|
|
 تحليل نزاع جبال النوبة/ ولاية جنوب كردفان
|
تحليل نزاع جبال النوبة/ ولاية جنوب كردفان
يُرجع المحللون جذور نزاع ولاية جنوب كردفان وجبال النوبة إلى فشل تطبيق برتكول جبال النوبة 2005 ، لكن تشيرُ كافة الوثائق الى التاريخ القديم فى المنطقة ... يعود تاريخ الحرب بجبال النوبة الى مطلع القرن العشرين .لكل ذلك تكمن فرص السلام الحقيقية فى (اختراع) الحل لهذا النزاع ، فان كانت الحروب متوارثة يمكن كذلك اختراع الحلول لها. وبالنظر الى طبيعة النزاع المسلح بولاية جنوب كردفان وجبال النوبة خاصة يمكن تحديد نوعين من أنواع جذور النزاع: أسباب تاريخية وأسباب بنائية / ايديلوجية . لكن كما هو معروف ان معرفة أسباب النزاع وحدها لا تكفى فى تحليل النزاع اومعرفة مستواه و درجته لكنها قد تفيد فى معرفة نوعه وبالتالى يمكن معرفةالرؤى التي تتلاءم مع هذه النزاع. لكل ذلك هناك عدد من النظريات والرؤى العلمية التى أفاضت بها دراسات السلام والنزاعات قد تفيد فى معرفة طبيعة وتصنيف نزاع جبال النوبة. من أهم تلك الرؤى : النزاع ذو الأصول المرتكزة على الهوية والأثنية والثقافة والدين . ومن فروض هذه الرؤية للاثنية ابعاد مجتمعية و أبعاد فردية .تزعم هذه الرؤية بأن الإحساس برابط الخصوصية بين الأفراد فى المجتمع المعنى قد يمنحهم الإحساس بأنهم مجموعة مميزة عن الآخرين .كما تمثل الثقافة الرابط المشترك بين تلك المجموعة .لأن الثقافة وفقاً لهذه النظرية أصلاً نمط من الاعتقادات والقيم تمكننا من التمييز بين الصحيح والخطأ . هناك أيضاً رؤية ونظرية أخرى تفيدنا فى النظر والتحليل العلمى لنزاع جبال النوبة مثل (نظرية الاحتياجات الانسانية ) ، وهى الرؤية التى تقول وفقا لكل من ابراهام ماسلو وجون برتون ( ان الاحتياجات الإنسانية تتجاوز الحاجة الى الطعام ،والشرب والغطاء) لتشمل الاحتياجات الفيزيقية وغير الفيزيقية طبعاً السلطة وحق التملك طور اساسى فى هذه الرؤية. كما يرى دينيس ساندول أحد المنافحين عن هذه الرؤية (ان الاحتياجات الإنسانية تجمع بين الاحتياجات البيولوجية والشؤون الإنسانية الأخرى ) . أما أهم تلك النظريات على الإطلاق وهى نظرية الهيمنة Hegemony Theory و التى تقول ( ان القيادات المهيمنة تعتمد على السلطة العسكرية والاقتصادية لتوفير المواد والغذاء والامن للمجتمع المعين).كما تزعم هذه النظرية ان حروب الهمينة هى منتوج التسابق بين السلطة والنظام العالمى على القيادة والحكم). لقد وجدت هذه النظرية قبولا ًكبيراً بين الأكاديميين والمتخصصين فى تحليل النزاعات . لكل ذلك تستدعى الرؤية العلمية لنزاع جبال النوبة منهجاً شاملاً يضع فى الاعتبار كافة الابعاد الاثنية ، والثقافية ، والأمنية ، وقضيا السلطة والتنمية لهذا النزاع . أعود هنا وفى اطار تحليل نزاع جبال النوبة/ ولاية جنوب كردفان كى أعطى نبذة تاريخية مختصرة للنزاع Conflict Profile . يرى البروفسير خميس كجو فى بحث له عن تاريخ النزاع بجبال النوبة تم نشره فى مجلة دراسات السلم التى يصدرها معهد دراسات السلام بجامعة الدلنج بعنوان السلام وأثر القبيلة فى جبال النوبة يونيو 1999م "ان الموقع الجغرافي المميز لجبال النوبة التى توصل بين الأغلفة المسلمة شمالاً والوثنية والمسيحية جنوباً ووسطية المنطقة فى الخريطة السودانية بل وتركيبة القبائل التى تؤكد أن عاداتها وشعائرها وتقاليدها وطقوسها تجمع بين الاسلام والمسيحية والوثنية تجعل من المنطقة منطقة إستراتيجية للسياسيين المحليين والغزاة وهواة الصراع و يقول بروفسير كجو "يستخدمها اليوم قادة التمرد كعمق استراتيجى فى الصراع الدائر" ". ويرى الدكتور سراج الدين حامد فى بحث له بعنوان قصة الحرب فى جبال النوبة " لم يكن دخول التمرد الى جنوب كردفان مفاجأة للعالمين ببواطن الأمور ، فان تمرد أبناء النوبه وانضمامهم الى الحركة الشعبية لتحرير السودان يعتبر ثمرة جهود مضنية وعمل سرى منظم تزامن مع اتفاقية أديس ابابا عام 1972م وهو الابن الشرعى لتحركات الاب فيليب عباس غبوش فيما بعد " .كذلك يرى العديد من المحللين من أبناء جبال النوبه ان الأسباب التاريخية لنزاع جبال النوبة وتطورة تكمن فى (حيازة الأرض). كما يشير الخبير حسين كرشوم الى " ان حيازة أراضى النوبة بواسطة مشاريع ألزراعه الآلية فى كل من هبيلا والبيضا، حيث تتم تخصيص هذه المشاريع للتجار من خارج المنطقة واستحواذها على المساحات التى كانت تزرع كمزارع صغيرة اضافة الى عوامل أخرى مشتركة ضد المركز فى اطار صراع الهامش والمركز والذى يعبر عنه بالتهميش ". وسوف نتعرض لهذه النقطة بصورة أدق وأشمل فى استعراضنا للاسباب الايدولوجية للنزاع . ويشير حسين كرشوم فى مكان آخر من كتابه القيم (نظرة تحليلية لمآلات اتفاقات السلام بجبال النوبة 1995- 2009م قائلاً " بجانب ذلك فقد تم استهداف النوبة وأبناء الغرب عموماً بالحملات المعروفة بالكشات أثناء عهد الرئيس النميرى فى اطار سياسة افراغ العاصمة منهم وعقب محاولة الشهيد حسن حسين التى أبلى فيها أبناء جبال النوبة بلاءً حسناً"
كذلك يمكن تقسيم تاريخ تطور النزاع الى عدد من المرحل .مرحلة الثمانينيات عندما بدأ عددٌ من أبناء النوبة الانضمام الى جيش الحركة الشعبية ، (لأن قبل هذه الفترة لم يعد الصراع أكثر من نزاعات قبلية أتسمت بها المنطقة عامة فى كافة اقسامها : المنطقة الغربية حيث النزاع بين قبائل المسيرية الحمر / العجايرة والدينكا نقوك ، وفى الوسط النزاع بين النوبه وعرب المسيرية الزُرق والحزازمة ).أما ثم تطور النزاع بعد انضمام أعداد كبيرة من ابناء النوبة بقيادة يوسف كوة الى الحركة الشعبية لتحرير السودان . وعند مجيء انقلاب الإنقاذ عام 1989 كانت الحرب قد شملت كل جبال النوبة ووضعت الحركة الشعبية لتحرير السودان يدها على كافة الممرات الأساسية للجبال ، وشهدت مناطق بعينها بعض المعارك مثل ريفى دلامى 1987 ، وريفى كادقلى 1989 ، وريفى لقاوة وريفى الكرقل ، وريفى سلارا ، وكاودا .تمثل هذه المرحلة نضج النزاع وقمته من حيث التصاعد فى المستوى والدرجة . بعد ذلك مباشرة بدأ النزاع فى العد التنازلى De-escalation من عام 2000 – حتى عام 2005م . حيث تم توقيع برتكول جبال النوبة /ولاية جنوب كردفان فى اطار اتفاقية السلام الشاملة Comprehensive Peace agreement . لكن من الواضح لم يتم السيطرة على النزاع بينما تطاهر طرفا الاتفاقية بحله.لقد ظل النزاع كامناً وهى مرحلة معروفة ترفده قوة وديناميت التفاقم مثل المواجهة Confrontation والاستقطاب الحاد Polarization بين طرفى الاتفاقية الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى فى الفترة 2005م- 2011م .أما المرحلة الراهنة للنزاع ، هى مرحلة انهيار الأمن الشامل. ولقد شهدت هذه المرحلة تطورات جديده على على مستوى النزاع حيث ظهر بعض اللاعبين الدوليين فى مسرح النزاع ، ليتصاعد النزاع العنيف بصورة درامتيكية منذ شهر يونيو 2011 الى الآن !
|
|
  
|
|
|
|
Abuelgassim Gor
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست