جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر-

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-18-2024, 09:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-15-2011, 07:01 PM

عصام دقداق

تاريخ التسجيل: 02-27-2008
مجموع المشاركات: 1714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر-

    تقرير بريطاني يكشف الأبعاد الحقيقية للصراع في الجنوب
    الجيش الكيني دخل ندابالا ولم ترد حكومة الجنوب فقام التبوسا بالهجوم وقتل 16 جندياً
    حكومة الجنوب تفادت إستراتيجياً التورط في صراع حول الحدود الدولية حتى لا تشوش على الاستفتاء
    الصراع أدى لانقطع التواصل الأسري وتوقف التجارة بين التبوسا الجنوبية والتوركانا الكينية
    المجموعات الحدودية تعتمد على الرعي في أقاليم عرضة للجفاف تحتاج لتقاسيم العشب والمياه
    الصراع حول المقاطعات مثير للانقسام لدرجة قطع صلات القربى والتصاهر والتجارة

    مدخل
    قدّم تقرير أعدته مدرسة العلوم السياسية والاقتصادية ومعهد دراسات التنمية بلندن بعنوان (جنوب السودان يختلف مع نفسه) المعلومات التي توضح الصعوبات التي تواجه التنمية وتزايد العنف البيني بالجنوب، ويشير التقرير إلى أن العنف من أكبر التحديات لمواطني جنوب السودان، فهنالك سببين شائعين للعنف المحلي في الجنوب، أولهما أن الجنوبيين وقادتهم يرغبون في تحميل كل العلل والظواهر المحلية غير المعروفة إلى أيادي الخرطوم الخفية. ومن خلال هذا البحث عبر الكثير عن تنامي الكراهية والعنف في الجنوب بدون تشجيع من الشمال. وهذا يقود إلى السبب الثاني الأكثر شيوعاً وإيضاحاً، فاندلاع مظاهر العنف المحلي في الجنوب تغذية الصراعات بين القبائل، فمظاهر الصراع القبلي علي كل شئ ابتداء من الصراعات الأسرية إلى الصراعات داخل القبائل حتى هجمات العصابات الإجرامية أو غارات الجنود السابقين.
    شرق الاستوائية.. انقسام إداري اثني
    كانت ولاية شرق الاستوائية تتكون من مركزين حتى وقت قريب نسبياً وهما توريت وكبويتا، لكن كبويتا الكبرى الآن قسمت إلى أربع مقاطعات، ومبدئياً انقسمت إلى كبويتا وبوندي وبويا وديدنقا، ومن ثم انشقت كبويتا نفسها إلى ثلاث مقاطعات: هي كبويتا شمال وكبويتا جنوب وكبويتا شرق. وأصبح سكان كبويتا شرق التبوسا ونينقتام، فيما أصبح سكان كبويتا جنوب وشمال هم بيا والديدنقا، وفي مركز توريت القديم انقسم أولاً ماقوى وهم (اشولي ومادي)، ثم اكوتوس أصبحوا دونقوتونا ولانقو وأخيراً انقسم لافول/ لوبا إلى لوبيت وباري. وهذه العملية تبدو مستمرة، فيما قام الأشولي والمادي واللوبيت والباري والبويا والديدنقا بتقديم طلبات لفصل مقاطعاتهم.
    وعادة ما تكون رئاسة المقاطعة في المدينة الرئيسية للقبيلة ذات السيطرة في كل مقاطعة، ويعتبر قرب المقاطعة من العاصمة مرتبطاً بإمكانية وصول الدفعيات المالية لتمويل الخدمات الضرورية، وكلما كانت المناطق قريبة من الحكومة يكون الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية أكثر توفراً، مما فاقم الإحساس بالتهميش في أوساط المجموعات الأخرى. هناك تصور قوي وسط المواطنين بأن تقديم الخدمات الضرورية في القرى مرتبط مباشرة بدرجة تمثيلهم القبلي داخل الحكومة المحلية، عليه يربط المواطنون عدم الحصول على الخدمات للفشل في التمثيل السياسي والوصول للسلطة السياسية أكثر من مسألة التقصير في المسألة والمحاسبة، ويتفاقم الأمر أن السلطات الحكومية عادة ما يتم اختيارها من قبل مجتمعاتهم المحلية.
    والأسباب في ذلك واضحة لأنهم يتحدثون اللغة المحلية ولديهم معرفة بالأحوال المحلية، لكن الفشل واضح وإلا لماذا كان جون قرنق يؤكد مراراً في رؤية أنه ينبغي اختيار موظفي الحكم المحلي من خارج المجتمع المحلي، لأن اختيار الموظفين من المنطقة أسهم في انشقاق هويات المجموعة. من حيث التنظير حجة إقامة اللا مركزية تظل واحدة من أقوى الحجج، لكن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات معينة لفصل موظفي الحكم المحلي من شبكاتهم الخاصة بالمنطقة بغرض تحسين التمثيل والمحاسبة، وهذان الأمران ينبغي العمل على تحسينهما من خلال لا مركزية ديمقراطية.
    ضعف الهياكل المحلية
    حقيقة عملية التقسيم الحالية القائمة على نموذج (مقاطعة واحدة لقبيلة واحدة) للتنافس حول التمثيل عمل غير مستدام، مثال لذلك أنه من داخل المقاطعات القائمة على أساس سيطرة القبيلة الواحدة يوجد من يحسون التهميش، ويخلف مثل هذا الوضع انشقاقات لقبائل فرعية أو خطوط عشائرية تبدأ في الظهور. وفي حالات اللا مساواة أو محدودية الحصول على الموارد يجمع الناس على اختلاف هوياتهم أن أولئك الحائزين على الموارد يتميزون عنهم ونتيجة لذلك عملية التقسيم تكمن فيها دواعي الفرقة، لكن من استطلعوا قاوموا من أجل التقسيم، وفي كل الأحوال لا يمكنهم أن يتخيلوا بديل قابل للتطبيق.
    ماذا تعني مركزية السلطة من خلال تقسيم الوحدات الإدارية؟ في الواقع من غير الواضح ما هو نوع الموارد المالية في حيازة الإدارات المحلية لتطبيق التغيير المنشود من أجل المواطنين، والموارد الشاسعة المختلفة تعتمد على حجم النشاط التجاري للمقاطعة، وبالرغم من ذلك طالما ظلت الهياكل المحلية ضعيفة وكذلك شرعية هذه الهياكل أيضاً ضعيفة مع حكومة جنوب السودان والوزارات المختصة، سيظل صراع الأطراف في تصاعد من أجل التنافس حول السلطة.
    المقاطعات تشعل الصراع
    يبين الصراع القائم حالياً بين اللوبتي والباري بأن الدافع للتقسيم هو الحصول على الخدمات، ويبدو مبدئياً أن الصراع كان بسبب اسم المقاطعة ولكن في النهاية القضية تتعلق بمكان رئاسة المقاطعة، وقالت بعض الأصوات من شرق الاستوائية إن الاسم مهم، وتنبع أهمية الاسم بأنه يدل على أين يمكن إقامة الرئاسة، فإذا أطلق اسم لافون عليه يكون المركز الإداري في لافون، ولو سميت لوبا تكون الرئاسة في إمهيك. إن الناس غاضبة جداً لنقل الرئاسة إلى هناك. يستطيع لوبيت والباري الحديث مع بعضهم، لو تم اختيار إمهيك مقراً للرئاسة سيجلب ذلك الحرب، وهناك خطة لن نقبل أن تكون الرئاسة في إمهيجي.
    وأبلغ الوالي السابق فريق البحث عن اسم المقاطعة هو لوبا (مشتق من لوبيت وباري) وعاصمتها إمهجك، علماً بأنه ذكر في مؤتمر قبل أسابيع مضت أن المقاطعة هي لافون والعاصمة لافون، ويتكرر الغموض والربكة نفسها بين موظفي الحكومة على المستوى المحلي. ويقول الباري إن قراراً صدر عام 2004م موقع من جون قرنق حدد لافون اسما للمقاطعة والرئاسة، في حين أن المباني الإدارية موجودة في إمهيجي.
    وفي أثناء كتابة هذه البيانات رفع طلب لمجلس الحكومة المحلية لإنشاء مقاطعتين منفصلتين، وأيد هذه الفكرة الفريقين والحكومة بشدة لاعتقادهما أنهما لا يستطيعان العيش سوياً في سلام. إن قضية الصراع حول المقاطعات مثيرة للانقسام لدرجة قطع صلات القربى والتصاهر، فالتجارة بين المجموعتين قد قطعت تماماً، وهذا يعد من أكبر المساوئ لمعاش وحياة الطرفين، في وقت لم يبذل فيه أي جهد جاد من أجل المصالحة.
    التبوسا والتوركانا
    قبل عقد من الزمان أشار الصحفي بيتر كاموا إلى أن الحدود السودانية والكينية والأثيوبية تمثل تحدياً امنياً، ومنذ ذلك الوقت لم يتغير شيء يذكر على طول الحدود السودانية الكينية، في وقت إعداد هذا البحث كان الوضع متوتر لدرجة استخدم فيها إداريي المقاطعة مصطلح نقطة دخول بدلاً من حدود، وأوضحوا أن هذه الأيام لا يمكن أن يطلقوا مسمى حدود نظراً إلى أن الوضع منفجر للغاية. وبالنظر إلى صعوبة فهم تحليل الأحداث وفقاً للتوركانا نورد أدناه نسخة الأحداث التي يروج لها التبوسا:
    بدأت التوترات على طول الحدود في تصاعد لشهور حتى سبتمبر 2009م لعدة أسباب، واحدة من هذه الأسباب أن الحكومة الكينية بدأت تستجوب التبوسا حول جوازات وأذونات السفر لعبور الحدود في يوليو عام 2009م. ويعتقد أيضاً ان ارتفاع وتيرة التوتر أنه في أغسطس 2009 يرجع إلى أن وزيراً كينياً منع من دخول السودان نظراً لعدم وجود مسؤول عالي المستوى يمكن أن يقوم بمقابلته على الحدود، واعتبر الوزير الذي عاد أدراجه إلى لوكيشونغوا أن ذلك المنع تم وفقاً لتعليمات. ووفقاً لذلك الاعتقاد أمر الوزير الجيش والشرطة لاعتقال وضرب أي سوداني بالسوق، وعليه ضرب كثير من السودانيين بصورة مبرحة.
    القبيلة في مواجهة جيش نظامي
    وخلال فترة إعداد هذا البحث كانت الحدود بين التبوسا والتوركانا تحديداً مائلة للشجار مع مواجهات تم التبليغ عنها بين التبوسا والحكومة الكينية في 18،23 و24 أكتوبر أدت إلى إغلاق المعابر الحدودية لعدة أيام. ويعتقد قادة المجتمع أن هذه الفترة من الحرب تحديداً أثارها الجيش الكيني الذي قام بنصب علم بلاده في ندابالا وهو ما اعتبر حالة حرب لقدوم الكينيين بجيشهم وعلمهم لأخذ الأرض، وقال التبوسا أنهم قد أصدروا تحذيراً للحكومة الكينية للانسحاب وأبلغوا جوبا لاستنفار حكومة جنوب السودان، وأنه إذا لم يعالج الوضع خلال خمسة أيام سيهاجمون الجيش الكيني، وذكر قادة المجتمع رفض الجيش للانسحاب فيما لم يتم الرد من حكومة جنوب السودان.
    وعليه قام عدد من التبوسا بمهاجمة ثكنات الجيش الكيني في نادايا وتضاربت التقارير حول عدد الضحايا من الجانبين مع التقارير التي تلقتها وأرسلتها (دابكوسس) أن التبوسا قتلوا 16 جندياً كينياً واستولوا على مدفع وجرحوا اثنين فقط – فيما أوردت مصادر أخرى أن الحكومة الكينية أعلنت عن عدم وجود ضحايا.
    وبغض النظر عن صحة ما ورد عن عدد القتلى والجرحى من الواضح أن ما حدث يعتبر صراع بين الريفيين من قبيلة التبوسا الرعاة وجيش دولة ذات سيادة حول على ما يعتبر على الأقل من وجهة نظر التبوسا أنه صراع حدود.
    تغير شكل العلاقة
    ظلت القضية صراع مرهق على مدى وقت طويل بين التبوسا في السودان والتوركانا في كينيا رغم أن المجموعتين يرتبطان اثنياً ولغوياً ويمتهنان الرعي كنشاط رئيسي في حياتهم.إن لب القضية يكمن في أن هذه المجموعات تعتمد على الرعي كمصدر رئيسي للحياة ويعيشون في أقاليم عرضة للجفاف ويحتاجون بالضرورة لتقاسيم العشب والمياه في فصل الجفاف.
    وفي زمان الجفاف القاسي أو من أجل مقابلة متطلبات المهر هناك عادة أن يتعدى أحد على أبقار الآخر، وهذا عادة ما ينجم عنه قتل الشخص أو الأشخاص الذين يعملون في حراسة القطيع. لقد استاء الناس لأنه تاريخياً هذا الشكل من الصراع يعالج بواسطة التبوسا والتركانا.
    تحرك الناس والأبقار من منطقة إلى منطقة متأثرة من الممكن أن يكون مدعاة ووصفة للتوتر، ورغماً من أن الأطراف تتوصل إلى اتفاقيات لتقاسم الموارد مؤقتاً بشروط، تظل التحركات المتكررة وطول أمد البقاء سبباً في تزايد التوترات وتكون أكثر تعاظماً. ووفقاً للاستطلاع مع التبوسا أن تورط الحكومة الكينية غيّر هذه العلاقة.
    إدارة مدنية
    وخطورة القضية هو تحولها من من مفهوم كونها صراع محلي بين مجتمعين حول الأرض ومصادر المياه، وينبغي على المدنيين أن يدركوا بأنهم لا يستطيعوا مهاجمة جيش دولة أخرى ولكن على الكينيين أن يأتوا بإدارة مدنية، ولذلك اعتبر التبوسا الأمر بأنه احتلال. وفي ذلك تعريض مبطن لتخريب العلاقات القائمة بين التبوسا والتوركانا حيث كان قبل تطور هذا الصراع زيجات وترتيبات متبادلة في موسم الجفاف ومستويات عالية من التبادل تجارة الحدود.
    لقد توقفت حالياً كل هذه الأنشطة، وأشار التبوسا لانقطاع التواصل بين الأسر عبر الحدود لعدد من الشهور نتيجة لهذا الصراع وتوقفت التجارة بين القبيلتين. ورفضاً للاحتلال أجرت حكومة جنوب السودان ترتيب مع الحكومة الكينية بأنه من الممكن نقل محطتهم الجمركية إلى ندابال لتسهيل إدارة العمل الجمركي، ولكن قد اتخذ ذلك الإجراء من دون التشاور في هذا الشأن مع التبوسا ولا حتى مجرد إخطارهم بعد ذلك.
    لذلك اعتبر التبوسا أن قدوم الحكومة الكينية وإقامة منشآت رسمية على ما يعتبرونه تقليدياً أرض من أراضيهم دليل على دعم الحكومة الكينية للتركانا في الصراع القائم حول الدعم ونقاط المياه. بالإضافة لذلك ووفقاً لتصور عدد ممن أجرينا معهم الاستطلاع أن هذا الصراع وصراعات أخرى مشابهة تطورت مؤخراً لدخول عملية الغارات لنهب الأبقار في منظومة العمل التجاري، ويعتقد هؤلاء أن الساسة المحليين ورجال الأعمال يمولون عمليات النهب على أسس تجارية.
    تجاوز التبوسا
    وتميل وجهات النظر حول دور حكومة جنوب السودان في هذا الصراع إلى الاستقطاب والتناقض إلى حد ما. وفي أحد هذه الجوانب أن التبوسا متضجرين لكون أنهم لم يستشاروا أو يخطروا بالتغييرات الخاصة بترتيبات عبور الحدود، هناك اتفاقية وقعت لنقل محطة الجمارك بالقرب من ندابال ولكن لم يتم التشاور في هذا الشأن مع التبوسا أو إخطارهم ولذلك اعتقدوا أن الحكومة غير مهتمة بهم.
    وعبر شباب التبوسا في ناريس من نفاد صبر بعض أعضاء المجتمع تجاه حكومة جنوب السودان وأوضحوا أن المواطنين في ندابال والسكان المحليين قالوا (من الأفضل للكينيين أن ينتهوا مننا ثم ينتظروا حتى موتنا ثم من بعد مجيء حكومة جنوب السودان).
    ومن ناحية أخرى هناك فهم محلي أن الصراع التاريخي حول شح الموارد قد تم استغلاله بواسطة السياسيين وأن هناك اعتقاد قوي بأن الحكومة في الخرطوم لديها يد في اتساع التوترات لهذا المستوى.

    عودة الانفجار
    وتدور أسئلة عديدة حول عسكرة هذه الصراعات مع بعض الافتراض أن المؤتمر الوطني هو القوة الخفية التي تحرك التوترات بين المجموعات، من ناحية عبر بعض من استطلعنا آراءهم عن استياءهم من أن حكومة جنوب السودان لم تتدخل بشكل ثقيل أو على الأقل بشكل واضح ويعتقد آخرون أن حكومة جنوب السودان تتفادى إستراتيجياً التورط في صراع حدود دولية القائمة حتى الانتخابات والاستفتاء.
    إلى ذلك قالت مجموعة من الرجال الشباب في سوق ناورس أن حكومة جنوب السودان امتنعت من اتخاذ إجراء لأنهم يعلمون بأنها إستراتيجية قد تشوش عليهم الانتخابات.
    وبغض النظر عن قوة هذا الخلاف الحدودي فإنه بالنسبة لحكومة جنوب السودان قضية شديدة التغلب ومحتملة الانفجار بقوة وعبرت مجموعة من نساء المادي عن شعور سكان الإقليم بعدم الطمأنينة وأن هناك اعتقاد محلي بوجود تزايد أعداد المدنيين الذين يحملون السلاح وهذا الشيء يجعلنا لا نحس بالطمأنينة وإطلاق الأعيرة النارية الذي يذكر بجنوب السودان في الفترة السابقة (عندما كنا نركض عراة أحياناً من الحرب) وبالتعريف الدولي الضعيف لهذه الحدود يمثل هذا الصراع بالإضافة لقضايا أخرى تحدياً خطيراً لحكومة جنوب السودان.
                  

04-15-2011, 07:04 PM

عصام دقداق

تاريخ التسجيل: 02-27-2008
مجموع المشاركات: 1714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر- (Re: عصام دقداق)

    مدخل:
    قدّم تقرير أعدته مدرسة العلوم السياسية والاقتصادية ومعهد دراسات التنمية بلندن بعنوان (جنوب السودان يختلف مع نفسه) المعلومات التي توضح الصعوبات التي تواجه التنمية وتزايد العنف البيني بالجنوب، ويشير التقرير إلى أن العنف من أكبر التحديات لمواطني جنوب السودان، فهنالك سببين شائعين للعنف المحلي في الجنوب، أولهما أن الجنوبيين وقادتهم يرغبون في تحميل كل العلل والظواهر المحلية غير المعروفة إلى أيادي الخرطوم الخفية. ومن خلال هذا البحث عبر الكثير عن تنامي الكراهية والعنف في الجنوب بدون تشجيع من الشمال. وهذا يقود إلى السبب الثاني الأكثر شيوعاً وإيضاحاً، فاندلاع مظاهر العنف المحلي في الجنوب تغذية الصراعات بين القبائل، فمظاهر الصراع القبلي علي كل شئ ابتداء من الصراعات الأسرية إلى الصراعات داخل القبائل حتى هجمات العصابات الإجرامية أو غارات الجنود السابقين.
    نمولي: خلاف حول ماذا؟
    كمدينة حدودية ونقطة دخول وخروج يقطنها نازحون من الدينكا وعائدي قبيلة المادى الذين كانوا يعملون في قوات الجيش الشعبي، بهذه الوضعية تعتبر نمولي نموذج يثير التوترات الناجمة من بعد الحرب وإعادة التوطين، ويمكن خفض هذه التوترات بشكل سطحي بالقول أنها صراعات قبلية، وطبقاً لحوار مع أحد المواطنين القدامى فإن نمولي سقطت بيد الجيش الشعبي عام 1989. قبل ذلك كان تسيطر علي المدينة مليشيات مادى المعارضة للجيش الشعبي. لقد وصلت معارضة المادى للجيش الشعبي ذروتها عندما قتل نائب برلماني يدعى جوزيف كيبولو أثناء حملته الانتخابية في طريقه من توريت إلى أوبارى. وقد خلفت الحادثة انقساماً بين الأشولي والمادي إلى يومنا هذا خاصة في أوباري. وقد أدى سقوط نمولي في يد الجيش الشعبي في عام 1989 إلى هجرة المادى إلى يوغندا.
    وخلال التسعينات بدأت مجموعات من الدينكا الهرب من ولاية جونقلي وجاءت واستوطنت في نمولي. وطبقاً لسلطان جالية دينكا بور أن الهاربين استوطنوا في الفترة من عام (1991-1993) بعد هجمات شنتها عليهم مجموعة مليشيات الجيش الأبيض التابع لرياك مشار في بور بدعم من الخرطوم.
    صراع المادي والدينكا
    وقال عدد من الدينكا الذين تم استطلاعهم بأنهم أُبلغوا أن مدينة نمولي قد سكنها اللاجئين اليوغنديين منذ عهد حكم إيدى أمين وعادوا إلى يوغندا مخلفين وراءهم أرضاً خالية. وأصبحت نمولي حامية يسيطر عليها جنود الجيش الشعبي ونازحي الدينكا. وبعد اتفاقية السلام بدأ العائدين من المادى الاستيطان ثانية في نمولي وتزايدت تبعاً لذلك التوترات.
    وأوضح أحد كبار المادى التعبير الشائع الذي يستخدم لتوضيح الخلافات حول الأرض، فعندما يري شخص من المادى شخص آخر يجلس تحت ظل شجرة المانجو (زرعتها أنا ويقوم هو بحصاد ثمارها) .. نمولي ليست مدينة جاذبة فقط باعتبارها منطقة تبادل تجاري واقتصاد نامي، لكنها أيضاً لوضعيهما الإستراتيجي المميز كمدينة حدودية قريبة من إجراءات السلامة ولسهولة الوصول منها إلى المؤسسات التعليمية في يوغندا.
    وتعتبر اتفاقية نمولي (تمت بوساطة خدمات الإغاثة الكاثوليكية والمنظمة الدولية للهجرة) التي صممت للمساعدة في عودة نازحي الدينكا اتفاقية ناجحة نسبياً في خفض التوتر، لكن جالية المادى يشعرون أن قضية الأرض لم تحل، لأنهم لم يستطيعوا شغلها، وهذا حقهم التاريخي وفقاً لعينات عشوائية استطلعت في مدينة نمولي. قضية الأرض لم تحل والسلام بالنسبة للمادى سيأتي عندما يغادر الدينكا، ليس لك حقاً إذا لم تقاتل، لذلك هم مقيمون ويعملون بالتجارة ويطالبون بالأرض. وعلي الرغم من التصريحات الرسمية التي تتحدث عن الانتقاد السلس للسلام، ما زال الوضع تحت درجة من التوتر والغليان.
    ما بين الهوية والموارد والحرب
    تستمر التوترات في الحدوث بين لو نوير وجيكاني نوير في جنوب أعالي النيل، ويبدو في السطح أن الصراع بين لو وجيكاني حول السيطرة علي الموارد. ويربط نهر السوباط وأنهر البيبور (التي تفصل الحدود مع اثيوبيا) مدن الناصر في الركن الجنوبي الشرقي وأكوبو في الجزء الشمالي الشرقي من جونقلي. وقبل بداية الصراع تمتد منطقة جيكاني إلى أقصى الجنوب علي طول نهر البيبور إلى قرية واندينق بالقرب من حدود ولاية جونقلي وأكثر قربا إلى أكوبو منها إلى الناصر، تقليدياً أثناء موسم الجفاف الذي يوافقه المحليين من الجيكاني يأخذ أو لو مواشيهم من شمال أكوبو إلى واندينق حيث المرعى والمياه العزيره.
    أول ما بدأ الصراع بين القبيلتين كان ذلك عام (1993) بتضافر العديد من العوامل، أولها سقوط منقستو في أثيوبيا عام (1991) الذي عنى خسارة مفاجئة للجيش الشعبي لملاذ آمن في غرب أثيوبيا.
    وخلال أيام أفرغت معسكرات اللاجئين هناك حيث عبر مئات الآلاف من لاجئ جنوب السودان الحدود، وخلق التدفق المفاجئ للاجئين علي مقاطعتي الناصر وأكوبو ضغوطاً علي الأراضي والموجود من الغذاء المحلي. تزايد الضغط السكاني مقروناً مع كارثة إنسانية حادة بسبب الجفاف عام (1992و 1993) وهو ما قاد بعض من اللو لمحاولة الاستقرار بشكل دائم في واندينق. وبوقوع الجيكاني تحت ضغوط مشابهة تزايدت التوترات وتحولت إلى عنف، وأسهمت انشقاقات الجيش الشعبي عام (1991) أيضا في تصاعد التوترات بين المجموعتين، فالانقسام داخل الجيش الشعبي مقروناً بالضعف الإداري لكل من ريك مشار ولام اكول وقوردن كونج أدي إلى انعدام الأمن في المنطقة بسبب رئاسة فصيل الناصر.
    وساعد ضعف سيطرة القادة المحليين إلى تصاعد أمراء الحرب، وبمجرد اندلاع القتال وتفكك السلطة بالمنطقة نتيجة الانقسام الذي حدث للجيش الشعبي، بدأ من الصعب مخاطبة الصراع وحماية المواطنين المحليين. وفي السنوات القليلة الماضية طرد الجيكاني تدريجياً إلى خارج واندينق، ولكن اللو لم تكن بصدد اغتصاب الأراضي.
    تراكم الصراعات
    أصبحت الأرض جنوب أكوبو في ولاية جونقلي تتغير تدريجياً خلال العقود العديدة الماضية، من حيث إمدادات المياه حيث انعدمت المياه السطحية في موسم الجفاف، ونتيجة لذلك بدأ المورلى يتجولون بشكل واسع من مكان إلى مكان في المنطقة، ويدفعون بالأنواك باتجاه أثيوبيا ويضغطون علي اللو. وأثر انعدام الأمن أيضاً أثر علي حركة النقل عبر الأنهر إلى الأرض المغلقة "أكوبو". وبالنظر إلى طرقهم غير المعبدة والوعرة وضعف الحركة النهرية لمشاكل بأعلى النهر أحس اللو بالعزلة والحصار وإبعادهم من بناء جنوب السودان الجديد.
    أن قضية الـ واندينق نفسها لم تحل وإدارتها أرجعت إلى مقاطعة الناصر بولاية أعالي النيل في احتفال يناير(2009). والملاحظ أن هذا الصراع يتغذى علي العديد من القضايا التي تشمل الضغوط السكانية، والنزوح والحصول علي المياه وتبدل الانتماءات السياسية وتاريخ أمارة الحرب.
    أضف إلى هذه التوترات انعدام السلطة المحلية، نتيجة لتراكم الصراع وتغيير البيئة، وانعدام البنية التحتية، وانعدام المشاركة السياسية الواسعة الخاصة بمحاولة بناء الدولة. وبالنظر إلى التعقيد والانقسام حول القضايا المذكورة أعلاه يتضح أن تصنيف الصراع باعتباره كنماذج للعنف الاثني والقبلي قد ينجم عنه تبسيط شديد لفهم القضايا غير الواضحة التي تحتاج إلى اعتبار عميق. أن استخدام القبلية أو الكراهية علي أساس قبلي كأداة لتوضيح العنف المحلي يضاعف الأثر التدميري، بحيث يعمل علي أخفاء حقائق الصراع ومحاولات وضع الحلول.
    ويشير التقرير أن تعريف العنف في جنوب السودان علي أساس أنه صراع قبلي أدي إلى طغيان المنطق الضعيف، وأصبح هذا المنطق القاعدة المعرفية لمبادرات السلام المحلي، والتي تركز علي القضايا القبلية والمصالحات القبلية بقيادة السلاطين، وهم بدورهم يكتسبون سلطاتهم بالتركيز علي مثل هذه الانقسامات القبلية. فتحديد القضايا السياسية والقبلية التي أصبح لها وجود نتيجة المجال الذي فتحته اتفاقية السلام الشامل لم يتم مخاطبتها بشكل كامل.
    استكمال الهياكل الإدارية
    رحلة جنوب السودان عندما بدأت مفاوضات السلام في عام (2002) إلى عام (2010) كانت ملحوظة، فقد انتقل الجنوب من منطقة حرب مشتعلة إلى إقليم يتمتع بشبه الحكم الذاتي، وحقق منجزات تمثلت في إقامة حكومة جديدة وإقامة بنية تحتية، وإنهاء حالة الحرب والقتال بين الشمال والجنوب عموماً. تمت كل هذه التطورات تحت ظروف صعبة للغاية، ومن المهم جداً وضع هذا الأمر في الذهن عند مخاطبة العديد من التحديات الماثلة وعند تحليل أسباب العنف المستمر. وفي الحقيقة واحد من الأسباب التي أدت إلى ازدياد العنف المحلي تكمن فيما يتم فعله في جنوب السودان، وأن بعض تلك الأفعال خلقت تناقضات غير مقصودة أكثر من كونها ناجمة عن العنف.
    يمر جنوب السودان حالياً بتجربة الربط ما بين الترتيبات لإقامة تنمية والمساعدات العاجلة ومناشط بناء السلام وإقامة هياكل حكومة جديدة مع تقوية أنظمة الحكم القديم، هذا التباعد بين المناشط خلق تنافس أو عدم وضوح في الأفكار وماهية الأهداف التي يجب إنجازها من خلال كل منشط حتى يتحقق في نهاية الأمر مستقبل الجنوب، وانعدام وضوح المستقبل ليس بالشئ المفاجئ إذا أخذنا في الاعتبار أن اتفاقية السلام الشامل قررت بشكل كبير حول هذا الأمر.
    السلام انعدام الرؤية
    وتكمن العبرة في الكيفية التي جاءت بها اتفاقية السلام، فاتفاقية السلام كوثيقة لم تؤسس لطريقة محدودة، ووقع عليها من جانب الجنوب الحركة الشعبية التي لم تكن موحدة وبها أفكار مختلفة وتحت ضغوط دولية كثيفة.
    ويوضح التقرير حقيقة أن كل المشاركين في اتفاقية السلام الشامل بما في ذلك الدول المانحة والوكالات المنوط بها تنفيذ الاتفاقية أو المنظمات غير الحكومية، ظلوا غير واضحين في ما يتعلق بأهداف ما وراء الموضوعات المهمة المضمنة في اتفاقية السلام الشامل، مثل التعداد السكاني والانتخابات واستفتاء، وأرجع التقرير ذلك لسببين مختلفين، فتعقيدات الأوضاع في جنوب السودان وضعت تركيزاً كبيراً علي الموضوعات المهمة المضمنة في اتفاقية السلام، باعتبار أن تنفيذ تلك القضايا أكثر سهولة من عمليات التنمية المتنوعة. والاتفاقية تمثل معيار الحد الأدنى المشترك لما تم الاتفاق عليه ليس فقط بين الشمال والجنوب، لكن علي الرغم من الميول الماركسية ظل انعدام الوضوح الفكري سائداً بالحركة الشعبية، غير أن قيادة جون قرنق أدخلت علي الحزب ما يشبه وحدة الهدف العام. ومنذ أن رحل قرنق أضحى انعدام الفكرة من أكثر الموضوعات أهمية. أن الانتقادات التي صاحبت العملية الانتخابية أعادت للأضواء أن الخطة الرئيسية للحركة الشعبية هي تعزيز وفرض سلطانها، فيما ظل مسار الديمقراطية غامضاً
                  

04-15-2011, 07:05 PM

عصام دقداق

تاريخ التسجيل: 02-27-2008
مجموع المشاركات: 1714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر- (Re: عصام دقداق)

    مدخل:
    قدّم تقرير أعدته مدرسة العلوم السياسية والاقتصادية ومعهد دراسات التنمية بلندن بعنوان (جنوب السودان يختلف مع نفسه) المعلومات التي توضح الصعوبات التي تواجه التنمية وتزايد العنف البيني بالجنوب، ويشير التقرير إلى أن العنف من أكبر التحديات لمواطني جنوب السودان، فهنالك سببين شائعين للعنف المحلي في الجنوب، أولهما أن الجنوبيين وقادتهم يرغبون في تحميل كل العلل والظواهر المحلية غير المعروفة إلى أيادي الخرطوم الخفية. ومن خلال هذا البحث عبر الكثير عن تنامي الكراهية والعنف في الجنوب بدون تشجيع من الشمال. وهذا يقود إلى السبب الثاني الأكثر شيوعاً وإيضاحاً، فاندلاع مظاهر العنف المحلي في الجنوب تغذية الصراعات بين القبائل، فمظاهر الصراع القبلي علي كل شئ ابتداء من الصراعات الأسرية إلى الصراعات داخل القبائل حتى هجمات العصابات الإجرامية أو غارات الجنود السابقين.
    فتّش عن الدولة
    يشير التقرير إلى أن القضايا الرئيسية التي تتضافر كأسباب للعنف المحلي تنجم نتيجة الشكل الهرمي للبناء أو لوجود اضطراب، ولحد ما يتمثل في العلاقة المتناقضة بين الدولة ومواطنيها، بجانب ذلك تتضافر أسباب العنف نتيجة انعدام القدرة الكافية للدولة لتجاوزه. ومن جانب آخر يتجدد الصراع حتى في ظل مؤسسات الدولة القوية القابضة، والصراع أصلاً كامن في قلب العنف المحلي ويتفاقم بفعل تركيز التنمية في بناء مؤسسات الدولة. وربما أن هذه المؤسسات الجديدة تفتقر هي بالمقابل إلى المحاسبة خاصة علي المستوى المحلي الذي يشهد معظم أسباب العنف، فتتحول المساعدات المالية المخصصة للتنمية وبناء الهياكل لتصبح هي نفسها سبباً رئيسياً للعنف. ويبدو أن نفوذ الخرطوم في العنف الجنوبي أمر مبالغ فيه، وتتمحور معظم الاتهامات حول ترتيبات الأسلحة والاستمرار في دعم المليشيات (بما في ذلك جيش الرب) والعمل علي الكسب السياسي الرخيص. ولكن يبدو أن ادعاء اليد الخفية لا وجود له، بل وأضحي أقل أهمية منذ الانتخابات، والتي أتضح من خلالها بأن ديناميكية العمل السياسي والصراع حول السلطة كشف أن الجنوب ساحة خصبة وكبيرة للصراع. وللدلالة علي ذلك وخلال أول شهرين من عام 2010م قتل مزيداً من المواطنين في ولاية واراب أكثر مما حدث في أي ولاية أخري رغم أنها تعد ولاية صغيرة نسبياً بها نفوذ شمالي ضعيف، فمظاهر اندلاع الصراع موجودة في تركيبة الدولة الوليدة والتي تظهر وكان جنوب السودان علي خلاف مع نفسه.
    توصل التقرير إلى أن التطورات الإدارية والسياسية المتعلقة بتكوين مناطق الوحدات الإدارية وترسيم الحدود كانت سبباً في رفع وتيرة التوترات، وتم استغلال هذه المؤسسات قبلياً لفرض السيطرة والفصل بين المجموعات. وتوصل أيضاً إلى أن التغيرات الاقتصادية والبيئة والهجرات والتنافس المضطرد علي الأرض بغرض الحصول علي الموارد أظهر بقدر كبير النعرات القبلية وأضحت واضحة في ديناميكية هذا التغيير.
    وفقاً لنتائج هذا التقرير ومنذ التوصل إلى اتفاقية السلام الشامل لم تستطيع حكومة الجنوب العمل علي مراقبة التوزيع العادل للموارد أو التوصل إلى خفض القوات وتنفيذ برنامج نزع السلاح. وأوضح التقرير أنه في المناطق التي أجري فيها البحث تفتقر إلى عملية تقاسم السلام. وأنشئت بالمناطق المعنية إدارات ضعيفة عملت علي إزكاء روح الصراع القبلي، والأخطر هو ترسيخ المفهوم القبلي كأساس لتقسيم السلطة في مناطق بعينها.
    وبالنظر للقضايا التي أستعرضها التقرير يبدو للوهلة الأولي أن جل المشكلات تتمحور وتتصل بالعنف المحلي. لكن التقرير توصل إلى وجود قضية هامة تتصل بترسيم الحدود الداخلية في ظل الفترة الانتقالية، هذا بالإضافة إلى العواقب الوخيمة الناجمة عن ترسيم الحدود القديمة لجنوب السودان، ويعتبر ذلك الترسيم من الأسباب الرئيسة للصراع الإثني.
    الجنوب يختلف مع نفسه
    تحت هذا عنوان تم اختبار كيف إن الإثنية أصبحت الخطأ البين في العنف المحلي بجنوب السودان، وكيف أستهين بهذا الأمر مما أدي إلى سوء فهم أسباب العنف. تحليل ديناميكية الصراع ومالأت التوتر الإداري الحدودي جعل من العنف مسألة سلوكية دائمة خاصة في المناطق التي حدث فيها تغير اقتصادي عبر تلك الحدود، معلناً عن نفسه في شكل سلوك عنفي وبالتالي يصنف بكل بساطة في كثير من الأحيان علي أنه صراع قبلي.
    أعالي النيل.. إشكالات بالجملة
    تعتبر أعالي النيل منطقة تماس منتجة للبترول شهدت مواجهات أثناء الحرب الأهلية في الفترة من (1983-2005)، وشهدت انشقاقات وعنف داخل الإقليم الجنوبي في عام (1991)، وظلت أعالي النيل مشبعة بالأسلحة الصغيرة وتواجد المليشيات مما جعلها منطقة قابلة للانفجار والعنف المستمر أثناء تطبيق اتفاقية السلام.
    التوجه الحالي لأعالي النيل ملئ بالإشكاليات خاصة أن الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية القيمة والانقسامات السياسية جميعها احتمال تنبئ بحدوث صراع في المستقبل. هذا الاحتمال تشكل نتيجة أحداث تبادل أطلاق النار التي حدثت في سكنات الجيش الشعبي نظراً لعدم الاقتناع بنتيجة الانتخابات.
    وتمثل العاصمة ملكال انعكاساً للتوترات التي تحدث علي نطاق الولاية، وقبل الحرب الأهلية الثانية استعربت المدينة بشكل كثيف وصارت الملامح الشمالية الإسلامية أكثر بروزاً في المدينة. ومنذ التوقيع علي اتفاقية السلام الشامل بدأ النفوذ الشمالي في التراجع ببطء حيث تعاقب حكام من المؤتمر الوطني علي أعالي النيل حتى إجراء الانتخابات وفتح التنافس للسيطرة علي موارد ملكال.
    الجزء الشمالي من ملكال يعتريه التوتر بين الشلك والدينكا والنوير، فكل طرف يحاول تقديم أدعاء ضد الطرف الآخر، وفي الأطراف الأخرى من أعالي النيل تدور الحرب الشرسة بين النوير فيما بينهم في شكل قتال بين الـ "لو" والـ "جيكاني". اندلاع الصراع حول الأرض بين الدينكا والشلك عقب اتفاقية السلام أضاف بعداً جديداً لعدم الاستقرار الذي تطور إلى عنف في يناير 2009 حتى الانتخابات وإلى ما بعد ذلك، واستمرت التوترات بين المسئولين في الحزب الرئيسي للحركة الشعبية ومؤيدي الحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي بقيادة لام اكول والموالين لهم.
    الاستوائية.. تجارب مريرة
    تقع ولاية شرق الاستوائية في إقليم له تجارب مزمنة من الصراع المسلح وعمليات نهب الأبقار تحت مؤسسات ضعيفة لا تقدر علي فرض سيادة حكم القانون، وتجاور الولاية كل من أثيوبيا ويوغندا وكينيا ويشكل ذلك عبئاً أضافياً يتصل بالحراك عبر الحدود. ودمرت الحرب الأهلية الثانية أجزاء من الولاية وأرجعت بالتنمية التي تحققت أثناء فترة الحكم الذاتي إلى الوراء. فيما دمر القصف الجوي الذي كان يشن من وقت إلى آخر والهجمات العسكرية البنية التحتية المحدودة، كل هذا أدى لحالة نزوح علي نطاق واسع.
    الإقليم يشهد حالياً أوضاع بيئية قاسية وانخفاض أو فشل في المحاصيل، ومن الطبيعي حدوث ندرة في الحصول علي الموارد، في ظل تضافر عوامل مثل انعدام الخدمات الأساسية وضعف أو غياب مؤسسات الدولة وفشل الاقتصاديات المحلية واحتدام الصراع.
    لقد صارت عملية نهب الأبقار وسيلة إستراتيجية للبقاء، وشهدت السنوات الأخيرة في العنف الدموي وموجة الغارات نتيجة لتواجد الأسلحة الصغيرة إضافة إلى الجفاف الشديد الذي ضرب المنطقة خلال العامين الماضيين.
    ولم تقرر الجهات السياسية التي تسيطر علي الأوضاع بإجراء محاولات لإيجاد حلول للصراعات وتحسين الأمن في الإقليم، وباتت فرص التنمية قليلة لضعف الاقتصاديات المحلية وانعدام المساعدات، فيما تشهد ضواحي مدينة نمولي علاقات متوترة بين النازحين من قبيلة الدينكا والعائدين من قبيلة الماي علي الرغم من اتفاقية نمولي التي من المفترض أن تكون قد حلت قضايا ملكية الأرض التي هي أس التوتر. أما المسرح السياسي المتسع في توريت فقد كان له أثر كبير علي مستوى أنشطة ديناميكية الصراع المحلي في الولاية. وفي مقاطعة سوق كبويتا على سبيل المثال يندلع القتال بسبب موضوع الغارات علي الأبقار بين التبوسا والباريا. ومن العوامل التي توسع الصراع أيضا شح الموارد، وجود الأسلحة، تغير دور العمل وتصورات الأنظمة القضائية وعدم نجاح اجتماعات السلام. وأجرى فريق البحث تحليل للصراعات حول الأرض في مقاطعة مقوى بين اللوتوكو في بلوتكا والأشولي في أوبو، وبين البنكورا والأفورو في أوروبو والأشولي والبارى في كيتى/أيجى وكيف أن أحاطت هذه الصراعات بشكل واسع علي الإطار السياسي والاجتماعي.
    بحر الغزال.. انقسام الولاءات
    تمتد ولاية غرب بحر الغزال من دارفور في الشمال إلى حدود ولاية واراب في الركن الجنوبي الشرقي منها، وتنقسم إلى عدد من المقاطعات الصغيرة، وهي مقاطعة راجا في الشمال، واو في الوسط ومقاطعة نهر الجور في الجنوب الشرقي. تاريخياً استفادت غرب بحر الغزال اقتصاديا من موقعها الإستراتيجي بين شمال السودان والاستوائية. وتعتمد مدينة راجا ثاني أكبر مدينة في غرب بحر الغزال كلياً علي التجارة مع الخرطوم، وينقسم سكان غرب بحر الغزال إلى ثلاثة مجموعات رئيسية وهم الجور الفرتيت وأقلية الدينكا. والفرتيت مصطلح يستخدم بواسطة الجور والدينكا لوصف (15) مجموعة مختلفة تقريباً ولم يحدث أن انضم الفرتيت للجيش الشعبي بأعداد كبيرة. تنامي الانقسام السياسي والعسكري بين الفرتيت والجور والدينكا أدي إلى تقسيم العاصمة واو إلى ثلاث مناطق بينهم وكان ذلك في أوائل التسعينات.
    قاد الجيش الشعبي هجوماً علي مدينة واو عام (1998) لكن ظلت المدينة في قبضة حكومة السودان حتى تم التوقيع علي اتفاقية السلام الشامل ولم تصل قوات الجيش الشعبي إلى مدينة راجا رسمياً حتى (2007).
    وبالتركيز علي ديناميكية العمل السياسي في الولاية بدا واضحاً انقسام الولاءات السياسية. فريق البحث قام بإجراء اختبار للأصوات السياسية في وسط المواطنين الذين يشعرون بالتهميش في جنوب السودان بقيادة الحركة الشعبية علي أساس تاريخهم السياسي مع الشمال.
    وتقصى فريق البحث أيضا عن معنى عصابات الشباب الأمنية. وفيما تعاني شرق الولاية من الغارات علي الأبقار قام فريق البحث بالتقصي حول ديناميكية الغارات المحلية علي الأبقار وتاريخ عملية المصالحة والسلام بين الجور والدينكا والفرتيت.
    بزيارة المناطق حول خور قنا بصليبا وماربليا بن أتضح بأن الاحتكاكات بينه للعيان بين سكان ولاية غرب بحر الغزال، حيث بدأت المعاناة والاحباط الناجمة عن اتفاقية السلام محسوسة في التوترات بين الفرتيت والدينكا والجور. وأكثر القبائل تأثراً وألماً علي وجه الخصوص بهذه الاحتكاكات في الآونة الأخيرة بجنوب السودان هي مجموعة قبيلة الفلاته (الأمبررو).
    الوضع الحالي للفلاتة يقدم وجوه متعددة الأشكال لتطلعات إقامة الدولة في جنوب السودان والبحث عن كبش فداء لتغطية أوجه القصور والأثر المباشر الخاصة بترتيبات الهياكل الإدارية الغير واضحة المعالم.
    وتحتل مقاطعة راجا موقعاً متميزاً في جنوب السودان لأنها من الصعوبة بمكان ربطها ببقية الجنوب. فالطرق المؤدية إلى مدينة راجا وعرة في أغلب العام، وتجربة المجتمع المحلي مع الجيش الشعبي والحركة الشعبية محدود، وكانت المدينة تدار كلياً من الشمال أثناء الحرب، وموقعها كمدينة حدودية أو أنها تحتل موقعاً وسطا في البلاد جعلها تواجه مستقبلاً غير محدد المعالم، وبالتالي شكلت أهمية الروابط بين سياسة بناء الدولة والشخصية الاعتبارية. بالإضافة إلى ذلك تعرضت مدينة راجا مؤخراً إلى هجمات من جيش الرب للمقاومة اليوغندية (LRA).
                  

04-15-2011, 07:07 PM

عصام دقداق

تاريخ التسجيل: 02-27-2008
مجموع المشاركات: 1714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر- (Re: عصام دقداق)

    تقرير بريطاني يكشف الأبعاد الحقيقية للصراع في الجنوب

    الانتماء القبلي واحد فقط من أسباب أحداث العنف بجانب التهميش والتنافس حول الموارد وعدم المقدرة المحاسبية..
    الساسة يعملون علي تعضيد مواقفهم بتقوية قواعدهم ضد مجموعة أخرى بالتركيز علي انتمائهم القبلي..
    هناك اعتقاد أن الدينكا يظنون أن جنوب السودان ملكهم وأنهم يريدون التغطية علي كل القبائل الصغيرة..
    العنصر الرئيسي في مستقبل جنوب السودان يكمن في التوترات والصراع الطويل بين النوير والدينكا..
    أسوء حالات العنف تحدث في مناطق الجفاف وندرة المرعى والمياه لزيادة المنافسة حول الموارد علي قلتها..

    مدخل:

    قدّم تقرير أعدته مدرسة العلوم السياسية والاقتصادية ومعهد دراسات التنمية بلندن بعنوان (جنوب السودان يختلف مع نفسه) المعلومات التي توضح الصعوبات التي تواجه التنمية وتزايد العنف البيني بالجنوب، ويشير التقرير إلى أن العنف من أكبر التحديات لمواطني جنوب السودان، فهنالك سببين شائعين للعنف المحلي في الجنوب، أولهما أن الجنوبيين وقادتهم يرغبون في تحميل كل العلل والظواهر المحلية غير المعروفة إلى أيادي الخرطوم الخفية. ومن خلال هذا البحث عبر الكثير عن تنامي الكراهية والعنف في الجنوب بدون تشجيع من الشمال. وهذا يقود إلى السبب الثاني الأكثر شيوعاً وإيضاحاً، فاندلاع مظاهر العنف المحلي في الجنوب تغذية الصراعات بين القبائل، فمظاهر الصراع القبلي علي كل شئ ابتداء من الصراعات الأسرية إلى الصراعات داخل القبائل حتى هجمات العصابات الإجرامية أو غارات الجنود السابقين.

    إعادة التفكير في القبلية

    أصبحت القبلية كعنصر يستخدم لتوضيح ازدياد العنف المحلي بجنوب السودان وتوصيف الصراع بالإقليم، هذا التوصيف به غموض يكاد يكون مضللا في كثير من الأحوال، كما أن استخدام مصطلح الاشتباك القبلي عادة ما يكون فضفاضاً. للتدليل علي وجود التعارض في الأساس داخل المجموعة القبلية، ومثال لذلك الصراع القائم بين دينكا قوك ودينكا رك في ولايتي واراب والبحيرات. وكما في حالة افتراض وضع عدائي بين قبائل ما يمكنهم الدخول في تحالف لشن غارة ضد عدو مشترك، وحتى في حالة الاشتباكات القبلية الداخلية نجد أن عصابات بعينها هي التي تقوم بارتكاب أحداث العنف وليس القبيلة بأكملها. وعندما يتم إجراء التحقيق بشأن وقوع أحداث عنف بعينها لمعرفة البعد القبلي يتضح أن الانتماء القبلي واحد فقط من مكونات مجمل التغيرات الخاصة بالسلطة السياسية، التهميش والتنافس حول الموارد وعدم المقدرة المحاسبية للهياكل الحكومية.
    وعلي الرغم من إمكانية القول بوجود أوضاع خاصة بغارات علي المواشي والصراع حول المرعى أو دعاوي حول الأراضي تتصل بصراع مجموعات قبلية، لكن هذه الحال لبس بالضرورة دائماً كذلك.
    ومن خلال إخضاع الخلافات المحلية للبحث والتمحيص أتضح أن لها علاقة بفشل السياسات الحكومية والصراع حول الموارد، أما اختلاف العادات والتقاليد إذا ما وجد يكون أثره ضئيل علي عكس الآثار الناجمة عن السياسات الحكومية الجديدة. ولحد كبير التركيز علي القبلية يعمل علي دمج أعراض المشكلات مع مسبباتها.

    القبلية كأداة سياسية

    الشعار القبلي له تأثير قوي خاصة بالنسبة للذين لهم مصلحة في حشد مجموعات ضد أخرى تقويةً لقواعدهم، بيد أن السلطة السياسية تعتبر مورد عالي القيمة لكنه من النادر توافرها إلا أحياناً ووفقاً لاشتراطات بعينها.
    خلقت الفترة الانتقالية بجنوب السودان أوضاعاً عديدة ، فعندما يتجه ساسة محليون لقبلية صراعهم مثلما في قيادة العمل الانتخابي، تصبح الإثنية مورد تنافس اجتماعي ومادة لاحتمال حدوث الصراع والعنف في مجموعة ما. والشعور الذي تم التعبير عنه في كل المواقع التي جرى فيه البحث، أنه في وقت تتعمق فيه الانقسامات القبلية يعمل الساسة علي تعضيد مواقفهم. ويحدث ذلك بطريقتين، فبعض الساسة المحليين يهدفون إلى تقوية قواعدهم بالتركيز علي انتمائهم القبلي ضد مجموعة قبلية محلية أخرى، أو استخدام الارتباطات القبلية لفتح خطوط مباشرة مع الحكومة المركزية.
    إن المجموعات التي تشعر بميل كفة القبلية إلى غير صالحهم في قيادة الحكومة هؤلاء لهم تجربة حسية عميقة بعدم الارتباط بمآلات الأوضاع في جنوب السودان. وهذا يتصل بشكل واضح بين موضوع العلاقة بين السلطة والثروة، وهو الموضوع الذي أحدث عدم ثقة واسعة بين بعض الأطراف والحركة الشعبية علي المستوى السياسي والشعبي. أن من التحق بالحركة الشعبية وكانوا يتوقعون التعيين في مواقع في السلطة وفشلوا في تحقيق ذلك، عادوا الآن إلى أحزابهم الأصلية مثل المؤتمر الوطني ويوساب أو وفقاً لما دلت إليه الانتخابات حاولوا الترشح كمستقلين.

    مخاوف من سيطرة الدينكا


    وفي المناطق المتنافس عليها نجد أن المناشط التي تكون مطابقة وذات علاقة بشخصية الدينكا يتم تسيسها، ومثال لذلك يمكن رؤيته في واو وهي منطقة الصراع فيها حول السلطة عالي، أي غارة علي المواشي تحدث في هذا الإقليم تصور بواسطة من يدلون بالمعلومات بأنها من غير قبيلة الدينكا، والغرض من ذلك إظهار التفوق السياسي لقبائل الدينكا، وفيما يبدو أن هذا التخوف متعمق في الشكوك القبلية وأن التحليلات القريبة من الواقع كشفت أن الأمر مدفوع في هذا الاتجاه بسبب فراغ الحكم والتوترات حول الحدود.
    أحد النساء القياديات صاحبة منظمة طوعية محلية علقت حول هذا الأمر بالقول: (نعلم أنه أثناء الحرب لم يكن هناك شئ، وبعد اتفاقية السلام بدأ الدينكا يحاربون، لقد ذهبت إلى مونداري وكانت هناك مزرعة كبيرة وذهب دينكا بور بمواشيهم إلى هناك. قاموا بأكل كل شئ، ولكن إداري المنطقة (أو الحي) قال ليس أمامنا خيار لأن الدينكا قالوا أنها تتبع لهم ولديهم سلاح).وتقول: وذهبت إلى توريت وسمعت هناك أنه يوجد دار في نمولي تدعى بور (مدينة الدينكا منزلا لقرنق)، بالنسبة لي اعتقد أن الدينكا يظنون أن جنوب السودان ملكهم وعليه يريدون التغطية علي كل القبائل الصغيرة.
    المخاوف من تهدد الدينكا وسيطرتهم علي الحكومة القومية طاغية في أوساط القبائل الصغيرة، وتوضح المعاناة التاريخية هذا التصور. وحتى تاريخ التوقيع علي اتفاقية السلام ظلت سيطرة الدينكا علي الحركة والجيش الشعبي طاغية، علي الرغم من أن قياديي الجيش والممسكين بالملفات من غير قبيلة الدينكا يشكلون جزء من الجيش الشعبي، أما مجموعات المليشيات الأخرى أبعدوا من المفاوضات، وقد ساعد ذلك في تعضيد الوضعية في أوساط الدينكا.
    ووصفت مجموعة غرب بحر الغزال كيف كان رعاة الأبقار من الدينكا قبل الحرب يطلبون الإذن من السلطان قبل أن تذهب مواشيهم للرعي، لأنهم قبل ذلك كانوا يحضرون من غير استئذان وكثيراً ما يقوموا بتخريب المحاصيل، لكن تغير السلوك إلى سيطرة الجيش الشعبي التي غيرت العلاقات، فالدينكا الآن لا يبالون بالقانون.
    وأوضح رئيس السلاطين في كرفانا بولاية غرب بحر الغزال( لم يحضر الدينكا هنا قبل الحرب، لديهم نهرهم ومناطق صيد السمك والأبقار، لا يوجد سبب لحضورهم إلى هنا سوى إثارة التوترات الاثنية).



    النوير ونبوءة نقوندينق

    وبالطبع كثير من التوترات الظاهرة في جنوب السودان تبدو مناقضة لفكرة أنها نتاج للسيطرة السياسية، وحتى أعضاء القبائل الصغيرة هم حقيقة مدركون بأن العنصر الرئيسي في مستقبل جنوب السودان يكمن في التوترات القائمة بين وداخل النوير والدينكا. وبما أن هذا الصراع قديم وطويل يبدو مرسوما علي توجهات قبلية لتسييس الهويات والتركيز علي الانتماء القبلي متى ما كان ذلك مفيداً من الناحية السياسية. فيما يتعلق بالأفكار المتعلقة بسيطرة النوير فقد أعاد دقلس جونسن المؤرخ لتاريخ جنوب السودان إلى الأذهان (احتفالية العصا) في مايو من العام 2009م، وهذه العصا نهبتها القوات البريطانية قبل (80) عاماً وهي تخص الأب الروحي للنوير نقوندينق بونق صاحب نبوءة أن أحد قادة النوير سيحكم جنوب السودان المستقل. ووصف البعض بأن ذلك علامة دالة علي إمكانية أن تسود سلطة ونفوذ النوير وسيطرتهم التامة، وهذا الوضع قد يكون عاملاً لديمومة العنف المحلي.
    وقال جور لو في مقابلة تمت معه في غرب بحبر الغزال أنه يعتقد بعد عودة العصا سيتحرك النوير في ولاية الوحدة باتجاه منطقة الدينكا في واراب للدفع بمجموعات الدينكا التي تقوم بنهب المواشي باتجاه غرب بحر الغزال، هذا شكل من الواضح ذو علاقة بالصراع علي الموارد والحدود ويمكن أن يتخذ منحاً قبلياً، فيما عبر بعض النوير عن استجابتهم لفكرة أنهم الأحق من غيرهم في قيادة الصراع.
    وبسؤال عدد من الاستوائيين قالوا أنهم لا يؤمنون بالسحر والتنجيم، ولكن قالوا أنهم يذكرونه أحيانا كنوع من تفعيل الصراع من أجل القيادة، خاصة أن الدينكا والنوير كلاهما يشعران بأحقية قيادة السودان.



    من يجلب القبلية؟

    عبر عدد من الذين استطلعهم التقرير عن آراء متناقضة فيما يتعلق بالأسباب العامة للتناحر القبلي عندما لا يكون محرك التناحر الصراع حول المناطق والحدود. فقد رأي العديد من هؤلاء بضرورة التفريق بين صراعات المتنافسين علي أسس الخلاف القبلي وأولئك الذين يستخدمون عنصر القبلية. هذا التفريق ليس دقيقاً أو مطابقاً وربما في بعض الأوقات يكون قد بني علي وجهات نظر شخصية، لكن الانطباع أو التصور العام للقبلية ومحركات النزعة القبلية باعتبارها عنصر رئيسي من وراء الصراعات، فمن وجهة نظر الكثيرين بأنها مسألة دخيلة ومستوردة من المجتمع المجاور للمنطقة، بمعني آخر القبلية كتطور سالب وفي فهم الكثيرين ليست بالضرورة نتاج لطبيعة العلاقات القبلية. وفي كثير من الأحيان ينسب فشل بناء الدولة ديمقراطياً للقبلية، وذهب هؤلاء إلى أكثر من ذلك وذكروا أن القبلية يستخدمها أولئك الذين في السلطة.
    لقد تم التعبير عن وجهة النظر هذه أثناء نقاش مع مجموعة من الدينكا تقيم في ماريل باي بولاية غرب بحر الغزال. وذكروا أن القبلية ليست كبار السن وغير المتعلمين أمثالنا الذين يعيشون في القرى، هي للمتعلمين الذين يحضرون من المدن، هم من يجلبوا القبلية. وبسؤال نفس المجموعة عن العلاقات مع القبائل المجاورة بنوا تقييمهم علي المجموعات المحلية أكثر من الأسباب القبلية.



    المتجاورون.. وجهات نظر

    هناك تباين في وجهات نظر المجموعات القبلية المتجاورة حول العداء القبلي وشعار الصراع القبلي، فمثلاً مجموعة من النساء في ماريل باي بولاية بحر الغزال وصفت علاقتهن مع جيرانهن من جور لو بأنها علاقة جيدة، لأنهن أجلين من مناطقهن سوياً. وأنه كان من السهل عليهن أقامة علاقات زواج مع بعضهم البعض. في الجانب الآخر أيضا علاقتهن جيدة مع الزاندي، لأن وزير الزراعة السابق وهو زاندي كان يحضر إليهن ويعلمهن كيفية الزراعة. ولكن النقاش مع مجموعة من كبار الرجال في ماريال باي كان مختلفاً، في البداية ذكروا في الحقيقة وجود قبيلتين فقط شماليين وجنوبيين، وأي تقسيم لمجموعات قبلية بفهم علي أنه من فعل الحكومة، كما أوضح ذلك أحد الرجال بالقول أن أحسن من يتحدث عن القبلية هم المواطنين بمكاتب الدولة، وعندما سألنا عن القبائل المجاورة بدا لنا أن كبار السن لهم وجهة نظر مسبغة وانطباع عام حول الأسس القبلية، فهم يصفون جور لو والفرتيت بأنهم أناس طيبون ويسمحون بالتزاوج لكن الزاندي أناس سيئون جداً. وتعتبر ماريال باي واحدة من مناطق عديدة وجدنا فيها اختلافات في وجهات النظر حتى داخل المجموعة الواحدة.

    عنف لتحسين الأوضاع

    معظم من يقومون بارتكاب العنف القبلي هم من الشباب، ويصفهم التقرير بأنهم منفتحين جداً في كثير من المناطق بشأن المطالبة باحتياجاتهم بدءاً من التعليم والحصول علي المال والمياه للمواشي، وتعتريهم من وقت إلى آخر حالات من عدم وضوح الرؤية حول كيفية تأمين هذه الأشياء.
    وعليه ليس مصادفة إن تحدث بعض أسوء حالات العنف في مناطق الجفاف وندرة المرعى والمياه، في مثل هذه المناطق تتكاثف المنافسة حول الموارد علي قلتها بتكاثف وجود الحيوان. وفي هذه المناطق يتجمع الشباب وعادة ما ينتهي الأمر بغارات يشنوها علي بعضهم البعض أحياناً بفعل الفاقة. ومن بين الأشياء الأخرى نجد الغارات علي المواشي هي وسيلة شرعية لتحسين أوضاعهم المعيشية. ووقوع مثل هذه الأحداث ليست دائما ذات صلة بالانقسامات القبلية، لكن تبني القبلية وانتماءات ما يعرف "بخشم البيت" قد يوفر فرص استغلال ذلك ببعض الأفراد.
                  

04-15-2011, 07:10 PM

محمد على حسن
<aمحمد على حسن
تاريخ التسجيل: 01-26-2007
مجموع المشاركات: 4755

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر- (Re: عصام دقداق)

    عصام دقداق !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
                  

04-15-2011, 07:16 PM

عصام دقداق

تاريخ التسجيل: 02-27-2008
مجموع المشاركات: 1714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جنوب السودان علي مفترق الطرق - تقريــــــــر- (Re: محمد على حسن)

    Quote: عصام دقداق !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

    خير
    وبعدين يالحبيب جدة فارقناها قبيل
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de