جـرائــــم الانـقــــــاذ (2)

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 06:26 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-28-2012, 06:43 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جـرائــــم الانـقــــــاذ (2)

    شهـادات .. إفـادات .. وثائـق .. وتوثيـق

    أعدها للنشر: عبدالقادر محمد


    ** لمـاذا الآن ؟


    قبل أن اقدم علي إعداد هذه الشهادات ،والإفادات للنشر ،والعمل علي توثيق تجارب ضحايا التعذيب و الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان ، فكرتُ عميقاً وترددتُ كثيراً ، وطرحتُ علي نفسي العديد من الاسئلة : لماذا نقوم بنشر هذه الشهادات /المآسي ؟ و ماهي الفائدة من نشر هذه الفظائع والانتهاكات التي ارتكبت ضد أبناء شعبنا ؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات،، فكانت الاجابة الحاسمة هي : إن التفكير في فتح ملفات التعذيب الآن هو واجب اللحظة الحاضرة من تاريخ الوطن ، خصوصاً وإن البلاد تمر بمرحلة انتقال يتوجب فيها إعمال مبادئ العدالة الانتقالية لطي صفحة الماضي الأليم ، وبداية صفحة جديدة من عمر الوطن تتطلب وبشكل مُلح وعاجل انصاف ضحايا انتهاكات حقوق الانسان الحادة التي كرس لها نظام الجبهة الاسلامية في مطلع عهده الأسود..وكذلك التفكير في ايجاد سبيل لإنصاف ضحايا التعذيب وليس مجرد مشاركتهم الآلام النفسية التي يعايشونها بشكل يومي من جراء ما تعرضوا له من تعذيب .. بجانب ذلك فإن نشر هذه الشهادات ايضا مرتبط بالتقدير الذي يجب ان يجده ضحايا التعذيب، والمساندة المعنوية ورد الإعتبار لهم وللفت انتباه الجميع لاهمية التذكر وقيمته المعنوية.
                  

04-28-2012, 07:03 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)




    الشهيد الدكتور علي فضل



    حوالي الساعة الخامسة من فجر يوم السبت 21 أبريل 1990 فاضت روح الشهيد علي فضل أحمد الطاهرة في قسم الحوادث بالمستشفى العسكري باُمدرمان نتيجة التعذيب البشع، الذي ظل يتعرض له خلال فترة اعتقال دامت 52 يوماً منذ اعتقاله من منزل اُسرته بالديوم الشرقية مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقلِه إلى واحد من أقبية التعذيب التي أقامها نظام الجبهة غداة استيلائه على السلطة في 30 يونيو 1989. وطبقاً للتقرير الذي صدر عقب إعادة التشريح، ثبت أن الوفاة حدثت نتيجة “نزيف حاد داخل الرأس بسبب ارتجاج في المخ ناتج عن الإرتطام بجسم صلب وحاد”. وعندما كان جثمان الشهيد علي فضل مسجياً بقسم حوادث الجراحة بمستشفى السلاح الطبي باُمدرمان سُجلت حالة الجثة كما يلي:
    • مساحة تسعة بوصات مربعة نُزع منها شعر الرأس إنتزاعاً.
    • جرح غائر ومتقيّح بالرأس عمره ثلاثة أسابيع على وجه التقريب.
    • إنتفاخ في البطين والمثانة فارغة، وهذه مؤشرات على حدوث نزيف داخل البطن.
    • كدمات في واحدة من العينين وآثار حريق في الاُخرى (أعقاب سجائر).
    عندما يمارس البشر التعذيب فإنهم يهبطون إلى مرحلة أدنى من الوحوش، ذلك أن الوحوش لم يعرف عنها ممارسة التعذيب أو التنكيل الذي احترفه جلادو نظام الجبهة الذين عذبوا الشهيد علي فضل أحمد حتى الموت.
    فهؤلاء قد هبطت بهم أمراضهم وعقدهم النفسية واضطرابات الشخصية إلى درك سحيق لا تصل إليه حتى الوحوش والحيوانات المفترسة. ليس ثمة شك في أنّ الجلادين المتورطين في تعذيب علي فضل حتى الموت قد تربوا في كنف تنظيم الجبهة الإسلامية على مبادئ فكرية وسياسية تجعل الفرد منهم لا يتورع عن الدوس على آدمية وكرامة الآخرين وقدسية الحياة ولا يترددون لحظة في إذلال وتعذيب البشر حتى الموت.
                  

04-28-2012, 07:09 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)


    ** الإعـتـقـال ووقـائـع الـتـعـذيـب :



    • ما حدث للشهيد علي فضل يُعتبر جريمة قتل مع سبق الإصرار والترصد لأنّ كل حيثياتها تؤكد ذلك. فقد توعّد العقيد (الرتبة التي كان يحملها عند حدوث الجريمة( الطيب إبراهيم محمد خير –الطيب سيخة- باعتقال علي فضل واستنطاقه ودفنه حياً وتعامل مع هذه المهمة كواجب جهادي، وهو قرار اتخذه الطيب سيخة قبل اعتقال علي فضل، فقد تسلّم الطيب سيخة (عضو لجنة الأمن العليا التي كان يترأسها العقيد بكري حسن صالح)(مطلع ديسمبر 1989 تقريراً من عميل للأمن يدعى محمد الحسن أحمد يعقوب أورد فيه أن الطبيب علي فضل واحد من المنظمين الأساسيين لإضراب الأطباء الذي بدأ في 26 نوفمبر 1989.
    • اعتُقل الشهيد علي فضل مساء الجمعة 30 مارس 1990 ونقل على متن عربة بوكس تويوتا الى واحد من أقبية التعذيب، واتضح في وقت لاحق ان التعذيب قد بدأ ليلة نفس اليوم الذي اعتُقل فيه. وطبقاً لما رواه معتقلون آخرون كانوا في نفس بيت الاشباح الذي نقل إليه، اُصيب علي فضل نتيجة الضرب الوحشي الذي تعرض له مساء ذلك اليوم بجرح غائر في جانب الرأس، جرت خياطته في نفس مكان التعذيب وواصل جلادو الجبهة البشاعة واللاإنسانية التي تشربوها فكراً واحترفوها ممارسة.
    • إستمرار تعذيب الشهيد علي فضل على مدى 52 يوماً منذ اعتقاله مساء 30 مارس 1990 حتى استشهاده صبيحة 21 أبريل 1990 يثبت بوضوح إنه هزم جلاديه، الذين فشلوا في كسر كبريائه وكرامته واعتزازه وتمسكه بقضيته. ومع تزايد وتائر التعذيب البشع اُصيب الشهيد علي فضل بضربات في رأسه تسببت في نزيف داخلي حاد في الدماغ أدى الى تدهور حالته الصحية. وحسب التقارير الطبية التي صدرت في وقت لاحق، لم يكن على فضل قادراً على الحركة، كما حُرم في بعض الأحيان من الأكل والشرب وحُرم أيضاً من النظافة والإستحمام طوال فترة الإعتقال.
    • نُقل الشهيد علي فضل فجر يوم السبت 21 أبريل الى السلاح الطبي وهو فاقد الوعي تماماً، ووصف واحد من الأطباء بالمستشفى هيئته قائلاً: “إن حالته لم تكن حالة معتقل سياسي اُحضر للعلاج وإنما كانت حالة مشرد جيء به من الشارع…. لقد كانت حالته مؤلمة… وإنني مستعد أن اشهد بذلك في أي تحقيق قضائي يتقرر إجراؤه”.
    • العاملون بحوادث الجراحة بالمستشفى العسكري اضطروا للتعامل مع حالة الشهيد علي فضل كمريض عادي دون التزام الإجراءات القانونية المتعارف عليها وذلك بسبب ضغوط رجال الأمن الذين أحضروا الشهيد بخطاب رسمي من مدير جهاز الأمن وأيضاً بسبب تدخل قائد السلاح الطبي، اللواء محمد عثمان الفاضلابي، ووضعت الحالة تحت إشراف رائد طبيب ونائب جراح موال للجبهة الإسلامية يدعى أحمد سيد أحمد.
    • فاضت روح الطبيب علي فضل الطاهرة حوالي الساعة الخامسة من صبيحة السبت 21 أبريل 1990، أي بعد أقل من ساعة من إحضاره الى المستشفى العسكري، مما يدل على أن الجلادين لم ينقلوه إلى المستشفى إلا بعد أن تدهورت حالته الصحية تماماً وأشرف على الموت بسبب التعذيب البشع الذي ظل يتعرض له.
    • بعد ظهر نفس اليوم أصدر طبيبان من أتباع تنظيم الجبهة،هما بشير إبراهيم مختار وأحمد سيد أحمد، تقريراً عن تشريح الجثمان أوردا فيه ان الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”، واتضح لاحقاً أن الطبيبين أعدا التقرير إثر معاينة الجثة فقط ولم يجريا أي تحليل أو فحص. وجاء أيضاً في شهادة الوفاة (رقم 166245)، الصادرة من المستشفى العسكري باُمدرمان والموقعة بإسم الطبيب بشير إبراهيم مختار، أن الوفاة حدثت بسبب “حمى الملاريا”.
    • بعد اجتماعات متواصلة لقادة نظام الجبهة ومسؤولي أجهزته الأمنية، إتسعت حلقة التواطؤ والضغوط لاحتواء آثار الجريمة والعمل على دفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية اللازمة. فقد مارس نائب مدير الشرطة، فخر الدين عبد الصادق، ضغوطاً متواصلة لحمل ضباط القسم الجنوبي وشرطة الخرطوم شمال على استخراج تصريح لدفن الجثمان دون اتباع الإجراءات القانونية المعروفة، فيما فتحت سلطات الأمن بلاغاً بتاريخ 22 أبريل بالقسم الجنوبي جاء فيه ان الطبيب علي فضل أحمد توفي وفاة طبيعية بسبب “حمى الملاريا”. العميد أمن عباس عربي وقادة آخرون في أجهزة الأمن حاولوا إجبار اُسرة الشهيد على تسلُّم الجثمان ودفنه، وهي محاولات قوبلت برفض قوي من والد الشهيد واُسرته التي طالبت بإعادة التشريح بواسطة جهة يمكن الوثوق بها.
    • إزاء هذا الموقف القوي اُعيد تشريح الجثة بواسطة أخصائي الطب الشرعي وفق المادة (137 ((إجراءات اشتباه بالقتل) وجاء في تقرير إعادة التشريح أن سبب الوفاة “نزيف حاد بالرأس ناجم عن ارتجاج بالمخ نتيجة الإصطدام بجسم حاد وصلب”، وبناءً على ذلك فُتح البلاغ رقم 903 بالتفاصيل الآتية: – المجني عليه: الدكتور علي فضل أحمد-المتهم: جهاز الأمن -المادة: 251 من قانون العقوبات لسنة 1983 (القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد).لم تتمكن (العدالة) من النظر في القضية وأوقفت التحريات نتيجة الضغوط المتواصلة والمكثفة من نظام الجبهة ورفض جهاز الأمن تقديم المتهمين الأساسيين للتحري، أي الأشخاص الذين كان الشهيد تحت حراستهم ، وهم المتهمون الأساسيون في البلاغ. الآتية أسماؤهم شاركوا، بالإضافة إلى الطيب سيخة، في تعذيب د. علي فضل (أسماء حركية وأخرى حقيقية لأن غالبية الجلادين كانوا يستخدمون أسماء غير حقيقية) -نقيب الأمن عبد العظيم الرفاعي -العريف العبيد من مدينة الكوة -نصر الدين محمد – العريف الأمين (كان يسكن في مدينة الفتيحاب بامدرمان)-كمال- حسن (إسمه الحقيقي احمد محمد وهو من منطقة العسيلات) -عادل سلطان- حسن علي (واسمه الحقيقي أحمد جعفر)- عبد الوهاب محمد عبد الوهاب (إسمه الحقيقي علي أحمد عبد الله… من شرطة الدروشاب)-نصر الدين محمد- الرقيب الأمين (كان يسكن بمدينة الفتيحاب بامدرمان)- الرقيب العبيد (كان يسكن في سوبا مطلع التسعينيات وهو عضو بالجبهة القومية الاسلامية) – علي الحسنK ويبقى القول أنّ جلادي وقتلة علي فضل معروفون…. وسيطالهم القصاص… هم وكل من كان في موقع مسؤولية في سلطات النظام في ذلك الوقت ابتداءً من أفراد الأمن وحتى مجلس قيادة الإنقلاب والمجلس الأربعيني وعناصر وقيادات الجبهة التي كانت تدير دولة القهر والبطش من خلف كواليس اُخرى.
                  

04-28-2012, 08:25 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    ** الشهيد المهندس أبو بكر محى الدين راسخ:


    اغتيل غدراً فى شهر اكتوبر سنة 1992 بطريقة قذرة ولا انسانية عكست مدي همجية ووحشية من اغتالوا أبوبكر الراسخ من افراد أمن الجبهة الاسلامية
    كان الشهيد أبو بكر الراسخ (وهو مهندس طيران خريج احدى الجامعات الروسية الشهيرة )، فى ليلة اغتياله كان يقود سيارة من منزلهم بالثورة متجها الى منزل شقيقته بالحاج يوسف فقابلته سيارة أمن كانت تتابعه وطلبوا منه النزول فأوقف سيارته
    ونزل وهم فى سيارتهم أطلقوا عليه النار حتى سقط على الأرض ثم داسوا جسده بالسيارة . رفض أهله وذويه ومعارفه وجيرانه دفنه حتى يتم القبض على القتلة .
    ** اعدام جرجس ومجدي :
    في آواخر ديسمبر عام 1989 تلقى الاقباط اول إشارة من إشارات التوجه الحضاري الاسلامي ، المشروع الذي طرحته الجبهة الاسلامية القومية عشية انقلابها علي الديمقراطية، صدرت الاشارة من محكمة في الخرطوم . تلك المحكمة أطلق عليها ” المحكمة الخاصة”. حيث مثل مساعد طيار سوداني يعمل في الخطوط السودانية يدعى جرجس القس بسطس امام تلك المحكمة . كانت التهمة هي تخريب الاقتصاد الوطني وخرق قانون التعامل بالنقد الاجنبي . قال الادعاء في المحكمة إن مساعد الطيار جرجس ضبط متلبساً بمحاولة تهريب حوالي 95 الف دولار مع شيكات بمبلغ 800 دولار ، وشيك آخر بمبلغ دولاراً 150 و175 ريالاً سعودياً و 840 جنيهاً مصرياً . لم تستغرق محاكمة جرجس طويلاً ، وصدر ضده حكم بالاعدام شنقاً حتى الموت . نفذ فيه حكم الاعدام فجراً في سجن كوبر في فبراير عام 1990 . تعرض جرجس الى إهانات بالغة وتعذيب قاسي خلال فترة اعتقاله ، كما تعرض لضغوط نفسية رهيبة ، حيث كان يستدعي عدة مرات على أساس أن ينفذ فيه حكم الاعدام لكنه يعاد إلى زنزانته.
    حكم علي جرجس بالاعدام ونفذ الحكم ، وبنفس التهمة (تخريب الاقتصاد) تم تنفيذ حكم الاعدم جوراً علي مجدي وهو شاب سوداني آخر تم اعدامه بلا أدلة جنائية كافية وبلا ذنب جناه.

                  

04-28-2012, 09:38 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)


    الظلم وإن تحصن بالقوة فهو إلى زوال


    تجربة مجدي بحر

    الزمان: السبت 2 سبتمبر 1995 حوالي الساعة السادسة مساء

    المكان: مدينة الثورة بأم درمان


    قوة يفوق عددها السبعين جندياً والعشرات من الضباط.. تحاصر أحد منازل مدينة الثورة بأم درمان، أحسسنا ونحن داخل المنزل بالحركة المريبة بالخارج فحاولنا مغادرة المنزل قبل اجتياح المنزل، حينها اكتشفنا أن التطويق تم لكامل الحي، ما كان نتيجته ناج منا ولا ناجح في الفرار.
    نجحت في القفز من سور المنزل المحاصر إلى منزل الجيران المفزوعين من جلبة السلاح والشباب المتقافزين على الأسوار وصراخ الجند ثابت .. لعلعة سلاح… ثابت… أقبضوهم.. ثابت مخدرات.. تجار.
    ولكن الجيران أذكى من أن يخدعوا هكذا، الجارة أوتني مع آخرين اتخذوا معي نفس القرار في غرفة بالمنزل، قالت يا ولدي مصيبتكم شنو؟ سويتو شنو للحكومة؟؟ جارنا عوض نحن بنعرفوا وانتوا ما شبه تجار المخدرات أو الحرامية.. كدي أنت أرقد في السرير دا.
    أحد الضباط خلع باب المنزل ودخل مشهراً سلاحه الآلي في وجه سيدة المنزل الواقفة في مدخل الغرفة، حاولت منعه من الدخول بصلابة قائلة: الجوة ده أخوي الصغير وعيان شديد ما تزعجوه، لكنه دخل بعد أن دفعها جانباً وقال: يا مجدي بحر قوم، عامل فيها عيان.. قوم أنا جاييك مخصوص، وحينها بدأ فصل التعذيب والذي تواصل بأشكال مختلفة لفترات طويلة أثناء فترة الاعتقال… بدأ الضرب بأعقاب البنادق على جسدي ثم تكاثر الجند وبدأوا بتقليد قائدهم مهللين ومكبرين: الله أكبر .. الله أكبر … لا إله إلا الله.. خيبر .. خيبر يا يهود… وغير ذلك مما تعودنا على سماعه في برنامجهم التلفزيوني في ساحات الفداء.
    تم تقييد يدي وعصبت عيناي ودفع بي إلى واحدة من العربات الكثيرة المعدة لهذا الغرض والتي تحركت تباعاً تحمل المعتقلين إلى مبنى جهاز الأمن بالخرطوم بحري، ولا أدري إلى الآن ما الغرض من عصب الأعين.. فالمبنى معروف لكثيرين باسم- العمارة- من مارس منهم العمل السياسي المعارض للحكومة أو لم يفعل.. وربما هي إحدى وسائلهم للإرهاب والتأثير النفسي على المعتقلين، فمن لم تعصب عيناه من المعتقلين أمر بعدم رفع الرأس إطلاقاً وإلا كان العقاب ضربة قوية على الرأس.
    حينما وصلت العربات كان المبنى في حالة استعداد كامل لاستقبالنا، ومباشرة بعد هبوطنا بدأت الأصوات ترتفع: الله أكبر.. لا إله إلا الله .. يا جبناء .. يا أعداء الله ثم بأعقاب البنادق مرة أخرى ومن عدد أكبر هوت البنادق على الرؤوس.. أنا سقطت أرضاً ليبدأ الركل والرفس بالأقدام على الرأس والبطن والظهر والصدر ثم الصراخ من جانبهم: فداك يا شهيد … فداك يا أبو دجانة.. فداك يا علي.. يركلون بأقصى قوة دون تحديد وجهة للبوت.. المهم عندهم هو الإيلام فالركل مؤلم- ومهين وهم يعلمون ذلك.
    بعد حوالي ثلاثة إلى أربعة ساعات تقريباً- فمن الصعب التحديد الدقيق لأنني فقدت إحساسي بالزمن- وكان هو عبارة عن مشهد واحد للحظة واحدة لكنها امتدت إلى ما لا يمكن حسابه بالدقائق والثواني.. بعدها بدأ التفتيش الشخصي.. لم يجدوا ما توقعوه، بل لم يجدوا شيئاً على الإطلاق، فقادونا نحن الـ22 معتقلاً إلى غرفة مكتب خالية من الأثاث تماماً… وقوفاً والوجوه إلى الحائط، خلعت عصابات العيون واستمرت الأوامر بعدم الالتفات إلى الخلف.. ثم دخل عدد من الملثمين إلى المكتب وبدأوا بالركل والضرب على الظهر بالعصي لفترة ساعتين أو ثلاثة وبعد أعياهم التعب من ضربنا، بدأ السؤال عن الاسم.. السكن.. مكان الدراسة، يسألونني وقبل الحصول على الإجابة يتجهون إلى آخر بنفس الأسئلة.. لم يتوقف الحديث إطلاقاً كما لم نجلس نحن أيضاً، فقد أمرونا بالوقوف ورفع الأيدي والقيام بحركات رياضية صعبة لفترات طويلة.
    ظللنا على هذه الحال مع الحرمان من دخول الحمام أو الأكل والشرب حتى الساعة التاسعة صباح اليوم التالي، وعندما تغيرت الوردية أعطى كل واحد نصف “ساندوتش فول” ، وابدعت الوردية الجديدة في ابتكار شكل مهين آخر، فتم ترقيم كل معتقل برقم على ظهره وأمرنا بحفظه واستخدامه بديلاً للاسم.. يسأل بسرعة عن الاسم؟ أرد مجدي عثمان فيرد بالصراخ: لا يا بليد.. أنت ما بتفهم أنت نمرة تسعة، ويبدأ بالضرب وكأنه يبحث عن مبرر لذلك، وظل الحال هكذا لفترة خمسة أيام إلى أسبوع- حينها حتى الأيام صعب على حسابها- حيث لا ضوء طبيعي في الغرفة المغلقة.. ولا ساعات نتعرف بها على الزمن، كما تم حرماننا من النوم طوال تلك الفترة لا يتوقف الضرب إلا حين يصل الجلادون إلى نهايات التعب والإجهاد، مع حرماننا الكامل من النوم، وأكلنا فقط نصف ساندوتش للوجبة دون شراب ماء، والذهاب للحمام يتم بعد أن تطلب ذلك بساعات ولمرة واحدة أو اثنين فقط طوال اليوم.
    في مساء أو صباح أحد الأيام- لست متأكداً بالتحديد تم أخذي إلى مكتب الضابط عبد الغفار الشريف الذي تولى التحقيق معي، كنت أول مرة منذ الاعتقال أجلس على مقعد، بدأ بالأسئلة الشخصية حول الاسم – العمر- الدراسة وما إلى ذلك، وكان في منتهى اللطف طوال هذه الفترة كما استخدم عبارات لو سمحت- بعد إذنك- ولو مكن، يستخدمها أحياناً دون مسوغ لها غير إدعاء الظرف والأدب، وبعد أن انتهى من ذلك سألني: منذ متى وأنت عضو بالحزب الشيوعي؟ أجبته بأنني لست عضواً بالحزب، وقبل أن أكمل قذفني بمجسم كان على طاولته، أصابني في كتفي الأيمن ثم طلب مني أن أرفع المجسم وأعيده لمكانه، رفضت القيام بذلك فأصابه ما يشبه الجنون وصاح: يا سعد .. يا سعد (سوقوه) أنا كنت قايلو عاقل لكن ده برضو عامل فيها راجل، وديهو لأخوهو فوق خلي يشوف بي عينو.
    أخذوني إلى سطح عمارة مكونة من أربعة طوابق، أدركت حينها أن الوقت ليل، وكانت هناك مجموعة من الزبانية أحدهم ممسك بعصمت عبد المنعم الذي اعتقل معنا، قدماه إلى أعلى ورأسه إلى أسفل متدلياً على بئر السلم، ويسأل عصمت: تشتغل معانا ولا أرميك؟؟
    تقدم أحدهم نحوي قائلاً: أنت بعد أخوك .. خليك جاهز.. لم يفعل بل ظللت واقفاً إلى أن أطل الصباح حيث أخذت إلى مكتب بادي الفخامة.. دخل الضابط وفي وجهه وعينيه بقايا نوم سألني: أنت مجدي؟ أجبت: نعم قال: الفاتحة على روح أمك ماتت أمس حزناً عليك .. (يا للغبي) تلوت الفاتحة على روحه وعقله، لا على روح أمي، فأنا أعلم أن أمي لم يصبها سوء سوى غيابي، فهي تعلم أين أنا كما أنها تعلم أن عليها أن تكون سبباً لصمودي لا لضعفي، وهذا ما اتفقنا عليه معاً من قبل.
    ظل الحال على هذا النحو لأيام، الإجبار على الوقوف لساعات طويلة من الحرمان من النوم والطعام وتلفيق الأخبار السيئة عن أسرنا، والسب والشتائم، ثم أخيراً وفي صباح باكر جداً تم أخذنا إلى بيت الأشباح القديم (كان قد أغلق في ذلك الوقت بعد ضغوط شديد من منظمات حقوق الإنسان) قضينا فيه يوماً كاملاً، وفي صباح اليوم التالي أخذنا إلى سجن كوبر العمومي.
    أخيراً أصبح بمقدورنا الحديث مع بعضنا البعض للإطمئنان على الصحة ومعرفة الأحوال، وكذلك الاستحمام الذي حرمنا منه قرابة الأسبوع، الآن بمقدورنا أيضاً الأكل بانتظام.. لقد كانت فرحتنا بنقلنا إلى سجن كوبر تعادل الفرحة بإطلاق السراح حيث لا تعذيب بدني داخل السجن.. ولكنها فرحة دامت يوماً واحداً حيث علمنا أن طلاب الجامعات قاموا بتسيير مظاهرات ضخمة جداً للمطالبة بإطلاق سراحنا وتضامناً مع المعتقلين، مما أجبر الحكومة على الاستعانة بقوات من الجيش لتفريق المتظاهرين، كانت أكبر مظاهر الرفض وأقواها منذ استيلاء الجبهة الإسلامية على الحكم بعد انقلاب يونيو 1989، كما قامت بشن حملة اعتقالات طالت المئات من قادة الأحزاب السياسية المعارضة وقادة الطلبة بالجامعات كذلك والنقابيين.
    تم فصلنا عن بقية المعتقلين الجدد ونقلنا إلى قسم منفصل، وفي اليوم التالي أخذنا جميعاً إلى القيادة العامة للجيش وأجبرنا على الوقوف طابور حيث تم تصويرنا بالفيديو (علمنا لاحقاً أنه تم بثه في حلقة خاصة من برنامج في ساحات الفداء) ضمن حملة إعلامية للحد من المظاهرات والمد الجماهيري بإدعاء القبض علينا كمجموعة تخريبية تعمل بدعم من الخارج لإسقاط النظام، وقد وجهت إلينا في تلك الأثناء أقذع الشتائم والألفاظ، وكان الكل داخل القيادة يبحث عن الطلبة مثيري الشغب وعند التعرف علينا تصيبهم حالة من الحماس فيبدأون بالضرب بعنف هستيري لا يتوقف إلا بعد أن يصيبهم التعب.
    وفي اليوم التالي بدءوا في استدعائنا (كل اثنين منا أو ثلاثة معاً) إلى مباني قيادة جهاز الأمن بالقيادة العامة، ودون تحقيق أو أي أسئلة يتم الضرب من الصباح إلى المساء بالسياط بعد تقييد الحركة بالربط أو إحكام الضغط على الأقدام والأيادي بواسطة مقعد أو تربيزة وجلوس أحدهم عليها.
    كانت آثار الضرب والجروح مؤلمة خاصة عندما يتكرر الضرب عليها فقبل أن تبرأ ينشأ الجرح على الجرح، إلا أن خبرة الكثيرين من المعتقلين بأساليب التعذيب وكيفية معالجة آثاره ساعدت كثيراً في سرعة الشفاء حيث كانوا- رغم الإمكانيات الشحيحة جداً داخل السجن – دائماً مستعدين بالماء الدافئ والملح لتطهير الجروح.
    نتيجة للحملات الإعلامية بواسطة الأحزاب السياسية والحركة الطلابية تم إيقاف التعذيب إلا أننا ظللنا معتقلين حتى يناير 1996 حيث بدأ إطلاق سراحنا تباعاً، وأطلق سراحي في 22 يناير 1996 بعد أن خسرت عاماً دراسياً كاملاً، لكنني كسبت عشرات الأصدقاء وسنيناً من تجارب الحياة وتأكدت أنه ليس هناك معركة خاسرة ما دامت القضية عادلة.. وإن الظلم وإن تحصن بالقوة فإنه إلى زوال.
                  

04-29-2012, 04:41 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)




    عذبت وأنا كهل تجاوز الستين


    علي حبيب الله

    لقد أصبح الاعتقال والتعذيب شيئاً عادياً في حياة المناضلين من أبناء شعبنا منذ أن اغتصبت عصابة الإنقاذ السلطة في بلادنا عقب انقلابها العسكري في 30 يونيو 1989، وفتحت بيوت الأشباح سيئة السمعة، ومارست أبشع صور التعذيب والانتهاكات لحقوق الإنسان، مات تحت تعذيبها الطبيب الإنسان علي فضل الذي كان قائداً بارزاً في نقابة الأطباء.. لقد اغتالوه بدم بارد تحت أبشع ممارسات التعذيب.
    في بيوت الأشباح حدثت الكثير من المآسي التي واجهها النقابيون والمثقفون الوطنيون ببطولة، ولقد تم اعتقالي في يونيو 1996 في نفس اليوم الذي تم فيه اعتقال زميلين آخرين وعدد من الطلاب حيث وصلنا عمارة الجاز ببحري في وقت واحد تقريباً في مساء ذلك اليوم وبدأ التحري معي أولاً في الطابق الأرضي والذي بدأ كالعادة بالاستفزاز وأقذع الشتائم الحاقدة.
    بعدها تم نقلي لمكتب آخر أعلى العمارة حيث وجدت شاباً في عقده الثالث أو الرابع، دخلت عليه بالسلام وطبعاً لم يرد التحية فجلست على الكرسي الذي بجانبه مما استفزه وبدأ ينهال على بالشتائم رغم إني في سن والده، وبعد ذلك بدأت أجيب على أسئلته التي بدأ يوجهها لي بكل تماسك وعدم استجابة لاستفزازاته مما زاده حنقاً وحقداً في محاولة منه كي أجيب على أسئلته كما يريد هو وليس كما أجيبه أنا، وكثيراً ما تمس هذه الاستفزازات شرف الإنسان ووالديه، وكلما تمادى في الشتم والاستفزاز والإساءات كنت لا استجيب إليه، وأخيراً قلت: أنت قليل أدب وغير مهذب، فجن جنونه وخرج من المكتب وأتاني بعد لحظات بمجموعة من زملائه وبدأوا جميعاً في صفعي وضربي “بالشلاليت” في كل جسمي، واستمروا في ضربي حتى وقعت أرضاً، وصاح فيهم: أحضروا السياط، فذهبوا وأحضروا الخرطوش الأسود لتبدأ معركة الضرب مرة أخرى وانكسرت نضارتي وتمزق جلبابي الجديد الذي كنت ارتديه.. وتورم وجهي من شدة الضرب وصرت لا أرى.. فسقطت فاقداً للوعي.
    حينما أفقت وجدت أنه قد تم نقلي إلى الطابق الأرضي وطرحت بجانب زملائي من المعتقلين والذين يقفون في مواجهة حائط البرندة رافعين الأيدي إلى الأعلى، وإذا بدرت من أحدهم أيه حركة أو تراخ أوسعه الأمنيون ضرباً وشتماً.
    واستمر تعذيبهم على هذا الحال حتى الصباح، وأنا بجانبهم طريح الأرض منهوك القوى وأحسست بالخدر بجسمي من الضرب والإرهاق.. وفي صباح اليوم التالي إزداد وجهي تورماً ورغم محاولتي إحضار الثلج لعمل “المكمدات” إلا أن ذلك لم يفد بشيء، ولم تتوقف الشتائم والسباب والضرب.
    ثم نقل البعض إلى السجن العمومي بينما تم إطلاق سراح بعض الطلاب، ولقد أصبحت بحالتي تلك مشكلة حيث لم يرغبوا في إرسالي بهذه الصورة إلى السجن، كما إنني لم أتوقع أن ينقلونني إلى المستشفى، ولم يفعلوا.. كما أن وجودي في مكان يراني من خلاله الزائرون أمر لا يرغبون فيه فكانوا ينقلونني من واجهة المكاتب إلى مكان آخر.. ومن مكان إلى مكان حتى نهاية اليوم واستمر هذا الوضع خمسة أيام وأنا أعاني من الصداع والألم نتيجة لارتفاع ضغط الدم وقد استخدمت كل الحبوب التي كانت بحوزتي ولم يستجب أحد لطلبي بالذهاب إلى المستشفى أو إحضار أقراص علاج ضغط الدم.
    وفي اليوم السادس خف الورم ولذلك قرروا إرسالي إلى المستشفى وحضرت العربة لتأخذني بحراسات أخرى من القيادة العامة لأجد بها بعض المنتظرين ونقلت معهم آخر النهار إلى السجن العمومي بكوبر، لكنه ليس هو ذلك السجن الذي غادرته عام 1985 بعد نجاح انتفاضة أبريل وكنت قد قضيت فيه ثلاثة سنوات فقد كانت تشرف عليه إدارة السجون ولكن انتقل إلى الأمن، حيث الإشراف للأمن الانقاذي حيث يتحكمون في حياة المعتقلين خاصة في مسألة العلاج وتوفير الحراسات…الخ، ومنذ وصولي السجن كنت يومياً أبلغ بالمرض لكن لا حياة لمن تنادي، وتدهورت حالتي الصحية بصورة ملحوظة وأصبحت كلما حاولت أن أقف أسقط أرضاً ولا أصل إلى الحمام إلا بمساعدة زملائي من المعتقلين، وبعد أن ساءت حالتي ذهبوا بي إلى مستشفى الشرطة ببري وأعطوني دواء (حبوب) وطلبوا مني أن أحضر صباح الغد، وهذا هو اليوم الوحيد الذي كنت فيه واعياً ولكني في المساء فقدت الوعي تماماً فحولوني إلى السلاح الطبي قسم الباطنية بتاريخ 2/7/1996م، وهذا حسبما وجدته مدوناً بعد ذلك في الأوراق الخاصة بدخولي المستشفى تحت إشراف د. أمنة عبد الوهاب/ وحدة د. عوض مهدي.
    واصلت العلاج في الأيام الأولى تحت حراسة الأمن وأهلي لا يعرفون عني شيئاً سوى إنني معتقل بسجن كوبر ولا توجد زيارة.. وقد استمرت حالتي الغيبوبة واللاوعي رغم المجهودات العظيمة التي بذلتها المستشفى من فحوصات وصور مقطعية وعلاجات إلا أن الحال لم يتحسن.. فقرر الأمن أن يتركني لمصيري فذهبوا إلى أهلي ليلاً حيث أخطروهم بأنني بمستشفى السلاح الطبي بدون إخطارهم بحالتي، وظن أهلي ربما أصابتني حمى أو خلافه لذا قرروا أن يذهبوا صباح الغد لأن دخول المستشفى العسكري ليس سهلاً في الليل.. ولكنهم فوجئوا بهم بعد قليل يحضرون مرة ثانية ليتأكدوا من ذهابهم، لذلك شك الأهل في الأمر وذهبوا للمستشفى ليجدوني في حالة غيبوبة وقد شلت قواي تماماً ولا حول لي ولا قوة، وأعتقد ناس الأمن إنني ربما مت أو ألفظ أنفاسي الأخيرة بسبب ما فعلوه بي لذلك ذهبوا ولم يحضروا لرؤيتي بالمستشفى حتى خروجي منه. بل حتى الآن!!
                  

04-29-2012, 04:49 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    تجربة عبد المنعم طه مصطفى

    تم اعتقالي لفترتين، الفترة الأولى كانت بتاريخ 12/2/1991م والثانية 24/4/1993، في الأولى كنت متوجهاً إلى الخرطوم في ذلك الوقت لحضور اجتماع حزبي، وقبل دخولي إلى البص تم اعتقالي في محطة السفر واقتادوني إلى مكاتب جهاز الأمن بمدينة سنار، وتواصلت الإجراءات بتفتيش منزلي بسنار، ولم يتم العثور على أي كتب ووثائق يرغب جهاز الأمن في الحصول عليها ماعدا جواز سفري وبه ما يفيد سفري إلى موسكو عام 1988 إذا كانت بداخله تذكرة سفر سابقة إلى موسكو، فتركزت التحقيقات عن أسباب سفري إلى موسكو و الأسباب التي دعت إلى ذلك، وظلوا يستفسروني عن الذين رافقوني في تلك الرحلة بالإضافة إلى ضغوط شديدة تحملني على الاعتراف بأنّ جريدة “الميدان” التي يصدرها الحزب الشيوعي تطبع في سنار، وأنا والزميل (بدر.ع) كنا أصغر معتقلين حينها ولذلك كنا أكثرهم عرضة للتعذيب حيث تم حشرنا معه سبعة أشخاص آخرين في غرفة كانت في الأصل مستودعا للفحم ، وكان يتم صب الماء علينا في أواخر الليل، ولكم أن تتخيلوا كيف سيكون حالنا في الوقت الذي كانوا يستمتعون بتعذيبنا وهم يأمرونا بالوقوف في طابور الصباح وملابسنا مبللة بالماء.
    كان كل ذلك بمنزل قرب الترعة الرئيسية للجزيرة حيث تعرضنا لصنوف من العذاب ابتداءً من الوقوف لمسافات طويلة تتعدى الست ساعات، وكان داخل المنزل هناك حقل النجيلة به (ضريساء) يسمونه حقل الألغام حيث كانوا يدخلوني والزميل بدر وسط هذا الحقل ويجبرونا على المشي حفاة وحمل براميل أحضرت خصيصاً من (الكشة) ويطلبون منا أن نحملها فوق رؤوسنا، ويهدفون من ذلك إذلالنا ومن ثم يوجهون أسئلتهم التي أرادوا من خلالها معرفة إذا كنا قد تدربنا عسكرياً، كما كانوا يطلبون منا مواصلة تعذيبنا بالمشي فوق الضريساء، وكنا نعود إلى الزنزانة وأرجلنا تنزف من وخز الضريساء التي تتحرك رؤوسها داخل جروحنا فتزيد من حدة الألم.
    وفي أحايين أخرى يتم ربطنا”من وسطنا بالحبال” وبعد الربط يلقى بنا في ترعة الجزيرة وقد كدت اختنق غرقاً ولكني كنت ابذل جهداً خارقاً كي أظل طافياً على سطح الماء رغم عدم معرفتي للسباحة..وكانوا يرخون الحبل كي أشرب المزيد من المياه حتى اختنق بها، وفوق ذلك كان الضرب أحد الوسائل المستمرة وكان يتم كل بدون توجيه أي أسئلة إضافية..لقد كانوا يمارسون ذلك بهدف التعذيب والإرهاب وكسر صلابة المعتقلين وصمودهم ..ولكن هيهات.
    في أحد الأيام وفي إحدى التحقيقات الطويلة بواسطة ملازم يدعى ياسر محمد أحمد-من أبناء قرية الشبارقة على طريق الخرطوم مدني – قام هذا الشخص برميي بجلة كان يحملها في يده ويتلاعب بها أثناء التحقيق فأصابتني في عيني وتسبب لي ذلك في عدم الرؤية بها لأكثر من أسبوع، ورفضوا السماح لي بالعلاج مما تسبب لاحقاً في مشاكل صحية بالعين اليسرى.
    وقد قضينا هنا في هذا المنزل مدة أسبوعين، ثم تم ترحيلنا إلى سجن مدني قضينا فيه ثلاثة أشهر وأطلق بعدها سراحنا.
    في الاعتقال الثاني تم اعتقالي من مكان العمل بتاريخ 24/4/1993م حيث تم تحويلي إلى منزل أشباح جديد في نفس المدينة ..لم أتعرض فيه إلى أي تحقيق ولم يجر تعذيبي هذه المرة بمثل الأساليب السابقة، فقد كانت من نصيب زميلين هما(عبد الحي وجمال) من سنار التقاطع كانت ظروف الاعتقال سيئة جداً حيث كنا ثلاثة عشر معتقلاً حشرنا في زنزانة مساحتها تسعة أمتار مربع، وكان التنفس صعباً نتيجة لعدم وجود أيه تهوية بالزنزانة، وكنا لا نستطيع النوم من شدة الحر، وبقينا في تلك الزنزانة مدة أسبوعين ثم رحلنا إلى مدينة مدني حيث أدخلنا معتقل السرايا ومكثنا فيه يومين لم نتعرض فيهما لسؤال أو تحقيق بل تركنا في العراء معرضين للهيب الشمس، وبعد انقضاء الليلتين هناك بدأت تجربة جديدة في التعذيب إذ قام “عناصر الأمن” بقيادة أعداد من الكلاب الضالة إلى مكان اعتقالنا وإطلاقها وسط المعتقلين والهدف واضح “شمس محرقة نهاراً وكلاب ضالة ليلاً” بعد يومين تم ترحيلنا – نحن عشرة معتقلين من مجموعة سنار إلى القيادة العامة حيث تعرضنا في الطريق إلى حادث مروري، فقد انقلبت العربة التي نستغلها إلى مدينة الخرطوم نتيجة لانفجار إحدى إطارتها بسب رعونة السائق ونتج عن ذلك إصابة كل المعتقلين بكدمات شديدة ومتوسطة نقلنا على إثرها إلى مستشفى ببحري تابع لجهاز الأمن، حيث تم إسعافنا ونقلنا بعده إلى قيادة الجهاز لتواصل فصول التعذيب بالسخرية وتوجيه الإساءة لنا من مجموعة من ضباط الجهاز.. وأخيراً تم ترحيلنا إلى المنزل سيئ السمعة منزل (ستي بنك).
    في ستي بنك كانت الحياة عبارة عن ثكنة عسكرية، علينا أن نستيقظ مع صلاة الصبح كي نغتسل كفرصة لاستخدام الحمام أثناء مواعيد الصلاة، وأودعنا نحن معتقلا سنار في زنزانة رقم 17 حيث كانت الحياة في الزنازين صعبة جداً وعشنا هناك لمدة خمسة أيام، بعدها بدأ التحقيق معنا في مجموعات “كل اثنين أو ثلاثة معتقلين” في مكاتب الجهاز ببحري، وتركز التحقيق معي عن نشاطي السياسي والنقابي وبعدها أرجعت إلى ستي بنك حيث تم ترحيلنا من الزنازين إلى البرندة التي قضينا فيها حوالي الأسبوعين ونقلنا بعدها إلى الكنسية حيث بدأنا في إعداد الطعام لبقية المعتقلين(الكنيسة يقصد بها المطعم للمعتقلين وكان به بعض المعتقلين العسكريين في ذلك الوقت) وتوقف التعذيب في تلك الفترة حيث لم يمارس التعذيب البدني ولكنهم واصلوا في أشكال التعذيب النفسي كما تواصلت الاستفزازات، والشتائم، والألفاظ الجارحة لهذا فان مجمل الفترة التي قضيتها أثناء هذا الاعتقال ثلاثة شهور في منزل ستي بنك ثم أطلق بعدها سراحي….
    هذه هي تجربتي مع الاعتقال في ظل سلطة الجبهة الإسلامية الفاشية وأرجو أن تكون خير معين لكل رفاقي ولشعبنا العظيم في مناهضة الإرهاب والتعذيب، وإنني اكتب تجربتي هذي بعد مرور ستة عشر عاماً على التجربة المريرة (الاعتقال) ولقد صمدت كما صمد الرفاق ولكن ستظل أثارها باقية ولابد من اجتثاث مثل هذه الممارسات غير الإنسانية من حياتنا السياسية.
                  

04-29-2012, 09:47 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    رسالة الدكتور فاروق محمد ابراهيم للرئيس السوداني عمر البشير

    د. فاروق أستاذ للعُلوم بجامعة الخُرطوم، وكان من أوائل الذين استهدفهُم النِظامُ في بواكير عهده بتعذيبٍ مُهين.. والأنكى، أن تلميذه – وزميله في الجامعة من بعد- د. نافِع علي نافِع، كان ثاني اثنين قاما بذلك الفعل القبيح!! أقدما على تنفِيذه بوعيٍ كامِل، لعِلمِهم بالشخصِ المَعني, وهو مُرَبٍ في المقامِ الأوَّل, عَلى يَدِه تعلمت وتخرَّجت أجيالٌ, وفيما يلي نوردُ النص الكامل لمُذكرته التي أرسلها من مقرِّه في القاهرة، إلى رئيس نظام الإنقاذ.. وترجعُ أهميَّة هذه الوثيقة إلى أنها احتوَت على كل البيِّناتِ القانونِيَّة والسياسيَّة والأخلاقِيَّة التي تَجعل منها نموذجاً في الأدَبِ السياسي, وفَيْصَلاً مثالِياً لقضيَّة يتوقفُ عليها استقامة المُمارسة السياسيَّة السُودانِيَّة, وتعدُّ أيضاً اختباراً حقيقياً لمفهومِ ”التسَامُحِ“، إن رَغِبَ أهلُ السُودان، وسَاسته بصفة خاصَّة، في استمرار العيشِ في ظله.. كذلك فإن المُذكرة، بذات القدر الذي قدَّمت فيه خيارات لتبرئَة جراح ضحايا نظام الإنقاذ, أعطت الجاني فرصة للتطهُّر من جرائمه بأفعالٍ حقيقيَّة، أدناها الاعترافُ بفداحة جُرمِه.. وما لا نشُك فيه مُطلقاً، أن فرائص القارِئ حتماً سترتعدُ وهو يُتابعُ وقائع الجُرمِ، خِلالَ سُطورِ هذه المُذكرة, رغم أن طولِ الجرح يُغري بالتناسي، على حد قول الشَاعِر!!

    القاهرة 13/11/2000م
    السيد الفريق/ عمر حسن البشير
    رئيس الجمهورية ـ رئيس حزب المؤتمر الوطني
    بواسطة السيد/ أحمد عبدالحليم ـ سفير السودان بالقاهرة
    المحترمين
    تحية طيبة وبعد
    الموضوع: تسوية حالات التعذيب تمهيداً للوفاق بمبدأ ”الحقيقة والتعافي“ على غرار جنوب أفريقيا ـ حالة اختبارية ـ
    على الرغم من أن الإشارات المتعارضة الصادرة عنكم بصدد الوفاق الوطني ودعوتكم المعارضين للعودة وممارسة كافة حقوقهم السياسية من داخل أرض الوطن, فإنني أستجيب لتلك الدعوة بمنتهى الجدية, وأسعى لاستكمالها بحيث يتاح المناخ الصحي الملائم لي وللآلاف من ضحايا التعذيب داخل الوطن وخارجه أن يستجيبوا لها, ولن يكون ذلك طبعا إلا على أساس العدل والحق وحكم القانون.
    إنني أرفق صورة الشكوى التي بعثت بها لسيادتكم من داخل السجن العمومي بالخرطوم بحري بتاريخ 29/1/1990, وهى تحوي تفاصيل بعض ما تعرضت له من تعذيب وأسماء بعض من قاموا به, مطالبا بإطلاق سراحي وإجراء التحقيق اللازم, ومحاكمة من تثبت إدانتهم بممارسة تلك الجريمة المنافية للعرف والأخلاق والدين والقانون. تلك المذكرة التي قمت بتسريبها في نفس الوقت لزملائي أساتذة جامعة الخرطوم وأبنائي الطلبة الذين قاموا بنشرها في ذات الوقت على النطاقين الوطني والعالمي, ما أدى لحملة تضامن واسعة أطلق سراحي إثرها, بينما أغفل أمر التحقيق الذي طالبت به تماما. وهكذا ظل مرتكبو تلك الجريمة طليقي السراح, وتوالى سقوط ضحايا التعذيب بأيديهم وتحت إمرتهم, منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر, فلا يعقل والحال على هذا المنوال أن يطلب مني ومن الألوف الذين استبيحت أموالهم وأعراضهم ودماؤهم وأرواح ذويهم, هكذا ببساطة أن يعودوا لممارسة ”كافة“حقوقهم السياسية وكأن شيئا لم يكن.
    إنّ ما يميز تجربة التعذيب الذي تعرضت له في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 1989م ببيت الأشباح رقم واحد الذي أقيم في المقر السابق للجنة الانتخابات أن الذين قاموا به ليسوا فقط أشخاصا ملثمين بلا هوية تخفوا بالأقنعة, وإنما كان على رأسهم اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع الراهن ورئيس جهاز الأمن حينئذ، والدكتور نافع علي نافع الوزير ورئيس جهاز حزب المؤتمر الوطني الحاكم اليوم ومدير جهاز الأمن حينئذ, وكما ذكرت في الشكوى المرفقة التي تقدمت لكم بها بتاريخ 29 يناير 1990 من داخل السجن العمومي وأرفقت نسخة منها لعناية اللواء بكري, فقد جابهني اللواء بكري شخصياً وأخطرني بالأسباب التي تقرر بمقتضاها تعذيبي, ومن بينها قيامي بتدريس نظرية التطور في كلية العلوم بجامعة الخرطوم, كما قام حارسه بضربي في وجوده, ولم يتجشم الدكتور نافع, تلميذي الذي صار فيما بعد زميلي في هيئة التدريس في جامعة الخرطوم، عناء التخفي وإنما طفق يستجوبني عن الأفكار التي سبق أن طرحتها في الجمعية العمومية للهيئة النقابية لأساتذة جامعة الخرطوم، وعن زمان ومكان انعقاد اللجنة التنفيذية للهيئة، ثم عن أماكن تواجد بعض الأشخاص – كما ورد في مذكرتي- وكل ذلك من خلال الضرب والركل والتهديد الفعلي بالقتل وبأفعال وأقوال أعف عن ذكرها. فعل الدكتور نافع ذلك بدرجة من البرود والهدوء وكأنما كنا نتناول فنجان قهوة في نادي الأساتذة. على أي حال فإن المكانة الرفيعة التي يحتلها هذان السيدان في النظام من ناحية, وثبات تلك التهم من ناحية ثانية, يجعل حالة التعذيب هذه من الوضوح بحيث تصلح أنموذجاً يتم على نسقه العمل لتسوية قضايا التعذيب، على غرار ما فعلته لجنة الحقيقة والوفاق الخاصة بجرائم النظام العنصري في جنوب أفريقيا.
    قبل الاسترسال فإنني أورد بعض الأدلة التي لا يمكن دحضها تأكيداً لما سلف ذكره:-
    • أولاً: تم تسليم صورة من الشكوى التي تقدمت لسيادتكم بها للمسؤولين المذكورة أسماؤهم بها، وعلى رأسهم اللواء بكري حسن صالح. وقد أفرج عني بعد أقل من شهر من تاريخ المذكرة. ولو كان هناك أدنى شك في صحة ما ورد فيها – خاصة عن السيد بكري شخصياً- لما حدث ذلك، ولكنت أنا موضع الاتهام لا هو.
    • ثانياً: أحال مدير السجن العمومي مجموعة الثمانية عشر القادمة معي من بيت الأشباح رقم واحد بتاريخ 12 ديسمبر 1989 إلى طبيب السجن الذي كتب تقريراً مفصلاً عن حالة كل واحد منا، تحصَّلت عليه وقامت بنشره منظمة العفو الدولية في حينه. وقد أبدى طبيب السجن ومديره وغيرهم من الضباط استياءهم واستنكارهم الشديد لذلك المشهد الذي لا يكاد يصدق. وكان من بين أفراد تلك المجموعة كما جاء في الشكوى نائب رئيس اتحاد العمال الأستاذ محجوب الزبير وسكرتير نقابة المحامين الأستاذ صادق شامي الموجودان حالياً بالخرطوم، ونقيب المهندسين الأستاذ هاشم محمد أحمد الموجود حالياً ببريطانيا، والدكتور طارق إسماعيل الأستاذ بكلية الطب بجامعة الخرطوم، وغيرهم ممن تعرضوا لتجارب مماثلة، وهم شهود على كل ما جرى بما خبروه وشاهدوه وسمعوه.
    • ثالثاً: إنّ جميع قادة المعارضة الذين كانوا في السجن حينئذ، السيد محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع الوطني الديمقراطي والسيد الصادق المهدي رئيس حزب الأمة والسيد سيد أحمد الحسين زعيم الحزب الاتحادي والسيدان محمد إبراهيم نُقُد والتيجاني الطيب زعيما الشيوعي وغيرهم، كلهم شهود بنفس القدر وكما يعلم الجميع فقد تعرض السيدان الصادق المهدي وسيد أحمد الحسين وغيرهم من قادة المعارضة لنفس التعذيب على أيدي نفس الأشخاص أو بأمرهم وكتبوا شكاوى مماثلة.
    • رابعاً: قام بزيارتي في السجن العمومي بالخرطوم بحري بعد انتقالي إليه مباشرة الفريق إسحق إبراهيم عمر رئيس الأركان وقتها بصحبة نوابه، فشاهد آثار التعذيب واستمع لروايتي كاملة كذلك فعل كثيرون غيره.
    • خامساً: تم اعتقال مراسل الفاينانشيال تايمز السيد بيتر أوزين الذي كان خطابي بحوزته، فكتب صفحة كاملة دامغة في صحيفته العالمية المرموقة عما تعرضت له وتعرض له غيري من تعذيب وعن محادثته الدامغة مع المسؤولين عن تلك الانتهاكات وعن تجربته الشخصية.
    إنني اكتفي فيما يخص حالتي بهذا القدر من الأدلة الدامغة، ومع أنّ هذا الخطاب يقتصر كما يدل عنوانه على تجربتي كحالة اختبارية، إلا أنّ الواجب يقتضي أن أدرج حالة موظف وزارة الإسكان السابق المهندس بدر الدين إدريس التي كنت شاهداً عليها، وكما جاء في ردي على دعوة نائب رئيس المجلس الوطني المنحل الأستاذ عبدالعزيز شدو للمشاركة في حوار التوالي السياسي بتاريخ 18 أكتوبر 1998 (مرفق)، فقد تعرض ذلك الشاب لتعذيب لا أخلاقي شديد البشاعة، ولم يطلق سراحه إلا بعد أن فقد عقله وقام بذبح زوجته ووالدها وآخرين من أسرته. كان في ثبات وصمود ذلك الشاب الهاش الباش الوسيم الأسمر الفارع الطول تجسيد لكرامة وفحولة وعزة أهل السودان. وكان أحد الجنود الأشد قسوة – لا أدري إن كان اسم حماد الذي أطلق عليه حقيقياً- يدير كرباجه على رقبتينا وجسدينا نحن الاثنين في شبق. وفي إحدى المرات اخرج بدرالدين من بيننا ثم أعيد لنا بعد ساعات مذهولاً أبكم مكتئباً محطماً كسير القلب. ولم تتأكد لي المأساة التي حلت بِبَدرالدين منذ أن رأيته ليلة مغادرتنا لبيت الأشباح منتصف ليلة 12 ديسمبر 1989 إلا عند اطلاعي على إحدى نشرات المجموعة السودانية لضحايا التعذيب هذا الأسبوع, ويقتضي الواجب أن أسرد تلك اللحظات من حياته وأنقلها لمن تبقى من أسرته, فكيف بالله نتداول حول الوفاق الوطني بينما تبقى مثل هذه الأحداث معلقة هكذا بلا مساءلة.
    أعود لمبدأ تسوية حالات التعذيب على أساس النموذج الجنوب أفريقي, وأطرح ثلاثة خيارات متاحة لي للتسوية.
    الخيار الأول
    الحقيقة أولا, ثم الاعتذار و”التعافي المتبادل“ بتعبير السيد الصادق المهدي هذا النموذج الذي تم تطبيقه في جنوب أفريقيا. إن المفهوم الديني والأخلاقي للعفو هو الأساس الذي تتم بموجبه التسوية, ويختلط لدى الكثيرين مبدأ العفو مع مبدأ سريان حكم القانون ومع التعافي المتبادل. فكما ذكرت في خطابي المرفق للسيد عبدالعزيز شدو فإنني أعفو بالمعنى الديني والأخلاقي عن كل من ارتكب جرما في حقي, بما في ذلك السيدان بكري ونافع, بمعنى أنني لا أبادلهما الكراهية والحقد, ولا أدعو لهما إلا بالهداية, ولا أسعى للانتقام والثأر منهما, ولا أطلب لشخصي أو لهم إلا العدل وحكم القانون. وأشهد أن هذا الموقف الذي قلبنا كل جوانبه في لحظات الصدق بين الحياة والموت كان موقف كل الزملاء الذين كانوا معي في بيت الأشباح رقم واحد, تقبلوه وآمنوا به برغم المعاناة وفى ذروة لحظات التعذيب. إنّ العفو لا يتحدد بموقف الجلاد ولا بمدى بشاعة الجرم المرتكب, وإنما يتعلق بكرامة وإنسانية من يتسامى ويرفض الانحدار لمستنقع الجلادين، فيتميز تميزاً خلقياً ودينياً تاماً عنهم. فإذا ما استيقظ ضمير الجلاد وأبدى ندماً حقيقياً على ما ارتكب من إثم، واعتذر اعتذاراً صادقاً عن جرمه، فإن الذي يتسامى يكون أقرب إلى الاكتفاء بذلك وإلى التنازل عن الحق المدني القانوني وعن المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت به, بهذا يتحقق التعافي المتبادل. هذا هو الأساس الذي تمت بموجبه تسوية معظم حالات التعذيب والجرائم التي ارتكبها عنصريو جنوب أفريقيا ضد مواطنيهم.
    إنني انطلاقا من نفس المفهوم أدعو السيدين بكري ونافع ألا تأخذهما العزة بالإثم، أن يعترفا ويعلنا حقيقة ما اقترفاه بحقي وبحق المهندس بدرالدين إدريس في بيت الأشباح رقم واحد، وأن يبديا ندماً وأسفاً حقيقياً، أن يعتذرا اعتذاراً بينا معلناً في أجهزة الإعلام، وأن يضربا المثل والقدوة لمن غرروا بهم وشاركوهم ممارسة التعذيب، وائتمروا بأمرهم. حين ذلك فقط يتحقق التعافي وأتنازل عن كافة حقوقي، ولا يكون هناك داعياً للجوء للمحاكم المدنية، ويصبح ملف التعذيب المتعلق بشخصي مغلقاً تماماً. ولنأمل أن يتقبل أولياء الدم في حالة المهندس بدر الدين إدريس بالحل على نفس المنوال.
    لقد أعلن السيد إبراهيم السنوسي مؤخراً اعترافه بممارسة التعذيب طالباً المغفرة الله. وهذا بالطبع لا يفي ولا يفيد. إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولا يليق أن يصبح أمر التعذيب الذي انقلب على من أدخلوه وبرروه أن يكون موضوعاً للمزايدة والمكايدة الحزبية. إنّ الصدق مع النفس ومع الآخرين والاعتذار المعلن بكل الصدق لكل من تمت الإساءة إليه وامتهنت كرامته، وطلب العفو والغفران هو الطريق الوحيد للخروج من هذا المأزق بكرامة فإنّ المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله. وإن طريق التعافي المتبادل هو الأقرب إلى التقوى. فإذا ما خلصت النيات وسار جناحا المؤتمر الوطني والشعبي لخلاص وإنقاذ أنفسهم من خطيئة ولعنة التعذيب الذي مارسوه فسيكون الطريق ممهداً تماماً لوفاق وطني حقيقي صادق وناجز.
    الخيار الثاني
    التقاضي أمام المحاكم الوطنية
    إذا ما تعذر التعافي المتبادل بسبب إنكار تهمة التعذيب أو لأي سبب آخر، فلا يكون هنالك بديل عن التقاضي أمام المحاكم ذلك في حالة جدية المسعى للوفاق الوطني على غرار ما جرى في جنوب أفريقيا. غير أنّ حكومتكم فيما علمت سنت من التشريعات ما يحمي أعضاءها وموظفيها والعاملين في أجهزتها الأمنية من المقاضاة. فالجرائم ضد الإنسانية وحقوق الإنسان كالتعذيب، لا تسقط بالتقادم ولا المرض ولا تقدم السن ولا لأي سبب من الأسباب، كما شهدنا جميعاً في شيلى واندونيسيا والبلقان وغيرها. كما أنّ هذا الموقف لا يستقيم مع دعوتكم للوفاق ولعودة المعارضين الذين تعرضوا لأبشع جرائم التعذيب. وليس هنالك، كما قال المتنبئ العظيم ألم أشد مضاضة من تحمل الأذى ورؤية جانيه، وإنني مستعد للحضور للخرطوم لممارسة كامل حقوقي الوطنية بما في ذلك مقاضاة من تم تعذيبي بأيديهم، فور إخطاري بالسماح لي بحقي الطبيعي. ذلك إذا ما اقتنعت مجموعة المحامين التي سأوكل إليها هذه المهمة بتوفر الشروط الأساسية لمحاكمة عادلة.
    الخيار الثالث
    التقاضي أمام المحاكم الدولية لحقوق الإنسان
    ولا يكون أمامي في حالة رفض التعافي المتبادل ورفض التقاضي أمام المحاكم الوطنية سوى اللجوء للمحاكم في البلدان التي تجيز قوانينها محاكمة أفراد من غير مواطنيها وربما من خارج حدودها؛ للطبيعة العالمية للجرائم ضد الإنسانية التي يجري الآن إنشاء محكمة عالمية خاصة بها. إنني لا أقبل على مثل هذا الحل إلا اضطراراً؛ لأنه أكرم لنا كسودانيين أن نعمل على حل قضايانا بأنفسنا. وكما علمت سيادتكم فقد قمت مضطراً بفتح بلاغ مع آخرين ضد الدكتور نافع في لندن العام الماضي، وشرعت السلطات القضائية البريطانية في اتخاذ إجراءات أمر الاعتقال الذي تنبه له الدكتور نافع واستبقه بمغادرة بريطانيا. وبالطبع تنتفي الحاجة لمثل تلك المقاضاة فيما لو أتيحت لي ولغيري المقاضاة أمام محاكم وطنية عادلة، أو لو تحققت شروط التعافي المتبادل الذي هو أقرب للتقوى. وإنني آمل مخلصاً أن تسيروا على طريق الوفاق الوطني بالجدية التي تتيح لكل المواطنين الذين تشردوا في أصقاع العالم بسبب القهر السياسي لنظام ”الإنقاذ“ أن يعودوا أحراراً يشاركون في بناء وطنهم.
    وفقنا الله وإياكم لما فيه خير البلاد والعباد.

    فاروق محمد إبراهيم

                  

04-29-2012, 10:34 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    جـزء مـن شـهـادة الـشـهـيــد علـى الـمـاحـى الـسـخـــى


    بعد فترة حضروا واقتادوني وأنا معصوب العينين والدماء تسيل من مختلف أنحاء جسمي إلى غرفة وأجلسوني على كرسي ، وكانت أمامي على ما يبدو طاولة يجلس عليها شخص ما وقد طلب مني أن احكي له كل شئ عن نفسي وحياتي بالتفصيل وأيضا عن آخرين الذين اعرفهم ! ، قلت له انه ليست لدي أي أشياء خاصة بي أو بآخرين اعرفهم لكي أقولها لك . قال لي تحدث عن اتحاد العمال والحزب الشيوعي ، قلت له بأنني لا اعرف اكثر مما تعرفون عن اتحاد العمال والحزب الشيوعي بالإضافة إلى إنني لا يمكن أن أتحدث مع شبح بالنسبة لي وأعيني معصوبة ومن الأفضل أن يفك العصابة عن عيني حتى أستطيع أن أحادثه ويحادثني وجها لوجه ! فقال لي ( ما تتفاصح وما عايزين كلام كتير أنت حا تتكلم عن ناس اتحاد العمال ) فقلت له ناس اتحاد العمال بشر معروفين لديهم اتحادهم الشرعي وهم يمارسون نشاطهم بشكل قانوني ـ كما إن رئيسه وأعضاءه معروفون لديكم فلماذا تسألني عنهم ولعل هذا موضوع يحتاج لمعرفة وفي إمكانكم الوصول إليهم ؟ فقال لي انهم يريدون الجانب لآخر من نشاطهم .. الجانب السري ( في معلومات عن نشاطهم ما عرفتها وأنت بالذات ملم بيها .. خاصة الفترة السارح فيها أنت وجماعتك في فترة الجاهلية ) ! . وكان يقصد بالطبع الفترة الديمقراطية التي قضوا عليها بواسطة انقلابهم ويطلقون عليها الآن فترة جاهلية ! .. قلت له لم يكن لاتحاد العمال نشاط غير معروف في الفترة الديمقراطية ، وبمجرد أن ذكرت كلمة ديموقراطية لا اشعر الا بأحد عناصر الأمن من المشرفين على التحقيق معي يصفعني بعنف على وجهي حتى وقعت على الأرض قائلا لي ( وكمان مصر تقول ديموقراطية .. دي كانت فترة جاهلية ! ) .. المهم من جانبي قلت لهم ان أردتم ان تحققوا معي فيجب عليكم ان تفكوا العصابة عن عيني لكي أعرفكم كما تعرفوني .. كان المحقق في هذه اللحظة يضرب الطاولة بواسطة مسطرة أو عصا طويلة على ما يبدو ويقول لي ان هذا الحديث لا يفيدني في شئ وعلي أن أدلي بكل ما اعرفه وأنا معصوب العينين .. وفي النهاية وعندما لم يجد أي إمكانية في التحقيق معي وانتزاع ما يطلبه من معلومات قال لحراس الأمن ( ياخي ده زول لميض وقليل أدب وراجل كبير صعلوك ساكت وعلى أي حال سوقوه طوالي للتنفيذ .
    عندما خرجت مع الحراس قالوا لي انهم سيتوجهون بي إلى الإعدام حيث سيلقون بي داخل بئر عميقة وهذه طريقة الحكم التي كلفوا بتنفيذها .. ذهبوا بي وأنا معصوب العينين إلى مكان يبدو انه بعيد ونائي ثم أجلسوني على الأرض واحضروا لي بعد قليل ورقة وقلم وطلبوا مني كتابة وصيتي لأسرتي التي ستستلمها بعد تنفيذ حكم الإعدام . قلت له ليس لدي أي وصية ولن اكتب شيئا ، فرد علي أحدهم قائلا ( عنك ما كتبت ) ! ثم أوقفوني واقتادوني وبعد فترة وجيزة طلبوا مني أن أتوقف ففعلت ثم فتحوا بابا اعتقدت أن به البئر ( الموعودة ) .. سادت فترة من الصمت وكنت احبس أنفاسي واحسب الثواني والتقط آخر الأنفاس وأنا اردد في سري ( الشهادة) .... فجأة دفعوني بعنف إلى الأمام بحيث ظننت بالفعل انهم يدفعون بي إلى داخل البئر وقد أحسست أن أمعائي قد انقلبت رأسا على عقب وان ارجلي ليست موجودة في جسمي فلم اعد اسمع أي شئ من حولي فضلا عن إنني لست قادرا على رؤية أي شئ بسبب العصابة التي ربطوها بإحكام على عيني ! ... فإذا بي اندفع بقوة على الأرض فوق مجموعة من الأجساد ودون أن اعي وجدت نفسي انتزع العصابة بعنف وهلع من فوق عيوني لاكتشف إنني في نفس الزنزانة التي تم اقتيادي منها للتحقيق ! .. كان حراس الأمن بعد أن دفعوا بي إلى داخل الزنزانة قد احكموا قفلها من الخارج ومضوا لحال سبيلهم ، فانتزع جميع المعتقلين العصابات من أعينهم بعد مضي اكثر من عشرين ساعة قضيناها سويا ، وخلال حفلات التعذيب ما بين الثانية عشر والخامسة صباحا كان قد أضيف لنا خمسة من المعتقلين وهم كل من المحاسب علي العوض والاقتصادي نصر الخضر والمهندس محمد نصر الدين والتاجر عبد المنعم بسوق السجانة ومعتقل آخر يعمل كاتب محكمة لا استحضر اسمه للأسف . تعرفنا عليهم بعد أن انتزعنا العصابات عن أعيننا وبدأ كل منا يروي ما مر به ظروف طيلة الأيام السابقة .
                  

04-29-2012, 06:50 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    ** الشهيد عبد المنعم سلمان


    أُعتقل الشهيد في مطلع ديسمبر 1989 ، واستشهد من جراء ما تعرض له من تعذيب ومعاملة قاسية في يوم 21 يناير 1991. من الرعيل الاول للمعلمين السودانيين ،، وأحد القادة البارزين لنقابة المعلمين، اعتقل في مطلع يناير 1989 واقتيد الى احد بيوت الاشباح حيث تعرض برغم كبر سنه لاسوأ انواع التعذيب الوحشي وهو مصاب بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين. في اواخر ديسمبر 1989 تقرر نقله الى سجن كوبر، في 16 فبراير 90 تقرر ترحيله لسجن شالا في غرب السودان والذي لا تتوفر فيه ابسط مقومات الرعاية الصحية وعلى الرغم من اعتراض السلطات المختصة في سجن كوبر على ترحيله الا ان الاجهزة الامنية رفضت ذلك، تم ترحيله ضمن مجموعة من المعتقلين في اول ابريل 1990م في سجن شالا ساءت حالته الصحية وتعرض لنوبات متكررة من اغماءات السكر وفقدان البصر .. نُقل الى مستشفى الفاشر حيث بقى تحت عناية طبية شحيحة ، وقرر القومسيون الطبي بالفاشر ضرورة ترحيله للخرطوم وذلك في مايو 1990 ، الا ان السلطات الامنية ظلت تماطل هذا القرار، نقل في سبتمبر 1990الى مستشفى السلاح الطبي وبقى تحت المراقبة الطبية الدقيقة ومن ثم قرر اطباء السلاح الطبي سفره الى الخارج للعلاج. الا ان السلطات الامنية قررت فجأة في يوم 18 نوفمبر 1990 إرجاع جميع المعتقلين السياسين المرضى الى سجن كوبر، في حوالي الساعة الثانية من صباح 21 يناير 1991 بدأ الشهيد عبد المنهعم سلمان يشعر بصعوبة في التنفس والم بالصدر، قام الاطباء المعتقلون بمعاينة حالته وهم : د. عبد المنعم حسن الشيخ، د. سعد الاقرع، د. حمودة فتح الرحمن.
    ولما لم يكن متوافرًا أي اجهزة طبية او أي دواء داخل السجن ، فلم تكن الجهود التي بذلوها مثمرة ، فقام المعتقلون بإخطار ادارة السجن عن طريق الصياح والمناداة على الحراس والضرب على الابواب الحديدية لاقسام السجن بالايدي والحجارة ولكن دون جدوى ، حيث كان المعتقل المخصص للسياسيين مفصولا عن الادارة وكان مكانه بعيدًا عن حراس السجن والذين حال البرد الشديد دون ان يستمروا في طوافهم العادي فوق سور السجن ولم تفتح ابواب السجن (الداخل) الا في الساعة السادسة صباحًا حيث كان الشهيد قد اسلم الروح قبلها بدقائق معدودة. المرضى الذين تم تحويلهم مع الشهيد ضمن السلاح الطبي: د. خالد حسين الكد ، مريض بالقلب – قرر القمسوين الطبي سفره للعلاج بالخارج في سبتمبر 1990. عقيد (م) مبارك فريجون ، مريض بالسكر. محمد الامين سر الختم، مريض بالقلب، قرر القمسيو ن سفره في سبتمبر 1990. حسين شقلبان، مصاب بقرحة المعدة والتهاب البنكرياس ثم تم استئصال جزء من معدته. د. محمد حسن باشا، ربو متكرر ويحتاج لاكسجين باستمرار. ابراهيم الخليل، قرحة بالمعدة اجرى عملية في اكتوبر 1990م. د. معاذ ابراهيم، قرحة في المعدة – التهاب الركبتين. د. حمودة فتح الرحمن، التهاب الركبتين مع عدم القدرة على الحركة. عمر الامين، قرحة بالمعدة.
    ورفض الاطباء المعالجون مبدأ إرجاع المرضى خاصة الاستاذ الشهيد عبد المنعم سلمان ولكن قائد السلاح الطبي اللواء محمد عثمان الفاضلابي ، قرر تحمل المسئوليين تنفيذ قرارات السلطات الامنية وتم ترحيل الشهيد مع ( 11 ) معتقلا اخر الى سجن كوبر ، ووضعوا في احد الاقسام العادية دون توفير أي متطلبات للرعاية الطبية. دخل المرضى الذين تم تحويلهم بما فيهم الشهيد عبد المنعم سلمان في اضراب عن الطعام لمدة يوم بتاريخ 20 نوفمبر 1990 ، ورفعوا مذكرة جماعية لسلطات السجون ووزير الداخلية ، يؤكدون حوجتهم للرعاية الطبية بالسجن حيث كان المكان المعد لاقامتهم خاليًا حتى من ماء الشرب العادي ، ولا يوجد اطباء او ممرضون ، ولا توجد ادوية على الاطلاق ولما لم تستجب السلطات لنداءات المرضى قرر بقية المعتقلون السياسون في كل اقسام السجن الاضراب والاحتجاج على وضع المرضى ورفعوا مذكرة احتجاج للسلطات.
    نفذ الاضراب لمدة ثلاثة ايام ، ونتج عن ذلك الاضراب ان اخذ الى بيوت التعذيب عددًا من المعتقلين واعيدوا مرة اخرى الى سجن كوبر بعد ان تم تعذيبهم وتعرضوا للحبس الانفرادي ومن بينهم د. حسين حسن موسى ود. معاذ ابراهيم. ولما بدأ الشهيد يحس بوطأة المرض وتدهور حالته الصحية بدأت المطالبة بضرورة نقله للمستشفى للعلاج ومتابعة الفحوصات ، ورفع في هذا الخصوص ثلاث مذكرات شخصية اخرها كان بتاريخ 14 يناير 1990 أي قبل اسبوع واحد من استشهاد ه ، وإلتقى بمدير السجن بالانابة ( العقيد حجازي ) لمرتين شارحًا له حرج موقفه الصحي وكذلك قدم ( الدكتور امير) طبيب السجن تقريرًا لحالة الشهيد وقام برفعه لادارة السجن ،،إلاَّ ان ادارة السجن تجاهلت كل ذلك و كذلك جهاز الامن. حاول الاطباء المعتقلون جهودهم في شرح الموقف الصحي للمرضى الذين تم نقلهم من السلاح الطبي – حيث قدموا تقريرًا وافيًا لكل حالات المرض مع التركيز على حالة المعلم الشهيد عبد المنعم سلمان.
                  

04-30-2012, 04:06 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    وما يزال التعذيب مستمراً

    الصادق سيد أحمد الشامي المحامي



    شباب في مقتبل العمر عذبوا حتى الموت فما ضعفوا ولا وهنوا وذهبت أرواحهم فداءً لهذا الوطن ونذكر منهم د. علي فضل ومنهم من وضع في برميل ملئ بالثلج حتى تجمدت أطرافه وتلفت شرايينه فبترت ساقه ونذكر المحامي عبد الباقي عبد الحفيظ وتعرض الكثيرون لأصناف وأساليب ونماذج من التعذيب لا يقرها ضمير حي ولا دين ولا قيم ولا خلق سوي.
    ونخشى أن تضعف ذاكرة التاريخ وتضيع الحقائق والوقائع الثابتة في خضم الأكاذيب والترهات وصناعة التزييف.
    فبعد فترة وجيزة من استشهاد د. علي فضل سأل الصحفي والكتاب فتحي الضو العقيد يوسف عبد الفتاح في 9/5/1990 عن موت د. علي فضل بالتعذيب في السجن فكانت الإجابة “هذه إشاعات لقد مات بالملاريا”. ومنذ فترة وجيزة سئل أحد قادة النظام عن حقيقة بيوت الأشباح وما كان يمارس فيها من تعذيب جسدي ومعنوي فكانت الإجابة مرة أخرى “هذه إشاعات”.
    إن السكوت عن بيان هذه الحقائق يفتح المجال لطمسها ونسيانها ومن ثمّ ضياعها ولذلك لابد من تعرية وفضح جميع ممارسات التعذيب وكافة أوجه انتهاكات حقوق الإنسان ومصادرات الحريات الأساسية توثيقاً وإثباتاً وتاريخاً لها.
    لقد قرأنا في الصحف الصادرة خلال الأسبوع المنصرم خبراً عن استمرار نفس وسائل التعذيب لبعض الطلاب في جامعة أم درمان الإسلامية وفي غيرها مما يدل على إن هؤلاء الزبانية لا يزالون في طغيانهم يعمهون ومما يعني أن السكوت يغري بممارسة هذه البشاعات مرة أخرى وبأساليب جديدة ولذلك رأيت أن أنشر تجربتي إضافة جديدة قديمة لتجربتي د. فاروق محمد إبراهيم وعمار محمد أحمد سيراً على نهجهما، وأدعو الآخرين لتوثيق وتسجيل تجاربهم في هذا المجال.
    معاملة السجون:
    عندما وقع انقلاب الإنقاذ كنت مشاركاً في مؤتمر المحامين العرب في سوريا وعند عودتي إلى السودان في 4/يوليو/1989 اعتقلت في مطار الخرطوم لبضع ساعات وبعدها بعشرة أيام تم اعتقالي وحبسي إدارياً لمدة أربعة أشهر بسجن كوبر ثم أفرج عني لمدة أسبوع تم اعتقالي مرة أخرى لمدة أربعة أشهر أمضيتها بين سجن كوبر وسجن بورتسودان، ثم اعتقلت مرة ثالثة لمدة ثمانية أشهر. لقد أمضينا تلك المدة بسجن كوبر بأقسامه المختلفة وبسجن بورتسودان.
    وأشهد بأنه طوال الستة عشر شهراً التي أمضيتها بين سجني كوبر وبورتسودان كنت وغيري من المعتقلين نتلقى معاملة عادية ولم نسمع أي سباب أو إهانات جارحة أو ألفاظاً نابية ولم يقع علينا أي اعتداء وكنا نعامل وتصان حقوقنا وفق لوائح السجن وقد كان ضباط السجون وأفرادها يعاملوننا بكل مودة واحترام طوال مدة الاعتقال.
                  

04-30-2012, 06:28 AM

معاوية عبيد الصائم
<aمعاوية عبيد الصائم
تاريخ التسجيل: 06-09-2010
مجموع المشاركات: 22458

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    فليبقى عاليا لفضح هولاء البلطجية القتلة
                  

04-30-2012, 12:20 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: معاوية عبيد الصائم)

    Quote: فليبقى عاليا لفضح هولاء البلطجية القتلة


    و يوم حسابهم نراه قريبا ويرونه بعيدا

    شكرا يا طوربيد
                  

04-30-2012, 05:51 PM

Abdlaziz Eisa
<aAbdlaziz Eisa
تاريخ التسجيل: 02-03-2007
مجموع المشاركات: 22291

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    فوق

    فوق


    فوق
                  

04-30-2012, 06:18 PM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5473

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: Abdlaziz Eisa)

    966_1274713022.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    جريمة مابعدها جريمةة
                  

04-30-2012, 06:30 PM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5473

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: باسط المكي)

    picture_1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com

    من جعل هذا الام ثكلي
    طيلة حياتها الي ان رحلت
    عن دنيان الفانية
    بكت حتي جفت الدموع
                  

04-30-2012, 06:41 PM

باسط المكي
<aباسط المكي
تاريخ التسجيل: 01-14-2009
مجموع المشاركات: 5473

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: باسط المكي)

    MAJDI2Ma.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

04-30-2012, 07:33 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: باسط المكي)

    عزيزنا ود ايسا

    شكرا
    شكرا
    شكرا



    عزيزنا باسط المكى

    شكرا جزيلا للمساهمات المقدره
    فى انتظار المزيد
                  

04-30-2012, 07:37 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

                  

04-30-2012, 07:41 PM

ود الباوقة

تاريخ التسجيل: 09-21-2005
مجموع المشاركات: 47163

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    Quote: و يوم حسابهم نراه قريبا ويرونه بعيدا

    شكرا يا طوربيد


    سبحان الله

    اتلم الطرورة على الطوربيد
                  

04-30-2012, 07:52 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: ود الباوقة)

    ]
    Quote: اتلم الطرورة على الطوربيد


    طرورة؟ يا جرذ الاوساخ
    تف عليك وعلى الانقاذ يا ########
                  

05-01-2012, 10:32 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    ألا ما أشرف النملة…ألا ما أشرف النملة

    نتذكر اغتيال المناضل محمد عبد السلام طالب جامعة الخرطوم

    أبوبكر سليمان




    ابو العاص


    صباح اليوم 11 أيريل 2010 تبدأ نهاية مسرحية الانتخابات، ونبدأ نحن بدورنا بالمطالبة وإعادة المطالبة بفتح ملف اغتيال الزميل المناضل محمد عبدالسلام بابكر المولود في 24 سبتمبر من العام 1971 بمدينة ود مدني العريقة. لأن قتلته يقدلون في ربوع وطننا الحبيب ويتنافسون لاكتساب شرعية زائفة تحميهم من يوم آتٍ. لا يفجع الروح ويفطر الفؤاد مثل الفقد؛ إنه أكثر الأحزان والآلام إيغالاً في الروح والبدن وأكثر مرارات الفقد تجلياً وفداحة هو الاغتيال، وتكون مرارة الفقد أقسى ما تكون إذا اقترنت بالشعور بالعجز وانعدام الحيلة وإذا ما جاءت منطوية على تعسف وظلم واغتصاب وتدمير للذات الانسانية … بعد ذلك يغدو كل الكلام في السياسة وكل التحليلات في جانب وحرمان حي من حياته وأب فقير من ابنه البكر إلى الأبد وزرع الحسرة في قلب أمه وأخوته .. محمد عبدالسلام وزملاؤه بجامعة الخرطوم وعلى وجه الخصوص طلبة الداخليات من أقاليم السودان المختلفة لما يئسوا من الحملة السلمية، وكظم الغيظ، واشتداد الطغيان، تجاه سياسات الجبهة الاسلامية المتمثلة في الصندوق القومي لدعم الطلاب ابتدعوا مقاومة طلابية صلبة لسياسات الصندوق وتكتيكات سياسية جديدة لانتزاع الحقوق وفي 3\8\1998 تم اقتحام مكاتب ومخازن إدارة الصندوق عنوة واقتداراً ليتوزعوا بينهم “المراتب ” و”المراوح” و”لمبات النور”….. (رد فعل السلطة مجروحة الكرامة “المخزنجية” كان تجريدة جنجويدية ثلاثية الأضلاع: قوات الأمن العام، قوات البوليس والطلبة الإسلاميين. أغارت هذه الجماعات على داخليات الطلبة حوالي الثالثة صباح الثلاثاء 4 أغسطس 1998 مدججة بالسلاح هدفها استرداد “مَرَاتِب” و”لمبات” و”مراوح” الدولة، هذا من جهة الغنيمة، ومن جهة الانتقام التنكيل بمن سولت لهم أنفسهم الأمارة “بالمَرَاتِب” عصيان قرار السلطة استبعادهم من جنات داخلياتها، وإتباع ذلك بانتهاك قدس مخازن الصندوق والسكن عنوة في غرفه “الملك الحر”. انهالت هراوات الحسم الحكومي على رؤوس الطلبة ضرباً مبرحاً بينما تلصص الطلبة الإسلاميون النظر بحثاً عن زملائهم من عضوية التنظيمات الديمقراطية فهم والحال “ثورة” خميرة الفتنة وعصابة الشر لا محالة. وجد الإسلاميون الزميل محمد عبد السلام نائماً على فرشه المسروق فوق سطح داخلية المناهل، وهو من هو في تراتب “العُصْبجية” المتمردين عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم (1998). بجوار محمد على سطح المناهل كان إثنين من رفاق دراسته، فاقتلعه القساة الضعاف من مخدعه ذاك ليقتاد رجال الأمن ثلاثتهم إلى غياهب عاد منه الإثنان. أما شهيدنا فأخر عهده بالدنيا التي نعرف كان شفق خرطومي أطل عليه فوق سطح أسمنتي يشرف منه على جامعة الخرطوم. لنا أن نتخيل ما الذي طاف بذهن شهيدنا والموت مطبق فكه عليه بفعل بني جلدته وزملاء دراسته، ذنبه “مَرْتَبة….” مجتز من مقال للكاتب مجدي الجزولي نشر بصحيفة الأيام”).
                  

05-01-2012, 02:07 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)




    ولا ريب في أن محمد عبد السلام قد مضي وهو يسعي لاقتلاع جذور الاستغلال وتجفيف منابع الاستبداد مدفوع بعزم لا يعرف الكلال، وبغض للظلم لا هوادة فيه، وأمل في العدل لا حد له؛ انسان بهذا الحظ العظيم من العزيمة والبسالة كان طبيعياً أن يتعرَّض لما تعرَّض له من عسفٍ وعنت واغتيال من قبل المؤسسة الحاكمة . فتح ” إغتيال محمد عبدالسلام ” ملفاته السرية، وأخذ يمر على المناطق المعتمة فكشف الفساد والظلم الضاربين في عمق المجتمع..وعلى علاقة الخاص بالعام في فكره وتكوينه، في مواجهة الأزمات، في تحدي القهر..
    أما جاء وقت الحساب وتقديم القتلة لمحاكمات على رؤوس الأشهاد وبناء التماثيل والنصب التذكارية لشهداء الحركة الطلابية بحيث توضع في الجامعات وقد تصلح التماثيل والنصب التذكارية أيضا لتحفيز التغيير المجتمعي، باعتبارها عاملاً لإثارة حوار ضروري لبناء واستدامة مجتمع سلمي وديمقراطي عقب فترات طويلة من العنف والقمع. ويمكن أن تكون التماثيل و النصب التذكارية بمثابة تعويض رمزي للضرر. وقد أشار تقرير الحقيقة والمصالحة في جنوب أفريقيا إلى هذه الوظيفة، مركزاً على الأهمية الاجتماعية المرتبطة بها: ” الاعتراف العمومي والرسمي من خلال المآثر، والنصب التذكارية الحية، وأيام التذكر وما إلى ذلك. “.

                  

05-01-2012, 08:01 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    عشان ماننسى….لازم نعرف الحقيقية


    كان فرع الحزب الشيوعي بمدينة الدروشاب شمال الخرطوم قد قام بعمل جرد حساب لبعض الجرائم التي أرتكبتها حكومة البشير منذ إستيلائها على السلطة في يونيو 1989م وتراوحت مابين اغتيال واعدام عدداً من خيرة أبناء الشعب السوداني وإرتكاب جرائم قتل في إقليم دارفور والاعتداء على المال العام وسرقته وفصل وتشريد ما لايقل عن 300 ألف مواطن ومواطنة عن العمل. فيما يلي جرد الحساب:-



    امين بدوى




    من طلاب جامعة شندى
                  

05-01-2012, 08:38 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    من أجل الأجيال القادمة

    وعشان عيون أطفالنا ما تضوق الهزيمة





    سليمان الخضر

    قبل المقدمة:


    قال الأستاذ بشرى الفاضل الأديب السوداني الذي تنبأ وقرأ (بعيون زرقاء اليمامة) ما تؤول إليه بلادنا وما يقاسيه أبناء شعبنا من خلال رؤيته الثاقبة في قصة الطفابيع 2. حيث قال (إنهم يشربون الدم بدلاً عن الماء.. ليس لهم أكف أصابع مثلنا إنما نهايات أكفهم فؤوس) كان ذلك قبل أكثر من عشرة أعوام سابقة لإنقلاب يونيو 1989 المشؤوم.
    وقال أديبنا الفذ الطيب صالح بعد عام من الإنقلاب مسطراً دهشته الكبرى في (من أين أتى هؤلاء؟) رغم إن من رأى ليس كمن سمع ومن تكبد وعايش وتعايش مع، ليس مثل الاثنين معاً.
    التعذيب: لا نود هنا أن نتناول التعريفات والمنطلقات الفلسفية والثقافية لمفهوم التعذيب والذي يقوم به وينفذه ويمارسه وحوش يعانون من تشوهات نفسية وأخلاقية أو انحرافات عقائدية تربوية تجاه أبناء جلدتهم بل نحاول أن نجعل من التجربة مصدراً للتعرف على جرائم نظام الإنقاذ وجهاز أمنها.

    أنواع التعذيب الذي مارسه الإسلاميون

    كانت هناك معتقلات عبود وحراسات (ابارو) 1958 وكانت بشاعتها أقل درجة مقارنة ببيوت الأشباح في عهد حسن الترابي والبشير. سبق أن حشرنا في معتقلات نميري بعد ردة 1971 ورغم بشاعتها إلا أنه لا وجه للمقارنة بينها وبيوت أشباح الإنقاذ بأي حال من الأحوال، من خلال ما تقدم ذكره حول الدكتاتوريتين السابقتين إلى جانب حسن الترابي/ البشير يونيو 1989 ينهض سؤال مهم عن نوعية وثقافة المعذب “بضم الميم وكسر الذال” هنا وهناك. ففي الفترة التي تلت هزيمة حركة 19 يوليو 1971 كان الجو معبأ بالآلة الإعلامية للنظام المايوي ضد الشيوعيين. ومارسوا شتى صنوف التعذيب والضرب بالبوت (الحذاء العسكري) على بعض شهداء 1971 (حالة الشهيد الشفيع أحمد الشيخ مثالا) لم تكن دوافعهم أيديولوجية.. ربما لأسباب شخصية أو حقد متراكم في النفوس لم يكن ذلك رغم بشاعته مثلما مورس في عهد نظام الترابي والذي اعتمد التعذيب كوسيلة لانتزاع الأقوال ولكسر شوكة المعارضين السياسيين.

    التعذيب والتعصب الديني

    لقد توصلت من خلال تجربتي أثناء التعذيب الذي تعرضت له إلى تصنيف لهوية الحراس والتمييز بصورة مقنعة بين الجنود العاديين الذين نفذوا توجيهات قادتهم وبين عناصر الأمن ممن ينتمون لتنظيم الجبهة الإسلامية، لقد تأكد لي أن تلك العناصر كانت تتكون من عشرات الشبان ممن يحتاجون لإزالة الغشاوة التي يفرضها الاكتفاء بوجهة نظر واحدة لا تتغير ويغلب عليهم التعصب لوجهة نظر دينية تلحق بعقولهم تشوهات خطيرة ليس أقلها ذلك الانغلاق الفكري الذي يوهم المرء بأنه هو من يملك الحقيقة كاملة وسواهم كافر زنديق وإن كل من لا يسيرون في طريقهم على باطل.
    إنني على قناعة بأن ممارسة التعذيب جريمة جنائية مهما تسربلت بغطاء أيدلوجي أو سياسي واجبة المحاسبة والعقاب والقصاص من مرتكبيها تمشياً مع روح الإسلام وقول المولى عز وجل: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) صدق الله العظيم.

    قطرة في بحر التضحيات


    ترددت كثيراً في الكتابة عن وحول موضوع التعذيب ليس كسلاً أو تهاوناً إنما هو شعوري بالضآلة والصغر تجاه أولئك الرفاق الذين فتحوا باستشهادهم البطولي الفذ في بيوت الأشباح كوة في ظلمة ذلك الزمان وضوء أبصر من خلاله العالم والضمير الإنساني الحي ومنظمات مجتمعه المدني على ما يدور في دهاليز الوطن المستباح، إنسانه قيمه، تاريخه، مقدساته وأرضه ومن عليها.
    إنني حينما انظر إلى ما لحقني من تعذيب أتذكر استشهاد رفاق الدرب البواسل: الشهيد الدكتور علي فضل والصديق المناضل على الماحي السخي، والأستاذ عباس على والأستاذ عبد المنعم سلمان والمراجع محمد الأمين سر الختم، عبد المنعم رحمة، والمعلم ألياس صعيل والمهندس عبد الله السني، ميرغني أبو شنب، والمعلم أمين بدوي ولقد استشهد هؤلاء حيث قضى بعضهم نحبه تحت التعذيب وبعضهم مات في السجون بسبب الإهمال وعدم توفير العلاج فضلاً عما تعرض له المهندس أبو بكر محي الدين راسخ وطالب الحقوق بجامعة الخرطوم الشهيد محمد عبد السلام الذي تعرض للضرب بالرصاص والسيخ والجنازير.. إنني أحس إن استشهادهم الباسل كان من أجلنا وأحس أكثر بتواضع شديد إنني أتضاءل أمامهم وهم يقدمون المهج والأرواح فداءاً للمبادئ والوطن.

    أنا وأسرتي


    أدون هنا وأسجل للتاريخ أنا المواطن السوداني سليمان خضر محمد السيد أسكن بالمنزل رقم 130 مربع 4 اللاماب ناصر أنه في يوم 30 نوفمبر 1989م وفي تمام الساعة الثانية والنصف صباحاً تسلق سور منزلنا عدد من أفراد جهاز الأمن وفتحوا الباب لبعضهم وأصبح عددهم 12 جندياً مدججين بالسلاح “الرشاشات” استباحوا منزلي أمام أعين أسرتي وأطفالي لمدة ساعة كاملة وبسؤالي لماذا تفتشوننا فضلاً عن أن الوقت غير مناسب عرفت أنهم يسألون عن أشخاص ثم سألوا “ابني أين يوسف حسين وسليمان حامد والخاتم”؟.
    ولقد مارسوا إرهاباً على الأسرة لدرجة أن شعر بذلك الجيران فقالت ابنتي عزة ديل حرامية؟ قلت ليها: يا بتي الحرامية البتعرفيهم ما زي ديل.. ديل عايزين يسرقوا أبوك” وبالفعل تم اعتقالي وتوجهوا بي قبل وصولهم إلى مكاتب الأمن إلى منزل جعفر بكري بالسجانة. واتضح أنهم يحملون خريطة أعدت بواسطة مصادر في الحي ثم توجهوا لمنزل هاشم بابكر “تلب” والذي تم اعتقاله في ذات الليلة. في مكاتب الأمن وعندما بدأ التحقيق اتضح لي بداية أنهم يسعون إلى تصفية الحزب الشيوعي ونسفه من خارطة الوجود بافتراض أن إضراب الأطباء وكل تحركات النقابات من صنع الحزب الشيوعي وقد توصلت بسرعة إلى هذا الاستنتاج من خلال سؤالهم عن أماكن اختفاء قادة الحزب يوسف حسين- سليمان حامد- الخاتم ..الخ
    واتهامهم لي بتمويل نشاطات الحزب الشيوعي مما قادهم إلى مصادرة المحل التجاري الخاص بي “الصوت والضوء” الذي أملكه باعتباري أحد مصادر تمويل الحزب.
    تعذيب الشيوخ وكبار السن من عضوية الحزب الشيوعي والديمقراطيين والتصفية الجسدية “علي فضل- عبد المنعم- عباس علي والشهيد على الماحي- ميرغني محمد شريف ومدني”.

    مسلسل التعذيب

    تم اقتيادنا من مبنى الأمن أنا وهاشم إلى بيت الأشباح نمرة (1) مقر لجنة الانتخابات قبل 1989م حبسنا في حمام مهجور 120× 80 سم أي أن المساحة لا تسع لشخص واحد، وبدأ مسلسل التعذيب عاصفاً. رش بالماء البارد في زمهرير الشتاء ديسمبر 1989م، الحرمان من الماء، الأكل عبارة عن “سندوتشات تعافها النفس ولمرة واحدة في اليوم حوالي الساعة الواحدة ظهراً والحرمان من قضاء الحاجة لمدة خمسة أيام فوجدنا أنفسنا مضطرين لقضائها داخل الحمام الضيق. تبدأ حفلات التعذيب من الساعة الحادية عشرة حتى الساعة الرابعة صباحاً. في اليوم الخامس أخطرت رفيقي هاشم بأنني وبما نلته من هذه الحياة لا أتعشم في المزيد ولابد من المقاومة حتى لو أدى ذلك للموت الفعلي الذي ربما أدى للتخفيف من وطأة هذا العذاب علينا وعلى الآخرين وبعد موافقة الصديق هاشم بدأت المواجهة كالآتي:
    أنا شيوعي ولن أدلى لكم بأيه معلومات أخرى. ثم الرد مباشرة على شتائمهم المتلاحقة.

    البئر الغريق وكسر اليد


    وأنا معصوب الأعين بعمة بدأ مسلسل التعذيب “البئر” وبدأوا في دفعي وإلقائي في البئر عندها قررت أن يقع معي في هذا البئر اثنان أو ثلاثة فتشبثت بهم محاولاً دفعهم معي إلى الهاوية فتركوني على الحافة، اختفوا أو ربما خيل لي وأنا لا أدري ولم أحس بحركتهم إلا بعد لحظات عندما دفعوني من ظهري إلى قاع الهاوية (حفرة عمقها من ثلاثة إلى أربعة أمتار) شعرت بكسر خلته رقبتي، والحمد لله اتضح أنها اليد اليسرى وأنا داخل الحفرة بيدي نزعت العصابة “العمة” عنوة ورفضت عصب أعيني نهائياً وكان هذا بداية تنفيذ قرار عليهم. عندما قابلت الأخ هاشم بعد عدة أشهر اتضح بأن كسر يدي أخف مما عاناه هو وآثاره واضحة على جسده كان ذلك في ليلة 2/12/1989م. بعد كسر يدي تغير الحال نسبياً وأصبحت المعاملة أقل سوءاً حيث تم نقلي لمكتب ملحق بنفس البيت كان بالمكتب الدكتور مختار فضل المحتجز كرهينة لحين القبض على شقيقه الشهيد علي فضل إلا أنه لم يتم الإفراج عنه إلا بعد اعتقال الشهيد وتصفيته.
    لقد عانيت وما زلت من الكسر الذي تعرضت له في يدي أثناء التعذيب وما يزال ساعد يدي مقوساً وعظامها نافرة حتى بعد أن وضعت في الحبس وكان ذلك في مايو 1990م.
    لم أجد أي تفسير لبقائي الطويل في بيوت الأشباح سوى محاولتهم البائسة لإخفاء كسر اليد والذي بات واضحاً بعد أن برأت معوجة للمرة الثالثة وأشير هنا إنني خرجت 34 دفعة من بيوت الأشباح ولا أود التكرار حول وسائل التعذيب والألفاظ رغم أهميتها لنوضح للأجيال أي صنف من البشر قد تعاملوا معنا.. إنهم ليسوا آدميين، عذبونا ببشاعة وبالغوا في الاستخفاف والازدراء الذي كان محل سخريتنا واحتقارنا ففي إحدى المرات شتمني أحد الضباط فكلت له الصاع صاعين فقال لي يا سليمان “بجي أكسر ليك يدك التانية” قلت ليهو تعال أكسرها، أنت قايلني أنا حارس مرمى، لقد كان الهدف من مواجهتي لهم هدفاً سياسياً والدخول في استفزازهم وتصعيد الصبر على التعذيب بالمقاومة.

    موت ناظم



    لو تجمعت كل أقلام الكتاب وتوحدت لا ولن تستطيع وصف ما عانيته من آلام جراء موت ابني الصغير ناظم. كان ناظم عمره ثلاثة سنوات. كان مريضاً بالقلب وكانت إجراءات سفره إلى الخارج جاهزة لعمل عملية صمام بالمجر، لكن الاعتقال قطع الطريق للسفر للعلاج وكان قرار الطبيب أن العملية أن لم تتم في تاريخ محدد لها سوف تكون حياته في خطر، ومر هذا التاريخ وبالفعل دخل ابني ناظم في مرحلة الخطورة وكنت أعد الأيام والساعات عسى ولعل أن تحدث معجزة (أي يكذب الأطباء ولو مرة واحدة) ولكن هيهات.. عند آخر زيارة (لأم ناظم) لي في سجن دبك والذي نقلنا له بعد الحبس الثاني في يوليو 1990 تقريباً- وكنت أصر عليها بأن تحضره معها دائماً. لكنه لم يأت معها فسألتها مباشرة (الولد كان مات قولي لي مات). وكان الرد بجسارة رابحة الكنانية وصمود وثقة مهيرة بت عبود.. ناظم في المستشفى وخليك في الأنت فيهو. وما تشغل نفسك بحاجات ليست لك بها استطاعة. أي صمود ذلك الذي عبرت عنه زوجتي وأي تضحية لمستها في عينيها وهي تعلم أن فلذة كبدها ربما قد يفارق الحياة في أيه لحظة وهي تتمالك أعصابها وتبدو صامدة أمام ذلك الأمر الجلل دون أن تطفر من عينيها دمعة واحدة، وتحاول في ذات الوقت بث الصمود والثبات في زوجها. أمام هؤلاء القتلة سافكي دماء المناضلين إنني أحيي في شخص زوجتي الإجلال والإكبار ولصمود المرأة السودانية المشهود لها بأنها تخفي الحب الأكبر في صمتها وتخفي جسارتها في إشاعة الصمود من حولها بلا جلبة أو ضوضاء، أي إحساس تملكني وسيطر على وأنا مكبل وأعلم أن فلذة كبدي في طريقه للموت وسبيل نجاته بين يدي وهما مكبلتان. أي إحساس انتابني أمام الجلادين وأنا استعطفهم بلا انكسار أن يسمحوا لي بزيارة ولدي المريض ولا يستجيبون بلا رحمة كأني أطلب منهم كوكا كولا، أي عطف يمكن أن يشمل هؤلاء ونحن قابضون على جمر هذا الواقع المر والقهر المريع الذي مارسوه ضدي وأقول بكل أمانة أنه وخلال تلك الأيام الأخيرة لولدي ناظم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي بل وكل كنوز الدنيا تحت قدمي لما ترددت لحظة في رفضها مقابل نظرة أخيرة لولدي ناظم. فقدت في الأيام الأخيرة أي إحساس بالكسور والجراح التي ألمت بجسدي المنهك إذ كان إحساسي مع ناظم إلى أن جاء ضابط الأمن بصحبة مدير السجن واستدعاني لمكتب مدير السجن وكانت التعليمات أن أنقل من السجن إلى المأتم مباشرة دون إخطاري بالوفاة. وجهت لضابط الأمن بل أمطرته بالأسئلة: أنا لازم أعرف نفسي ماشي وين؟ هل هي عودة للبيت؟ زملائي حيعرفوا؟ وإذا أنتم متوجهون لتصفيتي فإن ذلك سيعرف. ثم وجهت حديثي مباشرة لمدير السجن: هناك فقط احتمالين: إما عودة لبيوت الأشباح، أو ناظم ولدي مات. ولم يتمالك العقيد نفسه فرد علي قائلاً: سليمان إنشاء الله البركة فيكم. نقلت محروساً لمنزلي في اللاماب حيث يقام المأتم وبعد المغرب مباشرة أودعت كوبر. وهكذا ثلاثة أيام عاودت خلالها المأتم بعدها نقلوني لسجن دبك.
    إنني محق حين أقول أن جهاز الأمن قتل ابني، فأنا محق حيث إن عدم إجراء العملية في قلبه الرهيف كان قاصمة الظهر لمشاعري وأنا رهن الاعتقال (المستندات مرفقة).
    تصاريح التحرك داخل وخارج السودان.
    خطاب الضمان من أسقف كانتر بري.

    رجال ومواقف


    هنا لابد من ذكر الأطباء الرجال أبناء الرجال حتى يعرف الشباب من الأجيال القادمة إن هذه المهنة قد تسلل لها بعض عديمي الضمير وفاقدي الإنسانية من أشباه الآدميين أمثال أحمد محجوب الفيل (الدلنج) ومحمد سيد أحمد، وليعلموا أيضاً إن سوداننا بخير وإن هذه المهنة الإنسانية ما يزال بها رجال سودانيون أولاد بلد أمثال الدكتور الإنسان صلاح الكردي والدكتور الشاب الشيخ بابكر، فعند زيارته لسجن كوبر أمر الدكتور صلاح الكردي بنقل الوارد ذكرهم فوراً للسلاح الطبي لإجراء فحوصات وعمليات جراحية وهم:
    محمد الأمين سر الختم (مريض بالقلب).
    الراحل خالد الكد (مريض بالقلب).
    الراحل ألياس صعيل (كسر في اليد).
    عوض الكريم محمد أحمد (رئيس نقابة المهندسين)
    سليمان خضر محمد السيد (كسر في اليد).
    وتمت الاسعافات على يد الدكتور صلاح بالسلاح الطبي حيث تم فك الجبص القديم وكسر إصلاح اليد بعد عمل مسطرة موجودة حتى الآن (أنظر الصورة) وعرفاناً منا بجميل ذلك الدكتور أصدرنا قراراً جماعياً في السلاح الطبي بعد صدور قرار العفو المزعوم بان لا نغادر المستشفى إلا بعد حضور الدكتور الكردي رغم أشواقنا الدفاقة للأهل والأسرة.
                  

05-02-2012, 09:58 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    ** التذكر والعدالة الانتقالية :


    يعتبر نشر افادات ضحايا التعذيب بمثابة آلية يمكن من خلالها المساهمة في سبيل العمل على بلوغ أهداف العدالة الانتقالية، بما في ذلك تحقيق العدالة والمحاسبة، وإظهار الحقيقة، وجبر الأضرار، وضمان عدم تكرار ما جرى. إضافة إلى كل ذلك، غالباً ما يكون هناك مطلب مُلح بالتذكر،ولا تنفصل آليات التذكر عن العناصر والآليات الأخرى للعدالة الانتقالية التي تصب جميعها في آخر المطاف عافية في جسد الوطن، وسلماً وطيداً وامكانية للتعايش المشترك.

    وبالتذكر ينخرط الناس في حوار حي وديناميكي ودائم، ليس فقط حول الماضي – وأحداثه ودلالاته – بل أيضاً حول الطريقة التي يستفيد بها الحاضر من هذا الماضي ويمكن المجتمعات من استعداد أفضل للمستقبل.
    ** التذكر وصيانة كرامة الضحايا :
    أمام الانتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان، أصبح لزاماً على الحكومات ليس فقط التصدي لمرتكبي هذه التجاوزات بل أيضاً ضمان حقوق الضحايا. وبوسع الحكومات أن تهيئ الظروف الملائمة لصيانة كرامة الضحايا وتحقيق العدل بواسطة التعويض عن بعض ما لحق بهم من الضرر والمعاناة، هكذا تتحدث الدراسات المتعلقة بآلية التعويض داخل مجال العدالة الانتقالية، وينطوي مفهوم التعويض على عدة معان من بينها التعويض المباشر (عن الضرر أو ضياع الفرص)، رد الاعتبار (لمساندة الضحايا معنوياً وفي حياتهم اليومية) والاسترجاع (استعادة ما فقد قدر المستطاع).
                  

05-09-2012, 06:54 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    العميد (م) محمد أحمد الريح

    ( انا النزيل العميد(م) محمد احمد الريح الفكى ، ابلغ من العمر اثنين وخمسين عاماً تم القبض على بواسطة سلطات جهاز الامن فى مساء يوم الثلاثاء 20 اغسطس 1991 من منزلى، وأُجبرت على الذهاب لمبانى جهاز الأمن بعربتى الخاصة وعند وصولى انتزعوا منى مفاتيح العربة وادخلونى مكتب الاستقبال وسألونى عن محتويات العربة وكتبوها امامى على ورقة وكانت كالاتى: طبنجة عيار 6.35 اسبانية الصنع ماركة استرا، 50 طلقةعيار6.35 بالخزنة، مبلغ 8720 دولار امريكى، فئات صغيرة من الماركات الالمانية، خمسة لستك كاملة جديدة، اسبيرات عمره كاملة لعربة اوبك ديكورد، انوار واسبيرات عربة تويوتا كريسيدا، دفتر توفير لحساب خاص ببنك التجارة الألمانى بمدينة بون، ملف يحتوى مكاتبات تخص عطاء استيراد ذخيرة واسبيرات؛ كل المحتويات المذكورة عرضت على فى مساء نفس اليوم بواسطة عضو لجنة التحقيق التى قامت بالتحقيق معى المدعو النقيب عاصم كباشى وطلبت منه تسليمها صباح اليوم التالى الى شقيق زوجتى العميد الركن مامون عبدالعزيز نقد الذى سيحضر لاستلام عربتى. وبعد يومين اخبرنى المدعو عاصم كباشى بانهم قد سلموا العربة زائداً المحتويات للعميد المذكور.
    وعند خروجى من المعتقل بعد النطق بالحكم لنقلى لسجن كوبر علمت بان العمـيد مامـون نقد قد تم تعينه ملحقاً عســكرياً بواشنطن وسافر لتسلُّم اعباءه، ومع الاسف علمت منه بعد ذلك بإنه تسلم من جهاز الأمن العربة فارغة من جميع المحتويات المذكورة. تم تقديمى للمحاكمة امام محكمة عسكرية سريعة صورية بتاريخ 23/2/1991م، اى بعد شهر من تاريخ الاعتقال. ولقد ذقت فى هذه الشهر الأمرين على أيدى افراد لجنة التحقيق وعلى أيدى الحراس بالمعتقل،، وتعرضت لشتى أنواع التعذيب النفسى والجسمانى وقد إستمر هذا التعذيب الشائن والذى يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان حتى يوم النطق بالحكم بتاريخ 3/12/1991م وقد كان الحكم على بالإعدام تم تخفيضه الى الحكم المؤبد حيث تم ترحيلى بعده فى يوم 4/12/1991م من معتقل جهاز الأمن الى سجن كوبر ومنه بتاريخ 10/12/1991م الى سجن شالا بدارفور. لقد ظللت طيلة ثمانية عشر شهراً قضيتها بسجن شالا، أعانى أشد المعاناة من آثار ما تعرضت له من صنوف التعذيب التى لا تخطر على بال إنسان والتى تتعارض كلها مع مبادى الدين الحنيف وما ينادى به المسئولون ويؤكدون عليه من أن حقوق الإنسان مكفولة وأنه لا تعذيب يجرى للمعتقلين.
    هناك تعذيب رهيب لاتقره الشرائع السماوية ولاالوضعية ويتفاوت من الصعق بالكهرباء الى الضرب المبرح الى الاغتصاب وقد تعرضت أنا شخصياً لأنواع رهيبة من التعذيب تركت آثارها البغيضة على جسدى وتركتنى أتردد على مستشفى الفاشر طلباً للعلاج وقد تناولت خلال هذه الفترة العديد من المسكنات والمهدئات بدون جدوى مما دفع بالاطباء الى تحويلى للعلاج بالخرطوم بعد أن أقرت ذلك لجنة طبية اقتنعت بضرورة التحويل. إن جبينى يندى خجلاً وأنا أذكر أنواع التعذيب التى تعرضت لها وما نتج عن ذلك من آثار مدمرة للصحة والنفس، كما ساذكر لك اسماء من قاموا بها من اعضاء لجنة التحقيق وافراد الحراسات بالمعتقل والذين كان لهم صلاحيات تفوق صلاحيات افراد النازى فى عهد هتلر وألخصها فيما يلى علماً بان الإسماء التى ساذكرها هى الإسماء التى يتعاملون بها معنا ولكنى أعرفهم واحداً واحداً إذا عُرضوا على:
    الضرب المبرح بالسياط وخراطيم المياه على الرأس وباقى أجزاء الجسد ،، الربط المحكم بالقيد والتعليق والوقوف لساعات قد تمتد ليومين كاملين ،، ربط احمال جرادل مملؤة بالطوب المبلل على الايدى المعلقة والمقيدة خارج ابواب الزنازين،، صب المياه البارده او الساخنة على أجسادنا داخل الزنازين إذا أعيانا الوقوف ،، القفل داخل حاويات وداخل دورات المياه التى بنعدم فيها التنفس تماماً. ربط الاعين ربطاً محكماً وعنيفاً لمدد تتجاوز الساعات. نقلنا من المعتقل الى مبانى جهاز الامن للتحقيق مربوطى الاعين على ظهور العربات مغطين بالشمعات والبطاطين، وافراد الحراسة يركبون علينا باحذيتهم والويل إذا تحركت او سُمع صوتاً فتنهال عليك دباشك البنادق والرشاشات والاحذية.
    يقوم بكل ذلك أفراد الحراسات وهم: كمال حسن وإسمه الاصلى احمد محمد من أبناء العسيلات وهو أفظعهم واردأهم، حسين، ابوزيد، عمر، علوان، الجمرى، على صديق، عثمان، خوجلى، مقبول، محمد الطاهر وأخرون. تعرضت سخصياً للإغتصاب وادخال أجسام صلبة داخل الدبر، وقام بذلك النقيب عاصم كباشى واخرون لا أعرفهم. الاخصاء بضغط الخصية بواسطة زردية والجر من العضو التناسلى بنفس الآله وقد قام ذلك النقيب عاصم كباشى عضو لجنة التحقيق. الضرب باللكمات على الوجه والرأس وقام به أيضاً المدعو عاصم كباشى ونقيب آخر يدعى عصام ومرة واحدة رئيس اللجنة والذى التقطت أسمه وهو عبدالمتعال. القذف بالالفاظ النابئة والتهديد المستمر بإمكانية إحضار زوجتى وفعل المنكر معها أمام ناظرى بواسطة عاصم كباشى وآخر يحضر من وقت لآخر لمكان التحقيق يدعى صلاح عبدالله وشهرته صلاح قوش. وضع عصا بين الارجل وثنى الجسم بعنف الى الخلف والضرب على البطن وقام به المدعو عاصم كباشى والنقيب محمد الامين المسئول عن الحراسات وآخرين لا اعلمهم.
    الصعق بالكهرباء وقام به المدعو حسن والحرق باعقاب السجائر بواسطة المدعو عاصم كباشى. لقد تسببت هذه الافعال المشينة فى إصابتى بالامراض التالية: صداع مستمر مصحوباً بإغماءة كنوبة الصرع. فقدان لخصيتى اليسرى التى تم اخصاؤها كاملاً. عسر فى التبرز لااستطيع معه قضاء الحاجة الا بإستخدام حقنة بالماء يومياً. الإصابة بغضروف فى الظهر بين الفقرة الثانية والثالثة كما أوضحت الفحوصات. علماً بانى قد أجريت عملية ناجحة لازالة الغضروف خارج السودان فى الفقرة الرابعة والخامسة والآن اعانى آلم شديدة وشلل مؤقت فى الرجل اليسرى. فقدى لاثنين من اضراسى وخلل فى الغدة اللعابية نتيجة للضرب باللكمات. تدهور مريع فى النظر نتيجة للربط المحكم والعنيف طيلة فترة الإعتقال. بعد تحويلى بواسطة لجنة طبية من الفاشر الى المستشفى العسكرى حولت من سجن شالا الى سجن كوبر فى اوائل شهر مايو المنصرم وحينما عرضت نفسى على الاطباء امروا بدخولى الى المستشفى وبدأت فى اجراء الفحوصات والصور بدءاً باخصائى الباطنية وأخصائى الجراحة تحت اشراف العميد طبيب عبدالعزيز محمد نور بدأ معى علاجاً للصداع وتتبعاً للحالة كما عرضت نفسى على العميد طبيب عزام ابراهيم يوسف اخصائى الجراحة الذى اوضح بعد الفحوصات عدم صلاحية الخصية اليسرى ووجوب استئصالها بعد الانتهاء من العلاج مع بقية الاطباء. ولم يتم عرضى على احضائى العظام بعد. للأسف وانا طريح المستشفى فوجئت فى منتصف شهر يونيو وفى حوالى الساعة الحادية عشر مساء بحضور مدير سجن كوبر الي بغرفة المستشفى وأمرنى باخذ حاجياتى والتحرك معه الى السجن بكوبر حيث هناك تعليمات صدرت من اجهزة الامن بترحيلى فوراً وقبل الساعة الثانية عشر ليلاً الى سجن سواكن.
    حضر الطبيب المناوب وأبدى رفضه لتحركى ولكنهم اخذونى عنوة الى سجن كوبر حيث وجدت عربة تنتظرنى وبالفعل بعد ساعة من خروجى من المستشفى كانت العربة تنهب بى الطريق ليلاً خارج ولاية الخرطوم. ولقد وصلت سواكن وبدأت فى مواصلة علاجى بمستشفى بورتسودان والذى أكد لى الاطباء المعالجون بعد إجراء الفحوصات بعدم صلاحية الخصية اليسرى ووجود غضروف بالظهر ومازلت تحت العلاج من الصداع المستمر وتوابعه.
                  

05-10-2012, 04:54 AM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    شكراً الأخ فيصل محمد خليل ..
    فليبقى عالياً شاهداً عمااغترفوه من قتل
    و تعذيب في حق أبناء شعبنا الشرفاء ..
    دمت بالف خير ..
                  

05-10-2012, 11:00 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: Amani Al Ajab)

    Quote:
    شكراً الأخ فيصل محمد خليل ..
    فليبقى عالياً شاهداً عمااغترفوه من قتل
    و تعذيب في حق أبناء شعبنا الشرفاء ..
    دمت بالف خير ..


    الاستاذه امانى العجب

    وستظل اللعنات تلاحقهم حتى يوم الحساب
    فانهم قتلوا الناس جميعا

    مودتى الصادقه
                  

05-11-2012, 06:51 PM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)



    ** التذكر وصيانة كرامة الضحايا :


    أمام الانتشار الواسع لانتهاكات حقوق الإنسان، أصبح لزاماً على الحكومات ليس فقط التصدي لمرتكبي هذه التجاوزات بل أيضاً ضمان حقوق الضحايا. وبوسع الحكومات أن تهيئ الظروف الملائمة لصيانة كرامة الضحايا وتحقيق العدل بواسطة التعويض عن بعض ما لحق بهم من الضرر والمعاناة، هكذا تتحدث الدراسات المتعلقة بآلية التعويض داخل مجال العدالة الانتقالية، وينطوي مفهوم التعويض على عدة معان من بينها التعويض المباشر (عن الضرر أو ضياع الفرص)، رد الاعتبار (لمساندة الضحايا معنوياً وفي حياتهم اليومية) والاسترجاع (استعادة ما فقد قدر المستطاع).
                  

05-12-2012, 04:28 AM

فيصل محمد خليل
<aفيصل محمد خليل
تاريخ التسجيل: 12-15-2005
مجموع المشاركات: 26041

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)


    ويمكن التمييز بين التعويضات بحسب النوع (مادية ومعنوية) والفئة المستهدفة (فردية / جماعية). ويمكن أن يتم التعويض المادي عن طريق منح أموال أو حوافز مادية، كما يمكن أن يشمل تقديم خدمات مجانية أو تفضيلية كالصحة والتعليم والإسكان. أما التعويض المعنوي فيكون مثلاً عبر إصدار اعتذار رسمي، أو تكريس مكان عام (مثل متحف أو حديقة أو نصب تذكاري) أو إعلان يوم وطني للذكرى.
    أما الأهداف المتوخاة من تدابير التعويض (سواء كانت مادية أو معنوية) فهي عديدة ومتنوعة ومن بينها الإقرار بفضل الضحايا جماعات وأفراداً، وترسيخ ذكرى الانتهاكات في الذاكرة الجماعية، تشجيع التضامن الاجتماعي مع الضحايا، إعطاء رد ملموس على مطالب رفع الحيف وتهيئة المناخ الملائم للمصالحة عير استرجاع ثقة الضحايا في الدولة. إضافة إلى أن مبدأ التعويضات أصبح إلزامياً بموجب القانون الدولي.

    ** حظر التعذيب والمعاملة السيئة:

    إن كل فعل تعذيب يقع من إنسان على آخر يترك وراءه ، بشكل دائم، ندوباً علي كل أؤلئك الذين مسهم ،ويحطم احساسنا المشترك كبشر.وتعتبر ممارسة التعذيب مخالفة، على نحو جوهري لفكرة نشوء حياة متحضرة بحيث ان حظرها القانوني يعتبر حظراً مطلقاً. ولا توجد أي ظروف، أياً كانت، تستطيع تبرير استخدام التعذيب. ويعتبر حظر التعذيب واحداً من تلك الأعراف القليلة في إطار القانون الدولي التي بلغت مرتبة القاعدة القطعية لتتقاسم هذا الموقع مع عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من القواعد الأخرى التي يحرم انتهاكها ومن بينها حظر الإبادة الجماعية والرق. هكذا يقول السيد مانفريد نواك، مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب.

    ** الحقائق المؤلمة حول التعذيب :


    ويضيف مانفريد في مقدمة كتاب :السعي لإيجاد سبيل انتصاف لضحايا التعذيب قائلاً: رغم الطبيعة المطلقة لحظر التعذيب فإن الحقيقة المحزنة هي ان التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أوالمهينة يتواصل وقوعها في أماكن عديدة من العالم .وفي بعض الأحيان تتم المعاملة السيئة علي نحو مكشوف، لكنها في أغلب الأحيان تخفي عمداً، بعيداً عن الفحص العام ويستطيع الجناة التحكم في الأدلة التي تدينهم أو القضاء عليها، وبالطبع فان أحد أهداف التعذيب والمعاملة السيئة هو ارهاب الضحايا لاسكاتهم كي لا تخرج الجريمة إلى العلن أبداً. وهذا يدل ضمناً على أن كل أؤلئك الذين يكافحون لانهاء ممارسات التعذيب وكفالة حق الضحايا في الحصول علي انتصاف وضمان معاقبة الجناة كثيراً ما يواجهون، على نحو خاص، تحديات صعبة. وعلى الرغم من هذه المعوقات فإن الكفاح ضد التعذيب والمعاملة السيئة يشتد ويجد الدعم اللازم من شجاعة اؤلئك الذين يجاهرون علناً بالتصدي له. وتعتبر هذه الاصوات حاسمة في الكفاح ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لأنها تزيح أفعال التعذيب من الظلام وتنقلها الي الضوء وتكشفها علي حقيقتها وتسعي لمحاسبة أؤلئك الذين ارتكبوها.

    ** من الظلام إلى الضوء :

    من أضابير الظلام، ومن الصدور المحزونة والمغبونة من جراء أفعال التعذيب الوحشي واللا إنساني، والي رحابة الضوء، إلى ساحات العدالة والإنصاف لضحايا التعذيب والانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان، من أجل أن يعيش القادمين إلى هذا الوطن حياة كريمة وانسانية، آثرت الميدان أن تفتح ملفات التعذيب، وتفتح ملفات الانتهاكات الحادة لحقوق الإنسان.
                  

05-12-2012, 07:01 PM

Amani Al Ajab
<aAmani Al Ajab
تاريخ التسجيل: 12-18-2009
مجموع المشاركات: 14883

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـرائــــم الانـقــــــاذ (2) (Re: فيصل محمد خليل)

    فليبقى عالياً شاهداً ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de