تشريح الإختفاء-إلي محمد حسن عالم (بوشي)- من ثروت همت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-26-2024, 03:55 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2012م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-06-2012, 03:36 PM

Adil Isaac
<aAdil Isaac
تاريخ التسجيل: 12-02-2003
مجموع المشاركات: 4105

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
تشريح الإختفاء-إلي محمد حسن عالم (بوشي)- من ثروت همت

    إلى محمد حسن عالم.
    "الحزن الصامت، يهمس في القلب حتى يحطمهُ" شكسبير
    العجز الآن...
    هروباً من العجز والتَّدبيح يا صديقي، كان قرار حمل أحلامنا في سِن مبكرة، على عاتق آمال خُصِبت في رحم مجاهيل العالم المَأروض، بُعثرنا في شساع ممدود على حواف حنين نيء، ساخت الأقدام في البقاع وتسيخت، ربتنا على وهن الوطن بعد أن تودأ علينا رَضراضُه، تحاشينا الركام، فَدُهسنا بثٌقل جفون الأمهات الدامعة، بأن متى سيكون اللقاء؛ تركناهم داخل لَّخقُوقِ وّجارُ سُميّ وطناً!! اعتلى أمره لُصوصٌ دَلامِزة، وجدناهم منذ أن تفتحت اعيننا على الحياة، بعثروا فينا الطفولة وحمَلوّنا هموم مفاهيم أقسى ما تكون على طفلٍ لم تختبره البراءة بعد، رددنا شعاراتهم البلهاء في سنوات التعليم الأولى، ولبسنا أزياءهم المقيتة في الأعياد التي لم تكن تحمل سمةُ عيدٍ أو بهجةُ احتفال، يا إلهي كم خُضِبت الطفولة بالخوف والتردد، طفولة دامسة لا تبرحها المُعاناة. ولا يقطنها ضوء.
    خُصبنا في رَحِم واقعٍ لا يدركُ الرحمة؛ مُجتمع هُتك نسيجه الإجتماعي شعارات كرست لثقافةٍ عربية-إسلاموية، ولْسٌ ودَلْسٌ، النفي للآخر والموت للآخر، وئد لثقافة الاختلاف، الدونية والاحتقار للرأي الآخر، الضحالة الفكرية، الجهل، التخوين، الزندقة والتكفير، الشذوذ والعمالة الفكرية المأجورة كلها تهم معلبة وجاهزة لكل قائل حق أو لا حق حتى، اختلف أو هدد مصالحهم الجشعة، سياسة شمولية طاغية رافعة لشعار الأقربون أولى بالملهوف... أقصد بالمعروف، هويات مُحقت ووجوه ومعالم طُمست؛ ثم حروب تنبتُ في كُل جهة، مُجتمع فَظّعَت قلوبه الحوجة والعوز، أنتجت الإنقاذ طفولتنا، نحن صُنعنا يا صديقي، لم يكن المجتمع يملك الخيار، فما بالك بأطفال في أعوامهم الأولى، برامج تلفزيونية مُكثفة لا تصُب في خيال الطفل غير عبط وقُبح وسذاجة غير مبررة، حتى البرامج الثقافية لم تنجوا منهم، ومن دينهم المُخثر، ومن عروبتهم المُشتهاة (مُشتهاةٌ لماذا؟؟ ما ندري) أما الأنشطة الثقافية في المدارس فهذا وجع ثاني، كُنا نُكرس ونعبأ للمشاركة في قبر هويتنا كما عبأت الطلقات في بنادقهم لقتل كل طالب حق، والمجتمعٍ صامت!!؛ وطن دُس سم الفتنة في أطرافه، بل حتى داخل الأسرة الواحدة تفشى الحقد وسُعرت الأنانية؛ حقدُ وراءه عوز، وعوز وراءه حيرة، وحيرة وراءها رغبة في ملأ بطون، وبطونٌ لم ولن تُملأ قط، إفقار للشعب بطريق ممنهج، إحالات للصالح العام، خصخصة للشركات والتجارة، ثم تدخل سافر وبغيض في كل شيء، حتى في التكاتف والتعاون المُتبادل بين بقاع الوطن، والذي كان يمثل عادات وتقاليد وأعراف جُسدت في تراث سوداني وُتِده التاريخ على مر العصور. فيا إلهي.

    ولنا في الطفولةِ، ما للسأم في سكون الموت يا صديقي.


    "ثروت همت: الافراح في تفاصيل حياة المدعو بوشي ذلك المنحوس ؛ لا تستقر أبدا بل دائما ما تذهب ؛ فالرحيل هو الأصل والبقاء هو الصورة ؛ هكذا قد راودونا في الخفاء ؛ وسكتنا ما حب في السكات ؛ لكن ادخرنا المعجزات إلى يوم و عيد"


    كانت هي رسالتك الأخيرة، وبعدها بساعات راودوك في الخفاء، سَمعتُ بعدها بأن عيونهم كانت منتشرة في المنطقة، وفي محيطك الحولي وأدرك جيداً أنك كنتَ تدري، وادرك جيداً أن الأذية الحقيقية بالنسبة لك تكمُن في ذاك التعاون الحقير، وأدرك جيداً بأنك حين كتبت رسالتك الأخيرة تلك، كنت على علم بأن الوقت قد دنى، هل كان لي أن التقط ما وراء الحروف؟؟ ولكن حتى وأن التقطها ماذا كان عساي أن افعل؟؟ فأنتَ أنتَ، لن تغير ما انتويته، سبق وأن قلت لك بأن تختفي ولفترة من مكامن توقعاتهم، اجبتني بحسم، بأن يا ثروت زمن الأختفا والدسدسة خلاص، هم بيسرقونا وبيقتلونا عينك عينك ونحن نواجهم عينك عينك، مفيش حد احسن من حد!! وهذا أنت، بعيداً عن منصات اركان النقاش واليوتيوب والفيسبوك، أنت في كامل اتساقك مع اصدقاءك ونفسك ذات نفسها، لا اكتب لتنصيبك بطلاً، فلستُ أنا من تعطي اوسمة البطولة والكفاح، بل اكتب بدافع الحقيقة، ولربما اكتب لطبيعة الكاتب والذي يحاول رغم كل المعطيات دفن المُسَلّم به وردم هوة التعود، ليجد ما دون العادي، ولربما كانت نواياي اخبث قليلاً أو كثيراً لا يهم، كهروب من العجز المُهين، والاختناق الهالك، أو حتى لرغبة في الكتابة ذاتها، أو كتعويض لرسائل لم تعد متبادلة بيننا، لا يهم يا صديقي المهم هو مصداقية الفعل كونه فُعِل. والأهم هو أني اكتب.
    وكانت ذات الرسالة، بمثابة طعناً في مصداقيةُ آمالٍ بتُ أعلقها على حِبال المستقبل، لا رضى ولا سلام في هذه النفس البشرية المُتقاتلة مع ذاتها، عُدت من جديد لذات النقطة التي أدبرت بها الوطن: وطنٌ لا تستطيع فيه اختيار انواتك، ولكن تستطيع فيه التمحيص لاختيار معيتك، وغربةٌ لا تستطيع فيها اختيار معيتك ولكن تستطيع التمحيص لتشكيل انواتك، لعامل العزلة والوقت الطويل المُفضي لذاتك، أن تقبع في تلك السجون، وحتى الشوارع في ذاك الوطن تُعد سجونا، رقابة مشددة، منهم ومن المجتمع ذات نفسه، وأدرك أنك تتفق معي في هذا الجانب، فالسم يا صديقي سرى وتفحل، ولا ينفع معه الدوا بتاع سوق الله اكبر دا؛ قلقُ وراءه قلقُ طمأنينة لم ولن تلج اليها قط، كان الشيء في الأصل منتوج طبيعي لتلك الطفولة، ولكن استهوتنا لعبة اللاطمأنينة هذه، فصرنا ننميها كل حسب قدراته، وحاتك يا بوشي الطمأنينة دي شرك لا يقع فيه غير من يريد دفن وجوده، وأنت تدرك ذلك، الطمأنينة غواية الساذج، وما نحنُ بسذج يا صديقي.

    مرت سنوات الظلام، أن تعتاد عيناك على دَمسِ الظلام، فلا ترى غير أشباح الحُلكة إمامك، هذا أقسى ما يمكن أن يعانيه الفرد، ونحن مواليد الثمانينات والتسعينيات كان لنا القدح المعلى من التخبط المؤلم بكل المفاهيم المؤثثة في ظل الظلام الكالح، فكنا الجيل المُنشق، المنقسم لقسمين، قسم أخنعه الخوف وأطربه التغريد داخل السرب، وآخر واقعي بعيد عن الطوباوية والمثالية المُخلدة، جيل مصادم، اعلن الإضراب المُبكر عن وجباتهم الفكرية المعلبة الفاسدة، ورفض كل المعطيات المشوهة والتي سموها إغاثة فكرية!! جيل نشد التغيير كلٌ حسب مآلاته وغواياته، وفي لحظات الكتابة هذه تحتشدون في خيالي افراد ومجموعات وضعت أولى خطاها في درب التغير الطويل، تغير ينشد الحرية، سواء أن كانت حرية فكرية فكرية أو فكرية سياسية، ليس هنالك فرق سوى أن الحرية الفكرية الفكرية تسري ببطء قرون إذا ما قُورنت بالعائد المُتأني نوعاً ما للأخرى السياسية، ويقيني بأن الحرية الفكرية-الفكرية كانت هي نقطة الأنطلاق الأولى للجميع، وفى الآخر كلاهما دلو يصب في الأخر، وفي ذات بئر التغير.

    كل الأشياء، لا شيء لها؛ ولها كل الأشياء.
    ثروت همت
    يناير2012

    (عدل بواسطة Adil Isaac on 01-06-2012, 03:38 PM)
    (عدل بواسطة Adil Isaac on 01-06-2012, 05:46 PM)

                  

01-06-2012, 03:51 PM

doma
<adoma
تاريخ التسجيل: 02-04-2002
مجموع المشاركات: 15970

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: تشريح الإختفاء-إلي محمد حسن عالم (بوشي)- من ثروت همت (Re: Adil Isaac)

    ثروت ابنتي

    افتقدك كثيرا

    شكرا لهذه الكتابه الفارهه
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de