مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-14-2024, 07:05 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-15-2013, 06:11 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد


    مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد


    الثلاثاء, 15 كانون2/يناير 2013 17:27

    عندما جوبهت بسؤال عن الموضوع الذي أتمنى إختياَره للحديث عن شهيد الفكر محمود في مئويته، بل في الذكرى الرابعةِ والعشرين لإستشهاده، توقفت مرة بعد مرةً، فمحمودٌ رجلٌ لكل الفصول : (A man for All Seasons)، ذلك وصف أطلقه الفيلسوف الهولندي إيراسموس الملقب بأمير الإنسانويين على شهيد فكر آخر، هو السير توماس مور، رئيس مجلس اللوردات البريطاني في عام 1529م على عهد الملك هنري الثامن. ليس بين الرجلين عُلقةٌ في الفكر، بل تشابهٌ في الصدق مع النفس حتى الموت. وعندما تمنى علىَّ منظمو الحفل أن أتحدثَ عن الفكر السياسي عند محمود إزدَدتُ إحترازاً لأن إقبالَ الأستاذ الشهيد على الفكر السياسي كان مختلفاً جداً عما يُطلِق عليه البعضُ أسم الفكر السياسي في السودان، وهو ليس منه في شئ.

    العنوان الذي إخترت للحديث: "محمود محمد طه الذي عرفت" فيه مجالٌ للتوسعة بدلاً عن الحصار والتضييق. و الهدف من الحديث ليس هو شرح او تشريح أفكار الاستاذ، وانما هو القاء اضاءة كاشفة عن تنوع معارفه، وجديته في االإقبال علي القضايا العامة، ثم صدقه مع نفسه في القول و العمل. ولئن سأل سائل: كيف عَرفَتُ الأستاذ، ولماذا حَرَصتُ على معرفته، أجيبُ انني عرفت ذلك المفكر الفهامه أولاً كما ينبغي أن يُعرف المفكرون. المفكر يعرفه الناس من قراءة ما كتب والتملي فيما كتب. والمفكر تشدُ الناسَ اليه نجاعةُ الفكر، وفصاحةُ الأسلوب، وبدائعُ التفسير، ثم البلاغة في تصريف المعاني. كثيرٌ من الذين تصدوا لأفكار الراحل إبتنوا معرفتهم لأفكاره على السماع لم يروموا من ذلك غير غرض واحد هو التشهير. ومن بين أولئك طائفةٌ من المتربصين سارعت إلى قراءةِ ما بين السطور، قبل قراءة السطور، ناهيك عن التمعن فيها، ومن ثَم ذهبت تلك الطائفة إلى إختراص المعاني التي يريدون عبر تلك القراءة الزائفة حتى يُقَدروا عليها الأحكام بالظن، وبعضُ الظن إثم.

    سعيتُ من بعد القراءة والتملي فيما قرأتُ إلى لقاء الرجل، ليس فقط رغبة في الحوار معه حول بعضِ أفكاره، وإنما أيضاً لأكتنِه أمرَه: ما الذي كان الأستاذ يبتغي مما يدعو له؟ وعلي أي أساس كان يخاصم ويصطلح؟ وما هو معيارُه في الحكم على البشر، وبخاصة الحواريين من حوله؟ الغاية من ذلك الحوار كانت هي الإدراكُ السليمُ لكيف يستبطنُ المفكرُ الداعيةُ القيمَ التي يدعو لها، أي التعرفَ إلى مخبره قبل مظهره. تعرفت على محمود أيضاً من خلال تجارب اخوة لي لم يكونوا أبداً من بين صحبه وناصريه ولكن شاءت الظروف ان يرافقوا الإستاذ في مرحلة من مراحل حياته فأحبوه، ورأوا فيه من الخصائص والخلال ما لم يروه في غيره من الرجال. هذه هي المداخل التي قادتني للتعرف على رجل هو بكل المعايير رجلُ وَحْدَه.

    فمحمودٌ مفكرٌ دينيٌ مجدد ساءه أن يتظنى الأغيار، بل بعضُ المسلمين، ان الإسلام في ازمة، وانه عقبةٌ في سبيل التطور والتحديث. محمود رأي غيرَ ذلك. العقبة في رأيه هي الفهمُ القاصرُ للدين، وليس الدينُ نفسَه. والمأزوم هو المسلمُ المتقاصرُ عن فهم الدين فهما صحيحاً، وليس الإسلام.

    محمود أيضاً مثقف موسوعي لم ينبذْ الأفكارَ المعاصرة او يناهضها دون علم و دراية بها، بل ذهب لتقصي إصولها ودارسة تجاربها شأن الباحث المدقق والامين في آن واحد. ذهب لدراسة الماركسية لينفذ الي حسناتها ويبين سيئاتها. من حسناتها في رأيه تحليلها للإقتصاد وإبرازها لدور الإقتصاد في مراحل التطور التاريخي للإنسانية، ومن سيآتها، حسب رأيه، إتخاذ العنف وسيلة للتغيير. كما درس الحضارة الغربية ورأي وجهيها، فحسب قولهَ لتلك الحضارة "وجه حسن مشرق الحسن ووجه دميم". حسنُها في الكشوف العلمية التي اخصبت الحياة البشرية، ودمامتها في القصور عن التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة. وهكذا دواليك كان إقترابه من تحليل الليبرالية والفكر القومي، ومناهج الحكم.

    هو أيضاً متصوف زاهد إخشوشنت حياتُه بإختياره حتى خَمُص بطنه ورب مخمصةٍ خيرٌ من التُخَم. ورغم مهنيته التي اثرى منها رفاقُه في المهنة إلا انه لم يوظف مهنَته تلك ليوثِنَ (يكثر) في المال، بل ظل يُبقى منه ما يقيم الأود ثم يعفو ما فاض عن حاجته.

    هو سياسي حمله جَدْب البيئة السياسية إلى أن يُرَوي بفكره عَزازَ ارضها. وكان له في ذلك قول يعود الي عهد مؤتمر الخريجين عندما قال في السفر الأول : "أول ما يؤخذ علي الحركة الوطنية انصرافها التام عن المذهبية التي تحدد الغاية وترسم الطريقة التي تحقيقها". ذلك رأي عاد إليه بعد إنتفاضة إكتوبر 1964م فوصفها بأنها فترة إكتملت فيها مرحلة العاطفة السامية التي جمعت الشعب على إرادة التغيير لكن لم تملك بعد فكرة التغيير. من ذلك نستجلي أن الأستاذ كان لا يرى مستقبلاً لأي تطور سياسي إلا أن إهتدى العمل السياسي بفكرة ورؤية. وفي هذا المجال أقبل الاستاذُ على الكتابة في كل ضروب السياسةُ: السياسةُ الحكمية، والسياسة الإجتماعية، والسياسة الثقافية، اي ذهب الي معالجة كل قضايا الناس الحيوية والحياتية وذلك هو لب السياسة. كان ذلك في وقت لم يتجاوز فيه أهل السياسة التفاصح والتداهي بما ليس فيهم، بحيث أصبحت الفصاحة – والتي هي ليست مرادفاً للبلاغة – هدفاً في حد ذاتها.

    لمحمودٍ المجدد، إن ابتغينا التفصيل، رأي في الإسلام، هو ان "الإسلام محاصر في سياج دوغماطي مغلق"، وذلك تعبير نقتبسه من المفكر الاسلامي الجزائري محمد اركون. ولا سبيل في رأي محمود لفك مغاليق ذلك السياج الا بقراءة جديدة للإسلام وفق فكرة إبتدعها تقوم على التمييز بين فقه الإصول وفقه الفروع، بين آيات الإصول التي تعبر عن القيم الرفيعة والمبادئ الأساسة التي ما جاء الأسلام إلا لتحقيقها، وبين تلك التي لا تكون فيها التكاليف إلا بوسع الناس على تحملها. وعبر كل ما قرأت للأستاذ المجدد لم أقرأ ما يشي بإنكاره لصلاحية الفقه الموروث في زمانه ومكانه، وإنما إرتأى أن ذلك الفقه والقيم المعيارية الملحقة به لا يصلحان لزمان الناس هذا، لما بين الزمنين من فجوة معرفية وقيمية ومعيارية. فهذا زمان تحكمه عهود دولية حول حقوق الإنسان، وتضبط الحكم فيه والعلاقات بين الأمم على إمتداد العالم مواثيق إرتضتها الدول ولم تنكرها واحدة منها وعلى رأسها ميثاق الأمم المتحدة. تلك المواثيق والعهود فرضت واجبات لا تملك دولة التخلي عنها بدعوى خصوصياتها الثقافية.

    أزاء ذلك التناقض الظاهري بين الدين والقيم المعيارية الجديدة إنقسم المسلمون إلى فرق. فريق يقول أن لا مكان للدين في الحياة، ولهذا فالدين غيرُ ذي موضوع بالنسبة للحياة، أو لمنظومة السلوك الدولي الجديدة. وفريق ثانٍ يرى في كل ما إبتدعته الإنسانية بِدعاً ضِليله، وكل ضلالة للنار. بعض من هؤلاء تصاعد في زماننا هذا بتلك الفكرة المدمرة الى تفريق العالم إلى فسطاطين: فسطاط الكفر وفسطاط الإيمان. وفريق ثالث لا يريد أن يستقيل عن دينه، كما لا يقدر على الإنعزال عن العالم فيلجأ إلى تخريجات مستنبطة من المفاهيم والأحكام الدينية الموروثة، وهي تخريجات تؤكد ولا تنفي دعاوي الذين يقولون بعدم صلاحية الدين للعصر لما في مطاوي تلك التخريجات من تناقض داخلي. و في هذا، هم اما مفكرون قاصرون، أو أدعياء منافقون.

    محمود كان من أسبق المفكرين للدعوة لحلول مستمدة من إصول الإسلام، ليس فحسب، ليناهض بها الفكر الموروث الذي لم يعد صالحاً لهذا الزمان، بل ايضاً ليدحض بها الفكر الملتبس أو المتيبس للإسلام حماية للإسلام نفسه، خاصة وهو كله آراء رجال وبالتالي لا قدسية له. بدون قراءة جديدة للمفاهيم والأحكام الدينية السائدة ، يستعصي التكامل بين الدين والحياة. في دعوته تلك، إنطلق الأستاذ من قاعدة إصولية هي ان الإسلام غير معاش على الأرض الآن، لا على مستوى تشريعات الدولة الإسلامية ولا في مستوى أخلاقيات المسلمين.

    جاء في الحديث "أن للدين صوى(benchmarks) ومنارات كمنار الطريق"، وعن تلك الصوى كان محمود يبحث. بسبب من ذلك انكر تقديس الاحكام التي لم تعد صالحة لزماننا، وأن صلحت كشريعة لمن قبلنا. انكر أيضاً على المعاصرين من حماة ذلك الفكر المتيبس الدور الوسائطي الذي إفترضوه لأنفسهم بين الأنسان وربه. ذلك كهنوت لا يعرفه الإسلام، بل نعيذ الإسلام منه بذاته وبأسمائه. فكل مسلم في رأي الأستاذ رجل دين. كما ليس في الإسلام وظيفة يطلق عليها وظيفة رجل الدين. ودوننا العراقي أبو حنيفة، وهو من أبرع الأئمة في إستخراج الأحكام الفقهية، كان تاجر خز لم يلهه الإجتهاد عن مهنته.

    في عودته للإصول لم ينحُ طه للتجريد وإنما تقفى كل القضايا الحياتية التي شغلت، أو ينبغي أن تشغل، الناس، وعلى رأسهم قياداتهم السياسية. ففي السياسة الحكمية كتب محمود في عام 1955م عن الفيدرالية كأصلح المناهج لنظام الحكم في السودان، في الوقت الذي كان غيرُه يصفُ الفيدراليةَ بأنها ذريعةٌ إستعمارية لتفتيت وحدة السودان وكأنا بهؤلاء لم يكونوا يعرفون كيف وحدتْ الفيدراليةُ دولاً مثل الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، وكندا، والبرازيل، والمانيا. وفي السياسةِ الإجتماعية تناول قضيةَ المرأة في وقت لم يكن فيه للمرأةِ مكانٌ إلا أن تكون مستردفةً وراء الرجل حتى بالمعنى الحسي للكلمة، إذ كان بعضُ الرجال يومذاك يستنكف أن تجلس زوجته إلى جواره في السيارة. ما فتئ بعض من هؤلاء ينادي بقوامةِ الرجل على المرأة مهما كان مستوى علمِها ودينِها وخلقها، ولا ضير عندهم إن كانت المرأة هي العالمة مدام كوري الحائزة على جائزة نوبل مرتين، أو الكاتبة البريعة إيملي برونتي، أو شهيدة الحرية بنازير بوتو. كما لا ضيرعندهم ان كان الرجل هو أي فحل جلف ليس له من علم او خلق يتحفل به أمام المرأة التي يطمع في الولاية عليها. هذه النظرة التي تجعل من المرأة ضديداً للرجل نسبها الأستاذ، بحق، إلى الجهل ولهذا كتب: "المرأة ليست عدوة الرجل، الجهل عدوهما، معاً". لذلك فإن موقف الإستاذ الشهيد من قضية المرأة كان من أعظم فتوحاته الفكرية في الحقل الإجتماعي. وكان الأستاذ ينظر للمرأة كإنسان ينبغي الإنتصاف لحقه، أين كان. ويروي لي الراحل الحبيب الدكتور خليل عثمان، وكان قد صَحبَ الأستاذَ في محبسه، كيف أن الأستاذ ظل يُتابعُ إنتخابات الرئاسة الأمريكية: رونالد ريقان وجورج بوش ضد والتر مونديل وجيرالدين فيرارو، ويجاهر بتمنياته لفيرارو بالإنتصار. سأله خليل: ما الذي تَعرفُ عن هذه السيدة حتى تؤيدَها؟ قال الاستاذ: "أنا لا اعرفُها البتة لكني اتمنى لها الإنتصار لأن إنتصارَ المرأةِ في أمريكا لإحتلال موقعٍ كهذا هو إنتصار للمرأة في كل مكان". ولعل محموداً قد فطن إلى أن في تحرير المراة تحريراً للمجتمع، وأن في صلاحها صلاحاً للأسرة، فالمرأةُ هي الإنسان كما قال الـروائي الألمــاني المعـروف تومـاس مــــان: "الرجـال هـم الرجـال ولكــــن المـرأةَ هي الإنسـان" (Men are men but woman is man).

    كان للأستاذ أيضاً رأي في الحرب والسلام ذهب به إلى جَذر المشكل بعقود من الزمان قبل ان نعترف بذلك في إتفاقية السلام الشامل في يناير 2005م . في تلك الإتفاقية إعترف طرفاها بجذور المشكلة التي ظلت كل القوى السياسية الشمالية تعوص على نفسها الإمور برفضها. بدلاً عن الإعتراف بجذر مشكلة الجنوب إستمرأت تلك القوى البحث عن مشاجب خارجية تُعلق عليها أسباب الخيبة. قال الطرفان في ديباجة بروتوكول ماشكوس: ", وإذ يدركان أن النزاع في السودان هو أطول نزاع في افريقيا، وأنه قد سبب خسائر مريعة في الأرواح، ودمر البنى التحتية للبلاد، وأهدر الموارد الإقتصادية، وتسبب في معاناة لم يسبق لها مثيل، ولا سيما فيما يتعلق بشعب جنوب السودان، وشعوراً منهما بأوجه الظلم والتباين التاريخية في التنمية بين مختلف المناطق في السودان". في ذلك إعتراف منا بأن لمشكل الجنوب إسباباً متجذرة في الداخل. وحقاً، حين كان السودانُ كلهُ يتلظى بنيرانِ الحرب، كان بعضٌ من أهله لا يُخفي فرحتَه بما حقق من إنتصار وهمي. في ذات الوقت ما انفك الأستاذُ ينظر إلى الصورة المتكاملة ولا يتوه في تفاصيلها، أو يهرب إلى الإمام من واقعها الكالح. كان كلما تباهى المنتصرون بقولهم: "لقد قضينا على مائة من الخوارج وأستشهد منا خمسة"، يعقب بالقول: "أما نحن فنقول أن السودان فقد مائة وخمسة من رجاله".

    بصورة عامة كان محمودٌ في سَرَعَان الناس (أي أسبقهم) إلى إدراك البعد الوطني لما ظللنا نسميه مشكلة الجنوب. كتب في واحدة من رسالاته ازاء الإسراف في الحديث عن مشكلة الجنوب، وكأن هذا الجنوب هو جنوب المريخ: "وللشمال مشكلة أيضاً". بذلك سبق قول الراحل جون قرنق:"مشكلة الجنوب هي فرع (Subset) من مشكلة السودان". هذا طرف من قضايا السياسة التي أهَمَت الأستاذ في حين صمت عنها السياسيون اما عجزأً أولا مبالاة. أدهي من ذلك أن اللهاثَ وراءَ السلطة يومذاك كان هو الشغلُ الشاغل لسادة الحكم، دون أي إجتراء من جانبهم على مواجهة النفس ونقد الذات، بل دون أن يقولوا مرة واحدة لمن ولوهم السلطة أو حملوهم الى سدتها، ما الذي يريدون أن يفعلوا بتلك السلطة من أجل قضايا الناس.

    وإن كانت نظرةُ الاستاذ الشهيد للمدينة الفاضلة التي قَدرَها وأحب أن يصير إليها السودانُ نظرةً شمولية تكاملية، إلا أنه قَدَر أيضاً ان السودانَ جزءٌ من عالم لا يستطيع السودانُ الإنفكاكَ عنه، كما هو جزء من حضارة إنسانية لا سبيل له للإنخلاع عنها. في ذلك لم يذهبْ مذهبَ الذين يدعون للإنخلاع عن الحضارة المعاصرة بدعوى تناقضها أو تباينها مع خصوصية ثقافية مدعاة، أو نقاء عرقي مزعوم. فهؤلاء مع كل مزاعمهم بفساد تلك الحضارة وجَحدهم لكسبها ومنجزاتها الإنسانية ظلوا يلتهمون نتاجها في المسكن والملبس والمشرب والتواصل والترحال، أي يعيشون كمستهلكي حضارة لا منتجين لها.

    شهيد الفكر كان يرمي ببصره بعيدأ ويقول أن الحضارة المعاصرة، حضارة القرن العشرين بلغت نهايات النضج. وان البشرية المعاصرة مجتمع كوكبي إن أصيب جزء منه تداعت لمرضه بقية الأجزاء. هذه النظرة التي جاء بها الأستاذ الشهيد في السبعينات سبقت ما تواصينا عليه بعد عَقد من الزمان في لجنة دولية كان لي شرف المشاركة في رئاستها: اللجنة الدولية للبيئة والتنمية. خرجت تلك اللجنة على الناس بتقرير اصبح هو الميثاق الدولي للبيئة في قمة الارض بريو دي جانيرو. جوهر ذلك الميثاق هو وحدة كوكبِ الأرض بحيثُ ينبغي على كلِ فردٍ في المعمورة ان يفكر عولميا ويعمل محلياً. ثم جاء من بعد فيضان العولمة بخيره وشره، وإنداحت معه الحدود بين البلاد. ولعلني لا اريد أن أتقفى أثر المفكرين المسطحين الذين يحاولون إيجاد نسب لكل فكرة حضارية جديدة، أو ظاهرة علمية مستحدثة بتجارب الدولة الإسلامية وبالقرآن الكريم، ناهيك عن ربطها بأفكار مجتهد معاصر، لا سيما وقد جاء زمان أطل علينا فيه نفر من المتفيقهين الذين لم يستح واحدٌ منهم من أن يفتعل لتخليق النعجة دوللي بالإستنساخ ذِكراً في الكتاب الكريم. كل ما أريد قولَه هو ان الشهيدَ المفكر كان يعالجُ إمور بلاده في محيط كوكبي أرحب لا نملك إلا ان نعيش فيه، ونتفاعل معه، ونؤثر عليه، ونتأثر به، في حين كان غيره لا يبصرون حتى ما تحت أقدامهم بدليل عجزهم عن معالجة أدنى مشاكل الحكم والحياة.

    هذه النظرة الكلية لقضايا الإنسان في السودان كانت بارزة أيضاً في ما كتب الأستاذ عن الإقتصاد. من ذلك رسالته حول الضائقة الإقتصادية (1981م). وأمثال تلك الضائقة يتخذها دوماً معارضو الحكم تكأة لتخذيله، أو ذريعة لحمله على الفشل. يفعلون ذلك دون أدنى إهتمام لما لتلك الضائقة من أثر على الوطن والمواطن. في تناوله لتلك الضائقة (والتي نستعرضها كنموذج) تناول الأستاذ البعد الأخلاقي للأزمة: مسئولية الدولة ومسئولية الأفراد؛ الريف والمدينة وأثر إنهيار الإقتصاد الريفي على إنهيار المجتمع الحضري؛ البعد الخارجي: التجارة الدولية، الديون؛ البيئة الطبيعية، الكوارث مثل الجفاف والتصحر. هذه النظرة الموضوعية العلمية لقضايا الناس هي التي يترجاها المواطن من قادته ومفكريه إن كانوا حقاً جادين في تدارس أي أمر ذي بال حتى يصلح حاله وأمره. والا حق قول أبي العلاء بأن الحكم ومذاهبه عند أولئك ليس هو الا وسيلة لجلب الدنيا لسادة الحكم.

    إنما هذه المذاهب أسباب لجلب الدنيا إلى الرؤساء

    تساءلت ذات مرة عن ما الذي يحول دون هذا المفكر، طالما أهّمَته السياسة، أن ينشئ حزباً سياسياً يتصارع عبره مع الآخرين على الحكم حتى يترجم أفكاره تلك إلى واقع. قال: "غايتنا ليست الحكم هي وإنما خلق المسلم الصالح المتكامل، وبصلاح الناس يصلح المجتمع". وحقاً لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم، وحقاً ايضاً أن لاسراة إذا تسيد الجهل على الناس.

    قلت أن الاستاذ المجدد كان يسعى لبناء مدينة فاضلة بخلق النساء والرجال الفاضلين. والرجل الفاضل عنده، فيما تبينت من قوله، هو الإنسان مجدول الخلق الذي يحسن عمله، ويقوم برعاية اهله وذويه، ويؤدي فروض ربه ووطنه. سالته ذات مرة كيف تنتقي ابناءك وبناتك من الجمهوريين، وما الذي تتوخاهُ فيهِم؟ قال: في البدء ان كان ذا مهنةٍ فلابد له من ان يُجود مهنتَه، فالرجلُ الذي لايستجيدُ مهنتَه يفتقدُ القوام الرئيس لقيادة الناس، وقوامُ كلِ شئ هو عِماده. الأمر الثاني هو القدرة على التبليغ، أي نشرالفكرة بين الناس بالتي هي احسن بحيث لايستفزه، عند الحوار، مستفز أو يزعجه مزعج. ثالثاً – وذلك هو بيت القصيد - أن لا يفعل في سره ما يستحي من فعله في علانيته. وكأني بالأستاذ الشهيد أراد ان يجعل من صحبه بشراً يقاربون الأنبياء في سلوكهم. هذا أمر لا أدعي أنني قادر عليه، ولمن قَدِر عليه من صحاب المفكر الشهيد تحية إعجاب.
    بُغية الأستاذ المعلم، إذن، كانت هي إعداد بنيه وبناته ليكونوا قدوة صالحة تُكلف نفسها في سبيل الدعوة غاية ما تقدر عليه. هذا امر ليس منه بُد إن كانت الدعوة لدين أساسَه الإستقامةَ والإستواء "وذلك هو دين القيَّمة". ولعله في هذا ذهب مذهب إبن رشد القرطبي في نظرته للكمال الإنساني. فعند إبن رشد يتميز الإنسان العاقل بما يحصل عليه من عتاد روحي وثقافي ومعارفي وتتكامل عنده الحكمة والشريعة لما بينهما من إتصال.

    لمحمود أيضاً رأي في الإنسان أبدع فيه. قال في واحدة من رسائله "الرجالُ عَندنا ثلاثة: الرجلُ الذي يقولُ ولايعمل لأنه يخافُ من مسئوليةِ قوله، وهذا هو العبد. والرجلُ الذي يَحِبُ ان يقولَ وان يعملَ ولكنه يحاولُ أن يهربَ تحت الظلام فلا يواجهُ مسئوليةَ قوله ولاعمله، وهذا هو الفوضوي. والرجل الذي يحب أن يفكرَ وأن يقولَ وأن يعملَ وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله وعمله، وهذا هو الرجلُ الحرّ (الثورة الثقافية)". هذا حديث حكيم شفيف الباطن. إستذكرت الشاعر الراحل محمود درويش (الجدارية) وانا أعاود قراءة كلمات محمود هذه:
    انا لستُ مني لو أتيتُ ولم أصل
    انا لستُ مني لو نطقتُ ولم أقل
    أنا من تقول له الحروفُ الغامضات
    أكتُب تكن
    إقرأ تَجِد
    وإذا أردتَ القولَ فأفعل ، يتحد
    ضداك في المعنى
    وباطنُك الشفيف هو القصيد

    فللأستاذ، إذن، رؤية سوية للإنسان المثال لا إفراط فيها ولاتفريط، وإن كان هو في خاصة نفسه قد غالى، بمعاييرنا، في قمع نفسه حتى عن اللَمَم وتوافه الملذات . روى لي الدكتور الراحل خليل عثمان إبان محاياته للأستاذ وهما في الحبس إلحَافه على الشهيد أن يتناولَ معه كوباً من الشاي فتأبى الأستاذ، ثم رضخ لإلحاف خليل. وفي اليوم التالي كرر خليلٌ الدعوةَ له وهو يذكره بأنه تناول الشايَ البارحة دون أن يلحقَ به ضُر. قال الأستاذ: "لقد فعلتُها بالأمس إكراماً لك ولكني أعرف أن الشاي منبه وإن تناولتَه المرة بعد الاخرى صار شربُه لي عادة وانا لا اريد أن أكون عبداً لأي عادة".

    قلت ان في مسلك الأستاذ نسكاً وتصوفاً، يستعيد للذاكرة قول الإمام الغزالي في الأحياء حول الزهد: "هو أن تأتي الدنيا للإنسان راغمة صفوا عفوا وهو قادر على التنعيم بها من غير نقصان جاه، وقبح إسم، فيتركها خوفاً من أن يأنس بها فيكون آنسا بغير الله، محبأ لما سواء، ويكون شركاً لما سواه، فيحب الله غيره" لهذا سألته عن رأيه في متصوفة السودان، ولماذا يصب جام غضبه على الإسلاميين المحدثين لا على المتصوفة؟ ذلك سؤال قصدت به الإستفزاز الفكري، لا سيما ورأيي في علماء السودان ومتصوفته رأي إيجابي إذ عشت في رحابهم، وتعلمت إصول ديني من أشياخهم، قال الأستاذ: "المتصوفة والعلماء هم الذين قربوا الإسلام إلى نفوس اهل السودان بالحسنى، وحببوه إليها بتقوى الله ولهفة المظلوم، ولم يتخذ غالبهم الدين طريقاً للدنيا". أما الطائفيون الذين إتخذوا الدين معبراً للسياسية والمحدثون ممن ينصب أنفسهم دعاة للإسلام فقد أساءوا إلى الإسلام من جانبين: أولاً إحتكار الحقيقة حول الدين بالرغم من سوء فهمهم له؛ وثانياً تبغيض الناس فيه بسبب من الغلواء في الاحكام، لهذا فان مسعاه، كما قال، هو إستنقاذ الاسلام من هؤلاء. هذا الموقف هو ما ظل الأستاذ ثابتاً عليه في كل ما كتب عن الطائفية السياسية، وكان متسامحاً فيما كتب، بمعنى أن الإصرار على الحوار الفكري، لا إغتيال الشخصية وإلغاء الآخر، هو قمة التسامح. ورغم إختلافه مع الطائفيين والإخوان المسلمين والشيوعيين دعا عند المصالحة الوطنية في عهد نميري (أغسطس 1977م) إلى خلق منابر فكربة تتصارع فيها كل هذه القوى السياسية واسماها بأسمائها: لم يستثن منها واحداً. وكان يومها يتمنى أن يُملأ الفراغ السياسي بالفكر. أما الآخرون الذين تداعوا إلى تلك المصالحة فلم يروا لها إلا وجهاً واحداً هو المشاركة في الحكم عبر إئتلاف حزبي أو حكومة وحدة وطنية أو حكومة قومية.

    وعوداً على بدء في موضوع مَنسِك الأستاذِ نقول أن نسكه كان ذا طبيعة خاصة به، كان رجلاً من غمار الناس يمارس كل عوائدهم: ياكل الطعام، ويمشي في الاسواق، ويعود المريض، ويواسي الجريح ، ويعزي في الميت، كما لم يك يحسب نفسه منذوراً للبتولة كالمسيح أو أحبار الكنيسة إذ تزوج وانجب كبقية الخلق. لم يذهب أيضاً مذهب المتصوفة في إقصاء المعارف الدنيوية من حياتهم لأنها تلهيهم عن القربى، أي اقتراب السالك من ربه. فجُل المتصوفة لم يبتغوا من قراءة القرآن وتفسيره إستنباط أحكام فقهية أو عقائد كلامية، بل كانوا يريدون بها خلاصاً شخصياً بتعميق تجربتهم الروحية. بخلاف ذلك، إنغمس الأستاذ حتى أخمص قدميه في المعارف الدنيوية يحاور وينتقد، ويقبل ويرفض. ولم يكن إقترابه من التوحيد من وجهة حلولية شأن كل المتصوفة، بل محاولة فلسفية منه للحصول على معارف واقعية تهدي الإنسان في الحياة الدنيا؛ أي أنه "رأي سبيل الرشد فأتخذه سبيلاً". كما كان سبيله للآخرة هو الإقدام على الفروض والواجبات إقبال رجل يغشى قلبه الوجل من مخافة الله :"إذا ذكر الله وجِلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيماناً" (الأنفال،2). كما كان يدرك أن وراء أداء الشعائر مغزى روحي عميق غير المعنى الظاهري، فتماماً كما أن ليس للصائم من صيامه غير الجوع والعطش، ليس، في حال البعض، للمصلي من صلاته غير القيام والقعود. الدين عند هؤلاء هو حوار أبدي بين الإنسان وخالقه في الليل والنهار حتى يتحقق لهم المقام المحمود: "ومن الليل تتهجد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً" (الإسراء 79).

    ثم جاءت نهاية شهيد الفكر كنهايات أضراب له واشباه من المفكرين الذين قدموا ارواحهم قرابين في محاريب الفكر، كانت نهايتهم على يد طغاة كحال الأستاذ الشهيد وتوماس مور، أو غوغاء كحال سقراط وغاندي. هؤلاء جميعاً لا ذنب لهم غير المجاهدة حتى يصبح الإنسان إنساناً. فمن قبل محمود ذهب سقراط ضحية إتهامه بتلويث عقول الإثينيين ولكنه، رغم إلحاح إفلاطون وزينوفون عليه كي يهرب - وكانوا يعدون للأمر عدته - رفض ذل الهرب من الموت. ذلك مشهد وصفه شوقي فابدع في الوصف:

    سقراط أعطى الكأس وهي مليئة شفتي محب يشتهي التقبيلا
    عرضوا الحـياة علـيه وهي ذليلة فابى وآثر أن يمـوت نبيلا

    أما غاندي الذي لم يعرف للعنف سبيلا فقد مات مغدوراً على يد متطرف هندوكي. بُغضُ غاندي للعنف وحبُه للناس حملاه على أن يقول:"هناك أهداف كثر أنا على إستعداد للموت في سبيل تحقيقها، غير أني لا ارى هدفاً واحداً يمكن أن يدفعني إلى قتل إنسان". نقل نبأ رحيل غاندي لأهل الهند جواهر لال نهرو وهو يقول:"لقد إنطفأ النور من حولنا، فالظلام يعم كل مكان." ثم إستدرك قائلاً:"ما كان لي أن أقول هذا. أنتم لن ترونه بعد اليوم، إلا أنه سيبقى بين ظهرانيكم".

    توماس مور، رجل كل الفصـــول، آثر الصـمت عندما قضــي هنري الثامن بإعدامه لرفضه التوقيع على القانون الذي يجعل من هنري رئيساً للكنيسة (Act of supremacy). وعندمىا أقتيد إلى المشــــنقة رفض أن ينبس ببنت شـــــــفه لقاضيه وجــلاده عــدا كلماته الاخـيرة التي صـمت بعــدها: "لا يحق لبشــــر زائل أن يكون رئيســــاً للروحــانية: "No temporal man may be head of spirituality". ذلك كان موقف الأستاذ الشهيد، إذ ما أبلغ صمته وأجمل سمته أمام المشنقة، فالجلاد وقضاة النار لم يبتغوا من الدعوة لإستتابته إلا كسر نخوته. ومن الحمق ان يظن ظان أن رجلاً تمرس بالشدائد، وصهرته المحن، وعرف الحق، سيفعل آخر الليالي ما لم يفعله في صباه. الشهيد ذو مِرة، وذو الِمرة لا ينكسر أمام الخطوب.

    في تلك الايام الحوالك عشت في لندن مع إخوة لي اغلبهم ممن عرف الاستاذ الشهيد من خلال ما كتب: الراحل حسن محمد علي بليل الإقتصادي المعروف، والراحل ابوبكر البشير الوقيع الإداري النابه، والأستاذ التجاني الكارب، ثم الراحل رفيق محمود، الدكتور خليل عثمان. بليل والكارب لم يكونا يبكيان على رجل ، بل كان بكاؤهما على موت ضمير. قالا سوياً:"هذا هو اليوم الوحيد الذي تمنينا فيه ان لا نكون سودانيين". ما تركنا يومذاك باباً في عواصم العالم الا وطرقناه حتى يُرَد الطاغية عن غيه. ثم ادلهم الظلام وذهب محمود كما يتوقع المرء أن يذهب، مرفوع الرأس كالرواسي الشامخات.

    أمثال محمود لا ينتهون بنهاية الوظائف البيولوجية لأجسامهم، وإنما هم باقون بما خلفوا في الرأس وفي الكراس. باقون بما سطروا على الورق، وما تركوا في أدمغة الرجال والنساء. وبهذا يصبح، أو ينبغي أن يصبح، السكون الأبدي لأجسادهم حركة دائبة. لا تهنوا، إذن، أيها الصحاب فأنتم اقوى من أي جلاد جلف، ومن أي قاض ظلوم، ومن أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ على خلايا عقولهم.
                  

01-15-2013, 06:48 PM

معاوية عبيد الصائم
<aمعاوية عبيد الصائم
تاريخ التسجيل: 06-09-2010
مجموع المشاركات: 22458

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Deng)

    شكرا يا مونج









    Quote: أمثال محمود لا ينتهون بنهاية الوظائف البيولوجية لأجسامهم، وإنما هم باقون بما خلفوا في الرأس وفي الكراس. باقون بما سطروا على الورق، وما تركوا في أدمغة الرجال والنساء. وبهذا يصبح، أو ينبغي أن يصبح، السكون الأبدي لأجسادهم حركة دائبة. لا تهنوا، إذن، أيها الصحاب فأنتم اقوى من أي جلاد جلف، ومن أي قاض ظلوم، ومن أي عالم من أولئك الذين تراكم الصدأ على خلايا عقولهم.
                      

01-15-2013, 07:35 PM

فارس موسى
<aفارس موسى
تاريخ التسجيل: 12-01-2004
مجموع المشاركات: 1357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: معاوية عبيد الصائم)

    كان الشهيد قامه وسيظل ..جيلا بعد جيل

    اما منصورنا فهو عالم وإنسان ورجل يعرف قدر الرجال له منى محبه وإنتماء وشكرى الجزيل له.

    اما اجمل ما فى هذا البوست هو أن تحتفى انت اخى وإبن بلدى الحبيبه جورج بمفكرنا الكبير وأستاذنا الشهيد.


    شكرا يا إنسان.

    والتحيه للشهيد وللدكتور.

    (عدل بواسطة فارس موسى on 01-15-2013, 07:38 PM)

                  

01-15-2013, 07:52 PM

د.أحمد الحسين
<aد.أحمد الحسين
تاريخ التسجيل: 03-17-2003
مجموع المشاركات: 3265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: فارس موسى)

    شكرا يا اخ دينق على هذا المقال الرائع الذي زينت به المنبر. أما د. منصور خالد فهو فاكهة الفكر والنظر الثاقب
    وليس ادل على ذلك موقفه من مشكلة الجنوب وقد كان الأستاذ محمود حريصا على وحدة السودان وحفيا بكل سوداني
    حتى ان المنشور الذي كان سببا في الحكم عليه بالاعدام كان دفاعا عن حق غير المسلمين كبشر في وطنهم كمزاطنين وليس
    كاهل ذمة وغيرها من التعابير التي تنتقص من حقوقهم كما كان دفاعا عن وحدة السودان الوطنية ....شكرا لك على ما اتحفتنا به
                  

01-15-2013, 08:32 PM

دينا خالد
<aدينا خالد
تاريخ التسجيل: 06-26-2006
مجموع المشاركات: 8736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: د.أحمد الحسين)

    دينق يا دينق
    كل سنة وانت طيب ومنصور والرحمة للبطل محمود محمد طه
    بصراحة لما قريت العنوان فرحت
    قلت اخييييييرا نزل فطاحلة المفكرين والصفوة فى السودان من بروجهم المشيدة
    وبدؤا يكتبون عن نبض الشارع ؟؟؟
    فرحت جدا بان منصور يعرف الحوته ....
    فرحت بتواصل قد انقطع بينهم وبين الشباب ...
    فرحت ان منصور يكتب عن محمود عبد العزيز ....
    فخذلنى ....
    ان يكتب منصور عن محمود طه .... فهو شى ممكن ومفهوم
    بطبيعة الحال
    ولكن كان ح يقلب الهوبة لو كتب عن محمود عبد العزيز دا طبعا لو سمع بيه ...

    تحياتى يادينق للمقال الرائع .... والوصف الذى صادف محمود المقصود
    و لمحمود المحبة فى عليائه ....
    وللناس المسره ..









    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    قالوا عادى لو قلت الحيوان الشرس قد عض شخص
    لكن الما عادى انو الشخص يعضى الحيوان الشرس ....
                  

01-15-2013, 10:55 PM

Anwar Elhaj
<aAnwar Elhaj
تاريخ التسجيل: 06-10-2004
مجموع المشاركات: 442

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: دينا خالد)

    شكرآ يا دينق على الأنتباه لهذا المقال الجميل

    شكرآ يا رفارس على مداخلتك الجميله

    أنور
                  

01-16-2013, 06:47 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Anwar Elhaj)

    شكرا يا دينق وأستأذنكم لأضع بعض درر منصور خالد هنا احتفالا بذكرى 18 يناير
    تسلم يا دينق تسلم ويسلم منصور خالد والمتداخلين
    ===
    مقابلة دكتور منصور خالدمع جريدة البيان:
    دهش كثيرون عندما كتب د.منصور عن الأخوان الجمهوريين أواخر مايو كيف بدات علاقتك بالجمهويين والى أين إنتهت ؟

    الجمهويون قادتنى اليهم فحولة فكرية، وخصائل شخصية. كثيرون كانوا يقدرون فى الجمهوريين تلك الفحولة دون أن يشاركوهم الراى ناهيك عن الانضواء تحت لواء تنظيمهم .
    من بين الخصال التى حببتهم الى نفسى ، أدب الخطاب وتجويد الكتاب والتوافق المبهج بين السر والعلانية وربما كان مقتل محمود على يد نميرى هو أكبر حدث حملنى الى القطيعة البائنة معه .
    كنت فى دارى بلندن، عشية إعدام الأستاذ أتابع ما يدور فى السودان برفقة الحبيب الراحل الدكتور خليل عثمان والذى تمت بينه وبين الأستاذ علاقة وارفة، وتداعى علينا كثر لا يصدقون ما يسمعون الأخ الراحل حسين بليل ، الأستاذ التجانى الكارب، الأخ الراحل أبوبكر البشير الوقيع . قضينا ليلة محلوكة نسعى فيها بكل ما فى وسعنا لحشد العالم لكى يقنع نميرى بالكف عن السير فى تنفيذ قراره. اتصلت بنائب الرئيس الأمريكى جوج بوش، وسيمون تيل رئيسة البرلمان الأوروبى وأحمد مختار أمبو مدير اليونسكو، والأمير صدر الدين أغا خان فى جنيف، والمستر رتشارد لوس فى البرلمان البريطانى وكان لكل واحد من هؤلاء فضل على السودان وعلى النظام الذى يترأسه نميرى شخصيا. الإجابة على جميع هؤلاء كانت الرفض والتحايل، وضاعف من غضبى ما علمت به من استهانة الرجل بكل الضغوط الأسرية عليه وفيما علمت أن رأس الرمح فى تلك الضغوط الأسرية – الدكتور عبدالسلام صالح – خرج غاضبا ومتوعدا أن لا يعود إلى دار نميرى. وفى الصباح جاءنا الخبر الذى جعلنا جميعا نشرق بالدمع حتى تحولت دارى إلى بيت بكاء، لا أدرى ما أصنع، أأهدى خليلا وهو يتشنج بالبكاء كالطفل، أم أهدئ من روع أبى بكر صاحب القلب الذى قرضته الأمراض، أم أقول للتجانى حنانيك بعد فجعنى بقوله " لم أكن أظن أنه سيأتى علي حين من الدهر أقول فيه لا يشرفنى أن أكون سودانيا إلاّ هذا اليوم " أم أنصرف عنهم حميعا لأفعل ما أفعله دوما فى مثل هذه الحالات: أعتصر قلبى فى وريقة. هؤلاء رجال لم يكونوا فى يوم من الأيام جزءًا من منظومة الجمهوريين، ما جمعهم بالأستاذ الشهيد هو رابطة الإنسانية واحترام الفكر والمفكرين .
    كثيرون قد يقولون إن محمود لم يكن هو أول ضحية للنميرى فقد سبقته ضحايا لتحمل معه المسئولية عما لحق بهم، بيد أن محمودا لم يكن هو الإمام الهادى الذى نازع نميرى السلطة، ولم يكن هو الشيوعيون الذين أتهموا – حقا أوباطلا – بالإنقلاب على حكمه وإذلاله بحمله على أن يخرج من داره خافر الرأس حافى القدمين، وليس هو قيادات الأخوان التى كانت وراء محاولة شعبان للاستيلاء على الحكم، وليس هو قيادات الجبهة التى جيشت الجيوش للإطاحة بالحكم. جرم الرجل الذى لم يكن يحمل عصاة يتوكأ عليها وهو الشيخ الذى أنهكته السنون إنه أبدى الراى فى وريقة واحدة استنكر فيها ما يدور باسم الدين دون أن يصف السلطان بالبغى، وهو أقل ما كان يقتضيه المقام ذلك. وحملتنى على أن أقول هذا جنون لا يستطيعه بشر الا بعون ربه، ولن يكون لى مع الرجل بعد اليوم لقاء حتى وإن كان هو الممسك بمفاتيح الجنان .
                  

01-16-2013, 07:30 AM

محمد أحمد الريح

تاريخ التسجيل: 01-22-2008
مجموع المشاركات: 3051

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)

    Quote:
    عرضوا الحـياة علـيه وهي ذليلة فابى وآثر أن يمـوت نبيلا


    نسأل الله الكريم الرحمة والمغفرة والنعيم المقيم لشهيد الفكر الأستاذ محمود.

    التحية والشكر للأخ دينق على إيراد هذا المقال الوافى الجميل.
                  

01-16-2013, 07:58 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: محمد أحمد الريح)

    ومقال آخر نشر بالسياسة الكويتية حينها

    مقال الدكتور منصور خالد عن جريمة اغتيال الاستاذ محمود محمد طه- يناير 1985
    December 11, 2010
    جريدة السياسة الكويتية …

    …. وقد كان فوت الموت ســهلا فرده إليه الحفاظ المر والخلق الوعـر

    فأثبت في مستنقع المـوت رجلـه وقال لها من تحت أخمصك الحشر …..

    غدا غدوة والحمد نسـج ردائــه فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجـر …….

    مضى طاهر الأثواب لم تبق روضة غداة ثوى إلا اشـتهت أنها قبر …..

    وما كان لمحمود أن يرد عنه غائلة الموت بالجزع، فما جزع من المصائب إلا من اتهم ربه.. وما كان ليدفع عنه البلوى بالانخزال أمام المهووسين، وبدع الدجاجلة، واضطغان الذين ما استطاعوا عبر ما يقارب نصف قرن من الزمان أن يجابهوا الرأي برأي أوثق.. فإن فعل خان ماضيه، وتنكَّر لتعاليمه، وقد عرف الناس الراحل الكريم، على لينِ عريكتِه، رجلاً أصمعيَّ الفؤاد، صلب القناة.. إن الذي يأبى على نفسه من الدنيا الفضول – ولا يطلع غيره على ما لا يعلمه عنه إلا الله، لا ينكسر أمام الموت كما يفعل “إمام” آخر الزمان الذي أكداه السعي وراء الحياة، فراراً في كل معركة، ولواذاً عند كل لقاء، وتهالكاً أمام كل مجابهة، فأين مروءة محمود من مِرائه، وأين حلم محمود من غلوائه، وأين تواضع محمود من خيلائه، وأين جرأة محمود من انخزاله وانزوائه..

    إن اغتيال محمود محمد طه، شهيد الفكر، لرزءٌ أكبر من أن توفيه الدموع السواجم. وما اغتال محموداً دهرٌ خئون، وإنما انتاشته سهام صدئة، أطلقها قضاة تالفون، ودعاة عاطبون، وحاكم فاجر، معتل العقل، آن له أن يلجم..

    لقد ذهب محمودٌ إلى رحاب سنية، وجنابٍ حانٍ، وهو راضٍ، وكيف لا يرضى بذلك، الرجل الذي يودع فلذة كبده، وعينه لا تدمع، وهو يقول لمن جاء لعزائه “لقد ذهب ابني إلى أبٍ أرحم”!! نعم! ذهب محمود إلى ذاك الأب الأرحم، وبقينا نحن في خُلْف شعورٍ وزمانٍ عقيمٍ عقم الخصي الأوكع الذي قتل أباً شجاعاً فتاكاً – نعم! بقينا نحن في زمان كزمان الصوفي المتبتل أبوبكر الواصلي، زمانٌ ليس فيه آداب الإسلام، ولا أخلاق الجاهلية، ولا أحلام ذوي المروءة، فما أشد أهل السودان اليوم حاجةً، وقد استبدت بهم الدواهي العظام، والكروب العضال إلى ذوي الرأي السديد والعزم الحديد.. أوغبن في الرأي وخورٌ في العزيمة؟! معاذ الله!

    لقد كانت دعوة محمود، على اختلاف الرأي حولها، دعوة مفكر حر، ما حمل يوماً عصا، حتى ليتوكأ عليها وهو الشيخ الذي قارب الثمانين، وكانت رسالته لمثقفي السودان، الذين أجدبت فيهم الأفئدة، وظمئت العقول، وأظلمت الألباب، كانت رسالته للمثقفين حتى يملكوا زمام أمرهم، ويوغلوا في دينهم المتين برفق، بدلاً لتركه للسفلة، السقاط، من المتاجرين بالدين والمطمورين بالخرافة، والمبخوسين حظاً بين الناس يوم قسمت العقول..

    وفي البدء كانت الكلمة، وقد بدأ محمود كلمته بالدعوة لخلق الجمال “لأن الله جميل يحب الجمال” ولا مكان للحب والجمال في نفوس الحاقدين والحاسدين، ناهيك عن القتلة السفاحين، وقد كتب شهيد الفكر في أول عدد من الصحيفة “الجمهورية” في الخامس عشر من يناير 1954 تحت عنوان “خلق الجمال”:

    ((نحن نبشر بعالم جديد، وندعو إلى سبيل تحقيقه، ونزعم أنا نعرف ذلك السبيل، معرفةً عملية، أما ذلك العالم الجديد، فهو عالمٌ يسكنه رجالٌ ونساءٌ أحرار، قد برئت صدورهم من الغل والحقد، وسلمت عقولهم من السخف والخرافات، فهم في جميع أقطار هذا الكوكب، متآخون، متحابون، متساعدون، قد وظفوا أنفسهم لخلق الجمال في أنفسهم وفيما حولهم من الأشياء، فأصبحوا بذلك سادة هذا الكوكب، تسمو بهم الحياة فيه سمتاً فوق سمت، حتى تصبح وكأنها الروضة المونقة، تتفتح كل يوم عن جديد من الزهر، وجديد من الثمر))

    ففي البدء كانت هذه الكلمة، التي تدعو لعالم لحمته الحرية، وسداه الحب، ولا حرية مع الطغيان والخرافة، ولا حب مع الغل والحقد. وما قال محمود شهيد الفكر بأنه يعرف هذا العهد الجديد، كما يردد الأدعياء القاصرين، الذين يسعون لكتابة الفصل الأخير من تاريخ الإنسان، وإنما قال “نحن نبشر به”، وما قال محمود بأنه سيخلق هذا العالم الجديد الحافل بالزهر والثمر، كما يدعي الذين يتحدثون عن البعث الجديد وهم يذلون البشر بالتبول على رؤوسهم، وإنما قال “نحن ندعو إلى سبيل تحقيقه”، وما قال محمود وهو الأديب الأريب، لا الثأثأ الفأفأ، بأنه سيد العارفين الذي لا تكتنف دعاويه ذرة من شك، وإنما قال “إنا نعرف ذلك السبيل”. ومن أجل كل هذا أحب الناس محموداً مع اختلافهم عليه. كان هذا هو البدء، ثم مضى في أخريات أيامه، – عوداً على البدء- يدعو مثقفي السودان للحوار الفكري، الحر الطليق، حول أمور دينهم ودنياهم، بدلاً من تركها للموميات المحنطة، والمنافقين المتكذبين باسم الإسلام. فقد عرف أهل السودان، كما عرفنا الدعاة الأطهار، وقد خلت نفوسهم من الغل، وسلمت أفئدتهم من الحسد، وطهرت ألسنتهم من الإسفاف، وتجافت أرواحهم عرض الدنيا الزائل، لا كشاف أئمة آخر الزمان الذين ما تركوا معصية إلا وولغوا فيها. ومن هذا رسالته (( النهج الإسلامي والدعاة السلفيون)) ديسمبر 1980 والتي جاء فيها:

    (( إن على المثقفين ألا يتركوا ساحة الفكر، لعقليات تريد أن تنقل تحجرها إلى الحياة باسم الدين، وتريد أن تصفي باسم تحكيم الإسلام سائر مكتسبات هذا الشعب التقدمية التي حققتها طلائـعه المثقفة عبر صراعها الطويل من أجل الحرية والمساواة، ثم على المثقفين أن يتخلصـوا من مواقفهم السلبية المعهودة نحو مسألة الدين فيكسروا الاحتكار الذي ضربه الدعـاة الدينيون حول الدين. إن المثقفين، في الحقيقة، لهم أولى بالدين من هؤلاء الدعاة الأدعياء الذين حجَّروا، وجمَّدوا الدين، ذلك بأن المثقفين يمثلون روح العصر، بأكثر مما يمثلها هؤلاء)).

    لقد أحسن شهيد الفكر الظن بدعوة نميري للإسلام، وما كانت تلك الدعوة إلا كلمة حق أريد بها باطل، فما أراد النميري الإسلام إلا سوط عذاب، وآلة تعذيب يقهر بها الخصم، ويروع بها المناهض. وما كان لذي الصبوات في شبابه، والنزوات في كهولته أن يفعل غير هذا، بل ما كان غريباً – والحال هذه- أن يمضي صاحب الدعوة المزعومة للبعث الإسلامي، دافعاً بالسودان إلى بدعٍ لم تعرفها الدولة الإسلامية إلا في عهود الانحطاط التتري والشعوذة الأيوبية، والطغيان المملوكي.. فما عاد الإسلام هو الإسلام، ولا أصبح السودان هو السودان، ودون الناس هذه المخلوقات الديناصورية التي أخرجها النميري من حظائرها. والتي لا مكان لها في عالم اليوم، إلا في متاحف التاريخ الطبيعي.. كما أحسن شهيد الفكر الظن بمثقفي السودان وهو يستحثهم للدفاع عن حقـهم في الحياة، وفي التفكير، وفي الإرادة الحرة الطليقة، فوقفوا – أغلبهم ذاهلين- أمام بدع الجاهلية، وضلالات المهووسين وتقحم المتفيقهين.. وكل ذلك باسم الدين، والدين منهم براء!! ومع كل هذا الهوس والتعصب المذموم، المزعوم، صمت هؤلاء الأدعياء المنافقون على انتهاب بيت المال على يد خازنه، وصمتوا على بيع ديار المسلمين في مزاد مقفول لمشترٍ واحد هو “الخاشقجي”، وصمتوا على تجاوز الحاكم لأحكام السماء في تعامله مع ذوي البأس من غير المسلمين، كما فعل مع المصارف الأجنبية حول الربا، وصمتوا على هرطقة الحاكم وهو يساوي نفسه بالرسول الكريم، عليه أفضل الصلوات، وصمتوا على تجاسر الحاكم وهو يفترض لنفسه عصمة في دستور حاكه بيده، والعصمة لم يعرفها الإسلام إلا لمحمد صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد عصمه بارئه، وصمتوا على خيانة بيضة الإسلام وهو يتقاضى الثمن الربيح على تهجير يهود إثيوبيا لإسرائيل. صمتوا عن كل هذا، فالإسلام في عرفهم هو القطع والجلد والتشهير بالشارعين في الزنا.. وعلم الله أن الزناة الحقيقيين هم زناة الفكر والقلم، “وستكتب شهادتهم ويسألون”..

    وعلَّ مثقفي السودان، قد رأوا ما يمكن أن يقود إليه الهوس الديني وشهدوا ما يمكن أن يؤدي إليه صمت الشياطين الخرس عن الحق.. ويا ليت أهلي يعلمون! يا ليتهم يعلمون، أن الطاغية الذي لا يقتصد في محاسبته رجل مسالم هو أول الناس إجفالاً عندما يلوح له بالعصا، فما سلَّ “الإمام” سيفه إلا أمام أعزل، وما طالب الطعن والنزال إلا في ساحة خلاء.. ودون الناس توسله وتضرعه للصنديد جون قرنق في أدغال الجنوب، ودون الناس انكساره أمام الأب فيليب عباس غبُّوش؛ وما انكسر البطل إلا لأن الشيخ الذي أحوجت سمعه الثمانون إلى ترجمان قد قالها ولم يُبال!! “إن مسَّني أحد بضر فسنجعل الدماء تجري أخاديد”.. ودون الناس تهالكه بالأمس أمام الأطباء.. وهو يكذب وفي لسانه لسع الحية.. أوهناك من يصدق بعد كل هذا بأن هذا العاطب معتل العقل يتصرف من وحي دينه؟! فالله يعلم بأن إمام السودان الذي يتكئ اليوم على عصاة مهترئة اهتراء منسأة سليمان، لظالم بلا إرادة، وصارمٌ بلا عزم، وحـليم بغير اقتدار، ومحارب بسيف من خشب، كسيف سميِّه “أبي حية النميري”. وما غدره وطغيانه إلا طغيان ضعيف مرتجف. إن العصبة الظالمة التي تتحلق حول إمام آخر الزمان “كافورنا هذا” إنما تجهل، كما يتجاهل، بأن شهيد الفكر سيبقى ضميراً مؤرقاً، ومصباحاً مسرجاً، في هذا الديجور الحالك الذي يعيش فيه أهل السودان؛ سيبقى في غرسه البشري الذي أورق، وفي نبته الفكري الذي اكتهل، وسيبقى في نفوس كثير من السودانيين كنموذج للرجل الذي تجافى مزالق السـقوط، وما فتئ يحترم في الناس أغلى ما يملكون – عقولهم-. وسيبقى إسم محمود بعد كل هذا حياً في نفوس الذين لا ينامون على الهوان، بما سيثيرها فيهم من بغض للظلم وإدانة للعدوان واستنكار للهوس، وإنكار للغدر..

    لقد اغتال النميري، والعصبة التالفة من خلفه من كل مشعوذ ومنافق ومتاجر بالدين، لقد اغتال كل هؤلاء باسم الإسلام والمسلمين مفكراً حراً، أعزلَ من كل سلاح، إلا القلم، ومع هذا، فما تركوا لهؤلاء المسلمين فرصة الابتهاج بهذا الذبح الثمين، بل هرَّبوا جثمانه خشية ما لا تحمد عقباه. لقد أخرج النميري العسس والعيون والسلاح والحديد فكذَّب بذلك كل دعاويه ودعاوي من حوله من المنافقين، فما أراد النميري بجرمه الشنيع الفاحش هذا، وما تبعه من مظاهرة بالقوة، إلا إرعاب أهل الشمال، بعد أن تركه أهل الجنوب، يسلِّح على نفسه، حتى ذهب لبيع السودان كله نفطاً وقطناً وتراباً حتى يبتاع بثمنهم سـلاحاً، يدفع عنه، لا عن السودان، العوادي – وحربه في الجنوب حربُ بغيٍ، وما بغى المرءُ إلا على نفسه!! ويا ليت حاكم السودان كان يملك الحس من المسئولية الوطنية التي تجعله يقول ما كان يقوله شهيد الحرية: (( “تقول الحكومة راح منا عشرون وقضينا على ستمائة من المتمردين” أما نحن فنقول “لقد راح ستمائة وعشرون مواطناً سودانياً”)). وعلَّ إمام الباطل يعرف في نهاية الأمر، أنه يتاجر برأسمال غيره، وما تاجر برأسمال غيره إلا المفلس، فالجيش جيش الشعب، والسلاح سلاح الشعب.. ولن يرضى هذا الشعب لنفسه أن يكون وقوداً لحرب جائرة، أشعلها حاكمٌ ظنينُ عقلٍ.. كما لا يرضى لنفسه، أن يكون أداة بطش في يد طاغية لا ظهير له.. فيوم أن تجيء الحاقة فلا غوث لعاطب ولا ملاذ لتالف، ولا يحسبن الظالمون بأن دم أبي الشجاع سيذهب هدراً ليبقى فيها ليسرح خصيٌ أوكع، أو لتمرح إماءٌ لكع.


    أعيد نشره بحريات

    http://www.sudaneseonline.com/?p=6096
                  

01-16-2013, 09:18 AM

أسامة البيتى

تاريخ التسجيل: 01-14-2004
مجموع المشاركات: 561

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)


    سلام على عملاق الفكر و عملاق المواقف: الأستاذ محمود محمد طه!!
    وسلام على الدكتور العلامة منصور خالد.. الذى يعرف أقدار الرجال بما حباه الله من الفهم!!
    وسلام على Deng وعلى كل من تطربه الكلمة الصادقة، وتهزه مشاعره المواقف النبيلة!!
    على الإنسان، وعلى محبى الإنسان، الأسيانين لضياعه!!
    من يعملون فى السر والعلن من أجل استنقاذه!!



                  

01-16-2013, 09:36 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: أسامة البيتى)

    اهداء
    الى روح الاستاذ محمود محمد طه
    الذى ذهب مبغيا عليه فى عهد اللوثه
    ولسان حاله يقول
    يا احبابى فى بلد الاشياء
    فى بلد المشى على اربع
    هذا اخر عهدى بوجوهكم السمحه
    لعقولكم العطشى للانجاب الفكرى الممنوع
    فالحكم الصادر لقضاة مدينتكم فى مجلسه
    " عالجنى بالموت "

    شعر محمد ابو دومه

    - كتاب الفجر الكاذب-
    منصور خالد الصادرة طبعته الأولى في عام 1986
                  

01-16-2013, 10:17 AM

Yassir Tayfour
<aYassir Tayfour
تاريخ التسجيل: 08-18-2005
مجموع المشاركات: 10899

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)

    دينق يا صاحب سلامات
    مقال شامل، كفيلٌ بتعريف الأستاذ محمود ب/لمن لا يعرفه..
                  

01-16-2013, 10:14 AM

hafiz Issue
<ahafiz Issue
تاريخ التسجيل: 02-14-2008
مجموع المشاركات: 520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: محمد أحمد الريح)

    شكرا العزيز دينق
    18 يناير 1985 م ذكرى فاجعة في تاريخ السودان المعاصر ،، شتات اخوان اليوم هم ايضا خلف هذه الجريمة ،ن ذا هذا او الطوفان مجدداً
    الضمير الجمعي لشعبنا لن ينسي هذه الجريمة ولن يغفر لمن اغترفوها ،،
                  

01-16-2013, 12:22 PM

على محمد الخير

تاريخ التسجيل: 03-29-2008
مجموع المشاركات: 1665

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: hafiz Issue)

    مشكور اخى دينق ان مكنتنا من الاطلاع على هذا المقال الفخيم..

    حينما يكتب امثال منصور خالد فيجب على الجميع ان ينصتوا قارئيين ..
                  

01-16-2013, 04:52 PM

Abuobeida Ali Abdullah
<aAbuobeida Ali Abdullah
تاريخ التسجيل: 08-13-2007
مجموع المشاركات: 278

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: على محمد الخير)

    (اغتيال محمود وصمت القدال)

    أكثر ما ساء الدكتور منصور خالد حين سئل ذات مرة عن السودان

    شكرا الأخ دينق على ابراز هذا المقال الوافي للدكتور عن الشهيد الأستاذ محمود

    المجد والخلود للأستاذ الشهيد المفكر محمود
                  

01-16-2013, 05:35 PM

البحيراوي
<aالبحيراوي
تاريخ التسجيل: 08-17-2002
مجموع المشاركات: 5763

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Abuobeida Ali Abdullah)

    شكرأً السيد دينق

    مقال حصيف حول رجل أحصف ويحتاج لحيز أوسع لمعرفته

    بحيراوي
                  

01-16-2013, 05:36 PM

صلاح شعيب
<aصلاح شعيب
تاريخ التسجيل: 04-24-2005
مجموع المشاركات: 2954

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Abuobeida Ali Abdullah)

    منصور جوهرة كتاب السودان في المئة سنة الأخيرة
    ومحمود محمد طه أعظم سياسي ومفكر أنجبه السودان
    طوال تاريخه..وجون قرنق أنجح سياسي في المئة سنة الأخيرة..
    وبين محمود وقرنق يتجول منصور بقلمه الرشيق لإنصاف هذا وذاك..
    لا أتخيل كيف يكون السودان إن لم ينجب هؤلاء المفكرين الثلاثة..
                  

01-17-2013, 06:45 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: صلاح شعيب)

    شكرا لكم جميعا.
                  

01-18-2013, 04:13 AM

سلمى الشيخ سلامة
<aسلمى الشيخ سلامة
تاريخ التسجيل: 12-14-2003
مجموع المشاركات: 10754

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Deng)

    بصراحة لما قريت العنوان فرحت
    قلت اخييييييرا نزل فطاحلة المفكرين والصفوة فى السودان من بروجهم المشيدة
    وبدؤا يكتبون عن نبض الشارع ؟؟؟
    فرحت جدا بان منصور يعرف الحوته ....
    فرحت بتواصل قد انقطع بينهم وبين الشباب ...
    فرحت ان منصور يكتب عن محمود عبد العزيز ....
    فخذلنى ....
    ان يكتب منصور عن محمود طه .... فهو شى ممكن ومفهوم
    بطبيعة الحال
    ولكن كان ح يقلب الهوبة لو كتب عن محمود عبد العزيز دا طبعا لو سمع بيه ...

    تحياتى يادينق للمقال الرائع .... والوصف الذى صادف محمود المقصود
    و لمحمود المحبة فى عليائه ....
    وللناس المسره ..

    شكرا يادينا خلت ان ذلك ممكنا
    لكنه المستحيل
    فمثل محمود عبد العزيز تبكيه العامة الذين يعرفون قدره كفنان وانسان
    رحمة تغشاه ومغفرة تظلل مرقده
                  

01-18-2013, 12:02 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48867

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: سلمى الشيخ سلامة)

    سلام للجميع خاصة صاحب البوست الصديق دينق

    وسلام خاص لك يا دينا خالد، وأحسن الله عزاء السودان وجنوب السودان في الراحل محمود عبد العزيز

    من المؤكد يا دينا أن الدكتور منصور خالد يعرف محمود عبد العزيز، مثلما قد عرف الفنان خوجلي عثمان وكتب عنه "زرياب وأهل الوساوس".
    يمكن قراءة ذلك المقال بالضغط هنا:
    http://songs.sudaneseonline.com/alshadin/Books/zriab-shadin.pdf
    فمنصور خالد لا شك يعرف من غنى لجوبا مثل محمود عبد العزيز. الملكية و"أطلع برة" و كونجو كونجو، ومونيكي، وكتور إلخ هي أسماء أحياء وسوق في جوبا وهي التي ظهرت في أغنية "مدينة جوبا أجمل مدينة" والتي اشتهر بها محمود عبد العزيز


    https://www.youtube.com/watch?v=Nc4JyUZYK90
    https://www.youtube.com/watch?v=ZhvrPPagqvo





    جوبا
    في مدينة جوبا أجمل مدينة
    طيارة قومي سريع ودينا


    أشتقنا ل(مونيكي) ل(ماما ريجينا)
    في مدينة جوبا ....

    سلام بتاعكم ناس في كتوري
    سلام بتاعنكم ناس في ملكية
    سلام بتاعكم ناس في (اطلع بره)
    سلام بتاعكم ناس في (كونجو كونجو)
    في مدينة جوبا....

    حبيبي لاقيتو يوم في موقف يي
    مشينا سوا لي صالة نجاكوري
    هبيبي لاقيتو يوم في موقف يي
    مشينا سوا لي صالة نجاكوري
    في مدينة جوبا ....

    حبيبي لاقيتو يوم في موقف يي
    مشينا سوا لي صالة نجاكوري
    هبيبي لاقيتو يوم في موقف يي
    مشينا سوا لي صالة نجاكوري

    ونلعبو سوا سوا
    ونونسو سوا سوا
    شمالي جنوبي سوا سوا
    سوا سوا سوا...

    ونلأبو سوا سوا

    ونونسو سوا سوا

    سوا سوا سوا ...


    ـــــ
    قالوا لي سرو
    https://www.youtube.com/watch?v=PQoBN1LR5-E




    وجبال النوبة وحبيتا زينوبة

    https://www.youtube.com/watch?v=bfPvYe92CXM

                  

01-18-2013, 12:36 PM

مامون أحمد إبراهيم
<aمامون أحمد إبراهيم
تاريخ التسجيل: 02-25-2007
مجموع المشاركات: 5380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Yasir Elsharif)

    شكراً عزيزنا دينق

    والشكر لكم جميعاً


    ولنا عودة
                  

01-18-2013, 03:24 PM

اسماعيل عبد الله محمد
<aاسماعيل عبد الله محمد
تاريخ التسجيل: 08-26-2007
مجموع المشاركات: 2820

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: مامون أحمد إبراهيم)

    Quote: قال الأستاذ: "لقد فعلتُها بالأمس إكراماً لك ولكني أعرف أن الشاي منبه وإن تناولتَه المرة بعد الاخرى صار شربُه لي عادة وانا لا اريد أن أكون عبداً لأي عادة"
                  

01-20-2013, 04:12 PM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52569

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: اسماعيل عبد الله محمد)

    فووق
                  

01-21-2013, 00:02 AM

قيقراوي
<aقيقراوي
تاريخ التسجيل: 02-22-2008
مجموع المشاركات: 10380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: Deng)

    عالياً
                  

01-21-2013, 09:15 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: قيقراوي)

    من كتاب د. منصور خالد
    bb8.JPG Hosting at Sudaneseonline.com
                  

01-21-2013, 10:19 AM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: عبدالله عثمان)

    التحية لروح شهيد الفكر

    اتمنى من ينزل لنا من تتوفر عنده قصيدة العلامة عبد الله الطيب فى تمجيد الاستاذ الشهيد فهذا المقام احرى بها (لا يعرف قدر الكرام الا الكرام).
    و اتمنى ايضا ان لو توفر الاخوان الجمهوريين على تجميع الكتابات و الاشعار التى قيلت و كتبت فى كل ارجاء العالم عقب الاغتيال و منها اقوال
    نواب فى مجلس العموم و ان كان هذا متوفرا اتمنى بذل رابطها هنا.

    الشهيد يستحق تماما حفاوة كاتب مجيد مثل الدكتور منصور خالد به و بذكراه: فهو واحد من ابرز خمس شخصيات اثرت على سودان القرن العشرين و هم
    (حسب رؤيتى الشخصية): الشهيد جون قرنق, الشهيد عبد الخالق محجوب, الامام عبد الرحمن المهدى, السيد على الميرغنى
                  

01-22-2013, 03:23 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 22999

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مــــحمـــود الـــذي عـــرفــت .. بقلم: د. منصور خالد (Re: عوض محمد احمد)

    Quote: قلت أن الاستاذ المجدد كان يسعى لبناء مدينة فاضلة بخلق النساء والرجال الفاضلين. والرجل الفاضل عنده، فيما تبينت من قوله، هو الإنسان مجدول الخلق الذي يحسن عمله، ويقوم برعاية اهله وذويه، ويؤدي فروض ربه ووطنه. سالته ذات مرة كيف تنتقي ابناءك وبناتك من الجمهوريين، وما الذي تتوخاهُ فيهِم؟ قال: في البدء ان كان ذا مهنةٍ فلابد له من ان يُجود مهنتَه، فالرجلُ الذي لايستجيدُ مهنتَه يفتقدُ القوام الرئيس لقيادة الناس، وقوامُ كلِ شئ هو عِماده. الأمر الثاني هو القدرة على التبليغ، أي نشرالفكرة بين الناس بالتي هي احسن بحيث لايستفزه، عند الحوار، مستفز أو يزعجه مزعج. ثالثاً – وذلك هو بيت القصيد - أن لا يفعل في سره ما يستحي من فعله في علانيته. وكأني بالأستاذ الشهيد أراد ان يجعل من صحبه بشراً يقاربون الأنبياء في سلوكهم. هذا أمر لا أدعي أنني قادر عليه، ولمن قَدِر عليه من صحاب المفكر الشهيد تحية إعجاب.
    بُغية الأستاذ المعلم، إذن، كانت هي إعداد بنيه وبناته ليكونوا قدوة صالحة تُكلف نفسها في سبيل الدعوة غاية ما تقدر عليه. هذا امر ليس منه بُد إن كانت الدعوة لدين أساسَه الإستقامةَ والإستواء "وذلك هو دين القيَّمة". ولعله في هذا ذهب مذهب إبن رشد القرطبي في نظرته للكمال الإنساني. فعند إبن رشد يتميز الإنسان العاقل بما يحصل عليه من عتاد روحي وثقافي ومعارفي وتتكامل عنده الحكمة والشريعة لما بينهما من إتصال.

    لمحمود أيضاً رأي في الإنسان أبدع فيه. قال في واحدة من رسائله "الرجالُ عَندنا ثلاثة: الرجلُ الذي يقولُ ولايعمل لأنه يخافُ من مسئوليةِ قوله، وهذا هو العبد. والرجلُ الذي يَحِبُ ان يقولَ وان يعملَ ولكنه يحاولُ أن يهربَ تحت الظلام فلا يواجهُ مسئوليةَ قوله ولاعمله، وهذا هو الفوضوي. والرجل الذي يحب أن يفكرَ وأن يقولَ وأن يعملَ وهو مستعد دائماً لتحمل مسئولية قوله وعمله، وهذا هو الرجلُ الحرّ (الثورة الثقافية)". هذا حديث حكيم شفيف الباطن. إستذكرت الشاعر الراحل محمود درويش (الجدارية) وانا أعاود قراءة كلمات محمود هذه:
    انا لستُ مني لو أتيتُ ولم أصل
    انا لستُ مني لو نطقتُ ولم أقل
    أنا من تقول له الحروفُ الغامضات
    أكتُب تكن
    إقرأ تَجِد
    وإذا أردتَ القولَ فأفعل ، يتحد
    ضداك في المعنى
    وباطنُك الشفيف هو القصيد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de