حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 04:14 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-17-2013, 11:17 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80

    حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذ محمودمحمدطه، قبل تنفيذ الحكم بخمس دقائق، حسب قياس الطبيب، قد كان 120/80 وهي حالة مدهشة، لم تحصل في تاريخ سجن كوبر..
    وهي درجة ضغط مثالي لشاب في العشرينات من العمر، ناهيك لرجل شارف الثمانينات من العمر..
    وهي لحظات شاقة على النفس، قد يظهر الإنسان الشجاعة في الظاهر، ولكن دقات قلبه لايمتلكها، فهي تخون اي شخص، وتكشف عن حالته الحقيقية الداخلية من التوتر أو السكون..
    ولكن عند الأستاذ محمودمحمد طه، اختلفت المسألة، فظاهره كما باطنه من الثبات.. وهي حالة أذهلت الطبيب الذي قام بالكشف قبل دقائق من تنفيذ الحكم على الأستاذ الشهيد.
    ........
    وهذا الموضوع ليس بغريب عليه، ,ولا غريب على تلاميذه، حيث أن الاستاذ قد كتب متفرقات في كتبه، عن كيف يتحرر الإنسان من الخوف، بالمنهاج العملي السلوكي الذي يمارس في الحياة اليومية من نهج العبادة والصدق والمعاملة ورياضة قيام الاسحار وقيام الثلث الأخير من الليل، وسوف نتناول في هذا البوست، مقتطفات من كتب الأستاذمحمود محمد طه، عن كيف يتخلص الإنسان من الخوف.
    ومعروف عن الأستاذ الشهيد، أنه يقول: ( ما نكتبه في الكتب، نحن نحقق أكثر منه، ومانكتبه نعيشه.. فيجب على الإنسان أن لايتحدث ولايحدث الناس، إن كان ليس محققاً ما يقوله..

    (عدل بواسطة منصوري on 01-17-2013, 08:43 PM)

                  

01-17-2013, 11:34 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    قلنا ، في صدر هذا السفر ، أنا نريد أن نرى ، هل يستطيع العلم التجريبي الروحي أن يرد ظواهر الأخلاق البشرية إلى أصل واحد ، كما رد العلم التجريبي المادي ظواهر الكون المادي إلى أصل واحد ، فيتم بذلك الاتساق ، والتواؤم ، بين الأخلاق البشرية ، والسلوك البشري ، وبيـن البيئة المادية التي يعيشون فيها ، وينتهي بهذا التواؤم ، هـذا النشوز الذي بـدد المساعي البشريـة أيـدي سبأ ، وقطع أرحام الإنسانية بين الناس ؟ ولعله قد اتضح ، شيئاً ما ، أن الإسلام يقوم ، من الوهلة الأولى ، على تسليم الإرادة البشرية المحدثة إلى الإرادة الإلهيـة القديمة (( ومن يسلـم وجهـه إلى الله ، وهو محسن ، فقد استمسك بالعروة الوثقى . )) وتجربتي الخاصة لم تـدع لي مجالا للشك في صحة هذا الأمر ، ومن ثـم فإنه عندي أن جميع ظواهر السلوك البشري ، من خير وشر ، يرجع إلى أصل واحد هو (( إرادة الله القدير )) . وفي الحق ، ليس الشر أصلا ، وإنما الأصل الخير ، وما الشر إلا نتيجة جهلنا الذي أوهمنا أننا نستقل بإرادة ، فإذا ارتفع هذا الجهل بالتجربة الروحية ، فيصبح عملنا تجويـد الواجب المباشر ، والانشغال بإحسانه ، وتجويـده ، عن التَمَنِّي ، والتأسف ، وبذلك نحقـق السلام ، كل مع نفسه ، ومن ثم يتحقـق في الأرض السلام ..
    استمع إلى القـرآن ، كيف يحدثنا ، ويهدينا إلى السلوك البشـري الرصين : (( ما أصـاب من مصيبـة ، في الأرض ، ولا في أنفسكم ، إلا في كتاب ، من قبـل أن نبرأها ، إن ذلك على الله يسيـر * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ، ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور * الذين يبخلـون ويأمـرون الناس بالبخـل ، ومن يتـول ، فإن الله هـو الغني الحميـد )) .

    (عدل بواسطة منصوري on 01-17-2013, 01:53 PM)

                  

01-17-2013, 11:36 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    وما هي الأخـلاق ؟؟ هي ، في سبحاتها العليا ، حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة ! ولذلك قال المعصوم : (( حسن الخلقِ خلق الله الأعظم )) ومن حسن التصرف في الحرية الفردية المطلقة تركك ما لا يعنيك ومما لا يعنيك اللحظة المقبلة ، واللحظة الماضية ، ولا يعنيـك إلا اللحظـة الحاضـرة ، فـإذا ملأتـها بالعمـل المثمـر المتـقن ، ثـم سـرت بحياتـك جميعـها مشتغـلا ، فقـط ، بالواجـب المباشر ، محسنا له ، جـهد طاقتـك ، فإنـك تحرز وحـدة شخصيتك ، وتنتـصر على الخوف ، والقلـق ، وتحقـق ، مع نفسك ، السلام . وتكون حياتك بركة عليـك ، وعلى الإنسانية جميـعا ، من حيـث تشعـر أنت ، أو لا تشعـر .. فإن كـل حيـاة سليمة ، خصبة ، تخصب الحياة جميعها ، بمجرد وجودها فيها
                  

01-17-2013, 11:40 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الطريق هو النهج العملي الذي يوصل سلوكه إلى الله ، تبارك وتعالى ، وليس إلى الله ، تبارك وتعالى ، وصول بالمعنى الذي يؤديه حرف الكلمة ، وإنما المقصود بكلمة الوصول أن يكون حضور السالك مع الله أكثر من غفلته عنه .. والطريق شريعة ، وزيادة .. الطريق شريعة موكدة .. فحين يكون المسلم العادي صاحب شريعة ، يكون المسلم المجود صاحب طريقة .. ونستطيع أن ندرك هذا بمجرد الملاحظة العابرة لرجل متطرق ، وآخر غير متطرق ، فإنك ترى أن الرجل غير المتطرق إذا صلى المغرب ، مثلا ، عدد على سبحته - وهذا هو الغالب – التسبيحات ، والتحميدات ، والتكبيرات ، الثلاث والثلاثين ، ثم انصرف عن مصلاه . هذا في حين أن الرجل المتطرق ينتبذ من مصلاه ناحية يؤدي فيها أساس طريقته من الأوراد التي تعتبر الحد الأدنى في أية طريقة .. فلكأن المتطرق صاحب (( مقطوعية )) عاهد على أدائها ، حين أخذ عهد الطريق ، وبذلك يتميز ، ويزيد عن صاحب الشريعة العادي .. ومن أجل هذا قلنا أن الطريق شريعة موكدة .. ومن الحديث أن المعصوم قد قال : (( قولي شريعة ، وعملي طريقة ، وحالي حقيقة . )) وعمله سنته .. وسنته شريعة ، وزيادة .. شريعة موكدة
                  

01-17-2013, 11:45 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    وما ثمرات الولاية إلا دقائق المعرفة بالذات العلية .. وإنما بهذه المعرفة لدقائق ، ولطائف ، أسرار الذات القديمة ، تتوحد الذات المحدثة .. وذلك باتساق القوى المودعة في البنية البشرية ، اتساقا به يتم السلام الداخلى ، وبه يحقق كل فرد فرديته التي بها ينماز عن أفراد القطيع البشري .. فإن تحقيق فردية كل فرد منا بفضل توحيد ذاته البشرية هو غاية المراد من تعبدنا الله بعقيدة التوحيد ، ذلك بأن ذات الله في غنى عن التوحيد ، وإنما المحتاج للتوحيد هي الذات البشرية التي فرقها الخوف أباديد ..

                  

01-17-2013, 11:48 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الذات المحمدية أول قابل لتجليات الذات الإلهية .. وهي المشار إليها في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال قلت : (( يا رسول الله بأبي أنت ، وأمي ، أخبرني عن أول شئ خلقه الله .. قال : أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر . ))
    والذات المحمدية حقيقة أحمدية ، قمتها ولاية ، وقاعدتها نبوة .. ومقامها المقام المحمود الذي قامه النبي ليلة عرج به بعد أن جاوز سدرة المنتهى ، وفيه صح له الاتصاف بقوله تعالى : (( ما زاغ البصر ، وما طغى )) . وذلك في جمعية بلغت فيها وحدة الذات البشرية قمة طوعت لها شهود الذات الإلهية ..
    ثم أن النبي لم يلبث أن عاد ، بعد تلك الإلمامة النورانية ، إلى حياته العادية في مكة ، وكان الله قد آتاه معراجا يوميا ، وأمره بالمداومة عليه ، ومناه أن يبلغه به ، على مكث ، المقام الذي قامه بين يديه ليلة المعراج .. فقال تعالى : (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك ، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا )) .. ذلك المعراج هو الصلاة .. فقد كان محمد بمنهاج الصلاة ، في المكتوبة ، والنافلة ـ ليلا ونهارا ـ يقترب ، كل لحظة ، ويعـرج ، كل حيـن ، ويحقـق ، في الـدم واللحم ، المقام الذي أطلعه الله عليه ليلة المعراج .. وهذا ما من أجله قال : (( وجعلت قرة عيني في الصلاة )) وقرة العين تعني طمأنينة القلب ، ولا تكون طمأنينة القلب إلا بجمعية النفس بعد التوزع .. ولقد حقق محمد هذه الجمعية بفضل اطلاعه على وحدة الذات الإلهية . فاطمأنت نفسه ، واحلولت شمائله ، واكتملت حريته .. وأكبر دليل عندي على كمال حريته الداخلية عزوفه عن السيطرة على الآخرين .. فالمعروف عنه أنه كان يكره أن يتميز على أصحابه . وكان يحب أن يكون كأحدهم . وكان ينهاهم أن يعظموه ، ويقول لهم : لا تعظموني كما تعظم الأعاجم ملوكها .. وكان يقول : من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار .. ووفد عليه ، ذات مرة ، رجل فأخذته هيبته ، فلجلج ، ولم يستطع أن يبين عن حاجته ، فقال له : هون عليك !! فإني لست ملكا ، وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد .. فسري عـن الرجل ، واستعاد رباطة جأشه ، وكرامة إنسانيتـه .. ولقد خيـر: أيكـون نبيا ملكا ؟ أم يكون نبيا عبدا ؟ فاختار أن يكون نبيا عبدا .. والعبودية لله هي غاية الحرية ، وكلما زاد العبد في التخضع لله ، كلما زادت حريته .. والعكس صحيح .. فالملك تسلط على الآخرين ، وبه تنقص عبودية العبد ، وتنقص ، تبعا لذلك ، حريته ، ولذلك فقد آثر الحرية ، في معنى ما آثر العبودية لله ..
    هذه نفس اكتملت لها عناصر الصحة الداخلية ، واتسقت قواها الباطنية ، وتحررت من الأوهام ، والأباطيل ، وسلمت من القلق ، والخوف العنصري ، البدائي ، الساذج ..
    ما أحوج بشرية اليوم ، كلها ، إلى تقليد هذه النفس التي اكتملت لها أسباب الصحة الداخلية ، تقليدا متقناً يفضي بكل رجل ، وكل امرأة ، إلى إحراز وحدة ذاته ، ونضج فرديته ، وتحرير شخصيته ، من الاضطراب ، والقلق الذي استشرى في عصرنا الحاضر بصورة كان من نتائجها فساد حياة الرجال والنساء والشبان .. في جميع أنحاء العالم ..

                  

01-17-2013, 11:54 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    بين الفـرد والمجتمع:

    غني عن القول أن نشأة المجتمع قد استغرقت عهدا طويلا، طويلا، بلغ خلاله عنف الجماعة بالأفراد المنحرفين، عن العرف والعادة، مبلغا رهيبا.. فقد كان الأفراد غلاظا، شكسين، صعبي المراس.. وكان ترويضهم وتأديبهم، يحتاج إلى عنف عنيف.. وكانت عقوبة القتل توقع على أبسط المخالفات، إلى جانب التعذيب والتمثيل، والتشويه، فلم تكن يد السارق تقطع كما هي عندنا في شريعتنا الآن، وإنما كانت تقطع رقبته.. ثم خفف عليه في الأمد الطويل، فاستؤصل بعضه بدلا من كله.. وكذلك جاءت شريعة قطع اليد.. هذا على سبيل المثال.. الغريب في الأمر أن هذا العنف العنيف بالأفراد لم يكن ليضحي بهم في سبيل الجماعة، وإنما كان يوفق بين حاجتهم، وحاجة الجماعة.. ولا غرو في ذلك، فإن القوانين، منذ أن نشأت في صور العادات والأعراف البدائية، قد كانت شريعة إسلامية، تتسم بالعدل، وتوجهها الحكمة.. ولكنها إنما كانت شريعة إسلامية في نطاق الدين الإسلامي العام.. وقد قلنا أن هذا يعني الإرادة الإلهية.. والقاعدة التشريعية الأم فيه تقوم على قوله تعالى: ((فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)).. وهذه القاعدة الأم في الدين العام تقابلها في الدين الخاص قاعدة، مأخوذة منها، وموازية لها، تقول:((وكتبنا عليهـم فيها أن النفس بالنفس، والعيـن بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن، والجروح قصاص، فمن تصدق به فهو كفارة له.. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون))..
    ولقد خدم العنف العنيف بالأفراد، هؤلاء الأفراد، لأن به قويت إرادتهم على السيطرة على شهواتهم، فساروا في طريق الإنسان، بعد أن كانوا مسترسلين في طريق الحيوان السائم.. ومع قوة الإرادة بدأت الأخلاق، وبرز العقل.. وما كان له أن يبرز لولا الخوف الذي سار في ركاب العنف.. ولقد خدم الدين غرضه في إيقاظ الضمير منذ هذا العهد السحيق.. فإنه قد تركز في نفوس الأفراد أن عمل الشر، الذي يخالف عادات وأعراف ومصالح المجتمع الذي يعيشون فيه، يغضب آلهة الخير، ويرضي آلهة الشر، فيستحوذ آلهة الشر على فاعلي الشر، ويدخلونهم باستحواذهم عليهم، بعد مماتهم، في ظلمات مطبقة من عذاب رهيب.. وبين الخـوف من القانون، والخوف من الآلهة، بدأ يتهذب الفرد، وتقوى سيطرته على نزواته، وبدأت بذلك أصول الأخلاق.. فكأن هذه الأعراف والعادات البدائية، منذ الوهلة الأولى، قد وفقت بين حاجة الفرد إلى الحرية، وحاجة المجتمع إلى العدل.. بيد أنها حرية في أول السلم، وعدل في أول السلم أيضا.. وليس الاختلاف بين حاجة الفرد المعاصر، والمجتمع المعاصر، وحاجة الفرد يومئذ، والمجتمع يومئذ، إلا اختلاف مقدار.. فنحن اليوم، في أخريات القرن العشرين، نتحدث عن حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة.. وفي الحق إن هذه هي حاجتهما منذ بداءة النشأة، ولكن الفرصة لم تتهيأ لتحقيق هذه الحاجة إلا في الآونة الأخيرة، وإنما كانت حياة المجتمع، وحياة الأفراد، في الحقب السوالف مقدمة طبيعية للعصر الحاضر.. ولم تكن التضحيات السوالف إلا ثمنا طبيعيا لعهد الكرامة الذي أخذ الإنسان يستشرفه اليوم.. فكأن دستورية القوانين التي نتحدث عنها في الوقت الأخير، ونقول عنها أنها هي القوانين التي لا تضحي بمصلحة الفرد في سبيل الجماعة، ولا بمصلحة الجماعة في سبيل الفرد، قد أخذت أصولها من تلك البدايات البسيطة غداة نشأة المجتمع.

                  

01-17-2013, 11:58 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    قـانون الغـابة:

    لقد نشأ المجتمع البشري في الغابة.. وورث مخلفاتها.. وهي مخلفات لا يزال يعيش أخرياتها.. والقاعدة العامة فيها أن القوة تصنع الحق.. فللقوي حق طبيعي على الضعيف.. يستحقه لمجرد قوته.. ويتقاضاه بقوته.. فالقوة تصنع الحق، وتتقاضى الحق.. تلك شريعة الحيوانات.. ولا نزال، نحن البشر، حتى في أخريات القرن العشرين، نعتقد هذا، ونعمل به.. أكثر من هذا، فإننا في المجتمعات البدائية نفخر به.. فإن هناك من أغانينا، نحن السودانيين، أغنية تمدح فيها فتاة أخاها فتقـول:-
    ((صار عينه بلا وقيعة * جار حقه بلا شريعة * أخوي روحه مسبلا)).
    ولقد خدمت شريعة الغابة المجتمع، والأفراد خدمة جلى، وحفزتهم في طريق الوعي والتطور.. ولقد كانت شريعة الغابة تمارس، في السلم، بالقوانين العنيفة.. وفي الحرب، بحد السلاح.. ولقد أسلفنا القول بأن قوانين الغابة في أبشع صورها، قد كانت شريعة إسلامية، في معنى الإسلام العام - الإرادة الإلهية- فلم يدخل في الوجود شئ بغير هذه الإرادة.. وهذه الشريعة العنيفة، في حالتي السلم، والحرب، تكون من الله مرضية إلى جانب أنها مرادة، حسب مواضع الحكمة من الزمن، وهو ما يسمى بحكم الوقت.. قال تعالى في الصراع الذي توجهه حكمته بقانون الغابة: ((وإذا أردنا أن نهلك قرية، أمرنا مترفيها، ففسقوا فيها، فحق عليها القول، فدمرناها تدميرا * وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح!! وكفى بربك، بذنوب عباده، خبيرا بصيرا)).. وعن الحكمة في هذا الصراع الدامي يقول تعالى: ((ولولا دفع الله الناس، بعضهم ببعض، لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين)) ويقول في موضع آخر: ((ولولا دفع الله الناس، بعضهم ببعض، لهدمت صوامع، وبيع، وصلوات، ومساجد، يذكر فيها اسم الله كثيرا.. ولينصرن الله من ينصره.. إن الله لقوي عزيز)).. هذه هي الحكمة في صراع الغابة.. وقد بدأت في مضمار الدين الإسلامي العام.. ثم دخلت عهد الدين الإسلامي الخاص.. وقد نالها في هذه المرحلة شئ كثير من التلطيف.. وصور تلطيفها تعكس انتقال أفراد المجتمع من حالة الغلظة والجفوة، إلى حالة اللطف والوداعة.. والسير جميعه متجه إلى تهذيب الفرد وتعليمه وتأديبه، ونقله من الاستيحاش إلى الاستيناس، ومن الجهل إلى العلم.. والنصر دائما للعلم على الجهل: ((ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز)).
    وأهم أسباب الصراع، ويمكن القول أن السبب الوحيد في الصراع، هو ((الرزق)) - مطالب المعدة والجسد - فإن الأحياء- منذ فجر الحياة قد تعرضوا لتجارب مريرة من الجوع.. وقد كانت المجاعات أمرا عاديا، ومتفشيا.. ولا تجود البيئة الطبيعية من الأطعمة بالفائض الذي يغني الحي عن أن يشتغل بخزن قوته، أو أن يموت جوعا في أوقات القلة والندرة.. فبسبب الرزق، والحرص عليه، والظفر به، صراع الديدان، وصراع الحيتان، وصراع الحيوان، وصراع الإنسان.. وهذه الصراعات، في جميع المستويات، هي التي حفزت حياة الأحياء، وطورتها في مراقي التدني من الكمال.. ولله في ذلك الحكمة البالغة، فهو تعالى يقول: ((والأرض مددناها، وألقينا فيها رواسي، وأنبتنا فيها من كل شئ موزون * وجعلنا لكم فيها معايش، ومن لستم له برازقين * وإن من شئ إلا عندنا خزائنه، وما ننزله إلا بقدر معلوم * وأرسلنا الرياح لواقح، فأنزلنا من السماء ماء، فأسقيناكموه، وما أنتم له بخازنين * وإنا لنحن نحيي، ونميت، ونحن الوارثون)).. قوله: ((وأنبتنا فيها من كل شئ موزون)) يعني موزون بالحكمة.. فلا تكون فيه الوفرة التي تغني عن الصراع.. قوله: ((وما ننزله إلا بقدر معلوم)).. هذا القدر المعلوم هو الذي يورث العلم بدقة توجيهه الحياة.. قوله: ((وإنا لنحن نحيي، ونميت، ونحن الوارثون)).. يعني ((نحيي ونميت)) بتقدير الأرزاق، ومنها الآجال.. قوله ((ونحن الوارثون)).. يعني لنا عاقبة تطور الأحياء بارتقائهم إلى مقام عزهم.. ويقول، جل من قائل، عن الرزق أيضا في مقام آخر: ((ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض، ولكن ينزل بقدر ما يشاء، إنه بعباده خبير بصير * وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا، وينشر رحمته، وهو الولي الحميد)).. فبضبط الرزق، من قبض، وبسط، ساق الله اليه عباده في مراقي القرب، يدفع بعضهم ببعض: ((الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، ويقدر له.. إن الله بكل شئ عليم))..
    هذا الصراع من أجل الرزق، هو قانون الحياة الأساسي.. والخوف من ألم الجوع، ومن الموت جوعاً، هو الخوف العنصري الأول الذي عرفه الأحياء، حيثما وجدوا.. وكل الحيل التي يحتالونها من بداية الحياة، وإلى يوم الناس هذا إنما هي محاولة للفرار من ألم الجوع، بالاستيثاق من وفرة الرزق.. وفي الحياة البدائية كحياة الحيتان، فإن ((الكبير يأكل الصغير)).. فإنه هو قوته.. وفي حياة الغابة ((القوي يأكل الضعيف)) فإنه هو قوته.. وعندما بزغت حياة الإنسان فإن القوي من الناس يسترق الضعيف، ويستغله ويستخدمه.. فإنه هو وسيلة قوته.. ومن هاهنا نشأ الرق، ونشأ استغلال الأقوياء للضعاف.. ودخلت الحيل - قوة الذكاء- جنباً إلى جنب مع قوة العضل، لتنظم هذا الاستغلال وأصبح المجتمع البشري يعيش في غابة تختلف عن غابة الحيوان اختلاف مقدار.. فالصراع في هذا المستوى، بين الأقوياء والضعاف إنما هو صراع بين المستغلين (بكسر الغين) والمستغلين (بفتح الغين).. وهذه الصورة البشعة من صور المجتمع، التي ما عرف المجتمع البشري إلى يومنا هذا، على نطاق واسع، غيرها هي التي طوعت لكارل ماركس أن يقرر مبادئه الأربعة:-
    1- مجرى التاريخ تتحكم فيه القوى الاقتصادية..
    2- التاريخ ما هو إلا سجل لحرب الطبقات..
    3- الحكومة ما هي إلا أداة تستخدمها طبقة في اضطهاد طبقة أخرى..
    4- العنف والقوة هما الوسيلتان الوحيدتان لإحداث أي تغيير أساسي في المجتمع.
    إن هذه الصورة التي رسمها كارل ماركس، على بشاعتها، فيها كثير من الحق.. ولكنها، لحسن العناية الإلهية، والتوفيق الإلهي إنما هي مرحلية تتأدى البشرية بها إلى الخير المطلق، وإلى المحبة الشاملة، والسلام التام.. وهي ليست، كما ظنها كارل ماركس، صورة ملازمة للإنسان وللمجتمع الإنساني، لا تتطور إلا في داخلها، وبوسائلها المتكررة، وباختلاف يسير لا يخرجها من القيد إلى الإطلاق..

                  

01-17-2013, 12:03 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    قانون الإنسـان:

    ومع أن سبب الصراع في مجتمع الغابة، في الغالب الأعم، قد كان الرزق، فإن صور الصراعات التي كانت دوافعها نصرة المظلومين، والمستضعفين، والدفاع عن الحقوق الضائعة، بدوافع إنسانية خيرة، لم تكن غائبة تماما عن المسرح.. وببروز الدين الإسلامي الخاص، من الدين الإسلامي العام، في الصور المتقدمة، أخذت الاعتبارات الانسانية تزداد كل حين.. ولكأنه، من يومئذ، أخذت في الظهور القيم التي تحض عليها هذه الآية: ((وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله، والمستضعفين من الرجال، والنساء، والولدان، الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، واجعل لنا من لدنك ولياً، واجعل لنا من لدنك نصيراً)).
    وبظهور الدين الإسلامي الخاص، في مستوى التوحيد، دخلت اعتبارات جديدة في أسباب الصراعات التي تزخر بها البيئة البدائية - اعتبارات غير اعتبارات الرزق- أصبح، بهذه الاعتبارات الجديدة، قتال الناس من أجل الرزق، أمراً معيبا، ومرذولا.. قال تعالى في ذلك: ((الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت.. فقاتلوا أولياء الشيطان، إن كيد الشيطان كان ضعيفا)) سمى القتال من أجل الكسب المادي، قتالا في سبيل الطاغوت.. وسمى الذين يقاتلون هذا الضرب من القتال ((أولياء الشيطان)).. وحرض (أولياء الرحمن) على قتالهم، وهون أمرهم في صدورهم.. وأولياء الرحمن هم الذين يقاتلون في سبيل الله.. والقتال في سبيل الله، إنما هو نصرة للمستضعفين من الرجال، والنساء، والصبيان.. وبهذا الاعتبار أخذت شريعة الإنسان، التي يكون للضعيف فيها مكان، يدال لها من شريعة الحيوان، التي لا حق فيها إلا للقوي.. وركزت الأديان على هذا النحو من الخلق الرفيع.. قال تعالى: ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب، والميزان، ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد، ومنافع للناس، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب.. إن الله قوي عزيز)).. قوله: ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات)).. يعني رسل البشر، الذين اتصل بهم ملك الوحـي، فبين لهم الحقائق الواضحات، وأمروا أن يبينوا للناس، وأيدوا في سبيل ذلك بالمعجزات، وبقوة البيان.. قوله: ((وأنزلنا معهم الكتاب)) يعني الكلمة الجامعة وهي: ((لا إله إلا الله)).. قوله ((والميزان)) يعني الشريعة الموزونة بالصدق، والحق، والناهضة على التوحيـد، يعني على ((لا إله إلا الله)).. قوله: ((ليقوم الناس بالقسط)) يعني لينصفوا بعضهم من بعض، يعني ليقيموا العدل بينهم، فلا يظلم ضعيف لضعفه، ولا يستطيل قوي لقوته.. قوله: ((وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد)) أشار ((بالحديد)) هنا إلى السيف، ومن ثم إلى الجهاد في سبيل إقامة العدل، والقسط، ليدفع الناس بعضهم بعضا، فلا ينحرف أحد عن الجادة، ومن ينحرف يرد ببأس الحديد إلى الاستقامة عليها.. قوله: ((ومنافع للناس)) يشير إلى سائر المنافع التي تكون في الارتفاق بمعدن الحديد في معترك الحياة.. ثم قال: ((وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)).. ها هنا إشارة إلى الجهاد في سبيل نصرة الحق.. ثم قال: ((إن الله قوي عزيز)) ها هنا إشارة إلى أن نصرة الحق إنما هي من الله.. فالذين يقاتلون في سبيل نصرة الحق عليهم أن يكونوا شاكرين حين استعملهم ربهم استعمالا حسنا، فنصر بهم الحق..والله غني عن الناصرين، فهو ((قـوي عزيـز)) ومع أن معاني القتال في سبيل الله أخذت تبرز، وتستحوذ على المقاتلين، فإن دوافع الكسب المادي، في صور الغنيمة والسبايا - غنيمة الأموال، وسبي النساء، والذراري- لا تزال تكون قدراً عظيماً من حوافز هذا القتال عند المقاتلين.. وقد درجهم بها الشارع الحكيم، فأحلها لهـم، شريطة ألا تكون هي الدافع الأساسي للقتال.. قال تعالى في تربيتهم في ذلك: ((يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا، ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام: لست مؤمناً، تبتغون عرض الحياة الدنيا، فعند الله مغانم كثيرة.. كذلك كنتم من قبـل، فمن الله عليكـم، فتبينوا!! إن الله كان بما تعملون خبيرا ً))..يقول: ((يا أيها الذين آمنوا)) يعني الأصحاب، ومن تلاهم إلي يومنا هذا: ((إذا ضربتم في سبيل الله))، يعني إذا سافرتم من أجل القتال في سبيل الله، ((فتبينوا!!)) يعني تثبتوا، واستوثقوا ممن تقاتلون، أهو مسلم، أم هو كافر؟؟ وإذا لقيكم أحد فحياكم بتحية الإسلام فاقبلوها منه، ولا تقولوا له: إنما قلتها لتتقي بها القتل.. ولا تقتلوه ابتغاء الغنيمة التي تأخذونها منه.. هذا هو معنى قوله: ((ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام: لست مؤمنا، تبتغون عرض الحياة الدنيا)).. ثم قال ((فعند الله مغانم كثيرة)) إشارة إلى أن الله يغني، عن الغنيمة غير المشروعة، بما عنده من مغانم لا تحصى.. ثم ذكرهم بنوع من هذه المغانم، وهو نوع أغلى من كل مغانم الدنيا، فقال: ((كذلك كنتم من قبل، فمن الله عليكم))، إشارة إلى نعمة الإسلام بعد الكفر، وهي نعمة لا تعدلها نعمة.. فمن كان كافراً، فمن الله عليه، فأخرجه من الكفر إلى الإيمان فلا يستطل، وليكن به عطف على من كان في زمرتهم قبل أن يمن الله عليه، فيخرجه من الظلام إلى النور، وليكن قتاله لهم، حين يقاتلهم، فيه عطف ورحمة وحكمة تستعمل السيف كمبضع الطبيب، لا كمدية الجزار.. ثم قال مرة أخرى ((فتبينوا!!)) لتوكيد التثبت، ووزن الأمور، حتى لا يقع التورط في الهلكة بقتل الأبرياء، ابتغاء الغنيمة.. ثم جاء بالفاصلة: ((إن الله كان بما تعملون خبيرا)) ليشير إلى اطلاعه على خفايا النوايا، ذلك بأن إخلاص الجهاد في سبيل الله، باطراح الأغراض الدنيا، من دقائق الأمور.. فرب مقاتل يظن أنه يقاتل في سبيل الله، ولا يدري أنه إنما يقاتل في سبيل الدنيا بما يرجوه من الغنائم والسبايا.. جاء في هذه الآية بنسق عال من التربية الرشيدة ليوجه الصراع وجهة القيم بدلا من وجهة العوامل الاقتصادية التي أشار إليها ماركس.. وكما سبق أن قررنا، فإن من رشاد التوجيه إلى مستوى القيم عدم إسقاط مغريات المادة.. فإن النفوس، لتتربى، لا تقفز عبر الفضاء، من مقام إلى مقام، وإنما تتوكأ على ضعفها، فتسير، من قديمها، على هينة، إلى جديدها.. وإلا انقطعت، وكلت، ولم تبلغ منزلتها.. انظر كيف يدرجها!! ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة، فعلم ما في قلوبهم، فأنزل السكينة عليهم، وأثابهم فتحا قريبا * ومغانم كثيرة يأخذونها، وكان الله عزيزا حكيما * وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها، فعجل لكم هذه، وكف أيدي الناس عنكم، ولتكون آية للمؤمنين، ويهديكم صراطا مستقيما * وأخرى لم تقدروا عليها!! قد أحاط الله بها.. وكان الله على كل شيء قديرا ً)).. قوله: ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة))، يعني يبايعون على القتال في سبيل الله.. وتلك قد كانت بيعة الحديبية.. قوله: ((فعلم ما في قلوبهم)) من خلوص النية لوجه الله.. ثم جاء ليسوغهم الغنائم، ويحلها لهم حين لم تكن أكبر همهم، فأخلصوا النية، وخلصوها من سلطان الغنيمة عليها، فقال، بعد أن بشرهم بنزول السكينة على قلوبهم،: ((ومغانم كثيرة يأخذونها)).. وقد كانت لهم بفتح خيبر.. ثم قال: ((وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها)) يعني من الفتوحات المقبلات.. قوله: ((فعجل لكم هذه)) يشير إلى غنيمة خيبـر، ويمن عليهم بها، لما علم خلوص نيتهم في الحديبية.. ثم جاء للغنائم، مرة أخرى، فقال: ((وأخرى لم تقدروا عليها، قد أحاط الله بها))، إشارة للغنائم من الأمم الكبيرة التي لم يكن المسلمون ليقدروا على قتالها لولا عون الله إياهم.. شاهدنا أن العهد الجديد أخذ يحول الناس من القتال في سبيل المغنم إلى القتال في سبيل القيم، فاستعمل المغانم كحوافز ثانوية حتى لا يقفز بالناس عبر الفضاء، فيقع الخلل في التطوير، وتحصل النكسة.. ثم إن استعماله للمغانم، نفسه، إنما هو استعمال مرحلي.. أكثر من هذا!! فإن القتال في سبيل الله إنما هو نفسه مرحلي.. فإن الله إنما يريد للناس أن يعيشوا في سبيله، لا أن يموتوا في سبيله.. ومن هاهنا جاء قول النبي، عقب كل عودة من عوداته من الغزوات: ((رجعنا من الجهاد الأصغر، إلى الجهاد الأكبر..)) ويعني بالجهاد الأكبر جهاد النفس، في حين أن الجهاد الأصغر هو جهاد العدو.. وأصول الدين كلها تقوم على الدعوة إلى الحق عن طريق الإقناع، والإفهام، والإسماح.. قال تعالى: ((وقل الحق من ربكم.. فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر.. إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها.. وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل، يشوي الوجوه، بئس الشراب، وساءت مرتفقا)).. وقال، في معنى هذا الإسماح،: ((ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن.. إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين)).. وقال، في منع الإكراه: ((لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي.. فمن يكفر بالطاغوت، ويؤمن بالله، فقد استمسك بالعروة الوثقى، لا انفصام لها.. والله سميع عليم)).. فكأنه قال: لا تكرهوا الناس، بل بينوا الرشد من الغي بلسان حالكم، وبلسان مقالكم، فهذا يكفي كل ذي فطرة سليمة.. وقال، في منع التسلط، وهو أوضح ما يقال في هذا الباب: ((فذكر!! إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر)) فهو، تبارك، وتعالى، ينهى نبيه الكريم، على كمال خلقه، وتجافيه عن مواطن الاستعلاء، ينهاه أن يسيطر على الناس.. وما ذاك إلا لقيمة كرامة الإنسان عند الله.. وفي هذا المستوى من الديـن، تنتقل الصورة تماما، من قانون الغابة إلى قانون الإنسان.. ويظهر مدى التخلف في أفكار كارل ماركس التي سلفت الإشارة إليها.. فإن حكاية كارل ماركس في نقاطه الأربع:-
    1- مجرى التاريخ تتحكم فيه القوى الاقتصادية..
    2- التاريخ ما هو إلا سجل لحرب الطبقات..
    3- الحكومة ما هي إلا أداة تستخدمها طبقة في اضطهاد طبقة أخرى..
    4- العنف، والقوة، هما الوسيلتان الوحيدتان لإحداث أي تغيير أساسي في المجتمع..
    إنما هي حكاية عن الماضي.. وهي حكاية لا تستقيم حين يخرج الإنسان من قانون الغابـة، إلى قانون الإنسان.. وهي على ذلك، في أحسن حالاتها، إنما هي مرحلية.. ولكن قانون الإنسان لم يجيء، لأن الإنسان نفسه لم يجيء، بعـد، وإنما تبشر بهـذا المجيء الآيات التي سلفت الإشارة إليها.. ولم يكن لهذه الآيات حكم في الماضي، وإنما أرجئت، وأعطي الحكم لآيات تأخذ في اعتبارها مرحلة الإنسان في القرن السـابع وعلى هذه الآيات الأخيرة قامت الشريعة الإسلامية الحاضرة (السلفية).. وستكون لنا إلى هـذا الحديث عودة، بشئ من التفصـيل، في هذه التوطئة..



                  

01-17-2013, 12:07 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    خلق الله الإنسان ضعيف البنية ، وبغير مخالب ولا أنياب ، ليكون اعتماده على الحيلة أكثر من اعتماده على القوى الجسدية . وجعل طفولته طويلة ليكون اعتماده على الآخرين أكثر من استقلاله بأمر نفسه . وضعف بنيته ، وطول طفولته ألجآه ليعيش في جماعات ، ولقد تحدثنا انفا عن نشأة الجماعة ، وكيف أنها أقامت العرف الذي يقيد نزوات الأفراد ، ولقد كان القتل الذريع جزاء وفاقا لكل فرد يتورط في مخالفة العرف الذي ارتضته الجماعة ، وقد يكون غضب الآلهة في انتظار هذا الفرد بعد موته ، ليذيقه من ألوان العذاب فوق ما أذاقته الجماعة ، ولقد كان الخوف من غضب الجماعة ، ومن غضب الآلهة يؤرق الفرد ، وهو لا يزال يعمل عمله في حمل الأفراد على ترك مخالفات القوانين .
    وبنشأة المجتمع البشري البدائي دخل صراع في البنية البشرية بين قوتين .. بين الحيوان القديم الذي يعمل (( بإرادة الحياة )) ، وقانونها السعي في تحصيل اللذة بكل سبيل ، وبين الإنسان الحديث الذي يعمل (( بإرادة الحرية )) ، وقانونها تحصيل اللذة التي لا تتورط في غضب الجماعة ، ولا غضب الآلهة ، بمخالفة العرف المرعي ، مما تكون عاقبته ألما باقيا في الحياة وبعد الممات .
    فإذا كانت اللذة المبتغاة لا تنال إلا عن طريق مخالفة أمر الجماعة ، وهو دائما أمر الآلهة ، فإن اتجاه إرادة الحرية التخلي عن ابتغاء تلك اللذة ، رجاء الحصول على لذة أكبر منها ، من ثواب الجماعة ، ومن ثواب الآلهة ، وذلك خير وأبقى . وبهذا دخلت في الحياة القيم التي تجعل الفرد البشري يضحي باللذة الحاضرة في سبيل لذة مرتقبة ، أو يضحي باللذة الحسية العاجلة في سبيل لذة معنوية عاجلة أو مؤجلة ، كرضا المجتمع عنه ، وثقتـه بـه ، وثنائه عليـه ، أو كرضا الآلهة عنـه ، ومجازاتـها إياه ، في هـذه الحيـاة ، أو في الحياة المقبلة .
    واستمر المجتمع البشري ينمو ومعه ينمو عرفه وعاداته ، ويتجدد هذا العرف ، ويتخذ صورا دقيقة ، وحاسمة ، ويجئ أنبياء الحقيقة ، ويدخل تشريع الحرام والحلال ، واعتبارات الجنة والنار ، وأوصاف الإله . فان أنبياء الحقيقة ، ورسل الإنسانية لم يجيئوا ليقولوا للناس أن لهم خالقا ، فإن ذلك قد سبقتهـم إليـه رسـل العقـول . ولكنهـم جاءوا ليعينـوا العقـول على معـرفة الخالـق بتعليمها أسماءه وصفاته وأفعاله .
    وأما أنوار العقول فإنها قد نشأت من نار الاحتكاك الـذي ظـل جاريا بيـن (( إرادة الحياة )) و (( إرادة الحرية )) بفعل الخوف القديم ، الذي دفعته في قلب الإنسان الأول القوى الصماء ، التي زخرت بها بيئته الطبيعية التي عاش فيها .
    ولقد قلنا أن إرادة الحرية لا تختلف عن إرادة الحياة اختلاف نوع ، وإنما تختلف اختلاف مقدار ، ونعني أن إرادة الحرية هي الطرف الرفيع ، الشفاف ، من إرادة الحياة .. أو قل هي الروح ، حين تكون إرادة الحياة بمثابة النفس .. فإرادة الحياة حواء البنية البشرية ، وإرادة الحرية آدمها ، والعقل هو نتيجة اللقاء الجنسي بين آدمها وحوائها هذين . وفي مرتبة اللقاء الجنسي الذي ينتج العقل فإن لإرادة الحياة اسما آخـر ، هو الذاكرة ، وإرادة الحرية هي الخيال . والذاكرة هي حصيلة التجارب السوالف جميعها ، ومن ثم فقد أسميناها النفس ، في موضع آخر ، وقد ورد أن القصاص المراد به تقوية التخيل عند من يحتاج أن يوضع بالقصاص في موضع ضحيته . والتخيل هو إسم آخر للذكاء ، وهو القدرة الدراكة ، والإرادة الكابتة لرغايب النفس التي لا يرضى عنها القانون . والذكاء يعمل في توجيه رغايب النفس بفعل الخوف فيه ـ أو قل بفعل الرغبة والرهبة فيه ـ وهـو ، كلما أحسن السيطرة على رغائبها ، كلما زاد قوة ومقدرة على التمييز . وهي قد تزداد مطاوعة ، أو تزداد تمردا ، تبعا لمقدرته هو على العدل ، أو عجزه عنه ، وركوبه مركب العنف والشطط .
    وإذ ولد العقل في بيت منقسم ، من أبوين متشاكسين .. أم شهوانية ، جامحة ، شديدة النزوات ، كثيرة الرغايب ، وأب ضعيف ، ######## يسوقه الخوف إلى العنف ، فيرد مطالبها في شدة وصرامة ، قد تبلغ به أن يحيف عليها ويكبتها في غير موجب للكبت ، فإن طفولته لم تكن سعيدة ، بل كانت طفولة مشردة ، حانقة ، كثيرة الجنوح والانحراف ، وقد ظهرت عليه خصائص أبويه ، وأثر فيه جو البيت الذي ولـد فيه ، فجاء منقسما على نفسـه أيضـا ، بعضه يقـف في مناهضة بعضـه الآخـر ، وقديـما قيـل (( البيت المنقسم لا يقوم )) .
    ولقد ترسب الخوف في أغوار النفس منذ نشأة الحياة ، وقبل ظهور البشر على مسرحها ، ثم نشب الصراع الطويل بين (( إرادة الحياة )) و (( إرادة الحرية )) الذي صحب ظهور البشر على مسرح الحياة ، والذي لا يزال يتسعر ضرامه إلى اليوم ، ولقد نتج عن هذا الصراع أن بعض الرغائب المحرمة ، والتي كانت تتحرك طليقة قبلا ، قد كبلت بالأغلال ، وكبتت ، وأصبحت حبيسة في سراديب مظلمة من حواشي النفس . وكل هذه الرغائب أصيلة ، وكثير منها ، لطول ما حبس في الظلام ، فقد البصر ، وفـقد القدرة على الحركة ، ولكنه لم يمت ، وهو ينتظر أن يفرج عنه ، من هذا المحبس يوما من الأيام .
    فالنفس البشرية اليوم معرضة لآفات كثيرة .. خوف ترسب فيها قبل أن تصبح بشرية ، وذلك بين فجر الحياة البدائية الأولية ، وعهـد ظهـور البشر على المسرح ، وكبت موروث منذ ظهور المجتمع البشـري ، وإلى أن يولـد أحدنا ، ثم كبت مكتسب في حياة الفـرد، بين ميـلاده ووفاتـه ، حيث يتسلط القانون ، والعـرف ، والرأي العـام على تكبيل رغائبه التي لا تجد الموافقة على تحركاتها ، وتعبيراتها في حرية وطلاقة .
    وكل الكبت بفعل الخوف ، فالخوف ، سواء كان الخوف البدائي ، الساذج ، الذي لا مبرر له ، أو كان الخوف العاقـل ، المـوزون ، المعـروف الأسباب ، المعقـولها ، قـد ترك طابعه على النفس البشرية بصورة مزمنة .
    والخوف ، من حيث هو ، هـو الأب الشرعي لكل آفات الأخلاق ومعايب السلوك ، ولن تتم كمالات الرجولة للرجل وهـو خائف ، ولا تتـم كمالات الأنوثـة للأنثى وهي خائفة ، في أي مستوى من الخوف ، وفي أي لـون من ألوانه ، فالكمال في السلامة من الخوف .
    ولن يتم تحرير الفرد من جميع صور الخوف الموروث إلا بالعلم .. العلم بدقائق حقيقة البيئة الطبيعية التي عاش ، ويعيش فيها ، والتي كانت سببا مباشرا لترسيب الخوف في أغوار نفسه ، فإن الخوف جهل والجهل لا يحارب إلا بالعلم .. ومن أجل ذلك وجب الاهتمام بإعطاء الفرد صورة كاملة ، وصحيحة ، عن علاقته بالمجتمع ، وعن علاقته بالكون ، وهو ما نحن بصدده منذ حين
                  

01-17-2013, 12:44 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    وحين تطلع النفس على سر القدر ، وتستيقن أن الله خير محض ، تسكن إليه ، وترضى به ، وتستسلم وتنقاد ، فتتحرر عندئذ من الخوف ، وتحقق السلام مع نفسها ، ومع الأحياء والأشياء ، وتنقي خاطرها من الشر ، وتعصم لسانها من الهجر ، وتقبض يدها عن الفتك ، ثم هي لا تلبث أن تحرز وحدة ذاتها ، فتصير خيرا محضا ، تنشر حلاوة الشمائل في غير تكلف ، كما يتضوع الشذا من الزهرة المعطار
                  

01-17-2013, 12:51 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الخلاصة

    وخلاصة الأمر في علاقة الفرد بالكون هي أن موضعه منه ليس موضع اللدد والخصومة ، ولا موضع المناجزة والمصاولة التي لا تهدأ حتى تبدأ من جديد ، في صعيد جديد .
    إن الإنسان هو ثمرة الكون ، وصفوته ، وهو فيه ملك في مملكته ، مكانه منها مكان السياسة الحكيمة ، والإدارة القديرة والعدل الموزون . وقد تأذن رب الكون أن يجعل الإنسان خليفته عليه ، فهو يعده لهذه الخلافة بالتربية والتعليم والإرشاد الحكيم . وقد خيل الجهل للإنسان أنه مقصود بالعداوة ، في غير رحمة ولا هوادة ، فأصبح يحارب في غير محترب ، ويعادي في غير موجب للعداوة ، وهو لن يبلغ مبلغ الخلافة إلا إذا شب عن العداوات ، وعلم أنه أكبر من أن يعادى ، ولم يصبح في قلبه مكان إلا للمحبة .. فإن الله يحب جميع الخلائق .. غازها ، وسائلها ، وحجرها ، ومدرها ، ونباتها ، وحيوانها ، وإنسانها ، وملكها ، وإبليسها .. فانه تبارك وتعالى إنما خلق الخلائق بالإرادة .. والإرادة (( ريدة )) وهي المحبة .. ولن يكون الإنسان خليفة الله على خليقته إلا إذا اتسع قلبه للحب المطلق لكل صورها وألوانها ، وكان تصرفه فيها تصرف الحكيم ، الذي يصلح ولا يفسد . ولا يعوق الحب في القلوب مثل الخوف . فالخوف هو الأب الشرعي لكل الآفات التي إيف بها السلوك البشري في جميع عصور التاريخ .. ولا يصلح الإنسان للخلافة على الأرض ، ولا للتصرف السليم في مملكته وهو خائف .. وليس هناك أسلوب ، ولا نهج للتربية يحرره من الخوف غير الإسلام .. فان بالإسلام يتم سلام الإنسان مع نفسه ، ومع ربه ، ومع جميع الأحياء ، والأشياء .. قال تعالى (( يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان، إنه لكم عدو مبين )) السلم يعني الإسلام ، ويعني السلام .. وهما بمعنى واحد (( ولا تتبعوا خطوات الشيطان )) فيغري بينكم العداوة ، والبغضاء .. والإشارة إلى العداوة وردت في قوله تعالى (( إنه لكم عدو مبين )) ..
                  

01-17-2013, 12:55 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    والاختلاف بين المكي والمدني ليس اختلاف مكان النزول ، ولا اختلاف زمن النزول ، وإنما هو اختلاف مستوى المخاطبين . فيأيها الذين آمنوا خاصة بأمة معينة . ويأيها الناس فيها شمول لكل الناس . فإذا اعتبرت قوله تعالى (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم ، عزيز عليه ما عنتم ، حريص عليكم ، بالمؤمنين رؤوف رحيم )) - وقوله تعالى (( إن الله بالناس لرؤوف رحيم )) وأدركت فرقا ، فاعلم أنه الفرق بين المؤمن والمسلم ، وهو مستوى كل من الخطابين. وورد خطاب المنافقين في المدينة ، ولم يرد في مكة ، مع أن زمن النزول في مكة ثلاث عشرة سنة ، وفي المدينة عشر سنوات ، أو يقل ، وذلك لأنه لم يكن بمكة منافقون . وإنما كان الناس إما مؤمنين ، أو مشركين ، وما ذلك إلا لأن العنف لم يكن من أساليب الدعوة بل كانت آيات الاسماح هي صاحبة الوقت يومئذ ، (( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ، وجادلهم بالتي هي أحسن ، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وهو أعلم بالمهتدين )) وأخواتها ، وهن كثر .
    وحين تمت الهجرة إلى المدينة ، ونسخت آيات الاسماح ، وانتقل حكم الوقت إلى آية السيف ، ونظائرها ، (( فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم ، واحصروهم ، واقعـدوا لهم كل مرصـد ، فإن تابوا ، وأقامـوا الصلاة ، وآتـوا الزكاة فخلـوا سبيـلهم ، إن الله غفور رحيم . )) ودخل الخوف في ميدان الدعوة ، واضطرت نفوس إلى التقية ، أسرت أمرا وأعلنت غيره ، ودخل بذلك النفاق بين الناس .
    وكون ذكر الجهاد ، وبيان الجهاد ، من ضوابط الآيات المدنية ، لا يحتاج إلى تعليل .
    وأما كون المكية من ضوابطها ذكر السجدة ، فذلك لأن السجدة أقرب إلى الإسلام منها إلى الإيمان . وفي حديث المعصوم: (( أقـرب ما يكـون العبـد لربه وهـو ساجد )) وفي القـرآن الكريم (( واسجد واقترب )) وفيه سر عظيم من أسرار السلوك إلى منازل العبودية .
    ومنها أن تفتتح السور بحروف التهجي ، وهذا باب عظيم ، وفيه سر القرآن كله ، والحديث عنه لا يتسع له هذا المقام ، وإنما نكتفي منه بما نحن بصدده من بيان الفرق بين رسالتي الإسلام . وعدد الحروف التي جرى بها الافتتاح أربعة عشر حرفا ، وهي بذلك نصف الحروف الأبجدية . وقد افتتحت بها تسع وعشرون سورة ، على أربع عشرة تشكيلة ، هي :-
    ألم ، المص ، الر ، المر ، كهيعص ، طه ، طسم ، طس ، يس ، ص ، حم ، حم – عسق ، ق ، ن . وكل هذه التشكيلات ورد بعدها ما يفيد أنها القرآن ، وأوضح شئ في ذلك قوله تعالى من سورة البقرة : (( ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ، هدى للمتقين )) ذلك إذا وقفت على (( فيه )) ، أو شئت وقفت على (( لا ريب )) فجاءت الآيتان هكذا : (( ألم * ذلك الكتاب لا ريب ، فيه هدى للمتقين )) وفي كلتيهما فإن الإشارة بذلك إلى (( ألـم )) .
    ومعنى الحرف أنه من كل شئ طرفه ، وشفيره ، وحده ، ومنه (( حرف الجبل )) وهو أعلاه المحدد الرفيع .
    ولقد مرت على حروف التهجي حقب سحيقة وهي تتقلب في صور بدائية جدا ، قبل أن تأخذ شكولها الحاضرة ، ذلك بأن الحاجة إلى الكتابة إنما نشأت مع الحاجة إلى اللغة في وقت واحد ، وتلك حاجة سبقت الحاجة إلى العرف الذي سلفت إشارتنا إليه ، حين قلنا أن المجتمع الأول نشأ حول عرف قيد نزوات الفرد ، وأوجب رعاية حدود معينة ، واجبة الرعاية . فالحاجة إلى وسيلة التفاهم ، ونقل الأفكار ، حاجة أملتها ضرورة المعيشة في مجتمع . ولقد شعر بضرورة الاجتماع جميع أصناف الحيوان ، ولكن الإنسان هو وحده الذي ظفر منه بحاجته ، وذلك لمقدرته على التفاهم عن طريق (( تقليد )) أصوات الأشياء ، والأحياء ، ومحاكاة الحركات ، وقـد ساعده على ذلك إستواء قامته ، ولباقة حركات يديه ورأسه ، وارتقاء أوتار صوته. فإلى ملكة (( التقليد )) التي انفرد بتجويدها الإنسان عن سائر الحيوان ، يرجع الفضل في نشأة اللغة ، ونشأة الكتابة ، وفي اطراد ارتقائهما ، من بدايات بسيطة ، ساذجة ، إلى أدوات شارفت الاتقان في عصرنا الحاضر . بل إنه إلى هذه الملكة التي وهبها الله الإنسان ، يرجع الفضل في التعليم والإتقان . فإنه ، من أجل تجويد التقليد ، لا بد من استيعاب الأشياء المراد تقليدها استيعابا عقليا كاملا ، ثم لا بد من التناسق بين أدوات التقليد وبيـن العقل ، سواء كانت أدوات التقليد اليدين ، أو الرأس ، أو الوجه ، أو العينين . وإلى هذا المجهود المبذول في تناسق حركات التقليد يرجع الفضل في توحيد العقل والجسد . وهو توحيد لم يكتمل بعد ولا يزال يطرد .
    ومع أن الحاجة إلى الكتابة ظهرت في نفس الوقت مع الحاجة إلى اللغة إلا أنها لم تكن في مستوى واحد من الإلحاح ، ومن الضرورة . ولقد أغنت الإشارة عنها إلى ردح طويل . ولقد بدأت الكتابة برسم الأشياء ، والحيوان المراد التعبير عنها ، أو ربما برسم حادثة برمتها يراد نقلها إلى أحد لم يكن شاهدها . ولقد كان رسم صورة الحيوان من مراسيم الصيد ، وهي مراسيم تتصل بالعقيدة والعبادة ، فكأن الصياد كان يعتقد أنه يحرز الحيوان في الصيد ، حين يحرز صورته في كهفه الذي يقيم فيه . وذلك للصلة التي اعتقدها بين الصورة والروح .
    ثم تطور الفهم فأصبح الفنان يجتزئ برسم جزء معين للحيوان للتعبير عن سائره ، كأن يرسم رأس الثور فقط بدلا من رسمه كله . ثم اطرد التطور في تبسيط صور الأشياء والأحياء حتى جاءت الحروف الأبجدية الحاضرة ، في سحيق الآماد ، وبعد تطور بطئ ، طويل .
    وعدد حروف التهجي يختلف في اللغات المختلفة ، وهو في لغتنا ثمانية وعشرون حرفا ، أولها الألف وآخرها الغين ، وهي في ذلك أكمل اللغات .
    وإذ دفعت الضرورة إلى اللغة ، دفعت أيضا إلى الحساب ، وقد نشأ الحساب نشأة ساذجة ، وبدائية أيضا ، وأعان عليه ، وبعثه في الذهن ، أصابع اليدين والقدمين ، فإنها ظاهرة تبعث على التأمل ، والتعجب ، ولقد كان العدد ، ولا يزال ، يمارس على أصابع اليدين ، وهذا من الأسباب التي جعلت العشرة تتخذ أساسا للعد . ولم تظهر الأرقام التي نعرفها الآن إلا بعد زمن طويل من التطور من الصور البدائية للأعداد . ولقرينة الرمز ، والإشارة ونقل العبارة ، التي تربط بين اللغة والحساب استعملت أحرف الهجاء بدلا من الأرقام منذ زمن متقادم ، كما هو معروف في الأرقام الرومانية ، وهم قد كانوا مسبوقين إلى ذلك باليونانيين . ولقد سرى هذا الاستعمال إلى اللغة العربية ، فجعلت الأحرف التسعة الأولى لتنوب عن الآحاد التسعة ، والحرف العاشر وما بعده يدل على العقود ، إلى الحرف الثامن عشر ، ومن الحرف التاسع عشر وإلى الثامن والعشرين تدل على المئات ، فأصبح بذلك الرقم المقابل لنهاية الأبجدية الألف ، وهذا هو الذي جعلنا نقول أن اللغة العربية أكمل اللغات ، وذلك لما للرقم (( ألف )) من قيمة روحية (( وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون )) أو حين يقول (( إنا أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر )) وهي تعني ألف عام. وحين يقول (( من الله ذي المعارج * تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة )). والقرآن كله ذو شكل هرمي .. له قاعدة ، وله قمة ، وهو يتفاوت بين القاعدة والقمة في معان تدق كلما ارتقت نحو القمة . فهو تفاوت بين حسن وأحسن . وفي قمة القرآن الحروف الهجائية التي افتتحت بها السور ، وهذه الحروف، في ذاتها، ذات شكل هرمي أيضا ، يتفاوت بين قاعدة وقمة . فالحروف على ثلاث درجات :
    الحروف الرقمية ، والحروف الصوتية ، والحروف الفكرية . فالحروف الرقمية هي الثمانية والعشرون المعروفة ، ومنها يتألف الكلام الظاهر: والحروف الصوتية لا حصر لها ، وهي ، المسموع منها ، وغير المسموع بالحاسة ، تؤلف الخواطر التي تجيش في العقل الواعي . وأما الحروف الفكرية فهي ملكوت كل شئ ، وهي كلمات الله التي قال عنها ، جل من قائل (( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ، ولو جئنا بمثله مددا )) . ومن هذه الحروف الفكرية تتكون الخواطر المستكنة في العقل الباطن ، وفي سويدائه الحقيقة الأزلية ، وعلى حواشيه الدين . وإلى الحروف الرقمية ، والحروف الصوتية ، والحروف الفكرية ، الإشارة بقوله تعالى (( وإن تجهر بالقول ، فإنه يعلم السر ، وأخفى )) فالقول المجهور به يقابل الحروف الرقمية ، والسر يقابل الحروف الصوتية ، وأما الحروف الفكرية فيقابلها (( سر السر )) وهو المعبر عنه بكلمة (( وأخفى )) ومن هذه الحروف الفكرية ما لا يسمع الا بالحاسة السابعة .
    وإلى هذه المراتب الثلاث أيضا الإشارة بقوله تعالى (( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا )) وهي آية في الجهر ، وفي السر ، أي في القول باللسان وفي الخواطر ، وأما سر السر فإن فيه قوله تعالى (( وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما )) . والظلم هنا الشرك الخفي ، وهو الكبت الذي به انقسمت الشخصية البشرية إلى عقل واع ، وعقل باطن ، بينهما تضاد وتعارض .
    ولقد تحدثنا عن الكبت فيما سلف من هذا الكتاب ، وقلنا أنه بفعل الخوف . وقلنا أن الحرية الفردية المطلقة تتطلب الحرية من الخوف ، ومن أجل الحرية من الخوف ، على إطلاقه ، وجب تنظيم المجتمع على صورة تؤمن الفرد من الخوف على الرزق ، والخوف من تسلط الحاكم ، والخوف من تعنت الرأي العام. ثم وجب إعطاء الفرد فكرة متكاملة عن علاقته بالبيئة ، وعن حقيقة البيئة التي عاش فيها أسلافه ، والتي لا يزال يعيش فيها هو ، حتى يستطيع أن يتحرر من العقد النفسية التي ترسبت في عقله الباطن ، وورثها صاغرا عن كابر ، في سحيق الآماد .
    ولقد تحدثنا عن أسلوب القرآن العكسي ، في تعليم الانسان ، والطردي ، وذلك على غرار الآية الكريمة (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ؟ )) . وقلنا أن هذا يعني في السلوك أن السالك يجاهد في ترك مخالفات الأعمال ، وإن سمح للنفس في تلك المرحلة بمخالفات اللسان ، كتدريج لها ، فإن هو استقامت له المجاهدة في هذه المرتبة ، زحف إلى ترك مخالفات اللسان ، وإن ترك للنفس سعة ، في هذه المرحلة ، في مخالفة الخواطر في العقل الواعي ، بأن سمح بجولان الخواطر الشريرة فيه ، وذلك أيضا تدريج للنفس . ثم إن هو استقامت له المجاهدة ، في هذه المرتبة أيضا ، انتقل الى تحريم جيشان الخواطر في العقل الواعي ، وهكذا الى أن يصل الى تنقية خواطر العقل الباطن ، ويومئذ تتم سلامة القلب ، فيرى في صفوها الله العظيم ، ويبدأ من هناك الاسلوب الطردي في التعليم . ويكون السالك ههنا في سلام مع نفسه ، ومع ربه ، ومع الأحياء ، والأشياء . وهذا هو الإسلام في قمة وهو الذي أمر الله تبارك وتعالى المؤمنين به حين قال (( يأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ، ولا تتبعوا خطوات الشيطان ، إنه لكم عدو مبين )) فالسلم هنا هو السلام ، وهو الإسلام في قمة.


                  

01-17-2013, 12:58 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    المجتمع الصالح

    ولا يبلغ أحد هذا المبلغ الرفيع من الحياة إلا بوسيلتين اثنتين: أولاهما وسيلة المجتمع الصالح ، وثانيتهما المنهاج التربوي العلمي الذي يواصل به مجهوده الفردي ليتم له تحرير مواهبه الطبيعية من الخوف الموروث .
    والمجتمع الصالح هو المجتمع الذي يقوم على ثلاث مساويات: المساواة الاقتصادية ، وتسمى في المجتمع الحديث الاشتراكية ، وتعني أن يكون الناس شركاء في خيرات الأرض . والمساواة السياسية ، وتسمى في المجتمع الحديث الديمقراطية ، وتعني أن يكون الناس شركاء في تولي السلطة التي تقوم على تنفيذ مطالب حياتهم اليومية . ثم المساواة الاجتماعية ، وهذه ، إلى حد ما ، نتيجة للمساويين السابقتين ، ومظهرها الجلي محو الطبقات ، وإسقاط الفوارق التي تقوم على اللون ، أو العقيدة ، أو العنصر ، أو الجنس ، من رجل ، وامرأة . فإنه يجب ألا يكون هناك تمييز بين الأفراد يقوم على أي اعتبار من هذه الاعتبارات . فالناس لا يتفاضلون إلا بالعقل ، والخلق . ومحك ذلك العدل في السيرة بين الناس ، والنصح ، والإخلاص للمواطنين ، في السر والعلن ، وروح الخدمة العامة ، في كل وقت ، وبكل سبيل .
    والمساواة الاجتماعية تستهدف محو الطبقات ، ومحو الفوارق بين المدن والأرياف ، وذلك بإتاحة الفرص المتساوية للتثقيف ، والتمدين ، حتى يكون التزاوج بين جميع الأفراد في المجتمع أمرا عاديا .. وهذا هو المحك الصادق في مبلغ المساواة الاجتماعية ..
    والمجتمع الصالح ، بعد أن يقوم على هذه المساويات الثلاث ، التي يتكفل القانون بتنظيمها ، ورعايتها ، يقوم أيضا على رأي عام سمح لا يضيق بأنماط السلوك المختلفة ، لدى النماذج البشرية المتباينة ، ما دام هذا السلوك لا يعود إلا بالخير والبركة على المجتمع .
    وللرأي العام أحكام تصدر من وراء حكم القانون ، وهي غير ملزمة لأحد ، ولا منفذة بسلطة ، ولكنها قد تكون ، مع ذلك ، أكثر فعالية من القانون ، في ردع الشواذ والمارقين . ويمكن للرأي العام بالطبع ، أن يصدر حكمه على أي سلوك لا يوافق عليه ، ولكن يجب تجنب العنف في إحداث أي تغيير في ذلك ، فإن العنف لا يبعث إلا إحدى خصلتين : إما العنف ممن يطيقون المقاومة ، أو النفاق من العاجزين عنها ، وليس في أيهما خير .. ثم ، لدى الضرورة ، يمكن لأحكام الرأي العام ، والعرف الجماعي ، أن تدخل حرم القانون ، وذلك باقتراح التشريعات التي تسد النقص الذي بدا لمن شاء ، وبالطبع لن تكون التشريعات غير دستورية ، ودستورية القانون عندنا معروفة ..

                  

01-17-2013, 01:02 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    المساواة الاجتماعية: محو الطبقات والفوارق

    هذه أصعب المساويات تحقيقا ، وتعتبر المساواة الاقتصادية ، والمساواة السياسية مقدمة لها ، وهي تتويج لهما ، وخلاصة ، وقمة .
    وهي لم تتحقق للإنسانية إلى يوم الناس هذا ، ولن تتحقـق في المستقبل إلا بالجهد الشاق ، والتربية ، والتعليم ، لتصحيح ، وتغيير ما هو كالطبيعي في المسلك الإنساني . وهي بذلك أرقى إنتاج المدنية في جميع العصور . إذ المدنية إن هي إلا محاولة تبعد الانسان عن نزعاته الحيوانية الدنيئة ، وتقوده إلى مستوى أعلى من الخلق ، حيث يستبدل قانون الغابة - قانون العنف ، والسيطرة بالقوة - بقانون العدل ، والحق ، والمرحمة - فيدخل بذلك التحسين في نوع العلاقات البشرية ، فيحل الرضا محل القوة ، والعدالة محل الاستغلال ، والحرية محل الكبت ، والعاطفة المتسامية بالعقل القوي ، محل العاطفة الناضبة .
    وشأننا مع هذه المساواة في هذا الكتاب شأننا مع سابقتيها وهو إرجاء الاستقصاء إلى موعده من كتاب (( الإسلام ديمقراطي اشتراكي )) حيث نبحثها بحثا مستفيضا ولكن لا بد من الإشارة إليها هنا بما يحتمله المقام من تطويل .
    موضوع المساواة الاجتماعية هو الفرد البشري ، كما كان الأمر في شأن المساواة الاقتصادية ، والمساواة السياسية .. فإن الفرد البشري ، كما سبقت الإشارة إلى ذلك مرات ، هو الغاية وراء كل سعي جماعي .. هو غاية وسيلتها الإسلام والقرآن ، وهما أعظم الوسائل المنهجية على الإطلاق . ووسيلته أيضا المجتمع ، وهو أعلى ما أنتجته الإنسانية إلى اليوم . والفرد الذي هو غاية هو الفرد البشري ، من حيث أنه بشري .. حتى وإن كان أحمق .. فإنه يجب أن لا يجعل وسيلة إلى شئ سواه .. ومن أجل ذلك وجب ألا تقوم بين الأفراد فوارق من جراء المولد ، أو العنصر ، أو اللون ، أو العقيدة ، أو الجنس من الذكورة والأنوثة . قال تعالى في ذلك : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير )) قوله (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) يعني إنما تكون الكرامة بالعلم والخلق .. فإن التقوى علم وعمل بمقتضى العلم ، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى (( إن الله عليم خبير )).. (( عليم )) إشارة إلى العلم.. (( خبير )) إشارة إلى التصرف بالعلم . وقال المعصوم (( الناس لآدم وآدم من تراب ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) .
    وعدم التمييز الاجتماعي ضد الضعيف ، ومحو الفوارق التي قامت على قانون الغابة بين الأفراد والطبقات هو عمل التمدين الأكيد ، فإذا وجدت مجتمعا للضعفاء فيه حق محفوظ ، وكرامة مرعية ، وإذا وجدت مجتمعا للنساء فيه حرية ، وحرمة ، وتشريف ، وللأطفال فيه حقوق ، وله بهم عناية ، وعليهم رحمة ، ولهم فيه محبة ، فاعلم أنه مجتمع متمدن ، ومتحضر .
    والأسرة هي المجتمع الأول ، وفيها تعلم ، ولا يزال يتعلم ، الفرد النظام ، والسلوك الاجتماعي النظيف ، واحترام القانون ، وتوقير السلطة ، والتعاطف ، والتسامح ، والمحبة .. ولا تزال للأسرة مقدرتها الفائقة على تربية الأفراد التربية التي تكون بعيدة الأثر ، على حياتهم الفردية ، وحياتهم في مجتمعهم الصغير ، وفي مجتمعهم الكبير ، حين يبرزون إليهما ، وعماد الأسرة الأم ، وهي ملكة المملكة الصغيرة ، ولكن مع شديد الأسف فإن الاعتراف بها لم يتفق للاسرة البشرية إلى اليوم . فإنها كانت ، ولا تزال ، مضطهدة . وكان ، ولا يزال ، دورها في بيتها دور الخادمة .. ولهذا الوضع سود العواقب على تنشئة الأطفال ، مما يترك عميق الأثر في حياة المجتمع برمته وفي جميع مستوياته .
    ولقد أسلفنا القول في هذا الكتاب عن أمر المساواة المطلقة بين الرجال والنساء مما لا نحتاج إلى إعادته في هذا الموضع ، ولكن لا بد من الإشارة إلى أن أمر المساواة الاجتماعية لا يجئ عفوا ، وكأمر طبيعي للتطور . بل لا بد فيه من التخطيط ، والتطوير الذكي للمجتمع ، ذلك بأنه يحتاج إلى تعليم ، ويحتاج إلى تربية .. والتعليم غير التربية ، فإن غرض التعليم إكساب الفرد الخبرة المهنية التي تجعله مفيدا للمجتمع في الميدان الذي خلق وهو مستعد له بما ركز في فطرته من موهبة .. وهو ضروري ليسلح الأفراد بالقدرات العلمية ، والفنية ، والادارية ، والتكنولوجية ، لتنمية حضارة مجتمعهم ، وللتسامي بها في مراقي الكفاءة والكفاية . وفي التعليم يقع التخصص ، ويقع التمييز ، ويسود الاتجاه إلى التخطيط لإنجاب حاجة المجتمع - فيه يقع التمييز بين الرجال ، والنساء ، ويقع التمييز بين الرجال ، والرجال أيضا ، ذلك بأنه إنما يرمي إلى تنمية ، وتغذية الموهبة عند كل موهوب ، حتى يخدم مجتمعه في الميدان الذي خلق وهو مستعد له استعدادا فطريا ، بيد أن هذا التمييز الذي يقع في ميادين الاعداد لخدمة المجتمع المدنية لا يحمل معه أي امتياز اجتماعي ترتفع به ، تلقائيا ، مكانة فرد فوق فرد آخر .. وفي هـذه النظرة ، التي تتجه إلى إعداد المواطنين إعدادا مهنيا بواسطة برامج التعليم الموجه ، قيمة المرأة غير قيمة الرجل ، ولكنها قيمة مساوية لقيمته .. بمعنى أن المرأة ، حين تعد لتكون أما ، بأن تعلم كل ما يؤهلها لهذه الوظيفة الحيوية المتشعبة ، لا تقل خدمتها للمجتمع ، في نظر المجتمع ، عن خدمة أخيها الذي يعد ليكون مهندسا ، أو طبيبا ، أو مشرعا .. وليس لإعداد الأمومة الصالحة حد تقف عنده ، فإن الفتاة كلما علمت كلما زادت كفاءتها في ميدان الأمومة نفسها .. ومن أجل مصلحة المجتمع يجب أن يعلم كل فرد عملا يتقنه باليد وبالعقل ، وهو كذلك من مصلحة الفرد نفسه ، لأن الانسان لا تنضج قيمه الفكرية ، ولا قيمه الخلقية ، إلا إذا كان يحب العمل اليدوي ، ويتقن طرفا منه إتقانا حسنا ، ذلك بأن الترقي جميعه إنما هو علم ، وعمل بمقتضى العلم .. قال تعالى في ذلك (( إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه . )) كل هذه المسائل تدخل في غرض التعليم ..
    وأما غـرض التربية فهو تحرير المواهب الطبيعية : العقل ، والقلب ، من أسر الأوهام ، والأباطيل .. فبسلامة القلب من الخوف ، وصفاء الفكر من الأوهام ، تتحقق حياة الفكر ، وحياة الشعور ، وهي غاية كل حي .. وهي مهمة التربية .. وللتربية وظائف كثيرة هي في جملتها نقل الانسان من الاستيحاش إلى الاستيناس ، حيث تصبح عاداته جميعها إنسانية ، ومهذبة .. فهو يأكل بطريقة إنسانية ، ويشرب بطريقة إنسانية ، وينام ، ويجلس ، ويتحدث ، ويتصرف في جميع شئونه ، العامة والخاصة ، بطريقة إنسانية ومهذبة ، فلا يعرض مباذله ، ولا يبدر منه ما يؤذي السمع ، ولا البصر ، ولا العقل ، ولا القلب .. وهو لا يبصق في الأماكن العامة النظيفة ، ولا يتبول ، ولا يتغوط ، في الأماكن العامة . ولا يرمي الأوساخ ، والقاذورات ، في الأماكن النظيفة على الطرقات . وهو ، على العموم ، يحاول ، بجهد الطاقة ، أن يترك كل شئ على صورة أحسن من التي وجده عليها .. ويجب أن يعده لكل أولئك التربية .. التربية في المدارس ، وفي النوادي ، وفي الأماكن العامة ، حيث يجري التثقيف ، والتعليم ، للشعب ، كل حين ، وبغير انقطاع ، وبكل وسائل الاعلام التي تستطيع الدولة أن توفرها ، من إذاعة ، وتلفزيون ، وسينما ، ومسرح ، وصحافة ، وكتب ، ومجلات ، ومحاضرات ، وأنواع التسجيل المختلفة ، لأنواع الفنون المختلفة ، حيث توجه الدولة كل إمكانات المجتمع لإنجاب الأفراد الناضجين ، وذلك بتوخي النهج التربوي السليم .. فإن مشاكل المجتمعات كون أغلبية الأفراد إما مراهقين ، أو أطفالا .. ويقل فيها الأفراد الناضجون الذين يقوون على مواجهة الحقيقة ، (( والأطفال يتابعون مبدأ اللهو ، وهو مبدأ يجعل الإنسان يتصرف مدفوعا بأهوائه ورغباته ، ويحاول أن يحقق أية رغبة عند ظهورها ، دون أن يوازن بين رغبة وأخرى وينفذها ، ويقترن الجري وراء هذا اللهو الوقتي المباشر بتجنب ما قد يسبب الفشل ، أو الألم ، أو الإنكار ، ومسلك كهذا ينشأ من الفشل في التمييز بين الرغبات المتنازعة على أساس معقول طويل المدى . وغالبا ما يحل التمني محل ما هو محتمل أو مرغوب فيه )) وليس هناك مخرج إلا عن طريق التربية .. والتربية ، بخلاف التعليم ، لا يقع فيها التخصص ، ولا التمييز بين الرجال والنساء ، وإنما هي حق أساسي لكل فرد بشري ، وهي تشمل حتى الأطفال ، ولا تحد إلا بطاقاتهم على التلقي ، والإدراك ، والتنفيذ . ولقد تحدثنا عن أسلوب الإسلام في التربية فيما سلف من هذا الكتاب مما لا موجب لإعادته ههنا .
    والقاعدة الذهبية في التربية هي أن تضع الأفراد أمام المسئولية وأن تعينهم ، بكل الوسائل ، على تحمل المسئولية ، ذلك بأن غرض التربية هو إنجاب الأفراد الناضجين .. هو إنجاب الرجال ، من الأطفال ، ومن المراهقين ، الذين تعج بهم المجتمعات عجيجا .. والفارق بين الأطفال والمراهقين ، وبين الرجال هو أن الرجال يتصرفون بحرية ، ويتحملون مسئولية تصرفهم ، بينما الأطفال والمراهقون يتركون التصرف خوف المسئولية ، أو يتصرفون ويحاولون الهروب ، تحت الظلام ، من مسئولية تصرفهم
                  

01-17-2013, 01:06 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    التعليم

    1- التعليم تحرير المواهب الطبيعية: العقل والقلب من أسر الأوهام ، فإن بصفاء الذهن وسلامة القلب تتحقق حياة الفكر وحياة الشعور وهي وحدها الحياة الكاملة السعيدة.
    2- مع أن أغراض التعليم في سبحاتها العليا واحدة ، الا أنا نستطيع بالنسبة لنتائجه المباشرة أن نقسمه الي ضربين: ضرب يراد به الي تحرير المواهب الطبيعية كما أسلفنا آنفا ، وضرب يراد به الي إكساب الخبرة الفنية كالمقدرة علي الإدارة الرشيدة والمعرفة بأساليب تنظيم الإنتاج والإستهلاك والحذق بطرق إستغلال موارد الثروة بإختراع الآلات أو بإستعمالها وبترقية العلوم الطبيعية والتجريبية وبمتابعة الإختراع والإستكشاف والمعرفة بالطب والفلك والرياضة والهندسة أو التشريع والقضاء أو التمريض الي آخر ما هنالك من منادح التعليم المهني وهذا الضرب من التعليم ضروري لزيادة الثروة القومية ولتحقيق الرفاهية للأفراد وهو التعليم الرسمي والمسئولة عنه الحكومة المركزية التي يجب أن تخضع إعتباراته لحاجة الجماعة ، ومن ثم يقع التمييز فيه بين الرجال والنساء لا بل ويقع التمييز فيه بين الرجال والرجال. فليس كل رجل صالحا أن يكون طبيبا ، ومحاولة خلق الطبيب من الموسيقار إهدار لمصلحة المجموعة ، وإنما تصان مصلحة المجموعة بتشجيع الموهبة الطبيعية وتثقيفها في كل مطبوع ، مع مراعاة تنويع الإنتاج وتوازنه وفق مطالب الخدمة العامة.
    3- التعليم الذي يراد به الي تحرير المواهب الطبيعية محصوله مكارم الأخلاق وهو التعليم المقصود بالذات لأنه الوسيلة الوحيدة المفضية عن قرب قريب الي الحرية من الخوف التي بها وحدها يتمكن كل إنسان من تحقيق إنسانيته وفي تحصيله يستوي الرجال والنساء وتقع المسئولية عنه علي عاتق كل رجل بمفرده ، وكل إمرأة بمفردها ، ولا يعدو واجب الحكومة فيه تنظيم الحياة الخارجية علي شكل يمكن الفرد من رجل وإمرأة من أن يجد فيه أقل عدد ممكن من الصعاب و أكبر قدر ممكن من التشجيع في سبيل جهوده ولا يعدو واجب الجماعة فيه خلق رأي عام سمح لا يضيق بأنماط الشخصيات المتباينة ولا يحارب مناهج الفكر المتحرر.
    4- الخوف أول معلم عرفه الإنسان علي هذا الكوكب وهو من ثم قد تمكن من سويداوات القلوب تمكينا. ومع أن الي الخوف يرجع الفضل في ترقي الحياة الإنسانية سمتا فوق سمت الي مرتبتها الحاضرة فإنه لا يتسني للإنسانية أن تبلغ الكمال المقدور لها الا إذا تحررت منه تحريرا وقد أني لها أن تفعل وسبيلها الي ذلك التحرير حل الخلاف البادي بين الذات الإنسانية وبين العالم الواقعي المكون من الحقائق والمظاهر التي تسمي بالطبيعة ذلك بأن الإنسان بكل ما في نفسه من التركيب الآلي الضعيف وبكل رغباته ، ومخاوفه ، وشكوكه التفكيرية يري نفسه أمام عالم طبيعي إمتزجت رحمته وقسوته ، وخطره وامنه علي أسلوب كأنه في ظاهره يعمل علي أسس تناقض بناء التفكير البشري فإلي أن يعيد الإنسان الوحدة والإنسجام بينه وبين هذه القوي المادية الصماء التي تحيط به لا يمكنه أن ينتصر علي الخوف البتة. وهو لكي يعيد الوحدة والإنسجام بينه وبين الطبيعة لا بد له من أمرين إثنين أولهما معرفة حقيقة القانون الذي تسير عليه هذه الطبيعة وثانيهما العمل علي السير بحياله سيرا مصاقبا لذلك القانون لا معارضا له: أما القانون الذي تسير عليه الطبيعة فقد حكاه القرآن وروحه أن ليس في العوالم جميعها علويها وسفليها كائن الا الله وكل ما عداه مستمر التكوين لا يستقر له قرار ولا يقيم علي حال وهو في تقلبه من صورة الي صورة وفي تطوره من حال الي حال خاضع كل الخضوع لإرادة حكيمة لا مكان فيها للمصادفة وإنما تاتي كل ما تأتي بقدر مقدور وحساب دقيق فإذا ما أراد الإنسان أن يسير بحياته سيرا مصاقبا لهذا القانون لا معارضا له وجب عليه أن يتمرن بطريقة منظمة علي أن يحيا دائما في حال من الوعي الداخلي واليقظة وضبط النفس ، فلا يأتي أعماله صغيرها وكبيرها الا بروية وتقدير حتي تقل بذلك الأعمال التي يأتيها بحكم العادة وعفو الساعة وكلما قلت أعمال العادة كلما زادت أعمال الروية ، وكلما إزدادت أعمال الروية كلما أشرق الذهن وتنبهت المشاعر وأرهف الحس وأتسعت الحياة ، وإذا إتسعت الحياة فقد علمت الخير وإرادته وقدرت عليه. والحياة القادرة هي الحياة الكاملة السعيدة التي ننشدها جميعا.
    5- ولكن كيف يمرن الإنسان نفسه بطريقة منظمة علي أن يحيا دائما في حالة من الوعي الداخلي واليقظة وضبط النفس؟؟ الجواب قريب:
    بان يقلد محمدا فى منهاج حياته تقليدا واعيا مع الثقة التامة بانه قد اسلم نفسه الى ارادة هادية تجعل حياته مطابقة لروح القرآن وشخصيته متاثرة بشخصية اعظم رجل وتعيد وحدة الفكر والعمل فى وجوده ووعيه كليهما ، وتخلق من ذاته المادية وذاته الروحية كلا واحدا متسقا قادرا على التوفيق والتوحيد بين المظاهر المختلفة فى الحياة : اما توحيد الذات المادية والذات الروحية فى كل واحد مؤتلف فهو الكسب العملى من عقيدة التوحيد التى هى القاعدة الاساسية من قواعد الاسلام ومعناه مطابقة السيرة للسريرة وموافقة العقل الظاهر للعقل الباطن وصدق الانسان مع تفسه صدقا ينتفى معه الكذب والنفاق والرياء ويتحد فيه الفكر والقول والعمل فيفكر الناس كما يريدون ويقول الناس كما يفكرون ويعمل الناس كما يقولون وهذا هو مطلب القرآن الى الناس حين قال جل من قائل "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ؟ كبر مقتا عند الله ان تقولوا مالا تفعلون" وتوحيد السيرة والسريرة لدى الفرد هو تحقيق فرديته التى ينماز بها عن سائر افراد القطيع وقد سلف القول بذلك.
    6- ليقرا الناس القرآن وليتدبر الناس القرآن وليتخلق الناس بأخلاق القرآن فان فيه خلق الله الأعظم.


                  

01-17-2013, 01:09 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الإهداء

    الي الإنسانية التي أزرت بها ضراوة الوحشية فأفسدت في الأرض وقطعت أرحامها نقدم المدنية التي تقوم علي العدل والإحسان وإيتاء ذي القربي

    الحزب الجمهوري 1952




    بسم الله الرحمن الرحيم
    ((الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فأخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل))
    صدق الله العظيم



    الاسم: الحزب الجمهورى
    الشعار: الحرية لنا ولسوانا
    المبدأ: تحقيق العدالة الاجتماعية الشاملة والحرية الفردية المطلقة
    الوسيلة: قيام حكومة سودانية ، جمهورية ، ديمقراطية ، حره داخل حدود السودان الجغرافية القائمة الى عام 1934 وذلك بالعمل المتصل

    "أ" الوحدة القومية
    "ب" ترقية الفرد من رجل وامراة
    "ج" محاربة الخوف
    "د" الدعاية للسودان بالعمل الصادق والقول المقتصد
    "و" توطيد العلاقات مع البلاد الاسلامية والبلاد المجاورة بوجه خاص ومع سائر بلاد المعمورة بوجه عام


    العضوية :

    "أ" لكل سودانى او سودانية بلغت من العمر 18 سنة
    "ب" لكل مواطن ولد بالسودان او كانت اقامته فيه لا تقل عن عشر سنوات لم يغادر خلالها البلاد

    مال الحزب :
    يصرف مال الحزب فى تحقيق الاغراض التى من أجلها نشأ الحزب

                  

01-17-2013, 01:11 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الإقتصاد – الإجتماع – التعليم – المرأة

    غاية الحياة انجاب الفرد السعيد وهي هي غاية الحكومة الصالحة .. والفرد السعيد من تمتع بجمال الجسم ، وجمال العقل. ولا يتوفر جمال الجسم ، وجمال العقل للفرد الا إذا حقق فرديته التي ينماز بها عن سائر أفراد القطيع. ولكي يحقق كل فرد فرديته لا بد من الحرية وعلي رأسها الحرية من الخوف. والحرية من الخوف تقوم علي حريتين إثنين هما الحرية من الفقر ، والحرية من الجهل ولكفل هاتين الحريتين اللتين هما إرهاص للحرية من الخوف وجب أن تكون الحكومة إشتراكية ، ديمقراطية. فالإشتراكية للحرية من الفقر ، والديمقراطية للحرية من الجهل ، وهذه الحكومة الإشتراكية الديمقراطية ، هي التي عنيناها "بالجمهورية" و سنتحدث فيما يلي بإيجاز شديد عما نريد بالإشتراكية وبالديمقراطية
                  

01-17-2013, 01:14 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    والحرية هي قضية إنسان اليوم. ثم لأن الإسلام يملك المنهاج الذي يمكن به حل مشكلة اغتراب الإنسان ويمكن تحريره من حالة القلق والاضطراب ..
    فالإسلام علم نفس ، وظف منهاجه لتحقيق الصحة للنفس ، بتحريرها من الخوف والكبت ، الموروث والمكتسب ، وبإطلاقها من إسار العقد النفسية ، وبوصلها بأصلها الذي منه صدرت. ولمقدرة الإسلام علي تحقيق السلام ، ومقدرته علي تبني التراث الإنساني جميعه ، وتلقيحه ، وصقله وتوجيهه .. بهذه المقدرة علي المواءمة والتبني والتصحيح ، فإن الإسلام هو صاحب المدنية المقبلة ، التي تشارك فيها الإنسانية جمعاء الشرق والغرب والجنوب والشمال فهي مدنية إنسانية ، الدين فيها علم وتحقيق ، وهي مدنية تقيم علائق الناس علي السلام والمحبة والصلة.
    هذا الكتاب "قل هذه سبيلي" يعطي نموذج هذه المدنية في تطبيقها في داخل منزلنا السودان وبالتمادي في هذا النموذج يأتي التطبيق في العالم أجمع.

                  

01-17-2013, 01:19 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الإنسان منقسم

    لقد سلفت الإشارة إلى أن الإنسان ، في نشأته ، إنما هو برزخ بين الملائكة الأعلين، والأبالسة الأسفلين.. هو نقطة إلتقاء النور ، والظلام - العقل ، والشهوة - ولقد قررنا إن العقل قد أمر بترويض الشهوة.. وعلى هذا قام التكليف ، وبه ظهر الإنسان ، بعد أن لم يكن.. قال تعالى : ((هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ؟؟)).. و ((هل)) هنا تعني ((قد)) التحقيقية.. فقد مر على الإنسان دهر دهير كان أثناءه يتقلب في مراحل الحيوانية السفلى.. وهو لم يكن يومئذ ((شيئاً مذكوراً)) لأنه لم يكن مكلفاً ، وإنما كان سائماً.. وقانون السائمة إتباع اللذة ، حيث وجدت ، والفرار من الألم ، حيث أمكن.. وقانون المكلف هو قانون الحرام والحلال ، وقانون النهي والأمر.. وهو ، في جملته ، يعني عمل المأمورات ، وإجتناب المنهيات.. وإن كان في هذا وذاك مشقة على النفس ، وحرمان لها من دواعي جبلتها.. وبدخول هذا القانون - قانون التكليف - إنقسم الإنسان.. وبدأ سيره نحو الإنسانية ، مبتعداً عن الحيوانية.. وكل مشقة يحتملها في هذا الإتجاه ، إنما هي منزلة قرب من إنسانيته ، تمثل ، في حد ذاتها ، منزلة بُعد عن حيوانيته.. وهذا ما أشرنا إليه عندما قلنا : أن السلوك ، إنما هو إرتفاع من النفس السفلى ، إلى النفس العليا.. وهو ما قاله العارف ، حين قال : ((سيرك منك ، وصولك إليك))..
    وبالتجافي عن اللذة الحرام العاجلة ، إستجابة لما أوجب الشارع ، وإبتغاء اللذة الحلال الآجلة ، قوي عقل الإنسان ، وقويت إرادته.. قوي عقله لحاجته إلى التمييز بين ما ينبغي و لما لا ينبغي: و قويت إرداته لحاجته إلى السيطرة على دواعي نفسه إلى الإندفاع نحو اللذة الحاضرة ، كما هو العهد بالحيوان.. وبهذا الصنيع إنكبتت رغائب أصبح بها الإنسان منقسم بين عقل كابت ، ورغائب نفس مكبوتة.. وكلمة ((العقل)) هنا تمثل قوة الإدراك ، وقوة السيطرة..
    وإنقسام الإنسان لم يبدأ بظهور قانون الحلال والحرام ، كما جاءت به الأديان ، وإنما بدأ بظهور المجتمع.. وقد سبق ظهور المجتمع ظهور الأديان بآمادٍ سحيقة.. وفي الحق ، إن هذا الإنقسام قد أخذ بداياته منذ ظهور الحياة نفسها.. فإن ظهور المادة العضوية ، من المادة غير العضوية ، ذلك الظهور الذي يؤرخ بدء الحياة ، في صورها البسيطة ، إنما هو إنقسام المادة بين كثيف ، ولطيف.. وقد ظل الكثيف يلطف ، واللطيف يزداد لطافة ، حتى بلغا ، في مرحلة الإنسانية ، أن أصبح اللطيف يمثل العقل ، والكثيف يمثل الجسد.. فلكأن الإنقسام أخذ بداياته بظهور الحياة.. بل إن الإنقسام هو مرادف للحياة.. هو هي.. ولكنه تعقد ، وتشعب ، وترسبت طبقاته ، طبقة فوق طبقة ، بظهور المجتمع الإنساني ، وأعرافه ، وعاداته ، وتقاليده.. ثم إزداد تعقيداً ، بظهور الأديان ، في صورها المعقدة.. وبتوكيد فكرة الغيب فيها ، وبالدعوة إلى الإيمان ، وإلى التوحيد.. وقد عالجنا مسألة الكبت كلها بصورة مفصلة في مقدمة الطبعة الرابعة من كتابنا : ((رسالة الصلاة)) ، بما يغنينا هنا عن الإعادة ، فليراجع في موضعه.. والأمر الذي نريد أن نقرره هنا ، وإن كان قد ورد هناك بتفصيلٍ كافٍ ، هو أن الإنقسام قد كان ، في جميع أطواره ، بدافع من الخوف.. فلولا الخوف ما ظهرت الحياة ، في المكان الأول ، ولولاه ما ترقت الحياة بظهور العقل ، في المكان الثاني.. ولكن الحياة ، مع ذلك ، لن تبلغ كمالها إلا إذا تحررت من الخوف تماماً.. فلكأن الخوف صديق في بدايات النشأة ، عدو في أخرياتها.. ولقد رسب هذا الخوف ، في النفس البشرية ، عقداً لا يحصيها الحصر.. وهي تقع على مستويين : المستوى الموروث في عمر الحياة ، والمستوى المكتسب في عمر الفرد.. وهذه العقد بمستوييها هي الحائل الآن بين الإنسان والعلم.. هي الحجاب القائم بين قلب الإنسان ، حيث الحقائق الأزلية ، وعقل الإنسان ، حيث المرآة التي تتطلع لإنعكاسات هذه الحقائق الأزلية عليها.. وعمل كل العبادة إنما هو محاولة تلطيف هذا الحجاب الحائل ، وذلك بحل هذه العقد ، المكتسبة ، والموروثة.. وإلى هذه العقد بمستوييها ، وإلى كونها حُجباً ، وردت الإشارة بقوله ، جل من قائل : ((كلا !! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا !! أنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون * ثم أنهم لصالو الجحيم * ثم يقال : هذا الذي كنتم به تكذبون)).. قوله : ((ما كانوا يكسبون..)) ، تشير إلى الحيل التي لا تحصى ، والتي دفعنا إلى إتخاذها الخوف على الحياة ، في المكان الأول ، والخوف على الرزق ، في المكان الثاني.. ثم قال ((كلا !! إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون)).. وهو يعني ((بيومئذ)) بدء النشأة الأخرى ، بتحصيل الأعمال المكتسبة في النشأة الأولى.. ذاك يوم ظهور الحجاب بين الرب ، والعبد الجاهل ، على أكثف صوره.. ولكن ((يومئذ)) هذا ليس غائباً اليوم تماماً ، ولا الحجاب غائباً اليوم تماماً.. ثم قال ((ثم إنهم لصالو الجحيم)).. والحكمة المرادة من تصليتهم الجحيم إنما هي رفع الحجاب الذي عجزوا عن رفعه ، بتحصيل العلم ، في النشأة الأولى.. وهذه التصلية هي جزاء وفاق ، وعدل مطلق.. ومن ههنا ، عرف العارفون أن التصلية بالجحيم ، إنما هي مرحلية ، وليست سرمدية.. هي رحمة ، وليست إنتقاماً.. عن ذلك تعالى الله ، علواً كبيراً..



                  

01-17-2013, 01:21 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    رفع الحجب

    وإنما من أجل رفع هذه الحجب القائمة بين العقل والقلب - بين الحادث ، والقديم - جاءت رسالات السماء على ألسنة الرسل البشر : ((ما كان لبشرٍ أن يؤتيه الله الكتاب ، والحكم ، والنبوة ، ثم يقول للناس: كونوا عباداً لي ، من دون الله.. ولكن كونوا ربانيين ، بما كنتم تعلمون الكتاب ، وبما كنتم تدرسون * ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة، والنبيين، أرباباً.. أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ؟؟)) وعلى هذه جاء قول المعصوم : ((تخلقوا بأخلاق الله.. إن ربي على سراط مستقيم)).. وأعلى أخلاق الله ((الأحدية)).. والأحدية هي الصمامة الداخلية ، والخارجية ، التي لا تنقسم ، لبراءتها من الأغيار ، ولخلوها من الفجوات ، ومن الفراغ.. وسبيل الإنسان إلى التخلق ((بالأحدية)) إنما هو التخلق ((بالواحدية)).. والواحدية هي التفرد الذي لا يشبهه شبيه.. وسبيل الإنسان إلى التخلق بالواحدية تجويد التوحيد ، ((لا إله إلا الله)).. وسبيل الإنسان إلى تجويد التوحيد ، تجويد العبادة.. والعبادة معاملة.. والمعاملة ، كالعملة ، ذات وجهين : من أعلاها معاملة الرب.. ومن أدناها معاملة الخلق.. وأعلى معاملة الرب ((الصلاة)).. وأعلى معاملة العبد صلة الرحم.. وليست الرحم هنا قرابة الدم ، (وإن كانت هذه موجودة في أدنى المنازل ) ، وإنما الرحم هنا بمعناها الواسع ، وهي رحم العبودية للمعبود الواحد.. قال تعالى ، في ذلك : ((إن الله يأمر بالعدل ، والإحسان ، وإيتاء ذي القربى.. وينهى عن الفحشاء ، والمنكر ، والبغي.. يعظكم لعلكم تذكرون)).. قمة الصلاة أن تكون صلة بينك ، وبين الله ، حتى تكون معه كما هو معك.. وهيهات.. وقمة المعاملة أن تنشأ الصلة ، بينك ، وبين الأشياء ، والأحياء ، فتتصرف فيها وأنت تتوخى الحكمة التي ترضي خالقها ، في تصريفها.. وهذه دائماً ممكنة ، في مستوى من المستويات ، للعارفين الذين تبلغ بهم المعرفة منازل المحبة - محبة الأحياء ، والأشياء.. وبالمحبة نتحرر من الخوف ، ونتخلص من الحجب ، التي رسبها هذا الخوف ، في صور عقد نفسية..
                  

01-17-2013, 01:23 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    فبتوحيدنا لله إنما نبتغي توحيد بنيتنا.. وأدنى مراتب توحيدنا لله ، من وجهة النظر السلوكية ، العلمية ، تتمثل في وحدة ((الفاعل)).. وبإستيقاننا وحدة الفاعل هذه نتحرر من الخوف.. ونستعيض عنه الثقة ، والطمأنينة ، ورضا البال.. وإنما يكون إستيقاننا وحدة الفاعل هذه بفضل الله ، ثم بفضل الصلاة
                  

01-17-2013, 01:26 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    فنحن في صعودنا في سلم هذا التوحيد لا نخدم غير ذواتنا وذلك بإحراز وحدة بنيتنا.. قوله : ((والعمل الصالح يرفعه)) عنى بالعمل الصالح عمل الخير ، والبر ، بالأحياء والأشياء.. وأعلى ((العمل الصالح)) الذي يرفع ((الكلم الطيب)) ، إنما هو الصلاة.. ولقد قلنا : إن رفع ((الكلم الطيب)) إنما يعني إستيقانه في صدور الذين أوتوا العلم.. ولا يقع الإستيقان إلا بممارسة العمل.. فإذا إستيقنا العلم بالله ، تحررنا من الخوف ، الذي دفعه ، إلى صدورنا ، الحرص على الحياة ، وعلى الرزق ، وجهلنا بحقيقة الأمر ، على ما هو عليه.. وقد قلنا أن أدنى منازل العلم بحقيقة : ((لا إله إلا الله)) ، لدى السالكين ، المجودين ، إنما هو شهود وحدة ((الفاعل)).. فإن نحن شهدنا ، في هذه المرتبة ، قوله : ((قل : لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. هو مولانا.. وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) ، شهوداً ذوقياً ، وآمنا بقوله تعالى : ((كتب عليكم القتال ، وهو كره لكم ، وعسى أن تكرهوا شيئاً ، وهو خير لكم ، وعسى أن تحبوا شيئاً ، وهو شر لكم ، والله يعلم ، وأنتم لا تعلمون)) إيماناً قوياً ، يوشك أن يذهب عنا الحزن ، وأن تطمئن قلوبنا ، وأن نتحرر من الخوف.. ومن أجل هذا التطمين ، الذي هو سبيل التحرير من الخوف ، جاء ، في صدر الآية ، التي تذكر : ((الكلم الطيب)) و ((العمل الصالح)) ، جاء بقوله : ((من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً)).. وهو ، لتوكيد وحدة الفاعل هذه ، قد ساق ، قبل هذه الآية ، آيتين تقرران أنه الفاعل ((للخير)) و ((للشر)) ، قال تعالى فيهما : ((أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً ؟؟ فإن الله يضل من يشاء ، ويهدي من يشاء ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات.. إن الله عليم بما يصنعون * والله الذي أرسل الرياح ، فتثير سحاباً ، فسقناه إلى بلدٍ ميتٍ ، فأحيينا به الأرض بعد موتها ، كذلك النشور)).. هكذا قال ، قبل أن يجئ بالآية التي تذكر : ((الكلم الطيب)) ، ((والعمل الصالح)).. وهاتان الآيتان شديدتا الدلالة ، والوضوح ، أيضاً ، في تقرير وحدة الفاعل.. ثم هو يلحق ، لزيادة هذا التقرير ، بالآية التي تذكر : ((الكلم الطيب)) ، و ((العمل الصالح)) آية ، هي أيضاً شديدة الدلالة ، وشديدة الوضوح ، في أمر وحدة الفاعل ، وهي قوله ، وقد أوردناها من قبل : ((والله خلقكم من تراب ، ثم من نطفة ، ثم جعلكم أزواجاً.. وما تحمل من أنثى ، ولا تضع ، إلا بعلمه.. وما يعمر ، من معمر ، ولا ينقص من عمره ، إلا في كتاب.. إن ذلك على الله يسير))..
                  

01-17-2013, 01:43 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    طريق العودة

    الإنسان عن الله صدر ، وإلى الله يعود.. قال تعالى : ((يا أيها الناس !! إتقوا ربكم ، الذي خلقكم من نفسٍ واحدة ، وخلق منها زوجها ، وبث منهما رجالاً كثيراً ، ونساء.. وأتقوا الله الذي تساءلون به ، والأرحام.. إن الله كان عليكم رقيبا)).. هذه ((النفس)) الواحدة هي ((نفسه)) تبارك ، وتعالى ، في المكان الأول ، ثم هي نفس ((آدم)) ، في المكان الثاني .. وعندما يقول ، سبحانه وتعالى : ((كلا !! إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى * أن إلى ربك الرجعى)) إنما يشير ((بالرجوع)) إلى ((الصدور)) الأول.. وليست الرجعى إلى الله بقطع المسافات ، وإنما هي بالعلم بالله.. هي بتقريب صفات العبد من صفات الرب.. ذلك بأننا نشبهه ، وقد خلقنا على صورته.. هو ، سبحانه وتعالى ، حّي ، وعالم ، ومريد ، وقادر ، وسميع ، وبصير ، ومتكلم.. ونحن ، كل واحد منا ، قد جعله الله حياً ، وعالماً ، ومريداً ، وقادراً ، وسميعاً ، وبصيراً ، ومتكلماً.. بيد أن صفاته ، سبحانه وتعالى ، في نهاية الكمال ، وصفاتنا في طرف النقص.. والمراد ((بالرجعى)) أن نحاول تكميل صفاتنا هذه حتى تنطبق على صفاته.. وهيهات !! وهذا الصنيع هو ، في الواقع ، تكليفنا الأساسي.. بل هو جماع كل التكاليف.. وهذا هو المعبر عنه بقوله ، سبحانه وتعالى : ((وأن إلى ربك المنتهى)).. وهو المراد بقوله ، سبحانه وتعالى : ((يا أيها الإنسان !! إنك كادحٌ إلى ربك كدحاً فملاقيه)).. وهو أيضاً المقصود من قول المعصوم : ((تخلقوا بأخلاق الله.. إن ربي على سراطٍ مستقيم)).. ولقد خلق الإنسان كاملاً في ((الملكوت)) ، ثم رد إلى ((الملك)) ، ليرقى ((بملكه)) إلى (ملكوته) ، فيكون ملكاً في مملكته.. قال تعالى : ((لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات.. فلهم أجرٌ غير ممنون)).. ومعنى عالم ((الملكوت)) عالم ((الأرواح)) - عالم العقول - عالم العلم ، والإرادة.. ومعنى عالم ((الملك)) عالم ((الأجساد)).. وفي عالم الملكوت العلم ، أو العقل ، ظاهر متميز.. وفي عالم الملك العلم ، أو العقل ، كامن في الجسد.. وقد سير الخوف الأجساد في المراقي حتى أبرز منها عقولها ، وعلومها..
    إن الإنسان لم يبرز في عالم الملك مكتملاً ، كما يفهم علماء الدين من ظاهر النص ، وإنما برز بصورة بدائية ، سحيقة في البدائية.. برز في صورة ذرة غاز الهيدروجين.. وهذه هي عبارة : ((أسفل سافلين)) التي أشار إليها تعالى في قوله : (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم * ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا ، وعملوا الصالحات ، فلهم أجرٌ غير ممنون.. ومن : ((أسفل سافلين)) إتخذ الإنسان طريق الرجعى إلى ((أحسن تقويم)).. وفي مرحلة معينة برزت الحياة بعد أن كانت كامنة. وبروز الحياة هو بروز المادة العضوية من المادة غير العضوية.. وأدنى درجات الحياة ، التي نسميها إصطلاحاً حياة ، أن يكون الحي شاعراً بحياته.. وآية ذلك أن يتحرك حركة تلقائية ، وأن يتغذى ، وأن يتناسل بصورة من الصور.. وقد بدأت هذه الحياة بحيوان ((الخلية)) الواحدة..وهذه ((الخلية)) الواحدة إنما تمثل الإنسان ، في منزلة متقدمة من منازل سيره في طريق الرجعى.. وبهذه الخطوة الجليلة ، والخطيرة ، أفتتح عهد جديد.. عهد عظيم.. عهد الحياة ، والموت.. وبعهد الحياة ، والموت هذا ، دخل الخوف في المنطقة.. وبدأت الحياة تنقسم.. وهذه القسمة تمثل بداية ظهور اللطيف من الكثيف .. وهذه هي بداية الإدراك.. وقد كان الإدراك البدائي يتمثل في الحس.. وكان حيوان ((الخلية)) الواحدة ، (إقرأ الإنسان) يحس بكل جسده الرخو.. ثم تعقدت الحياة ، وإرتقت ، ورهف إحساسها بالخطر الذي يتهددها ، فظهرت الحاجة إلى الوظائف المختلفة ، فكان على الجلد أن يتكثف ، ويغلظ ، ليكون درقة ، ودرعاً.. وكان على بعض أعضاء الجسد ، غير الجلد ، أن تقوم بوظيفة الحس.. وهكذا بدأ نشوء الحواس. ونحن ، لطول ما ألفنا الحواس الخمس ، نتورط في خطأ جسيم إذ نظن أن الأحياء قد خلقت ، وحواسها الخمس مكتملة.. والحق غير ذلك ، ذلك بأن الحواس قد ظهرت ، الواحدة تلو الأخرى ، وذلك كلما إرتقت الحياة ، وتعقدت وظائف أعضاء الحي.. ففي البدء كان اللمس بالجسم كله - بالجلد - ثم لما توظف الجلد في الوقاية خصصت بعض الأجزاء في اللمس.. ثم إرتقت وظيفة الحس لما إحتاج الحي للمس الخطر ، والخطر على البعد.. فامتدت هذه الوظيفة امتداداً لطيفاً ، فكان السمع ، ثم كان النظر ، ثم كان الذوق ، ثم كان الشم .. وليس هذا بترتيب ظهور للحواس ، ولا هو بترتيب إكتمال.. فإن بعض الأحياء يحتاج لحاسة معينة ، أكثر من إحتياجه للأخريات ، فتقوى هذه على حساب أولئك ، مع وجود الأخريات بصورة من الصور.. ونشوء هذه الحواس ، وظهورها ، وقوتها ، تمثل منازل معينة ، من منازل حياة الإنسان ، وهي راجعة إلى مصدرها.. ((وأن إلى ربك الرجعى)).. والآن !! فإن الحيوانات العليا ذات خمس حواس.. وإن ، في الإنسان ، الحاسة السادسة ، والحاسة السابعة ، في أطوار الاكتمال.. ولا يكون ، بعد الحاسة السابعة ، تطور في زيادة عدد الحواس ، وإنما يكون تطور في ترقيها ، وكمالها.. وهذا لا ينتهي ، فإنما هو سرمدي.. والحاسة السادسة هي العقل ، حين يقوى ، ويستحصد ، ويوحد معطيات الحواس المختلفة ، حتى يكون ، بقوة هذا التوحيد ، لدى إدراكه لأي شئ ، كأنه يحسه ، ويسمعه، ويراه ، ويذوقه ، ويشمه ، في آنٍ واحد.. وأما الحاسة السابعة فهي القلب.. وفي حين أن وظيفة العقل الإدراك ، فإن وظيفة القلب الحياة.. وجميع الحواس ، وعلى رأسها العقل القوي ، إنما هي خدم لهذه الحاسة.. وهي قد خرجت منها ، في صورة طلائع ، تستكشف الطريق ، وتؤمن خط الرجعى.. وكانت دواعي الخوف كثيرة.. وقد ذكرنا : أن الخوف قد كان صديقاً في ثياب عدو.. والمحاولة ، كل المحاولة ، أن ندرك حقيقة الخوف ، وكيف أنه صديق. وننتهي إلى المواءمة بيننا وبين بيئتنا ، لا العداء ، والمناجزة.. ولا يستقيم لنا ذلك إلا عندما تقوى العقول ، فتدرك الأمر ، على ما هو عليه ، ويومئذ يحل الحب ، والأنس ، محل الخوف.. ويومئذ ينطلق القلب من الانقباض الذي أورثه إياه الخوف ، فيدفع ، بانطلاقته هذه ، دم الحياة قوياً ، إلى كل ذرات الجسد ، وكل خلايا الجلد ، تلك التي كان الخوف قد حجرها ، وجعل منها درقة ، ودرعاً لوقاية الحياة البدائية.. ويومئذ يعود الشعور لكل الجسد ، ويعود الحس المرهف لكل الجلد.. فيكون الجسم حياً كله ، لطيفاً كله ، جميلاً كله.. وتكون أرض الجسد الحي ، يومئذ ، هي المعنية بقوله تعالى : ((وترى الأرض هامدة ، فإذا أنزلنا عليها الماء إهتزت ، وربت ، وأنبتت من كل زوجٍ بهيج..)).. قوله : ((من كل زوجٍ بهيج)) إشارة إلى الحواس.. فإذا بلغنا هذه المرحلة فقد بدأنا نرد المورد الذي عنه صدرنا ، يوم قال عنا ، عز من قائل : ((قلنا أهبطوا منها جميعاً ، فإما يأتينكم مني هدى ، فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون)).. وقد جاءنا هذا الهدى بالتوحيد ، والصلاة : ((إليه يصعد الكلم الطيب ، والعمل الصالح يرفعه..)) وإنما نرد ، بظهور الحاسة السابعة ، مورد الحياة الكاملة.. وليس للحياة الكاملة نهاية كمال ، وإنما كمالها ، دائماً ، نسبي.. وهي منطلقة دائماً ، متطورة دائماً ، تطلب الحياة المطلقة الكمال ، عند الكامل المطلق الكمال - عند الله - وهذا مطلبها السرمدي
    إن التوحيد ، كلمة : ((لا إله إلا الله)) حولها نشأ القرآن.. حتى لقد قيل : أن آيات القرآن جميعاً قد جلست للهاربين من الله في الطرقات ، تردهم إليه ، بوعدها، وبوعيدها.. وإتجه التوحيد إلى تخليص الحي من الخوف.. فبدأ بتوحيد الخوف.. قال تعالى : ((إنما ذلكم الشيطان يخّوف أولياءه.. فلا تخافوهم.. وخافوني ، إن كنتم مؤمنين)).. وجاء : ((رأس الحكمة مخافة الله)).. قال تعالى ، في الخوف من الله ، في المرحلة الأولى ، وفي الخلاص من هذا الخوف ، في المرحلة الثانية : ((الله نزل أحسن الحديث، كتاباً ، متشابهاً ، مثاني ، تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ، ثم تلين جلودهم ، وقلوبهم ، إلى ذكر الله.. ذلك هدى الله ، يهدي به من يشاء.. ومن يضلل الله فما له من هادٍ..)) قوله تعالى : ((تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم)) ، إشارة إلى الخوف الذي ، في أوليات الحياة ، كثف الجلد لحماية الحياة ، كما سبق أن قررنا.. قوله تعالى : ((ثم تلين جلودهم)) ، إشارة إلى الطمأنينة من الخوف التي يثمرها العلم بحقائق الأمور ، حيث ليس للخوف مكان ، وإنما المكان للحب ، والأنس.. ولذلك فقد أشار تعالى بقوله : ((ذلك هدى الله.. يهدي به من يشاء)) ومن لم يهتد إلى العلم بحقائق الأشياء ، كما هي عليه ، فسيظل في خوف مستمر.. ولذلك فقد أشار ، تبارك وتعالى ، بقوله : ((ومن يضلل الله فما له من هاد)).. فكأنه قال فما له من هاد يهديه إلى الأمن من الخوف.. وفي قوله : ((ثم تلين جلودهم ، وقلوبهم إلى ذكر الله)) جماع الأمر.. فإن القلب هو قوام الحياة.. بل هو الحياة.. المعتبرة ، عند الله ، والتي بها فُضل الإنسان ، وساد ، سائر الأكوان.. قال تعالى ، في حديث قدسي : ((ما وسعني أرضي ، ولا سمائي.. وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن)).. وليس الوسع ، هنا ، وسع مكان ، وإنما هو وسع المعرفة.. فإذا ما فاض القلب بهذه المعرفة دفع دم الحياة ، قوياً ، إلى كل ذرات الجسد ، وكل خلايا الجلد.. فحيي الحي الحياة الكاملة ، التي لا يؤوفها المرض ، ولا الموت.. والمعرفة بحقائق الأشياء ، كما هي عليه ، تقول : إن الوجود ، في أصله خير كله.. لا مكان للشر في أصل الوجود ، وإنما الشر في مظهره.. وسبب الشر هو جهلنا بهذه الحقيقة.. ومن ثم ، فليس هناك ما يوجب الخوف ، إلا هذا الجهل.. وليس الجهل بضربة لازب علينا ، وإنما نحن نخرج عنه ، كل حين ، إلى العلم ، وذلك بمحض فضل الله علينا.. قال تعالى : ((هو الذي يصلي عليكم ، وملائكته ، ليخرجكم من الظلمات إلى النور)).. ونحن لا نستطيع أن نبلغ من إستيقان هذه الحقيقة بعض ما نفضي به إلى الحب ، بدلاً من الخوف ، إلا إذا أخذنا من الله بلا واسطة - إلا إذا علمنا العلم اللدني - وليس إلى ذلك العلم من سبيل إلا إذا لقينا الله.. ونحن لا نستطيع أن نلقاه إلا إذا عشنا متحلين بأدب الوقت ، وهو أن نعيش في ((اللحظة الحاضرة)) ، غير مشتغلين بالماضي ، ولا بالمستقبل.. وهذا هو أدب ((القرآن)) الذي يسعى لتأديبنا به.. وهو هو مقتضى التوحيد.. قال تعالى : ((ما أصاب من مصيبة ، في الأرض ، ولا في أنفسكم ، إلا في كتابٍ ، من قبل أن نبرأها.. إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ، ولا تفرحوا بما آتاكم.. والله لا يحب كل مختالٍ فخور * الذين يبخلون ، ويأمرون الناس بالبخل.. ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد)).. وهذا الأدب هو ما من أجل تحقيقه فرضت الصلاة.. بل أنه لهو الصلاة.. وسيرد الحديث عن ((أدب الوقت)) في موضع آخر ، من كتابنا هذا.. وأيسر ما يقال عنه هنا : أن كل الوسائل إنما شرعت لتجعله ممكناً.. ولذلك ، فان المعرفة بحقائق الأشياء ، كما هي عليه ، تقرر أمراً ثانياً وهو: أن الناس أشراك في خيرات الأرض ، وأشراك في تولي السلطة ، لتكون ((وسيلة)) المجتمع قائمة على ((الإشتراكية)) ، و ((الديمقراطية)) وعلى بنتهما الشرعية - العدالة الاجتماعية.. ذلك بأن المجتمع أقوى الوسائل ، بعد وسيلة الإسلام ، ووسيلة القرآن.. وهو لن يبلغ التوسل به إلى تحرير الإنسان من الخوف غايته هذه إلا إذا بُني على أسس تؤمن الإنسان على رزقه ، وعلى حريته ، وعلى كرامته.. ومن ههنا : الإشتراكية ، والديمقراطية.
                  

01-17-2013, 01:48 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الفكر هو طريق العودة.. فليس بيننا وبين الله مسافات نقطعها ، وإنما بيننا وبينه حجب نرفعها.. والفكر هو طريق رفع الحجب.. وهذه الحجب الحائلة بيننا وبين الله تقع في مستويين : مستوى حجب الظلمات ، ومستوى حجب الأنوار. وإنما جاء الدين ، بأوامره ، ونواهيه ، ليؤدب العقل بأدب الشريعة ، وبأدب الحقيقة ، حتى يستقيم ، فلا يميل ، يمنة ، ولا يسرة.. ذلك بأن الجولان السريع بين اليمين واليسار هو آفة الفكر.. فقد كانت النفس صماء ، ففتقها الخوف ، ونتيجة لهذا الفتق نشأ العقل.. والفكر إنما هو وظيفة العقل.. الفكر هو جولان العقل بين الذاكرة والخيال.. أو قل بين النفس ، والروح.. والروح إنما هي الطرف اللطيف من النفس.. وصحيح ، أيضاً ، التعبير بأن النفس إنما هي الطرف الكثيف من الروح. آفة الفكر ، كما قلنا ، هي خفة جولانه بين طرفين : في أحدهما الإفراط وفي ثانيتهما التفريط.. والفكر السليم هو الفكر المستقيم في نقطة الجمع بين الإفراط والتفريط.. ونقطة الجمع بين الإفراط والتفريط هي المسماة بالاستقامة
                  

01-17-2013, 02:04 PM

وليد فتح الرحمن
<aوليد فتح الرحمن
تاريخ التسجيل: 01-10-2013
مجموع المشاركات: 607

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    التحية والخلود لروح الاستاذ الشهيد محمود محمد طه
    والأستاذ فى نظرى هو شهيد الفكرة
    والفكر لا يحارب بالمشانق
    تباً لجماعات الهوس الدينى التى تساند الساسة من اجل مصالحها الدنيوية

    شكر يا منصورى على هذا البوست قيم .. ومتابعين
                  

01-17-2013, 02:22 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: وليد فتح الرحمن)

    تسلم وليد على المرور بي جاي
                  

01-17-2013, 03:48 PM

محمد قرشي عباس
<aمحمد قرشي عباس
تاريخ التسجيل: 03-19-2010
مجموع المشاركات: 3195

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    زمان شدتني دعوة العلامة إقبال لتحرير لغة التصوف من مصطلحاتها القديمة
    و تقديمه كمنهج عملي/تجريبي في علم نفس ينحو للسمو الروحي

    حقيقي بفتكر إن الجزء ده من فكر محمود محمد طه جدير بالتركيز عليه
    لأنه خلافا لأفكاره الخلافيه التانية المشهورة لعلاقتها بالشريعة و السياسة
    عندو تعلق كبير بالفرد في رحلته الدينية نحو المعنى في الحياة
    و ما أفتكر فيها حته ممكن تبقى عجينة عكننه و إختلاف (زي الرسالة الثانية مثلا)
    يا ريت لو تتتطور لمنهج في (السلوك) نحو ممارسة صوفية بلغة حديثة و واضحة

    إستمتعت بالقراءة
    و شكرا ليك
                  

01-17-2013, 06:38 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: محمد قرشي عباس)

    محمد قرشي
    ردك رد زول قارئ حصيف ومفكر
    شكرا على المرور
                  

01-17-2013, 06:52 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    أنا ما عارف الحكاية دي شنو؟ الزول بعد ما ينفذوا فيهو الشنق الجائر.. ممكن يقيسوا ليهو ضغطو، بواسطة طبيب السجن.. لكن قبل اعتلاء خشبة المقصلة بي يقيسوا ليهو ضغطو لى شنو؟ ( اجراءات قالوا) وهل الاجراءات الناس تسلم بيها كدة طوالي
    .........
    حتى مثل صدام حسين، لما اعتلى المشنقة، كان قياس ضغطه قبلها بدقائق عالي، وإن كان هو عليه رحمة الله الواسعة يظهر عليه التجلد والصبر.
    .........
    كان ضغط الأستاذ محمود طبيعياً، بل مثالياً,, ضغط شاب,, ودقات القلب عادية تماماً، كشخص يعمل في أعماله اليومية العادية بدون قومان نفس..
    .....
    إنها المقلصة.. المشنقة .. المـِرْجـَلـَة.. أو قول بلهجتنا السودانية ( المـَرْجـَـلـَة)
    ..........
    لانملك إلا أن نردد مع الشاعر الرباطابي، ود شيوخ خط الرباطاب،وعمد الرباطاب، وحفيد الشهيد موسى اب سن.. ود الباقير.. الشاعر العوض مصطفى أبوسن. مقتطفات من قصيدته الطويلة في الأستاذ محمود
    ..............
    الموقف أكبر من شعري

    الحزن الرابض في صدري

    و الغافل من بالذكر أفاق

    من قبل العاشرة المعلومة أشعل ذكرا في الأفاق

    يملؤني فخرا هذا الشامخ يفتح دربا للإطلاق

    إن ما إشتاق لهذا الصابر في البأساء فلا أشتاق

    المؤمن بالشعب العملاق

    الباذل للروح الغالي و المطلق من قيد الإشفاق

    يكفيني أني عشت زمانا كان له طعم و مذاق

    يكفيني أني كنت جليسك رغم شعور الإبن العاق

    فيا من كان بحضرته و الفكر به قيد و وثاق

    حدثني عن أخبار الشيخ الباسم في وجه الشناق

    هل كنت تشاهد أن الصبر علي البلواء له حذاق

    اليتم المر

    العيش الذل ، الخارج من جوف الإملاق

    الشعب له هذا الإخفاق

    السيف، السوط، الظلم له

    الويل له إن ما ينساق

    يا يوما يكشف فيه الساق

    و يجف لسان الظلم غدا من بهتة ذاك الأمر الشاق

    الرب له فينا ميثاق

    المكر السيء كم لله بأهل المكر السيء حاق

    فسلام يا كنز الأفراح و يا علم الحق الخفاق

    إن كنت رحلت فداء القوم فإني مشتاق مشتاق
                  

01-17-2013, 07:24 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الفكر هو السنة

    لقد كرم الإسلام الفكر كل التكريم ، وأعظمه كل الإعظام.. قال تعالى : ((وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم.. ولعلهم يتفكرون)) قوله ، تبارك وتعالى : ((وأنزلنا إليك الذكر)) يعني القرآن كله.. قوله : ((لتبين للناس ما نزل إليهم)) يعني لتوضح للناس ، بالتشريع ، وبالتفسير ، ما نزل إلى مستواهم من جملة القرآن.. قوله : ((ولعلهم يتفكرون)) هو الغرض المطلوب من إرسال الرسول ، ومن إنزال القرآن ، ومن تشريع الشريعة.. فلكأن الإسلام كله إنما هو نهج لتحرير الفكر ، ولتسديد الفكر.. ولقد قال المعصوم : ((تفكر ساعة أفضل من عبادة سبعين سنة)) ثم إن ((السنة)) النبوية المشرفة إنما كانت نهجاً مرسوماً لمحاربة العادة ، ولإيقاظ الفكر.. يجري هذا منها في أبسط المستويات ، وأيسرها ، مما يستوي في المشاركة فيه الأمي الجاهل ، والمتعلم.. فهو قد كان ، في حركاته وسكناته ، يقدم ميامنه على مياسره.. كان يفضل الميامن ويخصها بالبر.. كان إذا دخل على بيت الخلاء ، مثلاً ، يقدم شماله ، ويؤخر يمينه.. فإذا قضى حاجته ، وخرج ، قدم يمينه.. وكان ، إذا دخل المسجد ، قدم يمينه.. وإذا خرج قدم شماله.. وكان إذا كان قائماً على فراشٍ وثير ، هو أوطأ من النعل ، وأراد أن ينتعل نعله ، قدم رجله اليسرى..و إذا كان الفراش الذي تحت قدميه غليظاً و النعل أوطأ منه قدم رجله اليمنى.. وكان إذا إضطجع إستقبل القبلة ، ويتوسد يده اليمنى.. فبمثل هذا الصنيع البسيط يتحرك الفكر ، وينشط ، وتدخل في الأعمال الروح.. وبهذه البداية البسيطة يسلك السالك لنهج ((السنة)) طريق الحكمة.. ذلك لأن الحكمة إنما هي وضع الشيء في موضعه.. وتفضيل الفاضل على المفضول من الحكمة ، لأنه وضع الأشياء في مواضعها.. وهذه البداية البسيطة تتداعى بنا إلى أعلى القمم ، لأن العبودية ، وهي أعلى مراتب السالكين ، إنما هي وضع الشيء في مكانه ، إنما هي تقديم الفاضل على المفضول ، إنما هي تقديم الرب ، وتأخير العبد.. ولذلك فقد قال زعيم الطائفة الصوفية أبو القاسم الجنيد : ((وقدم إماما كنت أنت إمامه)) يعني قدم ((الله)) ليكون ((إمامك)) وكن أنت مؤتماً به.. وهذه العبودية الرفيعة يوصل إليها الفكر ، حين ينهج نهج ((السنة)) المشرفة ، في بدايتها هذه البسيطة ، الموغلة في البساطة.
    ووضع الأشياء في مواضعها قلنا أنه هو الحكمة.. ونقول أنه هو الشكر أيضاً.. ولقد قرن ، سبحانه وتعالى ، بين الحكمة والشكر ، فقال : ((ولقد آتينا لقمان الحكمة : أن أشكر لله.. ومن يشكر ، فإنما يشكر لنفسه.. ومن كفر ، فان الله غني حميد)).. ثم إنه قال ، عن ندرة ، وعزة ، الشكر : ((أعملوا آل داوود شكراً.. وقليل من عبادي الشكور)).. قوله : ((وقليل من عبادي الشكور)).. يعني أن من العباد من نزلوا بعض منازل العبودية ، وقصروا عن منازل ((الشكر)).. ذلك لأن ((الشكر)) قمة العلم ، وقمة العمل.. فالشكر هو إستعمال النعمة فيما خلقت له .. فكأنه علم بدقائق النعم ، ومقدرة على تنفيذ العمل فيها ، وفق رضوان الله.. ونعم الله لا تحصى.. بل إن نعمة واحدة من نعمه لا تحصى ، قال تعالى : ((وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.. إن الله لغفور رحيم)) قال : ((نعمة الله)) ولم يقل : ((نعم الله))..

                  

01-17-2013, 08:34 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    هناك حديث يقول : ((الصوم ضياء ، والصلاة نور)).. والفرق بين ((النور)) و ((الضياء)) محكي في قوله تعالى : ((هو الذي جعل الشمس ((ضياء)) ، والقمر ((نورا)) ، وقدره منازل ، لتعلموا عدد السنين ، والحساب.. ما خلق الله ذلك إلا بالحق.. يفصل الآيات لقوم يعلمون)).. فالضياء ((النور)) الأصيل.. والنور ((النور)) المعار.. فالجرم ((المضيء)) نوره منه ، كالشمس ، والجرم ((المنور)) نوره مستمد من غيره ، كالقمر.. وعندهم أن الأرض ، والشمس ، والقمر ، من آيات الآفاق تمثل الثالوث المودع في البنية البشرية ، من آيات النفوس.. والله ، تبارك وتعالى ، يقول : ((سنريهم آياتنا ، في الآفاق ، وفي أنفسهم ، حتى يتبين لهم أنه الحق.. أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد ؟؟)) ((فالشمس)) ، من آيات الآفاق ، في مقابلة ((القلب)) ، من آيات النفوس.. ((القمر)) ، من آيات الآفاق ، في مقابلة ((العقل)) من آيات النفوس.. ((والأرض)) ، من آيات الآفاق ، في مقابلة ((الجسد)) ، من آيات النفوس.. ومعنى الحديث : إن الصيام ، إنما هو حظ الروح فهو يشحذ الذكاء ، ويعطيه نفاذاً ، ومضياً.. ومعلوم أن ((البطنة)) تنيم ((الفطنة)).. والصيام ، إنما يشحذ الذكاء ، لأنه يؤثر على الدم ، فينقيه ، ويقلله ويحد بذلك من طيش ، وإندفاعات الشهوة.. وقد جاء في حديث المعصوم : ((إن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم ، فضيقوا مجاريه بالصوم))..فإذا ما شحذ الصوم ذكاء ((روح)) العابد ، ثم إن هذا العابد أقبل على الصلاة ، فإن عقله يكتسب نوراً بتعرضه لضياء الروح ، في أوضاع صلاته المختلفة ، كما يكتسب القمر النور من ضياء الشمس ، وهو ينزل منازله المختلفة. والقمر ينزل أربعة عشر منزلاً ليصير ، في نهايتها ، بدراً كاملاً - سبعة لينتصف فيها بالنور ، وسبعة أخرى ليصير فيها بدراً كاملاً - يحكي ، في الحجم ، جرم الشمس ، حتى لكأنه قد عكس ، - بنوره ، جميع ضيائها. وهذا فيما يرى الرائي.. والصلاة ، في كل ركعة منها ، سبع حركات ، تمثل منازل القمر السبعة.. فأنت إذا كنت سالكاً مجوداً ، وصليت ركعتين ، وفكرك حاضر في صلاتك ، فيجب أن تعلم أن كل حركة ، من حركاتك الأربع عشرة ، تختلف عن الحركة التي سبقتها ، وإن كانت تشبهها ، وما ذاك إلا لأنها بمثابة منزل جديد ينزله قمر ((شريعتك)) ، من شمس ((حقيقتك))..فإذا ما أنت أكملت الركعتين ، فكأنما قد إكتمل بدرك ، كأنما إستضاءت صفحة عقلك ، بنور المعرفة المنبثقة من ضياء روحك فتوازي العقل والقلب..
    هذا الثالوث المتمثل في آيات الآفاق - في ((الأرض)) ، ((والشمس)) ، ((والقمر)) يقابله ، من آيات النفوس : ((الجسد)) ((والقلب)) ((والعقل)).. وقد كانت آيات الآفاق مرتتقة ، فإنفتقت.. كانت ((الأرض)) ، ((والقمر)) ، في ((الشمس)).. قال تعالى ، في ذلك : ((أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما ؟؟)) وكذلك آيات النفوس.. فهي قد كانت مرتتقة.. ((العقل)) ، و ((الجسد)) ، كانا في ((القلب)) فانفتقا عنه.. وينطبق على ذلك باطن الآية ، حين ينطبق ظاهرها على آيات الآفاق.. فنحن نعلم أن النفس الأمارة نفس صماء ، غير منقسمة ، وهي لا تأمر إلا بالشهوة الحاضرة..فإذا ما أخذت في المجاهدة ، بحسب التكليف ، إنفتقت وظهر إنقسامها. . و إنما من هنا - من هذا الإنقسام - نزلت منزلة النفس اللوامة.. وقد برز ((الجسد)) ، و ((العقل)) ، من ((القلب)) ، كما برزت ((الأرض)) ، و ((القمر)) ، من ((الشمس)).. فقد كانت الشمس هي الأصل ، فبرزت من الشمس الأرض ، وبرز من الأرض القمر.. وفي البنية البشرية ، فإن ((القلب)) هو الأصل ، ثم برز من القلب ((الجسد)) ، ثم برز من الجسد ((العقل)).. هذه الثلاث ، في الباطن ، تقابل تلك الثلاث ، في الظاهر.. وقد تحدثنا عن أصل هذه النشأة بتفصيل مناسب في مقدمة كتابنا : ((رسالة الصلاة)) ، الطبعة الرابعة ، مما يغني عن الإعادة هنا.. ولكن ، الذي يهمنا هنا ، هو أن مهمة التوحيد هي أن يوحد هذا الثالوث.. وقد سبق أن قررنا أن التوحيد إنما هو صفة الموحِد ، (بكسر الحاء ) ، وليس هو صفة الموحَد.. وقلنا أن حاجتنا إلى التوحيد هي حاجتنا إلى وحدة قوى البنية البشرية.. والدين يطالب بوحدة هذه القوى ، في أول ما يطالب.. قال تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ؟؟ * كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)) فلكأنه يطالب بوحدة الفكر ، والقول ، والعمل.. وهذه هي صفة الحر الذي إنتصر على الخوف.. وقلنا آنفاً أن التوحيد ، والصلاة ، هما وسيلتنا إلى إستيقان العلم ، الذي به نتحرر من الخوف.. وفي الآية عبر عن ((الصوم)) ((بالصبر)) ، فقال : ((إستعينوا بالصبر والصلاة)) لأن الصوم رياضة تطالب بالصبر عن دواعي الجبلة ، وغرضها ، في ذلك ، تقوية الفكر.. والصبر فضيلة ، في السالك يحتاجها في جميع مقامات العبادة.. وليست في صفات العباد صفة تعادلها.. ولذلك فإنه قد قال : ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)).. كل عامل في الطاعات أجره بحساب ، إلا الصابر ، فإن أجره ((الله)) نفسه.. ومن إشارات الصوفية قولهم ، في هذا المقام ، في جزاء الصابرين : ((قالوا: جزاؤه ؟؟ من وجد في رحله فهو جزاؤه)).. يعنون أن من وجد في قلبه الصبر فإن الله هو جزاؤه.. ((هو)) في الآية إنما يشيرون بها الى ((الله)).. وهذا مأخوذ من قوله تعالى : ((إن الله مع الصابرين)) فإنما تكون ((المعية)) ، في مراتب التنزل ، حسب درجات الصبر.. فالصبر ((لله)) عبادة ، والصبر((في الله)) جهاد ، والصبر ((بالله)) مجاهدة ، والصبر ((مع الله)) معرفة ، والصبر ((عن الله)) محبة.. فالصابر عن الله ، وهو المحب ، تكون ((معية)) الله معه بالذات.. والصابر في درجات الصبر المختلفة ، التي ذكرناها ، إنما تكون ((المعية)) معه بالأسماء ، أو بالصفات ، أو بالأفعال - كل حسب مقامه.. ((وما منا إلا له مقام معلوم))..
    وليس الصوم هو الإمساك عن شهوتي البطن والفرج ، و إنما الصوم التزام بمحاربة العادات ، وإنتصار للفكر ، بدوام الحضور ، حتى ليصبح الصائم حاضراً مع الله ، ومتخلياً عن كل ما سوى الله.. وبإرتقاء درجات الصائم ترتقي درجات المصلي.. حتى إن السالك ، في هذا المستوى ، بالصوم ، وبالصلاة ، ليبلغ مقام من قال ، سبحانه وتعالى ، عنه : ((الذين آمنوا ، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم.. أولئك لهم الأمن.. وهم مهتدون)).. والظلم هنا إنما يعني الشرك الخفي ، الذي عنه قال المعصوم : إنه ليدق حتى يصبح : ((أخفى من دبيب النملة السوداء ، في الصخرة الصماء ، في الليلة الظلماء)).. إن الصلاة وسيلة إلى هذه المقامات ، يعينها في حسن التوسل إليها ، صنوها الصوم ، وهذا هو معنى قوله تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا !! إ:ستعينوا بالصبر ، والصلاة .. إن الله مع الصابرين)).. قوله : ((إستعينوا)) ، يعني إستعينوا على دواعي ((الجبلة)) إلى ((الغفلة)) حتى تخرجوا من ظلام الغفلة إلى نور العلم..


                  

01-18-2013, 08:04 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    Ssss
    لحظات رهيبة يكاد يتوقف فيها الفكر، لكن عند هذا الرجل ، يفكر في خير الناس، حتى عند أحلك الظروف... ثبات كالمعجزة..( الصبر على البلواء له حذاق).. عشان هو دائما يتحدث في كتبه عن إعاشة اللحظة الحاضرة، وعدم التوزع أسفاً على ماضي، أو الخوف من المستقبل.. يعيش دائماً اللحظة التى أمامه، كان حلوة والله مرة. هو طبعا ما بيشوفا مرة.. بمقياسه هو..
    طبعا جمهور غفير، حاضر التنفيذ، أكيد لما ينتكي يتحدث مع السجان الذي وضع حبل المشنقة ، بعدين الناس راح يسألوه، يقولوا ليهو قال ليك شنو؟خاصة المسؤولين الكبار وقتها، وراح تجيهم الطامة والإجابة ، إنو الرجل يفكر في إسعاد الناس والإصلاح لآخر لحظة حرجة في حياته
    ده اسمو توظيف الفكر في اللحظة الحاضرة... وكتب عنو كتيييير في كتبه.
    ........
    ماذا قال للسجان الذي وضع له حبل المرجلة في رقبته!
    .................
    قال له: ( أنا عافي ليك حقي.. لأنو ده أكل عيشك، وعيش أطفالك، لكن يا إبني، ياما بيجوا مظاليم هنا! مظلومين، وأنت تمهد لشنقهم، عشان كدة حقو بعدي ماتشنق زول! حقو تشوف ليك شغلانية تاني تاكل منها عيشك!)
    وقد استجاب الرجل لنصيحة الأستاذ محمود
    وكدا أهدى الأستاذ محمود عملاً صالحاً لفرد وهو في أحلك لحظة بمقياسنا نحن، وأعظم لحظة بمقياسه هو؟ وهي الإصرار على فكر عاشه، وعدم التخلي عنه، وقد توفرت له فرصة كما توفرت.. للأستاذ فيليب عباس غبوش، فرفضها الأستاذ محمود رفضاً قاطعاً،وثبت على أفكاره.. وسما بها فوق جراحات الأيام
                  

01-18-2013, 08:12 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    الصلاة جلسة نفسية

    ما أحوج وقتنا الحاضر إلى الصلاة!! وقتنا الحاضر، وقت الذكاء الحاد، والحس المرهف!! ومع ذلك، وقت القلق، والتوتر، والحيرة.. حيرة الشباب، المتمثلة في مجاميع ((الهيبيز)).. وحيرة الشيوخ، الذين عجزوا عن هداية، وقيادة، أطفال، وشباب الأجيال المعاصرة من أبنائهم.. وقتنا الحاضر، وقت المشاكل النفسية، والأمراض العصبية.. هذه الأمراض التي، من فرط ما تفشت، وذاعت بين الناس، وجدت من يسميها : ((بأمراض المدنية)).. وليست للمدنية أمراض، وإنما المدنية صحة للقلوب، وللعقول، وللأجساد.. ولكن وقتنا الحاضر هو وقت الحضارة الغربية التي جعلت وكدها الإنتاج، والإستهلاك.. وهي، في سبيل مواصلة الإنتاج، تدعو إلى المزيد من الإستهلاك، وتدعو بوسائل الإعلان المختلفة لطرائق الإستهلاك المختلفة، حتى لقد ازدادت حاجات الإنسان، لحد جعله في خوف دائم من العجز عن تحصيل هذه المطالب، التي أوهمته الحضارة المادية، الآلية، الحاضرة، أنها حاجة حياة، أو موت، بالنسبة إليه، وإلى أسرته..
    إنني لا أشكو من الوضع الحاضر، ولا أرفض الحضارة الغربية ((التكنولوجية)) المادية.. بل، على العكس، فإني لأرحب بها، وأعتبرها مرحلة هامة جداً من مراحل تطور الفرد، والمجتمع البشري.. وأعتبر أن القلق، والحيرة، والرفض الذي ساقتنا إليه، إنما هو علامة صحة، وليس علامة مرض.. هو علامة صحة لأنه يرشدنا لأصل المرض، وما ذاك إلا لجهلنا بحقيقة البيئة التي نعيش فيها، وعجزنا، من ثم، عن المواءمة بين حياتنا وبينها..
    لقد ظللنا، نحن البشر، دائماً نحاول التعرف على بيئتنا، ونحاول، على هدى من هذه المعرفة، أن نوجد نوعاً من التوافق، والتناسق بين حياتنا وبين هذه البيئة.. وقد بدأنا من مكان بعيد.. لقد مضى وقت كنا نعتقد فيه أن البيئة الطبيعية، المادية، التي نعيش فيها هي عدو لنا، شديدة العداوة.. وقد ملأتنا عداوتها، وشكاستها، وأنيابها الزرق، ومخالبها الحمر، بالخوف الشديد، الذي تحدثنا عنه، في مقدمة كتابنا هذا، وفي العديد من كتبنا، باستفاضة.. وكنا، دائماً، ولا نزال، نخدع بالمظهر، ونذهل عن المخبر.. ونحن، اليوم، وفي مجتمع حضارة ((القرن العشرين))، نقف في مفترق الطرق.. فإن هذه البيئة الجديدة، التي قد طورها تقدم الآلة، تطويراً يشبه القفزة، تواجهنا بتحد حاسم.. هذا التحدي يعرض علينا إحدى خصلتين : إما أن نرتفع إلى مستوى المواءمة بين حياتنا، وبين بيئتنا، وإما أن ننحدر إلى الهاوية، فيكون مصيرنا مصير الأحياء التي عجزت عن المقدرة على المواءمة بين حياتها وبين البيئة.. إننا، بفضل الله، ثم بفضل هذا التقدم ((التكنولوجي))، قد أصبحنا نعيش في كوكب موحد جغرافياً، وأصبحنا، بفضل هذا التقدم ((التكنولوجي))، جيراناً متقاربين، مهما بعدت أقطارنا، في أطراف هذا الكوكب الصغير.. وأصبح علينا أن نتحلى بالأخلاق التي تليق بحسن الجوار.. أصبح علينا أن نتوحد أخلاقياً، كما توحدنا مادياً.. وبفضل الله، ثم بفضل العلم المادي، الذي هو سمة هذه الحضارة، وضحت لنا الوحدة التي تنتظم المظاهر المختلفة.. وضح لنا أن المادة التي مظهرها التعدد جوهرها الوحدة.. بل إن العلم التجريبي قد أظهر لنا أن المادة، كما تظهر ليست هناك، وإنما هي طاقة.. طاقة تدفع، وتجذب.. هذه الطاقة يسميها الدين ((الإرادة)).. إرادة الله، خالق الأكوان، وخالق الإنسان، وجاعل الأكوان مطية للإنسان، بها يرتفق ليبلغ منازل كماله.. إن حاجتنا إلى ((الدين)) اليوم قد برزت، بفضل الله، ثم بفضل هذه المشاكل التي تواجهنا بها هذه الحضارة الغربية المادية.. نريد الآن أن نقف لنراجع ما رسبته فينا الجهالات الماضية، من عقد نفسية أخذت تنطلق، في وقتنا الحاضر، بغير قيد، وبغير عقال.. وهنا تبدو حاجتنا إلى الصلاة.. إن الصلاة جلسة نفسية بهذا المعنى.. هي منهاج يعطينا الفرصة إلى أن ننفصل عن ((الدوامة)) الحاضرة، وأن نكون في ((خلوة)) نجد فيها السبيل إلى النظر في ((داخلنا)) فإننا نعرف عن عالمنا ((الخارجي)) أضعاف، أضعاف ما نعرف عن عالمنا ((الداخلي)) - عن نفوسنا - فإن البيئة التي نعيش فيها هي بيئة روحية، ذات مظهر مادي.. هذه حقيقة ظهرت لنا، لأول مرة، عن طريق العلم التجريبي، وأيضاً عن طريق الدين.. إننا نحن نعيش محاطين بالمظاهر الإلهية.. ولكي نعيش في ((سلام)) فقد وجب علينا أن نعرف ((الله))، وأن نعرف أسرار صنعه فينا، هذا الصنع الذي هو بيئتنا التي نعيش فيها الآن.. وقد ظللنا دائماً نعيش فيها، ولكننا نجهلها، تمام الجهل.. فإذا حققنا، وصححنا علمنا بها فسيعيننا هذا العلم الجديد على أن نرجع لمناقشة هذه العقد النفسية، الموروثة، والمكتسبة، التي رسبها فينا الجهل.. نناقشها، ونصححها، ونسلط عليها النور لتخرج من ظلامها، وسجنها، إلى نور الحياة، وحركة الحرية.. ويومئذ تنبعث الحياة الحرة، الكاملة، في بنيتنا، على النحو الذي بيّنا في هذه المقدمة..
    وسر صنع الله في كونه هو الحكمة.. قال تعالى فيها : ((وما خلقنا السموات، والأرض، وما بينهما، لا عبين * ما خلقناهما إلا بالحق.. ولكن أكثرهم لا يعلمون)).. قوله ((ما خلقناهما إلا بالحق)) يعني إلا بالحكمة.. والحكمة هي وضع الأشياء في مواضعها.. الحكمة هي ((نهاية العلم)) و ((نهاية الرحمة)).. وقد تكون الرحمة في صورة عذاب، ولكن الحكمة وراء العذاب، كالحكمة وراء الدواء المر.. المراد منه الشفاء من العلة.. ولكننا نحن كالأطفال.. فالطفل العليل يرفض الدواء لمجرد أنه مر.. ويجهل أن وراء مرارته حلاوة العافية.. ونحن إنما نرفض العذاب بنحو من هذا الجهل.. ولذلك فقد قال تعالى : ((كتب عليكم القتال وهو كره لكم.. وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.. وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرٌ لكم.. والله يعلم.. وأنتم لا تعلمون)).. هذا هو موطن الآفة : ((والله يعلم وأنتم لا تعلمون)).. ولذلك فقد وجب الإيمان بما لا نعلم، ريثما نعلم.. والإيمان أصل في العلم، وأصل في الدين.. بل الحقيقة أن العقل الذي يعرف قدر نفسه لا يمكن أن يرفض شيئاً لمجرد أنه لا يجد العلم به، عتيداً عنده.. بل أن الواجب يقضي، إذا جهلنا شيئاً، أن نؤمن به، ريثما ينكشف لنا حقه من باطله.. وأما رفضنا إياه قبل ذلك، إنما يمثل جهلاً بحقيقة أنفسنا، وينطوي على إدعاء كبير، إذ نجعل عقولنا حكماً على الأشياء.. وهذا ما يحصل من أحدنا دائماً. ولذلك فقد أصبحنا محتاجين إلى منهاج يروض العقول على التواضع، وعلى المحايدة، وعلى البراءة من الغرض.. إن مثل هذا العقل المؤدب هو وحده الذي يدرك القانون - قانون الحق - الذي به خلق الله السموات، والأرض : ((ما خلقناهما إلا بالحق)).. يعني ((بالحق)) ((القانون)).. وقديما قال أرسطو : ((إن القانون هو العقل الذي لا يتأثر بالرغبة)).. هذا هو القانون الكلي.. وهو إنما يحكي صورة العقل الكلي.. ونحن إنما نحاول أن نسير بعقولنا خلف العقل الكلي.. أليست التوصية : ((تخلقوا بأخلاق الله)) ؟؟ وبقدر ما تحاكي عقولنا العقل الكلي، بقدر ما ندرك من دقائق هذا القانون، الذي ما هو إلا أثره، وصنعه.. وبقدر ما ندرك من دقائق هذا القانون، بقدر ما تسير حياتنا في مواءمة معه.. فنبلغ بذلك الأمن، ونستمتع بالحرية من الخوف، ونطلع على دقائق الغيب.. ونصحح عقد الماضي فننغم هذا التصحيح من التشويش الداخلي..
    فالصلاة جلسة نفسية بمعنى أنها فرصة للنظر الداخلي، ولمناقشة العقد النفسية المكبوتة في طبقات العقل الباطن.. وفي التعريف العرفاني، السلوكي، العلمي، فإن للعقل سبع طبقات، تعرف بالنفوس السبع.. وقد ورد ذكرها جميعها في القرآن : أولها النفس الأمارة، ثم النفس اللوامة، ثم النفس الملهمة، ثم النفس المطمئنة، ثم النفس الراضية، ثم النفس المرضية، ثم النفس الكاملة.. وهذه النفوس السبع إنما هي درجات في مراتب الإدراك التي بها يطلع العقل على الحقائق، ويعرج في سمواتها، وذلك بفضل الله ثم بفضل العبادة المجودة، وأعلاها الصلاة.. وإنما عن الصلاة قال، جل من قائل : ((فاصبر على ما يقولون!! ‍‍ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى)) في هذه الآية عنى بـ ((سبح)) ((صل)).. وقد أورد فيها الأوقات الخمسة في اليوم والليلة.. ثم قال : ((لعلك ترضى)).. والرضا المقصود هنا إنما هو بربوبية الرب، وهو التسليم له، وزيادة.. هذا الرضا هو تعبير آخر عن التواؤم مع البيئة، والملاءمة والاتساق، وهذا ما به نحصل على الطمأنينة، وبرد الراحة، والتخلص من الخوف.. فالصلاة جلسة نفسية بهذا المعنى..
                  

01-18-2013, 08:19 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    أدب الوقت

    قد جعل الله لكل شئ وقتاً.. قال تعالى : ((إنا كل شئ خلقناه بقدر * وما أمرنا إلا واحدةً ،كلمحٍ بالبصر)).. والأمر هو القضاء ، وأعلاه سر القدر.. وسر القدر : أن مصير الأشياء ، والأحياء ، إلى الخير المطلق.. لأن سر القدر في ((الذات)) ، وليس ((عند الذات)) إلا الخير المحض ، فليس للشر هناك مكان.. والقدر هو تنفيذ القضاء في الزمان ، والمكان.. وهذا التنفيذ هو ما أشارت إليه الآية : ((إنا كل شئ خلقناه بقدر..)).. وقال تعالى : ((هو الذي خلقكم من طين ، ثم قضى أجلاً.. وأجل مسمى عنده.. ثم أنتم تمترون)) وهذه الآية هي في معنى قوله تعالى : ((ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك ، وجعلنا لهم أزواجاً وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله.. لكل أجل كتاب * يمحو الله ما يشاء ، ويثبت.. وعنده أم الكتاب)).. قوله من الآية السابقة ((ثم قضى أجلاً)) هو بمعنى قوله : ((يمحو الله ما يشاء ، ويثبت)). وأما قوله : ((وأجل مسمى عنده)) فهو يعني ، ((وعنده أم الكتاب)).. وفي الآيتين إشارة للتطور ، والتحول ، والترقي.. وفي مضمار الترقي ، في الزمن ، جاءت الإشارة بقوله : ((الله الذي رفع السموات بغير عمدٍ ترونها.. ثم إستوى على العرش.. ######ر الشمس ، والقمر ، كل يجري لأجل مسمى.. يدبر الأمر ، يفصل الآيات ، لعلكم بلقاء ربكم توقنون)).. والأجل هو ((الزمن)).. و((الزمن)) أكبر خلق الله.. ((الزمن)) هو الكون كله.. ونحن ، البشر ، قد خلقنا الله لنعبده.. وخلق لنا الكون لنسير به إليه وهو قد قال : ((خلقت الإنسان لي ، وخلقت الأكوان للإنسان)).. وهذا في معنى الحديث القدسي : ((ما وسعني أرضي ولا سمائي ، وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن)).. فالإنسان مطية الله.. والأكوان مطية الإنسان.. ثم إننا في بدء نشأتنا ، وقد إحتوشتنا ظلمات الجهل ، قد سيرتنا العناصر الصماء إلى الله كرهاً.. ونحن ، كلما خرجنا من جهلنا إلى مقام علمنا ، آثرنا الله ، وأخترناه ، وسرنا إليه طوعاً ، وأصبحت العناصر وسيلتنا ، ومطيتنا ، في السير إليه.. وسيرنا إلى الله إنما يكون بالإنتصار على ما يستعبدنا من العناصر ، لأن سيرنا إلى الله ، إنما هو العبودية.. والعبودية هي الإنعتاق من كل رق لغير الله.. ونحن الآن ، وفي مرحلة كبيرة من مراحل تطورنا ، لا تزال تسترقنا العناصر.. وأكبر عنصر له علينا أكبر سلطان إنما هو عنصر ((المكان)) و(( الزمان)).. أو قل ، إن شئت ، هو عنصر ((الزمان)) ، فما ((المكان)) إلا مظهر ((الزمان)).. والإنسان في عصر الفضاء الحاضر يشعر بالحاجة إلى الحرية من سلطان الزمان ، ولذلك فإنه يطور في أدوات نقله ، وإنتقاله ، يريد أن يبلغ بها من السرعة ما يلغي الزمان ، بالغاء المكان.. هو يبتغي الحرية.. ولكنه يخطئ السبيل إليها.. وسلطان ((الزمان)) هذا القاهر ، هو الذي طوع للماضين أن يشركوه مع الله.. وذلك حين قالوا ، فيما حكى الله لنا في القرآن : ((وقالوا : ما هي إلا حياتنا الدنيا.. نموت ونحيا.. وما يهلكنا إلا الدهر.. وما لهم بذلك من علم.. إن هم إلا يظنون)).. إن الدين هو وسيلتنا للحرية ، من ((الزمان)) ، و ((المكان)) ، لا الآلة.. ومحاولة تحرير الدين لنا من إستعباد ((الزمن)) إيانا هي جوهر الحكمة في أن للعبادات أوقاتاً محددة تؤدى فيها.. فللشهادة - ((لا إله إلا الله ، محمد رسول الله))ـ وقت.. فهي تجب عليك حين تبلغك دعوة الرسول ، من الرسول ، أو ممن هم على قدمه في الإتباع.. قال تعالى : ((لقد جاءكم رسول ، من أنفسكم.. عزيزٌ عليه ، ما عنتم.. حريصٌ عليكم.. بالمؤمنين ، رءوفٌ رحيم * فإن تولوا فقل : حسبي الله !! لا إله إلا هو.. عليه توكلت.. وهو رب العرش العظيم..)).. فإذا أوفيت بالشهادة ، وهي الركن الأول من الإسلام ، وجبت عليك بقية الأركان.. ولكل ركن منها وقت.. فللصلاة أوقات.. قال تعالى : ((فإذا قضيتم الصلاة فأذكروا الله قياماً ، وقعوداً ، وعلى جنوبكم.. فإذا إطمأننتم فأقيموا الصلاة.. إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا)).. قوله ((كتاباً)) يعني فرضاً.. قوله ((موقوتا)) ، يعني له وقت يؤدى فيه.. وقد تحدثنا عن أوقات الصلاة في هذا الباب.. وللصوم أيضاً وقت.. قال تعالى ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ، كما كتب على الذين من قبلكم ، لعلكم تتقون * أياماً معدودات ، فمن كان منكم مريضاً ، أو على سفر ، فعدة من أيام أخر.. وعلى الذين يطيقونه فدية ، طعام مسكين.. فمن تطوع خيراً ، فهو خيرٌ له ، وإن تصوموا خيرٌ لكم ، إن كنتم تعلمون * شهر رمضان ، الذي أنزل فيه القرآن ، هدى للناس ، وبينات من الهدى ، والفرقان.. فمن شهد منكم الشهر فليصمه.. ومن كان مريضاً ، أو على سفر ، فعدة من أيامٍ أخر.. يريد الله بكم اليسر.. ولا يريد بكم العسر.. ولتكملوا العدة.. ولتكبروا الله على ما هداكم.. ولعلكم تشكرون)) ثم هو ، في داخل شهر رمضان ، له وقت.. من طلوع الفجر ، إلى غروب الشمس.. قال تعالى : ((وكلوا وأشربوا ، حتى يتبين لكم الخيط الأبيض ، من الخيط الأسود ، من الفجر ، ثم أتموا الصيام إلى الليل..)).. وللزكاة وقت.. وهو مرور الحول.. قال تعالى : ((وهو الذي أنشأ جنات معروشات ، وغير معروشات.. والنخل ، والزرع ، مختلفاً أكله ، والزيتون ، والرمان ، متشابهاً ، وغير متشابه.. كلوا من ثمره إذا أثمر ، وآتوا حقه ، يوم حصاده.. ولا تسرفوا.. إنه لا يحب المسرفين)).. وللحج وقت.. قال تعالى : ((الحج أشهر معلومات.. فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ، ولا فسوق ، ولا جدال ، في الحج.. وما تفعلوا من خير يعلمه الله.. وتزودوا !! فإن خير الزاد التقوى.. وإتقوني ، يا أولي الألباب !!)) وحين كان لكل عبادة وقت ، فإن لكل عبادة علم ، لا تصح إلا به.. ومن ثم ، فإن كل عبادة علم ، وعمل بمقتضى العلم.. والعلم الذي لا تصح العبادة إلا به هو فرض عين ، على كل عابد.. فمثلاً هيئة الوضوء علم لا يصح الوضوء إلا به.. وهو فرض عين على كل عابد.. وهيئة الصلاة علم لا تصح الصلاة إلا به.. وهو فرض عين على كل عابد – أعني على كل مؤمن – ولكل علم أدب.. ولا ينتفع منه إلا به.. وروح كل العلوم الإخلاص فيها لوجه الله.. ولذلك فقد قال : ((ألا لله الدين الخالص..)) وقال : ((إليه يصعد الكلم الطيب.. والعمل الصالح يرفعه)).. و((الكلم الطيب)) ، هو التوحيد ، هو الإخلاص ، هو الصدق. . و((العمل الصالح)) كل عمل مجود ، مراد به وجه الله.. سواء ، أكان عبادة أو معاملة.. وبالعلم النافع ، والعمل المخلص ، تتم العبودية.. وبتمام العبودية يتم التحرير ، والإنعتاق ، حتى عن الزمان ، والمكان .. ولكي نصل إلى هذه الغاية لا بد أن نوفي بأدب الوقت ، في كل عبادة..
    هناك الشريعة ، والطريقة ، والحقيقة.. فأما الشريعة فهي قاعدة التكليف العام ، وهي أدنى درجات التكليف ، على المؤمن.. وأما الطريقة فهي النهج المؤكد الذي كان يلتزمه النبي ، في خاصة نفسه.. وهي ، من ثم ، سنة النبي.. والسنة شريعة ، وزيادة .. وأما الحقيقة في حالة القلوب التي تكون عليها من المعرفة بالله ، نتيجة للعمل بالشريعة، أو للعمل بالطريقة ، حسب مقتضى الحال.. فإن كل عمل بالشريعة ، أو بالطريقة ، يثمر حالاً.. إلا إذا كان عملاً باطلاً .. ولقد وردت هذه الثلاث في حديث المعصوم ، حين قال : ((قولي شريعة ، وعملي طريقة ، وحالي حقيقة )).. والشريعة هي تكليف ((المؤمن)).. وهي ، من ناحية الإلزام ، قصاراه.. وهي ، بالنسبة ((للمسلم)) ، تكليف في بداية أمره.. وهي ، بالنسبة إليه ، منفتحة على الطريقة.. ((فالمسلم)) شريعته السنة .. ثم أن الطريقة منفتحة على الحقيقة.. ومعنى إنفتاح الطريقة على الحقيقة : أن المسلم مطلوب منه الترقي المستمر ، من نهج الشريعة ، إلى نهج الطريقة ، إلى نهج الحقيقة.. وفي نهج الحقيقة ، إذا سدد ، و جود ، يدخل في مقامات الشرائع الفردية.. فتكون شريعته طرفاً من حقيقته.. وهذه هي العبودية.. فإنه ، في مرتبة العبودية ، الطرق إلى الله بعد أنفاس الخلائق.. تبلغ كل هذه المراتب بمراعاة الأداب في العبادة.. فإنه قد قيل ، كما سلفت الإشارة : ((أن العبد ليصل بعبادته إلى الجنة ، ويصل بأدبه في عبادته ، إلى الله..))..
    هناك ((أدب وقت)) لكل مستوى من المستويات الثلاث.. هناك ((أدب وقت)) في مستوى الشريعة ، و ((أدب وقت)) في مستوى الطريقة ، و ((أدب وقت)) في مستوى الحقيقة.. والتفاوت تفاوت مقدار ، كما هو واضح.. والقاسم المشترك بين آداب الحضرات الثلاث إنما هو الحضور في الوقت.. وليس لإتقان الحضور نهاية فيبلغها ، قال تعالى : ((فلا تعجل عليهم ، إنما نعد لهم عدا)).. قال الحسن البصري : ((نعد لهم الأنفاس الطالعة ، والنازلة)).. فالإنسان محاسب ، على كل جزئية ، من جزئيات حياته.. فيم صرفها ؟؟ وفي قول الله تعالى : ((ثم لتسألن ، يومئذ ، عن النعيم)).. قال بعض العارفين : النعيم هو العمر ، منذ أن إستهل الإنسان صارخاً يوم ميلاده ، وإلى أن يضم في أكفانه.. يسأل عن كل شئ.. وقمة ((أدب الوقت)) ، في هذا المستوى ، هو قول الله تعالى ، عن حالة النبي ، في تلك الجمعية الكبيرة ، التي إتفقت له في المعراج : ((إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى)).. قوله تعالى : ((ما زاغ البصر وما طغى)).. يعني : قد توقف جولان الفكر بين الماضي ، والمستقبل.. يعني : أن النبي قد تم له رفع حجاب الفكر : وخرج ، بذلك ، عن حكم ((الزمان)) ، و ((المكان)).. تحرر من أكبر العناصر ، فأكتملت له العبودية لله ، بهذا الإنعتاق الكبير ، من رق العناصر .. وإنما يحقق هذا المقام بإتقان الأدب في الشريعة ، وفي الطريقة.. وأول ((أدب الوقت)) في الشريعة التوبة .. والتوبة تجب على كل مسلم.. وهي بمثابة الدخول في الإسلام ، من جديد ، ولذلك فيحسن بالإنسان المجدد للتوبة أن يغتسل بنية تجديد إسلامه.. وللتوبة ثلاثة أركان : الإقلاع الفوري عن الغفلة ، والندم على ما مضى منها ، والإصرار على عدم العودة إليها.. فإذا صحت للإنسان التائب هذه الأركان الثلاثة ، لا تضره العودة إلى الغفلة ، وإن حصلت ، وإن تكرر حصولها.. ويمكنه أن يعود للتوبة كل حين ، بشرط واحد ، هو أن تصح له الأركان الثلاثة ، دائماً .. فإنه وارد في الحديث : ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، والتائب من الذنب ، وهو مصر عليه ، كالمستهزئ بربه..)) فإذا تمت التوبة فإن ((أدب الوقت)) الإشتغال بالواجب المباشر.. فإن كان الذي يلي التائب ، فور توبته ، هو حضرة ((الإحرام)) ، مثلاً ، فقد وجب عليه أن يدخل فيها لأول الوقت.. وأن يستعد لها بالطهارة قبل الدخول فيها.. وقد وصفنا لك هيئة حضرة ((الإحرام)) في هذا الباب من الكتاب.. وإن كان الواجب المباشر الذي يلي التائب هو حضرة ((السلام)) فقد وجب عليه الدخول فيها فوراً .. وأدنى ((أدب الشريعة)) في حضرة ((السلام)) ((كف الأذى)) عن الناس.. ثم ، إن أنت زدت ، وهذا أدخل في ((الطريقة)) ، فإنك تحتمل أذى الناس.. ثم ، إن أنت زدت ، وهذا أدخل في الحقيقة ، فإنك توصل الخير إلى الناس ـ تكف الأذى ، وتحتمل الأذى ، وتوصل الخير إلى الناس.. ولما كان غرض حضرتي الصلاة ـ حضرة ((الإحرام)) وحضرة ((السلام)) ـ هو الحضور مع الله ، بمعنى أن يكون النفس ، الطالع والنازل ، في سبيل الله.. فإن ((أدب الوقت)) فيهما يقضي بالمراقبة ، والمحاسبة .. وأهم أعمال العابد لقمة عيشه.. فيجب أن يصر إصراراً شديداً على تنقيتها من الشوائب.. فإنهم قد قالوا : ((من أكل الحلال أربعين يوماً إنبثقت الحكمة ، من قلبه على لسانه..)) وقالوا : ((من أكل الحلال أطاع الله ، أراد أو لم يرد ، ومن أكل الحرام عصى الله أراد او لم يرد)).. وهذا أمر واضح.. فإنه ، ما دام الدم الذي يجري في شرايينك دم خطيئة ـ دم كسب حرام ـ فإنه لا يمكن الا أن يسوق إلى حرام .. وفي وقتنا الحاضر ـ وسيقوم هذا ببالك ـ في حكم المستحيل أن يكسب الإنسان عيشه من حلال.. فإن وقتنا الحاضر هو الذي أشار إليه النبي حين قال : ((في آخر الوقت القابض على دينه كالقابض على الجمر)).. ولكن ، مع ذلك ، فإن الخير كثير وعميم لمن يتعرضون له .. فإنه ، في وقت الغفلة ، أجر التائبين ، المجاهدين ، مضاعف.. وفي آخر حديث المعصوم ، عن الأخوان ، والأصحاب ، وقد أوردناه في موضع آخر ، قال : ((قوم يجيئون ، في آخر الزمان ، للعامل منهم أجر سبعين منكم.. قالوا : منا أم منهم ؟؟ قال : بل منكم !! قالوا : لماذا ؟ قال : لأنكم تجدون على الخير أعوانا ولا يجدون على الخير أعوانا !!)) وإنه لمن سعة الرحمة قول المعصوم : ((لو كانت الدنيا دماً ((عبيطاً)) ما أكل المؤمن منها إلا حلالاً)).. والدم ((العبيط)) هو أحد المحرمات الأربعة الواردة في قوله تعالى : ((قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه ، إلا أن يكون ميتة ، أو دماً مسفوحاً ، أو لحم خنزير ، فإنه رجس ، أو فسقاً أهل لغير الله به.. فمن أضطر ، غير باغ ، ولا عاد ، فإن ربك غفور رحيم ..)).. فالدم العبيط هو الدم ((المسفوح)).. وإنما مأخذ الحديث من هذه الآية.. والمؤمن ، في جميع حالاته ، لا يأكل إلا حلالاً لأنه لا يتناول إلا الكفاف.. وتناوله الكفاف ، وإقتصاره عليه ، يجعله في حكم المضطر ، غير الباغي ، ولا العادي.. ولقد تحدث المعصوم عن هذا المؤمن ، في موضع آخر : ((حسب المؤمن من الزاد لقيمات يقمن صلبه )) فالتائب ، المجاهد ، في وقتنا الحاضر ، يمكنه أن يحرز الرزق الحلال ، إذا عمل بإخلاص ، وصدق ، في مجال العمل الذي يكسب منه قوته.. فإذا كان موظفاً ، أو عاملاً ، فيجب عليه ألا يرضى الوظيفة في عمل يحرمه الشرع ، كبيع الخمر ، مثلاً .. أو صنع الخمر ، أو بيع الكلاب ، أو تربية الخنازير .. ثم أنه ، حين يقبل ((العمل)) ، ((بالمرتب)) المخصص له ، يجب عليه أن يتفانى في أدائه ، وأن يحاسب نفسه على تجويد الأداء ، سواءً ، أكان عليه رقيب من أصحاب العمل ، أم لم يكن .. فإن ((الله)) هو ((الرقيب)).. عليه أن ينتج أكثر مما يتوقع منه أصحاب العمل ، حين خصصوا له ((المرتب)).. ثم هو ، ليستوثق من حل اللقمة ، فإن عليه لأن يزكي دخله.. ولا أعني الزكاة الشرعية ، ذات المقادير ، وإنما أعني أن ((يتصدق)) من دخله ، على من هم في حاجة ، بغرض أن تكون هذه ((الصدقة)) غاسلة ، ومطهرة ، لبقية كسبه ، الذي يستهلكه هو ، ومن يعول.. وعليه ، حين يعطي هذه الصدقة ، ألا يشعر بإستطالة المحسن ، وإنما يشعر بإنكسار الشاكر لله ، على أن وفقه ذلك التوفيق.. ثم ، بعد هذه الحيل ، في تنقية الكسب ، عليك أن تأخذ الكفاف ، وألا تسرف.. لأن الكفاف ، من الدنيا ، دين.. ولذلك فقد كان المعصوم يقول : ((اللهم أجعل قوت آل محمد الكفاف)).. وهو ، بالطبع ، لا يدعو هذا الدعاء بدافع الخوف ألا يعطى الكفاف ، وإنما بدافع الخوف أن يعطى أكثر من الكفاف.. فإنه ، قد قال ، في موضع آخر : ((ما أحب أن يكون لي مثل جبل أحد ذهباً ، أنفقه جميعاً في سبيل الله ، إلا ثلاثة دريهمات أرصدهن لدين !!)).. فهو ، إذن ، حين دعا الله أن يجعل قوته ، وقوت آله ، الكفاف ، يأتيه كل يوم ، إنما أراد أن يكون مخزنه عند الله ، لأنه أوثق بما عند الله ، منه بما في مخزنه هو.. يدل على هذا قوله ، في موضع آخر : ((لو توكلتم على الله ، حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير.. تغدو خماصاً ، وتروح بطانا !!))
    ومن ((أدب الوقت)) قلة الطعام ، وقلة المنام ، وقلة الكلام.. والمقصود من ذلك فإنما هو محاربة ((الفضول)).. فإن الفضول لا تهدي إلى الخير ، وإنما تهدي إلى ((الغفلة)) والبعد.. ومن ((أدب الوقت)) قصر الأمل.. وهذا يحققه الزهد.. فإن ((الزاهد)) في الدنيا ، متأهب دائماً للآخرة.. ولا يظنن أحد أن الزهد في الدنيا يعني الهروب من العمل ، واللجوء إلى المغارات ، والفلوات.. فإن حكم الوقت الحاضر الذي أوجب علينا أن نفهم أن الصلاة الوسطى إنما هي المعاملة يوجب علينا أن نفهم أن الزهد إنما هو إيثار الآخرين ، والتفكير في سعادة الآخرين.. فلا تكن رغائبك كثيرة لنفسك.. ولتكن رغائبك كثيرة للمحتاجين من الضعاف ، ومن الأطفال.. فإن طريق وصولك إلى الله إنما هو طريق توصيلك الخير إلى الخلق.. وإذن فإن الزهد إنما هو التفاني في العمل ، والتوسع في الكسب ، على ألا تأخذ من كسبك الا الكفاف ، ثم تعود بباقيه على المحتاجين إليه ممن لا يطيقون الكسب.. فإنه ، على مثل هذه الأخلاقية ، تقوم الإشتراكية.. فالزهد يعين على قصر الأمل في الدنيا ، وعلى الإستعداد للرحيل إلى الآخرة.. لأن الزاهد إنما كنزه في الآخرة.. ولذلك فقد قال المعصوم : ((الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر)).. وكل سجين يتشوق إلى يوم الخروج من السجن.. وقال أيضاً : ((إن روح القدس نفث في روعي أن أحبب من أحببت فإنك مفارقه)).. وهذه إشارة إلى أن العاقل ، الكيس ، إنما يحب من لا يفارق.. يتجافى عما في الدنيا ويبتغي ما عند الله.. وقال المسيح ، في هذا الباب : ((حيث يكون كنزك ، يكون قلبك)).. وفي هذا إشارة الى أن الواجب أن يكون عملك في الدنيا إستعداداً للآخرة.. وليس هناك ما يعين على الإنحصار في الصلاة ، والحضور فيها ، مثل الزهد ، لأن به قصر الأمل في الدنيا.. وقصر الأمل يعين على قلة جولان الخاطر.. ومن ((أدب الوقت)) أيضاً ألا يصرف في غير العمل النافع.. فلا تصحب في حياتك إلا الخيرين.. يقول إبن عطاء الله في ذلك : ((لا تصحب من لا ينهضك حاله ، ولا يدلك على الله مقاله..)).. وهذا في غاية الأهمية.. وهو من تمام التوبة ، تلك التي بدأنا بها هذا الحديث ، والتي بدأتها أنت بإغتسالك ، غسل الجنابة ، وجعلتها حداً فاصلاً بين ماضيك ومستقبلك.. من تمام هذه التوبة أن تقاطع من كنت تصاحب ، في زمن الغفلة ، فإنك لا يمكن أن تحتفظ بزملاء الغفلة ، ثم تكون لك نقلة إلى عهد جديد.. ولذلك فإنهم يقولون : -
    قاطع لمن واصلت أيام غفلةٍ * فما واصل العذال إلا مقاطع..
    يعنون بالعذال الذين يلومونك على التوبة.. وهؤلاء هم زملاء الغفلة.. فإنك إن إحتفظت بهم يزودوك ويقطعوك عن العهد الذي أنت عليه مقبل.. ومن ((أدب الوقت)) حب الخير للناس.. فإن إستطعت أن توصل الخير للناس فلا تقعد دون توصيله ، وإن عجزت عن توصيله فليكن في قلبك تعلق به لهم.. ومن ((أدب الوقت)) كراهة أن تشيع الفاحشة في الناس.. فإن بلغك أن أحداً تورط في فضيحة فلا تسر لها ، وتصور نفسك في مكانه وأكره له ، ما تكره لها.. ومن ((أدب الوقت)) أن تحب الوقت ، فتتشوق ، لمجيئ أوقات الصلوات ، كما يشتاق الحبيب للقاء الحبيب.. ولا تعتبر أوقات الفراغ عدواً لك ، فتقتلها في اللهو ، ولعب ((الكشتينة)).. والجلوس على الطرقات تبحلق في وجوه المارة ، وتضايق نساء جيرانك ، حين يخرجن ، ويدخلن ، في قضاء حوائج بيوتهن.. إن هذا لمن أسوأ أعمال الرجال ، على التحقيق ، وإنه لعمل غير مسئول.. وكل إنسان مسئول.. ألم يقل ((ثم لتسألن يومئذ عن النعيم)) ؟؟.. ثم أليست الحياة أكبر النعم ؟ وما هي الحياة إن لم تكن ((الثواني)) و((الدقائق)) و ((الساعات)) ؟؟ هذه التي تضيعها في هذه السخافات.. ومن ((أدب الوقت)) ألا تنام وأنت تهم بمعصية.. فعندما تأوي إلى فراشك ، من الليل ، وتتوسد يمينك ، وتستقبل القبلة ، إستعرض شريط ما جرى منك ، وما جرى لك في اليوم ، ثم نق صدرك من جميع الأحقاد ، والضغائن ، وأنو فعل الخير ، من غدك .. ومن أجل ذلك فإن ((أدب الوقت)) مع صلاة العشاء أن تكون آخر عملك وألا تثرثر بعدها ، وألا تسمر مع من عسى يتعرضون لأعراض الناس ، ولإجترار سيرهم.. فإن أحد الصوفية المعروفين قد كان يقول لأصحابه ، بعد صلاة العشاء ، ((هل عندنا مداح ؟؟)) فإن لم يكونوا ، يقول : ((كان ما سوينا خير النوم أخير)).. و ((أدب الوقت)) بهذه الصورة ييسر لك القيام لصلاة الليل.. وصلاة الليل هي أهم الصلوات ، بعد المكتوبة ، لأن في ظلام الليل تكون النفس قريبة من عنصرها الذي منه صدرت ـ ظلمة الطين ـ ولأن في ظلام الليل تتقيد الحركة ، فلا يصل إلى الأذن ما يوزعها.. ولأن فيه يتقيد النظر ، فلا يصل إلى العين ما يوزعها.. ولأن في قيد هاتين الحاستين شيئا من الرهبة ، والخوف الخفيف ، الذي يجعل الداخل متيقظاً .. وكل هذا يعين الإنسان على أن ينسحب من الدوامة الخارجية التي تفرضها علينا ((الجلبة)) ، وتيقظ الحواس ، ليعيش في الداخل ، سائحاً في ، ومكتشفاً لأغوار النفس.. وهذا ما عناه ، سبحانه وتعالى ، حين قال : ((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً ، وأقوم قيلاً)).. فلا تفرط في صلاة الليل ، فإنها قد كانت دائماً ذخيرة العباد.. والحاجة إليها ، في وقتنا الحاضر ، أوكد منها في أي وقت مضى.. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل أن يقام لها بعد نوم ، يكون الجسم فيه قد أخذ راحته.. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل أن يلاحظ وقتها ، وهو الثلث الأخير من الليل.. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل أن تصلى في الظلام.. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل أن تصلى في ثوب طاهر ، أبيض ، نظيف ـ لا في ثوب ملون ، أو مزركش ، حيث أمكن.. يستوي في ذلك الرجال والنساء.. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل ألا تزعج الآخرين بها.. فلتكن حركتك مقتصدة في غير ((جلبة)) ، ولا ضجيج .. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل أن تحضر أشياءك التي تحتاجها من أول الليل فلا تفتح النور تبحث عن مسواك ، أو عن سجادة ، أو عن إبريق.. ومن الخير أن تصليها في ركن ، من البيت ، هادئ.. ولا بأس من صلاتها في فناء الدار ، إلا إذا كانت الليلة مقمرة .. وإلا إذا كانت في فناء دارك لمبة شارع ، قد حرمتك من ظلمة الليل.. ففي هاتين الحالتين يستحسن أن تأوي إلى ركن مظلم.. ومن ((أدب الوقت)) في صلاة الليل ألا تسامر أحداً ممن معك في المنزل.. فلا تسلم على أحد.. ولا تذكر أحداً ، لا بخير ، ولا بشر .. ويجب أن تلاحظ هذا من الثلث إلى طلوع الشمس.. فإن بعض الناس يقومون لصلاة الصبح ويدخلون في سمر ، بعد صلاته ، أو قبل صلاته.. إن هذا الوقت هو أنفس أوقات اليوم ، ويجب ألا يجري فيه إلا ذكر ((الواحد)).. لا تذكر أحداً ، لا بالشر ، ولا بالخير.. لا تذكر أحداً ، لا !! ولا أخير الناس.. ومن ((أدب الوقت)) ألا تصرفه في تعلم علم لا تحتاجه لتجويد العمل في العبادة ، أو ((المعاملة)).. فإنك أنت إنما يفرض عليك ، فرض عين ، تعلم كيفية ((الوضوء)) لأنك تتوضأ.. وفرض عين عليك أن تتعلم كيفية الصلاة لأنك تصلي.. ولكنه ليس بفرض عين عليك أن تتعلم كيف تكون زكاة الابل ، إذا كنت ، مثلاً ، من سكان أمدرمان ، وليس عندك إبل تزكيها.. إن كل علم لا يراد به إلى العمل فإنما هو علم ((شيطنة)) ، فلا يسوق إلى التقوى ، وإنما يسوق إلى الفسوق.. طريق العلم النافع هو ((العلم)) ، و ((العمل)) بمقتضى العلم.. فلا تتعلم إلا العلم الذي لا تصح العبادة إلا به .. ثم أعمل ، وإنتظر أن يعلمك ((الله)).. فإنه قد قال : ((واتقوا الله ، ويعلمكم الله)).. وتذكر جيدا أن السلف إنما كان هكذا يفعل.. فإن الدين لم يمت ، في صدور الناس ، إلا بعد أن أصبحوا ((يعلمون)) ولا ((يعملون)).. علمهم أكثر من عملهم..
    ونحن ، لما كنا ، في هذا الكتيب ، مركزين على الصلاة ، ولما كان الصيام صنو الصلاة ، فإنه من الواجب علينا أن نذكر شيئا من ، ((أدب الوقت)) في الصيام.. سواء ، أكان الصيام تطوعاً ، أم مكتوباً.. فإنه لمن ((أدب الوقت)) في الصيام أن تدخل فيه بنية.. وأن تكون النية متنقلة.. فلا يكن صيامك عن الأكل والشراب فحسب.. ولكن ليكن صيامك إستعانة ، بترك الأكل والشرب ، على يقظة الشعور ، وشحذ الفكر ، لتقوم المراقبة لجميع حركاتك وسكناتك في اليوم.. فليكن صومك فطماً لنفسك عن الرغبة في كل ما سوى الله.. ومن ((أدب الوقت)) في الصيام أن تحب وقت الصيام سواءً ، أكان رمضان ، أو غير رمضان.. وأنت لا يمكن أن تحب وقت الصيام إذا كان الصيام إنما يحرمك من عادات كثيرة ، عودت عليها نفسك ، في أوقات الفطر.. فأنت إذا كنت ، مثلاً ، ((كييف سفة)) ، ( و ((كيف السفة)) معروف ) فلا يمكن أن تحب رمضان ، وهو يحرمك من ((السفة)).. ولا بد أن تشتاق لساعة الغروب ، وإشتياقك لساعة الغروب إنما يعني كراهتك للصوم.. ومن أجل ذلك فقد وجب أن تعيش معتدلاً ، فلا تتورط في عادات من ((الكيف)) تستولي على عقلك.. ومن ((أدب الوقت)) في الصوم أن تعجل بالفطور.. والا تعجل نفسك عن الأخذ بحاجتها منه.. أقبل على الفطور ، وخذ حاجتك منه ، في غير إسراف ، قبل أن تنهض لصلاة المغرب.. ومن ((أدب الوقت)) في الصوم أن تؤخر السحور ، إذا كنت ممن يتسحرون.. فإن صيام المجودين يقوم على وجبة واحدة في اليوم ، ولكن الرخصة بأكثر موجودة.. ومن أدب الصوم ألا يجري الإستعداد لرمضان بأطايب الأكل والشراب ، وبالإسراف الذي نرى الناس عليه اليوم.. فإن الناس ، في الوقت الحاضر ، يأكلون في رمضان أكثر مما يأكلون في غيره من الشهور.. ومن ((أدب الوقت)) في الصيام ألا تتعمد نوم ((النهار)) وذلك بتكلف السهر في الليل ، في غير ذكر ، ولا فكر ، كما يفعل الناس اليوم.. ومن ((أدب الوقت)) في الصيام ألا تتخذ الصوم ذريعة ((لتقليل العمل)) ، فتظهر رمضان وكأنه موسم للتبطل ، والكسل ، والنوم ، وقلة الإنتاج .. إنك بذلك تعرضه للذم ، وهو أبرك الشهور ، وأبعدها عن الذم .. ومن ((أدب الوقت)) في الصوم ، إذا كان تطوعاً ، أن تحتفظ به سراً .. ومن ((أدب الوقت)) في الصوم ألا تكون لك به شهرة ، كأن تسمى ((الصائم)) مثلاً ، لكثرة ما تعرف به ، فإن السنة أن تصوم وتفطر.. ومن ((أدب الوقت)) في الصوم ألا يكون عادةً لك ، حتى يصبح الإفطار أصعب عليك من الصيام.. فإن محاربة العادة ، روح العبادة ، فإنهم قد قالوا: ((آفة كل عبادة أن تصبح عادة)).. ومن ((أدب الوقت)) في الصيام مرافقته للقيام ـ قيام الثلث.. القيام مطلوب ، في رمضان ، وفي غير رمضان ، ولكنه في رمضان أوكد منه في غيره ، وذلك للقرينة القائمة بين رمضان والقرآن.. ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)).. قم الثلث ، وأكثر من قراءة القرآن ، في الصلاة ـ أكرر ! ! في الصلاة ـ فإن القرآن ، في الصلاة ، خير العبادة.. والقرآن يعطي أسراره في رمضان ، أكثر مما يعطيها في غيره من الأزمان.. وأنت حين ، تقرأ القرآن ، في رمضان ، في الثلث ، في الصلاة ، إستمع له وأنصت.. قال ، جل من قائل : ((وإذا قرئ القرآن فأستمعوا له ، وأنصتوا.. لعلكم ترحمون * وأذكر ربك ، في نفسك ، تضرعاً ، وخيفة ، ودون الجهر من القول ، بالغدو ، والآصال.. ولا تكن من الغافلين * إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ، ويسبحونه ، وله يسجدون)).. ((إستمعوا له)) ، يعني كونوا حاضرين ، عند القراءة ، ((فأستمعوا)) و((فكروا)).. إستمعوا بآذانكم ، وفكروا بعقولكم.. ومما يعينك على ((الإستماع)) تجديد الآيات المقروءة في الصلاة.. فإنك كلما صليت بقرآن جديد ، كلما وجدت عقلك مشدوداً إلى الحضور.. وهذه من أنفع الحيل ليكون الإنسان حاضراً ، أثناء القراءة.. أما قوله : ((وأنصتوا)) فليس معناه مرادفا لـ ((فأستمعوا)) ، وإنما معناه أن نحاول بالإنصات أن نرفع ((حجاب الفكر)) ، وذلك بأن يؤدي السمع إلى القلب ، في غير تفكر في المعنى.. فكأنه ، في ((الإستماع)) ، الأذن تؤدي الى العقل ، وأما ، في ((الانصات)) ، فإن الأذن تؤدي إلى القلب ، بلا واسطة العقل.. وهذا هو معنى قوله تعالى : ((إن ناشئة الليل هي أشد وطأً)).. يعني يواطئ القلب فيها اللسان.. فإذا خرج الصوت بالقرآن ، من اللسان ، أحدث نقرة ، في القلب ، من غير أن يتفكر العقل في المعنى.. فتكون الأذن ، كأنما هي صبابة ، تصب نور القرآن في القلب صباً.. وهذه تبعث واردات القرآن ، من القلب إلى العقل ، فيكون العبد ، ساعتئذ ، متلقياً من الله بلا واسطة.. والإنصات أعز حالات التلقي.. وهو لا يتم ، إلا بفضل الله ، ثم بفضل المران الطويل على ((الإستماع)).. ومن الأدب الذي يعين على تحصيل ((الإنصات)) أنك ، حيث سمعت القرآن يتلى ، سواء ، أكان في بيت مأتم ، أو من المذياع ((فأستمع)) له ، ولا تنشغل عنه بغيره.. حتى ولو وصلك صوت التلاوة من مذياع الجيران ، متقطعاً، مرة يبلغك ، في وضوح ، ومرة ينخفض ، فلا يكاد يبلغ أذنك ، فحاول أن ((تستمع)) ، وأن تتابع.. إن هذا التنفيذ ((الحرفي)) ((للأمر)) ((بالإستماع)) من قوله تعالي : ((فأستمعوا له)) يفيض عليك من البركة ، والخير ما ينقلك لإحسان ((الإنصات)).. أحب القرآن ، ووقره ، وأعظم شأنه ، يبح لك بأسراره..

    لقد ذكرنا من ((آداب)) أوقات العبادة طائفة صالحة.. وإنما أردنا بها أن تعين العابد المجود على البحث ، ليستزيد منها ، لا أن يكتفي بها.. ونؤكد له : أن الدخول في ممارستها ، وإتقان مراعاتها ، يفتح أبواب الخير على مصاريعها.. فإن موعود الله : ((والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.. وإن الله لمع المحسنين)).. هذا وعد غير مكذوب..
    وفي حين أن للعبادات وقتاً ، فإنه ليس للذكر وقت.. ويكفي هنا أن نقرر : أن العبادات ، وقتها الكبير إنما هو ((الحياة الدنيا)).. ولكن ليس للذكر وقت.. فأهل الدنيا ، في الدنيا ، يذكرون الله.. وأهل البرزخ ، في البرزخ ، يذكرون الله .. وأهل الجنة ، في الجنة ، يذكرون الله.. وأهل النار ، في النار ، يذكرون الله ، ولذلك فإن هم العباد ، في الدنيا ، أن تكون ((عبادتهم)) وسيلة إلى ((الذكر)).. ولقد ورد في ثلاث الآيات ، التي سلف ذكرها ، قبل قليل ، قوله تعالى ، مخاطباً حبيبه : ((وأذكر ربك ، في نفسك ، تضرعاً، وخيفةً، ودون الجهر من القول ، بالغدو ، والآصال ، ولا تكن من الغافلين)).. عندما قال : ((ولا تكن من الغافلين)) إنما أشار إلى إتصال الوقت بالذكر ، بلا إنقطاع.. ثم قال : ((إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ، ويسبحونه ، وله يسجدون)) أشار بقوله تعالى : ((إن الذين عند ربك )) إلى ((الملائكة)).. والملائكة ليس لهم ، من الذكر ، وقت فراغ.. وأشار بها أيضاً إلى ((العبيد)).. و ((العبيد)) يحاولون ، دائماً ، ألا يكون لهم ، عن الذكر ، وقت فراغ.. ذلك بأن العبودية إنما هي أن تكون مع الله كما هو معك.. وهيهات !! ثم قال : ((وله يسجدون)) والسجود هنا عبادة ، وعبودية ـ شريعة ، وحقيقة ـ وللعقول سجود العبادة ، وللقلوب سجود العبودية.. وسجود العقول منه رفع ، ولكن سجود القلوب لا رفع منه.. فإذا سجد القلب فإنه لا يرفع أبداً ، ولا يرجع.. وإنما قال تعالى : ((وأسجد، وأقترب..)) في حق سجود العقل.. والغرض من هذه المساوقة في السجود ، الغرض من السجود والرفع منه ، إنما هو أن تسجد القلوب ، ثم لايكون هناك رفع ، أبد ، الأبيد..
                  

01-18-2013, 08:25 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    كذلك الدستور الراقي يساعد في تحرير الشعب من الخوف
    .......
    قال فيه الاستاذ الشهيد
    .............
    وحين يحدد الدستور المركزي مدي سلطات الحكومة المركزية، فانه ايضا يشتمل على ضمانات الحقوق الشخصية الاساسية، والامتيازات الانسانية التي لا يمكن ان تسقط بحال من الأحوال، وعلي رأس هذه الحقوق حق الفرد في السعي لتحصيل الحرية الفردية المطلقة، وما يقوم عليه هذا الحق الاساسي من حقوق فرعية تعتبر في ذاتها وسيلة لازمة اليه: كحرية العبادة، وحرية الفكر، وحرية الكلام، وحرية العمل الذي لا يخضع الا لحدود القانون الدستوري، وهو القانون الذي يوفق توفيقا تاما بين حاجة الفرد، وحاجة الجماعة، ولا يضحي بأيهما في سبيل الأخري، وكحرية الاجتماع، والصحافة، والتعبير برفع العرائض بالاحتجاج، والنقد، لجميع أعمال الحكومة، التي اشترط فيها من قبل توفر العلنية التامة، كما أن للفرد على الحكومة حق تحريره من الخوف، ومن الفقر، ومن الجهل، ومن المرض، ولكل فرد حق أن يكون غاية في ذاته، لا وسيلة إلى غاية سواه، وكل هذه الحقوق لا تخضع لقوة، غير قوة القانون. وللحكومة المركزية ثلاثة فروع أساسية يختط الدستور علاقاتها ببعضها البعض، ويبين واجباتها الخاصة وتبعاتها، وهذه الفروع الأصلية هي: السلطة التشريعية التي تضع القوانين وتجيزها، والسلطة التنفيذية التي تدير أعمال الحكومة حسب القوانين، والسلطة القضائية التي تطبق القوانين وتفض الخلافات، وهي سلطات منفصلة كل واحدة منها عن الأخري، وكل منها ممثل للشعب في ناحية وهي في استقلالها عن طغيان احداها على الأخري تتعاون وتتساند لتؤدي واجبا واحدا هو تحقيق سيادة الشعب بسيادة القانون
                  

01-18-2013, 08:51 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    كان دائما نهج الأستاذ الشهيد، يرفض العنف والهوس الديني، ويمهد لنهج السلام، والتعايش السلمي بين جميع سكان العالم والسودان، وكان يعتمد نهج التربية بالمنهاج النبوى..
    كان داعية سلام على إطار عالمي..
    يحب العالم أن يكون في سلام مع الأحياء والاشياء..
    ........
    مرة واحد من أصدقائه والمهندسين القدامى ، وله محبة للأستاذ محمود قال له ك( إنت يا أستاذ محمود ، بعد كدة حقو تسعى ليك مسدس! عشان أعداء الفهم الراقي حولك كتروا!) فكان رد الأستاذ الشهيد على صاحبو المهندس
    ...
    ( ليه؟ عشان أكتل بيهو زول يعني؟.. موش أحسن أمشي لى الله مكتول! وثابت على حقي! بدل أكون كاتل!)
    ........
    هنا يتحدث عن الانسان الحر.. المتحرر من الخوف
    ..............
    الانسان الحر

    قلنا اننا قدمنا في ديباجة دستورنا هذا ثلاث مسائل: وسيليتن وغاية، فأما الوسيلة الأهم، وهي المجتمع السوداني فان الدستور يخصها، واما الوسيلة المهمة، وهي المجتمع العالمي، فقد أسلفنا فيها القول بايجاز، وأما الغاية، وهي انجاب الفرد الحر، حرية مطلقة، فسنخصص لها من القول ما يبرزها، ويبرز معها الدستور الذي نبتغيه.

    هل هو ممكن؟

    وأول ما نبدأ به هو تصحيح الخطا القائم في أذهان بعض الناس حين يظنون ان الحرية الفردية المطلقة غير ممكنة التحقيق، وان أقروا، بفضل ما يجدونه في أنفسهم، بأن هذه الحرية الفردية المطلقة هي، في الحقيقة، حاجة كل فرد بشري. فانه ان صح، وهو لا محالة صحيح، أن الحرية الفردية المطلقة حاجة كل فرد وغايته، فانها تكون بذلك حاجة الانسانية وغايتها، فكأن من يظنها غير ممكنة التحقيق يقضي على الانسانية سلفا بالهزيمة والخزي، وذلك أمر منكر اشد النكر، ولا عبرة عندنا برأي من يزعمون أن الكمال ليس من حظ هذه الحياة، وانما هو من حظ الحياة الأخري، وان الحرية الفردية المطلقة، من ثم، لا تحقق هنا، وانما تحقق هناك، ذلك بأن كل شيء يكون هناك انما يتم نموذجه هنا.

    وكيف؟؟

    والانسان الحر حرية فردية مطلقة هو الذي استطاع ان يحل التعارض القائم بين عقله الباطن وعقله الواعي، حتى يكون وحدة: ظاهره كباطنه وسيرته كسريرته، فيفكر كما يقول ويقول كما يفكر ويعمل كما يقول، فتتحقق له حياة الفكر وحياة الشعور ويبلغ الانسان هذه الغاية بوسيلتين: اولاهما وسيلة المجتمع الصالح، حيث تهيء الحكومة للفرد الحرية، والعلم، والفراغ وتوفر له حاجات معدته، وجسده، وحيث يكون الرأي العام، من الاسماح، بحيث لا يضيق بانماط الشخصيات المتباينة، ولا يحارب مناهج الفكر المتحرر. وهذا المجتمع هو ما خططنا تنظيمه في دستورنا وثانيتهما وسيلة العقل الجاد في تحرير نفسه بمجهوده الفردي، الذي يبدأ من حيث ينتهي مجهود المجتمع في تحرير كل فرد، ويكون مجهود الفرد، في هذا المستوي امتدادا وتتويجا للمجهود الذي أسهم به، ويسهم دائما، في كيان الجماعة.. وسبب التعارض القائم بين العقل الباطن والعقل الواعي الخوف، ومنشأ الخوف الجهل، ذلك بأن الانسان، بكل مافي جسده من التركيب الآلي الضعيف، وبكل ما في نفسه من الرغبات، والمطامح، والشكوك، رأي نفسه امام عالم طبيعي، امتزجت رحمته وقسوته، وخطره وامنه، وموته وحياته، على اسلوب كأنه في ظاهره، يعمل على أسس تناقض بناء التفكير البشري فشوهت هذه القسوة المستهترة التي تلقاه بها القوي الصماء في البيئة الطبيعية التي عاش فيها الصورة التي قامت بخلده عن أصل الحياة، وعن غايتها، وعن حقيقة العالم المادي الذي يحيط بها، ويؤثر فيها، فاذا ما أردنا ان نحرر الفرد حرية فردية مطلقة وجب أن يستهدف تعليمنا أياه وتعليمه نفسه تصحيح تلك الصورة الخاطئة الشائهة التي قامت بعقله، حتى تقوم مكانها صورة صحيحة كاملة، عن أصل الحياة، وعن قانونها، وعن غايتها، وعن العالم المادي الذي يحيط بها ويؤثر فيها، فتتركز هذه الصورة الصحيحة في خلده، فتؤثر في اخلاقه وعاداته وتفكيره، وتفضي به إلى الحرية من الخوف، فيستعيد بذلك وحدة الفكر والقول والعمل في وجوده ووعيه كليهما ويحل حينئذ التوافق والاسماح بين العقل الباطن والعقل الواعي محل التعارض والكبت الذي هو سبب الجريمة بين الأفراد وسبب الحروب بين الأمم.
                  

01-18-2013, 08:56 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    هنا يتحدث عن بدايات الخوف
    ...........
    ما هي الحاسة السابعة؟؟

    هي القلب.. ووظيفتها الحياة.. وهذه الحاسة هي الأصل، وجميع الحواس رسلها، وطلائعها، إلى منهل الحياة الكاملة.. ولقد نشأت الحياة وسط الخوف.. قال تعالى في ذلك: ((لقد خلقنا الإنسان في كبد)) والكبد المشقة، ولقد دفعت هذه المشقة، التي وجدت الحياة نفسها محاطة بها، الخوف في أعماق الأحياء.. ولولا الخوف لما برزت الحياة، في المكان الأول، ولما ارتقت وتطورت، في المكان الثاني. ثم هي إن لم تنتصر على الخوف، في آخر المطاف، لا يتم كمالها.. وإنما تنتصر الحياة على الخوف عندما تقوى الحاسة السادسة، وتدرك الأمر على ما هو عليه، على النحو الذي وصفنا، ويومئذ سيظهر لها أن الخوف إنما هو مرحلة صحبت النشأة في إبان جهلها، وقصورها، وأنه ليس هناك ما يوجبه في حقيقة الأشياء.. فإذا بلغت الحاسة السادسة هذا المبلغ، انبسطت الحاسة السابعة - القلب - واطمأنت، وانطلقت من الانقباض الذي أورثها إياه الخوف، وأخذت تدفع دم الحياة قويا إلى كل ذرات الجسد، وكل خلايا الجلد، تلك التي كان الخوف قد حجرها، وجعل منها درقة، ودرعا لصيانة الحياة البدائية.. وبذلك يعود الشعور لكل الجسد، ويصبح حياً كله، لطيفاً كله، جميلا كله، غاية الجمال.. وتكون أرض الجسد الحي يومئذ هي المعنية بقوله تعالى: ((وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت، وربت، وأنبتت من كل زوج بهيج))..
    هذه هي وظيفة الحاسة السابعة - الحياة الكاملة - وليس للحياة الكاملة نهاية كمال، وإنما كمالها، دائما، نسبي.. وهي تتطور، تطلب الحياة المطلقة الكمال، عند الكامل المطلق الكمال - عند الله - وإنما يكون تطورها باطراد ترقي جميع الحواس، كل في مجاله، وانعكاس ذلك على ترقي العقل، بقوة الفكر، وشمول الادراك.. وعلى قدر صفاء العقل، وقوة الفكر، تكون سلامة القلب، واتساع الحياة، وكمالها.. وهذا التطور المترقي بالحواس هو ما عناه الله بقوله ((وأنبتت من كل زوج بهيج))..
                  

01-18-2013, 09:02 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    هنا يتحدث عن العقل وكيف نشأ. والتحرر من الخوف..
    ......................
    العقل الواعي، وكيف نشأ؟

    نشأ العقل الواعي على مرحلتين: مرحلة قانون الغابة، ومرحلة قانون العدل..
    فأما مرحلة قانون الغابة فقد تحدثنا عن طرف منها في حديثنا عن الخوف، وسنكتفي بما قد جرى ذكره.. لا سيما وأن هذه المقدمة قد طالت، وهي، على كل حال، ليست مكانا للاستقصاء والتفصيل..
    وأما مرحلة قانون العدل فإنها تؤرخ بدء العقل البشري، وبدء المجتمع البشري.. وبدء الدين.. وبدء العرف الذي هو أصل القوانين جميعها..
    لقد قلنا أن الله تبارك وتعالى قد جعل سلالة الانسان وسطا، فهو لم يجعله قويا يستغني عن الحيلة بقوة عضلاته في حل مشاكله، وهو لم يجعله ضعيفا، رخوا، لا ينهض لأي من أعدائه وقلنا أنه، تبارك وتعالى، بهذه الحكمة، الحكيمة، قد هداه طريق ((الفكر والعمل)) معا.. فهو يفكر، وينفذ، وبذلك أصبح طريق تطوره يختلف، في ظاهره، عن طريق تطور الحيوانات، والحشرات الأخرى.. وهو، في مراحله الباكرة، قد اهتدى إلى الدين، وإلى المجتمع، وهذان أمران ليس هناك ما هو أعظم منهما نفعا.. وقد اتفق لنا أن تحدثنا عن نشأة المجتمع، في كتابنا: ((الرسالة الثانية من الإسلام)) فليراجعه من شاء من القراء الكرام..
    وفي مرحلة قانون الغابة كان الخوف مسيطرا على المسرح، سيطرة تامة.. فليس هناك غير الصيد والصياد.. والصياد نفسه هو صيد لصياد أكبر منه.. وقد رسخت هذه الفترة الخوف في نفس الانسان، واضطرته ليبحث عن الأمان في الكثرة من فصيلته، والتي من فصيلة الحيوانات المستضعفة التي تكون، في الغالب الأعم، فريسة لذوات المخالب الحمر، والأنياب الزرق.. وكذلك نشأ المجتمع، وألف الحيوان الأليف.. وقد اقتضت معيشته في الجماعة أن يتنازل، طائعا، أو مكرها، عن قسط كبير من حريته.. ذلك بأنك لا تستطيع أن تعيش في أية جماعة بشرية بغير أن تراعي حدودا معينة، تقيد تصرفاتك بفعل ما لا ينضر به الآخرون.. ومن هذه الحدود المعينة نشأ القانون فيما بعد.. وأغلب الظن أن أول هذه الحدود انصب على تنظيم الغريزة الجنسية.. ذلك بأن الغيرة الجنسية أمر مشترك بين الحيوان والإنسان.. وقل أن تجد حيوانا، أو طائرا، لا يغار على أنثاه.. وقد دخلت هذه الصفة الحميدة مع الانسان عهد كرامته الجديد..
    ونعتقد أن ثاني هذه الحدود انصب على رعاية الملكية الخاصة، وحمايتها..
    وبفضل حماية الزوجة، وحماية الملكية الخاصة، أصبح المجتمع البشري ممكنا..
    ولم يكن الأمر بهذا اليسر.. فقد كان من أصعب الأشياء على الانسان البدائي أن يقيد نفسه، ويسيطر على نزواته.. وكان من أصعب الأشياء، أيضا، على المجتمع أن ينفذ العقوبة على المخالف لقواعد السلوك، وللعرف الذي درجت الأجيال على رعايته..
    ونشأت فكرة الآلهة، وفكرة الدين، في مطلع هذه المرحلة.. ومع فكرة الدين نشأت العقيدة في الحياة الأخرى، بصورة من الصور، وما يجري فيها من خوف، أو أمن، ينبني على فعل الخير - رعاية العرف- أو فعل الشر - مخالفة العرف- في هذه الحياة..
    ووصفت الآلهة بكل الصفات التي تجعلها رهيبة، وتجعلها قادرة، وتجعلها مطلعة على أفعال الانسان.. وقسمت إلى من يصادق، ويعين، ويرعى من يفعل الخير، فيطعمه من جوع، ويؤمنه من الخوف.. وإلى من يستحوذ على من يفعل الشر، فيخذله، ويسلمه إلى متاهات الظلام المخوف..
    وكانت عقوبات القتل الذريع توقع على أقل مخالفة من مخالفات العرف المرعي، ولم يكن الفرد مهماً في بدء المجتمع، وإنما كانت الأهمية، كلها، للمجتمع.. وذلك، في وقته، قد كان أمرا حكيما، غاية الحكمة، لأمرين، أولهما: أن المجتمع، يومئذ، قد كان ناشئا، وحديثا، فهو قد كان في أشد الحاجة إلى تمام الرعاية لقواعد نشأته.. وثانيهما: أن الفرد البشري قد كان حيواني النزعة، غليظا كثيفا، يحتاج العنف العنيف، لتقوى سيطرته على نزواته، وبدواته..
    فكان العرف الأول، بغير تدبير واع من آباء الأسر - وهم قد كانوا نواة الحكومة الأولى- حكيما، موزوناً، يرعى مصلحة الفرد، ويرعى مصلحة الجماعة، في آن معا.. وفي هذا تظهر حكمة الحكيم الذي سير الحياة في العهود السحيقة، من بؤرة هوانها، وذلها، إلى منازل شرفها، وعزها..
    وقد كان الفرد البشري، حتى في هذه المرحلة، يعيش وسط الخوف.. بيد أن أمرا هاما قد طرأ على حياته، وهو أنه قد أصبح يستطيع أن يعيش في أمن، بالقدر الذي يتفق مع تلك الفترة الرهيبة، إذا ما أخلص للجماعة، واجتنب مخالفة العرف الذي ترعاه.. ليس فقط يعيش في أمن.. بل إنه لينعم بصداقة الآلهة، وصداقة الأرواح الخيرة، التي ترف بأجنحتها عليه، وصداقة الخيرين من أبناء، وبنات، الأسر التي تكون الجماعة..
    وهكذا، بدافع من الرهبة والرغبة، أخذ يبرز الذكاء الذي يميز بين ما يليق، وما لا يليق، وأخذت تبرز الإرادة التي تروض الشهوة الفطرية، لتسوقها في طريق الواجب.. وذلك برفض اللذة العاجلة، إيثاراً للذة الآجلة، التي قد تكون في كنف الآلهة، في هذه الحياة، أو في الحياة المقبلة بعد الموت، أو قد تكون في رضا الجماعة، وتقديرها، وثنائها المستطاب..
    فمن الاحتكاك بين اللذة الحاضرة، والواجب المرعي برز الذكاء للتمييز، وبرزت الإرادة للتنفيذ.. وهذه هي بداية العقل البشري، لأن به دخلت القيمة في حياة الانسان، ولأن به تجدد اعتبار المستقبل، وبدأ جولان الخيال في شعابه، وانسراحه في غيوبه.. وبهذا المستوى من العقل البشري بدأ الدين الخاص، وأخذ يستصفى من الدين العام، كما تستصفي حرارة الشمس ماء الأنهار العذب من مياه البحر الملح.
    لقد قلنا، آنفا، أن الروح الإلهي المنفوخ في البنية البشرية هو العقل.. وقلنا أن الله نفخه فيه بوسيلة الخوف الذي نتج عن إغراء العداوة بين الأحياء فيما بينهم، وبين الأحياء والعناصر التي تزخر بها البيئة الطبيعية التي أوجد الله فيها الحياة.. ونقول الآن أن مرحلة بروز العقل البشري، في البشر، تؤرخ تحولا جوهريا في طريقة نفخ الروح الإلهي، وذلك أن الطريق قد انفتح أمام الانسان، بفضل الله، ثم بفضل العلم، ليكون بمفازة من عذاب الخوف إن هو اتبع الواجب الذي ترسمه الحكمة.. وذلك بمراغمة هوى نفسه.. وهو لم يترك في حيرة من أمر الواجب فقد تولى الله هدايته، فأرسل رسل الأنوار - الملائكة- لتمد بدائه العقول، التي نشأت في الظلام، بأسباب القدرة على صحة الإدراك.. وهو تبارك وتعالى يقول: ((وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)) والرسل الأولى رسل العناصر التي أبرزت، بالخوف، الجسد من القلب.. ثم أبرزت، بالخوف أيضا، الحواس من الجسد.. ثم أبرزت بالخوف أيضا، العقل من الحواس.. والرسل الثانية رسل العقول إلى كل فرد بشري.. والرسل الثالثة رسل عقول الحكماء، والأذكياء، والمجربين، إلى عقول أهل الغرارة والسذاجة.. والرسل الرابعة رسل الملائكة الأطهار، تتصل بالبشر المؤهلين، لتسوقهم، ولتسوق بهم، إلى طريق الحكمة، والصلاح، الذي به يكون العتق من الخوف، ومن الضلال الذي يوجب الخوف.. قال تعالى: ((الذين آمنوا، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم، أولئك لهم الأمن، وهم مهتدون)) والرسل الخامسة، إذن، رسل البشر المكرمين، إلى بقية البشر المكلفين.. يأتونهم ببينات السماء، عن طرائق الوحي الأمين.. والرسل السادسة رسل العقول المرتاضة بأدب الحق، وبأدب الحقيقة، إلى القلوب التي وسعت كل شيء لأنها بيت المطلق.. والرسل السابعة رسل هذه القلوب.. إلى هذه القلوب منها وإليها، بغير واسطة فما في الكون إلا إياها..
    ومرحلة قانون العدل لا تزال سارية، وهي لا تزال تدال، بمحض الفضل، على مرحلة قانون الغابة.. فهما، إنما تقتسمان النفوذ، اليوم، وستكون الدولة لقانون العدل، يوم ينتصر الانسان على الخوف، ويسلم من القسمة، ويحقق وحدة ذاته..
    لقد قلنا أن الانسان بفعل الخوف، وبفعل الرجاء، قد بدأ يسيطر على نزواته، وبدواته، وأخذ يروض شهواته بعقله، حتى لا يأذن بالحركة للشهوة التي توقعه في غضب الآلهة، وغضب الجماعة، وتوجب عقوبتهما، عاجلا أو آجلا..
    ومن هذه السيطرة نشأ الكبت، وانقسمت الشخصية.. واليوم، فإن من الكبت الذي نعانيه ما هو نصيب أحدنا من التراث البشري في التاريخ الطويل، ومنه ما هو كسبه الخاص، أثناء ممارسته حياته في بيئته الطبيعية والاجتماعية، في عمره هذا القصير..
    والذي أوجب الكبت، في الماضي، ولا يزال يوجبه، هو تصور الجماعة، وتصور الفرد، للواجب عرفا، وشرعا.. وفي يوم الناس هذا وبعد أن قطعت البشرية كل هذا العمر الطويل، فإن التصور لا يزال غبيا، وجاهلا، وبعيدا عن الحكمة.. فما ظنك به يوم بدأ الكبت في صدر أول فرد بشري؟؟
    والكبت مرحلة هامة، من مرحلتي سيرنا نحو الكمال، وهو، من ثم، ليس شرا، وإنما يجيء الشر من إقامتنا عليه، وقعودنا عن السعي إلى التخلص منه.. ولما كان الكبت نتيجة للخوف، فإن التخلص منه لا يتم إلا بالتخلص من الخوف، وبالتخلص من الخوف ندخل المرحلة الثانية، والأخيرة، من مرحلتي سيرنا إلى الكمال..
    ولا يكون التخلص من الخوف إلا بالعلم - إلا بمعرفة الأشياء على ما هي عليه في الحقيقة المستورة عنا بأستار الغيب - فإنا لو اطلعنا على الغيب لهزمنا الخوف، قال تعالى عن جن سليمان: ((فلما قضينا عليه الموت، ما دلهم على موته إلا دابة الأرض، تأكل منسأته، فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين)).. وقال تعالى عن لسان حبيبه: ((قل لا أملك لنفسي نفعا، ولا ضرا، إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير، وما مسني السوء إن أنا إلا نذير، وبشير، لقوم يؤمنون)) والغيب هو الله.. والله تبارك وتعالى، يعني هذا حين قال: ((قل لا يعلم، من في السموات، والأرض، الغيب، إلا الله، وما يشعرون أيان يبعثون)) وجاءت عبارة: ((وما يشعرون)) هنا لتشير إلى أن حياتنا ناقصة، لنقص علمنا، ذلك النقص الذي سلط علينا الخوف. وقد حجر الخوف بعضنا ليكون درعا لباقينا، وقل بذلك شعورنا.. ونحن ننتظر أن يبعث، بالعلم، البعض الذي أماته الخوف منا.. وذلك أمر محقق، ولكننا نجهل ميقاته.. وجاء باسم الاستفهام ((أيان)) ليشير إلى الزمان الذي فيه البعث.. ((يبعثون))، وهذه عبارة تشير إلى أننا أموات بسبب الجهل، وننتظر البعث بالعلم.. ولقد قلنا أن العلم الذي به الحياة إنما هو إدراك الأشياء كما هي في الحقيقة.. والحقيقة هي الله أيضا.. فالحقيقة، والغيب هما العلم المطلق وهو فينا، في حالة كمون، ولا يفتر منا إلا في المكان، والزمان.. والذي نحققه من المطلق، في الزمان والمكان، هو العلم النسبي - هو الحق- والحق هو وجه الأشياء الذي يلي الحقيقة.. ونحن لا نستطيع أن نحقق من المطلق شيئا إلا إذا تحلينا بما يسمى ((أدب الوقت)).. وأدب الوقت هو الحضور في اللحظة الحاضرة، من لحظات الزمان.. ذلك بأن اللحظة الحاضرة هي أصل الزمان، وهي وسط بين طرفين، كليهما وهم، وكليهما، في حكم الحقيقة، باطل.. وهما لا يجدان تبريرهما إلا في الحكمة التي تقوم وراء خلق الأزواج، قال تعالى: ((ومن كل شئ خلقنا زوجين، لعلكم تذكرون * ففروا إلى الله، إني لكم منه نذير مبين)).. هذه هي الحكمة في خلق ((الزوجين)).. ((لعلكم تذكرون)) ومعناها لعلكم تتعلمون.. لأن عقولنا لا تدرك الأشياء إلا بأضدادها.. وهذا ما عنيناه بقولنا، آنفا، أن العقل هو قوة الإدراك الشفعي..
    ثم قال ((ففروا إلى الله)).. فروا من الضدين، كليهما، إلى من لا ضد له..
    ولنعد للزمان، فقد قلنا أن اللحظة الحاضرة هي أصله، وقلنا أن هذه اللحظة الحاضرة هي وسط بين طرفين كليهما وهم.. ونقول هنا أن هذين الطرفين هما الماضي والمستقبل.. فليس الماضي زمنا، ولا المستقبل زمنا، باعتبار الحقيقة، وإنما هما زمانان باعتبار الحكمة. والشئ الذي هو زمن، باعتبار الحقيقة، إنما هو اللحظة الحاضرة، وهذه اللحظة الحاضرة تدق، حتى لتكاد أن تخرج عن الزمان، فإذا خرجت عن الزمن، التقت بالإطلاق، فكانت إياه.. وهذا حديث يحتاج إلى شرح لا نجد له الوقت، ولا الحيز، هنا، وقد نعود إليه مرة أخرى..
    ويهمنا هنا عبارة ((أدب الوقت)) التي أشرنا إليها آنفا.. فإن أدب الوقت هو الحضور مع اللحظة الحاضرة، لأن فيها ذات الله.. فما هي في الماضي، ولا هي في المستقبل.. واللحظة الحاضرة تمثل القلب، والماضي والمستقبل يمثلان الدماغ.. كل منهما يمثل نصفا.. كل منهما يمثل جناحا من جناحي الطائر - طائر الزمان- والفضل في بروز الجسد أولا، ثم العقل ثانيا، من القلب، يرجع إلى الله، ثم إلى المستقبل والماضي.. ذلك بأن الخوف أزعجنا عن العيش في اللحظة الحاضرة، وشدنا إلى المستقبل، وهو بنفس القدر، ولنفس السبب، شدنا إلى الماضي، فأصبحت حياتنا ((أرجوحة)) بين الماضي والمستقبل، فنحن لا ننتظر في اللحظة الحاضرة، إلا ريثما نتحول منها.. ونحن، في أثناء مرورنا باللحظة الحاضرة، إنما نتلقى الحياة التي نطيقها، ولولا أنا مشدودون إلى الماضي والمستقبل، فلا نلبث، في اللحظة الحاضرة، إلا ريثما نتحول، لاحترقت حياتنا، هذه الناقصة، ذلك بأن اللحظة الحاضرة، حين تتناهى، فيها الحياة المطلقة، ونحن بعد، لم يستعد المكان فينا ليتلقى من المطلق إلا بالقدر القليل جداً، وهو قدر يزيد، بمحض الفضل، كل حين..
    والماضي، والمستقبل حجابان يحولان بيننا وبين اللحظة الحاضرة، فلا نعيش فيها إلا بالقدر الذي تطيقه حياتنا الناقصة، والتي تسير إلى الكمال، كل حين، ولكن ((بقدر معلوم)) وأصحابنا الصوفية يقولون ((الحجاب رحمة)).. وهم إنما يعنونه في هذا المقام بالذات.. فإن التعرض لتجلي الحقيقة الكبرى على أوان ناقصة يحصل منه ((السحق)) وهو ذهاب العقل، وإذا ذهب العقل فقد انقطعت الزيادة..
    وإلى هذين الحجابين، في المكان الأول، الإشارة بقوله تعالى: ((سواء منكم من أسر القول، ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل، وسارب بالنهار * له معقبات، من بين يديه، ومن خلفه، يحفظونه من أمر الله.. إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له، وما لهم من دونه من وال)) عنى بقوله ((من أسر القول)) المادة غير العضوية، وعنى بقوله ((ومن جهر به)) المادة العضوية، وهي تشمل جميع درجات الأحياء. قوله ((له معقبات)) يعني حجبا.. ((يحفظونه من أمر الله)) يعني من التجلي الوتري، فلا ينمحق تحت هيبته.. قوله تعالى: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)) يعني، فيما يعني، لا يتجلى وتريا على مكان قبل استعداد ذلك المكان لتلقي الأمر الجلل.. وهو، تقدست أسماؤه، فيما هو دون التجلي الوتري، لم ينزل كلامه على حبيبه إلا بعد أن أعد المكان بطول التحنث.. ثم قال، زيادة في ذلك: ((يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلا * نصفه، أو انقص منه قليلا * أو زد عليه.. ورتل القرآن ترتيلا * إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا))..
    وعندما طلب موسى رفع هذه الحجب قبل أن يستعد المكان منه للتجلي الوتري لم يجب، بمحض الرحمة، إلى طلبه.. قال تعالى في ذلك: ((ولما جاء موسى لميقاتنا، وكلمه ربه، قال رب!! أرني، أنظر إليك!! قال: لن تراني، ولكن انظر إلى الجبل، فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا، وخر موسى صعقا، فلما أفاق قال: سبحانك!! تبت إليك، وأنا أول المؤمنين * قال: يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي، وبكلامي، فخذ ما آتيتك، وكن من الشاكرين)).. وهذا ليس نهيا لموسى عن طلب الزيادة، ولكن توجيه له ليطلب الزيادة بالعمل بالشريعة، ليستعد المكان منه للتلقي، فيجيء الفيض من الله.. لأن استعداد المكان إنما هو سؤال بلسان الحال، والدعاء بلسان الحال لا تتأخر الإجابة عليه، ولا الاستجابة له، والله، تبارك وتعالى، يقول: ((أدعوني استجب لكم)).
    وقد فدى الله موسى بالجبل، وجعله له عبرة، ومن خلال العبرة تم التجلي لموسى ولكنه لم يكن تجليا وتريا لأن الجبل قد جعل واسطة فيه..
                  

01-18-2013, 09:05 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    هنا يتحدث عن وحدة البنية البشرية.... وفيها طبعا السلامة من الخوف
    .............وحدة البنية البشرية

    إن القلوب حرم آمن من الخوف لأنها بيت الله، وقد أسلفنا في ذلك القول، ونحب أن نقول أن هذا ينطبق على جميع القلوب، حتى قلب المادة غير العضوية وهي ما نسميها اصطلاحا ((ميتة))..
    وعن سلامة القلوب في أصل التكوين قال المعصوم: ((كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه، أو ينصرانه، أو يمجسانه))..
    وفي ذلك قال تعالى عن اليهود: ((وقالوا قلوبنا غلف، بل لعنهم الله بكفرهم، فقليلا ما يؤمنون)) وقال عنهم أيضا: ((فبما نقضهم ميثاقهم، وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق، وقولهم قلوبنا غلف.. بل طبع الله عليها بكفرهم، فلا يؤمنون إلا قليلا)) وذلك أن الكافر لا يكون بغير إيمان إطلاقا، فإن في قلبه الحقيقة - في عقله الباطن الحقيقة- ولكن بينها وبين عقله الواعي حجب كثيفة وهذه الحجب هي التي عبر عنها، تبارك وتعالى، حين قال: ((كلا، بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا، إنهم عن ربهم، يومئذ، لمحجوبون)) والرين هو الصدأ والدنس والطبع.. وذلك كله قد كان بسبب الكبت الذي جرى منذ نشأة المجتمع البشري، والذي لا يزال يجري، وهو قد قام في ظل الأوهام، والخرافات، والأباطيل، التي صحبت علمنا بالله، وبحقائق الأشياء، وبما يكون عليه الواجب علينا نحو أنفسنا، ونحو الله، ونحو الجماعة.. وهذه هي المرحلة التي أسميناها مرحلة الجسد والعقل المتنازعين، والتي ستعقبها، بعون الله وبتوفيقه، مرحلة الجسد والعقل المتسق
                  

01-18-2013, 09:08 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    هنا يتحدث عن الرغبات المكبوتة ، في أنها كبتت بسبب الخوف، وقد شبهها تشبيه دقيق بسجن(الباستيل) الشهير
    ...........
    ومنطقة الكبت، في صدر كل منا، عبارة عن سجن رهيب.. أشد رهبة من سجن ((الباستيل)) المشهور.. وهو سجن مظلم، لا يصل إليه النور، ولا الهواء.. وقل أن تصل إليه، من الخارج، الأصوات.. وقد زج في هذا السجن بأبرياء، ومظاليم، وأحرار، بغير محاكمة وقام على أبوابه سجانون عتاة، أشداء، أرهبوا السجناء، وأذلوهم، واضطروهم إلى الطاعة، ففقدوا الحرية، وفقد بعضهم الحركة.. ولكنهم لا يزالون، جميعهم، أحياء يتطلعون ليوم الإنعتاق، وأمامهم إحدى خطتين: إما أن يثوروا بالسجانين والحراس، ويقتحموا أبواب السجن، فتسيل بهم الشوارع سيلا بشريا مجتاحا، أو أن يجدوا العدل منا، والإنصاف، والتفهم العميق.. وفي سبيل هذا التفهم برزت في أروبا، وفي أمريكا، أساليب من الحياة، والفكر، كأساليب ((الهيبيز)) وأساليب ((اللامعقول))، ولكنها أساليب تدل على الحيرة، وعلى القلق، وعلى الجهل بأصل المشكلة.. ومع ذلك فإنها تملك فضيلة الاعتراف بهذه المأساة، في حياتنا، التي تحاول الكثرة الغالبة تجاهلها.. ومن أجل ذلك فإنا لا نعتبر حركات الشباب، التي تتجه اتجاه ((الهيبيز)) علامة مرض، وإنما هي عندنا علامة صحة.. وهذا هو الذي جعلنا نجزم بأنا نعيش الآن في أخريات أيام مرحلة التطور العضوي - العقلي..
                  

01-18-2013, 09:11 AM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    وقد كان الخوف، والجهل مسيطرين على قضاة وسجاني هؤلاء البؤساء.. ونحن لا نستطيع أن نعيد الحرية لهؤلاء المظاليم إلا إذا كنا، قضاة وسجانين، متحررين من الخوف، ومتحررين من الجهل.. ولا يحررنا من كل أولئك إلا العلم بالأشياء على ما هي عليه في الحقيقة.. وأول ما تعطيه حقيقة الأشياء أن الناس قد خلقوا ليكونوا أحرارا.. ولا يذهلننا عن هذه الحقيقة كون الناس قد خلقوا ضعافا.. فإن هذه مرحلة، وهم، في هذه المرحلة، قد باعوا حريتهم، وقد أنى لهم الآن أن يستردوها بالعمل الجماعي، وبالعمل الفردي..
    وأول ما يمكن أن يقدمه لنا العمل الجماعي تنظيم الجماعة وفق قانون العدل، بدلا من قانون الغابة، حتى نحارب الخوف فلا نضطر إلى زيادة السجناء ((الكبت)) بغير موجب.. وقانون العدل يقول أنه ليس هناك قوي، وضعيف، وإنما هناك محق ومبطل.. والمحق يصله حقه وإن كان عاجزا، والمبطل ينال منه سلطان العدل، وإن كان متجبرا كفارا..
    ومن أجل محاربة الخوف فإن قانون العدل يقول: إن الناس أشراك في خيرات الأرض، وأشراك في تولي السلطة - الاشتراكية والديمقراطية- وفي بنتهما - العدالة الاجتماعية-
    وثاني ما تعطيه حقيقة الأشياء أن الوجود خير كله.. لا مكان للشر، في أصله، وإنما الشر في مظهره.. وسبب الشر هو جهلنا بهذه الحقيقة.. ومن ثم، فليس هناك ما يوجب الخوف..
                  

01-18-2013, 12:49 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    يا إلهي !


    فوق



    ألف تحية يا منصوري
                  

01-18-2013, 01:05 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    ههههه قلت لى كيف يا مامون
    يا إلهي.. يا إلهي القلتها أنت دي! تعادل حاجات كتيرة
    فعلا حاجة محيرة أستاذ محمود يا مامون.. في الصبر والعلم وانتهاج النهج السلمي
                  

01-18-2013, 01:24 PM

محمد أبوالعزائم أبوالريش
<aمحمد أبوالعزائم أبوالريش
تاريخ التسجيل: 08-30-2006
مجموع المشاركات: 14617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)


    الأخ الكريم منصوري ..
    لك التحية والإحترام.

    طبعاً مسألة الضغط 120/80 دي رغم إنها مثالية أكتر من اللاّزم بالنسبة لعمر الأستاذ ..... إلاّ أنها يمكن أن تكون صحيحة وليس لي أن أشكك فيها.

    رغم ذلك، هناك حقيقة أن الغرض من الفحص الطبي لأي محكوم بالإعدام، يراد منه التحقق من صحته الجسدية قبل التنفيذ، لأنه قياساً عليها يتم تحديد أدوات التنفيذ (قوة الحبل وسمكه مثلاً)، وهذا يجب أن يتناسب مع وزن المحكوم. هذا ما سمعته عن هذا الأمر بشكل عام، ولست متخصص.

    إذاً، هل القراءات الخاصة بالحالة الصحية للأستاذ قبل التنفيذ كانت صحيحة، أم كانت مجرد أوراق تم تعبئتها من قبل منفذي الجريمة، حتى لا يعيق تنفيذ جريمتهم شئ؟

    لك التحية.
                  

01-18-2013, 02:17 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: محمد أبوالعزائم أبوالريش)

    تسلم أبو العزائم.. فعلا كما ذكرت أنت ممكن يكون احتمال..وارد منك..
    لكن هنالك حجة قوية تأيد هذا الرقم، وهي ( أن هذا ضغطه أو اقل منه بدرجة أو أكثر منه بدرجة درجتين تلاتة عندما يقاس له في المنزل.. نفس الشئ يعني
                  

01-18-2013, 03:28 PM

محمد الزبير محمود

تاريخ التسجيل: 10-30-2010
مجموع المشاركات: 5699

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    سلام يا منصوري
    ببساطة لم يكن يتوقع الموت بل كان يتوقع تدخل قوة خارقة لنجدته لأنه كان يعتقد بأنه النبي الرسول المنتظر عيسى !!!
    الموت كان مفاجئة وصعقة غير متوقعة كما قالت بنته أسماء .
    هل يتوقع الجمهوريون رجوع أستاذهم لإكمال الرسالة وبسط الاسلام ؟؟؟
    تحياتي
                  

01-18-2013, 03:49 PM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: محمد الزبير محمود)

    شهيد الفكر الأستاذ محمود محمد طه
    خلد أسمه في تاريخنا من أجل حرية الفكر والرأي
    والتي مازلنا نجاهد لنيلها " فالحرية لنا ولسوانا " ..
    ألف رحمة ونور على قبره وجعل الله الجنة مثواه ..
                  

01-18-2013, 04:21 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: Amani Al Ajab)

    لا يا محمد الزبير، هو كان يتوقع ذلك بالضبط.. وقد نعى نفسه لتلاميذه، قبل ما يحصل شئ في حديث طويل.. موجود ومسجل وتحدث عن التفدية للشعب.. بل كان يتوقع ذلك منذ الأربعينات.. وقد ذكر ذلك لأناس من رفاعة وسجلت شهادتهم..
    أما إذا كان بعض تلامذته لايتوقعون ذلك لمحبتهم فيه. فهذا شئ لاينسحب على أفكار الأستاذ..
    أما حكاية أنا رسول. أنا نبي.. هذا هراء.. وليس هنالك فقرة واحدة في كتبه تقول ذلك.. هذا من نسج المعارضين..والغوغاء..
    أنظر وأقرأ هذا الذي نزلناه عنه، في محبته الكبيرة جدا والسامقة للنبي صلى الله عليه وسلم
    ...........
    تسلم برضو أماني العجب على المرور بي جاي و ( الحرية لنا ولسوانا)
                  

01-18-2013, 07:06 PM

اميرة السيد

تاريخ التسجيل: 07-09-2010
مجموع المشاركات: 5598

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: منصوري)

    Quote: (( وجعلت قرة عيني في الصلاة )) وقرة العين تعني طمأنينة القلب ، ولا تكون طمأنينة القلب إلا بجمعية النفس بعد التوزع .. ولقد حقق محمد هذه الجمعية بفضل اطلاعه على وحدة الذات الإلهية . فاطمأنت نفسه ، واحلولت شمائله ، واكتملت حريته .. وأكبر دليل عندي على كمال حريته الداخلية عزوفه عن السيطرة على الآخرين .. فالمعروف عنه أنه كان يكره أن يتميز على أصحابه . وكان يحب أن يكون كأحدهم . وكان ينهاهم أن يعظموه ، ويقول لهم : لا تعظموني كما تعظم الأعاجم ملوكها .. وكان يقول : من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار .. ووفد عليه ، ذات مرة ، رجل فأخذته هيبته ، فلجلج ، ولم يستطع أن يبين عن حاجته ، فقال له : هون عليك !! فإني لست ملكا ، وإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد .. فسري عـن الرجل ، واستعاد رباطة جأشه ، وكرامة إنسانيتـه .. ولقد خيـر: أيكـون نبيا ملكا ؟ أم يكون نبيا عبدا ؟ فاختار أن يكون نبيا عبدا .. والعبودية لله هي غاية الحرية ، وكلما زاد العبد في التخضع لله ، كلما زادت حريته .. والعكس صحيح .. فالملك تسلط على الآخرين ، وبه تنقص عبودية العبد ، وتنقص ، تبعا لذلك ، حريته ، ولذلك فقد آثر الحرية ، في معنى ما آثر العبودية لله ..

    ,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

    عزيزي منصوري
    تحية طيبة

    اولا نشكرك على هذه المقتطفات الطيبة من فكر الاستاذ الراحل والمرحوم باذن الله محمود محمد طه والذي اغتيل لأسباب سياسية بحتة وليست لأسباب دينية ..
    اولا نقول ان الانسان يشتد ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم بمجرد خوفه وارتفاع درجة الادرينالين في جسمه نتيجة هذا الخوف حتى ولو كان داخلا لامتحان دراسي او انترفيو في اطار بحثه عن العمل.. فكيف بانسان يواجه الموت.. .. ولا شك ان ضغط الدم لأي انسان يُقال له انه سيغادر الدنيا بعد دقائق سيكون على الأقل 500/200 .. كما انه لا شك ومحمود محمد طه يواجه الموت وقياس ضغطه يشير إلى 120/80 انه كان مطمئنا للقاء الله عز وجل .. والعلم عند الله..

    والفقرة اعلاه استوقفتني لما بها من دلائل التواضع الجم عند رسول البشرية:" اما نقرأ كلماته:" هون عليك.. انا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد.."

    والآن نرى اناس في هذا الزمن يفتخرون بالقليل ويعتبرون انفسهم في المراتب العليا وليس لهم من علم الدنيا والآخرة شئ وانما يغرهم حياة الدنيا ومتاع الغرور..

    وواصل والله يديك العافية
                  

01-18-2013, 07:52 PM

منصوري
<aمنصوري
تاريخ التسجيل: 09-28-2003
مجموع المشاركات: 2504

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حسب سجلات سجن كوبر، أن قياس ضغط الأستاذمحمودمحمدطه قد كان120/80 (Re: اميرة السيد)

    ياااااه
    أستاذة أميرة السيد..
    أصلو إنت من زمان عندك بوستات قيمة في التصوف ومنهجيته في تربية النفس.. وكم مرة وددت أن أتداخل في البوست المعنى.. ولكن مشاغل الحياة... بس قرأته كله، وهضمته كله.
    ......
    هنا أنت أخترت فقرات طيبة من فكر الأستاذ محمود..
    الحقيقة الأستاذ تحدث عن التصوف بصورة فيها احترام شديد لشيوخ التصوف الأول
    وليس التصوف الآن بما فيه ناس يأكلون الدين بالدنيا..
    أين نحن من ابي يزيد البسطامي.. وعبد القادر الجيلاني.. وغيره من شيوخ التصوف.. الذين زهدوا في دنيا الناس، وقدموا للناس العلم والسمت المضروب من التواضع والأدب..
    .........
    الحقيقة الأستاذ تكلم، عن التصوف، السياسة ، الدستور، الشيوعية، العلمانية، العلمية،الرأسمالية، الديمقراطية الاشتراكية، المساواة الاجتماعية، المرأة ، كل شئ يهم أمر الناس ودستورهم طرق بابه، ووضح المحاسن والمساوئ للقارئ .. وترك له مجالا للفكر ليتفكر بنفسه..
    ..........
    اختيارك للنص أعلاه من حسن صفات سيد البشرية عليه الصلاة والسلام اختيار طيب..
    شكري
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de