كلام على ناصية الإفتقاد..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 04:53 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2012, 01:53 AM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كلام على ناصية الإفتقاد..





    فقدت إفريقيا برحيل القائد الشيوعي السوداني "محمد إبراهيم نقد"(1930-2012)، أحد كبار المُعلمين الماركسيين
    المحترفين.
    فالرجل الذي تنسم قيادة الحزب الشيوعي السوداني عبر السكرتارية العامة للجنة المركزية للحزب عقب مذابح 1971
    التي أودت بحياة عدد مقدر من رفاق العمل الثوري، ظل لما يزيد عن الأربعين عاماً متحملاً المسؤولية الأساسية في توجيه
    حزب الشيوعيين السودانيين، متفرغاً لذلك دون أي شاغل آخر من شواغل الحياة غير عكوفه على الكتابة والتأليف في
    بعض الفترات التي شهدت "إختفاءه".

    وفي هذا المجال- مجال الفكر والتدبير النظري- قدم "نقد" العديد من الإسهامات التي ربما تشكل تياراً للوعي في يوم ما،
    فبغير إسهامه النظري في الكراسات السياسية للحزب الشيوعي السوداني، قدم الأستاذ "محمد إبراهيم" للمكتبة السودانية
    عدداً مقدراً من الكتب والمقالات، ربما يعد من أميزها كتاب "علاقات الارض في السودان ـ هوامش على وثائق تمليك الارض"،
    الذي علق عليه المؤرخ السوداني البروفيسور "محمد إبراهيم أبوسليم".
    يقول "أبوسليم":
    (إن "نقد" يعتنق الشيوعية وله موقف محدد من الملكية وثمراتها ولكنه لا يثقل على نفسه، ولا على القارئ بمسلمات الشيوعية،
    ولا بمرجعياتها، ولا البس الامور اللبوس الجاهزة وانما نظر من خلال المحصول المعرفي بنظر المفكر والعالم وتوصل الى نتائج
    خلص اليها).
    هذه شهادة من مؤرخ أكاديمي معروف، ما كان له أن يجازف بها في حق زعيم حزب سياسي لولا أن هذا الزعيم قام بالواجب في الكتابه
    من بحث وتقصي وتوثيق، الأمر الذي يشير إلى الأمانة والمثابرة والكد على المستوى النظري.

    بشكل عملي، تجلت هذه المعاني (الأمانة والمثابرة والكد) في تاريخ محمد إبراهيم نقد السياسي.
    فالرجل الذي قضى عقوداً "تحت الأرض" وسنواتاً عزيزة من عمره في المعتقلات، لم يساوم دولة أو حكومة من الدول السودانية وحكوماتها
    المتعاقبة على منصب أو إستوزار أو إستشارة، حيث كان قميناً به أن يتقدم ببعض التنازلات "المعقولة" لينال حظوة أو راحة، وفي
    أفضل الأحوال مجالاً أوسع للعمل الحزبي، وهو أمر لم يتردد إزاءه قادة معاصرين من مختلف الجهات السياسية في سوداننا الحبيب.

    قوام الكلام السابق إلى جانب حقيقة أن الأستاذ "محمد إبراهيم نقد" إنسان زاهد وعف، لم يمنع الأستاذ "نقد" من عقد وتكوين مجموعة
    من أوسع مجالات التحالف السياسي والنظر الإستراتيجي المبني على رؤى قومية، والشاهد أن الحزب الشيوعي السوداني أقام مجموعة من
    التحالفات الجبهوية التي تعد درساً في العمل الكفاحي ضد الديكتاتوريات في البيئة الإفريقية، (ألمح في ذلك إلى تجربة التجمع
    الوطني الديمقراطي، ميثاق أسمرا، وتحالف جوبا).

    في ملاحظة جديرة بالذكر، لم يقم "محمد" بمغادرة السودان بعد أن تولى قيادة الحزب الشيوعي (هذه الملاحظة ليس من شأنها أي إنقاص
    من قدر الذين غادروا السودان)؛
    فطوال سنوات حكم عبود (أربع سنوات) وحكم المشير نميري ( ستة عشر عاماً) وحكم البشير(ثلاثة وعشرون عاماً) عمل الزعيم الشيوعي على
    نسج تاريخه الكفاحي داخلياً.
    والمعلوم أنه طوال تلك الحقب المذكورة كان هناك من يستعد (بل ويسعد) بإستضافته على أرضه.
    لكن الرجل آثر أن يعمل وسط مواطنيه بصيغة "العمل السري" حيث إتخذ من مواطنيه واعضاء حزبه "المحليين" مجاورة ذات صبغة حسنة.

    المفيد للسيرة، كون سنوات الإختفاء في مجموعها أكلت من عمر الأستاذ 43 عاماً (وهو ما يزيد عن نصف عمره!)، وهذه تضحية ومثابرة لا
    يعرف طريقها إلا الأخيار الأقوياء الذين ينضح كبد روحهم بالإلتزام والمحبة.

    في جنوب أفريقيا كانت 26 سنة من السجن كافية لإيصال المناضل " نيلسون مانديلا" لمصاف الأبطال الكبار في القارة والعالم، لكن تاريخنا
    الوطني بما فيه من ثغرات وسوء تكوين لم ينتبه لوجود مثل هذه الزهرة البازخه بين ظهرانينا، فسامته البلاد بالعنت والحشف وسوء الكيل،
    ولم يتفحص الوطن هذه الجوهرة بما يليق بها من حسن مقام، بل جعلت من حياته سلسلة من المرارات والآلام والأحزان.

    لكن "نقد" كان أكرم، كان أكثر كرماً من بلاد بأكملها، فمنحنا عصارة فكره وذهنه المتقد وأحبنا كثيراً، أكرمنا نقد في حياته بالعمل
    المضني المستمر من أجل حياة طيبة وحقوق راسخة، كما أكرمنا بموته حين رأينا كيف خرج الناس لوداعه في الموكب المهيب، فأعاد لنا
    الدفء والإطمئنان والأمل.

    لقد أكرمنا الرفيق والأستاذ " محمد إبراهيم نقد" حياً وميتاً.

    إنه أمر مرير، ان يموت إنسان في مقام هذا الرجل الوطني الكبير.
    الأكثر مرارة، أنه لم يتم التوثيق له، ولا للحياة التي عايشها،
    كما لم يتم كتابة تاريخ الحزب السوداني (الشهير) قبل أن يموت الأستاذ " محمد إبراهيم نقد"، فالأكيد أن ذاكرته حوت المثير
    مما يمهنا (أو – قد – يفتح مغاليق الأمور).
    ::::::::::::::::::::
    *ملحوظة:
    لم أشعر أثناء الموكب أنيي أسير "مُشيعاً لجنازة"، كنت أشعر أنني أسير خلف " محمد إبراهيم نقد".

    "كل التعازي أيها السودانيين، لقد فقدتم منحة من الدنيا، فلتبكوا كثيراً"


    (عدل بواسطة طلال عفيفي on 06-05-2012, 04:19 PM)

                  

06-05-2012, 02:08 AM

Nasr
<aNasr
تاريخ التسجيل: 08-18-2003
مجموع المشاركات: 10821

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)

    الشئ المفرح
    أنه ترك أرثا فكريا
    وبحوثا وكتابات في الإقتصاد والتاريخ والفلسفة
    وفي نظرية العمل الثوري،
    لم تفض بكارتها بالحوار بعد

    فلنقرأ له ولنقرأه إذن
    ليس ضروريا أن نقرأه (لنتبعه)
    أو حتي (لنتفق معه)
    أو نشهق لدسامة إبداعه وعميق علمه

    لنكرمه بقراءته ومن ثم محاورته
    وربما (الإختلاف) معه
                  

06-05-2012, 11:29 AM

خدر
<aخدر
تاريخ التسجيل: 02-07-2005
مجموع المشاركات: 13188

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: Nasr)

    كتابة جميلة كالعادة .. شكرا طلال و العزاء موصول للشعب السوداني






    إنتخبوا محمد ابراهيم نقد لرئاسة الجمهورية

    (عدل بواسطة خدر on 06-05-2012, 11:31 AM)

                  

06-05-2012, 12:38 PM

تيسير عووضة
<aتيسير عووضة
تاريخ التسجيل: 12-20-2005
مجموع المشاركات: 7136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: خدر)

    منذ رحيل هذا العظيم ما قرأت كتابة عنه برّدت بطني كهذه التي قرأتها لك يا طلال
    ملك الكتابة الواصلة ..





    وداعاً يا أبونا ..
                  

06-05-2012, 12:46 PM

تيسير عووضة
<aتيسير عووضة
تاريخ التسجيل: 12-20-2005
مجموع المشاركات: 7136

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: تيسير عووضة)

    Quote: لم أشعر أثناء الموكب أنيي أسير "مُشيعاً لجنازة"، كنت أشعر أنني أسير خلف " محمد إبراهيم نقد".



    اللي خلّف ماماتش !



    ومثل الأستاذ محمد إبراهيم نقد لا يموت ..
                  

06-05-2012, 04:33 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: تيسير عووضة)



    الأعزاء طارق ونصار، مشكورين على المتابعة والقراءة،
    وربنا يمد في عمرنا يومين تلاته لغاية ما نشوف نهاية
    الكابوس ده.

    تيسير العزيزة،
    والله زمان، فعلاً إفتقدنا إنسان مهم في الحياة السودنية.
    زول ظل فاعلاً لغاية اللحظة الأخيرة. وإشخص عرف يقدم مثل
    حقيقي للإيمان.

    مشكورة عالكلام الطيب

                  

06-09-2012, 02:31 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: Nasr)



                  

06-07-2012, 02:19 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)

                  

06-08-2012, 01:37 PM

عبدالله شمس الدين مصطفى
<aعبدالله شمس الدين مصطفى
تاريخ التسجيل: 09-14-2006
مجموع المشاركات: 3253

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)

    Quote: لكن تاريخنا الوطني بما فيه من ثغرات وسوء تكوين لم ينتبه لوجود مثل هذه الزهرة البازخه بين ظهرانينا، فسامته البلاد بالعنت والحشف وسوء الكيل،

    شكراً يا طلال..... يا ذو البصيرة الوفية.
    وكما يقولون, لا كرامة لنبى فى وطنه.
    وها قومنا جدّ جِدُّهم, وأظلمت لياليهم وإدلهمّت,
    وبرغمٍ, فلا بدر يشخصون بإتجاهه لكى يعلموا أى الفتيان أضاعوا فى غيبوبتهم تلك.

    مودتى
                  

06-08-2012, 08:32 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: عبدالله شمس الدين مصطفى)

    شكرًا عزيزي عبدالله، فعلا بلاد امر ناسها يحير!
                  

06-08-2012, 11:03 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)





    والله يا طارق ماسمعت الأغنية إلا في مسائي هذا!
    شي عجيب حكاياتنا دي..
    :::
    مشكور يا طارق، ولسه جدوى أغنيتك في محلها..
    وقلبي يحدثني أننا سنحيا كما نستحق.


                  

06-09-2012, 02:42 PM

ادريس خليفة علم الهدي
<aادريس خليفة علم الهدي
تاريخ التسجيل: 10-11-2005
مجموع المشاركات: 5409

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)

    Quote: رشيد الخيّون

    إبراهيم نُقد.. ممارسة "الدِّين المعاملة"
    تاريخ النشر: الأربعاء 18 أبريل 2012
    كاد محمد إبراهيم نُقد (1930- 2012) يكون شبحاً في ذاكرتي، حتى رأيت صورته وسمعت صوته. فكلُّ ما تحدث به زملاؤنا السودانيون، مِن الدارسين ببغداد في السبعينيات، عن الأمين السياسي للحزب الشيوعي السوداني يشي بالتوهم في وجود هذا الرجل، لأنه المختفي لأكثر من ثلاثين سنة. ما أن يشعر بخطر المداهمة لبس الظلام ثوباً، فأخذنا نعده صاحب الغيبات! هكذا كنا نتلاطف مع أصدقائنا.

    كانوا يأتون للدِّراسة في معاهد وجامعات بغداد وهم على مشارب وطرائق متنافرة، لكن خلافاتهم قد لا تصل إلى خلافاتنا نحن العراقيين. يمكن للسُّوداني زيارة سفارته وتقوم له بالواجب، وكنا ننظر بدهشة من تعاملهم مع سفاراتهم على الرغم مِن الخصومة الشَّديدة، بينما كنا لا نقترب من مناطق سفاراتنا خشية من إيذائها، ومن لصق تهمة التجسس لصالحها إن شاهدك أحدهم ماراً بشارعها.


    أتذكر عندما جلينا خلال الحرب الدَّاخلية بعدن (يناير 1986) في باخرة شحن سوفييتية ورست على ميناء جيبوتي، ونزلت الأمم ولم يبق إلا العراقيون، صعد رجل منادياً: أنزلوا فالسَّفارة العراقية هيأت لكم كذا وكذا. حينها صمتنا صمت الصُّخور ونحن ننظر في وجه المنادي ولم نجبه حتى ملَّ وانسحب، واستمرت بنا الباخرة إلى اللاذقية. عاشرنا سودانيين ببغداد وعدن ووجدناهم من السهولة يستصغرون العظائم بالسخرية.

    ربما أثرت فيهم الصوفية، فبلادهم ملأى بطرقها المختلفة، وإذا سألت الماركسي السوداني أجابك بآية قرآنية مناسبة للموقف، فالحزب الذي قاده إبراهيم نُقد أكثر مِن أربعين عاماً كان مختلفاً عن أشقائه بالمنطقة في تعامله مع الدين، كنا نسمع بين أعضاء لجنته المركزية من المؤدين لفريضة الحج، وينادون عليه بالحاج.

    من هذا المنطلق كانت الصُّوفية والرَّهبنة بائنة على إبراهيم نُقد، فلما أصدر العلامة حسين مروة (اغتيل 1987) كتابه "النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية" (1978) تولى نُقد قرظه ونقده، ونشر ما كتب حينها في "الميدان" السُّودانية، ثم جُمع وصار كتيباً، نشرته دار "عزة" السُّودانية. وسمعت أن "الفارابي" سبقتها إلى نشره.

    على ما أظن أن محمد إبراهيم نُقد، منذ ذلك الوقت، أدرك أن مفردة المادية فيها شيء مِن المجانبة للدين. فقد جُعل الدين مرادفاً للمثالية والمادية مرادفة للإلحاد، وأراه ترادفاً ليس دقيقاً عند التعامل مع الفلسفة الإسلامية خصوصاً. أُخذ على مقاس المسألة الأساسية في الفلسفة: "أيهما أسبق المادة أم الوعي"؟! التي طُبقت مِن قبل باحثين وكُتاب ماركسيين كميزان، وعلى هذا القياس جرى حسين مروَّة في بحثه الشَّاق والشَّائق في الوقت نفسه.

    أما نُقد فاعتاض عن مفردة المادية بالعقلانية، وهي الأصح والأفصح، فالعقل يناقش ويفحص، وهي غير مستنكرة مِن قِبل المتدينين. فمِن السهولة أن يُقال: "هذا مِن تقولات الماديين"! لكن مِن الصَّعب وصم العقلانيين أو العقلانية بالتَّقول. كذلك ليس في كتاب حسين مروَّة، الذي انتشر انتشاراً واسعاً، ما يشير إلى المادية بمعناها الإلحادي، فأصحاب المقالات والمذاهب والفلسفات المسلمين، الذين أتى مروَّة بعينات مِن أفكارهم، هم داخل الدَّائرة الدِّينية لا خارجها، وإن وقفوا في مواجهة الرافضين للفلسفة والتَّفلسف.

    كأن نُقد أراد القول: إن الأصوب لعنوان مصنف مروَّة، الذي عمل فيه عشرة أعوام متواصلة، هو: "النَّزعات العقلانية أو العقلية في الفلسفة العربية الإسلامية"، مع علمنا أن الفلسفة بشكل عام هي فعل عقلي محض بما فيها نفي الأسباب عند أبي حامد الغزالي (ت 505 هـ).

    كتب مقرظاً وناقداً: "يؤرخ مروَّة، وفق التَّحقيب التقليدي للنزعة العقلانية بنشأة علم الكلام: بدأ حواراً خفياً بين الفكر والواقع منذ عصر الرَّاشدين، وأخذ الحوار يصبح صراعاً علنياً بين الفكر والسِّياسة في ذروة السَّيطرة الأموية، ثم جاء زمن بدا فيه الصِّراع حول هذه المشكلة يدور بين الفكر والفكر. أي أن الجذور الاجتماعية والسِّياسية للمشكلة كادت تخفي نفسها وراء غبار المعركة الفكرية الفلسفية بين المعتزلة وخصومهم أولاً، ثم بين الفلسفة وخصومها أخيراً" (حوار حول النَّزعات المادية مع حسين مروُّة).

    حسب نُقد أيضاً، أراد مروُّة القول في نزعاته، التي صدرت في مجلدين ضخمين: إن "الفكر العربي الإسلامي فكر الأزمان العاصفة، أزدهرت مدارسه، وتألق عطاؤه في بؤرة التوتر لحقل التحولات المعتقدية، والسياسية العسكرية، والاجتماعية الاقتصادية، والإثنية الثَّقافية الكونية المدى والطَّابع" (نفسه).

    لم يكن نُقد بعيداً عن عالم الفلسفة، كانت شهادته الجامعية فيها، ولو أنه لم يسبر العمل الحزبي وتفرغ لها لكان ذا شأن في مجال الفكر والفلسفة الإسلاميين، لكن ديدن التنظيم الحزبي عَلق به وهو في السَّادسة عشرة مِن عمره، وفصل مِن كلية الآداب بجامعة الخرطوم (1952)، وواصل حياته بين اختفاء واعتقال، وكان الاختفاء مجالاً للقراءة والتَّأمل. اُعتقل سنة 1958 ثم اختفى خمس عشرة سنة متواصلة (1970-1985)، بعدها اُعتقل (1989) عند تسلم الجبهة الإسلامية (الإخوان المسلمون) السُّلطة، فاختفى لأحدى عشرة سنةً. وبعد إعدام عبد الخالق محجوب (1971) وجد نفسه خليفة له.

    وقف نُقد وهو ابن الثَّمانين، في بداية التَّظاهرات بتونس ومصر، وسط ميدان "أبو جنزير" لنصرة الثَّائرين، ولم تحضر الأحزاب، فترك عبارته: "حضرنا ولم نجدكم"! مع أن للشَّاعر في الثَّمانين: "قالوا: أنينك طول اللَّيل يُسهرنا/ فما الذي تشتكي؟ قلت: الثَّمانينا"(الأصفهاني، محاضرات الاُدباء). مات نُقد وهو لم يتزوج، وكيف يتزوج المختفي لنصف عمره.

    لا ندري كيف نظر نُقد إلى سقوط تجارب رفاقه السُّوفييت والألمان وسواهم بعد سبعين عاماً مِن السُّلطة المقفلة. فكم هي رسالة صريحة لمَن ما زال يحلم، مِن ماركسيين وإسلاميين وقوميين، بدولة الأيديولوجيا.

    يختلف الكثيرون مع أفكار نُقد لكن قد لا يظهر مَن يطعن بعفته عن دم أو مال أو عرض. فهذا المختلف معه في الفكر والتَّوجه رئيس الوزراء المنتخب (1985) الصَّادق المهدي أبَنَّه قائلاً: "إذا كان الدِّين المعاملة، فقد كانت معاملته للنَّاس فاضلة وعادلة، كما أن حب الوطن والدِّفاع عن مصالحه ومصالح أهله مِن المحامد في نظر الدِّين والإِنسانية...". كان مخلصاً متصالحاً مع معتقده السِّياسي والفكري. لكنه لم يكن مرائياً عندما أمَ السُّجناء للصَّلاة، فهو يدرك أن خصمه على الأرض لا في السَّماء!


    http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=65331
                  

06-09-2012, 06:41 PM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: ادريس خليفة علم الهدي)


    شكراً عزيزي إدريس على الرابط..
    لك التحية والمودة..

                  

06-09-2012, 02:53 PM

نادر

تاريخ التسجيل: 11-27-2002
مجموع المشاركات: 3427

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)

    Quote: فأعاد لنا
    الدفء والإطمئنان والأمل.
    لقد أطربتني يا طلال، شكراً جميلاً.
                  

06-10-2012, 11:31 AM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: نادر)


    شكراً نادر..
    مودتي..
                  

06-10-2012, 06:39 PM

عبدالله الشقليني
<aعبدالله الشقليني
تاريخ التسجيل: 03-01-2005
مجموع المشاركات: 12736

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)




    لك الشكر أستاذ / طلال عفيفي
    تحية واحتراماً

    سرد لي صديقي النقابي العمالي في منطقة سنار " عبد القادر ...." طرفة قديمة للأستاذ " نقد " في الستينات :

    انتهى الأستاذ نقد من محاضرة مبسطة وعنوانها " رأس المال " . وقد كان أحد العمال الذين انتقلوا إلى التقاعد قد وقف ينتظر من بعد نهاية المحاضرة . حاول العامل أن يلتقي بالأستاذ نقد . وبالفعل التقي به عند نهاية المحاضرة ، وقال له :
    - والله يا أستاذ ، سٍمعتَ المحاضرة وهي مفيدة جداً ، وأحب أسألك يا أستاذ ، أنا الحقيقة صَدَّقوا لي بى كُشك ، وأنا في المعاش وما عندي رأس مال . أها أعمل شنو ؟

    *
    ربما كانت تلك لمحة عن المعارك التي يخوضها أصحاب الوعي في التقاط الخيوط التي تربطهم بجماهيرهم ،وقد علق الأستاذ حينها : أننا بالفعل في حاجة لنُقلل من جُرعة المحاضرة ونعيد تبسيط اللغة ووضع الأمثلة المناسبة من البيئة ، لنصحب الجميع بخطى وئيدة ولكن واثقة ، وقد أعانتني هذه الطرفة لأحسن من مستوى الأداء ، لأكون أقرب لعامة الجماهير .
    *
                  

06-11-2012, 11:30 AM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: عبدالله الشقليني)




    العزيز عبدالله شقليني، مشكور على الإضافة، وأعتقد إنك محق في أن محمد إبراهيم نقد
    كان شديد الإهتمام بالتآلف مع أعرض نسيج من الفئات.
    في نظري أن الرجل لم يركن في تجسير الهوة بينه وبين الناس إلى التنازل عن المنهج
    الذي آمن به وطوره بطريقته الخاصة.

                  

06-13-2012, 03:05 AM

طلال عفيفي
<aطلال عفيفي
تاريخ التسجيل: 06-20-2004
مجموع المشاركات: 4380

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كلام على ناصية الإفتقاد.. (Re: طلال عفيفي)



    نفتقدك يا "محمد إبراهيم" وسط هذه الهيصة الكبيرة.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de