع ثالث يعبر عنه عادةً بالمعرفة القلبية، (أو الحدسية، أو الصوفية)، وهو نوع تمسك به كثيرون، باعتباره النوع الأرقى، والطريق المثلى لبلوغ الحقيقة. وبغض النظر عن هذا النوع الثالث الذي يتجاوز الإدراك الحسي، والنظر العقلي والبحث العلمي، -وقد يستخف بهذه الطرق ويطعن فيها جميعاً- والذي هو على كل حال: ليس في متناول جميع الناس، يمكن القول: إن الفصل بين "المعرفة العامّيّة" و"المعرفة العلمية" لا يقوم على أساس متين، خصوصاً وهو يستند في الغالب على اعتبار "المعرفة العامية" معرفة أولى دنيا، والمعرفة العلمية معرفة ثانية عليا؛ ذلك لأن حواسنا هي وسيلتنا الأولى والأخيرة لاكتساب هذين النوعين من المعرفة: وسيلتنا الأولى لمعرفة العالم الخارجي والدخول معه في علاقات .... ووسيلتنا الأخيرة لتحصيل المعرفة العلمية ذاتها، فإذا كانت هذه الأخيرة تمتاز بكونها تعتمد القياس والآلات؛ فإن نتائج القياس وما تشير إليه الآلات هو جزء من هذا العالم الخارجي نفسه، جزء من المعطيات الواقعية التي لا سبيل لنا إلى معرفتها غير الحواس. إن الآلات تحتاج مهما كانت دقتها إلى شخص يقرأ أو يسمع أو يلمس ما تسجله أو تشير إليه، وبالتالي لا بد من الحواس التي تنقل رموز الآلات إلى الدماغ، لتتحول بعد ذلك إلى معرفة علمية. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: م ن ط ق (البداهة) : انتصاراً للمعرفة العامّيّة والرأي العام! (Re: Musab Osman Alhassan)
|
وعليكم السلام أخي مصعب، شكراً لك، وعلى ما أعتقد فكرة مهمة جداً، وفحواها: أن منطق البداهة ده هو أساس المعرفة العلمية أو العامية، وهو طبعاً متاح للجميع، لكن من الجائز أن يفتقد بعض المتعلمين هذا المنطق، وعندئذ يُقال: القلم ما بزيل بلم. وأن الإنسان العامّي بما عنده من الفطرة ومنطق البداهة، بإمكانه إدراك حقائق الكثير من الأمور! كذلك هدفي بيان السبب الذي يقتضي من (المناضلين) مثلاً: أن يجتهدوا في معرفة الرأي العام، لكي يحددوا وفقاً له أساليب نضالهم، لأنو انتشرت عندنا في الفترة الماضية ظاهرة انتقاد الشعب، السوداني؛ لعدم تجاوبه مع نداءات بعض المعارضين للخروج ضد الحكومة! وفي رأيي، هذا الموقف معناه: أنه يلزمهم مزيد من الاجتهاد حتى يحققوا إرادة الشعب التي يزعمون أنهم ممثّلوها. فعلاً الفكرة لسة ما تبلورت، لكن بإذن الله شيئاً فشيئاً تتضح معالمها! شاكراً لك حسن متابعتك!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: م ن ط ق (البداهة) : انتصاراً للمعرفة العامّيّة والرأي العام! (Re: Musab Osman Alhassan)
|
شكراً أخي مصعب للمساهمة الإيجابية، قلت:
Quote: طيب عشان نساعد في تشكيل الفكرة :) المعارضة الناجحة لأي حكومة لا يجب أن تكتفي بإستقصاء الرأي العام بل من المفترض أن تصنعه أيضا... بمعنى حالة الشعب السوداني مردها عدم تكون رأي عام يقضي بضرورة التغيير ... أو أن التغيير لن يأتي بجديد.... فبدلا من رمي الشعب بالصفات الدونية على المعارضة بدء برامج توعوية على نطاق شعبي واسع.. |
بالضبط كدة! وده يقتضي أن المعارضة أو أي فصيل وطني مثلاً لا ينبغي أن يكون وصيّاً على الشعب بأي حالٍ من الأحوال! لكن من ناحية أخرى: لما يقوم الفصيل الوطني ده باستلهام تاريخ الأمة والشعب واستقصاء الرأي العام، قد يمتلك المقدرة على التعبير المبدع عن روح الشعب، فالعلاقة جدلية بين الشعب وأي حزب وطني! الشعب هو الذي ينبغي أن يعبّر عن إرادته! وذلك من خلال ثورة شعبية، إذا لم يكن النظام ديمقراطياً، أو من خلال الاستفتاء والانتخاب، إذا كان النظام ديمقراطي! ومن هنا يُدان أسلوب الإنقلاب العسكري، ومن هنا يتبعه في الإدانة أسلوب النضال المسلح، ما لم تتوجه إرادة الشعب عموماً لقتال ذلك العدوّ، وهو ما يحصل فقط في حال الاعتداء الخارجي! في وضعنا الراهن: أرى الشعب وعيه متقدم على وعي جميع تياراته الحزبية سواء كان في الحكومة أ و في المعارضة! فإذا برز تيار واحد متميز، وفلت من (أنشوطة النخبة الفاشلة)، فإن أول ما يقوم به هو أن يقترب من جماهير الشعب، ويتعرف على نبضها ومعاناتها، وعندئذٍ يتسنّى له القيام بما يجب نحوها من الدعم الاقتصادي والعلاجي، وكذلك كما تفضلت من برامج التوعية الشاملة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: م ن ط ق (البداهة) : انتصاراً للمعرفة العامّيّة والرأي العام! (Re: صلاح عباس فقير)
|
شكراً لك يا مصعب، لكن (منطق البداهة) فكرته عندي ليست مقتصرة على هذا الجانب، جوهر الفكرة: عدم الاستهانة بالمعرفة العامّية. الفكرة العامية تخطئ فقط عندما تتجاوز حدود البداهة!
هناك جانب تطبيقي مرتبط بالفكرة ربما يكشف بعض غموضها!
هذه المداخلات التي أكتبها بالبنط العادي، هي خواطر وردود، وسأواصل عرض الفكرة بنوع من التركيز من حيث توقفت عند نص الدكتور الجابري، الذي يزيل فيه الفواصل بين المعرفة العامية والمعرفة العلمية، ويعتبرهما شيئاً واحداً!
فأدعو الأخوة المتداخلين إلى التأمل في الثمرات الواقعية لهذه الفكرة الجابرية!
| |
|
|
|
|
|
|
مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
أعود لمتابعة عرض (منطق البداهة): وهو كما أسلفت المنطق الذي يستخدمه الإنسان العامّي، وعلى أساسه تنبني المعرفة العامّية، وكذلك العلمية، وقد رأينا الجابري يجعل منهما حقيقة واحدةً، وهذا معناه أنه يرفع المعرفة العامية إلى مستوى المعرفة العلمية! في ذات اللحظة التي ينزع من العلمية علوّها وسموّها وقداستها عند البعض! دعوني أتوقف هنا عن مواصلة عملية التجريد والسرد النظري، لأخذ مثال تطبيقي أظنه معبّر جداً:
وهي مسألة من المسائل اختلف فيها أناس فارقوا منطق البداهة؛ فوقعوا في الخلل والزّلل: (مسألة القلب ووظيفته المعرفية أو العاطفية!) اختلف في هذه المسألة فريقان: *فالعلمانيّون قال أطباؤهم: لقد قمنا بتشريح القلب، ولم نجد ذلك الذي تسمونه روحاً وعاطفةً وحبّاً، بل تبين لنا أن مركز العاطفة يوجد في الدماغ، لا في العقل! *والسلفيّون قال معظم علمائهم ومفسريهم: لقد ذكر لنا القرآن الكريم أن العقل يوجد في القلب، وبالتالي فإن عملية التفكير تتم داخل القلب، وليس في الدماغ كما يقول الأطباء! والموقفان كلاهما يفارقان البداهة، وبالتالي يفارقان العلم والشرع! حنشوف كيف؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: garjah)
|
والله حأحاول رغم إنو خايف طبيعة الموضوع ما تساعدني! لانو أنا عاوز أثبت إنو البداهة دي هي الأساس، وبالتالي أثبت إنو معرفة أعمامنا ديلك في الزاوية بأمور الحياة، وأحوالها، وأمور السياسة ومتقلباتها. معرفة ممكن تكون علمية! الثقافة السائدة إنو الناس الفاهمين هم الناس الدرسوا، هم الأفندية، رغم إنو واقعيّاً التجارب بتاعة الناس بتقول: القلم ما بزيل بلم! يعني أنا عاوز أثبت علمية المعرفة العامية اللي هي قايمة على فكرة البداهة، وعلى مبادئ المنطق الفطرية اللي أي إنسان بعرفها! عشان كدة شاعر بأنو لازم أدخل في الأول بمدخل المعرفة العلمية، اللي تعودنا على أنها تكون بالعربية الفصحى! لكن حأحاول برضو! شكرن جزيلن! ههه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
قريبي النبيل: صلاح تحياتي وللاولاد والاهل بالسودان
الموضوع شيق, ومتابعين خلاصته. وأتسأل؟ هل البداهة مقرونة بالفطرة السليمة للانسان . و مكارم الاخلاق, لمن يتمنطق بالبداهة وما حدود الاشتباه بين البداهة وموهبة الحكمة التي تتخلق عند الانسان. وهل البداهة متساوية عند كل الامم. بمعني ماهو بديهي بالصين هل يجب ان يكون بديهي كذلك بأمريكيا بالضرورة.
لك ودي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: الفاضل يسن عثمان)
|
أخي الفاضل مرحباً! وممنون لرفدك فكرة البوست، آملاً أن لا تنقطع؛ قلت:Quote: هل البداهة مقرونة بالفطرة السليمة للانسان . و مكارم الاخلاق, لمن يتمنطق بالبداهة وما حدود الاشتباه بين البداهة وموهبة الحكمة التي تتخلق عند الانسان. وهل البداهة متساوية عند كل الامم. بمعني ماهو بديهي بالصين هل يجب ان يكون بديهي كذلك بأمريكيا بالضرورة. |
الارتباط بين البداهة والفطرة السليمة ارتباط متين، البداهة هي الجانب الفكري من الفطرة الإنسانية، (فالفطرة معناها شامل) والجانب الفكري من الإنسان (=العقل) هو (القائد الفعليّ) لكل جوانب النشاط الإنساني (الفطري أو الذي انحرف عن الفطرة)! وأساس الفطرة الإنسانية، هو القلب، لذلك يرى عامّة العلماء المسلمين اتباعاً لأبوحامد الغزالي: أن هذا القلب هو الملك المتوّج، على (مملكة الإنسان) وليس العقل! وهو خطأ كبير وخطير! وبالبداهة، نحن نعلم أن القلب زي ما في الحديث: (إذا صلح صلح سائر الجسد، وإذا فسد فسد سائر الجسد)، فهو أعظم شيء في المملكة الإنسانية، وطبعاً هذا من باب التمثيل، وعندئذ فالبداهة نقول: فهل أعظم شيء في الأمة هو الملك أم ثروات الأمة وعقيدتها؟ طبعاً ثروات الأمة المعنوية والمادية هي أعظم من الملك، والملك مهمته الحفاظ عليها! فالملك هو العقل، وإنما القلب هو الذي إذا أصلحه العقل، صلح الإنسان كلّه، وإذا أفسده فسد الإنسان كله! لازم أعمل ستوب، عشان ما أطلع برة الموضوع! وكذلك البداهة مرتبطة بمكارم الأخلاق ارتباط وثيق، سوء الأخلاق هو سبب خروج الفكر على البداهة، بالالتفاف عليها، وفي هذه الحالة يكون العقل مجرد آلة تبريرية تابعة لنوازع النفس ورغباتها وأهوائها! يعني الفكرة كلها (أن الفكر ينبغي أن يتأسس على البداهة) ولا يخرج عليها، وهذه البداهة ليست فكرة غائمة بل هي واضحة المعالم، لأنها تستند إلى قوانين الفكر المعروفة منذ أقدم العصور، والتي يعرفها الفيلسوف والعالم وكذلك الرجل العامي بالفطرة، والفارق كما ذكر الجابري بين هؤلاء جميعاً، هو في مستوى التحليل والقدرة على الإثبات! والآن فقط فهمت سؤالك عن (حدود الاشتباه بين البداهة وموهبة الحكمة التي تتخلق عند الانسان)! نعم، الحكمة تطور طبيعي لمنطق البداهة، الحكمة هي الحالة التي ترى فيها العالم أو الفيلسوف وعيه قريباً من وعي المواطن العادي، أقصد يستطيع أن يتفاهم معه ويفهمه، لأنهما كلاهما ينطلقان من البداهة! البدهي على مستوى الأخلاق والقيم الأخلاقية ثابت بين جميع الأمم! وكذلك على مستوى قوانين الفكر والمنطق! كل الدول والشعوب يترنم أفرادها بالحديث عن قيمهم الأصيلة، وإذا بحثت تجدهم لا يعنون شيئاً سوى الأخلاق الواحدة دي! ثم تُضاف جوانب تتعلّق بطبيعة كل مجتمع، ومسار تطوره الخاص! أما الذين يقولون بأن الأخلاق نسبية وليست ثابتة، فهؤلاء بصراحة قد فارقوا منطق البداهة: تخيل إنك في مجلس مع أعمامنا في الحلة، وقام واحد قال: الأخلاق دي ما حاجة إنسانية ثابتة! بالتأكيد سيجد استنكار شديد، العامي يدرك جيداً ثبات عنصر الأخلاق، بل يدرك أن هذا أمر ثابت لدى جميع الشعوب، لأنه مرتبط بطبيعة الإنسان! وعند التأمل فيما يُسمى بفكر (ما بعد الحداثة) تجدهم يعلنون بصراحة مغادرة البداهة، وأن الأشياء ليست هي الأشياء، ليس برؤية صوفية فيتورية، لكن برؤية مادية فلسفية! المهم أعتذر إليك للإطالة، والتأملات المملة! صراحةً كنت عاوز أعتذر عن الإجابة، وأترك الكلام فيها يأتي بحسب سياق البوست، لأني ما عندي حاجة جاهزة، وبحاول كل مرة أبني شوية في الفكرة.
تحياتي للعيال وأمهم، وللوالدة ضروري وجميع الإخوة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: محمد الكامل عبد الحليم)
|
حياك الله أخي محمد الكامل، فعلاً استمرارية هذا النظام المفارق لكل البداهات، أمر يدعو إلى العجب، وكلامك ذكرني أول أيام الإنقاذ، حين كان شعار المشروع الحضاري ملء السمع والبصر! حظوت بالمقعد الأمامي في الحافلة جوار السائق، فتداعى الكلام بيننا حول مجريات الوضع الراهن، فقام قال لي: إنت المشروع الحضاري البقولوه ده شنو؟ قلت ليه ما معناه: ده يعني إنهم عاوزين يصلوا بالسودان إلى أنو يكون زي أمريكا كدة! فامتلأ بالدهشة والعجب، والاستنكار الصامت، ففي ذلك الوقت كانت قد تحققت نبوءة ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة -عليهما الرحمة-: وعاوزين نشوف كل الغبش واقفين صفوف وااااصل كفاحك، خليك حريص! يعني ناس ما لاقية تأكل خبز، تقوم تقول لي شنو! طبعاً المفارقة لمنطق البداهة في الموقف (الإنقاذي) واضحة جداً، والدافع إليه أن أصحابه كانوا مدفوعين بقوة عاطفية ممزوجة بعدم إدراك لطبيعة العصر وكذلك لحقيقة الدين، حتى لكأنهم شباب أغرار! وأتذكر يوم أن قرروا حفر تركة كنانة بتلك الطريقة المضحكة: أنو كل مواطن يجي يحفر شوية، بما فيهم السيد الرئيس، يا للفكرة العاطفية الغريبة! وكانوا يحسبون ذلك ضرباً من الإبداع! المواطن العادي غير المؤدلج، وغير المحمول على صهوة العاطفة الجامحة، يدرك جيداً الفارق بين العمل الشعبي الطوعي، والعمل الحكومي الرسمي! ويدرك معنى أن يستفيد الإنسان من الإمكانات الآلية والصناعية! الإبداع لا يفارق البداهة، بل يداعبها ويغازلها ويدور حول محورها! شكراً محمد الكامل!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
والاعتماد في إثبات أن القلب هو محل الحب والعواطف عموماً، الإيجابية والسلبية، لم يكن على أساس تلك النماذج المنتقاة من القصائد العاطفية، وإنما كان في المقام الأول على أساس الإدراك البدهي للإنسان العادي، الذي يجزم بلا ريب إنو هذا القلب الذي في الصدر، هو محل الغضب والحقد وكذلك محل الحب والنشوة! الإنسان المتخصص أو المتعلم لا يستطيع أن ينقض هذه المعرفة، لأنها لا تستند إلى المنهج التجريبي، كما لا تخالفه! بل الإنسان المتخصص إذا لم يكن من الذين كفروا ببداهات العقول، فسوف يُثبت هذا الواقع! ولا شيء يمنعه من ذلك إلا خرافة علمية، أعني: اعتقاد يُنسب إلى العلم، والعلم منه بريء، اعتقاد بأن القلب خالٍ من العواطف! وهو اعتقاد مخالف للتجربة البشرية كلها!
وقولي بأن هذه وجهة نظر الإنسان العادي، أعني سواء كان متعلماً أو غير متعلم، المهم ما يكون مؤدلج، يعني ما يكون بنظر إلى الأمور من خلال منظار رؤية فلسفية معيّنة!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
عدنا!
بل الإنسان المتخصص إذا لم يكن من الذين كفروا ببداهات العقول، سوف يُثبت هذا الواقع! ولا شيء يمنعه من ذلك إلا خرافة علمية، أعني: اعتقاد يُنسب إلى العلم، والعلم منه بريء، اعتقاد بأن القلب خالٍ من العواطف! وهو اعتقاد بالطبع مخالف للتجربة البشرية!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
طيب، فيما سبق تناولنا مثال تطبيقي، للحالة التي يفارق فيها بعضُ المؤمنين بمنطق العلم التجريبي، منطقَ البداهة! والآن نتناول مثال تطبيقي آخر، ويتعلّق بحالاتٍ نجد فيها كثيراً من المؤمنين بالنصوص الشرعية (الإسلامية)، يفارقون منطق البداهة! كالآتي:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
كثير من العلماء والمفسرين، بناءً على بعض النصوص القرآنية، قالوا واعتقدوا بأن العقل الإنساني هو القلب نفسه، وبالتالي فإن المفكر في الإنسان هو القلب! أما ما يُقال بأن العقل المفكر كائنٌ في الدماغ ، فهو في نظرهم زعمٌ لا دليل عليه، وإنما تقوله الأطباء!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
وقولهم هذا يُفارق البداهة لأسباب عديدة: أولاً: من المعلوم بداهةً أن العقل هو مناط التكليف الإنسانيّ، وبالتالي فليس منطقيّاً أن يكون الإنسان جاهلاً بعقله أو بمكان وجود عقله، بحيث يحتاج إلى آيةٍ تقول له: إنّ عقلك المفكر أيها الإنسان يوجد في القلب!
ثانياً: الإنسان العادي غير المؤدلج، يعلم جيّداً أن العقل المفكر، مكانه في الدماغ، أو هو كامنٌ في الدماغ، ولو جاءه واحدٌ من هؤلاء، وقال له: إنّ العقل يوجد في القلب، لاستنكر الإنسان البسيط هذا الظنّ، ولرفع سبابته إلى دماغه قائلاً: يا زول إنتَ ربنا ما أداك طايوق!؟
ثالثاً: هذا المذهب الذي ذهب إليه معظم العلماء الأجلاء والمفسرين، ليس محلّ إجماعٍ؛ فلو كان محلّ إجماعٍ لما فارق منطق البداهة، بل ذهب إمام السنة أحمد بن حنبل، في إحدى الروايتين إلى القول بأنّ العقل في الدماغ، كما ذهب أحمد بن عبد السلام ابن تيمية إلى ذلك، مع التفصيل الذي لا يسعه المقام، وكان كلامه ردّاً على سؤالٍ: عن مسكن العقل في الإنسان، في مجموع الفتاوى!
رابعاً: من المقرر في لسان العرب، أن العقل له دلالات متعدّدة، لما ننظر إليها مقروءة مع النصوص الشرعية، فسوف نجد أنّ للعقل مستويات: فهناك عقل على مستوى الدماغ، هو العقل المفكر الذي هو مناط التكليف! وهناك عقل على مستوى القلب، ويكون الإنسان عاقلاً على هذا المستوى، عندما يضبط أهواءه وشهواته على مقتضى العقل والشرع!
إذن، يا جماعة البداهة دي جوهرة ثمينة، من يحافظ عليها فإنها تصون وعيه وفكره، وتمنعه من الوقوع في الشبهات (ذات الطابع الفكري)! وبالتالي فإنّ عالماً متبحراً في علوم الشرع، لو غيّب بداهته لكان حقيقاً بالميل والوقوع في الزلل! بينما مواطن بسيط لم يتأدلج فكره ووعيه، وظل محتفظاً ببداهته، بإمكانه إدراك المعاني الشرعيّة، المتعلّقة بتلك الأمور الواقعية التي تكون في متناول كلّ الناس! أما إذا كانت القضية قطعية ثبوتاً ودلالةً، وبالتالي العلماء مجمعون عليها، ففي هذه الحالة أحكم وأجزم بأن البداهة والحكم الشرعي لم ولن يتعارضا، وحتكون المشكلة: سوء فهم لأحدهما، للنص الشرعي! أو لحكم البداهة العقلية!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
إذن، عقل الفكر وضبطه وتقييده، يكون في الدماغ، أما عقل الإرادة الضابط للعاطفة وجموح الهوى فمحله في القلب! إذن، قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) } [الحج: 46] لا يعني أن العقل يوجد في القلب! أصلاً كلمة (عقل) لم ترد في القرآن الكريم بصيغة الاسم، لكن بصيغة الفعل (يعقلون تعقلون ...)! والمعنى الذي ينعى به القرآن على الكفار، ليس هو أنهم لا يفكرون! بل: هو أنهم لا يتّبعون مقتضى الفكر!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: صلاح عباس فقير)
|
الحبيب عباس،سلامي ايها المحترم،تعرف اتابع هذا الخيط،لاستفيد،ثم عن لي ان ادخل لاحييك،واشم عطرا طيبا، ولكن الشجي يبعث الشجي ، فاسمح لي اروح قليلا،تعرف يا عباس منطق الاشياء يقول ان الاشياء لازدهار،في ذاكرتي تفاصيل حياة اهلنا ومجتمعاتنا،في الخير والشر وكل دورة الحياة،تلمس انهم يعيشون الحياة بلا انقسام،بصدق وصبر وصفاء،رغم شح الموارد ديدنهم الكرم،رغم ضيق ذات اليد جبلتهم الامانة،ممتليين بالشجاعة،والمروؤة،والعمق،ولطافة الحكي،اعطتهم الحياة رغم شحها المادي سرها فعاشوها،اغنياء رغم كل الفقر، لم اسمع بمن اؤتمن وخان،رغم الحاجه،لهم دربة بالحياة تهزم كل فلسفة،ومعارف عملية تحير البحوث. وجاءت اجيال المعارف،الكتب والمتون،الدرس والبحوث،امسكوا دفة الاشياء، فدخلنا بحر الظلمات العجيب. لم تمنع الجامعات ولا شهادتها،كتب الصحاح ومجلداتها،الاجيال اللاحقة من ان تحدث كل هذا الخراب بالحياة،وكل هذا التشويه بالصحيح،لقد هزموا كل جمال للحياة،واكلوا صالح وناقته وملاوا الافق سخائم وكره سؤالي لماذا انتصر البسطاء في بلادي للفضيلة والحياة،وساقنا المتفلسفين الي دروب العبث والخراب. لماذا فقدت الحياة في بلادي البداهة،والقيمة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: مفارقة م ن ط ق (البداهة) : (Re: عبدالعزيز عثمان)
|
عليك السلام، أخي عبد العزيز، وشكراً لتجاوبك مع قضية البوست! وحقاً:
Quote: لماذا فقدت الحياة في بلادي البداهة،والقيمة! |
هو سؤال يجسد واحدة من الإشكالات التي يثيرها البوست! وأصابع الاتهام تشير إلى النخبة المدمنة للفشل! وأشكرك إذ عطفت (القيمة) على (البداهة) فأضفت عليها معنىً تستحقه! وسؤالك:
Quote: لماذا انتصر البسطاء في بلادي للفضيلة والحياة،وساقنا المتفلسفين الي دروب العبث والخراب. |
يلخص المأساة الإنسانية الكبرى التي تثوي في عمق التفاصيل! وهي مأساة ذات وجوده متعددة، تتجسّد في رؤيتك شيخاً كبيراً يشقّ طريقه، منكسراً من حمل السنين، ومن التواطؤ التاريخي الذي تمّ، باعتباره جاهلاً أمّيّاً ليس له من الرأي شيءٌ، وإنما الفكر والرأي هو للشباب المتعلّمين! احترام آبائنا الكبار، وخاصّةً من لم يُتح لهم نصيب من التعليم، ليس من دواعيه فقط إرضاء الجانب الخُلُقي، والوفاء بالجميل، ولكن كذلك تأكيد البعد الإنساني والموضوعي المتمثل في أنّ هؤلاء مثلك يمتلكون قاعدة المعرفة، أي منطق البداهة! وربما أنهم بما تعلموه عبر تجاربهم وتفاعلهم مع العالم الذي يعيشون فيه، ربما يفوقون المتعلمين وعياً وإدراكاً! نحن بالطبع لا نبكي ولا نتباكى؛ لكن نواجه مشكلة ذات وجوه متعددة: معرفية وتربوية واجتماعية وحضارية! لكنها تبقى مشكلة أخلاقية في المقام الأول! مشكلة تغييب البداهة وقمعها ورجمها!
في البداهة تكمن القيمة الحقيقية! التي يتم تجاوزها من أجل الترويج لقيم (بلاستيكية)!
| |
|
|
|
|
|
|
|