جرد حساب الحوار السوداني الأميركي في الأشهر الماضية، كما عبرت عنه بعض البيانات الرسمية وفصلته الصحافة الأميركية، يتلخص في العطية التالية التي تبدو كأنها قد صاغها مجموعة من الناشطين المتذاكين إلى حد السخف:
أقيموا الاستفتاء في موعده دون أدنى نظر إلى نتائجه وشروطه الجوهرية، وحتى إن أدى إلى انفصال وحرب في آن واحد، على الرغم من أن الاستفتاء إنما اقترح في المقام الأول لترسيخ الوحدة ولتجنب الحرب. وبمقابل ذلك سنعطيكم الآن ست رخص تصدير لشركات أميركية في مجالات الزراعة والصحة؛ وعليكم مواصلة التعاون في مكافحة الإرهاب؛ وسننظر في رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب وفي رفع العقوبات الاقتصادية في يوليو (تموز) المقبل من عام 2011 عندما تستكمل إجراءات الانفصال؛ أما محكمة الجنايات الدولية فعلى الرئيس أن يلتزم بمطالبها وأن يسلم نفسه لها (لاحظ أنه هو الرئيس ذاته المطلوب منه الوفاء بالالتزامات أعلاه). ». لسبب لا يخفى على ذوي الألباب ذكرني هذا العرض بعرض قريش لأبي طالب أن يسلمهم ابن أخيه محمدا (صلى الله عليه وسلم) وأن يسلموه بالمقابل أنهد فتى في قريش، عمارة بن الوليد، فكان رد أبي طالب الذكي: «والله لبئس ما سمتموني: تعطونني ابنكم أغذوه لكم، وأعطيكم ابني تقتلونه
هذه الصورة المخزية وهي مفعمة بالملق والنفاق في التقرب زلفي الي هبل سيئة الذكر ( الانقاذ) المجرم اللص عمر البشير والذي شبهه فيها بالرسول الكريم (ص) مستشاره المخلوع شيخنا الورع التقي غازي صلاح الدين والذي تعتريه هذه الايام ارهاصات انصلاح وأوبة خجولة الي الضمير اردنا ان نذكره بها ان من يريد ان يحسن خواتيمه من مناضلي( ربع الساعة الاخيرة) حتي يقابل ربه وشعبه نظيفا عليه ان يمتلك الجرأة الان علنا ويعلن طلاقه الابدي لركب الباطل بل يجب عليه كي يحسن توبته ان يشفع موقفه الوطني الاخلاقي الجديد بجرد حساب كامل لكل الجرائم والمفاسد التي يعلم عنها او تورط فيها وهو في الركب لاكثر من عشرين عاما باعتباره واحدا من صناع القرار في ركب الطغيان والفساد والخيانة الوطنية بل عليه ان يعلن جاهزيته للمثول امام اية محاكمة وطنية عادلة في اي وقت للادلاء بأية معلومات تفيد في فضح المظالم والفساد وان يقبل حكمها اذا حوكم في اية تهمة تتعلق بالاضرار بالوطن والمواطن وغير هذا فلا معني لتصحيح الموقف والتوبة لان الامر يبدو ضربا من الاستهبال والاستغفال مثلما فعلتم هذه الهزلية مع شعبنا قبيل انتفاضة ابريل بعد ان شنقتم الشهيد محمود محمد طه في منتصف يناير 1985 وشعرتم بدنو ايام امامكم السفاح وبعد شهرين فقط قررتم افتعال النضال ودخلتم السجون من غير نضال ونصال وخرجتم بعدها في معية الشعب الثائر في صبح ابريل مناضلين وكأنكم اصحاب الانتفاضة الابريلية بل امعانا في المزايدة اسميتموها انتفاضة (رجب المباركة) وعندما جاء زمن الميثاق لحماية الانتفاضة كنتم اول من رفض التوقيع علي الميثاق ومنذ ذلكم اليوم المشئوم وقع انقلاب 30 يونيو بسبق الاصرار والترصد لانكم حينها أحسنتم وأجدتم التامر والنفاق واستعباط العباد ولذلك لن نلدغ من الجحر مرتين يا حضرة الغازي القديم !
هذا الضرب الرخيص من الملق والتزلف والنفاق الي درجة تشبيه المجرم الواطي عمر البشير بالرسول الكريم يستحي( جراب الفول) صلاح غريبه أن يرتاده لأنه حضيض الحضيض في ارتخاص النفس من غير حساب!
ان الذي ينعطن قرابة ربع قرن من الزمان طواعية وبكامل وعيه واخلاقه وتدينه في مستنقع اجرام ومظالم ومفاسد وخيانات وطنية واتجار بالدين ولم يكتشف حتي الان انه في المكان الخطأ بالتالي ستعميه المكابرة عن الانحيازالي الحق وسيصعب عليه الاعتراف بذلك وقطعا سيعجز ان يتخذ قرارا شجاعا لتطهير نفسه من ادران واوساخ هذا المستنقع... ولذلك اري انه يعيش حالة غياب البصيرة الانسانية وهي ظرفية لن تؤهله لاتخاذ اي قرار يتسق مع منظومة القيم والاخلاق التي يستند عليها في حياته ولذلك مطالب بحزمة استحقاقات كثيرة في حالة الاوبة للضمير حتي نتيقن انه مخلص طاهر النية بل قادر علي مكافحة الباطل والانحياز الي الحق ونصرة المظاليم.
لاتكابر..فالسلطة المعسولة بالامتيازات والبهرج و( النفخات) جردك منها بدم بارد ( الاخوة الاعداء) بلطجية المستنقع وانت ادري بخستهم ونذالتهم واجرامهم لانك عايشتهم وتورطت معهم مدافعا عنهم في كل الازمنة والامكنة بلسان ( عتباني) مبين وهي ظرفية تجعلك مجرما فاسدا خائنا مثلهم حتي لو تمسحت باستار الكعبة الشريفة و اكلت ( الحجر الاسود) كله.. واخيرا هاهي امانة ما تسمي زورا بالحركة الاسلامية السودانية وهي ( ليلاك) التي كرست وقتك كله من اجل الظفر بها حالما ان تكون امينا لها ها هي ايضا حرموك منها بخستهم التي تعلمها ومارستها معهم ردحا من الزمن وقد منحوها لمن تعتقد باستعلائك الاجوف انه ادني واقل وعيا وفكرا و( نضما) من سيادتكم ناسيا انكم جميعكم ثلة من مجرمين وبلطجية ولصوص ومفسدين ( دافننو سوا) فانصحك ان تعلن امام الملأ الطلاق البائن مشفوعا بجملة الاستحقاقات التي اقترحتها عليك والا سيبتلعك الطوفان في عداد الظالمين وحينها سيكون حساب الشعب عظيم وحساب الله اعظم!
12-06-2012, 02:10 PM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
فيا شيخ غازي الحق بنفسك قبل ان تحسب في زمر الظالمين والمجرمين ويبتلعك الطوفان الاتي والذي لن يرحم الظالمين ..فلا المجرم البشير علي حق ولا ( غوش وود ابراهيم وعبد المعروف) علي حق فكلهم فاسدون مجرمون والغون في دم هذا الشعب العزيز واعتقد ان صهرك الشاب عبد الغني اعلاه برغم تجربته الصغيرة في الشأن العام وحيث لازال منتميا للمشروع المأزوم بالاجرام والفساد ولكني اراه حتي في انحيازه لبقية المفسدين الصغار انه اشجع وانصع في موقفه منك علي الاقل في موقفه ضد المجرم البشير غض النظر عن تعاطفه مع بقية الشرازم المجرمة الاخري وهذا ما لم تستطعه انت وفي عمر كان ينبغي ان يكون عمر الحكمة والورع والتقي وهو عمر يفترض في الانسان انه اقرب الي الله والحق وليس الي الظالمين وهو يتهيبهم اكثر من ربهم رب العالمين !
12-10-2012, 01:54 PM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
بسم الله الرحمن الرحيم المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية: تحرير الخلاف انتهى المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية وقد أوسعه المراقبون بالتغطية والشرح والتحليل، بينما توقفت عن أن أقول فيه أي قول، توقياً لما قد تحدثه أية كلمة لا توضع موضعها الصحيح أو تفهم بدلالتها المرجوة من إرباك لرأي عام هو أصلا مرتبك بسبب حوادث متعاقبة ألمت بالساحة العامة، فكما قال أبوبكر رضي الله عنه "البلاء موكل بالمنطق". لكنني أيضاً خشيت أن تندرس العبر التي تفتقت من انعقاد المؤتمر وتفوتنا حكمتها في زمن نحن أحوج ما نكون فيه لاستخراج العبر من كسبنا وأعمالنا، فرأيت أن أدنى ما أفعله هو تحرير الخلاف من وجهة نظري، متحرياً في مسعاي العدل للآخرين ولنفسي. وأدعو الله أن يهديني لأحسن القول والعمل وأن يكتب لعملي وقولي حسن العاقبة. الدرس الأول الذي تعلمناه في الحركة الإسلامية كان في التوحيد. أن الله واحد لا شريك له، وأنه لا ضار ولا نافع، ولا معطي ولا مانع، ولا واهب ولا ممسك إلا هو. لا رب يرزق ولا إله يُعبد وتخضع له المخلوقات إلا هو - سبحانه. وقد استفدنا من ذلك الدرس ألا نعبد الأغيار الزائلين، وألا نهاب الرجال، وأن نقول آراءنا بضمير حر وبأعين لاتطرف. كم أطربتنا كلمات ربعي بن عامر التحريرية أمام رستم قائد الفرس: "لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة." وقد أعجبنا أن نجادل أهل الملل بالآية: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر." ونتحداهم أن يبرزوا لنا نصاً مثيلاً يكرّم الإنسان ويعلي شأنه ويحفظ حرماته. كنا نشدد على حرية ضمير الفرد كما ضمنها رب العباد الذي ترك لبني آدم أن يختاروا بين الكفر والإيمان "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وجعل حسابهم على الله يوم يلقونه. ما كنا نرى أجمع ولا أمنع من هذه الآية في تأسيس مبدأ الحرية على قاعدة متينة. وقد باهينا خصومنا بأقوى نصّ في إثبات العدل منهجاً للحكم: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل." أي العدل للناس جميعا، لا للمسلمين وحدهم، فضلاً عن أن يكون عدلا تختص به جماعة أو قبيلة أو بطانة خاصة. لقد آمنّا أن أقوى ما في الإسلام هي طاقاته التحريرية؛ دين يحرر الفرد من هواه وشهواته، وعبوديته للمادة ولمتاع الأرض، وغريزة العدوان. ودين يحرر الجماعات والأمم من الذل والظلم والحيف والفساد. وأشد ما جذب الناس إلى دعوة الحركة الإسلامية هو تبنيها لتلك المفاهيم في سياق معاصر، فالناس يرغبون في أن يتدينوا وأن يعيشوا عصرهم دون تناقض. كانت تلك –وما تزال- صفوة المفاهيم والمثل التي حركت الشباب والشيوخ إلى أن يضحوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل دعوتهم إلى الله من خلال مسيرة الحركة الإسلامية في الأعوام الستين الماضية. والتداعي إلى إحياء تلك المثل العظيمة شكل خلفية المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية: إيمان قوي بالمثال، وإحساس مسيطر باستدراك ما أفلت من وعد، وأمل غلاب بأن يكون المؤتمر انطلاقة لصحوة جديدة. غلب على المؤتمر جدل قانوني تركز في مادتين من الدستور. كان جدلاً يمثل في حقيقته اختلافاً بين منهجين في النظر إلى دور الحركة الإسلامية. المنهج الأول كان يرى أن المؤتمر الوطني يغني عن الحركة، وأن قيام الحركة سيخلق إزدواجية مربكة، وأن المرجعيتين (الحركة والمؤتمر) ستتشاكسان وسينعكس تشاكسهما على الدولة. واستشهد أصحاب هذا الرأي بحالات موثقة –خاصة في الولايات- استخدم فيها منسوبو الحركة مواقعهم للمنافسة والمناقرة مع أجهزة المؤتمر الوطني وحكومات الولايات. كان بعض أصحاب هذا الرأي يؤصلونه في نظرية "وحدة القيادة" التي التمسوا لها أصلاً شرعياً. وقد عبر ذلك الرأي عن نفسه في وقت من الأوقات عبر مطالبته بتذويب الحركة في الحزب والحكومة تذويباً كاملاً. أصحاب المنهج الآخر رأوا أن وجود الحركة حق أصيل ومؤسس في عقد إنشاء الجماعة، وأنه لا يحق لأي فرد أو ثلة أن يخرقوا ذلك العقد بإجراء مفرد من ناحيتهم. كانوا يتفقون مع أصحاب الرأي الأول في ضرورة ألا تتشاكس المرجعيات وألا يتخذ العمل من داخل الحركة وسيلة لمكاسب دنيوية تحصل من خلال التنازع مع السلطة. رأى أصحاب هذا المنهج أن الحركة ليست حزباً سياسيا وإنما هي حاضنة ومثابة يأوي إليها أبناؤها ليجددوا فكرهم وإيمانهم وليجدوا فيها القدوة الحسنة ويجدوا لديها القوة الأخلاقية التي تذكرهم بالمثل والقيم التي اجتمعوا عليها. آمن أصحاب هذا المنهج أن بعض أدواء السياسة والمجتمع، مثل استشراء القبلية والجهوية، لا يداوي منها إلا الانتماء إلى فكر تسنده قوة الوحي. جادل أصحاب هذا الرأي بأن بقاء الحركة هو الضامن من انحراف السلطة التي تواليها عن نموذجها الأخلاقي. احتج أصحاب هذا الرأي بأنه لكي تتأهل الحركة لأداء أدوارها ينبغي أن تستقل عن الحكومة وتأثيراتها المختلفة بوسائل السلطة المتعددة وعبر التمويل وما يحمله معه من سلطة أمر وزجر، وقبض وبسط. الاستقلال من السلطة وليس العداء لها، كما فهم بعض الناس. الاستقلال الذي يجعل الحركة تحدد هي وحدها أجندتها وأولوياتها وهمومها ووسائلها في العمل. الاستقلال الذي يحميها من أن تصبح امتدادا للسلطة تنشط في مواسم التنويرات للعضوية عند الملمات وتهمل وظائفها بقية العام. الاستقلال الوظيفي والمالي الذي يحمي الحركة من أن تغريها الأموال العامة فتمد يدها إلى ما لا تستحقه بقانون أو دستور. الاستقلال والقوة اللذان يؤهلان الحركة لأن تحمل مشروعاً، وتفصح عن رؤية، وتقدم إجابات لمشكلات عصرها، وتطلق مبادرات تتصدى للتحديات التي يواجهها مجتمعها. بعبارة أخرى الاستقلال الذي يعينها على أن تؤدي رسالتها بأن تصبح مرجعية أخلاقية نموذجية تعبر عن قيم الإسلام في الحكم والحياة العامة. وبالجهة الأخرى –وهذا مهم للغاية- الاستقلال الذي يحمي الدولة وأجهزتها القومية الخادمة لمصالح المواطنين جميعاً من أن تعدها الحركة محض امتداد تنظيمي لها. هذه الرؤية، رؤية الإسلام الباسط للعدل، المحرر للإنسان، وحركته الحرة المستقلة التي لا تتبع للدولة ،لكنها أيضاً لا تشاكسها أو تعاديها ما انضبطت بضوابط الإسلام، هي التي ملكت قلوب المشاركين في المؤتمر وأيقظت وعيهم منذ وقت مبكر ابتداءً من المؤتمرات القاعدية إلى مؤتمرات الولايات. وكل تلك المؤتمرات حسمت الجدل المذكور لمصلحة بقاء الحركة، لكن بمواصفات جديدة تناسب المرحلة التاريخية وتضع في اعتبارها التحولات الكبرى التي جرت في السودان والعالم من حوله. وبقي بعد ذلك إعداد دستور يعبر عن هذه الرؤية ويجسدها واقعا وممارسة. كلف بهذه المهمة إخوة كرام تقدموا بمشروع دستور لمؤتمرات الولايات وللمؤتمر العام. وقد برز من خلال الجدل حول الدستور الخلاف الذي أشرنا إليه آنفا الذي انصب بصورة أساسية نحو مادتين نالتا معظم الوقت في النقاش، ومادة ثالثة نالت، على أهميتها، حظاً أقل من النقاش، وذلك على النحو التالي: أولاً، المادة التي تناولت طريقة انتخاب الأمين العام. نصّ الدستور المقترح على أن انتخاب الأمين العام يجري من مجلس الشورى بدلا من المؤتمر العام، علماً بأن انتخاب الأمين من المؤتمر العام ظل تقليداً سارياً متفقاً عليه طيلة الأعوام الستين الماضية حتى انتخابات 2008. قيل في تبرير هذا المقترح إن مجلس الشورى هو المكان الأنسب "للجرح والتعديل." لكن الواقع هو أنه عند انعقاد مجلس الشورى أجريت الانتخابات دون أي جرح أو تعديل. أثارت هذه المسألة تساؤلات عميقة حول النية الحقيقية من التعديل، وعدّه بعضهم وسيلة للانتقاص من تفويض الأمين العام، بل ذهب بعضهم إلى أن السبب يكمن في حقيقة أن قرارات مجلس الشورى والانتخابات فيه أكثر قابلية للتحكم فيها مما إذا أجريت في المؤتمر العام. ولم يشرح أحد لماذا أضربت الحركة في الأعوام الستين الماضية عن اتباع حكمة الانتخاب من مجلس الشورى وعدلت عنها إلى الانتخاب من المؤتمر العام. أو لماذا وعدنا بانتخابات أفضل من خلال الجرح والتعديل في مجلس الشورى، ثم ألغي الجرح والتعديل عند التطبيق الفعلي. كانت الحجة الأخرى التي سيقت في معرض تفضيل الانتخاب من مجلس الشورى هي أن المؤتمر العام أكثر عرضة "للهرج والمرج"، بما يعني أنه أقل رشداً من مجلس الشورى الذي، كما وعدنا، سيحيي سنة الإسلام في الجرح والتعديل، هذا رغم أن الدستور قد أثبت في نصّه أن المؤتمر العام هو السلطة العليا للحركة، ويفترض أن صاحب السلطة الأعلى هو الأولى باتخاذ القرارات المصيرية في شأن الحركة. المنطق المستخرج من هذه الحجة يستوجب أن يلغى المؤتمر العام من الدستور أو أن يجعل في درجة أدنى من مجلس الشورى في الترتيب. المادة الخلافية الثانية تناولت فقرة جديدة وغريبة للغاية. تلك هي المادة التي نصّت على تكوين "قيادة عليا للحركة" من الأمين العام وعدد من القيادات التنفيذية، على اعترافنا بفضلهم كأفراد، إلا أنهم لم ينتخبوا من قواعد الحركة بل انتخبوا من كليات أخرى ليست من جسم الحركة. على سبيل المثال سيكون من بين هؤلاء بالضرورة السيد رئيس الجمهورية ونوابه ورئيس المجلس الوطني. وكما هو واضح فإنه بهذا الترتيب اندرجت أجهزة الدولة وقياداتها في جسم الحركة وقيادتها دون أن تنتخب من مؤسسات الحركة وعبر نظمها. وبذلك تكون الحركة قد التحمت بالحكومة بأشد مما حدث في أي وقت مضى. وفي ظل هذا الوضع الذي أصبح فيه الأمين محاطاً بثلة من الرجال الذين يفوقونه قوة ونفوذاً، لن يستطيع الأمين أن يتبنى أية مبادرة دون إذن من القيادة العليا التي أصبحت الآن مستوىً تنظيمياً يقيّد الأمين العام يحول بينه ومجلس شوراه. المشكلة الرئيسية في هذا المقترح تكمن في الخلط بين وظائف الحركة المستقلة والدولة والاعتقاد الخاطئ بحتمية الصدام بين الحركة والحكومة إذا لم يحكم دمجهما، وهو اعتقاد ليست له أسباب موضوعية تبرره. من ناحية أخرى فإن فكرة القيادة العليا تثير أسئلة قانونية وأخلاقية شائكة، خاصة وأنه قد أعلن رسمياً الآن أن رئيس الجمهورية قد أصبح رئيساً للقيادة العليا للحركة الإسلامية. المشكلة تكمن في أن الحركة الإسلامية غير مسجلة قانونياً حتى الآن. وقد جرى جدل مطول داخل الحركة حول هذه المسألة في وقت سابق وكان الاتجاه الذي يرى ضرورة تسجيلها قانوناً هو الاتجاه الغالب. الآن، بحسب هذه المادة، فإن رئيس الجمهورية، وهو الحارس الأول للدستور وللقانون ورمز وحدة البلاد الذي انتخبه الشعب السوداني وأعطاه بيعته، سيصبح رئيسا لجماعة غير مسجلة قانوناً. وهذا يعني، نظرياً على الأقل، أن الباب مفتوح لجماعات أخرى كي تنشئ حركات فكرية وثقافية، إسلامية وغير إسلامية، غير مسجلة قانوناً وتدعوا السيد رئيس الجمهورية ليكون رئيساً لقيادتها العاليا. وسيكون غير مبرر إطلاقاً أن يرفض الرئيس طلبها إلا إذا أردنا أن نضعف واجبه الأخلاقي الذي يجعله حكماً عدلاً وقائداً محايداً لمواطنيه. ولا يستطيع المرء أن يحيط بالتعقيدات التي تتسبب فيها هذه المادة. على سبيل المثال كيف تكتسب الحركة، غير المسجلة قانوناً، شخصية اعتباريه؟ وهل يمكن لها دون هذه الشخصية الاعتبارية أن تقاضي، وتتعاقد، وتفاوض، وتتفق، وتفتح حسابات عامة في البنوك خاضعة للمساءلة والمراجعة القانونية؟ إني لأعجب، كيف خفيت هذه المسائل على قيادات الحركة ومن بينهم قانونيون كبار! إن هذه المادة لا شك تنشئ وضعاً قانونيا لا نظير له في أي بلد في العالم. وبمقابل هذا المثال نجد المثالين المصري والتركي حيث تخلى الرئيس المصري محمد مرسي، والرئيس التركي عبد الله قل عن انتماءاتهما الحزبية والتنظيمية لأول انتخاب كل منهما لرئاسة الجمهورية. ثالثاً، المادة الثالثة تتعلق بالنص على أن من اختصاصات الحركة أن تنشئ حزباً سياسياً وفق القانون. وهذه المادة أيضاً تثير مشكلات قانونية وأخلاقية مشتجرة. أولا لأن قانون الأحزاب ليس فيه نص على أن الأحزاب تنشأ بإرادات أحزاب أو جماعات أو تنظيمات أخرى، حتى ولو كانت تلك الأحزاب والجماعات والتنظيمات مسجلة قانوناً. قانون الأحزاب ينصّ على أن الأحزاب تنشأ بإرادة المؤسسين دون وسيط أو وكيل أو كفيل. أي أن أصحاب الحزب المسئولين عنه قانوناً هم مؤسسوه. والمؤتمر الوطني حزب قد تأسس منذ أكثر من عشر سنوات فما المعنى لأن يدرج في دستور الحركة ما يتضمن الإشارة إليه وإن لم يذكر نصاً. كان يكفي أن يقال إن الحركة ستمنح ولاءها للحزب الذي يخدم أهدافها، وتبقى مسألة تحديد ذلك الحزب، الذي لا يشك أحد في أنه المؤتمر الوطني، مسألة تفاهم أهلي بينهما. وعندئذ، واحتراماً لحقوق الثمانين بالمائة من أعضاء المؤتمر الوطني، الذين هم ليسوا أعضاءً في الحركة الإسلامية وربما لا يرغبون في أن يكونوا أعضاءً فيها، يجب على الحركة الإسلامية أن تتقدم هي بمبادرتها وعرضها للتأييد للمؤتمر الوطني ثم يوافق هو عليها. أما أن يعلم هؤلاء الثمانون بالمائة من أعضاء المؤتمر الوطني أن حزبهم قد أنشئ في الحقيقة بإرادة جماعة لا ينتمون هم إليها، وأن رئيسهم، رئيس المؤتمر الوطني، هو في ذات الوقت رئيس بحكم منصبه لتلك الجماعة التي أنشأتهم، فإن هذا مما يضعف ثقة أعضاء المؤتمر الوطني بحزبهم ويضعف مشروعية المؤتمر الوطني نفسه في الساحة العامّة. كل هذه الاعتراضات قائمة في حالة ما إذا كانت الجماعة مسجلة قانوناً، أما أن تكون كل هذه الاعتراضات الشائكة قائمة ومصوبة نحو جماعة لا يراها القانون ولا يعترف بها، فإن المشكلة تصبح أعقد. عندما خاطبت الحاضرين من منصة المؤتمر العام لم استفض في نقد تلك المواد لأنني رأيت الأولوية هي لأن أقول كلمات توحد الصف وتلأم الجراح. كنت أحاول أن أدعو الجميع لأن يتطلعوا إلى حركة مستقلة حرة واثقة بنفسها ترفع رأسها عاليا لتفخر مع نظيراتها من الحركات الإسلامية في دول الربيع العربي. ولقد استشهدت بعبارة السلف: "رأيي صواب يحتمل الخطأ" وأنني مستعد لأن أسلم للرأي الآخر إذا صدر من ضمير يقظ ودون تأثيرات جانبية ترغّب وترهّب. برغم ذلك تواترت شهادات قوية، من الجمع الذين يستحيل تواطؤهم على الكذب، بأن بعض الأجهزة التنظيمية تدخلت للتأثير على نتائج التصويت للقرارات والأشخاص، وأنها مررت توجيهات من قيادتها العليا بالتصويت للدستور جملة دون تعديل، وبالتصويت لأشخاص بعينهم دون آخرين. وقبل انعقاد هذا المؤتمر العام ثبت من أخبار متواترة، أكدتها رسالة مشهورة من رئيس اللجنة التحضيرية، أن لجان تنسيق تجتمع على مستوى الولايات فما دونها لتتبنى باسم القيادة قرارات ومرشحين بعينهم يصوت لهم الأعضاء. وقد عزز تلك المخاوف من تدخل الأجهزة التنظيمية في اختيارات الأعضاء أن حكمين فعليين بتجميد نتائج الانتخابات قد صدرا في شأن ولايتين جرت فيهما تلك الممارسات. هذه المخالفات تستوجب الوقوف عندها والتصدي لها لأنها تشير إلى خلل جوهري في المفاهيم المؤسسة والممارسات، وتوضح مدى ما اعترى الحركة من علل وأزمات بسبب غيابها –أو تغييبها- المتطاول. إنها علل وممارسات نزعت الروح من عبارات ربعي بن عامر الرنانة ومن وعود الإسلام التحريرية وجعلتها محض صدىً يأتي من خارج المكان والزمان. إن الوشيجة الأقوى التي تربط أية جماعة تناصرت على دعوة هي الثقة. وشيوع الثقة في الجماعة مرهون بإقامة العدل فيها وتكافؤ الفرص وانتفاء التمييز بين أعضائها. هذه هي القيم التي تجمع، فإذا انتفت انتفى الإجماع وحل التفرق والشتات. لقد قلت في مناسبات سابقة إن الوظيفة الأساسية للحركة الإسلامية هي أنها سلطة ومرجعية أخلاقية، فإذا فقدت هذه الوظيفة فقدت مبررات وجودها، والله –سبحانه- قادر على أن يستخلف لدعوته آخرين. لقد استفسرني كثيرون عن سبب إعلاني عدم الرغبة في الترشح لمنصب الأمين العام في اجتماع مجلس الشورى رغم أن معظم أعضاء المؤتمر كانوا يؤيدون ذلك الترشيح، ووعدتهم بأن أجيبهم في الوقت المناسب. وهذه لحظة مناسبة لأوضح أنني عزفت عن الترشح لسببين. الأول هو لأن إثبات صيغة القيادة العليا التي شرحت اعتراضاتي عليها هي في نظري مخالفة واضحة لدستور البلاد وقوانينها، كما أن الأمين العام في ظل تلك الصيغة لن يملك سلطة حقيقية تمكنه من أن يقود مبادرات الإصلاح؛ لأنه لن يتحرك إلا بهموم السلطة وأدواتها. والسبب الثاني هو أن مناخ الشحن والتعبئة داخل اجتماع مجلس الشورى الذي أحدثته الأجهزة التنظيمية المذكورة بقبضتها وتوجيهاتها، لم يطمئن إلى إمكانية إجراء انتخابات عادلة ونزيهة تعبر تعبيراً حقيقياً عن ضمير الحركة وإرادتها. إن الحركة الإسلامية الموالية للمؤتمر الوطني تمر الآن بمنعطف حرج في مسيرتها الخاصة يواقت منعطفاً مماثلاً في مسيرة السودان كله. لقد تقسمت الحركة الإسلامية التي نشأت قبل أكثر من ستين عاماً إلى جماعات، من بينها حركة الإخوان المسلمون، والمؤتمر الشعبي، والحركة الإسلامية السودانية، وبعض الجماعات السلفية. وتقع على الحركة الإسلامية السودانية بصورة خاصة، بسبب امتلاكها مقاليد السلطة، قيادة جهود التوفيق بين هذه المجموعات في سياق سعيها لتوحيد الساحة السودانية الوطنية العامة. لكنها كي ما تؤدي هذه المهمة بنجاح عليها أن تسترد مشروعيتها وعافيتها بأن تشيع الثقة والعدالة داخل صفها أولاً، وأن ترمم مصداقيتها التي اهتزت بشدة بسبب ما جرى في المؤتمر. وإن نصيحتي للقائمين عليها، بل مطالبتي لهم هي: أولا: التحقيق في الاتهامات التي وجهت لأجهزتها بخرق عهود الحيدة والعدل بين أعضائها مما أوردنا طرفاً منه أعلاه. ويجب أن تتولى ذلك التحقيق لجنة يقوم على اختيارها إجماع. إن إثبات أن تلك الخروقات قد حدثت أو أنها لم تحدث سيكون له وقع مصيري على مستقبل الحركة وكفايتها ونظرة أعضائها إليها. ثانياً: إجراء دراسة قانونية مدققة عاجلة تتناول ما أوردته من مخالفات قانونية ودستورية في شأن المادتين الثانية والثالثة المذكورتين أعلاه في الدستور الذي أجازه المؤتمر العام بإجراءات إيجازية، وذلك حتى لا نضع السيد رئيس الجمهورية في موضع مخالفات دستورية وقانونية برغم أنني خصصت هذا البيان للحديث عما جرى في المؤتمر العام للحركة الإسلامية، إلا أنني أؤكد أن القضية التي ينبغي أن توحد السودانيين الآن هي الأزمات والفتن التي تحيط بالبلاد، وهو ما يدعوا المؤتمر الوطني والحكومة أكثر من أي وقت مضى لقيادة الإصلاح وتوحيد الصفوف، الشئ الذي لن يتاح لهما بغير تأكيد مصداقيتهما السياسية والأخلاقية. إنني أؤكد إلتزامي الشخصي بالعمل إيجابا لما فيه مصلحة البلاد. وسواء أوضحت آرائي من منصة حزبية، أو منطلقاً من علاقاتي في الساحة العامة، فإنني سأكون أجهر تعبيراً وأوضح بياناً عن رؤاي في الإصلاح السياسي، والوحدة الوطنية، والحكم الراشد. غازي صلاح الدين العتباني
12-07-2012, 03:21 PM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
Quote: الدرس الأول الذي تعلمناه في الحركة الإسلامية كان في التوحيد. أن الله واحد لا شريك له، وأنه لا ضار ولا نافع، ولا معطي ولا مانع، ولا واهب ولا ممسك إلا هو. لا رب يرزق ولا إله يُعبد وتخضع له المخلوقات إلا هو - سبحانه. وقد استفدنا من ذلك الدرس ألا نعبد الأغيار الزائلين، وألا نهاب الرجال، وأن نقول آراءنا بضمير حر وبأعين لاتطرف. كم أطربتنا كلمات ربعي بن عامر التحريرية أمام رستم قائد الفرس: "لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة." وقد أعجبنا أن نجادل أهل الملل بالآية: "ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر." ونتحداهم أن يبرزوا لنا نصاً مثيلاً يكرّم الإنسان ويعلي شأنه ويحفظ حرماته. كنا نشدد على حرية ضمير الفرد كما ضمنها رب العباد الذي ترك لبني آدم أن يختاروا بين الكفر والإيمان "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" وجعل حسابهم على الله يوم يلقونه. ما كنا نرى أجمع ولا أمنع من هذه الآية في تأسيس مبدأ الحرية على قاعدة متينة. وقد باهينا خصومنا بأقوى نصّ في إثبات العدل منهجاً للحكم: "إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل." أي العدل للناس جميعا، لا للمسلمين وحدهم، فضلاً عن أن يكون عدلا تختص به جماعة أو قبيلة أو بطانة خاصة. لقد آمنّا أن أقوى ما في الإسلام هي طاقاته التحريرية؛ دين يحرر الفرد من هواه وشهواته، وعبوديته للمادة ولمتاع الأرض، وغريزة العدوان. ودين يحرر الجماعات والأمم من الذل والظلم والحيف والفساد. وأشد ما جذب الناس إلى دعوة الحركة الإسلامية هو تبنيها لتلك المفاهيم في سياق معاصر، فالناس يرغبون في أن يتدينوا وأن يعيشوا عصرهم دون تناقض.
النص الانيق اعلاه و المفعم بتضخيم الذات وهي حالة مرضية مصاحبة لكل ( سوبرمانات) ما يسمي بكوادر الحركة الاسلامية هو مقتبس من مقال غازي العتباني المنشور علي موقع سودانايل حول مؤتمر الحركة الاسلامية الاخير وهو نص مفعم بحالة استعلاء كاذب يدحضه الواقع السوداني الراهن المشبع بالاجرام والفساد والعمالة والخيانة الوطنية وهو نص انشائي فقط و لو تحلت به اي حركة سياسية في العالم قطعا ستنجز ( اليوتوبيا) والمضحك جدا ان صاحب النص المتعالي جدا حد الوهم تناسي انه واحد من صناع القرار في هذا المستنقع النتن لقرابة ربع قرن من الزمان وما جلب لشعبه بكل خيلائه الزائفة سوي الفشل و الاجرام والفساد ونهب المال العام وتمزيق البلاد واشاعة الفتن والحروب فيها وتعريض سيادتها للانتهاكات وهم يقدمون اسوأ نظام اساء للاسلام في تاريخ الاسلام وهو امر يدحض كل دعاواهم الزائفة ويثبت انهم ملة بلا دين واخلاق!
12-07-2012, 08:12 PM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
ان الذي يشبه المجرم الفاسد اللص الخائن عمر البشير بالنبي محمد قطعا ليس بإنسان صادق وشجاع قد استفاد من ذات القيم التي تنطع بها في مقاله اعلاه لان الذي ينطلق بحق متصالحا مع تلكم المنظومة القيمية أبدا لا يمكن ان يكون ملاقا وانتهازيا وساكتا عن الحق قرابة ربع قرن من الزمان في معية اجرم وافسد ملة مرت علي شعب السودان بل مشاركا إياها بحكم مناصبه المتعددة في كل قبحها وشرورها وبالتالي لا مصداقية فيما طرحه في مقاله اعلاه والذي لا يخرج عن كونه محاولة خجولة للرد علي حارميه من زعامة ما يسمي بالحركة الاسلامية وللاسف لا يستطيع البوح بأكثر من هذا الهامش لانهم ( دافننو سوا) وايضا ( ابو القدح بعرف اعضي اخو من وين)!!
12-07-2012, 10:35 PM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
ان الانسان عندما يكون غير متصالح ومتسق مع ما يتنطع به من قيم واخلاق ومبادئ اقل ما يوصف به انه منافق وأبدا لا يمكن ان نطلق عليه لقب مثقف لان المثقف انسان مفكر مثمر وصاحب مشروع نافع وينطلق لاجل تحقيقه من منظومة قيم واخلاق متصالح معها سيرة وسريرة وهذا واقع أبدا لا ينطبق علي انسان غير مجبر متورط بل صاحب قرار يمارسه بكامل وعيه في انتاج الشر والقبح والظلم والفساد ولا يجرؤ علي قول الحق عندما يتطلب الامر ذلكم الانحياز وهذا للاسف ما ينطبق علي غازي العتباني الذي يضخمه كثير من سذج الاسلام السياسي وهم بلا ادني تأمل يصنفونه مفكرا إسلاميا ضخما لمجرد انه كائن يمتهن صنعة الكلام ...فالمفكر انسان مبدع ومنتج لافكار خلاقة ودوما منحاز للحق والحقيقة ومتماه مع افكاره باخلاقية عالية لا تعرف النفاق وممالاة الطغاة والمفسدين.
12-08-2012, 00:49 AM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
غازي صلاح الدين: إسلاميو السودان مطالبون بقراءة تجربتهم بعين ناقدة.. بمفهومنا الشرعي لم يكن نظام النميري هو الذي يقيم الصلاة
د. غازي صلاح الدينبقلم. وليد الطيب
في أواخر أبريل المنصرم، قدم موقع "الإسلاميون.نت" دعوة للمهتمين بتجربة العمل الإسلامي للمشاركة في حوار مفتوح مع المفكر الإسلامي د.غازي صلاح الدين العتباني، الذي يشغل في ذات الوقت منصب مستشار الرئيس السوداني عمر البشير، وهاتان الصفتان، تتيحان معرفة شاملة بالتجربة الإسلامية السودانية: معرفة تجمع بين الفكر في تأملاته وتجريداته الكبرى، وبين التجربة والمشاركة في صناعتها وتعاطيه اليومي معها من خلال المناصب المختلفة التي تولاها ضيفنا خلال العشرين عاما الماضية، التي هي عمر تجربة الحركة الإسلامية السودانية في الحكم.
والعشرون عاما هي عمر تجربة غازي صلاح الدين، في العمل السياسي بمعناه الحكومي، وهي عشرون تلت عشرين أخرى أمضاها الدكتور غازي جنديا، ثم قائدا في الحركة الإسلامية السودانية، خاض فيها تجارب مختلفة، بين قيادة نقابة الطلاب بجامعة الخرطوم، والمشاركة في المقاومة المسلحة لنظام الرئيس جعفر النميري (1969-1985). وترجع خصوصية التجربة إلى كونها الأولى التي تصل فيها حركة إسلامية في العالم الإسلامي السني إلى سدة الحكم، وهي تجربة ثرية لا يجوز إهمالها، بل الاعتبار بها، فقد وصلت الحركة الإسلامية السودانية للسلطة في لحظة انهيار الاتحاد السوفيتي وتدشين النظام العالمي الجديد الذي تنفرد بقيادته الولايات المتحدة، والذي يجعل من الإسلام " العدو الأخضر" البديل للخطر الأحمر المنهار، بالإضافة لمحيط إقليمي معادٍ للتوجهات الإسلامية التي رفعتها التجربة الإسلامية الجديدة، ويبذل كل جهده العسكري والسياسي لوأد هذه التجربة النابتة.
واستولت الحركة على الحكم في الخرطوم في ظرف محلي يعاني من انهيارات داخلية، وتصدعات عسكرية وأمنية، وفشل اقتصادي، وفوضى سياسية تحت مسمى "الديمقراطية الثالثة"، بالإضافة لتعدد إثني وديني وثقافي واسع. ومع ذلك تمكنت الحكومة الجديدة من تجاوز كثير من العقبات، واستطاعت بلورة تجربة جهادية شعبية فريدة، وإحداث نهضة اقتصادية جيدة، كما سعت الحكومة لتأسيس نظام اقتصادي ومصرفي يقوم على الإسلام وصيغه الشرعية.
وفي هذا الحوار استقبلنا عشرات الأسئلة من جمهور موقع (إسلام أون لاين.نت)، وقد انتخبنا باقة منها، وتفضل مشكورا د.غازي صلاح الدين بالإجابة عليها ، رغم كثرة المشاغل، حبا في التواصل مع الإسلاميين، وأولئك الذين هم خارج الصف الإسلامي ويرغبون في حوار جاد حول المشروع الإسلامي أو تقييمه تقييما موضوعيا.
ويقول د.غازي قبل إجابته على الأسئلة: من البدهي، أن إجابتي على أسئلة الجهور الكريم –الذين أتوجه لهم بالشكر الجزيل- ليست تعبيرا عن الحركة الإسلامية بمعنى أنها إجابة مسئول في الحركة الإسلامية السودانية يدافع عنها، بل هي ملاحظات شخص له تجربة في العمل الإسلامي، وله إطلاع على تجربة الحركة الإسلامية السودانية خاصة. ويضيف: المهم بالنسبة لي ليس تقيم تجربة الحركة الإسلامية في السودان، بل استخلاص مؤشرات ودلالات يمكن أن يستفيد منها العاملون في الحقل الإسلامي في أي مكان آخر، وعلى هذا الأساس ستكون الإجابات إن شاء الله.
في المراجعة التاريخية
ما هو السند الشرعي الذي أسستم عليه خروجكم المسلح على الرئيس النميري في عام 1976م؟
ـ يجب أن نتذكر أن نظام الرئيس النميري جاء في بدايته بوجه شيوعي صرف، وكان هذا كافيا للخروج عليه آنذاك، صحيح أنه عدل فيما بعد وجهته عندما دخل في صدام مع الشيوعيين، ولكنه اصطدم أيضا بالأنصار وبالإخوان المسلمين، وكان هناك إجماع على أن هذا النظام جاء إلى الحكم بطريقة غير شرعية، وحاول أن يطبق نظرية شيوعية في الحكم، وأقام علاقاته مع الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية على هذا الأساس الأيديولوجي، وبمفهومنا الشرعي ليس هو النظام الذي يقيم الصلاة، فضلا عن ذلك، في عام 1975مبدأ التضييق على العمل الإسلامي، ليس فقط تضييقا على قيادات الإخوان، ولكن على العمل الإسلامي نفسه في كل منابره ورجاله.
والحركة الإسلامية تصورت وقدرت -وقد تكون مخطئة في التصور والتقدير- أن النظام لا يقبل بمعادلة كانت تمضي عليها الأحوال والأوضاع قبل 1975. والحركة لم تكن تسعى لانقلاب على الحكومة، وكانت تتعامل معها كأمر واقع، والحكومة من جانبها كانت تتعامل مع الإخوان على هذا الأساس، ولكن بعد انقلاب حسن حسين في1975، ألصقت الحكومة هذا الانقلاب بالجماعة زورا وبهتانا، بل وألصق بنا نحن طلاب جامعة الخرطوم، واتخذ النظام ما حدث ذريعة لمصادرة مواطن القوى في الحركةالإسلامية، وملاحقة أفرادها وقياداتها، والتضييق على الدعاة في كل البلاد، ومنع الحديث في المساجد. رأت الحركة أن ذلك تعد على حقها في أن تكون موجودة في المجتمع، وأن تتقدم بدعوتها للناس سلما؛ ولذلك أجازت لنفسها التوافق مع القوى السياسية الأخرى للعمل على تغيير النظام، بعد أن انسدت أمامها كل الطرق للتواصل مع المجتمع والنظام.
ما هو السند الشرعي الذي بررتم به خروجكم على الحاكم في 1989؟
- في عام 1989م، الذي شهد تغييرا سياسيا انتهى بوصول الحركة الإسلامية إلى السلطة بواسطة الجيش، أقول إن السبب المباشر لما حدث هو ما عرف في الأدبيات السياسية السودانية بمذكرة الجيش التي قدمت لرئيس الوزراء في فبراير 1989م، وعلمت الحركة الإسلامية أن بعض القوى ستستخدم المؤسسة العسكرية في حسم الاختلاف السياسي، فقد رضيت الحركة الإسلامية –واسمها الانتخابي الجبهة الإسلامية– بالديمقراطية، وعبرها حققت المرتبة الثالثة في الكتل البرلمانية، وقد كان مركزا متقدما بشهادة الجميع، وشاركت في الحكومة الديمقراطية، إلا إنها مع ذلك أقصيت بتحرك من القوات المسلحة، وهو السبب الثانوي.
أما السبب الرئيس في ظني هو الإحساس بتقدم الحركة المتمردة في جنوب السودان، بعملياتها العسكرية نحو الشمال، مقابل وهن حكومي في مواجهتها، بالإضافة إلى تحرك متزامن للتمرد، كانت القوات المسلحة تشهد تحركات عسكرية لبعض القوى السياسية بداخلها، ويمكن أن نقول إن هناك ثمة صلة بين تحرك التمرد والتحرك داخل القوات المسلحة، مما يؤدي إلى تغيير جذري في النظام، واعتبرت الحركة الإسلامية مذكرة الجيش مؤشرا قويا لهذا الاتجاه، فكان التحرك لتغيير النظام لإنقاذ البلاد، وقد أجازه مجلس شورى الحركة الإسلامية.
قد يكون ما ذكرته، لا يتضمن إشارة لنصوص شرعية فيما سبق، ولكن الخلاف كان في (دالة) إقامة الصلاة، هو المؤشر المتفق عليه شرعا (ما أقاموا فيكم الصلاة) فالحركة الإسلامية كانت ترى أن النظام يمثل حالة من الطغيان، واتجه إلى محاصرة العمل الإسلامي (الدعوة) -خاصة أنه –أي النظام- جاء بوسائل غير متفق عليها أو غير شرعية- إذا تجاوز حدا معينا فهو عندها كمنع الصلاة ويفتقد للشرعية.
وتكتسب الشرعية بسبيلين: الانتخاب، أو من خلال الفكرة التي تطرحها، ويجب في الحالة الثانية أن تكون ملتزما بها وأمينا عليها. ففي 1976 كان هناك اعتقاد أن النظام تجاوز كل الخطوط الحمراء وصادر الدعوة، وفي 1989، كانت هناك عناصر ذات توجهات معادية للتوجه الإسلامي في الجيش توشك أن تنقلب على النظام القائم، فأصبح الانقلاب خيارا راجحا.
ما هو السند الشرعي الذي اعتمدتم عليه في قتل مدبري انقلاب رمضان 1990، كما نرجو منكم توضيح اللبس والتعارض الظاهر في الأسئلة السابقة؟
- فيما يتعلق بالضباط الذين أعدموا في 28 رمضان 1990، فقد كان انقلابا على مؤسسة بواسطة عناصر شيوعية أو علمانية، والنظام كان يعتمد بأنه يقوم على فكر إسلامي، ووصل إلى السلطة بالحيثيات التي ذكرت، وقد عدَّ القائمون على الأمر هؤلاء "خوارج" وسرت عليهم الأحكام التي حكمها القضاة يومذاك.
إذا استدار الزمان، وعاد مؤشر الوقت إلى 1976 أو1989، فهل ترى أن على الحركة الإسلامية أن تسلك ذات الطريق الذي سلكته من واقع تجربتكم؟
جعفر نميري- في 1976، أعتقد لو أن الجبهة الوطنية أمهلت النظام، ودخلت معه في حوار، لكانت النتائج أفضل، ولكن الحكومة أغلقت باب الحوار، فلو أن الحكومة فتحت الباب للحوار، ولو أن الجبهة الوطنية المعارضة استجابات لهذه الدعوة لكان الواقع أفضل، ويمكن أن يحدث تغيير متمهل وإصلاح تدريجي في النظام السياسي، ينتهي بوضع ديمقراطي يستوعب فكرة الإسلام، وهذا الذي كان في اعتقادي أن نظام نميري يمضي نحوه؛ لأنه لاحقا استوعب فكرة الإسلام أولا، ولعل هذا التغيير المتدرج نحو الإسلام من خلال تطوير التجربة القائمة أجدى للفكرة الإسلامية، وإحداث تغييرات جوهرية به، وقد ضر الانقطاع المتكرر للتجارب السياسية وتقلبها بين ديمقراطية وحكومة عسكرية في إحداث حالة من عدم استقرار حرمت السودان من تقديم تجربة ناضجة كان مؤهلا لها مقارنة ببقية الدول الإفريقية؛ وذلك لتميز شعبه بقدر مناسب من التعليم والوعي السياسي، وما توفر له إمكانات مادية.
أعود فأقول إن ما أشرت إليه من ضرورة استقرار التجارب كان واضحا للإسلاميين وهم يستولون على السلطة بواسطة الجيش في عام 1989م، ولهذا كانت الخطة تقوم على إحداث تغيير يستنقذ البلاد من أن تقع في براثن انقلاب آخر، أو في يد الحركة المتمردة في الجنوب، وكان الانقلاب في وعي مثقفي الحركة الإسلامية أنه استلام للسلطة لأمد محدود، وسيعمل على تغيير الدستور وتأمين البلاد على أن تعود الحياة المدنية إلى طبيعتها خلال عامين أو ثلاثة على أبعد الفروض، ولكن على أسس جديدة ودستور جديد، ولكن لأسباب كثيرة ذلك لم يحدث ومضينا فيما نحن فيه.
مراجعات في التربية
إذا نظرنا للأجيال الجديدة في الحركة الإسلامية نجد أنهم أقل ما يقال عنهم إنهم ليسوا امتدادا للجيل السابق، وإنما هم مسخ مشوه.. ترى ما هي الأسباب التي أدت لهذا التدهور العقدي والفكري وما هو الحل؟
- أسمع ذلك كثيرا، ولكن دعنا نكون منصفين، صحيح أن الجيل السابق في الحركة الإسلامية له مميزات كثيرة، منها أنه أكثر وعيا سياسيا، ولديه ثقافة متكاملة في الدعوة والعمل التنظيمي، وأكثرا اقترابا من المجتمع، أما الجيل الذي نشأ في عهد الإنقاذ فله تجربة جهادية كبيرة لم تكن لأي جيل من أجيال الحركة الإسلامية السابقة، طبعا الجهاد ليس كافيا، وهو وسيلة ضمن وسائل أخرى في التربية، ربما تكون وسائل التربية المدنية أشد وأقسى من مجرد الاندفاع في العمل الجهادي، فربما تأثر بهذه المسألة وربما لأنه نشأ في ظل واقع والحركة الإسلامية فيه متمكنة ومتسيدة، فلم يمر بمراحل الابتلاء التي مر بها أولئك الذين دخلوا السجون، وقرءوا ودرسوا وجادلوا التيارات الأخرى، وشاركوا في منافسات حرة في الانتخابات الطلابية، والتربية السياسية، والتي فرضت قدرا واسعا من التواصل مع القيادات الفكرية والسياسية بالمجتمع ولهذه التربية المفتوحة الثرية قطعا وقعها في تكوين المرء وتربيته ووعيه.
ولكن إذا قيل لي إن الجيل الحاضر، حاد عن الصواب وترك الصلاة، ستكون هذه مصيبة كبيرة، إن صحت هذه المقولة، فـ(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ومن تركها فقدكفر)". وعلى كل حال، أنا لا أحب التشاؤم فالناس ليسو دائما سيئين، فإن كرهت منهم خلقا رضيت منهم آخرا، وأدعو إلى نظرة أكثر تحليلية موضوعية، حتى نستطيع أن نحدد على وجه الدقة ما الذي نقبله وما الذي نرفضه، وكيف حدث ما حدث. أما اختلاف الأجيال، وعدم رضا الجيل القديم بالجيل الجديد، فهذه مسألة منذ بدء تاريخ الإنسانية وهي ظاهرة اجتماعية موجودة في كل مكان في العالم، ففي أمريكا الجيل القديم يرى الشباب قد انحرفوا عن قيم المجتمع الأزلية، وكذلك في روسيا وبريطانيا وغيرها من أرض الله، فهذه المسائل تحتاج لمقاربة أكثر دقة وتحليلا.
مع اقتراب كثير من الحركات الإسلامية في العالم من الوصول إلى السلطة، وضح أن هناك جيل ينشأ في ظل أوضاع جديدة، وهي أوضاع تقتضي ترتيبات ومناهجوأنماط تربوية جديدة، فكيف يمكن تربية هذا الجيل؟
- في تجربتي الشخصية، فإن الجرعة التي يتلقاها الشخص من العمل العام –وهو معنى أوسع من العمل السياسي- والتحدي الذي يواجهه في المحافظة على التزامه القيمي والشعائري هي أكبر من أي وسيلة تربوية أخرى، من السهل عندي اعتزال العمل العام والمحافظة على الصلوات في المسجد وغيرها من العبادات، ولكن عندما أحافظ على الصلوات في وقتها في هذه المدافعة، وتلك المكابدة، فبلا شك سيكون مردودها على نفسي أضعاف أضعاف شعورك بها وأنت تصليها معتزلا، لو سألتني عن خياري أقول لك على الناس أن ينخرطوا في العمل العام، وأن يحافظوا على تربيتهم، ولا أدري ما وجه الاستحالة في حدوث ذلك حتى يتوهموا فيعتزلوا؟ نحن المسلمون يجب أن يكون رسول صلى الله عليه وسلم حاضرا في مقام الاقتداء عندنا، فهو كان يصلي ويقود الجيش، يصلي وينام، ويقوم الليل ويصوم. وحقيقة فكلما انخرط الواحد منا في العمل العام كلما زادت مقدرته على استيفاء عبادات لا تتأتى إلا في هذا المقام، عبادات قد تكون أقل عددا ولكن ثمرتها أكبر وأكثر بركة منتلك المعتزلات التي تسمى تربوية.
وبنفس القدر ما نسميه التربية الفكرية، فحين تطلع على كتاب فكري فإن استيعابك له مختلف، سواء أكان إسلاميا أو غير ذلك؛ لأن استيعابي وفهمي له أضعاف فهمي له قبل الانخراط في العمل العام، خذ مثلا كتابا يتحدث عن أزمة مقاربة النظرية مع التطبيق العملي في التجربة الماركسية، وهي تجربة بشرية، الوعي بها يكون أكثر مما هي عليه وأنت معتزل، والاستفادة منه في إقامة وتقييم المشروع الإسلامي وتجربته تكون أكبر؛ لأن هناك إشكالات نظرية تحل من خلال التجربة وهناك خلاصات مشتركة بين هذه التجربة والتجربة الإسلامية رغم الاختلاف الكبير بينهما في المنطلقات والمبادئ والأهداف، ومن هذه الخلاصات: هناك اختلاف بين النظرية والتطبيق عند التنزيل العملي للأفكار والنظريات، وهذه الخلاصة يجب أن يعيها كل إسلامي.
ونصيحتي لكل أحد يعمل في المجال العام، سواء أكان إسلاميا أو مهنيا، أن يعمل وأن يتربى خلال العمل، فدعوة القرآن الأساسية والتوجيه السائد هو أن تعمل، وتعرفون قصة الصحابي الذي جاهد في يوم إسلامه، واستشهد وهو لم يصل لله ركعة ولم يصم.. عمل قليلا ووجد كثيرا. وأنا أرى أن فلسفة التربية الإسلامية يجب أن تكون التربية قريبة من وقائع الحياة وغير منعزلة عنها، فالمسلم مدعو إلى أن يصلي ويحج ويزكي وهو يصارع تيارات الحياة العامة.
ابتعد الإسلاميون كثيرا عن الدور الريادي في الدعوة إلى الله، وانخرطوا في العمل السياسي، وأصبحت الوسائل أهدافا، ومنها الدولة، وتحولت تحديات قادة الحركة الإسلامية من جهاد واستشهاد وتفان إلى حركة صراع سياسي داخل الحركة الإسلامية.. والسؤال.. هل أنتم راضون عن هذا الانتكاس الخطير في مسيرة الحركة الإسلامية؟ وهل سيقتصر دوركم على السرد التاريخي علما بأن التجربة الإسلامية ألقت بنتائج سلبية على الفئات المجتمعية من الشعب، والتي كانت تترقب نجاح الإسلاميون بدلا من انكفائهم في المجتمع وإعلان انهزامهم، لإحداث تغيير اجتماعي وسياسي شامل؟
-لا أقر أنه انتكاس خطير، صحيح إذا اقتصر دور الإسلاميين على السرد التاريخي، فإن تلك كارثة وإعلان هزيمة، من الضروري استصحاب التجربة التاريخية والاستفادة من دلالاتها، ولذلك كنت أدعو دائما إلى المراجعة النقدية لتجربة الحركة الإسلامية، وقد قمت ببعضها في خاصة أمري. وأعتقد أن تجربة الحركة الإسلامية تجربة ثرية، فهي مليئة بنجاحات مثلما هي مليئة بالأخطاء، كالدولة الأموية أو الدولة العباسية في تاريخنا الإسلامي، فهذه التجارب التاريخية القديمة كان فيها إشراقات في الاهتمام بعلوم الدين والعلوم المعاصرة آنذاك، ولكن كانت هناك سلبيات في الجانب السياسي. والإسلاميون في السودان وفي غيره مطالبون أكثر من غيرهم بقراءة تجربتهم التاريخية بعين ناقدة، بدلا من العقلية المتحيزة، وهو ما يخالف ضرورة أنها تجربة بشرية.
د.غازي.. هل ترهلت الحركة الإسلامية وأصبحت مرتعا للوصوليين والانتهازيين ممن يقدمون إذا أقبلت السلطة وينفضون إذا أدبرت؟
- حتى لا يصيب المسلمين الإحباط، فهناك سنة كونية في القرآن "إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كانتوابا"، فالنصر الأول في العهد النبوي جاء بأصناف كثيرة جدا لم تكن في مستوى الجيل الأول، جيل ما قبل الفتح، فأي نصر ولاسيما إن كان الوصول إلى السلطة سيأتيك بطوائف من هؤلاء، ولكن لا ينبغي أن نفقد الثقة في أنفسنا، وقد ظلت التجارب الإسلامية منذ عهدها الأول تعتمد على ثلة وطليعة ملتزمة، وحولها تجد كل الأشكال والدرجات وفيها المنافق.
أنا لا أدافع عن وجود الانتهازيين، ولكن أقول إن أصحاب الحاجات والأغراض، يهرعون دائما إلى مواطن الغنيمة، وهذا شيء طبيعي ولا يزعجني، ولكن يقلقني إذا أصبحت السمة الغالبة هي الانتهازية، وانعدم من يعملون بإخلاص من أجل الآخرة. ولا أعتقد أن هذا قد حدث في تجربتنا القائمة، بحسب ما أراه في خاصة نفسي، وفي كثير ممن أتعامل معهم، ولا أعتقد الدنيا هي مطلبهم النهائي، رغم أنها قد تناوش أحيانا، ولكن يبقى المقصد، وأظن أن هذا هو السائد.
الإسلاميون ليسوا ملائكة، يجب أن يسعوا لإقامة الحكم الإسلامي كما أمرهم الله، على أن يتم ذلك بشفافية عالية ومحاسبة المنتمين وأهل الصف، والتشديد في أخطائهمأكثر من الآخرين، فليسوا هم أهل الصواب المطلق في تجربتهم، وليس الآخرون أهل الشر المطلق مهما عظمت أخطاؤهم.. سؤالي للأخ الكريم الدكتور غازي، باعتبار اهتمامي بالعمل التربوي، حول التداخل بين العام والخاص؛ كيفية التوفيق بين نجاح العمل العام والسعي فيه وبذل الجهد، والنجاح الخاص في الحياة، مع ملاحظة أن بعضالإسلاميين يسخرون العمل العام لمصالحهم الخاصة، وهذا قد ظهر في تجربة حكمهم الماثلة؟
- نعم الإسلاميون ليسوا ملائكة، وكان الفهم المستقر عندنا في الحركة الإسلامية أننا جماعة من المسلمين، ولسنا جماعة المسلمين، ولا الجماعة الإسلامية، ولا ندعي أننانحن الفرقة الناجية وحدنا، نحن جماعة من جماعات المسلمين يجمعنا معهم الإسلام الواحد والعقيدة، ولكن لنا منهج ولنا نظرية وتركيز على جوانب معينة مثلما للجماعات الأخرى، فأيما شخص من الإسلاميين أوهم الآخرين بأنه من أهل الصواب المطلق فإنه مخطئ، ولكن أؤكد لك أن معظم الإسلاميين لا يقرون له بذلك.
طبعا وجود بعض الإسلاميين يسخرون العمل العام لمصالحهم الشخصية فهذا وارد جدا، ورسولنا الكريم حينما قال "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" فهو يلمح إلى أن من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها؛ لأنه يعلم حالة معينة لرجل هاجر من أجل الزواج بامرأة، وهو صحابي بحسب التعريف العلمي للصحابي، وهو منلقي الرسول صلى الله عليه مسلما ومات على الإسلام، وإن تخللت حياته ردة. إذن أن يكون هناك ناس يحرصون على الدنيا والنجاح الخاص أو تسخير العمل العام لمصالحهم الخاصة.. هذا وارد، وقد يرد من أناس متدينين، لا أقول ذلك تبريرا، ولكن أقول يجب أن نتوقعه ونؤسس الآليات التي تمنع حدوثه، ولكن المهم أيضا إذا رأيناه يحدث ألا نفقد الثقة في أنفسنا وتجربتنا ونقول هذا كله باطل؟
هل في تجربتكم القائمة هناك آليات لمنع هذا الفساد؟
- طبعا كلمة الفساد تستخدم استخداما واسعا، ولكن إن كنت تعني استغلال السلطة، فهناك نظام للمحاسبة، ولكي أكون صريحا فأنا ما علمت أن النظام تناول حالة بعينهاوصوب عليها وأصدر بحقها أحكاما، ربما بسبب أن الاتهامات التي ترد مبهمة ولا بينة تسندها. ولكن المهم أن نثبت المبدأ، بضرورة وجود هذه المؤسسة؛ لأنه عندما تأتيك الدنيا وأنت في الحكم تكون لك الأبواب مشرعة، وحتى أهل الإيمان قد يطمعون في الدنيا وهذا وارد، لذلك فإن التربية في سياق العمل هي التربية الحقيقية؛ لأن من السهل على أي فقير أن يجلس في المسجد ويقول أنا زاهد، ولكن الزاهد الحقيقي هو من يرى جميع الأبواب مفتوحة ولا يأبه لها.
هل من متلازمات الخروج للعمل العام أن يتزهد في الدنيا وتكون حياته شظفا؟
- بقدر ما ضحى الإنسان بقدر ما كان قريبا من الناس والجماهير ومخالطتهم.. وأنا شخصيا أرى أن الإسلاميين السودانيين غير منعزلين عن الناس، فهم يشاركونهمأفراحهم وأتراحهم، ولكن من كان في السلطة فإن أوضاعه المادية ستكون أفضل ممن هو خارجها، ولكن أن تستغل السلطة، وتحوز الأموال فهذا لا يصح، ولكني أعرف أيضا أنه قد يكون من بين زملائي من اغتر بالسلطة وتغيير بسبب السلطة واستولى على الأموال، وأوصد الأبواب أمام الناس، وهذا النموذج متوقع حدوثه، ولكن لا أراه كثيراً.
افة المثقفاتية من قيادات ما تسمي بالحركة الاسلامية السودانية انهم موهوبون بل متفوقون جدا علي اقرانهم في الحركات الاخري في صنعة الكلام الفخيم المشبع بالمباديء والقيم العليا بينما عند محكات الواقع و علي مستوي الممارسة اليومية لتلكم القيم والمباديء فانه لا علاقة البتة بين القول والفعل ودوما ممارساتهم مفارقة لاقوالهم فراق ( الطريفي لجملو)!
12-09-2012, 08:31 AM
هشام هباني هشام هباني
تاريخ التسجيل: 10-31-2003
مجموع المشاركات: 51292
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة