الشيخ الطاهر الشبلي: تأسيس أم درمان .... ريادة التعليم , تحرير السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-02-2024, 01:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-11-2012, 09:45 AM

Husamuddine Ismail
<aHusamuddine Ismail
تاريخ التسجيل: 02-03-2012
مجموع المشاركات: 14

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الشيخ الطاهر الشبلي: تأسيس أم درمان .... ريادة التعليم , تحرير السودان

    دكتور/ مكي مدني الطاهر الشبلي


    تدين الأمم والدول المتحضرة على نطاق العالم بالتقدير والعرفان لنفر متفرد من مواطنيها الأفذاذ الذين لعبوا دوراً محورياً في رسم المعالم البارزة لتلك الدول، وقدموا مساهمات إستثنائية ساهمت جوهرياً في تكوين الشخصية الإعتبارية لشعوبها، ووضعوا اللبنات الأساسية لنهضتها وشموخها. وتحرص هذه الأمم على أن تظل سيرة هؤلاء النفر الأفذاذ المتفردين حيّة متوهجة ينداح ألقها وضياؤها لينير طريق العزة والسؤدد للأجيال المتعاقبة. وتشير الشواهد الموثقة إلى أن الدور الجوهري الذي لعبه الشيخ الطاهر الشبلي في رسم معالم السودان الحديث وتكوين الشخصية السودانية يؤهله بامتياز لصدارة أبناء هذا الوطن الذين استحقوا بجدارة أن تحفر الأمة السودانية سيرتهم الزاهية في ذاكرتها السرمدية. وليس أدلّ على ذلك من دوره المحوري في تأسيس مدينة أمدرمان، وريادة التعليم الأهلي في السودان، وتكوين الشخصية السودانية، وتعليم رواد الحركة الوطنية وعلى رأسهم قائد الإستقلال، الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري.
    الأصل:
    ينحدر الشيخ الطاهر الشبلي من قبيلة الصواردة، الذين ينسبون لجدهم صارد. والصواردة من محس الوسط تصاهروا مع القبائل العربية في شمال وأواسط السودان، خاصة الجعليين في منطقة شندي، وقد بلغ هذا التصاهر درجة جعلت بعض الصواردة يُنسبون لقبيلة الجعليين. وكما هو معروف فإن المحس ينقسمون بصورة عامة إلى قسمين: محس الشمال الذين يتكلمون اللغة النوبية بجانب العربية، ومحس الوسط الذين هاجروا في القرن الخامس عشر الميلادي إلى وسط السودان ويتكلمون العربية فقط .وقد فقد محس الوسط لسانهم المحسي بالاختلاط مع أهلهم من القبائل العربية الذين تعايشوا وتزاوجوا معهم، وخرج بذلك المحس غير الرطانة، وهم الخزرج. ومحس الوسط هم أبناء محمد (عجم) بن زايد بن محمد محس، الذى يتصل نسبه من جهة آبائه بأبيّ بن كعب الانصاري. وقد أنجب محمد تسعة أبناء هم فروع محس الوسط وانتشر بعضهم حتى في الشمال وهم: صارد (جد الصواردة) _ وهو جد الشيخ الطاهر الشبلي، وسادر (جد السدارنة)، وعبودي (جد العبودية بتوتي)، وشرف الدين (جد البدناب ومنهم الشيخ إدريس ود الأرباب)، وسعد الله (جد السعدلاب)، وزايد (جد الزيادية)، ومزاد أبو شامة (جد الحمدلاب بالعيلفون)، وشعبان (جد الشعباناب)، ومحمد كباني (جد الخوجلاب). وقد إشتهر محس الوسط بنشر العلم الإسلامي والقرآن الكريم، وبالتسامح وروح التعايش وحسن الجوار. كما تشير الدلائل إلى الدور الريادي البارز لمحس الوسط في تشكيل الواقع الحالي للسودان والسودانيين من حيث ريادتهم في مجالات التعليم، ونشر الدين، والزود عن الوطن بالقتال الشرس بجانب الإمام المهدي. و قد كان شيوخهم أيضاً أشهر علماء دولة الفونج، أول مملكة إسلامية في السودان ومنهم: إدريس ود الأرباب، وأرباب العقائد الخشن، وخوجلي أبو الجاز، وإمام أبو جنزير. واستوطن محس الوسط بأم درمان والمقرن وتوتي وبري وشمبات وواوسي وحلفاية الملوك والعيلفون وكترانج والركيبة والكاملين وكلكول وغيرها من قرى الجزيرة والنيلين الأبيض والأزرق وكسلا.
    وتشير الدلائل أن محس الوسط قد هاجروا لمختلف أنحاء السودان حيث انتقلوا من شمال السودان إلى منطقة شندي، خاصة جزيرة ساردية، التي تعتبر من أشهر الجزر في تلك المنطقة. وقد ورد أن هذه الجزيرة عمّرها الصواردة، حيث أخذت إسمهم "صاردية"، قبل أن تحوّل بمرور الزمن إلى "ساردية". وقد إشتهرت هذه الجزيرة بالعلم والتجارة. كما انتشر الصواردة حول منطقة شندي في الجوير وحجر العسل وحجر الطير وأم الطيور والقليعة والمسيكتاب. واستوطن الصواردة أيضاً في منطقة المتمة في القرن السابع عشر في حجر ود سالم (الصاردي)، وأبو رغيوة، وطابت. ويعتبر الشيخ خليل ود علي الصاردي، الجد الأكبر للصواردة، بأنه من أوائل الذين قطنوا هذه المنطقة. وهو صاحب القبة المشهورة بالمنطقة التي لا يزال يزورها العديد من الناس. ويعرف الشيخ خليل ود علي الصاردي بأنه خال العارف باللـه الشيـخ حسن ود حسونة، الذي ولد بالجزيرة كجوج ومازال مكان ميلاده موجوداً ويسمى البيان، ويقع عـلى بعد خمسة كيلومترات شرق حجر ود سالم. ومازال قبر الشيخة فاطمة (أخت الشيخ خليل) ووالدة الشيخ حسـن ود حسونة موجـوداً في مقابر الشيخ خليل الصاردي ويقـوم الناس بزيارته. ومما يجدر ذكره أن الشيخ خليل الصاردي يعرف بأنه من أشهر الأولياء الصالحين بمحلية ود حامد التابعة لمحافظة المتمة.
    وبمرور الزمن واصل الصواردة إنتشارهم في وسط السودان بدافع العلم والتجارة. ولعل أبرز شاهد على تواجد الصواردة ودورهم التأسيسي في منطقة الخرطوم، ضريح الشيخ أبو جنزير (الشيخ خليل بن الشيخ مجلي) الذي لا زال قابعاً في قلب مدينة الخرطوم القديمة، والذي ينسبه العديد من المؤرخين إلى قبيلة الصواردة.
    وأسس بعض الصواردة منطقة الحلفايا، حيث توجد فيها مقابر تحمل إسم الصواردة، لتقف شاهداً على تواجدهم التأسيسي والجوهري في تلك البقعة. بيد أنّ الصواردة نزحوا من الحلفايا لاحقاً إلى الجزيرة بفعل حملات الدفتردار الإنتقامية في عام 1824م، عقب حرقهم للحامية التركية تزامناً مع حرق المك نمر لإسماعيل باشا في شندي. وقد نتج عن هذه الهجرة انتشار الصواردة في منطقة الجزيرة (الربوة، وسنجة، وود العباس، وسنار، وفارس). وهاجر بعضهم مع الإمام المهدي الى مدينة أم درمان، ومن بينهم إبراهيم الشبلي، والد الشيخ الطاهر.
    الميلاد والنشأة:
    ولد الشيخ الطاهر إبراهيم الشبلي بمدينة أم درمان فى عام 1885م، في ذات العام الذي شهد فتح الخرطوم على يد الإمام محمد أحمد المهدي. ونشأ في مدينة أم درمان وترعرع فيها متنسماً عبير الحرية في فجر الثورة المهدية التي شارك والده إبراهيم الشبلي في معاركها الظافرة، حيث اشترك إبراهيم الشبلي في حصار الخرطوم وسقوطها عام 1885م، وأصيب لاحقاً إصابة بالغة في معركة كرري عام 1898م، أدت إلى إستشهاده بعدها بقليل. وكان إبنه الشيخ الطاهر يبره قبل إستشهاده بالعناية بجراحه وهو لم يبلغ سن الرابعة عشر في ذلك التاريخ. كما استشهد في معركة كرري التاريخية عما الشيخ الطاهر وهما المطيب الشبلي، والمدني الشبلي، الذي سمى الشيخ الطاهر عليه إبنه البكر مدني، تخليداً لذكراه العطرة، وتقديراً لبلائه وجسارته في محاربة المستعمر الغازي. وأصيب في معركة كرري أيضاً ابن عم الشيخ الطاهر، الشايب مصطفى الشبلي، الذي عاش متأثراً بإعاقة جسدية من نيران المستعمر الإنجليزي في تلك المعركة، ليكون شاهد عيان على البطولات التي سجلها أهله الشجعان في نصرة الدين والوطن. وقد روى الشايب الشبلي الجسارة الفائقة والثبات المذهل الذي أبداه أهله في الدفاع الباسل عن مدينة أمدرمان في هذه المعركة غيرالمتكافئة. وتجدر الإشارة إلى أن معركة كرري التي لم تستمر لأكثر من ساعتين قد استشهد فيها نحو ثمانية عشر ألف من أنصار الإمام المهدي، وجرح فيها أكثر من ثلاثين ألف مقاتل. ويذكر أن سكان مدينة أمدرمان عند ميلاد الشيخ الطاهر الشبلي فيها في عام 1885م لم يتجاوز العشرين ألف نسمة (أي أقل من سعة أستاد الخرطوم)، وما لبث أن بلغ عدد السكان نحو أربعمائة ألف نسمة في عام 1895م نتيجة لتواتر هجرة أتباع الإمام المهدي لهذه البقعة. وتجدر الإشارة إلى أن العدد الحالي لسكان أمدرمان في عام 2012 يبلغ أكثر من ثلاثة ملايين نسمة.
    التعليم:
    إلتحق الشيخ الطاهر الشبلي بخلوة أم ضواً بان لحفظ القرآن الكريم وهو في ريعان طفولته. وبعد أن حفظ القرآن على يد الشيخ حسب الرسول، إلتحق بمدرسة الشيخ محمد ود البدوى للتعليم المتقدم في اللغة العربية وفروعها، والفقه الإسلامى، وعلوم القرآن. وظل طالباً في هذه المدرسة القرآنية إلى أن توفي الشيخ محمد ود البدوي في عام 1911م. وقد كان زملاؤه في هذه المدرسة كلاً من السيد محمد الباقر ابن الشيخ إسماعيل الولي، والسيد عبد الرحمن المهدي، والشيخ غريب الله، والشيخ إبراهيم أبو الزين. وفي العام 1912م التحق زملاؤه السيد محمد السيد الباقر الشيخ إسماعيل الولي والشيخ ابراهيم أبو الزين بالتدريس في معهد أم درمان العلمي الذي أنشئ في نفس العام. ولكن الشيخ الطاهر الشبلي لم يسلك معهم ذلك الطريق، حيث عقد العزم في ذلك الوقت على تأسيس أول مدرسة نظامية إبتدائية أهلية في السودان.



    الزوجات والأبناء:
    تزوج الشيخ الطاهر إبراهيم الشبلي للمرة الأولى من إبنة عمه زينب الطاهر الشبلي، التي ولدت ونشأت في بلدة ود العباس بمنطقة الجزيرة. وأنجب منها مدني وفاطمة الزهراء وعائشة. وتزوج للمرة الثانية من عائشة بلال رمضان، التي كانت أسرتها من أوائل الأسر التي سكنت حي السيد المكي بأمدرمان، ويرجع أصولها إلى جنوب مصر. وأنجب الشيخ الطاهر منها الباقر وأمين وإبراهيم وفاطمة البتول. وتزوج الشيخ الطاهر للمرة الثالثة من آمنة موسى نوري، وهي من أحفاد الشيخ إسماعيل الولي. وأنجب منها أحمد وعلم الدين والفاتح وستنا ومريم وميمونة.
    شخصية الشيخ الطاهر الشبلي:
    تأثرت شخصية الشيخ الطاهر الشبلي بالبيئة والزمان الذي ولد ونشأ فيه. فقد كان من أوائل من ولد في مدينة أمدرمان في عام تأسيسها بواسطة الإمام محمد أحمد المهدي في عام 1885م. وكان لتوافق ميلاده مع فتح مدينة الخرطوم على يد أنصار الإمام محمد أحمد المهدي، الأثر الكبير على البيئة الأسرية التي شهدت طفولته. فقد ترعرع في مناخ أُسَري تخيّم عليه عزة النفس وشموخ الإنتصار الباهر على المستعمر الإنجليزي الذي شارك فيه أبوه وأعمامه الشجعان، الذين ضحّوا بأرواحهم رخيصة في سبيل الدين والوطن. ومنذ نعومة أظافره إكتسب الشيخ الطاهر الشبلي من هذه البيئة الصالحة قوة الشخصية، ورباطة الجأش، ومضاء العزيمة، ومكارم الأخلاق، واستقامة السلوك، ووضوح الرؤية، وكراهية المستعمر. فقد ورد في السند الصحيح المعاصر أن الشخصية المتفردة التي تمتع بها الشيخ الطاهر الشبلي قد أهلته منذ سن مبكرة ليكون ملجأً لحل مشاكل الناس، مستفيداً من علمه الغزير بفقه الأحوال الشخصية. كما كان لشخصيته المُهابة الأثر البالغ في إنضباط السلوك والتزام خلق الإسلام في حي السيد المكي، والأحياء المجاورة المليئة بطلابه وعارفي مكانته السامية. وكما تمتع الشيخ الطاهر الشبلي بحب واحترام عامة الناس، الذين بادلهم نفس المشاعر، فقد إحتل مكانة مرموقة وسط أقرانه من أعيان البلاد مثل السيد عبد الرحمن المهدي، والسيد علي الميرغني، والشريف الهندي، والسيد ميرغني الشيخ إسماعيل الولي. وفي إطار عرفان الناس لمكانة وقدر الشيخ الطاهر فقد عرض عليه منصب مشيخة الإسلام بعد وفاه أستاذه الشيخ ود البدوى. وفي هذا الصدد أيضاً، فقد أرسل الحاكم العام مندوباً لمنزله الكائن بحي السيد المكي، عارضاً عليه منصب قاضى القضاة. ولكن الشيخ الطاهر رفض بعزة وكبرياء أي منصب ينطوي على التعاون مع المستعمر الإنجليزي. واعتبر أن في تولي ذلك المنصب، الذي سال له لعاب الكثيرين، خيانة لدماء والده وبقية شهداء موقعة كرري، التي سالت زكية فداء للدين والوطن، وإزكاء للمقاومة البطولية ضد المستعمر الإنجليزي.
    وبالنظر إلى هذه المكانة المرموقة التي تقلدها الشيخ الطاهر الشبلي في مدينة أم درمان، المستلهمة من شخصيته الكارزمية، ومقدرته اللامحدودة على التأثير على الآخرين، وبالنظر إلى الدور المحوري الذي قامت به مدينة أمدرمان في تكوين الشخصية السودانية بكل أبعادها التي تشمل أساليب التفكير، والتصرف، واتخاذ القرارات، والمشاعر المتأصلة والفريدة، فإنه لمن المؤكد أن الشيخ الطاهر الشبلي كان في صدارة من أثروا تأثيراً إيجابياً في تخطيط المعالم البارزة للشخصية السودانية بمعناها المتعارف عليه اليوم، والمتمحورة حول الشجاعة والكرم والتضامن. فقد كانت هذه القيم السامية من أبرز مكونات شخصية الشيخ الطاهر الشبلي، حيث عمل طول حياته على غرسها في أبنائه وطلابه وجيرانه. ومن ثم إنداحت هذه القيم النبيلة لتنتظم كافة أنحاء الوطن نظراً للدور الريادي الكبير الذي إضطلع به تلاميذه في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية في تلك الفترة المهمة من تاريخ السودان التي شهدت تربية وتكوين رواد الحركة الوطنية. ولعل أبرز تلاميذ الشيخ الطاهر الشبلي، الذين تشربوا هذه القيم النبيلة على يديه وتتلمذ في مدرسته، الزعيم الخالد إسماعيل الأزهري، الذي قاد النضال الوطني ضد المستعمر الإنجليزي، ولعب دوراً رائداً في تحقيق إستقلال البلاد في عام 1956م.
    تأسيس مدرسة الهداية عام 1912م:
    أسس الشيخ الطاهر الشبلي مدرسة الهداية الأولية في عام 1912م، ولم يتجاوز عمره حينذاك الثامنة والعشرين عاماً. وقد إستلهم هذه الفكرة الجريئة في تلك السن المبكرة، من طفولته التي قضاها في حفظ القرآن، وتعلم اللغة العربية، وملازمة والده الجريح في معركة كرري التي خاضها بشجاعة ضد المستعمر. كما إستند الشيخ الطاهر في تأسيسه للمدرسة على استقرائه لواقع السودان في ذلك الحين حيث ظل يرزح تحت نير الإستعمار لمدة أربعة عشر عاماً. وأدرك الشيخ الطاهر بحسه المستنير أن نقطة الإنطلاق للخلاص من الإستعمار تبدأ من تخلص أبناء الشعب من الجهل والأمية التي خيمت عليهم في ذلك الزمان. ومن ثم أخذت تختمر في ذهنه فكرة تأسيس مدرسة نظامية إبتدائية تكون نواة لتسليح أبناء الوطن بالعلم والمعرفة والسلوك القويم بما يمكنهم من تحمل مسؤولياتهم الوطنية تجاه البلاد.
    ونظراً لأن الشيخ الطاهر الشبلي لم يكن يمتلك موقعاً يؤسس عليه مدرسة الهداية في ذلك الوقت، فقد بدأها بمبنى مؤجر يعرف حينه بعمارة نعيم شندي الواقعة في نهاية شارع السيد علي عند المدخل الشرقي لسوق أم درمان. وقد كان ساعده الأيمن في مرحلة تأسيس المدرسة الشيخ عبد الله أبوحراز، الذي استمر في العمل معلماً بالمدرسة إلى وفاته في منتصف خمسينات القرن العشرين. ثم انتقلت مدرسة الهداية إلى مقرها الثانى الذي يقع فى شارع السيد علي قرب سوق امدرمان (حائط الطوب المائل)، ويقع فى الجهة الجنوبية للشارع. وبعد ذلك نقل الشيخ الطاهر مدرسة الهداية إلي منزل مؤجر بشارع الخليفة قبالة مسجد الأمين الصائغ. واستمرت في هذا الموقع حتى عام 1922م حينما قام بتشييد موقع للمدرسة أمام منزله الكائن بحى السيد المكي، شارع السيد علي. وكانت المدرسة تتكون من أربعة فصول وصالة كبيرة تضم مكتب الناظر والمدرسين. ولعله لمن المهم الإشارة إلة أن هذه الصالة كانت تتسع أيضاً لتلاميذ المرحلة التحضيرية (الروضة). وخلافاً لاعتقاد الكثيرين بأن مرحلة الروضة قد بدأت حديثاً في السودان، فإن الشخ الطاهر الشبلي قد اهتم بهذه المرحلة من تعليم الأطفال منذ عام 1922م. وكانت مدرسة الهداية تقبل الأطفال للروضة وهم في سن السادسة، وعند بلوغهم سن السابعة، يلتحقون بالفصل الأول بالمدرسة.
    وعند بداية الدراسة بالمدرسة التحق بها أبناء أحياء أم درمان القديمة مثل حي السيد المكي، وود أرو، والموردة، والركابية، وودنوباوى، وأبو روف، وبيت المال، والشجرة، وحي العرب، والعرضة. وقد تخرج في هذا الصرح التعليمي التاريخي نفر كريم من أفذاذ هذا الوطن يذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر طيبي الذكر: الزعيم إسماعيل الأزهري، وعبدالخالق محجوب، وأمين الشبلي، وبشير البكري. كما تخرج في مدرسة الهداية أيضاً دفع الله الحاج يوسف، وكامل شوقي، متعهما الله بالصحة والعافية.ومن العسكريين تخرج من المدرسة اللواء طلعت فريد واللواء أحمد رضا فريد عضوا المجلس الأعلى للقوات المسلحة إبان حكم الفريق إبراهيم عبود، والقمندان موسى نورى، أول نائب مدير للسجون عند السودنة، والفريق فتحى أحمد على القائد العام السابق للقوات المسلحة. وفي مجال الرياضة، درس في المدرسة كل من اللاعبين المتميزين مكي السيد محمد، وبكري موسى نوري التقر، وبشرى وهبة، وبشارة عبد النظيف، وسليمان عبد القادر. ودرس فيها أيضاً الفنانان المبدعان محمد ميرغني، وكمال ترباس، والفنان المسرحي القدير الفاضل سعيد، رحمه الله، والإذاعيان اللامعان حمدي بولاد وعبد الرحمن أحمد محمد صالح. ومن الشعراء الفحول تعلّم على يد الشيخ الطاهر الشبلي في مدرسة الهداية كل من إبراهيم العبادي، وعبيد عبد الرحمن، والهادي أحمد محمد صالح، وإبراهيم الرشيد. ويجدر بالذكر أن الأستاذ خالد أبو الروس رائد المسرح السوداني قد عمل أستاذاً وناظراً لمدرسة الهداية لفترة تزيد على ربع قرن من الزمان.
    الوفاة:
    إستمر الشيخ الطاهر الشبلي في عطائه المتفرد إلى أن وافاه الأجل المحتوم فى 5 ديسمبر 1948م، وهو جالس على مكتبه، موجهاً للمعلمين ومشرفاً على الطلاب، الذين وهبهم آخر نفسه الطاهر في سبيل إعلاء شأن الدين والوطن. وقد تم دفنه في مقابر البكري بن الشيخ إسماعيل الولي في أمدرمان.
    جعل الله الشيخ الطاهر الشبلي من المقربين إليه، وأسكنه الجنّة مع من قال فيهم لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de