|
|
 الطيب صالح: المتدينون يعتبرونني ماجنا والمعربدون يعتبرونني متدينا
|
الطيب صالح: المتدينون يعتبرونني ماجنا والمعربدون يعتبرونني متدينا
كتاب سوداني عن حياة وأدب صاحب «موسم الهجرة إلى الشمال»
الخرطوم: سعيد محمد الحسن
لماذا رفض مقارنة «زين» السوداني بـ «زوربا» اليوناني؟ ما كتب عن الروائي السوداني الطيب صالح يناهز المائة وثيقة باللغتين العربية والانجليزية الى جانب دراسات وبحوث ورسائل اكاديمية عن اعماله الادبية وبوجه خاص «موسم الهجرة الى الشمال»، ولكن كتاب (الطيب صالح.. الرجل والفكر) هو في رأيي اشملها على الاطلاق. واعده صديق الكاتب الاكاديمي الكاتب الدكتور عثمان محمد الحسن وقدم له الناقد المصري رجاء النقاش الذي وصفه بأنه كتاب جميل وبساط مريح، فهو يستجيب في كل صفحاته لمشاعر الحب الفياضة التي استطاع اديب العرب السوداني الكبير الطيب صالح ان يطلقها كالعصافير في سماء هذا الجيل العربي منذ ظهوره في اواخر الستينات من القرن العشرين الى اليوم، فالطيب صالح من الادباء النادرين الذين كانت محطة انطلاقهم هي «المحبة» ولم تكن هذه المحطة هي الشكوك او التوترات او الكراهية او الضيق باوضاع الحياة والناس والمجتمع.
وانما يربط بين الطيب وبين السودان، ولكن اي سودان؟
انه سودان السماحة والتصوف ورغبة انسان السودان في ان ينهض ويتقدم ويقف على مسرح الحياة مستعينا بكل الوسائل المساعدة له، ولكن دون ان يفقد ما يربطه بجذوره واصوله ومنابعه الدافئة الاصيلة. وهذه التركيبة الادبية والانسانية هي التي تكونت منها شخصية الطيب صالح، فهي تجسيد رائع للموهبة الكبيرة عندما تكون تعبيرا عن شعب بأكمله، ويكون هذا الشعب تعبيرا آخر عميقا واصيلا عن الانسان في كل مكان.
وينقل المؤلف عثمان محمد الحسن عن الطيب صالح قوله ان مهمته ان يكتب، وانه لا يصلح للسياسة ولا تصلح له، لكن يمكن للمفكرين والكتاب ان يكون لهم دور مساند.
وقوله عن نفسه «انا انسان بسيط، المتدينون يعتبرونني ماجنا والمعربدون يحسبونني متدينا، وانا سوداني عادي اؤدي الفرائض، ورأى في النخبة السودانية انهم اذكياء اغبياء، اذكياء لانهم جامعيون، واغبياء لانهم يفتقرون لحكمة التربال (المزارع)، واللامنتمي فكرة لا تناسبنا، فالسودان هو حزبنا، ولسنا في حاجة الى احزاب، وانا ضد استخدام الالفاظ الرنانة، لان ذلك يؤدي إلى حرب المفاهيم».
ويعترض الطيب صالح على تسمية «الزين» الشخصية الرئيسية في رواية (عرس الزين) بزوربا السوداني لان الشخصيتين مختلفتان تماما، فعالم الزين «عالم اسطوري صوفي مليء بالاسرار والنظرة الى الكون مختلفة، بينما عالم زوربا يتعامل مع الحياة بالمعنى الغربي المادي، بل يبتعد عن العالم اليوناني الهلليني ليقترب من عوالم شخصيات بلزاك الفرنسي، وانه يميل الى الايحاء لا الاسلوب المباشر».
ويكشف المؤلف انه رغم تمسك الطيب بالجذور، الا انه يحب لندن المدينة التي شكل فيها صداقات عمره، والتي تزوج فيها ومنها، ودخلت في نسيج رواياته ولكن الى حد معين.
وينقل المؤلف رأي الطيب صالح بالمرأة، وقوله بأن الرجل كائن ناقص لا يكتمل نفسيا وعقليا الا بوجود النصف الآخر، بل يذهـــــب ابعد من ذلك بقوله: «ان القيم الحضارية هي قيم انثوية» اما عن الكتابة، فيذكر انه يؤمن بالتعددية في الكتابة والابداع، وانه يجب ان تكون هنالك مجموعة اصوات جميلة تغني وتنشد في وقت واحد وهو ايضا انســــان متمهل متأن بطبعه متئد الخطى في حياته، لان كل الاشياء في العالم في اعتقاده متئدة، والايقاع السريع ما هو الا رغوة على سطح العالم. وخلفية الطيب صالح الاعلامية وخبرته الطويلة جعلته على قناعة بأن اهم شيء في تحقيق الرسالة الاعلامية هو ان تكون معتمدة على المعلومات الصحيحة، «ان اعطاء المعلومات الصحيحة الى الناس يجب ان يكون اولوية لدى هذه الجهات الاعلامية، اعطاء هذه المعلومات الصحيحة ليس خطرا على الدولة، بل هو يرسخ دعائمها، ويحصن المواطن بمعارف محترمة عن التاريخ والثقافة مساعدة له ليوازن بين الاشياء ويكون له رأيه».
بينما يختلط القديم والجديد، التقليدي والحديث، الديني والعلماني، المجموعة والفرد، الشرق والغرب، الطبيعة والتحضر، القرية والمدينة.
ان قدميه راسختان في تراب السودان، لكن عقله منفتح للافكار الجديدة من جميع الجهات وهذه هي الصورة المثلى بالنسبة له، وهي حقيقته هو الا تنسى محليتك، وناسك وجذورك ولا تغلق نفسك دون الافكار الجديدة.
* الطيب صالح الرجل وفكره
* المؤلف: عثمان محمد الحسن
* الناشر: مطبعة اكاديمية العلوم الطبية ـ الخرطوم
|
|
 
|
|
|
|
أبنوسة
Deng
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست