سيرة مدينة: العمة سكينة..والثورة الثقافية..بقلم د.سعاد محمود

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 07:00 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-28-2012, 12:27 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37024

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سيرة مدينة: العمة سكينة..والثورة الثقافية..بقلم د.سعاد محمود

    سيرة مدينة سلسلة تداعيات امتدت الى عشر سنوات في هذا الموقع ومواقع اخرى..تحكي عن اناس من بلاد كوش حيث حفيف الاجنحة والانهار العظيمة ،طمست اسمائهم ولكنهم ظلو يشعون كاليورانيوم عبر السنين، قد وضعو بصماتهم في وجدان ناس اخرين..الحديث عن كائنات الرمال الممتدة بين كرمة وكريمة يطول...ولكن شقيقتي د.سعاد ارادت ان ترفد هذه السيرة بحكاية عمتنا سكينة التي انطفات كالشمعة في ريعان شبابها ودخلت في السديم الرمادي الذى يسمى الموت وتركت خلفها حكايات يجب ان تروى
    Quote:


    حُروفٌ على الأرض


    سكينة فتاةًهادئةً، مُتصالحة مع نفسِها، ينعكسُ ذلك فى محيطها الأُُسرى، والمجتمع من حولها ،كأن الله قد أرسلها لتخدم الناس بلامقابل، فأحبها الناس بلاحدود، كانت كالملاك تمشى على الأرض. تحفها هيبةً الطيبةً. لم يعبس جبينها فى وجه أحد يوماً فكانت طَلَقة المحيّا.جلّ وقتها فى القراءة، توفى والدها الذى كان يعمل حارسا أمام بوابة السكك الحديد فى مدينة الحديد والنار(عطبره). رجعت مع والدتها للقرية ولم تكمل تعليمها الأوسط فى المدرسة الإنجيلية التى تعلمت فيها العلم والأخلاق.
    إفتقدت سكينة مَدرسَتها ومُعلماتها وصُويحباتها، وبدأت حياة القرية الشاقة. تنهض من نومها مبكرة عند آذان الفجر، لتأتى بالماء من البئر الكائنة فى وسط القرية. وعند شروق الشمس تمتطى حمار أختها الكبرى سِعدة ،التى كانت تعتنى بشئون المنزل، ومساعدة الجَدّات المُسِنات القاطنات فى حوش أحمد الامين، الذى ورثت ابنته سكينة المحبة والتفانى فى مساعدة الناس . تذهب سكينة عند شاطئ النيل،حيث أشجار النخيل الباسقة، والحدائق الغنّاء والخضرة الممتدة ،وصوت هدير وابور رفع المياه تك...تك...تك.وتندفع المياه تشق طريقها عبر الجداول لتروى الحقول. تجتمع فتيات القرية فى تلك الساعة المبكرة يحتطِبن ويحصدن ويسقيّن الزرع ويمضى الصباح وهن مسرورات بالمزارع والأشجار وصوت القمارى. يمرحن ويضحكن دون ضجر من الأعمال الشاقة التى يقمن بها، رغم صِغر أعمارهن وفقدهن للأبجدية.عندما ينتهى العمل فى الزراعية ينطلقن الى بيوتهن، يقتلن الوقت بالأعمال المنزلية الأخرى.هكذا كنّ صغيرات وأحلامهن صغيرة. ومطالبهن قليلة، كل ما يبحثن عنه هو إرضاء الأسرة والعمل على راحة أفرادها وخاصة الذكور.
    كانت سكينة تشعر بالحزن، لأن الفتيات لم يتلقين تعليما ولايقرأن ولايكتبن مثل الأولاد فى أعمارهن، الذين يذهبون الى شيخ الخلوة ليتعلموا الكتابة وحفظ القران.كانت سكينة لاتتخيل أن يحرم إنسان من نعمة التعليم فطرحت عليهن فكرة: أن يأتين لها فى المنزل لتمحو ُأُميّتهن ما استطاعت لذلك سبيلاً.لم تكن فى القرية أوراق أو أقلام أ وأى وسيلة من وسائل التعليم تساعد فى محو الأمية الأبجدية.
    فى حجرة خالية من الأثاث، فى منزل سكينة، جلسن على الأرض مُصطفّات وق فرشن رملاً ناعماً أمامهن. كانت سكينة تكتب لكل واحدة الحرف على الأرض، وتنطقه لهن وتجعلهن يمررن أصابعهن على الحرف، حتى أكملت الحروف الأبجدية، وبعدها بدأت بكتابة الكلمة، والجملة، على صفحة الرمل المفروش على الأرض.
    نقبت سكينة فى حاوية كتبها التى أتت بها من المدينة. فوجدت كتاب يسمى مفتاح المعرفة، يصلح للمطالعة الأبتدائية فى محو الأمية فصارت تقرأ لهن منه ثم يتداولّنه حتى حفظنه .
    تعليم الفتيات فى القرية فى منزل سكينة،كان فتحا مبينا لأهلهن، إذ صرّن يكتبن الرسائل لذويهن ويقرأن الوارد من المدينة دون اللجوء لشيخ الخلوة أو تلاميذه وبذلك حفظن أسرار أُسرهن.
    كانت الفتيات يطلقن على تلك الحجرة ـالمُنتبذة ركنا قصيًا فى حوش أحمد الامين ، مدرسة سكينة وكنّ فى غاية السعادة والفرح ،عندما تخرجن بإحتفال بسيط دعت فيه سكينة أهالى القريه لتشرح لهم أهمية تعليم الفتيات، وإن صفحة الأرض يمكن أن تكون كراسة ،وإن الأصبع يمكن أن يكون قلمًا لا عذر لشخص أمىّ ينتظر أن ياتيه التعليم عند داره.
    تناقل أهل القرية خبر مدرسة سكينة، سمعت بها إدارة التعليم فى المدينة فأرسلت فى طلبها. وبالرغم من إنها لم تكمل تعليمها فقد أزالت أمية فتيات القرية. فنالت بذلك تدريبا فى المدينة من إدارة التعليم حتى تعود للتدريس فى المدرسة الصُغرى للفتيات فى قريتها. بعد أن رأت الإدارة مدى إقبال فتيات القرية على التعليم.
    عادت سكينة تحمل شهادة المعلمة وانتشر الخبر فى القرية وانتظر الأهالى البدء فى بناء المدرسة .
    إجتاح القرية وباء الكوليرا وكانت المعلمة سكينة ضحيته، فقد أغمضت عينيها وأسلمت روحها الطاهرة فى أثناء نومها وكان رحيلها الهادئ مصدر تعجب وترحم من أهل القرية، حدث ذلك قبل تنفيذ بناء المدرسة وعندما زار وفد التعليم القرية ليسلمها المدرسة، فوجئ بخبر رحيلها المفاجئ. لقد بكت عليها القرية والفتيات والأرض التى صيّرتها كتابا.
    إنطفا أمل الفتيات فى مواصلة مسيرة تعليمهن. ولم تكتمل المدرسة الصُغرى ،وانتهى عهد مدرسة سكينة التى حملت شعلة تعليم الفتيات عمرًا قصيرًا، وظلت مدرستها مفتوحة فى قلوب الجميع، وفى قلب كل فتاة علمتها حرفًا، هكذا الخالدون المجهولون يأتون الى الحياة خِلسة، ويزيّنوها بفضائل أعمالهم، ويرحلون فى صمت دون ضجيج. لا أعلام ترفرف لهم ولا أضواء تُسلط عليهم هكذا يرقدون فى هدوء وسلام. لقد أكملت سكينة رسالتها فى عمرٍ قصيٍر.وظلت حاضرة حتى فى غيابها....
    تمت
    (لها الرحمة عمتى سكينة أحمد الأمين)عبرت الحياة كالطيف...ومازالت مدرسة سكينة نغم عزفه الزمن الجميل...
    قصة واقعية.مازلت متأثرة بها رغم مرور الزمن.فماذا كانت ستضيف لقريتها لوكانت مازالت على قيد الحياة.
    سعاد محمود الامين
    الإهداء لمحاسن مصباح وسعاد أحمد الدابى
    صديقاتها ......فى الطفولة
    عطبره

    (عدل بواسطة adil amin on 04-28-2012, 12:32 PM)

                  

04-29-2012, 11:29 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37024

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: سيرة مدينة: العمة سكينة..والثورة الثقافية..بقلم د.سعاد محمود (Re: adil amin)

    العمة زينب من كائنات الرمال بين كرمة وكريمة التي تحفر بصمة عميقة في روحك..كنت في طفولتي البعيدة
    عندما ننزل البلد تأخذني لأقيم عندها .. امرأة غاية في الجمال و الذكاء وأحاديثها الحكيمة التي تعززها بأمثال من مخيلتها الخصبة "كل زول يعدل راسو ويشوف خلاصو" او من البيئة"العندو حنة يحنن جعز حماروا" كنت انزل معها إلى المزارع على حمارتها السوداء حيث حقول القمح والبرسيم الممتد في بساط لا نهائي من الخضرة وأشجار النخيل والليمون التي تعطر الجو بأزهارها البيضاء وأشجار المانجو ...تتركني ارتع بين الحدائق وضجيج الطبيعة من شدو البلابل وسجع القمري في أعالي النخيل وحشرات الشتاء البغيضة "النمتي" التي تجعل حياتنا نحن الأطفال جحيم وتأخذني زينب إلى شفخانة البلدة لعلاج عيوني المنتفخة والدواء الوحيد قطرة الزنك التي تشفي جميع أمراض الطفولة دون منازع والدليل على ذلك إني لازلت على قيد الحياة حتى الآن لأقدم هذه الشهادة للبلد زمان..أما ألان عندما عدت إلى البلد بعد تعيني معلم في كريمة اختلف الأمر كثيرا لم يبقى من تلك المزارع سوى النخيل النبيل الذي أدركه الهرم يشد بعضه باذر بعض وكما هو معروف إن الأشجار تموت واقفة واضحي الناس هناك يعيشون على ما يجود به من تمر وعلى ما يرسله الأبناء والأحفاد من المنافي البعيدة أو دول النفط..
    وجدت عمتي زينب تقيم مع ابنها الوحيد هناك في بيتها المهدم و النظيف والأنيق لازالت تزخرف الجدران بالصور التي على غطاء علب الحلوى وتصنع من علب السجائر شموس وأقمار ذهبية وفضية تعلقها على الجدران..كعادتها المرحة أخبرتني عن رحلتها إلى الخرطوم وعن زواجها وطبعا هي امرأة لها موقف من الحياة شاهدته لها منذ أمد بعيد ،لا تحب أن تعيش أبدا في ظل أوضاع مفروضة أو تتنازل على قدر من حريتها مقابل لا شيء... فما كان إلا أنها انفصلت عن زوجها وعادت إلى البلد لتعيش حريتها الفقيرة مع ابنها الذي كان يدرس في مدرسة البلد التي جرفها فيضان 1988 وشاهدته مع الطلاب والمدرس يصارعون خيمة الفصل التي تعبث بها الأتربة وأنا في طريقي إلى السوق لإحضار الطعام الذي ستطبخه لنا العمة في مطبخها العجيب والنظيف جدا..ويمكنك أن تجري فيه عملية جراحية دون أن يتسمم المريض...
    أخبرتني العمة زينب بالمختصر المفيد،لم تعد تطيق البقاء في الخرطوم بحرها وضجيجها وأحاديث سكانها المضجرة و السمجة والممجوجة التي لا توقظ فكرة ولا تهذب شعور...وبمشاكلها المتعددة والبغيضة واختارت العودة إلى البلد.."عشان ابرد اضاني".
    وجاءت إلى هذا الصمت المطبق مع ابنها والراديو الذي لا يفارقها ابدا منذ زمن بعيد تسمع أغاني عثمان حسين من ام در مان وما يدور في العالم من البي بي سي...زينب امرأة كوكبية من أحفاد كوش عند جبل البركل العظيم وتعرف أن الإنسان وحدة ذاتية مهمة تسهم في انسجام العالم...وهي امرأة مرهفة الحس في علم الجمال ،ترى البساطة جمال والتعقيد قبح وتنفعل بقضايا العالم ،رغم تلقيها تعليم محدود على يد العمة سكينة طيب الله ثراها التي انطفأت في ريعان شبابها..في زمن بعيد وكنا نحن في خارج السودان وأبقت أثرا في تعليم العديد من نساء البلدة...منهم العمة المبجلة زينب..
    فهي تتحدث عن زواجها وعن طلاقها بمرح وبأنه أمر عادي يحدث وفقا لسنن الكون...ولا يشكل لها الأمر حالة من عدم الاتزان الذي يعاني منه مزيفين البنادر والخرطوم..
    اكتب هذه الخاطرة والذكريات وان أقف في هذا الركن المنسي من العالم..وأتذكر موقف العمة زينب وأتساءل:ما الذي يجعل امرأة تعيش في ظل أوضاع مهينة دون تتخذ القرار الصائب وان كان ابغض الحلال؟؟!!..بل ما الذي يجعل شعب بأكمله يرزح في ظل أوضاع مشينة دون أن يتخذ القرار"الشعب يريد إسقاط النظام"...رعى الله العمة زينب وابنها البار..والدروس التي قدمتها لي من زمن سحيق يمتد سبعة ألف عام في حضرة ملوك كوش العادلين الورعين حتى قبل دخول الأديان للسودان...ولماذا هفت جيناتها الكوشية للحرية بين رمال وعادت لتتنسم أريج نسمات الشمال وتعيش حرة وأبية وبمهابة...مجسدة قول المسيح عليه السلام"ماذا يفيد الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه"..
    .......
    دنيا لا يملكها من يملكها
    أغنى أهليها سادتها الفقراء
    الخاسر من لم يأخذ منها
    ما تعطيه على استحياء
    والغافل من ظنّ الأشياء
    هي الأشياء!
    تاج السلطان الغاشم تفاحه
    تتأرجح أعلى سارية الساحة
    تاج الصوفي يضيء
    على سجادة قش
    صدقني يا ياقوت العرش
    أن الموتى ليسوا
    هم هاتيك الموتى
    والراحة ليست
    هاتيك الراحة.
    ......
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de