|
|
فى يوم السبت العاشر من اكتوبر 1964 وكيف نستلهم الثورة القادمة
|
حتى نجيد سمع الأكتوبريات ونربطها بمارس ابريل فى البدء الوقوف أجلالاً عند هذا القرية التى أنجبت شهيد الثورة السودانية قرية القراصه وتضم بين حناياها قبرة في ليله
وكنا حُشود بتصارع
عهد الظلم
الشبَّ حواجز شبَّ موانع
جانا هتاف
من عِند الشارع قسماً...قسماً لن ننهار
قال هاشم صديق (ان سر حياة وألق هذا العمل الشعري الغنائي يكمن أولاً في أنني قد عشت أحداث ثورة اكتوبر يوماً بيوم بل لا أبالغ إن قلت ساعة بساعة وأنا صبي صغير لم أتجاوز
«16» سنة، وبذلك انطبعت في عقلي الباطن كل أحداث هذه الثورة بانبهار ومعايشة ودهشة وتلاحم مع صورها المبهرة من شارع الى شارع ومن ميدان الى ميدان ومن ساحة الى ساحة حتى
أحداث القصر عندما اندلع الرصاص في صدور المتظاهرين وتساقط الشهداء امثال عزالدين نصار وحسن عبدالحفيظ، الذي يعلم ان نقاء العقل الباطن وبياضه حفرت أحداث هذه الثورة العظيمة
ببصيرة ذلك الصبي صغير السن)
وقالت الاستاذة امنة السيدح
بخصوص مدرسة الشهيد أحمد قرشي طه بالقراصة تأسست من الدولة تخليداً لاسمه، وبدأ القبول فيها 1970م وأنا كنت رئيساً لمجلس الأباء تقريباً أكثر من عشرين سنة وعملنا داخلية باسم أسرة
الشهيد وجمعنا المال من الدلنج وجبال النوبة وكان والده تاجراً بالدلنج ومعه إخوانه، وجمع المال معي عبد الرحمن الشيخ مساعد طبي وعمر عفيفي مدير مدرسة الشهيد.. وحولت لمدرسة
مختلطة في الوقت ذاته توجد مدرسة للبنات وتم هجرها وإضيف البنات الى مدرسة الإولاد، والآن هذه المدرسة موجودة ولكن تم هجرها. ونحن الذين جمعنا المال لبناء هذه المدرسة ومعي
الإخوة الحاج محمد عثمان ومصطفى صالح وسيد أحمد الطاهر ومحمد أحمد الشيخ وأخرون.. وكان التصديق الذي استخرجناه من الدويم وأنجزنا بة البناء في ستة أشهر وفتحت على يد المدير
بابكر الخضر وهو من الشهود على المدرسة مع أخيه محمد الخضر الذي كان يعمل بالمدرسة آنذاك وعمل بها لمدة خمس وثلاثين سنة وهو يعرف كل كبيرة وصغيرة عن المدرسة ومعه فضل
السيد علي صالح وكان يعمل طباخاً بالمدرسة والآن على قيد الحياة وهما بالقراصة ونحن نطلب من وزارة التعليم بالنيل الأبيض القطينة أولاً ومن ثم ولاية النيل الأبيض أن يوضحوا لنا التغيير
الذي تم لمدرستنا إن كان منهم أو من غيرهم من اسم الشهيد أحمد القرشي طه لاسم إبراهيم عمر نطالب بحقنا، وكلكم تعرفون الحق يعلو ولا يعلى عليه ومن يكتم الشهادة فهو آثم عليه وأن الله
سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل ونحن إن شاء الله سوف نطالب بحقنا الى آخر لحظة فقط نحن نريد معرفة أسباب تغيير اسم المدرسة.مبارك مصطفى طه ابن عم الشهيد أحمد قرشي طه ورئيس
مجلس الأباء ورئيس مجلس مسجد القراصة ورئيس المجلس الشعبي لفترة لا تقل عن عشرين سنة تقريباً وعميد أسرة الشهيد وآل طه بالقراصة وعبدالعال قرشي طه أخ الشهيد الأكبر.
والشهادات بطرفنا تثبت المدرستين.
المصدر: آخر لحظة
كان لابد من التذكير بهذه المحطات الثورية بلسانهم
|
|

|
|
|
|
|
|
|
Re: فى يوم السبت العاشر من اكتوبر 1964 وكيف نستلهم الثورة القادمة (Re: عبدالحافظ سعد الطيب)
|
بيان اساتذة الجامعة: 10/10/1964 بما ان سلطات البوليسقد انتهكت حرمات الجامعة فتصدت لندوة عامة عقدها الطلبة يوم السبت العاشر من اكتوبر 1964 عنوانها التقييم العلمي لمسألة الجنوب ثم مدت تلك السلطات يدها
للجنة اتحاد الطلبة فأودعتها محابس التحفظ. وبما انها عادت يوم الاربعاء الحادي والعشرين من اكتوبر فتصدت لاجتماع داخلي بحت لجمعية الطلاب العمومية اقتصر على طلاب الجامعة شهوداً
ومتحدثين وعقد في فناء مساكن الطلبة بقصد تحديد الرأي في مسألة الجنوب فاعتدى جنود البوليس على الطلاب العزل بعدد هائل من القنابل المسيلة للدموع ثم امطروهم بالرصاص الوابل
فأردوا بعضهم قتلى وتركوا البعض الآخر بين الحياة والموت ولم يقتصروا على هذه الفعلة الشنيعة بل تعقبوا الطلبة في حجرهم وقادوهم معتقلين إلى الاعتقال بل بلغت بهم الجرأة ان اعتقلوا
بعض اساتذة الجامعة وانتهت بهم الوحشية إلى تعويق مجهودات الاساتذة والاطباء لاسعاف الجرحى ونقلهم إلى المستشفى. وبما انها تمادياً في الكيد للجامعة واستخفافاً لشأنها تصدت لموكب
نعش الطالب الشهيد فحظرت نقله للجامعة ووقف جنودها متهيئين لامتهان كرامة النعش ولابادة الاساتذة والطلبة وغيرهم من المشيعين فقد رأينا نحن الاساتذة ان هذه الجامعة فقدت مقوماتها
واصبحت صورة بلا معنى وبناء بلا كيان فإذا كانت الجامعة موطنا لحرية الفكر ومنارا للعلم المتجرد فقد خنقت في هذه الجامعة حرية الفكر ودنست فيها قداسة العلم وحكمت فيها سياسة رعناء
هوجاء قوامها القهر والبطش والارهاب وإذا كانت الجامعة من صميم هذا الشعب تخدمه وتقوم على شؤونه فقد اصبحت جامعتنا الىوم عاجزة عن ادنى مشاركة في حل المسائل القومية في هذا
البلد الذي تستصرخنا حاجاته الضائعة وقضاياه التي افلست فيها سياسة الحكام وإذا كان للجامعة حرم جدير بالتقديس وإذا كان لطلبة العلم وحملته حق في التوقير والاكرام فقد انتهكت اليوم حرم
الجامعة واصبحت مسرحاً لاراقة الدماء وديست قداسة العلم في اهله واصبحوا عرضة للتقتيل والتنكيل وبما ان الجامعة من جراء ذلك لم تعد موطناً للعلم ولا مجالاً لبحث قضايا الامة السودانية
ولم يبق لها حرم مكرم ولا اهل يوقرون وبما اننا ايقنا انه لن تقوم لاستقلال الجامعة قائمة في ظل الاوضاع الحاضرة فقد قررنا نحن اساتذة جامعة الخرطوم السودانيين الموقعين أدناه أن نطهر
ايدينا منها بالتوقف عن العمل فوراً والاستقالة عن وظائفنا فيها استقالة غير مشروطة ولا موقوتة إلا بزوال هذا الوضع المظلم وقيام نظام دستوري يعرف للجامعة استقلالها ويقدر اهلها حق
المصادر كتاب خريف الفرح عبد الرحمن مختار جريدة الصحافة
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: فى يوم السبت العاشر من اكتوبر 1964 وكيف نستلهم الثورة القادمة (Re: عبدالحافظ سعد الطيب)
|
مذكرة رجال القضاء:
إلى صاحب المعالى رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة ورئيس مجلس الوزراء:
نحن رجال القضاء والمحامين نشعر ان مسؤوليتنا نحو العدالة وسيادة القانون في هذا البلد تفرض علينا ان نقرر
ان حادث الاعتداء الذي وقع على طلبة جامعة الخرطوم امر يهتز له ضمير العدالة ويتنافى والقواعد القانونية الواجب احترامها
من قبل الحكومة قبل الافراد وذلك لأن حرم الجامعة محراب مقدس وداخليات الطلبة التي وقع الاعتداء عليهم في داخلها
وسالت دماؤهم في ارضها هي مكان خاص لا يمكن القول بأن ما دار فيه امر فيه اخلال بالامن العام أو الطمأنينة لأن هذا الوصف
لا ينطبق إلا على عمل يتم في مكان عام وفوق ذلك ان تصرف البوليس لم يصدر بناء على امر من قاضٍ كما يقضي بذلك القانون
وعليه فإننا نطالب باجراء تحقيق فوراً بواسطة قاضٍ في الحوادث المؤسفة التي راح ضحيتها طالب بريء واصيب آخرون فيها بجراح
خطيرة في ظروف قد ترقي إلى الاتهام بجريمة القتل العمد كما نطالب بتقديم من تثبت عليه المسؤولية إلى المحاكمة الجنائية سواء
كان عضواً في المجلس الاعلى أو وزيراً كبيراً أو صغيراً وسواء أكانت المسؤولية نتيجة عمل ايجابي ام سلبي وبغير ذلك
فلن يهدأ لنا بال ولن نستطيع ان ندوس على ضمائرنا ونسكت على هذا الامر الخطير...
رجال القضاء والمحامون.
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: فى يوم السبت العاشر من اكتوبر 1964 وكيف نستلهم الثورة القادمة (Re: عبدالحافظ سعد الطيب)
|
ليـــــــــــــــــــــلة المتــــــــــــــــــــــــــــاريس
الأستاذ مبارك حسن خليفة
أمواج هادرة من البشر تسدُّ الطرقات بالمتاريس المختلفة، ووجدنا بعض الأشجار قد تمَّ اقتلاعها من جذورها
أنا كنت في بانت. طلعت معاي بعض الأصدقاء وجينا حرسنا كبري النيل الأبيض للصباح. حتى كانت فيهو صيانات، جبنا الكمر وقفلناه
كمال الجزولي
صمت الصُّدور! رغم أن ليلة التاسع إلى العاشر من نوفمبر عام 1964م، تكاد تشكل زبدة المخض العنيف الذي شهدته بلادنا خلال ما سبقها من أيام رائعات
دخلت تاريخنا الحديث باسم (ثورة أكتوبر)، ودخلته هي باسم (ليلة المتاريس)؛ إلا أنها، من عجب، لم تحظ بذات القدر من دقة التوثيق التي حظيت بها وقائع تلك الأيام المجيدات
، سوى بضع كتابات هنا وهناك، ونشيد يتيم لمحمد الأمين من كلمات مبارك حسن الخليفة، وألحان مكي سيد احمد، لم يعُد أحد يسمعه، بل لم يعُد حتى محمد الأمين نفسه يردِّده:
" المتاريسُ التي شيَّدَتها في ليالي الثورةِ الحمراء هاتيك الجُّموعْ/
وبَنتها من قلوبٍ وضلوعْ وسقتها من دماءٍ ودموعْ سوف تبقى شامخاتٍ في بلادي تكتمُ الأنفاسَ في صدر الأعادي فالمتاريسُ دماءُ الشُّهداءْ والمتاريسُ عيونُ الشُّرفاءْ والمتاريسُ قلوبُ الكادحينْ والمتاريسُ ضلوعُ الثائرينْ والمتاريسُ شفاهٌ لصغار يلثغونْ والمتاريسُ أيادٍ لكبار يَهدِرونْ والمتاريسُ حُداء الثائِراتْ والمتاريسُ ستبقى شامخاتٍ في بلادي تكتمُ الأنفاسَ في صدر الأعادي"
مع كلِّ ذلك البهاء بقيت (ليلة المتاريس)، إلى يوم الناس هذا، أسيرة بقعة معتمة من ذاكرة الأجيال، ومحلَّ أخذٍ وردٍّ بلا جدوى، ومغالطاتٍ وسجالاتٍ بلا طائل، رغم أن بعض
أهمِّ صُناع وقائعها، وشهود خلفيَّاتها، ما زالوا أحياءً، أطال الله أعمارهم جميعاً ومتعهم بالصحَّة والعافية، وعلى رأسهم جعفر كرَّار، السكرتير العام لجبهة الهيئات التي قادت الثورة، والمحامون
أعضاء قيادتها: فاروق أبو عيسى وشوقي ملاسي وأحمد سليمان وأنور أدهم، علاوة على بابكر عوض الله، رئيس القضاء الأسبق الذي سوف يصبح، لاحقاً، رئيس وزراء أولي حكومات انقلاب
مايو 1969م، وحسن الترابي، الذي سوف يصبح، في ما بعد، زعيم الحركة الإسلاميَّة (1964 ـ 1999م)، وحالياً الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، وغيرهم كثر. فحتام يستعصم جُلهم بالصمت
تاركين إحدى أهمِّ صفحات ثورة أكتوبر نهباً للقيل والقال، أو، في أفضل الاحتمالات، محض طيف لذكرى قصيَّة مقبورة في حنايا الصدور؟!
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: فى يوم السبت العاشر من اكتوبر 1964 وكيف نستلهم الثورة القادمة (Re: عبدالحافظ سعد الطيب)
|
شهادة شوقى ملاسي
مساء التاسع ـ فجر العاشر من نوفمبر:
الحقيقة والوهم!
نحمد للأستاذ الكبير شوقي ملاسي المحامي، أحد المؤسِّسين والقادة التاريخيين لحزب البعث العربي الاشتراكي بالسودان، وعضو قيادة جبهة الهيئات إبان ثورة أكتوبر،
حرصه على إصدار مذكراته (أوراق سودانيَّة ـ تحرير وتقديم محمد سيد احمد عتيق، دار عزة للنشر، الخرطوم 2004م)، حيث أورد أنه كان قد توجه، صباح 9 نوفمبر،
للمشاركة في اجتماع كانت جبهة الهيئات تزمع عقده بنادي الأساتذة بالخرطوم، لكنه وجده قد تأجَّل إلى المساء. وعندما عاد في المساء لم يجد سوى عدد محدود من الزملاء
ذكر من بينهم صديقه أنور أدهم وموسى المبارك. ولمَّا طال انتظارهم إلى ما بعد العشاء دون أن يحضر أحد، قام بتوصيل أنور الذي لم تكن لديه سيَّارة إلى منزله بأم درمان ..
"وفي طريق عودتي، وأنا في غاية الإرهاق والنعاس .. وأمام الفندق الكبير بالضبط، قطعت إذاعة أم درمان إرسالها، فجأة، وبدأت في بث إعلان بصوت الأخ فاروق أبو عيسى
قال فيه إن هنالك انقلاب عسكري، مناشداً الجماهير أن تخرج لحماية الثورة وحكومتها. إستفقت تماماً. وحسب إعلان فاروق كان قراري الفوري أن أذهب إلى دور السينما
وتحريض الجماهير" (ص 86).
ويروى ملاسي كيف نفذ فكرته قائلاً: "توجَّهت أوَّلاً لسينما كلوزيوم بشارع القصر، والتقيت بالأخ حسُّون، مديرها آنذاك، وشرحت له الموقف ذاكراً أنني مندوب عن الجبهة، وطالباً أن يسمح لي
بمخاطبة الجمهور بالمايكرفون الخاص بالدَّار، فسمح لي الرَّجل، وأعطاني المايكرفون المتنقل. وبعد أن وقفت في منتصف الصالة بين القاعة الشعبيَّة وبقيَّة المدرَّجات، أوقف العرض. فخاطبت
الجمهور الذي خرج جميعه منطلقاً نحو رئاسة مجلس الوزراءالكائن، آنذاك، في شارع النيل. ثمَّ ذهبت إلى الخرطوم بحري، وقمت بنفس المهمَّة في سينما الخواجة (الوطنيَّة). وأيضاً تدفقت
الجماهير إلى الشوارع. وفي طريق عودتي من الخرطوم بحري إلى الخرطوم أوقفت سيَّارتي في منتصف كبري النيل الأزرق، وأفرغت إطاراتها الأربعة من الهواء، وبذلك أصبح الجسر مغلقاً
أمام المركبات. وواصلت السير على أقدامي إلى نادي أساتذة جامعة الخرطوم القريب من هناك" (المصدر نفسه).
ويمضي ملاسي في إفادته قائلاً: ".. في النادي وجدت جموع المهنيين والنقابيين تتقاطر، ووجدت من أعضاء قيادة الجبهة الإخوة محمد الحسن البدوي المحامي والمرحوم على محمد ابراهيم
المحامي وبدوي الحارث وعدداً ليس بالكثير من اليساريين، بينما كان الإخوان المسلمون كثيرين، وفي حالة هياج وثورة، زاعمين أن هنالك مؤامرة يدبِّرها الشيوعيون ومندوبهم فاروق أبو
عيسى من وراء إذاعة هذا البيان، وأنهم سيشنقون فاروق! وبالفعل ربطوا عدداً من عمائمهم ببعضها استعداداً لشنق فاروق! وكان الرأي أن يأتي أحد المسئولين إلى النادي ليروي ما حدث
بالضبط .. فاستقر الأمر على أن نذهب أنا وبدوي الحارث لاستجلاء الموقف وإحضار بعض المسئولين، فاستعرنا سيَّارة أحد الإخوة وقصدنا بها مجلس الوزراء. وفوجئنا بأمواج هادرة من البشر
تسدُّ الطرقات بالمتاريس المختلفة، ووجدنا بعض الأشجار قد تمَّ اقتلاعها من جذورها، فكنا نضطر للتوقف عند كلِّ حشد ونعلن أننا فلان وفلان مندوبا جبهة الهيئات، فيسمحون لنا بالمرور، إلى أن
وصلنا مجلس الوزراء ووجدنا بابكر عوض الله وعبد المجيد إمام. وطلبت منهما أن يذهبا معنا إلى نادي الأساتذة. وفي الطريق وجدنا أحمد سليمان المحامي يترنح بين مبنى القضائيَّة ومصلحة
الري المصري .. يا أبو سلمون تعال معنا .. كذا وكذا، قال: لا مانع، لكن خذوني أوَّلاً إلى منزلي فأنا في حاجة لحمام (دُش)، فأخذناه إلى منزله جوار مدرسة الأقباط بنات بالخرطوم، ودخل ونحن
في انتظاره بالسيارة. وبعد انتظار طويل اكتشفنا أنه وقع نائماً! وعدنا عن طريق الطابية حيث سمعنا من راديو السيَّارة بيان المرحوم خلف الله بابكر وزير إعلام حكومة أكتوبر الذي أعلن عن
عدم وجود أيِّ انقلاب، وأن المعلومات خاطئة، وناشد الجماهير بالهدوء والتفرُّق" (ص 86 ـ 88).
ويواصل ملاسي شهادته بقوله: "في النادي كان الجدل محتدماً حول بيان خلف الله، فقرَّرنا العودة مرَّة أخرى إلى مجلس الوزراء. صعد معي بابكر عوض الله في المقعد الأمامي من السيَّارة،
بينما صعد أبو عيسى والترابي في المقعد الخلفي، وكانا يتناقشان بحدَّة وعصبيَّة. وبعد قليل، في منتصف الطريق، احتد النقاش بينهما أكثر. وفجأة هجم أبو عيسى على الترابي، وأمسك برقبته،
وبدأ يخنقه بشكل خطير! فأوقفت السيَّارة، واستطعنا بصعوبة أن نحرِّر رقبة الترابي من قبضة أبو عيسى، وواصلنا السير!" (ص 88).
ويسترسل قائلاً: "ظلَّ الناس كلهم يتنقلون من هنا إلى هناك حتى وقت قريب من الفجر، وتأكدنا، بعد ذلك، أن كلَّ تلك الضجَّة كان مصدرها أن عسكرياً شيوعياً يعمل في سلاح الإشارة، وكان
يقوده الأميرالاي عثمان نصر عثمان، شقيق محمد نصر عثمان عضو المجلس العسكري المنحل، جاء مساءً إلى مطعم مطار الخرطوم، حيث اعتادت مجموعة من المحامين والوزراء اليساريين
والشيوعيين تناول العشاء والشرب هناك، وكان به في تلك اللحظة أحمد سليمان وعبد الكريم ميرغني وفاروق أبو عيسى، فأبلغ أحمد سليمان أن الأميرالاي عثمان نصر قد جمع الجنود وخاطبهم
مهاجماً ومسيئاً للثورة. ويبدو أنه يقوم بتهيئة الجنود لانقلاب عسكري مضاد! فاستقبل القوم الأمر بتضخيم شديد، وحسبوه تحرُّكاً انقلابياً يستهدف الثورة. هكذا كان قول أبو عيسى، فحدث ما
حدث!" (ص 88 ـ 89).
وأخيراً يختتم هذه الجزئيَّة من مذكراته بتقويم إجمالي لـ (ليلة المتاريس) قائلاً: "لكن، رغم كلِّ شئ، كشف الحدث عن استعداد جماهير العاصمة العالي لحماية ثورتها، ومقاومة أيَّة محاولة انقلابيَّة
معادية، كما كشف أيضاً حجم التأييد الشعبي الذي تحظى به الجبهة الوطنيَّة للهيئات" (ص 89).
| |

|
|
|
|
|
|
|