عظام الموتى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 08:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-08-2013, 10:37 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عظام الموتى

    وأنت جالس علي ناصية الشارع تتفنن في تجهيز (سفتك) من كيس الصعوط علي أقل من مهلك وتعيد تكويرها للمرة المائة بعد الألف في أصيل ذلك اليوم ولحيتك التي لم تصافح الموسى منذ ما يزيد عن العشرة أيام ورائحة جسدك التي تدركها جيداً عندما تمارس الجنس ثم لا تستحم فلا تجدي معها كل مزيلات العرق ولا قارورات العطر الرخيصة المصنعة محلياً في محلات تركيب العطور المنتشرة بطول مدينتك الصغيرة لم تكن تدرك بما سيحدث صبيحة الغد

    ومن أين لك أن تعلم طالما أنك لست بنبي ولا ترمي الودع ولم يختطفك حتى طبق طائر ذات مرة والأهم من ذلك كله أن رتم الحركة في مدينتكم لم يكن يحتاج إلي تنبؤ من أصله لذا لم يظهر عندكم نوستريداموس أو راسبوتين آخر .. فمنذ وعيت علي الدنيا ومدينتكم هي نفسها .. وأنت الآن في خريفك الواحد والعشرون .. نفس الطريق المحدد بإطارات السيارات المتآكلة التي خرجت أمعاؤها والتي طالما صنعت منها (طقطاقك) الذي تذيل به سوطك البلاستيك فيوقظ محبي القيلولة بفرقعته المزعجة فيلعنوك ويسبونك حتى جدك العاشر .. الإطارات نفسها مازالت تهب (الطقطاقات) من معينها الذي لا يينضب لم يتغير سوى دورك من ملعون إلي لاعن

    الماسورة التي تحد آخر الطريق المكسورة منذ ما يزيد عن العشرة أعوام لا زالت كما هي ما أن يلتئم جرحها حتى تعود للنزف بصورة أكبر فيأتي عمال هيئة المياه علي أقل من مهلهم فالعجلة من الشيطان ,, يصلحونها أو لايصلحونها أو قد لا يأتون من أصله فيلتهب جرحها وتشرب أنت وبقية أهل المدينة الحصى والفطريات والطحالب الخضراء وأحياناً بول الكلاب وبول السكارى أيضاً فتحمدون الله علي نعمائه وتسبون هيئة المياه ثم تتبولونها فيتسرب بولكم من قنوات الصرف الصحي المصابة بالتهاب المفاصل إلي ذات الماسورة أو أختها فتشربون بولكم حامدين شاكرين

    الجزار الذي تقبع جزارته عند ناصية الطريق والذي منذ بدء الخليقة يغش في الوزن ويذبح المسنات وأحياناً المتردية و المنخنقة لا تنجو من حد سكينه بل وفي موسم غلاء الماشية قد يذبح حماراً فتأكلونه بذات الحمد القديم وأنتم تدفعون له عن يد صاغرين ثم عندما تولونه دبركم تتلذذون بنهشه بدلاً عن بهيمته وتستلذون بالحديث عن بناته الثلاثة اللاتي لا يبلغ سعر لحمهن مجتمعات لحمه المعروض في واجهة المحل,,, إشترى منه أبوك وأنت الآن تشتري منه لم يتغير فيه سوي الشيب الذي خط فوديه وزواج بناته الثلاثة وحجته التي مضي عليها عامين إثنين


    حتى المخبز الذي تدرك أن خبزه يتحول إلي مايشبه الأخشاب حال مقابلته للهواء ثم وبعد اكتشاف أن بروميد البوتاسيوم يسبب السرطان مازلتم تلتهمونه بذات الشهية ببروميده ومسحوق صراصيره وتشربون بعده الماء بنكهة الطحالب ثم تتجشأون وتسألون الله العافية وأن يذهب بصاحب المخبز إلي الجحيم


    مديرك المرتشي وسكرتيرته اللعوب وزميلك المداهن كل هؤلا تبتسم لهم صباحاً عند دخولك للمصلحة الحكومية وأنت تسبهم في داخلك ثم تعود وتستغفر الله مقراً بأنه يعلم الغيب ومايخفي ثم تأكل معهم من ذات الإناء الطافح بالفول والزيت الحيواني المخلوط بالسمسم والماء ومن خبز المخبز نفسه وتشرب الماء ذاته وتتجشأ تارة أخرى وتحمد الله وتسأله العافية ثم تسبهم مرة أخرى في داخلك وأنت تشعر بالرضا لأنهم لا يعلمون خائنة الأنفس وما تخفي الصدور

    صباحك كان ككل صباح وأنت تتذمر من نكهة (القنانة) في شاي الحليب ثم تشربه لآخر قطرة وتنطلق إلي عملك سالكاً الطريق ذاته .. قافزاً عبر الماسورة ومحيياً صاحب المخبز والجزار حتى وصولك إلي عملك وتحيتك الصباحية للسكرتيرة (اللعوب ) وزميلك (المداهن) ثم الثرثرة غير المجدية في انتظار مديرك (المرتشي) .

    حينما طرق الصوت الغريب مسامعك اندهشت و أنت تتساءل عن مصدره .. كان شيئاً غريباً قريباً من حمحمة ألف حنجرة ولكنه ليس كذلك .. مصحوباً بأصوات أقرب لاحتفالية كتيبة متحركة من الجيش فسألت زميلك عن تأريخ اليوم بحثاً عن عيد وطني وبالتالي إجازة منسية ولكن عندما هز رأسه نافياً دفعك الفضول للنظر عبر النافذة .

    تجمدت وأنت تنظر للمشهد الماثل أمامك ولم تنتبه إلا بعد الصرخة التي أصدرتها السكرتيرة وهي تقف بجوارك ثم رؤيتها وهي تعدو في جنون نحو الخارج واضعة أنوثتها وجمالها جانباً في تلك اللحظة .

    فلو استبعدت أن مدينتك هذه ليست (سدلك)

    - 1 -
    كما أن عظام (كونت هورا)
    - 2 -
    لم تحن قيامتها بعد وهي مازالت جاثمة في مكانها هناك .. أضف إلي ذلك أن الأشباح لم تكن تظهر في الشوارع هكذا في الصباح وكأنها في نزهة صباحية فلم يبق لك سوى أن تقر بأن الذي يحدث أمامك كان حقيقياً تماماَ


    الجماجم التي غطاها التراب لم تكن هي الشيء الذي أرعبك وحده ولا الأقدام التي تحمل السيقان المقوسة أو الأيدي التي تنقص أصبع أو أصبعين ولكن ما أرعبك حقاً هو أنها كانت تتجه نحوك مباشرة وتنظر إليك في غضب هكذا علمت دون أن تسأل نفسك كيف عرفت ذلك .. شيء في داخلك أنبأك بأنها غاضبة عليك وأنها تقصدك أنت بالذات فتابعتك وأنت تعدو كالمجنون من طريق جانبي وهي تتبع أثرك بإيقاع بطئ متيقنة من أنها ستلحق بك مهما بعدت .

    عندما وصلت للبيت وجدت أباك ثملاً كما اعتدت أن تجده منذ أن وعيت علي الدنيا ولكن الجديد هذه المرة هو أنك لم تكن في مزاج يسمح لك بمعاتبته كما أنه كان يبدو متيقظاً تماماً رغم الرائحة التي كانت تفوح منه .. دهشت عندما احتضنك في قوة واستسلمت لأمك وهي تتلمس جسدك في جزع وكأنها لا تصدق أنك مازلت سليماً معافى ..

    فغرت فاك عندما أخبرك أباك أن موتى المدينة يبحثون عنك ثم استطرد قائلاً أن عبيد المتسول ومعه ثلة لم أعرفها قد أتوا هنا وهم يسألون عنك بالاسم وعندما أخبرتهم أنك غير موجود انصرفوا في هدوء .

    نظر أباك إليك في غيظ وأنت تسأله عن كيفية معرفته لعبيد في وسط تلك الهياكل العظمية ثم أجابك بأن لثغته التي في لسانه لا زالت علي حالها غير أنك لم تستطع أن تجيب عن كيفية وجود اللثغة وقد أكل لسانه الدود فتخلصت من ذراعي أباك وأنت تبحث عن مخبأ ما و تبحث عن إجابة لسؤالك الأخير

    و أنت في جحرك البغيض ترتجف كقط بلله المطر وصلتك أصوات عظامهم وهي تطرق الأرض بإيقاع منتظم كمشية عسكرية تماماً ثم وصلك صوت (عبيد) المتسول الذي تعلمه جيداً وإن كان يبدو وكأنه يأتي من أعماق بئر سحيقة وهو يسأل عنك .

    ارتباك أبوك وعويل أمك كانا أوضح من محاولات سترك الساذجة فطفقوا يبحثون عنك في داخل البيت وأنت تكتم أنفاسك وتزداد انكماشاً مجتهداً في وقف الرعشة التي تجتاح جسدك ولكن هيهات

    امتدت إليك اليد العظمية البغيضة ذات الأربعة أصابع ورفعتك في بساطة
    كأنك جوال فارغ ورفعوك أعلي جماجمهم ثم انصرفوا في هدوء

    جحظت عيناك وأنت تخرج للشارع فأرتال الهياكل أغرقت الشوارع كأنها فيضان نوح بعضها كامل وبعضها ينقصه ذراع وآخر تنقصه ساق كاملة وإن كان الموقف يحتمل الضحك لضحكت من بعضها الذي يتهادى بدون رأس وما أثار عجبك عظام منفصلة تتقافز مثل كتاكيت صغيرة عند أطراف ذلك الجمع العظيم .

    لولا الذعر الذي عماك وأعماك لانتبهت إلي أن المجزرة و المخبز قد دكتا بالأرض ولكن من أين لك أن تنتبه وأنت غارق في الخوف من مصيرك المجهول .. هيئة المياه اختفت من مكانها وأنت منغمس في غابة الجماجم ولكنك انتبهت لكرش مديرك العام وهي تترجرج أعلي الجمع وبجواره سكرتيرته اللعوب ولم يكن الأمر مجهداً وأنت تبحث أعلي الجمع عن صاحب المخبز والحاج الجزار ومدير هيئة المياه .. حسناَ الأمر ليس بهذا السوء فأنت لست وحدك


    -هاااااااا أنا هنا لم تعرفني بالطبع أنا صديقك الذي توفي منذ عامين في مظاهرة طلابية ألم تلاحظ أن عظامي أكثر جدة وأن هيكلي مكتمل لقد اضطررت للتخلص من آخر قطع اللحم الملتصقة بهيكلي لأكون راشداً في عرفهم ويسمح لي بالخروج للمظاهرة يخشون علي من حماقة الأحياء فيقتلونني مرة أخري ألا تجد الأمر مضحكاً وغريباً إلي حد ما وهل بعد الموت إلا الموت ؟؟

    عدم معرفتك لي وخزتني في قلبي (التعبير مجازي ولا يفوت عليك بالطبع)
    تلك هي المرة الثانية التي تخذلني فيها فقد سبق أ ن تخاذلت في المظاهرة التي قتلت فيها متعللاً بأن المظاهرات لا تقضي غرضاً .. عن نفسي كنت أتمني لوأستطيع مساعدتك ولكني لا أستطيع أن أقف وحدي أمام هذا الجمع الغاضب عذراً يا صديق عليك أن تقابل مصيرك وحدك هذه المرة

    انحدر الجمع نحو البحر سريعاً وصوت العظام يضرب الأرض هكذا (رط ..رط ..رط .. رط ) .. مديرك المرتشي يجاهد كي يبعد مخالب سكرتيرته عن وجهه التي لابد أن غضبها قد تغلب علي خوفهاا .. الحاج الجزار غارق في التحايل علي العظام ومحاولة إقناعها بجدوى كسوة اللحم عليها في حالة إطلاق صراحه .. الخباز والمداهن استسلما لقدرهما المجهول وأنت قد أعمتك حالة من التبلد في انتظار ما ستسفر عنه الأحداث

    عندما وصلوا للبحر كان المشهد يبدو غريباً وعدة أشخاص يعتلون كومة من العظام الغاضبة يحيطهم جمع من أهل المدينة توزعت مشاعرهم مابين الفضول والترقب .. رجاءاً لا تسألني عن حال الصيادين وعظم المفاجأة عليهم وهم يمخرون عباب البحر بحثاً عن النجاة .

    انقضى الأمر سريعاً وهم يلقون بكم في البحر ثم يراقبونكم حتى تأكدوا من غرقكم جميعاً ثم انصرفوا في هدوء عائدين إلي مقابرهم المفتوحة .. علي الآن أن أعود إلي قبري يا صديقي فقد أتيت لأرحب بك فقط وكان لابد من توضيح الأمر قليلاً ولكن على الأرجح أنت لم تفهم بعد لماذا ألقوا بك في البحر مع تلك الزمرة الفاسدة .. لا عليك يا صديقي فالموت يطهرنا جميعاً


    تمت
    محمد الطيب يوسف

    8/2009
                  

05-09-2013, 08:27 AM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عظام الموتى (Re: محمد الطيب يوسف)

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                  

05-09-2013, 08:57 AM

أيمن الطيب
<aأيمن الطيب
تاريخ التسجيل: 09-19-2003
مجموع المشاركات: 5845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عظام الموتى (Re: محمد الطيب يوسف)

    سلام يا محمد الطيب,,

    كتابة جميلة ونص محبوك
    وممكن جدا إعادة ترتيبه
    وصياغته مرة أخرى,,

    تأثير روايات غارسيا وبعض
    كتاب امريكا اللاتينية محسوس
    فى كتابتك ,,

    تحياتى.
                  

05-09-2013, 02:12 PM

محمد الطيب يوسف

تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 3088

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عظام الموتى (Re: أيمن الطيب)

    Quote: سلام يا محمد الطيب,,

    كتابة جميلة ونص محبوك
    وممكن جدا إعادة ترتيبه
    وصياغته مرة أخرى,,

    تأثير روايات غارسيا وبعض
    كتاب امريكا اللاتينية محسوس
    فى كتابتك ,,

    تحياتى.


    وعليكم السلام يا أيمن الطيب
    شكـــــــــــــرا إنو الكتابة عجبتك وكده
    أها بالنسبة لإعادة الصياغة يدي علي كتفك .. وريني محل الخلل وين عشان أعيد صياغته
    بالنسبة للتأثر بالكتاب اللاتينيين قد لا أختلف معك كثيرا فالكاتب مزيج لخلاصة مايقرأ وتجاربه الشخصية مع خيال خصب
    تحياتي وإحترامي الأكيدين
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de