في رثاء الوالدة الخالة حاجّة نِعمة محمود المدني والأخ الصديق، عبدالقادر أحمد عبدالقادر..الجملون السعدانة .. ريفي المعيلق.
يوم الأحد 11 مارس 2012 كان يوم فجيعة كبيرة لنا في الجملون السعدانة، في دغش صباحه ألممنا بخبر حزين، وهو وفاة الوالدة الوقورة الحاجة/ نِعمة محمود المدني، تقبّلها الله خير القبول وتغمّدها بواسع رحمته وألهمَ آلها وذويها، أبنائها وبناتها، أحفادها وحفيداتها، إخوانها وأخواتها، وكل الأهل بالجملون السعدانة، الصبرَ وحُسن العزاء؛ وإنّا لله وإنّا إليه راجعون..صـلّينا عليها قريباً من التاسعة صباح الأحد11مارس2012 وزوّدناها الدعوات الصالحات، وترحّمنا عليها وعلى جميع أمّهاتنا وآبائنا وقد ساقتنا أقدامنا إلى حيث مراقدهم في مقابر عبدالشكور بالقرية.. لهم الرحمة جميعاً.. هذا وذاك، ممّا يزيد ثرى الجملون سعدانة، عندنا، محبّةً وإثراءاً وقُدسية.. هي بلدتنا جميعاً وفيها أصولنا وفروعنا وأترابنا وتربنا وعِزّ إنسانيّتنا بمَنْ حوت من شخوص كِرام، نساءاً ورجالاً، شيباً وشبابا، أبناءاً وبناتا، أحياءاً وامواتا؛ وإنها للقرية التي يفخر المرء كونه جُزءٌ منها، وُلِدنا فيها وترعرعنا بها وعشنا - وما نزال - في خيرٍ بها؛ لذلك فإننا نُجهد النفس أن نكون بارِّين بأهلنا فيها، مكان إكبارنا، هو كل تلك الشخوص، والتي عمّرت القرية بكريم الخِصال..
يا عزيزي محمد عبدالرحمن المهدي، ازدانت جملوننا السعدانة بتلك الشخصوص الخَيِّرة في معظم اجتراحاتها، وزهت الجملون السعدانة بالقلوبِ اللِّطاف والأرواح الخِفاف في أغلب سُكّانها، ومَنْ لم يتلطَّف فؤاده/فؤادها، بعد! فهو وهيَ في طريقهما إلى التلطُّف وحُسن التّعفُّف، لا سيما وأن علائق الناس بعضهم البعض، في هذه القرية الآمِنِ أهلها، أزهى وأبَر، وطموحاتهم أوقر وأسَـرْ؛ فَهُمُ جميعاً أهل وأحباب وكفى.
نفضنا من مرير الحُزن، بعض الشيء أيدينا، وانذرفتْ دموع من مآقٍ كِثار، حين ادلَهَمّ الخَطب، وانداح الحُزن الأبلق من قيعان النفوس، ولم يكُن من ملجأ غير الإكثار جهرةً بالترحّمات والدّعوات الصالحات لأمّنا الراحلة الخالة حاجّة نِعمة، لها الرحمة والمغفرة، ولكلِّ أمّهاتنا السابقات ونحن اللاّحقون بهم، والله تعالى نسأل، أن يُنزلهنّ جميعاً منازل الصدق، وأن يهبَهُنَّ منازل في أعالي الجِّنان، فجنانُنا نحن الأبناء اللاّحقون، تقعُ مكاناً تحت أقدام أمّهاتنا، كما جاء في الأثر الشريف. وظّنِّي أنّ زمانها في اللاّزمان! ويومَ تقوم الساعة..!
يمّمنا وجوهنا صوب القرية، وقد عَلَتها كُدرة الحزن، وقلق الإشفاق ممّا هو آتٍ آت! عائدين بنصف لُبٍّ وقد زادنا حُزناً أنّا افتقدنا صُحبة أخينا ورفيقنا وصديقنا عبدالقادر عند هذه الملمّة في عُقرِ داره بالقرية؛ وصديقنا وأخونا الأكبر عبدالقادر أحمد، يُلَقّب بــ"عبدالقادر شَنْقَة" كنايةً عن شدّة بأسِه في المَلمّات والأحداث التي تطرأ على حيوات الناس عند أفراحهم وأتراحهم؛ وحيث كانت الخالة المتوفّاة، في مقام أمِّه، فهيَ أمُّ رفيقة حياته وأمّ عيالِه، فكان غريباً أنْ افتقدنا ذاك الصباح "غير الأغر" أخانا الصنديد، رجل العمل العام، وصديق الهّم العام والخاص، عبدالقادر أحمد عبدالقادر.. كان غياباً غير مألوف! وكنّا قد سألنا عنه وبشدّة، منذ حلولنا بدار عمّنا المرحوم حاج عبدالله عبدالقادر وعمّنا المرحوم أحمد عبدالقادر، لأداء واجب العزاء والوقوف مع إخواننا أبناء المرحومة، حيث استوحشنا غيابُه، فقيل لنا: أن عبدالقادر متوعّك قليلاً وأنّه الآن بالمستشفى، يا الله السلامة والنقاهة والإبلاء والصحة والعافية وطول العُمُر.
أمّلنا خيراً بأنه قويٌّ على العلل، وسنلتقيه سحابة اليوم أو نهار غدٍ ولكن! يبدو أن الممحوقة كِملتْ! فويلٌ لنا من اللّكِن! والأجل المحتوم كان الأسرع؛ يا إلهي، لقد مضى عزيزنا عبدالقادر شَنقة، عُقَيْبَ تلك السويعات وهو بعيدٌ عن سِربه وملمُّ صحبه وأهلِه،، مضى وسيم الشهامة، وما يزال قادراً على العطاء، مضى عبدالقادر أحمد عبدالقادر، وما يزال أبناءه وبناته في أسرته الصغيرة وعائلته الكبيرة، فضلاً عن مُحبِّيه وعارِفي وعارفات فضله، يتوسمّون خيراً في بقاءِه حَيــَّا بتلك الحيوية والخصوصية التي كان بارعاً فيهما؛ ومع كل إنسان سعداني وسعدانية. فللّه درّه من أخٍ أليف، وشخصٍ ظريف، ورجلٍ شفيف، وراشدٍ وريف، وحَقّانيٍّ عنيف.. لقد كان أخونا عبدالقادر أحمد عبدالقادر، نعم الصديق الصريح، وخير الرفيق الربيح، رجلاً عاملاً بالحُسنى وبالمودّة وبالغيرية، تهجسُ به الهموم على ما يصيب أهله في قريته من مظالم، فيهبُّ يقِظاً، يُسافر ويُشاور ويناور حتى يأتي بما يزيل الكدر، ويُغيّر الأمر الأمَرْ، كان يصرف من جيبه على العمل العام، وتسعدُ روحه الطيبة بتحقيق المهام لأهل قريته، كان عزيزنا الراحل المقيم، رجلٌ متماسك البدن، قويُّ الشجَن، عميق الحَزنَ على ما ينوب الناس من مصائب، كان مُتحرِّكاً كاملاً! قاهراً للصِعاب، ومُقارباً دوماً إلى الصواب، كان ينهل من الطيبة والصفاء وحُسن المُباشرة في اللّقيا، الكثير؛ وأكثر من ذلك، كان للطرافة خَدّاد، وللجدِّية ورّاد، وعلى الرعاية الأبوية لأهل قريته شدّاد؛ يقضي سحابة نهاره مع الناس في حوارات وتصحيحات يُزيل بها سوء الفَهَم؛ صادقٌ في حديثه، كريمٌ في مجلسه، متواضع مع الصغير، ووقور مع الكبير، ومُجامل لمَنْ هو بين الصِّغر وكِبَرْ السِّنّ؛ يؤاخي أبناءه، ويوقّر لإخوانه الكِبار، ويُجِلَّ آباءه والأمّهات؛ وكان له مع كل إنسان في القرية، حديثٌ طيِّب، وبعض أحيان " مَلام" يُرسله طُعما ليُقرّب البعاد، ويُعيد الأمور إلى نصابها بينه والآخر، وبين الآخر والمُغاير حتى تذهب الغفلات، وتُحَلّ المُغلَقات، وتعود عصافير المرح إلى وُكناتهامُتَبسِّمة.
لله درّ راحلنا عبدالقادر أحمد عبدالقادر، كان الفقيد، وبحق، رجل المرافق العامة في القرية، أسهم في إمداد الكهرباء، وفي بناء المدارس، الشفخانة، المسجد، وكان قد أفرغ جُهده النبيل، لاستمرارية رويَّ الماء بالقرية، فكم من بئرٍ أسهم في حفرها..؟ وكم من صهريج نجح في تعليته، وكم من شبكةٍ مُهترئة قديمة، جَدّد لها شبابها.. كان أخي وصديقي الراحل عبدالقادر، رجل السُّقياالأوّل، وحامل همّ الماء ومرافقها في القرية، كأنّما يتمثّل دوماً بقول العزيز الحكيم: (وجعلنا من الماء كل شيءٍ حَي) فهاهو يمضي الآن، وقد تُحَدِّثُ عنه أعماله الكريمة، وإنّه ترك لنا، بلا شك، ميراثاً طيِّباً في السير على منهجه القوي في تواصل دفق الماء السلسبيل لآلنا وعشائرنا وللضيوف العابرين بدروب القرية، وللحيوان وللطير ولكل ذات كبدٍ رَطِبة.. جعلهاالله تعالى، جميعها حسنات في ميزان حسابه عند المولى عزّ وجلّ.
صُدمتُ وأنا أسمع بالخبر عند الثالثة إلا رُبعاً،من بعد ظهر نفس اليوم الفادح بفقدٍ جلل؛ وكُنّا قد قَبَرنا في ضُحى اليوم، جَدّة أولاده، لها الرحمة. فدحني الخبرُ بمزيد إفجاع، إذ كنتُ حينها على طريق مدني الخرطوم، بقُرب التفتيش للدخول إلى العاصمة، مع أخي وابنُ خالي الشقيق بكري الطيب محمد عثمان، في سيارته، بعد أن كُنا قبرنا الخالة المغفورة لها بإذن الله، حاجة نعمة بت محمود، صباحاً بالسعدانة. رنّ هاتفي من شقيقي عثمان، ورنّ هاتف بكري قبل هاتفي يبلغوننا بوفاة عبدالقادر، له الرحمة والمغفرة.. أحسستُ حينها أن الدّنيا اهتزّ فيها ركن ركين، ففاض الحُزن بنا، ترحّمنا عليه، استعبرنا ثم استرجعنا فرجعنا مُباشرة إلى الجملون السعدانة، لنقبره عند العصر الأول، وقد تآلفت الجموع حُزناً ولوعة، على فقدِه الجلل.. فاللهم أرحم عبدك عبدالقادر أحمد، بوافر الرحمات، وهَبـــه وافر المغفرات، وأنزل على قبره شآبيب الرحمة والمغفرة والقبول وحُسن التغمُّد؛ اللهم أجعله من المقبولين، وأسكنه فسيح جنّاتك مع الصدِّيقين والشهداء وحَسُن أؤلئك رفيقا، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنّا من بعده، اللهم أبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً منّا نحنُ أهله، اللهم أجعل البركة في ذريّته، وآلِه ومُحبِّيه وعارفي وعارفات فضله، بفضلك وكرمك ومنّك ياااااا أكرم الأكرمين، وسلامٌ عليه في الخالدين، وسلامٌ عليكم أعزّائي وعزيزاتي باستراحة سعدانة بالفيسبوك.. وإنّا لله وإنّا إليه راجعون...
محمد أحمد أبوجودة،، من قريتي، الجملون السعدانة.. هذا اليوم، الثلاثاء 20مارس2012
حار العزاء لكم فى فقدكم الجلل أخى محمد اللهم أرحمهما رحمة العارفين بالله وأغفر لهما ووطنهما فردوسك الأعلى اللهم لا تحرمنا ولا تحرم أهلهما من أجرهما ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعدهما. والعزاء لكم ولسائر أهلكم.
منصور
03-21-2012, 11:48 AM
محمد أبوجودة محمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265
Quote: حار العزاء لكم فى فقدكم الجلل أخى محمد اللهم أرحمهما رحمة العارفين بالله وأغفر لهما ووطنهما فردوسك الأعلى اللهم لا تحرمنا ولا تحرم أهلهما من أجرهما ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعدهما. والعزاء لكم ولسائر أهلكم.
Quote: حار العزاء لكم فى فقدكم الجلل أخى محمد اللهم أرحمهما رحمة العارفين بالله وأغفر لهما ووطنهما فردوسك الأعلى اللهم لا تحرمنا ولا تحرم أهلهما من أجرهما ولا تفتنا ولا تفتنهم من بعدهما. والعزاء لكم ولسائر أهلكم.
محمد .. أجد نفسي عاجزاً تماماً عن الكتابة إزاء هذا المصاب الجلل.. رحل (عبد القادر) .. (عبد القادر) مات .. يا للفجيعة .. مما وعينا على ربوع تلك القرية الوادعة .. وعرفنا التمييز بين الأشياء... رأيناه.. ذاك الراحل العزيز.. شامخاً كالطود الأشم.. ليناً كما الغصن الأخضر.. كثيراً ما نلتقيه وهو يذرع الطرقات جيئة وذهابا بأريحيته المعهودة .. في سعيه الدؤوب بكل تفانٍ ونكران ذات في الخير بين عشيرته وربعه.. بجلابيته الأنصارية تعلوها الطاقية المميزة.. وعلى محياه تلك الابتسامة الحميمية النافذة.. التي تلج القلوب بلا استئذان.. فتبادله حباً بحب.. محمد.. من منا يستطيع أن يتصور (السعدانة) بعد هذا الغياب!؟ كيف تكون (السعدانة) بدون (شنقة)!؟ فهو قلبها الذي تنبض به.. وهو رئتها التي تتنفس بها .. وهو جسدها الذي تتكئ عليه .. بل هو روحها التي تحيا بها .. كيف تكون لقياها بدون عبد القادر!؟ محمد .. كيف يتسنى لنا السير في طرقات (السعدانة) بعد موتك يا (عبد القادر) .. بيد أن أنفاسك تعطر جميع الأمكنة وتوسم كل الدروب ... يا الله .. مات (عبد القادر) ..... يا لفجيعة السعدانة بفقدك يا عبد القادر) ... إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس حبب إليهم الخير و حبب الخير إليهم هم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة) إن القلب ليحزن.. وإنا لفقدك لمحزونون.. ندعو المولى الكريم أن ينزل على قبر الفقيدين (عبد القادر) والخالة (نعمة) شآبيب الرحمة اللهم أرحمهما وأسكنهما فسيح جناتك اللهم باعد بينهما وبين خطاياهما كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقهما من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلهما بالثلج والماء والبرد اللهم أبدلهما داراً خيراً من دارهما وأهلاً خيراً من أهلهما اللهم اجمعنا بهما في مستقر رحمتك اللهم إنا نسألك باسمك الأعظم أن توسع مدخلهما اللهم آنس في القبر وحشتهما اللهم ثبتهما عند السؤال اللهم لقنهما حجتهما اللهم باعد القبر عن جنباتهما اللهم اكفهما فتنة القبر اللهم اكفهما ضمة القبر اللهم اجعل قبرهما روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار اللهم إن كانا محسنين فزد في حسناتهما وإن كان مسيئين فتجاوز عن سيئاتهما ، اللهم ألحقهما بالشهداء.. وأرحم موتانا وموتى المسلمين ..آمين .. آمين .. آمين إنا لله وإنا إليه راجعون خالص التعازي والمواساة لأسرتهما ولكل الأهل ولعموم السعدانة ولك أخي محمد
Quote: رحل (عبد القادر) .. (عبد القادر) مات .. يا للفجيعة .. مما وعينا على ربوع تلك القرية الوادعة .. وعرفنا التمييز بين الأشياء... رأيناه.. ذاك الراحل العزيز.. شامخاً كالطود الأشم.. ليناً كما الغصن الأخضر.. كثيراً ما نلتقيه وهو يذرع الطرقات جيئة وذهابا بأريحيته المعهودة .. في سعيه الدؤوب بكل تفانٍ ونكران ذات في الخير بين عشيرته وربعه.. بجلابيته الأنصارية تعلوها الطاقية المميزة.. وعلى محياه تلك الابتسامة الحميمية النافذة.. التي تلج القلوب بلا استئذان.. فتبادله حباً بحب..
عزيزي نصر الدين، أحسن الله عزاءكم، وتقبّل الفقيدين بواسع رحمته ومغفرته، وإنا لله وإنا إليه راجعون ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة