أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 08:11 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-29-2013, 10:07 AM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح

    "مجلة إكسير"
    هى من نشرت هذا النص اولاً, لهم التحية, وللكاتبة اسماء الشيخ, كل التقدير والاحترام, على هذا العمل الجميل,


    (مقطع من اليوميّات)
    نَنشرُ هنا مُجتزأً من ذلك البِرِّ الذي تفعلُهُ بنفسِها يومياً، كتابةً تملأُ زهاء الخمسة عشر مجلّداً. لـ"أسماء"، غير هذه اليوميات، العديدُ من المجموعات الشعرية، والروايات، التي لم تُنشر بعد
                  

04-29-2013, 10:10 AM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)

    إنْ كانَ بمقدوري تدوينُ مُلخَّصِ تفاصيلٍ مؤلمةٍ للرّبع الأخير من العام 1999م، وأنا أَتَّحدَّر نحو خلاصٍ في الألفية، فكلُّ عقد شبيهُ حدثٍ قاتلٍ يؤدّي إلى وفاةِ العقدِ في الحنايا. سأكتب اجترارَ عقديةٍ تؤولُ إلى أخرى، هكذا(1959م-69-79-89-99-00) تُنهَى بفقدٍ مَهول، ثم تنجبُ مخاضَ عُسرِ مبتدأٍ عصّي التدوين. ليبدأ عقدُاجترارِ حصادِ فقدٍ بمبتدأِ ألفيةِ سُقمٍ لاندري مداه؛ أنا وبلدي(2001-09، فظلامية آخَر 10-11-12-..) فدعوني أُبْحِرُكم نجيعَ شراييني.
    وُلدتُ في يناير 1953م.عشتُ عمراً يافعاً في حضن الوالد، أنام معه، يُرقِدُنِي في بِرْشِهِ، يلفّني بملاءة حنينه.أَدَّبني منذ الشهور الأولى، ياه لِغَمْرِ التَّذُكر، وصوتُ "إش.. إش" يَبلُوني، أتَحَرْقَص إشارةَ بول، يُربِّت على ظهري، أتبوّل، وأغطُّ وثيرَ ذاك البِرش. أميفطمتني في شهورٍ قلة، فترعرعتُ جائعة تماماً. ثم جاءَ، من غيهبِ الوجد، شقيقي، قاسَمَني دفء الحليب، وطفقتُ أرضعُ عجف الحنان من فم أبي وكلّ شيء. بعمر الثانية علَّمَني قراءةَ القرآن بالملامسة، ومع حركةِ الشّفاه. قرأتُ أولَ قراءةٍ صحيحةٍ في الثالثة.وبالرابعة كتبتُ حروفَ الأبجدية على الرمل.ثم دَفَعَتْ بي والدتي إلى صديقتها المعلِّمة بالمدرسة الأولية للبنات في قرية أُمْ كِرِيْدِم. فارقتُ أبي وإخوتي وأمي نهائياً في نهاية العام 59. انتهى عقد الخمسينيات بفراق أُسْرَتي.
    بدأتْ أعوامُ الستينيّات بالأسفار الكثيرة بين ديار الحَمَر والمِسِيريّة. تكوَّنَتْ مساقطُ هواجسي أُسْرَةً أخرى، وبلاداً أخرى، وأحوالاً متعدِّدة. ظهورُ الأبقار، عناقريب جلودها. هكذا تيبَّسَت وجداني ليالي الوحدة، الداخليات، المياه الآسنة في سُوْدَرِي، وأُمْ بَادِر، والنّهُود، والمُجْلَد. أكملتُ العقدية البوهيميّة بعودتي إلى أُسْرَتي.ومرحلة المنتصف المتمرِّد، وبداية الكتابة، وقصص الحب العذري، والعمل السياسي؛ أصدقاء الثورة الفلسطينية، الاشتراكيون العرب،... 1969م. في استغراقي وغيبوبتي تشعَّبَت أُسْرَتي، وتضخَّم عددُ أفرادها، فيَباسُ الغربة عنهم حارٌّ غريبٌ ومتمرِّدٌ حتى الآن، ليتني أجرؤ على إنزاله سطوراً وكلماتٍ هي ما فتئت تُلَوِّكُنِي مُرَّ الحنظل إلى اللحظة. حطَّوا رحالَهم أخيراً في مدينة الأُبَيِّض، حيثُ التقيتُ بهم وأنا في مرحلة دراستي الثانوية.
    بدأَتْ العقدية السبعينيّة برواية "دموع بلا مُقَل"، كتبتُها مع بدايات المدوّنة؛ ذاك النهج البدائيّ في تدوين كلّ ما ألحَظ ويستحقّ التدوين، إلى أن أُنجزَت في 15 يناير 71. الخرطوم، العمارات، المعهد الفني.فشلتُ في الدخول إلى كلية الهندسة، ووُزِّعتُ بكلية العلوم، جامعة الخرطوم. مكثتُ فيها شهوراً قليلةً،ثم رفضتُ الذهابَ إليها، وقرَّرتُ أن أجرِّب فرصتي الثانية في معهد الكليات التكنولوجية، ومعمار بورتسودان.ثم أخيراً قُبِلتُ بالكلية المِهنية. 70-71 عام الشقاء، والمُطاردات،وشوارع الخرطوم. من الجامعة، المعهد الفني، إلى الكلية المهنية، عشقتُ كلَّ عوالم الرعب والخوف ومآسي البلد والزَّمَالة والحب وانكسارات القلب والحياة. ثم عوالم الطيران، الأجواء، المطارات، فنادق الدنيا، قصصها وسقوفها.تزوَّجتُ في منتصف 79، وولجتُ جحيم الزواج الأول. وانتهى عقد السبعينيات بحادث الطائرة التي كنت أتدرَّب عليها، وأوْدَت بحياة الطيّار الذي كان مدرِّبي. فارقتُ تعلُّم قيادة الطائرات، فُقِدَ الحلم والمستقبل.
    بدأتُ عقديةَ الثمانينات موظَّفةً عند زوجي، وعُدتُ، بعد خلافي معه، إلى الضيافة. هكذا لَعِبَت بي الحياةُ قسوتَها الفظيعة. تكسُّرات الأسرة، وعذاباتي المتواصلة كحريقٍ موجع، وجع البلد، قوانين سبتمبر، الانتفاضة، الإنقاذ، وخلافي الحادّ مع زوجي، وفراق بيتي. كان الفقدُ الجُرحَ الحيَّ النازفَ أبداً. برغم الجحيم الذي عشتُهُ، فقد تعلَّمتُ كيف أدير الحياة القاسية، في جميع تقلُّباتها. كلّ تلكم الحكايا المؤلمة، وهذه العقدية اللئيمة المظلمة.
    بدأ عقد التسعينيّات بالطلاق، وزواج آخر أفظع، استئصالي من الطيران مثل دُمَّلٍ سرطانيّ. مَرِضَ أبي، وبفقده فقدتُ هَدْيَه، ابتسامتَهُ ورفقتَهُ الحبيبة. لعقدين من الزمّان كان الفقدُ عظيماً، ومتواصلاً، وعصيّاً على الوصف. عقدان تَوَسَّدَا همِّي وحزني وقلمي ودفتري. ولكنها كانت سنواتُ العطاء الذهنيّ، كتاباتي، صداقاتي، أجمل الأصدقاء والصّديقات. كم حلمتُ بكتابتها، وآن لي تَدوينُها وعرْضُ القليل منها، لتقرأوني وتشاركوني هذياناتي، أستميحُكُم العُذر...
                  

04-29-2013, 11:25 AM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)

    "يناير 1997م - رمضان 1417هـ "

    1. (المغنِّي.. مصطفى)


    أُصارعُ وَسَنِي. أبدأُ عرضحالَ الحزن ومُوَات الكلمة.كيف لي، وكلمتي تصطرعُ فضاءاتِ حلقيَ الجريح. هذا زمنُ البعوض. أسئلتي حيرَى، ولا صوت يُسكِتُ صراخَ الصّمت الموجع. يومها كانت كلمتي رديئةَ الصنع. ثم مصطفى، كيف جعلتَني أضاجعُ كلَّ هؤلاء الشعراء؟، جعلتَهُم يَسْكُنون خَليَّاتي؟. لا أعرفُهُم إلا من نَفَسِكَ وقسماتِك، عَشِقتُهُم فيك، رأيتُهُم يُشبهونَك، شامخون، يستطقون استنماءاتي. أستمعُ إليك، ومن عُهْرِ أذنيَّ أَلْثُمُ الكلمات، الشِّعرَ، وأمارس فعل الحب. هَزَمَتْنِي مَواجعي، بَوْحِي، وعهر شجني.
    إنَّهم هناك كما الأطفال، يغتسلون عراةً في ضياءِ خيالي، يلعبون بطين أحلامي، ويصنعون صلصالَ عشقي بيوتاً ونوافذَ وفضاءات.
    مصطفى، أُحدِّثك عن أسراري البائسة، أقول: تكاثَفَ الرَّمادُ بحيث لَم يَعُد بوسعِنا أن نتنفَّس. تَمَهَّلْ أيها الصَّاعقُ الهَدْرَاتِ ريثما ينقشعُ الضباب. لا تتركنا كذا قابعين نسمَعُك، ونُعْهَر. لَم تَعُد الدهشةُ تمرح بيننا. كلّ ما هناك هجراتُ اللّيالي الطويلة مع هذا الرَّماد. لكنْ تَمهَّلْ، فما زالت أُحجيتي تترنَّح من سُكرِ يومئذٍ.


    2. سنادة ومَداراتُ التّداعي

    أتذْكُرُني أيّها الصَّدِيق، أيها المقاتل القَلِق؟.مَرَّت أربعٌ وعشرون سنة، ومازالت الذِّكرى المتغضِّنةُ لِدَنِّهِ وحَيِّهِ. شارع النيل، والأريكة الحجريّة المتسطِّحة داخلنا، ونسيمُ اللَّوعة من النيل الأزرق... لَكَم تباعَدْنا.
    ساعتَها، يالزَهْوِي الفطير بالأشياء، أُوّاه يالخجلي!، ماهذا التراكم المتقيِّح. صَدِئتُ يا سنادة، واكتمَلَ الشبق الواقف عند تلك السّاعة. حيثما تعثَّرتُ على لُزُوجة الشبق، بكلمةٍ صغيرةٍ هامسة، تفجَّرَت الأجنّةُ، ولحظةُ شبقٍ رهيبٍ مازال يصطرعُ في ثمالة الحلقوم لَم تكتمل. ولَم تَزَل حيةً ومؤلمةً ولزجة. عاشت وطاويطُها المتسلِّخة في نافوخي كلّ هذي السنين، ولَم أُفلح في نيلها أبداً، لَم يكن لها ذاك الحضورُ المتكاثف، كلّما عَبرَتني أُصبتُ بالقشعريرة النازفة. أحلامُ يقظةٍ وليليّة. أحلمُ بها، وبهاتيك اللّوعة النادرة. لقد تقشَّفَت لوعتي، وصار جِلدُها خشناً سميكاً، وطَفقتُ أركضُ حواريَها المظلمة، ولَم ألْحَق بها أبداً.
    عبرتُ السّنوات، ومازلت.
    ضاجعتُ الشّيطان، وحفرتُ نقشَ الجِنّ مليون مرة. تَكَسَّرَتْ على كبرياءِ الجرحِ أجنةُ النَّزْف، والتصقَت سقطاتُ الهوى على سقوفِ حجراتِ الفنادق والمطارات. كلّها، ولَم أجِد رعشةً صغيرةً لِقِمَّةِ تلك اللذّة تُشْفِي غليلَ ظمأي إلى قمَّةِ الرَّعشة، وبقيَتْ حثالةُ النَّشْوَى الطائرة. لَم أقبض عليها مُطلقاً. تَصوَّر يا صديقي؟، لكَم أشقيتَني. أشقيتَني وأشقيتَني.
    مابالك وكل هذا الاجترار.
    لم يكن محمود أحسنَ حالاً ولا حظّاً. تَطحنُني لُزُوجَتُهُ الماسخة، ويَطحنُني ضباب لندن؛ هذه المدينة الكئيبة. أزدادُ كآبةً كلما مارستُ فيها هذا العهر.
    تملمَلَ المللُ ينظر إليَّ، وهذه الغرفةُ الإبرةُ رغمَاتِّساعها. لَم تُسعِفْني نفسي الضيّقة. جاءني. برغم دعوتي له قَذَفْتُهُ على بهو الملل حينما سَحَب قدميه خارجَ الدفء، كان ثلجاً مذكَّراً. وبدأ هيثرو ضاجّاً بالضوضاء. لقد أَصْبَحَتْ. وعدتُّ أدراجي أحتقبُ الملل.
    لا تُسامِح. اِنْسَ يا بلدي كلَّ هذه الضَّلالات، لكأنّ يناير فقط أحدٌ وثلاثون يوماً كئيباً، مثل كلّ الكآباتِ في تاريخك المنحوس. لقد صارَ جسرُ التّواصُل نحوَ عُلُوِّكَ مفقوداً مفقوداً. فمنذ أنْ بالَت عليكَ كبرياؤك، وتعهَّرَت الكلمةُ في حواريك، صارَ لونُكَ رماداً، وأضحَت نهاراتُكَ كلَيْلِك، وأنا مسجونةٌ في هذا السّفر العظيم.
    أُرَتِّقُ ضَيَاعي منذ سبعِ سنينٍ عِجَاف!. أين أنت أيها الصَّدِيق، أَصْدِقْني النُّبوءة: هل ثمة سِمَانٌ يأكلهنّ عِجَاف، أم هي سمينةٌ واحدةٌ، بحجم طموحي، قادرةٌ على أكل كلّ تلك العِجَاف التي تملأ هذي الأرضَ الحَلُوبَ بالعُقم والتصحُّر والبَلاءات.

    3. زُوبَا

    تذكَّرْتُ يومَها تلك البائسة، وهي تطاردُ الطُّرقاتِ، مُسرعةً بعربتها الصّغيرة، تَلْحَقُهُ قبل صعودِهِ إلى سلّم الطائرة، إذ كيف كان يُطاردُها، واللحظةَ يحملُ لحمَها، وقلبَها، ويقظتَها، وليالي التعبِ المستحيلة، في حقائبه، كَذِباً، ويهربُ دونما إعلانٍ ولا وَداع؟.
    مُسْرِعة.صَافرةُ رَجُلِ الإشارةِ الحمراءِ تُخطِئها بجنون.اقتحمَت الحواجزَ والأشخاصَ والإشاراتِ الحمراء.اختفَت منها السّيارةُ وقَدَماها وأشياؤها كلُّها، واستلْقَت بجنونٍ على جناح الطائرة؛ هي وسيارتُها وكلُّها. إشاراتُ الإنذارِ الحمراء أُضيئَت، وصاَفراتُ العالَم،وعُيونه، وأُنوفه، وأفواهُهُ الواسعةً، تَضِجّ. سَلامة. ومن وراء الزُّجاج اللَّزِج تُطلُّ عينان حقيرتان، لتذوبَ داخلَ مُحرِّكات الطائرة المشتعلة. مثل شمعةٍ مُتدحرجةٍاستقرَّت أمامَه، لتجد صِنْوَ روحها هَرَب مثلّها، باحثاً عن الموتِ الجَاشِع.
    كذا أفضليّة. خيرٌ من بيعِ القَذَى، وتَقيُّؤ الدولار جيوبَ الانتظارِ المقيت، فهي ليست خضراءَ كصحرائه؛ ولا صفراءَ كحُقوله الزائفة. هو الوهم، إنه رَجُلُها هذا الأجعَد المتخَم. برغم حلمِها، واستطالةِ مشاعرِها الأعلى من عماراتِهِ القزمة، وحنانِها الأوفر من كذباتِهِ البنكيّة الرّبوية، هناك كان يقف عندما اقتحمَت، سَجَدَت عند هذا المتخَم، ظلَّ يُقَبِّلها محاولاًإغراقَ دَماميلِ غيبوبتها.


    4. رَاويَة


    التقَيتُ بها.أهلاً راوية.، أوَتكتبينَ أم تُلاحقينَ الصّناعة والمصنوع. ابتسمَت جميلةً وباسمةً، مثل صحوةِ رضيعٍ يبحثُ عن ثدي أمّه. هكذا، مُترعةً، ولَدِنة، وغزيرةً بالعطاء، وَجَدَت طريقَها إلى إحدى المنصّات، وهي لا تدري كم هي قذرةٌ تلك الواجهة. كانت تُصارع قتامةَ الشَّوكِ تحتَها، وتقاتل. وكنتُ مُعجبةً كثيراً بها، وبصَمتٍ خَجولٍ سَمعتُها. يالهولِ ماهي مُقْدِمَةٌ عليه. راوية توشَّحَت، في غفلةٍ، بالقذارة، وأضحَت بوقاً لكلِّ لسعاتِ الشّوك القميء. (ذكِّروني أكتب قصّتها).
                  

04-29-2013, 01:12 PM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)


    " فبراير 1997م "


    5. عَشَرَةْ وَنَسَة
    يا جِرَاحاتِ الصَّحو، صَباحاتي تُوشكُ الانفجار. أول رحلة، منذ 7/11/96. كنتُ فيها أجترعُ كؤوسَ الانتظار المفروض. يالهَوْلي. إلى الشارقة/ أبوظبي رحلة سودانير رقم 236. عَشَرَةْ وَنَسَة مع إخلاص عن زواجي الثاني. استطاعَت أن تَلمَس الوتر؛ النّصل المشحوذ، خاصرة النّصب المشدود ما بين البَين والبَين. أحسستُ بالبرودة في أطرافي. أيّ رجل!. مجرَّدُ رجلٍ ذَكَر،أجتاز به هُوّة التردّي، أو قُولِي: أتجاوزُ به هُوّة التداعي نحو شبقٍ مهاجرٍ ومفقود.
    مُرتعبةً جداً. قد تُفقِدُني هذه المحاولةُ دهشتي، وشبقي المستحيل. وأحاولُ جاهدةً أن تغادرَني الكوابيس، ممارِسةً الصحوَ الـمُقِلّ، ثمالةَ الانتظار، إدمانَ الجُوع الجنسي. لقد صنعتُ لي صنماً وعكفتُ على عبادته. تتوهَّمُني أيامي من سقط الفسوق، كيف أخرُج من مغارتي المظلمة. حتماً مصابةٌ بالجنون، ياه!، كيف تزوَّجتِه؟. هذه بدايةُ ونهايةُ إحدى القصص المنسيّة، والنُّصوص الجُثَث. قد لا أجيدُ كتابةَ أنفاسي، ولكنني أتذوَّقها طَعماً بارداً هذه اللحظة، وتذهبُ الطائرة، مُسكِّناتي ونوباتي، أعودُ أحملُ جمراتٍ وَالِعة.

    6. حجازي
    حديثٌ مبتورٌ مع صديق، مشنوقٌ إلى خاصرة الذّاكرة،ألجأُإليه عندما تلجَأُ هواجسي نحو استكانةٍ قَلِقَة، أبحثُ فيه عن تَرَفي ولِمَامَ شجني عند استطالةِ اللحظة. تذكَّرتُهُ كنسمةٍ تأخذني معها إلى أعشاشِ عبورِ المستحيل، تعربدُ بي همهماتُ صوتهِ المثير عبر الهاتف. أخالُهُ خَجِلاً حين يطلبني حياؤه مغتسلاً في ليلِ الأمنياتِ التي قد يطالُها يوماً. اللحظةُ تنكسرُ إلى عَصِيِّ وَجْدهِ وأساهُ وضياعِهِ. أعرفُ جيّداً أنه يُريدُني، يأخذُني نغماً بين وجدانهِ، يحترمُ تفرُّدي، وأحترم ُوحدانيةَ وَجْدِهِ..غزيرٌ في كلِّ شيء، ياله من ذَكَر، لكنه ليس ذَكَري.
    طلبتُهُ في الهاتف. قلتُ له أحتاجُك الآنَأكثر. قال لي أنا جاهز، حاضِر على الدوام. دائماً استجابتُهُ مثيرةٌ في هذا الزَّمن المتناسل بالقحط. جاء مُشرَعاً فسيحاً يغتالُ حاجتي ويَقْبُرُها بعيداً.قال الآن إنتِ عصفورة حرَّة، إليك الأجواء، اعبُرِي.
    يقول لي أخالُكِ عَصيةً على شُربِ ظمأي. بدَأت كلماتُهُ تتهدَّج، حينما ماتَ النصّ باقتحام الزميلة تهاني بهوَ الحضرة، في السفَريّة العائدة 237. وهُنا، في أزقّةِ الدار، وقفتُ على المطبخ أحاول مَضغ سندوتش. جاء ابني من المدرسة، وكذا شقيقي، كمال ومحجوب لَم يأتيا حتى الأحد، لا أدري مالهذين المؤلمين يتكاسلان بأشيائي.
    تَقطَّعَ الليلُ جزيئاتٍ مَسهَّدةً جداً، يا لؤم هذا المسلسل السوري. هل ولابُدّ من متابعته؟، مالي وهَمّ القلق هذا. (مسلسل سوري واسمه "النّزاع"، يالطيف!).

    7. زَنْقَات طَنْجَرَة الكَوابيس
    دائماً أشعرُ بالحمَّى. أصحو لأبدأ الكتابة، وتشتعل الحمَّى تباعاً في رأسي، والبرودةُ في أطرافي وسلسلتي الفقريّة، وقصص في مؤخّرة بطني، والبول يضغط على مثانتي. ياه!، ما أصعبَ أن أكتبَ شيئاً. لماذا تعذِّبني الكتابة؟.في الحمّام أكتبُ مئاتِ القصص الميتة، تتسلسل، تتناسل، وأعجز عن التوقُّف، وبولي ينقِّط، يقف، يخرج، يسَرْسِب.تتناسلُ القصّة تلو القصّة، وأحملُ جُثَثَها أصلِّي عليها وأدفنها. والبولُ يسَرْسِب، ويُحْجِمُ في نهايتها، قطرةٌ تعتصرني، أَتألَّم لصعوبة انسكابها. أشعرُ بوخز الشبق الجنسيّ، قمة النشوة؛ قطرة بول.
    صوتُ هواءٍ يصطخبُ والنوافذ.ستائرُ الصالةِ سيمفونيةُ ملايين الأرجُل برأسي. أرتعب. كان هادراً واجتاحَني. تستفيقُ الخيالات والكوابيسُ من سُباتِهِ وتنتصبُ مارداً إثرَآخر. والليلُ يَدُبُّ وئيداً كثعبانٍ يَسري، يتلوَّى داخل عظامي النحيلة، وكأنّي أسيرُ نفسَ مئاتِ الأميال وأشهَق. أصحُو من كابوسٍ، وأرتطمُ بجدار الليل، وكَذَا طَنْجَرَة ضغط تَغلي إلى نارٍ مُتّقدَة.

    8. عَرشٌ من ماء
    أبي و وجوده الوفيرُ حولي. مُتربِّعٌ على عرشِ مائيتِهِ الهادئ، دائماً أراهُ كذا؛ لكبحِ جماح غضبي من إخوتي، مائيَّ المزاجِ والفكرة والأسلوب وحتى تناول الحياة الهادئة المطمئنّة. أخذتُ منه مائيَّتضه يوماً، فغلبني طبْعِي المتقلِّبُ على الحَجر. أطفأَني كثيراً رغم غلياناتي المتكرِّرة. أبي، هادئٌ كالماء، صاخبٌ مثله، مضطرمٌ بالأفكار والأُفق الواسع، مُصادمٌ جَسورٌ، ومتدفِّقٌ، في الحقّ والمبدأ، لا يُساوم لا يَكذب ولا يُنافق. كان كما الأمواج المتلاطمة في المثابرة واختراق الحياة المستحيلة. دائماً اختياراته صلبة، أماكن الحياة، كسب العيش. وأحبَّ الصيد.
    يخرج للصيد ليلا ليصطاد أسداً، أذكُرُ ذلك الليل، وأنا ابنة الخامسة، ذاك الحدث في أُمْ كِرِيْدِم، العام 59 الصاخب. (سأكتبُهُ بنهاية العقدية.. ذكروني). كان كالماء طَرِباً وحنوناً، سائغَ الشُّرب، تستطيعُ أن تشربَه بكلمات، وأن تتقيأه بكلمات. علَّمني الحياةَ ببساطةٍ شديدة، وكان سهلَ الانقياد لأمِّي، وهذه أَخَذْتُها منه، صرتُ سهلةَ الانقيادِ في أمورٍ كثيرةٍ تتعلَّق بالأُسْرَة والإخوة. لخبطتُ حياتَنا نحن الاثنين. (لِتَّوي فتحتُ القُمقُمَ لأراني بعدَ رحيل أبي). وكان هذا هو الطَّعمُ المرُّ الذي سارَت به حياتي وحياتُه. حيةً حرارةُإيقاعِ الحياةِ التي عشناها معاً.

    9. عُرْي
    تَعرَّيتُ ليلتَها في غرفتي أجسُّ جسدي، لعبتُ به، وهَبَّ بي، تدثَّرتُ بعُرْيِي، ولَم يُغَطِّني شجني المتكاثف، وقفتُ أمامه، بدأ يُعرِّيني بعينيه الثاقبتين، يالهولِ هذا العُرْي، أبحرتُ عكسَ تيَّارِهِ أرْدَاني قتيلةً، لكنني نجوتُ من هذا الشبق الرّهيب. كيف أكونُ سحاقيةَ جسدي بي. أواه!، لا يمكن!. هكذا، كلما تبدأين بالكتابة يَهجِمُ عليكِ الجنسيّ، وتتلوَّى أعطافُك، وتتشنَّج الأطراف، وقصص، وذروة أُحاديّة، كيف هذا لافكاك.هذا قدر محتوم. أنا أُنثى وطواط مُتجلِّدة على جِرَار شبق مستحيل. تعبُت ياللهول. تجسَّدَ بعينيه الرّهيبتين، هذا الشيطان، وبكاملِ أَستاري، وملابسي، وتجهُّمي، وَجَدتُني واقفةً أمارس على نفسي، مستلقيةً أفقياً رأسياً، مُتقلّبةً منفرجةَ الفخذين، متّسعةً، مستوعبةً، محتلّة. ما معقول هذا الجنون

    (عدل بواسطة محمد عوض احمد on 04-29-2013, 04:40 PM)

                  

04-29-2013, 08:05 PM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)

    "مارس 1997م "

    10. كاهنةٌ في مصيدةِ اللذّة
    في الظّلمة؛ نوعاً ما. أقفُ وحيدةً بجزيرةٍ غير مكتشَفة. وحيدة، كما كنتُ دوماً، ومُشوَّشة. سطرٌ مُبهَم.شبكة كلمات متقاطعة، أعدُّها، أحلُّها، أتقاطعُ معها. لا أصدِّق أنَّ أحداً هو نفسُهُ. الأوعيةُ تَصنَعُنا. الصُّدَف. المَهَمَّات الصغيرة. لحظاتُ المزاجِ الغامضة. الكواكبُ السرّية. المواخيرُ أدمغتُنَا، أنفاسُنَا المتقطِّعة.
    خَرجتُ من قلبِ العناصر. شَقَقتُ سنديانةً خرجتُ منها. مَزَّقتُ نجمةً وخرجتُ من صُلبها. فجَّرتُ صخرةً ونَبَتُّ في قحطِها.

    تَربَّعتُ فوق رمادِهِ زنبقةً نقيةً بطَعْمِ الفجر.
    أقفُ عاريةً من خيباتِ الماضي وفواتيرِ المستقبل
    وأحبُّك، أحبك أبداً
    أَبكي زمنِي مَوتي
    كما الآنَ مسترخيةٌ ومنتعشةٌ كأعشابِ البحر
    خُذْني إلى مُدنك الغرقى
    خُذْني إلى عادتي السّرّية
    خُذْني إلى دهليزِ النّار
    واغْلِني كعُشبة الكَرْكَدِي الأحمر
    يا ضَيفي الغائبَ في الخلايا، اعتصر شجَري الرَّماديّ
    اَرْوِ ظمأَ الصّبا عروقي
    وأرسِلْني إلى مرفأِ القمر.
    كلّ نارٍ كلّ صيفٍ وأنتَ شتاءٌ زائل
    لَملِم اشياءك ودعني أنام.

    (رسالة إلى صديقي القَمَريّ؛ باقة عيد ميلاده، صيفي شتائي. أول مارس 97).
    هذي الأيام كَثُرَت كوابيسي. مُجاهَدةُ النومِ أصابَتني بالهُزَال. كلّ كتاباتي كانت هِذْيَاناً.

    11. غيبُ الدّخول ومنتدى الصّفوة. بيت الأملاك


    هَذي الجمعةُ ليست ككلِّ جمعة. أجِدُني أتحلَّلُ من هذياناتي، وأستقرُّ على جرحٍ غائر. 7/3/97، في السادسة صباحاً ولم أزَل أغوصُ في بَلَلِ التطهُّر.نهار أربعاء حارّ جداً، 12/3/97. والتكييف عبثاً يحاولُ أن يلطِّف غفوةَ الدّماغ المائعة. ماذا تَم بالأمس في هذا المنتدى البائس؟. قرأت "غيب الدّخول"، خرَجتُ عليلةً ومُعتلَّة، ولم تعجبهم. ربما مُجاملات، ويبدو أنّه إلى زوال.
    صَديقتي يَم، هل أستطيعُ أن أدفنَ هذا السّرَّ فيك؟، أنتِ بئرِي وسحقي وغاري. يمّ، بماذا أندَهُك؟، يَمِّي؟، لماذا سَمُّوكِ يم؟. هل كان أبَوَاك يَعلَمان أنَّكِ ستلتقين بي، وتكونين يَمَّ أسراري الدّفينة؟. دعيني أحكي لكِ هذي المَلهاة:
    إحدى أمسيات نوفمبر 96، التقيتُ به، والشتاءُ مُقيمٌ منذ البداية، وهذا اللقاءُ الغريب. واقفٌ خلفي، اخترقتني عيناهُ أمامي، وعبرَهُ شَقَّني.فَتَح أبوابَ الجحيم. واقفةٌ كالنّصلِ، ممشوقةٌ أمام الرِّيح، لا هوادةَ أصارعُ الحياة. أحببتُهُ، كيف!، لا أدري. كان كمَا الجان هُلاميّاً، كما إبليس غَوِيّاً، تَشَتَّتُّ في غيبوبةِ الزمنِ الممتدِّ بين شاربه الكثيف وفَمِي. كلُّ تلك البطولات مع مسيرة الحياة، صرتُ نصلاً مَكسوراً في دَحرجةِ الأيام، لا مَعنى لي، ولا عنوان لمشاعري. مَضَت الآن خمسة شهور ولَم أَعثُر عليّ. أنقِذِيني منِّي، أخرِجيني من هذا الكهف. يُؤسفُني أن أكتبَ الآن قصتي بعد موتي، وَددتُ لو كتبتُها في أوْجِي، ودَسستُها عندَك؛عندَ يَم.


    12. يُواصِل مُنتداي فجيعتي به

    هذا الليل 12/3/97، والقبرُ فجأةً اتَّسَع.خرجتُ لأكتب إليك في الضَّوء، وأعترفُ أنّني واهمةٌ أنَّهُ سيُخرِجني من كوابيس الشبق اللّيلي، ولكنه صارَ ذَكَراً لا يجيدُ حتى وُلوجي كما يجب.كيفَ أُناغِيهِ هذا الغَرِير.عُمرٌ بيننا، وتجربةُ ليلِ الجنسِ عِندي تُشِيبُ الوَليد.
    أتراني فتحتُ جرّةَ الماردِ بنفسي، أخرجتُها من عميقِ بحرِ الظّلماتِ، وكسرتُ خاتم سليمان بيَدِي، وأدخلتُهُ جنانَ فخذَيّ ينهلُ ماءَ اللذّة الغزير؟. أواه!، كانَ غريراً يا يَم. ثلاثٌ وأربعون، بين ثمانٍ وعشرين وجيعاً بيننا، لم يُفلِح في تَرقِّي عَتَباتِ لذَّة الأربعين، وانكسَرَ الدَّرَج عنه منذ ليل العشرين. ياإلهي!، ماذا فعلتُ به؟، ماذا فعلتُ بهذا البائس؟. جشع القتل هذا؟. تَصوَّري، جاء يحملُ سِهامَ التحدّي الثمانية والعشرين يُقارعُ أربعيناتي، غَرزَها كلّها.
    كتبتُ: تقيّأ القذَى يغني، وصارَ النومُ عملاقَ القلَق.
    لَم أكتُب بعدَ انقطاع الكتابة. كانت مَي جارتنا، في زيارتي، لديها خطاباتٌ تريدني أن أرسلَها لها من لندن، وكنتُ على أهبة السفر. نجوتُ من مأزق الكتابة، ومن غضبي.
    جمعة، وسفر، وقصيدة عمودية،أو كما يقولون "مُقَفّاة"، اسمُها "وهمٌ قدّيس".


                  

04-29-2013, 08:10 PM

nassar elhaj
<anassar elhaj
تاريخ التسجيل: 05-25-2003
مجموع المشاركات: 1129

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)


    يا سلاااااااااااااااااااام محمحمد عوض
    قبل قليل كنت أقرأ هذه اليوميات لأسماء عثمان الشيخ للمرة الثانية بمجلة اكسير
    نص مختلف وغزير ورائع وجميل ومدهش حقاً ..

    سرني نشرك له هنا ...
                  

04-29-2013, 09:26 PM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: nassar elhaj)

    Quote: يا سلاااااااااااااااااااام محمد عوض
    قبل قليل كنت أقرأ هذه اليوميات لأسماء عثمان الشيخ للمرة الثانية بمجلة اكسير
    نص مختلف وغزير ورائع وجميل ومدهش حقاً ..
    سرني نشرك له هنا ...


    الاخ العزيز, نصار الحاج
    مرحب بيك, كتير, وسعادتى اكثر, بان التقيك هنا,
    اسماء عثمان الشيخ, بـ يومياتها فى اكسير, جعلتنى اتوقف كثيراً, عندها,
    مثل هذا الابداع لا يجب ان يخفى عن القرّاء,
                  

04-29-2013, 09:52 PM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)

    . مارس النّار؛ كُرَة؛ حكايةُ كُرَةٍ من جَمْر

    كُرَةٌ صغيرةٌ مصقولةٌ من جَمر، مُنقذِفةٌ، وخائفةٌ، على بساطِ النّار. أخذَتْ، في سَيرِها، المنزوعِين من أوتار الوجع؛ والذائبين على شمع التخاذُل.كانوا لا يزالون قضاةَ الزّمان.رأتهم حولَها يمضغون الكلام.مُتوترةً دخلَت قاعة المحكمة. أقنعةٌ على الكَراسِيّ، وعلى المنصّةِ مسخٌ مُتَرَاصٌّ، وخُيَالُ مآتةٍ حاجبُ الباب. خلفَ القضبانِ الحَديديّةِ جمعٌ كثيفٌ من الحمائمِ والعصافيرِ الصّفراءِ والبيضاءِ، تُشَقشِقُ مُنفعلةً ومُتوتِّرة. أمامَها صَفٌّ من الببغاوات على إصرارٍ لاحتلالِ الصّفّ الأماميّ، وينشدون: نحن المجرِمُون نحن المسجُونون نحن التّافهون. على جانبَي الشّباك الحديديّة ثعلبان يسجِّلان. الوطواطُ الكبيرُ حارسُ الكهفِ الكبير ِيقول: كاذبون.. كاذبون.
    دَخَلَت الكُرَةُ الحمراءُ، لم تجد لها كُرسيّاً، وفُوجئَت بأنّها هي الوحيدة المذنِبَة في كلّ هذا الجمع. عليها الدّفاع عن نفسها برغم أن الحُكم قد صَدَر.عندما وقفَتْ مِن دَحرَجَتِها لتُدافِع، كانت في دَحرجةٍ أخرى، يابسةٍ ومتضخِّمة، تُنادي أُمَّها الحلوب: أين اللّبن.تقولُ كنتُ قانعةً شَبِعةً ومُنعَّمة، من أين جاء الوباءُ إذَن؟. متى جَفَّ ضَرعُ أمي. عبثاً تحاولُ نزعَ القناعِ؛ فقَد أغرقوها بالرّبوات والأبوات والصولجانات. قالوا لها: هذا هو صالونك الأنيق، يمكنك الآن أنْ تُدافِعي عن هذي الحمائم والعصافير، عليكِ أن تُلبِسيها السَّوادَ مَرةً واحدة.كانت الكُرةُ تحاول أن تتدرَّج من الرَّماديِّ إلى السواد، ولكن رغبةً في دَعَةِ الصالون الأنيق. ولماذا تُرهقُ أكثر من نارِهَا الخامدة سوى أن تبدأ بالسَّوادِ مباشرةً.
    رفعت الحمامةُ البيضاءُ منقارَهَا عقيراً للدفاع. تَبدَّت أجنحتُها كالحرابِ تقول: مالي أراكُم تُغالطون السّواد؟، هل كل هذا يستحقُّ شعار السلام؟. الثعلبُ الكاتبُ يسجِّل، والوطواط يردِّد: صادقون صادقون. عندما هَبَّت الريّحُ العاصفةُ تَلفَّتَ خيالُ المآتة، ليَجِدَ أنَّ الوطواطَ الحارسَ قد صارَ كلاشنكوف تحت سرير الكُرة الناريّة، فاشتعلت البقاع.
    حمامةٌ صفراء تنوح: آيْ قمريّة.. آيْ سمريّة.. ماني حمامة.. ماني صقريّة. ضحكَت عليها الثعالبُ، ولم يفلحا في تسجيل هذي الأهزوجة. مالَكُم كيف تحكمون؟. حينما انتفَضَ السِّياجُ، وطارت الحمائمُ والعصافيرُ في اتجاهاتِ الضَّوء، مالت الكُرةُ الناريةُ، بعدَ أن أصبحَت رماداً تنثرُهُ على فضاءاتِ المحكمة. والأشباحُ المُسْخُ لم يَعودوا في تلك المنصّة. حَمَلَت قباحتَهم وأقنعتَهم خَذْلَى. مُنكسِراً يُطاردُها تاريخُها الناريُّ الأسمر.



    14. مارس في حديثٍ وكتابٍ آخر. رسائل غاضبة إليهِ


    أضحى الغضبُ مُنكفئاً ليلةَ السبت الحزينة 15/3/97. كان البردُ نازفاً. أحدُأسوأ أيامي، إذ اتَّحَدَ الغضبُ بالعاصفة وسقوط جبال الرَّمادِ على قُوَّتي ومداخل الأنف. كيف أحببتُهُ ولم أمنحه نفسي؟. هذا الغريرُ لَم يَستطِع، بكلِّ هذا الشباب، أن يتحدَّى صلابتي، برغم هشاشتي تلك اللّحظة، ورغم سُكناه كلّ ميكرومات خَليّاتي وشجني، لم يفلح. لقد غرَزَ أوتادَهُ، وخيَّم نهائياً في نافوخي، ومنه، فاتجاهُ الهربِ هو كلُّ قوِّتي في التفكير.
    (...).
    ساعاتٌ، طِوالَ هذا الليل، أمارسُ تعبئةَ القصائدِ وكبحِ جماحها، برغم انهمارها الكثيف، لضم أستطِع أن أَكتُبَها، ويغلبني البول في مقعد الحمّام. أَكتُبُ بعنف، وعندما تلفظُ مثانتي آخرَ قطرةٍ تكونُ القصيدةُ قد تلاشت، وأجدُ أنني، في ذاك المقعد، قد انكفأتُ ساعاتٍ طويلة. يا إلهي!، هل هذا سِرُّ الرُّؤى السّريةِ؟. أمارسُ على نفْسِي تعذيبَها.


    15. ليلةٌ أخرَى مِن هذا المارس

    تَفتَّحَ مكنونُ سِرِّي القديم وتَدفَّق. مكتب ملحمة شجرة السِّدر في ليلة الأحد 16/3/97، واكتملَت في يومين وليلتين. التقيتُ به مرّةً أخرى. أقاتلُ لهفتي بنصالٍ ميتةٍ، وهو فقط بملمحٍ من بقيةِ التفاتة.ياليتَ شَهوتي الجامحة تُؤجِّل، ولو قليلَ لِجَامٍ، حتى أستطيعَ التحدُّث إليه.كان مُبرمَجاً ومُحدَّداً وواضحاً، أستاذ في جامعة النيلين، شابّ ممشوق، ويكفي أن أعانني على استخراج شهادتي وكفى؛ شهادة البكالوريوس عام 77. ياإلهي !؛ مضت عشرون عاماً لكي أستخرجَ شهادتي وفقَ تغييرِ وضع الجامعة واسمها وملامحها كلّها.وهذا الأستاذ في عمر أصغر أشقائي!، يا إلهي يا أسماء!، لكَم تَكَهَّلْتِ ولا تزالين مراهقةً في ديار الصّبوة والعشق!. ماهذا الذي تفعلين بنفسك؟.
                  

04-29-2013, 09:56 PM

عبد العزيز محمد عمر

تاريخ التسجيل: 02-16-2013
مجموع المشاركات: 2713

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)

    جميل جدا يا محمد ...

    واصل بالله ...




    عبد العزيز
                  

04-29-2013, 10:12 PM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: عبد العزيز محمد عمر)

    Quote: جميل جدا يا محمد ...

    واصل بالله ...

    عبد العزيز


    عبد العزيز,
    جيدن جيت ياخ,
    تابع اليوميات الى النهاية,
    دعنا نرى معاً روعة اسمائنا, التى لا تنسى,

                  

04-29-2013, 10:21 PM

محمد عوض احمد
<aمحمد عوض احمد
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أسماء عثمان الشيخ ...... واقفةٌ كالنّصلِ، مَمشوقةٌ أمام الرِّيح (Re: محمد عوض احمد)


    16. يومُاثنين مؤجَّل


    مَوعدٌ مُؤجَّلْ، زمنٌ مُبَرْجَلْ، لهبٌ ومِرْجَلْ...هكذا... لِمَ أغلِي تحتَ سقفِ الجَدْوَلْ، فقد اتَّصلَ بالأحد وقالَ تَأَجَّلْ. انتظِرِي في الصّفّ لحين يَتحدَّد الأجَلْ. هكذا؟.
    يومَها جلستُ تحت حافة غضبي، وكتبت إليه:
    (طالَما تأجَّلْ، أُحدِّقُ فيَّ كأرجُلِ المنجَلْ. وجدتُكَ عارياً، خلعت سراويلك، وقلتُ لك تبوَّلْ، يا صغيري، عليكَ أن تُقاتلَ عُمراً مُطَوَّلْ، حتى تحتضنَ نخلةً متجذِّرةَ السّاقِ كالطّودِ في هامَةِ الجَبَلْ، تَرنُو تحت، لتراكَ في سطحِ الوَلَهِ الأَوَّل).
    وضحكَتْ مني أسجاعي فضحَتْني، وتعسَّرَت كبرياءُ القوافي في حَلِّ مُعضلة القصيدة المقفّاة لأشعاري. ومن يومها توقَّفتُ تماماً عن امتهانِ السّجع وبُحور الشِّعر، وبدأت عصافيري تغرِّدُ فضاءاتِ النّثر الشعريّ الحرّ.



    17. استغراقٌ وغَرَق. وقلمي ذو الشَّال المجدُول


    الغرفةُ الصغيرةُ مُحتلَّة بابن عمّي، وأخَوَايَ في الصالون مع أصدقائهما، وصوتُ التلفاز يَغزُو أُذنَي؛ لا أستطيعُ أن أكتبَ مع كلِّ هذا الحشو، وخاصة صوت فيلم عادل إمام، عالٍ ومُزعِج. أقول:
    "في الأثَر القديم يقولون عليك أنْ تتمهَّلَ قليلاً عندما ترَى الجميعَ مستغرِقين في اللحظة الراهنة. شيئاً فشيئاً تَسلُبُهم اللحظةُ راهنَهَم، لتجعله ماضياً مُتيَّماً بذَنْبِه، أولئك الغارقون. إنَّ المستقبلَ قد مَرَّ مُسرِعاً في قطار التفكير المحمَّل بالدهشةِ المسافرة في غيبِ الأمل والتمنّي".
    وَجدتُ أن قولَ الأثرِ القديمِ نصيحةٌ نادرةٌ لكلِّ الغرقى في الراهن، والذين، للأسف، لم يَرضَعُوا ثقافةَ التمهُّل من أثداء أُمهاتهم، فيظلّ الجميعُ غارقين واهمين، يتمنون في الراهنِ الماضيَ، ويُفلت عنه المستقبلُ الواعد، لا يستطيعون اللّحاقَ به، وهو المسافرُ عبرَ الأزمنة حتى الرّاهن الماضي!.
    قلمي مُتعب جداً. هو أزرق، رقبتهُ حمراء طويلة، ورأسهُ فضّيّ، ينام على وسادةٍ سوداء، يسافرُ بين سطورِ الورقةِ مضيئاً ويقظاً. برغم وسادته السّوداء، ولكنه كان على الدّوام يوسوسُني أفكاراً بيضاءَ متلاحقةً كالبرق، تَجدُهُ ينقرُ الورقةَ بمنقارِهِ المشحون بالعبق. نسيتُ أن أكملَ أوصافه؛ فهو يلتفحُ غطاءً أخضر، وشالاً مجدولاً عليه أصفرَ اللَّون فاقعَه، يحملُ في بطنه مداداً رهيباً هو اسمي وعنواني، غضبي ونزواتي، أسراري وحضوري، جنوني وسكوني، صمتي وثرثرتي، عصبي نخاعي صبواتي عشقي وشبقي وعادتي السرّية.
    مازال سيفُ مارس يغازل أبريل، وقد يمتدّ غنجُهُ الحارُّ إلى مايو.
    أوقاتي مُملّة، والسَّفرُ يحتدمُ في انتظاراتٍ كثيرةٍ عبرالأجواء والمطارات. لَم تَستجمّ نزواتي أبداً، ولن أجِدَ الحضورَ الدافئ. جموحُ خيالاتي مُتعِبٌ مُتعِب.



    18. فَصْلٌ في النَّظَر بالمقلوب


    هل جَرَّبتم النظرَ تحت الأرجل، والجموعُ غفيرةٌ مُتجلِّدةٌ إلى طوابيرِ الكهفِ الكبير؟. ستجدُ أنَّ سطحَ الماءِ صار مستقيماً، من كثرة وقوف الانتظار عليه، وساخناً جداً. دماغُ الشارع يجعلُ الرؤيةَ إلى أسفل في أفضَلِ أوجاعِها. قشعريرةُ الهواءِ كَتُومٌ في هذا البلد. تَقشَّفَ جِلدِي تحت سياطِ الحمَّى يوماً، وأنا أتبجَّحُ على الورق، يَتولَّى قلمي ذو الشَّال الأصفر المجدُول تقشيرَ الكلامِ من مساحةٍ صغيرةٍ على جِلدِ دماغي، ثم تبدأُ هذه المساحةُ في التَّكَرْمُش. هذا حالُ الكتابةِ ما بينَ نَهارِ ولَيلِ السَّفَر وحَرِّ الجَدوى.



    19. تُخْمَة


    كتبتُ في نهاياتِ مارس "تُخْمَة". كنتُ قد قابلتُ سيدةً مُتخمةَ اليدين، وبطنُ أشيائها تُقَطِّرها حولها، عندما قالت لي:اتبَعِيني، كنتُ قد دخلتُ دهليزَ التّخمةِ والظَّلامِ في كلِّ الخلايا: أُواه!، إلى أين؟، والغبارُ يملأُ المكان. لا أدري لماذا دائماً يوم الأربعاء يَزورُنا الغبارُ مُتخَماً وكثيراً جداً.
    تقولُ تلك البدينة الأفريقية،(آه نسيت؛ هي أفريقية بيضاء، تَصوَّروا!)، تقولإنّ اللاجئ قضية سياسية، أو كما تسمِّيها، بإنجليزيتها الفخيمة، وبصوتها الأجَشّ؛ (Political waste)، أو ربما فهمَت أنّه حثالة غير مرغوب فيها. ولذلك لماذا كلّ هذي الأموال تُهدَر في جموعٍ بشريةٍ عالة على هذي الأموال، فهي لن تَكفيهم، ولن يتوقَّف هطولُ اللجوءِ في تزايُدٍ يوميٍّ، ولن تُغيِّر هذه الأموالُ شيئاً من حال البؤس. أكملَت الجملةَ في هذا الظَّلام، وهذا الغبار، بأنّ الموتَ الجماعيّ هو الحلّ الأمثَل لهذه الحثالة البشرية.مالَكم مُستغرِبون؟!، قد أكونُ أفريقيةً سوداءًبيضاوية أو بعجان كدا وأنا بقول كدا. آه يا حَرّ السودان.
    وُجودُ أو سكن أقربائك معك مثله مثل رأي هذه البدينة العجيبة ذات الحلول القاتلة. ابن معنا، ولا أدري ماذا أفعل معه. ابني يَكرَهُهُ لأنه سَرَق منه جميع أشيائه الحبيبة.



    20. ما أَطَلَّ شُعاعُ النُّورِ ومَلأ غُرفتي هَرَبَت شاعِريّتي


    أكتبُ في الظّلام، أحسُّ كلمتي، وحين يشعُّ الضوءُ تهربُ كلماتٌ كثيرةٌ نحيفةٌ من ملاءةِ سريري الذي تشاركني النّوم عليه، تأبَى أن أضغط على مفتاح اللمبة، أو أن أشدّ سلسلة الأباجورة؛ لأنها متجمِّعةٌ كما الثريد على رؤوس الأصابع، وتحت تغضُّنات ذراعي وإبطي ومُنعرجاتِ تلافيفي، فتَنْثَمِلُ الذّراع، وتَنغرِز الأضَافرُ في نهايات الأنامل، ويصرخ قلَمي، تَرتعد الورقة، أسمعُ صياحَ شخوصٍ وهَرْجَلَتَهُم بأنَّ هذه الإضاءةَ الشَّديدةَ تَحِدُّ هَجعتَنا، ولا تَترُكنا نتسامَرُ، ونخلقُ الكلماتِ من صلصالِ أعضائِكِ وعصباتِ الخيال، ونضاجع بعضَنا
    .

    21 -ترنيمةٌ ماتَت

    أكتُب. ماذا أكتُب؟. موعدُ الخميس جاء، وجاء معه مطرٌ صيفيّ. منذ الأمس وأنا أسيرُ في مَمرٍّ طولُهُ مائة ياردة فقط، ولكنه كان كأنّه دَرْب التبّانة، بأمياله الضوئيّة.وفجأة، في ذاك المنحنى المؤدِّي إلى مكتبه،امتدَّت أمامي مساحةُ التأمُّل الفسيحة، لكنّني لَم أرَها، فقد كانت بمساحةِ يدِه الممدودةِ لتصافحني، وفولْتيّة الشبقات.نسيت موعد الاجتماع. اجتماع إيه؟!. لا أدري. هبطَت عليَّ لحظتَها ترنيمةٌ موسيقية، ووددتُ لو جَهرتُ بصوتي عبر كلّ المساحات، أغنِّيها لي...
    هو لا يدري أنه يَنامُ معي، ويستيقظ معي، يدخل معي الحمّام، نَستحمّمعاً، نَحتسِي رَشفاتِ الشّاي بطَعْمٍ واحد، يَلبسُ من خزانتي فساتين نومي، وسادتي، شجني، كلّ شيء.ولا يدري. تَسَمّرتُ مكاني، وهو لا يدري عن كل هذا الوَلَه، وهذه الموسيقى التي تملأني، وأنا أَعنيهِ. لحظةٌ في عُمر الزّمن، كأنها عشرُ ثَوَانٍ. إزيّكْ يا بِتّ الشّيخ، سُومَا كيفِك؟، معليش مُستعجِل شويّة، أصْلِي طالع التوَر فوق، أبْدُوا الاجتماع، وربّما أحصِّلكم. رفعتُ يدي في حين سحب يده، وغابَ سريعاً. لا أدري كَم من الزّمن الضوئيّ وأنا واقفة هناك أغنّي ترنيمتي. أُوّاه يا أسماء!، يالبؤسك!، فقلبي لا يلتزم بمواعيد ولا بأوقاتٍ مُنتظِمة. هَربتُ بسرعةٍ إلى غرفتي، دخلتُها، لأجدُهُ مُستلقياً على سريري يضحك، يقول لي: غَنّيها لي أكثر وأكثر. أَسْكَنَنِي وَجهِي، أَسْكَنَني سِجني. يا هَجري وولعِي.يا مُنَى الوَرد، كيف يَذبلُ رفيقُ وَلَهِي ودمعي؟.يا نَدَى النّردِ كيفَ يَرحلُ أنينُ زخمي وجَمعي؟. كيف!.
    إشعار رحلة الخليج، واستيضاح عدم حضور اجتماع،بكيت كثيراً. أُسافر. أَرْحَل. لم يكن هناك غير هذه السُّحب الجميلة من خلف بيضاويّةِ نافذةِ الطائرة، وحَبلُ الشِّعر ينقطعُ مع السفر، ولا أقدر على الكتابة. أعود. واتصال لرحلةٍ أخرى. آهـ وآهـ!. خرطوم - جدّة، رحلتان متواصلتان. وأكتب:"خبأتُ في باطِنِ الصّخرِ عقيدةً مُفتخرة. أسَمِّيها... مُضجِرة، لا بل أسَمّيها طَنْجَرَة. لكنني توقّفتُ لأراها داخل الحنجرَة، قبّرَة إثر قبّرَة، إلى داخل الصّخرة".
    وأحياناً أجدُ أنَّ جَدِلي خيرُ وسيلةٍ للصّمت، ويتحوَّل الصّمت إلى حالة ازعاج.


    22. جنازة قَلَم

    أُوّاه يا صغيري الحبيب؛ كَسَرَ رقبةَ قلَمي الحبيب، وفَقَدَ شَالَهُ الأصفر، وبدا لي حافيَ الرّأس لا يستطيعُ تَهَنْدُم الكتابة، لكنه بدأ يُقاوم الموتَ من شدّة حبِّهِ لي، حاوَلَ لَعْقَ جراحِهِ، وسَدَّ فقراتِ عنقهِ ليقف على السطورِ بين أصابعي، يئنّ، وأدوسُ على جُرحه، وهو يَعوي وينزف. عَضْعَضْتُهُ بأسناني لأضمِّدَ مجرَى الحبرِ من دَمِهِ، ويقاوم، إلى أن تقلَّصَت عضلاتُ إبهامي، وتوقَّفنا نحن الاثنين عن الأنين، فقد ماتَ قلَمي الحبيب.


    23. النّعجة دُوللي المسكينة


    أبريل، ياللذِّكرَى المزعجة!.هناك حدثٌ غريب: استنساخ النعجة دُوللي.تَراءَى لي؛ كيف يُمكننا أن نكونَ مُستنسَخين نحن أيضاً، لكي نقبَل كلَّ هذا الهوَان.
    خَرَجَ خوفي من وَكْرِهِ. ونشرة الأخبار؟.
    نَحنُ أيضاً يا دُوللي نِعَاج.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de