|
|
إعترافات: ذكرياتي في الإتحاد الإشتراكي
|
ثم تبدلت الظروف و بدأت (الثورة ) تتنازل رويدا رويدا، و ينحسر مد هاا في النفوس و ينخفض مجدها و رصيد سياسيها و قادتها لدينا و لدى الجماهير. ثم يتواصل مسلسل التنازل عن الشعارات و ألأحلام،و هي تسالم تارة و تفاوض تارة أخرى،و يتواصل معدل الانحدار. ثم انتبهنا و نحن قد صرنا شباباً قد أكتمل نمونا و نضجت أفكارنا، فاستيقظنا بعد أن انقضى الحلم،و بعد أن عاد الوعي .حيث أصبح عمالقة الأمس في نظرنا أقزاما، و صار ثوار الأمس لدينا خونة و بائعين للقضية.فخرجنا مع من خرج، على ما كنا نعتبرها(ثورة) وثرنا مع من ثار على (الثورة) التي حملنا يوما حلما و هي جنين فتم إجهاض الحلم.و هكذا توالت الأحداث في خطها الطبيعي المتوقع. من ناحيتي حانت لحظة قررت فيها مفارقة ما كنت أرى فيها الحلم و الثورة و التطلعات الثورية. و قد اتخذت ذلك القرار مكرها في بداية الأمر ثم أخيرا أصبحت مستريحا لذلك القرار. إذ رأيت فيه الوضع المنطقي لموقف لصبي نما فكره و ترقى في مراقي الفهم السياسي العام ،و رأيت فيه وضعا طبيعيا لموقف ضد (ثورة) لم تلتزم بما خلبت ألبابنا به من أحلام و تطلعات .فندمت ليس على مناصرتي لها فقط بل حتى على دعوة بعض الزملاء من طلاب الجامعة الذين عملت على إقناعهم بالدخول في الإتحاد الاشتراكي و منهم من سار مسافة طويلة مع ثورة مايو فأوردني ذلك و ما زال موارد الندم. وهكذا انتهت حقبة و لم تنتهي الحياة.و ذهبت مايو و لكن رحم السياسة ولود.و أتى غيرها و سيأتي آخرون.و يذهب الزبد جفاء و يبقى ما ينفع الناس. و يستفيد من يفهم الدروس و يستوعب العبر و من يرعى تطلعات الجماهير و يستجيب لتطلعاتهم و أحلامهم. الآن انقض على ذهاب مايو أكثر من عقدين من الزمان. و مات بعض من شاركوا فيها و لا زال بعضهم هم أحياء يرزقون و الحياة دروس و عبر.فلماذا لا يستنط الأحياء منهم؟و لماذا لا يكتبون عن أسرار تلك الأيام؟ لعل الشعب يستفيد و لعله يغفر و لعلهم يكفرون عن سيئات ارتكبوها أو ينبهوا لمزالق قد تقع البلاد فيها. خلاصة الأمر إن تلك التجربة لم تكن شرا كلها كما لم تكن كلها خيرا كذلك. إذ عرفت خلالها نفر كريم و شباب أصفياء و مخلصين و (ثوريين) بحق. أما عن الجانب الشخصي فقد تعلمت درساً بليغا لن أتنازل عنه و فحوى هذا الدرس هو: أن الحرية و الديموقراطية هي الضمانة الوحيدة للتنمية و التقدم و كرامة الإنسان.و أن النظام البرلماني و حرية القضاء هي أساس الديموقراطية و نزاهة الحكم .و أن النظام الرئاسي هو حصان طروادة لجور الحاكم و لفساد الحكم .و أن البرلمان الحر النزيه هو الرقيب الحقيقي للشفافية و المحاسبة.
|
|
 
|
|
|
|