حركة قرفنا، كما تعرفون عن كينونتها، هى حركة سلمية لم تنادى بالعنف إطلاقاً. ولأننا نؤمن أن ذلك ديدن الكثير من أبناء وبنات هذا الشعب الراغبين فى العيش فى وطن تسوده روح السلام والمحبة والحرية والتعايش السلمي، فاننا سنتذكر اليوم شاعراً فقدناه قبيل أيام تبدو وكأنها البارحة، بعد حياة حافلة كان خلالها لهذا الوطن ترياقا وصوتا يحمل فى طياته أصوات الضعفاء التى حجبتها أبواق الديكتاتوريات المتوالية. إن حركة قرفنا تعزي هذا الشعب الذى ما فتئ يبتلى بالمآسي فى رحيل الشاعر والإنسان محمد الحسن سالم حميد. كان خبر رحيله المفاجئ صدمة لكثير من عضوية قرفنا ولغيرهم من أصحاب الأحلام المشروعة بوطن يسع الجميع. كيف لا وهو من صرخ فى زمان الصمت "أن العالم شركاء، فى الكلأ، النار، وفى الماء." ودعا للسلم وطرح السلاح أرضا، وكتب عن عيوشة المشردة، عن عم عبد الرحيم السوداني البسيط، عن المهمشين فى أوطانهم فى الشرق وفى الغرب فى الجنوب وفى الشمال، عن عمال الموانئ، عن ست الدار العظيمة فى بساطتها وزوجها المكافح الزين ود حامد الساعي وراء رزقه الحلال بعيدا عن أحبابه والأقرب إلى قريته من حبل الوريد. لقد كتب عن المزارعين ولقاطة القطن، عن المخدوعين بدعوات الديكتاتوريات الزائفة، عن الأطفال والطاعنين فى السن، عن الجابرية، لقد كان حميد ثوريا إذن؛ يفضحنا أمام أنفسنا، ثم يستمرئ فى دواخلنا الأحلام. كان رجلا بسيطا ونبيلا كأي مزارع يفهم سر البذور والحياة ومعنى الوطن. وداعا حميد، لقد بكى الضوء عليك، وشيعك شعبك إلى مثواك الأخير بالدموع والهتاف، ولكن بقيت رسالتك إلى الأبد خالدة. إنها البذرة التى سنحملها ونورثها للأجيال التى تستيقظ على رائحة الحرية غدا. شكرا لك حميد... شكرا لك.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة