أحلام من أقبية المنافي - الحلم الثالث

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 04:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-20-2013, 05:28 AM

Dr. Salah Albashier

تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 1781

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أحلام من أقبية المنافي - الحلم الثالث

    أحلام من أقبية المنافي


    الحلم الثالث

    كانت الشمس توشك على الغروب، وقد مالت وهي تجر أذيالاً من الشفق، امتدت خلفها فاكتسبت السماء لوناً هو إلى الإحمرار أقرب. ومحمد ينظر إلى الشفق الأحمر من خلال زجاج سيارته وهو يزف الشمس إلى مغاربها. نظر خلسة إلى ساعة السيارة فأدرك أن لم يتبق سوى ساعتين عن موعده مع صديقته وزميلة الدراسة الشقراء الجميلة على كافتيريا بالشارع الثالث عشر قبالة جامعتهما ساليسبوري. مر بيده على رأسه فحدثته نفسه أن يقصر شعره، فأخذ طريقاً جانبياً إلى متجر الوول مارت حيث اعتاد أن يحلقه. أوقف سيارته ودخل فإذا كل الحلاقين مشغولون برؤوسٍ أخرى، أشارت له إحدى "الحلاقات" بالجلوس فهي على وشك الإنتهاء من الرأس الذي تعتني به. جلس على كرسي قبالتها، وتمدد عليه مسنداً ظهره فتفشى بعض تعبه وارتخت جفونه، وارتحل بروحه وعقله إلى مكانٍ آخر غير الذي كان فيه جسده. دخل دكان العم صالح الحلاق فالتقاه في ترحاب شديد ودموعه تترقرق بين أهداب عينيه. قال العم صالح وهو يحتضنه:
    • كيف حالك يا بُني؟
    ثم أردف وهو يمسح دمعة إنزلقت على خده:
    • إنه أمد طويل منذ آخر مرة زرتني في هذا الدكان ...
    أجابه محمد:
    • إني بخير أيها العم، كيف حالك أنت؟ .. أراك على أتم صحة وعافية ..
    ارتسمت ابتسامة وقورة على شفتي العم صالح وهو يقول:
    • الحمد لله يا بُني .. لقد امتدت بنا الأيام طوالاً، فطوحت بك في غربةٍ بعيدة، وطوحت بنا في لُججٍ عميقة لم نستطع منها فكاكاً .. لكن الحمد لله أن رأيناك مرةً أخرى ..
    جلس محمد على كرسي الحلاقة وألقى ظهره عليه، وأسلم رأسه إلى العم صالح وهو يحس بكلماته الدافئة، قال محدثاً إياه:
    • شكراً لك أيها العجوز ..
    تلَوَّنَ وجه العم صالح وهو يحاول أن يخنق نوبةً من نوبات السُعال ألمت به حتى دمعت عيناه وهو يسمع ذلك اللفظ المحبب إليه من محمد وقد كان يناديه به منذ نعومة أظافره، غير أن صوتاً رخيماً قد ارتفع وهو يردد:
    • "الشاي .. الشاي .. علينا جاي .."
    ودلفت إليهما أمينة "بائعة الشاي". وقف محمد وهو ينفض بعض الشَعْرِ مِنْ طرف مريلته مرحباً وقد راها لأول مرةٍ منذ أكثر من أربع سنوات وهي تشع جمالاً، وقال:
    • أهلاً بك يا أمينة .. كيف حالك؟
    قالت وهي تودع ابتسامة رائعة على شفتيها، وتمد إليه كوباً من الشاي:
    • الحمد لله يا دكتور .. الحمد لله أن رأيناك طيباً ..
    لا زال العم صالح يسعل بشدة، حتى كادت أنفاسه تسكن، ناولته كوباً من الماء البارد، ثم أردفت تقول:
    • أرجو منك يا دكتور أن تعالج العم صالح .. فإن نوبات السُعال هذه لا تكاد تغيب حيناً إلا وتظهر من جديد أشد قسوة مما كانت عليه .. وهو لا يريد الذهاب إلى الطبيب ..
    ضحك العم صالح وقد هدأت هذه النوبات اللعينة بعد أن اجترع شربة ماءٍ، وقال وهو يضحك:
    • جزاك الله خيراً يابنتي ..
    ثم أردف موجهاً حديثه لمحمد:
    • إنّ هذه المرأة الطيبة تظن أنك أصبحت طبيباً .. فهي تفهم دكتور هذه على أنها الطبيب فقط .. فاعذرها يا بُني ..
    ضحك محمد وهو يخاطب أمينة:
    • لا يا أمينة .. لست طبيباً ولكني أختص بالرسم والألوان .. ولدي هدية ثمينة لك فقد رسمتك في لوحة جميلة حين كنت مسافراً .. سأحضرها معي في المرة القادمة إن شاء الله .. وأنت أيضاً أيها العم العزيز لدي لوحة لك رسمتها من الذاكرة .. سأحضرها معي في المرة القادمة أيضاً ..
    ابتسم العم صالح وهو يرى مزيجاً من الفرح والخجل قد اكتساها، وقال موجهاً حديثه لمحمد:
    • ألا تبارك لأمينة؟
    أدهشت المفاجأة محمداً لكنه أجاب بعفوية:
    • ألف مبروك، ولكن لماذا؟
    أجابه العم صالح:
    • لقد خطبها الولد حسن الترزي .. وقد قبلت به .. وزواجهما بات وشيكاً ..
    التفت محمد بآلية باتجاه أمينة وقد فغر فاه، ولفته الدهشة من كل جانب، فرآها وقد أشاحت بوجهها خجلاً ولملمت إليها براد الشاي، فأرسل إليها كلماته مباركاً:
    • ألف مبروك لكما ..
    خرجت أمينة وجلس محمد على كرسي الحلاقة مرة أخرى، وسلم رأسه ثانيةً للعم صالح، سأل العم صالح مستفسراً:
    • أري الجميع على ما يرام، أليس كذلك؟
    أجابه العم صالح وهو يأخذ نفساً عميقاً ثم يزفره زفرة يائسة:
    • إنهم يجهلون ما تخبئه الأيام لهم، وهي في طريقها إلى مستقبل الزمان دونهم، لا يعرفونها إلا حين يضطرون إلى ذلك اضطراراً، وما أقل ما يضطرون إليه، وهم لا يشعرون في الحياة إلا بوطأتها وضنك عيشها، أو حين تدفعهم الحاجة الملحة لقضاء مأربٍ من مآربها، وقد قسمت بينهم الحظوظ قسمةً جرى بها القضاء كما يجري بكثيرٍ من الأشياء، فما ينبغي لأحدهم أن ينكرها أو يعترض عليها إلا بمقدار ما يكون الضيق بالعاصفة حين تزأر، أو بالحر اللافح حين تنقطع عنا الكهرباء، وما أكثر ما تنقطع! فيضطر الناس أن يزموا شفاههم أياماً قد تطول أو تقصر دون أن يدركوا لهذا أو ذاك سبباً، وهم في عيشهم هذا، لا يشقون إلا بما يعرض للناس من الشقاء حين تلم العلة بأحدهم أو يطرق الموت باب آخر.
    نطر محمد إلى العم صالح مستغرباً عجباً والأخير يستن موسه، والموسى تعلو وتهبط على شريط جلدي معلق على حائط الدكان وقد تهجم وجهه، كأن قد ضاقت به الدنيا فجأةَ، سأله قائلاً:
    • إنك أيها العم الوقور تريد أن تقول شيئاً وأنا تائه عنه، فهلا أفصحت؟
    أكمل العم صالح دون أن يلتفت إليه وهو لا يزال يستن موسه:
    • .. إن حياتنا تمضي مطردة في طريقٍ لا أمت فيه ولا عوج يسوقنا من عسرةٍ إلى عسرة نحو هاوية سحيقة ليس لها قرار، ولولا أن القضاء يفاجئنا بين الحين والحين بما لا نستطيع له رداً لوجدتنا كما تركتنا ليس لنا في الدنيا إرباً قريباً أو بعيداً.
    دهش محمد أيما دهشة وصرخ قائلاً:
    • إنك تعجم ولا تفصح أيها العم الوقور!
    لكن العم صالح لم يرد عليه إنما سمع صوت امرأة يقول:
    • سيدي .. جاء دورك ..
    فتح عينيه في كسل، فإذا بالمرأة "الحلاقة" تنتظره لتقصر شعره، التفت برأسه يمنة ويسره وهو لا يصدق، إعتذر لها وقد امتلأ صدره بضيقٍ شديد ثم تركها إلى سيارته ذاهلة.

    وتتواصل الأحلام تباعاً إن شاء الله
                  

03-20-2013, 03:22 PM

Dr. Salah Albashier

تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 1781

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أحلام من أقبية المنافي - الحلم الثالث (Re: Dr. Salah Albashier)

    لمزيد من الاطلاع
                  

03-21-2013, 02:38 AM

Dr. Salah Albashier

تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 1781

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أحلام من أقبية المنافي - الحلم الثالث (Re: Dr. Salah Albashier)

    ***
                  

03-21-2013, 02:20 PM

Dr. Salah Albashier

تاريخ التسجيل: 11-12-2008
مجموع المشاركات: 1781

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أحلام من أقبية المنافي - الحلم الثالث (Re: Dr. Salah Albashier)

    up
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de