|  | 
  |  مآلات الفصحى و الدراجة في السودان بعد الإنترنت |  | في البدء و قبل الدخول في صلب الموضوع - إن كان لموضوعنا صلب- لابد من بعض  التمهيد الذي ريما يكون ضروريا لفهم ما يليه :
 1-  الحديث عن اللغة هو حديث في السياسة بالدرجة الأولى و ذلك لارتباط اللغة بالهوية و بموضوع الأقليات و الأعراق و بتاريخ اي بقعة جغرافية أو اي مجتمع إنساني. لذا نجد الكثير من التوتر  عند الحديث عن الفصحى و الدارجة في السودان كتجسيد للصراع  الدائر الآن بين المعتقدين بين عروبة السودان و زنجيته أو حتى نوبيته . و  هو صراع تجسد في الأدب السوداني من خلال مدرستى الغابة و الصحراءو هو إن كان صراعا فكريا في فترة ما إلا أنه أصبحا صراعا بالمعنى الفعلى للكلمة في الآونة الأخيرة.
 2- الفصحى العربية - في السودان و غيره - ليست لغة حية بالمعنى المعروف في علم اللغة حيث أنها لغة التعليم و الميديا  و التخاطب الرسمى في  الدوائر الرسمية  و حتى هذا ه المجالات  تراجعت فيها الفصحى بدرجة كبيرة لدرجة جعلت علماء اللغة يحاولون التفرقة بين الفصحي Standard Arabic ,  و بين الموجود في مناهج وزارات التعليم و الإعلام  أو ما يعرف ب  Classical Arabic   مما يجعل الدراجة الجيل الثالث في هذا الترتيب و بهذا يقربها  خطوة أخري نحو هدفها النهائي بأن تكون  لغة خاصة و هي عملية في طور التكوين .
 3- أدى الإنترنت و ما تبعه من مواقع التواصل الإجتماعي  مثل الفيس بوك و التويتر و غيرها مثل موقعنا  هذا و التي جذبت الكثير من شرائح المجتمعع السوداني خاصة في ظل تنامي ظاهرة الهجرة و الإغتراب لتحول في التعريف التقليدي للغة على أنها وسيلة التواصل بين المتحدثين و لا شأن لها بموضوع أنها مكتوبة أم لا . حيث أن التواصل بين الأصدقاء و الأهل لا يحتمل رسمية الفصحي - هذا إن تجاوزنا جهل الغالبية بها الآن رغم أنهم متعلمون بالمعنى التقليدي للمفهوم-  مما جعل العامية أو الدراجة هي السائدة و هذا تحول كبير حين نذكر أن الخطابات في السودان كان تكون بالفصحى حتى بين الأصدقاء و الأهل و لا يجرؤ أحد أن يتجاوز هذه النقطة حيث كان كل ما يكتب يجب أن يكون فصيحا . و قد أدى أمر كتابة الدارجة لظهور حالة القصور الواضح في تعلم الفصحى و أصبح الشعب السوداني كله يعاني حالة متأخرة في أمر الكتابة - لدرجة أن أحدهم أرسل لي  (إختراحا  ) بدلا من أن يرسل أقتراحا سهل علىّ عملية الرفض . ببساطة أصبح الشعب السوداني يكتب كما يتكلم و هذا أمر ثوري و مهم في طريق جعل الدراجة تصبح لغة .
 3- بقولي أن الدارجة في طريقها لأن تصبح لغة لا أعنى مطلقا أنها لن تكون ذات علاقة بالفصحى و التى هي أحد أصول الدارجة مع النوبية و البيجاوية و كل اللغات المحلية الأخرى التى وجدت قبل و أثناء و بعد وجود الفصحى _ إن ثبت أن العربية دخلت كلغة مخاطبة في السودان-  و لكنها ستصبح مثلها مثل الأنجليزية مثلا و التى لها أصول في اللاتينية و الألمانية و الفرنسية و غيرها لكن هذا لا يعنى أنها ليست لغة مستقلة .
 يتبع
 |  |  
  |    |  |  |  |