|
|
 التمكين في عهد الجمهورية الثانية
|
خارج الدوام
صحيفة السوداني 10 يناير 2010
في سنوات هياجها الأولى، تجاوزت الإنقاذ كل دين وقانون وعرف من أجل السيطرة على جهاز الدولة أو ما عرف في أدبيات النظام باسم (التمكين). كانت الخطة شديدة البساطة والقسوة والبشاعة في آن إذ تمثلت في طرد عشرات الآلاف من قادة وموظفي وعمال الخدمة المدنية وإحلال آخرين من منسوبي التنظيم السري بدلاً عنهم. لم يكن مهماً أن يكون البدلاء في تأهيل المطرودين أو على مستوى خبراتهم أو مقدرتهم على أداء المهام الموكلة إليهم. هكذا شهدنا موظفين لم يكمل بعضهم دراستهم الثانوية وتحققت خطة التمكين بثمن فادح: بيوت أغلقت، ألوف طردت وتقول تقارير صحفية إن حوالي 100 ألف عامل خسروا وظائفهم في الخدمة العامة لكن الله لا ينسى أحداً من عباده.
خلال السنوات اللاحقة استمرت عملية التمكين بطرق أكثر حصافة لكنها تؤدي الى نفس النتائج مثل لجان الاختيار لوظائف الخدمة المدنية التي لا تطرح معايير شفافة للتوظيف، ولا تخضع المتقدمين لاختبارات متماثلة، ولا تمنح من لا يتم استيعابهم سبيلاً لمراجعة أسباب فشلهم أو قناة لتقديم الشكاوى والتظلمات. هكذا تعمل لجان الاختيار وهكذا أصبحت وظائف الخدمة المدنية مرتعاً للأقارب والأهل والصحاب لا فرق في ذلك بين حاكم حقيقي وشريك مزيف. الحق أن الإسلاميين كانوا أبعد في اختيار القرابات إذ اعتمدوا على قرابة التنظيم، أما القادمين فقد اعتمدوا على قرابة الدم مثل وزير الإعلام عبدالله علي مسار الذي أتى بزوجته، ووزير التجارة عثمان عمر الشريف الذي أتى وبرفقته زوج ابنته، ووزيرة التعاون الدولي إشراقة سيد محمود التي أتت بشقيقها. حسناً فليشفع كل وزير في عشرة من أهله يوظفهم أين شاء لكن مقابل هذا ينبغي ألا يغلق هؤلاء الطريق أمام طالبي الرزق والكسب الحلال من أبناء هذا البلد الذي شاءوا ألا يكونوا جزءاً من التنظيم السري الحاكم، ولم تجعلهم إرادة الله من أقارب الشركاء القادمين، ولا شراكة!
من ضمن أدوات التمكين في سوق الله أكبر الصحافة . هنا ما يعرف باسم القيد الصحفي الذي يسيطر عليه اتحاد الصحفيين ويليه الموافقة على تولي منصب رئيس التحرير والمناصب القيادية العليا في الصحف والتي تخضع للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات. مع عميق التقدير لرئيس المجلس البروفيسور علي شمو وللأمين العام السفير العبيد أحمد مروح فإن بعض قرارات المجلس تجعله يقف ضمن أدوات تمكين الحزب الحاكم وتنظيمه السري دونما إسهام في ترقية المهنة أو معاونتها على الارتقاء بقراره الأخير برفض ترشيح الصحفي صلاح عووضة لمنصب رئيس تحرير صحيفة (الجريدة) يقف المجلس موقفاً محزناً وغير أمين فقد سبق لذات المجلس أن وافق على رؤساء تحرير صحف لو تم اختبارهم في الصحافة لخرجوا أميين (تعرفونهم مثلما نعرفهم) ورفض ترشيح صحفي عامل ومتعلم بسبب مواقفه السياسية.
نفس هذا المجلس كان قد وافق على تولي ذات الشخص لمنصب رئيس تحرير صحيفة (صوت الأمة )الصادرة وفق نفس القانون فما الذي جدّ الآن؟
لا يملك مجلس الصحافة والمطبوعات الأرزاق ليمنع عنها أصحابها فليكف عن هذه اللعبة وإلا فليعلن معاييره بشكل علني ليتأهل لها الناس دون صلاحيات استثنائية تجعلهم يقرون تعيين هذا ويرفضون ذاك.
بعد سنوات سيتذكركم الناس مثلما يتذكرون الآن الطيب سيخة وصلاح كرار فاصنعوا لأنفسكم مستقبلاً أفضل.
www.dabaiwa.com
|
|
  
|
|
|
|
محمد عثمان ابراهيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست