|
المخرج .. حكومة إدارة أزمة . د.خالد التيجانى
|
فى عدد الأربعاء 30/5/12 كتب د.خالد التيجانى النور رئيس تحرير صحيفة (ايلاف )ألأقتصادية الأسبوعية فى افتتاحيته المقال التالى وهو مقال جدير بالقرآءة والتأمل .
الصورة القاتمة للأوضاع الاقتصادية في البلاد ومآلاتها المنذرة بسنوات عجاف من الضوائق المعيشية الخانقة التي قد تصل حتى إلى حالة انهيار اقتصادي كامل وشيك, ما لم يتم تدراك الأمور, التي رسمها قادة الحكم والفريق الاقتصادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم عند اجتماعهم بنواب الهيئة البرلمانية الأحد الماضي, لا تفصح عن شئ لم يكن معلوماً للكافة, ولا تأتي بنبأ كان في علم الغيب, اللهم إلا إدراك متأخر للغاية لأولي الأمر أن الأوضاع الاقتصادية أكثر خطورة مما يمكن التستر عليها أو التغاضي عنها. كان المواطنون, كما كانت كل قطاعات الاقتصاد ورجال المال وبيوت الأعمال, يعايشون منذ وقت غير قصير الأوضاع الاقتصادية الآخذة في التدهور تضيق عليهم الخناق يوماً إثر يوم, ويستشعرون الخطر الداهم, وحدهم من بيدهم الأمر كانوا آخر من يعلم أو آخر من هو مستعد لتحمل المسؤولية عما آلت إليه الأمور. على الرغم من كل ما سودت بها الصحف منذرة من وقت بعيد عن المستقبل القاتم للاقتصاد في ظل العجز الحكومي عن إدارة الاقتصاد الوطني بكفاءة وإقتدار. ومما يؤسف له أن تحرك أصحاب الشأن المتأخر جداً لرسم هذه الصورة القاتمة عن الأوضاع الاقتصادية لم يدفعه إلا محاولة الحكومة الضغط على نواب البرلمان لتمرير إجراءات اقتصادية قاسية طالموا قاوموا اللجوء إليها, مثل رفع الدعم عن المحروقات, واضيف إليها تعويم سعر الصرف. وذلك هو نمط الحلول السهلة الفاشلة بامتياز في مواجهة التحديات الراهنة بقدرها, مكتفية برفع المزيد من المعاناة على كاهل المواطنين لتمويل محافظة نخبة الطبقة السياسية الحاكمة على امتيازاتها ومكاسبها على حساب قوت مواطنيها. السودان بلد غني أفقره ويبدد فلاحه شح الأنفس, وفقر الخيال, وأزمته الاقتصادية ليست في قلة الموارد, ولكن العجز عن إدارة موارده الغنية. إذا كان الحكم جاداً في مواجهة الانهيار الوشيك الذي حذر منه النواب, فليبدأ بنفسه برفع عبء الانفاق الحكومي السياسي المهول الذي ناءت بحمله البلاد, وليبدأ عملية إصلاح اقتصادي خلاق فعلية لا يمكن تحقيقها بغير إصلاح سياسي جذري. وإذا كانت البلاد تقوم ولا تقعد وتعلن الطوارئ عند كل تهديد, ألا يحتاج الخروج من الوضع الاقتصادي المأزقي المنذر بعاوقب وخيمة تشكيل حكومة إدارة أزمة كفؤة لا يتعدى حجمها عشرة أشخاص من ذوي الخبرة والكفاية والنزاهة تقود عملية الإصلاح, وتملك القدرة على بث الثقة والأمل في نفس الشعب بمشروع وطني جاد ليحتمل تبعات ذلك؟. أم علينا أن ننتظر الطوفان.
|
|
|
|
|
|