|
اعترافات : ذكرياتي في الاتحاد الاشتراكي- الدروس و العبر
|
ما فائدة التنظيمات السياسية إن لم تكن لخدمة الإنسان و تكريمه و رفعته ؟ و ما فائدة العمل السياسي،إذا كان القادة السياسيون يدوسون على أحلام شعوبهم؟ و ما فائدة الشعارات و الأهداف التي ترفعها الثورة بعد أن يتنكر لها قادتها و أقرب خلصاؤه و يمدون لها اللسان ؟ و لماذا تهتف القطاعات الشعبية العريضة لقائد ما؟ و هم الذين ما أن يتمكنون حتى يرتكبون الحماقات باسمه.انظر إلى معظم الثورات فلن تجد كثير اختلاف عن هذا النموذج . و ...كانت(ثورة ) مايو كذلك مثلها مثل تلك الثورات. هذ مقدمة للحديث عما كان يسمى(ثورة مايو).فقد ظهرت (ثورة مايو) في زمن عبقري استدعى ظهورها. فقد كانت دعاوى الاشتراكية في أوج عنفوانها، و كانت اللعنات ضد الرجعية و أذناب الرأسمالية في قمة اشتعالها و كان الزخم الثوري الاشتراكي يعتمل في صدور الشباب الناشئ كأشد ما يكون. و في الناحية الأخرى كان (ثوار مايو) يخططون في الخفاء كأفضل ما يكون التخطيط لقيام ثورة.و جاءت مايو استجابة حقيقية لاحتياجات قطاعات واسعة من الطبقات المستنيرة و القطاعات الراغبة في التغيير، خاصة و أن الشعب قد ملّ أداء الحكومات الحزبية و تناحرها كما كانت عادتها دائماً.و لم تحس بتململ قطاعات كبيرة من الشباب كانت مايو صدى َ حقيقي لمثقفين و عسكر و طلاب و زراع يحلمون بغد أبهى طلعةَ و أنضر مطلعاَ و أكثر إشراقاً. و زاد في تكون الحلم و تيقظ الحواس و وتيرة التهيؤ لدى الطليعة أن صوت المذياع (الذي كان يبث من الجارة الشمالية) لم يتوقف يوما عن بث الروح في الحلم الوليد إلى أن أكتمل نموه و موجات الأثير من مذياع صوت العرب يردد الخطب النارية المشتعلة التي تدعو للاشتراكية و الوحدة العربية و التقدم، و تلعن الرجعية و أذناب الاستعمار داعماً تلك الدعاوى بخطب القائد الثائر قائد الأمة العربية جمال عبد الناصر.و تتزين الصحف بقامته الفارعة ووجه الأبلج و مكللة بشعارات الثورة العربية و الاشتراكية و خطبه العصماءو هو يأخذ ألباب الجماهير بصوته ذاك الرنان، و ببلاغة تعبيراته العالية فزاد شغفها بدعاوى و نداءات و شعارات جذابة و براقة و ذات إغراء.و لم تكن الطبقة الوسطى وة المثقفة و لا الطليعة العسكرية في مأمن يعصمها من التيارات القوية القادمة من الشمال.
|
|
|
|
|
|