السودان .. أوهام التشابه و الفرار من التنوع ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 03:38 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-08-2011, 01:27 AM

أحمد الابوابي
<aأحمد الابوابي
تاريخ التسجيل: 02-08-2011
مجموع المشاركات: 837

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
السودان .. أوهام التشابه و الفرار من التنوع ..

    تحياتي ، و محبتي للجميع ..
    أسعد بأن أهديكم هذه المادة التي قمت بتقديمها أصلاً كندوة بمركز الأستاذ محمود محمد طه ، ثم رأيت أن من المفيد نشرها ، فقمت بصياغتها في مقال جزئين ..
    أرجو أن تجدوا فيها الفائدة ..


    السودان .. أوهام التشابه و الفرار من التنوع .. (1-2)

    هذه مقال يتناول واقعنا في السودان، على أعقاب الإنفصال .. يضاف إلى ذلك نزوع للتناول المفاهيمي لعنصر أساسي من عناصر الثراء، و الحيوية في السودان، ألا و هو التنوع .. التنوع الذي لم ينتقص من قيمته المعنوية، الأصيلة، أنه قد تم بتر الكثير من أطرافه الخلاقة، على إثر الإنفصال، مما قلل من تمدده الأفقي، و اتساع طيفه .. فالسودان يظل، و إن تم انتقاص عناصر التنوع التي كان يحفل بها الجنوب ، حافلاً ((بالكثير، المثير)) من أنماط الحياة السودانية المميزة، عن سائر الشعوب في العالم، و المتمايزة فيما بينها، على امتداد الجغرافيا، و الثقافات، و المفاهيم، و الفنون، و أنماط المعاش..
    و لا يزال هذا التنوع المتبقي، يطرح عين المحك القديم، و الموجب للتعايش السلمي، و التفاعل الخلاق، و المؤكد على قيمته ..
    و الحق أن التنوع، لا يكتسب قيمته، و إلزاماته السياسية، و الإجتماعية ، من حدة التباين في عناصره، و اتساع مقدار ذلك التباين، بل يكتسبه، من وجوده المعين .. فكل أشكال الحياة الإنسانية، و عناصر التنوع، لها شرعيتها الأصيلة، إلا ما قضى عليه قانون التطور بالدثور، و ما استهجنة الضمير الإنساني، بفطرته المجمعة، ففنى عن سطح الحياة .. و لذا فإننا في السودان نواجه مجدداً، نفس المحك السابق، القاضي، بضرورة التصالح مع الآخر، و التعايش معه، و قبول وجوده الممتاز، بأفق رحيب، و بصدر متسع، إنتهازاً لفرصة التنوّع النادر من أجل النمو الواعي، للفرد، و النضج البنويوي للمجتمع .. هذا و إن ضرورة التعايش، لا يحفزها فقط، ما نحب من السلام، و النمو، و النضج، بل أيضاً ما نخافه من الاحتراب، و الدمار، و الهدم ..

    البيئة العالمية الحاضرة :

    و عروجاً من ضيق المحلية، إلى اتساع الكوكبية، نجد بأن التعايش، و قبول التنوّع، و تمثله، تحتمه إلزامات الواقع العالمي الجديد، الذي حال به العالم إلى قرية صغيرة، بل إلى بيت واحد، لابد لأفراده من أن يقبل بعضهم بعضاً، و يتصالحوا .. كما أن الواقع العالمي الجديد، بما حدث فيه من السهولة في المواصلات، و الإتصال، جعل الفرد مطالباً بخاصية نفسية، و روحية، لم يكن فيما قبل، يمتاز بها إلا الرحالة، و السوّاح من الناس .. تلك هي خاصية أن يكون كل فرد مشروعاً للإنسان العالمي، ( الكوكبي )، الذي لديه القدرة على التعايش مع كل البيئات، و الثقافات، تعايشاً، إيجابياً، و تفاعلياً، و مسالماً ..
    لكل ذلك، فالتعايش مع التنوّع لم يعد فرض كفاية، بل فرض عين، تفسد الحياة بغيابه، و يضر نقصانه بسلامة الحياة الإنسانية ضرراً لا يمكن السيطرة على حدوده، فهو يبدأ بأشكال الإحتراب اللفظي، و ينتهي بدمار الكوكب، بفعل أسلحة الدمار الشامل ..

    أوهام التشابه، و إنكار التنوع :

    لقد ظل دعاة الإنفصال، في السودان، و منذ زمن يتبنون موقفاً، فحواه أن التنوع في السودان هو بصورة أساسية بين الجنوب، و الشمال .. و هذا يتصل بما بتنا نسمعه مؤخراً، من الكثيرين من أصحاب الفكر القاصر، في الشمال، الذين، عمدوا للتخفيف من هول الجريمة التي تسببوا بها في حق هذا البلد، و هي الإنفصال، فأنت تسمعهم يقولون ، في هذه الأيام، ما سعوا لجعله ثقافة، و قولاً يؤثر، من أن ( الجنوبيون لا يشبهوننا ..و خيراً فعلوا إذ انفصلوا) .. فهم بهذا القول، المعبر عن ذاك الموقف يحاولون إيهامنا بأن الشماليين متشابهون فيما بينهم، و بالمقابل، فالجنوبيين متشابهون .. و هذا، لعمر الحق محض و هم، و افتراء، يقوم على انكار ما هو ثابت من التنوع، بين الشمايين فيما بينهم، و بين الجنوبيون، كذلك ..
    و لقد مد لهؤلاء في وهمهم أن التنوّع الموجود في أرجاء السودان، يأخذ مقداراً أكبر، و صورة أوضح بين الجنوب، و الشمال .. هذا إضافة لأن الإختلاف، و التنوع بين الفرد الشمالي، يجمع كافة أشكال التنوع الثقافي في سلة واحدة، فربما كان فردين أحدهما من الجنوب، و الآخر من الشمال، متباينين، في الدين، و اللون، و اللغة، و الوضع الاقتصادي، و النوع .. الخ، في آن معاً، في حين أن فردين من الشرق، و الغرب، ربما جمع بينهما الدين، حين فرقتهما اللغة، و اللون، و العنصر .. و هذا ما أكّد تصوّر الإنفصاليين، باتساع الشقة بين الجنوبي، و الشمالي، مما أدى بهم للاعتقاد بأن التعايش بينهما مستحيل، و أنه بمجرّد الإنفصال سيجد الشمايون، و الجنوبيون بالمقابل، أنفسهم، في بيئة ثقافية متجانسة، خالية من النشاز .. و هذا عندنا وهم عريض، و رأي مريض، لن يلبث أصحابه كثيراً حتى يواجهوا حقيقته .. حيث لا تنفع المواجهة ..

    العقل الإنقلابي، و العقل لتعايشي :

    و هذا الموقف القائم على وهم التشابه هو أحد العوامل المحرّكة لما أسمياه، في مقال، نشر بصحيفة الجريدة، ب( العقل الانقلابي) .. و لقد تحدثنا في ذاك المقال عن مفاهيم شعرنا بضرورتها، في توصيف الحال المعقد الذي يمر به السودان بين يدي الانفصال، و لقد قلنا في فقرة منه :

    (( و بدءاً نقول إن أمر التعايُش في الحضارة الإنسانية، لم يكن يوما بالأمر الهين، أو الذي يُؤتَى عفواً، وإنما كان حافزه أبداً، إما التجارب الأليمة، في الاحتراب و العداء، أو الحكمة المستبقة والمتفادية، لتلك التجارب.. و في كلا الحالين، فما تعايش فردان بشريان أو مجموعتان، إلا بوعي (قل أو كثر) وقصد ... وعي بضرورة التعايُش، و وعي بالثمن المدفوع، لأجله، من رغبات كل فرد وتصوراته التي تمليها عليه (الروح الانفرادية) .. هذه الروح التي تظل كامنة في كل حالة تعايش، فلكأن في كل فرد ذلك الحنين للإنفراد، والاستئثار بالمنافع والملاذ الدنيوية ما وسعه في ذلك الوسع .. ذلك الحنين الذي يكبت، و يوارى لصالح ( الروح التعايُشية) .. و الحق أن ما يصح في حق تعايش الأفراد فيما بينهم، يصح في حق المجموعات، من شعوب و أمم إلخ ... إنك تجد أن لكل مجموعة هذه الروح الانفرادية، مع وبجانب الروح التعايُشية مع المجموعات الأخرى ... إن التجارب المجتمعية الناضجة تجعل هذه ( الروح الانفرادية) تنحصر في أضيق نطاق، ويتم التسامي بها، لتصبح معبراً عنها في صور مشروعة وصحية مثل الخصوصية الثقافية لمجموعة بشرية ما، كما وتعبر عنها وشائج (الرحم) التي تربط أبناء المجموعات الصغيرة، في ظل انتمائهم للمجموعة الأكبر ...
    ما سبق هو الصيغة الطبيعية، والمشروعة عرفاً و قانوناً.. و لعل القارئ يستنتج أن هناك صيغة غير طبيعية، وغير مشروعة .. أجل هذا ما أعنيه .. هذه الصيغة هي ما عبرت عنه سابقاً، بـ )العقل الإنقلابي) ... و به أعني ذلك النظام الفكري الكامن في نفوس المتعايشين، والذي قاعدته هي البغض للآخر، و الضيق به، و التوق للحظة التخلص من رابطة التعايُش معه ومع جميع أطراف (الكل التعايُشي) .. كما يقوم على التمرد على النظم التي تحكم العلاقة الإنسانية مع الآخر والتي تقيد نزعات الأنانية و (الإنفراد) والاستعلاء و الاستغلال .. لسان حال العقل الإنقلابي هو ( ولو أني حبيت الخلد فردا)، على سبيل التمني، دون أن يشفعها بشطر بيت المعري الرائع (لما أحببت بالخلد انفرادا.. ) ..

    و قلنا في تعريف العقل الإنقلابي :
    (و لعل القارئ يلاحظ أنني هنا أستخدم المصدر ( انقلاب) بمعنى مختلف، أوسع من المعني المتعارف عليه في الأدب السياسي وهو الانقلاب العسكري .. و أضيف بأنه في حين أن هذا المعنى يشمل الإنقلاب العسكري فهو لا يقتصر عليه، بل يتعداه إلى أنماط أخرى من (الإنقلاب) سنعرض لها في حينها ... و (الإنقلاب)، بهذا المعنى الواسع، هو أي نمط من السلوك السياسي، والاجتماعي يهدف لإجهاض صيرورة التعايُش السلمي، و فرض واقع لا يمثل إلا مصالح مجموعة بعينها (مجموعة سياسية، أو إثنية، أو أيديولوجية، أو دينية) أو مجموعات قليلة متحالفة، على حساب (الكل التعايُشي )..
    إن العقل الإنقلابي هو الوليد، ناقص التكوين، للتناقض بين (الروح التعايُشية) و (الروح الإنفرادية) ... إنه ذلك الوعد الكاذب من الروح الانفرادية لذاتها ... فلكأني به ينفث في روع صاحبه، بأن الفرج قريب، و أن هذا التعايُش (البغيض) إلى زوال .. و لكن العقل الإنقلابي ليس مجرد وعد بل هو مكر و كيد للآخر و(للكل التعايُشي) .. فإنه إن تكن الديمقراطية، و الاشتراكية والسلام والتعايُش والمدنية بكافة عناصرها، هي تجليات ( العقل التعايُشي)، فإن الإنقلابات العسكرية، و نزعات الإنفصال، و القطيعة، و الإستعلاء والعنصري و الديني، و الحروب والإستيحاش بكافة ملامحه، هي أبرز ما تجود به قريحة ) العقل الانقلابي) ..)) .. انتهى..
                  

10-08-2011, 01:29 AM

أحمد الابوابي
<aأحمد الابوابي
تاريخ التسجيل: 02-08-2011
مجموع المشاركات: 837

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: السودان .. أوهام التشابه و الفرار من التنوع .. (Re: أحمد الابوابي)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السودان .. أوهام التشابه و الفرار من التنوع .. 2-2

    و الحق أن ما تؤدي إليه سيطرة أوهام التشابه هو في نهاية الأمر، إنكار للتنوع الذي تحفل به المكونات التي زُعم في حقها التشابه، هذا الإنكار الذي بالضرورة، يرتكز على سيطرة عنصر معين إثني، أو ثقافي، شاء له غروره أن يرى تماهي العناصر الأخرى فيه، و بالتالي غياب وجودها المنماز .. و مما لا ريب فيه فإن هذا الإنكار، هو الذي يؤدي في مراحل قادمة إلى صحوة العناصر المنكرة ( المقصاة )، و ثورتها، لتنتج حلقة جديدة من حلقات الصراع، و الاحتراب ..
    و ما يمكن أن نخلص إليه هو أن التنوع في السودان، بين أجزاء الشمال، فيما بينها، و ما بينها، و الجنوب يختلف اختلاف مقدار .. و لذا فمن الحكمة الاعتراف بالتنوع، و التصالح معه، بل، و الاحتفاء به، بدلاً عن إنكاره ..
    المؤتمر الوطني، و ألعوبة التشابه :
    إن المؤتمر الوطني تنظيم بلا ثوابت .. هذا ما يتضح لكل مراقب يقظ .. و يصدق ذلك في وصفنا لتوجهاته السياسية، كما يصدق في منطلقاته الفكرية .. فهو تنظيم كان يسعى فيما مضى للوصول للسلطة، و من بعد ظل يسعى لاستدامتها بكل طريق، لاعباً بكل التناقضات، في سبيل البقاء لأطول وقت ممكن .. و لأن السلطة هي إلهه الأوحد، فأنت تجد أن الإجابة على التساؤل حول الهوية، و بناء تحالفات راسخة بناءاً على هذه الإجابة أو تلك، تجد أنه آخر ما يهتم به .. إن العلاقة مع الآخر، عند المؤتمر الوطني، هي ألعوبة، (الجوكر)، فيها هو (استدامة و تمكين وجوده في السلطة ) فقط .. لذا فأنت تجده حيناً يتجه إلى تصوير الصراع الراهن على انه ديني فيذهب، ليتحدث عن ( أهل القبلة)، و يؤكد انحيازه للمسلمين دون غيرهم، و عندما يحتاج لتحالف أكثر اتساعاً، يتحدث عن الديانات الكتابية، و ( لا ينهاكم الله عن الذين يوادونكم ) .. و عندما يشعر بالتضييق عليه من الخارج، يقوم باستقطاب التعاطف الداخلي .. حينها، تكون الوطنية، و وحدة التراب، و سيادة الوطن، و حرمة ترابه، هي النغمة الأثيرة لديه.. و الأغرب هو أنه رغم حرصه على تمييع الخلاف بين السنة، و الشيعة، و اتخاذ موقف مخاتل، يزعم له الحياد تجاه الأمر، يشرع من حين لآخر في مغازلة الحس ( السني ) عند الجماعات السلفية، فيطلق أيدي المتطرفين السلفيين، ليتربصوا ببعض الشخصيات المتهمة، بالتشيع، كالنيّل أبو قرون مؤخراً .. هذا رغماً عما يبدو من تحالفه الراسخ، مع قبلة التشيع السياسي، ( إيران)..
    و لذا فإن موضوع التشابه المزعوم، سيستمر، في التغيّر، و التبدل وفقاً للمصلحة السياسية الراهنة ..
    و لعل مما يستحق الذكر، هو أن تصوّر المؤتمر الوطني للسودان، و للهوية السودانية كان، وما يزال تصوراً نيئاً، و مخاتلاً .. فمن أطرف، بل أسخف ما سمعنا في الفترة السابقة، هو أن البرلمان، قد أجاز قراراً، بإعطاء دينكا أنوك الجنسية السودانية، إذا ما تُبعت أبيي إلى الشمال .. و كان ذلك بعد بروز انتقادات لسحب الجنسية منهم، عقب الانفصال، رغم زعم الحكومة بشمالية أبيي.. و رغم أني لست ضد منح دينكا أنوك الجنسية السودانية، إلا أني أتساءل، عن ما هو المبرر الذي يجعل دينكا أنوك تحديداً، شماليين، و ينزع الصفة من ألوف الجنوبيين الذين ولدوا في الشمال، و ارتبطوا به، عملاً، و وجداناً .. ذلك يدلك على ما ذهبنا إليه من عدم نضج تصوّر المؤتمر الوطني، للهوية، وانتهازية رؤاهم حول التشابه المزعوم في الشمال، و الاختلاف بين الشمال، و الجنوب ..

    ميلاد دولتين عنصريتين ..

    الحق أنه رغم كل المسوقات التي تقدم للانفصال ،و رغم تعاطفنا مع اخوتنا الجنوبيين الذين لم يجدوا منا، في الشمال سوى الكثير من الذكريات المظلمة التي انمحت في تيارها كل تلك المظاهر الصادقة للتعايش الانساني، الذي كان يتم في الحياة اليومية التي لا تميز بين انسان و إنسان إلا وفق الخبرات الإنسانية الإيجابية، حيث لا يفضل صانع أخيه إلا بالمهارة، و لا يفضل تاجر صنوه إلا بالأمانة و السماحة بائعاً، و شارياً .. قاضياً، و مقتضياً .. رغم هذا التعاطف، و احترامنا لحلمهم الذي اتخذوا له عنواناً مؤثراً، و جاذباً، و هو الاستقلال، و حشدوا له أنفسهم سياسياً، و وجدانيا، حتى يأتي موكداً و جامعاً كما نراه الآن .. رغم كل ذلك فإن الحقيقة التي لا مجال لانكارها، هي أن ما تم هو فشل لنا جميعاً في الارتفاع لمستوى العصر، تعايشاً، و تصالحاً مع التنوع، و استثماراً له، لخلق وطن عظيم .. إن المتابع للحوارات الجارية لفصل السودان ( ديمجرافياً)، و و (جغرافياً )، يلاحظ بأنه لن يتم هذا الفصل إلا على أساس عرقي، و عنصري ..، فإن الإتجاه لسحب الجنسية، من شماليي الجنوب ،و جنوبيي الشمال، لن يكون ما لم يتم التركيز على العرق، بعيداً عن ما هو متعارف عليه عالمياً، من المعايير التي تجعل المرء ينتمي لوطن ما، كالميلاد، و التزاوج، و غيرها .. و الناتج في النهاية هو دولتين عنصريتين، يرتبط المواطنين فيهما، بروابط ( نيئة )، و غامضة، تعتمد على أوهام التشابه .. هذا التشابه الذي قلنا عنه في مقال سابق، هو ( السلام، و مكائد العقل الانقلابي) : ((و لكن (العقل الإنقلابي) في الشمال قبل الجنوب، قد بيت النية، وعقد العزم، و حدد أعداءه، و ظل يحلم زماناً مديداً، بجنة خلدٍ، يعيش بها،، فرداً، مع من صوّر له خياله أنهم على شاكلته ... و لكن قف !!!... إنتبه !!!... نحن لسنا في عام 1983 مثلا، لنتخيل أن المشكلة مشكلة جنوب، في مقابل الشمال .. هاهي مأساة دارفور ماثلة للعيان، شاهدة على أن (من هم على شاكلتك ) كما تتصور، قد لا يكونون كذلك .. إن تجربة الإنقاذ و ما أذاقته لهذا الشعب من التنكيل ليس بالأمر الذي يغيب عن بال القارئ الحصيف .. إن ما ذاقه أهل الشمال من التصفيات، و العسف، و التعذيب في المعتقلات، و التشريد من الخدمة المدنية، أذاقهم إياه من هم على شاكلتهم، من زبانية الإسلام السياسي، والثقافة (الإسلامو-عربية) ... ثم أن ما تم من مفاصلة، في داخل الحركة الإسلامية، و ما تم على رؤوس الأشهاد من كيد الأخ لأخيه، و إقصاء (التلميذ، لشيخه)، لهو مما يؤكد ما ذهبنا إليه، و قديما قيل : ليس كل ما يلمع ذهباً ... فانتبه ....)) ..

    واقع الأمر أن الانفصاليين من منبر الدمار الشامل، لن يقفوا بمساعيهم الأحادية عند انفصال الجنوب بل لن يهدأ لهم بال حتى يتمزق السودان شبراً شبراً، إراقة لماء التنوع، الأكيد، طلباً لسراب تشابه لا يقوم إلأا في عقولهم الواهمة .. و لقد قرأت مؤخراً لافتة معنونة بمنبر السلام الشامل، نصها : (( معاً لتطهير السودان الشمالي من المغول الجدد)) .. فما يبدو أننا متجهون للمزيد من المهالك .. ألا رعى الله شاعرنا الحردلو حيث قال .. كلما قلنا نجونا، ألقت الأرض مزيداً من مهالك .

    و نخلص من كل ما سبق، إلى أن الإنفصال ليس هو نهاية التنوع في السودان، و ليس حلاً لمشكله .. بل الحل هو مواجهتنا في الشمال، و الجنوب، عبر جولة جديدة من التفاعل، لهذا النهج الأحادي، الذي يعبر عنه دون حياء ( منبر الدمار الشامل )، و أنصاره في الشمال، و أشباهه، في الجنوب .. بهذه المواجهة الواعية، و الصارمة، لا بغيرها، يمكن لفجر جديد أن يشرق على هذا البلد المنكوب، و الآيل للتشظي، ولن يضيرنا حينها إن ظللنا بلدين مستقلين، و أو عدنا لوحدتنا المفقودة، أو توصلنا لأي صيغة أخرى للتلاقي، الذي سيكون حتماً مقضياً إن تسامينا ،عن الأحادية، و الشمولية، و تركنا وراء ظهورنا كل منبر يدعو للأحادية، و الدمار.. و نقول لهم إن التنوع الذي تفرون منه سيظل يطاردكم، من كل صوب، و لو كنتم في بروج أحادية مشيّدة ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de