نافع علي نافع بين مصطفى البطل وعبدالوهاب الافندي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2025, 10:56 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-15-2011, 02:40 AM

أنور أبو القاسم الهادى

تاريخ التسجيل: 01-13-2011
مجموع المشاركات: 98

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نافع علي نافع بين مصطفى البطل وعبدالوهاب الافندي

    مقال مصطفى البطل

    اتفاقية أديس أبابا: الغلط مرجوع والعتب مرفوع

    -----------------------------
    (1)
    لأنني أعرف أن الصلة واشجة بين صديقي الاستاذ محمد لطيف، رئيس تحرير صحيفة "الاخبار"، وبين رئيسنا المفدى المشير عمر البشير، إذ تربطهما آصرة النسب والمصاهرة، وأكرم بها من آصرة. ثم لأنني اعرف عن صديقي "الحسيب النسيب" أنه من رواد حلقة صلاة المغرب فى الدار الرئاسية العامرة، فقد تعودت ان آخذ مأخذ الجد كل حديث ينسبه محمد لطيف الي شخص السيد رئيس الجمهورية. فصديقي يسمع مباشرةً من "رأس المصدر"، كما يُقال فى عوالم الاكاديميا.

    والفرنجة يوظفون في شأن هذا السماع المباشر من رأس المصدر، حيث لا مجال للالتباس او الخلط، عبارةً قد لا تقع الموقع الحسن فى اللغة العربية، وهي From the horse's mouth ، وترجمتها ومعناها الحرفي "سماع الخبر من فم الحصان مباشرةً"! وأنا أستنكف أن يوصف رئيسنا المفدَّى بمثل هذا الوصف الافرنجي الذي تمجه ثقافاتنا المحلية. ولكن ربما كانت لنا فى الامر مندوحة لو أننا قمنا بتحوير وتهذيب الترجمة، طلباً للسداد والحكمة، بحيث تستوعب مقام السيادة، وتوافي مقتضيات الاحترام الواجب للذات الرئاسية، فترجمنا العبارة: "السماع من فم الفارس"!
    (2)
    انقدحت فى ذهني وراودتني خاطرة ان اطلق على محمد لطيف لقب "الصهر الرئاسي"، من قبيل المفاكهة. ولكنني خفت ان يذيع اللقب ويستشري ويلتصق به على غير هواه. كما حدث مع "الخال الرئاسي" الأستاذ الطيب مصطفى، الذي اطلقت عليه ذلك المسمى قبل فترة من الزمان، بقرينة التشريف والتعريف والتلطف، فإذا به يصبح لقبه الرسمي المعتمد عند العديد من الكتّاب الصحفيين، ولكن بدافع المغايظة والمغالظة والتعسف! وها أنا ذا اطلب اليهم جميعاً، باعتباري صاحب الامتياز، ان يتوقفوا عن الاستخدام الكيدي للقب "الخال الرئاسي"، وان ينادوا الرجل بما يحب من أسماء وألقاب، لا بما يكره. تيمناً بهدي الاسلام، وتأدباً بأدبه. والاسلام يحظر مناداة الناس بغير ما يستحسنون من ألقاب. والذي عليه جمهور الفقهاء هو ان منادة الانسان بما ينكره ولا يقره من الاسماء والالقاب يقع فى دائرة الغيبة المحرمة شرعاً. وقانا الله شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، وجعلنا من عباده الصالحين، المبشرين بقوله عز وجل: (فبشر عبادي الـــذين يستـمـعون القول فيتبعون أحسنه. أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب).
    (3)
    إبتدر الاستاذ محمد لطيف قراء مساحته "تحليل سياسي"، صباح السبت الماضي، بالفقرة التالية: (انفردت "الأخبار" أمس بنشر اول موقف صريح ومباشر للسيد رئيس الجمهورية شخصيا من اتفاقية اديس ابابا الإطارية التى وقعها الدكتور نافع علي نافع، مساعد الرئيس ونائب رئيس المؤتمر الوطنى من جهة، والسيد مالك عقار والي النيل الأزرق رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال من جهة أخرى. وذلك عبر حديث للرئيس البشير أكد فيه ذلك الموقف. الواقع أننى فى ذلك اليوم وجدت نفسى فى مأزق لم يخارجنى منه إلا تامبو امبيكي، فقد وقعت فى "كماشة" بين جنرالين، المشير البشير رئيس الجمهورية من جهة، والفريق اول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع من جهة أخرى، والذي لم يخف منذ اليوم الأول معارضته الصارخة للاتفاق الإطاري).

    ثم يواصل الاستاذ محمد لطيف، الذي يبث بثاً مباشراً من قناة "الحصان"، الى قراء صحيفته: (حين قلت للرئيس ذلك فاجأني بقوله: "هذه اتفاقية سياسية فى الأساس، ومن وقعوها سموها كذلك ووصفوها بذلك. ورفْضنا فى المقام الأول موجه نحو الجانب السياسي فيها. قلت له: ولكن الحزب- أي المؤتمر الوطني- بدا مؤيدا حتى وصلت أنت. وقبل أن أكمل قاطعني بقوله: "ليس صحيحا ان المكتب القيادي رفض الاتفاقية قبل وصولي للخرطوم". قلت له: "لكن يا سيادتك المكتب القيادى لم يعلن ذلك صراحة؟ قال:"الحزب له تقديراته فى الطريقة التى يعلن بها مواقفه...وأزيدك. وبالفعل يضيف الرئيس معلومة جديدة بالنسبة لى شخصيا، حين يقول: "الدكتور نافع نفسه اعترف أن الخطوة لم تكن موفقة"). انتهى النص.
    (4)
    العراقيون عندهم مثل، يسري استخدامه فى العراق نفسها، ثم في عدد من الدول العربية الاخرى. بل ويخيّل الي انني سمعته فى السودان ايضا. يقول المثل: (الغلط مرجوع والعتب مرفوع). وينطبق على حالتين: الأولى اذا ظهر عدم اتقان صنعة سلعةٍ ما، فيجوز تحت مظلة هذا المثل إعادتها الى البائع أو الصانع. أما الحالة الثانية فتكون عندما يحدث جدل حول قضية معينة، ثم يتبين لأحدهم أن موقفه لم يكن صائباً، وهنا يكون التراجع المحمود والعودة الى الصواب، فلا غلط، ولا عتب!

    لا ريب عندي في أن ذات المثل - أو الشعار - العراقي يسع أخانا فى الله، الدكتور نافع علي نافع، مساعد رئيس الجمهورية، ونائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم، كما يسع موقفه من اتفاق اديس أبابا الاطاري. الدكتور نافع هو الذي حاور وناور، وفاوض وعاوض، ثم وقع على الاتفاق، تحت رعاية افريقية ودولية. ولكن سيادته اكتشف بعد التوقيع - كما أفادنا السيد رئيس الجمهورية - بأن الخطوة "لم تكن موفقة". ما هو الاشكال؟ ليس هناك اشكال أبداً، طالما أن المثل العراقي موجود. الاتفاقية مغلوطة وغير موفقة؟ خلاص: الغلط مرجوع والعتب مرفوع. انتهينا. وليس هناك ثمةً ما يستدعي كل هذا الضجيج الذي يثيره البعض حول الاتفاقية الاطارية "غير الموفقة"، "المغلوطة"، المرجوعة؟!

    بيد أن لدىّ - مع ذلك - بضعة استعلامات واستفهامات وتساؤلات بسيطة، أود من صديقنا محمد لطيف أن ينقلها عنا الى صهره الغالي عقب صلاة مغرب اليوم ان شاء الله، وان يوافينا بالاجوبة من فوق منصته الراتبة، فى صدر صحيفته الغراء. وله من الله الاجر والثواب.
    (5)
    هناك تقاليد واعراف وأسس تواضع عليها المجتمع الدولي فى شأن التفاوض والتعاهد والتعاقد بين الدول والهيئات المختلفة، والكيانات المغايرة، والهويات المتباينة، اعتباريةً كانت او حسّية. والتفاوض والتعاهد مع الاغيار والتعاقد معهم ينبسط تحت مادته فقه كامل فى الاسلام، تستند ركائزه على النص القرآني (فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) [التوبة 7]. وتسنده فى ذات الوقت، قواعد راسخة من مبادئ انسانية وشرائع دولية، تواثقت عليها البشرية فى عهدها الحديث، ضمّنتها منظومات القانون الدولي، وما استقر - او استقرت - عليه من قيم. فما هو نظام التفاوض والتعاهد والتعاقد فى الدولة الانقاذوية؟ كيف تجري المفاوضات بيننا وبين الاغيار فى بلاط العصبة المنقذة؟!

    عندما نتسقّط الأخبار أن نافعاً - او غيره من عظماء العصبة - قد غادر البلاد الى دولة خارجية للتفاوض حول شأن وطني يهم السودان، حاضرا، ومستقبلا، ويعالج مصائر اهله وموارده ومقدراته، ينقدح فى عقولنا السؤال: هل يغادر عظيم العصبة ويفاوض، ثم يوقع على المواثيق وبين يديه منارات هادية من نصوص حية تحكم التفاوض، وصلاحيات موصوفة، ومقدرة بقدرها، تبين مدى ونطاق السكنات والحركات، وشرائط تحدد الاسقف العليا والدنيا لما عسي ان يسفر عنه التفاوض، والتخوم التي يقف عندها ولا يتجاوزها؟ ثم وهذا هو الاهم: هل لدى العصبة المنقذة نسق تنظيمي وتدبير هيكلي مستقر تقوم عليه المفاوضات والتعاهدات والاتفاقات، شُغلاً واختصاصاً. هل للعصبة المنقذة كيان معين بذاته وصفاته يكون له حق التداول والفحص والمراجعة واتخاذ القرار وانفاذه، مثلما هو الحال عند غيرنا من مخلوقات المجتمع الدولي؟

    أم ان المفاوضات والتعاهدات في دولتنا الانقاذوية، تجري كيفما اتفق، بغير مشكاةٍ تُنير، أو نصيرٍ من كتابٍ يُشير، فيحكمها هوى الاشخاص، ومكنونات قلوبهم، وحصائد ألسنتهم، ومقدار ما اودعه الله فيهم من حكمة ورشاد، ولجاجٍ وعناد. فهو اذن الرأى والخاطرُ والاجتهاد، وثمرات تأمل الأفراد، والفكر البكر ينتزعه هؤلاء من السماء كفاحا؟

    لو كان حمارنا قد وقف عند عقبة اتفاق اديس ابابا الاطاري، لما اعترانا الغم، ولا سكننا الهم. بل أنه لا بأس عندنا البتة فى أن الاتفاق قد حمل نصاً يعدّل قانون الأحزاب فيخلّي بين جماعة الحركة الشعبية وبين أهل الشمال، تبسط عليهم بضاعتها، وتراودهم عن الثمن. فإنما التمست الحركة وصالاً بشعبها، ومن طلب الوصال بشعبه فما ظلم. ولا ضير فى أن الاتفاق منح شعب دارفور الحق فى منصب نائب رئيس الدولة. وما الفرق بين ان يكون نائب الرئيس من سهول دارفور او من صحراء العتمور؟! ذلك ليس أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، وما ينبغي له.
    (6)
    الذي يثير فى نفوسنا القلق حقاً، ويردّنا الى رهق التفكير، هو بعض ما جاء فى نص التصريحات الواردة على لسان السيد رئيس الجمهورية، من صنف القول أنّ (نافع نفسه اعترف بأن الخطوة غير موفقة)! وفي ذلك - بغير ريب - ما يشي بأن مفاوضات أديس أبابا والاتفاق الاطاري الذي نجم عنها، إنما كانت، فى حقيقة الامر، نتاجاً لتفكير سياسي مزاجي محض، يفتقر الي الرؤية الكلية. وثمرةً لتدبير سلطوي ذي مرجعية استعلائية، تند عن روح الشورى والبصارة السياسية، ولا ترجو للمؤسسية ومبادئ الديمقراطية وآلياتها وقارا (وما اريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد) [غافر 32].

    الدكتور نافع علي نافع يتفاوض مع الفرقاء، ويستمزج مطالبهم، ثم احتكاماً الي قناعاته الذاتية يستملح نقاطاً محددة، يعلن مباركته اياها باسم حكومة السودان، ثم يمهر الاتفاق بتوقيعه، ويزينه بخاتم الدولة. ولكن الرجل - بحسب رئيس الجمهورية - عاد فقرر بعد ذلك ان خطوته تلك لم تكن "موفقة"! هل يمكن ان يلومنا أحد اذا قلنا، بكل التجلة فى نفوسنا لاخوتنا من قادة العصبة المنقذة: اننا دولة محترمة، أو هكذا نحب ان نكون، والدول المحترمة لا تدار هكذا! نحن نستحق ان تُحكم دولتنا وان تُدار امورنا على نحو افضل من هذا! قال شهيد الفكر محمود محمد طه عن شعب السودان انه (شعب عملاق يتقدمه أقزام). وهذا من سوء ظنه. اهل الظن الحسن من امثالي يقولون: اننا شعب عملاق يتقدمه عمالقة. ولكن اي نوع من العمالقة هذا الذي يوقع الاتفاقيات والمواثيق بحضور ممثلي الدول الاجنبية فى الليل، ثم ينقضها قبل صياح الديك، بدعوى انها "غير موفقة"؟!
    (7)
    يعلم راعي الضأن فى خلاء السودان ان مثل هذه العقليات المزاجية الفردانية المفتقرة الى البصارة السياسية، قد تمددت وتمطّت وظلت ترعى بغير قيد فى مراعي الافق السوداني ردحاً طويلا من الزمان. ولكن راعي الضأن نفسه بات يعرف ان السودان يدخل عصراً جديداً، وأن الواقع السياسي الذي نشخص اليه - فى مرحلة ما بعد التاسع من يوليو 2011 - له استحقاقاته، وهي استحقاقات ثقيلة وباهظة الكلفة. ولا اظن ان الواقع الجديد يسع، او يقبل التصالح، مع هذ النمط من الحكم السياسي الهوائي، الذي يحيا علي استدعاء العبقريات الذاتية، واستلهام الوحي المرسل من السماء، على نحو يحاكي ذلك الشئ الذي تسميه كتب التاريخ "حق الملوك الالهي"!

    ونلتمس العذر لو أننا وطأنا قدم أحد فزعمنا ان سلوكيات وممارسات وتقاليد مباشرة مهام الحكم السياسي وادارة شئون الدولة فى السودان اليوم تتأثر الى حدٍ كبير بطبيعة نشأة وتكوين الحركة الاسلاموية العريضة، والتربية الاخلاقية والسياسية التي ترعرع تحت بنودها قادة الحركة وكادراتها. التربية الاخلاقية والسياسية التي تناسل من تحت معطفها مئات الآلاف من عضوية جماعات الاخوان المسلمين على امتداد العالم، وليس السودان فحسب، أدخلت فى روع هؤلاء أنهم الأعلون مقاماً، كونهم الاوصياء على الحق، بينما يتردي الأغيار فى لجج الباطل. فالله مولاهم، ولا مولي لسواهم. ولا عجب اذ تمدد منطق الوصاية على الآخرين، واستشري بعد ذلك داخل الحركات الاسلاموية نفسها. ولعل هذا يفسر ما انبلجت عنه تلال القراطيس التي عالجت تاريخ التنظيم الاسلاموي الجامع فى السودان، بعد ان تناثر دقيقها فوق أشواك المفاصلة فى العام 1999، فاستبان للناس ان ذلك التنظيم، فى خويصة أمره، لم يعرف قط للشورى والديمقراطية باباً، وان شأنه كله كان بيد شيخٍ عالمٍ فرد، تحرس بابه ثلة قائدة، تبرم اموره وتنقضها من وراء حجاب. مثل هذه العقيدة التربوية والذهنية الاطلاقية، العارمة الشهوة، هي التي جلبت الي المشهد السياسي العام فى السودان لغة الازدراء وتحقير الآخرين من الأغيار، وكرست ممارسات الحكم السياسي الفرعونية الاستعلائية، التي تعلي من شأن محتكر السلطة باسم الاسلام، وتبخس الآخرين أشياءهم.

    ونحن نعرف عن مفاوضنا فى اديس أبابا، أنه مشهودٌ له على طول المسرح السياسي الوطني وعرضه، بأنه من أصفى وانقى وافضل "المزدرين" ممن عرفهم تاريخ السودان الحديث فى اطلاقه، فهو الحائز بإجماع كافة المحكّمين على اوسكار "الازدراء". ولذلك فإننا لا نستغرب او نستعجب كونه يمارس مهام الحكم ومسئولياته فرداً صمداً فى خلاءٍ من الوحدانية السياسية. بغير مرجعية قانونية او تنظيمية، وفي غيبة تداول شوري حول شأن كهذا، هو من كبريات القضايا التي تهم البلاد. والشورى نهجٌ فى صناعة السياسات العامة واتخاذ القرار يفترض ان الكيان السياسي الذي يقف على رأسه، وهو حزب المؤتمر الوطني، يعتنقه ويتبناه، ويرسي عليه القواعد من بيته، على الاقل فى صعيد النظر.

    هل نقول عن مسلسل الوقائع المتداعية عن اتفاق اديس ابابا الإطاري، إنه إن دلّ علي شئ فإنما يؤشر الي فداحة الازمة السياسية ووعورة المسار الذي يسعى لاجتيازه النظام القائم، فى ظل ظروف وطنية وخارجية بالغة التعقيد؟ وفى تقديرنا فإن أقبح ملامح الازمة هو أن تجليات ومظاهر غياب الديمقراطية والشورى داخل كيان النظام، وارتهان الحكم القائم الي نهج الفردانية المستوحشة، و"الازدراء" السياسي، والعزة بإثم معاقرة السلطة وإدمانها ادماناً مرضياً، قد بلغ مبلغاً لم يعد معه من محيص سوى أن يذهب الحادبون على السودان، زرافاتٍ ووحداناً، الى دار المحكمة الشرعية، فيلتمسون من قاضيها الحجر على بعض الحاكمين، ومنعهم من التصرف في شئون البلاد ومقدراتها، ووضعهم جميعاً تحت وصاية المجلس الحسبي!

    ونحن على خطى حبيبنا، ابن الحركة الاسلاموية البار، وثمرتها الوضيئة، الدكتور عبد الوهاب الافندي، ومنهجه (تزكيتنا للافندي لا تبرئه من كونه هو نفسه نتاج لتربية "الازدراء" والغطرسة الاسلاموية، ولكن حياته الطويلة فى المهجر الاوربي اكسبته شجاعة طلب العلاج الذي قطع فيه شوطاً بعيداً). وقد دعا عبد الوهاب فى مقاله الراتب الاسبوع الماضي خلصاءه السابقين من اهل الانقاذ الى خطوات حاسمة فى طريق الاصلاح السياسي الجذري. ومما كتب فى هذا السبيل: (عليه فمن الحكمة أن يسارع رئيس الجمهورية على الفور بإعلان موعد جديد قريب لانتخابات عامة رئاسية وبرلمانية مبكرة، والتمهيد لذلك بإطلاق الحريات، واتخاذ إجراءات لضمان حياد ونزاهة المؤسسات القومية من قضاء وجيش وشرطة وأجهزة أمنية وخدمة مدنية، والفصل الكامل بين الحزب الحاكم والدولة. هذه الانتخابات ضرورية لإعادة دمج المعارضة في النظام السياسي، وبناء إجماع وطني متجدد تلح الحاجة إليه لمواجهة التحديات الماثلة).
    (8)
    بعض "العمالقة" من قادة الانقاذ يحسنون الظن بأنفسهم. واحسان الظن بالنفس خصلة كريمة. والحق أن كثيراً منهم يتمتع بخصائص نوعية نادرة، وقدرات مختبرة. بارك الله فيهم، ونفع بهم. ولكن قول الحق لا ينبغي ان يُغضب احداً. القدرات المختبرة والخصائص النوعية شئ، والكاريزما شئ آخر. أكثر ما يفتقده نظام الانقاذ هو ذلك الصنف من القادة الذين يطلق عليهم اساتذة وطلاب العلوم السياسية صفة: الكاريزمية. هذا النقص المريع فيما يبدو لي يشكل محورا هاماً فى لب الازمة التي يواجهها الحزب الحاكم.

    أنا لدي اقتراح اتوجه به، محتسباً عند الله اجر ما امحض من نصح، الي جماهير حزب المؤتمر الوطني، صاحب شعار "حزب قائد لوطن رائد": حتي يكون حزبكم حزباً قائداً حقاً، ووطننا وطنٌ رائدٌ حقاً، فإنكم في مسيس الحاجة الى قادة كاريزميين، لا يدخلون في المعاهدات والاتفاقيات ثم يحتارون بعد ذلك فى كيفية الخروج منها، كما يفعل قادتكم الحاليون. توكلوا على الله وأعيدوا الينا شيخنا حسن الترابي. صحيح ان الشيخ الترابي هو الذي ادخلنا الى هذا النفق، ولكن المسامح كريم. على الاقل نحن نعرف عن الترابي انه قائد كاريزمي، وانه صنو لمعاوية، الذي سأل عمرو بن العاص: ما بلغ من دهائك؟ قال: ما دخلت فى أمرٍ الا عرفت كيف الخروج منه. فرد معاوية: ولكني ما دخلت فى أمرٍ قط وأردت الخروج منه!
    ----------------------------------
    وهذا هو مقال عبد الوهاب الافندي
    تطلق الحادثة الصغيرة التي تمثلت في اعتداء أحد المعارضين مساء الأربعاء على الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية أثناء مشاركته في لقاء سياسي داخل السفارة السودانية في لندن أكثر من جرس إنذار خطير حول مستقبل السودان السياسي، خاصة وأنه وقع والبلاد يفصلها يوم أو بعض يوم عن انفصال جزء عزيز من الوطن يأساً من تحقيق المواطنة المتساوية في ظل نظام قمعي.

    ويتعلق الجرس الأول بالمستوى المتدني للخطاب السياسي في أوساط النخبة السودانية. فعندما لا تجد المعارضة الديمقراطية في قلب عاصمة الحرية لندن وسيلة للتعبير عن نفسها سوى استخدام العنف، مهما كانت الاستفزازات، فإن هذا يعبر عن أزمة خطيرة. ولعل الأخطر من حادثة العنف هو الاحتفاء الكبير بها في أوساط المعارضة باعتبارها فتحاً مبيناً ونصراً مؤزراً، في حين أنها تعتبر فشلاً وسقوطاً. الانتصار كان يمكن أن يكون بإفحام الدكتور نافع وزميله مستشار الرئيس الدكتورمصطفى عثمان إسماعيل، وإظهار تهافت الخطاب السياسي للمؤتمر الوطني. أما الهبوط إلى مستوى التشابك بالأيدي والضرب فهو سقوط لا يبشر بخير لمستقبل السودان، خاصة في ظل الخطاب المعارض الذي علق على الحادثة بسعادة غامرة وتشف ووعد بالمزيد من العنف والسحل إذا سقط النظام الحالي. أي أن ما سيعقب الدكتاتورية بحسب هؤلاء لن يكون سلاماً اجتماعياً، بل انحدارا إلى دوامة العنف السياسي والطائفي والعرقي على نحو ما شهدته يوغسلافيا وليبيريا وسيراليون وغيرها من دول انحدرت إلى درك عميق من البربرية.

    وليس هذا تعليقاً عاماً حول العنف السياسي والمقاومة المسلحة وشرعيتها، لأن المقاومة المسلحة للظلم حق مشروع للمظلوم. والمعارضة السودانية لم تكن بعيدة عن اللجوء إلى العنف، بل إن بعض طوائفها كانت، باعترافها البادئة بالعنف. فالحركة الشعبية لتحرير السودان هي التي أدخلت العنف إلى السياسية السودانية في عام 1983، وقبل ذلك كانت عناصر سياسية من كافة ألوان الطيف السياسي قد اتخذت العنف والانقلابات العسكرية وسيلة سياسية، سواء في عام 1969، أو عام 1971، أوعام 1975 أو عام 1976. وقد تفجر العنف في دارفور كذلك في صورته الحالية بقرار سياسي من بعض قطاعات المعارضة عام 2003.

    ولا نريد هنا أن نصدر الأحكام على المسؤول عن تفجر العنف، ولكن لا بد من تقرير حقائق أساسية، وهي أن تفجر العنف في أي شكل هو تعبير عن الفشل والانهيار السياسي، وهو حالة مرضية يجب أن تعالج حتى يتعافى الجسم السياسي. والعلاج يأتي بالحوار وإزالة المظالم وأسباب الخلاف والتوصل إلى صيغة توافقية. وهذا يعني الفصل بين ساحة الصراع والمسلح وساحات التفاوض والحوار السياسي، التي لا بد أن تكون خالية من العنف. وهذا أمر بدهي، فالمفاوضات بين الفرقاء المسلحين لا يمكن أن تتحول هي نفسها إلى ميادين عنف. ولا بد من أن نلاحظ هنا أن الساحة السودانية تميزت حتى الآن على الأقل، مع استثناءات نادرة، ليس فقط بغياب العنف عن الساحات المدنية والبعد عن جرائم الاغتيالات والصراع العرقي المباشر، بل بسلوك متحضر لا مثيل له في غالبية مجتمعات العالم. ولكن هذا الوضع المتميز يتعرض حالياً لتهديدات خطيرة، النظام مسؤول عنها جزئياً بسبب استغلاله لسماحة السودانيين وتعديه على كثير من الحرمات والأعراف.

    ولاشك أن النيل من هذا التراث الفريد المتحضرعبر إدخال العنف إلى الفضاء المدني، بغض النظر عن المسؤولية، يمثل قفزة مجهولة نحو البربرية والعنف غير المضبوط، وبالتالي يؤجل الانتقال المنشود نحو الديمقراطية. ولعل ما يؤخر الانتفاضة الديمقراطية في السودان هو كمية العنف المختزنة في التركيبة السياسية، والمعبر عنها من جهة بالقمع الرسمي والمواجهات المسلحة، ومن جهة أخرى بمستويات عالية من العنف اللفظي وضعف القدرة على احتمال الآخر وروايات الإقصاء المتبادل في الخطاب السياسي.

    هذه التعليقات العامة حول أضرار حدة استقطاب الخطاب السياسي وانتقال العنف إلى قلب الساحة المدنية لا ينفي أن هناك إشكالية أخرى عميقة عبر عنها الخطاب الذي تبناه د. نافع علي نافع في الاجتماع المذكور. فبحسب الروايات المتواترة فإن د. نافع كرر في الاجتماع أنه ونظامه انتزعوا السلطة بالقوة، وأن من يريد أن يجازف بانتزاعها منهم بالقوة فليجرب، ويواجه العواقب. وقد دافع عن إعدام الانقلابيين، قائلاً إن المعارضين لو نجحوا في انتزاع السلطة فمن حقهم كذلك إعدامه هو ورفاقه. وهذه مقولات خطيرة، لأنها أولاً تقول بصراحة للشعب السوداني: إننا نحكمكم بالحديد والنار، وأنتم تفتقدون الشجاعة لمواجهتنا، وسنستمر في استعبادكم. وهذا منطق تتحاشاه حتى القوى الاستعمارية، ويمثل استفزازاً للشعب السوداني، الذي يكون مستحقاً بالفعل للاستعباد لو لم يرد على مثل هذا الخطاب المتعجرف الرد المناسب.

    والمعروف أن د. نافع كان مهندس الحملة الانتخابية التي حققت للمؤتمر الوطني نصراً كاسحاً في انتخابات أبريل 2010، وقد كان بإمكانه أن يقول للمعارضين إن حكومته جاءت إلى السلطة بتفويض شعبي كاسح، وأن من يريد أن يتحداهم عليه أن يستعد لمنازلتهم في الانتخابات العامة القادمة. وإذا كان الدكتور، الذي يحتل كذلك منصب نائب رئيس المؤتمر الوطني للشؤون التنظيمية، قد اختار بدلاً عن ذلك أن يذكر مخاطبيه بأنهم قد انتزعوا السلطة بالقوة وأنهم يحتفظون بها عبر القهر، فإن هذا أول اعتراف صريح من مهندس انتخابات 2010 بأن تلك الانتخابات لا قيمة لها حتى كأداة دعائية يواجه بها الخصوم، وأنها لم تكن تعكس إرادة الشعب السوداني، الذي لايزال بحسب نائب رئيس الحزب، يحكم بالقهر فقط لا غير.

    يطرح سؤالاً محيراً آخر، إذا كانت هذه رؤية السيد مساعد رئيس الجمهورية ونائب رئيس الحزب، فلماذا إذن دعا سيادته إلى لقاء مع المواطنين السودانيين المقيمين في بريطانيا للحوار معهم؟ وما هي فائدة الحوار إذا كان الرجل لا يفهم سوى منطق العنف ولا يتعامل مع غيره؟ أي أوهام وغرور زين للرجل فكرة أنه يمتلك القدرة على الخطاب والإقناع أصلاً حتى يتطوع للمثول أمام مستجوبين من أهل الإعلام والسياسة والفكر إذا كان لا يملك حجة أو منطقاً يدافع به عن تصرفاته وتصرفات حكومته سوى أن يقول أن من يملك القوة يستطيع أن يفعل ما يشاء؟ ولماذا إذن الهياج حين تمارس أمريكا نفوذها وقوتها لتفرض على البلاد ما تراه؟ أليست أمريكا هي الأقوى، وبالتالي بحسب هذا المنطق الأجدر بأن تفعل ما يحلو لها حتى يتحول السودان تحت إدارة نافع إلى قوة عظمى تفرض بدروها إرادتها على العالم؟
    ليس أقل خطورة هنا اعتراف نافع بأنهم 'اشتروا' قطاعات واسعة من المعارضة، وهو شهادة على النفس بالفساد والإفساد ينبغي على الجهات القانونية ـإن وجدت- الشروع فوراً في إجراء تحقيقات في هذه المزاعم. فمن نافلة القول أن د. نافع لم يشتر المعارضين كما زعم بأموال ورثها عن أسلافه الكرام، وإنما باستغلال أموال الشعب. والمطلوب منه الآن وكل الجهات المسؤولة أن تقدم كشف حساب عن الأموال التي استخدمت في الفساد والإفساد السياسي: ما هو مصدرها، ومن الذي صرفها، ومن الذي أذن بذلك، ومن الذي استلم، وكيف، ومتى وبأي شروط؟ ولا بد من التحقيق بشفافية في كل هذه الأعمال وتقديم كل المسؤولين إلى القضاء، بمن في ذلك من عرف وسكت وبارك، خاصة وأننا سمعنا مثل هذه الدعاوى أكثر من مرة، حيث صرح بها قبل ذلك وزير الخارجية في لقاء عام في واشنطن.

    ما لا نفهمه هو لماذا يصر المؤتمر الوطني على أن يكون الرجل الأول في الحزب شخصاً حظه من القدرات السياسية يقترب من الصفر، بل لا يتمتع بذاكرة تجعله يجتر الأساطير التي ابتدعها بالأمس، مثل أن حزبه كسب السلطة في 'انتخابات حرة مراقبة دولياً' كما يردد بقية المتحدثين باسم النظام؟ نحن نعرف أن نافع يحتل موقعه الحالي لأنه كسب صراع الخناجر الداخلي في إطار العصبة الحاكمة، وهو صراع لم يستخدم فيه المنطق أو الحجة، وإنما القوة العارية. وحين يقول إننا انتزعنا السلطة بالقوة، فإنه لايعني انقلاب عام 1989، لأن ضمير المتكلم هنا يشير إلى العصابة الجديدة التي انتزعت السلطة من علي عثمان وصلاح قوش ومجموعتهما، وهؤلاء كانوا انتزعوها بدورهم من شيخهم الترابي الذي دبر انقلاب 1989. وليس هناك ما يضمن ألا يستمر هذا المسلسل.

    وإذا لم يقم النظام الحالي بإقالة نافع من موقعه القيادي الحالي كواجهة للنظام والحزب، فإن هذه تكون دعوة مفتوحة من الشعب لإعلان ثورته على هذا الحزب ونظامه، وإن كانت إقالة نافع وحدها لن تكفي. فهذه العقلية التي تجسد الغباء السياسي متجذرة في النظام ككل. فقد سمعنا كذلك من قبل أساطير حول 'شراء' كوادر الحركة الشعبية، وتقديم الرشى للقيادات كحل لنزاع الجنوب وترجيح خيار الوحدة تحت هيمنة المؤتمر الوطني. وكلنا يعرف اليوم إلى أين انتهى ذلك المسار الغارق في الوهم.
    إن المسؤولية الأساسية في تطهير الفضاء السياسي من العنف المتبادل تقع أولاً وأخيراً على الحكومة، التي ينبغي لها أن تقدم في قيادتها العقلاء وخطاب العقل، بدلاً من أن تجعل في واجهتها قوم لا يكادون يفقهون حديثاً. لقد آن الأوان ليفهم من بقي له عقل أن الأوهام التي ظل يروج لها نافع وشيعته من أهل الحل الأمني بأن السودانيين شعب يقاد بالعنف والقهر، أو بالرشوة والإفساد، ليست فقط سقوطاً أخلاقياً وعدم فهم لحقيقة الأوضاع، بل هي كذلك منزلق خطير، وآفة قد تحقق لنافع ما تمناه من قتل وسحل بأسرع مما يتوقع بكثير.
                  

07-15-2011, 02:32 PM

الرفاعي عبدالعاطي حجر
<aالرفاعي عبدالعاطي حجر
تاريخ التسجيل: 04-27-2005
مجموع المشاركات: 14684

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: نافع علي نافع بين مصطفى البطل وعبدالوهاب الافندي (Re: أنور أبو القاسم الهادى)

    Quote: لأنني أعرف أن الصلة واشجة بين صديقي الاستاذ محمد لطيف، رئيس تحرير صحيفة "الاخبار"، وبين رئيسنا المفدى المشير عمر البشير، إذ تربطهما آصرة النسب والمصاهرة، وأكرم بها من آصرة. ثم لأنني اعرف عن صديقي "الحسيب النسيب" أنه من رواد حلقة صلاة المغرب فى الدار الرئاسية العامرة، فقد تعودت ان آخذ مأخذ الجد كل حديث ينسبه محمد لطيف الي شخص السيد رئيس الجمهورية. فصديقي يسمع مباشرةً من "رأس المصدر"، كما يُقال فى عوالم الاكاديميا.


    عند عودتي الاخيرة من الخرطوم كنت قد كتبت ان صحافة الانقاذ في غالبها الاعم

    تستلم رواتبها من مقابل مقابر الكمنولث ولم يصدقونا فلطيف او كمال او الباز

    سواء , جميعهم كاتب السلطان .







    ...........................................................حجر.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de