وطن وياله من وطن ..أراض خصبة بكر ، وشعب متنوع الإثنيات والثقافات ، واجه منعطفات تاريخية متنوعة بدء بمحنة الوجود التركي المصري ، ودولة الدراويش المهدويين وانتهاءً بالاستعمار الإنجليزي المصري ، والذي يعود له ما يسمى تأسيس السودان الحديث ، والاخير أسهم إسهاماً كبيراً في خلق بؤر الصراع ، حيث أجج القبلية والعنصرية وقرب من يشاء وباعد من يشاء حتى المدنية المعنية لم تتسرب إلى ريفه القصي فأزمة المركزية نشئت حيث رسم المستعمر المدن التي أراد ..ولم يسهم العنصر الوطني إلا في الوظائف الوسطى وبعامل الوقت ومع خروج المستعمر ، أصبح أصحاب الوظائف الوسطى هم قادة الدولة مستصحبة معها كل براثن المستعمر ومخلفاته ، ولم تكن الاحزاب السودانية ناضجة فكراً وممارسة لإدارة قطر بحجم قارة ، فالحكومات الوطنية لم تكنن افضل من الاستعمار في ممارساتها ، فالإنقلابات العسكرية أكلت الاخضر واليابس ، والشقاق والخلاف والتناحر أفرز أزمة يصعب التكهن بمداها إلا مزيداً من التشظي ، ولو جردنا الإخفاقات لسلمنا بأنه من المستحيل إيجاد مخرج وحلول تحقق التعايش السلمي والتسامح الاجتماعي الذي تميزت به الشخصية السودانية العامة ...ولو نظرنا لواقع اليوم لوجدنا أنه إفراز طبيعي لحال الأمس ، فهاهو الظلم الاجتماعي والشعور بالدونية أولد احتباساً حتى قسم البلد إلى فسطاطين ، والبقية تنتظر ، وهاهي الجبال والنيل الأزرق وتلك دارفور ..وهنا في وسط السودان احتقان كبير أرض خصبة معطلة تتجاذبها الأهواء ، أرض يباب ومشاريع خراب ، مطاحن ومصانع قد تعطلت ، وفرقة وشتات ، وضياع للحقوق هنا وهناك وإفساد وفساد في كل مصلحة وإدارة ، فما يدور في مخيلة أهل الحكم أنهم أنقياء أتقياء ، وأن كل شيء على ما يرام كأنما التبس عليهم مثالية الدين في العقل الباطن دون إنزالها على سلوكهم وأكسبوا أنفسهم قدسية أشبه بحالة إنفصام الشخصية ، فالدولة السودان الشمالية اليوم حتى تتعافى من كل ما أصابها ، نحتاج لوصفة ناجعة لربما لا تعجب أهل الحكم أو الأحزاب القائمة ، فالمعالجة الأولى في رأي هو حل أجهزة الدولة القائمة ، بضمان حقوق الدولة والأفراد والمحاسبة القضائية لمن تثبت تورطه في قضايا فساد أو ثراء مشبوه أو التغول على ممتلكات الدولة أو أية ممارسة ترتب عليها ضرر عام أو خاص ، ثم الاتفاق على فترة إنتقالية تهيء فيها الأحزاب أنفسها لخوض إنتخابات حرة نزيهة وبناء دستور يتم التراضي عليه من الجميع ورد المظالم إلى أهلها واعتماد نظام حكم يضمن سلامة ووحدة أراضي السودان ويحقن الدماء ويضمن للأجيال القادمة وطن مستقر يقوم على المؤسساتية ويؤمن بالتعدد الثقافي دون فرض أجندة خاصة او وصاية من مجموعة إثنية على أخرى ..وإلا فالأزمة تولد أزمة وسنصحو يوماً ولن نجد وطناً ، بل مجموعة دويلات تقوم على الثقل الإثني والقبلية فدولة في شمال السودان من شمال الخرطوم إلى حلفا ودولة في الشرق ودولة في الجزيرة وسنار ودولة في كردفان ودولة في دارفور ، وسينفض السامر وكل أرض ستشرب نداها ..
09-11-2011, 04:10 AM
ناصر احمد الامين ناصر احمد الامين
تاريخ التسجيل: 03-29-2009
مجموع المشاركات: 2913
أوجزت و كفيتو أوفيت. شكرا عزيزي عبدالرحمن علي المقال الرائع هذا و الذي بدورة قد يقود الي نقاش و سجال و اراء، و هو المطلوب.
Quote: ثم الاتفاق على فترة إنتقالية تهيء فيها الأحزاب أنفسها لخوض إنتخابات حرة نزيهة وبناء دستور يتم التراضي عليه من الجميع ورد المظالم إلى أهلها واعتماد نظام حكم يضمن سلامة ووحدة أراضي السودان ويحقن الدماء ويضمن للأجيال القادمة وطن مستقر يقوم على المؤسساتية ويؤمن بالتعدد الثقافي دون فرض أجندة خاصة او وصاية من مجموعة إثنية على أخرى
هنا لب القضية و حلها. انا شخصيا اري بأن اعداد الدستور الموصف اعلاه هي الخطوة الاولي و الأهم. نريد دولة قودها نظام اقتصادي بحت لتتم حركة التعمير و النهضة الحقيقية. و دولة سياستها السلم مع الجميع، و دولة يقودها نظام اداري محترف لا يخضع حتي لأوامر رئيس الجمهوريه.
تحيه .. و متابعين
09-11-2011, 09:34 AM
عبدالرحمن الحلاوي عبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714
ناصر تحياتي وكل عام وأنتم بخير ما ينقصنا هو الضمير والتجرد من الحزبية والمصالح الضيقة والإنفتاح نحو المجتمع بكل أطيافه وإلا فالحرب مستمرة والصراع باق جيلاً بعد جيل . نريد السلم وتبادل الحقوق والمساواة ..نريد العيش الكريم لكل سوداني دون إذلال أو إنتقاص ..نريد دولة القانون والمؤسسات والشفافية ...كفى نعيقاً وكفى تقتيلاً وتشريداً .
09-12-2011, 04:30 AM
عبدالرحمن الحلاوي عبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714
مراجعة سياسة التحرير الاقتصادي ، فالاقتصاد عصب الحياة وما نتج عن هذه السياسة من ضرر كبير أصاب التعليم والصحة في مقتل ، وخصخصة المشاريع والقطاع الحكومي أدى إلى سحق الطبقة الوسطى وضياع حقوقها . مراجعة السياسة التعليمية فالسودان أصبح من الدول المتخلفة ..فالعبرة بالمخرج وليس بعدد الجامعات فهي مجرد لافتات لا تحمل مضموناً ..بل للاستهلاك السياسي اللحظي . الرقابة الادارية والقضائية ووضع اسس سليمة في التوظيف واختيار القيادات الموهوبة لإدارة العمل ..ومحاربة فقه السترة وردع شريعة الغاب بأقسى أنواع العقاب حتى تجف منابع الفساد . الأحزاب السياسية تحتاج لمراجعة كبيرة بدء من برامجها ومكاتبها التنفيذية ... قد يكون سيلل الكلمات حالماً ..ولكن واقعنا البائس وصل درجة الاحتباس والإنفجار لحالات تشظي وانعدمت الثقة وبات الوطن مجرد أسرة صغيرة ..فالوطنية تنمو في الفرد حينما يراها ماثلة في العدل والحق والمساواة والعيش الكريم وإلا فبئس الوطن والمواطنة ..
09-12-2011, 09:17 AM
عبدالرحمن الحلاوي عبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة