بعد ما يَقْرُب الاثني عشر عامًا ذهبتُ في إجازةٍ قصيرةٍ إلى السّودان في الأيّامِ الْمَاضية ، لفترةٍ لم تزدْ عن بضعٍ وعشرينَ يومًا ، وللأمانة ، كان في ظنّي ألا أتعرّفَ على بلدي من جديد ، بحسبِ ما تناهى لسامعتيّ من تطوُّرٍ ورُقيّ ! ، لكن ! وللأسف ، أظُنُّه هو الّذي لم يتعرّفْ إليّ !! ..
وثمّةُ أشياء لفتتْ نظري وأنا أتجوّلُ ببعضِ الْبِقَاعِ في بلدي الْحبيب ، وَدِدْتُ أنْ أٌشْرِكَكُم فيها ، وهي كما يقولُ مَنْ يمتهنون كتابةَ أجندةِ الاِجتماعات :"على سبيل المثالِ ، لا الْحَصْـر ":
09-22-2011, 08:55 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
- وقد تصادفَ أن جلستُ في " بوكس قديم " إلى جوارِ أحدِ الْمُثّـقّـفين الكِبَارْ ، يُسمّى "الطّيّب" من إحدى قرانا بالْمنطقة أظنّها " ود بتّرو " ، الرّجل أفاض علينا من علمِهِ الْغزيرِ حولَ أوْضاعِ البلدِ والإهمالِ الْمقصودِ من قِبَلِ مركزيّةِ الْقَرار على الْمنطقة ، وعن نفسي لم أجدْ قصّةً غيرَ قصّةِ الْغُبارِ لأحكيها له ، فضحك لأجلِها كثيرًا مُجاملا إيّايَ ، وتناقشنا عن أمورٍ عدّة ، وجدتُه زميلَ دراسةٍ لأحد أعمامي ، سألني عنه بضعةَ أسئلة ، وكانت إجابتي كالتّلميذِ الّذي لم يحْضُرِ الدّرسَ ولم يَسْتذكرْه جيّدًا من قبلُ ، لأنّني كنتُ على إلْمَامٍ كافٍ بأخبارِ أعماميَ الآخرين ، إلا عمّي الّذي سألَنيـه ! ، بعدَها سألني عن آخرَ ، فكنتُ حاضرَ البديهةِ في إجابتي الأخيرة ، وذكرتُ له كثيرًا من الطُّرَفِ حولَ الشّخصِ الْمَسؤولِ عنه ، ومن ضمن تلك القصص الّتي أضحكتْه قصّةُ عمِّـنا أبي سلوى ( حسن ) ، حين كان يتعلّمُ قيادةَ السّيّارات بجانبِ منزلِهم في الْقرية ، فرجعَ بسيّارتِهِ إلى الخلفِ ، بدلا من أنْ يقودَها إلى الأمام ، فكسَرَ ( حيطة ) الْجيران ، فخَرَجتْ عليهِ صاحبةُ المنزلِ صائحةً :
-" أوبْ عليّ ، أوبْ عليّ ، أبْسلوى كسّرْ حيطتنا " . فأخرجَ عمّنا أبو سلوى رأسَهُ ، ونظرَ إليها في غَيْرِ اكتراث وكأنّه ابنُ عشرِ سنواتٍ في القيادة ، مُجيبًا إيّاها ببرودٍ شديد :-" يا حاجّة ما تقولي الحمد لله ، بركة ولدنا حسن اللّتعلّم لينا السّواقة" .
فأفاض الرّجل في الضّحك والإشادة بما أقول ، فقلتُ في نفسي عسى الأخيرة تمسحُ لي خَيْبتي الأولى ، ثُمّ نزلَ منّا قاصدًا ناحيتَه ، وتركنا لذلك الْغُبارِ الّذي يجعلُك تنظرُ إلى مَنْ تُحادثُه وكأنّك تُشاتمُه بعينيْك ، اللّتين تَظهرانِ للرّائي القريب بنصف افتتاح .!.
* *
09-22-2011, 09:11 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
-ذهبتُ إلى عدّة مدن وقرى لأزور أقاربي وأهلي هناك ، من بينها : رفاعة – الحصاحيصا – الخرطوم المثلّثة - تورس - سليم - شندي - بانت - حوش بانقـا - زملائي وزميلاتي المهندسات والمهندسينَ بأماكن أعمالهم ..... إلخ .. إلخ ، فاندهشتُ كثيرًا لمّا وجدتُ أنّ مياه الشّربِ مالحةٌ في جوانبَ من قريتيْ : " حوش بانقا وبانت الأحامدة " ، ووجدتُ بعض النّاس هناك يُرسلون "المُرسال" لكي يأتيهم بالمياه من سوق مدينة شندي ، وذلك كما كنّا نفعلُ قديمًا ، حين يُريدُ أحدُنا قراءةَ جريدةٍ لا تُقدّم ولا تُؤخّر، فنُخبرُ أحدًا من المتسوّقين كي يحملها لنا معه من سوق الحصاحيصا ، فاستغفرتُ ربّي كثيرًا لأحدِ أقاربي الّذي أودى الفشلُ الكُلَويُّ بروحه قبل زمنٍ دون أن يعيَ من أمرِ مرضه شيئًا إلا في الآونةِ الأخيرة !! ، فتأمّل ثانيةً سيّدي القاريء أطال الله بقاءَكَ على المياه الصّالحة ، وإن وجدتها فأرجو أن تَعَضَّ عليها بناجذيْك !! .
09-22-2011, 09:14 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
- كنتُ أسألُ كثيرًا ممّن قابلتهم عن أحوالهم ، وعن طرق معاشهم ، فقد كانت تدور في داخلي فكرةُ الاستقرارِ بدلا من " شَلْهَـتَـة " الغربة ، فنصحني كلّ الأصدقاء – عدا أهليَ المقرّبون - بأن أمُدّ أرجُلي في الْغُربة دونَ رجعة ، وأمّن أحدُهم على ذلك قائلا في جملةٍ مَفادها :" ولو أنّك وجدتَ طريقة لأن تَلْقَى حتفَك هناك .. فافْعلْ ! ، ذاك أفضلُ لك من الْعَوْدةِ إلى غُربةِ الْوَطن !.
* *
09-22-2011, 09:15 PM
abubakr salih
abubakr salih
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 8834
- سألتُ إحدى جدّاتي عن أحوالِهم ، وهي لا تعلمُ من أمرِ السّـياسةِ شيئًا ، فقالت لي : -" والله ممّا جونا النّاس ديل قسّوها علينا قساوة شديدة خلاسْ آولدي " .
فخِفْـتُ على جدّتي من أن يعتقِـلَها لسانَهَا ، بعدَها استنتَجْتُ – ضِمْـنًا - علاقةَ الْمعيشة بجدّتي !.
* *
09-22-2011, 09:31 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
- رأيتُ وسمعتُ كثيرًا من الْمُواطنينَ يَلعنون "سلسفيل " ذوي الْقَرارِ في غير هَوَادَة ، فعلمتُ أنّ الاقتراعَ الأخيرَ كان مُجرّدَ لُعبةٍ ساذجة ، كألعابِ طفلي الصّغيرِ رخيصةِ الثّمن ، والتي تتكسّرُ بعدَ يَوْمينِ اثنينِ فقط ، هذا طبعًا في أطْوَلِ أعمارِها ! ، فتأمّلْ عزيزي القاريء ، ولك أيضًا ألا تتأمّل ..!.
09-22-2011, 09:35 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
- زُرتُ سوق أم دفسو وسوق خليفة ، وسوق صابرين بأم درمان ، واتّجهتُ إلى الإسكانِ والقريةِ لأقارب لي هناك ، ولاحظتُ النّاسَ لاهثينَ ومنهكين وكادحين حولَ فتاتِ الْمَعايش ، يُسابقون أنفسَهم كي يصِلَ أحدُهم إلى أحدِ مقاعدِ " الْحافلة " ، الّتي يَقصِدُ سائقُها عدمَ التّوَقُّف ، والنّاسُ تَلْهثُ خلفَه ، رجالا ونساءً ، يَدخلونَ إلى " الْحَافلة " لا من أبوابِها كما يُخيَّلُ إليكَ وإليّ أيْضًا ، بلْ من شتّى الْمَنافذِ الْمُتاحةِ لإدخالِ نفسِك أو إدخالِ كيسٍ تحْجزُ به مقعدًا ، لا يَهُـمُّ أين يقعُ مكانُه ! ، ولصعوبةِ تلك الطّريقة في الْحَجز ، أوْكَلتُ تلك المَهَمّة لأخي الأصغر ، ولسببيْن غيرِ وَجيهيْن: لكونه يجيدُ مهنةَ الْجَري أكثرَ منّي ، ولأنّي خشيتُ على ملابسي من الاتّساخ ، رغم أنّي كنتُ لابسًا لها لثلاثِ أيّامٍ خلتْ ، أضفْ إلى ذلك أنّ هناك حَصَاةً صغيرةً كانت بداخل " الْمَركوب " الّذي كنتُ أنتعِلُه ، فمنعتني حتّى من السّيْر بخُطواتٍ متّزنةٍ ، ما بالُكُم من جَري لأمتارٍ عديدة ، اللهُ لأُؤلئك النّساءِ اللائي لا يَقْدرْنَ على الرّكْضِ أوالسّباقِ الإجباري ، وأظنّهُنّ لو تَمنّيْنَ شيئًا في هذه اللّحظة لَصِحْنَ بصوتٍ واحد : " نُريد أن نكونَ رجالا ! "، ثُمّ إنّني لاحظتُ أنّ بعضَ الشّبابِ لهمُ مآربُ أُخرى وراءَ هذا السّباق ، وغالبُ ظنّي أنّها لن تغيبَ عن فطنتِكُـم ، فتُعسًا لتلك الشِّرذمة منهم ..! .
**
09-22-2011, 09:47 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
- قابلتُ جَدّي : أحمد ود علي ودّ الشيخ ، الموسوم في ناحيتنا بـ " بانت " غرب شندي بـ " أحمر عين " ، أخبرني عن أهلي هناك وعلاقاتِهِم وأنسابِهِم ببعضِهِم ، فكتبتُ منه جانبًا من تلك الأْنسابِ المتفرّقِ أهلُها في أنحاءِ الحَضَـرِ والبادية ، حكى لي عن شبابِهِ وتَجْوالِهِ خلالَ الْبَوَادي والْقُـرى ، وما إلى ذلك من أيّامِ صباه ، وهو شاعرٌ وفنّانٌ معروف لدى أهلينا هُناك ، يعدِلُ الْعَظيمَ وردي تَمامَ الْعَدْلِ عندَ كثيرين منّا ، أسمعَني غِناءً وعَزْفًا برَبَابتِه تلك ، وشعرًا ونثرًا ممّا يحفظه ويكتبُه ، فطربْتُ لذلك كثيرًا ، وأقاموا الدّنيا ولم يُقعدُوها حين أخبرتُهم برحيلي ثانيةً إلى دُنيا الاغتراب ، فضجّتْ " رَبَاباتُهم " بالْعزفِ ، وأصواتُهم بالشّدو ، مُودّعينَ إيّايَ في ليلةٍ بهيّةٍ ، حامتْ فيها حولنا الأكؤسُ بالشّاي " الْمقنّن " ، والصُّحونُ بالزّلابية الّتي يَحُفّها السّكر من أسفلِها وأعلاها ، وأنا وقتَها فرحٌ مسرور ، رُغمَ إخفائيَ الدّموع .. !.
* *
09-22-2011, 09:49 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
- تغيّرت أساليب الكلام عند بعضهم فصاروا يستخدمون بعض المفردات المسكينة في غير مكانها ، ومن المفردات الدّارجةِ الّتي رثيتُ لحالِهَا كثيرًا من شدّةِ تَداوُلِها على الألْسُن ، مفردة ( يلا ) مُشدّدة اللام بقوّة ، والتي وجدتهم يقولونها بين كلّ جملةٍ وأُخرى ، بمناسبة ودون مُناسبة ، وكأنّها أداةُ استدراكٍ عندهم ، ولو أنّها أتتني من ( حنكوش ) أو ( حنكوشة ) لعذرتهما ، لكنّها أتتني من ( غُبُش ) أمثالي ، أصابتْهُمُ المدنيَّةُ فباتوا يَلوكونَ كلامَها ، وهو ما حدا بي لأن أظنّ أنّ مَنْ تلمّستُها منهم سريعو التأثّر بالكلمات المنتشرة دون أن يدقّقوا في صحّة استخدامها ومواقعها من بين المفردات ، كما أنّ بعضهم ما يزال صامدًا لم تخدشْهُ المدنيّة ، ولم تُصبْهُ في مقتلٍ من لهجته ، ولم يتأثّرْ بها البتّـة .
* *
09-23-2011, 07:20 AM
عمر عثمان
عمر عثمان
تاريخ التسجيل: 08-04-2008
مجموع المشاركات: 1583
- كانتِ النّساءُ قديمًا يُحبّذْنَ أن تكون أجسامهنّ ممتلئةٌ جدًّا ، وكانت تهتمّ كلّ واحدةٍ منهُنّ بتسمينِ جسمها ، ظنًّا منها أنّ المرأةَ السّمينةَ أفضلُ بكثيرٍ من الرّشيقة والنّحيفة ، وكُنّ يستخدمنَ لأجلِ تلك السُّمنةِ الكِسْرةَ الْمَخْلوطةِ بـ " الطّحنيّة " ، أو فيما يُسمّى عندنا بـ " العُكَارة " ، وكنّا نحنُ كثيرًا ما نُشاركهُنّ " جاقمين " معهنّ تلك الْوَجبةَ الّتي تَنْضَمُّ – في تقديري - إلى عائلةِ السّوائلِ والصلابةِ في آن ، بما يسمحنَ به لنا حين حضورِنا فجأةً ، أو حين نشهدُ إخراجَها والْفَـراغَ من ترتيبِها من وراءِ جُدُرِ المنزل ، ولكن ! يا لتَعَاستِـنا ، فبرُغْمِ شُرْبنا لها ، لا تغشى السُّمنةُ أجسادَنا ! ، وكأنّها تعي وتَعرف أنّنا لسنا المعنيّين بها ..! وعلى الرّغْمِ من أنّي لا أُحبُّ الأجسادَ الْمُترهلةَ و " الكروشَ " الْكبيرة ، لأنّ السُّمنةَ تُورّثُ صاحبَها الأمراضَ المُصاحبةَ لها ، لكن في يقيني القاطعِ أنّ سُمنةَ " الْعُكَـارة " تَبدو طبيعيّةً وأصحَّ وأفضل في نظَري ، وعادةً ما تُوصي بعضُهُنّ بعضًا ، خاصّةً الّتي هي حديثة عهدٍ بهذا الشّراب :
-" هوي ياختي : أشربي لمّنْ مُصرانِك يِطَقْطِقْ ، وكان مُصرانك طقطق تاني وحات ود حسونة النّادر ، إن شربتي الجردل جت عليهو ما بتشبعي " .
تلك وصيّة باتت كالأوراد اليوميّة معروفةً ومحفوظة لدى جمْعٍ غفيرٍ منهُنّ !. لكن ! ، وبكلّ أسف وجدتُ صديقتي " الْعُكَارة " أكلتْ في خاطِرِها ما أكَلَتْ ، ولَمِسْتُ أنّها غاضبةٌ جدًّا من التّقدّم الْكيميائي هناك ، إذ هجرتْها النّسوة إلى بديلٍ آخرَ ، أسرعَ منها شأوًا وأثرًا على الجسم وهو ابتلاع " حبوب النّجمة " ، أوِ الْحَقْن بما يَعْدِلُ مفعولَها من مواد ذاتِ تركيبٍ كيميائي ، وعلى إثرِ ذلك باتَ بعْضُهُنّ يتنادى :
-" حبوب النّجمة تخلّيك قَدْر الهَجْمة .. " ..
فهذا يحدُثُ حين ابتلاعِ إحداهُنّ لهذه الْحبوب ، أوْ الْحَقْنِ بها ، ما يجعلُ جسمُكَ ينتفِخُ من ليلةٍ واحدة ، فيتفاجأ كلّ مَنْ يراك صباحًا ، لذلك انتَحَتْ بعضُ النّسوةِ في تسميةِ هذه " الْحُبوب " بمُسـمّياتٍ تحمِلُ شيئًا من الطّـرافة ، وذلك بقَـوْلِـهِـن : -"الجيران اِتفاجأوا" .. -"تُشاهدوا غدًا" .. -"والتّقيل وَرَا .. أو مش عارف إيه !" .
فهي مُسميّاتٌ وإنْ بَدَتْ لنا طريفةً بعضَ الشّيء ، لكنّها في تقديري مُميتة ، ويكفي أنّها تُدخلُ الدّهشةَ على الْجيران ، حينَ رُؤيتِهم لإحداهُنّ صباحًا ، على غيرِ ما كانتْ عليه في أمسِها الْقريب ..!.
**
09-23-2011, 07:43 AM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
وبعضُ النّاسِ طَفِقَ يُصدّق كلَّ ما يُرْمَى لَه من دعاياتٍ على الْعبوة ، والّتي من على شاكلة :
- " Naturally contains "
و
- " Food you can trust "
فأيُّ مُحتوًى وأيُّ مُكوّنٍ وأيُّ عُشْبٍ طبيعيٍّ ، وأيُّ غذاءٍ هذا الّذي يُريدونك أن تَتَجَرّعَهُ وأن تثقَ به ، وهو يجعلُكَ كالدّيناصور الضَّخْم ، فقط ، ما بينَ ليلةٍ وضُحاها ..!؟؟.
فاندهَشْتُ غايةَ الاِندهاش لمّا وجدتُ كثيرًا من بناتِنا حَدِثاتِ السّنّ ، قد كبُرتْ أجسامُهُـنّ ، والْتصقتْ رقابهنّ بأك - تا - فِهِـــــ - نّ ، وباتَ وصفُ المرأة بـ : ( بعيدةُ مَهْوى القُرْط ) ، ضربًا من سَذَاجـةِ الأقدمين ، وها هوَ اليومَ قدِ انعدمَ الْمَهْوَى لبعضِ بناتنا ، وكأنّ الواحدة تُريدُ أن تنتميَ إلى جيلٍ ليسَ لها فيه من سبيل ، اعتمادًا منها على السّلوكِ الْغذائيّ الْخَاطيء ، أظنّه قدِ انتهى عصر الرّشاقة والقَوَام الإنجليزيّ الّذي كانتْ تتمثّله وتتحدّثُ به كثيرٌ من النّسوة هناك ، وصارَ بَعْضُهُنَّ ، كما نَقُولُ على دارجةِ الْقَول : " مَدَبْلَبَة " ، أي : إن قابلتْك إحداهُنّ بوجهِهَا ، فسيّانَ عندك في الرّؤية إن هيَ أشَاحتْ بوجهِها وأعطَتْكَ ظهرَها ذاهبةً عنك ..!.
هكذا يا أنا أخذنا الخروج النهائي من هناك لا قِبل لنا بعد أن تمكن منا الشقاء والحنين بأن نضف إليه حنين الشقاء وجدنا في تربية الحنين فضلاً أكثر من معافرة الشقاء وبخاصة أن من يربون الحنين فيهم وقد طال به الأمد حتى كبر وكبر وكبر لن يكون بمقدورهم الإياب بالزمان إلى سابق عهده فقد مضى الزمان وتبدلت الأحوال
ثم ألم يقال في التسفار سبع فوائد نحن قد بدأنا نستكشف ذلك وسنواصل فيما يستكشف الناس هناك معنى أن يضيعوا الديار وهم فيها واحدة إثر واحدة
قاتل الله الحنين فلن يبله البتة الإياب ولن يهدأ في الغياب
قاتل الله الحنين
وضعنا في المكان وبالجوار يا أنا عسى أن نتخلص منا وإلينا نعود
09-25-2011, 11:13 AM
ابو جهينة
ابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22492
- تغيّرت أساليب الكلام عند بعضهم فصاروا يستخدمون بعض المفردات المسكينة في غير مكانها ، ومن المفردات الدّارجةِ الّتي رثيتُ لحالِهَا كثيرًا من شدّةِ تَداوُلِها على الألْسُن ، مفردة ( يلا ) مُشدّدة اللام بقوّة ، والتي وجدتهم يقولونها بين كلّ جملةٍ وأُخرى ، بمناسبة ودون مُناسبة ، وكأنّها أداةُ استدراكٍ عندهم ، ولو أنّها أتتني من ( حنكوش ) أو ( حنكوشة ) لعذرتهما ، لكنّها أتتني من ( غُبُش ) أمثالي ، أصابتْهُمُ المدنيَّةُ فباتوا يَلوكونَ كلامَها ، وهو ما حدا بي لأن أظنّ أنّ مَنْ تلمّستُها منهم سريعو التأثّر بالكلمات المنتشرة دون أن يدقّقوا في صحّة استخدامها ومواقعها من بين المفردات ، كما أنّ بعضهم ما يزال صامدًا لم تخدشْهُ المدنيّة ، ولم تُصبْهُ في مقتلٍ من لهجته ، ولم يتأثّرْ بها البتّـة .
وقد لاحظها أيضا الأستاذ الكبير محمد سليمان في برنامج نجوم الغد وذكرها لإحدى المتنافسات في البرنامج والتي إستعملت الكلمة في سياق حديثها.
أعتقد غير جازم بأن إستعمال كلمة يللا في سياق الحديث العامي يصدر بسبب نفسي بحت، وذلك حين يكون المتحدث غير واثق تماما من أن حديثه سيلاقي إستحسانا من المتلقي أو المستمع، فيحثه على مواصلة الإستماع بكلمة ( يللا ) ، أو هي كلمة تأتي متوسطة الحديث لتحفيز المستمع للإنصات والمتابعة.
هناك كلمة تعادلها في المفردة العامية ولا تزال متداولة بين أهل الهامش وهي كلمة ( أها ) ...حيث يقول لك أحدهم ... خبطت الباب لامن فترت، أها كنت داير أرجع ، بس الولد فتح الباب ... إلخ ... أو تعادلها كلمة : ( بس ) ... في بعض المواضع ....
أعتقد أن عجلة الحياة وتروسها التي تطحن الناس تجعلهم يتفنون في إستحداث بعض المفردات التي تتكون متنفسا لهم من بعض البؤر النفسية في دواخلهم، وتجعل من بعض المنغصات أمرا يمكن تجاوزه إلى حين. كلمات كثيرة أخي محمد دخلت قاموس العامية وكلها تصب في (حرفنة) هذا الشعب لينسرب بين منعطفات أزماته.
واصل
09-29-2011, 08:26 PM
محمَّد زين الشفيع أحمد
محمَّد زين الشفيع أحمد
تاريخ التسجيل: 03-21-2007
مجموع المشاركات: 1792
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة