من اين جاء هؤلاء .. العميد محمد عجيب أحمد

Quote: من اين جاء هؤلاء .. العميد محمد عجيب أحمد الأربعاء, 21 آذار/مارس 2012م وكأنّ الناس في شمال السودان قد قرأوا واستوعبوا الحكمة القديمة .. (من أراد ان يخرج من حياتك ابتسم في وجه .. وخذ بيده .. وشيعه حتي باب الخروج .. ثم تأكد انك قد اغلقت الباب اغلاقاً محكماً ..) خرج الجنوب طواعيةً واختياراً فشيعه الناس حتي باب الاستفتاء .. وأغلقوا الباب اغلاقاً محكماً .. لكنهم نسوا المؤتمر الوطني معهم في الداخل .. او لعلهم تركوا بعض النوافذ مشرعة ـ بعض اهل نيفاشا ـ ليهب منها النسيم .. او لعل عارضاً يمطرهم نفطاً .. فجاءهم منها ريحٌ عاصف .. حرب الجنوب استمرت خمسين عاما .. وسلام نيفاشا استمر خمس اعوام .. فكان يوماً واحداً من ايام الهوان في نيفاشا كألف سنةٍ مما تعدون .. ثم بدا للناس ان نيفاشا قد مضت لحالها بشرها وشرها .. وبثلث السودان دولةً جديدة .. فإذا بنيفاشا وقد عادت من جديد من تحت الرماد كانها طائر الفينيق الخرافي .. اصبحت نيفاشا في حلق اهل السودان غصةٌ باقية ما تعاقب الليل والنهار .. اصبحت مثل شجرة (الماسكيت) كلما اقتلعت من جذورها خرجت من تحت الارض بوجهٍ كالحٍ جديد .. او كأنها خضراء الدمن .. ولعل ما كان يدور في مجالس المدائن من همسٍ جهير تجده في لحن القول وصريحه في شمال السودان عن ذهاب الجنوب دولةً مستقلة .. لعله ترجمة اللسان لمكنون البِشْر والق البشارة لما في النفس والوجدان من بشريات الخلاص من حملٍ ثقيل .. وكأن صخرةً أزحيت عن صدر بلال في بطحاء مكة في يوم حرٍ غائظ .. وكأن غيظاً كظيماً تنفس عنه صدرٌ حليم .. وتمرير نيفاشا بكل ما تحمل من مرارات .. ومن مناطق ثلاث .. وتقرير مصير .. وشيطان تفاصيل .. والصمت عن عرمان .. والصبر علي باقان .. وعثمان ود الجيران وأخوي مروان وخالتو ريان .. و .. كل هذا لم يكن غير إغلاق الباب جيداً وبإحكام .. بعد خروج نيفاشا و(ما) معها من التُّبع وقوم تبع واصحاب الأيكة .. حتي انزل شمال السودان عن كاهله حملاً ثقيلاً كان يحمله ويحمل أوزاره واوزاراً مع اوزاره خمسين عاما .. ثم اغلق الباب اغلاقاً محكماً .. فإذا نيفاشست المؤتمر الوطني يفتحون عليه نوافذ الحريات الأربع .. واذا المؤتمر الوطني يجد ريح يوسف لولا ان تفندون .. او لا تفندون .. وغداً يجد المؤتمر قميص يوسف (تفندون او لا تفندون) .. وغداً يأتيكم يوسف شخصياً فتغر به عين المؤتمر الوطني .. ولعله يأتي قبل ان يرتد للمؤتمر الوطني طرفه .. فكم في المؤتمر من آصف بن برخيه يأتيه بما يريد من وراء الحجب ورغم انف ابي ذر .. عندها فقط يكون لعبارة باطن الارض خيرٌ من ظاهرها معنيً مختلف .. معنيً يري بعينين .. ويتكلم بلسانٍ وشفتين .. ويمشي علي حرياتٍ اربع .. خمسين عاماً ظل الشمال يحمل الجنوب علي ظهره غذاءً وكساءً وتعليماً وصحة وتنمية وطرق .. وقتالا .. وفي القوم باقان وعرمان .. وفرعون وهامان ومناة الثالثة الأخري .. حتي آن له ان يستريح ويسد للريح باباً .. يسده سداً محكماً .. فإذا بعض اهل المؤتمر الوطني وبمفتاح الحريات الأربع ينقضون غزل اهل السودان بعد قوةٍ انكاثا .. ويفتحون الباب علي مصاريعه الأربع ليدخل الجنوب من اي الحريات شاء .. فتقبض عصابة الحكم في الجنوب عائدات النفط وتطلق شعبها عالةً علي شمال السودان علي ظهر الحريات الأربع .. فحكومة باقان لا تتحمل اي مسئولية تجاه شعب الجنوب .. وليس من همومها في شئ ان تطعمه من جوعٍ او تؤمّنه من خوف .. بل هي الجوع والخوف نفسه .. وغداً تجتاح أرتال الجياع حدوداً طولها ألفي كيلومتر نحوالشمال .. ونيفاشت المؤتمر الوطني لا يكلمون الناس عن الثمن ولا عن الحكمة الدفينة لما يقدمون من عطاءٍ غير مجذوذ .. لا يكلمونهم حتي تكلمهم دابة الارض ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون .. تري من اين جاء هؤلاء .. ولعل جموعاً من اهل السودان ممن دخلوا المدارس قرأوا يوماً في كتب الادب : (لا تسقني كأس الحياة بذلةٍ بل فاسقني بالعز كأس الحنظل .. كأس الحياة بذلة كجهنمٍ وجنهم بالعز افضل منزل ..) ولعل ترجمة هذا الادب كانت بعض ما يدفع القوات المسلحة للقتال علي مدي نصف قرن من الزمان .. ولعل ذات الترجمة لذلك الادب كانت بعض ما يشكل وجدان اهل السودان ويدفعهم لرفد القوات المسلحة من مخزون الكرامة والحب .. وإسنادها بالمال والرجال حباً وكرامة .. وعلي مدي نصف قرنٍ من الزمان .. حتي استدار الزمان .. وعلا في (المؤتمر الوطني) قومٌ آخرونا .. علا فيه اولاد نيفاشا .. فصرت ولا يرَ في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينا .. وآلمني وآلم كل حرٍ سؤال الدهر اين ..؟ وأين ..؟ .. حقاً فقد صارت (أيناوات) الدهر كُثر .. وانت تجيل الطرف في الآفاق وترجع البصر كرتين بحثاً عن إجابة لأين واحدة من الأيناوات المتكاثرة .. تجيل الطرف في القبل الاربعة .. فلا تجد غير الحريات الاربعة تسد الافق .. فينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير .. وكأن المؤتمر الوطني قد نثر كنانته وعجم عيدانها فلم يجد غير هؤلاء (الهؤلاء) .. فرمانا بهم قبل ان يرمي بهم دولة الجنوب .. تري من اين جاء هؤلاء .. ؟ وكأن بنات افكار هؤلاء (الهؤلاء) عقمت ان تنجب غير هذه الأفكار العقيمة التي تحبو علي حريات أربع .. وكأن رحم المؤتمر الوطني عقمت ان تنجب غير هؤلاء (الهؤلاء) .. وكأن رحم السودان عقمت ان تنجب غير المؤتمر الوطني .. فياليت شعري .. من اين جاء هؤلاء ..! ويا ليت شعري أين هي نقاط التلاقي بين اولاد نيفاشا .. واولاد كتيبة الاهوال ومتحرك الحق اليقين لسنوات خلت .. واين هم من الشهيد احمد البشير والشهيد الشيخ عبيد ختم بدوي عكود .. واين مكامن الفرق في أمشاج التخلّق وجينوم التكوين بين اؤلئك النفر وهؤلاء الهؤلاء .. اي ذلةٍ وأي زلة يمسكها اولاد نيفاشا علي المؤتمر الوطني ليمسكوا بذات الملف سنواتٍ طويلة حتي ملّهم الملف وملتهم نيفاشا وملهم الناس وملّهم المَلل .. ! من اي ملّة من الِملل هؤلاء الهؤلاء ..؟ من اين جاء هؤلاء ..؟ **نقلا عن موقع وزارة الدفاع السودانية