لجان التحقيق عندما تقبر الحقيقة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 09:05 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-25-2011, 10:22 PM

امال حسين
<aامال حسين
تاريخ التسجيل: 05-06-2009
مجموع المشاركات: 775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
لجان التحقيق عندما تقبر الحقيقة

    إذا أردت أن تقتل قضية ما فشكل لها لجنة»، هكذا يقولون.. ربما زهدا في اللجان، أو استخفافا بها، إن كان هذا في اللجان بوجه عام، فكيف بلجان التحقيق؟ سؤال قطعا للإجابة، نحن نتكفل بالنصف المعلوم من السؤال بينما ندع النصف الخفي لتبينه الحقائق.. فالشاهد أن الحكومة تسرع في شيء من العجلة لتشكيل لجنة تحقيق عند وقوع حدث جسيم يهز السكون، لكن ما أن تعود المياه لمجاريها، وتذهب فورة الحماس والغضب في النفوس حتى تخفت وتيرة عمل لجان التحقيق .. ثم لا تلبث في حفظ نتائج التحقيق في ركن قصي لا تصله الأيدي قبل أن يطوي النسيان الحادثة برمتها.
    الخرطوم: خالد فتحي :
    (1)
    في 22 أبريل 2006 م كانت منطقة (أمري ) بنهرالنيل مسرحا لاشتباكات دامية بين المواطنين ورجال الشرطة أسفرت عن مصرع ثلاثة أشخاص (عطا السيد الخضر، يس الخير،صلاح الفكي) وإصابة العشرات إصابات متفاوتة بعضهم نقل إلى مستشفى الخرطوم بحري لتلقي العلاج، وذكرت رواية الشرطة: «عندما بدأت السلطات الإدارية بسد مروي الاستعداد لوضع الترتيبات الإدارية لتنفيذ الإحصاء للمواطنين المتأثرين بقيام سد مروي بمنطقة أمري تمهيداً لتعويضهم قامت مجموعة محدودة من المنطقة بالتعدي على لجان المحلية ولجان الإحصاء ونتج عن ذلك حرق عدد «5» عربات ومكاتب حكومية وحرق فصل كامل بالمدرسة التي كان بها بداية عمل لجنة الإحصاء وأدى إلى إتلاف المحتويات الإدارية والفنية للجنة من معدات اتصال وأجهزة حاسوب ، وقاموا بمحاصرة قوات الشرطة التي كانت تقوم بعملية التأمين مما اضطر القيادة لاستدعاء قوات أخرى لتأمين المواطنين وممتلكاتهم «ومضى البيان ليقول «بتاريخ السبت 22/4/2006م بدأ عدد من المواطنين قدرت أعدادهم بين (800) إلى (ألف) التحرك مرة أخرى والتحرش بالشرطة وقاموا برشق أعضاء اللجنة والشرطة بالحجارة الأمر الذي أدى لجرح عدد من أفراد الشرطة مما دعا الشرطة للتدخل ونتج عن الاشتباك وفاة ثلاثة من المواطنين ، وتم احتواء الموقف بعد ذلك وهدأت الأحوال واستجاب المواطنون لأوامر الشرطة» . ويعود جوهر النزاع بين إدارة السد وبين مواطني المنطقة، لرفض المتأثرين بمشروع الخزان التهجير إلى مواقع في صحراء بيوضه تصر إدارة الخزان على تهجيرهم لها ويطالبون بالبقاء حول بحيرة السد. والغريب أن النزاع لا تزال فصوله ممتدة في ظل اعتصام المناصير أمام رئاسة حكومة نهرالنيل لمايقارب (40) يوما، الأسبوع الماضي بلغت الأحداث ذرى ساخنة بالتظاهرات لمناصري (المناصير) المعتصمين بالخرطوم. وعودا على بدء فقد شكلت وزارة العدل لجنة تحقيق عدلية في الحادثة أسندت للمستشار النذير حامد ، لكن دون أن تخرج نتائجها للعلن وظلت طي الكتمان ، دون نشر حيثيات التحقيق أو تقديم المسؤولين عن قتل المواطنين العزل للمحاكمة .
    (2)
    في يونيو 2008م سالت الدماء مرة أخرى في منطقة (كجبار) بالشمالية بفعل إدارة السدود إيضا وسقط أربعة قتلى عندما فتحت الشرطة نيران أسلحتها على تظاهرة لمواطني المنطقة المحتجين على قيام سد (كجبار)، وكالمعتاد ترأس لجنة التحقيق عقب الأحداث المستشار يوسف علي أحمد رئيس الإدارة القانونية بالولاية الشمالية (حينئذ) وعضوية المستشارين عبدالقادر محمد عبدالرحمن ، وعادل عبدالكريم محمد عضواً ومقرراً، ورفعت اللجنة تقريرها إلى وزير العدل الأسبق (محمد علي المرضي)، بعد أن جلست لعدد من الأطراف اللصيقة بالأحداث وزارت موقع الأحداث بغرض الوقوف على ملابسات الحادثة وتحديد المسؤولية، وفي متنصف يوليو2007م حملت الأنباء بأن وزيرالعدل أمر بإعادة التقرير إلى لجنة التحقيق مرة أخرى لاستكمال بعض النواقص بينها عدد وأسماء الأشخاص الذين ينسب إليهم ارتكاب أفعال تجرمهم قانوناً. وخاطب وزير العدل (محمد علي المرضي)،وزير الداخلية (الزبير بشيرطه)، «والي الجزيرة حاليا»، رسميا لمد لجنة التحقيق بقائمة بأسماء قوة الشرطة التي شاركت في فض التظاهرة ، وتمكين اللجنة إجراء التحقيق معهم،تمهيدا لتحديد المسؤولية القانونية بشأن المسؤولين عن إطلاق النار على المتظاهرين، لكن شيئا من هذا لم يحدث، وظلت القضية متجمدة في مكانها، رغما عن تعهد كبار المسؤولين بالدولة وبينهم والي الشمالية الأسبق (عادل عوض سلمان) بتقديم الجناة للعدالة .
    (3)
    أزمة دارفور التي اندلعت شرارتها الأولى في 2003م، واتسع نطاق الحريق على النحو المأساوي تبدت نتائجه المروعة، عندما دخل المواطنون في مرمى النيران ، فأحرقت القرى وأتلفت الزروع وأيبست الضروع، وعندما أخذ حر هجيرها اللافح يلسع وجوه الجميع، حتى وصلت إلى خارج الحدود عندما بدأ المواطنون العزل الهرب إلى القفار البعيدة في معسكرات النزوح، في تشاد وأفريقيا الوسطى فراراً من الجحيم ، أسرعت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق اشتهرت بـ (لجنة دفع الله) انتسابا إلى رئيس القضاء الأسبق (دفع الله الحاج يوسف) الذي عهد إليه برئاستها وعضوية آخرين بينهم (عمر شمينا، غازي سليمان)، وعقدت اللجنة جلسة استماع في 22يوليو 2004م مع (أحمد هارون) وزير الدولة بالداخلية وقتها.
    لكن الحكومة لم تبد جدية على مايبدو في التعامل مع توصيات اللجنة، ماسمح للمجتمع الدولي بالتدخل في تضاعيف الأزمة، ويقال إن لجنة (كاسيسي) وهو قاض إيطالي تولى رئاسة لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس الأمن، توصل لذات النتائج التي بلغتها لجنة (دفع الله) وطالب بالمضي قدما في التحقيق بها. وبناء على وصايا لجنة (كاسيسي) وجه مجلس الأمن في سابقة نادرة بإحالة ملف (دارفور) لمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي، التي نشطت في القضية وفي 27 أبريل 2007 قدم الأرجنتيني لويس مورينو أوكامبو المدعي العام للمحكمة آنئذ طلباً لقضاة محكمة لاهاي لاستصدار أمر بالقبض عليه بتهمة جرائم حرب ضد (أحمد هارون) و(علي كوشيب). وقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمرا بالقبض عليه في 2 مايو 2007، على (هارون) و(كوشيب)، باتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتناست الحكومة الأزمة الأساسية وصوبت انتقادات حادة لقضاة المحكمة ومدعيها العام (أوكامبو)، واشتد أوار الهجمات بعد أن أقدمت المحكمة في سابقة تعد الأولى من نوعها لاستصدار مذكرة اعتقال دولية ضد الرئيس عمر البشير نفسه. وبتوجيه الاتهام إلى البشير وهارون وكوشيب وأخيرا عبدالرحيم محمد حسين، أصبح السير في طريق العدالة محفوفا بأشواك حادة.
    (4)
    لجان التحقيق في حوادث الطيران غضون العقدين الماضيين، كثيرة ذوات عدد، ابتداءً بحادثة تحطم طائرة سودانير بالقرب من بورتسودان في 2003، وليس انتهاءً بحادثة طائرة سودانير الايربص (310) التي تحطمت على مدرج مطار الخرطوم في يونيو 2008م وقاد تتابع حوادث الطائرات بشقيها العسكرية والمدنية لجدل كثيف مصحوبا بنبرة غضب ترن في ثنايا الحديث بشكل بائن لا تخطئه الأذن عن أسباب تكرار سقوط الطائرات.. وظل الخطأ يتكرر بكيفية أشبه بـ(الكربون) .. وحاولت الحكومة امتصاص موجة التذمر والغضب .. بإقالة مدير هيئة الطيران المدني بقرار جمهوري ، و قضت التوجيهات الرئاسية حينها بإخراج الطائرات من طراز الاتنينوف واليوشن من الخدمة في مجال الركاب والشحن الجوي بجميع مطارات السودان، ثم هدأت العاصفة قليلا ، لكن موجة الغضب طفت سريعا على السطح بعد حادثتي سقوط مروحتين عسكريتين بالخرطوم والفاشر راح ضحيتهما (7) أفراد في غضون ستة أيام في يونيو الماضي. وتكاد تكون لجنة التحقيق في حادثة تحطم طائرة زعيم الحركة الشعبية (جون قرنق)، في 30 يوليو 2005م الوحيدة التي أذاعت نتائجها لاعتبارات عدة لعل أبرزها رغبة كل الأطراف في إغلاق الملف الشائك بأي ثمن.
    (5)
    في أبريل 1998م وقعت حادثة غرق «52» من مجندي الخدمة الوطنية بمعسكر تجنيد العيلفون وبعد مرور «12» يوماً أصدرت وزارة العدل بياناً قالت فيه «ان مجموعة من مجندي الخدمة الوطنية بمعسكر العيلفون تسللوا نحو النيل الأزرق هرباً من المعسكر حيث استغلت المجموعة مراكب صيد كانت راسية على الضفة الشرقية للنيل».
    وفي أول رد فعل للبيان رفع اتحاد المحامين برئاسة فتحي خليل (والي الشمالية) حاليا بمذكرة لرئيس الجمهورية يلتمس فيها التدخل لوقف الممارسات الخاطئة وتصحيح المسار في تطبيق قانون الخدمة الوطنية وطالبت المذكرة بتكوين لجنة تحقيق تتولى التحري حول ما حدث ومحاسبة من قد تثبت مسؤوليتهم عن هذه الأخطاء وإحاطة الرأي العام بنتائج التحقيق حتى تطمئن قلوب ذوي المجندين .. رئيس الجمهورية أكد في كلمة أمام اللقاء التفاكري مع قيادات الخدمة الوطنية بالقصر الجمهوري «أن حادثة غرق مجندي معسكر الخدمة الوطنية بالعيلفون لن تمر وأن الحكومة ستقف عندها حتى لا تكرر مرة أخرى، إلا أنه قال إن ذلك لا يعني وقف الخدمة الوطنية بل سيستمر التدريب في المعسكرات كافة بما فيها معسكر العيلفون ذاته».
    وفي 15 أبريل 1998م نقلت جريدة الخرطوم التي كانت تصدر بالقاهرة عن هيئة الإذاعة البريطانية « إعلان الدكتور حسن الترابي «عراب الإنقاذ يومئذ» أن رصاصة واحدة لم تطلق في حادث معسكر العيلفون و أن جميع القتلى لقوا حتفهم غرقا في مياه النيل الأزرق «.. و كان المدعي العام حينها قد ذكر أن عدد الجثث التي انتشلت ، قد بلغ52 جثة، تم التعرف على 18 جثة منها و سلمت إلى ذويها، و ومضى المدعي العام ليقول: إن نتيجة التحقيق أوضحت أن الحادث ليس حادثا جنائيا و ليست هناك تهمة موجهة لاية جهة بصدد الحادث.
    (6)
    تأتي بعد ذلك القضية التي أثارت الرأي العام ولا زالت المتمثلة في طريق الإنقاذ الغربي المثير للجدل. بدأ مسلسل الطريق الأزمة الذي لم توضع كلمة النهاية عليه إلى الآن .. بتجميد قانون هيئة الطريق. فقامت لجنة الطرق والاتصالات بالبرلمان في العام 1999م بإعداد تقرير أوصت فيه بالبدء فوراً في العمل بالقانون وتوقيف ومحاسبة المسؤول عن تجميده مع إعادة النظر في الهياكل الإدارية والتنفيذية وإزالة الخلل التنظيمي والمؤسسي بالهيئة ،وأوصت كذلك بتبعية المشروع لوزارة الطرق. وحسب تقرير اللجنة وقتها قالت إن جوانب القصور تمثلت في تجميد العمل بقانون الهيئة .. وأن الهيئة تجاوزت الميزانية المصدقة لتسيير المكتب التنفيذي خلال الأعوام 96 ـ 97 ـ 98 وتبديد أموال الهيئة بزيادة المصروفات الإدارية والصرف خارج العقود الموقعة.
    وعلى إثر هذا التقرير أصدر اللواء الهادي بشرى وزير الطرق (والي النيل الأزرق حاليا) في العشرين من أغسطس 1999م قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق لمتابعة قرارات البرلمان. جاء تقرير وزارة الطرق بعد عمل استمر قرابة الـ «3» أشهر بوجود مخالفات مالية وإدارية خطيرة وطالب تقرير الوزارة أمام البرلمان بإحالة المسؤولين عن التجاوزات لوزير العدل لاتخاذ الإجراءات القانونية الإدارية.
    بعد هذا التقرير عقد د. علي الحاج نائب الأمين العام للمؤتمر الوطني يومها (نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي حاليا).. ورئيس اللجنة المفوضة لطريق الإنقاذ مؤتمراً صحفياً اعترض فيه على تكوين وزارة الطرق والاتصالات لجنة للتحقيق معتبراً أنها - أي لجنة الطريق - تتبع لرئاسة الجمهورية وليس لوزارة الطرق وقال : «صراع الجنرالات سيضر بطريق الإنقاذ الغربي». وخلال شهر من تسلم وزير العدل تقرير لجنة الطرق أعلن عن اكتمال التحريات وتقديم المتهمين إلى المحاكمة وأن وزارته وقعت عقوبة على شركة (أركوري) التي تسدد وقتها أموال الطريق وإلزامها بتسديد «5%» من جملة المبالغ المطلوبة بواقع «500» ألف دولار كل «3» أشهر. وفي نوفمبر من العام 2004م أعلن وزير العدل علي محمد عثمان يس أن هناك بينات في مواجهة «3» من المتهمين في طريق الغرب دون الإعلان عن أسمائهم حتى الآن؟! ووقفت عبارة علي الحاج الشهيرة (خلوها مستورة) شاخصة كأنها تتوعد جيمع الأطراف أن يجرؤوا على قول الحقيقة.
    (7)
    في 29 يناير 2005م شهدت بورتسودان أحداث عنف دامية راح ضحيتها «18» مواطنا وشكل وزير الداخلية عبدالرحيم محمد حسين آنذاك لجنة تحقيق لتقصي الواقعة وفي 7 مارس 2005 م نقلت جريدة (الوسط البحرينية ) عن رئيس التحقيق عصمت محمد يوسف قوله: «إن اللجنة استجوبت عددا من الوزراء والمسئولين وقادة الأجهزة الأمنية والشرطة في الولاية والشهود والمتأثرين بالحوادث توطئة لرفع تقريرها الختامي لوزير الداخلية في فترة لا تتجاوز الأسبوعين. وبالفعل رفعت لجنة التحقيق تقريرها لوزارة الداخلية بعد افراج النيابة العامة بولاية البحر الأحمر عن «199» من المتهمين وإحالة «4» للقضاء بعد ثبوت بنيات في مواجهتهم وقال رئيس اللجنة إن التقرير الذي يقع في أكثر من «900» صفحة شمل أقوال السياسيين ، الوالي، الوزراء والمعتمدين وإفادات الشهود وأقوال المصابين والمتضررين. لكن الإجراءات الحكومية لم ترض ذوي الضحايا مطلقا ولا يزالون يتحرقون رغبة في معرفة الجناة وتقديم للعدالة، وفي السنوات الأخيرة تحدثوا مرارا عن اعتزامهم طرح الملف إلى لجنة تحقيق دولية لتخذ لهم بحقهم الضائعّ.
    (8)
    دون شك فإن مآلات لجان التحقيق المجهولة لدى المواطنين وغير معلومة الأثر تضعف من ثقة المواطنين في جدية أجهزة الدولة في محاسبة المقصرين أو المعتدين وتشجع المنفلتين أو ذوي الميول العدوانية تجاه العامة على ارتكاب التجاوزات ، متى علموا أن ظهورهم محمية يشكل أو بآخر من أي جهة أو مسؤول نافذ بالدولة أو الجهاز التنفيذي. ضف إلى ذلك ترسانة الحصانات التي يحتمي خلفها رجال الدولة .. فالمراقب يجد أن معظم الأحداث تقع من أشخاص المشمولين بالحصانة.. وهؤلاء كثيرا ماتقف أجهزة العدالة عاجزة تماما عن استدعائهم وإخضاعهم للتحقيق ناهيك عن محاسبتهم .. ولعل أبلغ دليل على ذلك حادثتي (أمري)، و (كجبار).
    المتتبع للمسألة يجد أن ثمة خلل بصلب القانون نفسه .. فقانون لجان التحقيق لسنة 1954 ينص أنه «يجوز لرئيس الجمهورية أو من يفوضه أن يصـدر أمـراً بتعيين لجنة أو أكثر لتقصي الحقائق في أي حادث أو موضوع يرى أن الصالح العام يقتضي إجراء التحقيق فيه ويجوز لهذه اللجنة أن تحقق في أي وزارة أو ولاية أو أي جهة أخرى «وأيضا» يجوز لأي وزير مختص أن يعين بذات الطريقة ولذات الأسباب المنصوص عليها في البند (1) لجنة لتقصي الحقائق فيما يقع داخل حدود اختصاص وزارته»، غير أن الخلل يتبدى في نص المادة (12) من ذات القانون وعنوانها (عـدم قبول الأقـوال التي يدلي بها أمـام اللجنة أمام المحاكم) وتشير إلى أنه « لا يجوز قبول أي أقوال أدلى بها أثناء أي تحقيق يجرى بموجـب أحكام هذا القانون ، كبينة أمام أية محكمة سـواء أكانت مدنية أم جنائية». ويذهب المحامي المعز حضرة في اتجاه مغاير في بادئ الأمر بأن القانون المذكور قديم نوعا ما، والمادة المذكورة وضعت في ظل طقس ديمقراطي وتعطي كفالة للمشتبه بهم منعا لأن يؤخذ أي أحد بالشبهات، وعلى ذات النسق يجب أن تكون الاعترافات القضائية التي أضحت بينة قوية أمام المحاكم حاليا.. لكنه يعود ليقول لـ (الأحداث) أمس إن المادة المشار إليها باتت ثغرة كبرى ووسيلة للإفلات من العقاب، باعتبار أن القوانين مجموعة من الحلقات المتداخلة إذا اختل أحداها اختل ميزان العدالة برمته.. لذا فلجان التحقيق في السنوات الأخيرة أضحت تشكل ـ حسب قوله ـ لتمييع القضايا ويضيف كم من لجنة تحقيق هنا وهناك يذاع نبأ تشكيلها وأداء قسمها على الملأ ثم لا تسمع لها ركزا.. ويسوق مثلا بأحداث العيلفون وأحداث معسكر كلمة بدارفور وكجبار حتى أضحى لسان حال الناس « إذا أردت أن تلهي شعبا فشكل له لجنة».
    وقطعا لا يكفي أن تكتفي اللجان بالقول إنها سلمت تقاريرها وأيضا لا تكفي الجهات المختصة أنها تسلمت التقارير بل المهم العمل نشر نتائجها على الملأ ليطمئن قلوب الناس والقاعدة تؤكد:» ليس مهما أن تنجز العدالة.. بل الضروري أن يراها الناس وهي تنجز».
    أما الخبير القانوني نبيل أديب الذي استفسرته (الأحداث) أمس فيشير إلى أن مشكلة لجان التحقيق الرسمية بالسودان تكمن في أنها تشكل بموجب قانون لجان التحقيق لعام 1954م وتقتضي بإسناد مهمة تكوين اللجان إلى الوزير المختص أو السلطة التنفيذية على أن ترفع لجنة التحقيق تقريرها للوزير المعني أو الجهة التي شكلتها ، ما يجعل عملها داخلياً لا يسع المواطنين الاطلاع عليه أو حتى ما أوصى به الوزير أو الجهة التنفيذية المختصة. وينهي أديب مرافعته في المسألة الشائكة بأن اللجان يجب أن تملك حق مساءلة أي شخص علا أو دنا على أن تعيد تقاريرها للبرلمان ليبت بشأنها ويأخذ قراراته سواء أبحجب الثقة عن المسؤول المتورط أم اتخاذ أي إجراء آخر ، كما أنه يتعين تحديد سقف زمني لعمل اللجنة.



    ( تعليق: 0)






    لجان التحقيق عندما تقبر الحقيقة نشر بجريدة الاحداث انشره للنقاش وتعميم الفائدة




    --------------------------------------------------------------------------------





    كل الحقوق محفوظة- صحيفة الأحداث ©2009
                  

12-26-2011, 07:07 AM

امال حسين
<aامال حسين
تاريخ التسجيل: 05-06-2009
مجموع المشاركات: 775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: لجان التحقيق عندما تقبر الحقيقة (Re: امال حسين)

    دائما تقبر لجان التحقيق الحقيقة
    بل ان السلطة غالبا ما تتخيرها
    مقبرة للحقيقة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de