تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 09:50 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-12-2013, 08:49 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائرها

    وثيقة: "الفجر الجديد".. النبيذ القديم والقنان الجديدة!
    "تذكر سيدي الجنرال.. تذكر سيدي الإمام, أن الشعوب سيدة مصائرها".
    أحمد ضحية
    (1-8): وقعت الأسبوع الماضي بكمبالا قوى الجبهة الثورية, وقوى الإجماع الوطني, على وثيقة جديدة وسمها الطرفان ب "الفجر الجديد". وما يجدر ذكره هنا أنهما –الطرفان- لم يقدما الدعوة, لكثير من أطراف المعارضة الأخرى, التي تعتبر أهمها القوى الموقعة على وثيقة: "جبهة الحراك المدني والشبابي للتغيير- ميثاق إعادة تأسيس الدولة السودانية". ما يكشف عن رغبة عميقة في إقصاء الآخرين وتهميشهم. وهذه الرغبة/ السلوك ظلت متأصلة في أعماق هذه القوى عبر تاريخها السياسي.
    المفارقة هنا أن التوجهات الفكرية والسياسية والثقافية والإجتماعية, التي حملتها وثيقة "الفجر الجديد" في جوهرها, لا تتنافى مع التوجهات نفسها, التي حملتها وثيقة جبهة الحراك, بإستثناء تبني قوى الإجماع آخيرا للخيار المسلح, إلى جانب الخيار السلمي, بعد أن قالت ما قالت في العمل المسلح! وتغنت بالنضال السلمي الذي"دفقت" في سبيله الكثير من الأحبار ولعاب الحناجر في التصريحات والبيانات واللقاءات؟!؟! ما يعد تطورا جديدا في "تاكتيكات" قوى الإجماع!
    في الواقع لم تكن لدي رغبة في التعليق على هذه الوثيقة "الفجر الجديد", لولا ما ذهب إليه أحد "الموالي" على صفحات سودانايل, حال أن تم الإعلان عنها, إلى إتهام كل من سوّلت له نفسه ب"نقدها" أو دعمها بأنه (خائن للدين والوطن)؟ وبطبيعة الحال أصبح شعار "الوطن والوطنية" المغلوبان على أمرهما, أشبه بفزاعة الطيورلدى كتاب وأبواق بعض القوى السياسية, والحركات. فهذا أمر مفهوم.. لكن ما هو غير مفهوم هو قصة "الخيانة للدين", التي يشرعونها كقميص عثمان؟! رغم أن الدين خيار يخص الفرد, وخصوصا أن الوثيقة موضوع التمجيد, قد حددت موقفها من علاقة الدين بالدولة في أكثر من موضع. ما جعلها إلى جانب كثير من النقاط الأخرى, تقترب في جوهرها من العلمانية, التي لا محل لمثل هذا النوع من الإتهامات من إعراباتها؟! وإن تم لي عنق اللغة العربية بتسمية الأشياء بغير أسمائها الحقيقية!
    السؤال الجوهري هنا أن قوى إستهلت مشروعها السياسي, لحل أزمة السودان, بالإقصاء المتعمد لقوى أخرى, كقوى جبهة الحراك المدني والشبابي, التي تشاركها إلى حد كبير في التوجهات, التي عبرت عنها وثيقة الفجر الجديد, لا يمكن وهذا ما أبتدرت به مشروعها لحل أزمة السودان, أن تكون جادة بقدر ما هي تسعى ل"تسويق النبيذ القديم في قنان جديدة"..
    فالإقصاء والتهميش كممارسة تاريخية متأصلة في الوجدان السياسي لهذه القوى, ظل "طوب الأرض" نفسه يجأر بالشكوى من توظيفه لهذا الحد, الذي وسم التحالفات والعمل الجبهوي في السودان, عبر تاريخه السياسي منذ الإستقلال حتى الآن؟!
    فالإقصاء يندرج تحت باب سوء النية والقصد, خصوصا عندما تستهدف به قوى لها زنها, الذي لا يمكن تجاوزه بحال من الأحوال, كالقوى المكونة لجبهة الحراك المدني والشبابي, والتي هي شريك أصيل في أي تغيير حقيقي في السودان, وبالتالي هي شريك في أي مشروع مبدئي وجاد يعمل على إعادة بناء وتأسيس الدولة السودانية, على أساس فصل الدين عن الدولة, وعلى أساس أن الشعب هو مصدر السلطات.
    إذن الإقصاء الذي سبق وصاحب التوقيع والإعلان, عن وثيقة الفجر الجديد يضعها في مسار "البرق الخُلّب" كسراب الصحراء يحسبه الظمآن ماء!. فمثلما الحقوق لا تتجزأ, فإن الأساليب والممارسات لا تنفصل عن المفاهيم والتصورات ما ظهر منها وما بطن!وهو القانون نفسه القائل بتطابق الشكل والمضمون وعدم إنفصال النتائج عن المقدمات, فأي خلل في هذه العلاقة, يودي بموضوع العلاقة برمته.
                  

01-12-2013, 08:50 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    2-8): كتبنا كثيرا عن ضرورة تحالف قوى الإجماع الوطني, مع الجبهة الثورية, بدلا عن الإكتفاء بمراقبتها لها من "منازلهم", وتوقيع الإتفاقات الثنائية معها, وفي الوقت نفسه, إتهامها بالتوجهات العنصرية والأجندة الخفية, بل كتبنا عن ضرورة توسيع ماعون الجبهة الثورية, ليشمل تحالفات المعارضة الأخرى, ومضينا إلى أكثر من ذلك, بإقتراحنا أن يتم التعجيل بتكوين فدرالية القوى الجديدة, وتقريب المفاهيم والتصورات والوسائل موضوع الخلاف, لتتحالف هذه الفدرالية مع الجبهة الثورية, ولكنا نقول الآن أن الإقصاء المتعمد يفرغ مثل هذا النوع من الأفكار من محتوياتها, الهادفة إلى تلاقي الأطراف المتباعدة, في واقع الجزر المعزولة, الذي يمثله المشهد السياسي السوداني المأزوم, بخطاباته المفلسة وفقدان الشعب للثقة في قواه السياسية القديمة, التي تفتقر للمصداقية, والتي تتمثل الإقصاء كسلوك لازمها عبر تاريخها, والتي تقول "إنشائيا" عكس ممارساتها المتناقضة!
    لذلك سنقرأ على ضوء كل ما سبق "وثيقة الفجر الجديد" لخشيتنا أن يتم إفراغها من بعض المضامين النبيلة التي حملتها, وهي مضامين عزيزة على هذا الشعب.
                  

01-12-2013, 08:51 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (3-8): وثيقة الفجر الجديد, التي غلب على لغتها "الطابع الثوري" لقوى الجبهة الثورية, والتي وقع عليها "حزب الأمة" بعد ان إستبق صدورها والإعلان عنها ببيان مقتضب, أعلن فيه رؤيته العامة لحل أزمة السودان, وطالب في هذا البيان قوى الجبهة الثورية والقوى الأخرى "بقبول" "تبني" هذه الرؤية. التي قطعت قول كل مبادرة أو وثيقة أو بيان أو رؤية, وتذهب بنا –هنا- الظنون أن هذا البيان قصد به حزب الامة أحد شيئين: إما ذرا للرماد في العيون, أو ليكون –كالعادة- "القندول الشنقل الريكة"؟!
                  

01-12-2013, 08:53 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (4-8): لكننا نرغب في إحسان الظن, بقولنا أن حزب الأمة يبدو أنه بتوقيعه على وثيقة "الفجر الجديد" قد تنازل عن مبادرته ورؤيته سالفة الذكر –والتي تعبر عن أفكار الصادق المهدي المعروفة بتقارباتها مع النظام وسياساته, بشهادة حليفه الترابي مؤخرا, في إحدى الحوارات الصحافية لأفريقيا اليوم- لصالح وثيقة الفجر الجديد. التي حملت في مضامينها كل ما يتناقض مع التوجهات المعروفة لحزب الأمة والقوى الطائفية والإسلاموية الأخرى؟
    بل أن توقيع هذه القوى عليها, سواء كان من خلال تحالفها المسمى ب "الإجماع الوطني" أو كقوى منفردة, بمثابة المسمار الأخير في نعش وثيقة البديل الديموقراطي المزعوم!
                  

01-12-2013, 08:54 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    5-8): وعلى الرغم من مباركتنا لتوقيع قوى تحالف الإجماع الوطني القديمة, على هذه الوثيقة, التي تعبر عن توجهات الجبهة الثورية, وإلى حد كبير عن توجهات القوى الديموقراطية الأخرى (القوى خارج تحالف الإجماع), أكثر مما تعبر عن توجهات قوى الإجماع القديمة؟! ما يثير فينا الكثير من الأسئلة, خصوصا أن بعض أطراف قوى الإجماع, إجتمعت بيوسف الكودة رئيس حزب الوسط السلفي, وألحقته وحزبه بقوى الإجماع, في ظل هذه الوقائع والأحداث التي تمخضت عن "وثيقة الفجر الجديد"؟!
    ومع ذلك مباركتنا تأتي في سياق أن توقيع قوى الإجماع على مثل هذه الوثيقة, يمثل خطوة في الإتجاه الصحيح, إلا أننا لا نزال نشكك في مبدئية القوى الطائفية والإسلاموية, المكونة لتحالف قوى الإجماع, والموقعة على خلفية غرامها بالتوقيع على المواثيق والعهود ونقضها في الوقت نفسه! بالتالي عدم الإلتزام بما تم الإتفاق عليه, وتحين الظروف الملائمة للإنقضاض عليه, والقول فيه ما لم يقله مالك في الخمر, خصوصا إذا كان ما تم التوقيع عليه, متضمنا مبدأ كفصل الدين عن الدولة أو نسبة مشاركة النساء في السلطة.
    ومن البديهي أن الإجماع أو الفجر الجديد, ليس كلاما سياسيا أو إنشاء أو خطب هي كالخطوب, فالإجماع –إذا صدقت النوايا- يتم بالتخلي عن السلوك الإقصائي الذي تمخض عن الفجر الجديد, فلا فجر مع الإقصاء؟!
    (
                  

01-12-2013, 08:55 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    5-8): وثيقة الفجر الجديد أقرت بأن "الحاكمية للشعب", بإقرارارها أنه مصدر السلطات. كما أن إقرارها بضرورة فصل المؤسسات الدينية عن المؤسسات المدنية, لا يخلو من ملمح علماني.
    وعلى العكس تماما طرح مبدأ فصل الدين عن الدولة, كان سببا رئيسيا لرفض بعض أطراف القوى القديمة, التوقيع على وثيقة البديل الديموقراطي. ما أدى للحذف والإضافات المتكررة, التي تمخضت عن وثيقة بديل "لقوى الإجماع وحدها" لا ناقة ولا بعير لأطراف العمل السياسي الأخرى أو الشعب فيها! بعد أن ما عادت كوثيقة, تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به! والسؤال هنا هل وقعت القوى الطائفية والإسلاموية, على رأسها الأمة والإتحادي والمؤتمر الشعبي, إنطلاقا من قناعتها بهذا المبدأ؟ أم أن توقيعها أملته ضرورات إفلاسها السياسي التام, كقوى تتحمل كل أوزار ما بلغه السودان من درك, ما أفقدها ثقة الشعب, مضافا إلى ذلك فشل تحالفها المسمى ب "الإجماع الوطني", الذي إنفض عنه كل سمار الشعب وندمانه! إلى جانب الصراعات التي تعتمل داخل هذه القوى خصوصا حصار الشباب لها برؤاهم المتطلعة إلى فجر جديد!..
    بالنتيجة أن توقيعها –القوى القديمة- يأتي –ربما- في سياق "توازن الضعف" بمعنى الضعفاء المفلسين, الباحثين "بأي ثمن" عن أدوار يلعبونها, في واقع يعلمون أن لا محالة سيأتي على أنقاض الواقع المزري القائم, بالعمل على الإلتفاف عليه منذ الآن, وهو لا يزال بعد في رحم الغيب!
    فهذه القوى بدافع مثل هذا النوع من العوامل, وقعت من قبل على مواثيق التجمع وأسمرا وغيرها من المواثيق, ثم جاءت ونقضت هذه المواثيق واحدا تلو الآخر وتنكرت لها!..
    (
                  

01-12-2013, 08:56 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    6-8): كنت قد سألت أحمد حسين آدم على هامش ندوة جبهة القوى الثورية ببرينسس آن العام قبل الماضي, ما إذا كان توقيع العدل والمساواة على وثيقة الجبهة الثورية:"إعادة هيكلة الدولة السودانية" تاكتيكيا, وأنها "تلبد" لحلفائها خلف ظهرها مشروعا إسلامويا, ستطرحه عندما ينجلي غبار النقع, ما قد يؤدي إلى المزيد من الإنقسامات والتشرزمات لا في العدل والمساواة وقوى الجبهة الثورية وحدها, بل في المشهد السياسي بأكمله, أم أن توقيعها على وثيقة "إعادة هيكلة الدولة السودانية" بموقفها المعلن من علاقة الدين بالدولة هو توقيعا مبدئيا؟!
    فكان رد الرجل أنه توقيع مبدئي, رغم علمنا التام أن العدل والمساواة تأخرت في التوقيع على ميثاق الجبهة الثورية: "إعادة هيكلة الدولة السودانية" بسبب تحفظاتها, على مبدأ فصل الدين عن الدولة, ولما رأت أن القوم ماضون فيما هم ماضون فيه, قررت اللحاق بالركب, قبل أن يغيب بين منعرجات اللّوى, ووقعت!.
                  

01-12-2013, 08:58 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    7-8): وأيا كانت دوافع القوى القديمة, في التوقيع على وثيقة الفجر الجديد, فإن مجرد إعتراف هذه القوى, بأن تاريخ السودان, يعود لأكثر من سبعة آلاف سنة, بالتالي لم يبدأ بدخول العرب السودان, يعد إقرارا مهما أغفلته كثير من المواثيق من هذا النوع, وأهميته تعود لإتصاله بموضوع "الهوية السودانية" وواقع التنوع الثقافي, بالتالي مشروعية مشروع "إعادة تأسيس الدولة السودانية" كما قالت جبهة الحراك المدني والشبابي وليس "إعادة هيكلتها".
    فإذا كان هذا الإقرار من قبل القوى القديمة, مبدئيا فإنه يضع أحزاب ك "البعث" أمام حقيقة تاريخية مهمة حول: "الهوية" وعلاقتها بمشروع بناء "الدولة الوطنية", كما يضع القوى الإسلاموية والطائفية, أمام الحقيقة نفسها, التي تمنع إستغلال "الأنساب" والوصاية على الدين, بإعتبار أن حمايته مسئولية "ذوي الأنساب الشريفة الذين هم في الواقع, مُلاك للحقيقة المطلقة وحراس للنوايا وفقهاء للظلام" ولا نعني بهم هنا السلفيون والإسلامويون كالمؤتمر الشعبي فحسب, فقبلهم جميعا نعني أولئك المنحدرون من قريش, بل من صلب النبي العربي ذات نفسه وآل بيته!! حسب أشجار أنسابهم! التي لا تعني مشروع إعادة تأسيس الدولة السودانية من قريب أو بعيد, إلا من جهة لعبها دور الكابح لهذا المشروع!
    خصوصا أن مشكلة التطابق بين: "الدين/ الإسلام" و "العروبة/ الهوية".. هذا التطابق بين الدين والهوية في الوعي الإسلاموي, مثل معضلة للبعثيين من قبل, فجعلهم يدفقون رّيهم على السراب, بالإكثار في التنظير حول العروبة حينا بأنها "ثقافة", وحينا آخر بأن الإسلام عربي وعالمي, وشتان ما بين العروبة "العرق" والثقافة بما هي طريقة فهم للحياة والكون والمجتمع,وكيفية تنظيم هذا المجتمع في إطار الدولة, وأساليب العيش وعلاقات الإنتاج في هذه الدولة,التي يختلف فيها المجتمع من دولة لأخرى, كما قد تتعدد وتتباين فيها هي نفسها المجتمعات.
    من جهة أخرى الثقافة هي أنماط السلوك الإنساني, وطرق التفكير والإدراك. بما تخلقه من مشتركات بين أفراد المجتمع الواحد, أو بما تخلقه من تماثلات أساسية في أذهان أفراد هذا المجتمع, وتشكيلها لتصرفاتهم التي تميزهم عن غيرهم.
    وفي حالة السودان, لدينا ثقافات متنوعة تتمسك بها الجماعات, التي تنتمي إليها. وهي ثقافات ذات خصائص متميزة, بالنسبة إلى باقي العناصر في السودان ككل.
    وغني عن القول إلى أي حد عانى السودان, من مثل هذا التطابق, الذي أشرنا إليه, في الوعي الإسلاموي. بين الدين العربي والإسلام "العقيدة" الهوية, إلى الحد الذي تمزقت فيه البلاد وأشتعلت فيها الحروب, التي تبشر بمزيد من الإنفصالات, في حال لم يتم تغيير جذري في نظم تفكير القوى القديمة على وجه الخصوص!
                  

01-12-2013, 09:00 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (8-8): وآخيرا لا نعلم الحكمة من إصرار قوى "الفجر الجديد", على الخرطوم كعاصمة "قومية". على الرغم من الضرورات الوجدانية والثقافية والفكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية, التي تطرح ضرورة الإنفصال عن هذه الفكرة "الخرطوم عاصمة قومية", لإرتباطها بذاكرة وتاريخ مأزومين ومنكفئين, أسهما في فشل الدولة السودانية فشلا زريعا. لماذا لا تنتقل العاصمة, لتكون إثر كل دورة إنتخابية –مثلا- في حاضرة من حواضر السودان الكبير شرقا وغربا.. شمالا وجنوبا؟!


    نواصل...
                  

01-13-2013, 00:22 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    وثيقة الفجر الجديد وفرز الكيمان: المواقف والتداعيات
    أحمد ضحية
    *على خلفية مقالنا السابق, نواصل هنا رصد وتحليل مواقف القوى القديمة, والتداعيات التي تلت الإعلان عن وثيقة الفجر الجديد, ونلاحظ هنا أن نظام المؤتمر الوطني, إتخذ من دعايته ضد الوثيقة, زريعة جديدة لممارسة مزيد من القمع ضد القوى السياسية, لتصفية ما تبقى فيها من روح مقاومة, إنطلاقا من فهمه الصحيح لهذه القوى, بأنها كعادتها –تغرق في شبر موية, وبطبيعة الحال – كالعادة أيضا- لم تخيب هذه القوى ظن النظام فيها, إذ سارعت لإتخاذ موقع التبرير الدفاعي عن النفس!
                  

01-13-2013, 06:12 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    وهكذا إستمرأ النظام سياساته الوحشية القائمة على الإرهاب, فأمعن في الإعتقالات والقمع والضغط على القوى المعارضة, للتنصل من الوثيقة وما جاء فيها. فيما يشبه حالة (توازن الخوف الذي مركزه وثيقة الفجر الجديد ذات نفسها)..
                  

01-13-2013, 05:15 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *فالشاهد أنه ما أن تم الإعلان عن وثيقة الفجر الجديد, حتى إستعرت النار في أروقة المؤتمرالوطني, وتتطايرت تصريحاته الهستيرية –كالعادة تجاه مثل هذه المواقف- واصفا الوثيقة بأنها (جمعت كل سوءات الصهيونية، وأنها لا تتحدث إلا عن سوء معديها لأن أسلوبها صهيوني واضح في صياغة الميثاق) وبعد أن هدد أحزاب الإجماع الموقعة على الوثيقة بالويل والثبور وعظائم الأمور, أمرها بتحديد موقفها من "هذا الإفك العظيم"! ولم تخيب قوى الإجماع القديمة ظنه, فجاءت مواقفها متفاوتة, فحزب الأمة بعد أن وقع على الوثيقة, خرج على الناس ببيان يقول في آخر النقاط التي حواها:(الميثاق المعلن به ترهل وتناقضات, ما يوجب أن يواصل حزب الأمة الحوار مع كافة القوى السياسية, لتوحيد الرؤية الوطنية من أجل
                  

01-13-2013, 05:16 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    النظام الجديد المنشود) بما يعني ب"عربي أبيي بعد أن ضاعت جوبا" أن حزب الأمة بعد أن وقع تنصل, ونقض العهد و"كتل مع أول ملف"! معتبرا – على طريقة ضحكه على الدقون- وثيقة الفجر الجديد, مقدمة للقاء يتفادى عيوبها -في تقديره الخاص- والتي لخص بعضها في أنه: (لا يوافق على أية بنود تؤثر سلباً على وحدة السودان، مع ضرورة العمل على أن تقوم وحدة البلاد على "العدل والمساواة": وهذه العبارة الأخيرة"حمالّة أوجه, وأشبه برسائل الحمام الزاجل". ويمضي حزب الأمة, في عدم تحديد موقفه قائلا: موقفنا المبدئي في العلاقة بين الدين والدولة, يقوم على التوفيق بين تطلعات المؤمنين – لا المسلمين أو ذوي الديانات الأخرى في السودان؟!- والمساواة في المواطنة – لا دستوريا وقانونيا؟!- ويتعجل الخلاص من "ورطة الفجر الجديد" بالحديث زاعما أنه: يتطلع لنظام جديد لا يقوم على تقويض الدولة, دون أن يحدد طبيعة هذا النظام –شفت كيف!- إذ يكتفي بكلام عام: نظام يقوم على أساس هيكلة جديدة لمؤسسات الدولة, على أساس قومي – قومي بالنسبة لمنو؟.. المؤمنين؟- وهكذا لا يحدد البيان طبيعة الأهداف الوطنية, فيكتفي بالتعميم: نحن نلتزم بتحقيق الأهداف الوطنية بكافة الوسائل، ما عدا العنف والإستنصار بالخارج).. وبطبيعة الحال إقتلاع الحركة الإسلاموية من جذورها وقطع الطريق أمام أي دولة دينية, يخبئها الإسلامويون و الطائفيون والسلفيون خلف ظهورهم, ليس ضمن الأهداف التي يتحدث عنها حزب الأمة!..
                  

01-13-2013, 05:17 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    من الجانب الآخر ذهب عراب الحركة الإسلاموية الترابي, إلى الإعتراض على كل ما جاء في الوثيقة "قلبا وقالبا" بل زعم أن قوى الإجماع لم تفوض أحدا للتوقيع عليها. وفي الواقع حتى الآن يصعب على العقلاء – أساسا- القبول بالترابي كشخصية معارضة, فالرجل يتحمل الجزء الأكبر من أزمات السودان في عهد الإنقاذ, بل ويتحمل وزر إنفصال الجنوب, الذي جاء كنتيجة لمشروعه الحضاري سيء السمعة, وعليه يجب أن يحاكم.
    فمن غرائب وعجائب السياسة السودانية, التي لا تحتكم لأي أخلاق أو تقاليد عمل سياسي وطني, هي التفريط المستمر في الحقوق المادية والمعنوية للوطن والمواطن, ففي ظل مثل هذه السياسة, يصبح أمثال الترابي معارضين لديهم آراء مسموعة, دون أن يحاسبهم أحد على جرائمهم, في التخطيط للإتيان بهذا النظام النازي, ودون أن يقول قائل للترابي, أن كل ما يحدث في السودان منذ 1989 حتى الآن, هو نتيجة لمشروعك الحضاري سيء السمعة والذكر, ونتيجة لتقعيدك الآيديولوجي لهذه الدولة الفاشية الكارثية.
                  

01-13-2013, 05:18 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    والرجل دوره بهذه المواصفات ليس غريبا, أن يرفض قلبا وقالبا وثيقة الفجر, التي وقع عليها حزبه.
    على الضفة الأخرى للقوى القديمة, سرح الأمين العام للحزب الإتحادي بخياله ووصف الوثيقة بذات الأوصاف التي أطلقها عليها المؤتمر الوطني الحاكم, بأنها (حملة صليبية وصهيونية تستهدف ثروات السودان وأرضه) وجاء موقف الحزب الشيوعي –تمومة الجرتق- كموقف حزب الأمة "ممسكا العصا من النص- عين في الجنة وعين في النار إذ قال:(كان المفروض، أن يعرض الوفد، ما توصل إليه من مشروع إتفاق مع الجبهة الثورية، على قيادة التحالف للتداول حوله، لا أن ينشره كميثاق) وهكذا توالت مواقف قوى الإجماع الأخرى المتنصلة -من المواثيق والعهود كالعادة- من الوثيقة, التي وقعت عليها. قبل أن يجف مداد التوقيعات!
    وفي خاتمة المطاف لم يقف عند موقفه من الوثيقة, سوى قوى الجبهة الثورية نفسها, وهي لا تفتأ تكرر على لسان عرمان:(يرجع فضل التوقيع على هذه الوثيقة, إلى جميع القوى السياسية والمجتمع المدني والشباب والنساء، بالإضافة إلى التضحيات العظيمة في الريف والحضر, وفي الهامش والمدينة, و المناخ الذي شكلته الحركات الإجتماعية الجديدة جميعها).
                  

01-13-2013, 05:20 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    وليس بعيدا عن هذه الضفة – فركة كعب- القوى الجديدة القديمة المتحالفة مع قوى الإجماع أصيبت بهاء السكت!
    بينما القوى الجديدة خارج وثيقة الفجر الجديد,كحركة القوى الجديدة الديموقراطية "حق" والحزب الليبرالي اللذان هم طرفان في وثيقة جبهة الحراك المدني والشبابي- واللذان أساسا لم تتم دعوتها لهذه الفعالية المهمة, لا بصفتها المنفردة ولا خلال دعوة القوى المكونة لتحالف جبهة الحراك المدني والشبابي- مع ذلك عبرت هذه القوى عن مواقف متوازنة من وثيقة الفجر الجديد, بعد أن رحبت بها وعضدتها كخطوة في الإتجاه الصحيح. لطالما قلنا أن الإختلاف بين القوى القديمة والحركة الإسلاموية: ممثلة في المؤتمر الوطني والشعبي وحلفاءهما الطائفيون والسلفيون, هو إختلاف درجة وليس نوع, لذلك لا يمكن أن تلتزم هذه القوى بميثاق لا يعبر عن نظم تفكيرها وتوجهاتها.
                  

01-13-2013, 05:22 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    فهم يتشاركون مع الحركة الإسلاموية المشروع السياسي الآيديولوجي نفسه, وهو كمشروع غامض يمثل منبع قلق وتوتر فكري لهذه القوى, الأمر الذي يجعلها تتخبط فتوقع على المواثيق وتتنصل عنها.
    فهذه القوى ظلت كل ما هددها المؤتمر الوطني تستجيب لتهديداته, وكلما لوح لها بالعظمة تراكضت خلفها, وتنصلها الآن من وثيقة الفجر الجديد ليس المرة الأولى, فقد تنصلت من قبل من إتفاقاتها مع قرنق.
    *الوضع الحالي للنظام يؤكد أنه في أضعف حالاته (لكن ######ؤة جريحة) فأجهزته الأمنية في إطار الإستقطاب العرقي والجهوي, أصيبت بشروخ وإنقسامات عميقة, إذ أصبح الجميع مشكوك في ولائهم للجميع, وكذلك الحزب الحاكم والجهاز السياسي للدولة, من قمته إلى قاعدته لا يخلو من الشروخ والتصدعات.
    إلى جانب الحروب المشتعلة في الأطراف, والتدهور الإقتصادي, والحروب غير المعلنة ضد المهمشون في الشمال, وقتل الطلاب من تلك المناطق, بإعتبار أنهم في ظل مناخ الثورات, من الممكن أن يسهموا في إحداث قدر من القلق للنظام هو في غنى عنه – لكن النظام يستبدل القلق "المدني" بجني قلق أكبر, بسبب إستخدام العنف الوحشي- مضافا إلى ما سبق الحركات الشبابية للتغيير.
    إزاء كل هذه الأوضاع المتفاقمة, التي أصابت النظام بالهلع, تم الإمعان في تكميم الأفواه, لدرجة إغلاق المراكز الثقافية ومراكز الدراسات, كمركز الخاتم عدلان للإستنارة والتنمية البشرية ومركز الدراسات السودانية, تفاديا لأي نوع من القلق.
    هذا المناخ الذي يتبدى خلاله ضعف النظام إلى أقصى حد, يزيد من الإحتقان الجماهيري, وبالتالي من فرص نجاح الفعل السياسي ل"وثيقة الفجر الجديد" لو تحلت الأطراف الموقعة على الوثيقة بالمبدئية وأخلاق العمل الجبهوي.
                  

01-13-2013, 05:24 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    خصوصا أن نظام المؤتمر الوطني, فشل في خياراته العسكرية للقضاء على المهمشين, بل أن أي ضربة وجهها لهم, زادتهم قوة وأتتهم بمزيد من الموارد البشرية لجيوشهم, ودفعت بهم إعلاميا ودعائيا خطوات إلى الأمام, ومهدت لهم القبول الدولي, والإلتقاء بالغربيين المسئولين عن ملفات السودان, بل ينظر الغرب الآن إلى ضرورة إحداث تغيير في السودان بصورة ملحة, وهي رغبة معظم دول الإقليم أيضا.
    إذن الجميع يعلم أن النظام حوصر تماما. وهنا تظل ثمة نقطة مهمة تجدر الإشارة إليها فيما يخص الحركات والقوى الدارفورية, تتعلق بضرورة توحدها في حزب سياسي قومي ديموقراطي. كضمان لوحدة البلاد, وكرسالة تطمئن المتخوفين من العمل العسكري, الذي هو بمثابة خيار تم الإضطرار إليه, إزاء عنجهية وغطرسة الحركة الإسلاموية وعنصريتها. وفي الواقع الجبهة الثورية بحاجة للبحث عن حلفاء مبدئيين للحوار والتنسيق معهم.
    *غني عن القول أن سقوط هذا النظام, سيترتب عليه ونهائيا سقوط مشاريع الدولة الدينية في السودان, وبطبيعة الحال القوى القديمة.. الإسلامويون والسلفيون والطائفيون, يعون ذلك تماما لذلك يحاولون اللعب بالبيضة والحجر, فهم يريدون للنظام أن يسقط لأنه "يأكل من جرفهم" –في الواقع هم أيضا يأكلون من جرفه, بمعنى علاقة جدل وظيفي- وفي الوقت نفسه تريد لمشروع الدولة الدينية أن يستمر, فهي لا تستطيع إلا أن تكون من دعاتها, رغم تشدق بعض أطرافها كالأمة والإتحادي بالمدنية والديموقراطية, فالدولة الدينية لا يمكن أن تكون إلا دكتاتورية مستبدة وغاشمة.
    *من جهة أخرى مخاوفهم من العمل العسكري, ليس حرصا على وحدة البلاد, بقدر ما هو حرص على مشروع الدولة الدينية, إذ يصرون على غض الطرف عن أن العمل العسكري, طبيعته مؤقتة يزول بسقوط النظام, بالتالي لا داع للقلق من هيمنة الثوار وإستيعابهم للمدنيين.
                  

01-13-2013, 05:25 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    * لذلك لا يدهشنا تنصل القوة السياسية عن "الفجر الجديد" قبل أن يجف الحبر الذي كتب به, فالتراجع عن الهدف والأسلوب, من السمات المميزة لهذه القوى.
    فممارسات قوى الإجماع هي الممارسات نفسها, التي كان ينتهجها "التجمع الوطني الديموقراطي" والذي لم يكن الخاتم عدلان مخطئا عندما قال فيه: "التجمع الوطني الديمقراطي, قام على مفهوم مغلوط لمفهوم الحد الأدنى, وفسره على أساس أنه يعني الإتفاق على جميع القضايا, ولكن بنسبة 10% بالنسبة لها جميعا.
    وهذا يعني أن أيا من هذه الأطراف لن يبذل كل الجهد, لخدمة أية قضية من القضايا موضوع الإتفاق, بل سيكون السائد وسط قواه هو التآمر وسوء النية. وهذا لا يمكن أن يكون أساسا سليما لأي عمل مشترك. ونحن نلمح في الحقيقة هذا المنحى السطحي في التعامل مع جميع القضايا السياسية من قبل الساسة السودانيين. فهم يستعيرون شعارات من سوق الشعارات العالمي دون هضم لها ودون إستبانة لأبعادها جميعا, ويطبقونها بهذه الطريقة الفاسدة, فيفسدون الوعي ويشيعون الأمية السياسية التي تساعدهم, في إعتقادهم, على تسهيل مهمتهم في قيادة الشعب, غير عابئين بأنهم إنما يقودونه إلى التيه والكارثة. واذا بحثنا عن تلك القضية التي اتفقت عليها قوى التجمع بنسبة 100% فاننا لن نجدها مطلقا. وهذا يعني ببساطة أن التجمع قام على أساس مختل, وما كان بإمكانه أن يحقق نتائج ذات شأن وخطر" فما أشبه ليلة قوى الإجماع الوطني, ببارحة التجمع!
                  

01-13-2013, 05:49 PM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    عزيزى احمد ضحيه

    سلامات يازين

    انتظراكتمال مساهمتك لكن ياحبيب هذا فجر ولد بذات الملامح القديمه وباقصاء لقطاعات مهمه للشباب,النساء واحزاب تقدميه مثل الحزب الديمقراطى الليبرالى والخضر, طلائع البجه ,الرشايده, ,المناصير والرباطاب ,كيانات البقاره, الابالة,النوبيين,عرب وفلاتة الصعيد, الخ... ومن مااحزننى مجاراة الطغمة الفاشيه الاسلاميه فى خلق اقاليم جديده فى فترة انتقاليه لارضاء زعامات سياسيه,ومجموعات قبليه بدلا من الاكتفاء بالمديريات المعروفه عام 56 وهى سته مديريات محددة المعالم والتاريخ كان يمكن اعتبارها كأقاليم الفترة الانتقاليه. لاتنسى ايضا بارفيق, وجود الترابى. وحزبه المؤتمر الشعبى كحصان طراودة للتحالف الجديد.
    مع ودى وتقديرى
    المعز ابونوره
                  

01-13-2013, 10:10 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: انتظراكتمال مساهمتك لكن ياحبيب هذا فجر ولد بذات الملامح القديمه وباقصاء لقطاعات مهمه للشباب,النساء واحزاب تقدميه مثل الحزب الديمقراطى الليبرالى والخضر, طلائع البجه ,الرشايده, ,المناصير والرباطاب ,كيانات البقاره, الابالة,النوبيين,عرب وفلاتة الصعيد, الخ... ومن مااحزننى مجاراة الطغمة الفاشيه الاسلاميه فى خلق اقاليم جديده فى فترة انتقاليه لارضاء زعامات سياسيه,ومجموعات قبليه بدلا من الاكتفاء بالمديريات المعروفه عام 56 وهى سته مديريات محددة المعالم والتاريخ كان يمكن اعتبارها كأقاليم الفترة الانتقاليه. لاتنسى ايضا بارفيق, وجود الترابى. وحزبه المؤتمر الشعبى كحصان طراودة للتحالف الجديد.
    مع ودى وتقديرى
    المعز ابونوره


    أستاذنا دكتور المعز أبو نورة سلامات..
    كيفك وكيف العيال, أول أمبارح كنت مع مكي أبونورة وقال عايز يعمل طلب لجوء لجنوب أفريقيا, عشان يشتغل في مناجم الماس, كخبير أميركي..
    كالعادة تثير مداخلاتك أسئلة مختلفة, صحيح أن "وثيقة الفجر الجديد" تم إقصاء أطراف مهمة كقوى جبهة الحراك المدني والشبابي – على سبيل المثال- وقد أشرت لذلك في المقالين.
    وكلامك صحيح تماما حول إستخدام التقسيم الإداري للسودان على أساس تكتيكي لخدمة أغراض مرحلية, على الرغم من أن مشكلة التقسيم الإداري للسودان مشكلة قديمة كما تعلم – وإنت سيد العارفين- منذ كان السودان غير موجود بحدوده التي عرفناها بعد الإستقلال, أي منذ عصوره القديمة عندما كان (نظرا لإتساعه وترامي أطرافه) مجرد ممالك في الشمال والوسط والغرب والجنوب.. إذ لم يعرف النظم الإدارية الحديثة إلا بعد الإحتلال المصري التركي ’ إذ – كما يحدتنا التاريخ- أنه ما أن إستقر المقام للإحتلال التركي-المصري, حتى حاول إنجاز نظام إداري يمكنه من إدارة البلد, فكان في عهد خورشيد باشا (1826-1834) تقسيم السودان إلى ستة مديريات هي: دنقلا، بربر، الخرطوم، سنار، كردفان وفازوغلي وتم ضم إقليم التاكا في الشرق لاحقا ليصبح المديرية السابعة.
    لكن في عهد الخديوي عباس (1848-1858) تمت إعادة تقسيم السودان مرة أخرى وبمجيء الخديوي سعيد (1854-1863)عرف السودان النظام المركزي القابض . لكن في عهد الخديوي إسماعيل باشا الثاني(1863-1879) تم التراجع عن النظام المركزي وإعادة تقسيم السودان إداريا مرة أخرى.
    زهكذا نجد أن مشكلة التنقل بين النطام المركزي واللامركزي وعدد الأقاليم أو المديريات أو الولايات وسمت تاريخ السودان حتى الآن, فكما واجهت هذه المشكلة – التقسيم الإداري للسودان- الدولة المهدية (1885-1898) واجهت أيضا الحكم الثنائي (1898-1956) بل وأستمرت هذه المشكلة في تاريخ السودان منذ الإستقلال حتى الآن.
    أتفق معك تماما أن الترابي يمثل مشكلة حقيقية للأطراف التي جاءت به كأحد قادة المعارضة, وقد أشرت في المقال إلى ذلك أيضا. بل أكثر من ذلك المخاوف من أن تكون العدل والمساواة تبطن أكثر مما تظهر.
                  

01-24-2013, 10:15 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    المقالات الثلاثة القادمة بعد هذه المقدمة هي ورقة قديمة قمت بتطوير أفكارها مؤخرا, وهي ذات صلة ب"الفجر الجديد"..
    المثقف والسلطة والقوى الجديدة
    أحمد ضحية
    مقدمة حول أفكار هذه الورقة:
    *وبعد أن إنتهى الكثيرون في شأن السودان, إلى التسليم بأن مصيره إلى التفتت, ومآله إلى الإنفصالات والتبدد والزوال, نجد أن فكرة (وحدة السودان) لا تزال بحاجة إلى إعادة تأسيس, في الوعي السوداني العام اليوم أكثر من أي وقت مضى.
    فالكثيرون"يعيشون" وحدة السودان على صعيد الشعارات, بينما "يحيون" عملية بناء الدولة الإنفصالية. ونشؤ "المركزيات الإثنية" في الأطراف.. حتى الوحدويون منهم يفكرون في الوحدة, بينما يتبنون-عمليا- الإنفصال الذي تحقق عمليا على "المستوى الذهني والنفسي", فيما يبدو أنهم, تخلوا عن الحلم بسودان موحد ديموقراطي مستقل. مذعنين للفوضى المرعبة التي يمثلها السودان الراهن, خصوصا بعد تصاعد الصراع المسلح بين المركز والأطراف, الذي أدى في إحدى نتائحه إلى إنفصال الجنوب.
    وهكذا ما سنطرحه هنا ليس بديلا, بقدر ما هو إصرار على الإستمرار في (حُلُم) السودان الموحد. والقول: أن بمقدورنا الإتيان بما هو أفضل مما نراه الآن مهما طال الزمن, وعسف الإسلامويون والسلفيون والطائفيون.
    وهنا يبرز دور المثقف في إعادة تأسيس الوحدة في الوعي السوداني, بمحاولة الكشف أولا عن العمليات التي قادت السودان إلى أن يكون ما هو عليه الآن, فالتعرف على هذه القوانين, هو الخطوة الأولى, للخروج من عنق الزجاجة! بتأسيس الوحدة في الوعي السوداني الجانح نحو الإنفصالات الآن! وهي عملية ليست سهلة, شأنها شأن عمليات البناء: معقدة وطويلة الأمد, خاصة في ظروف حكم الإنقاذ, التي حاصرت المثقف وهمشت وأقصت دوره, بل وألغته في الحياة السياسية, وإمعانا في الإلغاء قامت مؤخرا بإغلاق مراكز الدراسات والمؤسسات الثقافية, إمعانا في ترحيل السودان إلى عصور ظلامية منحطة, هي الأسوأ من عهود المماليك.
    مثل هذا الحوار يفضي إلى قضية الديموقراطية, كقضية مطلوبة لا فكاك من طلبها, التي لن تتحقق في ظل الحصار المتعاظم لدور المثقف, بمزيد من العوائق والأزمات, التي وفرت الإنقاذ -كسلطة إستبدادية فاسدة- شروطها مع سبق الإصرار والترصد.
    ظللنا نتساءل طوال السنوات الماضية, كيف إستطاع نظام (إسلاربوي) قمعي فاسد على شاكلة نظام الإنقاذ, الذي ولد وهو يحمل بذور فناءه داخله.. كيف استطاع مثل هذا النظام الشائه, البقاء والإستمرار لأكثر من عقدين من الزمان, وإيصال السودان إلى هذه المرحلة من التمزق والشتات.. والتشوّه الأخلاقي والإجتماعي والثقافي والجغرافي,إلخ..

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-26-2013, 01:59 AM)

                  

01-24-2013, 10:18 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    بالطبع ثمة آراء وإستنتاجات وتصورات مختلفة, تمثل مختلف الإتجاهات السياسية, تجيب عن هذا السؤال, لكن ليس من بينها: "الغياب الفاجع للمثقف!".
    هذا المثقف الذي – بعكس السياسي – يجيد معظم أنماط الثقافة ويدركها – بما فيها النمط السياسي – لأنه يمتهن الثقافة ويمتلك ملكة الإبداع, بإعتباره منتجا للثقافة (1) وإذ نتناول موضوع (الغياب الفاجع للمثقف في السودان), فذلك لأن دوره – المثقف – ظل شاغل لكثير من الكتابات لوقت طويل.
    وبالعودة إلى الوراء, يمكننا ملاحظة أن فترة زمنية محددة مثل العشرينيات, تمخضت عن مثقفين لامعين – بصرف النظر عن تصوراتهم المختلفة حول السودان – مثل عرفات محمد عبد الله ومعاوية محمد نور والتيجاني الماحي وبابكر بدري وإبراهيم احمد وعبد المجيد إمام و آخرون كثر غيرهم.
    إلى جانب تكوينات فاعلة في مسيرة تاريخ السودان الحديث, والتحولات التي مر بها, مثل جمعية "أب روف" واللواء الأبيض ومؤتمر الخريجين.. هذه التكوينات التي بناها المثقف, وشكلت علامات فارقة في صيرورة السودان. إذ إمتد أثرها حتى الآن(2).. مثلت التعبير عن "وجود ودور المثقف" لا كمصدر للإجابات عن الأسئلة التي يطرحها الواقع, بل كجزء من الحلول لأزمات الواقع أيضا. كما عبرت تلك الفترة أيضا عن تطلعات المثقف لوطنه الذي يريد. عبر مختلف المنابر والمجلات والإصدارات, مثل حضارة السودان ومجلة الفجر, إلخ.. وفيما بعد عبر مجلات: الخرطوم والثقافة الجديدة وحروف ووازا والثقافة الوطنية, والصحف, إلخ...
    الأدوار المختلفة التي لعبها المثقف منذ عشرينيات القرن الماضي, تكاملت وترتب عليها نشؤ الأحزاب السياسية, بتوجهاتها المختلفة.
    واستمر المثقفون السودانيون يلعبون أدوارهم المختلفة, في المجتمع. ليتمخض وعيهم لاحقا ومنذ السبعينيات عن مجلة القصة - إلى جانب ضغوطاتهم على المؤسسة الثقافية للدولة, التي أثمرت مجلة الخرطوم والثقافة السودانية والإذاعة والتلفزيون و وازا وحروف وسوداناو – إلخ من مجهودات بذلها المثقفون في الآداب والفنون والمسرح والفكر والسياسة.
    إذن مثلت الفترة من الأربعينيات إلى الثمانينيات من القرن الماضي, فترة نشطة باتجاه تأسيس منابر المثقف, التي لم تتوقف عند حدود الإصدارات فقط, إذ شملت مقار الفرق الرياضية.
    رافقت هذه الحركة الدؤوبة تكوينات ثقافية, مثل رابطة سنار الأدبية, ورابطة الجزيرة للآداب والفنون, ورابطة الأصدقاء الأدبية بكوستي, إلخ.. حتى بدى أن مدن السودان المختلفة, تكاد لا تخلو من تكوين أو جسم ثقافي بناه المثقف. للعب دور ما في المجتمع المحلي, ويتطلع بهذا التكوين للعب دور قومي.
    وفي هذا السياق, ومع إشتداد عسف السلطة الإسلاموية منذ 1989 مثلت مكتبة البشير الريح, الرئة التي يتنفس خلالها المثقفون, بعد أن صادر النظام الإسلاموي (إتحاد الكتاب السودانيين) وحل كل الروابط والجمعيات الأدبية والإجتماعية في العاصمة والأقاليم, إثر بيان عسكري فج. وهكذا تفرق المثقفون أيدي سبأ بحل المنابر التي كانوا ينضوون تحت لواءها!
    ومع ذلك, كان المثقف كلما حطموا له كيانا أوجد كيانا آخر, فبتعرض مكتبة البشير الريح للإغلاق, أكثر من مرة. وتضييق الخناق على المثقفين, لجأ المثقف إلى المراكز الأجنبية (الفرنسي, الثقافي البريطاني, إلخ ..) ونهض من قلب هذه العتمة في مركز آخر: عبد الكريم ميرغني, ثم عبد المجيد إمام و مركز الدراسات السودانية ونادي القصة السوداني, إلخ..
    هذه الحركة الدؤوبة التي لم تنقطع خلال أكثر من نصف قرن من الزمان, على الرغم مما تخلفه من رهق وغياب أحيانا, إلا أنها ظلت تؤشر على الدوام على شيء واحد: أن هناك مثقف سوداني, لا يبحث عن دور فقط في المجتمع, بل ويعرف دوره بالضبط, وأن هناك مثقف مستهدف بإستمرار بقمع السلطات السياسية والإجتماعية أحيانا, وأن هناك مثقف مهدد بالصمت والسكت والغياب الفاجع!
    *رافق نشاط المثقفين في منابرهم, التي حاولوا إيجادها, خلال أزمات الواقع البائس, وحصارات وقمع السلطات الإستبدادية والملاحقات الأمنية, التي ظلوا يتعرضون لها, وتتعرض لها منابرهم. إلى "درجة الإغلاق" كما حدث مؤخرا لمركز الخاتم عدلان و الدراسات السودانية ومؤسسات مجتمع مدني ومراكز أخرى.
    ظل يرافق كل ذلك الإستمرارية في فتح نوافذ ثقافية في الجامعات السودانية, مثلتها الروابط الإجتماعية والثقافية, التي حاولت أن تسهم مع المثقف المحاصر خارج أسوار الجامعات, في صياغة المعنى الإجتماعي العام للسودان.
    لكن هل نجحت هذه المحاولات حقا في صياغة أي معنى إجتماعي عام؟
    يكفي أن نلقي نظرة واحدة على المشهد السياسي والثقافي والإجتماعي السوداني.. لنرى:
    وطنا متنازعا تتآكله نزعات القبلية, مهدد بالإنفصالات والتبدد والتلاشي.. وطنا لا يزال مقعيا في أحد الأزقة السحيقة للتاريخ.. وطن تنتظر مؤسسته العسكرية المؤدلجة الفرصة, في كل عهد ديموقراطي قصير الأمد للانقضاض والإجهاز على مخاض روحه المدنية, التي تتطلع للولادة.. وطن لا تزال الأمراض المنقرضة تاريخيا, مثل الكوليرا والملا ريا والسل والإسهال, تحصد أرواح مواطنيه, وطن ينهب الإنتهازيون بإسم الإسلام ثرواته.. هل هذه هي ثمرة نضالات المثقفون السودانيون؟
    في تقديري الخاص أن أحد أسباب هذه المشكلة, يكمن في تواطؤ عدد كبير من المثقفين, وإنحيازهم لمصالحهم الذاتية, خصما على الأجندة الوطنية, سواء بإستمرارهم في "إعادة إنتاج الثقافة التقليدية", أو "تواطؤهم مع الحكومات الإستبدادية والقوى الطائفية والإسلاموية", التي تنطوي مشاريعها أصلا على روح مضادة للتقدم, وحصيلة ذلك – الموقف المضاد للتقدم – التخلف والتمزق المريع, الذي يعيشه السودان اليوم
    ربما يبرزهنا سؤال: إذن أين كان المثقفون الديموقراطيين التقدميين, المنحازين للأجندة الوطنية؟
    وهو سؤال لا يمكن الإجابة عنه بصورة مباشرة, ففي فوضى الإنقلابات, والإستهداف المتعاظم للمثقفين منذ الستينيات بجعلهم "دريئة من قش", وتشويه مواقفهم وتصويرها على نحو كاريكاتوري, أو بصورة تصورهم كشخصيات سايكوباتية, بل وإبتذالهم ونعتهم ب"المثقفاتية", وجعلهم موضوعا دراميا لجماعات "الحلمنتيش" المبتذلة, وكل ذلك يتم بصورة "معممة" تخلو من التمييز بين مثقف ومثقف, نتيجتها فقدان الثقة في المثقف ودوره..
    كذلك نجد أن الإنهيار العام وتأثيره في الأوضاع الإجتماعية للمثقفين, إلى جانب الإستهداف المتعمد والمستمر من قبل الحكومات العسكرية, وتعاظم هذا الإستهداف إبان فترة النظام الاسلاموي الحالي, وتسخير هذه النظم الشمولية المستبدة لجهاز الدولة, ليصبح محض جهاز قمعي لحماية النظام وأفكاره الظلامية, وليس لحماية البلاد والعباد, كل ذلك ترتب عليه "غياب المثقف".
    في خضم كل هذه الفوضى من الاستبداد والفساد, والتشريد والنهب المنظم للموارد والإحالة للصالح العام, فقد المثقف ثقته بنفسه بعد أن ضعفت شوكته, بالتالي قدرته على التغيير.
    *وببروز النّص الاسلاموي بمثابة نص على النص الحقيقي, حوصر الواقع برؤية آيديولوجية, "مفعمة بالإلتباس والتلفيق", طرحت نفسها حينا: دستور إسلامي أو صحوة إسلامية, وحينا آخر: جمهورية إسلامية, إلى أن بلغت منتهاها في المشروع الحضاري, أو دولة الخلافة – كما عند المثقف المرحوم فراج الطيب- التي أمير مؤمنيها مجرم حرب, تطالب به لاهاي!. فمثلت الذروة في الإلتباس والتلفيق – فقد شبه العبد الفقير لله المرحوم فراج الطيب "الجنرال" عمر البشير, بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب؟ وهو الذي إستبق إنقلابه بجريمة قتل في عرس بكردفان!..
    هذه الفوضى التي تعاد فيها عملية إعادة إنتاج واسعة النطاق للثقافة التقليدية, من قبل المثقفين "الطائفيين والإسلامويين" الذين تواطأوا ضد الحقائق الأساسية لمجتمعات السودان المتباينة, في عقائدها وثقافاتها وأعراقها, تم سحبها بتعميم آيديولوجي متعمد, من قبل الطائفية والإسلامويون, لتتشمل المثقفون دون إستثناء, أو تمييز حتى للحقول المعرفية التي ينتمون إليها..
    *وبطبيعة الحال مثل هذا إستهدفا آيدولوجيا منظما ضد المثقفين الديمقراطيين التقدميين, فأصبحوا على رأس قائمة المطلوبين في السودان. بعد أن تم حصارهم بالدعاية المضادة, لتغريبهم عن مجتمعاتهم, وتشريدهم عن بيوتهم وأسرهم وعملهم, بل ظلت الآيدلوجيا الإسلاموية تلاحقهم وتغلق مراكزهم وصحفهم وتعتقلهم وتعذبهم. وعندما تطلق سراحهم, يصبحون غرباء فعلا في بلادهم, التي لطالما حلموا بها وطنا أجمل بين الأوطان!
    وهكذا ظل مشروع "الغياب الفاجع" مستمرا..
    وظل البعض يغادرون إلى المنافي, وهم يحملون هموم تكوين معارضة سياسية, ربما هي ذات نسيج ثقافي أو ليست كذلك, "رغبة في إظهار قضية السودان", الذي خرجوا منه مهزومين ومجروحين ومكسورين الخواطر, التي لا سبيل "هيِّن" لجبرها – حيث لا عزاء في أغنية عثمان اليمني: "نحنا ناس حياتنا جبر خواطر.." أو المثل السائد: "كل مكسور بينجبر إلا الخاطر..".. وفي الواقع أن ما تهشم داخلهم, لهو أكثر من مجرد خاطر!
    ومع ذلك, المثقف وهو في منفاه داخل الوطن أو خارجه.. سواء كان هذا المنفى جبريا أو إختياريا, استمر في الكشف عن كل ما يتصل بالإستبداد والقمع, وغياب حرية الرأي والتنظيم, و تهميش وإقصاء الشركاء في الوطن الواحد, ونهب ثروات هذا الوطن نهارا جهارا, عيانا بيانا, دون حياء أو وازع أخلاقي!
                  

01-24-2013, 10:20 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *ثمة عوامل أخرى أسهمت في غياب المثقف, مثل إنهيار الطبقة الوسطي, التي إن لم ينتمي إليها المثقف طبقيا أو إجتماعيا, إنتمى إليها روحا. فبتهاوي هذه الطبقة تحت ضربات النظام الإسلاموي, أصبحت المجتمعات السودانية, غير قائمة على نفوذ وقوة الطبقة الوسطى, كطبقة تاريخية مسئولة عن إنتاج المثقفين – بصورة خاصة – فمع أثننة الإنقاذ للسياسة, وإستمداد قوة مشروعها الإسلاموي – الحضاري البائد- من نفوذ العشائر والقبائل والبيوتات- خصوصا حزب الأمة والإتحادي- وتفتت الطبقة الوسطى عمليا, توغل المثقف أكثر فأكثر في الغياب.
    *هنا يبرز سؤال آخر: حول مستقبل الديموقراطية والإسلام السياسي, وغني عن القول أن التشديد على الأصالة, والعودة إلى تاريخ إنقضى وولى, كقاعدة للإنتقال إلى المستقبل, بدلا عن إجتراح هذا الإنتقال وأدواته في التاريخ العالمي للتنوير و الحداثة, بما يشمل إعادة تأسيس التعليم, يعتبر تسويقا للأسس الآيديولوجية للإسلام السياسي, كما أن المثقفون الذين يقومون بدور المؤامة والمصالحة والتلفيق – وما أكثرهم في ظل الإنقاذ – بين الإسلام السياسي وبين الديموقراطية الليبرالية, هم في الواقع يجعلون التصالح مع الإسلام تكتيكيا, كما يعتبر الاسلامويون عموما الحوار "المخجوج" الذي يتكالبون عليه الآن مع القوى السياسية المختلفة, شأنا سياسيا, لا يستتبع تنازلا عن أسسهم الأيديولوجية (3) التي تنهض في – الإسلام الصحيح, وفقا لمزاعمهم – وكما يتصورونه كحراس للنوايا ومُلاك للحقيقة المطلقة, إصطفاهم ربهم - دونا عن سواهم من عباد الله المغلوبين على أمرهم - للإهتداء لهذا الإسلام الصحيح.

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-25-2013, 04:37 AM)

                  

01-25-2013, 04:45 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (1-3) المثقف والسلطة وسلاسل الأجيال:
    *نحاول هنا فحص مفاهيم أساسية, حول علاقة المثقف بالسلطة منذ القرن السادس عشر, أي منذ قيام مملكة سنار (1505), وصولا إلى فترة الإحتلال التركي المصري, ثم قيام الدولة المهدية, فالإحتلال الإنجليزي المصري, وآخيرا الحكومات الوطنية المتعاقبة. وبالطبع سنكتفي فقط بمحطات نرى أنها أساسية, في فحص العلاقة بين المثقف والسلطة في السودان – تاريخيا – علنا نتمكن من إلقاء بعض الضوء على جذور وتكوين هذا المثقف, بما يعيننا على تكوين فكرة عامة, توضح لنا ما هو عليه الآن, فربما يمكننا ذلك من التعرف على مزيد من الأسباب, التي صاغت غيابه الفاجع على عهد الإنقاذ بصورة خاصة.
    بداية أن لفظ "مثقف" الذي يتم إستخدامه اليوم في العربية المعاصرة, لا يمكن العثور عليه في الأدبيات العربية القديمة, وهو إسم مفعول من الفعل "ثقف"أي بمعنى حذق. إذ جاء في لسان العرب: "ثقف" الشيء "ثقفا" و" ثقافا" و"ثقوفة": حذقه. ورجل "ثقف" (بفتح الثاء والقاف) وثقف (بفتح الثاء وكسر القاف) و"ثقف" (بفتح الثاء وضم القاف) حاذق.
    إذن مصطلح "مثقف" هو مصطلح حديث, حيث يرمز إلى العقل في تشكيله, أو الفكر في بناءه. ما يعبر عن الميل أو النزوع إلى الفكر, وبذلك يختلف "المثقف" في رؤيته تفكيره, عن ثقافة المجتمع المحيط . فالمثقفون هم أولئك الذين "يشتغلون بفكرهم", في فرع من فروع المعرفة. ويحملون آراء خاصة بهم, حول الإنسان والمجتمع. ويقفون موقف الإحتجاج والتنديد, إزاء ما يتعرض له الأفراد أو المجتمع من ظلم وعسف السلطات. سواء كانت دينية أو سياسية (4).. قسم غرامشي المثقفين إلى مجموعتين حسب الوظيفة الإجتماعية: المجموعة الأولى يمثلها "المثقف التقليدي": (الأدباء والعلماء وغيرهم) والمجموعة الثانية يمثلها "المثقف العضوي": (المفكر والعنصر المنظم في طبقة إجتماعية سياسية معينة )..
    وتركيز غرامشي هنا على الوظيفة الإجتماعية, يعني دور المثقف في توجيه أفكار وتطلعات الطبقة, التي ينتمي إليها, أي القيام بممارسة منتظمة للتفكير في الواقع الإجتماعي والسياسي, والمشاركة في تغييره. وفي هذه الحالة يصبح المثقفون: "انتلجنسيا" ويتسع مصطلح المثقف, ليشمل جميع الذين يصنعون الثقافة, ويحملونها ويطبقونها, بل يعول "اليسار الجديد" على دور الشباب والطلاب كثيرا.
    مثلما يشمل المصطلح الخبراء, والعقائديين النظريين. والفلاسفة أو المفكرين, والفنانين والصحافيين, ورجال الإدارة والوظيفة. هنا ثمة تمييز يضيفه دكتور حيد ابراهيم للمثقف يتمثل في"المثقف الخلاق" الذي يختلف عن المثقف التقليدي الذي يقتصر نشاطه, على نشر الأفكار وتطبيقها. لكن يظل الأثنان من النخبة المثقفة, ولكن "الانتلجنسيا" هي التي تحصل على نصيب كبير, في مراكز القوة والإمتيازات (5)..
    مما تقدم نلاحظ أن مصطلح مثقف من أكثر المصطلحات إلتباسا, إذ من الخطأ أن نخلط بين "التراتبية" و"النخبوية", فمفهوم المثقف ضبابي بما فيه الكفاية. وكثيرا ما يخلط بينه وبين مصطلح "الطليعة" والتي هي مسألة مختلفة.
    ف"النخبوية" هي إيمان بسلطة "قلة مختارة", أو مرجعيتها مما يشير –عادة- على المستوى الثقافي, إلى أن "القِّيم" هي حكرا على هذه الجماعة, سواء كانت قد اصطفت نفسها بذاتها أو غير ذلك, مستمدة سلطتها أو مرجعيتها, من مكانة غير موقعها الثقافي (خلفيتها الإجتماعية أو الدينية مثلا..) أو من نفوذها الثقافي وحده, ومثل هذه النخبوية كما يشير تيري إينغيلتون, لا تتعارض مطلقا مع ضرب من الشعبوية (6)..
    ثمة ملاحظة مهمة نرغب في التأكيد عليها هنا, إذ نعني تحديدا بالمثقف – في هذه الورقة – المثقفين المنظمين في قوى سياسية, والمثقفين الذين لم يسبق تنظيمهم , أو كان التنظيم مرحلة في حياتهم.
    *إذا إستلهمنا بعض المعاني المهمة, التي تتضمنها نظرية المجايلة التاريخية (7) في تحقيب التاريخ على أساس الوحدات الصغرى من سلاسل الأجيال, فان هذا المصطلح (جيل)هو الوحدة التاريخية الصغرى المقدر عمرها بثلاثين سنة, وعليه فإن الفضاء الثقافي والمعرفي السوداني عاش منذ مملكة الفونج أو السلطنة الزرقاء حتى الآن 17 جيل (أي 17 وحدة تاريخية صغرى). إذا وضعنا في الإعتبار الجيل الحالي (1985 – 2015) وصولا – تنازليا – إلى الجيل المؤسس لمملكة الفونج (1505).
    بلغة أخرى نجد أن الأجيال الثلاثة الأولى هي: (1505 -1535) – (1535 – 1565 ) – (1565 – 1595). والأجيال الثلاثة الثانية: (1595 – 1625) – (1625 – 1655) – (1655 – 1685) . والأجيال الثلاثة الثالثة: (1685 – 1715) –(1715 – 1745) – (1745 – 1775) والأجيال الثلاثة الرابعة: (1775 – 1805) –(1805 – 1835) – (1835 – 1865). والأجيال الثلاثة الخامسة: (1865 – 1895) – (1895 – 1925 ) – (1925 – 1955). والأجيال الثلاثة السادسة: (1955 – 1985 ) – (1985– 2015) – ( 2015 – 2045). أي أن الجيل الثالث "في السلسلة الأخيرة سيولد بعد عامين- 2015", بمعنى أن الجيل السادس ك"وحدة كبرى" لم يكتمل بعد إذ تنقصه و"حدة صغرى واحدة" أي ثلاثون عاما.
    هذا بإعتبار أن كل جيل في سلاسل الأجيال, يمثل وحدة تاريخية صغرى, وكل ثلاثة أجيال تمثل وحدة تاريخية كبرى. بمعنى أن الجيل الذي سيولد في 2015 سيمثل الجيل الثالث في الوحدة التاريخية الكبرى, التي تم إستهلالها, بالجيل الذي ولد في تاريخ إستقلال السودان.
    مع ملاحظة أن نقطة البداية الفعلية, ليست تلك اللحظة, التي تكونت وتشكلت فيها سلطنة سنار (1505) فتاريخ السودان أبعد من ذلك بكثير, إذ يمتد الى العصور القديمة التي تمخضت سيروراتها عن كوش ومروي, اللتان تمخضتا بدورهما عن سنار والفاشر بطريقة أو أخرى. فهذه الممالك – في تقديري الخاص– هي نتاج عمليات ثقافية وإجتماعية وحضارية متصلة.
    لذا إختيارنا للحظة الفونج, تأسس على أنها دولة تشكلت نتاج تحالف (إثني طائفي ) = (عرب القواسمة العبدلاب +الفونج + المتصوفة "المثقفين") إلى جانب الحراك الإجتماعي الواسع, الذي شهدته تلك اللحظة الغابرة..
    كل ذلك تمخض عن شكل مؤسس لسلطة سياسية, ولمجتمع منظم. جمعت فيه طوائف المتصوفة مختلف الأعراق, ومثل الشيوخ (الفقرا = الفقهاء أو العلماء) "الطليعة المثقفة" التي تستمد من نفوذها على الشعب. تأثيرها على السلطة السياسية. التي كانت تحسب لهذه الطليعة المثقفة ألف حساب, فتمنحها الكثير من الإمتيازات. التي لم تتمكن بها – مع ذلك – حرفهم عن دورهم القائد للمجتمع .
    فقد تمكن هؤلاء المثقفون (الفقهاء) من حفظ المسافة بينهم وبين السلطة السياسية, وانتزعوا إعتراف الحكام بدورهم الفاعل في المجتمع, حتى أصبح يطلق على القرن الثامن عشر (عصر الفقهاء) (8)..
    *وبسقوط دولة الفونج وبسط الإحتلال التركي المصري لنفوذه على السودان, تغيرت العلاقة بين المثقف: (الفقيه "الفكي"- العالم - الفقير) والسلطة, فحكومة الإحتلال الجديدة (التركية المصرية ) عملت على توظيف الدين, لإعطاء مشروعية للإحتلال. ولهذا السبب بالتحديد أصطحبت جيوش الإحتلال معها, ثلاثة علماء يمثلون المذاهب المختلفة (بإستثناء الحنبلي). وهكذا – كما يشير دكتور حيدر إبراهيم – ظهر لأول مرة (العالم رجل الدين– الموظف) الذي يتقاضى أجرا من الدولة, بدلا عن تطوعه في المجتمع, كما في السابق.
    بالتالي أصبح (العالم) جزء من جهاز الدولة الآيديولوجي, وأداة لتحقيق شرعية الإحتلال بإسم الإسلام. وللتأكيد على ذلك, تم قتل العلماء المناوئين للإحتلال, في سياق حملات الدفتردار الإنتقامية. ومع ذلك لم يكتسب العلماء(الرسميين أو "علماء السلطان" الذين فرضتهم دولة الإحتلال) أي أرضية عامة بين الشعب. لكن إنتهى مؤقتا دور (العالم رجل الدين – الصوفي الفقير), الذي يقف حاجزا بين السلطة الإحتلالية الغاشمة, وبين الجماهير التي لم تكن لديها القدرة الذاتية على حماية نفسها (9)..
    *وعندما إندلعت الثورة المهدية, أخذت "النخبة" المعاصرة للإحتلال (التي كانت قد تلقت تعليما أزهريا), تحاول دحض المهدية بإصدار الفتاوي, أي قامت بوظيفتها العضوية, إذ كانت على إستعداد تام لتقديم سائر التنسهيلات الدينية للمحتل. ومع ذلك, نجحت الثورة المهدية.
    فقد كان محمد أحمد المهدي تجديدا لنموذج الفقيه, أو رجل الدين المناهض للظلم (10) بتحديه علماء السلطة, الذين تراكضوا لكسب ود الإحتلال, وهنا يستنتج دكتور حيدر إبراهيم, أنه ليس بالضرورة أن المثقفين طليعة, حين يكون التناقض بين المصالح الشخصية, وبين الأفكار والمعرفة والمواقف الملتزمة, إذ من الممكن أن ترجح المكاسب الذاتية (11)..
    * عملت المهدية على توجيه مصادرها, وتقليل إحتمالات الإختلاف والتنوع الفكري والثقافي, ما أنتج وجود نوع من الفراغ الثقافي والفكري. استطاع الإحتلال الثنائي الإنجليزي المصري فيما, بعد إستغلاله بزرع انتلجنسيا, ذات توجه مختلف ومصالح جديدة. يمكن رؤيتها ورؤية ممارساتها, فيما بعد الكولونيالية بوضوح. إذ تحولت الحكومات الوطنية بعد خروج المستعمر, إلى "إستعمار جديد", برفعها للبنادق التي كانت موجهة ضد المستعمر في وجه شعبها!.
    وإذا أعدنا قراءة الفترة من منتصف القرن التاسع عشر حتى الآن, أي الفترة من 1863, التي تم فيها إستهلال التعليم المدني (الإبتدائي) وتعليم الإرساليات. إلى أن تم تكوين التنظيمات في الجيل 14:(1895 – 1925). نلاحظ أنه منذها, بدأت تتبلور المرحلة "الليبرالية الوطنية", التي رافقتها تأثيرات الأفكار الوحدوية (وحدة وادي النيل), واليسارية والقومية العربية حتى 1985 وصولا الى مرحلة المركزيات الإثنية الراهنة (جنوب السودان قبل الإتفصال- جبال النوبة – شرق السودان – دارفور والمركزيات الإثنية المركبة في شمال السودان).
    نلاحظ أيضا على المرحلة السابقة لهذه المرحلة. أي الجيل 13:( 1865 – 1895) نجده كجيل قد شهد جملة من التحولات التاريخية الصعبة, فقد كانت الأصداء المتلاشية للسقوط المدوي والمروع, لمملكة سنار. لا تزال ترن في مسامع هذا الجيل, الذي إضطهد الإحتلال التركي المصري طليعته المثقفة, وقام بحملات تصفية واسعة النطاق في أوساطها. وهي مرحلة مشابهة للمرحلة التي ظل يعيشها الجيل الحالي منذ عهد الفريق عبود حتى الآن!
    *عندما جاءت المهدية لتحاصر من تبقى من الطليعة المثقفة, بإعتبارها "البحر الكبير", الذي يغمر "موارد الماء الصغيرة"!.. وتلاها الإحتلال الإنجليزي المصري, أدرك الفقهاء والشعب, أن التغيير الذي حلموا به منذ عهد الأتراك والمصريين البائد, إنما هو برق خلب. حال سماء الغزاة في كل زمان ومكان, لا تمطر سوى الرصاص. وبإستئناف التعليم الإبتدائي, وإفتتاح كلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم فيما بعد) بدأ الجيل 14 – الذي أشرنا إليه فيما سبق – عهد التنظيمات, إذ حدث تغييرا جوهريا مهم في هذه الحقبة, إذ لم تعد الطليعة المثقفة, هي تلك الطليعة التي أنتجتها الثقافة التقليدية: (الفقهاء الأزهريين, أو الذين درسوا في خلاوى القرآن), فثمة طليعة مثقفة جديدة,هي التي يتلقى أفرادها تعليما مدنيا. سرعان ما ستتشكل هذه الطليعة وتستثمر معارفها الجديدة.
    ولذلك جاءت المقاومة للمحتل عبر الجمعيات الأدبية والوطنية والشعر والغناء, وبرزت في السياق نفسه جمعية الإتحاد السوداني و حركة اللواء الأبيض التي قادت ثورة (1924), تعبيرا عن أشواق الجماهير للحرية.
    مثلت حركة 1924 علامة فارقة, إذ حولت مفهوم المقاومة للظلم, من إطارها ومفهومها التقليدي "الإصلاحي الديني" بزعامة رجال الدين منذ الجيل المؤسس(1505), إلى حركة مقاومة سياسية, يقودها خريجي التعليم المدني والعسكري (علي عبد اللطيف وعبد الفضيل ألماظ ورفاقهم في جمعية اللواء الأبيض).
    هذا التحول العميق سيلقي بظلاله على تاريخ السودان بعد الإستقلال (التحالف المستمر بين العسكر والمثقفين المدنيين = عبودوحزب الأمة + المجموعات التي تمثل ثقافة المركز العربي 1958 نميري والحزب الشيوعي+ المجموعات التي تمثل ثقافة المركز العربي 1969 عمر البشير والحركة الإسلاموية +المجموعات التي تمثل ثقافة المركز العربي 1989). كإمتدادات للنظام التحالف الذي يضرب بجذوره في مملكة سنار (الفقرا- سلاطين الفونج الأفارقة +مشايخ العبدلاب= ثقافة المركز العربي 1505-1821).
    بل حتى على مستوى المعارضة (التجمع والحركة الشعبية بزعامة قرنق, إلى جانب تحالف عبد العزيز خالد), (قوى الإجماع الوطني و الجبهة الثورية مؤخرا)..
    التحول المهم في هذا التحالف التاريخي يتمثل فيما أحدثته ثورة 1924 في الدمج بين مفهومين مختلفين (المثقف المدني) و(العسكري), بمعنى عدم الإعتماد على (الإثنية أو الطائفة أو زعماء العشائر والقبائل) ما خلق لاحقا – من جهة أخرى في تقديري الخاص – نوعا من العلاقة الملتبسة بين القوى السياسية المدنية والجيش من حيث وظيفة الجيش ودوره في الدولة أو في حالة رفضه لسياساتها. في الفترات التي تلت الإستقلال حتى الآن, والتي عجت بالإنقلابات.
    *هذا التحول العميق لمفهوم المثقف في السودان, والذي أحدثته ثورة 1924 هو ما فتح – أيضا – الرؤى والأبواب لنشؤ مؤتمر الخريجين في 1938. لذلك –أتصور- أن عصر التنظيمات, ممتد في الجيل التالي, أي الجيل 15 :(1925 – 1955) , فقد بدأت مجهودات رائد التعليم الأهلي بابكر بدري, التي إنطلقت في 1910 في الإثمار, كما أن المدارس إنتشرت. وتلقى البعض تعليما مدنيا في كلية غردون ومصر وأوروبا. وهكذا برز دور "المثقف الليبرالي" إلى السطح بقوة, متمخضا عن نضج الجمعيات الأدبية والإجتماعية. كانت هذه المرحلة, التي بدأت بدايات ملامحها تتشكل في العشرينيات من القرن الماضي, مرحلة قوية لجيل ما بين الحربين العالميين, ستظل تلقي بظلالها حتى الستينيات, عندما تتمخض عن (جبهة الهيئات), كتحالف مدني إنتقالي في 1964.
    وهكذا مثلت "جبهة الهيئات", في أحد أوجهها, المحاولة الأولى – ومنذ البداية- لفك الإلتباس في مفهوم (المثقف ) (العسكري) وعلاقتهما المعقدة بالسلطة.
    إذن فعاليات جيل ما بين الحربين العالميين التعليمية والتوعوية والفنية والثقافية والأدبية, عبرت عن نفسها في الشعر والغناء والفكر والسياسة, لتصل ذروتها في ثورة (1964).. كما كانت تعبر عن نفسها منبريا من خلال "مجلة الفجر وحضارة السودان".. وهكذا منذ 1924 طبعت الحركة السياسية والثقافية أهداف إستقلالية من كل تبعات الإحتلال. تم التعبير عنها بأشكال مختلفة, من خلال التجمعات الطلابية وتضامنيات "الجبهة الوطنية المعادية للإستعمار", ومنتديات وجمعيات وأحزاب المثقفين, وتأسيس أولى الخلايا الشيوعية.
    وهكذا من خلال هذا التفاعل الجدلي, برزت رؤى جديدة في تأويل النص الديني (محمود محمد طه) مختلفة عن التاويل التقليدي , فمع محمود محمد طه كانت الحرية هي القاعدة التي ينهض فيها الإسلام, وكان العقل – لا الوجدان فحسب – مصدرا للحصول على المعرفة. لا يقل أهمية عن الوجدان, في محاولة بمثابة قفزة الفهد الديالكتيكية, لتجسير الهوة بين العقل والنقل, ما يستعيد المحاولات الأولى للثقافى العربية الإسلامية في هذا السياق "الفارابي ونظرية الفيض التوفيقية بين العقل والوجدان". هذا الزخم في الرؤى والأفكار, والنشاط. وصل إلى مداه, معلنا طرد المستعمر من داخل البرلمان في 1956.
    *وهكذا تبدأ مرحلة جديدة من تاريخنا الوطني مع الجيل 16: ( 1855 – 1985) فقد برز دور المثقف, إلى السطح, بقوة أكبر في كل مناشط الحياة, ووصل ذروته في ثورة أكتوبر 1964. الشعبية الهادرة. التي أطاحت بحكم الفريق عبود – الذي كانت قد تمت مباركة إنقلابه في نوفمبر 1958من قبل حزب الأمة, لكن يلاحظ على هذه الفترة أيضا, أن دور المثقف مثلما برز بقوة, من خلال الطلاب والأحزاب السياسية, و (التكنوقراط) لكنه كذلك انحسر فيما بعد بقوة, إذ سرعان ما انسحب معظم جيل ما بين الحربين العظميين, إلى الوراء مفسحا الطريق لصعود جيل جديد, يحتوي على ألوان الطيف السياسي المختلفة.
    فهذه المرحلة تجاذبتها أشواق اليمين الطائفي وتطلعات اليسار(الشيوعي والقومي العربي) والقوى الإسلاموية, التي كانت قد أكملت تشكلها "في حظيرة الطائفية", وما أن غادرت هذه "الحظيرة", حتى تم الإعلان عن عهد جديد, هو عهد المذابح السياسية (حل الحزب الشيوعي وطرده من البرلمان في 1966’ إثر إتهام الطالب شوقي بمعهد المعلمين بالرِّدة) والمذابح العسكرية (مذبحة بيت الضيافة 1971), والمذابح المعنوية وسط المثقفين بصورة عامة, على خلفيات الإتهام السابق بالرِّدة.
    وشكّل إعدام عبد الخالق محجوب سكرتير عام الحزب الشيوعي, وأعضاء في حزبه إثر إنقلاب1971, ولاحقا إعدام محمود محمد طه 1984 تطبيقا لحد الرِّدة, فمحاكمة البعثيين الأربعة بذات التهمة 1984, وإعدام 28 ضابطا إثر إنقلاب أبريل-رمضان 1990إلخ ).. إعلانا للسودان كدولة داخل نفق مظلم, بحاجة إلى مجهودات أسطورية للخروج من هذا النفق, خصوصا مع تجدد الحرب الدموية في الجنوب في 1983. والململات التي بدأت في أطراف السودان منذها,نتيجة الضغط السكاني النازح بسبب موجات الجفاف والتصحر التي ظلت تضرب الجوار الأفريقي والمناطق الصحراوية لدارفور, وعدم الإنسجام السكاني الناتج عن هذا الضغط, والإنهيار التنموي وعدم توفر الخدمات الأساسية والمجاعات.
    ومع تنامي إتجاهات التفكير, التي أشرنا إليها لعدة عقود, وإستمرار تشجيع الأحزاب للعسكريين, للإنقلاب على العهود الديموقراطية قصيرة الأمد, وتقويض الرّوح المدنية, التي لم يشتد ساعدها, تم اشتراع أكثر الآليات جذرية في الفترة من الستينيات حتى الثمانينيات, من القرن الماضي لتصفية المثقفين, سواء كان بالدعاية المضادة أو الواقع المحاصر بالإعدامات العسكرية ما أطلق عليه نميري"محاكم العدالة الناجزة".
    وهكذا بدا دور المثقف في التراجع. خاصة أن السبعينيات, مثلت بدايات الإغتراب والهجرة المنتظمة, من داخل السودان إلى خارجه. ليأتي عقد الثمانينيات, وتجد الحركة الإسلاموية المسرح مفتوحا لها دون مقاومة فاعلة, إذ عملت منذ المصالحة الوطنية في 1976 على السعي لإحتواء نظام نميري, وتصفية المثقفين, وإضفاء مشروعية على هذه التصفية, التي تم استخدام نميري كأداة لتنفيذها.
    هكذا أخلت الحركة الإسلاموية بشكل كبير, المشهد السياسي والثقافي, من المثقفين الفاعلين في الحركة السياسية, وأضعفت المثقفين المحتملين, المتبقين ممن بإمكانهم وبقدرتهم مقاومة خطابها التلفيقي, إما ترغيبا أو ترهيبا أو إعداما أو تشريدا. فعم الفساد الإسلاربوي, الذي مهدت له منظومة "بنك فيصل", بدمج التنظيم في جهاز الدولة ومؤسسات الإقتصاد الوطني. وغيرها من الأمور التي تكفي لإدانة الحركة الإسلاموية, دون محاكمة, والعمل على إجتثاثها نهائيا, نظرا لخطورتها على وحدة وأمن وتنمية وسلام البلاد.
    إذن أشرت أواخر الستينيات, على بدايات الغياب الفاجع للمثقف العضوي. ما جعل المرحلة التي تلتها أي منذ 1985 تعج بمتناقضات وتعقيدات, عجز المثقف المنهك, نتيجة القمع والتشريد والحياة السرية تحت الأرض, عن التصدي لها.
    فهناك ضغوط كبيرة تعرض ويتعرض لها المثقف في السودان, فمن جهة الأجهزة الأمنية تلاحقه, كونه أداة تشكيل الوعي العام, وتحريك هذا الوعي في وجدان الناس وإلهامهم. ومن جهة أخرى تسعى القوى القديمة جاهدة إلى إقصاءه وتهميش دوره, ففي لا شعورهم استقر أن المثقف يشكل تهديدا مباشرا, لمراكزهم الحزبية "الميرغني نموذجا"!
    كثيرون هم السياسيون الذين لا يجيدون السياسة كفن وتخصص قائم بذاته, بإعتباره أحد أنماط الثقافة, ومعظم السياسيون السودانيون انخرطوا في العمل السياسي, بدوافع ذاتية أو قبلية أو طائفية أو طبقية أو بيوتاتية, دون أن تكون لهم دراية كافية, أو فهم عميق لماهية الفكر الذي يؤطر فعلهم السياسي في المجتمع, على عكس المثقف – بسعيه للكشف عن جهل هؤلاء أو تعرية فسادهم وأخطاؤهم!.
    كذلك أخذت التيارات الإسلاموية, تترصد المثقف, فتدبج الفتاوى بحقه, أما تهديدا أو تغريبا عن المجتمع, بحيث أنه, أصبح من الصعب على هذا المثقف المحاصر من كل الإتجاهات, أن يتمكن من إشعال ثورة حقيقية, تعتمد العمل المدني الناهض في الإستنارة, والحداثة. ومن هنا جاءت مشروعية النضال المسلح, كمترافقة لازمة لحماية النضال السلمي.
    *هل لنا أن نتساءل بعد: كيف آلت الأمور إلى هذا الدرك؟!.. لقد مثل نظام نميري 25 مايو 1969 ونظام الإنقاذ 30 يونيو 1989 أخطر العلامات الفارقة في تاريخ السودان الحديث, وفي أوضاع ومتناقضات وخطابات وحروب ومؤثرات, يعاني منها السودان والمثقف السوداني حتى الآن, فنتيجة للقمع المايوي وقمع الإنقاذ, تم إضعاف المثقفين لأقصى حد, وعلى الرغم من واقع الإغتراب والهجرة خارج السودان, والتشريد داخله. تبلورت النخب المثقفة – سواء من تبقى في الداخل, أو الذين فضلوا النفي الإختياري أو الإجباري – أكثر بكثير مما كانت عليه في الأجيل السابقة, بحيث استقطبت –الحركة الإسلاموية- جماعات مثقفة ومتخصصة, من الذين تم "تأليف قلوبهم" بعد أن كانو ينتمون لأحزاب اليسار أو للقوى الطائفية, ليؤثر هؤلاء الوافدون الجدد في "العقل المركزي" للسودان, بما هو: تيارات الفكر السياسي الأساسية وروافدها, من خلال تقويتهم للحركة الإسلاميوية, سواء كان من خلال منتجاتهم الفكرية, التي تمكنت من تأسيس مساحات نشطة وفعالة, أو بدورها–على خلفية الدور الذي لعبته حركة قرنق- في قيادة أو توجيه أو إلهام قوى سياسية مطلبية (العدل والمساواة).
    ولكن أيضا مترافقا مع ذلك برزت أدوار فعالة, للمثقفين الملتزمين, بحكم عدد من آليات التطور, والإنفتاح على الثقافات الغربية. كما رافق ذلك أيضا من الجهة الأخرى زيادة نفوذ الاسلامويين, دون حاجة للإستتار خلف العسكر كما في عهد نميري أو بدايات الإنقاذ, بل تم تسخير المؤسسة العسكرية لحماية ظلامية الحركة الإسلاموية العلنية دون حرج.
                  

01-25-2013, 02:47 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (2-3): المثقف والسلطة والإعلام والتنوع:

    *مثل كل العالم النامي, إرتبطت نشأة المثقف في السودان, بعاملين متداخلين, أحدهما له طابع فوقي, يرتبط بحركة التحرر الوطني ضد الإستعمار, والسعي نحو بناء الدولة الوطنية. والآخر نتيجة عملية بناء وتوطين جهاز الدولة (12).. ولأن الانتلجنسيا في السودان المعاصر تأثرت, بالانتلجنسيا التقليدية (علماء الدين), إلا أنها تأثرت أيضا بالمعارف والعلوم الحديثة, والأفكار الجديدة. يشير دكتور حيدر إبراهيم هنا, إلى أن أحد الباحثين, يرى ثمة توهم بأن "المثقف خارج السلطة", ولكنه بداخلها, بمعنى وجود معارضة داخل السلطة لا خارجها, حين يبحث "المثقف المسيس", عن بديل داخل النسق السياسي القائم!.
    كما أن هناك حالات "المثقف داخل السلطة وخارجها" في آن واحد, وذلك لأنه ينتمي إلى مؤسسة تديرها السلطة الحاكمة, ولكن على مستوى المبادرة الفكرية هو خارج هذه السلطة, وهذا لا يعني عدم وجود قلة, تحاول أن تكون خارج السلطة, أو خارج كتلتها التاريخية (المؤسسة العسكرية, تيارات الفكر الأساسية) متناقضين فكريا معها, وينشطون سياسيا بهدف تغييرها, وقد يكون هؤلاء عاملين داخل أجهزة الدولة نفسها, لأن تحديد داخل/ خارج السلطة, يتم حسب الموقف الفكري والسياسي, أي بحالة الوعي وليس بحالة الوجود (13).. ومن هنا ينطلق دكتور حيدر, لدحض فكرة "التجسير" بين المثقف والسلطة, مشيرا إلى أن محاولات البعض, تعميم فكرة التجسير, بالقول أنها موجودة فعلا في المجتمعات الغربية, وهي التي تجنب تلك المجتمعات التوترات, فذلك لأن المثقف هناك ليس بعيدا عن السياسة ومراكز إتخاذ القرار, ودوره مؤثر من خلال توعية الرأي العام, أو تقديم النصح والمشورة, للنخبة الحاكمة, في الإقتصاد والإستراتيجيا والعلوم والفنون. كما يقوم بمهام عديدة, ذات صلة بالعمل السياسي, مثل العلاقات العامة, كما تظهر في الحملات الإنتخابية وقياس إتجاهات الرأي العام, حيث يمثل المتخصصون والمثقفون مجموعات "مراكز تفكير"
    تساعد في وضع القرار, وإيجاد المبررات والتوضيحات, وتقديم الحلول العملية, أي الإستشارة السياسية المتكاملة, إلى جانب الأدوار التي تلعبها مجموعات الضغط, في التأثير على القرار. ومثل هذه العلاقة ممكنة في مجتمعات ديموقراطية وتعددية ليبرالية تكفل حق الإختلاف (14).. لكن في مجتمعات إستبدادية مثل حالة السودان, الذي يقسم رئيسه ب"الطلاق" في شئون الحكم والسياسة, كأنه يفاوض على سعر"بعير" في "سوق الناقة" بأم درمان. فذلك غير ممكن؟!..
    من الصعب أن يشرك طواعية مثل هذا الحاكم المستبد, في سلطته المطلقة المثقفين, إذا لم يشكلوا قوة ضغط مؤثرة ومنظمة, لذلك يتم نسف فكرة التجسير هنا من أساسها (15) فالأمر لا يحتاج إلى جسور أو توفيق لوجهات النظر, بل تغيير جذري, بتغويض نظام حكم المؤتمر الوطني الإسلاموي الفاسد – الذي هو إمتداد للنظم المتعاقبة- وتأسيس نظام ديموقراطي على أنقاضه.
    *لقد وصلت أزمة المثقف والسلطة, إلى ذروتها خلال عصر الإنقاذ, فقد هزم المثقف هزيمة ساحقة, وماحقة لدوره الطليعي , فالدينامية الإجتماعية التي رافقت الفترة من العشرينيات حتى السبعينيات, إنتقلت إلى فئة المثقفين البيروقراطيين, وبالتالي ضمر مركز الأحزاب والتنظيمات السياسية, وانتقل إلى جهاز الدولة, فقد صعدت البيروقراطية والعقائدية والعسكرية, عدة مرات من خلال الإنقلابات في (1958 – 1969 – 1989 ) على حطام النخبة المثقفة, وكان ثمن هذا الصعود, هيمنة العسكر أو العقائدية, أو هيمنتهما معا كما في حالة الإنقاذ ( يونيو 1989), بالتالي التهميش الدائم والعزل المنظم. بل التشريد المتواصل للمثقف, ومنعه لعب أي دور مستقل في الحياة السياسية والإجتماعية, وهو ما يفسر أيضا – إلى جانب عوامل أخرى أشرنا إليها فيما سبق– إغتراب وهجرة الآلاف من العلماء والمهندسين والمفكرين والأدباء والفنانين, إلى الخليج واليمن وليبيا وأميركا وأوروبا وكندا واستراليا, إلخ..
    *ما هي الأسباب التي دفعت بالعبدلاب والعنج, لبناء دولة واحدة مركزها سنار, وما هي الأسباب التي دفعت بالفور والعرب لبناء دولة واحدة مركزها الفاشر, وما هي الأسباب التي حركت الفاشر وسنار لبناء مركز جديد في أم درمان, كحاضنة مركزية لتنوع السودان الكبير, بكل ما أنطوى عليه هذا الإحتضان "المركزي" من جرائم وجرائر!.. قد تتلخص الأسباب في كلمة واحدة هي "السلطة".
    وفي ظني الخاص يمكن قراءة ذلك أيضا بطريقة مختلفة عما هو سائد – بعيدا عن مفهوم "الفرن" أو الدمج القسري إو "إعادة الانتاج" وما يرافق هذا المفهوم, من أحاسيس بالقسر والإضطهاد التاريخي والتدني, أوعدم التقدير للذات, أو(أيضا) التقدير المبالغ فيه للذات سواء في المركز أو الهامش – نعم يمكن قراءته بطريق مختلفة, إذا أعدنا قراءة الوعي السوداني, للكشف عن التصور الوحدوي في سنار والفاشر وأم درمان.
    فإعادة قراءة التجربة السنارية والتحالفات التي نهضت عليها, وإعادة قراءة سلطنة الفور – بل وحتى مملكة المسبعات في كردفان التي شملت "مهمشي"جبال النوبة - نلاحظ أن كل هذه الممالك أو السلطنات, نهضت في تحالفات شبيهة بتحالف سنار بطريقة أو أخرى. وأن أهم ما يمكننا الخروج به منها, هو الحراك الإجتماعي الضخم الذي أحدثته, فالمهدية – مثلا – تمكنت من تحريك الشعوب السودانية بمختلف إثنياتها, من أنحاء السودان المختلفة, إلى مركزها في وسط السودان في أم درمان.
    من شأن مثل هذه المراجعات أن تثمر جدلا واعيا, حول تقويم التاريخ والتراث السوداني – الذي ليس كله سلبيا, فهو لا يخلو من إيجابيات عديدة – وتوظيف هذه الإيجابيات في فهم الهوية الوطنية بصورة إيجابية, لأن أي مشروع نهضوي لا يمكن أن ينطلق, إلا من فهم صحيح للهوية. بالتالي الافادة من ذلك-الفهم الصحيح- لتصحيح وتقويم الحاضر, بدرجة أو أخرى, لإستشراف المستقبل المثمر للسودان.
    فالتراث عموما يصبح تاريخا يدرس ويُدرس, دونما حاجة للتشبث به, لا لشيء إلا لأن العصر تجاوزه, وإلا سيصبح التشبث بالتراث, خاصة ما هو غير مفيد أو ضار, وإجتراره. عائقا أمام الوحدة والتقدم, وهذا يعني ضرورة إعادة بناء الثقافة الوطنية التقليدية, لتساهم مع الثقافة الحديثة في تكوين ثقافة وطنية ثورية, يعاد تأسيس السودان بموجبها.
    فإذا كانت الطائفة هي مرحلة متقدمة على القبيلة والإثنية, والحزب السياسي مرحلة متقدمة على كل ذلك, فإننا بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى, إلى الإنتقال إلى مرحلة "المجتمع المدني", بتغيير الواقع الإجتماعي, بأن تكون لنا أحزاب حقيقية غير مؤسسة على الإسلام السياسي(ذات برامج مدنية).. أحزاب لا تعتمد على الولاء القبلي أو الطائفي أو الإنتماء الديني في نفوذها.. أحزاب لا تستمد قوتها من آيديولوجيا عقائدية شمولية, جاوبت سلفا على كل أسئلة الكون والحياة, منذ الميلاد حتى الممات, وأن تكون لدينا تحالفات مبدئية كبيرة (شبكة مؤسسات مجتمع مدني – جبهة ثقافية – فدرالية القوى الجديدة- جبهة الحراك المدني والشبابي,إلخ..)وهذا لا يعني أننا نطمح إلى الإكتفاء بتغيير الواقع الإجتماعي فقط, بل يعني أيضا أننا نعمل على تغيير المفاهيم المتصلة بالثقافة الوطنية, وأبنيتها ومناهجها وتصوراتها للعالم, وقيمتها في أعادة تأسيس السودان.
    وإلا فإن التبريرات الدعائية الطائفية والإسلاموية والإثنية, ستودي بهذه الثقافة للحفاظ على تقليديتها – سواء كان ذلك في المركز أو الهامش – والتي سرعان ما ستستعمل, ضد المصلحة العامة , سواء كما تتصورها الكتلة التاريخية (أطراف السودان) أو القوى الديموقراطية والعقلانية في المركز.
    فليس للجميع من حل سوى التحالف والعمل سويا,في سبيل إعادة تأسيس الدولة السودانية, فالمكونات التقليدية في الثقافة السائدة التي إستهدفت بها الإنقاذ منذ مجيئها, مثل البرامج الدينية التراثية ك"روح وريحان" و"المنتدى الفقهي" و "وجه النهار", إلخ.. و الإسلاموية مثل"العلم والإيمان", الخ.. من برامج محلية ومستوردة من العالم العربي الإسلامي, تم ويتم توظيفها, وبإسم الإسلام, كمعاول هدم لمشروع التنوير والتحديث,هذه المكونات في الثقافة التقليدية السائدة, التي عجت بها برامج المنوعات التلفزيونية –مثلا- هي في الحقيقة تكرس وعيا إسلامويا زائفا مضادا للتغيير الإجتماعي– خصوصا أن الإنقاذ حوّلت تلفزيون السودان من جهاز يفترض أنه قومي وهو قطعا ليس كذلك, إلى أداة آيديولوجية لأثننة المجتمع وتزييف وتغبيش الوعي العام, وتصفية الحقائق الموضوعية عن الواقع الإجتماعي والثقافي للسودان الكبير.
    وفي هذا السياق أذكر على سبيل المثال, قبل عدة سنوات, إستضافة المك ناصر وحاشيته من قبيلة الجموعية, في أحد برامج المنوعات التلفيزيونية(2005 على ما أذكر), للتفاخر بأنهم – أي قبيلة الجموعية – "أصحاب البلد" وأنهم تكرموا وتفضلو على السودان بقطعة الأرض التي سيشيد عليها مطار الخرطوم الجديد – التي في الواقع –هذه الأرض- تقع داخل الحدود الوطنية للبلاد, كما أنها مملوكة لحكومة السودان, وفقا لقانون الأراضي منذ كانت مؤسسة, الأراضي ضمن مسئوليات الجيش- والذي كان من المفترض- أي المطار الجديد- أن يطلق عليه إسم "مطارالجموعية" أو يسمى ب"مطار المك ناصر",إلخ..
    إعتراضنا هنا ليس على أن يسمى بإسم "مك الجموعية" أو "سلطان الشلك", فمثل هذه الأمور ليست بيت القصيد, ولكن بيت القصيد هو أن المؤسسات المملوكة للدول بمعنى جموع الشعب, عندما تُسمى بأسماء أفراد, فذلك لأن الأفراد أصحاب التسمية, لعبوا دورا إيجابيا فارقا في تاريخ أوطانهم, وهذا ما لا يتوفر في هذه الحالة.
    وهو شيء مماثل لتمجيد "النحاس" في وقتنا الحالي, لا كتراث بل كقيمة مُرحلّة إلى حاضرنا, في زمن الإنترنت والإعلام الجديد وعائلة طائرات الإف والإي 10, ما يسهم في تشكيل الوعي العام, بالإتجاهات الخاطئة. وظهور نظريات فطيرة للمسئولين كنظرية –زرقاء اليمامة- حسب فهم وزير دفاعنا "أعني نظرية الدفاع بالنظر" عندما سئل, عن لماذ ليس لدينا رادارات, تكشف الإختراق الإسرائيلي لأجوائنا, قبل أن يتم قصفنا, كما حدث قبل فترة, لمصنع اليرموك بمنطقة الشجرة, في تكرار يتصل بالقصف الإسرائيلي المتكرر لشرق السودان.
    يجب أن يفهم كل ما سبق في إطار توظيف الإعلام الرسمي بطريقة إيجابية مدروسة, لصالح الوعي القومي والوطني.. طريقة تسهم في تكريس "الهوية السودانية ككل" وليس"الإنتماء القبلي" والإدعاءات والأكاذيب.. بحيث تضيف إلى رصيد وحدة السودان, لا أن تخصم من هذا الرصيد الفقير.
    ما أعنيه بالضبط, أن تراعي هذه البرامج, عدم إثارة النعرات العرقية, فهز السيف (على طريقة يا بلد نحنا برانا رجالك.. ونقعد نقوم على كيفنا, وفوق رقاب الناس مجرب سيفنا), إلخ من ترهات بإسم الفنون والتراث.. هذه الطريقة البائسة, تجعل من القائمين على أمر جهاز التلفزيون, أكثر عناصر أزمة السودان خطورة, سواء فعلوا ما يفعلون عن وعي بحقيقة وطبيعة الدور "القومي" للتلفزيون, أو دون وعي. فالتراث والفنون عموما قيمتها الحقيقية وجوهرها في إلهامنا القيم الإيجابية, لأجل تكريث مباديء الخير والحرية والحق والجمال, وليس الإستعلاء والعنجهية والصلف ضد بعضنا البعض, فأي تراث لا يغذي المكون القومي فينا, يعتبر تراثا غريبا عنا ولسنا بحاجة له.
    خصوصا أن جهاو التلفزيون كجهاز متورط منذ 1989 في أثننة المجتمع, ظل يرفع شعار (التنوع في إطار الوحدة). هذا التنوع الذي لا يفهم منه الإسلامويين العنيفون القائمون على أمر التلفزيون سوى "الكسوك", و "الكمبلا",إلخ .. فبنظرهم أنهم عندما يعرضون تراث الهامش في الرقص والغناء, بعد أسلمته وفقا لفهمهم للإسلام –أي بعد تشويه هذا التراث- إنما يحققون الشعار المذكور.
    فكل ما يفهمونه عن التنوع يتلخص في الرقصات والغناء فقط – وهنا تجدر بنا الإشارة إلى "موقعة العجكو" في ستينيات القرن الماضي*وهو دون شك تفريغ للشعار المذكور. خصوصا أن نظام الحركة الإسلاموية, اعتاد تفريغ الشعارات من مضامينها النبيلة, فقد فرغ شعار الفدرالية من محتواه من قبل. كما فرغ غيره من الشعارات.
    إن قضية التنوع أكبر من هز السيوف و العجيزات. أنها باختصار تتلخص في كيف يسهم الهامش مع المركز, في صياغة المعنى الإجتماعي العام لكل السودان, بمعنى إعادة تأسيس السودان "من أول وجديد". لا في الرقص والغناء فحسب. ما يطرح الحاجة لتلفزيون جديد في برامجه الحيّة, يطرح – على نحو خاص– ما هو جوهري في قضايا التنوع الثقافي والتباين العقدي والإثني, ونقاط الإلتقاء أو المشترك بيننا جميعا, كسودانيين. والعمل على تقوية وتمتين هذه المشتركات.
    وهو أمر يقتضي إعادة بناء كل الأجهزة الإعلامية والثقافية. وهذا لن تحققه إلا سياسات جديدة للثقافة والإعلام.. سياسات ترمي لتعميق نقاط الإلتقاء بين السودانيين في أطراف الجغرافيا المختلفة.. سياسات تفهم معنى أن يكون لك "شركاء أصيلين" في الوطن, من حقهم أن يروا أنفسهم "ذاتا" فاعلة لا "موضوعا"من موقع الآخر الذي يجابه "الذات "المركزية .منذ 1956.
    ما نرمي إليه, أنه يجب أن نعمل على معالجة الثقافة التقليدية, في كافة مستوياتها, بتفريغها من هذه العتمّة التي تعتمل داخلها. وإحتواء مراكز الخطورة فيها, حتى لا يبث التلفزيون الذي يفترض أنه قومي, أغنيات عنصرية بائسة ك: "شرابنا موية نار ولحم الأسود مزتنا... فرش البيت حرير ترقد عليه فرختنا", رغم أننا تعرضنا مؤخرا عند قصف مصنع اليرموك –بشهادة قصيدة هاشم صديق في رائعته: "طيارة جات بفوق", التي صوّر فيها ما حدث للسكان لحظة القصف: إطاقشت عربات و اتفرتقت (قعدات) واتكسّرت (كاسات). السُرّة (بت تمانين) في (الجكّة) (بت عشرين)- وهو تصوير نقيض تماما للإدعاء العنصري, الذي عبرت عنه الأغنية التي أشرنا إليها, فالخوف غريزة طبيعة في البشر في كل مكان وزمان. ومن الخطورة بمكان التقدير المبالغ للذات, في مواجهة أبناء جلدتنا, الآخرين.
    إذن ومنذ مجيء الإنقاذ, ينتهج التلفزيون السوداني, خطا إعلاميا خطيرا, على مشاريع الوحدة الوطنية وقيم التنوير والحداثة, فدون تغيير كل ذلك, لن يكون لدينا مجتمع مدني حقيقي, ولا مؤسسات مجتمع مدني حقيقية, ولا أجهزة قومية حقيقية. في المحصلة النهائية: لا وطن حقيقي أو دولة حقيقية, بين دول العالم الواسع, الذي نشعر بالخجل عندما نتجول فيه, ونرى حجم الهوّة, التي تفصلنا عنه.
    *ما تقدم لن يتم إلا بضغط من الكتلة التاريخية (الكتلة التاريخية المقصودة هنا: هي قوى الهامش الموحدة إلى جانب الحركة الشعبية قطاع الشمال, والمثقفين الديموقراطيين) التي لا يجب أن تكون هنا هي ذاتها مجرد مرحلة لتغيير موازنات السياسة وسياسات الدولة. إذ يجب أن تبنى وتشيد على أساس أنها تنظيم ينهض في العقلانية والديموقراطية, وتعدد المنابر داخله. والممارسة التحررية الوطنية والتنموية والوحدوية..
    والكتلة التاريخية بهذا المعنى ليست مجرد مفهوم, فهي تحالف قابل للتطبيق, وجدير بأن نفكر فيه كفكرة مركزية, لمجابهة تحديات هذه المرحلة الحرجة, من تاريخنا, فهي ممكن أمثل, يتوافق مع معطيات تاريخنا, الذي لطالما نهضت دوله في التحالفات, بالتالي يمكننا تحقيق الشيء نفسه الآن لكن بطريقة إيجابية, فالتاريخ لا تغيره ذكريات "نحاس" الجموعية في أم درمان, ولا ذاكرة الفروسية لدى "بني جرار" – فقد كانت الميرم "تاجا" أخت علي دينار تساوي لوحدها عشرة فرسان أشداء, وقيل في رواية إثنية أكثر راديكالية مائة, وكان طبل علي دينار "المنصورة" لا يقرع إلا لأمر جلل.. وكان يا ما كان في سالف العصر والآوان.. ثم ماذا بعد كل هذا ؟!..
    كل ذلك ليس له قيمة الآن, ولا يسهم إيجابيا في تعميق الوعي القومي على حساب الإثني, خصوصا بعد أن أثننت الحركة الإسلاموية المجتمع والسياسة والثقافة.
    ما الذي يعنيه كل ذلك للحاضر؟؟ التاريخ تغيره حسابات الحاضر, وموازين القوى في هذا الحاضر.. ولأن الإعلام القومي – مجازا – لا يزال إعلام إسلاموي عروبوي لن يتم تصحيح مساراته, لإستيعاب الشركاء الآخرين في الوطن, إلا بتقويض حكومة (الحركة الإسلاموية) المؤتمر الوطني من أساسها, وتشييعها نهائيا إلى مزبلة التاريخ, إلى غير رجعة..
    ليبدأ عهد التأسيس الحقيقي للدولة السودانية الوطنية, التي نأمل أن يكون "لجبهة الحراك المدني والشبابي" دور حقيقي فيها.. حتى يخرج فعلا من ركام الماضي, وذكرياتنا الحزينة, سودان يلبي تطلعات الجميع دون إستثناء.
    *صحيح نحن في السودان الكبير, لسنا متطابقون الشبه كتؤام, فليس شرط التوائم التطابق. و ذلك لن ينفي أننا أخوة, وهو ما يجب أن نركز عليه كمثقفين وديموقراطيين, يؤمنون بمشروع السودان الموحد بإرادة موحدة, تعمل على بلورة نظرية, تعتمد عليها كل القوى الجديدة "الموحدة" بهدف مقاربة مفهوم "فدراليتها" على الأقل. كبرنامج للعمل الوطني. وعدم الإكتفاء بتجارب الصواب والخطأ, التي يمكن أن تقع فيها الجبهة الثورية لو ظلت منكفئة على ذاتها, بعيدا عن التنسيق أو التحالف مع المثقفين والديموقراطيين وكل القوى الجديدة. ومسألة الإرادة الواحدة لن يحققها إلا هذا التحالف "الكتلة التاريخية" فدون هذا التنظيم لن يتمكن المثقفون والقوى الجديدة ولا قوى الجبهة الثورية من إعادة تأسيس السودان (وليس هيكلته).
    (3-3): المثقف والسلطة والفجر الجديد و المركزيات الإثنية:

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-26-2013, 02:04 AM)

                  

01-25-2013, 03:44 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: Elmoiz Abunura)



    فوق ...فوق
    استاذ احمد سلامات يارجل؟ اخبارك؟
    غياب طويل
    تحيات
                  

01-25-2013, 11:06 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: mustafa bashar)

    Quote: فوق ...فوق
    استاذ احمد سلامات يارجل؟ اخبارك؟
    غياب طويل
    تحيات


    الصديق مصطفى بشار
    سلامات..
    كيفك يا فنان يا جميل..
    شكرا على المرور..
    نحن لا نزال بخير حتى الآن.
    ولا زلنا نداقش مع المداقشين.
    محبة وود وحنين للأيام الخوالي
    .

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-26-2013, 01:57 AM)

                  

01-26-2013, 11:47 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    (3-3): المثقف والسلطة والفجر الجديد و المركزيات الإثنية:

    على خلفية "الغلاط" في الأوساط السياسية, الذي يجري منذ تم الإعلان عن وثيقة الفجر الجديد حتى الآن, نلاحظ كأن الزمن السوداني "واقف" يعيد إنتاج مماحكاته, ومثاقفاته حول كل الشئوون, حتى تلك التي تتعلق بوحدة البلاد أو "فرتقتها"..
    فتوازن الرعب الذي أقامه المؤتمر الشعبي ب(العدل والمساواة), من قبل.. لتدشين - كما زعم حزب الأمة في سالف العصر والأوان "بمعنى الأيام الخوالي لسيء الذكر للتجمع"- غد تشيع فيه الإنقاذ إلى "حثالة التاريخ".. يمثل الآن ميثاق الفجر الجديد لقوى الجبهة الثورية والإجماع, التوازن المعاكس والمضاد في الإتجاه, لذا ليس غريبا أن يستدعى النظام الآليات نفسها التي جابه بها ميثاق أسمرا من قبل, مع تعديلات طفيفة بحكم تغير الزمان والمكان ومواقع الأفراد وجغرافياتهم.
    فإذا كانت حملة النظام الموجهة ضد "الفجر الجديد" تنطوي فيما تنطوي عليه من دلالات على رسالة موجهة لقوى الجبهة الثورية من قبل قوى الإجماع والنظام في الآن نفسه, أكثر من كونها رسالة موجهة من النظام لقوى الإجماع ضمن الجبهة الثورية؟! فإن الغد الذي يحلم به الكبار (الأمة- الاتحادي- النظام بمؤتمريه الوطني والشعبي)على حساب المثقفين والقوى الأخرى, التي لا تشاركهم توجهاتهم الطائفية والإسلاموية, والتي هي في الحقيقة القوى الفعلية, التي خاضت تجربة الصراع المرير ضد الحركة الإسلاموية (الإنقاذ قبل وبعد المفاصلة), في الوقت الذي إستقطبت فيه الحركة الإسلاموية, كوادر الطائفية وأستوزرتهم؟!
    إذا كان الأمر كذلك فأبواب الخيارات المتاحة, لوحدة ما تبقى من السودان, أغلقت بتراجعات قوى الإجماع, وتنصلها عن ما وقعت عليه في كمبالا, بما وسم ب"الفجر الجديد". بل وتأكيدا على ذلك, ما حملته الأخبار التي يبثها جهاز الأمن والمخابرات, عن الإعلان الرسمي لتنظيم القاعدة في الجامعات السودانية! وليس هذا فحسب, بل تهديد عراب الحركة الإسلاموية "الترابي" لقوى الإجماع بالإنسحاب عن تحالفهم, إذا أستمروا في التعاطي مع وثيقة الفجر الجديد؟!
    وفي الحقيقة هذه ليست إستفهامات, بقدر ما هي محطات هامة, لتأمل الكيفية التي تعيد بها قوى السودان القديم, إنتاج ذات ممارساتها المعادية لوحدة البلاد وشعبها, ولقيم حقوق الإنسان والديموقراطية والحداثة والتنوير.
    هذا المعطى يطرح وقفة جادة, لكل القوى الديموقراطية والثورية مع ذاتها. في سبيل انجاز إعادة تأسيس هذا السودان, الذي هان حتى سهل الهوان عليه. وذلك بالحوار مع الجبهة الثورية, والتنسيق معها على أسوأ الفروض, قبل أن يتم تفريغ مشروعها "الفجر الجديد" من كل القيم النبيلة التي يتشاركها معها كل الأحرار والديموقراطيون والمثقفون, في هذه البلاد المغلوبة على أمرها.
    *وبطبيعة الحال يعيد مثل هذا النقاش طرح:مسألة الوحدة.. وحدة القوى الجديدة, إلى السطح مرة أخرى. كحلقة مفقودة لحل ألغاز وشفرات الفشل المزمن للدولة السودانية. وإبرازها مجددا, خصوصا أن القوى الجديدة عموما بمختلف توجهاتها, هي نتاج لفشل القزى القديمة, وهي الإجابة الصحيحة على الأسئلة التي فشلت القوى القديمة في الإجابة عليها. ولهذا السبب إقترنت نشأتها بتردي أحوال البلاد والواقع, وعجز القوى القديمة عن معالجة هذا التردي, ومن هذا السبب بالذات تأتي شرعية القوى الجديدة في النشأة والتكوين والوجود كصنو للكتلة التاريخية للسودان "الهامش" ولذلك ظلت خطاباتها تعبر عن الحقوق المهدرة في هذه الأجزاء, التي هي عصب البلاد وجدانا وثقافة ودما ولحما!
    * الضمانة المانعة لتفريغ مشروع إعادة بناء الدولة السودانية من محتواه - وكما ظللنا نكرر- تتمثل في مقدار ما بإستطاعتنا تقديمه من تنازلات, للتقارب تجاه بعضنا البعض كقوى ديموقراطية وجديدة, خصوصا إذا أعدنا تجربة المكابرة والتآمر ونقض العهود, بين أطراف العمل السياسي في السودان منذ 1956.
    وبطبيعة الحال السلوك الآيديولوجي القائم على تعتيم الواقع, باعتماده على خطابات مخلخلة, قامت بتحريف قصدي أو غير قصدي للطبيعة الواقعية للسودان. وأدت إلى حجب تنوعه وتمايزاته وتعداداته وتبايناته..
    إذا نظرنا من هذه الزاوية للنظم المتعاقبة منذ1956م نلاحظ أن القوى المركزية في السودان (في طليعتها حزب الأمة والإتحادي= الطائفية بالطبع ) كانت –ولا زالت- آيديولوجيتها التقليدية, أحد الآليات الأساسيه لهذا التحريف واسع النطاق, فحزب الأمة والقوى الطائفية والإسلاموية عموما, يعتمدون على حضور الثقافة التقليدية, في وعى الجماهير.
    بغرض تعبئة هذه الجماهير للإصطفاف حول برامجها التحريفية, للواقع إنطلاقا من الإعتماد على ذاكرة الناس. لا عقولهم!, وغنى عن القول: عندما يتوقف العقل تعمل الذاكرة, فالأمة والإتحادي كطائفة تراثية, تتعامل مع مجتمع تراثي, "فكره بديلا عن واقعه" و"ماضيه ممتد فوق حاضره" المعقد الذي لايكف عن طرح قضية التنوع والمواطنة والدولة, والتي لا يملك لمجابهتها سوى تحريف الواقع.
    ومعكوس هذه الفكرة أيضا هو ما يدفع بالمؤتمر الوطني إلى توحيد مركزه (الإسلاموطائفي عربي= كما رأينا في المواقف الأخيرة للقوى القديمة من ميثاق الفجر الجديد بعد أن وقعت عليه, بإعتبارها جزء من المركز الذي يمثله المؤتمر الوطني), ومن جهة أخرى العمل على تفتيت الأطراف (الهامش) وبالطبع هذا لايتم إلا بتحويل السودان إلى فسيفساء طائفية عرقية, وهكذا تلتقي القوى الإسلاموية، الطائفية، العروبوية مع النظام(المؤتمر الوطني) الذي عمليا يعبر عن منتهى أشواقها, ويتحمل مسئولية هذه الأشواق نيابة عنها؟! خلال تنفيذه المشروع الآيديولوجي المركزي, الذي يمثلهم جميعا, بحكم إستيلاءه على السلطة دونا عنهم!
    *هذا الواقع الشائك والمعقد, يفرض على القوى الجديدة عموما, ضرورة أن يقوم وعيها على أساس تاريخي, أولى خطواته الإسراع في تنظيم الكتلة التاريخية السياسية, وتوحيدها في كيان سياسي يعتبر الشباب والطلاب والمرأة والمثقفين الديموقراطيين والقوى الجديدة, من ركائزه الأساسية- فالكتلة التاريخية تشكلت إجتماعيا في الهامش بوعيه لذاته, لكنها لوحدها دون تحالفها مع القوى التي أشرنا إليها, ستظل تفتقر للبعد القومي المضاد للإثنية والمدني الذي لايؤمن بدور للعمل العسكري إلا في حدود طبيعته المرحلية المؤقتة.
    وقد أشار غيرنا كما أشرنا "في العديد من مقالاتنا منذ 2002 حتى الآن", وأمثل طريق يؤدى إلى تشكيل الكتلة التاريخية على هذا النحو,هو اعتماد مؤتمر عام يجمع كل القوى الجديدة وقوى الهامش والمثقفين والقوى الديمقراطية, ممثلة في حركات الشباب المناوئة لأحزابها القديمة, للعمل على تطوير وثيقة الفجر الجديد, بإستلهام وثيقة جبهة الحراك الشبابي والمدني لتأسيس الدولة السودانية, فوثيقة جبهة الحراك المذكورة, هي جهد وطني وحدوي كبير وقيم له دلالته الكبيرة والعميقة, في تحقيق الدولة السودانية المدنية الديموقراطية الموحدة.. دولة المواطنة والحقوق والحريات والتنمية, التي يتحول فيها شعار (التنوع في إطار الوحدة) إلى واقع حقيقي..
    هذه الدولة المدنية التي نتحدث عنها, لن تستطيع الجبهة الثورية, وحدها دون تحالف أو تنسيق مع المثقفين وتنظيمات القوى الجديدة على إنفاذها، فوثيقة الفجر الجديد وحدها ليست ضمانة كافيه. خاصة أن أيديولوجية الجبهة الثورية, التي تعتمد على الخبرة السياسية, للحركة الشعبية قطاع الشمال والعدل والمساواة, والتي هي أكثر آيديولوجية -من غيرها- مقارنة بقوى الجبهة الثورية الأخرى, مع أن قوى الجبهة الثورية عموما, تعتمد على ترميز الأفراد, إذ ليس ضمن ثقافتها ومعارفها المفاهيم الديموقراطية الجماعية, وهي خبرة مستلهمة من الحركة الشعبية والحركة الإسلامية. على عكس تنظيمات القوى الجديدة الديموقراطية.
    وفي ظني أن شبح زعماء كداوود بولاد وقرنق وخليل, لا يزال يهيمن على ردود أفعال هذه القوى وسلوكها السياسي.
    *وصحيح تماما أن قرنق – على سبيل المثال - استطاع في حياته إعادة طرح "السودانوية" بصورة قوية, لإشعال إحساس المواطن السوداني, بكيانيته وبوجوده المستقل. ومن هنا كان إلهاب المشاعر في الهامش, ليتمخض عن "حركات ثوريه" مثلت حركة داود بولاد المجهضة في مطلع تسعينات القرن الماضي, وحركة يوسف كوة, ثم تحرير السودان, وقبل ذلك الحركة المسلحة لمؤتمر البجا.. نتائجا لها.
    لكن هل كان هذا كافيا؟ أعني الإعتماد على تجربة فرد أو خبرة آيديولوجيا عقائدية شمولية سابقة؟ بديلا عن الإعتماد على تنظيم ديموقراطي, يستلهم الجماعية في نظام أفكار متكامل؟!
    *ماهو الرابط بين الحركات المسلحة (في كردفان ودارفور وجنوب النيل الأزرق وشرق السودان, بل وحتى الحركة الوليدة في شمال السودان؟!).. الرابط هو التهميش لأقاليمهم, لكن السؤال هو كيف نتسامى بهذا السؤال الإقليمي, لنجيب عليه في الإطار القومي؟!.. فتهميش الأطراف ليس منطقا قوميا.. وتهميش الأطراف ليس آيديولوجيا بديلة, إذ يترتب عليه أيضا تهميش الوطن الواحد الموحد ككل, كما أن فكرة الهامش والمركز ليست آيديولوجيا لبناء السودان الموحد, بقدر ما هي منهج لفهم طبيعة الحالة السودانية؟!..
    "إذا تصورنا أن الفكرة التي تحكم علاقة المركز بالهامش, تمثل آيديولوجيا وليس طريقة -لفهم وليس لحل- قضايا السودان, فإننا نصيب مشاريع القوى الجديدة الديموقراطية, في إعادة تأسيس الدولة السودانية في مقتل.
    ففكرة الهامش والمركز هي بمثابة الإلهام الثوري السياسي (وليس الفكري) الذي يمهد الطريق لتأسيس السودان, فهي ليست بديلا عن نظم الإدارة الحديثة والديموقراطية والعلمانية – التي لن تستطيع هذه الفكرة نفسها تبنيها بغرقها في الهامش السياسي وسعيها لتحويله إلى فكري, بالنتيجة "مركزة" المهمشين السابقين, و"تهميش" المركزيين الحاليين!.
    *لذلك عندما نتحدث عن ضرورة تقريب المسافات بيننا, كقوى جديدة وديموقراطية علمانية وليبرالية, فلأننا نرغب في الإستفادة من تجارب بعضنا البعض, في إستلهام التراث الإنساني, وإستلهام المعارف والعلوم التي يقف عندها العالم الآن, لأننا ببساطة ينبغي أن نبدأ من حيث أنتهى الآخرون, وإلا ستكون علاقتنا ببعضنا البعض كقوى ذات توجهات متشابهة, أشبه بجزر معزولة في أرخبيل واسع, وهي معضلتنا ذاتها مع الجبهة الثورية.
    *رب قائل يتسائل عن إمكانية إستمرار الحركات المسلحة, بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني, رغم إنتفاء مشروعيتها بعد سقوط النظام؟!.. وهذا شيء وارد.. أن تستمر كأطر تنظيميه محددة ومحدودة بإنتماءها للجبهة الثورية, كتنظيم سياسي وليس عسكري.
    إذ لا يجب أن تكون موجودة, كإطار كبير ومنظم كحركات مسلحة. خصوصا أنها مجرد حركات "ثورية تجريبية" تكونت في الفهم الفكري والسياسي العام, لمتناقضات علاقة الهامش بالمركز, ولم تتكون في سياق فهم سوداني قومي يشمل المركز, فهي لا تتناول قضايا المركز إلا بالقدر الذي يخدم قضيتها الإقليمية. خصوصا أنها كحركات مسلحة ومنذ البدء, نشأت كحركات إقليمية مطلبية, بالتالي لم تعتني بالأفق القومي المعقد, بسبب إنكفائها على هموم ومشاكل الإقليم, وغرقها "الثقافي" في معضلات العلاقة بين الهامش والمركز, ما جعل البعد القومي ضبابيا ومحددا على الدوام بقضيتها الإقليمية, التي تحيل مباشرة إلى المركز كإجابة وليس عاملا ضمن عوامل أخرى عديدة, كما أنه مثل الهامش له أيضا مشاكله, بالتالي نظرتها لنفسها كهامش, بمثابة البديل للمركز, هي نظرة غير صحيحة, بل هي كهامش مطالبة بإزاحة هذين المفهومين مركز/ هامش بالقدر ذاته الذي تطالب فيه المركز بإزاحة هذه المفاهيم, وإحلال وتعميق مفاهيم الديموقراطية والحقوق والحريات والمواطنة والتنمية محل هذه المفاهيم, التي إحلالها لن يكون إلا ناتج جهد جماعي يتعاون فيه المركز والهامش معا, بالمقابل المركز نفسه مطالب بالكف عن النظر لهذه القوى, بأنها قوى جهوية أو عرقية, والعمل معها على حل معضلاته ومعضلاتها, على أساس تعميق البعد القومي الوحدوي, الذي يتأسس في المواطنة الحقة, كأساس للحقوق والواجبات, في ظل دولة ديموقراطية حقيقية, يسهم في تأسيسها الطرفان. بحيث لا يكون هناك مركز وهامش بعدها, بل السودان الديموقراطي الموحد.
    وبطبيعة الحال النوع المعاكس لهذا النوع من طرق التفكير, يؤدي إلى تقوية النزوع الانفصالي – كما حدث في التجربة مع الجنوب- خصوصا بعد الرحيل المفاجئ للزعيم قرنق, إذ وضع رحيله المفاجيء هذه الحركات جميعها, في امتحان صعب يهدد مشروعها بالتصفية, وهذه التصفية لن تكون من جهة المؤتمر الوطني فحسب, بل من قبل الثقافة التقليدية أيضا, والتي هي قوام عقل مركزي ظل يحكم السودان لعقود طويلة, ولذلك ثمة ضرورة تحتم وعى قوى الهامش لا ببعضها البعض بل بالمركز أيضا,وهو الشيء نفسه المطالبة به القوى الديموقراطية الجديدة في المركز, فتلك خطوة ضرورية لتشكيل كتلة تاريخيه ذات بعد قومي على أنقاض الواقع الإثني القائم.
    وعي الهامش بضرورة تصحيح صورته كما تقوم في وعى المركز والعكس - خاصة أن لدينا هوامش وليس هامشا واحدا..هوامش بحاجة أيضا لتصحيح صورتها في بعضها البعض. هو المدخل لأن يكتشف المركز والهامش معا, أنهما مختلفان عما يتصورانه عن بعضيهما! إذ سيتم إكتشاف أوهام لا أساس لها غير الأساس الذي تدعيه, أو يدعى لها. ويصبح هذا الإكتشاف خطوة بالإتجاه , بإدراك أن المشكلة في الثقافة التقليدية, وتوظيف الإسلامويين والطائفية لهذه الثقافة التقليدية.
    وبإدراك ذلك ندرك المشتركات بيننا, وندرك حقيقة مصالحنا ومصيرنا المشترك، وحاجتنا لبناء سودان موحد يعي عناصر التنوع والخصوصية في ذاته.. والغاية هنا ربط الثقافة السودانية في مركز السودان وأطرافه ببعضها البعض.. جعل آخرها زمنا لا زيلا لبدايتها.. بل تجاوزا لها وتدشينا لبداية جديدة, تمنح المركز تأريخا قوميا, نقيضا لتاريخ الهيمنة والإستعلاء, أما من ناحية الجغرافيا فدارفور وجبال النوبة والشرق والشمال وجنوب النيل الأزرق وطن واحد, في كل شبر منه نجد جنوب وشمال وشرق وغرب ومركز, فالخصوصية في كل هذه الثقافات, إنما تمنحها التميز والغنى والقوة والمنعة (16).. وليس العكس, بمعنى أن الخصوصية تضعفها, بالتالي لابد من الدمج القسري والهيمنة الثقافية, اللتان وسمتا تاريخ العلاقة بين المركز والأطراف, وأدتا عن طريق آليتي "التعريب والأسلمة" في خاتمة مطاف العلاقة بالجنوب إلى الإنفصال.
    *صحيح أن للمؤتمر الوطني جماهيره من المنتفعين, لكن الصحيح أيضا أن الجبهة الثورية, والقوى الديموقراطية الجديدة, بإمكانها أن تتحول إلى حركات وقوى أكثر جماهيرية, إذا اندرجت ضمن الكتلة التاريخية بتوصيفنا السابق, كتنظيم سياسي ديموقراطي قومي, فحين تكون الجماهير في الأطراف والمركز تغلي, مثل هذا الغليان الإثني (والذي هو ناتج السياسات العنصرية لنظام الحركة الإسلاموية) لا يكون من الصعب الإطاحة بتقابل ثنائي تبسيطي (الذات/الآخر), كالتقابل بين الجبهة الثورية والمؤتمر الوطني, أو المثقفين والديمقراطيين(كآخر) وقوى السودان القديم, التي هي (ذات) بالنسبة لهذه القوى. هذا التقابل الثنائي الذي ينسحب على سؤال الهوية الوطنية, كسؤال ينطوي على الذات وآخرها, فيما عرف بالمركز والهامش.
    *هذه الذات التي في واحدة من "تجلياتها" بلغ فعلها الآيديولوجي الإجرامي, حد قتل أبناء الشعب الواحد بإعتبارهم "آخرا" وأهدار كرامة النساء تحت لواء نفس المنطق, وتعذيب وقتل وأغتصاب وتشريد المعارضين, وأحتكارت السلطة والثروة بالمنطق نفسه! في الحقيقة هي ليست "ذات" بقدر ما هي أحد مونات عقل مركزي, تتجلى سلوكياته بمستويات مختلفة في القوى المكونة له (الإسلامويون والطائفيون والإثنيون), فإذا كانت الحركة الإسلاموية هي مجرد مكون واحد من مكوناته, فهي المكون الأكثر تطرفا, لإعتمادها على أسوأ عناصر الثقافة التقليدية الحاضرة في وعي الشعب في المركز والأطراف!
    * لا أحد بإمكانه أن ينكر, أن ليس ثمة فساد إجتماعي وسقوط أخلاقي, مثل فساد نظام الحركة الإسلاموية حتى الآن, إلا فساد العهد المهدوي؟! و(الصادق المهدي يدرك ذلك تماما) ويعرف أكثر منا الكلفة الإنسانية الباهظة التي دفعها شعب السودان في العهد الإسلاموي المهدوي– والعهد الإسلاموي الإنقاذي, بل أن الإنقاذ هي المهدية الثانية – ولذلك أنه كحزب أمة (فهو الحزب للأمة – وفقا لتصوره عن نفسه- بعد أن ضاعت منه الدولة) يدعم نظاما فاسدا يغش في كل شيء حتى المقدسات!. معرفة الطائفية لذاتها "بدلا عن أن تجعلها جزء من "حل المشكلة", أصبحت جزء من المشكلة ذات نفسها- مثلما هو حال الطائفية دائما- فالمهدي بإدراكه لتعبير الثقافة التقليدية عن مصالح الطائفية, وحمايتها لهذه المصالح, مثلما هي تحمي مصالح القوى الإسلاموية والسلفية الأخرى وتعبر عنها! ظل كما أشرنا سابقا – حزب الأمة والطائفية والإسلامويون والسلفيون عموما- جزء من أزمة السودان ومشاكله المزمنة!
    *قدرة القوى القديمة على تغيير هذا النظام –إذا كانت مبدئية ولديها أخلاق عمل سياسي مشترك- تنبع على وجه التحديد من كونها تلعب دورا مركزيا فيه, كنظام.. لذلك الأكثر جدوى من كل ذلك هو نهوض تحالف ديموقراطي ثوري لا يشملها, فتحالف بهذا المعنى بإمكانه تقعيد المفاهيم, فيما يخص الكتلة التي بإمكانها أن تصنع واقعا جديدا فعليا, وهكذا الكتلة التاريخية –كتعبير عن الشعب في الأطراف- وكمصطلح يفرضه واقع فهم الهامش أخيرا لشروطه الظالمة, التي شرع في تغييرها, سواء بالحركات الثورية أو القوى المدنية, و تغيير المفاهيم التي لازمت عملية بناء و إدارة السودان, وأدت إلى إفشاله كدولة.
    ولكي يحقق هذا الهامش تحرره وشراكته في السودان الكبير, لابد له من فهم النحو الذي يتداخل به وضعه الخاص كأنساق, مع نسق آخر هو المركز, بحيث لا يعود هناك مركز أو هامش, بل الوطن القومي لجميع السودانيين.
    *تحالف الديمقراطيين والقوى الجديدة والشباب والمرأة وقوى المجتمع المدني,مع الجبهة الثورية ليس بحاجة إلى نظرية معقدة, كيما تدرك الأطراف المختلفة, أن الكرة في ملعبها لو توحدت, وأن الواقع الراهن بائس, بالقدر الذي يقتضي أن تعمل هذه الكيانات متحدة على تغييره.
    وهذا التغيير أحد شروطه بالطبع, الحاجة التي تحسها القوى القديمة ذاتها, لإعادة صياغة عقائدها النظرية ورغباتها السياسية, إذ لم يعد السودان بحدوده المعروفة الآن كما في السابق, عندما كانت تهيمن عليه وتديره "على كيفها"..
    بالتالي نشؤ تحالف قوى الإجماع والجبهة الثورية, ربما يسهم بفعالية في إعادة الصياغة هذه –إذا آمنت القوى القديمة بالديموقراطية فعلا، و بالضرورات الملحة؛ التي تفرض عليها إصلاحا حزبيا واسعا، يطال الفكر والآيديولوجيا السياسية ونظرية التنظيم..
    *غني عن القول أن توقيع القوى القديمة (على وثيقة الفجر الجديد)على أن الشعب هو مصدر السلطات, بالتالي الحاكمية له. وفصل الدين عن الدولة. أن ذلك يسهم في إعادة بنائها لنفسها على أساس برامجي غير ديني, ويحفزها على الإصلاح الحزبي.. بالتالي قطع الطريق على مشاريع الدولة الدينية, التي تورط فيها المصريون الآن رغم خبراتهم العتيدة معها, خلال السلاطين الذين كان حتى المؤذنون في السودان, لا يتورعون عن ذكر أسماءهم كلازمة لآذان الصلاة.
    * ونحن نقترب من ختام ورقتنا، التي قد لا تروق أفكارها للكثيرون, لا يفوتنا التأكيد على أنه لولا ضغط الهامش، الذي ما كان ليحس بحاجة للثورة, وما كانت ثورته لتنجح ما لم تكن قائمة على هذا الوعي بالذات وبالآخر: (القوى القديمة) وما لم تكن– قوى الهامش - مسلحة بأهداف محددة, ومتطابقة مع ذاتها بما يكفي لتحقيق هذه الأهداف, لولا كل هذه الأمور, لما كان هذا الحوار عن وحدة السودان أساسا، ولما كان هذا الحوار عن إعادة التأسيس والبناء. وهذا لا يعني بحال من الأحوال، الإنغماس في إثنية شاملة, كرد فعل لممارسات المؤتمر الوطني المضادة للإنسان كإنسان.
    *إن الإسلام السياسي الذي شيد السودان القديم في اللحظات الفارقة من تاريخه (سنار – المهدية "إذا جاز لنا التعبير") ما حفز –الإسلام السياسي- كعنصر كامن في رحم الثقافة التقليدية, بعد الإستقلال, إلى الصراع في البرلمان حول الجمهورية الإسلامية والدستور الإسلامي في الديمقراطية الثانية ", ليتجدد في – تجربة 83- 1985- ليتبلور بصورة كاملة في تجربة (89 – حتى الآن)يجب أن يتم النظر إليه على أنه ينتمي إلى نظام تفكير القوى القديمة, التي يجب أن تكون ممتنة للقوى الجديدة, التي ظلت تحفز بنقدها المتواصل, وضرورة صياغة قوانين لتأسيس وتسجيل الأحزاب, على أسس مدنية وديموقراطية وبرامجية، بالتالي ضرورة الإصلاح الحزبي، وإعادة صياغة هذه الأحزاب لعقائدها ونظمها, بأن تكف عن توظيف الدين في السياسة، بل أن سلوكيات من هذا النوع، يجب أن تضعها تحت طائلة المسائلات القانونية المدنية .
    السودان – في تقديري الخاص– لن يجد خلاصه إلا في تحالف المثقفين مع القوى الديمقراطية الجديدة والجبهة الثورية,إلخ.. فعندها فقط تتغير الموازين, وربما ينزاح عن كاهل الإسلامويين والطائفيين عبء قناعاتهم, بمكاسبهم الاسلاربوية ولذاتهم الدنيوية, ويشعرون بأنهم أحرار فعلا في الحديث عن الموسيقى والنحت واللون والسينما والمسرح والشعر والغناء والقصة والرواية،إلخ...
    هذه أشياء جميلة فعلا، لا علاقة لها ب"الدبابين والجنجويد". أو"صيف العبور والفجر المبين" أو الضبابي.. بالطبع لن يروق هذا الحديث للكثيرين من عشاق فقهاء الظلام. فالإختلاف هو حال البشر، ما يعني أن ما من حال محدد على الإطلاق, وإذا ما كنا سنتمكن من القبض على هذه الحقيقة، ما أن نسلخ عنا عبء مفاهيمنا, التي تضفي التجانس والتماثل -على خلفية نظرية الدمج القسري والقفز من الوصف إلى الوصفة- ونطرح ما لدينا من سرديات كبرى منذ عصر الفونج والمهدية، إلا ونجد عندها سبيلا للتوصل، إلى الحال الذي ينبغي أن نعيش عليه, بدلا عن الحال الذي وجدنا عليه الأشياء في هذه البلاد التي كانت كبيرة ذات يوم! التي حالها الآن يقتضي – خاصة بعد إنفصال الجنوب- الإحتفاء السياسي بالإختلاف والتعدد والتنوع, في إطار ما تبقى منها كجغرافيا.
    *لقد كان الإصغاء المرهف إلى السياق التاريخي، وإلى دور الثقافة الإسلاموعربية في صياغة الذات السودانية، وإلى أخفت أصوات التراث (الإسلامي العربي) مقررا إجباريا على كل السودانيين في المركز والأطراف. الآن السودانيين المهشمين يصغون إلى أخفت أصوات تراثهم (هم) بكل ما تتسم به خصوصية واقعهم المحلي من قوّة.
    أنهم يستمعون الآن إلى سردية مختلفة عن السر ديات المركزية.. ويستمعون إلى جانبها إلى سردية تقول: "كان يا ما كان في سالف العصر والأوان, مرّت على السودان حقب الطائفية والعسكر والحركة الإسلاموية, التي وظفت الإسلام الكريم، لخدمة أهدافها الدنيوية المنحطة, وسلوكياتها السياسية العنيفة. وكانت هذه الحركة الإسلاموية ترى أنه من الممكن أن تسوغ أفعالها الطفيلية, عن طريق حجج عقلانية حينا وخزعبلات حينا آخر, إذ أفسدت الحياة لدرجة أن ضباط الجيش الإسلامويون المنشقون عنها، الذين يرغبون في الإنقلاب عليها يستعينون "بالفُكيا"، فيذبحون الدجاج أسود الريش لإنجاح إنقلاباتهم- مثلما يذبح الموالون الثيران السود لتقسيم البلاد, إلى دويلات هي الأسوأ من دويلات ملوك الطوائف الإسلامويين"حيث تضوع رائحة المسك في ركام الخراب والدّم؟ وكانت –الحركة الإسلاموية- لديها معايير معينة ومشتركة للوصف والتقويم، تستخلص منها مبرراتها للحرب والقمع وتصدير الإرهاب و "الثورة الإسلامية", وفقه الاغتيالات والإبادة والإغتصابات, الذي لا يقل أهمية عن فقه النِّكاح.. والتهميش, إلخ .. وبنجاحها في دمج تنظيمها في جهاز الدولة, تمكنت من إستعمار البلاد والعباد! ولم تكتف بذلك، إذ عملت على أثننه الشعب القومي التوجهات, ووظفت مكوناته ضد بعضها البعض, وكان ذلك هو كل ما يفهمه فقهائها حول مسألة جهاز الدولة وتقسيم العمل, وكل ذل حدث لأن أحدهم "يسمى الترابي" يتميز بذكاء إجرامي, بمعنى أنه شخصية سايكوباتية, بمعنى شخصية مضادة للمجتمع..و, و."، إلخ القصة.
    *الحديث عن سودان الديمقراطية الليبرالية, كمخرج وحيد لأزمتنا, يستتبعه بالضرورة حديث عن الليبرالية الديمقراطية, التي استطاعت أن تخلق أعظم تراكم في القوى المنتجة شهده التاريخ. إذ جعلت الإنسان لأول مرة يحلم بنظام اجتماعي خال من الحاجة والكدح, بوصفها – الليبرالية الديموقراطية- أول أسلوب عالمي للحياة وللإنتاج يجتث من الجذور, كل العقبات ذات الأفق الضيق، خصوصا ما يقف بوجه التواصل الإنسانى.
    بل وهيئت – الليبرالية الديموقراطية- الشروط اللازمة للسلام والتنمية والحرِّية والعدالة وتكافؤ الفرص، ولذلك تظل الديمقراطية الليبرالية, شرطا أساسيا لتحقيق السودان الديموقراطي الموحد، المؤسس على قيم الخير والحق والجمال.
    السودان بمجتمعة الحر.. المجتمع الذي لا مكان فيه للإسلام السياسي أو العنصرية أو المستغلين والطفيليين، وهذا لايعنى أن يتم تعليق كل هؤلاء المرضى من كواحلهم, على مآذن المساجد أو أبراج الكنائس, أو إرسالهم إلى "الكجور" لمعاقبتهم بقدراته الروحية. فالديموقراطية تنهض في سلطة القانون المدني أولا وآخيرا.
    وهذا القانون (كي يكون)في المجتمع المتنوع والتعددى مثل السودان, لايمكن أن يتكرّس في الدولة إلا بمواقف حازمة، تجاه الطائفية والإسلامويون والسلفيون، والفشل في إدراك ذلك يعنى الإكتفاء ب"المثاقفة", والإسقاطات الذهنية للمستقبل الديموقراطي التعددى,على الحاضر المتصارع عليه وفقا لمبدأ (المنزلة بين المنزلتين) والتوفيق والتلفيق النظري, على طريقة الصادق المهدي –إذ لا ندري مدى الفرق حتى الآن بين الدولة العلمانية، التي يرفضها والدولة المدنية التي يروج لها- بالتالي تعريض هذا المستقبل إلى خطر الحصار والإنسداد التام, مثل كل مرة إثر كل سقوط لنظام عسكري ديكتاتوري!
    *إن أحد الأسباب التي تستدعى تكوين كتلة تاريخية، من قوى الجبهة الثورية وقوى الهامش عموما، تشمل الشمال: ذلك لأن هذه الكتلة المنفتحة على كل المجموعات السودانية، تمثل أحد الضمانات الأكيدة، لعدم تحول الأطراف إلى مركزيات إثنية.
    ومن جهة أخرى هذا النوع من التفكير، يطرح ضرورة العمل على بناء ثقافة مشتركة, بمعنى الإسهام الفعلي للهامش في هذه الثقافة المركزية الإسلامية العربية, عبر مؤسسات الديمقراطية, فثمرة ذلك ثقافة أكثر غنى.. ثقافة قوامها الرؤية المشتركة للعالم.
    ويجب ألا نخشى من تعددية القيم وأشكال الحياة، التي من المحتمل، أن تواجه عمليات بناء مثل هذا النوع من الثقافة المشتركة، فلطالما كان مزعجا للهامش، أنه مصاغ ومقولّب، من قبل قوى المركز العربي الإسلامي، التي تعمل على تحديد هويته دون هوادة, إن لم يكن بالحرب المنظمة مثلما في كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفورالآن، أو مثلما كان الحال مع الجنوب. عن طريق عمليات التعريب والأسلمة, التي يستخدم فيها الجيش كقوى إقسار وقهر. أو غيرها من الطرق.التي ظلت تمارسها الدولة السودانية، بسياساتها الآيديولوجية الموجهة.
    أي السياسات التي ظلت تدفع الأطاف للشعور بالخوف على تاريخها المحلي وثقافتها وتراثها وأرضها وثرواتها.. إذن نحن نتحدث أيضا، وبصورة غير مباشرة عن النسبية الثقافية. بما هي تصور أن للثقافات المختلفة، مشروعيتها الذاتية الكاملة، لكن ذلك لايعنى أنها غير قابلة للقياس، بأى وحدات مشتركة، فهناك نوع من العقلانية، المشتركة بين ثقافات السودان، ومن الواجب دعمها كأساس مشترك.
    فعلى سبيل المثال، أن الواحد منا، عندما يصادف سوداني آخر، ينتمي لثقافة أخرى، لا يجد صعوبة في التعامل معه، بالقدر ذاته؛ الذي لا نجد فيه صعوبة في التعامل مع الآخرين، في أي مكان من العالم!
    لذلك يجب أن تكف الثقافة التي لطالما كانت مركزية، عن غطرستها الإمبريالية بإصدار أحكام "قيمية" و"مسبقة" و"معممة" على أية ثقافة أخرى, وهو الوضع ذاته الذي ينطبق على الثقافات الأخرى، وهذا لايعنى أن نكف عن القول لهم ويكفوا عن القول لنا، فما هو مطلوب، هو أنه يجب: أن نتفهم ثقافاتنا المختلفة، لأنها المدخل لمناهضة المركزيات الإثنية، سواء كانت في الأطراف أو الوسط والشمال.
    وحتى لا نفكك دون وعى، بعض الأفكار التي يمكن أن تكون مفيدة للجميع، فيما كان مركز أو هامش، مثل فكرة المصير المشترك والمصالح المشتركة والوحدة الوطنية. خاصة أن الصراع بين المركز والهامش، الجوهري فيه، هو السعي للتقاسم العادل للسلطة والثروة، وفي خضم ذلك يتم إستغلال الإثنيات والدين والتاريخ والعرق والثقافة,الخ.
    عدا ذلك فإن كل القوى الجديدة، لاتزال مجابهة بخطر الإسلام السياسي. كيف تواجه ذلك؟.. لاشك أن أطروحاتها الخصبة، حول الديموقراطية والعلمانية والليبرالية، والمدنية والتنوع, إلى جانب التبصرات العميقة، في مكر القوة المسلحة وخبثها، الذي لا يقل خطورة عن الطائفية والإسلام السياسي، إذا لم يتم تقييدها بضمانات إستخداماتها المرحلية المؤقتة.. ا هذا النوع من التفكير، في تقديري ستكون قيمته أكبر، عندما يقترن بأفكار التضامن والتنظيم الديموقراطي القومي الموحد المنضبط، وأفكار الوحدة الوطنية, وتعميق وتكريس "أخلاق عمل سياسي وتقاليد سياسية"، بالضرورة تنعكس على التحالفات وأشكالها وطبيعتها وجديتها وإلتزامها. بمعنى إستناد العمل السياسي المنظم، على نظرية واقعية وليس على أفكار مثالية حالمة ومهومة وغير واقعية، كالأفكار التي ترفض إستخدام السلاح في إسقاط هذا النظام، وتتصور أنه من الممكن أن يسقط فقط بالنضال الجماهيري السلمي؟!
    القوى الجديدة الآن بحاجة أكثر من أى وقت مضى (لمواجهة خصومها التاريخيون: الطائفية والإسلامويون والسلفيون والعقائديون والشموليون) وفقا لأسس معنوية فكرية متينة، حيث لا شيء أقل من ذلك؛ يمكن أن يوفر لها الموارد السياسية الدعائية، التي تحتاجها؛ في تبيان صدقية مشروعيتها، كقوى تطمح لتأسيس سودان العدل والحقوق والخير والجمال والتنوير والحداثة والديموقراطية والمدنية والمساوة، إلخ.. تماما كرحلة جلجامش في اللا- نهاية بحثا عن القيم الإنسانية النبيلة.
    خاتمة:

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-26-2013, 02:05 PM)

                  

01-26-2013, 02:07 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    خاتمة:
    *قلت سابقا أننا ربما كسودانيين، لسنا نتشابه كتؤام؛ بسبب إختلاف أمهاتنا أو آبائنا، لكن مع ذلك لا نستطيع نفى أن هذه الأرض الشاسعة، هي أمنا جميعا.. هذه الأرض الأفريقية النبيلة، التي كانت موجودة دائما؛ ولم تأت من الخارج؛ على صهوات الخيول أو جيوش الغزو والإحتلال.. هذه الأم/الأرض، هي ما منحنا هذا التوصيف (سوداني)، وهنا لابد أن نتوقف لتقديم ملاحظة مهمة، فالناس عادة لايسمعون، أو يقرأون ما يلقى إليهم من كلام، إذ يحاولون دائما الكشف عما وراء هذا الكلام، لذلك يتركون السطور؛ للإنهماك في قراءة ما خلفها، وما بينها. لذلك سيتساءلون عن دور الأحزاب التاريخية القديمة؟!..
    وبوضوح تام أشير إلى أن فشل محاولات الإصلاح الحزبي، بسبب عدم الجدية في هذا الإصلاح؟! وبسبب إستمرار المزايدات، على التغيرات الفكرية والسياسية والتنظيمية، داخل القوى العقائدية اليسارية (حزب البعث- الحزب الشيوعي) وكذلك القوى الطائفية. هو أحد الدوافع الأساسية، لكتابة مثل هذه الورقة، التي تسعى لأن تؤكد؛ في أحد أفكارها الأساسية، على ضرورة تحالف تنظيمات القوى الجديدة والشباب مع قوى الجبهة الثورية.
    فالتحالف بين الجبهة الثورية و القوى الإجتماعية الديموقراطية الحيّة، التي تنشد التغيير والتقدم؛ في إتجاه تعزيز الكيان السوداني الموحد الديمقراطي العلماني. وتعزيز القوة والمناعة لهذا الكيان؛ وبتحديد أكثر؛ ضرورة إندراج المثقفون والديمقراطيون والعلمانيون والجبهة الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني والقوى الجديدة الديموقراطية والليبرالية, يعطي الضمانة في التأكيد على الدور المؤقت لجيوش الحركات المسلحة، هذا الدور الذي يجب أن ينتهي بسقوط النظام.
    هذا التصور –بل هذه الورقة ككل في تقديري- مفتوحة للتطوير والتأسيس والحذف والإضافة؛ خلال ما تثيره من حوار وأسئلة، فالغرض منها التجسير الفكري والسياسي، بين القوى الديموقراطية عموما، وقوى الجبهة الثورية.
    * لمرجعية التي ننطلق منها هنا هي التطلعات البرامجية للقوى الديموقراطية عموما, وهذه القوى كي تتوافق إرادتها على أساس ما ظلت تطرحه من مشروع "فدرالي" يربطها ببعضها البعض، أو من خلال السعي –البطيء حتى الآن- لتخطي مرحلة التنسيق فيما بينها إلى شكل من أشكال الوحدة, التي ظلت تراوح مكانها عند محطة التنسيق.
    إذ يجب أن يكون حاضرا لدينا دائما، أن واحدة من معضلات القوى القديمة، مزايدات الترابي لها بفتاويه التي يعتبرونها جريئة؛ وتجديدية. حسب تقديراتهم، بينما موضوع هذه الفتاوي –أساسا- تمت معالجته من خلال علاقة الدين بالدولة بالفصل بينهما؛ لإتاحة الفرصة للديني للإشتغال في مجاله؛ وللمدني أو العلمي الإشتغال في مجاله؛ دون تغول من أحدهما على مجال الآخر, فمثلا موضوع ك"المصل والميكروب" اللذان تحملهما أجنحة الذبابة، هذا تخصص "علمي" ليس من مهمة رجل الدين الإجابة على أسئلته! كما أن الأسئلة من هذا النوع تعود جذورها لصراع قديم في الثقافة الإسلاموعربية (تغليب العقل على النقل).
    *عندما كنت مقيما بالقاهرة بداية أومنتصف 2006-شاركت مع "رفاق" آخرين كممثلين لحركة القوى الجديدة الديموقراطية "حق" في حوار مفتوح مع الحركة الشعبية مكتب القاهرة؛ حول إمكانية وحدة القوى الجديدة وتوحدها مع الحركة الشعبية؛ لمجابهة تحديات تلك المرحلة التي تسبق الإنتخابات والإستفتاء. لكن للأسف كانت إستجابة الحركة الشعبية (القاهرة)لأطروحاتنا ضعيفة, وجسد حوارنا معها صورتنا الراهنة -الآن- كسودانيين في ممارسة التحليل لقضايانا.. كيف نمارس حوارا غنيا بالأفكار الغنية التي تخرج بلادنا من مأزقها السياسي الاجتماعي. دون أن نتأمل تفكيرنا ونعبر عن أنانا الخاصة؛ ظانين أننا نعبر عن الكل!..
    المهم فشل الحوار تماما لان السيد ممثل الحركة الشعبية - أظن أن إسمه مايكل إن لم تخني الذاكرة: الممثل الديبلوماسي للحركة الشعبية في مصر والشرق الأوسط عموما، أو هو المسئول السياسي للحركة الشعبية في هذه المنطقة, بعد أن إتفق معنا على إصدار بيان مشترك بين (حق) و(الحركة الشعبية) طلب أن نمهله لمراجعة باقان أموم وياسر عرمان, ويبدو أن الأثنان لم يروقهما طرحنا، فتنصل صديقنا مايكل- أشير لهذه الحادثة – والحوادث كثيرة- لا لشيء إلا لإنشغالي بسؤال لماذا تغلب القوى السياسية السودانية خطوطها التاكتيكية، على حساب إستراتيجيات السودان كوطن قومي يسع الجميع, لماذا تتقاعس عن النضال "القومي" بحجة الجلابة والتهميش والجنوب والشمال إلخ.. فمهمة بناء الدولة السودانية هي مهمة الجميع في المركز والأطراف، ولا يتحمل عبء حملها البعض نيابة عن الآخرين.
    حتى الآن لا أجد إجابة محددة، سوى الإنكفاء على الذات وإدعاء الجميع أمجادا غابرة – على غرارالصيت ولا المال- مع أن حال بلادنا ينبيء أكثر؛ بأنه أساسا لم تكن لدينا أمجاد يعتد بها؛ وغلا لما كان واقع التشرزم الحالي هو التعبير الطاغ على حالنا!
    *ثم ماذا عن تلك الثقافات الصامتة؛ التي ظللنا نتحدث بإسمها. والتي لم يكن لها –أبدا- مكان حقيقي وفعلي في حواراتنا السياسية؛ التي أساسها هدم بعضنا البعض. هذا النوع من الحوارات, التي هي ليست حوارات بقدر ما هي تبادل لإدعاءات "الجلابة" ضد "المهمشين" أو العكس؟.. هذه السجالات –في الحقيقة- المتوترة القلقة؛ لن تلغي حقيقة أن هذه الثقافات –ثقافات الأطراف- موجودة وتعبر عن نفسها بأشكال مختلفة، دون تجسيد حقيقي في الثقافة الرسمية، والعكس صحيح!
    *ثقافات الأطراف تحمل الآن ذات ملامح أزمة الثقافة المركزية السائدة؛ كثقافات مهمومة بحالة الفصام السياسي والتاريخي والأخلاقي والفكري, التي يعانيها المركز, الذي حتى على مستوى الهوية لا يعرف من هو؟.. ففصامه ينعكس في ممارساتها ضد مكوناتها: الإستعلاء والحروب الأهلية البينية؛ بل والصراعات تحت لافتات الهوية القبلية الضيقة كخشوم بيوت أو عشائر, ونجد هذا الملمح في دارفور وكردفان بل وحتى في الجنوب بعد أن إنفصل وكوّن دولته المستقلة.
    *صحيح أن القوى القديمة قامت ببناء المركز على أساس فصامي,جعله الآن غير مؤهلا لإعادة تأسيس الدولة السودانية. فهو مبني على الأكاذيب والإدعاءات والأمجاد المزعومة, والسودان بحاجة للحقائق وليس للأكاذيب. هذه حقيقة يجب أن ندركها, ونتعامل معها بوعي, فقط لأنها حقيقة. فمن هي القوى المؤهلة لتصحيح هذه الأوضاع الخاطئة؛ دون أدنى شك بالنسبة لي؛ هي قوى التغيير الديموقراطية والليبرالية والعلمانية؛ إذا تمكنت من تحقيق التحالف التاريخي الذي ظللنا نتحدث عنه عبر كل ماسبق.
    *هناك حلول لأزمة السودان، عرضت نفسها فيما سبق، خلال الأطروحة الداعية لإنعقاد "المؤتمر الدستوري"(1986) وإعتبار مخرجاته، كبرنامج لإنقاذ البلاد. ولاحقا طرحت نفسها في "مشروع السودان الجديد" كمشروع بديل لمشروع المؤتمر الوطني الحاكم، الذي كلنا يعلم أنه في جوهره، مشروع عنصري إثني عقائدي شمولي عسكري (وهي من أغرب الخلطات التي مرّت على تاريخ النظم التي تعاقبت على حكم السودان) يفقد شروط وجوده، إلا في ظل إذكاء روح الصراع والحروب والتعصب!, فهو مشروع محكوم عليه بالعنف كضرورة وجودية، ولديه خبرة في هذا الإطار (إعدام ضباط رمضان. إغتيال عدد من السياسيين. الحوادث المريبة للطائرات. شهوة القتل عند رموز النظام السابقين والحاليين واللاحقين. محاولة اغتيال حسنى مبارك. العنف ضد مختلف فئات الشعب السوداني بدء بإنتهاك كرامة النساء والرجال وتعذيبهم وإذلالهم، مرورا بالطلاب، ‘لخ)..
    العنف ضرورة وجودية لدى المؤتمر الوطني، حتى ولو لم يواجه العنف من الآخر: (جنوب النيل الأزرق /الشرق/جبال النوبة /دارفور، الخ ) فالمؤتمر الوطني يظل يستدعي العنف المادي والمعنوي، لإذكاء روح التطرف والإستبداد اللتين يستمد منهما وجوده...
    سيقول البعض أن كل شخص في السودان لديه "مشروع سودان معين شايلو في راسو". وللمفارقة أنه في هذه الأيام، حتى رئيس الجمهورية الذي يقرأ ويكتب بالعافية! يتحدث عن وحدة السودان, والتداول السلمي للسلطة!
    * في نقاشنا للسؤال السابق، بإمكاننا الزعم؛ أن هذه الورقة؛ إنطوت بخصوصه على معان واضحة. فحديثنا عن السودان الديموقراطي العلماني الموحد، الذي طمحت إليه من قبل نيفاشا ناتج عن خوفنا عليه من أن تذروه رياح الإسلام السياسي والطائفية والسلفيين؛ كما حدث لمشروع إنتفاضة 1964, وكما حدث لمشروع إنتفاضة 1985, المجهضتين, وكما حدث لنيفاشا (2005) نفسها، التي تحولت فيها الوحدة من خيارا جذابا إلى خيارا طاردا!!
    ولذلك عندما نشير للمؤتمر الوطني والشعبي، كقوى شرط بقائها العنف. ذلك لأنها تمثل الطليعة المتقدمة للطائفية والعنصرية الإثنية, التي تعود جذورها إلى الحضور العالي (في نظم تفكير هذه القوى) للثقافة التقليدية، كمصدر لإنتاج التسلط وعدم إحترام الآخر المختلف!
    *لذلك يظل الحديث عن ضرورة تعريه التجربة الإسلاموية بشقيها الطائفي والحركي, من الخطوات المهمة في طريق الإصلاح الديني.
    *نحن بحاجة لإنتاج معرفة واقعية بواقعنا، في سبيل التكريس للبديل الديموقراطي الواقعي، لهذه الدولة القائمة، التي أسست للعنف والتفرقة والتمييز العنصري والتحريض الطائفي والعرقي والديني.. فمن المؤسف بعد كل هذه السنوات التي مرّت على الإستقلال، أن لا تزال نقاشاتنا تدور حول ثقافة الفتنه. التي فرضها علينا المؤتمر الوطني والشعبي والطائفية فرضا.
    نحن بحاجة إلى بلورة موقف حقيقي, فمفاهيم مثل المساواة عموما، ومساواة المرأة بالرجل خصوصا، وحقوق الإنسان، والمواطنة وحقوق القوميات الأصيلة، وخصوصية الدول والمجتمعات وقضية الديمقراطية, الخ ..
    كل هذه الأمور بما في ذلك مفهوم الدولة نفسها هي مفاهيم ليبرالية.. فالإسلام ليس فيه مفهوم دوله بهذا الاسم (دولة).. هذه المفاهيم كلها مفاهيم ليبرالية وليست إسلامية. وهى مفاهيم عصريه لم تنتجها الثقافة الاسلامية التقليدية، بل تمخضت عن العلمانية.
    وإذا كانت القوى العلمانية ممثله في اليسار القومي والأممي، والقوى الديموقراطية والليبرالية ، قد خفت صوتها كما اشرنا من قبل، بسبب فشلها في الإصلاح الحزبي، بسبب وإشكالاتها الداخلية العويصة. و ما تعرضت له من اختراقات الحركة الإسلاموية، وقمع جهاز سلطتها العنيف والدموي، وحياتها الطويلة "تحت الأرض"! والصراعات البينية والشقوق والانقسامات، التي اعترتها تحت شعارات التحريف والتصحيح! وتسبب ذلك في أن لايسمع الناس، سوى نداء الحركة الإسلاموية.
    فبالمقابل إستمرت هذه الأخيرة، في استغلال الإسلام كوسيلة للسيطرة الإجتماعية، للحفاظ على "المصالح المرسلة" للجماعة الإسلامية المزعومة, وبالتالي وضعهم القائم ضد التغيير الإجتماعي، وحركات المعارضة الجديدة، مؤكدة على شكل الإسلام، دون مضمونه. وعلى حدوده دون حقوق الناس. فالحركة الإسلاموية التي سيرت "صيف العبور" و"بدر" و"الميل 40" والدبابين والسائحين, إلخ.. ادعت الدفاع عن حقوق الله، ورفضت الدفاع عن حقوق الإنسان. وكأن الله ليس غنيا عن العالمين! وكأن الدفاع عن حقوق الله يتناقض مع الدفاع عن حقوق الإنسان! الذي كرمه الله بالعقل.
    الله ليس بحاجة لأن تدافع عنه الحركة الإسلاموية في السودان, متخذة من الدين غاية في ذاته، وليس وسيلة لتحقيق مصالح اسودانيين وليس المصالح المرسلة لجماعتها وبطانتها!
    بدأت حركه الترابي بتطبيق حرفي للنصوص على عهد نميرى، فقطت ما قطعت من أيدى وأرجل. وجلدت من جلدت. وفتحت الباب واسعا للتيارات الظلامية، التي كادت أن تتسبب في كوارث قومية (إحراق كنيسة الثورة)، في العهد الديمقراطي الأخير.. أحداث مسجد الحارة الأولى ومسجد الجرافة, وإغتيال الفنانين, وبن لادن الذي جاب السودان شرقا وغربا، بل وحمل جواز سفره، إلخ..
    وفى كل ذلك كانت الحركة الإسلاموية وحلفائها الظلاميين، لايراعون ظروف العصر وخصوصيات السودان المتنوع والمتباين، ومقاصد الشريعة وحاجات الناس. كأن "الواقع" لم يكن أساس "نشأة النص" كما هو معروف في "أسباب النزول".
    لااظن أن أحدا من علماء المسلمين، عبر تاريخهم المديد؛ منذ كانوا "مجرد فكرة في خاطر قريش" إلى أن آلت دولة الخلافة على عهد العثمانيين، إلى ما آلت إليه، سبق حسن البنا، في القول أن "الإسلام دين ودولة".. "مصحف وسيف!" وإن لم يسبقه أحد، فذلك لأن مقولته ليست بديهية، إذ كيف نقول أن الإسلام دين ودولة، مع أن كلمه دولة لم ترد في القرآن الكريم؟ إذن كيف نسمى الدين لا الدولة بما لم يسمى به نفسه؟ وبغير ما سمى به نفسه (الدين عند الله الإسلام 190 ال عمران //-اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا-3/المائدة) فالقول بالإسلام دين ودولة، لهو قول يتجاهل التاريخ، و التاريخ بالضبط هو التاريخ، ونحن نتحدث عن إسلام الدين، لا عن إسلام التاريخ، الذي ككل ماهو تاريخي.. من صنع بشرى، وقابل للتجاوز. وليس له ما لإسلام الدين من قوة إلزام.
    * لماذا حرصت عدة قوى جديدة، في مرحلة ارتفاع الصوت الإسلاموى (89-حتى الآن) على رفع شعار العلمانية؟..
    رفعته ردا على محاولة الحركة الإسلاموية, الضرب على وتر التفرقة الدينية. وتطويرا لحساسيات المذهبية، إلى مسألة أثنية طائفية تؤثنن الواقع والسياسة، لتبرير وجود الحركة الإسلاموية, فدولة الخلافة التي لطالما طمحت إليها الحركة الإسلاموية (ببيعتها لنميرى ثم البشير ).. عندما نشأت في أوائل الإسلام كان أساسها أن المفكرين، كانوا سياسيين وقادة جيوش في آن واحد. كما كان الشعب كله جندا واحدا، وهذا العهد لم يطل إلا قليلا (عهد النبي والخلفاء الراشدين).. جاء بعده عهد دولة السياسة، التي أساسها تقسيم العمل (كما أحب الرفيق ماركس التعبير).. أصبح السياسي وقائد الجيوش في جهة، والمفكر والشعب في جهة أخرى. بمعنى أن دوله الخلافة، كانت أحادية ودولة السياسة كانت تعددية..
    ما يهمنا هنا بالتحديد، أن أفكار مثل التي اشرنا إليها سابقا. مساواة المرأة. المواطنة. الدولة. حقوق الإنسان والديمقراطية، الخ هي تعبير عن مواضيع فكرية عالمية، تهم السوادنين جميعهم. بمختلف عقائدهم، بالقدر ذاته الذي تهم فيه العالم.. على الرغم من مقوله (التركي ولا المتورك) التي هي خير تعبير عن حاله الحركة الإسلاموية في السودان, هذه الحركة التي اتضح أنها أحرص على العروبة والإسلام من قحطانين وعدنانيين العرب (أهل الرأس والجتة)..

    هوامش:
                  

01-26-2013, 07:03 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    هوامش:
    (1) صاحب الربيعي. الصراع بين السياسي والمثقف: قيم أم مصالح. مجلة الديموقراطية. العدد 18 القاهرة 2005 ص: 43
    (2) أنظر: مقالات متسلسلة (1 – 6) : أحمد ضحية. صحيفة الصحافي الدولي 2002-2003. سؤال الهوية في فكر النهضة السودانية.
    (3) (3) دكتور سيار الجميل. الإنتلجنسيا العربية. رؤية معرفية في بنية الأجيال. مجلة الديمقراطية. العدد 18.القاهرة 2005. ص: 17
    (4) دكتور سيار الجميل. مرجع سابق. ص: 17.
    (5) دكتور حيدر إبراهيم علي. المثقفون: المفهوم والتكوين في السودان. مركز الدراسات السودانية. القاهرة 2001 ص: 10
    (6) تيري إينغلتون. أوهام ما بعد الحداثة. ترجمة ثائر ديب. دار الحوار اللاذقية. الطبعة الأولى2001. ص:173
    (7) أنظر: دكتور سيار الجميل. المجايلة التاريخية في فلسفة التكوين التاريخي. نظرية رؤيوية في المعرفة العربية الإسلامية. طبعة أولى بيروت – عمان الأهلية للنشر 1999.
    (8) دكتور سيار الجميل. مرجع سابق. ص: 43
    (9) نفسه. ص: 50
    (10) نفسه. ص: 57
    (11) نفسه. ص: 62
    (12) نفسه . ص : 66
    (13) نفسه ص:25-34-37
    (14) أنظر: د حسن حنفي – د محمد عابد الجابري – حوار المشرق والمغرب – رؤية للنشر – القاهرة 2005
    (15) أنظر: تيري إنغيلتون. مرجع سابق.
    (16) أنظر: دكتور حسن حنفي- دكتور محمد عابد الجابري: مرجع سابق.
    * أنظر: أحمد ضحية. (العجكو, مرة أخرى.. قراءة في البناء النّصي والرؤية): http://www.sudaress.com/sudantoday/5676
    .... .... .... .... .... .... .... ....
    أحمد ضحية
    2005-2013
                  

01-27-2013, 06:05 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    بداية التحية لكل الرفاق بالحزب الليبرالي..



    الفجر الجديد, مؤتمر الحزب الليبرالي, وقصص أخرى..
    أحمد ضحية
    *تحت شعار (الكتلة التاريخية وفدرالية القوى الجديدة: طريقنا لحل الأزمة السودانية) عقد الحزب الليبرالي الصديق مؤتمره الثاني: "فوق العادي"..إذ جاء إنعقاد المؤتمر, في ظل ظروف داخلية إستثنائية, وظروف إقليمية ودولية أكثر إستثنائية. وهي "الظروف غير العادية" نفسها, التي ظل (العالم) يعيشها. منذ تم التعرف عليه خلال "الأساطير اليونانية" والقصص التي حملتها لنا, الديانات المختلفة عن أزمتنا مع العالم ,وأزمة العالم معنا.

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-27-2013, 08:55 AM)
    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 04:52 AM)

                  

01-27-2013, 06:18 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *ما يجعل مسيرة الحزب الليبرالي والقوى الديموقراطية الجديدة عموما, أشبه بالمسيرة الأزلية اللانهائية, لجلجامش. بحثا عن قيم الحق والخير والعدل والجمال, في عالم ظل منذ نشأته وتحدد بنيته, يتكون في التشظي والتلظي, فيصدع إنسانه .. إنسانه..سواء بالتجويع أو الحروب والقمع أو الأوبئة المفتعلة, وربما كوارث الطبيعة. ويبقى (العالم)هو كما هو معتمدا على زرائعه الخاصة التي تمنحها قوانينه المستقلة, كمعادلات قوى الطبيعة والتسونامي النفسي الذي يعقبها.

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-27-2013, 08:45 AM)
    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 04:55 AM)
    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 04:55 AM)

                  

01-27-2013, 06:22 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *للحزب الليبرالي منا التحية والتهنئة والأرق المشترك, للمسيرة الواحدة والمصير الواحد لكل البلاد الكبيرة. إذ لا زلنا بعد متوحدين وجدانيا ونفسيا وجغرافيا.. بل ومتوحدين مع كل أجزاء جغرافيا بلادنا, بعلاقة الدم,وأسئلة الآوان. لإنهاء ليالي العذابات الطويلة, لشعوب بلادنا الكبيرة, العابرة للجغرافيا نفسها.

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 01-27-2013, 09:01 AM)
    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 04:56 AM)

                  

01-27-2013, 09:07 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    * لذلك نعتقد أن إنعقاد مؤتمر الحزب الليبرالي, هو إنعقاد لمؤتمرات كل القوى الديموقراطية الجديدة, في مسيرتها الطويلة, لتحقيق خير بلادنا, على أساس القيم الإنسانية والحقوق الكونية. خصوصا أن المؤتمر يجيء بدافع قوي هو: (توحيد الكتلة التاريخية والقوى الجديدة), في سياق التعضيد والإسهام غير المباشر, الذي يسعى, للحفاظ على وحدة البلاد, و لتعديل الصورة المقلوبة في (الفجر الجديد).

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 04:57 AM)

                  

02-15-2013, 03:34 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *ماهي الظروف "غير العادية" و "الإستثنائية" لبلادنا وللإقليم و العالم: في الداخل السوداني نرى: أن الحروب في الأطراف لا زالت مشتعلة, بل وتشتد قسوة.. ولازالت الأجهزة الأمنية "لنظام الخرطوم" تمارس عنفها الوحشي بالحرق والتعذيب والإعتقال, وكل ممارسات العنف ضد النساء والطلاب والمواطنين عموما.

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 05:00 AM)
    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2013, 05:00 AM)

                  

02-15-2013, 05:04 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    * بل ولا زالت تستخدم بعض من تسميهم (كتاب رأي عام وأعمدة), في التبرير لهذه الممارسات, لصرف النظر عن الفرس (ذات نفسه) والتركيز على مربطه, في سجالات أيهما أسبق (البيضة أم الدجاجة) بإحالة شعبنا حول (معضلة الكودة أو الحزب السلفي) بالتأكيد على توقيعه على "وثيقة الفجر الجديد" و(ضدها) في الوقت نفسه؟!
                  

02-15-2013, 05:30 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    * وتمضي أطراف أخرى من "الجبهة الثورية" للرد على هذه الترهات عسكريا ومدنيا, في سياق (القرآن حمال أوجه) و (البقلة والإبريق) إذ تصعد من عملياتها العسكرية, وفي الوقت نفسه تجعل من نفسها "صدى" ل "الفعل" الذي تمارسه أجهزة النظام الدعائية والإعلامية, بالتبرير والزرائع لمواقف القوى القديمة؟
                  

02-15-2013, 06:07 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *على المستوى الإقليمي والدولي: تعقد قوى الإسلام السياسي بالقاهرة, مؤتمرها منذ أواخر يناير الماضي: "قمة منظمة التعاون الإسلامي" لمناقشة ظاهرة ما أسمته (الإسلاموفوبيا) بعد أن أشارت إستطلاعات الرأي, في دول الربيع العربي. لمدى الإحباط الذي تعيشه هذه الشعوب الآن. بسبب إتيانها بالإسلامويين إلى دست السلطة, وسعيها الآن ل"خلع" الأنظمة الإسلاموية, على طريقة (أخلع عليا كما أخلع خاتمي هذا وأثبت معاوية كما أثبت خاتمي هذا)؟ وعلى هذا الأساس يتم حصار الإسلامويون في ليبيا ومصر وتونس, ويستمر القتال في سوريا, ويتصعد إعلاميا أكثر, خصوصا بعد أن خفت صوت أزمة الإسلامويين, في مالي والجزائر, وتسرب الإسلامويون, الذين لا يزالون يعتقدون في الممالك الإسلامية لغرب أفريقيا, بإتجاه دارفور
                  

02-15-2013, 02:26 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *فتدخل إيران على الخط , لتعطي زخما إعلاميا إستثنائيا لمهرجانات (رسول الشمس- أفتاب) في مشارق الأرض ومغاربها, متزامنا مع تحقيق معادلة قديمة – جديدة لملء الفراغ السياسي الراهن في المنطقة, بالسعي لضم السودان ومصر إلى محورها الشرير.
                  

02-15-2013, 08:35 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    * في الوقت نفسه تسعى كوريا الشمالية لإثبات وجودها النووي, وتصدر إيران أسلحة ومتفجرات إلى القوى الإسلاموية المعادية لإستقرار الجزيرة العربية والخليج, فيحتدم الجدل في البيت الأبيض الأميركي حول الميزانية بين الجمهوريين والديموقراطيين, في ظل المواجهات العسكريةالجوية والبرية المتوقعة, بين أميركا وآسيا على نحو واسع
                  

02-16-2013, 02:00 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    *يجيء إذن إنعقاد مؤتمر الحزب الليبرالي الآن, كخطوة متقدمة للقوى الجديدة الديموقراطية عموما, لمحاولة الإجابة عن أسئلة الداخل السوداني. في ظل ركام عالمي يهدد وجود الكيان السوداني نفسه, بإفرازاته وآثاره الجانبية. فشكرا لكل الرفاق والأصدقاء الذين إئتمروا منشغلين بهموم البلاد الكبيرة.
                  

02-16-2013, 04:50 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    .
                  

02-17-2013, 02:59 AM

Elmoiz Abunura
<aElmoiz Abunura
تاريخ التسجيل: 04-30-2005
مجموع المشاركات: 6008

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    مساهمة الاستاذ احمد ضحيه مساهمه عميقه وعقلانيه تخرج وثيقة الفجر الجديد

    من التعامل معها بشكل الهتافات والتصفيق ومسرحيات انضمام كل الحانقين والمعارضين للحركة الاسلاميه/ المؤتمر الوطنى بما فيهم من سلفيين مثل الكوده وفى نفس الوقت لم يتعامل احمد ضحيه مع الوثيقه بشكل الرفض المطلق
                  

02-17-2013, 03:24 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: Elmoiz Abunura)

    Quote: مساهمة الاستاذ احمد ضحيه مساهمه عميقه وعقلانيه تخرج وثيقة الفجر الجديد

    من التعامل معها بشكل الهتافات والتصفيق ومسرحيات انضمام كل الحانقين والمعارضين للحركة الاسلاميه/ المؤتمر الوطنى بما فيهم من سلفيين مثل الكوده وفى نفس الوقت لم يتعامل احمد ضحيه مع الوثيقه بشكل الرفض المطلق


    تحياتي دكتور المعز وسلامات
    وشكرا ليك على المرور
    من المفارقات أن قوى الفجر الجديد بينما حرصت على ضم الطائفيين والسلفيين للتوقيع على الوثيقة تجاهلت أطراف مهمة من القوى الديموقراطية والعلمانية .. في الوقت نفسه يحتفي ميثاق الفجر بالديموقراطية والعلمانية يعني "غ########ة"!
                  

02-18-2013, 08:00 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    .
                  

03-25-2013, 04:36 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    >
                  

03-27-2013, 01:57 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تذكر سيدي الجنرال.. تذكر مولانا وسيدي الإمام.. أن الشعوب سيدة مصائ (Re: احمد ضحية)

    .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de