اجمل ما قرأت .. مقالين للدكتور منصور خالد والاستاذ يحى العوض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 06:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-10-2011, 05:33 PM

د.عبد المطلب صديق
<aد.عبد المطلب صديق
تاريخ التسجيل: 12-23-2006
مجموع المشاركات: 827

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اجمل ما قرأت .. مقالين للدكتور منصور خالد والاستاذ يحى العوض

    في الذكرى (25) لرحيل المفكر الأستاذ جمال محمد أحمد د. منصور خالد يكتب (1-2)
    جمال أول مفكر سوداني ذهب إلى تحليل المكونات الثقافية السودانية .. الراحل تجاوز في بحثه عن الذات أوهـــام النخب وحدود الزمان والمكان

    في ربيع عام 1986م كان آخرُ لقاءٍ بيني وبين أستاذي الصديق جمال محمد أحمد. كان اللقاء في مقهى الدونيه في شارع فيا فينيتو بمدينة روما التي كان جمال يعشقها، وكنت وما فتئت أفعل. فروما مدينة يضمخُها عبير الحضارة، وتكسوها هيبة آثارها الشامخات، وتفتح ذراعيها لكل قادم إليها لا يُضمِر لها شراً. أمضيت مع شيخي جمال ثلاثِ ساعات تبادلنا فيها الحديث حول العام والخاص والخصوصي، ثم إستودعته إلى لقاء. الوداعُ في اللغة هو تمني الدَعةِ للراحل حتى يقفل راجعاً، ولكن رحيل صديقي كان رحيلاً لا قفول معه. وُسد جمالٌ الثرى بعد ذلك اللقاء في لحظة غفله، والحَينُ قد يَسبقُ جُهدَ الحريص. ويوم أُلحد جمالٌ في قبر مُوحش قلت إنه سيظل يعيشُ بين بناته وأبنائه الطبيعيين والروحيين في حدقات العيون وسويداء القلوب. بل سيظل - بما سجل من دخائر، وخلف من خرائد - النور الهادي لمريديه، لا سيما من بعد أن أدلجوا في سكك لا نَجيَ فيها. وفي قول لعبد بن الحساس :
    إذ نحن أدلجنا فأنت أمامُنا
    كفي لمطايانا بوجهك هادياً
    فكر جمال، كوجهه، سيظلُ أبدَ الدهر جهيرَ الرواء.
    وفد جمال إلى روما للقاء ابنه / مُريده من بعد أن قضت مكايدُ السياسة بحرمانه من وطنه آنذاك. وفد إلى المدينة يحثُ ابنه على العود إلى الوطن بعد أن تبدل في نظره الحال، وبان للناس ضوء خفيت في آخر النفق. قال لي «فلتعد إلى أهلك وصحابك إذ أن الوقتَ موات، وعلك تقنعُ صاحبَك يوحنا أن يعود». يوحنا هو الاسم الذي كان يطلُقه جمال على جون قرنق. وكان جمالٌ قد نشر على الملأ قبل لقائنا الروماني رسالة حميمة مُفعمة ً بالحب وجهها إلى العقيد جون قرنق في جريدة السياسة في السادس من مايو عام 1985م.
    إفترعَ جمالٌ مقاله بالقول: «ما من عادتي الكتابةُ لأخواني في الصحف، لكني مضطرٌ هذه المرة لأني اريدُ الحديثَ معك، وإنا حريص أن تعرفَ بعض أفكاري التي يُمكن كتابتها في رسالةٍ مفتوحة. فأنا لا اذكر أنا تحدثنا معاً، ومع ذلك عندي إحساسٌ أني أعَرفك لكثرةِ ما سمعتُ عنك من إخوانك الشماليين والجنوبيين وكله كلامٌ يشجعني على الإتصال بك». ثم مضى جمال يقول في رسالته إنه جدُ واثق من أن المجلس العسكري سيفي بوعدٍ قطعَه بتسليم السُلطةِ للمدنيين بعد عام واحد وأن ما كان يُسمى بقوانين سبتمبر ستُعالج عبر إتحاد المحامين على الوجه الذي يُرضي الجميع.
    كان جمالٌ معذبَ النفس بتمزُق وطنه، وكان من أكثر الناس حرصاً على وحدتها. قلت لشيخي وصديقي «إن أزمة السودان عميقة ُ الجذور، فجذُورها تمتد إلى أزمنة سبقت قوانينَ سبتمبر وسبقت الحربَ الأهلية الثانية التي اندلعت في أوائل ثمانينيات القرن الماضي. ثم مضيت أقول لجمال لعلك المفكرَ السوداني الأول الذي ذهب إلى تحليل عميق للمكونات الثقافية للوطن السوداني بأبعادها المختلفة والمتنوعة والمتشابكة. إرتحلت من بعد بشيخي الصديق إلى دورهِ في بداهةِ عهده بالحياة العامة كسكرتير للجنة التمهيدية لتأسيس مؤتمر الخريجين. ذلك موقع إحتله جمال مع يفاعته من ضمن مجموعة من الرعيل الأول من الخريجين: « إسمعيل الأزهري، أحمد عثمان القاضي، محمد عثمان ميرغني، عبد الماجد أحمد، عثمان شندي، معنى محمد حسن، إسمعيل عثمان صالح، إبراهيم أحمد حسين، عبد الله ميرغني، مكي شبيكة، أحمد محمد يس».
    في ذلك الندى هب إسمعيلُ الأزهري منادياً بتكوين القومية السودانية ومتسائلاً: «ما لنا نتضآلُ في بلدِنا ونتخاذلُ في حقنا ....... أوما آن لنا أن نقفَ على أرجلنا. أما آن لنا أن نثبتَ وجودَنا ونعتزَ بسودانيتنا». أضاف الأزهري: «إذا قُسمت بلادُ الله إلى هند وصين ومصر، وكان ساكنُ ذلك هندي، وهذا صيني، وذا مصري، فأنا وأنت سوداني، وهذا سوداننا. إن لم نكن سودانيين فماذا نكون؟. ودعا عبد الماجد أحمد في نفس الندى إلى قومية سودانية بدلاً من التعزي بالأنساب والتفاضل بالأعراق، وكان في ذلك جد محق لأن «التفاضُل بالأنساب أقلُ مناقِبِ الخير غِناءً عند أهلها في الدين أو الدنيا»، هذه كلمات لابن المقفع (الأدب الكبير). اما جمال فقد ذهب إلى حث المؤتمر على أن يلعبَ الدورَ الرئيس في صهر القومية السودانية. قال: «نحن شعوبٌ لا شعب، فنوبة الشمال وعربُ الوسط، وُزنجُ الجنوب والشرق عناصرٌ متنافرة لا تآلف بينها ولا تعاضد ولا تداخل». ثم مضى يقول إن صَهْرَ هذه العناصر ليس بالأمر العصي إذ ليست بيننا ثاراتٌ قديمة، ولا أحقادَ كامنة، ولست أرى انجع من التقريب المادي بالتجارة، والرباط المعنوي بالتعليم وليس بضائر ايانا أن يطولَ الزمانُ في صهر هذه الوحدات». كان ذلك في ديسمبر 1973م، أي قبل نصف قرن من الزمان الذي ألتقيت فيه بجمال في روما.
    في تلك الفترة سالت مياهٌ غزيرة تحت الجسر وصحبتها حروب ومآسي لأنا لم نفلح في ترجمة رؤانا الصائبة إلى واقع حتى حُمل الرجل الذي أذن في أم درمان في ديسمبر 1937م أن «حي على الفلاح» أن يقول في 17/10/1986م وهو يقدم مجموعة أقاصيصه (سالي فو حمر) مخاطباً ابنيه اللذين أهدى لهما تلك المجموعة: «أسرفت في الحديث عن عبقرية العربية لأني كما يقولُ أهلُنا في السودان «ممكون» ولا أريد أن تكونا مثلنا. نحن جيل الهزيمة والشقاق. من يدري، ربما أسلمناكم بلداً واحداً عزيزاً. ولكن إن أخفقنا، لم كان إخفاقنا؟ أسألوا». لله در جمال الذي كان يرى بأم عينه، ويتأمل ببصيرته، ثم يمضي بعزم اســبارطي ليسـمي الفـأس فـأساً (call the spade a spade).
    لم يكن جمال - بردَ الله قبره - بطريركا - مثل بطريرك جبرائيل قارسيا ماركيز الذي حباه الله بمناعة إسطورية ضد التجدد والتفاعل مع المتغير. كل شئ عند البطريرك ثابت. عاش جمالٌ متصالحاً مع نفسه، ومتآلفاً مع رؤاه لم يتعزى بعصبية، أو يستنصر لمذهب أو فرقة، بل سَما بإنسانيته المحضة وبذلك، برئ من داء التفريق بين الناس على أساس العرق أو الأصل أو الثقافة أو الدين. نشأ جمال النوبي وترعرع في صباه في ارض النوبة - أو ما كانت ارضا للنوبة قبل أن يبتلعها اليم - وظل بها يفاخر. حق له أن يفخَر بالأرض التي أنجبت أولى حضارات افريقيا ووادي النيل، بل الأرض التي ما أنفكت افريقيا، بل العالم، يفاخران بإسهامها في الحضارة الإنسانية. تلك الأرضُ النجيبة أنتهى وصفُها عند بعض الرقعاء ببلاد البرابرة. لا أقول يا لها تلك من كلمة نابية عوراء. وإنما أقول ما اتعسهم أولئك الذين لا يدركون مآثرهم التاريخية التي ينبغي عليهم أن يفاخروا بها. رعي الله القاصَ النوبيَ المصري حجاج أدول حين قال: «أهلنا سمر ولكنهم يحتفظون بشموسهم في وجوههم». تلك هي شموس الحضارة النوبية، الشموس التي ظلت تشع منذ زمان قديم وما زالت لها آثارٌ ومعالمُ باقيات.
    جمال النوبي الذي إستعرب في المدرسة (وإصطحب معه سره شرق إلى الخرطوم) فطِن أيضاً إلى البُعد العربي الإسلامي في الشخصية السودانية فعكف على قراءة كتاب الله كما لم يقرأه كثيرون. كتاب الله بحر طامح (اَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءٌ فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ) «الرعد، الآية 17» وعن ابن عباس في تفسير القرطبي الماء هو القرآن، والأودية هي القلوب تحمل منه على قدر اليقين والشك، وبسعة العقل والجهل. إقبال جمال على كتاب الله كان على هذا النحو الذي أوصفه ابنُ عباس، فأحسن فهمه وإستجاد تأوِيله. سعى جمال أيضاً للنهول من موارد اللغة العربية حتى تملك ناصية اللغة وأرتأضت له قوافيها، بل جعل منها اللغة الأولى لأبنائه. ففي رسالته لعارف وعاطف ذكرَّهما بما كان يعاني من مشقة في دراسته للشعر العربي القديم وحثهما على إحتمال تلك المشقة دون أن يغفلا أرفاد تلك اللغة بدم حار دافق. لم يُنسى إستعرابٌ جمال سره شرق، بل حملها معه إلى حي العمارات في الخرطوم، وهكذا الإنسان لا ينزعُ عن ذكريات الصبا. لم تنضْب حرارةُ حب جمال لمراتع الطفولة، أو يتركها عمداً كما فعل البحتري :
    إني تركتُ الصبا عَمداً، ولم أكدِ
    من غير شيب ولا عَزل ولا فَنَد
    من كان ذا كبدٍ حري فقد نَضَبت
    حرارةُ الحب عن قلبي وعن كبدي
    لا غرو في أن ينتهي الأمر بجمال المستعرب لأن يكون واحداً من جهابذة تلك اللغة عندما أضحى عضواً في مجمع اللغة العربية. والجُهباذ هو الخبير بغوامض الإمور. رغم ذلك، لم تجعل عروبة ُ جمال منه كاتبَ القبيلة أو مثقفاً من مثقفي الحظيرة. أولئك هم الذين أخذوا يبحثون، بسبب من ثقافتهم العربية عن جذور ? جلها متوهم ? في جزيرة العرب، بل لا يرضى الواحد منهم عن قريش بديلاً.
    اتجه جمال للبحث عن جانب آخر في الشخصية السودانية: الجانب الأفريقي بكل إمتداداته والذي تكرست حوله وهومٌ أصبحت لحمة وسدى لتاريخ السودان المعاصر. التمركز على الذات بين النخب السودانية التي عاصرها جمال حال بينهم وبين الوعي المتوازن بالذات. رغم أن الوعي بالذات، في بلد متعدد الإعراق، ومتنوع الثقافات واللُغى، لا يكتمل إلا بتعميق الوعي بالغير. الوعيَ الذي إصطنعته تلك النخبة وجعلت منه تاريخاً ثابتاً يتبناه «المجتمع السوداني» ليس وهما فحسب، بل إن المجتمع نَفسه كائنٌ وهمي تصطنعه دوما العناصر المكونة له.
    في الوقت الذي كانت تلك النخب توالي فيه ترديد وهومها وهي تُزيف التاريخَ في بعض الأحيان، وتختزله في أغلبها، وتمحو من الذاكرة ما تتمنى محوَه، وتنظرُ للحاضر بعيون مطفأة إن لم تكن عمياء، كان جمال في حفره الأركيولوجي، وتحليله السياسي، ومقاربته بين الأديان والثقافات يسعى للتوفيق بين مكونات ذاته المتنوعة، ولا يجد في ذلك حرجاً. كان في معرض بحثه عن الذات يتجاوز حدود الزمان والمكان يبحث عن إصول ذاته في معبد بوهين، وسيدة فرس التي إستنقذها من الضياع نوبي آخر حقيق بأن يذكره الناس في هذه المناسبة، وكل مناسبة: نجم الدين محمد شريف. وكان يبحثُ عنها في ديوان العرب، وفي مباحث الفلاسفة عن نشأة الأمم. وكان يستنجد في بحوثه الأفريقية بالشيخ أنتا ديوب و حميدو كان. بل كاد أن يكون مثل ديوجين الإغريقي الذي كان يحمل مصباحه في رابعة النهار ليرى الحقيقة.
    قلت لأستاذي / صديقي ? وأنا أعود على بدء ? يوحنا يريد أن يكمل مشواراً بدأته وسرت في دربه واثقاً. ثم قلت إنه مع حسن نواياك وثقتك في القوم لا أرى - للمرة الأولى - ما ترى. كنت في ذلك صادقاً لأنني لا أذكر أن إختلفت مع جمال في تقويمنا للأحداث العامة. وعلى أي، مضيت في القول بأن الذي يحملني على ما يشبه اليأس تواترُ الفشل وتكرارُه. والفشل إن لم يكن حافزاً على تصحيح المسار يصبح داءً باثولوجياً أكثر منه خطأ في التقرير، أو عجزاً في الحساب. ولو كان الأمر أمرَ خلاف في الرؤى لهان الأمر. الرؤية كانت واضحة، والتجاربُ متوافرةٌ: في الصين، أو الهند، أو مصر، كما قال الزعيم الأزهري. الأزمة أحسن في وصفها جمال في رسالته لابنيه كان الأعمى أحدُ بصراً من آبائنا الأفاضل، وفضلهم لا ينكر في مجالات شتى. قال المعري، من بين ما قال، في قصيدته: يقول لك العقل الذي بين الهدى:
    وما الوقت إلا طائرٌ يأخذ المدى
    فبادره، إذ كلُ النُهى في بداره
    *************************************************************

    رجل المهام الصعبة يجسد أصالة أقباط السودان !.
    بقلم : يحيى العوض
    -1-
    كان من أهم الملاذات الآمنة هربا من أجهزة الامن , الاختباء فى خلاوى الركابية بامدرمان , أهل الاستاذ عبد الرحمن عبد الرحيم الوسيلة ,عاشق شكسبير وعضو المكتب السياسى للحزب الشيوعى , خال الدكتور مصطفى مبارك , وعندما نعرف ان الرجل الذى يطارده الأمن هو الاستاذ سمير جرجس مسعود , المدير الادارى لجريدة( الميدان ), والمنتمى الى قبيلة الاقباط , تتجسد امامنا رحابة الايمان ومروءة جيل الآباء من المسلمين والمسيحيين . وفى ملحمة النقاء والتسامح المتبادل , شمخت خلوة بولس,( وهو مسيحى قبطى ارثوذكسى استقر فى السودان من صعيد مصر فى امدرمان وأنشأ خلوتين لتعليم المسيحية لابناء المسيحيين والاسلام لابناء المسلمين , فى اربعينات القرن الماضى وتولى الاشراف على خلوة القرآن الشيخ النور ابو حسبو). وتزوج الاستاذ سمير جرجس الاستاذة عفاف من اسرة الكباشى ,وقد اشار لهذه المعلومة الباحث والموثق المتفرد الاستاذ شوقى بدرى , وكنا فى مجلة (القوم ) قد وثقنا للاسرة القبطية التى تحمل اسم الكباشى , عام 1986 عندما قرأنا نعيا فى جريدة الايام يقول ( انتقل الى الامجاد السماوية السيد ميخائيل الكباشى ويقام العزاء بمنزل الاسرة فى المسالمة ) . وللتوثيق (اعادة لوقائع ذكرناها فى مقال سابق ) زرنا منزل الاسرة بامدرمان وكذلك قرية الشيخ الكباشى . وروى لنا الخليفة الحبر المزيد من التفاصيل عن الصلات المتجزرة بين الاسرتين, وقال ان السيد ميخائل تأخر فى الانجاب , وزار الشيخ الكباشى طالبا دعائه , واستجاب الله ورزق السيد ميخائيل ولدا فاسماه الكباشى!.
    كنا نداعب الاستاذ سمير جرجس قائلين: أكيد اثناء مطاردات الامن واختبائك فى الخلاوى , استعنت بمكياج الفنان سراج منير, لتمثيل شخصية عنتر بن شداد فى ذلك الفيلم الشهير,وقد لا يتوفر لك المكياج كاملا ,ولانك اشتهرت بقدراتك فى التدبير ,فقطعا لجأت الى (سكن الدوكة ) اى السخام الاسود الذى يتراكم حول (صاج العواسة ), الاناء المتسع لصناعة الخبز الشعبى السودانى(الكسرة ) ووظفته فى تبديل لون بشرتك الناصعة البياض !.
    كانت مدينة عطبرة محور احاديثنا , فيها نشأنا وتعارفنا , المدينة التى تميزت بعطائها الشامخ فى رفد الحركة الوطنية بالرجال والمواقف البطولية فى مناهضة الاستعمار البريطانى وبعده التصدى لانظمة الحكم العسكرى الشمولى. تميزت عطبرة بأعلى نسبة من الاقباط الذين وفدوا اليها فى مطلع القرن العشرين مع انشاء السكة حديد , وكانوا اضافة نوعية للاقباط الذين عاشوا فى السودان منذ عدة قرون, وتقول احصائية فى موقع ( سودانت) مارس 2002م ان عدد اقباط السودان فى الداخل والمهاجر يزيد على مليونى مواطن (تكاثرت اعداد المهاجرين بعد قوانين سبتمبر عام 1983م , الى بريطانيا واستراليا وكندا ,ثم ازداد فى السنوات الاولى للانقاذ ).ولا انسى ذلك المشهد فى مطار الخرطوم , كنت ضمن مستقبلى الشيخ عبد الرحيم البرعى قادما من الابيض , وكان فى صالة مسافرى الرحلات الداخلية عدد من الاقباط بينهم قس فى ملابسه التقليدية ,وعندما شاهدوا الشيخ عبد الرحيم هرعوا معنا لاستقباله , وسأله القس الدعاء لمساعد الطيار بالخطوط الجوية السودانية جرجس بسطس, قبل تنفيد الحكم باعدامه , عام 1991م ,بتهمة محاولة تهريب 95 الف دولار وشيكات بمبالغ اخرى ! ..
    كانت حياة السودانيين قبل مايو النميرى وقوانين سبتمبر, ويونيو المشروع الحضارى , زاهرة وزاهية وسلسة , بعيدة عن الشحن العقائدى , والغلو الدينى المرتبط بانتهازية سياسية .كانت مفاهيم الاصولية تلك الايام هى :( الممارسة على الصعيد الشخصى, لان الاصولى يمارس عباداته عن ايمان وجدية متناهية, أما الاصولية الجماعية فهى لاتعكس سوى رغبة جامحة فى التسلط ) . وتمت مصاهرات دون اثارة حساسيات بين مسلمين
    لم يتنطع ناقد كما فعل الاستاذ ع .عبد السيد فى صحيفة "اخبار المجتمع ",فبراير 1997 , مطالبا بحظر أغنية الموسيقار عثمان حسين :
    الجنة ياغرامى قربك
    الدنيا تحلالى جنبك
    حبيبى خلقونى أحبك
    وخلقوك عشان تهوانى
    ويكتب قائلا :( الله جل جلاله يقول وماخلقت الجن والأنس الا ليعبدون , فهل صحيح ان الله خلق شاعر الأغنية , أو ملحنها أو مغنيها , خلقهم خصيصا من دون الناس فقط من أجل حب المحبوب ؟ أليس ذلك جرأة وافتراء على الله سبحانه وتعالى ؟ هل يعقل ان يرفع السودان لواء الشريعة ويعانى ويقاسى فى سبيله الحروب والمكائد والمؤامرات ,ثم تردد أجهزة اعلامه على المسلمين فى الداخل والخارج مثل هذه الأغانى ؟ ) واستجابة لمثل هدا المنطق تم ايقاف اذاعة وبث تسعين أغنية سودانية!
    -2-
    سبقنا الاستاذ سمير جرجس للاستقرار فى الخرطوم بعد قرار حزبه للعمل فى جريدة الميدان , واصبح مديرا لادارتها عام 1956 م , ويعتبر من أصغر مدراء ادارة الصحف سنا فى تلك المرحلة , معاصرا لمدراء صحف فى قامات الاستاذ عابدين محجوب لقمان, الرأى العام ,والذى اصبح رئيسا لتحريرها بعد تنازل الاستاذ اسماعيل العتبانى عن الموقع, والاستاذ فضل بشير مدير ادارة السودان الجديد ثم رئيسا لتحريرها بعد رحيل الاستاذ احمد يوسف هاشم ,وخلفه الاستاذ طه المجمر , والاستاذ امين محمد سعيد مدير ادارة الايام والعم فهمى ميخائيل مدير الحسابات , والاستاذ امام المحسى مدير ادارة صوت السودان ثم الجماهير , والاستاذ محمد سعيد معروف مدير ادارة جريدة الصراحة ومن ابرز كتابها آنذاك , والاستاذ حسنى حواش مدير ادارة التلغراف .
    وهناك تصور خاطىء , خاصة بين ناشئة الصحفيين فى اقسام التحرير, عن منافسة خفية , ان لم نقل عداء صامت , بينهم وادارات الصحف , ويتهمون الادارة بالتقتير عليهم , وعدم تقدير جهدهم والتدخل فى شؤون التحرير بتحديد عدد الصفحات , وفرض الأولية للاعلان على حساب المواد التحريرية . وبديهى ان التحرير والادارة يشكلان معا مقومات نجاح الصحيفة , ومع ذلك تتحمل الادارة باقسامها المتعددة , الطباعة , الاعلان , التوزيع والحسابات , مسؤولية الربح والخسارة , وهى موازنة دقيقة تحسب بالمليم.ومن المفارقات ان ارتفاع أرقام التوزيع قد يسبب خسارة كبيرة للصحيفة اذا كانت عائدات الاعلان أقل ,وهنا تجلت عبقرية الاستاذ سمير جرجس ,للتوازن مع هذه المعادلة, خاصة وان صحيفته كانت محاربة اعلانية , فلجأ الى تنظيم دقيق لجمع التبرعات واصدار اعداد خاصة مدعومة مباشرة من فروع الحزب, وكذلك اشعال التنافس بين المدن والاقاليم بنشر قوائم عن أعلى المدن والقرى توزيعا . ويقول الاستاد سمير ان بعض المدن الصغيرة والقرى , توزع بنسبة أعلى من بعض عواصم المديريات , مثل أروما وأبوقوته .ومن الظواهر المتفردة فى توزيع الصحف السودانية فى مرحلة الستينيات كان العديد من القراء يذهبون فجرا الى دور طباعة الصحف ويشترونها طازجة قبل توزيعها فى المكتبات ويتفاخرون بذلك ,وكان الاستاذ سمير يذهب بنفسه الى المطبعة للاشراف على هذا التوزيع المبتكر, ويمنح اول زبون, الصحيفة مجانا. وتوجد تفاصيل وارقام عن ابداع الاستاد سمير الذى اسماه الدكتور عبد الله على ابراهيم (بالدبارة) من التدبير , وكان يشرف على القسم الثقافى بالميدان .
    (نواصل رحلة رجل المواقف العصية فى صحافة تحت الارض والامتحانات القاسية فى المرحلة الأولى لانقلاب مايو 1969 وكارثة يوليو 1971م)
                  

10-10-2011, 08:42 PM

عبّاس الوسيلة عبّاس
<aعبّاس الوسيلة عبّاس
تاريخ التسجيل: 08-23-2005
مجموع المشاركات: 930

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: اجمل ما قرأت .. مقالين للدكتور منصور خالد والاستاذ يحى العوض (Re: د.عبد المطلب صديق)

    Quote: كانت حياة السودانيين قبل مايو النميرى وقوانين سبتمبر, ويونيو المشروع الحضارى , زاهرة وزاهية وسلسة , بعيدة عن الشحن العقائدى , والغلو الدينى المرتبط بانتهازية سياسية .كانت مفاهيم الاصولية تلك الايام هى :( الممارسة على الصعيد الشخصى, لان الاصولى يمارس عباداته عن ايمان وجدية متناهية, أما الاصولية الجماعية فهى لاتعكس سوى رغبة جامحة فى التسلط ) . وتمت مصاهرات دون اثارة حساسيات بين مسلمين

    نعم يا دكتور مقالات رصينة.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de