|
|
جنوبيون وجثامين.. ودولة جديدة!
|
جنوبيون وجثامين.. ودولة جديدة! راشد مصطفي بخيت.
قشعريرة بالغة سرت في جسدي وأنا أقرأ ذلك الخبر (العجيب) الذي أوردته صحيفة الصحافة منفردة يوم الأمس، حيث يفيد أن بعض الإخوة من جنوب السودان هرعوا لنبش جثث موتاهم! بغرض نقل رفاتها وإعادة دفنها بالدولة الجديدة بعد أن أصبح أمر الانفصال واقعاً لا محالة! حدث هذا الأمر بمقابر الفتيحاب بأمدرمان وتحت إشراف سلطة رسمية تُمثل الحكومة نفسها كما جاء علي لسان الصحيفة! الخبر من عينة الأخبار التي تجعلك تضرب أسداساً في أخماس وتتيه بعقلك محاولاً الإمساك بتلابيب الموضوع فتعود كل مرة كسيح الذهن خاسر الرؤى متحسراً علي ما وصل إليه حالنا بعد أكثر من خمسة آلاف عام من الحياة الاجتماعية المشتركة عشناها تحت سقف سماء واحدة تظلل جغرافيا نطلق عليها اسم السودان، جمعتنا بأقوام وشعوب مختلفة في هذه الرقعة من الأرض، لكننا أخطأنا حسابنا عندما أقمنا بنيان هذه الدولة علي (شيفرة التمييز الثقافي) التي وأدت كل حلم ممكن بوحدتها وليت الأمر يتوقف عند خسارة واحدة فحسب! المؤسف في الأمر، قبل أن نخوض في احتمالات الحادثة نفسها، أنها من عينة الحوادث التي تصيب النفس بمخاوف جمة ورُعب صامت مثاره انتشار سوق بضاعة الكراهية العمياء؛ فما وراء هذا الحدث أفظع من مجرد (نبش) (جثامين) فحسب. طفقنا نبحث عن مبررات موضوعية لمثل هذا الفعل الغريب، وبدأنا من أقل الاحتمالات مدعاة للحزن فقلنا ربما هو الحنين الجارف لأعزاء فقدهم أهليهم أرادوا بهذا الفعل نقل جثامينهم لا بسبب الكراهية التي زرعها (الطيب مصطفى) وأعوانه كما نأمل! إنما لأسباب إنسانية بحتة أبعد مداها الوفاء لموتى يعزُ علي أهلهم مفارقتهم نهائياً، أو الدخول في حزمة إجراءات (تأشيرة) يكتب في محل الغرض من الزيارة بها.. زيارة الموتى! وعند هذا الاحتمال، أرجعنا السبب المباشر ربما لعقيدة خاصة تمارسها بعض قبائل الجنوب إزاء موتاها خشية انقطاعها بعد بداية السفر من وإلي جنوب السودان عبر تأشيرة تمنحها سفارة دولة الشمال للمواطن من دولة الجنوب بفترة محدودة مع تزايد إصرار الشريكين علي عدم توقيع ذات الاتفاقية التي بيننا ومصر بخصوص الحريات الأربع التي علي رأسها حرية التنقل! فما أفدحها من كلفة تلك التي يدفعها (الموتى) وأهليهم علي حدٍ سواء، وفق هذا السيناريو المستحيل! وأسوأ الاحتمالات، هو ذلك الذي يعود بالأمر إلي بذرة الكراهية النتنة التي سرت في نفوس عدد مُقدر من الجنوبيين تجاه إخوتهم الشماليين فجعلتهم يضنوا عليهم حتى بمجرد جثث موتاهم! هذا الاحتمال وعلي الرغم من قربه للحقيقة إلا أنه يضمر وبالاً من الكراهية المرضية، بحيث يصبح معها مجرد التفكير في أمر وحدة مستقبلية قادمة بعد زوال مسببات الانفصال الحالي ضرب من ضروب الشعوذة السياسية والأمل المريض! فعند وصول النفس إلي هذا المستوى من التمرغ في وحل الكراهية، يبقي بعيداً عن الذهن أن الانفصال كان مجرد حدث سياسي لنخبة فاشلة من الجهتين، لم تورث بنيها سوى عقيم الرؤى وكريه المشاعر فحسب! إنما تقترب النفس من تصديق أن الخيار الاجتماعي لا السياسي هو الباعث الأوحد خلف هذا الفعل المُفجع! يحتاج الحدث إلي احاطته بما يلزم من جوانب تفض مغاليقه العميقة وتكشف أسراره ودوافعه من جهة المثقفين الجنوبيين، بذات القدر الذي يحتاج فيه الشماليين لإعادة التفكير في ممارساتهم التي أوصلت إخوتهم للتفكير بهم علي هذا النحو الذي يفوق الانفصال نفسه من حيث الأثر! فمن يتصدي للإجابة علي تساؤلاتنا هذه من الطرفين، بإجابة ثالثة غابت عنا بين أحاسيس الخوف ومرارة الأسى؟! من يفعل؟!
|
|

|
|
|
|
|
|
|
Re: جنوبيون وجثامين.. ودولة جديدة! (Re: راشد مصطفي بخيت)
|
يا اخ راشد مساء الخير قبل سنتين من اليوم كنت والاسرة في زيارة لخالتنا المتزوجة في الشمالية تحديدا في ديم ود حاج قرب مروي المدينة .دي كانت اول مرة اشوف الشمالية من ناحية الغرب يعني ايام الدراسة شفت عطبرة وشندي والدامر وكبوشية والمحمية وجبل ام علي ودقش وابوهشيم وابوديس ...الخ حتى حلفا والنمر وهناك عرفت ان التمهيش لا لون له ولكن له رائحة نتنة لاتفرق بين الناس وعرفت ان الشعب السوداني كله مهمش من السلطة والثروة .ولكن اول حاجة جاءت في ذهني لمن زرت الشمالية (الولاية الشمالية ديم ود حاج نموذج) ادركت ان الوطن ليس ما اقمناه في اذهاننا لكن الوطن تعريفه من اللحظة ديك هو ناس ومكان . فالشمالية التي نسمع بها ويتغنى بها الشعراءولفنانين من زمن النعام حتي صديق احمد هي وطن وبلد في اذهانهم ومخيلتهم قد لا تكون المناظر جميلة وخلابة لكن هي مكان اتولد الواحد فيهو وتربى بين اتراب واهل احبهم واحبوه وودهم وودوه بدون اي روتوش .وفي هذا المكان دفن اعزاء عليه له معهم ذكريات ومواقف لاتنسى . المقدمة دي مهمة لفهم ما اود التعليق عليه . فالوطن في اذهان الناس جميعا (ده حسب فهمي المتواضع )هو المكان والزمان والناس الذين عرفتهم وعرفوك واحببتهم واحبوك .وزمان كنت معجب بنشيد في الابتدائي هو نشيد بلدتي لو مر عليك تقول كلماته : بلدتي بلدتي بهجة النظر ....اي منظر فيك لا يسر كل ساعة انظر الربى انظر النهر هذه بعض كلمات تالك الانشودة وفيها توضيح لفكرتي التي اصوغها في هذا البوست المهم . فهؤلاء الجنوبيون الذين يقومون بنبش جثماين موتاهم يريدون حمل هؤلاء الاعزاء معهم لانهم جزء من وطنهم يريدون الاحتفاظ بهم في مكانهم الجديد هذا الامر لا يصب في خانة الطيب العنصري لكن محاولة لتوضيح تصرف اي شخص يكون الوطن محفور بداخله باعتباره ناس وارض وذكريات .
انظر ماذا كتب ماركيز في الياذته (مائة عام من العزلة) يحكي عن احدى قربيات لعقيد اورليانو بوينديا الاتي :
(وبالفعل وصلت ربيكا يوم احد .لم يكم لها من العمر اكثر من احدى عشرة سنة .وكانت قد قامت برحلتها الشاقة من مانوري مع تجار جلود كلفوا بمهمة تسليمها ،مع رسالة لبيت خوسية اركاديو بونيديا ،لكنهم لم يستطيعوا ان يوضحوا بدقة ، من هو الشخص الذي طلب منهم تلك الخدمة ،كان كل متاعها مؤلفا من ثياب صغير ، وكرسي خشبي هزاز،تزينه ازهار ملونة رسمت باليد ، وكيس من قماش الخيم ،تصدر عنه باستمرار قرقعة كلوك كلوك كلوك، تحفظ فيه عظام ابويها)*
______________________________ *المصدر رواية مائة عام من العزلة ص55
يقول الطيب مصطفى انه يدعوا الي اعادة جثماين ضحايا تمرد توريد ولكن نساله سؤال برئ هل العودة لضحايا احداث توريد فقط ام لباقي الضحايا الشماليين في المدن الاخرى بل وفي الحرب الطويلة من 55الي 1972 ومن 1983 الي 2005 وانظر اخي لما جاء في تقرير لجنة التحقيق الاداري في حوادث 1955: في كتري عدد القتلى 9 في كبويتا عدد القتلى 25 في جوبا عدد القتلى لم يقتل شمالي في تركاكا عدد القتلى 7 في تالي عدد القتلى 6 في ياي وكاجي كاجي عدد القتلى 32 في لوكا ولانيا عدد القتلى 20في مريدي عدد القتلى 27 في يامبيو وانزارا 39 في اعالي النيل واحدة من جبل النوبة الجملة من الشماليين 236 الجملة من الجنوبيين 75
تقول اللجنة ان اسباب الاضطرابات هي: 1.تلغراف كاذب ومزور يزعم انه كتب بواسطة رئيس الوزراء السودان السيد اسماعيل الازهري اول يوليو 1955. 2.فقدان الثقة الناتج من تدخل بعض رجال الادارة في الاستوائية في الامور السياسية 3.فقدان الثقة نتيجة لمحكامة السيد ايليا كوزي المضحكة . 4.عدم اتخاذ الاجراءت الالزامة عند اكتشاف المؤامرة في توريت . 6.خيبة امل الجنوبيين في نتائج السودنة . تكونت اللجنة من : ت.س.قطران رئيسا خليفة محجوب عضوا لوليك لادو عضوا فاقول للطيب مصطفى بعيد عن الحديث العاطفي المتشنج انت داير مقبرة الصحافة تلاتة مرات عشان تدفن الشماليين الماتوا في احداث الجنوب من الاستقلال حتى اللحظة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
مع خالص ودي
______________
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: جنوبيون وجثامين.. ودولة جديدة! (Re: Tragie Mustafa)
|
الأخ مبارك سلام. أولاً مشكور علي المداخلة الرصينة. وأتمني أن يكون الباعث لما حدث، هو فعلاً محض حنين لأعزاء فقدهم الأهل لا أكثر. فبضاعة الكراهية التي أصبحت تمشي علي ساقين بيننا جراء كتابات الطيب مصطفي وأمثاله، لم تترك لنا مكاناً نستريح فيه لسهل التفاسير المطمئنة.. كل شئ بعد هذا ممكناً لكننا لا نزال نبحث عن ضوء تحت ركام تجارة العنصرية البغيضة هذه. الأخ جني شكراً علي المرور.. فسالة المؤتمر الوطني يوماً ما.. ستخنقه. ولن يجد الرفيق ولا الخلاء نفسه!
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: جنوبيون وجثامين.. ودولة جديدة! (Re: راشد مصطفي بخيت)
|
مقال الطيب مصطفي نشر في نفس يوم مقالي، وليس قبله وهاهو المقال:
شعرتُ بحزنٍ وبتقصيرٍ شديد حين شاهدتُ صورة بعض أبناء الجنوب وهم يقومون بنبش رفات موتاهم من مقابر الحضرة بالفتيحاب تمهيداً لنقلها إلى جنوب السودان.. تلك الصورة التي انفردت بها صحيفة «آخر لحظة» ونشرتها في صفحتها الأولى بتاريخ 10/4/2011م. أبناء الجنوب يهتمون برفات موتاهم الذين ماتوا حتف أنوفهم موتاً طبيعياً في الخرطوم والشمال بينما عشرات الآلاف من خيرة أبناء الشمال الذين استُشهدوا في ساحات الشرف والفداء دفاعاً عن هذه البلاد في مواجهة تمرد لئيم على سلطان الدولة لا يحتفي بهم ولا يهتم أحد ولا منظمة فواحرّ قلباه!! زرتُ توريت عام 1998م في معية الشهيد إبراهيم شمس الدين والفريق أول عبد الرحيم محمد حسين ووقفنا أمام قبور شهداء التمرد الأول الذي حدث في أغسطس 1955م.. حينها وجدتُ الشواهد تحمل أسماء ضباط وأفراد القوات المسلحة وغيرهم ولا أدري ما حدث لتلك القبور وتلك الشواهد بعد ذلك. بعد عام واحد أو يزيد قليلاً من توقيع اتفاقية نيفاشا نفضت الحركة الشعبية الغبار عن ذكرى تمرد توريت واحتفل سلفا كير مع قيادات الحركة الشعبية بتلك الذكرى بالقرب من مقابر شهدائنا الأبرار واعتبروا يوم التمرد «18/8/1955» عيداً وطنياً سمَّوه بيوم قدماء المحاربين وسمَّوا أولئك المجرمين الذين قتلوا شهداءنا الأبرار غدراً وغِيلة في 13 مدينة ومركزًا في وقت واحد سمَّوهم بالأبطال Heroes وتساءلنا يومها أي أرضية مشتركة وأي تاريخ يُدرَّس لأبناء وطن واحد يُعتبر مجرموه في جزء منه أبطالاً بينما يُعتبر أبطالُه وشهداؤه في الجانب الآخر أعداء وخَوَنة ومُستعمِرين؟! يوم 18 أغسطس من كل عام يُحتفى بمتمردي توريت وتُحيا ذكراهم، أين؟! بالقرب من مقابر شهدائنا الأبرار الذين تُصبُّ عليهم اللعنات ويُوصمون بأقذع وأقسى الصفات ووالله لا أدري ما يُفعل بهم وبقبورهم بعد التاسع من يوليو ولا أستبعد البتّة أن تُحوَّل تلك المقبرة إلى مكبّ للنفايات والقاذورات. إنها دعوة لنقل رفات شهدائنا الأبرار خاصةً في توريت فهؤلاء لا ينبغي أن نأتمن عليهم باقان وغيرَه من الحاقدين وأقولها بصدق إني أعتبرُ هذه القضية أهم من كثير من القضايا العالقة فتوقير واحترام شهدائنا يعكس درجة نُبلنا ووفائنا واعتزازنا بما قدموه في سبيل دينهم ووطنهم. لا أدعو إلى نبش ونقل رفات كل شهدائنا في الجنوب فهذا أمرٌ متعذِّر لكن الشهداء الذين قُبروا في جماعات وفي أماكن معلومة ينبغي أن يحظَوا بالاهتمام على أن توريت ينبغي أن تحتل أولوية قصوى كونها ذات خصوصية تاريخية وكونها مُستهدَفة كلَّ عامٍ من قِبل أُناس يتعمَّدون الإساءة إليها والاحتفال بالقرب منها للتعبير عن أحقادهم الدفينة. رأينا كيف تستبدل دولة الكيان الصهيوني رفات قتلاها بأحياء من مُعتقلي وأسرى أعدائها وتفدي رفات كلٍّ من قتلاها بعدد من الأحياء وحدث ذلك في أعقاب حرب الدولة الصهيونية مع حزب الله اللبناني ومع فلسطين. إنها من مظاهر الوفاء للشهداء فهلاّ قامت منظمة الشهيد بالتعاون مع بعض المنظات «حسن الخاتمة مثلاً» والقوى السياسية بهذا الجهد حتى يكون الشهداء بالقرب منا نترحَّم عليهم ونزورهم من حين لآخر بدلاً من أن نتركهم تحت رحمة من يبغضونهم ويحيلون مقابرهم إلى مكبّات للقمامة!! وهلاّ فعلنا ذلك قبل التاسع من يوليو من هذا العام!!
| |

|
|
|
|
|
|
|
Re: جنوبيون وجثامين.. ودولة جديدة! (Re: راشد مصطفي بخيت)
|
| Quote: رأينا كيف تستبدل دولة الكيان الصهيوني رفات قتلاها بأحياء من مُعتقلي وأسرى أعدائها وتفدي رفات كلٍّ من قتلاها بعدد من الأحياء وحدث ذلك في أعقاب حرب الدولة الصهيونية مع حزب الله اللبناني ومع فلسطين. |
وكمان بضربوا الزول ضرب الحسادة ويحموهو يقلب الشهادة! جنى
| |

|
|
|
|
|
|
|