الحاجة الماسة إلى سرير آمن

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 12:30 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-29-2012, 10:49 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحاجة الماسة إلى سرير آمن

    .
                  

12-29-2012, 02:51 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    "لا تردد، لا تراجع، لا استسلام"، قلت بصوت مسموع، أخاطب ذاتي متأثَّرا بالقاموس السياسيّ لخطيب مفوّه على منابرِ معارضة تلك الأيام، بينما أُغلق باب غرفة السطح المؤجرة بجلبة، كما لو أنني حسمتُ أمري أخيرا لمواجهة قدر لا فكاك منه ولا مهرب.
                  

12-29-2012, 03:12 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    هكذا، على غير العادة، مدفوعا بالقوة السحريّة نفسها، هبطت درجات السلم خفيفا، مطهما بالأمل، وممتلئا حدَّ التُّخمة بالرغبة فيها. ما إن وطئت قدماي أرض الشارع، حتى أخذ يتناهى من بقالة تقع قبالة باب البناية مباشرة، صوت المقريء الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، تاليا (يا للغرابة)؛ تلك الآيات البيِّنات نفسها من سورة سيدنا يوسف عليه أفضل الصلاة والسلام "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ". "استغفر الله العظيم"، قلت في نفسي، مغالبا سقوط دمعة مباغتة، وقد عنّ لي أن أعود أدراجي تائبا، وأنسى تماما ما انتويت فعله معها، إلى أن يحكم الله في أمرنا، لو لا أن وساوس الشيطان تمكنت مني!.
                  

12-29-2012, 03:46 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    خلال العامين الأخيرين، كانت الطريق إلى الكازينو لملاقاة وداد تبدو بعيدة، على غير المعتاد. وقد شرعتُ في أثناء هذا العام الذي كاد أن ينتصف أحسب لملء المسافة التي تفصلني عنها يوميا عدد الأكواب التي تناولناها معا داخل ذلك الكازينو لمدى سبع سنوات. وهذا كثير، إذ لم يكن لدي ما أفعله في العادة سوى مجالستها طوال ما بعد منتصف ساعات النهار. أنا اللاجيء السياسي. حسنا، إذا تناول كل منّا خلال العام الواحد نحو ثلاثمائة وخمسين كوبا. يكون عدد تلك الأكواب مجتمعة قد اقترب من أربعة آلاف وثلاثمائة كوبا من عصائر وقهوة. كانت حبيبتي وداد لا تني تضحك من تلك الحسابات الأكثر غرابة في العالم مؤكدة بصوتها المشبع حنانا وعطفا أننا لو قمنا بتوفير ما أنفقناه "حبيبي يوسف" داخل فضاء الحبّ المسمّى "كازينو" لتوافر لنا المال اللازم لإقامة مشروع تجاري صغير. "اللهم أغفر لنا إسرافنا في أمرنا"، أخذت أردد بأسى، مواصلا بذلك رأب الصدع الذي أحدثته في نفسي تلك الآيات من سورة يوسف، بينما أغادر آخر مساكن حيّ إمبابة الفقير، وقد بدا لي أخيرا - وأنا أراها تنتظر قرب باب الكازينو وحيدة تنظر إلى صفحة الأرض كمن أنفق الليلة يفكر في القيام بخطوة يعلم جيّدا أن العالم لن يعود بعدها هو العالم- كما لو أن ذلك الصدع لم يحدث.
                  

12-29-2012, 04:12 PM

دينا خالد
<aدينا خالد
تاريخ التسجيل: 06-26-2006
مجموع المشاركات: 8736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    Quote: كانت الطريق إلى الكازينو لملاقاة وداد تبدو بعيدة [ /QUOTE]
    واسعة شوية
    صعبتها شديد ......
    خليك مهنى ياخ ! لوووووووووووب.











    ــــــــــــــــــــــــــــ
    هسه متجرسة قالت ما بتقدر تتحبس مرتين !!
                      

12-29-2012, 05:01 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: دينا خالد)

    قص يُكتبُ بماء الورد ...
    شكراً أستاذ " البرنس "
    ونتابع






    *
                  

12-29-2012, 06:17 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22493

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبدالله الشقليني)

    تحياتي يا برنس

    متابعة
                  

12-29-2012, 08:43 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: ابو جهينة)

    كان الناس ينحدرون قادمين على فترات هابطين تلك العتبات الحجرية القليلة لمدخل "كازينو النهر". كل وجه مغلق على أسراره. "لا تراجع؟"، قلت مختبرا تماسك عالمها الداخلي، مخترقا جدار الصمت الكثيف القائم منذ وصولنا، مؤكدا لها هذه المرة على جدية رهاننا ذاك، واستقر نظري على مجرى نهديها الضيق العميق برهة. كان مضى وقت مثقل بصمت القبور في أعقاب نهايات آذان الظهر الذي أخذ يتناهى من غير مكان في الجوار. وكنت أنتظر جوابها والرعدة تسري لا تزال في كياني كله. قالت تكتم ضحكة أحارني تفسيرها "فليكن، حبيبي يوسف". كالمتشكك، يرى الشمس ولا يراها، سألتها بذلك الصوت المتهدج "حقا". لم تجب. فقط، ندتْ عنها تنهيدة. تمطَّتْ في مقعدها. بدأتْ تبحلق بعينين زائغتين مشبعتين بوميض الرغبة في صفحة زرقاء خالية من كتاب السماء. ومرت دقائق أخرى أخذ موضوعي يتحرك خلالها أسفل المائدة سعيدا بالخفاء والصمت. كما لو أنه على وشك أن يعثر من بعد مشقة على الطريق إلى ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولا خطر من قبل على قلب بشر. أخيرا، سرى صوتها راعشا حييّا معيدا السكينة الهشة إلى أقصى أقاليم نفسي البعيدة النائية، قائلا "كذلك، أنا نفسي، ما عدت أحتمل، حبيبي يوسف". ساد الصمت مجددا وأطبق. كنا، أنا وهي، أول الوافدين من بين تلك الوجوه المداومة حضورا إلى المكان. فور دخولنا، جلسنا إلى منضدتنا المعتادة أسفل شجرة الكافور الوحيدة في أقصى ركن داخلي من الكازينو نترقب حدوث إشارة القدر، بين ثانية وثانية. كانت الأشياء في حضورها المعتاد تبدو غير الأشياء. وكنّا ندرك أنا وهي بالوضوح الحزين نفسه لماذا تبدو الأشياء "في... هذا اليوم" غير الأشياء؟!.
                  

12-29-2012, 09:54 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    عند منتصف الظهيرة، أقبلت أسرة صغيرة، في ما يشبه الصخب المرح، شاقة طريقها إلى "ركن العائلات" على الطرف الآخر من الكازينو، حيث توجد هناك بعض اللُعب المتاحة للصغار. كنا نرغب حضورهم الضاج في صمت مشوب بالشوق. وقد شرعت الأسرة فور أن استقر بها المقام تأكل أشياء تم استخراجها كيفما اتفق من داخل أكياس بلاستيكية زرقاء. لم يمضِ الكثير، حتى أخذت وداد تغمغم "الأطفال أحباب الله" بذات النبرة الخافتة الأسيانة والحانية لأنثى مكثت تنتظر شروق أمومتها على مدار التوق لسنوات عجاف. إذ ذاك، انتزعتُ بصري من مهوى نظرتها. وأخذت أتشاغل بمتابعة موضوع الرهان منصبا بكلياتي على مدخل الكازينو المشرع. وقد خشيتُ حد الرعب من عودة ذلك الخصام الذي سببه آنذاك ذكر الأطفال لا سيما في مثل "هذا اليوم الحاسم". وقتها، داستْ "حبيبتي وداد"، لحظة أن خانها التعبير تماما، على أقدس قدس مشاعري، بينما تُعقب على رغبتي تلك في اطلاق اسم أبي على ابننا القادم من رحم المستقبل، قائلة "يعقوب!!!، بصراحة شديدة، حبيبي يوسف، اسم أبيك هذا غير محترم!!!". ولو كنت أمتلك لحظتها يمين الطلاق لما ترددت في هجرانها مرة وإلى الأبد.
                  

12-29-2012, 11:01 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    كانت المشروبات داخل ذلك الكازينو في متناول كل يد وفم تقريبا، لا ترهق الجيب أبدا، ولا أحد يزعجك من بين أولئك العاملين بالبقاء لوقت محدد، حتى إذا لم تقم أنت بطلب كوب لاحق أوآخر، شأن تلك المقاهي في وسط القاهرة. ولا يوجد في العادة لدهشتي رواد كثيرون، كما لو أن شائعة سرت أن الكازينو يضج بقبيلة خفيّة من الجن. "إن بعد الظن إثم"، كانت وداد تعقّب يومها على عبارتي "هذا مكان صالح لغسيل الأموال". والأهم من هذا وذاك، لا وجود لأي أثر يدل طوال تلك السنوات السبع على مرور أحد أولئك المنفيين الآخرين على مقاعد "كازينو النهر". لقد بدا لنا ذلك كعاشقين متكتمين من الأمور الحسنة. أن تظلّ تمارس نظراتِ الغرام في مكان آمن لا يعلم فيه أحد عن تاريخك الشخصي شيئا. فجأة، قالت حبيبتي وداد توجه الكلام لي متسائلة "ألا تشتهي ولدا، أوبنتا". قلت مبتسما "بلى، حبيبتي". ابتسمتْ وداد بدورها، وتنهدتْ، بينما اتسعتْ عيناي وأنا أسمعها هذه المرة بأذنيّ هاتين تقول بفمها نفسه على حين غرة "لا بأس إذن على اسم يعقوب، حبيبي"!.
    مبكرا هذا الصباح، هاتفتها "الأمر رهن اليوم (حبيبتي وداد) بمن سيحضر منهما، إلى الكازينو، أولا، البدين، أم النحيل"؟. كنت لا أزال أتفاءل بوجود بعض الناس لمجرد ما يوحي به مظهرهم الخارجي، ويثير من مشاعر قبول في نفسي، بينما أتشاءم بوجود البعض الآخر، ولدهشتي وافقتني حبيبتي وداد، طواعية، دونَ أن تنعتني هذه المرة في ما يشبه العتاب، قائلة "حبيبي المسكون بالخرافة". كانت المشكلات الصغيرة المتفاقمة عاما من بعد عام، قد أخذت تسمم مجرى علاقتنا، وتتكاثف مثل دخان أسود داخل فضاء الجذب القائم بيني وبينها، حتى غدا في الأخير وجودنا معا نفسه أمرا لا محتملا في كثير من الأحيان من دونها. هكذا، لم تنفك حبيبتي وداد تردد تلك العبارات السمجة كإنذار بالفراق "متى تتقدم لخطبتي رسميّا، يا يوسف"؟. كنت أجيبها في العادة والأسى ملء نبراتي بعبارة شعرية لأمل دنقل "كيف تنظر في عينيّ امرأة أنت تعلم أنّك لن تستطيع حمايتها"؟!. تغيب بعدها حبيبتي وداد مغاضبة لشهر أويقل ولا أسأل عنها. لكنها كانت تعود في كل مرة من تلقاء نفسها قائلة "لك قلب الحجر، حبيبي يوسف". وتضحك (كما لو أن شيئا لم يكن) إلى أن توشك دموعها على التساقط. كانت وداد خليطا. أمّها مصريّة. والدها سوداني واصلَ العيش كغريب في نواحي الجبل الأصفر منذ أيام الملك فاروق. لم يعد يعمل منذ أمد بعيد قبل وفاته في سلاح الهجانة. تقول وداد أنها لم تره يضحك منذ أن تفتحت عينا وعيها على الحياة وإلى أن مات قبيل لقائي بها. و... تقول مستنكرة "عسكري"؟!.
                  

12-30-2012, 00:34 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    الأخت دينا خالد:

    بالتأكيد ليست وداد تلك، وليست وداد نورالجيلاني، لكنها وداد.

    أخي الشقليني:

    مجرد محاولة أخرى.

    أبا جهينة:

    حيّاكم الله، أنت والشقليني ودينا.
                  

12-30-2012, 11:20 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    كأمثالها في مصر، ظلّ الأفق مسدودا أمامها. وليس ثمة من مخرج يلبي أفراحها الصغيرة، إلا بحدوث معجزة، كهبوطي الاضطراري ذات يوم على مدرج حياتها. كنت أسمعها تردد بين الحين والآخر قائلة "لو أن أبي وافق فقط يوم كان ممكنا أن يتجنس بالجنسية المصرية". كان أعقب ظهور تلك الأسرة، ظهورٌ آخر لعاشقين غريبين على الكازينو. كانا يتلفتان في جزع، كما لو أنهما على وشك مواجهة إحدى المشكلات الكبرى في الحياة، مثل شراء "مستلزمات عشّ الزوجية". بالنسبة لنا، أنا وحبيبتي وداد، لم يكن حتى ذلك العشّ موجودا هناك. وكنّا قد رأيناهما معا، وهما يعبراننا في صمت، ويجلسان على بعد خطوات قليلة إلى نفس المنضدة، التي ظللنا نرى الرجل البدين يجلس إليها على الدوام. لم يكن يستبدلها على مدار حضوره اليومي. وقد منحه حضوره المنتظم و سخاءُ يده ذلك النفوذ المتنامي بين العاملين داخل الكازينو. وهذا ما حدث كما توقعنا حدوثه بالفعل. أقبل نحوهما نادل بوجه مجدور. انحنى هامسا. بدا أنهما لم يفعلا شيئا حيال همسه سوى الابتسام. وقد انتقلا مكرهين إلى منضدة أخرى مواجهة لمدخل الكازينو. قلت لوداد معلقا على مجلسهما الجديد "لا أحد يحبّ الاستقرار على مفترق طرق القادمين". بنبرة مستفزة "يبدو أنهما يخططان لتفاصيل الزواج، حبيبي يوسف"!. أسررتُ مشاعر الغضب. كنت لاجئا سياسيا رسميّا على تلك الأوراق القابعة في أحد أدراج مكاتب السفارة الكندية، وقد تم تحويلها من قِبل مكتب الأمم المتحدة، إلى حين هدوء العاصفة الناشبة في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك. أذكر أنني ظللتُ أقول لها مع تقادم العهد بيني وبينها "هيا نفعلها يا وداد طالما عهدنا في المقام الأول أمام الله". كانت تقول في البداية بذعر مَن لا حيلة له "إذا ما وصلت أنت إلى هناك هكذا بلا عقد شرعيّ، سينتهي كل شيء بيننا، ستهجرني وسأفقدك إلى الأبد، ولن تعود حبيبي مرة أخرى، يا يوسف". أخذ يحدث ذلك بعد مرور نحو ثلاث سنوات من عمر العلاقة. كان القرب اليومي يُشعل غابات الرغبة المطمورة في دواخلنا. تظلّ تشتعل في أعقاب كل لقاء. إلى أن تموت من تلقاء نفسها مفسحة المجال لحريق غابات أخرى في سلسلة تلك الحرائق الأكثر مدعاة للأسى. هكذا، تبدأ تلك المشكلات الصغيرة مجددا في الظهور. ولم يكن البُعد في ظلّ قلة الحيلة وضيق ذات اليد سوى وقود لحريق محتمل آخر يعلم كلانا جيدا أنه لا يني يقضّ مضجع الجسد ليل نهار، دون رحمة. باختصار، كان التفكير في التواصل الملموس بيني وبينها يحتلّ مساحة في دماغينا بحجم مقاطعة البنجاب في الهند. كنّا نعتاش على مدى أشهر عديدة بقبلتين أوثلاث قُبلات (بالطبع) في الخفاء. "استغفر الله العظيم"، تلك عبارتها المعتادة عند تلك البدايات؛ لا سيما لحظة أن أقول لها متسائلا في ذروة اليأس "لماذا إذن يا وداد، ولأية غاية وُضعت هذه الجمرة المشتعلة بين ساقينا". هكذا، بدأتْ جهودي في البحث عن وظيفة مستحيلة للعيش تتركز في هدم جدران وداد الداخليّة الصلبة صلابة القيم العتيقة نفسها. للمفارقة، لم أكن أضع في الحسبان في أثناء كل تلك المحاولات أن لي كذلك جدران أشد سمكا وصلابة، قد لا تبدأ في الظهور علنا، إلا بعد إنطفاء تلك الحرائق بطريق لا يسلكها الناس منذ آلاف السنوات معا، وإلا تحمَّل المسؤولية فرد واحد منهما حتى الممات: الأنثى. وكان ذلك بعض أشباح تأنيب الضمير ظلّت تراودني على نحو غامض في أعقاب كل محاولة تصدر عني لهدم حصونها تلك. ولم ينقذني منها في الأخير سوى عملي على تحميل القدر نفسه مسؤولية ما سيحدث على الطريق من مخاطر. لكنّ الزمن الرحيم نفسه أخذ ينمّي في تربة وداد الآئلة إلى صحراء بذرة أن تنهار جدرانها المنيعة في ما بدا بلا مقاومة، وقد كان أن قبلتْ أخيرا بِرهانِ البدين والنحيل.
                  

01-01-2013, 02:03 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    كل عام وأنتم بخير.
                  

01-01-2013, 04:44 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    في مستهلّ السنة الخامسة من علاقتنا، وقد تمّ قبول طلبي للجوء إلى كندا، بدأتْ حبيبتي وداد تقتنع وأخذت رأسها الصلدة تلين من طول طرق شيئا بعد شيء، لكنها تساءلت قبل أن تغير رأيها بداع من مفاجأة الدورة، قائلة "ولكن، أين نفعلها حبيبي يوسف". كان عليَّ أن أبحث طويلا بين أولئك الرفاق من المنفيين المترفين قليلا عن أحد يمكن أن يعيرني شقته ليوم واحد. كنت أبني حساباتي على أساس أن الأكثر صعوبة في مسألة تسول شقة يكون دائما شأن الأشياء الأخرى عند الخطوة الأولى. كان من المستحيل فعلها داخل شقتي الخاضعة لرقابة صاحب البقالة في البناية المقابلة ولا أعلم مَن غيره من أهل الحارة الآخرين؟!. كنت أستيقظ صباحا لأجده هناك فأعلم أنه لن يوصد أبوابه إلا في نحو الواحدة بعد منتصف الليل. ولن يمكنني العثور على شقة أخرى بمثل ذلك التدني في قيمة الإيجار الشهري مع تقلبات المنفى. بعد مرور الشهر الخامس من البحث الدؤوب، أخذ الأمر يحلّ عقده الكثيرة الشائكة عن طريق الصدفة، حين وافق أحد المنفيين المؤسرين أن يعيرني شقته أثناء تغيبه في المصيف بعد أن أقنعته أن لي بحثا عن فترة عيش المفكر إدوارد سعيد لطفولته في حيّ الزمالك المترف يتطلب معاينة ميدانية، ولم تكن الحذلقة تنقصني. لكنّ وداد أحجمت عن المضي قدما في اللحظة الحاسمة. وقد اسيقظتْ عفاريت التقاليد البالية في داخلها دفعة واحدة. أما الآخرون من بين الرفاق فقد إعتذروا معبرين عن مخاوفهم لأسباب منها "بوليس الآداب المصري"، وقد أدركوا بحذاقتهم المكتسبة من ممارسة السياسية في الخفاء أن في الأمر ولا بد امرأة ما، لكنّ أكثرهم قال لي بشيء من الخبث بمجرد أن أخبرته برغبتي الرفاقيّة في استعارة شقته ليوم واحد أنه "في الواقع والحقيقة والصراحة" لا مانع لديه يعوق عن تلبية طلبي شريطة أن يشاركني "في الغنيمة"!.
                  

01-01-2013, 11:48 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    أقبل نحونا النادل ثانية.
    وضع أمامنا عصير الليمون وفنجان "القهوة المظبوط" وانصرف لخدمة زبون آخر. كنت لا أزال أحكي لها بتلك السعادة المتوهمة نفسها كيف يمكن للقدر أن يعمل على "مساعدة عاشقين في مثل وضعنا". قالت تُصّعِبُ من حراجة الموقف المأزوم أصلا "لنفرض أن الرجل البدين حضر من قبل وصول الرجل النحيل، حبيبي يوسف". قلت بامتعاض "لن يحضر البدين، أولا، حبيبتي". هكذا، بدأ التواطوء يتنامى هذه المرة على الأقل من باب تهدئة المخاوف. إذ هزَّتْ وداد رأسها موافقة. وتلك على أية حال بدت محاولة أخرى أكثر من جيدة من جانبي لتصفية حسابات النفس الداخلية عن طريق المضي قدما في سكة تكلفة القدر نفسه بتحمل كلفة العواقب في نهاية المغامرة. فإذا جاء النحيل فستكون هي إرادة القدر. أما إذا أقبل البدين أولا فستكون هي إرادة القدر كذلك. وأخذت أدمدم، قائلا "لن يحضر البدين، أولا، حبيبتي". ضحكت وداد، قائلة بفمها المتفجِّر شهوة "أنت حبيبي لا تستسلم أبدا حتى في الخرافة"!.
                  

01-01-2013, 07:06 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    كانت وداد في نحو الثلاثين من عمرها. لكنتها المصرية دافئة وغريبة تماما عن تلك الملامح والقسمات المنحدرة إليها من جهة أبيها. كنت أقترب من الأربعين، بإعانة من مكتب الأمم المتحدة، ولا وظيفة لي، سوى تغذيتها على الدوام بترف الحياة مستقبلا في كندا. أتذكر الآن أنني ظللت أتشاءم بالبدين لسبب غامض. وكنت أعلم أثناء مراوغتي للقدر عن طريق تحميله كلفة ما سيحدث أن الرجل البدين عادة ما كان يحضر إلى الكازينو في أعقاب ظهور الرجل النحيل، وقد ظلّا على تلك الحال طوال تلك السنوات الممتدة، فكيف إذن يمكن أن يختل نظام العالم بغتة هكذا بالذات في هذا اليوم "الحاسم" ويسبق الرجل البدين الرجل النحيل في الحضور؟!. ولم تكن وداد في مثل براعتي في مراقبة المكان. أوهكذا توهمت في عماء الرغبة. سألتني غارقة في التوقعات "أنت متأكد حبيبي يوسف أن شقة صديقك هذا في حيّ المهندسين آمنة، في الغد". أفرحني سؤالها. ذلك أن تأنيب الضمير اللعين أخذ يتراجع كذلك في داخلها منذ مدة. لم يتبقَ لها الآن سوى التفكير مثلما أُفكر في الجوانب العملية. قلت بثقة "بالتأكيد، الشقة متاحة، في الغد". قالت "ولكن ماذا نفعل بعد أن يمر يوم الغد"؟. كما لو أن رجلا شبع بعد جوع. وأُخبر أن ما تناوله للتو كان وجبة مسمومة. كذلك، أحبطني سؤالها. وذلك أمر لم يخطر على بالي من قبل. لا سيما أن عذاب من تذوق غير عذاب مَن لم يتذوق. قلت في شرود حزين "بعدها سنكون قريبا في كندا". قالت "فلنكمل مسيرة الصبر إذن". أرخيتُ ذراعيّ على جانبي الفراغ المحيط بالكرسي، قائلا "لقد حسمنا الأمر هذا الصباح، أليس كذلك"؟. لم تعقب وداد. أطرقت تفكر في توتر. قلت "دعينا نستمتع باللحظة، حبيبتي".
    وساد الصمت.
                  

01-02-2013, 07:32 PM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    كانت أعيننا مسمّرة على مدخل الكازينو. عنقي أصابه تيبس طفيف. والذباب ما ينفك يطوِّف حول الأكواب الفارغة على المائدة. كان الرجل البدين أصلع قصير. يرتدي على الدوام نظارة سوداء. يلعق فمه بين ثانية وأخرى. كان يجلس في مكان تظلله شجرة توت عتيقة. ما إن يستقر به المقام، حتى يحضر له النادل، على فترات متعاقبة، ما أخذت تلاحظه وداد في تلك المرة، قائلة بتهكم "سلسلة أكواب الحلبة المغليّة، لعناية السيد البدين". قلت لها وقتها بينما أتابع النظر إلى كرش البدين المنتفخ كبطن امرأة في نهاية حمل "لعله يشكو من تعفن في المعدة". هكذا، عند بداية عهدي بالمكان، كان يخيل لي، حين تحمل الريح رائحة الأعشاب والأشياء الأخرى الطافحة العطنة من حواف القناة المارة بمحاذاة سور الكازينو الداخلي، أن مصدرها ولا بد ذلك الشيء القابع داخل كرش البدين، مثل داء عضال، بينما يحاول غسله يوميا بلا جدوى عبر أكواب الحلبة المتعاقبة. فجأة، تناهى صوتها، متسائلا "ألا تلاحظ أننا، حبيبي يوسف، لا نكاد نقول شيئا، حبيبي، عن مستقبلنا، عدا ملاحظة رواد الكازينو، والتعليق بسخرية على الدائمين منهم والعابرين"؟!. كنت مقتما لتأخر النحيل. وكان الرجل البدين نفسه قد تأخر على غير العادة في الحضور. كما لو أن القدر يمارس بدوره لعبة النحس القديمة في حرق أعصابي. حتى فاتني في قمة سخطي ملاحظة قول وداد الغامض "للحياة حلول بديلة". كان أخذ يتركز في نفسي، كلُ هذا الكون الفسيح، بمجراته وكواكبه وبحاره وشعوبه، في أيهما سيدلف عبر بوابة الكازينو أولا، هل سيكون الرجل البدين، أم الرجل النحيل؟!.
    في هذا الصباح، أمكنني رؤية الشعرات البيضاء على رأسي بوضوح لأول مرة، بينما أقف قبالة مرآة الحمام أعلى حوض الغسيل، وتلك الغضون التي تعلو الآن حاجبي وداد المقرونيين لم تكن موجودة هناك لسبع سنوات خلت، عندما بدأت علاقتنا وغرد طائر الحبّ، وقد كَفتْ جوعَه القُبلات القليلة المسترقة، إلى الحين. كان للرجل النحيل هيئة شاعر حالم بذقن دائريّة مهملة. كان دائما يدلف إلى الكازينو متأبطا كتابا وأوراقا وعلى جيب قميصه قلم أحمر جاف. ما إن يجلس مستقبلا مياه القناة، حتى يبدأ في تأمّل الأمواج الصغيرة الجارية، ويشرع بعدها في كتابة شيء ما، أويتابع القراءة بكلياته، بينما لا يكاد صدره يكف احتراقا بسجائر "بلومونت" الرخيصة. لقد كان حتى يوم أمس يحضر إلى الكازينو كساعة طبيعية، فلِمَ تأخر الآن، يا ترى؟!.
                  

01-03-2013, 10:51 AM

عبد الحميد البرنس
<aعبد الحميد البرنس
تاريخ التسجيل: 02-14-2005
مجموع المشاركات: 7114

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحاجة الماسة إلى سرير آمن (Re: عبد الحميد البرنس)

    هكذا، شرع الناس ظهرا في التوافد.
    كانوا يتناثرون على النُضد المتفرقة بعد توقف قصير عند المدخل ماسحين بأنظارهم المكان كما لو كانوا يخشون رؤية شيء لا يريدون رؤيته. إلى أن وقع المكروه، تماما لحظة أن غدت وداد شهيّة على نحو لا يُقاوم، فبينما تتراقص أشعة شمس الأصيل المتكسرة فوق مياه القناة على وجهها. أجل، وصل الرجل البدين، أولا. جلس كصاحب البيت على المائدة خاصته. وبدا أنني خسرت حتى رهان التشاؤم والتفاؤل. كان النادل يتجه نحو البدين كالعادة حاملا كوب الحلبة المغليّة. قالت وداد تسخر بصوتها العذب المواسي "لعلك تدرك الآن إلى أين يتجه مسار الريح، حبيبي"!. كانت الظلمة تهبط تدريجيا، مغلِّفة ملامح الكائنات والأشياء، وكان هنا وهناك مشاعل كهربائية خافتة تنساب باهتة خلل أشجار الفايكس الحليقة حديثا حذاء سور الكازينو الخارجي، والتي أخذت ترسل بداية تنفسها الليليّ كتنهيدة ممطوطة؛ حين رأيت وداد وهي تلتفت ناظرة إلى الناحية التي كنت أنظر إليها يسارا بلا معنى. وقد أخذتُ بعدها أفكر في نفسي أن مسألة الحضور أولا لم تعد قائمة هناك في دواخلها مثلما هي لم تعد قائمة هناك في دواخلي.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de