د.عمر القراى يسحق الكوز( محمد وقيع الله) مجدداً!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 09-12-2025, 09:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-08-2013, 09:58 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
د.عمر القراى يسحق الكوز( محمد وقيع الله) مجدداً!

    مازال هذا الكوز السمج المدعو د.محمد وقيع الله يحاول النيل من الفكرة الجمهورية ... وخلط الاوراق !
    وكأن الرجل لا يستفيد من تجاربه ...
    فبعد حواره الصحفى السابق مع الاخ صلاح شعيب ... وتعرضه للجمهوريين وتاريخهم بغير علم ...
    وبعد ان تصدى له دكتور القراى والقمه حجراً فى فمه .... فى سلسلة مقالات بعنوان الحوار العجيب !
    ولكن هاهو يعود مرة أخرى لعادته القديمه ... ويحاول ان يوجد له مساحة من خلال محاولة الهجوم على الفكرة الجمهورية ...
    والعمل على اغتيالها ... كما قتلوا الأستاذ ذات صباح !

    هذه المرة يستلمه الدكتور القراى ... بمزاج عالى
    ويقزقز به على أقل من مهله !

    ويبدو اننا موعودين بسلسلة من المقالات الساخنة فى الرد على هذا البائس !



    متابعة

    (عدل بواسطة امير بوب on 02-15-2013, 06:59 PM)

                  

02-08-2013, 10:10 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    هنا الجزء الاول من سلسلة دروس لهذا الكوز المتأسلم .... تم نشره فى الراكوبة



    Quote: ضعُف الطالب .. وعزّ المطلوب !! (1-3)
    02-07-2013 10:30 AM
    د. عمر القراي

    "الإنتباهة" تستعين بوقيع الله لتشويه الفكر الجمهوري
    ضعُف الطالب .. وعزّ المطلوب !!(1-3)
    (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا
    وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) صدق الله العظيم

    تسآءل بعض المتابعين، عن هجوم الاخوان المسلمين على الفكرة الجمهورية، في هذا الوقت، بعد ان صمتوا عنها ردحاً من الزمن، خاصة وان الفكرة لم تعد بعد لنشاطها العام، وإن الاحتفال بذكرى استشهاد الأستاذ محمود محمد طه، لم يتوقف منذ عام 1986م. وكان يبتدره دائماً نفر من كرام المثقفين، ويشارك معهم، أحياناً، بعض الجمهوريين بكتابة مقال أو مقالين في الصحف وبحضور ندوة الذكرى .. وبعد قيام مراكز الاستنارة، أحتفل مركز عبد الكريم ميرغني، ومكتبة البشير الريح، ومركز الخاتم عدلان، وصحيفة أجراس الحرية بالذكرى.. وقدموا عددًا من الندوات العامة، في تلك المناسبة، على مدى سنوات. ثم لما نشأ مركز الاستاذ محمود، تولى هذا النشاط، وقام بتكثيفه، ومع ذلك لم نر صحف الاخوان المسلمين، توظف من يكتب لها ضد الفكرة، كما فعلت " الانتباهة"، الآن، مع د. محمد وقيع الله، أو الرأي العام مع أمية يوسف، الذي كتب خواطر ومذكرات لعبد الجبار المبارك-رحمه الله- وسماها مكاتبات عبد الجبار لمحمود محمد طه، حتى يوهم القراء ان عبد الجبار قدم نقداً مكتوباً، ولم يرد عليه الجمهوريين.. مع ان ذلك لم يحدث، والذي حدث ان عبد الجبارك حضر وناقش الاستاذ محمود، وهزم في ذلك الحوار، ثم كتب بعد ذلك، إنه رأى شيطاناً قرب الاستاذ، ولذلك عجز عن مناظرته !!

    مأزق الاخوان المسلمين:

    والحق ان الاخوان المسلمين في مأزق حقيقي، فقد أنكشف عنهم الغطاء، وبانت سوأة نظامهم، ولم تعد شعارات الإسلام كافية لتغطي عريهم الفكري والاخلاقي.. فاشتهروا بالفساد، ونهب أموال الشعب، ثم انقسموا حول حطام الدنيا، وكادوا لبعضهم، وسجنوا مرشدهم، ولم يتركوا رذيلة إلا ارتكبوها، حتى اتفق الشعب على إزالة نظامهم الذي قسم الوطن، وباع أرضه، وشتت شعبه بين النزوح واللجوء، وقتل ابناءه في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق .. وحين جاءت وثيقة "الفجر الجديد"، فزع النظام، وظن ان حملة السلاح والتنظيمات المسالمة قد اتفقوا ضده، وأنهم سيزحفون إليه في الخرطوم، ما دام لا يأبه لمن يموت في أصقاع السودان البعيدة .. ولقد وجه الإعلام لاتهام معارضيه بالعمالة والخيانة، وجند أئمة المساجد المأجوريين ليكفروا خصومه، ولكنه لم يستطع ان يستغل الشعارات الدينية بفعالية، كما حدث من قبل بعد أن سقط عنه رداء الدين .. ولقد كان بعض الجمهوريين، يشاركون بكتابة مقالات في نقد الاخوان المسلمين، ليس من منطلق مخالفتهم للفكرة الجمهورية، ولكن بسبب ما فعلوا بالشعب السوداني .. ويبدو ان تلك المقالات قد ازعجتهم أكثر من غيرها، ففكروا في النيل من شخص الأستاذ محمود، لأنه يمثل النقيض الذي كلما استحضر الناس قيمه، ظهرت لهم مفارقة الاخوان المسلمين، وبعدهم عما رفعوا من شعارات الدين .. لقد درجوا على رفع شعارات الإسلام ومفارقتها، بينما درج الأستاذ محمود على معيشتها دون ضوضاء .. وزعموا أنهم سيعيدون عهد الصحابة، ثم نهبوا السوق، وبنوا العمارات الشاهقة، وجمعوا الثروات، وخاضوا إليها دماء الابرياء، بينما عاش الاستاذ محمود كأحد أهل الصفة في القرن العشرين !! ولقد إدعوا الإيمان بمبادئ فكرتهم، وأدعوا الجهاد من أجلها ليفوزوا بالنصر أو الشهادة ، ولكنهم من فرط الخوف، سلموا بعض اخوانهم للمخابرات الأمريكية، وارادوا ان يسلموا أسامة بن لادن نفسه !! ولقد تولوا قبل يوم الزحف، وحين نظروا هالهم ثبات الأستاذ محمود حتى النهاية على مبدئه.

    قلب الحقائق :

    إنهم يعلمون كل ذلك، ويودون ان تكون الفكرة الجمهورية باطلة، وان يكون هنالك اي تفسير آخر لقيم الاستاذ محمود وتلاميذه، حتى لا يعجب بها الشعب، فيتأثر بكتابتهم ضد الاخوان، وضد حكومتهم .. إنها مهمة صعبة، وتحتاج الى شخص عاطل تماماً من أي فضيلة، ولا يتورع من أسوأ الكذب، وافجر التدليس، حتى يحاول قلب القيم العليا، لترى وكأنها حدثت بسبب أشياء أخرى، تنفر الناس من صاحب القيم .. ألم يذكر د. محمد وقيع الله في هذه المقالات، ان الأستاذ محمود عاش في حي متواضع، وقال ( يتبنى هذا الرجل منهج البساطة الكاملة في المسكن والعيش، ثم يدعي العلو الكامل ويتشبه بالله والعياذ بالله) ؟! وهل احتاج فرعون أن يترك قصره ويعيش في حي متواضع حتى يقول " أنا ربكم الأعلى" ؟! ومن أين أتى وقيع الله بهذه الفرية ؟! إنه ينسبها لآخرين، وما دام قد نقلها لنا، فهو إذاً صدقهم !! ومن أين أتى الآخرون -إن كان هنالك آخرين- بهذا الزعم ؟! يخبرنا هذا الباحث، الدكتور، الذي يفترض ان يتبع مناهج البحث العلمي، أنهم وجدوا لوحات معلقة في بيت الاستاذ محمود، بها آيات قرانية يرد فيها اسم الجلالة، فأستنتجوا (منطقياً) أن الاستاذ محمود، يقصد انه هو الله، ولهذا علق آيات بها اسم الله !! هل رأى الناس بلادة حس، وموت شعور كهذا ؟! تكفر شخص، وتتهمة بأن يدعي الالوهية، لمجرد ظن لا اساس له، ثم تلقي بهذه التهمة العظيمة، وكأنك تلقي نكتة ؟! فما ظن وقيع الله واصحابه الوهميون، الذين ادعاهم ليخفي بهم بلاهة حجته، إذا أخبرناهم بأن الاستاذ محمود لم يشتر هذه اللوحات، ولم يوجه بكتابتها، ولم يختر آياتها، وإنما قدمت له هدية، من رجل فنان يدعى (دهشة)، هو الذي قام بخطها وعليها توقيعه .. وحتى دهشة نفسه، لم يختر الآيات، وإنما ذكر أنه رآها في منزل، لعله منزل الشيخ قريب الله .

    وبالرغم من غفلة صاحب " الإنتباهة" وسذاجته، ربما كان يعلم أن وقيع الله رجل جاهل، وأن مثله لن يستطيع نقد الفكرة الجمهورية، بصورة تفحم اتباعها أو اصدقائها.. وذلك لأنه ربما قرأ مساجلات اخرى لوقيع الله، مع بعض اعضاء المؤتمر الشعبي، وحزب الأمة، وبان فيها ضعفه وخواره .. ولكن الطيب مصطفى، أكثر تورطاً من بقية الاخوان المسلمين في الفساد، لأنه أوثق قربى من الاسرة الحاكمة، وبينما هو في غرقه حين طال النقد شركاته، ومصالح الأسرة، لم يجد أمامه غير " قشة" وقيع الله فتعلق بها !! وربما وجهت قيادة الاخوان المسلمين السياسية، بالهجوم على الجمهوريين، حتى ينشغلوا بالدفاع عن فكرتهم، وينشغل القراء خاصة الشباب منهم بهذه المساجلات، عما يجري من بيع للوطن، بواسطة المؤتمر الوطني .. وليتهم حين قرروا نقد الفكرة الجمهورية، وجدوا شخصاً عاقلاً، قرأ للفكرة، وصاحب حوارتها بين منتصف السبعينات، ومنتصف الثمانينات، حتى لا يكرر لنا، ما رددنا عليه مئات المرات، من صلاة الاصالة، والإنسان يكون الله والانسان زوج الله، وادعاء ان الاحاديث موضوعة، وهي كلها شبهات اثارها الاخوان المسلمين في جامعة الخرطوم، في تلك الفترة ، ولم يحضر وقيع الله ذلك، لأنه كان حينها في الجامعة الإسلامية، يسعى لأن يكون عالماً من (علماء) السودان .. لو لا أنه تنكر لتاريخه، وسافر ليكمل تعليمه على ايدي (الكفار)، ثم يهنأ بالعيش معهم في أمريكا، بينما اخوانه يهتفون في شوارع الخرطوم (أمريكا روسيا قد دنا عذابها علي ان لاقيتها ضرابها ) !! ثم حين عاد للتواصل مع السودان، بدأ يشيد بنظام الإنقاذ، الذي جاء عن طريق الانقلاب العسكري، ويعتبره النظام الإسلامي المرتجى .. ثم أخذ يتزلف للنظام بمهاجمة د. الترابي الذي كان شيخه ومرشده، والذي كتب فيه كتاباً يمتدحه ويهاجم خصومه، ويدافع فيه عن فتاويه المفارقة. وحين أنقلب على الترابي رد عليه اعضاء المؤتمر الشعبي مما سنعرض له لاحقاً .. ولكن المهم هنا، هو ان تملق وقيع الله لحكومة المؤتمر الوطني، لم يكن كافياً ليمنحه منصباً، مثل بقية المتملقين، فهل تكفي مقالاته التسعة ضد الجمهوريين، لتعطيه ولو وظيفة ملحق في سفارة ؟! ربما ساعده خال الرئيس في ذلك ولم يكن نصيبه فقط حق (الإجارة) على هذه المقالات المتهافتة .

    تآكل قلبه الحقد :

    لقد أدان كافة المثقفين السودانيين، إغتيال الأستاذ محمود محمد طه، ولم يستثن من ذلك إلا قلة من الاخوان المسلمين.. وعبر الشعب السوداني العظيم،عن سخطه على ذلك الحدث المشؤوم، بالاطاحة بالنظام بانتفاضة شعبية رائدة، بعد حوالي سبعين يوماً من تنفيذ الجريمة التي ابطلها وادانها القضاء السوداني، ممثلاً في المحكمة العليا في عام 1986م. ولكن وقيع الله يظهر الفرح والتأييد لهذه الفعلة النكراء، وكأنها كانت تطبيق لحكم إسلامي، قام به أحد الخلفاء الراشدين!! اسمعه يقول (ألقت بالجمهوريين حماقاتهم في السجن المايوي، الذي قضوا فيه نحو عام، ثم أُطلق سراحهم في عفو جزئي، شمل بعض السياسيين المعارضين... ولكنهم ما إن تنفسوا الصعداء، حتى عبأوا أنفسهم من جديد للتصدي لحملة إنفاذ الشريعة الإسلامية التي أعلن تطبيقها في الوقت الذي كانوا مغيبين فيه في السجن، فسيروا مواكب حاشدة من الرجال والنساء ظلت تطوف لأكثر من أسبوع كامل، توزع المنشورات التي تتهم الشريعة: «قد هددت وحدة البلاد وقسمت هذا الشعب في الشمال والجنوب وذلك بما أثارته من حساسية دينية كانت من العوامل الأساسية التي أدت إلى تفاقم مشكلة الجنوب»، وتتهم قضاة الشرع بعدم الكفاءة العلمية، وبالضعف الأخلاقي، وأن تطبيق الشريعة سيجر على الشعب فترة ظلامية خانقة شبيهة بحياة العصور الوسطى... وأخيراً وقعوا في شرور عواقب أعمالهم، حيث اعتُقلوا وقُدِّموا للمحاكمة، وحكم بالإعدام على زعيم الحزب، أربعة من أتباعه وبينما أمهل الأتباع شهراً حتى يراجعوا أنفسهم، نفذ الحكم في اليوم التالي في الزعيم أمام الجماهير وبحضور القضاة، ورئيس القضاة وحملت جثته على متن طائرة لتدفن في مكان غير معروف)(الإنتباهة 2/2).

    ولو لم يكن وقيع الله مليئاً بالحقد والضغينة، ومجافياً للحياد والصدق، لأدان اعتقال مواطنين لمدة عام دون ان تقدم لهم أي تهمة، لأن الإسلام لا يقبل أن يحبس شخص بغير جريرة، كما ان قوانين حقوق الإنسان ترفض الاعتقال دون تهمة .. ولكن وقيع الله يقول فيما اوردناه أعلاه، ان سبب اعتقال الجمهوريين حماقتهم !! ولو كانت الحماقة سبباً كافياً للاعتقال، لقضى وقيع الله عمر كله بين القضبان .. وذلك لأنه شهد بنفسه على حماقته، فقال (وأنا سريع الاحتدام والاصطدام مع الشخص الذي يختلف معي في الفكر والرأي.. لذلك أحب ان اعمل دائماً على انفراد كامل حتى في مجال عملي المهني وهو التدريس) !!( الصحافة 19/10/2006م). ولقد علقت على مقالة وقيع الله هذه، في ذلك الوقت، بقولي: (أليست هذه حماقة، شهد بها وقيع الله على نفسه دون موجب؟! ألم يسمع بالقول "ان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية"؟! وما ذنب هؤلاء الطلاب، الذين تقتضي دراستهم ان يعملوا في شكل مجموعات، وفرق ويفرض عليهم المنهج العلمي نفسه ان يختلفوا مع بعضهم ومع أستاذهم؟! ما ذنبهم ان يكون أستاذهم من الضيق، بحيث يصادمهم، ان هم اختلفوا معه في الرأي؟!)(المصدر السابق).

    الدفاع عن قوانين سبتمبر :

    يقول وقيع الله (عبأوا أنفسهم من جديد للتصدي لحملة إنفاذ الشريعة الإسلامية التي أعلن تطبيقها في الوقت الذي كانوا مغيبين فيه في السجن، فسيروا مواكب حاشدة من الرجال والنساء ظلت تطوف لأكثر من أسبوع كامل، توزع المنشورات التي تتهم الشريعة) . ولكن الجمهوريين لم يتصدوا لتطبيق الشريعة، وإنما تصدوا لتطبيق قوانين سبتمبر 83 ، وهي قوانين جائرة شوهت الشريعة، وشوهت الإسلام، ونفرت عنه .. ثم انهم لم يخرجوا موكباً يطوف لمدة أسبوع كامل كما ذكر وقيع الله كذباً، وإنما مسيرة، صامتة، اتجهت إلى المحكمة، ولم يوزعوا منشوراً يتهم الشريعة، وإنما يهاجم قوانين سبتمبر التي شوهتها، وخالفت احكامها، حيث قطعت أيادي المواطنين بعد ان اعلنت المجاعة، وتلقت الاعانات من دول (الكفر) وقبلتها !! ولم يرد نقد للقضاة في المنشور، الذي وزع، بأنهم غير مؤهلين فنياً، وضعفوا اخلاقياً، وإنما جاء ذلك في كلمة الأستاذ في المحكمة .. ولقد وضح انطباق تلك العبارات على الواقع، من حيثيات المحكمة العليا، التي ابطلت الحكم، فقد جاء فيه ( ولعلنا لا نكون في حاجة للاستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم، فقد تجاوز كل قيم العدالة، سواء ما كان منهام وروثاً او متعارفاً عليه، أو ما حرصت قوانين الاجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة، أو انطوى عليه دستور 1973م الملغي رغم ما يحيط به من جدل، ففي المقام الأول أخطأت محكمة الاستئناف فيما ذهبت إليه من ان المادة 3 من قانون اصول الاحكام لسنة 1983م كانت تبيح لها -أو لأي محكمة اخرى- توجيه تهمة الردّة)(الاخوان الجمهوريون "1986م" حيثيات المحكمة العليا في قضية الاستاذ محمود محمد طه انتصار للحق ودحض للحكم المهزلة ص 11). وما كان للحكم ان يتجاوز كل قيم العدالة، وكافة اجراءاتها، لو لم يكن القضاة غير مؤهلين فنياً، وضعاف اخلاقياً. ولم يرد في المنشور أن (تطبيق الشريعة سيجر على الشعب فترة ظلامية خانقة شبيهة بحياة العصور الوسطى) كما ذكر وقيع الله، لأن الذي كان يجري لم يكن تطبيقاً للشريعة الإسلامية .. فلماذا كل هذا الكذب والفجور في الخصومة ؟! ومع ذلك هل من يكتب منشوراً يوزعه، ينتقد فيه الحاكم وقوانينه، يحكم عليه في الإسلام بالقتل ؟! وهل إذا حكم في ظل الشريعة الإسلامية على شخص بالقتل، لا يسلم جثمانه لذويه، وتحمله طائرة لجهة غير معروفة، أم ان هذه مفارقات لنهج الشريعة واخلاق الإسلام ؟! لماذا لم ينتقد وقيع الله كل هذه المفارقات ؟!

    إن وقيع الله أحد رجلين، إما أنه رجل جاهل باحكام الشريعة، وبتاريخ الإسلام، ولهذا ظن ان قوانين سبتمبر، التي طبقها نميري -رحمه الله- والتي قطعت يد المختلس من المال العام، وقطعت يد السارق في عهد المجاعة، وامرت بتسور البيوت للقبض على شاربي الخمر، هي الشريعة الإسلامية .. أو انه يعلم بحكم دراسته في الجامعة الإسلامية، بأن قوانين سبتمبر لم تكن الشريعة، ولكنه كتم هذا، وشهد زوراً انها الشريعة، حتى يحقق غرضه، وهو إدانة الجمهوريين، وتصوير خروجهم على الحاكم الجائر، وهو أفضل الجهاد، وكأنه مفارقة دينية، بسبب اعتراضهم على القوانين، التي زعم أنها الشريعة.

    تحري الكذب :

    لقد سبق لوقيع الله، ان تعرض للفكرة الجمهورية، في مقالات نشرت في صحيفة رأي الشعب التابعة للمؤتمر الشعبي، قبل هجومه على الترابي، واشادته بخصمه المؤتمر الوطني.. ولقد حاولت الحصول على كل الحلقات للرد عليه فلم احصل عليها، ثم جاءت مقابلة الصحفي صلاح شعيب مع وقيع الله، فهاجم الفكرة الجمهورية، باثارة مزاعم لا علاقة لها بالفكرة، ولا مصادرها، وحين طالبته بالأدلة، لم يهتم، واخذ يكرر ما قال من قبل، وكان تعقيبي (فهل مجرد قول وقيع الله، بأن الاستاذ قد انكر دعائم الاسلام، يعتبر حيثيات يمكن ان يطلقها في الهواء، ثم يقرر على اساسها، بأن الاستاذ محمود معادٍ للاسلام ؟! أم ان هذه الدعاوى تحتاج الى اثبات من كتب الاستاذ محمود ، لتصبح بعد ذلك، حيثيات تناقش، فتقبل او ترفض، على اساس الفهم ؟! )(الصحافة 26/11/2006م). أما هذه المرة فقد ذكر وقيع الله (وفيما يلي نتولى التعريف بالفرقة الجمهورية السودانية تعريفاً نقدياً، استندنا فيه إلى أكثر من سبع وعشرين كتاباً، وكتيباً، من الكتابات الأصلية لتلك الفرقة)(الإنتباهة 23/1/2013م). وهذه كذبة بلقاء، إذ لم يعتمد وقيع الله على كتب الفكرة الجمهورية، بل ذكر اقوال لا اساس لها، اثارها في فترات مختلفة، بعض السذج من معارضي الجمهوريين، ويمكن لأي عاقل ان يرفضها بمجرد الحس العام .. وزاد على هذا الكذب الصراح، إنه يورد بعض النصوص من الكتب، ثم يدخل في قلب النص عبارة من عنده، يدخلها في اقواس النص، ثم يكتب ارجع الى كتاب كذا !! ولئن إلتقى هوى الطيب مصطفى، ووقيع الله، على بغض الجمهوريين، والخوف على المؤتمر الوطني من نقدهم، فجعل ذلك صاحب "الانتباهة"، يقبل هذا التلفيق، وينشره دون تحقق، فإن القراء سيرجعون الى المصادر، ويكتشفون كذبه .. بينما نتخذ مقالات وقيع الله فرصة، لشرح التفاصيل التي شوهها، والتي يحتاج إليها الشباب الذين يثورون اليوم على الاخوان المسلمين، ولا يجدون بديلاً من الدين لفهمهم السلفي المتخلف.

    [email protected]
                  

02-08-2013, 10:26 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    وهنا الجزء الاول من مقال د.وقيع الله فى صحيفة الانتباهة بعنوان هل كان نميرى معجباً بمحمود محمد طه؟

    Quote: نشر بتاريخ الأربعاء, 23 كانون2/يناير 2013 13:00
    يكثر أنصار المذهب الجمهوري وأنصارهم من العلمانيين المتطرفين، وأعداء الشريعة، في هذه الأيام، من الاحتفالات بذكرى موت زعيمهم محمود محمد طه. وتبدو احتفالاتهم المفتعلة وكأنها مواسم للبكاء، والتنفيس العاطفي، والترويج الضمني للمنهج الجمهوري المنحرف، ولكن من دون التعرض المباشر للمنهج، ولا محتوياته، لأنه أصبح غير قابل للترويج ولا الرواج. وتنشط لمظاهرة الجمهوريين، ومناصرتهم في جهودهم اليائسة بعض مراكز الدراسات والبحوث المشبوهة، مثل «معهد السلام» بواشنطون، وذلك في سياق النهج الأمريكي لبث الشبهات في وجه الإسلام، وانتهاز الفرص المتاحة من المناخ الفكري والسياسي والعسكري العالمي المعادي للإسلام لتسويق الفكرة الجمهورية، المنحرفة وإحلالها محل الدعوات الإسلامية الصحيحة الناضجة. وتركز هذه الجهود الأمريكية الانتهازية على نشر أفكار الفرق الضالة المارقة، عن الإسلام كالقاديانية والبهائية والجمهورية، وقد طلبت بعض جهات الضغط القوية من الحكومة الباكستانية أن تقوم بتعديل الدستور الباكستاني الذي يعتبر الفرقة القاديانية فرقة خارجة عن الإسلام ، وأن تسمح بإدخال تلك الفرقة رسمياً في زمرة المسلمين، بل وأن يفتح لها المجال لممارسة الدعوة إلى أفكارها الضالة وسط المسلمين. ولأن الضغط على الحكومة السودانية لتسمح لتلك الفرقة بالعمل داخل السودان من جديد، أمر غير مجد، فقد جرى الترويج للفكر الجمهوري السوداني في بلاد أخرى غير السودان، حتى يصبح فيها أنموذجاً تحليلياً للدين الإسلامي، سواء على المستويات الأكاديمية، أو على مستوى العمل الدعوي العام . ومهما يكن، فإن مثل هذه الجهود الرامية إلى إحياء تراث الفرق الضالة، لا بد أن يقابل بالنقد والتعرية لأهدافها، وقبل ذلك فلا بد من أن يعرض تراث تلك الفرق وممارساتها عرضاً نقدياً منصفاً، حتى لا ينخدع بظهورها مجدداً بعض من لم تتح لهم فرص الوصول إلى كتاباتها الأصلية، والتعرف على تاريخها الحركي المرتبط دوماً بالأقوياء في الأنظمة الوطنية الدكتاتورية، أو الأجنبية الباطشة. وفيما يلي نتولى التعريف بالفرقة الجمهورية السودانية تعريفاً نقدياً، استندنا فيه إلى أكثر من سبع وعشرين كتاباً، وكتيباً، من الكتابات الأصلية لتلك الفرقة. وسنرى منه سر ارتباط النحلة الجمهورية البائدة، بالنظام المايوي البائد. وسر إعجاب الرئيس الأسبق، جعفر محمد نميري، بمحمود محمد طه، وخاصة في كتابه «الرسالة الثانية من الإسلام».
    من هم الجمهوريون؟
    نشأت الفرقة الجمهورية كحزب سياسي، اسمه الحزب الجمهوري الإشتراكي، في أواخر أكتوبر من عام 1945م، وهو العام الذي شهد مولد معظم الأحزاب السودانية الحالية. ويشرح محمود محمد طه خلفية إنشاء الحزب فيقول: «إن الاتحاديين عايزين السودان يكون عنده نوع من الاتحاد مع مصر تحت تاج الملك فاروق. والاستقلاليين كانوا بميلوا للانفصال من مصر لكن بيتهموا بأنهم عايزين يعملوا تاج محلّي زي تاج الأمير عبد الله في شرق الأردن تحت إشراف الإنجليز. فكانوا اتحاديين واستقلاليين بالصورة دي. في الوقت داك نشأ الحزب الجمهوري يقول ما في داعي للملكية أصله، ما في داعي للتبعية لمصر ولا لبقاء الإنجليز وإنما المسألة ترجع إلى الشعب في حكم جمهوري عام، فنشأ الحزب الجمهوري. وبعدين الحزب الجمهوري كانت برضه فلسفته تقوم على الإسلام، أنه الناس أمرهم ما بنصلح ولا في السودان ولا في الخارج إلا عن طريق الدين لأنه الأزمة العالمية أزمة أخلاق أزمة قيم، لكن على أن يُفهم الدين فهماً يختلف عما يفهمه الأزهريون والرجال التقليديون». وهكذا تركزت دعوة الحزب إلى المبادئ الجمهورية، وانضافت إليها فيما بعد الأفكار الإشتراكية ذات النزعة الأخلاقية الطوبية. تزعم الحزب الأستاذ محمود محمد طه، وهو مهندس تخرج في قسم الهندسة بكلية غوردون بالخرطوم سنة 1938م، وانضم إليه لفيف من المثقفين السودانيين من أمثال الشاعر محمد المهدي المجذوب، والشاعر منير صالح عبد القادر، والشاعر منصور عبد الحميد، والأستاذ أمين مصطفى التني، والأستاذ إسماعيل محمد بخيت حبة، والأستاذ ذو النون جبارة، والأستاذ عبد القادر المرضي، وسواهم، وبعض هؤلاء انسحبوا من الحزب فيما بعد، عندما تغيرت الأطروحات الأساسية التي قام عليها. ولد محمود محمد طه في مدينة رفاعة في عام 1909م، وهو سليل أسرة متصوفة موغلة في التصوف، ويذكر الأستاذ محمد عمر باشري، أن الجد الأعلى لمحمود هو الشيخ الهميم المعروف في تاريخ التصوف في السودان. «محمد عمر باشري، دار الفكر، الخرطوم،1981م، ص369».
    الشطح الوراثي
    ويحدثنا عن الشيخ الهميم مؤرخ الحركة الصوفية السودانية، ود ضيف الله، في كتاب«الطبقات» فيقول إنه إدعى الوصول، وسقوط التكاليف عنه، ويحكى عنه أنه تزوج في وقت واحد بسبع نساء، كان من ضمنهم شقيقتان هما ابنتا شيخ صوفي آخر يدعي بأن النقا الضرير، وقد أنكر عليه قاضي الشريعة الشيخ دشين ذلك، وأعلن فسخ هذه النكاحات، فرد عليه الشيخ الهميم داعياً: الله يفسخ جلدك، ثم أنشد أبياتاً من الشعر الركيك الذي لا يراعي قواعد النحو قال فيها:
    فإن كنت يا قاضي عرفت مذاهبا فإنك لم تدر حدود مذاهبا
    فمذهبكم نصلح به بعض أمرنا ومذهبنا يعجم عليكم إذا قلنا
    قطعنا البحار الزاخرات وراءنا فلم يدر أهل الفقه أنَّى توجهنا!
    والغريب أن الشيخ ود ضيف الله يحدثنا أن جلد القاضي الشيخ دشين قد انفسخ فعلاً كما ينفسخ جلد «الدبيب»، أي الثعبان!
    درس محمود محمد طه بالخلوة، وأتم المدرسة الوسطى، ثم التحق بقسم المهندسين بكلية غردون التذكارية «ما يعادل الدراسة الثانوية الصناعية»، وتخرج فيها في سنة 1936م، حيث عمل بالهندسة في رئاسة السكة الحديد في مدينة عطبرة بشمال السودان. وفي خلال ذلك وبعده واصل محمود إطلاعه العلمي واغترف كثيراً من تراث الفلاسفة الغربيين، ورجال التصوف الإشراقي.
    كفاح نوعي ضد الاستعمار
    وقد اشترك محمود في الحملة الوطنية ضد الاستعمار. وأصدر عدة منشورات ضد الحكم الاستعماري البريطاني في السودان. تمركزت تلك المنشورات حول قضية طريفة مشهورة في تاريخ السياسة السودانية، وهي قضية الخفاض الفرعوني وهو نوع من الختان المنهك الذي لا يزال المجتمع السوداني في بعض قطاعاته يتمسك به، كعادة قديمة راسخة منذ عهود الفراعنة الأوائل، وقد أصدر الاستعمار قانوناً يمنع عملية الخفاض الفرعوني للصبايا ويعاقب القابلة التي تجري تلك العملية بخمسة أعوام سجناً. كان محمود في الصف المعارض لمنع الخفاض. وبسبب نشراته المعارضة للخفاض، أرسل إليه مدير الشرطة البريطاني يطلبه، ولما وصل الرسول إلى محمود وطلب منه أن يرافقه إلى مركز الشرطة، رفض لأنه كان ذاهباً إلى صلاة الجمعة، وحدد يوم الغد لمقابلة مدير الشرطة، وفي يوم السبت ذهب لمقابلة المدير الذي أبرز له المنشور الذي أصدره ووقع عليه باسمه، فأقره محمود وناقش محتوياته مع المدير الذي أحاله أخيراً إلى القاضي البريطاني الذي أرسل محموداً إلى السجن ليقضي فيه عاماً، وذلك لأنه رفض التوقيع على تعهد بحسن السير والسلوك، والإقلاع عن الانغماس في العمل السياسي. وصمد محمود للحكم الظالم، ولكن أطلق سراحه بعد خمسين يوماً من اعتقاله، بموجب عفو شامل أصدره الحاكم العام البريطاني آنذاك. وبعد شهرين من إطلاقه من السجن اعتقلت السلطات الاستعمارية إحدى «القابلات» واتهمتها بإجراء عملية الخفاض الفرعوني على الفتيات الصغيرات، وحكم عليها بالسجن مدة أربعة أشهر، فأشعل محمود أهل المنطقة حماسة واضطراماً، وقاد تظاهرة ضخمة اتجهت إلى مركز الشرطة وحاصرته، واقتحمته، وأطلقت سراح السجينة، وعادت ظافرة بها إلى أهلها، وقد أعتقل محمود مجدداً إثر ذلك الحادث، وقدم لمحكمة قضت عليه بالسجن مدة عامين .
                  

02-09-2013, 07:06 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    حياتي يا دكتور
    أفتكر انو محمد وقيع الله أكثر ما يفضح زيفه وجهله كلماته ذاتها
    عليه سأحاول هنا أن آتي ببعضها ثم "خناقاته" الدونكشوتية مع خالد أبو أحمد وآخرين
    نبدأ بحواره مع الأستاذ الصحفي صلاح شعيب وهو حوار داير ليهو روح طوووووووويلة لكن النصبر عليهو
    د.محمد وقيع الله: إذا سقطت الدولة ستعود الحركة الاسلامية لسابق وضعها.

    الدكتور محمد وقيع الله من الباحثين السودانيين الذين توزع نشاطهم بين العمل الاكاديمي بالسودان والولايات المتحدة، وثابر على تدبيج المقالات الصحافية وإنشاء الدراسات النقدية في مجالات السياسة والدين والثقافة والادب. وظل برغم علاقاته بالحركة الإسلامية السودانية بعيدا عن تقلد أي مهام وزارية وما دون ذلك، رغم أنه يعد من أكثر الذين ظلوا يدافعون عن خطاب الحركة الإسلامية، ومن البارزين في مجالات التنظير الفكري. حصل الدكتور وقيع الله على درجة الماجستير من جامعة اوهايو العريقة، والدكتوراه من جامعة الميسيسبي التي لا تقل عنها عراقة محتد. ومجال تخصصه في الماجستير والدكتوراه على السواء هو الدراسات الصينية. وظل بأمريكا التي هاجر إليها منذ ما يقرب الثمانية عشر عاماً يدرُس ويدرِّس في جامعاتها، وكان من ضمن القلائل الذين دعوا لإلقاء المحاضرات عن الإسلام بالأكاديمية البحرية العسكرية الأمريكية، وهي أكبر جامعة عسكرية في أمريكا. وتقلد منصب رئيس قسم الدراسات الاسلامية بمعهد العلوم الاسلامية والعربية بواشنطن، حيث جرى هذا اللقاء الصحفي، وذلك قبل أسابيع من اعلان فوزه بجائزة صاحب السمو الملكي نايف بن عبدالعزيزآل سعود للسنة النبوية والدراسات الاسلامية المعاصرة، وكان عنوان بحثه المطول الذي بلغ 750صفحة (الاسلام في المناهج الدراسية الغربية: عرض ونقد). وتعد جائزة الأمير نايف بقيمتها الأدبية والمادية إحدى أكبر الجوائز العلمية على مستوى العالم أجمع. كان الدكتور وقيع الله من الوجوه السودانية المميزة بأمريكا وظل طوال وجوده فيها يشارك في المنتديات الثقافية والفكرية، ويقدم العديد من المحاضرات الثقافية. وكان أحد أكثر الباحثين الاسلاميين تحمساً في خدمة العمل الاسلامي بالولايات المتحدة، وشارك في كثير من الحوارات الفكرية داخل الحقل الاكاديمي الاميركي ودافع قوياً هادئأ عن الإسلام ودعاته في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
    وفي هذه الحوار يتحدث الدكتور محمد وقيع الله عن بعض شواغل العمل الفكري والسياسي ويطرح آراءه المعبرة عن قناعاته الفكرية حول بعض القضايا ويعلق على أداء الرموز السودانية.


    حاوره بواشنطن: صلاح شعيب

    * ما هي علاقتك بالحركة الاسلامية، وما هي المحطات البارزة في درب الحركة الاسلامية السودانية الحديثة؟
    - علاقتي بالحركة الاسلامية ثقافية وليست تنظيمية، لقد كانت فيما يسمى عادة بالنشاط الموازي، أي النشاط غير التنظيمي وغير السياسي. وفي هذا السياق كنت ومازلت ارى نفسي موجوداً في داخل الحركة الاسلامية، وفي ذات الوقت ارى نفسي خارجها. وهذا توصيف قد يصعب على بعض الناس تصوره ولكنه الحق.
    وبعبارة أخرى يمكن أن أقول إنني جزء من العمل الثقافي الاسلامي العام المعلن. وإنني غير موجود في الاعمال التنفيذية والشورية، ولا اتلقى اوامر او محاسبة من أحد، ولا أجد تقويماً من احد، إنما انا منطلق في عملي الإسلامي أؤديه بانسجام مع أي عمل إسلامي صالح فيما أرى، وذلك منذ أن كنت في الحادية عشرة من عمري.
    أما عن الشق الثاني من السؤال وهو عن المحطات البارزة التي شكلت تأثير الحركة الاسلامية على مجمل النشاط السياسي السوداني.. فقد كان طابع هذا التأثير عقائدياً على الاقل حتى الآن.. بمعنى أن السياسة في السودان قد ارتبطت بالإسلام ارتباطاً قوياً جداً، وصاغت الاحزاب السياسية الاخرى التقليدية لإحياء الجانب الوراثي في كياناتها، وهو جانب إسلامي. وأضحت هذه الأحزاب تجاري الحركة الاسلامية في هذا الجانب، خاصة حزب الامة على يد الصادق المهدي، وأما الاحزاب العلمانية الخالصة كالحزب الشيوعي فأمست تخاف من مهاجمة الاسلام، وتأدبت معه بفعل سطوة الحركة الاسلامية فكريا وثقافيا. وأحزاب أخرى حاولت أن تعمل مناورات على الاسلام وتتبنى بعض الشعارات الاسلامية، فهذه تأثيرات بارزة للحركة الاسلامية السودانية على الأحزاب السودانية. وفي الوقت الحالي اعتقد أن الحركة الاسلامية أصبحت تضع الاجندة والمبادرات للعمل السياسي السوداني عامة، هذا الأمر يجري منذ عقد ونصف من الزمان تقريبا، فالحركة الاسلامية السودانية هي صاحبة الشأن الاعلى والجميع يصدرون ردود فعل لما تفعله الحركة الاسلامية، وقلما يبتدرون عملا إلا كرد فعل على اعمال الحركة الاسلامية التي أعتقد أن تأثيرها قوي جدا إن لم يكن ساحقاً على الحركة السياسية السودانية.
    * هذا الحديث يعطي انطباعا بأنك غير منظم داخل الحركة الاسلامية، ونحن نعرف أن المنتمي للحركة الاسلامية هو منظم فيها، هل نفهم انك تجمع خصوصية الانتماء واللا انتماء للحركة؟
    - أنا لست منتظما في داخل الحركة الاسلامية، وإنني أيضا غير منتظم في اي اطار آخراجتماعي رسمي او غير رسمي، وحياتي محورها النشاط والعمل والانتاج الدائم الدائب. وأنا أؤمن بالانتاج فقط ، ولا أؤمن بالاطرالاجرائية. وفي حالتي الخاصة الاجراءات الضيقة معوقة لعملي أيما تعويق، لذلك أصطدم بالناس الذين يعملون معي. ودائما ما أعمل عملاً انفراديا، ولا أحب ان التقي في تعاون أو تنظيم أو تنسيق مع أي شخص. وهذه ميزة يعرفها كل من يعرفني جيداً، فبهذا المعنى لم أكن في انتظام بالحركة الاسلامية بمعناها الواسع ولا في عداء او شقاق او معها.
    * في هذا الخصوص هل يمكنك ان تكون جزءاً من حركات الاسلام السياسي، ويمكنك أن تساعد قاعدة حزب الامة او الجمهوريين وتتناغم ادوارك مع اهدافهم الاسلامية؟
    - أدواري لا يمكن أن تتسق مع ادوارالجمهوريين ولا ادوار حزب الامة، بل حتى في الحركة الاسلامية لا تتسق مع أدوار ومزاجات بعض الناس. وأنا سريع الاحتدام والاصطدام مع الشخص الذي يختلف معي في الفكر والرأي.. لذلك أحب أن أعمل دائما على انفراد كامل حتى في مجال عملي المهني، وهو التدريس، ولا أحب أن اكون رئيس قسم اكاديمي، ولا مسؤولاً عنه، ولا عميداً، وأحب أن أبقى دائماً كمدرس مسؤول امام تلاميذي فقط.
    * وفقا لما تقول هل دخلت في صدامات داخل الحركة الاسلامية؟
    - لا لم يحدث ذلك. ولم توجد مبررات لحدوثه.
    * ولكن ما الذي يمنعك ان تكون مؤثرا داخل الحركة الاسلامية بحيث تدفع بعمل الوحدة الفكرية للحزب، ولماذا لا يكون دورك فاعلا في اطرها العامة؟
    هذا يتناقض مع طبيعتي كما اسلفت القول، إذ انني لا أحب العمل اليومي المنظم الاجرائي الرتيب، بالاضافة الى انه يعرضني الى سوء الفهم والصدامات والاحباطات، ولهذا اهتم بالعمل الثقافي والتعليمي، واكتفي بهذا الدور وهو ليس بالدور اليسير.
    * وهل قبلك الاسلاميون بهذه الشروط؟
    - كيف لا يقبلون؟! إنه ليس لشخص منهم سلطان عليَّ. لقد كان عليهم ان يقبلوني على علاتي. وهم سلفا يعرفون انني اعمل للاسلام بلا مزايدات ولا تطرف ولا حسابات شخصية، فقبلونني كما انا في الحقيقة، ولم يفرض احد منهم عليَّ شيئا، بل لا يستطيع احد منهم ان يفرض عليَّ شيئاً.
    * هذا يعني إنه بالامكان ان توجه انتقادات داخل الحركة الاسلامية لخطابها او مسارها الحركي؟
    - طبعا. هذا جانب من العمل الثقافي، ومهمة المثقف - ان جاز لي ان أحشر نفسي في هذه الطائفة - ان يعمل الاشياء التي لا يعملها الشخص الذي ينفذ الاعمال اليومية، وفي هذا المجال يستطيع المثقف ان يسهم اسهاما نافعا حتى ولو كان مقيما في برج عاجي. فعمل المثقف هو أن يتكلم وينتقد ويشير ويقدم الاقتراحات العملية التي تهديها اليه لحظات التأمل والتجلي. وأستطيع أن أقول في هذا المنحى أن ركون بعض المثقفين السودانيين والصحافيين منهم خاصة وكتاب الأعمدة على الأخص، إلى النقد الجارف وادمان انتقاد الآخرين نقداً سلبياً مدمرا، وانتقاص جهود الخصوم لا يمثل عملاًً طيباً، ولا يفيد البلاد بشئ. والأجدى من ذلك النظر المتوازن والحديث عن جانبي الكوب الفارغ منهما والملئ..!!
    * وهل قدمت مشروعا نقديا للحركة الاسلامية يبين قصورها مثلا ؟
    - هذا لم يحدث، ولا أعتقد ان لدى الحركة الاسلامية السودانية كيانات تنظيمية كما كانت في الماضي.
    * كيف؟
    - عدم وجود الشئ لا يحتاج الى برهان. والشئ الموجود هو الذي يحتاج الى برهان، فاذا كان تنظيمهم معدوما او غير موجود أو غير مشاهد فهذا لايحتاج الى برهان. ولا أعتقد ان لديهم مثل تلك التنظيمات الفاعلة في الماضي. انهم مشغولون بالدولة اكثر من أي شئ آخر.
    * إذن هل تقصد ان الحركة الاسلامية اختبأت في الدولة؟
    - نعم.. لقد ذابت فيها.
    * وإذا سقطت الدولة؟
    - تعود الحركة الاسلامية الي شئ شبيه بوضعيتها السابقة وتبدأ من وضعية متخلفة جدا.
    * هل حادت الحركة الاسلامية عن مسارها؟
    - لا لم يحدث ذلك.. مضت الحركة الاسلامية في مسارها القديم قدما، وقطعت اشواطا طويلة جدا في الاتجاه المقصود، لكن يمكن القول إن الكثير من افرادها قد تنكبت بهم السبل وضلوا سواء الطريق.
    * هل ماتزال الحركة على ثوابتها؟
    - نعم.
    * إذن نسأل عن ثورة الانقاذ كما سميت؟
    - الاسم غير مهم أبداً. ليس مهما إن يُقال إنها انقلاب او ثورة. والحرص على تحقيق هذه الناحية يأتي من المكايدات السياسية.
    * بهذا المستوي هل يمكن أن نقول ثورة مايو مثلا؟
    - كان منصور خالد بعد انقلابه على نميري وخصومته معه يقول ثورة مايو. هذه التسميات لا غضاضة في استخدامها.
    * هل يعني ان مايو لا ينطبق عليها مفهوم ثورة؟
    - بالتعريف العلمي ليست كلها ثورات.
    * حتى الانقاذ؟
    - حتى الانقاذ.. لأن الثورة بتعريفها العلمي هي الانقضاض التام على القديم وتحطيمه، وبناء شئ جديد ناجح مختلف اختلافا جذريا عنه، وكلها بهذا المعنى ليست ثورات.
    * إنما هي انقلابات؟
    - نعم انقلابات او تحولات او تغيرات في النظام السياسي الفوقي.
    * إذن ماذا كان دافع الحركة الإسلامية من الانقلاب؟
    - الدافع الاول كان أمنيا، وهذا امر له شقان، الاول هو الحفاظ على امن الحركة الاسلامية نفسها، لانها كانت مستهدفة من قبل الجيش والقوي الخارجية وبعض القوى الداخلية. والثاني هو الحفاظ على امن الوطن نفسه لانه كان مستهدفا من حركة التمرد. وقد كان على رأس البلاد آنها شخص ضعيف متردد لم يكن يبالي ان يمزق البلد أو يضيعها. وكان لابد للحركة الاسلامية ان تستلم السلطة.. وكانت هذه تقديرات الحركة الاسلامية لانتزاع السلطة منهم، لا لحب السلطة ولكن للحفاظ على امن البلد من التمزق. واعتقد انهم نجحوا في الحفاظ على وحدة البلد وامنه حتى الآن. وما كان بإمكان أحد غيرهم من الفرقاء السياسيين أن يحافظ عليه مثلهم.
    * حينما فكرت الانقاذ في ذلك هل كانت تستند على مرجعية دينية أم مرجعية ديمقراطية؟
    - ماذا تعني بذ لك؟
    * كما تعلم ان الحركة الاسلامية كانت جزءا من العملية الديمقراطية وارتضت بالممارسة كعهد، ولكنها ارتدت عن هذا العهد، وخططت للانقلاب. أعني على اي اساس استند هذا الانقلاب؟
    - ينبغي ان يوجه هذا السؤال للجميع وليس للحركة الاسلامية وحدها، لان الفائز الاكبر في الانتخابات نفسه لم يكن ملتزما بالنظام الديمقراطي ولا بالفلسفة الديمقراطية.. وقد حاول لسنتين كاملتين ان يجيز في البرلمان تعديلات دستورية يحجم بها حرية الصحافة وحرية الاحزاب، وكان يعمل على شل سلطات البرلمان نفسه وتعطيل تكوين لجانه. والجيش ايضا لم يكن راضيا عن النظام الديمقراطي، والحزب الاتحادي كان يعمل علي تعويق شريكه في الحكم. وانت بلا ريب تذكر الاحتكاكات العبثية الكثيرة بين اهل الحكم، كتلك التي جرت بين ابي حريرة والصادق المهدي، هذا فيما كان البعثيون والشيوعيون يتربصون بالنظام، وكانت حركة التمرد واجنحة كثيرة لها خارجة عن النظام الديمقراطي. واذن فليست الحركة الاسلامية وحدها ينبغي ان تتهم هنا.
    * لكن الآلية التي كان يعتمد عليها الصادق المهدي ديمقراطية؟
    - ماذا تعني؟
    * أعني انه كان يعتمد على التفويض الديمقراطي في التعاطي مع شؤون الحكم؟
    - الصادق لم يكن ديمقراطيا في يوم من الايام بالمعنى الصحيح للكلمة، وهو مايزال غير ديمقراطي الهوى، انك لا تزال تري آلاف الناس يقبلون اياديه، فهل رأيت زعيما ديمقراطيا آخر في العالم يقبل الناس اياديه او يرضي هو بان يقبل الناس اياديه كما يفعل الصادق المهدي؟! انني اتمنى من هذا الشخص ان يمنع انصاره ان يقبلوا اياديه. وهذا الشخص عندما يرضى بأن يقبل الناس اياديه على اساس ديني لا يمكن ان يكون ديمقراطيا، فهل توافق على ذلك؟
    * هل تقصد ان الصادق ليس ديمقراطيا على الاطلاق؟
    - لا، ليس على الاطلاق، إنما ليس كاملا او صادقا في ديمقراطيته.
    * وهل ينطبق هذا على الحركة الاسلامية؟
    - نعم. وهي حركة اسلامية كما وصفت نفسها وليست ديمقراطية، ويصعب عليها ان تكون ديمقراطية.
    * وما هو السبب في ذلك؟
    - هذا سؤال جميل. والسبب في ذلك هو أن الثقافة السياسية للشعب السوداني ليست ديمقراطية، فيصعب على القادة وعلى الاحزاب والحكومات ان تكون ديمقراطية. فالسودانيون في عامتهم تربوا على الولاء الكامل أو شبه الكامل، سواء على مستوى الاسرة او المدرسة أو العمل، فالثقافة العامة للشعب هي ثقافة اتباعية. وفي وضع كهذا فحتى إذا اعطيت الانسان حرية الممارسة الديمقراطية فهو يميل للاتباع والطاعة العمياء أو شبه العمياء، وتأييد القادة بأسلوب حماسي لا عقلاني، ويستثمر القادة سواء في الحركة الاسلامية او غيرها جيدا في هذه الناحية.
    * وهل هذا يعود الى طبيعة الثقافة السودانية؟
    - هذه ليست طبيعة الثقافة السودانية وحدها. وإنما طبيعة الثقافة المتخلفة في السودان وغيره.
    * وما هو دور القيم الاسلامية في مكافحة هذه المثالب والعيوب؟
    - لست ادري ان كنت استطيع أن اجيب على هذا السؤال. ولكن القيم النظرية والشعارات العامة ليست بشئ كافٍ لاحداث النهضة. فمن الناحية النظرية إن نظام التعليم ينبغي ان يكون رأس الرمح في عملية النهضة والتقدم، ولكن من الناحية الواقعية نرى أن هذا النظام قائم هو الآخر على الاتباع والتلقين. إن مناهج التعليم لا تزال كما العهد بها مثالا مطلقا في السخافة والعقم . فهي لا تعطي للطالب ادنى فرصة لكي يفكر او يناقش او يعبر عن نفسه أو يطبق الكلام النظري على واقع محدد. والاستاذ يمثل سطوة مخيفة ومرعبة علي الطلاب، وهذا الامر عام في بيئاتنا الحياتية، فالسياسي نفسه لا يعترف بحريات الناس وحقوقهم ولا يحترمها، ومعظم قادة الاحزاب إنما هم حلقة أو شلة قديمة متقادمة لا ترضي بزحزحة نفوذها أو خلخلته، وهكذا فإلى حد كبير نرى أن الشعارات والقيم السياسية شئ والممارسة السياسية شئ آخر. وأما الحل أو المخرج من هذا الواقع فليس سهلاً ولا متاحاً للتو واللحظة. إننا نحتاج الى حلول تدريجية تنقلنا خطوة خطوة، ونحتاج إلى عشرات السنين حتى نصل الى تشرب هذه القيم الديمقراطية أو الشورية بالأحرى.
    * ولماذا بعد هذه السنين الطويلة منذ مجئ الاسلام تظل احوال المسلمين متخلفة على مستوى البنية الاجتماعية والسياسية؟
    - المسلمون خرجوا من حلبة الحضارة والتاريخ منذ زمان مديد. وبتعبيرالدكتور محمد إقبال، رحمه الله، فإنهم قد سقطوا من مكان عالٍ جداً. والذي يسقط من مكان عالٍ لا ينهض إلا بعد زمن طويل يداوي فيه كسوره والجراح. وإذا كنا نتحدث عن الجانب السياسي ففيه أكثر الجراح والآلام. ولكن في الجانب التربوي والقيمي هنالك تفوق كبير على القيم الإنسانية وقيم الثقافة الغربية وآدابها واخلاقياتها.
    * هل نحن محتاجون الى استيراد قيم سياسوية؟
    - لا اعتقد.. من جانب آخر أعتقد ان دراسة وتمثل الموروث الشوري الاسلامي القديم وفهمه بنضج متقدم يكفي في حد ذاته. لكن لا مانع من الاستزادة بالتجارب الديمقراطية العظيمة المتطورة في الغرب، خاصة في الولايات المتحدة الأميركية. وليس من واجبنا ان ننظر إلى أميركا على انها فقط مؤسسات سياسية في شكل الكونغرس والاحزاب، علينا أن نستلهم نماذج التدريس في المدارس ونتعلم من نظم التعليم الديمقراطي، وحكومات المدن والأحياء ومجالس الولايات. وهذه البلاد تمارس فيها الديمقراطية ممارسة حقيقية حية وقوية وناضجة وشريفة، كذلك يمكن ان نستهدي بآليات ترشيد العمل الديمقراطي كمراكز البحوث ونظام اللجان البرلمانية في الكونغرس أو في مجلس العموم البريطاني، فهذه الاشياء مهمة لتنمية العمل الديمقراطي، فالعمل الديمقراطي لا تقويه المناقشات والمجاذبات وخلافات في الرأي، وإنما تقويه الدراسات الناضجة التي تقدم الحلول القوية للمشاكل الملحة.
    * ولكن هذه القيم التي تتحدث عنها أتت وفق مرجعية علمانية؟
    - لا ليست علمانية. كما أن العلمانية ليست كلها ضرر. وهذه اشياء علمية وعالمية وكامنة في التراث الإسلامي وروح الإسلام ومقاصد التشريع. ومع أن المسلم مكلف بأن يستصحب أي شئ نافع في الحياة ، إلا أنه في هذه الحالة بالذات قد لا يحتاج إلى استصحاب أصلا، لان كل ذلك كامن في التراث الاسلامي إذا قرأناه قراءة ذكية وعميقة ومتقدمة، ولا سيما إذا كانت قراءة مقارنة مع التجارب الليبرالية الحية.
    * هل ما يزال المشروع الحضاري للدولة السودانية قائماً؟
    - نعم مازال قائما ومتقدما للامام فيما ارى من بعيد.
    * وماذا حقق على المستويين الاجتماعي والاقتصادي؟
    - انا لست موجودا في السودان منذ ستة عشر عاما حتى اقدم اجابة علمية صحيحة، واعتقد ان للمشروع تأثيرات كبيرة على الواقع السوداني الذي اذا قارنته من زاوية اسلامية بواقع ما قبل الانقاذ، سترى أن المجتمع كله تحول نحو الالتزام بالقيم الاسلامية، والمؤسسات كذلك متقدمة اي نحو الاسلام، وهذا قد لا يُعزى أثره إلى دولة الإنقاذ أو عناصر الحركة الإسلامية وحدهم، وإنما كذلك للتأثير السلفي لأنصار السنة وغيرهم، ولجهود الأفراد المسلمين المستقلين، وأداء المعلمين بالمدارس النظامية والمدارس القرآنية.
    * نشرت بحثا قبل فترة عن الاستاذ محمود محمد طه ولكنه اثار جدلا كبيرا؟
    - أعتقد أن محمودا كان من كبار المتأملين الفكريين في السودان، وكان يعيش أحلاما كبيرة خطيرة، وهذه هي التي صنعت منه مفكرا كبيرا. اقول هذا رغم انني اختلف معه في كل شئ كتبه فيما عدا حروف الجر والتسكين والنصب. وهذا الكلام ينطبق بالذات على كتابه التأسيسي ذي الاطار النظري المكين وهو الموسوم بـ «الرسالة الثانية من الاسلام»، ولا شك ان هناك مبدعين غيره أكثر إبداعاً منه مثل الدكتور عبد الله الطيب الذي هو من أعمق الناس وأكثرهم إنتاجاً وأشدهم إخلاصاً لقضية الفكر والثقافة، ومن أكثرالادباء والمفكرين مقبولية في الاوساط السودانية والعربية، وقد كتب بكثافة وأثر في أجيال من الطلاب وانتشر على مستوى العامة، ولكن اكثر الاوساط الفكرية لا تهتم به وتبذل اشد اهتماما اكبر بمحمود لانه يساعد البعض في مهمة تجاوز الشريعة.
    * لكن ألا ترى أن تفكير محمود كان عميقاً في كتاب «الرسالة الثانية من الإسلام»؟
    - كان فكره عميقاً، لكنه كان متحاملا اشد التحامل على الاسلام الذي نعرفه ويعرفه سائر الناس. وأنا شخصيا أعدُّ نفسي مدافعا عن الاسلام، واتحفز لمهاجمة من يهاجمونه أياً كانوا. ورسالتي الشخصية في الحياة هي الدعوة إلى الاسلام ، وأنا حساس تجاه أي إنسان يمس ثوابت الاسلام أو يعمل علي تحريف الاسلام أو يعادي الاسلام مهما يكن متفوقاً ثقافياً. ولا أقبل المساس بكلام الله سبحانه وتعالى او سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
    * لماذا لا تنظر لمحمود محمد طه كمجتهد أكثر من انه يمس ثوابت الاسلام؟
    - لا. لم يكن محمود مجتهدا في إطار الإسلام، وإنما أتي بشئ جديد مختلف عن الاسلام.
    * أليس في الاجتهاد مشروعية للخطأ والصواب؟
    - الاجتهاد عمل ايجابي غرضه التطوير لا التدمير. إنك لا تستطيع تجديد عمارة أو تطويرها بتقويض أعمدتها لأن البنيان كله سينهار. ومحمود محمد طه بدأ اجتهاده بتقويض الصلاة وهي عمود الاسلام الأكبر، ورفض الحج، وانكر شرعية الزكاة، وغير شرع الاحوال الشخصية، ونادى بالغاء سلطة القرآن المدني لأنه ملئ بالتشريعات، ودعا للاكتفاء بالقرآن المكي حيث تقل التشريعات، فهذا كله لا يمكن ان يعد تجديدا وانما هو شئ يستهدف صميم الإسلام.
    * هل كل ما ذكرت موجود في كتب «الرسالة الثانية»؟
    - نعم. هذا هو أقل ما في كتاب «الرسالة الثانية» الذي يقوم على آي القرآن المكي فقط. ومحمود لم يعترف بالقرآن المدني، فهو بالتالي خارج على الاسلام ، وهو في اعتقادي واعتقاد الكثيرين شخص غير مسلم.
    * لكن لايستحق عقوبة الردة؟
    -لا هو مرتد طبعاًً.. هذه هي الردة بعينها ولا توجد ردة اكبر منها. والانسان المسلم إذا أنكر معلوماًً من الدين بالضرورة ، فهو بالضرورة شخص مرتد.
    * لكن العلماء الذين ناقشوه مثل صلاح أبو اسماعيل وصلوا لطريق مسدود معه وإن لديه رؤية وفكرا؟
    - أعتقد أن هذه مجرد إشاعة. وأنا لا علم لي بمناقشة صلاح أبو اسماعيل بالذات. لكن أي عالم شرعي يستطيع بسهولة ان يستنتج ان محمود شخص مرتد.
    * طيب أنت قلت إن الترابي لا يستحق أن يُقام عليه الحد. أليست هذه ازدواجية معايير، إن محمود كان يفكر ويجتهد والترابي يفعل الشئ نفسه الان؟
    محمود لم يكن مجتهداً، والترابي نفسه في تجديفاته الاخيرة لا يعد مجتهدا، وأكثر ما قاله اخيرا قالته الفرق الغالية قديما، وبعضه موجود في تراث محمود محمد طه.
    * طيب ما هي إيجابيات محمود محمد طه؟
    - لقد شق طريقا في التأمل في الوسط الفكري السوداني الخامل. واستفاد في ذلك كثيرا من فتوحات محيي الدين ابن عربي. ولمحمود بعض المساهمات الاصلاحية المحدودة في الزواج الجماعي. وكان محمود ثابت الجأش في المحكمة، وحتي في قتله كان ثابتا. وعلى فكرة كثير من الخارجين عن الاسلام بدوافع الجذب والشطح والايمان بالاشياء الغامضة، واجهوا مصيرهم بمثل هذا الثبات والابتسام. والحلاج صلى ركعتين قبل قتله، وهناك آخرون صدقوا مع أنفسهم. ولكن الصدق لا يعني الصحة والصواب بالضرورة.
    * هناك أيضا من يرى أن الهدف من محاكمته كان سياسياً وليس دينياً ؟
    - قد يكون.. لكن هو أيضا لم يكن بريئاًً من التآمر السياسي ضد خصومه. وقد تآمر مع حكومة نميري والشيوعيين ضد الانصار، وأيد ببيانات كثيرة ضرب الانصار يوم ضربوا في الجزيزة أبا في عام1970م، وظل يردد تأييده لضربهم سنين عددا، ولو راجعت الموقع الالكتروني لحزبه لوجدت هذه الاقوال لا تزال مثبتة في ادبيات الحزب.
    * هناك حديث حول أن قضاته كانوا أقل تأهيلاً عنه؟
    - القاضي هو قاض ٍ . فأنا مثلا لو كنت بروفيسوراً وجاء أحد تلاميذي لمحاكمتي، فهل أقول إنني أشد تأهيلاً من القاضي.
    * لكن يا دكتور لابد أن يكون القاضي مؤهلا ً في النظر لهذه القضايا الدينية؟
    - القضاة الذين حاكموا محمود كانوا مؤهلين بلا شك، وبعضهم كانوا يحملون درجات أكاديمية عليا. والعلامة هنري رياض الذي راجع الحكم ، وهو من كبار فقهاء القانون في السودان، وكان قاضيا في المحكمة العليا، قال إن محاكمة محمود صحيحة من حيث الاجراءات القانونية، وقد كان هنري رياض من ضمن القضاة الأربعة الذين صوتوا أن المحكمة صحيحة في مقابل الخمسة الذين قالوا بعدم صحتها.
    * هناك حديث من البعض أن الصادق المهدي يعد مفكراًً أكثر منه سياسياً.. كيف تقومه أكاديمياً؟
    - لقد جمعت كما ضخما من نصوص الصادق المهدي، وأنا في سبيل اجراء بحث تحليلي نقدي شامل في مضامينها اهتداءً بمنهجية «تحليل محتوى» ولا أريد الآن أن أسبق النتائج، لكن انطباعي العام من قراءاتي لها يفيد بأن الصادق مجرد ملخص نصوص وليس مفكراًً كما يقال. بمعني ان الصادق لا يلتزم بنظرية معينة في المعرفة، ولا يملك أصولاً ثابتة للفكر، ولا يمتلك الصدق الذي كان لمحمود محمد طه مثلا. إنما هو يجمع نصوصاً من هنا وهناك بطريقة cut and paste غير الالكترونية. إن هناك خللاً منهجياً كبيراً في كتابات الصادق. ولا أريد أن أفيض في هذا الأمر الآن، ولكن هذه بعض نقاط التركيز في الدراسة الشاملة التي أتمنى أن أنجزها في المستقبل عنه. وعموماًً لا أعتقد أن الصادق مفكر، رغم إنه مشهور جدا بأنه مفكر أكثر منه سياسياًً.
    * هل تعني انه كاتب؟
    -نعم هو مثقف وكاتب متوسط أو فوق المتوسط؟
    * هل تعني إنه مسنود طائفياً؟
    - لا . هذا لا دخل له في الموضوع . هذا امر يتعلق بطبيعة الصادق المهدي الشخصية. إنه لا يملك الصبر الكافي لاتقان أي شئ يعمله. وهو يكتب مقالاته ودراساته بسرعة شديدة، ولا يربطها بمجمل أفكاره السابقة، ولا يؤسسها نظرياً، ولذلك لا تخفى على القارئ المدقق كثرة التعارضات في افكاره، كما تبدو له مظاهر العشوائية واضحة فيها، والفكرالجاد لا يحتمل العشوائية والتعارض. وبخصوص الصادق المهدي فإن الشخص القارئ البسيط يعتقد ان الصادق مفكر عميق لانه يطرق قضايا كثيرة، ولكن من يقرأ افكار الصادق بذهن فاحص يدرك جلية أمره.
    * يقول الكثيرون في الصراع الفكري بين جماعة صادق عبد الله عبد الماجد والترابي، أن جماعة صادق أكثر صدقا؟
    -الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، حفظه الله، من أكثر الناس الذين أحببتهم في السودان، والحبر يوسف نور الدائم ، حفظه الله، أستاذي في السنة الأولى بالجامعة الإسلامية، ودرسني تاريخ الفكر الإسلامي، لكن هذين الشيخين الجليلين لم يتمكنا من بناء حركة إسلامية قوية.
    * الدكتور عبد الله علي ابراهيم قال إنه عندما انهزم التيار التربوي داخل الحركة الاسلامية، قلت القيم الروحية والاخلاقية داخل الحركة؟
    - والله أنا بعيد عن السودان، ولم أقرأهذا القول المنسوب للبروفسور عبد الله علي ابراهيم في سياقه الذي قاله فيه حتى أفهمه على حقيقته وأقول فيه بشئ. ولكني من ناحية عامة اعلم أن البروفيسور عبد الله علي ابراهيم إنسان حصيف، ويقول كلامه باحتراز العلماء وجدهم.
    * إذن أسالك بصيغة أخرى عن الحالة التربوية.. ألا ترى أنها انتهت حين دخل الاسلاميون السلطة؟
    - الإسلاميون يحرصون على تربية أنفسهم وأولادهم تربية إسلامية صحيحة، بغض النظر عن وجود حركة إسلامية مننظمة من عدمه. والقول عن الحالة التربوية بأنها انتهت فيه مبالغة شديدة، حيث أن معدلات التربية الإسلامية في وسط السودانيين على مختلف مشاربهم عالية، وهي في علو وتنامٍ مستمر.
    * أنا أقصد على مستوى الدولة؟
    - على مستوى الدولة لا أستطيع أن أحكم . وارى أن معظم أعضاء الحركة الاسلامية يستصحبون قيمهم الدينية الإسلامية، وإن كان القليلون قد أهملوا هذا الأمر.
    * سؤالي يتجه بالأساس إلى توظيف الاسلاميين للدعم العربي والاسلامي الاقتصادي لصالح ثرائهم وتورطهم في مسألة الغلاء؟
    - طبعاً هذا يحتاج لتدقيق وتمحيص وتحقيق، فأنا لا أريد أن ألقي الكلام على عواهنه وأكون مسؤولا عنه أمام الله سبحانه وتعالى، وبالتالي لا أستطيع أن أعلق على هذا الموضوع.
    * لكن أنت كباحث إسلامي تحتاج للبحث عن هذه الاتهامات ومعرفة الخطأ والصواب في الممارسة السياسية للاسلاميين. ألم تسمع بمحاولات تخزين العيش لبنك فيصل الذي يديره إسلاميون مؤثرون في الحركة؟
    - في مسألة تخزين العيش أتذكر أن هذا الاتهام قال به الفاتح بشارة وكان حاكما لكردفان ايام نميري، فرفع البنك قضية ضده واضطر لسحب كلامه، وبنك فيصل هو بنك اقتصادي وليس هو الحركة الاسلامية.
    * فلنأتِ إلى الدولة التي يسيطر عليها الاسلاميون حالياً.. ألا تري أن الفساد الذي أحدثه الاسلاميون في كل مناحي العمل العام ليس خافياً على أحد؟
    - الفساد موجود في أي بلد، هو أمر مستنكر، ولا أحد يدافع عن الفساد، والمهم ألا يبالغ الناس في الحديث عن الفساد، لأن ذلك يعطي مشروعية للفساد في النهاية، ويخفف من وقعه المنكر على القلوب، ولو انبرى البعض لمواجهة الفساد قانونيا لأرعب بذلك المفسدين ولو بنحو جزئي، ولطامن من جرأتهم الفادحة على ارتكاب الاعمال والبيوع الفاسدة والمفسدة. والفساد حتى لو حدث حتى من أخي - لا سمح الله - فهو عمل غير صحيح ولا استطيع ان ادافع عنه، لكني في الوقت نفسه لا استطيع ان ابالغ واعمم وألقي الكلام بصورة جزافية في اتهام الناس بالفساد. وفي كل الأحوال ينبغي أن يُقال إن الفساد موجود في كل مكان في العالم، وأن لنا من ذلك بعض النصيب.
    * ولكن محاسبة الانقاذ تتم بالمعيار الاسلامي، لانها طرحت نفسها هكذا ثم أتت بأهل الثقة؟
    - لكن الاسلام نفسه لا يمنع أن تأتي بأهل الثقة ليكونوا عوناً لك لا عليك.
    * لكن ليس على حساب العدالة؟
    - ما خلاص، إذا هم تجاوزوا العدالة فهم على خطأ. ولكني لا أستطيع التأكد مما إذا كانوا قد تجاوزوا العدالة أم لا، لكن من حيث المبدأ هذا الفساد موجود في كل العالم، وموجود في السودان من قديم، ولم تأتِ به الإنقاذ.
    *دكتور وقيع الله .. قلت إن المشروع الاسلامي للدولة السودانية لا يزال قائما، لكن هنالك من يقول إنه لا توجد قيم ومعاييرعليا تضبط ممارسته ، كما ان الظروف الاجتماعية في السودان صعبة جدا. ماذا تقول؟
    - المشروع الذي جاءت به الإنقاذ هو المشروع الوحيد الذي يجري تنفيذه في السودان. وهو مشروع إصلاحي لا ثوري، أما المشروعات الثورية كمشروع السودان الجديد فقد أصبح مجرد هراء أترع أتباعه بالحماسة له والتبشير به وعجزوا عن تنفيذ فقرة واحدة منه على أرض الواقع. وأما حديثك عن القيم والمعاييرالعليا التي تضبط تنفيذ المشروع الإنقاذي فهوحديث فضفاض، وأجيبك عنه بقول فضفاض، وهو أن هذه القيم والمعايير إسلامية. وأما الظروف الاجتماعية فماذا تعني بها؟
    *أعني ظروف المعاش. وذلك على اعتبار ان الحكومة لم تقدم البدائل الجيدة في مجال الإقتصاد، ولم تحقق التنمية المطلوبة من قبل الشعب. الأمر الذي ادى الى مشاكل جمة في الغرب والشرق أضيفت إلى المشاكل الكثيرة التي أصبحنا نعاني منها الآن ولم تكن موجودة في الفترة الديمقراطية الاخيرة؟
    - كلامك هذا لا يتفق مع الواقع الذي شهده سودان الثمانينيات. كل المشاكل التي تحدثت عنها كانت موجودة بكثرة وبحدة بالغة قبل قيام الانقاذ، فكان هناك الفقر والمجاعات والحروب الاهلية والعطش والجهل وكانت هنالك الأحزاب كذلك. وهذه في مجملها هي الآفات التي اشتكى منها العباسي في شعر مبين رصين أنشده بنادي الخريجين في الأربعينيات يقول: ( جهل وفقر وأحزاب تعيث به... إلخ) . واعتقد أن حكومة الانقاذ ساهمت الى حد كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي علاج هذه المشكلات . وانا اراجع دائماً تقارير البنك الدولي، وصندوق النقد العالمي، وكتاب المؤشرات الاقتصادية السنوي الذي تصدره وكالة المخابرات المركزية الأمريكية. وهذه المصادر متفقة على أن السودان يحقق منذ أكثر من عشرة أعوام معدل نمو إقتصادي سنوي لا يقل عن سبعة بالمائة، بمعنى أن الإقتصاد الكلي السوداني يتضاعف مائة بالمائة خلال سنوات قليلة. وهذه نسبة نمو غير مسبوقة في تاريخ السودان. وفي تقارير البنك الدولي هناك ذكر للمشاريع التي قامت في عهد الانقاذ منها بناء الطرق وتشييد الجسور واستخراج البترول وغير ذلك. إن هنالك طفرة اقتصادية واضحة في السودان لا ينكرها إلا من يجرؤ على انكار مشهد الشمس في نهار القيظ. وقد جذب المناخ الاستثماري كماً ضخماً من الاستثمارات الأجنبية المباشرة بما وصل إلى بلايين الدولارات خلال الخمس سنين الأخيرة. هكذا تقول الإحصاءات. وهذا التقدم في الوضع الاقتصادي لا يعني ان الانقاذ قد فعلت كل ما هو مطلوب لتجد التزكية الكاملة مني أو من غيري من المراقبين. وانما اعطيها فقط ما تستحق من الثناء، ولا أبخس أحداً أعماله، وأحاول أن أكون منصفاً لا غير، ولو تحقق ما تحقق من تقدم للاقتصاد السوداني على يد أي حكومة أخرى لقلت فيها ما قلته في انصاف الإنقاذ، فإني لست مدفوعا في هذا بالحب ولا بالكره، ويؤسفني أن أقول إن معظم الكلام السلبي الذي يقال عن الوضع الاقتصادي في السودان إنما تمليه الدوافع الحزبية الضيقة ويقال من باب العداوة السياسية المنكرة التي تتنكر للغة الأرقام.
    *ولكن إن ما تقوله ليس لديه مؤثرات واضحة على حياة الناس، وذلك بدليل الهجرة التي تمت بأعداد هائلة وهناك تقارير تقول ان بين 70 و90 في المئة من الكوادر المؤهلة والمدربة توجد الآن خارج السودان. إضافة لهذا فان الدولة اصبحت مجرد ضيعة خاصة لاعضاء الحركة الاسلامية الذين تغولوا على كل الوظائف ولم يتركوا للآخرين سوى الفتات؟
    - عفوا إن الارقام التي قلتها ليست صحيحة. وإنما يتحدث الناس بها بصورة عفوية وانطباعية. وأنا اسمع الناس يتحدثون عن الهجرة بألفاظ تعميمية وأرقام تتراوح تراوحاً شديدا، ولم أقرأ مثل هذه الأرقام في أي مؤشر أي مصدر اقتصادي ذي اعتبارية علمية. والأمر الأقرب للتصديق أن يقال إن عدد الكوادر المؤهلة والمدربة قد تضاعف مراراً عدداً في السودان، لأن الجامعات السودانية خرجت عشرات الآلاف من المهندسين والصيادلة والبياطرة والزراعيين والأطباء والمتخصصين في الكومبيوتر والتقنيات الحديثة. وأنا شخصياً لا يستهويني الحديث عن ضعف مستوى خريجى الجامعات في هذه الأيام، وأعتقد أن من يتخرجون في هذه الأيام يكونوا قد تعرضوا لمعارف وتقنيات أحدث لم تتح لمن تخرجوا قبلهم. وبالتالي يكونون أفضل تأهيلاً منهم، ويحتاج القدامى إلى أن يطوروا أنفسهم ليلحقوا بهم. ولكن السابق يكون أفضل من ناحية الخبرة والممارسة بالتأكيد. وهكذا فلكل فضل. هكذا يقتضينا الإنصاف والتجرد أن نقول. وفي هذه الناحية ارجو من الأفاضل الذين يدمنون إصدار هذه الأحكام السلبية على التعليم وخريجيه أن يتدبروا هذا الأمر قليلا ويقيموا له البينات والأسناد إن كانوا جادين فعلا في شأنه. وأنا من جهتي مهتم جدا بمناقشة هذا الأمر سواء من ناحيته الموضوعية الصرفة، أومن الناحية العاطفية التي تتعلق بمشاعر أبنائنا المتخرجين حديثاً من الجامعات، والذين نستعد نحن لنورثهم ما ورثنا من علم أو خبرة عن الأسلاف الكرام.
    وأما حديثك الذي يفترض أن الهجرة عمل سلبي ضار، فالرد عليه أن الهجرة في حد ذاتها ليست دليلا على سوء الاحوال الإقتصادية لقطر من الأقطار. فبعض الأقطار المستقرة اقتصادياً والتي تعد أوضاعها أفضل بكثير من أوضاع السودان، يهاجر أبناؤها للعمل بعيداً عنها، وبعضهم يستقرإلى الأبد في الخارج. انظر إلى لبنان كمثال حيث يعيش ثلث أبنائه خارج لبنان. وانظر إلى مصر تجد الملايين من خيرة مواطنيها المؤهلين تأهيلاً ممتازاً يعملون بأصقاع الدنيا المختلفة. وفي هذا المجال تقدم اليونان، وتونس، والصين، والهند، ودول أمريكا اللاتينية نماذج أخرى. إن مسألة الهجرة تحتاج إلى أن ينظر الناس إليها نظرة علمية صحيحة، فالإنسان عندما يخرج من بلاده يخرج منها حتى ولو كان مكرما فيها. ونتائج الهجرة كثيراً ما تكون إيجابية وتقود بشكل مباشر إلى تحسين أوضاع المهاجر، وبشكل مباشر أو غير مباشر إلى تحسين اوضاع البلد الذي هاجر منه.
    *لكن يمكن أن تكون الهجرة واحدة من أسباب الازمة؟
    - يجب النظر لأمر الهجرة نظرة دقيقة ويجب أن تدرس دراسة وافية قبل الوصول إلى استنتاج كهذا.
    وكيف تسير الدولة في ظل غياب الكادر المؤهل؟
    اذا اخذنا مجال الطب مثلا نجد إنه عندما قامت الإنقاذ كان هناك حوالي 1100 طبيب في السودان. وأعتقد أننا نمتلك الآن عشرات الآلاف من الأطباء. وربما تكون معلومات هؤلاء الأطباء الجدد أحدث من معلومات الأطباء القدامى لأنهم درسوا الطب على مناهج أحدث وعلى كتب أحدث. وهذا الكلام اقوله ولي معرفة لا بأس بها بشؤون التعلم والتعليم ، وهذا ينطبق على الكوادر المؤهلة في اي مجال. فالعمل الصحافي كمثال آخر يبدو الآن ارقى مما كان عليه في الماضي البعيد أو القريب. إن الصحافة في عهد الاحزاب كانت الصحافة هامشية وضعيفة جدا. وأنا الآن اقرأ الصحف السودانية بمختلف أطيافها وتوجهاتها على الانترنت، وأعتقد أن مستواها من النواحي الفكرية والمهنية أفضل بما لا يقاس مما كانت عليه الصحافة في أي عهد مضى من تاريخ السودان الحديث.
    * .. لننتقل إلى ناحية أخرى. كيف تنظر للظروف الصعبة التي تواجهها الحكومة السودانية الآن، فهناك جبهتا حرب ملتهبة بالغرب وبالشرق، وهناك ضغوط دولية كثيفة على البلاد. ما المخرج من ذلك ؟
    - هذه المشاكل لا تحل إلا بالحوار مع الذين أشعلوا الحرب، والحل الوحيد يتأتى من الجلوس مع هذه الجهات في حوارات مكثفة كتلك التي تمت مع حركة التمرد الجنوبية. وهذا هو السبيل لحل المشاكل مع العالم الخارجي أيضاً. لأن العالم الخارجي مرتبط بحركات التمرد كما هو معروف ومعلن. وحمل السلاح ليس فيه مصلحة لأحد ( باستثناء الجهات الخارجية طبعاً)، وسيؤدي لاضعاف الحكومة واضعاف الحركات المسلحة وإضعاف الوطن في خاتمة المطاف .
    وأما الحوار الحر الصادق فهو يؤدي إلى بلورة الحلول، وله تأثيره النفسي الإيجابي في تحفيز المتفاوضين للتفكير وتنسيق الأفكار ووضع الأجندة في أولويات صحيحة ولائقة. خذ مثالاً في حركة التمرد في دار فور حيث لم تكن لها مطالب واضحة محددة، ولم يكن لها أي خطاب موضوعي. وقد اعتمدت لغة صاخبة متوترة متكبرة واكتفت بدعم الإعلام الصهيوني لها. وقد أحزنني جدا أنهم في المفاوضات كانوا يطالبون بمناصب فقط، ونسوا اهليهم وأهلينا الأحباب الكرام في دارفورالذين تعذبوا طوال هذه السنين الاربع، فكأنما كان أهلونا الأحباب الكرام بدار فور يتعذبون ليسعد هؤلاء الثوار بالسلطان. إن حركات التمرد تؤدي الى تدمير البنية التحتية وإضعافها وإضعاف الحكومة والاساءة لسمعة السودان وإضعاف الاهل جميعا، ولا مفر في نهاية المسعى من التفاوض لحل المشكلة،وقد أخطأت السلطة بترددها في التفاوض مع المتمردين منذ الايام الاولى .
    *دعنا ننظر إلى الحركة الاسلامية السودانية. كيف تنظرإلى الخلاف المستفحل فيها والتداعيات التي افرزته وتأثيره على الحالة العامة؟
    - أتمنى ان تنقل كلامي هنا بدقة شديدة لأنني لست طرفا في هذا النزاع ولا جزء من هذا الشق او ذاك. وبنظرتي هذه من بعيد أعتقد ان الحركة الاسلامية السودانية قد برهنت للمرة الثالثة على نضج كبير جدا لانها حافظت على قوتها وثباتها بعد ان خرج شيخها الأكبر حسن الترابي عليها. لقد خرجت الحركة الاسلامية السودانية من قبل على شيخها الأستاذ علي طالب الله، رحمه الله، أو هو كان قد خرج عليها. واستمرت الحركة الاسلامية السودانية مندفعة بنفس قوتها لم تضعف أو تتراجع. ثم حدث هذا الامر نفسه عندما خرجت الحركة الاسلامية السودانية على مراقبها العام الأستاذ الرشيد الطاهر بكر، رحمه الله، أو عندما خرج هو عليها. واستمرت الحركة مندفعة بنفس قوتها لم تتوقف ولم ينحسر تيارها الموار. والآن خرجت الحركة الاسلامية السودانية على شيخها حسن الترابي او ربما كان هو الذي خرج عليها، ومع ذلك واستمرت قوية تحافظ على اكثر عضويتها ومكاسبها. من هنا فإنني اتمنى أن تواصل الحركة الاسلامية السودانية خطها هذا المبارك في التخلص من الشخصيات المهيمنة فيها، فالحركة الاسلامية ليست حركة شيوخ ولا شخصيات كبرى ولا قيادات سيادية طائفية، وإنما هي حركة احتساب لله سبحانه وتعالى.
    *هل تعتقد ان الخلاف كان شخصياً أم تمحورحول برامج الحركة الفكرية والسياسية ؟
    - الخلاف كان ومايزال شخصي المنشأ والطابع.
    ولكن بعض المحللين السياسيين يقولون إن الخلاف جرى حول البرنامج السياسي، وذلك بدليل أن مذكرة العشرة المشهورة طالبت بإقرار الشورى وتنفيذها، وذكر كتاب المذكرة أن الترابي كان يستحوذ على السلطة السياسية بكاملها من دون أن يشرك معه الباقين في مسألة اتخاذ القرار.
    المذكرة كانت إجرائية فقط. ولقد كانت هناك شللية وتبعية طائفية ومسائل استلطاف وتقريب واستبعاد من مفاصل السلطة والقيادة العليا، والذي حدث بعد ذلك هو ان هذه الامور تبلورت وانكشفت بشكل جلي واضح واصبح الصراع سافراً حول السلطة ومغانمها. وأما البرنامج السياسي فقد كان هو البرنامج السياسي ذاته ولم يتغير جوهرياً. وحتى الآن يمكن القول إنه ليس هناك خلاف يذكر في البرنامج السياسي الأصلي بين ما يسمى بالمؤتمر الوطني أوالمؤتمر الشعبي، كما يمكن القول إن الانقاذ في جوهررسالتها الكبرى وفي برنامجها الفكري والسياسي هي الانقاذ ذاتها قبل خروج الترابي عليها. وعموما لا أرى ثمة خلاف يستحق الذكر حول البرنامج الفكري والسياسي للإنقاذ، وإنما يتركز الخلاف بكامله حول المكاسب الشخصية ال########ة.
    *وهل هناك إمكانية لتوحيد الحركة الاسلامية ثانية ؟
    - لا.. ليست هنالك أدنى إمكانية ولا بصيص أمل في توحيد شراذم الحركة الاسلامية مرة أخرى.
    *لماذ تصر على كلمة (لا)؟
    - لأن العناد قد بلغ مداه الأقصى. وإذا توحد هؤلاء الناس فسيعودون إلى مربع الخلاف الأول من جديد وسيكون خلافاً أعنف وأشد عُراماً وفساداً من ذي قبل. والأفضل لهؤلاء الغرماء أن يبتعدوا جداً عن بعضهم البعض. في العلوم السياسية نظريات تتحدث عن حلول لحالات مستعصية من هذا القبيل. فإذا وجدت عناصر متنافرة للحد الأقصى وهي تعيش مع ذلك ضمن إطار جغرافي أو مؤسسي واحد، فالافضل أن تفصل هذه العناصر عن بعضها البعض ويحال بينها وبين أن تلتقي على أي صعيد!
    *لكن هنالك محاولات ما تزال تبذل للتقريب بين أتباع الوطني والشعبي!؟
    - الذين يقومون بهذه المحاولات أناس حالمون وغير واعين بمدى خطورة هذا الخلاف ومدى تجذر أصوله في هوى النفس وطغيان الأنا الدنيا.
    *لا يزال الترابي مؤثرا ويمسك بالكثير من اسرار السلطة، وصرح من قبل عن محاولة أديس ابابا وقال ايضا إنه يستطيع ان يحل مشكلة دارفور في ساعات معدودات؟
    - جوبهت الانقاذ بتحديات اكبر من هجمات الترابي عليها وتجاوزتها جميعاً، وحسن الترابي يحب أن يتحدث عن قدرته على اطفاء حريق دار فور وينكر أي دور له في إذكاء لهيبه!
    *وكيف تنظرلاطروحاته الجديدة فيما يتعلق بجوازإمامة المرأة لصلاة الرجال؟
    - هذه الاطروحات لم يفصح عنها الترابي بشكل علني من قبل. وربما كانت في الجزء المسكوت عنه من أفكاره، وافصاحه عنها الآن وتناديه به ربما كانت له علاقة بوضعه السياسي الحالي، وربما أفصح عنها الآن في سياق محاولته لمغازلة الغرب المدبر عنه. وهذه الأطروحات الشاذة وغيرها مما يصرح به الترابي الفينة بعد الفينة كفيل بتحويل ما يسمى بالمؤتمر الشعبي إلى نِحْلة جدلية نظرية مشغولة بمسائل غير واقعية. وكل ما أخشاه هوأن يتحول تنظيم المؤتمر الشعبي إلى تنظيم مغلق كتنظيمات الرافضة والقرامطة والجمهوريين.
    *ولكن هناك ( مادة مسوغة) يمكن أن تهضم في أطروحات الترابي الجديدة؟
    - له المتسع من المحاولة في فروع الفقه ويمكن أن يكون مجدداً مجيداً في الفقه السياسي والدستوري منه بوجه خاص، وفي ماضيه قال الكثير النافع المجدي في هذين المجالين، وإذا تفرغ لتفصيل أطروحاته في مجال النظرية السياسية لكان ذلك أجدى من ممارسته للعراك السياسي وهو قد ناف على السبعين من العمر. وكتابه الكبير الذي صدر مؤخرا مجرد تجميع لأقواله النظرية الأصولية السابقة وليس فيه التفصيل الأكاديمي المنشود. والترابي اذا تفرغ لانتاج أعمال علمية وفقهية مفصلة فهو أكثر من مؤهل لأداء هذا الدور. ولكنه أُغرم بأصول الفقه وادراج كل شيئ تفصيلي أو جزئي فيها. وذلك مع أنه في المجال العملي التطبيقي تكون الفروع والجزئيات أهم من الأصول. وأخيراً آثر أن ينتقل إلى الحديث في العقيدة ليأتي فيها بالشطط الذي لا تحتمله.
    *هل هذا يعني أنك لا توافق فتاويه الاخيرة التي تتطرق لمسائل في العقيدة؟
    - قطعا إنني غير موافق عليها وهذه الفتاوى ليست مفيدة ولا مطلوبة، ومسائل العقيدة لا تطرح للاجتهاد بلْه الجدل العقيم الذي غايته الإثارة وإغاظة الخصوم ومخالفة الجمهور.
    *ولكنه سماها اجتهادات؟
    - هي ليست اجتهادات. وهذه الأطروحات موجودة كلها في كتب السابقين، قالها أناس قبله كثر ولم يتفرد هو بها. قلب كتب الشهرستاني وابن حزم والبغدادي تجد أنهم رصدوها لقادة الفرق الضالة وأوسعوها رداً تفنيدياً حاسماً. وعموما لا اريد الخوض في هذا الأمر ولا أبغي الجدل في مسائل الاعتقاد.
    * إذن دكتور محمد ، بعد هذه السنين هل تعتقد أن الترابي سيظل مفكرا أكثر منه سياسيا؟
    - هو اصلا مفكرسياسي عظيم، ثاقب النظر، لكن لا ادري ما الذي حدث له.
    *وهل هو سياسي بذات مستوى رؤيتك حول فكره؟
    نعم. هو سياسي عظيم ايضاً .
    *ولكن كيف حدث له ما حدث؟
    - لا أدري. ولكنه اغتر بانتصاراته العديدة على خصومه، وظن أنه منتصر أبداً، وغامر مغامرة فادحة باعتماده على بعض أنصاره ممن لم يكن يجدر به أن يعتمد عليهم، واستهان بقوة بعض أنصاره ممن لم يكن يحسن به أن يستهين بهم. وفقد جزءاً كبيراً من مصادر قوته وعظمته ومجده .. وعندما يكون الإنسان عظيماً أو قوياً ويفقد قوته..." ياخي خلينا نخرج عن الموضوع دة ..."
    *حسناً، أين موقفكم من الصراع السوداني ويلاحظ إنكم تمارسون صمتا حيال هذا الأمر؟
    - أنا بصراحة كما قلت لك في بداية هذا اللقاء لست جزءاً من العمل التنفيذي أوالعمل الشوري الإسلامي.ولا يشاورني احد ولا يطلب مني احد أن انفذ شيئا، ولذلك فإن الكلام الذي اقوله ليس له تأثير عملي على الأمور. إنني لا أوالي ولا أعادي إلا في الله. وأؤدي العمل الثقافي الذي اراه نافعا دون أن يشغلني عنه الصراع السياسي الكثير في أوساط الإسلاميين.
    *لكن ربما تكون وجهة نظرك أفيد حول هذا الصراع بطريقة ما؟
    - إذا قلتها - أي وجهة نظري - فإنها تتم في إطار علمي وليس في اطار الجدل السياسي الدائر.
    *ولكن هناك إسلاميون ينتقدون الواقع المتصل بتنظيمهم؟
    - كل إنسان مؤهل في جانب معين يستطيع أن يعمل في إطاره. وهؤلاء كلهم اقرب مني لما يجري في الواقع.
    *دكتور محمد بوصفك أحد المتبنين للثقافة الاسلامية ـ العربية يقول البعض بأن هناك هيمنة أثنية على القوميات الاخرى في السودان وإن هناك محاولات فرض للغة العربية على غير العرب؟
    - نعم الهيمنة موجودة، ولكنها ليست عرقية وإنما ثقافية، وهي تتم برضا الإثنيات الاخرى، إن المقصود من هذا السؤال هو هيمنة الثقافة العربية الإسلامية، وهذا واقع موجود مشاهد لا ينكر، وهويتم بنجاح لأن كل إثنية في السودان تحاول أن تتكلم اللغة العربية لانها اللغة المتفوقة بامتياز، ولأنها اللغة الأعظم والأفضل بلا خلاف، ولأنها لغة التعليم، ولأنها لغة شريفة محايدة وغيرعنصرية، وتمنح الجنسية العربية والهوية العربية لمن يتحدث بها، هذا ما قاله سيد العرب - وسيد العجم كذلك! - محمد صلى الله عليه وسلم. وهذه اللغة متفوقة من حيث حمولتها العظمى من التراث والعلم، ومن حيث عدد الذين يتكلمون بها، حيث يتكلمها أكثر من ثلاثمائة مليون انسان، وهي اللغة الرسمية لاكثر من عشرين دولة0 وبهذه الوضعية المتألقة فطبيعي ان تكون اللغة العربية لغة مهيمنة اكثر من اللهجات الهامشية السودانية ( التي نحترمها بالطبع مع ذلك، فاللغات واللهجات هي من بعض أعظم معجزات الخلق كما جاء في القرآن الكريم). إن اللهجات المحلية كلهجات الدناقلة والمحس والفور والحلفاويين وغير ذلك من لهجات أهلنا الكرام في نواحي السودان المختلفة، لا تقوى على منافسة اللغة العربية التي وسعت آي التنزيل، ومن ثم أقبل أهلوها على تعلم اللغة العربية برضا واختيار. ومن الأخبار السارة التي سمعتها مؤخراً ان أهلينا ومواطنينا الجنوبيين الكرام الذين يعيشون بأنحاء العاصمة غدوا يتكلمون العربية بأفضل مما يتكلمها الشماليون في خارج العاصمة. (وهؤلاء الإخوة والأبناء الجنوبيون يتكلمون العربية قطعاً بأفضل مما يتكلمها أبنائي الأربعة الذين وصلوا حديثاً إلى السودان، فهم أكثرعروبة بالتالي منهم!) . إن هذا الواقع الذي لا يماري أحد في حقائقه يطرح هذا السؤال: ترى هل فرض أحد على هذه الأقوام السودانية أن تتعلم لغة الضاد أم أنها أقبلت على تعلمها اختيارا لا اضطراراً؟! والإجابة العلمية المحايدة تقول إن هؤلاء الناس تعلموا العربية لانهم أحبوها. وأن ذلك هو السبب في إنتشار اللغة العربية في السودان وفي غيره من أصقاع الرقعة الجغرافية للعالم الإسلامي وما تاخمه. فالاقباط مثلا يقيمون قداسهم الديني باللغة العربية ويتحدثون العربية في حياتهم اليومية ولا يتضجرون ولا يشتكون من أن اللغة العربية قد هيمنت على حياتهم كما يتضجر ويتشكى من ذلك بعض مثقفينا ( النخبويين!)!! وهؤلاء المثقفون لا يقدمون لنا بديلاً عملياً عن لغة الضاد، ولو من اللهجات القديمة التي يتظاهرون بالحرص عليها والعمل على حمايتها، والغريب أنهم هم أنفسهم لا يتكلمون بهذه اللهجات ولا يدرسونها. إن واقع الحال يقول إن هذه اللهجات في طور اندثار. فأهلها قد اهملوها وكأنما تواطأوا على قتلها استغناء بلغة الإسلام.
    *كأنك تختلف مع أصحاب الطرح المتردد عن مشكلة الهوية في السودان؟
    - لا توجد أزمة هوية في السودان. وهذه مجرد شقشقة لمثقفين متبطلين يريدون أن يجروا الناس للحديث عن هذه الأباطيل وتوهم وجودها والشعور بمعاناة معينة منها، وهذه وذلك محض أوهام واختلاقات. والشعب السوداني لا يعاني ضياعاً ولاتمزقاً ولا مشاكل في الهوية، وهو شعب منسجم إلى حد بعيد. وإذا رأيت السودانيين في أي مكان في العالم تراهم منسجمين مع بعضهم البعض، بغض النظر عن قبائلهم والإثنيات التي انحدروا منها. وهكذا فإذا وضعت الأمر على مستوى الواقع لا ترى ثمة مشكلة تذكر. وأما إذا نقلته إلى مستوى النقاش النظري فهنا يختلق المثقفون(إياهم!) ما يهوون من الأوهام. وبجانب هؤلاء هناك جهات مستأجرة، وهم دكاترة في بعض الجامعات السويدية والإفريقية يعقدون المؤتمرات المشبوهة حول التعددية الإثنية وخطورة الوضع الإثني في السودان ويجعلون من ذلك ستاراً لأغراض أخرى تتعلق بمحاربة الإسلام في السودان، فهم أعداء الإسلام بالأصالة والعروبة بالتبعية.
    *هذا الأمر يقودنا إلى مشروع التعريب الذي طبق في الجامعات السودانية، فماذا تقول في هذه التجربة؟
    - التجربة ممتازة . هذه اروع تجارب الانقاذ، فأنا متحمس جدا لثورة التعليم العالي ، وأعتقد إنها أتاحت فرص التعليم لاكبر عدد ممكن من الطلاب. وهؤلاء ما كان يمكن لهم أن يتعلموا تعليماً جامعياً على الاطلاق لا في السودان ولا في خارجه، فزاد عدد الطلاب عشرات المرات، والآن يوجد في أي أسرة سودانية طالب جامعي أو أكثر، ويحدثك الآباء والأمهات عن أبنائهم وبناتهم بالجامعات بفخر وتشعر معهم بالفخر. وهذا كله لم يكن متاحاً بالماضي. اما بالنسبة للاخفاقات والنواقص فهذا شئ طبيعي ولا يتوقع الانسان ان تكون هناك ثورة ضخمة في التعليم وارتفاع هائل في عدد الطلاب ويكون هناك في ذات الوقت تحسن في الجودة.لا بد ان نزيد عدد الطلاب المتعلمين في الأول وعلى المدى البعيد نناضل لتحسين النوعية ونجتهد في ذلك ولا نشتكي. فالشكوى لا تحل مشكلة. ولا يمكن ان يكون هناك توسع في التعليم بدون تعريب، ولايمكن ان تزيد عدد الطلاب بهذا الحجم وندرسهم بالانجليزية. فالناس لايمكن ان يتكلموا اللغة الانجليزية كلهم. في الماضي كانت هنالك نخبة صغيرة في جامعة الخرطوم تتعلم بالانجليزية وتتكلمها بصعوبة. والآن لا لزوم لتعليم الطلاب بلسان أعجمي.
    *حتى الطب..؟
    - نعم حتى الطب، فالطب يمكن تعلمه بالعربية، مثل ما أمكن تعليمه باللغات الشرق- أوروبية الصغيرة. وبعد أن يتعلم أبناؤنا الطب بالعربية، يمكن ان يتعلموا الانجليزية لكي يتزودوا من مراجع اخرى، ولكيما يفهموا ما يقال في المؤتمرات العلمية، ويمكن ان تقام دورات تقوية وتجويد لهذا الغرض. وقد شاهدت هنا في امريكا أن من أشهر الاطباء السوريين وهؤلاء درسوا الطب باللغة العربية وقادهم ذلك للتمكن في الطب، لانهم درسوه باللغة التي يجيدونها وبذلك استوعبوا اكبر قدر من المعلومات وبأعمق ما يكون. وعندما أتوا لامريكا وبريطانيا تعلموا اللغة التي يتعاملون بها في هذه البلدان ولم يجدوا صعوبة في المواءمة، ونقل محصول العلم الذي تحصلوا عليه سابقا إلى اللغة الجديدة.
    * ماذا تقول عن منبر الشمال يا دكتور؟
    ليس لدي معلومات كافية عنه. لكن إذا اردت رأيي الشخصي فأنا لا أنسجم مع الفكرة الانفصالية سواء جاءت من الجنوبيين او الشماليين، فقدرنا هو أن نعيش مع بعضنا البعض وأن يساند بعضنا بعضاً وأن نحل مشاكلنا بطريق سلمي نراعي فيه مشاعر الأخوة ونراعى فيه كرامة الكل وحق الوطن.
    *لكن ألا تحس من دعاية منبر الشمال أن قيادته قد يئست تماماً من امكانات الوحدة؟
    - لا أعتقد أن الانفصال هو الرأي الذي يسود. حتى إذا ساد أعتقد أن ذلك من حق الجنوبيين ان يقرروا الانفصال ويأخذوا الفرصة لكي يقوموا تجربتهم بأنفسهم. فإذا كان الانفصال مجديا بالنسبة لهم فليستمروا فيه. وإذا ارادوا العودة لاحضان الوطن فلهم حق العودة.
    *ولماذا لم يكن هذا الرأي منذ زمن يطول؟
    - إذا لم يحدث ذلك (من بدري) دعه يحدث الآن.
    *وما هي الاسباب التي لم تسمح بحدوثه في السابق و تسمح بحدوثه الآن؟
    - الخطأ وارد دائما في الماضي أو في الحاضر. وإذا حدث خطأ في الماضي فالمهم ألا نسمح بتكراره في الحاضر أو المستقبل، وألا نعطيه الشرعية، ولا نقول إنه ليس بخطأ. ولا ينبغي بعد ذلك أن نجلس ونحاسب الناس الذين ارتكبوه وهم قد مضوا إلى امر الله.
    *لكن الحركة الاسلامية أعلنت على ضوء ثوابتها الجهاد من قبل على (المتمردين) والآن أعطتهم حقوقهم..وبعد موت الكثير من شبابها وشباب السودان؟
    - ما هو الخطأ في الجهاد؟! الجهاد ليس خطأ، فبالجهاد تحمى الأوطان، ولولا أن جاهد المسلمون لكانوا قد اندثروا من قديم. والجهاد هو أنبل ممارسة لحماية الحرية والوحدة وصد المؤامرات، إن البعض يريد أن يصور الجهاد على أنه ارهاب، ولكن الجهاد الحقيقي لا علاقة له بالإرهاب. وشباب الحركة الإسلامية وشباب السودان الذين ماتوا هم الذين هيأوا المناخ الصالح لإجراء المفاوضات والصلح.
    *لماذا كل هذا؟
    - ربما لأننا لم نحتكم منذ البداية إلى العقل. ولأنه كانت هناك أصابع أجنبية كانت تريد إزهاق أرواح الطرفين.
    *لكن الاصابع الاجنبية ( دي) يا دكتور موجودة في أي صراع؟
    - كانت بارزة جدا في الصراع الجنوبي ـ الشمالي.
    *ولماذا لم نصل معهم لسلام منذ ذلك الحين ؟
    - إن الحركة الجنوبية كانت رافضة بتعنت وتنطع للحوار، أي حوار. وذلك منذ عهد الصادق المهدي وأيام الجزولي دفع الله . فالخطأ الأكبر في هذه الناحية أتى من ناحيتهم.
    *هل أنت من المبشرين الآن بالوحدة؟
    - نعم.
    *هل هناك ما يبشر أن الوحدة ممكنة؟
    - إذا أرحنا أعصابنا من التوتر وألجمنا ألسنة المهيجين وشرعنا نفكر تفكيراً هادئاً لوجدنا كل شئ يبشر بالوحدة والسلام.
    *دعنا نتحدث على مستوى عالمي الآن، وهو مستوى صراع الحضارات، ماذا تقول في أطروحة هنتنجتون حول هذا الموضوع؟
    - هذا القول له صلة بما كنا فيه. ويزعم هنتنجتون أن الصراع الحضاري العالمي انطلق من السودان. وبالتحديد من جنوب السودان. والذي يعيد مطالعة مقالته المشؤومة التي نشرت بمجلة (الشؤون الخارجية) في صيف 1993م، بعنوان( صراع الحضارات؟) يلاحظ أنه ذكر أن صراع الحضارات قد استعر بالفعل، وأن شرارته الأولى جاءت من حرب جنوب السودان. وغرض الأطروحة برمتها التهيئة لصراع عالمي يحمي هوية الغرب التي أخذت تهترئ. ويخطئ المسلمون وأصحاب الحضارات السبع الأخرى التي عددها لو استجابوا لدعوة هنتنجتون لصراع غيرمتكافئ مع الغرب.

    نقلا عن الصحافة



    صلاح شعيب.!!محمد وقيع الله..دا..نصيح..?
                  

02-09-2013, 07:17 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: عبدالله عثمان)

    رد عمر القراي على هذا الحوار بمقال نشرته الصحافة واعيد نشره في موقع الفكرة
    http://www.alfikra.org/article_page_view_a.ph...le_id=1007andpage_id=1
    وأسافير أخرى
    ===
    الحــــوار العجيـــــب
    د. عمر القراى
    (فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً) صدق الله العظيم.
    * اطلعت على حوار في صحيفة «الصحافة» الغراء العدد «4802» بتاريخ 19 اكتوبر 2006م، اجراه الصحافي صلاح شعيب، مع شخص قال عنه (الدكتور محمد وقيع الله استاذ جامعي يدرس في الولايات المتحدة وهو مفكر اسلامي وباحث يساهم في الحياة العامة باوراق ودراسات معمقة وكتابات سياسية وفكرية في القضايا المعاصرة والشؤون السيايسة) على ان هذا الحوار لم يعكس شيئاً مما ذكره الصحافي في مقدمته تلك. بل قدم لنا شهادة رجل، على نفسه، بأنه يؤمن بفكر الحركة الاسلامية، ولا ينتمي لها تنظيمياً، لأنه سريع الغضب، ويصادم كل من يخالفه الرأي!! ثم هو يرى ان الحركة الاسلامية السودانية، الآن صاحبة الشأن الاعلى، وانها لم تحد عن مسارها، وان مشروعها الحضاري، مازال قائماً!! فلما سئل عن ما حققه المشروع الحضاري في الواقع، تذرع بغيابه عن البلاد، سبباً لعدم معرفته بما يجري!! وهو يرى ايضاً ان الحركة الاسلامية ليست لها كيانات تنظيمية، كما كانت في الماضي، وانها ذابت في السلطة، بل يرى المسلمين جميعاً خرجوا من حلبة الحضارة والتاريخ!! ثم هو يترك مفارقة المسلمين جانباً، ليحدثنا عن عظمة اميركا وديمقراطيتها، وحريتها، ومع كل اعجابه بالحرية والديمقراطية، ودعوته لنا، لنستلهمها من الغرب، لا ينسى ان يكفِّر الاستاذ محمود محمد طه ويقول بأنه شخص غير مسلم ومرتد، دون ان يورد من كتب الفكرة ما نسبه اليها!! هذا بالرغم من انه قد سئل عن دراسة كان قد كتبها حول الفكر الجمهوري.
    انتماؤه للحركة الاسلامية ورأيه فيها:
    * في الإجابة على السؤال (ما هى علاقتك بالحركة الاسلامية...) يقول د. وقيع الله (علاقتي بالحركة الاسلامية ثقافية وليست تنظيمية.. وفي هذا السياق كنت ومازلت ارى نفسي موجوداً في داخل الحركة الاسلامية، وفي ذات الوقت ارى نفسي خارجها)!! وحين سأل الاستاذ صلاح شعيب (هذا الحديث يعطي انطباعاً بانك غير منظم داخل الحركة الاسلامية، ونحن نعرف ان المنتمي للحركة الاسلامية هو منظم فيها، هل نفهم انك تجمع خصوصية الانتماء واللا إنتماء للحركة؟) أجاب (أنا لست منظماً في داخل الحركة الاسلامية، وانني ايضاً غير منتظم في أي إطار آخر اجتماعي رسمي أو غير رسمي، وحياتي محورها النشاط والعمل والانتاج الدائم الدائب. وانا اؤمن بالانتاج فقط ولا اؤمن بالاطر الاجرائية.. وفي حالتي الخاصة الاجراءات الضيقة معوقة لعملي ايما تعويق، لذلك اصطدم بالناس الذين يعملون معي. ودائماً ما اعمل عملاً انفرادياً، ولا احب ان التقي في تعاون أو تنظيم او تنسيق مع أي شخص. وهذه ميزة يعرفها كل من يعرفني).
    نحن هنا، امام رجل، يظن انه يتفق مع الحركة الاسلامية فكرياً، ولكنه يرفض فكرة ان ينتظم داخلها، ولا يدرك ان هذا في حد ذاته، خلاف فكري بينه وبينها. ذلك ان الحركة الاسلامية تعتمد على مرجعية دينية، قررت بناءً عليها انشاء التنظيم الذي يقوم على العمل الجماعي، قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فاذا كان د. وقيع الله لا يؤمن بالاطار التنظيمي، كما قال فهذا خلاف فكري واضح بينه وبين الحركة الاسلامية وان لم يشعر به. ثم ان صاحبنا يقول (لا أحب ان التقي في تعاون او تنظيم او تنسيق مع أي شخص وهذه ميزة) فأين يذهب به ذلك عن قوله تعالى (وتعانوا على البر والتقوى)؟! وهل حقاً ان نفوره من التعاون والتنسيق والعمل الجماعي المنظم ميزة ام انها مشكلة؟! ليس من حيث مفارقتها الدينية فحسب، بل من حيث بعدها عن الاسلوب العلمي في المجال الاكاديمي الذي قال إن فيه جل نشاطه (الدائم الدائب)؟!
    ولماذا لا يريد هذا الدكتور ان يعمل مع مجموعة في تنسيق او تنظيم؟! اسمعه يقول في تبرير هذا السلوك العجيب (وانا سريع الاحتدام والاصطدام مع الشخص الذي يختلف معي في الفكر والرأي.. لذلك احب ان اعمل دائماً على انفراد كامل حتى في مجال عملي المهني وهو التدريس) اليست هذه حماقة، شهد بها وقيع الله على نفسه دون موجب؟! ألم يسمع بالقول (ان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)؟! وما ذنب هؤلاء الطلاب، الذين تقتضي دراستهم ان يعملوا في شكل مجموعات، وفرق ويفرض عليهم المنهج العلمي نفسه ان يختلفوا مع بعضهم ومع استاذهم؟! ما ذنبهم ان يكون استاذهم من الضيق، بحيث يصادمهم، ان هم اختلفوا معه في الرأي؟!
    إن د. محمد وقيع الله يعاني من مشكلة خطيرة وعصية على العلاج، وهو لن يتجاوزها اذا ظل مشغولاً عنها بنقد الآخرين، ولو انه يقبل منا مساعدة لاقترحنا عليه ان يتبع المنهاج النبوي في ترويض النفس والسيطرة على بداواة الطبع، حتى يتقبل الرأي المعارض في محبة وسعة.
    يقول وقيع الله عن الحركة الاسلامية (وفي الوقت الحالي اعتقد ان الحركة الاسلامية اصبحت تضع الاجندة والمبادرات للعمل السياسي السوداني عامة، هذا الامر يجري منذ عقد ونصف من الزمان تقريباً، فالحركة الاسلامية السودانية هى صاحبة الشأن الاعلى والجميع يصدرون عن ردود فعل لما تفعله الحركة الاسلامية)!!
    ولم يخبرنا عن أية حركة اسلامية يتكلم. هل يقصد المؤتمر الشعبي ام المؤتمر الوطني؟ فإن كان يقصد المؤتمر الشعبي فهو بعيد عن السلطة ولا يتولى المبادرات، وإنما ركز عمله على نقد الجناح الآخر من الحركة الاسلامية الذي يسيطر على الحكومة، واعتبره المسؤول عن الفشل والفساد والصراعات الاقليمية!! وان كان وقيع الله يقصد المؤتمر الوطني الذي يقود الحكومة، فإنه يواجه مشاكل عديدة في الداخل والخارج، وتعوزه الحيلة في ان يقدم مبادرة تخرج البلاد مما ورطها فيه.. ثم هو أيضاً يعاني الآن من انقسامات وصراعات لمحاور قوى تمنعه من أية مبادرة نافعة.. ألا يكفي هذه الحركة الاسلامية مفارقة لجوهر الاسلام، ان يصف مرشدها تلاميذه بالفساد والانحراف عن قيم الدين والانشغال بالكراسي؟! لا يكفيها مفارقة ان يصف التلاميذ مرشدهم وشيخهم بالكفر والمروق؟!
    وبعد كل هذا نسأل وقيع الله هل حادت الحركة الاسلامية عن مسارها فيجيب (لا لم يحدث ذلك.. مضت الحركة الاسلامية في مسارها القديم قدماً)!! هل كان مسارها القديم مليئاً بكل هذه الانقسامات والخلافات الحاضرة، أم ان وقيع الله يضحي بالتزام الصدق ليخفي واقع الحركة الاسلامية المزري؟!
    ومع إعجاب د. وقيع الله بالحركة الاسلامية وظنه انها اكثر فعالية من كل التنظيمات الاخرى، وانها لم تحد عن مسارها، يرى انها لا تملك كيانات تنظيمية!! ويجري الحوار هكذا:
    (س: وهل قدمت مشروعاً نقدياً للحركة الاسلامية يبين قصورها مثلاً؟
    ج: هذا لم يحدث، ولا اعتقد ان لدى الحركة الاسلامية السودانية كيانات تنظيمية كما كانت في الماضي.
    س: كيف؟
    ج: عدم وجود الشيء لا يحتاج الى برهان، والشيء الموجود هو الذي يحتاج الى برهان، فاذا كان تنظيمهم معدوماً او غير موجود او غير مشاهد فهذا لا يحتاج الى برهان، ولا اعتقد ان لديهم مثل تلك التنظيمات الفاعلة في الماضي، انهم مشغولون بالدولة اكثر من أي شيء آخر).
    فوقيع الله اذاً لم ينقد الحركة الاسلامية لأنها ليست لديها كيانات تنظيمية، وما دام تنظيم الحركة الاسلامية معدوماً او غير موجود فهذا امر لا يحتاج الي برهان، وهو لهذا السبب- حسب رأي وقيع الله- لا يستحق ان ينقد لعدم وجود التنظيمات الفاعلة في الماضي، ولأن اعضاء الحركة الاسلامية اصبحوا مشغولين بالدولة اكثر من أي شيء آخر.
    إن هذه العبارة مليئة بالتناقضات لدرجة ان القاريء ليظن ان المحاور شخصان لا شخص واحد. واول الاسئلة التي تواجه هذا التناقض، كيف لا يكون للحركة كيان تنظيمي ويكون تنظيمها معدوماً، ثم تكون اكثر الحركات فعالية في الساحة؟! واذا كانت الحركة لا تملك تنظيماً فلماذا لم يدفع وقيع الله بذلك حين سئل عن انضمامه للحركة الاسلامية؟! لماذا لم يقل انه لم يدخل في تنظيم الحركة الاسلامية لأن الحركة لا تنظيم لها؟!
    ولقد كان السؤال اساساً عن نقد وقيع الله للحركة الاسلامية، فهل كونها ليست لديها كيانات تنظيمية عذر لعدم نقدها، ام انه سبب كافٍ لنقدها؟! وحين سُئل وقيع الله هل حادت الحركة الاسلامية عن مسارها نفى ذلك بشدة، وقال انها مازالت على نفس مسارها القديم ولقد اخبرنا وقيع الله نفسه ان الحركة الاسلامية كانت لديها (التنظيمات الفاعلة في الماضي) فهل حقاً لم يحيدوا عن مسارهم حين تخلوا عن كل ذلك واصبح (تنظيمهم معدوماً او غير موجود أو غير مشاهد) كما قال؟!
    وبعد كل هذا سئل وقيع الله (هل لا تزال الحركة الاسلامية على ثوابتها؟) فأجاب (نعم)!! وحين سُئل هل مازال المشروع الحضاري للدولة السودانية قائماً أجاب (نعم مازال قائماً ومتقدماً للامام..)!! وحين سُئل عن الذي حققه المشروع الحضاري اجاب بقوله (انا لست موجوداً في السودان منذ ستة عشر عاماً حتى اقدم اجابة علمية صحيحة)، فاذا كان غياب وقيع الله عن البلد لا يمكنه من الحكم على ما حققه المشروع الحضاري، فكيف استطاع رغم هذا الغياب ان يقرر ان نفس هذا المشروع (مازال قائماً ومتقدماً للامام)؟!
    ولأن وقيع الله وافق على بعض مثالب الحركة الاسلامية وقال عنها (ولكن يمكن القول ان الكثير من افرادها قد تنكبت بهم السبل وضلوا سواء السبيل).. وإن كان قد تناقض مع تقريره هذا وقال (وارى ان معظم أعضاء الحركة الاسلامية يستصحبون قيمهم الدينية الاسلامية وان كان القليلون قد اهملوا هذا الامر) فإن الصحافي المحاور سأله سؤالاً مباشراً ومحدداً هو (ما دور القيم الاسلامية في مكافحة هذه المثالب والعيوب؟) فكانت اجابة الدكتور (لست ادري ان كنت استطيع ان اجيب على هذا السؤال)!!
    فاذا كان وقيع الله لا يعرف دور القيم الاسلامية، في معالجة عيوب السلوك ومفارقات الاخلاق، فماذا يعرف عن الاسلام؟! وهل جهله بقيم الاسلام واثرها على تقويم سلوك الافراد يمنحه القدرة على تقييم الحركات الاسلامية ومدى مفارقتها حتى يثني عليها كما فعل في هذا المقال؟! وهل من اعترف بجهله بدور الاسلام في تقويم الاخلاق يستطيع ان ينصب نفسه ناقداً لفكرة عميقة ومؤسسة كالفكرة الجمهورية لو كان صادقاً حين قال عن نفسه (لا اريد ان القي الكلام على عواهنة واكون مسؤولاً عنه امام الله سبحانه وتعالى)؟!
    إعجابه بأميركا:
    * وفي اجابة على سؤال الصحافي المحاور (ولماذا بعد هذه السنين الطويلة منذ مجيء الاسلام تظل احوال المسلمين متخلفة على مستوى البنية الاجتماعية والسياسية؟) اجاب وقيع الله (المسلمون خرجوا من حلبة الحضارة والتاريخ منذ زمن مديد، وبتعبير الدكتور محمد اقبال رحمه الله، فإنهم سقطوا من مكان عال جداً، والذي يسقط من مكان عالٍ لا ينهض إلا بعد زمن طويل يداوي فيه كسوره والجراح..) ولقد نسي وقيع الله في غمرة حماسه ونقده للمسلمين انه كان قد حدثنا قبل قليل، عن عظمة الحركة الاسلامية السودانية وثباتها على مبادئها وتأثيرها الكبير الذي ما نشاط الآخرين إلا ردة فعل له. فهل هذه الحركة جزء من هؤلاء المسلمين الذين سقطوا من علٍ؟!
    وحين سأله المحاور بناءً على حديثه السابق (هل نحن محتاجون الى استيراد قيم سياسوية؟) اجاب بقوله (لا اعتقد.. من جانب آخر اعتقد ان دراسة وتمثل الموروث الشوري الاسلامي القديم وفهمه بنضج متقدم يكفي في حد ذاته).. ولعله قبل ان يسجل الصحافي هذا الاجابة الواضحة التي فحواها اننا لا نحتاج لاستيراد الديمقراطية من الغرب، وانما يجب ان نتمثل الشورى القديمة ونتفهمها، اذا بوقيع الله يفاجئه بقوله (لكن لا مانع من الاستزادة بالتجارب الديمقراطية العظيمة المتطورة في الغرب، خاصة الولايات المتحدة الاميركية.. وهذه البلاد تمارس فيها الديمقراطية ممارسة حقيقية حية وقوية وناضجة وشريفة..)!!
    نحن هنا امام جهل مزودج، جهل بالفرق بين الديمقراطية والشورى من ناحية، وجهل بتزييف الولايات المتحدة الاميركية للديمقراطية من ناحية اخرى. فوقيع الله يظن انه يمكن ان يطبق الشورى ثم يزيد عليها الديمقراطية الغربية في نفس الوقت.
    والحق ان الشورى والديمقراطية نقيضان.. (فالشورى ليست نظام حكم، وانما هى ميكانيكية مساعدة لنظام الخلافة، تلطفه، وتهذبه حتى لا يصبح دكتاتورية سافرة، بل يكون نظام وصاية الفرد الرشيد على القصر.. فالخليفة الحاكم يختار مجموعة ممن حوله سماها الفقهاء مؤخراً (أهل الحل والعقد) يشاورهم في امور الدولة فيستأنس برأيهم، ولكنه يملك ان يخالفهم، فليست المشاورة بملزمة.. فبالرغم من الشورى يظل نظام الخلافة حكم فرد، وهو لهذا يتناقض تماماً مع الديمقراطية.. وآية الشورى من الكتاب قوله تعالى «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين» جاء في تفسير هذه الآية (يعني فتجاوز يا محمد عن اتباعك واصحابك من المؤمنين بك وبما جئت به من عندي، ما نالك من اذاهم ومكروه في نفسك، واستغفر لهم وادع ربك لهم بالمغفرة.. وقوله وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله، امر الله عزَّ وجلَّ نبيه صلى الله عليه وسلم ان يشاور اصحابه في الامور، وهو يأتيه الوحي من السماء لأنه اطيب لانفس القوم.. حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن اسحق وشاورهم في الامر أي لتريهم انك تسمع منهم وتستعين بهم، وان كنت عنهم غنياً تؤلفهم بذلك على دينهم.. وأما قوله فإذا عزمت فتوكل على الله فإنه يعني اذا صح عزمك تثبيتنا اياك وتسديدنا لك في ما نابك وحزبك من امر دينك ودنياك، فامض لما امرناك به على ما امرناك به، وافق ذلك آراء اصحابك وما اشاروا به عليك او خالفها، وتوكل في ما تأتي من امورك وتدع وتحاور او تزاول على ربك فثق به في كل ذلك، وارض بقضائه في جميعه دون آراء سائر خلقه ومعونتهم..).
    ( ولقد كان النبي الكريم عليه افضل الصلاة واتم التسليم، يشاور اصحابه ثم يوافقهم كثيراً ويخالفهم احياناً، فقد نزل عند رأيهم في غزوة احد، وخالفهم حين قبل شروط صلح الحديبية، وكان في كل ذلك يربيهم تربية الاحرار، يشعرهم بقيمتهم وكرامتهم ويؤهلهم بقاعدة التربية الفردية للديمقراطية التي لم يحن حينها في ذلك الوقت.. ولقد حاول الاصحاب ما وسعهم الوسع ان يسيروا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقامت الخلافة الراشدة كحكم فرد تدعمه سلطة دينية، وهو ما يعرف الآن بالنظام الثيوقراطي.. فلم يحدث ان تم لخليفة انتخاب.. فأبو بكر الصديق رضى الله عنه اختاروه يوم السقيفة على خلاف بين المهاجرين والانصار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قدمه حين كان مريضاً فصلى بالناس فقال بعضهم (رضيه رسول الله لديننا افلا نرضاه نحن لدنيانا؟!).. ولم يشارك كل أهل المدينة في اختيار ابي بكر، ولم تشارك فيه الامصار، ومع ذلك بايع كثير من الناس ابا بكر بعد ان اصبح خليفة، ولقد مارس ابو بكر الشورى تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فشاور اصحابه في قتال مانعي الزكاة فأشاروا عليه بعدم القتال، فخالفهم وقال (والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)!! ولو كان حاكم المسلمين ملزماً برأي الاغلبية لما قامت حروب الردة.. ولم يعط ابو بكر الناس الفرصة التي اعطاهم لها النبي صلى الله عليه وسلم، بل جعل عليهم عمر بن الخطاب وامرهم ان يسمعوا له ويطيعوا).
    ولا شك في أن الولايات المتحدة الاميركية بها تجربة متقدمة في محاولة تطبيق الديمقراطية، ولكنها ليست (ممارسة حقيقية) كما قرر وقيع الله، وإنما هى ممارسة مزيفة، والسبب في ذلك هو ان الرأسمالية تجهض الديمقراطية، فما دام المال بيد قلة وان الكثرة تكدح، وتشقى لتزيد من ثراء هؤلاء الافراد المسيطرين على وسائل ومصادر الانتاج، فإن الشخص المتوهم بأنه حر، ليس كذلك وانما مستعبد للرأسمال. هنا تصبح الانتخابات والمؤسسات الديمقراطية جميعها بما في ذلك الاعلام أدوات في يد الرأسمالي ليدعم بها نفوذه وسيطرته. والرأسمالية لا تهتم بالإنسان وانما تهتم بالربح، ومن اجل ذلك تشيع الغلاء. وكأثر لذلك تضطر الى رفع الاجور ومن ثم تكلفة الانتاج ليتصاعد التخضم مرة اخرى، وتسعى الشركات الكبرى عابرة القارات الى تهريب رأس المال الى دول اخرى حيث العمالة رخيصة، مما يخلق المزيد من العطالة.. وهكذا يتأزم الوضع بصورة لا يمكن تجاوزها إلا بتحول الرأسمالية الى امبريالية بسيطرتها على دول اخرى واخذ مصادرها دون مقابل.. وفي وقتنا الحاضر اصبح مثل هذا النموذج ماثلاً.. فقد خاضت اميركا حرباً ضد العراق زعمت انها قامت بها كرد على عدوان الارهاب الذي استهدف مواطنيها، ولأن صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل يهدد بها امنها.. وبعد ان انتهت الحرب، ومات الآلاف من العراقيين والمئات من الاميركيين والبريطانيين، صرح مسؤولون في قمة الادارة الاميركية بأن صدام حسين لا علاقة له باحداث سبتمبر 11، وانه لم يكن يملك اسلحة دمار شامل!! وواضح ان الغرض من حرب العراق هو مصالح الشركات الضخمة التي يملكها من يؤثرون في القرار، والتي تريد ان تحصل على البترول، بلا مقابل، وتمتلك عطاءات اعادة تعمير العراق بعد تحطيمه، وتحل الازمة الاقتصادية التي خلقتها الرأسمالية ولو بمخالفة مبادئ الديمقراطية.
    وحين لاحظ الصحافي المحاور ان وقيع الله معجب اشد الاعجاب بتجربة الغرب، وانه اشاد باميركا وببريطانيا ودعانا الى ان ( نستهدي بآليات ترشيد العمل الديمقراطي كمراكز البحوث ونظام اللجان البرلمانية في الكونغرس او في مجلس العموم البريطاني)!! سأله (ولكن هذه القيم التي تتحدث عنها انت وفق مرجعية علمانية؟) فأجاب الدكتور (لا ليست علمانية، كما ان العلمانية ليست كلها ضرر)!! وهكذا يتحول د. محمد وقيع الله العالم الى المغالطة،. ويقرر دون تردد أن النظام الاميركي الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة وعدم تدريس الدين في المدارس ويعتمد على المادية في سائر نظمه، ليس علمانياً!! ومعلوم ان العلمانية ليست كلها ضرر، ولكن ضررها اكبر من نفعها، وهذا ما تحاشى وقيع الله ان يقف عنده فيثبته، أو ينفيه.
    نقده للفكر الجمهوري:
    * سأل الصحافي (نشرت بحثاً قبل فترة عن الاستاذ محمود محمد طه ولكنه اثار جدلاً كبيراً) فقال وقيع الله (اعتقد ان محموداً كان من كبار المتأملين المفكرين في السودان، وكان يعيش احلاماً كبيرة وخطيرة، وهذه هى التي صنعت منه مفكراً كبيراً، اقول هذا رغم انني اختلف معه في كل شيء كتبه، فيما عدا حروف الجر والتسكين والنصب)!!
    فهل حقاً يختلف د. محمد وقيع الله مع الاستاذ محمود في كل شيء كتبه ماعدا حروف الجر والتسكين والنصب، أم ان هذا ضرب من المبالغة المفارقة للصدق، والتي ان جازت في القصص والحكايات لا يمكن ان تقبل في النقد العلمي للافكار؟! وحتى يضع وقيع الله يده بنفسه على مبلغ الخلل في عبارته تلك، نورد له هنا نصاً من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام، فقد جاء في صفحة «17» (عندما استعلن النور الالهي بمحمد الأمي من جبال مكة في القرن السابع الميلاد، اشرقت شمس مدينة جديدة، بها ارتفعت القيمة البشرية الى قمة لم يسبق لها ضريب في تاريخ البشرية. ولقد قامت تلك المدنية الانسانية الجديدة على انقاض المدنية المادية الرومانية في الغرب، وعلى انقاض المدنية المادية الفارسية في الشرق، ولقد بلغت هذه المدنية الانسانية الجديدة أوجها، من الناحية النظرية على الاقل غداة انزل الله تعالى على نبيه الآية التي صدرنا بها هذا السفر، وهى قوله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً)، فهل يختلف وقيع الله مع كل ما ورد في هذا النص أم يتفق مع بعض ما ورد فيه بخلاف حروف الجر والتسكين والنصب؟!
    وحين سأله الصحافي المحاور (ولكن الا ترى ان تفكير محمود كان عميقاً في كتاب (الرسالة الثانية من الاسلام؟) أجاب بقوله (كان فكره عميقاً ولكنه كان متحاملاً على الاسلام الذي نعرفه ويعرفه سائر الناس. وأنا شخصياً أعد نفسي مدافعاً عن الاسلام واتحفز لمهاجمة من يهاجمونه اياً كانوا، ورسالتي الشخصية في الحياة هى الدعوة الى الاسلام، وانا حساس تجاه أي انسان يمس ثوابت الاسلام أو يعمل على تحريف الاسلام او يعادي الاسلام مهما يكن متفوقاً ثقافياً، ولا أقبل المساس بكلام الله سبحانه وتعالى او سنة نبيه صلى الله عليه وسلم)!
    ولم يذكر لنا هذا الباحث الجامعي، كيف كان الاستاذ محمود متحاملاً او محرفاً، او معادياً للاسلام.. وانشغل عن ذلك- رغم القائه التهم جزافاً- ليحدثنا عن نفسه، وكيف انه متحفز وحساس، ومتأهب للدفاع عن الاسلام!! والحق ان الاسلام لا يحتاج الى من يدافع عنه، وإنما يحتاج المسلمون الى ان يفهموه لينصروه في انفسهم، ثم يبشروا به البشرية جمعاء، وهذا ما يجدر بوقيع الله ان يؤهل نفسه فيه إن كان هذا الامر يعنيه حقاً، وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه!!
    ولما رأى الصحافي المحاور أن وقيع الله متحامل دون موجب قال (لماذا لا تنظر لمحمود محمد طه كمجتهد اكثر من انه يمس ثوابت الاسلام؟) فأجاب وقيع الله (لا.. لم يكن محمود مجتهداً في اطار الاسلام، وانما اتى بشيء جديد مختلف عن الاسلام)!! وواصل قائلاً (محمود محمد طه بدأ اجتهاده بتقويض الصلاة وهى عمود الاسلام الاكبر. ورفض الحج، وانكر شرعية الزكاة، وغير شرع الاحوال الشخصية، ونادى بالغاء سلطة القرآن المدني لأنه مليء بالتشريعات، ودعا للاكتفاء بالقرآن المكي حيث تقل التشريعات، فهذا كله لا يمكن ان يعد تجديداً، وانما هو شيء يستهدف صميم الاسلام)!! ولقد حق للصحافي المحاور ان يستغرب لهذه الاكاذيب ويقول (هل كل ما ذكرت موجود في كتب «الرسالة الثانية»؟) فلم يتردد وقيع الله، بل تمادى في القاء القول على عواهنة قائلاً (نعم هذا هو اقل ما في كتاب الرسالة الثانية الذي يقوم على أي القرآن المكي فقط، ومحمود لم يعترف بالقرآن المدني، فهو بالتالي خارج عن الاسلام.. وهو في اعتقادي واعتقاد الكثيرين شخص غير مسلم)!!
    فاذا كان الأستاذ محمود محمد طه قد اقام فكرته على رفض اركان الاسلام، وتقويض شرائعه ونبذ القرآن المدني، فلماذا وصفه وقيع الله بأنه مفكر عميق وكبير وذلك حيث قال (اعتقد ان محموداً كان من كبار المتأملين المفكرين في السودان، وكان يعيش احلاماً كبيرة وخطيرة، وهذه هى التي صنعت منه مفكراً كبيراً)؟!
    إن ما ردده وقيع الله هنا من أكاذيب وجهالات لا تتعلق بالفكرة الجمهورية ولا تعتمد على مصادرها، وإنما هى شائعات كنا نسمعها من البسطاء والسذج، من رواد حلقات الوعظ، وكنا نعذرهم لعلمنا بأنهم مضللون، وانهم لا يستطيعون التأكد من مصادر الفكرة.. اما ان يكرر نفس هذه الاقاويل شخص يزعم بأنه مفكر، ومثقف وباحث واستاذ جامعي، يفترض ان يتثبت ويتحقق، فهو ما لا يقبل بأية حال من الاحوال.
    إن وقيع الله يعاني من التناقض والازدواجية في التفكير، لأن في ذهنه مناطق متفرقة لاشياء كثيرة متنافرة.. فهو يعيش في اميركا ويعجب بديمقراطيتها ويدعونا لاستلهامها. وفي جانب آخر من عقله يعيش في جبة فقهاء القرون السالفة.. ولهذا لم يلتقط ان جوهر هذه الديمقراطية اعتبارها لحقوق الانسان، وان من اهم ما اتفقت عليه مواثيق حقوق الانسان حرية الاعتقاد، وإلا لكان قد شعر بمبلغ التناقض الذي يرزح تحته حين دعا للديمقراطية، ثم قال عن الاستاذ محمود (هو مرتد طبعاً هذه هى الردة بعينها)!!
    ولو كان وقيع الله يفهم الاسلام، لعلم ان الاسلام في اصوله ليست فيه ردة، لأنه اعطى حرية الاعتقاد، قال تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)!! ولعلم ان الاسلام في هذا المستوى الرفيع يتفق مع مواثيق حقوق الانسان.. وان هذا هو المستوى الوحيد الذي يمكن ان تتحقق به الديمقراطية التي حدثنا عنها وهو لا يدرك كنهها؟!
    وحين رأى الصحافي المحاور ان وقيع الله يكفر الاستاذ محمود، ولا يجرؤ على تكفير الترابي سأله (طيب انت قلت ان الترابي لا يستحق ان يقام عليه الحد، أليست هذه ازدواجية معايير ان محمود كان يفكر ويجتهد والترابي يفعل الشيء نفسه الآن؟) فأجاب (محمود لم يكن مجتهداً، والترابي نفسه في تجديفاته الاخيرة لا يعد مجتهداً، واكثر ما قاله اخيراً قالته الفرق الغالية قديماً، وبعضه موجود في تراث محمود محمد طه)!! فاذا سلمنا، جدلاً بأن ما قاله الترابي مأخوذ من تراث الأستاذ محمود، فلماذا لم يحكم عليه بما حكم به على الاستاذ محمود؟! الا يدل هذا الموقف الذي وصفه الصحافي الحصيف على عدم صدق، ومن ثم عدم الحرص على الاسلام؟!
    ولقد كان الصحافي المحاور منصفاً حين سأل وقيع الله عن ايجابيات الاستاذ محمود، فاضطره ليقول (كان محمود ثابت الجأش في المحكمة وحتى في قتله كان ثابتاً) وحتى يقلل من هذه الايجابية التي اضطر اضطراراً لذكرها، واصل قائلاً (كثير من الخارجين على الاسلام بدوافع الجذب والشطح والايمان بالاشياء الغامضة، واجهوا مصيرهم بمثل هذا الثبات والابتسام.. والحلاج صلى ركعتين قبل قتله، وهناك آخرون صدقوا مع انفسهم ولكن الصدق لا يعني الصحة والصواب)!! ويكفي ان شهد وقيع الله للاستاذ محمود بالثبات على المبدأ حتى الموت، وبمواجهة الموت بالابتسامة وبالصدق مع نفسه.. وكلها صفات لن يجد لها اثراً في زعماء الحركة الاسلامية، التي يؤمن بها ويخشى ان يتنظم في تنظيمها حتى لا يتحمل مسؤولية فكره وعمله!!
    وحين ذكر الصحافي ان هناك من يقول بأن محاكمة الاستاذ محمود كانت عملاً سياسياً اجاب وقيع الله (قد يكون.. لكن هو ايضاً لم يكن بريئاً من التآمر السياسي ضد خصومه. وقد تآمر مع حكومة نميري والشيوعيين ضد الانصار، وايد ببيانات كثيرة ضرب الانصار يوم ضربوا في الجزيرة ابا عام 1970م..) ولم يخبرنا وقيع الله كيف تآمر الاستاذ مع حكومة نميري ضد الانصار؟! او ماذا جاء في احد البيانات التي قال انها كثيرة؟! وهل اخراج البيانات وتوزيعها في الشارع سواء أكانت مؤيدة او معارضة لموقف من مواقف الحكومة يمكن ان يعتبر تآمراً؟!
    وحين ذكر الصحافي أن هنالك من يقول بأن القضاة الذين حاكموا الاستاذ لم يكونوا مؤهلين، قال وقيع الله (القضاة الذين حاكموا محمود كانوا مؤهلين بلا شك، وبعضهم كانوا يحملون درجات اكاديمية عليا، والعلامة هنري رياض الذي راجع الحكم هو من كبار فقهاء القانون في السودان) وكل هذا تخطيط وتشويش لا يجوز في حق باحث يفترض ان يتأكد من كل ما يكتب قبل ان ينشره على الناس.
    فالقضاة لم يكونوا مؤهلين، لأنهم لم يدرسوا القانون، وانما درس بعضهم الشريعة والفقه، ثم انهم عينوا سياسياً، وليس من قبل مجلس القضاء العالي. ولقد ذكر الاستاذ محمود ذلك في المحكمة وسجله القاضي بيده. ولم يكن هنري رياض عضواً في المحكمة الابتدائية التي حكمت على الاستاذ، وكان قاضيها المهلاوي، او محكمة الاستئناف التي ايدت الحكم عام 1985م وكان قاضيها المكاشفي، وانما كان عضواً في المحكمة العليا التي ابطلت ذلك الحكم في عام 1986م، ولقد اتفقت المحكمة العليا مع ما قرره الاستاذ من ان قضاة محكمة الموضوع كانوا غير مؤهلين ولهذا اتوا بحكم مخالف لكل قيم العدالة، جاء في قرار المحكمة العليا (ولعلنا لا نكون في حاجة الى الاستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم، فقد تجاوز كل قيم العدالة، سواء ما كان منها موروثاً ومتعارفاً عليه، أو ما حرصت قوانين الاجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة، او انطوى عليه دستور 1973م الملغي رغم ما يحيط به من جدل، ففي المقام الاول اخطأت محكمة الاستئناف فيما ذهبت اليه من ان المادة (3) من قانون اصول الاحكام لسنة 1983 كانت تبيح لها- او لاية محكمة اخرى- توجيه تهمة الردة)!!
    خاتمة:
    * لقد كان من الممكن متابعة المزيد من مفارقات هذا الحوار العجيب، فهو لا يزال ينضح بالتناقض والتضارب.. ولكن فيما ذكر، ما يكفي لتأكيد ما اردت اظهاره، عن مستوى خصوم الفكرة الذي يتصدون لها بغير كفاءة. ولابد لي من الاشادة بالروح العالية والصبر الفريد الذي تحلى به الصحافي صلاح شعيب وهو يدير هذا الحوار العجيب، فلقد حاول جهده أن يجعل من محاوره شخصاً موضوعياً يبرر ما قدمه به من انه استاذ جامعي يدرس في اميركا!! ثم انه سعى باسئلة محددة، وشاملة للموضوعات التي اثارها حتى يضمن للقارئ عملاً ممتعاً ومتكاملاً، لولا ان محاوره قد هبط بمستوى الحوار بصورة مؤسفة، بل انه في اكثر من مرة لم يفهم مجرد السؤال!! فحين سأله الصحافي (حينما فكرت الانقاذ في ذلك- يعني الانقلاب- كانت تستند على مرجعية دينية، أم مرجعية ديمقراطية؟) اجاب (ماذا تعني بذلك؟!) وحين قال له الصحافي (لكن الآلية التي كان يعتمد عليها الصادق المهدي ديمقراطية) اجاب (ماذا تعني؟)!!
    فاذا كان السؤال البسيط المباشر يحتاج الى ان يشرح لهذا العالم الباحث، فإن ذلك بطبيعة الحال، يجعل مهمة الصحافي المحاور شاقة ومرهقة، وما كان للأستاذ صلاح شعيب ان يحتملها ويساوق الاسئلة خلالها، لو لم يكن صحافياً متمرساً. والشكر موصول لصحيفة «الصحافة» الغراء التي نشرت هذا الحوار، فعرفنا من خلاله د. محمد وقيع الله، فقد قال السادة الصوفية (المرء مطوي تحت لسانه فتحدثوا تُعرفوا)!!

    الأستاذ محمود محمد طه: عم يتسآءلون؟؟!!
                  

02-10-2013, 11:59 AM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: عبدالله عثمان)

    سلام اخى عبدالله عثمان
    وشكرا على المساهمة ....
    فهذا الرجل ذو الامكانيات المعرفية المتواضعة مازال يخوض فيما لا يعرف .... وبالتالى يضع نفسه فى مرمى النيران من جميع الاطراف !
    هاهو مقال آخر للاخ عيسى ابراهيم منشور هنا فى سودانيزاونلاين , يفند فيه هرطقات وقيع الله
    ...
    يبدو لى ان وقيع الله دا ماعندو وجيع !
    Quote: كتب د. محمد وقيع الله تسع حلقات في صحيفة الانتباهة وسمها بـ "هل كان نميري معجباً بمحمود محمد طه؟" في الفترة من 23 يناير 2013 إلى الثاني من فبراير 2013، لم يخرج فيها من سياق من سبقوه في معارضة الفكرة الجمهورية بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير؛ وذلك من خلال نقلٍ مخلٍ، أو فهم قاصرٍ، أو تشويه مقصودٍ، او تخريجٍ مؤوفٍ بروح القطيع، أو اتباعٍ لسابقين غير دقيق وبلا تمحيصٍ، أو قصور شخصي في الوصول للمعلومة الصحيحة!..
    وادعى وقيع الله في مقاله الأول (23 يناير) أنه يعرض تراث الفرق الضالة (ومن ضمنها - حسب رأيه - تراث الفكرة الجمهورية) عرضاً نقدياً منصفاً، وذلك كما يقول "حتى لا ينخدع بظهورها مجدداً بعض من لم تتح لهم فرص الوصول إلى كتاباتها الأصلية"، ويقول أيضاً: "وفيما يلي نتولى التعريف بالفرقة الجمهورية السودانية تعريفاً نقدياً، استندنا فيه إلى أكثر من سبع وعشرين كتاباً، وكتيباً، من الكتابات الأصلية لتلك الفرقة"! هذا بعض ما قاله وقيع الله والذي نحن بصدد تقويمه حسب معياره الذي قدمه..

    دفع أول (مصادر المعلومات – موقع الفكرة الجمهورية)!
    (نلحظ لأول وهلة أن الدكتور محمد وقيع الله لم يشر إلى أي مرجع من كتب الأستاذ محمود أو الفكرة الجمهورية أو كتيباتها استند إليه في هذا المقال الأول بالتاريخ المشار إليه في مقاله الذي نحن بصدده الآن !!..)

    أول دفعٍ نقدمه من جانبنا في وجه دعاوى وقيع الله، ان تراث الفكرة الجمهورية يكاد يكون بجميعه مثبت على موقع الفكرة الجمهورية الأثيري (alfikra.org)، ومبذول لمن يشاء متى يشاء وبلا مقابل مادي، وكما تقول إذاعة الـ (BBC) (بتصرف): "فقط على المتصل أن يتحمل تكلفة اتصاله عن طريق النت"، ويشتمل الموقع على كتب الأستاذ محمود محمد طه التي تفوق الثلاثين كتاباً وكماً هائلاً من كتيبات الجمهوريين وماتزال إدارة الموقع مشكورة تدفع كل ما استطاعت بكتيبات الجمهوريين إلى الموقع لمزيد من التوثيق، اضافة إلى محاضرات الأستاذ محمود محمد طه ولقاءاته المسجلة، وكتابات كثير من الجمهوريين وأصدقاء الجمهوريين، بله وكتابات بعض المعارضين ومن ضمنهم "وقيع الله"، فانظر عزيزي القارىء إلى هذا الكرم الفياض الذي يشمل حتى المعارضين بلا خوفٍ ولا وجل، فهل يمكن لثقة كهذه أن تقابل ببعض ترهات القول الملقى على عواهنه؟!..

    الخطأ الأول الذي يطعن في كفاءة الباحث!

    (كلمة الباحث تشير إلى حرف "الدال" السابق لاسم د. محمد وقيع الله، وحسب العرف الأكاديمي درجة الدكتوراة تعني تاهيل حاملها كباحث في مجال تخصصه وتصبغه بصفة الباحث المؤهل لممارسة البحث)

    يقول وقيع الله: "نشأت الفرقة الجمهورية كحزب سياسي، اسمه الحزب الجمهوري الإشتراكي" وهذا خطأ قاتل، فالحزب الجمهوري الذي يرأسه الأستاذ محمود محمد طه هو "الحزب الجمهوري"، و"الحزب الجمهوري الاشتراكي" حزب آخر ليست له صلة بحزب الأستاذ محمود محمد طه!!، يقول أحمد خير المحامي في كتابه كفاح جيل: تاريخ حركة الخريجين وتطورها في السودان، الدار السودانية للكتب، الخرطوم، 2002م، ص 95، 96. "ولما وضحت معالم الخلاف واشتد وطيسه بين الاتحاديين والانفصاليين، نشأ الحزب الجمهوري، وهو حزب ينادي باستقلال السودان من مصر وانجلترا على السواء، وقيام جمهورية سودانية" أنظر أيضاً في ذلك "محمد سعيد القدَّال، تاريخ السودان الحديث 1820م-1955م، مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي، أم درمان، ط2، 2002م، ص 494، 495.." و "التجاني عامر صحيفة الصحافة 16/ 4/1975" ..

    ثاني الأخطاء
    (نسب محمود)!

    يقول وقيع الله عن نسب الأستاذ محمود محمد طه: "ويذكر الأستاذ محمد عمر باشري (هكذا ورد الاسم عند وقيع الله في مقاله الأول بالانتباهة والصحيح محجوب عمر باشري..وهو ما يقدح في دقة الباحث)، أن الجد الأعلى لمحمود هو الشيخ الهميم المعروف في تاريخ التصوف في السودان. «محمد عمر باشري (محجوب عمر باشري كما نوهنا قبل قليل)، دار الفكر، الخرطوم،1981م، ص369»"، وهذا غير صحيح إذ اعتمد الباحث على مصدر واحد حتى يربط فقط بين الأستاذ محمود وشطح الشيخ الهميم كما سماه، ولأن ذلك ارضى هواه، إذ كان على الباحث ان يعدد مصادره أو يلجأ إلى الموقع المعتمد لدى الجمهوريين موقع الفكرة، كما ورد تصحيح لباشري من الدكتور عبد الله الفكي البشير في صحيفة سيارة هي صحيفة الأحداث حيث قال: " أيضاً، أورد البروفسير عون أن الأستاذ محمود ينتسب إلى الشيخ محمد الهميم (وكذلك عند باشري)، وهذا غير صحيح. والصحيح كما ورد في موقع الفكرة الجمهورية، وهو موقع يشرف عليه تلاميذ الأستاذ محمود وهم أقرب الناس إليه، سمعوا منه ونقلوا عنه، جاء في موقع الفكرة الجمهورية على الإنترنت: (وُلد الاستاذ محمود محمد طه في مدينة رفاعة بوسط السودان في العام 1909م تقريباً، لوالد تعود جذوره الى شمال السودان ، وأم من رفاعة، حيث يعود نسبه الى قبيلة الركابية من فرع الركابية البليلاب نسبة الى الشيخ المتصوف حسن ود بليل... توفيت والدته – فاطمة بنت محمود - وهو لماّ يزل في بواكير طفولته وذلك في العام 1915م تقريباً، فعاش الاستاذ محمود وأخوته الثلاثة تحت رعاية والدهم، وعملوا معه بالزراعة، في قرية الهجيليج بالقرب من رفاعة، غير أن والده لمّا يلبث أن التحق بوالدته في العام 1920م تقريباً، فانتقل الاستاذ محمود وإخوانه للعيش بمنزل عمتهم برفاعة). (الفكرة الجمهورية: لمحات من فكر وحياة الأستاذ محمود محمد طه، موقع الفكرة الجمهورية The Republican Thought، الصفحة الرئيسية، "مولده ونشأته"، استرجاع (Retrieved) يوم 12 أبريل 2010م، الموقع على الإنترنت: http://www.alfikra.org" أنظر أيضاً: "صحيفة الأحداث الخميس 30 ديسمبر 2010 الأستاذ محمود محمد طه والمثقفون الحلقة (19)"..

    ثالث أخطاء الباحث
    (اطلاع محمود)!

    يقول وقيع الله عن الأستاذ محمود: " وفي خلال ذلك وبعده واصل محمود إطلاعه العلمي واغترف كثيراً من تراث الفلاسفة الغربيين، ورجال التصوف الإشراقي" من أين لك ذلك يا د. وقيع الله؟!..ألست باحثاً مفترضاً فيه جدية البحث والصبر عليه والوصول إلى المعلومة الصحيحة لنزاهة البحث وانصاف الخصم، أين مراجعك يا وقيع؟!، فإن لم تأت فها نحن نزودك بالمعلومة من مصادرها الأمينة: في ديسمبر من عام 1972م كانت إليزابيث هودجكنز، طالبة الدكتوراة بقسم التاريخ بجامعة الخرطوم، وقتئذٍ، قد أدارت حواراً مطولاً مع الأستاذ محمود، ونشر الحوار بصحيفة الصحافة آنئذٍ. "وقفت إليزابيث في حوارها مع الأستاذ محمود، من بين ما وقفت عليه، عند الذين تأثر بهم الأستاذ محمود وعند قراءاته، وذلك من خلال سؤالين، تقول في الأول: "نعود الآن إلي شخصك.. من هم المفكرون الذين تأثرت بهم في تطوير أفكارك؟" . والسؤال الثاني: "هل قرأت لمفكرين إسلاميين؟" . فأجاب الأستاذ محمود قائلاً: "في الحقيقة لا يوجد مفكرون بالمعنى الذي كان لهم أثر علي حياتي. ولكن هناك أصحاب مناهج هم الذين تأثرت بهم وهم النبي .. والغزالي .. فلقد اتبعت المنهاج وقرأت شيئاً قليلاً .. شذرات من هنا وهناك ولهذا لا أقول بتلمذتي على مفكر معين" . وعن قراءاته أجاب الأستاذ محمود قائلاً: "لم أقرأ لمفكرين إسلاميين طبعا ولكن قرأت قليلاً لماركس ولينين وبرتراند راسل وشو وهج وولز .. والموضوع الذي جئت به لم يأت به السابقون حتى ولا ابن عربي فهو جديد كل الجدة" انظر في ذلك: "محجوب كرار، "محمود محمد طه في حوار صوفي مع مسز هود جكنز"، (حوار)، صحيفة الصحافة، السبت 16/12/1972م" ..

    خطأ رابع قاتل
    (الخفاض)!

    لم يجد د. محمد وقيع الله في كفاح الأستاذ محمود ضد المستعمر، الذي سماه نوعياً، إلا قضية وحيدة سماها الوقيع "طريفة ومشهورة" وهي في نظره قضية الخفاض، التي أضاف لها من عنده، بغير أمانة ولا ورع قوله: "وهو نوع من الختان المنهك" ليوهم القارىء والمتابع المتسرع ان قانون الخفاض الذي أصدره الانجليز في (ديسمبر 1945) يفرق في منعه بين خفاض منهك وخفاض غير منهك!!..وهو ما لا نجده في القانون المشار إليه..
    يوحي كلام وقيع الله الذي كتبه عن الأستاذ محمود ان الأستاذ كان معارضاً للخفاض من حيث هو، قال وقيع الله: "وبسبب نشراته المعارضة للخفاض" من ضمن قوله "كان محمود في الصف المعارض لمنع الخفاض. وبسبب نشراته المعارضة للخفاض، أرسل إليه مدير الشرطة البريطاني يطلبه" يقصد الأستاذ محمود، وهو امر غير دقيق، فالأستاذ محمود كان معارضاً لاستعمال القانون في محاربة عادة متأصلة في النفوس، وكان معارضاً لتوقيت اصدار القانون في التاريخ المحدد للتنصل من اعطاء السودانيين حق تقرير المصير من قبل الانجليز والموعود به من الحلفاء بحجة اظهار السودانيين بالهمجية والتخلف وأنهم مازالوا يحتاجون للمستعمر للاقلاع عن هذه العادات المستهجنة الأمر الذي انطلى على الكثيرين من قادة الرأي آنذاك والآن ولم ينطلِ على الأستاذ محمود حيث تصدى له، وكان ولا يزال الأستاذ محمود مع التوعية والتربية لايقاف العادة وليس مع القانون أو عن طريقه..
    وكون الأستاذ محمود والجمهوريين ضد الخفاض أمر لا يحتاج إلى دليل أكثر من ما ورد في البيان الأول الذي أصدروه يقول المرحوم طه اسماعيل أبوقرجة: " ومن المهم أن اذكر هنا أن الجمهوريين قد نبهوا منذ أول بيان لهم ضد قانون محاربة الخفاض، في ديسمبر 1945، إلى أنهم لا يدافعون عن عادة الخفاض، وإنما يعارضون المرامي السياسية من وراء القانون، كما يعارضون طريقة محاربة عادة الخفاض بالقانون. فقد جاء في البيان الأول ضد القانون ما يلي:- (لا نريد بكتابنا هذا أن نقف موقف المدافع عن الخفاض الفرعوني، ولا نريد أن نتعرض بالتحليل للظروف التي أوحت به لأهل السودان، والضرورة التي أبقته بين ظهرانيهم إلى يومنا هذا. ولكننا نريد أن نتعرض لمعاملات خاصة، وأساليب خاصة، وسنن خاصة، سنتها حكومة السودان، أو قل ابتدعتها ابتداعاً، وأرادتنا أن ننزل على حكم ابتداعها إرغاما).." انظر "مقال د. خالد المبارك يكشف عن حقائق مؤسفة (3 من 3) ثورة رفاعة غيرت وسائل الحركة السياسية وقصَّرت أجل الاستعمار طه إسماعيل أبو قرجة 29 ديسمبر 2002" موقع الفكرة - المقالات..

    خامس الأخطاء
    (تطفيف وعدم دقة)!

    يقول وقيع الله: "وفي يوم السبت ذهب لمقابلة المدير الذي أبرز له المنشور الذي أصدره ووقع عليه باسمه، فأقره محمود وناقش محتوياته مع المدير الذي أحاله أخيراً إلى القاضي البريطاني الذي أرسل محموداً إلى السجن ليقضي فيه عاماً، وذلك لأنه رفض التوقيع على تعهد بحسن السير والسلوك، والإقلاع عن الانغماس في العمل السياسي. وصمد محمود للحكم الظالم، ولكن أطلق سراحه بعد خمسين يوماً من اعتقاله، بموجب عفو شامل أصدره الحاكم العام البريطاني آنذاك" فهل حقاً اطلق سراح الأستاذ محمود بموجب "عفو شامل أصدره الحاكم العام البريطاني آنذاك"؟!..
    الحقيقة غير ذلك يقول الأستاذ محمود عن أسباب اطلاق سراحه لمندوبي معهد الدراسات الأسيوية والأفريقية، جامعة الخرطوم، حين التقوه: " فى الزنزانة أنا بصوم ما يسمى بالصيام الصمدى عند الصوفية.. الحركة الوطنية بتاعتنا نحن الجمهوريين فى خارج السجن كانت بتشوشر شوشرة كبيرة وترفع المسألة دى وأنه محمود لسوء المعاملة فى السجن مضرب عن الطعام فحصلت قلاقل شديدة جدا ليهم .. قاموا فكروا فى أنو الموضوع دا ما بنتهى كدة ومافى فايدة فيه وبرضو المديرين بتاعين السجن ذكروا لمدير عام السجون أنو الحكاية البيعملها محمود دى راح تثير بعض المساجين للمعارضة (لم يكن يقوم لضباط السجن - حسب تقاليد السجون - أو مدير عام السجون عند مرورهم به) لأنو هو متمرد ونحن كل البنعملو ليهو بنوديهو الزنزانة ودا بزيد عطف الجماعة المساجين فى الدرجة التانية عليه فأحسن يكون فى إفراج عنه .. بعد الخمسين يوم كان فى اقتراح للحاكم العام أن يفرج عنى كعمل رحمة .. وجاء فعلا الجواب بأن يفرج عنى بعد الخمسين يوم كتدخل من الحاكم العام رحمة منه ." انظر في ذلك: " لقاء الأستاذ محمود محمود محمد طه بمندوبي معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية منزل الأستاذ محمود بالمهدية - الحارة الأولى - 22 نوفمبر 1975"..

    الخطأ السادس
    (خارج النص: التحول والأثر)

    محمد وقيع الله هو مؤلف كتاب "التجديد..الرأي والرأي الآخر" الذي صدرت طبعته الأولى في العام 1989 وخصصه للدفاع عن أفكار وآراء د. الترابي التجديدية، يقول وقيع الله: "حرصت على إيراد نصوص الدكتور الترابي من أصولها، ولم أعتمد على الأقاويل والشائعات" (التجديد..الطبعة الأولى - صفحة 12)..
    في هذا الكتاب أورد وقيع الله تجديد الترابي المعتمد على التفريق بين السنة التشريعية والسنة غير التشريعية، والذي اعتمد عليه د. الترابي في ابراز آرائه التجديدية، والذي استبعد مستنداً عليها، الحديث النبوي الصحيح سنداً ومتناً من مجال العمل به!!..
    اليوم يقف وقيع الله في المعسكر المناوىء للترابي، لقد قلب وقيع الله ظهر المجن للترابي، وتحول مئه وثمانين درجة عن الموقف السابق المؤيد والمآزر للترابي، بعد طول صحبة وقناعة بما يقول الترابي، إلى الموقف المعادي!!..
    نحن الان لسنا بصدد تخطئة د. وقيع الله في ما ارتآه من الخروج على الترابي، فذلك حقه، نحن فقط بصدد سؤال منطقي، وسؤالنا يتلخص في أن ما دفع الترابي إلى الاتجاه نحو التجديد هو كما يقول: "إن القضايا التي تجابهنا في مجتمع المسلمين اليوم (الكلام على لسان الترابي) إنما هي قضايا سياسية شرعية عامة، أكثر منها قضايا خاصة والذي عُطِّل من الدين – في رأي الترابي – أكثره يتصل بالقضايا العامة والواجبات الكفائية، أما قضايا العبادات الشعائرية والأحوال الشخصية، فالفقه فيها كثير والذي يحفظه المسلمون في هذه القضايا متوفر بصورة كبيرة ومتداول بينهم، يقول الترابي: "أما قضايا (الحكم ) والاقتصاد وقضايا العلاقات الخارجية مثلاً فهي معطلة لديهم ومغفول عنها، وإلى مثل تلك المشكلات ينبغي أن يتجه همنا الأكبر في تصور الأصول الفقهية واستنباط الأحكام الفرعية، ففي مجالها تواجهنا المشكلات والتحديات والأساليب المحرجة".. (المصدر: كتاب النبي المصطفى المعصوم بين دعاوى التجديد ودواعي التطوير – مخطوط - صفحة 39 – عيسى إبراهيم، أنظر أيضاً: عبد الحليم عويس – دكتور – الفقه الاسلامي بين التطور والثبات – كتاب الشرق الأوسط – الشركة السعودية للأبحاث والتسويق – الطبعة الأولى 1989م.صفحة 116.)..
    الأمر في نظرنا ينقسم إلى جزءين جزء يتعلق بالدافع للاجتهاد وجزء يتعلق بالنتيجة التي خلص إليها الترابي وفق اجتهاده، فاذا عذرنا وقيع الله في تبني نتيجة اجتهاد د. الترابي، هل يمكننا أن نعذره في الدافع إلى الاجتهاد لاستنباط حلول مناسبة للمشكل المجابه للترابي ولوقيع الله ولا يزال؟!..أم أن وقيع الله تخلى عن كليهما الدافع والنتيجة؟!..فإن كان ذلك كذلك فهل هو الآن (وهو أستاذ علوم سياسية كما يقول) مع الشورى أم مع الديمقراطية؟!.

    سابع الأخطاء
    (خارج النص: اختبار الصدقية والشجاعة)

    حينما رُشح د. محمد وقيع الله لنيل جائزة سعودية (جائزة الامير نايف العالمية للسنة النبوية والدراسات الاسلامية المعاصرة في دورتها الثانية)، آثر - حين قدم سيرته الذاتية – أن يحذف مؤلفه "التجديد..الرأي والرأي الآخر" من ضمن مؤلفاته، وهو أمر يقدح في صدقيته وشجاعته، إذ كان من الأولى أن يذكره ضمن جهده ويذكر تغير موقفه عن ما ورد في المؤلف من تأييد لآراء الترابي وتحسين لها، ولكنه آثر الهروب عبر الأبواب الخلفية من تحمل نتيجة عمله خوفاً على ذهب المعز الذاهب!!..

    مسك الختام

    حتى لا تنطبق على د. وقيع الله مقولة "أكلت حنظلة وخافت من بتيخة" نقول له بجد: قدم د. الترابي تجديده بثمن باهظ التكلفة، إذ تمثل الثمن في القول بعدم العصمة النبوية في الأمور غير التشريعية - حسب اعتقاده، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه ليتجاوز الترابي الأحاديث النبوية الصحيحة متناً وسنداً بحجة أنها وردت في أمور غير تشريعية ومنها حديث الذباب المعروف والوارد في صحيح البخاري، وقدَّم الأستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع الاسلامي وهو (باختصار أرجو ألا يكون مخلاً) الانتقال من نص فرعي في القرآن خدم غرضه حتى استنفده إلى نص أصلي في القرآن مدخر لحياة الناس اليوم، والرسالة الثانية من الاسلام هي ببساطة (السنة) تكليف النبي (صلى الله عليه وسلم) على قدر طاقته ووسعه، في مقابل (الشريعة) تكليف الأمة على قدر طاقتها ووسعها ومقدرتها، وهنا تأتي الحكمة وراء النسخ إذ أنه ارجاء وليس الغاءً، ارجاء يتوقت الوقت ويتحين الحين!!..


    تحياتى
                  

02-10-2013, 12:41 PM

عمر دفع الله
<aعمر دفع الله
تاريخ التسجيل: 05-20-2005
مجموع المشاركات: 6353

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    معقولة بس يا القراى ترد على وقيع الله !
    وانا ياخى ارسلت ليك عشرمية ايميل عشان ترد على مقال تجانى عبدالقادر وصهينت يا راجل ؟

    فأيهما احق بالرد عليه !
    الزول الما عارف كوعو من بوعو !
    ام ابليس الصغير الذى اخذ يكبر لدور اخطر من دور ابليس الاكبر ؟


    سلامات يا سيد البوست وضيوفه الكرام
                  

02-10-2013, 01:26 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: عمر دفع الله)

    يبدو ان وقيع الله مازال يصر على الدخول فى عش الدبّور ...
    فقد اتحفنا صباح اليوم بالجزء الاول من مقال بعنوان المجادل الجمهورى المعاظل !
    حاول فيه جاهدا ان يدافع عن نفسه ...
    بل قدّم مرافعة فاشلة كشف من خلالها عن شخصية مهزوزة ... ونفسية مضطربة !

    المجادل (الجمهورى) المعاظل <1 من 5> د.محمد وقيع الله
    صحيفة الانتباهة
    Quote: التفاصيل
    نشر بتاريخ الأحد, 10 شباط/فبراير 2013 08:52
    واضح أن مجادلي المعاظل، الذي يدمن المعاظلة، قد أوجعته مقالاتي التسعة، في عرض الفكر الجمهوري ونقده، وصارت عنده بمثابة دقاق الحصى، الذي يقض مضجعه، ويقلقه، ويضنيه. فأراد أن ينفس كروبه، بكتابة رد عليها، بعنوان (الإنتباهة تستعين بوقيع الله لتشويه الفكر الجمهوري).
    غير أن الرد أعياه وأعجزه، فازداد كروبًا على كروب.
    من يستطيع توظيفي؟!
    وقد عبر مجادلي المعاظل، في أول ما قال، عما كان ينعم به من راحة، وسعد، ورغد، بسبب تفادي أكثر الكتاب والباحثين، وتجافيهم عن التعرض لشأن الفكر الجمهوري. ومن ثم قال إن البعض قد قام بتوظيفي الآن، لكي أتصدى للنشاط الفكري الجديد، الذي أخذ يروج الأطروحات الجمهورية، انطلاقًا من مركز محمود محمد طه، بأم درمان. وغريب هذا الزعم القائل إن شخصًا ما يستطيع توجيهي، أو توظيفي. وهو زعم أغرب من الخيال وأبعد منه مدى. وذلك لأني شخص لا ينتظم في تنظيم، ولا ينسلك في سلك، ولا يتوجه بتوجيه أحد، كائنًا من كان. ويعرف ذلك عني حق العرفان، كل من يعرفني عن عِيان.
    متى كتبتُ المقالات؟
    وثمة أمر آخر هو أن المادة التي نشرتها لي (الإنتباهة) أخيرًا، كنت قد كتبتها في أواخر سبعينيات القرن الميلادي المنصرم، ولم أكتبها حديثًا. يشهد على ذلك الأستاذ عبد المحمود نور الدائم الكرنكي، الذي سلمته مخطوطة تلك المادة، في اليوم الثاني والعشرين، من شهر أغسطس، من عام 1979، واستعدتها منه في أوائل عام 1982م. ثم أعدت النظر فيها عدة مرات، منها ما كان بُعيد مَهلك محمود، في عام 1985، ومنها ما كان بُعيد كارثة الحادي عشر من سبتمبر، من عام «2001م». واستفدت منها كثيرًا عندما حاضرت عن الفكر الجمهوري خمس مرات في الولايات المتحدة الأمريكية.
    وعندما نشر جزء من هذه المادة أخيرًا بصحيفة (الإنتباهة) كانت مبادرة مني، اتخذتها بعد تردد جرى في خاطري، وتساؤل ألح على فكري، مفاده: هل تستحق أطروحة الحزب الجمهوري أن أبذل في سبيل مكافحتها مزيد عناء؟! ثم قرَّ عزمي على نشر المقالات، وزحمت بها بريد الصحيفة، بلا طلب منها. وقد اندهشت عندما علمت أن الأستاذ صاحب (الإنتباهة) اطّلع عليها، وأبدى فيها رأيًا حسنًا، سجله في رسالة نصية بعث بها إلى هاتفي المحمول.
    واتصلت بصاحب الرقم الباعث، وشكرته وقلت له: إنك لم تكتب اسمك على الرسالة، فعرفني إذن بشخصك الكريم. فذكر اسمه، وزاد فاقترح أن تطبع المقالات، بعد تنقيحها، في كتاب. فويل إذن لمجادلي المعاظل، وويل له، بصدور هذا الكتاب، عن قريب إن شاء الله.
    والكتاب جاهز في الحقيقة للنشر منذ أكثر من ثلاثين عامًا، ولم تُنشر منه إلا هذه المقالات التسعة المنتخبات.
    فشكرًا إذن للأستاذ الطيب مصطفى الذي حض على نشر الكتاب. وشكرًا إذن لمجادلي المعاظل الذي أفزعته المادة، وأرعبته، فتأكد أثرها الخطير عليهم، الأمر الذي يدعوني للتعجيل بنشر الكتاب، في أسرع وقت، بحول الله.
    من يبيع ماذا؟
    ولأن مجادلي المعاظل يئس من جدوى أفكاره الجمهورية، ورأى نفور الناس منها، فقد قرر أن يلتحق بخدمة أعداء الدين والوطن بجنوب السودان. واستخدم من قِبل تلك الدويلة، ومن قِبل حركتها الإرهابية، المسماة بالحركة الشعبية لتحرير السودان من أجل الترويج لأطروحاتها العنصرية العلمانية، التي تريد أن تحكم بها السودان. ولذلك ظن أني يمكن أن أُستأجَر مثله، وأنه يمكن لأصحاب الأموال والنفوذ، أن يستخدموني أو يوجهوني لما يريدون.
    أو أني أطمع في متاع الدنيا الدنيئة كدناءته.
    فقال: «إن تملق وقيع الله لحكومة المؤتمر الوطني، لم يكن كافيًا ليمنحه منصبًا، مثل بقية المتملقين، فهل تكفي مقالاته التسعة ضد الجمهوريين، لتعطيه ولو وظيفة ملحق في سفارة؟! ربما ساعده خال الرئيس في ذلك ولم يكن نصيبه فقط حق (الإجارة) على هذه المقالات المتهافتة». والحق أني ما هفوت إلى وظيفة حكومية قط.
    ولو كنت أهفو إلى وظيفة، أيًا كانت، لنلتها من دون استعانة بخال الرئيس، أو بغيره من النافذين. بل كنتُ قد نلتها من زمان بعيد، وليس الآن، بعد أن بلغني الكبر، وأشرف العمر على نهايته، وأوشكت على بلوغ سن التقاعد الإجباري على المعاش. فهذا منطق لا يقول به إلا معاظل مجادل مثلك، يمتهن المنطق، ولا يبالي بتسخيف الناس لما يقول. ولو سلمت لك جدلاً أني أطلب وظيفة ما، من وراء كتابتي للصحف اليومية، فهل يا ترى أطلبها بكتابة مقالات عن الجمهوريين؟! ولماذا أتوقع أن أُمنح وظيفة فارهة، جراء اهتمامي بمكافحة داء إيديولوجي، لا تهتم الحكومة نفسها بمكافحته، ولا تستشعر خطره؟! ألا إن الحكومة السودانية في وادٍ وأنا في وادٍ آخر لا يلتقيان. وقد كان هذا من صميم اختياري الشخصي، فقد قررتُ منذ الريعان، ألا أبرح ساحة الفكر قيد شبر. وقد بررت بذلك حتى الآن، وسأبقى عليه إلى آخر الأوان، بإذن الرحمن.ولن أندرج، ما حييت، في سلك وظيفي، حكومي، يقيدني، ولو بقيد من نضار.
    فوظائف الحكومة، التي تستهويك، وتستهوي أشباهك، هي وأهلها، مني تحت القدمين!


    متابعة .....
                  

02-10-2013, 01:30 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    سلام اخونا الفنان المبدع عمر دفع الله

    شكرا على المرور .... واتفق معك فى ان امثال هذا المعتوه لا يستحق عناء الرد


    تحياتى
                  

02-11-2013, 06:37 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    عودة إلى الحوار العجيب !! (1)

    د. عمر القراى


    (إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان آتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ، فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير) صدق الله العظيم

    لم يحتمل د. محمد وقيع الله ، تعليقي على الجزء الأول من الحوار، الذي أجراه معه الصحفي صلاح شعيب ، فخرج عن وقاره ، وجنح إلى الاساءة ، ظناً منه انه بهذه الطريقة سيحافظ على المكانة العالية التي حاول ان يظهر بها حين ادعى انه يقيم الفكر الجمهوري !! ورغم انه قد اخبرنا في ذلك الحوار، ان ما منعه ان يدخل في تنظيم الاتجاه الاسلامي ، رغم إيمانه بفكرتهم ، واعتقاده بأن مشروعهم الحضاري مازال قائماً ، وناجحاً ، انه سريع الاحتدام ، والاصطدام ، مع من يختلف معه في الرأي ، الا انني لم اتوقع ان يبلغ به الغضب ، حداً يجعله يعجز حتى عن ذكر أسمي ، فيصفني ب ( الشخص) و( مجادلي هذا ) و( مجادلي المتحامل) و ( الانسان المجادل ) الى غير ذلك من الالفاظ !! ولقد ذكرني هذا السلوك بالاطفال ، حين يتشاجرون في الحواري ، فيضرب أحدهم زميله ، وحين يسأل الطفل المضروب عن من ضربه ، لا يذكر اسمه وإنما يشير إليه باكياً ظناً منه إن ذكر اسمه مصالحة له !!
    بهذا العجز عن السيطرة على سورة الغضب ، أسرع د. محمد وقيع الله ليرد على تعليقي السابق ، دون ان يتأنى ، أويمهل نفسه ، وزاد من أزمة وقيع الله ، ان بعض قراء (سودانيزاونلاين) وافقوا على نقدي له ، ففوجئ بأن هناك من يدرك مفارقاته العديدة ، من غير الجمهوريين ، فضاق صدره ، وانشغل بالهجوم والمهاترة ، عن لب الموضوع ، فجاء تعقيبه بالاضافة الى السطحية المعهودة ، والافتراءات غير المثبتة ، يطفح بكثير من الاساءات للاستاذ محمود محمد طه ، وللفكرة الجمهورية ، ولشخصي .. وهذا ما لا استطيع ان اجاريه فيه ، لأن كل انسان إنما ينفق مما عنده !!


    الادعاء :

    لقد ادعى وقيع الله ، في المقابلة ان الاستاذ محمود ، قد كان متحاملاً ، ومحرفاً ، ومعادياً للاسلام ، لأنه انكر الصلاة ، والصيام ، والحج، فطلبنا منه البينة .. وكنا نظن انه فهم ان المطلوب منه ، ليثبت صدق ادعائه ، ان يورد لنا من كتب الاستاذ محمود ، ما يؤيد هذه الاتهامات .. وبدلاً من ذلك ، أخذ يكرر نفس مزاعمه ، وكأن تكرارها سيقنع القراء بصحتها ، أسمعه يقول (لقد استنكر مجادلي هذا اني هجمت على شيخه وقلت انه متحامل على الاسلام ولم ابين" كيف كان الاستاذ محمود متحاملاً أو محرفاً او معادياً للاسلام ". ولو قرأ مجادلي هذا قولي بوعي كامل لاستنبط الحيثيات التي بنيت عليها القول ، فإني قلت ان محموداً عمل على تقويض اركان الاسلام وهدم دعائمه الكبرى فانكر الصلاة والصيام والزكاة والحج، فهل من تحامل او تحريف او عداء للاسلام أشد من هذا أو أسوأ ؟) !!
    فهل مجرد قول وقيع الله ، بأن الاستاذ قد انكر دعائم الاسلام ، يعتبر حيثيات يمكن ان يطلقها في الهواء ، ثم يقرر على اساسها ، بأن الاستاذ محمود معادٍ للاسلام ؟! أم ان هذه الدعاوى تحتاج الى اثبات من كتب الاستاذ محمود ، لتصبح بعد ذلك ، حيثيات تناقش ، فتقبل او ترفض ، على اساس الفهم ؟! ان الحقيقة هي ان الاستاذ محمود قد شرح الصلاة ، ودعا لها ، وكتب عنها ، بمستوى رفيع لم يوفق اليه غيره ، وشرح الصيام ، ودعا له ، ولم ينكر الحج ، بل نبه لانحراف الناس به ، عن مضامينه الحقيقية ، ولم ينكر الزكاة ، بل دعا الى ارفع مستوياتها ، في زكاة العفو التي كان عليها عمل النبي صلى الله عليه وسلم .. ولهذا فإن مهمة وقيع الله ، لإثبات غير ذلك ، مهمة نعتقد انها مستحيلة ، وهذا هو الذي جعله ينحرف منها لتكرار ما ذكره من قبل !!
    ويواصل وقيع الله ( لقد قلت هذا في الحوار الصحفي عرضاً وقبل ذلك قلته مستفيضاً في إطار البحث الذي نشرته (الصحافة) قبل شهور عن الفكر الجمهوري، ونشرته بعض المواقع الالكترونية مشكورة نقلاً عنها، وعلق عليه بعض الافاضل وغيرهم ، ولا استبعد ان يكون مجادلي هذا قد اطلع عليه ثم عجز عن مقارعته الحجة بالحجة مكتفياً بملاحقة ظواهر الألفاظ والعبارات في هذا الحوار الصحفي العفوي الذي اجراه معي الاستاذ شعيب في نهاية يوم عمل صاخب...) !!
    أما انا فقد قرأت حلقتين ، مما اسماه وقيع الله بحثاً ، ولم اجد فيه أي شئ من مقومات البحث ، وانما هي اتهامات وافتراءات ، تقوم على سوء الفهم ، وسوء التخريج ، ساقها بلا دليل ، كما فعل في مقاله هذا .. ولقد نشرت في جريدة رأي الشعب ، ولقد وعدوا بنشر اربع حلقات ، ولكنهم توقفوا عن النشر، فلم اعثر على بقية المقالات ، التي كنت انوي التعقيب عليها .. فلماذا لم يقتطف لنا وقيع الله ، هنا ، ما يدعم به زعمه ، ان كان في ذلك البحث ، إضافة- على ما أورد في المقابلة - يثبت بها ان الاستاذ محمود ، قد قال ما نسبه اليه ؟! لم يفعل ذلك لأن الحوار قد كان عفوياً و ( في نهاية يوم عمل صاخب ) !! أما كان من الممكن ان يعتذر بأنه متعب ، فيؤجل اللقاء ، بدلاً من ان يدخل فيه ويضطر الى إلقاء التهم جزافاً ، وهو عاجز عن اقامة الدليل عليها ؟!


    الجد والهزل :

    لقد زعم د. محمد وقيع الله ، في المقابلة ، انه يختلف مع كل ما كتب الاستاذ محمود ، ولا يتفق معه ، الا في (حروف الجر والنصب والتسكين) !! ولعله جنح الى تلك المبالغة المفرطة ، من باب الاستهزاء ، والهزل .. ولكن أمر الدين كله جد ، ولا مكان فيه للهزل . ومهما ساق وقيع الله ، من مبررات ، فإن حديثه ذاك ، اما ان يكون حقا ، او ان يكون كاذباً فيه ، وليس للكذب في الدين تبرير يسوغه ، وان كان الهزل والمبالغة . ولقد اوردت له نصاً من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام هو ( عندما استعلن النور الالهي بمحمد الأمي من جبال مكة في القرن السابع الميلادي ، اشرقت شمس مدنية جديدة بها ارتفعت القيمة البشرية الى قمة لم يسبق لها ضريب في تاريخ البشرية . ولقد قامت تلك المدنية الانسانية الجديدة على انقاض المدنية المادية الرومانية في الغرب ، وعلى انقاض المدنية المادية الفارسية في الشرق ، ولقد بلغت هذه المدنية الانسانية الجديدة أوجها ، من الناحية النظرية على الأقل ، غداة أنزل الله تعالى على نبيه الآية التي صدرنا بها هذا السفر ، وهي قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)" وسألته ان كان يختلف مع كل ما ورد في هذا النص ما عدا (حروف الجر والنصب والتسكين) ..
    ولو كان وقيع الله صادقاً ، لوقف عند هذا النص ، ولاعترف دون مكابرة ، بأنه كان يقصد انه يخالف ما ورد في كتب الاستاذ محمود ، ويقصد بذلك مجمل الأفكار، ولا يعني ما قاله بالتحديد ، من انه لا يقبل من كتب الاستاذ الا (حروف الجر والنصب والتسكين) .. ولما احتاج بعد ذلك ، الى هذه المرافعة الطويلة الفاشلة ، التي يبدأها باستثناء جديد ، لم يذكره قبلاً ، وهو الآيات القرآنية .. ثم يختم حديثه ، بأن قوله هذا من باب المجاز، الذي اتى به لمعرفته باللغة العربية ، التي يتهمني بالجهل بها ، وهو يظن ان المعرفة باللغة ، تعطيه الحق في هذا . المصدر: الصحافة 26/11/2006

    http://www.alfikra.org/article_page_view_a.ph...e_id=1andkeywords=وقيع الله
                  

02-11-2013, 09:25 AM

أحمد الابوابي
<aأحمد الابوابي
تاريخ التسجيل: 02-08-2011
مجموع المشاركات: 837

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: عبدالله عثمان)

    أمير بوب الحبيب
    سلامات ياخ
    نورت سودانيزأزنلاين..

    لعلك، و الأسره بخير ..
                  

02-11-2013, 06:06 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: أحمد الابوابي)

    الابوابي يا رائع
    سلامات و إزيك ياخي
    شكراً ليك علي المرور والترحيب...

    تحياتي
                  

02-15-2013, 07:10 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    الجزء الثانى من مقال د.القراى فى الرد على المتسلق محمد وقيع الله

    من صحيفة الراكوبة
    Quote: ضعُف الطالب.. وعزّ المطلوب!!
    02-14-2013 05:33 PM
    د. عمر القراي


    (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ* ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ) صدق الله العظيم

    تشوية المعاني العرفانية

    لقد أشار أحد محاوري وقيع الله من حزب المؤتمر الشعبي، الى ميله للوهابية، خاصة بعد ترشيحه لجائزة الأمير نايف العالمية.. ولعل محاولة استرضاء السعوديين،
    بإتباع نهج الوهابية، بالإضافة الى ضعف الفهم العام، هي التي جعلت وقيع الله يخوض في المعاني العرفانية، الرفيعة، بالإعتراض دون فهم، والرفض دون تروي،
    والتعوذ من حقائق الدين، والإنكار للاحاديث النبوية، بدعوى أنها موضوعة، مما جعله يتقحم هذه المعارف، العميقة، وهو يطفو على سطحها، مضطرباً يمنة ويسرة، وكأنه الثور في مستودع الخزف!!

    يقول وقيع الله (وزعم محمود أن الله ــ تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ــ قد خلق هذا الوجود من ذاته، وأن ذاته هي الذات الواحدة، أو النفس الواحدة التي وردت في الآية.
    وذهب إلى أن الإنسان «في تطوره وترقيه ينقلب مرة ثانية ليلتحم بذات الله، ويرجع إلى أصله» واستدل بالآية الكريمة: «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه» وبالآية الكريمة:
    «وأن إلى ربك المنتهى» راجع الأخوان الجمهوريين، عقيدة المسلمين اليوم، الخرطوم ص 51-54)(الإنتباهة 25/1/2013م). ثم زاد على ذلك بقوله:

    (إن محموداً لم يقل صراحةً في محفل عام إنه هو الله، كما لم يزعم في واحد من كتبه أنه قد وصل إلى مرتبة الإله، ولكنه لم ينف كذلك أن الإنسان يمكن أن يصبح زوج الله،
    بل أكد هذا ــ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ــ حيث ذكر أكثر من مرة في كتبه أن الله خلق الإنسان من ذاته، مستدلاً بالآية الكريمة: «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها»،
    وقال إن الله لم يخلق الوجود من عدم لأنه تعالى يقول: «أم خلقوا من من غير شيء أم هم الخالقون؟»... وهكذا نرى السعي الحثيث لإثبات ألوهية الإنسان، أو إمكانية ألوهية الإنسان)(المصدر السابق).

    فما هو وجه الحق في كل هذا التخليط؟؟ إن مقتضى التوحيد هو أن نعرف، ونقر، بأن الله تبارك وتعالى كان ولا شئ معه، وليس لوجوده بداية، ولا نهاية..
    قال تعالى من قائل (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ). وكونه تعالى الأول، يعني بالضرورة، أن الشئ الثاني، قد جاء منه.
    فالبداية كانت وجوده سبحانه وتعالى، ولم يكن بإزائه شئ اسمه العدم، ليخلق منه.. وعلى كل حال، ما دام كلمة (العدم) تعني لا شئ، فالبداهة تقرر انه لا يمكن أن يجئ شئ من لاشئ!!
    ولقد قال جهلة المشركين أنهم خلقوا من لاشئ، فنعى عليهم الله ذلك، وقال (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ؟!)، فكما استنكر عليهم ظنهم بانهم خلقوا انفسهم، أستنكر عليهم ظنهم بأنهم خلقوا من لا شئ!!

    لقد خلق الله الوجود، كله، وعلى قمته الإنسان، من نفسه.. قال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ).. والنفس الواحدة، هي نفسه تبارك وتعالى،
    ولئن قبل في مجال التفسير القريب، ما قاله المفسرون، من ان النفس الواحدة، هي نفس آدم، فإن هذا، من حيث الحقيقة، لا يستقيم من عدة وجوه. منها أن آدم نفسه من الناس،
    وهو مخاطب مثلهم، بأن يتقي الله، الذي خلقه من نفس واحدة!! ومنها أن نفس آدم ليست واحدة، لأنه كسائر البشر، منقسم بين ما يظهره للناس، وما يخفيه عنهم، وبين نوازع الخير ونوازع الشر،
    واما النفس الواحدة فهي نفس الله الواحد الأحد. ومنها ما ذكرناه من أن نفس آدم ما دامت ليست الوجود الأول، فهي لا بد أن تكون قد جاءت من الوجود الأول، وهو ذات الله - نفس الله.
    والخلق إنما تم بالتنزل، فالله تبارك وتعالى أحاط بالوجود علماً قبل ان يوجده، ولما كان سبحانه لا يعلم بجارحة، وإنما يعلم بذاته، فمعنى ذلك أن الذات تنزلت الى مرتبة العلم..
    ثم حين أرادت أن تخلق الوجود، تنزلت من العلم الى الإرادة، فخصصت صورة الخلق، وفق إحاطة العلم. ثم تنزلت من الإرادة الى القدرة، فابرزت الوجود،
    وفق إحاطة العلم وتخصيص الإرادة. ولهذا فإن أصل الأسماء التي تم بها الخلق هي: العالم، المريد، القادر. ولجهل وقيع الله، إستنكر أن تكون نفس الإنسان،
    قد جاءت من نفس الله، فمن أين جاءت روح الإنسان؟! قال تعالى (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ).. فإذا كانت روح الإنسان من روح الله، فما الذي يمنع ان تكون نفسه من نفس الله؟!

    أما قول وقيع الله (وذهب إلى أن الإنسان «في تطوره وترقيه ينقلب مرة ثانية ليلتحم بذات الله، ويرجع إلى أصله») فهو قول نكر،
    وهو من سوء فهمه، ولم يرد عند الجمهوريين، رغم انه لعدم امانته، وضعه بين قوسين، ونسبه الى احد كتبهم!! فالقول بالاتحاد بذات الله،
    أو الحلول فيها، ليس صحيحاً، ولم يقل به الاستاذ محمود محمد طه، بل قال (والذات الإلهية مثلنا الأعلى في هذا التطور، ولكننا لن نكون جزءاً منها، لأنها لا تتجزأ. ولن نذوب فيها،
    إلا في معنى أننا نذيب نقائصنا في كمالاتها. ولن نتحد معها، لأنها مطلقة ونحن محدودون.. وإنما أمرنا معها أمر المتطور من بداية الكمال الى نهاية الكمال، لكن هذه النهاية مطلقة،
    فيصبح حظنا من التطور سرمدياً، مستمراً... فليس لكمال البشر نهاية، لأن نهايتهم الله، وليس لله نهاية.. "وأن الى ربك المنتهى" ولا منتهى.. بإيجاز كمال الإنسان أن يكون الله،
    ولن يكون لأنه ليس لله نهاية فيبلغها ولا صورة فيكونها وإنما كمال الإنسان، في هذا الباب، أن يكون مستمر التكوين – مستمر التطور من النقص الى الكمال)(أسئلة وأجوبة –الكتاب الأول، يناير 1970م ص 10-11).
    وحتى يشوه وقيع الله هذا الفهم الواضح، بأن "يكون الله" معناها هو السير ترقياً نحو كمال الله، الذي لن يبلغ، لأنه مطلق، أورد نصاً مبتوراً، فقال (وتحدث محمود عن إمكان الوصول إلى الإلوهية،
    في أعقاب حديث له عن القضاء والقدر، فقال إن النفس تصل، بعد أن تعرف سر القدر إلى «وحدة ذاتها»، و «ها هنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية، فيومئذٍ لا يكون العبد مسيراً،
    وإنما هو مخير، ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله، معاوضة لفعله، فيكون حيا حياة الله، وعالماً علم الله، ومريداً إرادة الله،
    وقادراً قدرة الله، ويكون الله)(الإنتباهة 25/1/2013م) ولكن النص الكامل هو (وحين تطلع النفس على سر القدر، وتستيقن أن الله خير محض، تسكن إليه، وترضى به، وتستسلم وتنقاد، فتتحرر عندئذ من الخوف،
    وتحقق السلام مع نفسها، ومع الأحياء والاشياء، وتنقي خاطرها من الشر، وتعصم لسانها من الهجر، وتقبض يدها عن الفتك، ثم هي لا تلبث ان تحدث وحدة ذاتها،
    فتصير خيراً محضاً، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار.

    هاهنا يسجد القلب، والى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيراً، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه الى حرية الإختيار،
    فهو قد أطاع الله حتى اطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حياً حياة الله، وعالماً علم الله، ومريداً ارادة الله، وقادراً قدرة الله، ويكون الله.

    وليس لله تعالى صورة فيكونها، ولا نهاية فيبلغها، وإنما يصبح حظه من ذلك أن يكون مستمر التكوين، وذلك بتجديد حياة شعوره وحياة فكره، في كل لحظة، تخلقاً بقوله تعالى عن نفسه "كل يوم هو في شأن"
    والى ذلك تهدف العبادة، وقد أوجزها المعصوم في وصيته حين قال "تخلقوا باخلاق الله أن ربي على صراط مستقيم" وقد قال تعالى "كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون")
    (الرسالة الثانية من الإسلام-الطبعة الرابعة ، اكتوبر 1969م ص-107-108).

    ولقد وقف وقيع الله عند عبارة "ويكون الله"، ولم يكمل النص، ليخلص الى أسئلة ساذجة، ظنها لسطحيته من المعضلات، فقال (إذا أُتيح لنا أن نسأل زعيم الحزب الجمهوري الذي هلك:
    كيف يصبح الإنسان حيّاً حياة الله، وحياة الله لا تنتهي، وكيف يصبح الإنسان عالماً علم الله، وعلم الله شامل محيط لا يعزبُ عنه شيء، وكيف يكون الإنسان مريداً إرادة الله وقادراً قدرة الله، وإرادة الله وقدرته مطلقتان؟
    فإنه يجيبنا بالحديث الموضوع السابق: «تخلقوا بأخلاق الله»)(الإنتباهة 27/1/2013م). مسكين وقيع الله، فهو لا يعلم أن حياة الإنسان لا تنتهي بالموت الحسي، بل لا يعلم أن الموت حياة في حيز جديد، أكمل من حياتنا الدنيا،
    بل ان حياتنا الدنيا، مجرد لعب، بجانب الحياة الحقيقية في الآخرة.. وفي هذا المعنى، يجئ قوله تعالى (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)..
    فحياة الإنسان لا تنتهي، لأن فيه روح الله، ولهذا إتصف بصفات الله النفسية السبعة، وهي أن الله حي، وعالم، ومريد، وقادر، وسميع، وبصير، ومتكلم.. وهو تبارك وتعالى قد خلق الإنسان حياً، وعالماً، ومريداً،
    وقادراً، وسميعاً، وبصيراً، ومتكلماً. غير أن صفاته في طرف الكمال، بينما صفاتنا في طرف النقص. وإلى كون صفاتنا هي صفات الله، الإشارة بقوله تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)،
    ومعلوم ان السميع البصير، إنما هو الله تبارك وتعالى، والى هذا الشبه في الصفات الإشارة بالحديث النبوي (إن الله خلق آدم على صورته).
    ولكن وقيع الله، لا يقبل الحديث بهذه الرواية، ويقدم رواية أخرى، يطرح لها فهماً سقيماً، فيقول (وهم يستدلون على ذلك بالحديث القائل: «لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك لأن الله خلق آدم على صورته».
    وهذا الحديث صحيح، ولكن يقول العلماء في معناه إن الله تعالى قد خلق آدم على الصورة التي صنعها له.... ويكون المعنى بذلك أن الله تعالى أوجد آدم على الهيئة التي خلقه عليها)
    (الإنتباهة 27/1/2013م). وكذلك خلق البقرة على الصورة التي صنعها لها، وخلق الشجرة على الصورة التي صنعها لها، وخلق وقيع الله على الصورة التي صنعها له، فهل يحتاج النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفصح الخلق،
    أن يقرر هذه البديهة؟! فما ظن وقيع الله إذا أخبرناه ان الحديث ورد كما أوردناه، كما جاء برواية أخرى، هي (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)؟! فإن شق ذلك على وقيع الله، واستنكره،
    وتعوذ منه، وأتهمنا بأننا نورد أحاديث موضوعة – مما سنرد عليه لاحقاً- فإن ذلك يدل على انه لا يقرأ حتى لاشياخه الوهابية فقد جاء (السؤال: ما صحة الحديث الذي في صحيح البخاري في كتاب الإستئذان
    "إن الله خلق آدم على صورته" وقال ابن حجر رحمه الله قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن الله تعالى خلق آدم على صورة الرحمن" ما صحة هذا الحديث؟ الجواب:
    هذا هو الصواب الحديث صحيح مثل ما قال اسحق واحمد وغيرهم ومعناه سميع بصير وليس معناه مثل سمع ابن آدم وبصره يقول الله سبحانه "ليس كمثله شئ وهو السميع العليم"
    يعني أن الله خلق آدم على صورته سميعاً بصيراً متكلماً) (موقع فتاوي عبد العزيز بن باز على الرابط التالي: http://www.binbaz.org.sa/mat/3344.

    ومراد الدين بكل تشاريعه، أن نسير من صفاتنا الناقصة، نحو صفاته الكاملة.. فإذا تم هذا السير المجيد لأحدنا، بفضل الله، ثم بفضل الترقي، في كل جزئية من جزئيات الزمن،
    فإنه يصح ان يوصف بصفات الكمال، لأنها اصبحت ميراثه، بما يؤول إليه حاله، وقد اسبغ الله عليه صفاته.. وفي الحديث (وما يزال عبدي يتقرب الى بالنوافل حتى احبه فإذا أحببته
    كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يسعى بها).

    ومن سوء الخلق، وبداوة الطبع، أن يردد وقيع الله، عبارة (الذي هلك)، كلما ذكر الاستاذ محمود، وهو يقصد الإساءة الى رجل لا تلحق به سيئة.. ومن حسن التوفيق،
    أن معنى الكلمة الحقيقي، لا يحتوي على المعنى السلبي، الذي اعطته الثقافة الدارجة، وظنه وقيع الله، لافتقاره لادنى معرفة، هو المعنى.. فلقد وصف الله بها نبيه، ورسوله، يوسف الصديق عليه السلام،
    فقال تعالى من قائل (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ).. أما الأستاذ محمود محمد طه،
    فلا يصح ان يقال عنه أنه مات!! لأنه عاش في سبيل الله، وقتل في سبيل الله، فهو حي، وإن لم يشعر بذلك وقيع الله وأمثاله، من موتى الأحياء.. إقرءوا إن شئتم قوله تعالى (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ).

    التلفيق وسوء التخريج بغرض التنفير:

    وحين وجد وقيع الله، أنه لو إعتمد على كتب الفكرة، لن يستطيع تنفير الناس منها، ولما كان لا يرعى للحق حرمة، أخذ يذكر كلما سمعه، أو خطر بباله، وينسبه للجمهوريين، دون أن يفكر في كتابة مرجع أو مصدر،
    أو يذكر من أين أتى به، فقد قال (سئل مرة محمود محمد طه في محاضرة عامة له، هل تصوم رمضان؟ فقال إني آكل في نهار رمضان ولكني لا أشبع. وسئل هل تحج؟ فقال:« إني أطوف حول قلبي»)
    (الإنتباهة 28/1/2013م). إن كل محاضرات الأستاذ محمود العامة مسجلة، وموجودة الآن لدى الجمهوريين، ففي أي محاضر قال ذلك؟! إنه مجرد تلفيق وكذب رخيص.
    يقول وقيع الله (ومن طرائف حزب الجمهوريين أن زعيمهم الهالك كان أمردَ لا يبقي على لحية ولا شارب، وذلك من أجل مزيد من التشبه بالله في زعمهم، والعياذ بالله من هذا الشرك المبين.
    وقد أخذوا ذلك من الحديث المكذوب الموضوع الذي يتردد كثيراً في كتاباتهم واستشهاداتهم، وهو الحديث الذي يقول: «ليلة عرج بي انتسخ بصري في بصيرتي، فرأيت الله في صورة شاب أمرد...)
    الى أن يقول (وعندما يواجه الجمهوريون بالأحاديث الصحيحة في الشوارب واللحى يردون ذلك بدعوى أنها من أحاديث العادات ولا تلزم المسلمين في شيء!)(المصدر السابق).

    أولاً (الأمرد هو الشاب الذي بلغ خروج لحيته وطر شاربه ولم تبد لحيته)(راجع لسان العرب – باب مرد).. ولكن الشيخ الكبير يسمى حليقاً إذا كان لا يترك لحية ولا شارباً. فلو لا الحقد،
    والرغبة في التشويه، والغرض الذي بلغ حد المرض، هل يمكن ان يتصور وقيع الله، أن الأستاذ محمود، وهو شيخ، يمكن ان يظن أنه لو حلق، سيشبه الشاب الأمرد، الذي جاء في الحديث،
    وبذلك يشبه الله؟! اللهم هذه غثاثة، اضطرنا إليها من لا خلاق لهم!! فما هو الحق في امر حلق اللحية والشارب؟؟ إن الجمهوريين دعاة الى بعث السنة النبوية، وهي عمل النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة والاخلاق..
    والمظهر سنة عادة وليست سنة عبادة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله لا ينظر الى أجسادكم ولا الى صوركم ولكن ينظر الى قلوبكم)، فلا عبرة دينية بالمظهر.. والذي يدعو الى سنة العبادة، لا بد ان يتجنب سنة العادة،
    حتى لا يضلل الناس، لأن السنة لا تحتمل الزيادة ولا تحتمل النقصان.. ومما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، ويلحق بسنة العادة، إطالة الشعر، وإطالة اللحية، وحلق الشارب، ولبس الخف، ولبس العمامة،
    وحمل العصا، وحمل السيف، وركوب البعير، وكل هذا لا يفعله الجمهوريون.. فهل فعله وقيع الله عندما كان في امريكا؟!

    د. عمر القراي
    [email protected]
                  

02-15-2013, 10:46 PM

محمد عبد القيوم سعد

تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    امير سلامات،
    في الحقيقة لم اري من اجتراء علي الكتابة من قبل مثل وقيع اللة. اذ يمتاز الرجل بجهل يحسد علية !. قرأت لة من قبل مقالا ينتقد فية كتابات محمد اركون كال في اكثر من نصفة السباب لاستاذ السوربون المحترم !.
    من دون ان ان يفتح اللة علية بفكرة حقيقية في النقد. بحثت عن هذا المقال علي الاسافير بلاجدوي لكي اوردة ضمن الامثلة هنا وان كنت وجدت بعض من اقتبس منه من الاسلاميين.
    ارجو ان عثرت علية اثناء حملتك هذة ان تمدنا بة واكون لك من الشاكرين.
                  

02-16-2013, 06:39 AM

Salah Farah

تاريخ التسجيل: 10-11-2012
مجموع المشاركات: 116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: محمد عبد القيوم سعد)

    الأستاذ محمد عبد القيوم وضيوف الخيط،
    إليكم هنا مقال السيد محمد وقيع الله في هجومه على الكاتب محمد أركون

    Quote: محمد أركون وعلمنة الإسلام
    محمد وقيع الله أحمد

    http://www.biblioislam.net/Elibrary/arabic/e_...d.asp?tID=2andid=22091


    يغفل من يطرحون قضية العلمانية في بلادنا أي منظور موضوعي يراعي تاريخ مجتمعاتنا وظروف احتياجاتها الحالية، و يتجهون إلى طرح القضية من منطلق النقل الحرفي للتجربة الغربية، ومنطلق العداء الذي لا يستكين لروح الأمة وعقيدتها المتمثلة في الإسلام. إلا أن المفارقة التي لا يمكن تفسيرها ولا تبريرها، هي أن يزعم مفكر أن بإمكانه أن يدعو للعلمانية من داخل الإطار الإسلامي، أي أن يجمع بين العلمانية والإسلام، وهما نقيضان لا يجتمعان. وهذا ما يحاوله محمد أركون حيث يقول إنه يدعو إلى " فكر إسلامي تحريري محرر ومعلمين " وهذه هي المهمة الضخمة التي يزعم أركون أنه ينهض بها، ويزعم تلميذه "الصالح" أنه سيكون بها علامة فارقة في التاريخ العقلي للمسلمين.

    والآن فلننظر إلى الطريقة الخرقاء التي ينهض بها أركون بهذه المهمة الخارقة. إنها طريقة تدل على جهل أكيد بأوضح أولويات الدين، ولكن الجهل بأولويات الدين تتحول عند أركون إلى إنجاز حاسم حيث يقول "وهكذا لا أجد كتاباً واحداً عن الإسلام مكتوباً من قبل رجل غربي، ويلفت الانتباه لهذه الحقيقة التاريخية ". ولربما صدق أركون في هذا الادعاء، إذ أنه ربما لم يوجد كتاب قط غرق صاحبه في الجهل التام، إلى حد الزعم بأن هذا الهراء الذي أتى به أركون يشكل حقيقة تاريخية حاسمة. والآن ما هي هذه الحقيقة التاريخية الحاسمة التي اكتشفها هذا الكاتب ؟ !

    يتحدث أركون عن جهود النبي صلي الله عليه وسلم وهو بالمناسبة لم يصل على النبي صلي الله عليه وسلم ولو مرة واحدة في كل ما كتب، " فالنبي يبلور الفضاء السياسي في الوقت الذي يبلور فيه الفضاء الديني، وعندما ينقل القبلة من القدس إلى مكة، وعندما يفرض يوم الجمعة كيوم عطلة واحتفال جماعي كنوع من المنافسة المحاكاتية لرمزية يوم الأحد أو السبت لدى المسيحيين واليهود، وعندما يقيم مسجداً في المدينة ويمنع "المؤمنين" من دخول المسجد، وعندما يعود إلى مكة ويدمج في الرمزية الإسلامية الجديدة كل الطقوس والدعائم المادية لشعيرة الحج الوثني السائد سابقاً في الجزيرة العربية، وعندما يعدل ويرمم قواعد الإرث واستراتيجيات الزواج السائدة في الوسط القبلي، الخ، عندما يقوم بكل ذلك، فإنه يؤسس تدريجياً نظاماً سيميائياً يبطل النظام السيميائي الذي ساد في الجاهلية ". هذا هو الرفث الذي عاث فيه محمد أركون. وهذا هو اجتهاده الفذ الذي يعلمن به الإسلام !

    إذا صرفنا النظر عن سوء الأدب في الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم والزعم بأنه كان يقوم بمنافسة محاكاتية لليهود والنصارى، وهي وحدها تهمة تكفي لتفسيق مسلم عادي، دعك من أن يكون عالماً يزعم أنه مجدد غيور على دين الإسلام، إذا صرفنا النظر عن ذلك كله فلننظر كم في تلك الفقرة الوجيزة التي اقتطفناها آنفاً من جهل ومغالطات.

    إن الكاتب يزعم أن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي نقل القبلة من القدس إلى مكة، وكأن النبي صلي الله عليه وسلم هو الذي فعل ذلك من تلقاء نفسه ولم يتلق الأمر من الله تعالى على ذلك. ويسوق الكاتب هذه المسألة ليلقي في روع القارئ أن النبي صلي الله عليه وسلم إنما فعل ذلك في سياق الصراع السياسي حتى يمكن لنفسه كحاكم دنيوي ضد أهل الكتاب في القدس. وهذا انطباع خاطئ بالتأكيد.

    وأما حقيقة الأمر فإن المسلمين كانوا يصلون تجاه البيت الحرام نحو ستة عشر أو سبعة عشر شهراً بعد الهجرة، وبعد ذلك أُمروا بأن يصلُّوا تجاه بيت المقدس، وقد كان ذلك امتحاناً عصيباً للمسلمين بنقلهم من التوجه إلى البيت الحرام، الذي ألفوه إلى بيت المقدس الذي كان في يد أهل الكتاب، وفي هذا الظرف انطلقت ألسنة اليهود وأشبعت المسلمين هزءاً وسـخـريةً، وزعمت بأن النبي صلي الله عليه وسلم قد وجه أتباعه بالانتقال إلى قبلة أهل الكتاب في القدس، و قالوا كيف ينتقد محمد ديننا و هو يتوجه في صلاته إلى قبلتنا؟ وشق ذلك على المسلمين الذين ظلوا يعظمون البيت الحرام في مكة حتى في الجاهلية ويجعلونه محط مجدهم القومي، وظل النبي صلي الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء من غير أن يسأل الله تعالى أو يستفسر حياءً وتعظيماً لأمر الله عز وجل. وظل كذلك حتى نزل قول الله تعالى يأمر المسلمين بالتوجه في صلاتهم من جديد إلى البيت الحرام: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ} (البقرة: 144). وهكذا فالأمر أمر قرآني وتوجيه إلهي كريم، ولم يكن أمر حسابات سياسية دنيوية اتخذها النبي صلي الله عليه وسلم كما زعم محمد أركون.

    ووراء ذلك فهو امتحانٌ إلهيٌ، وتطهيرٌ وصقلٌ لنفسية المسلم، وتخليصها من أوشاب العصبية القومية حتى تعتصم بمحض التوحيد، وكما يقول في أجمل

    بيان صاحب (الظلال): "ولما كان الإسلام يريد استخلاص القلوب لله، وتجريدها من التعلق بغيره، وتخليصها من كل نعرة، وكل عصبية لغير المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرةً، مجرداً من كل ملابسة تاريخية أو عنصرية أو أرضية على العموم، فقد نزعهم نزعاً من الاتجاه إلى البيت الحرام، واختار لهم الاتجاه – فترة - إلى المسجد الأقصى، ليخلص نفوسهم من رواسب الجاهلية، ومن كل ما كانت تتعلق به في الجاهلية، وليظهر من يتبع الرسول إتباعا مجرداً من أي إيحاء آخر، إتباع الطاعة الواثقة الراضية المستسلمة، ممن ينقلب على عقبيه اعتزازاً بنعرةٍ جاهلية تتعلق بالجنس، والقوم، والأرض، والتاريخ، أو تتلبس بها في خفايا المشاعر وحنايا الضمير، أي تلبس من قريب أو بعيد ".

    هذا ما كان من أمر التوجه إلى الكعبة. وبعيد عن الصواب كل ما ادعاه محمد أركون. وأما اتخاذ يوم الجمعة عطلة واحتفالاً جماعياً، فأقل المسلمين علماً يعلم أن يوم الجمعة هو يوم عبادة جماعية، لا يوم احتفال جماعي، ولا يوم عطلة، والله تعالى يقول في محكم تنزيله: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (الجمعة: 10) فلا إشارة هنا إلى عطلة ولا يحزنون، بل الانتشار في الأرض وابتغاء الرزق.

    لقد التبس الأمر على محمد أركون الذي ينصب نفسه مؤرخاً إسلامياً، فخلط ما بين التقليد الذي يجعل من يوم الجمعة يوم عطلة، وبين الإسلام نفسه الذي لم يدع إلى ذلك، بل دعا إلى الانصراف إلى العمل بعد صلاة الجمعة مباشرةً، {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}، وأكثر من ذلك فقد اتجه أركون إلى أن ينسب ذلك إلى النبي صلي الله عليه وسلم نهيه عن الصلاة في مسجد ضرار، مع أن النبي صلي الله عليه وسلم قد مُنٍع هو نفسه من ذلك بقرآن. وفي ظن أركون أن المسألة كانت مسألة تنافس سياسي، لا مسألة نفاق وفساد عقدي تلبَّس أولئك النفر الذين جعلوا من ذلك المسجد المزيف "مسجد الضرار" قاعدة عقائدية وفكرية لتشويه الإسلام، مثلما تفعل بعض مراكز الاستشراق اليوم!

    وتبلغ بأركون القحة إلى حد القول باستيعاب الإسلام للتراث الوثني للحج، وأن ينسب إلى الرسول صلي الله عليه وسلم أنه أضاف التراث الوثني للحج إلى الإسلام، وما سبق أن أوردناه من تحويل القبلة يكفي للرد على ذلك. ولكن جهل أركون، الذي يزعم أنه مؤرخ، هو الذي قاده إلى إغفال أن الحج تراث إبراهيمي حنيفي عريق، حيث كان سيدنا إبراهيم عليه السلام هو أول من أذّن في الناس بالحج، وكان الطواف والتضحية إحياءً لبعض سيرة سيدنا إبراهيم عليه السلام.

    إن الرد على بعض هذه الاتهامات، يسمح لنا بأن نتجاهل بقية ترهات أركون. ولكن يبقى المغزى أن أركون يحاول علمنة الإسلام متذرعاً بأن النبي صلي الله عليه وسلم أضاف إلى الإسلام ما ليس فيه، وبالتالي يمكننا أن نضيف إلى الإسلام ما ليس فيه. ولو كان أركون ذكياً بالقدر الكافي لاستند إلى حجج أخرى أيسر من هذه تتصل بأمر المصالح المرسلة والاستصحاب، ولكن يبدو أن باع الدكتور في الفقه وأصوله قليل جداً، ولذلك كان بئيساً جداً في مسعاه إلى علمنة الإسلام.

    المنهج والقيم

    إن آفة أركون وشاكلته من المفكرين الجدد تكمن في تشبثهم بمناهج النسبية والمنطقية الوضعية، والنظر من خلالها إلى الدين كظاهرة اجتماعية مثل أية ظاهرة اجتماعية أخرى، ومن هنا يجنح محمد أركون إلى وصف الإسلام بأنه أسطورة أو رمز اجتماعي. كما يجنح إلى أن يساوي بين الأديان جميعاً بلا أدنى امتياز للإسلام عليها، ويقول إنه محايد تجاه الأديان كلها، بما فيها الإسلام: "أنا أقول على العكس لا يوجد دين متفوق بشكل مسبق على دين آخر"، وهذا حياد غير معهود من مسلم صحيح الإسلام، يقرأ في قرآنه: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (آل عمران: 19) . هذا الحياد يواجه به بعض مثقفي المسلمين، تهمة التعصب التي يمكن أن تلقى عليهم من قبل الأكاديميين الغربيين. وهؤلاء المثقفون المسلمون "المنهزمون" ينسون أن سائر الغربيين لا يدارون تعصبهم لثقافاتهم، ولا يكادون يدارون استخفافهم بثقافات الآخرين.

    وثمة منبع آخر لهذا الحياد "العلمي" المزعوم وهو حقل العلوم "الإمبريقية" وعلى رأسها العلوم السلوكية. تهدف هذه العلوم أول ما تهدف إلى عزل القيم عن مناهج البحث، وتحاول أن تحدد مجال أبحاثها في الأسباب والنتائج المثالية العامة التي تيسر عملية التمييز والفحص والتصنيف والتعميم، وكما يقول "ماكس فيبر" فإن مثل هذه العلوم لا يمكن أن تكون في موضع تخيرك فيه بأن تكون اقتصادياً ليبرالياً أو اشتراكياً، أو ديمقراطيا، أو دستورياً، أو ماركسياً، ولكنها تخيرك عن نتائج سلوكك ونتائج القيم التي تحملها عندما تُترجم عملياً في عالم الواقع المُعاش.

    والغريب أن " فيبر" هذا دعا إلى فصل العلوم الاجتماعية عن القيم، وتبعه في ذلك أركون، وقد انقلب عن تلك الدعوى ليمارس حمل القيم والأفضليات الشخصية في ذات الدراسة التي دعا فيها لاستبعاد القيم عن البحث، وذلك عندما عاد في مؤلفه الضخم عن، سوسيولوجيا الدين " للحديث عن ظواهر معينة ذكر أنها أهم من ظواهر أخرى، وعن حضارات معينة ذكر أنها أهم من حضارات أخرى، وأديان أهم من أديان أخرى. ولم يكن "فيبر" آخر من انقلب على منهج النسبية، بل انقلبت المائدة أخيراً على العلوم السلوكية برمتها، وذلك بتصاعد مدرسة ما بعد العلوم السلوكية، التي عادت لتؤكد على القيم، وعلى نقد خواء العلوم الاجتماعية بلا قيم.

    أما أركون الذي يزال يقلد قديم أوربا، ولا يزال يخرج لنا في كل عام كتاباً قاحلاً يذكرنا بهذا المنهج النسبي اللا قيمي المندرس، ويذكرنا بأن العلوم السلوكية التي تركز على مناهج البحث، أكثر مما تركز على مضمون البحث واتجاهه وجدواه. كما يقول الفيلسوف، إريك فوغلين: "في العلوم الاجتماعية يعتبر ذا مغزى كل ما يساهم في الوصول إلى الحقيقة. والقضايا الفكرية المختلفة تتطلب وسائل مختلفة للبحث عنها، وليس ثمة داع إلى التزام وسيلة بينها. ومدى مناسبة وجدارة المنهج العلمي تُقاس فقط بمدى إفادتها لغرض البحث، ولا تُقاس قيمة البحث بقيمة المنهج الذي استخدم فيه" هذا ما يقوله أولو النهى. أما أمثال أركون فلا يزالون على اعتقاد دوغمائي راسخ بأهمية المنهج، حتى وإن لم يقدم إفادات علمية ذات شأن. لذلك تراهم لا يملون من تذكير قرائهم بمناهجهم البحثية، ظانين أن التذكير المتكرر بالمنهج ربما أغنى عن عمق الدراسة، أو ربما أغنت عن ذلك المفردات والتصورات الغربية المنحوتة بعيداً عن أي ميزان لغوي، وذلك مثلما يتبدى في عبارات أركون عن " الرؤيا التاريخوية"، و"مسألة اللا مرجوعوية" و"التفكير العلمانوي" و " التناص والنصانية"، وما أشبه ذلك من تصورات السفسطة والزيف العلمي.

    إن التنفخ الغث بالمنهج - كما يقول الشيخ الجليل محمود محمد شاكر - لا يجدي، وكذا فإن الاستخدام الكثيف للمصطلحات لا يمكن أن يوهم القارئ الحصيف بجدارة المادة الفكرية الخاملة، أو وجود شيء ذي طائل من وراء المعنى السطحي. ولكن هذه العدة أصبحت مع ذلك عدة أركون وعدة تلاميذه في غزوتهم الجديدة - بأسياف الخشب - على معاقل الإسلام الصلدة.

    إن كتابات أركون وكتابات تلاميذه ما هي سوى بالونات خداع جديدة لمراكز الاستشراق التي تناور من أجل تضليل المسلمين وعلمنة الإسلام، وإماتة الضمير الديني في المجتمعات الإسلامية وتذويب الإحساس الإسلامي بالتميز والرفعة، وعلى حد تعبير الأستاذ محمد حسين زروق فإن هؤلاء "لا يتوقون إلا إلى أن يروا مدناً عربية يختلط فيها السكارى والشاذين بالمتدينين، ويتعايش فيها السلفيون مع المرتدين"، وليس بعيداً عن توقعات الأستاذ زروق، ما ذكره الأستاذ هاشم صالح - أبرز تلاميذ أركون - من أنه خرج يوماً بعد أن فرغ من حوار مطول أجراه مع أركون إلى شوارع باريس وحاناتها، متخيلاً أنه "بعد أربعين أو خمسين سنة سوف توجد مدينة عربية واحدة تسمح بالمناقشات والمناظرات، بحرية الفكر والحوار، وتسمح بالشراب "أو عدم الشراب!!" في حانات تشبه هذه الحانات التي تتلألأ أضواؤها بين الحين والحين أمام عيني على طريقي".

    إن هذا هو الهدف إذن، وقد أفصحوا عنه أخيراً، وهو هدف قيادة العالم العربي إلى طريق التحلل الفكري والخلقي، ولكن هيهات أن يتأتى ذلك في زمان الصحو الإسلامي وأوان تفتح الأمة على أضواء رسالتها الكونية.

    هل هو مفكر إسلامي

    يضغط محمد أركون دائماً كما يضغط موجهوه من المستشرقين وتلاميذه من الأكاديميين والصحفيين، على أنه مفكر ينطلق من داخل الفكر الإسلامي، وبالتالي فهو مفكر مسلم، ومن ضمن التيار الإسلامي. الفرق فقط هو أن محمد أركون مجتهد، وسواه من المفكرين الإسلاميين تقليديون و" لا تاريخيون".

    إن محمد أركون كما يقول عن نفسه يحاول أن يقوم بثورة أبستمولوجية داخل الفكر الإسلامي نفسه، ثورة حقيقية، بحيث، كما يحلم تلميذه هاشم صالح، سوف تشطر تاريخ الفكر الإسلامي، وبالتالي العربي إلى شطرين: ما قبل أركون، وما بعده.

    إن محمد أركون لا يعتقد أنه مفكر إسلامي فقط، بل يعتقد أنه المفكر الإسلامي الوحيد الجدير بهذا اللقب. ولذلك فهو يجرد فقهاء الإسلام من النزعة العلمية " أو العلموية" كما يقول. كما يتهمهم بالسطحية والانتهازية، وبينما يسمي أركون أحد كتبه في عنوان جانبي أنه كتاب "نقد واجتهاد"، فإنه يحرم حق الاجتهاد هذا على فقهاء الإسلام العظام وأئمته، فهو عندما يذكر ابن تيمية مثلاً يسخر منه قائلاً إنه ملقب بشيخ الإسلام، كما لا يفوته أن ينتقص من آثار الطبري وابن كثير، وهذا الذي يحتكر لنفسه حق الاجتهاد تتعدى سطوته حق انتقاص الأئمة، إلى حد البحث عن وسائل لتحجيم نفوذ القرآن، واختلاق الشبهات من حوله، والتشكيك حتى بأثره التاريخي في المجتمعات الإسلامية، فهو لا يهمل مناسبة إلا ويكرر في غير ما ملل أن أحكام القرآن لم تمس قطاعات واسعة من المجتمعات الإسلامية أو أنها لم تركز أو لم تتناسب مع الأعراف والقوانين المحلية السابقة للإسلام. ويتخطى محمد أركون هذه المرحلة إلى مرحلة أخطر هي مرحلة التشكيك في سلامة النص القرآني المتكامل المتداول بين المسلمين اليوم.

    التشكيك في المصادر

    وللتشكيك في القرآن يستخدم محمد أركون بعض المناهج التاريخية واللغوية. وفي حين أفاد أحد المستشرقين عبر دراسة تاريخية ناقدة رافقتها اليقظة العقلية والضميرية معاً أن الحديث الضعيف في الإسلام، يعتبر من حيث منهج التحقيق التاريخي أصح نصاً من كامل نصوص التوراة والإنجيل المستخدمة اليوم، فإن محمد أركون يحاول أن يعكس هذه النتيجة، وهو واثق من أن القارئ الأوربي حينئذٍ سيسمع له هو وينصرف عن النتيجة السابقة التي قررها ذلك المستشرق المنصف، كيف لا ومحمد أركون يذكر قارئه دائماً بأنه مفكر إسلامي، ينطلق من داخل فضاء الفكر الإسلامي، وبالتالي فلا ثمة شبه تحوم من حوله كما تحوم الشبهات عادةً حول المستشرقين!.

    وقف محمد أركون في إحدى محاضراته في باريس يتحدث بعنوان "العلمنة والدين" فحدّث سامعيه بهذا المعنى، ونص على أن تمحيص القرآن وتأكيد سلامته أمر متعذر، ولئلا نتهم التصرف المخل بأقواله تلك فها هو نص حديثه. يقول أركون: "ولكن الشيء الأساس الذي زاد في تركيز الانتباه عليه هنا، أن العبارات القرآنية، والعبارات التي تلفظ بها يسوع قد تجسدت في لغة بشرية، وبالتالي فقد تفاعلت مع التاريخ الأرضي الواقعي، ولكن ينبغي ألا ننسى أبداً في هذا الصدد أن التواصل اللغوي كان شفهياً في البداية، وفي كلتا الحالتين، وكان هناك تلاميذ وحواريون، يصغون لكلام المعلم. ولا يهم هنا ما تم توصيله أو عدم توصيله، أي ما فُقِد أثناء الطريق، المهم هو أنه كان هناك رجال يستمعون لرجل آخر، يتكلم لغتهم البشرية بحد ذاتها، وكانوا يحفظون عن ظهر قلب أو في ذاكرتهم ما يسمعونه بشكل لم نعد نحن قادرين على تمحيصه أبداً بواسطة المنهج التاريخي. فما حصل يخرج عن إرادتنا أو عن قدرتنا التمحيصية في كلتا الجهتين، على الرغم من كل ما يقوله التراث الأرثوذكسي أو ما يزعمه بهذا الخصوص".

    في دراسته السابقة من النص درج محمد أركون على التفريق "المنهجي!" بين ما يسميه بالخطاب القرآني الشفهي، وبين ما يسميه بالمدونة النصية الرسمية المغلقة التي أشرفت على إعدادها سلطة الدولة، كما يقول، وهي "الصحف" التي اعتمدها الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وإصرار الكاتب على هذه التفرقة، والحرص على إدراج ذالك في صلب كل نص مكتوب له، كأنه يشي بأن ثمة فرق ما بين النصين، وأن ثمة جزء ما قد سقط من الخطاب القرآني "الشفهي" ولم يسجل في الصحف المحفوظة لدينا اليوم!

    ذلك أمر يحسه القارئ لنصوص محمد أركون المختلف، لأنه يتعمد الإيحاء به من بعيد، أو إيداعه لا شعورياً في ضمير القارئ، ولكنه هنا في حديثه للجمهور الفرنسي كان أكثر صراحة في التنبيه على ذلك الأمر. أما هاشم صالح، وهو حواري محمد أركون الأثير وشارح نصوصه، فقد كان أكثر مباشرة حينما عقّب على النص الماضي قائلاً: إن التأكيد على صحة النص غير ممكن، ذلك لأن الوثائق الخاصة بتلك الفترة معدومة، أو اُتلفت بسبب الصراع السياسي الهائج والعنيف، فما وصلنا عن تلك الفترة الأولية من وثائق موثقة قليل جداً ". إذن فالمسألة هي مسألة تشكيك صريح في موثوقية القرآن وقطعية تواتره، أو على الأقل القول بأنه لا يوجد يقين أو إجماع على سلامة "المصحف" كما يدعي المفكر الذي يصر على تسمية نفسه بالمفكر الإسلامي محمد أركون!

    هذا هو المنهج المتبع في التشكيك في سلامة القرآن. منهج الاستدلال بالضد، فبدل إعطاء الدليل على عدم صحة القرآن، يقال إن ليس ثمة دليل على صحة القرآن، وهو منهج غير منطقي وغير علمي بالتأكيد. والمنهج الأسدُّ - والمستحيل أيضاً - هو أن يثبتوا بالأدلة القاطعة أن تحريفاً ما حدث لنص القرآن الكريم!!. ولكن هيهات، فالتشكيك في سلامة ورود وتداول النص القرآني الكامل، أيسر منه كما يقول أبو الأعلى المودودي، القول بعدم وروده وحياً من الله تعالى إلى النبي صلي الله عليه وسلم.

    إن المودودي يتحدى أصحاب المنهج التشكيكي التاريخي هؤلاء، قائلاً: إن عليهم أن يختبروا مئات المصاحف التاريخية المحفوظة على شكل مخطوطات، ترجع إلى عهود مختلفة، وهي متاحة اليوم للقراء في أمهات دور الكتب العالمية، وليقارنوا أولاً بين هذه المخطوطات عسى أن يجدوا فيها أي اختلاف، فإن لم يجدوا فالفرصة متاحة لاختبار آخر، دعهم يحصلون على نسخة من المصحف الذي يباع في مكتبات الجزائر في غرب العالم الإسلامي مثلاً، وليحصلوا على نسخة منه تباع في ماليزيا أو إندونيسيا في أقصى شرق العالم الإسلامي، فإن وجدوا النسختين متطابقتين مع النص العثماني القديم، فليلجئوا إلى اختبار ثالث، دعهم يأتوك بنسخة من القرآن من أي مكان في العالم، ثم ليذهبوا بتلك النسخة إلى أي حافظ للقرآن الكريم من تلك الملايين العديدة التي تحفظه، وليسألوه ليتلوه لهم عن ظهر قلب، فحينذاك سيرون أن تلاوته تتطابق حرفاً حرفاً مع المصحف المطبوع من البداية إلى النهاية. وكفاهم بذلك دليلاً لا ينقض على صحة تداول القرآن الكريم من لدن عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلى العصر الحالي الذي تثار فيه هذه الشبهات والترهات.

    ومع تشكيك أركون في صحة ورود المصحف، فهو يورد تشكيكاً آخر في صحة الوحي نفسه. إن محمد أركون يريد أن يفهم الوحي كما يقول: "بصفته ظاهرة لغوية وثقافية قبل أن يكون عبارة عن تركيبات ثيولوجية أو لاهوتية"، ومعنى ذلك أنه يريد أن يفهم الوحي باعتباره ظاهرة لا دينية، أو لا تتعلق بالتعاليم الدينية، " وإنما ظاهرة حياتية مهمة يدرسها ويقرر فيها علم اللغة أو علم الاجتماع، ويحاول أن يفهم وظائفها الأيدلوجية والنفسية، ثم محدوديتها أو عدم مطابقتها وصحتها من الناحيتين المعنوية والأنثربولوجية". فالوحي ليس هو الوحي الذي نعرفه نحن المسلمون، وإنما وحي له معنى ومفهوم آخر!.

    إن الوحي الذي فهمه محمد أركون، له معنى وتحديد فضفاض واسع: "وتحديدنا الخاص الذي نقدمه عن الوحي يمتاز بخاصية فريدة، هو أنه يستوعب بوذا وكونفشيوس والحكماء الأفارقة، وكل الأصوات الكبرى التي جسّدت التجربة الجماعية لفئة بشرية ما من أجل إدخالها في قدر تاريخي جديد، وإغناء التجربة البشرية عن الإلهي، إنه يستوعب كل ذلك ولا يقتصر فقط على أديان الوحي التوحيدي، وعلى هذا يمكننا أن نسير باتجاه فكر ديني آخر غير السائد، أقصد باتجاه فكر ديني يتجاوز كل التجارب المعروفة للتقديس أو للحرام بالثقافة الإسلامية الكلاسيكية"، وفي هذه الجملة تنطوي كل نظرية محمد أركون. فالهدف هو خلط المصادر، أي خلط الديني باللا ديني من ناحية أولى، ثم التسوية ما بين أنبياء التوحيد، وما بين بوذا وكونفشيوس والحكماء الأفارقة وغيرهم، وتجد فرق الاستغناء عن المصدر الإلهي للوحي والتوجيه. هذا هو التجديد المزعوم للمفكر "الإسلامي" الزعيم محمد أركون. وفي سياق آخر في هذه الدراسة سترى أي معنى مشبوه يقصدون إليه من خلط مصادر التوجيه الديني.

    في هذا الإطار المطاط جداً، أو في هذا المجال المفتوح بلا تأطير يرى محمد أركون أن بنى القرآن وشكلها يشير إلى البحث عن فكر ديني آخر غير السائد كما يقول، وقد صدق في ذلك، وبهذا يكون فكره فكراً دينياً "لا علمانياً بالأحرى" غير الإسلام. وبهذا يكون محمد أركون مستشرقاً مثله مثل سائر المستشرقين، وتبطل دعواه بأنه يختلف منهجياً عن المستشرقين الكلاسيكيين!!

    إن الوحي في اللغة له معان مختلفة، ولكنه في الشرع يعني خطاب الله تعالى للنبي صلي الله عليه وسلم عن طريق الملك. والقرآن عند المسلمين هو نص كلام الله تعالى الموحى إلى النبي صلي الله عليه وسلم وليس فيه حرف واحد من كلام النبي صلي الله عليه وسلم أو من كلام البشر، وترد كلمة "قل" دائماً في سياقات القرآن لتأكيد دلالة مهمة جداً، وهي أن هذا القول منقول عن طريق النبي صلي الله عليه وسلم وأنه ليس له منه شيء، وقد أعفي النبي صلي الله عليه وسلم حتى من مجرد حفظ الوحي، عندما حرك لسانه به ليحفظه، كما هو معروف: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ* إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ*، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} (القيامة: 16-18)، وهذه كلها مسائل إيمانية أولية، لا يسع المسلم أن يتخطاها، ويكون مسلماً بعد ذلك، ناهيك من أن يكون مفكراً إسلامياً!!.

    تجاوز الشريعة

    ولكن محمد أركون يتخطى كل ذلك ويتخطى الشريعة الإسلامية في مقرراتها الحاسمة، وينصب من نفسه مع ذلك مفكراً " إسلامياً " أو المفكر الإسلامي الأوحد. إن محمد أركون - ابتداءً - يرفض "أن نطلق تلك الخطابات التبجيلية من أجل حماية قانون ذي أصل إلهي، وبالتالي الزعم بأنه لا يتغير ولا يتبدل" أو الاعتقاد بأنه يتفوق على كل القوانين التي بلورها البشر في أماكن ومجتمعات أخرى. ومن هذا المنظور يتحدث أركون باستخفاف عن الآيات التي تتحدث عن تعدد الزوجات والطلاق والإرث وتفوق الرجال على النساء والحجاب والنسب، وفي اعتباره أن هذه الموضوعات حسمتها الحضارة الحديثة، وأنه من: "التـافـه أيضاً أن ننخرط في مناقشات طويلة حول هذه الآيات"..

    هذا على مستوى فقه الأسرة والعلاقات الشخصية، والمقصود النهائي من وراء هذه العبارات نسف فقه الأسرة بأكمله، وتبني مبادئ الزواج المدني، وإن كان أركون لا يصرح بذلك وإنما يلمح به تلميذه "الصالح" حيث يقول في الشروح: "وإذا تفككت بنى القرابة وعلاقات الزواج السائدة في مجتمعاتنا، فإن ذلك يعني بداية التحول وتغيير القيم التقليدية الراسخة، وتشكيل نسيج جديد للمجتمع المدني يصهر فئاتها بعضها بالبعض الآخر. إن هذا هو الاجتهاد الشرعي والإضافة النقدية الجديدة التي يقدمها أركون وتابعيه، وبالطبع فمن العبث مناقشة هذه الدعوى الفرية أو الرد عليها من منطلق النظر الشرعي. فالأمر هنا أوضح من شمس النهار. وما فصَّل القرآن القول أكثر مما فصَّل في فقه الأسرة، وعلاقات المجتمع والنظام الاجتماعي الإسلامي، وذلك على غير ما جاء في القرآن في شأن النظامين السياسي والاقتصادي حيث أجمل القول في عموميات كلية وجُعلت تفاصيلها مناطاً للاجتهاد المستمر.

    إن نصوص فقه الأسرة نصوص قطعية لا تتبدل، ولم يجرؤ الاستعمار الغربي وهو يتيه بجحافله على أرض الإسلام على إلغاء تلك القوانين، ولذلك فمحمد أركون وتابعه والموجة الاستشراقية عموماً، أعجز من أن تهز قناعة المسلمين في شرائعهم في النظام الاجتماعي وقد زالت سلطة الاستعمار !

    حقوق الإنسان

    إذا انتقلنا من فقه الأحوال الشخصية إلى الفقه السياسي، فإن ليبرالية محمد أركون تصحبنا كذلك، وكما رأينا سابقاً فمحمد أركون لا يسلم بكل شيء في الإسلام حتى لو كان قاطعاً بالنص القرآني، إنه لا يخضع أبداً لأي من الصيغ السائدة للإسلام وذلك " لأنها منقوضة جميعها من قبل الحداثة الفكرية التي أتبناها ". وبهذا المقتضى فمحمد أركون نوع آخر جديد من المسلمين. وآية ذلك أنه يقدم نفسه للغربيين قائلاً: " أنا صوت يرتفع من داخل الإسلام لكي يقول بأن هناك طريقة أخرى لمقاربة الظاهرة الدينية اليوم.. أنا صوت من بين أصوات أخرى تحاول أن تعبّر عن نفسها وتمثل مكانتها في المجتمع وفي أوساط الباحثين العلميين، وذلك من خلال مناقشة مفتوحة ترغب في أن تكون ديموقراطية بالمعنى الفكري والعقلي للكلمة.

    وهذه الديموقراطية الليبرالية الأركونية ديموقراطية مرنة تطوع المفاهيم الإسلامية معها حسبما تشاء، ولا تعترف بأي مفهوم أو اعتقاد ثابت أو ملزم في الإسلام. يقول محمد أركون: "إن الفهم لا التحديد القسري المغلق الذي حاول تشكيله عن الظاهرة الدينية ليس جوهرانياً ولا ماهوياً أبداً "، وهذا الكلام يبدو بالنسبة لنا نحن قراء العربية كلاماً غير مفهوم على نحو دقيق. فالمصطلحات المستخدمة هنا مثل "جوهرانياً" و"ماهوياً " مصطلحات لا نتعامل بها في لغتنا التي نعرفها، بل ينبو عنها ذوقنا اللغوي، وبها يضيع المعنى أو جل المعنى. ولكن لحسن الحظ فإن الشارح الذي يبدو أكثر حماسةً وأركونية من أركون نفسه، يتدخل في الوقت المناسب ليقرب هذا المعنى إلى أفهامنا. يقول هاشم صالح: " إن المقصود الجوهراني والماهوي هنا الثابت الذي لا يتغير ولا يتحول. إنه التصور الذي يرسخه التراث الأرثوذكسي في كل البيئات التقليدية، فإذن أركون يختلف عن المسلمين الأرثوذكس - وهذه الكلمة من استعمالاتها تعني المسلمين الحنفاء المستقيمين والمحافظين - في أنه لا يلزمه الثابت في الدين. فكل شيء قابل لأن يكون متحولاً في الفهم الأركوني..

    أما الثابت الذي يبقى على ثباته فهو لا يناسب العصر الحديث. ولذلك يعتقد محمد أركون أن الشرع الإسلامي الأصيل ليس فيه حلاً لإشكاليات الحياة المعاصرة. والأولى هنا أن نعمد إلى استيراد الفقه القانوني والسياسي الغربي. وانظر كيف يتهكّم محمد أركون من الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان الذي أُعلن في 19/ 9/ 1981 م في اليونسكو قائلاً: "إن الكثير من مواده قد جاءت تقليداً أو نقلاً حرفياً لمواد حقوق الإنسان الذي أعلنته الثورة الفرنسية في سنة1789 م، وإن في ذلك نوعاً من " المنافسة المحاكاتية". واتهم الأساتذة الذين صاغوا الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان بأنهم غطوا مواد حقوق الإنسان الغربي بمفردات وصياغات إسلامية لكي يخفوا منشأها الأجنبي، وهكذا ففي اعتقاد أركون أن حقوق الإنسان مسألة غربية صرفة، وأن الذي يتحدث عنها من وجهة نظر إسلامية فإنه لا يعدو أن يستعير فكر الغرب ويغطيه بأثواب إسلامية - ولذلك رفض أركون أن يتحدث بعنوان "أصل حقوق الإنسان في الإسلام" عندما دُعي لمحاضرة بهذا العنوان في أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية بباريس، وقام بتعديل العنوان حتى لا يوحي بوجود أصول إسلامية لحقوق الإنسان، ثم لكيما يؤكد لسامعيه أن المسلمين لا صلة لهم بحقوق الإنسان. قال عن الإعلان الإسلامي العالمي عن حقوق الإنسان: " لقد استقبل هذا الإعلان من قبل المسلمين بنوع من الارتياب والشك".

    وكعادته في التعالم وفي تنصيب نفسه مجتهداً فوق المجتهدين، يطرح أركون هنا مسألة منهجية، فيدعي أن القانون الإسلامي لكيما يتسق مع حقوق الإنسان يجب أن "يهدف أصلاً إلى تجديد التفسير التقليدي ويطرح بالتالي مشكلة قراءة كل تاريخ تشكّل ما ندعوه بالقانون الإسلامي - أي الشريعة. فهذه القراءة التاريخية المحضة لا تزال تصطدم حتى الآن بعقبات سياسية وابستمولوجية، وذلك لأن القانون الرئيس لا يزال متصوراً وكأنه من أصل إلهي ولا علاقة له بالبلورة التاريخية التي قام بها البشر". ومعنى كلام أركون هذا أن قراءة القانون الإٍسلامي يجب ألا تركِّز على النصوص القرآنية وحدها، أو إلى تفسيراتها التقليدية، بل يجب أن نقرأها قراءة تاريخية مصطحبة معها الأدبيات الفقهية التي سطرها البشر غير المقدسين. وأما الهدف من وراء ذلك فهو إسناد أصل القوانين إلى البشر، لا إلى الله تعالى، وبالتالي تكتمل عملية سحب القداسة التي تتمتع بها القوانين الإسلامية بحكم مصدرها الإلهي..

    هذه الحيلة " المنهجية " التي يحلم بها أركون حيلة ساذجة، فنحن نعلم جهود الفقهاء الواسعة في الاجتهاد واستنباط الأحكام لكل حالات الحياة المتجددة التي تواجه المسلم في كل عصر، وأي مطلع على المكتبة الإسلامية يعرف مدى سعة ذلك التراث الفقهي الزاخر الذي استخرجه الفقهاء " البشر" المسلمون، ولكن شيئاً من ذلك لا يقود إلى الاعتقاد بأن القانون الإسلامي ذو أصل بشري، إنما أركون وحده يسرح في أحلامه التي يوحي له بها "منهجه" المصطنع، ليظن أن بإمكانه إقناع المسلمين بأن قوانينهم وشرائعهم هي ذات أصل بشري لا إلهي في حقيقة أمرها!. والغريب أن أركون قبل أن يحكم هذه الحيلة جيداً، ينساها ليقع مع عجلته وغفلته في تعارض تام معها، إذ يعود ويعترف بوجود هذه القراءة التاريخية التي أنكرها قبل هنيهة. إنه في هذه اللحظة يريد أن يدعم رأي الرئيس التونسي السابق "بورقيبة" التي سبق وأن تجرأ على أحكام كثيرة في القرآن، منها بعض أحكام الميراث. يقول أركون: " لتوضيح هذه النقطة أضرب لكم المثال التالي: عندما أراد بورقيبة إصلاح القانون المتعلق بالإرث اصطدم فوراً بمعارضة شعبية واضطر للتراجع - وليس السبب فقط هو أنه يوجد نص قرآني صريح بهذا الصدد يقول "إن للذكر مثل حظ الأنثيين" وإنما لأنه يوجد في القانون الإسلامي أيضاً فرع كامل عن مشاكل الإرث وأحكامه، من إنجاز الفقهاء"..

    وفي هذا النص القصير يمكن للقارئ أن يلاحظ الصفاقة البالغة في الحديث عن إصلاح قوانين الله تعالى، فكأن الله عز وجل الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، يعجز عن وضع قوانين تسير حياته حتى ينبعث لإصلاحها أمثال بورقيبة وأركون. وليلاحظ القارئ أيضاً الخطأ في إيراد نص الآية من قبل هذا الذي يطرح نفسه مجدداً وفقيهاً، ثم ليلاحظ من قد ينخدع بالادعاءات المتهجمة تناقض وتخبط أركون وإثباته لما سبق وإن نفاه قبل قليل! وإزاء ذلك يحتار المرء هل يحتاج المسلم إلى كل هذا القدر من الادعاء والتشبث بالمنهج والتجديد حتى يدرك مفاهيم وقوانين حقوق الإنسان في الإسلام؟!

    إن المسلم الذي يتدبر قرآنه لا يحتاج لهذا القسط الزاخر من الادعاء الغث ليدرك حماية الإسلام لحق الحياة في آيات عديدة في القرآن الكريم، منها على سبيل المثال قول الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} (الأنعام: 151) ولكن أركون مع ادعاءاته الكثيرة عجز عن ذلك. فعندما تطاول المستشرق "أرنالديز" في تعقيبه على محاضرة أركون وقال إن التوراة والإنجيل تأمران بشكل واضح "لا تقتل أبداً " ولكن القرآن لا يمنع إلا قتل المؤمن فقط، بدليل قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً} (النساء: 92)، عند ذلك عجز أركون أن يرد عليه، بما يدحض ادعاءه هذا من القرآن الذي فيه آيات كثيرة تتعلق بهذا الموضوع.

    ويا تُرى، هل يعجز المسلم العادي في مثل قوله تعالى: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104)، وفي مثل قوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} (الشورى: 38)، وفي مثل قوله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} (النساء: 148) .

    وقلّ من دين حمى حق حرية الاعتقاد في مثل قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة: 256)، وهل قام دين بحماية مسعى الإنسان وعِرضه من التحسس والملاحقة مثل الإسلام: {وَلَا تَجَسَّسُوا} (الحجرات: 12)، وقدّر مبدأ ألاَّ تجريم إلا بدليل في مثل قول الله تعالى: {اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} (الحجرات: 12).

    وأي دين أو مبدأ أكد مبدأ المساواة كما أكده الإسلام في مثل قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات: 13)، وأي دين نصّ على العدل حتى مع الأعداء الشانئين مثل الإسلام: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: 8).

    وما هذه إلا أمثلة لنصوص كثيرة في هذا المضمار، يعجز أركون عن استشفاف معانيها، لأنه قدّر سلفاً موالاة لسادته من المستشرقين الفرنسيين القائلين بأن حقوق الإنسان التي أتت بها الثورة الفرنسية تمثل طفرة جديدة غير مسبوقة، وفاقت ما بشّر به الإسلام من قبل، ولذلك سخر أركون من هؤلاء الذين صاغوا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام، ودعم دعواه بأمثلة لاحترام حقوق الإنسان في واقع المسلمين اليوم، خالطاً بين الدين الحق وواقع المسلمين الرديء.

    وأركون عندما يخلط بين مبادئ الإسلام الصافية، وبين واقع المسلمين المعاصر الذي تُنتهك فيه حقوق الإنسان، (بفضل القيادات السياسية العلمانية المتحكمة فيه) فإنه يرفض أن يخلط بين مبادئ الإعلان الأمريكي لحقوق الإنسان "في حق السود والهنود الحمر تاريخياً وحالياً"، كما يرفض الخلط بين الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والانتهاكات الفرنسية لحقوق الإنسان، سواء في إقليمها أو في مستعمراتها تاريخياً أو حالياً. وأنا أكتب هذه السطور أتلقى الأخبار بأن عمدة مدينة فرنسية يصر على هدم مسجد في مدينته، وأن الرئيس الفرنسي السابق ديستان يحذّر من خطر المهاجرين المسلمين إلى فرنسا. وهذه كلها بالطبع في عرف أركون احترامات لا اختراقات لحقوق الإنسان. ألا ما أبخس بضاعتك يا أركون، وما أشد تطفيف ميزانك الزائغ، وما أزيف منهجك العلمي المتلون بألوان حقدك الدامي المتنزِّي بالغيظ والقبح النفسي المحقون ضد الإسلام والمسلمين.

    ضد التعليم الإسلامي

    وكراهية أركون الشديدة للإسلام تدعوه لمنع التعليم الإسلامي. فالعلم الإسلامي ينبغي ألا ينشر الدين الإسلامي، إن عليه فقط أن يدرسه للناشئة دراسة مقارنة محايدة من غير توجيه، وأن يترك لهم بعد ذلك أن يختاروا. إن عليه أن يدرس الدين باعتباره ظاهرة أنثروبولوجية أو اجتماعية، لا باعتباره ظاهرة مقدسة. يقول أركون: "فالمسلمون عندما يتحدثون عن الإسلام فإنهم يتحدثون فوراً عن مقدس ومتعال موجدين في كل مكان، ولا يمكن مسَّهما - وجامدين أبدياً - ولكننا نعرف من خلال المقاربة الأيدلوجية كم هما متغيران ونسبيان وقابلان لأن يتلاعب بهما في مجتمع ما"، ويدعو أركون كذلك لنزع القداسة عن الإسلام مثلما نزع القرآن القداسة عن الآلهة العربية السابقة على الإسلام، كما يدعو المعلم المسلم لكي يتعامل مع الإسلام على أنه دين متغير ونسبي المعاني!

    وليسمح لنا أركون أن نسأله هنا كيف يصبح المعلم المسلم مسلماً وهو ينزع القداسة عن الإسلام، ويساوي بينه وبين الأديان السابقة؟ اللهم إلا إن كان هذا إسلاماً جديداً يدين به ويدعو له محمد أركون، الذي كان قبل لحظة ينكر الدعوة إلى المعتقدات ثم يضيف أركون إلى ذلك دعوة ارتباط مدارس وكليات تدريس الفكر الإسلامي عن النظام الرسمي الحكومي للتعليم: "أنا لست ضد تدريس الدين على الطريقة التقليدية، ولكن ينبغي أن يتم ذلك في الجامع أو الكنيسة وليس في معاهد البحث العلمي والجامعات"، وهذه دعوة لها أكثر من معنى. إن مما يستنتج منها أن التعليم الإسلامي الذي يقدم في المساجد هو تعليم لا موضوعي ولا علمي ولا تاريخي، وإن التعليم الذي يقدم في المدارس والكليات هو فقط التعليم الموضوعي. ولكنه تعليم يستلزم ألا يكون مصحوباً بإيمان ولا عاطفة تجاهه ولا دعوة إليه، فالذي يريد أن يدرس الدين دراسة موضوعية ينبغي ألا يؤمن به، ولا يتأثر به، أو على الأقل أن يكون محايداً تجاهه، وهذا حديث متهافت بالطبع، لأن عدم إيمان المستشرقين وعدم إيمان تلاميذهم بالإسلام لم يجعلهم بالضرورة موضوعيين أو محايدين تجاهه، وإلا فلماذا نرى علامات التحامل والبغضاء تنضح من أقلامهم وهم يتناولون دراساتهم الشؤون الإسلامية؟!. وفي المقابل فإن إيمان الفقهاء العميق بالإسلام، لم يحجب سمات الموضوعية والعلمية أن تطل من معظم دراساتهم المتسقة العالية حول الإسلام في عقائده وشرائعه.

    ومع أن أركون يطالب بالحياد مع الدين فإنه ليس ضد الحرب والتعدي عليه. يقول أركون عن بورقيبة إنه تجرأ حتى "على الاجتهاد في ما يخص أركان العقيدة الدينية، عندما أذن بعدم صوم رمضان إن كان ذلك يعيق من عملية الإنتاج للدولة والمجتمع، كما وانقضّ على قانون الأحوال الشخصية وذلك بواسطة الإصلاحات التي اقترحها لتعديل قانون الطلاق والميراث ومنع تعدد الزوجات. وكان يرى بضرورة حذف المرجعيات الدينية والطائفية من ساحة الفضاء الديني، لأنها سبب الفرقة والفتنة ". قال أركون ذلك في إجابة على مقابلة مع تلميذه "الصالح" ولما سأله هذا: وهل كان بورقيبة على حق في ذلك؟ أجابه أركون: "بالطبع كان على حق" وهكذا فالتعدي على الدين جائز، ولكن الدفاع عنه والدعوة إليه والعمل على إقناع الناس بفضائله ومزاياه هو مما لا يجوز في العرف العلمي المنهجي الأركوني !

    ومثلما فعل بورقيبة في أخذ التجربة التعليمية الفرنسية، فإن أركون يدعو لمواصلة التجربة لمحاربة التعليم الديني. يقول أركون إن السمة الإيجابية لتلك التجربة هي: "أنها منعت التبشير وتعليم العقيدة في المدارس العامة والفضاء العام للمجتمع المدني". ومع أن الفرنسيين والغربيين عموماً يراجعون اليوم خطل هذه التجربة الوخيمة بعد أن رأوا بأم أعينهم نتاجها في أفواج الشباب المتمرد الضال اليائس المندفع في اللا أدْرِيَّة والشك والجريمة والمخدرات والجنس، إلا أن أركون العائش في فرنسا منذ صباه يصر على أن نبدأ من حيث بدأت فرنسا، وأن ننتهي حيث انتهت، حذو النعل بالنعل، ولا بأس بأن نكرر كل الخطايا، و أن نتحمل كل الرزايا.

    وفيما بين أحلام التنظير والوهم والعظمة، جعل أركون من نفسه مسئولاً عن شؤون المسلمين، وعند ذلك، سأله تلميذه "الصالح": "وما الذي ستفعله بكليات الشريعة"؟ فأجابه أركون: "ينبغي على كليات الشريعة وعموم المعاهد الدينية التقليدية أن تعدل مناهجها وأساليبها، وأن تمارس دورها كما يمارس معهد الدراسات الكاثوليكية في باريس دوره، وكما يمارس معهد الثيولوجيا البروتستانتية في ستروسبرغ أيضاً دوره". وسأله تلميذه معقباً: "وهل يعقل تعليم الأديان بطريقة علمانية"؟ أجاب أركون: "بالطبع فهناك تعليم علماني للثيولوجيا وتاريخ الأديان والفكر الديني، يقابل التعليم التقليدي والإيماني العقائدي!". وأكثر من ذلك طالب أركون بـ " إلغاء برامج التعليم السائدة وإلغاء الطريقة التاريخانية والعقائدية التبشيرية لتعليم الدين في المدارس العامة، وإحلال تاريخ الأديان والأنثروبولوجية الدينية محله، أي تدريس علم الأديان المقارن وعلم الإنسان مكان الإسلام. والمعروف أن علم الأديان المقارن ومختلف فروع علم الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع تحمل نظرة "أونتولوجية" معادية للأديان بحكم تأسيس هذه العلوم جميعاً في مناخ مناهضة الدين في أوربا. ولذلك فدعوى أركون بالحياد والموضوعية تجاه الدين تتبخر تماماً عندما يفرض عوضاً عن تدريس الدين، تدريس هذه المناهج التي قامت على العداء للدين.

    ولكيما ندرك أبعاد هذه النزعة العدائية لأركون ضد الدين، فلننظر إلى تنطعه وهو يتجاوز موضوع المدارس والدين إلى موضوع الشؤون الدينية عموماً، فوجود وزارة للشؤون الدينية أيضاً أمر قد لا يرضيه: "لا أعرف فيما إذا كان ينبغي علينا المحافظة على وزارة للشؤون الدينية أم لا"، وذلك لأنه: " إذا حافظت هذه الوزارة بكل مؤسساتها ومعاهدها الدينية على بث التعاليم التقليدية والطائفية واللا تاريخية، التي تقسم المجتمع وتزرع فيه روح الفتنة والشقاق، فينبغي إغلاقها فوراً"، وهكذا فالدين في نظر أركون وأمثاله من ببغاوات الغرب أداة تلقائية للفتنة والشقاق، وذلك حتى في وطن هو مسلم بكامله، ولا يضم أدنى أقلية دينية في حناياه، وذلك شأن مثل الجزائر الوطن الأصلي لأركون.

    إن التجربة الغربية في موضوع الدين ينبغي أن تنقل بحذافيرها حتى ولو لم تكن مناسبة لأوضاعنا، ولم تكن في أدنى حاجة إليها!.

    إن الدواء المر الذي يتجرعه الغرب اليوم لا يكاد يسيغه، ينبغي علينا تلقائياً أن نتجرعه حتى ولو لم نكن مرضى. هذا هو علاج أركون وبئس العلاج!
    .
                  

02-16-2013, 10:31 AM

محمد عبد القيوم سعد

تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: Salah Farah)

    شكرا صلاح علي امدادنا بهذا المقال التحفة.

    اغلب ظني ان وقيع اللة كان يبتغي بعض الشهرة بكتابة هذة المقالة. اذ مهما اختلفت مع اركون في طرحة لايمكنك ان تصف ماجاء به ب "ترهات".
                  

02-16-2013, 10:37 AM

Haytham Ghaly

تاريخ التسجيل: 01-20-2013
مجموع المشاركات: 4763

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: Salah Farah)

    سلام لصاحب البوست وضيوفه الكرام

    حقيقة بوست غني ومفيد جداً
    شكرا لصاحب البوست ونرجو المواصلة


    والله يكتر من امثالك ولله درك يا عمر

    اقصد دكتور عمر القراي
    ما عمر بتاعك يا ود الباوقة
                  

02-16-2013, 12:38 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: Haytham Ghaly)

    سلام للأخ هيثم غالى
    والاخ محمد عبد القيوم ...
    وشكرا ليكم على المرور والمساهمة ...
    محمد وقيع الله نموزج حقيقى لأزمة المفكر ... تراه دائماً يصر على وضع نفسه فى مواقف مخزية .... وتراه مثيراً للشفقة
    فالرجل له لسان ملىء بالقازورات لا يمكن ان يكون لسان مسلم عادى وبسيط
    أحسه احيانا باحثا عن الشهرة والأضواء من خلال محاولة النيل من القامات الكبار ...
    واحيانا اراه باحث ربما عن منصب... وغيرها من مطامع الدنيا ... وربما هو على استعداد لفعل وقول أى شىء فى سبيل تحقيق تلك المآرب !
    واحيانا اشفق عليه ... أحسّه مضطرباً ... ويعانى من مشاكله الخاصة !
    ولكن الثابت فى الأمر... اننى لم أجد من يتضامن معه حتى الآن ... ويبدو انو ماعندو وجيع
    وهذا حصاد ما تخطه يديه ...

    تحياتى
                  

02-16-2013, 12:43 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    Quote: اقصد دكتور عمر القراي
    ما عمر بتاعك يا ود الباوقة

                  

02-17-2013, 02:08 PM

محمد عبد القيوم سعد

تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    نعم للتوثيق. احد مقالات وقيع اللة عن المرحوم محمد ابو القاسم حاج حمد.

    عنوان السلسلة : الأخطاء الفاحشة في نظرية كتاب العالمية الثانية لمحمد أبي القاسم حاج حمد

    Quote: أشرنا في الحلقة التي انقضت إلى عجز المنهج الذي أكثر حاج حمد من التنفخ به، عن الإتيان بنتائج علمية جديدة ذات شأن معقول.
    ولنقل الآن إن استخدامات حاج حمد العرضية المحدودة لمنهجه، والتي جاءت في معظمها على سبيل المحاججة والتفاخر، إنما أتت بنتائج فاسدة.
    من ذلك إنكار المؤلف معجزات النبي، صلى الله عليه وسلم، ما عدا معجزة القرآن الكريم. وذلك ما اضطره إلى أن يرفض حديثا نبويا صحيحا، رواه الإمامان البخاري ومسلم، يقول: " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله "، وقد سخر حاج حمد من مضمون الحديث قائلا:" لن يصرخ حجر وقتها أن من ورائه يهودي، فالحجارة لم تتكلم طوال التجربة المحمدية، ولن تتكلم الآن ".
    وفي حوار مباشر لي مع المؤلف، خلال تقديمي قديما لعرض لكتابه بحضوره، بجامعة الخرطوم، أكد رأيه هذا، وتمادى فيه فأنكر جميع المعجزات الثابتة في السنة والسيرة، وهي أكثر من ألفي معجزة كما ذكر الإمام ابن القيم، رحمه الله تعالى.
    وإذا كان المؤلف قد سجل في كتابه هذا إنكاره للسنة كمصدر للدين، على سبيل التضمين، وأوحي بالتزامه بالقرآن وحده، فإنه في شأن معجزات النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يقبل حتى بما ورد منها في القرآن الكريم.
    مثال ذلك موضوع انشقاق القمر للنبي، صلى الله عليه وسلم، خلل جدال له مع الكفار، وقد ورد خبر ذلك في قول الله تعالى:[اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ].
    وبمناسبة ذلك أذكر أني استمعت إلى محاضرة ألقاها بالمعهد العالمي للفكر الإسلامي بفرجينيا، صديق المؤلف وناشر كتابه ومروجه، البروفسور طه جابر العلواني، انكر فيها على هذا النهج نفسه، معجزات النبي، صلى الله عليه وسلم، عدا القرآن الكريم.
    ولما جادله أحد النَّدِيِّ بمطالع سورة القمر، وتحقيق العلامة البروفسور زغلول النجار لوجود انشقاق بالقمر، رصدته وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ما كان من العالم الأزهري، العلواني، إلا أن تطاول على مقام علامة الفلك والجيولوجيا النجار ######ر منه، وادعى أنه أضاع وقته فيما لا نفع للأمة الإسلامية فيه، وقال إنه كان أجدر به أن يسخر معارفه العلمية لأغراض التطور المادي، و ألا يزج قضايا الغيب والدين في هذا الإطار.
    وقد طالب العلواني بتأويل آيات القمر وعدم أخذها على ظاهرها الذي يدل على انشقاق القمر.
    ولم يخبرنا كيف يتم تأويلها ولا إلى أي دلالة تصرف!
    ولم يدلنا هذا العالم، الذي نال شهادة الدكتوراه عن تحقيقه لكتاب (المحصول في أصول الفقه للرازي، على أي أساس يتم تأويل الآيات المحكمات غير المتشابهات.
    وخطب هذا العالم أنه يسير على ركاب حاج حمد، في نهج متفسخ، متعلمن، يتنصل عن الثوابت، بغية التقرب إلى التغريبيين، وهذا نخج ابتدره البعض قبل حاج حمد، وعلى رأسهم الدكتور محمد حسين هيكل، وحاول أبو القاسم حاج حمد وتلميذه طه العلواني عبثا أن يؤصلاه.
    وعلى هذا النسق اتجه كتاب حاج حمد ليجتاح أفق العقائد الإسلامية، ليعيد صوغها، وفق معطيات العالمية العلمانية الثانية، أي معطيات الفلسفة الوضعية الأوروبية، ونظريات العلوم الاجتماعية الحديثة.
    ذلك مع أن أصول العقيدة الإسلامية وموضوعاتها ثابتة، لا يعروها التغيير، وأمرها أيسر مما خاضه فيه هذا حاج حمد، من لغو لجوج، لم يكن ليعني المسلم المعاصر الحريص على دينه في شيئ.
    تماما كما لم يعن المسلم الغابر الذي حرص على دينه شيئ من تفصيلات المعتزلة وتكلفاتهم وتأويلاتهم البغيضة التي أضفوها على نهج الاعتقاد الإسلامي.
    وفي الحقيقة فإنه ليس في مسائل العقيدة الإسلامية ما غفل عنه التراث الإسلامي أو عجز عن حله.
    وأفضل كتب العقيدة الإسلامية على الإطلاق هو أبسطها وأنآها عن التعمق والتقعر.
    وأفضل هذه ما اعتمد أدلته مباشرة من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
    ولهذا السبب راجت بين الناس عقائد سيدنا الإمام الأشعري، على مذهبه الجديد الذي شايع فيه منهج سيدنا الأستاذ الإمام الأكمل، كما سماه، الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله تعالى عنه.
    ولهذا السبب راجت حديثا منهج العقيدة الطحاوية، الذي شايع فيه كاتبه، أبو جعفر الطحاوي، عقيدة سيدنا الإمام أبي حنيفة النعمان، رضي الله تعالى عنه.
    وهي في الحقيقة عقيدة الأئمة الأربعة، رضوان الله تعالى عنهم أجمعين.
    ثم راجت، وسادت، في العصر الحديث، عقيدة سيدنا الإمام محمد بن عبد الوهاب النجدي الحنبلي، رضي الله تعالى عنه، وهي أصح العقائد وأقربها إلى نهج الصواب.
    حيث قال إن التشريعات الإسلامية ما هي إلا:" تفاصيل تطبيقية مشدودة إلى كلية المنهج وقائمة لتحقيق مجتمع الوحدة والسلام في إطار الحق الكوني، فكل محاولة لتجزئة البحث في التشريعات هي مباحث مرفوضة، كما أن المنهج الإسلامي يجب أن يطبق كله أو يعلق كله ". وهذا الكلام معناه رفض سنة التدرج في التطبيق الإسلامي.
    فالمؤلف يرفض بتطرف شديد مبدأ أن يطبق الفرد أو المجتمع من تشريعات الإسلام ما يستطيع.
    ويفضل بدلا من ذلك أن يعلق تطبيق الإسلام أو يوقف كلية.
    وكرة ثانية فهذا رفض لمبدأ إسلامي رشيد أرساه النبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله: " ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا ".
    ومثال النجاشي كان مثالا باهرا، فقد كان حاكما مسلما، ولكنه لم يطبق من شرع الإسلام إلا ما استطاع.
    وبناءً على هذا الرأي الغريب رأى المؤلف أن المسلم لا ينبغي أن يخرج زكاته إلا إذا منع الربا!
    وليكلا يزيد استغراب القارئ فهذا هو نص المؤلف حيث يقول:" فتحريم الربا يرتبط بضريبة الزكاة الجبرية، ولا يمكن تطبيق أحدهما بمعزل عن الآخر".
    ولاحظ تعريف المؤلف للزكاة بالضريبة. فهو يعرف الزكاة للمسلم وكأنه لا يعرفها، ثم لا يعرفها له إلا بمصطلح غربي حديث، وافد على بيئته الثقافية الحضارية.
    ثم لاحظ هذا الحكم الشاذ الذي ينطق به المؤلف، حيث يمنع أداء المعروف، إلا إذا منع المنكر، ويمنع عمل الصالحات، إلا إذا أوقفت السيئات!
    وفي نطاق القول بنسبية التشريع، حاول المؤلف أن يثبت أن تشريعات الإسلام لا تصلح لكل زمان.
    فالتشريعات التي وضعت لزمن العالمية الإسلامية الأولى، لا تصلح لفترة العالمية الإسلامية الثانية، التي بدأ عهدها منذ قليل.
    أي أن تشريعات الإسلام لا تصلح لهذا العصر.
    ودلل المؤلف على نظريته هذه بأن زواج النبي، صلى الله عليه وسلم، من السيدة عائشة، رضي الله عنها، لم يكن مناسبا، وذلك لفارق السن الكبير بينهما.
    قال المؤلف:" فمثلاً كانت التجربة العربية التي نشأ ضمنها محمد - الذي لم يصلِّ عليه
    ولو مرة واحدة في كتابه على كثرة إيراده لهذا الإسم الكريم! - تتقبل بواقعية تامة الزواج من صغيرات السن. وقد تزوج محمد عائشة بنت أبي بكر، وهي في السابعة، ونحن الآن ننظر من منطلق قيم مختلفة وكم يود بعضنا ألا يكون الرسول قد فعل ذلك ".
    وهكذا تحرج المؤلف من أمر قضاه الله تعالى لرسوله، صلى الله عليه وسلم، وأمضاه.
    بل أساء المؤلف الأدب مع مقام النبي، صلى الله عليه وسلم، وتطاول ليعلمه وليؤكد أن حادث الإفك إنما أتى تنبيها للرسول، صلى الله عليه وسلم، لعدم مناسبة هذا الزواج:" فيكتشف محمد نفسه وسط دائرة من الشائعات التي تنال سمعة عائشة دون سائر زوجاته من اللواتي يناسبنه في السن ".
    وقد وصل المؤلف بنظرية نسبية التشريع إلى مداها الأقصى حيث قرر أن العقوبات الشرعية الحدية غير مناسبة لذوق العصر الحديث.
    وزعم أن القرآن الكريم أمر بقطع يد السارق مثلا لأن العرب في ذلك العصر كانوا يقطعون اليد:" إن عقوبات القطع والرجم والجلد كانت سارية المفعول في ذلك العصر التاريخي وكان العرب يقطعون يد السارق اليمنى، فحولهم الإسلام إلى اليسرى وبشروط معينة ".
    وأضاف يعزز زعمه السابق:" إن الثابت في التشريع هو مبدأ العقوبة أو الجزاء، أما الأشكال التطبيقية لهذا المبدأ فموكولة لكل عصر حسب أوضاعه وأعرافه وقيمه ".
    واستشهد لأجل ذلك استشهادا خاطئا بقول الله تعالى: " لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ".

    وهذا جانب وغيض من فيض من جهل حاج حمد بالدين.

    فالإسلام لم يأمر بقطع يد السارق اليسرى، كما ادعى، وإنما بقطع اليد اليمنى، وذلك أمر لا خلاف عليه في كتب الفقه.
    والآية التي استشهد بها حاج حمد ليست دليلا له، وإنما دليلا عليه، لأن الله سبحانه وتعالى ارتضى لنا الشرعة والمنهاج المحددين في القرآن والسنة.
    وأما العقوبات الحدية فقد سميت حدية، لأنها حدود فاصلة، ومن ثم قل فيها الجدل بين الفقهاء، ولم يكثر الجدل فيها إلا بين منكريها، من المشاغبين الذين يسمون أنفسهم باليساريين، الإسلاميين، التنويريين، الحداثيين، ومن بينهم صاحب (العالمية العلمانية الثانية)!.


    هذة تدخل في باب عدم التهذيب :
    وهذا جانب وغيض من فيض من جهل حاج حمد بالدين.
    وهذه تدخل فى باب التدليس :
    وعلى هذا النسق اتجه كتاب حاج حمد ليجتاح أفق العقائد الإسلامية، ليعيد صوغها، وفق معطيات العالمية العلمانية الثانية، أي معطيات الفلسفة الوضعية الأوروبية، ونظريات العلوم الاجتماعية الحديثة.

    نسال اللة السلامة !
                  

02-17-2013, 10:26 PM

امير بوب
<aامير بوب
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 1552

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: محمد عبد القيوم سعد)

    اخى محمد عبد القيوم سعد
    سلام
    حقيقى د. وقيع الله دا شخص غير طبيعى ,
    أحسه فعلا زول حاسد وحقود جدا .... وهو يكتب انطلاقاً من هذه النفسية , دائما مايلجأ للتعريض بالآخرين والنيل منهم
    بأسلوب أبعد مايكون عن الموضوعية والعلمية , وغالبا ما يلجأ للشتيمة والسباب .الرخيص .. وهى صفات يتسامى عليها الشخص العادى
    ناهيك عن زول طارح نفسو مفكر اسلامى ويحمل درجة الدكتوراة !
    ابو القاسم حاج حمد وأمثاله اشرف من ان يكتب عنهم هذا الدّعى ... المتملق.

    تحياتى
                  

02-18-2013, 00:32 AM

محمد عبد القيوم سعد

تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: د.عمر القراى يقزقز بالكوز محمد وقيع الله ! (Re: امير بوب)

    مراحب الاخ امير،

    لم ارى شخصا دافع عن الانقاذ اكثر من نفسها مثل هذا الرجل. ولانبهته شيئا اذ ان كلامه مبذول للجميع.
    شكرا على هذا التوثيق المهم.
    العلم يفترض حد ادنى من التهذيب والوقار وهذا الرجل باختصار لايمتلكه.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de