لماذا نكتب ؟دراسة تأملية حول الكتابة (1)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 03:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-29-2012, 10:59 AM

Yahia Elhassan
<aYahia Elhassan
تاريخ التسجيل: 06-13-2011
مجموع المشاركات: 57

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لماذا نكتب ؟دراسة تأملية حول الكتابة (1)

    مبعث حيرتي من السؤال، أية سؤال ، هو ما يزيحه من صمت معرفي هائل مجردا صحراء هذا الصمت من غناها اللانهائي.. واستجنانها بالعديد من الاحتمالات المشرعة على فضاءات لا تحد ...السؤال شهية لامعقولة للتحديد ...للإفقار..إفقار موضوعة التساؤل بحصرها في ( معرفة مسيجة).. بيقين ما.. باعتبارها ممكن نهائي...إجابة ما عن (قلق معرفي صميم وجوهري ) وهو أي السؤال..أكمل تعبير عن شهية مطلقة لتطريز حواف وجودنا بخمائل الطمأنينة الناعمة للمعرفة( المتفق عليها جميعا) ومن ثم دفعنا بعيدا عن كهوف الغموض .. وقد أفلح العقل الجمعي في تسييج " المعرفة العامة المتفق عليها" ذات الإجابات الكلية والصارمة عن أي سؤال بمتاريس شديدة الإخضاع ، ففيما يذهب إليه " ميشيل فوكو" في حفرياته الآركيولوجية في بنية الوعي الجمعي ، فقد تمكن الوعي الجمعي من إعلاء "اللوغوس الجمعي" وخطابه المعرفي في موازاة تسفيل " الاستبصار الفرداني" للمنمازين وذلك بابتكاره " للجنون " فالعيادة النفسية هي معقل ومحبس وضريبة للتقاطع المعرفي مع السائد جمعيا من مقولات وأفكار ، ولعل ذلك يكشف بجلاء الخوف من الفرادة والتميز والرغبة العميقة في استنساخ " ذات مفرد بصيغة الجمع " بمعنى إقصاء كل من يتقاطع مع " المتفق عليه والسائد ، وهذا يقود –في مآلاته التعيسة بالطبع- الى تسييد " معرفة القطيع" ولعل أبرز ميادين سلطوية القمع هذه تتجلى في الخطاب الديني على نحو أخص من سواه ، ففيما يغامر المتمردون على " معرفة القطيع" في فض ابهامية "اللامفكر فيه" يرتضي العقل الجمعي بمقولة بائسة " كل ما يمكن أن يعرف، أو يقال قد قيل سلفا " وليس هناك ثمة داع لمغامرة الوعي في التأمل حول ما لم يجتر من مقولات الأسلاف ، ومن الطريف هنا ما يردده العقل الجمعي من خرافة عقد نكاح كاثوليكي بين المعرفة والتقدم في العمر : فمن يكبرك سنا ..يفوقك معرفة ، وربما تكون هذه الخرافة من ميراث "عبادة الأسلاف"
    السؤال فيما يطمح إليه العقل الجمعي –فقه النحن- هو تعبير عن الرغبة في الراحة الذهنية بالوصول الى حد صارم لفوضى الالتباس واللاتحديد واللاتعين ( بلغة الفلسفة) لموضوعة التساؤل.... هو الرغبة اللامعقولة في إضاءة الغسق : تحويل المعرفة الى نهار شديد الوضوح ، فلا غرابة أن تساء ، والحالة كهذه- سمعة الليل وتلاك سيرته بحسبانه ( شرا مستطيرا) ولا تسلم أمارته الكبرى: اللون الأسود من فظاعة الإلحاق القسري بالشر ، وربما عادت بنا هذه التأملات الطليقة في مبحث شائق حول سوسيلوجيا اللون الأسود –في غير هذا الموضع.
    لماذا نكتب؟
    ما يليني من السؤال: لماذا أكتب؟
    أكتب ...لأني ببساطة أحاول التناص مع وجودي ...بالكتابة أحاول تأسيس عالم مواز ...عالم يتناص باللغة مع ( الوجود/في الهناك) خارج ذاتي ...الكتابة هي وسيلتي لتصدية ( من ترجيع صدى) همس الكون بألغازه وإسراره العميقة لروحي ، مشيحا في إباء عن ما في فعل الكتابة من خيانة: فما تهمس به الزهرة، المرأة..القمر.. للروح من أسرار جمالها وألغاز فتنتها لا ينبغي البوح به عبر اللغة إذ في ذلك نقل لهذه الأسرار الى " الآخرين" ...ولكني عبر اللغة أشكل موطن الفة لروحي.. في مسكن وحشتها العميقة في الوجود ..وعبرها أفر من سطوة هذا الجمال بتشويهه قليلا عبر الشعر ، ألم يقل " سارتر" إن الجمال هو الرعب الأساسي في الوجود؟. الشعر بهذا التأسيس هو فعل فرار من سطوة الجميل ، وذلك عبر النشوة الزائفة بإمكانية إنتاجه في اللغة: يحاول الشاعر ، عبر ما يتيحه فعل الامتلاك من سطوة..أن يتخلص من " رعب الجميل" ثم الكتابة عندي ....حالة استحضار ميتافيزيقية.. لعالم يتشكل في رحم الحلم..عالما تتسع فضاءاته غرفا سرية.. تمارس فيها كائنات الوجود جميعها طقوس تعر سري ..متسكعة في فضاء أحلامها بالصيرورة المتمردة على سجن هوياتها العتيقة.. في محابس جسدية الوجود /خارج الكتابة ...بالكتابة تتطهر الكائنات من دنس وثنية الجسد الواحد ....تتخلص كما الثعابين من جلد نهاريتها الفجة موغلة في غسق حلمها بذاتية أخرى ...فالقمر يكف عن كونه قيعان وأودية جافة وصخور صلدة...كما هو قمر العلم/ في كشوف ناسا.. يكف بالشعر عن تلك الهوية المحنطة ...كي يتحول موطن لقاء أثيري للمحبين...كما قال عاشقهم:
    أقلب طرفي في السماء لعله
    يوافق طرفي ...طرفكم.. حين ينظر...
    الكتابة...هي لعبتنا السحرية التي بها نشيد عالما من مرمر أحلامنا...ونستدفئ بها من هجير وحدتنا ...بالكتابة نؤسطر، ليس فقط عالمنا الخاص ، بل عالم الأشياء كذلك إذ ندلف إليها عبر البهو الخلفي للخيال مسترقين السمع لهوياتها المتململة من سجن تجليها الظاهري: في عالم ( الأنت..الهو) نندمج معها في وحدة صوفية عميقة ونزوع تحريري ساحر: يطلق الحرف الأشياء من عقالها ، في مهاد بالوناته السحرية يعاد تشكيل الأشياء: فالزهرة تكف عن كونها محض بتلات تنشر عبيرها ...تتصير عالما مغلفا بالنشوة ...كونا كلي السحر: سحري فيما يحيل إليه من أشجان وذكريات حميمة ...نرى عبر عبق أنوثتها وفحيح عطرها...مشاهدا من ماضينا البعيد...ومن استرق السمع والقي البصر ، ربما يتسمع حفيف الآتي عبر شقوق الزمان المتسترة في نسغها الحريري ، الشعر ، والنثر العظيم ، كشف هائل عن ألغاز الهوية الخفية للأشياء ....سرنمة عذبة ...نكتشف بهما كيف تحتال الأشياء على استرقاقها في محابس جسدية ذاتيتها الملقاة هناك/ في عالم اللاشعر ...عالم الرؤية الأفقية، وليست الرؤيا المباغتة كشلال ينجس خلسة أسفل وعي مبارك..
    لماذا أكتب؟
    لأني ..ربما.لا أعرف شيئا غير ذلك!
    ولأني سأموت ان لم أفعل ذلك!
    الكتابة...خبزي ومائي وهوائي الذي أتنفس....هي صنارتي الذهبية لاصطياد قلب حبيبتي...
    أكتب لأني وجدت نفسي هكذا!
    أحيانا كثيرة ...
    أشعر باللغة.. جنيا سريا يهذي أسفل عقلي......
    تكتبني اللغة كثيرا..ولا أكتبها إلا حين أخشى من كل هذا الضجيج الذي تمارسه الحروف في أقبية الوعي ...أشعر بتنهيدة ارتياح عميقة.. تعرفها من فاجأها المخاض الى جذع حزن من طول وحشتها ...الحروف لعبتي ومسكني الأليف ...ومنذ ان كنا صغارا نشيد من رمل الشاطئ قصورا ..ومدائنا جميلة.. نتسكع في شوارعها حافين إلا من نعال البراءة ...عارين إلا من زبد ما نتدثر به من مرح ..كذلك حين نكبر تصبح الحروف رمالنا.. والعالم كله شاطئنا الذي لا يحد...
    الكتابة تأويل للعالم (2)
    الشعر جسر أثيري يعبر من خلاله اللاانساني الى حواف المؤنسن : فالزهرة ، النهر ، القمر ، وكل كائنات القصيدة ، تتصير بفعل خيميائية الحرف الى ذوات إنسانية : تهمس ..تبكي وتضحك ، فالشعر بهذا المعنى هو فعل انزياح عظيم وإطلاق لجنون الفرار من الهوية من عقاله: فالشاعر، فيما يستمع بمحبة وعدالة الى تململ الأشياء من محابس هوياتها ، يخلق عبر الحرف أكوانا وعوالم تسمح رحابتها للأشياء والأحياء بالانزياح الى أحلام صيرورات مشتهاة ، أو الى ما يحلم لها الشاعر بأن تكون ، يزيد الشاعر من رحابة الوجود الحي باستنسال هويات لا تتسكع إلا في أقصى حواري مخياله وعشقه اللانهائي للخلق والتشكيل الحي .
    إنَّ هاجسَ الخلق الذاتي هو- عندي- المُحرض الأصيل للشّعر فكأنّما نودُّ- عبر المشروع اللغوي والذي هو جسد القصيدة- أن نُنشيءَ عالماً من الصور التي يحتبلُ بها خيالُنا الباسل لما يتماوجُ في وجداننا من طيفِ الواقعِ الذي نحس! إنّه- أي الشّعر- ثورةٌ بأجلى معانيها:- ثورةٌ على السّكُونيّةِ الواهيةِ والمُضلّلةِ إيَّانَا بأنَّ الأشياءَ على مسافةٍ ما منّا، بينما هي تُحدّقُ إلينا بصمتٍ مُجَوَّفٍ كقاعِ بئرٍ مُظلمةٍ ساخرةٍ من لهفتنا السّاذجة بامتلاك انفعالنا بها وسجننا إيّاهُ في جسدٍ إبداعيٍّ يتّخذُ من اللّغةِ الجّريئةِ مادَّةً له، إنَّ الشّعرَ يودُّ أن يمتلكَ لعالمَ يا صاح!
    إنَّ الفعلَ العينيَّ المُباشر:- محاولة امتلاك الجميل، المُدهش، والذي فيما يبدو من أشَدِّ صور "التلبية للنداء" بريقاً، إنَّ هذا الفعل لا يعدو أن يكونَ عندَ شاعرٍ "كماريا رينيه ريلكه" سوى عبثٍ فارغٍ، ولا يُحيلُ إلا الإيمانِ بما مفادُهُ:- "أنَّ الاستجابة الرمزيّة السّرّيّة للجّمال هي كلّ ما يبقى في نهايةِ التّحليل" ولأسحبُكَ معي إلى هذه الأبياتِ الجّميلةِ التي يصفُ فيها ريلكه انفعاله بشلالِ ماء:-
    كدتُ ألمسهُ كطفلٍ
    إلا أنّني أدركتُ:
    إنّي سألمسُ حجارةً باردةً وماء!
    ولعنتُ السّماءَ لأنَّهَا سنّت من بينَ
    قوانينها ما يقول:
    ليس هنالكَ شيئاً نُحبُّهُ أكثَرَ
    بكثيرٍ، ذو قيمةٍ بالنّسبةِ للمستِنَا
    إنَّ هذه الأبيات تُوحي- فيما تُوحيهِ من فيُوضات وجدانيَّة- بأنَّ الظّمأ للجّميل هو الظّمأ الذي لا ارتواء منه أبداً ما كانَ الوجدانُ مُعافىً، ولا "رانٍ" ثقيلٌ من قِشريَّاتِ الحياةِ اليوميّةِ- حياة القطيع!- يُشكّلُ جداراً بيننا وبينَ العناق- في حالة صوفية حالمة- مع الجميل، حسناً، ماذا يكونُ من شأن فاعلية حواسنا الخمس، ممكناتنا الوحيدة التي نطل عبرها على الوجود ، كيف لها أن تقتنص جمالية الجميل ، ساعتصفاء ما تأمل "ويليام بليك" حول خيبة هذه الحواس في امتلاك " جمالية الجميل" :
    أنّى لكَ العلم
    بأنَّ كُلّ طائرٍ يجتازُ طريقَهُ الهوائيَّ
    هو عالمٌ مليءٌ بالنَّشوةِ
    وأنتَ مُغلقٌ على حوَاسِّك الخمس؟!
    أنَّى لكَ العِلْم، هي جُملةٌ شعريّةٌ حُبلى بتناقُضاتٍ رائعة، فهي مُغريَةٌ بالتّساؤلِ عن صدقيَّةِ ما نَخلعُهُ من معانٍ على ظواهرِ الأمور، كما أنّها تختزنُ في داخلها تقريعاً لطيفاً للذاتِ ومعرفتها المشروطة بقوى إدراكها، "بحواسّها الخمس"، وفيها، كذلكَ، اعترافا بقُدرةِ الطّبيعةِ على أن تُخاطبَ وجداننا مُباشرةً وبشفافيّةٍ كريستاليّةٍ رائعة، وتُومِئُ، بجُرأةٍ، إلى افتضاحنا العاجز عن شخصنةِ وتجسيدِ انفعالنا بها وعجز ذكرِ رُوحنا- الشّعر- عن فَضِّ بكارةِ غموضِها-، إنَّ ما يَستَنْبِتُهُ فينا إِصطفاقُ جناحي الطائرٍ الذي يعبُرُ طريقَهُ الهوائيَّ لا يُثْمِرُ إلا شكوانا من عَقمِ لغتنا في أن تُنجزَ بُرهةَ ولادةٍ طِلِقَةٍ لإخصابه جُوانا بذلكَ الانفعال المُدهشِ المُتملِّصِ المُصمَّتِ على ذاتِه، والذي عبثاً نحاولُ استنطاقه، فكأنَّ في دواخلنا عنقاءُ يُلهّبُهَا الطَّائرُ ونحاولُ نحنُ إبتعاثَها من جديد.
    إنَّ الإنسانَ معزُولٌ- لحدٍّ مُخيفٍ- طالما احتاجَ إلى وسيلةٍ للتعبيرِ عن ذاته! يحضرني الآنَ رُعبُ إنسانِ سارتر: ذلك المقذوف به في الكونِ وحده ليواجه مصيره الخاص الذي هو: وجوده وعدمه في ذات الوقت، إنَّ عشقَ الامتلاك هو ثدي "ليليث" الذي أرضعَ الشِّعر ابتداء، أينبغي علينا أن نهجرَ الشّعرَ وأن يكونَ إنشاؤُنَا السِّرِيُّ قصيدةَ صمتٍ تُسطّرُها الطَّبيعةُ على وجداننا بلغةٍ هي إرتعاشُنا إزاءَ حضورِها السّحري؟هل نردد مع " مارتن هيدغر" بأن القصيدة الحية هي الصمت ؟
    جدة 27/5/2012
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de