مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-19-2024, 00:54 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثاني للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-01-2011, 11:08 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ...


    استمتع بالغناء الجميل وانت تقرا اروع المقالات عن القضية السودانية

    انقرعلى المثلث لسمع اعذب الالحان








    شئ من حتي

    من كان في الضلالة

    د.صديق تاور كافي

    ٭ نُسب إلى مندور المهدي القيادي بحزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، هجومه على المجموعات الشبابية المناهضة (للانقاذ؟!) على خلفية الدعوة لتنظيم مظاهرات سلمية، والتي كانت قد دعت لها بعض هذه المجموعات وحددت يوم الاثنين 2011/3/21م موعداً لانطلاقتها. فقد وصف مندور في مؤتمر صحفي تزامن مع ذات التوقيت، وصف المجموعة التي تقود تلك الدعوة وتسمي نفسها (شرارة) - شباب من أجل التغيير - ومجموعة (قرفنا) بأنها مجموعات علمانية ليس في برنامجهم قضية الشريعة، كما اتهم طلاب دارفور بالتظاهر في الجامعات، حيث ربط بين هذه الجماعات وبعض أطراف المعارضة، قبل أن يدمغهم جميعاً بأنهم يعملون في خدمة أهداف خارجية تستخدمهم لاسقاط النظام. (الأخبار وأجراس الحرية - 2011/3/23م).


    ولم تمض أربع وعشرون ساعة حتى عاود حزب المؤتمر الوطني ذات الخطاب ولكن بوتائر أكثر تصعيداً، حيث توعّد الحزب خصومه من معارضة وشباب في لقاء مخاطبة لاستعراض القوة أمام (كتيبة استراتيجية) قيل انها أعلنت (مبايعتها) لحزب المؤتمر الوطني. ومن بين ما نُسب إلى مندور المهدي بحضور نافع علي نافع في تلك المناسبة: نقول لشباب (الفيس بوك) هذه الكتابات التي تُكتب على صفحات الانترنت، لن تستطيع أن تغيّر أمراً أو تحرك مواقفنا قيد أنملة.. وأيضاً: من يقف أمامنا سنسحقه سحقاً وننتهي منه في هذه الأرض.. وكذا: باسم هذه الكتيبة الصامدة نقول للمعارضة لن تأتوا هذه البلاد وفينا عين ترمش، وبيننا هذه العصبة المختارة ...الخ الخ - الصحافة - 2011/3/23م - العدد 6348.


    وعلى الرغم من محاولة مندور تعديل ما صدر عنه أو نُسب إليه بقوله ان حديثه قد فُهم خارج سياقه الصحيح، إلاّ أن العبارات تحمل معانيها بوضوح لا يحتاج إلى شرح أو حواشي. هذا الخطاب ضمن الظروف التي صدر فيها وبالاخراج الذي صدر به أيضاً (مبايعة كتيبة للحزب الحاكم) يحمل مؤشرات كثيرة على صعيد الحزب والطريقة التي تفكر بها المجموعة المتحكمة فيه، وأيضاً على صعيد فرص الحل التوافقي للأزمة السودانية عموماً في ظل سيطرة هذه المجموعة على قرار الحزب الحاكم، وكذا على صعيد سيناريوهات التغيير المحتملة في السودان، بضوء تسونامي الانتفاضة الشعبية الذي بدأ من مدينة سيدي بوزيد في تونس، وما يزال يتمدد مثل الطوفان في المنطقة العربية بإرهاصاته المتزايدة في العاصمة والأقاليم.
    ٭ فهذا الخطاب يعيد إلى الذهن مباشرة صورة سيف الاسلام القذافي من على شاشة التلفزيون الرسمي، وهو يتوعّد المعارضة الليبية، ويهدد جموع المتظاهرين في بنغازي، دون أن يدري أحد ما هي الصفة الرسمية التي كان يخاطب بها الشعب، وبتلك الطريقة المتهورة.



    كما انه يعني أن أسلوب ادارة الصراع السياسي بالوسائل السلمية المتعارف عليها وفق الدستور وقانون الأحزاب، لا تدخل ضمن أدبيات الحزب الحاكم وتوجهاته على أعلى المستويات فيه. وهذا ما يفسر الاصرار على استدامة العنف في ساحات النشاط الطلابي بالجامعات، وفي قمع الاحتجاجات والتعبيرات السلمية. وكأنما أراد هؤلاء أن يقولوا لخصومهم إنهم مستعدون لتصعيد الأمور وتفجيرها بذات الطريقة التي يمارسها العقيد معمر القذافي مع الشعب الليبي، والتي عنوانها الأبرز هو (عليّ وعلى أعدائي). هذه الفكرة قديمة ومتأصلة في عقل منظومة (الانقاذ؟!) التي تهدد بالصوملة كلما اشتدت عليها رياح التغيير.
    ٭ وثاني مؤشرات هذا الخطاب هو سيادة حالة من الارتباك في العقل المدبّر للمجموعة الحاكمة، في ما يتعلق بالتغيير وكيفية التصرف حياله. فمرة يُقال إن التغيير الجاري في المنطقة سوف لن يصيب السودان، لأن الثورة فيه قد حدثت قبل عشرين عاماً وانتهت. ومرة أخرى يُقال بأن التغيير سوف يأتي من داخل المؤتمر الوطني، وثالثة تبارك الثورات الحادثة وتقدم لها التهنئة، بينما في الرابعة يتم قمع وقفة المعارضة الداعية لتحية شعبي مصر وتونس ومناصرة الشعب الليبي، وفي الخامسة يُقدَّم النصح للقيادة الليبية بعدم استخدام العنف ضد المعارضين وهكذا وهكذا.


    هذا الارتباك في تشخيص موجة الانتفاضة العربية الكاسحة مصدره اليقين بأن أسباب هذه الثورات متوفرة في السودان أكثر من الأقطار العربية الأخرى، وتأخُّر الموجة عن السودان رغم شمولها لكل المحيط الذي حوله يضع استفهامات مزعجة في أذهان الحكومة وحزبها القابض، ما بين حتمية وصول الموجة للسودان وما يمكن أن يترتب عنها، وما بين الأسباب الحقيقية لعدم وصولها إلى الآن. فالتأخر لا يعني أن المسببات غير موجودة، ولا يعني أن الموجه يمكن تلافيها بالمراوغة والمناورة أو بالتهديد والقمع والعسف.
    وما لم يفهمه هؤلاء هو أن العنف مهما بلغ مداه، فإنه لن ينقذ نظاماً بقدر ما يحاصره ويضيق عليه الخناق، وإلا لكان العقيد القذافي قد حسم الأمور في ليبيا منذ اليوم الأول للأحداث في بنغازي. فالأخير قد أسرف في القتل الوحشي واستخدام أدوات الترويع مثل استخدام الطائرات في قصف المظاهرات السلمية، واستخدام الدبابات وراجمات الصواريخ، واعتمد على كتائبه الخاصة وعلى المرتزقة وكل أشكال العنف المفرط ومع ذلك فالكفة تميل ناحية خسرانه للمعركة مع الشعب الليبي.


    وقبل القذافي تمثل تجربة المخلوع حسني مبارك في مصر نموذجاً متكاملاً لأقصى درجات مواجهة النظام للشعب الأعزل، ابتداءً من جهاز أمن الدولة الذي يضم ربع مليون عنصر، لم يدخر موهبة أو تجربة إلا واستخدمت ضد الشعب، إلى ترسانات الدبابات التي دُفع بها لارهاب المعتصمين بميدان التحرير، إلى القناصة والبلطجية،، دون أن يفلح كل ذلك في انقاذ مبارك من غضبة شعب مصر. ونفس الشئ يحدث الآن على الساحة اليمنية مع الرئيس علي عبد الله صالح الذي يمارس ذات الأساليب والحيل دونما فائدة، وينتظره نفس المصير. فالموجة عندما تبدأ في ساحة ما، لا تنتهي إلا بالوصول إلى حرياتها. هذا هو أول دروس الانتفاضة العربية التي لم تصل السودان بعد.


    ٭ المؤشر الثالث هو أن الديمقراطية التي يدعيها آل المؤتمر الوطني في نهجهم، إنما هي مجرد لافتة عديمة المحتوى والمضمون. فلا يمكن أن تكون ديمقراطياً وفي نفس الوقت تتبنى مؤسسات العنف السياسي. فالديمقراطية هي سلوك وقناعات ونهج في الممارسة وليست شعارات تطلق في الهواء في المناسبات العامة. وبكل بساطة فإن الديمقراطية لا يمكن أن تخرج من رحم الديكتاتورية. وتجربة انتخابات أبريل 2010م كانت دليلاً على عدم إيمان الانقاذيين بالديمقراطية والحريات والاعتراف بالآخر السياسي. بل حتى طريقة ادارة الدولة القائمة على احتكار الوظائف العليا لكوادر الحزب، واعتماد معايير القبلية في الوظائف العامة، وتكريس الجهوية حتى داخل مؤسسات الحزب، هذه الطريقة الاقصائية لا يمكن أن تصدر عن مؤسسة يؤمن منسوبوها بالديمقراطية على أي مستوى.


    ٭ والمؤشر الرابع هو أن هؤلاء غرباء عن المجتمع، فالشباب السوداني الذي تفاعل مع الانتفاضة العربية، لم يتفاعل معها من فراغ. بل تفاعل معها لأن الامر الذي أشعل الانتفاضة. قد انطلق من هموم ومعاناة الشباب متمثلة في البطالة والفقر والفساد والمحسوبية والعجز عن مواجهة متطلبات الحياة والإحساس بظلامية المستقبل. فالشباب هم أكثر شرائح المجتمع اهتماماً بالتغيير الذي يضمن لهم مستقبلاً يحقق طموحاتهم في حياة كريمة ومستقرة. وحق لهؤلاء أن يتغربوا عن المجتمع لأنهم يتناقضون معه جملة وتفصيلاً بما جنوه من مكاسب سلطوية حولتهم إلى طبقة رأسمالية طفيلية جديدة، لم تكن موجودة قبل عهد (الانقاذ؟!). وهي طبقة تعيش في وادٍ بينما يعيش غالبية الشعب في وادٍ آخر هو وادي المعاناة والحرمان والبطالة والغلاء والمعسكرات.


    ٭ أخيراً فإن الخطاب المشار إليه في صدر المقال لا يؤشر وجود نية في بنية موسسة (الانقاذ؟!) لاحداث تغيير حقيقي بمبادرة من السلطة يختصر الطريق للبلد للخروج من أزمتها، ولا وجود نية بتعامل عقلاني أو واقعي مع أي تغيير جماهيري يأتي عبر الوسائل السلمية المباحة دستوراً وقانوناً. وهذا الاصرار يمكن أن يزيد من الاحتقان السياسي، خاصة مع السياسات الاقتصادية الطاحنة، وتأزم الأوضاع في دارفور، وضياع ثلث البلد بانفصال الجنوب، وإحساس اليأس والاحباط في كل الأقاليم من أوضاع البلاد عموماً، وتفشي البطالة وسط الشباب، والتضييق على المعارضة. نتيجة هذا الاحتقان هو انفجار الغضب الشعبي العارم بذات الطريقة التي حدثت في الأقطار الأخرى، ويبقى توقيت هذا الانفجار وشعلته في رحم المفاجأة، أما نتيجته فان يستجيب القدر حين يريد الشعب الحياة.

    الصحافة
    31/3/2011

    (عدل بواسطة الكيك on 04-02-2011, 03:21 PM)

                  

04-01-2011, 11:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    ما بين سحق مندور المهدي للمعارضة وتبرع الرئيس السخي

    /بارود صندل رجب
    Mar 30, 2011, 16:25

    سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com

    ارسل الموضوع لصديق
    نسخة سهلة الطبع
    Shar

    ما بين سحق مندور المهدي للمعارضة وتبرع الرئيس السخي
    للأخوة المصريين!!




    للمؤتمر الوطني باع طويل في الإتيان بالمتناقضات وبالعجائب غير المسبوقة ، ولكن ما حصل في الأسابيع الماضية تجاوز اي حد معقول , حتي الحمقي و المجانين لا يمكن أن يفعلوا ما يفعله المؤتمر الوطني هذه الأيام فهذا الحزب الممسك بمقاليد ومغاليق الأمور في هذه البلاد ومنذ أكثر من عقدين من الزمان ، أصابه الهزيان فخرج من طوره ففي مؤتمر مشهود أطل علينا المدعو مندور المهدي وهو نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم وهو يخاطب عشرة ألاف من أفراد الكتيبة الإستراتيجية قائلاً [أن أحزاب المعارضة لن تؤتي البلاد وأعيننا ترمش ومن يقف أمامنا سنسحقه سحقاً وننهي وجوده علي هذه الأرض وأضاف متوعداً شباب الفيس بوك وسماهم أذيال الشيوعيين والشعبين أن كتاباتكم لن تغيّر أمراً ولن تحركنا قيد أنملة عن مواقفنا ....

    ومضي مندور هذا قائلاً:- بعد الانتهاء من المعارضة الميتة التي شهدتم وشيعتم جثامينها عندما أرادت مقابلتنا في الانتخابات الأخيرة ، تحاول الآن إعادة الكرة والإستقواء بالقوي الضعيفة المنكسرة في البلاد وأضاف [ولن تستطيع قوة في الأرض أن تقف أمامنا] ما كنا نتصور أن يخرج مثل هذا الهراء من مسئول يتحمل مسئولية الحكم في البلاد بحكم أنه مصطفاة من رب العالمين لإقامة العدالة والمساواة في العالم!!


    تصوروا لو أن مثل هذا الكلام صدر من الشيخ الترابي أو الصادق أو ياسر عرمان أو كمال عمر ، لأ قامت الحكومة وإعلامها ومجانينها ! الدنيا ولم يقعدوها !! كيف لا والحكومة ترتعد فرائصها من أحاديث الشيخ حسن الداعية لإسقاط النظام بالوسائل الديمقراطية والسلمية وتزج به في غيا هب السجن بحجة أن حديثه فيه تهديد للأمن القومي !! أبلغ بالحكومة هذه الدرجة من الخوف والهلع حتى تذهب إلي تجنيد كتائب لسحق المعارضة ومحوها من ظهر الأرض !! أفقدت الحكومة الثقة في الأجهزة الرسمية المنوطة بها حفظ أمن البلاد وسلامتها !! أين القوات المسلحة !! أين قوات الشرطة ...


    أين قوات الأمن؟! لا يري مندور في كل هذه الأجهزة المتخصصة أليات للقيام بحماية أمن البلاد حتى تجند مليشيات لسحق المعارضة ! نحن ندرك أن الثورة التي تموج داخل المؤتمر الوطني نفسه تجعل مندور وأمثاله يتحسسون مقاعدهم , الجيل المجاهد الذي حلم بدولة إسلامية في السودان يري بأم عينيه انحراف النظام عن الخط الإسلامي ، كل المظاهر المشهودة في البلاد تجانب نهج الإسلام في طهارة اليد ، فالأيادي التي كانت توصف بأنها متوضئة وأمينة أضحت أيادي ملوثة بدماء الأبرياء في كل السودان وأيادي سارقة للمال العام ، حتي أصبح الحال أن تعيش فئة أو طبقة قليلة في الرفاهية وتمارس كل أنواع البذخ والتبزير علي حساب عشرات الملايين من الشعب الذين يئنون في أقبية الفقر المدقع راز حين تحت عتبة الفقر، يسكنون حيثما كان ويتغذون علي أي شي كان !! والعصبيات القبلية والجهوية التي زرعتها الحكومة أدت إلي تمزق الأمة شيعا وطوائف , كل هذه الممارسات التي برزت من حكم المؤتمر الوطني أدت إلي ضياع هيبة الحكم الإسلامي وتشرذم المسلمين ، كل هذا الانحراف حرك المخلصين وخاصة الشباب حتي من المؤتمر الوطني بضرورة التغيير فهذه الحركة المباركة وقعت كالصاعقة علي العصابة الحاكمة ، فضربت أخماساً في أسداس لأنقاذ نفسها و مصيرها!!



    فمندور وغندور نكرات لا سابقة لهما في العمل الإسلامي ولم يجدوا الفرصة في القيادة إلاّ حين أنسحب الأخيار وانسلوا من بؤرة الفساد كانسلال الشعرة من العجين فحين غاب النجوم ظهرت الأقزام ...... ونقول لمندور أن بذرة الخير التي زرعتها الحركة الإسلامية في هذه البلاد علي مدي خمسين عاما والجهد المخلص للقيادة الراشدة لا يمكن أن تذهب سدا و لا يمكن أن تثمر إلاّ الخير ، القوات المسلحة والشرطة والأمن والخدمة المدنية والجيل الجديد ليسوا لعبة شطرنج في أيادي قذرة تحركهم كيفما شاءت فأحذر يا مندور أن تسحقك الحق ، أن سقوط المؤتمر الوطني يعني سقوط العصبية القبلية والجهوية وعودة الروح لهذه الأمة بالانصهار في بوتقة اللحمة الوطنية ، أمثال مندور ونافع يرون أن هذا بعيد وأحلام زلوط ونراه قريباً والعاقبة للتقوى والأمور بخواتيمها !! هزيان مندور علي ما فيه من استفزاز للشعب والاستخفاف به ولكنه في الجانب الآخر يكشف حقيقة هذا النظام !! وأن الوضع الذي نحن فيه لم يكن يقبل به إلا المنتفعون الكبار!!



    ونذكر مندور ومن معه أن الكتيبة التي أعددتموها ما هي إلا كتيبة بلطجية لا تغني عنكم شيئا يوم يثور هذا الشعب بحسبان أن القوة الغاشمة التي توظفونها باللجوء إلي القهر والقمع ضد الشعب لن تدوم إلي ما لا نهاية فقد فشل أقوي نظامين أمنينين وبوليسيين في المنطقة أن ينتصرا علي إرادة الشباب الثوار ، أن ثورة التغيير القادمة لا تجنح إلي العنف فأسالة الدماء هي عقيدة المفسدين والدكتاتورين , هذه الثورة تجسد إيمان الشعوب بحقها في التوافق الاجتماعي وفي الحياة المدنية القائمة علي احترام القانون وحده وتطبيقه علي الجميع دون استثناء !!


    فأن زعمتم أنهم مستثنون من ثورة التغيير لأسباب تدعونها أو إنكم تتميزون بخصوصية تحميكم من الشارع فأما إنكم غافلون عن مقاصد التاريخ أو أنكم مازلتم تغالطون الشعب بأن نظامكم نظام ديمقراطي في حين أنكم تمارسون العكس في الواقع , فلنترك مندور في أحلامه ونذهب إلي نافع والذي تحدث في ذات اللقاء أمام الكتيبة قائلاً[ أن تمنع دول الغرب ومجلس الأمن الدولي من التدخل عسكرياً في الشأن الليبي إلا بعد موافقة ورضا العرب والمسلمين أنه نقلة في المفاهيم وعزاها إلي مواقف السودان الذي وفر العزة لكل الشعوب الإسلامية والعربية ونبه في الوقت ذاته إلي أن الكتيبة الإستراتيجية جسدت واقع أن الإنقاذ المحفز للتغيير في الوطن العربي الإسلامي والعالم الثالث] بالله عليكم إلا يفقع هذا الكلام المرارة !! ما هي مواقف السودان المشرقة هذه أهي بتر جزء من السودان ؟! أهي الانبطاح الذي حدث من النظام أمام الإملاءات الخارجية ؟! أهي وجود القوات الدولية في طول البلاد وعرضها ؟ أهي قتل وسحق مئات ألآلاف من أهل دارفور؟ أهي معسكرات الخزي والعار ؟ أهي الفساد المستشري في عضد مؤسسات الدولة ؟ أم هي اعتقال الشيخ حسن المفكر الإسلامي ومجدد القرن ؟ حقاً الاختشوا ماتوا ؟ ألم أقل لكم أن الكتيبة هي كتيبة بلطجية وإلاّ لما أنصت لهذا الهراء الذي يلغي العقول والقلوب؟!



    هذه الكتيبة التي جددت بيعه العهد والميثاق أمام نافع الذي أخذته النشوة فقال هذه الكتيبة لا تصلي العصر إلاّ في بني قريظة ] ونحن نتساءل هل صلوا العصر في دار المؤتمر الوطني( أن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر)أما السيد أمير المؤمنين المفدى فقد ذهبت به الشهامة أن تبرع بعدد .... رأس من الأبقار السودانية للشقيقة مصر مع أن أهل مصر لم يتعرضوا لأي كارثة ولم يطلبوا معونة أحد في الوقت الذي نعاني في السودان المسغبة في معسكرات الجوع في دارفور وفي الجنوب وفي الشرق بل في أطراف الخرطوم ولكن أميرنا المفدى لم ير ذلك أبداً بل رأي بأم عيني رأسه أن أهل مصر أحوج ما يكونون إلي لحم هذه الأبقار (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب....)


    هل تبرع الرئيس من ماله الخاص !! أم من المال العام ومن أي بند في الميزانية تم أستقطاع هذا المبلغ ؟ , هي الصور المقلوبة في هذه البلاد لم تتحدث الحكومة عن حلايب مع الأصدقاء الجدد في مصر، فالأرض تهون في سبيل أرضاء الشقيقة الكبرى فالأرض عند أهل المؤتمر الوطني لا تساوي شئ فلتذهب أرض الجنوب؟ ولتتبعها دارفور وحلايب وهلمجرا.... ومع كل هذا البؤس ستظل الحكومة في منأى عن أي تغيير هذا الذي رصدنا قليل من كثير من عجائب هذا النظام و لله في خلقه شئون.............

    بارود صندل رجب
                  

04-01-2011, 11:45 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    بلاغ للنائب العام ووزير العدل:
    Updated On Mar 28th, 2011

    نافع ومحمد مندور يهددان الشباب بالسحق

    كتيبة تبايع حزباً سياسياً وتتحدث عن منتسبيها كمجاهدين




    دكتور صدقي كبلو



    ورد في صحف يوم الأربعاء 23/03/2011 الخبر التالي: (الصحافة)

    “توعد المؤتمر الوطني، بسحق القوى السياسية المعارضة وشباب “الفيس بوك” الذين وصفهم بـ”بأذيال الشيوعي والشعبي”، وتحدى المعارضة ووصفها بالميتة التي تستقوي بالاخرين على اسقاط النظام، وقطع بأنها لن تهز فيه “رمشة عين” ولن تحرك مواقفه “قيد انملة”.

    وقال نائب رئيس المؤتمر الوطني نافع علي نافع لدى مخاطبتة “كتيبة استراتيجية” بايعت حزبه امس ان الانقاذ “ذهب لا تزيدها النار الا بريقا ولمعانا”.

    من جانبه، وجه نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم محمد مندور المهدي، تحذيرات للمعارضة وشباب الفيس بوك، وقال “باسم هذه الكتيبة الصامدة نقول للمعارضة لن تأتوا هذه البلاد، وفينا أعين ترمش، وبيننا هذه العصبة المختارة”، وأضاف نقول لشباب الفيس بوك هذه الكتابات التي تكتب على صفحات الأنترنت لن تستطيع أن تغير أمراً أو تحرك مواقفنا قيد أنملة.

    وقال مندور للكتيبة “القوى السياسية الميتة التي شاهدتموها أنتم في ولاية الخرطوم شيعتم جثامينها عندما أرادات مقاتلتكم في الإنتخابات” واضاف ان المعارضة تريد أن تعيد الكرة على الحكومة وتستقوي بالاخرين والقوى المنكسرة على أهل هذه البلاد.

    وطالب مندور «المجاهدين» بالدفاع عن البلاد، وقال لهم «أنتم مجاهدون، ولن تستطيع قوة في الأرض أن تقف أمامنا»، وزاد «من يقف أمامنا سنسحقه سحقاً وننتهي منه في هذه الارض» واضاف «من يريد ان يواجهنا فليواجهنا وصدورنا خارجة من ملابسنا».”

    وتكرر الخبر في الرأي العام: “قال د. نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطنى لشؤون الحزب، إن الإنقاذ هي المحفز للتغيير في الوطن العربي والإسلامي والعالم الثالث، واعتبر نافع خروج الثورات في العالم العربي تم بعد أن إستسلم قادتها للقوة المادية المحضة. وقال نافع مخاطباً كتيبة النصرة والبيعة عقب مبايعته أمس: (هذه الكتيبة لا تصلي العصر إلا في بني قريظة). وأضاف أن الولاء لله أكبر من الولاء للتنظيم والجهة والرئيس، وقال إن القوى السياسية تعلم أنه لا إله في واشنطن أو لندن أو باريس، ولا أي موقع من مواقع الأرض، ولا ذلة ولا إستكانة ولا خوف إلا من الله. وقال نافع إن الإنقاذ فجرت الثورة في العام 1989م، ووصفها بالذهب لا يزيده الزمن والنار إلا صفاء وبريقاً وتجدداً ولمعاناً. من جانبه توعد د. محمد مندور المهدي نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، القوى السياسية المعارضة بالسحق ومحوها من على وجه الأرض إن حاولت الخروج، وشن عليها هجوماً لاذعاً. وقال مندور لدى مخاطبته الكتيبة بالمركز العام للحزب أمس: (تريد هذه القوى السياسية الميتة أن تعيد الكرة علينا وتتقوى بالآخرين). وأضاف: نقول لها لن تستطيعوا أن تأتوا إلى هذه البلاد وفينا أعين ترمش. ######ر مندور من شباب (فيسبوك) الذين يدعون لتغيير النظام، وقال: (نقول لشباب الفيس من أذيال الشيوعيين والشعبيين إن الكتابات التي تكتب على صفحات الإنترنت لن تحرك قيد أنملة في مواقفنا ولن تستطيع هز رمشة في أعيننا). وأضاف مندور أن عضوية المؤتمر الوطني قادرة على الدفاع ضد الذين وصفهم بالمجاهدين إلكترونياً. وقال: (من يقف أمامنا سنسحقه سحقاً وسننتهى منهم في هذه الأرض)، وزاد بأن من أراد أن يواجهنا فلن يواجهنا إلا وصدورنا مكشوفة، وتابع: نستطيع أن نواجه أي عدوان يريد أن يضعف قوتنا.”

    · بأي قانون ؟!!!
    وسؤالي للسيد وزير العدل والنائب العام: هل يحق لأي حزب سياسي مسجل بموجب قانون الأجزاب سواء كان هذا الحزب حاكما أو معارضا، أن تكون له كتيبة لردع مخالفيه وسحقهم؟ والمسألة التي أدعوك للتحقيق فيها: هل هذه الكتيبة مسلحة؟ ومن أين لها بالسلاح؟ وإن لم تكن مسلحة هل تدربت على أعمال العنف ومن دربها؟ لاحظ أن قانون الأحزاب في المادة 14 يشترط في تكوين الأحزاب السياسية:

    “(ح ) لا تنطوي وسائله لتحقيق أهدافه على إقامة تشكيلات عسكرية سرية أو علنية سواء بداخله أو بداخل القوات المسلحة أو أى من القوات النظامية الأخرى”.

    “(ط ) لا يمارس أو يحرض على العنف ولا يثير النعرات والكراهية بين الأعراق والديانات والأجناس”.

    وسؤال آخر ما معنى مبايعة كتيبة ما للسيد نائب رئيس الموتمر الوطني السيد نافع علي نافع ونائب رئيس المؤتمر الوطني بالخرطوم السيد محمد مندور المهدي؟ وهل تتخطى سلطات السيدين المذكورين سلطات الأجهزة المسئولة عن حفظ النظام في البلاد وفي مقدمتها وزارة سيادتكم وأجهزة الشرطة، بحيث يصبح المؤتمر الوطني وكتيبته التي بايعت نائب رئيسه هي التي تهدد بسحق المعارضين ومحوهم من على الأرض؟ وهل يعتبر التهديد الذي أطلقه المهدي ضد شباب الفيس بوك والمعارضين عملا مخالف للقانون وإزعاج للسلام العام وإثارة للإرهاب والخوف وبالتالي إخلال بالطمأنينة العامة مما يتوجب المسئولية القانونية؟

    إنني أطلب من سيادتكم التحقيق في المسألة بشكل عاجل وموضوعي وإتخاذ الإجراءات التي يفرضها عليكم واجبكم العدلي والقانوني في صيانة حكم القانون في البلاد، كما أطلب من سيادتكم إستدعاء السيدين المذكورين وإسكتتابهم تعهدين شخصيين بألا يتعرضا ولا يحرضا أي شخص في حزبهما أن يتعرض لأي شاب من شباب الفيس ابوك أو المعارضين وأن تلك مسألة تتعلق بصيانة الأمن العام وهي مسئولية الشرطة.

    · سيادة حكم القانون دون تمييز
    إن دافعي في مخاطبتكم هو سيادة حكم القانون على كل أفراد ومواطنين الشعب دون تمييز، وأن يشعر أي مواطن أنه آمن وأن ليس هناك من شخص أو حزب يأخذ القانون في يده ويحل محل الشرطة أو النيابة العامة أو القضاء في تنفيذ القانون.

    إن تعريف الدولة في القانون والعلوم السياسية يستند على إحتكارها لأدوات العنف والسلاح، وإلا سادت الفوضى وعمت الحروب الأهلية وعدنا لعصور ما قبل الدولة المدنية الحديثة التي تعتمد الشرطة والقوات النظامية لصيانة الأمن وتطبيق القانون وسيادته، والجهاز القضائي المستقل للإحتكام في حالة النزاع القانوني وفي حالة الإقرار والأمر بتطبيق العقوبات لمخالفي القانون. إن حزب المؤتمر الوطني ليس من هذه الأجهزة ولا ينص أي قانون على سلطة له أو لأعضائه تعطيهم حق تنفيذ القانون أو أخذه بيدهم.
                  

04-01-2011, 01:00 PM

الشفيع وراق عبد الرحمن
<aالشفيع وراق عبد الرحمن
تاريخ التسجيل: 04-27-2009
مجموع المشاركات: 11406

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)


    Quote: (نقول لشباب الفيس من أذيال الشيوعيين والشعبيين إن الكتابات التي تكتب على صفحات الإنترنت لن تحرك قيد أنملة في مواقفنا ولن تستطيع هز رمشة في أعيننا). وأضاف مندور أن عضوية المؤتمر الوطني قادرة على الدفاع ضد الذين وصفهم بالمجاهدين إلكترونياً. وقال: (من يقف أمامنا سنسحقه سحقاً وسننتهى منهم في هذه الأرض)
                  

04-01-2011, 06:53 PM

Ahmed musa
<aAhmed musa
تاريخ التسجيل: 07-08-2007
مجموع المشاركات: 16669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الشفيع وراق عبد الرحمن)



    د. مندور المهدي ... البداية من حيث انتهى الآخرون ..!!!ا
    أحمد موسى عمر

    كُل صباح أزداد يقيناً بوجود خلل ما بالدولة التي نحبها درجة العشق الحميم, ونحاول أن نفهم (فندوخ) على مايقول أهلنا التوانسة الذين أشعلوها ناراً انتظمت الوطن العربي وصارت قائداً ورائداً للثورة العربية بالوقت الراهن؛ هذه الثورات التي جمع بينها عنصر الشباب ورغبة التغيير، في حالة ملل وململة في زمان أضحى متغيّراً بشكل سريع ودائم بثورة المعلوماتية ... ومايحدث يؤكد أن القادة لا يقرأون التاريخ، ولا يدخلون عوالم جماهيرهم الشابة التي تُطالع من داخل غرفهم الخاصة وصالات الإنترنت، التجارب الديمقراطية العالمية ومقاربتها بتجاربنا ليسكنهم في مكان خفي سؤال (أين ديمقراطيتنا ؟؟!) ... هذا السؤال يشكل رأي جمعي لا يتم تخطيط له مُسبق، ولكن يظهر من خلال نقاشات غرف الدردشة والمواقع الاجتماعية، لتخرج من بين تلك النقاشات (دعوة) صادقة للتغيير ... ولأن القادة لا يدخلون عوالم جماهيرهم الشابة، فإنهم لا يعلمون بالتالي قُدرة تلك المواقع على توحيد الرؤية ووضع البرامج ليسير كُل القادة على ذات الطريق بذات اللغة والمفردات، بدءاً من التقليل مما يحدث وانتهاء بالدخول بتحدي بيّن (للجماهير) ... وبالخرطوم العاصمة، والخرطوم الولاية، والخرطوم فرع حزب المؤتمر الوطني بدأ السيّد الدكتور مندور المهدي من حيث انتهى الآخرون و(جاب من الآخر) على قول المصريين, مُتحدياً الراغبون بالخروج بالسحق، ومتحدياً عدواً هُلامياً غير واضح المعالم أسماهم شباب الفيس بوك بالاكتساح ...!!! هذا التصريح الذي أُضطر معه حزب المؤتمر الوطني بالولاية للتراجع عنه ببيان صُحافي نشرته صحيفة التيار، موضحاً أن تصريحات السيّد مندور أُخرجت من سياقها، وأن (كتيبة المروءة) أو أياً كان مُسماها هي مجموعة دعوية تعمل في اصحاح البيئة ونظافة الشوارع...!!! الأمر الذي يجعلك توقن أن مايحدث بالخارج أصاب الداخل بما يشبه فقدان البوصلة، فكثرت التصريحات وكثرت البيانات التصحيحية والتوضيحية لها, وتحول الحزب الحاكم إلى ما يشبه الحزب الإعلامي الذي تجده بالوسائط الإعلامية أكثر مما تجده وسط الجماهير، وصار عدد من قادته يجنحون للتصريحات الكثيرة التي توقعهم بمزالق التصريحات المُدمّرة. وبمتابعة لتصريحات السيّد الدكتور مندور المهدي الأخيرة تجده أكثر القيادات يقع في خطأ استخدام الأفكار والتصريحات وحتى المفردات، فلم يجف بعد مداد تصريحه بمنح أعضاء المؤتمر الوطني من الجنوبيين الجنسية السودانية، ذلك التصريح الذي أفرغ إدارة الهجرة والجنسية من صلاحياتها لصالح الحزب ..!!!، وفي تصريحه عن دور حزب المؤتمر الوطني في فوز عدد من قيادات الأحزاب الأُخرى يتباهي بقدرات الحزب التي أصابت قادة تلك الأحزاب بمقتل، وأصابت علاقات أحزابهم بالحزب الحاكم بوهن .... ليعود بتصريحات أكثر التهاباً بعدد من القضايا تثير أزمة، حتى تساءل بعض المتابعين عن الدور الذي يلعبه الدكتور مندور المهدي لتأليب الجماهير على الحزب, ففي عمود الكاتب عبدالباقي الظافر بالتيار الصادرة بتاريخ 25 مارس 2011 وتحت عنوان (مندور لا يشاهد الجزيرة) كتب الظافر (ورجل معروف بولائه للشيخ، يُختار وزيراً في حكومة إقليمية، يمضي إلى شيخه يبحث عن فتوى تتيح له الجمع بين الولاء والمنصب، والترابي يمنحه الإذن، ويحتج رجال من حول الشيخ ويرد الترابي بنصف ابتسامة : كان سيفارقكم بكل الأحوال من ذاك اليوم أنا أبحث عن رجال الشيخ في معسكر البشير كلما فعل وزيراً أو كبير أمراً يدعو لغضب الشعب، ظننت أنه من رجال الشيخ المختبئين بالمقاعد الوثيرة ...شيء مثل هذا قام به الشيخ مندور المهدي ) ... وهو التحليل التُهمة الذي يستبعده الذين يعلمون الدكتور جيّداً، فهو من الوطنيين الخُلّص، ولكنه بات كمن يلعب خارج بيئته التنظيمية. فالدولة بها الساسة، والتنظيميون، والتنفيذيون، والتشريعيون، والجماهيريون، والإعلامييون، والمفكرون، والمثقفون ولكنهم بين محبط ويائس ومُقيّد. فالمؤتمر الوطني ومع تضخماته التنظيمية يفشل في وضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، وبرغم عمله على توسعة ماعونه الجماهيري إلا أنه مازال فاشلاً في توسعة مؤسساته التنظيمية مع هجرة عدد من قياداته إلى خارج أسواره ... وللدكتور مندور المهدي معزة خاصة وخالصة للدكتور نافع علي نافع، والذي اشتهر بالحزب بالتصريحات النارية القاتلة، ولكنها تصريحات خرجت أيضاً بمعايير يُمكن ضبطها ولا تخرج كيفما انبغى لها..!!! ... والحزب ومع هجرته الأخيرة إلى فضاءات الإعلام يفتقد للتنظيم الإعلامي المُحكم حتى أنك تتساءل هل فشلت أمانته الإعلامية في وضع خارطة إعلامية أم أنها لا تهتم ؟؟! وهل كون المسؤول الإعلامي من (المُهاجرين) وليس من (الأنصار) يجعل أجنحته التخطيطية مهيضة ؟؟! ولماذا لا يتساءل الحزب عن ابتعاد عدد من (أقلامه) و(أقلام) الحركة الإسلامية من الذين تربوا في حجرها, لماذا ابتعدوا أو اُبعدوا ؟؟! ولماذا صاروا في حالات كثيرة أخطر نقداً وهجوماً على بيتهم العمير ؟؟! هل ذلك بسبب حنقهم على رؤية مشروعهم الذي آمنوا به، يتهاوى رويداً رويداً وهم بحالة عجز إلا من قلم لا يُسمن ولا يُغني من جوع ؟؟! هل اختاروا مؤخراً سياسة (فبلسانك وذلك أضعف الإيمان) ... وقيل ما ذلك من الإيمان في شيء ... فقادة رأي من أمثال الأساتذة الطيب زين العابدين, محجوب عروة, حسين خوجلي, عثمان ميرغني, عبدالباقي الظافر, الطاهر ساتي, الهندي عزالدين، وغيرهم. تتعجب أنهم بعيدون أو مُبعدون عن مشروع التخطيط لمشروع إعلامي يحفظ للحزب أمانه ويمنحه أمل استمرارية أكثر، ليحمل الساسة والتنظيميون مسؤولية التصريحات ظنّاً منهم أن التصريح هو أدنى مستويات الممارسة السياسية وأقلها جهداً واجتهاداً و(هم واهمون..!!) ... ولم يتساءل أولئك لماذا يصر الشيخ علي عثمان محمد طه على الصمت طويلاً ... ولماذا حين يتحدث يُخرج كلماته بميزان الذهب ... لا يتساءلون ... ونظنهم لا يريدون ... والأمر يُثير سؤال أكثر أهمية حول وضعية السيّد الدكتور مندور المهدي التنظيمية وإن كان هذا هو مكانه المناسب، فالرجل لا ينكر إلا مُكابر نشاطه وصدقه وإخلاصه لمشروعه السياسي، ولكن هل يصلح كنائب لرئيس الحزب بأهم ولاية بالبلاد، في وقت يكاد يكون فيه رئيس الحزب غارقاً حتى أُذنيه في مهامه التنفيذية، يسأل الله العون والمدد ويحلم بزيادة ساعات اليوم علّها تفي بحاجاته التنفيذية ... ولماذا يصر حزب المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم ودون بقية الولايات وفي ظل وجود قيادة الحزب بالتصدي للقضايا الكلية ؟؟! هل يتم ذلك في ظل تكليف له بذلك أم أنها مجرد مبادرة خلقتها بقية شعور (بالاتحادية) بنفس السيّد نائب رئيس الحزب ... وسؤال أخير مازال يحاصرني عن الاسم (المروءة) ... ويُذكرني دوماً بنداء (ياأبومروااااااا) الذي يطلقه صاحب الحاجة بلحظة ضيقه الأخيرة ...والله المُستعان

    http://www.altayarnews.net/shownewstxt.aspx?cno=22063

    ـــــــــــــــــــــــ
    معليش يا كيك للتطفُّل
    وسلام ليك وللحواليك

    (عدل بواسطة Ahmed musa on 04-01-2011, 06:56 PM)

                  

04-01-2011, 10:19 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: Ahmed musa)

    شكرا
    احمد موسى
    على ايرادك لهذا المقال الجميل ..
    بس لو كنت ظللت المقال ونقرت على بولد كان يكون اوضح لضعاف النظر الذين لا يستطيعون قراءة الخط الابيض ..
    لكن جلفت تقرا هذا المقال للزميل خالد فضل مقال انما ايه

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=16320
    --------------------------------------------------------------------------------
    || بتاريخ : الأحد 02-01-2011


    : دولة الإسلام السياسي: كل الطرق تؤدي إلى الاستبداد


    : تحليل سياسي: خالد فضل


    * احد الشبَّان ممن كانوا حضوراً، نقل إليَّ عبر الهاتف، ان احد منسوبي المؤتمر الوطني من اعضاء هيئة تشريعية في ولاية سنار، قد استشاط غضباً وانتقد علناً حضور ومشاهدة والي الولاية ورهط من وزرائه واعضاء حزبه لعرض فني قدمته احدى فرق الفنون الشعبية الاثيوبية في نشاط مصاحب لمؤتمر الاقاليم الحدودية بين السودان واثيوبيا والذي إلتأم في حاضرة ولاية سنار مدينة سنجة الاسبوع الماضي غضبة ذلك الشيخ على حاكمه ووزرائه نجمت من ان الفتيات الاثيوبيات يقدمن عروضهن بصورة مستفزة للمشاعر الاسلامية الجيَّاشة لدى ذلك العضو المحترم، وهو يريد من حاكمه وقادة حزبه ان يحذو حذوه ويكفوا عن متابعة مثل هذه العروض الابداعية التي تعكس جوانباً من ثقافات اهل اثيوبيا، ذلك البلد ذي الطبيعة التعددية مثله مثل السودان.*


    وفي الخرطوم صبيحة تفريق الشرطة لجمهرة من قواعد طائفة الانصار وحزب الامة اثر سيرهم بشارع الموردة متجهين الى مسجد السيد عبد الرحمن بود نوباوي لاداء الجمعة ـ حسبما اوردت مصادر حزب الامة ـ وفي تلك المناسبة شُج رأس الدكتورة مريم الصادق المهدي القيادية بالحزب وكسرت يدها التي حاولت ان تتقى بها العصى المصوبة نحو رأسها كما اصيب شيخ سبعيني حاول حمايتها وتعرض اخرون لاصابات متفاوتة بينما سالت الدموع جراء استخدام الغاز المسيل لها من جانب الشرطة السودانية، وفي تلك الاثناء، كان الشيخ محمد عبد الكريم رئيس ما يسمى بالرابطة الشرعية للعلماء يعتلي سيارة مكشوفة وهو يخاطب حشداً من اتباع رابطته في احد الشوارع الفسيحة بمدينة الخرطوم ويتلو من بيان مكتوب ما تراه رابطته واجبات في هذه المرحلة، ومن ابرز ما ورد في وثيقة نصرة الاسلام تلك، ان استفتاء الجنوب حرام شرعاً وان وجود الحركة الشعبية في الشمال حرام شرعاً، وكذلك وجود العلمانيين وغيرهم ممن يؤتى بهم من الخمارات ليحكموا، ثم ايد البيان اعلان رئيس جمهورية السودان السيد عمر حسن احمد البشير من القضارف عن عزمه تطبيق الشريعة الاسلامية اذا انفصل الجنوب في استفتاء 9 يناير الجاري، وانه لا مهادنة، او مراهنة، او جرح في بتر الاعضاء، والجلد، والرجم، وانفاذ كل العقوبات الحدية التي انزلها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، واعتبار الدستور الجديد لدولة شمال السودان مستنداً على الشريعة وحدها كمصدر للتشريع واللغة العربية كلغة وحيدة ورسمية للدولة القادمة معتبراً ان جلد الفتاة التي ظهرت في مقطع فيديو ملأ الافاق عبر الوسائط التكنولوجية الحديثة معتبراً إيَّاه انه احد حدود الله التي اذا شعر احد بانها تسيئ الى سمعة البلاد فعليه مراجعة إيمانه والاغتسال والوضوء والدخول في الاسلام من جديد حسبما يفهم من الخطوات الواجب اتباعها كما قال السيد الرئيس.



    * اذاً نحن الان امام اربع حالات متزامنة خطاب رئيس الجمهورية المرتجل في القضارف عن تطبيق الشريعة، وضرب الشرطة لدكتورة مريم الصادق المهدي الانصارية القحة وكريمة امام الانصار، وغضبة ذلك التشريعي في ولاية سنار، وشروط الازعان التي فرضتها رابطة العلماء الشرعيين على كل من يخالف توجهات حزب المؤتمر الوطني التي اعلنها رئيسه رئيس الجمهورية من القضارف.


    * في الواقع هنالك جوانب اخرى تغلف كل هذا الفضاء الممتد من سنار الى القضارف، فالخرطوم وشارع الموردة بام درمان من تلك الجوانب وان ام درمان التي شُج فيها رأس وكسر ساعد د.مريم وهي ضمن جموع متجهة لاداء صلاة الجمعة هي ذاتها المدينة التي تحتضن في مدخلها المؤدي للخرطوم مبنى هندسياً بديعاً اسمه المجلس الوطني، ذلك المجلس ذي الغالبية المسلمة، ومن منسوبي حزب المؤتمر الوطني الذي يعلن رئيسه تطبيق الشريعة بالجلد، والقطع، والصلب، والرجم، ولكن اضابير هذا المجلس تضم على الاقل واقعتين حديثتين لاجازة وقبول (قروض ربوية)،

    وقد احل الله البيع وحرم الربا كما نعلم نحن عامة المسلمين، بيد ان السادة النواب الاسلاميين احلوا الربا في قرضين اثنين على الاقل وبالطبع ليس من سؤال يمكن توجيهه في هذه الحالة خاصة ان عضو المجلس التشريعي بولاية سنار يرى ان قمة القيم الاسلامية التي يجب مراعاتها هي عدم مشاهدة فتيات اثيوبيات يرقصن الرقصات الشعبية لقومية من قوميات بلد جار يمتاز شعبه بالتعددية الدينية والاثنية والثقافية واللغوية كما هي حالة السودان الشمالي الذي يعلن رئيسه تطبيق حكم الشريعة عقب انفصال جزئه الجنوبي وذلك عن طريق الرجم، والقطع، والجلد، والصلب، وبقراءة ذلك مع هتاف سحق الحركة الشعبية تحت الاقدام والذي انطلق في مسيرة رابطة علماء الاسلام الشرعيين، يكتشف المراقب العادي حجم السدود والحواجز التي تفصل بين قيم الاسلام كدين انزله الله بوساطة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبين الاسلام كايديولوجيا، أي تصورات بعض الناس لشؤون الحكم والحياة،
    وان حاولوا ربطها بالاديان، فالمفارقة لا تكمن في مفارقة جوهر الدين الاسلامي فحسب بل تمتد لما اسماه الاستاذ علاء اسواني بسيادة الدين البديل اذ ليس بمستغرب البتة ان يؤدي عنصر الامن مثلاً اوقات صلاته كلها في جماعة في المسجد الملحق بالزنازين وبعد الاوراد وتلاوة ما تيسر من ايات القرآن ورفع الاكف بالدعاء لنصرة المسلمين في افغانستان والعراق وغزة يعود ذات العنصر لمواصلة عمله ـ الحلال ـ في تعذيب المعتقلين إما نفسياً او بدنياً او الاثنين معاً اذ تكفي اقساط التدين التي اداها في المسجد او حلقة التلاوة لتحقيق الرضا الروحي له.



    * ولكن هل تكمن المفارقة فقط في مخالفة جوهر الدين الى اعتناق التدين البديل كما في اطروحة علاء اسواني التي تفضل الاستاذ ياي جوزيف بنشرها في عموده اليومي بـ(أجراس الحرية) انما تغوص المفارقة الى جسد ما يسمى بحركة الاسلام السياسي والى مجموعات واسعة من منسوبي تلك الحركة وحزبها المؤتمر الوطني واجيال من الشباب الذين تبدلت اوضاعهم المعيشية والاسرية جراء انتظامهم وانتفاعهم من ريع المال العام المبذول للحزب بعد هيمنته على مقاليد الحكم، اذ نشأت اجيال جديدة فاخرة العمران فخمة الاثاثات وتم امتطاء السيارات الفارهة والتمتع بقضاء الحاجات من اسواق دبي وماليزيا واوروبا واقامة الاحتفالات الخاصة في افخم صالات الفنادق والمساعدة في توظيف الاقارب وتبادل المنافع وقيام الشركات العاملة في كل قطاعات الخدمات ذات العوائد المضمونة كالمطاعم والصرافات والنقل والترحيل والطرق والجسور وخدمات النفط والاتصالات.



    هذا عدا توريث الاستوزار اذ تصبح ابنة القيادي والوزير الاسلامي وزيرة لاحقة او وزيراً لاحقاً في حالة الاولاد الى شبكة عريضة من العلاقات العامة والعمل التجاري في اسواق المحاصيل وتجارة السكر والاسمنت والسيخ ووكالة كبرى الشركات للادوية وانشاء الجامعات والمستوصفات الخاصة وحتى الاذاعات ووسائط الاعلام المختلفة وغيرها من انشطة ربحية انخرطت وتنخرط فيها اعداد متزايدة من منسوبي حركة الاسلام السياسي ازاء وضع كهذا تصبح غضبة ذلك الاسلامي الاقليمي مقدرة بحسن النية بينما غضبة السادة العلماء في شوارع الخرطوم محسوبة بترموميتر الظفر (يضيئ) بعد دحر الطاغوت الذي يمثله كل من يدعو لاقدام واقع السودان التعددي او يطالب بالعدالة والمساواة والحرية او يتحجج بادبيات حقوق الانسان ذات الجذور الغربية اذ يكفي فقط التذكير بان هذه الحقوق قد كفلها الاسلام منذ 15 قرناً هنا يكفي فقط مجرد التذكير والهتاف اذ ان كل صاحب عمل (تعبدي) يقوم لادائه بعد اكمال طقوس تقربه لله بالحج المبرور او صلاة التراويح او حلقة التلاوة ولا يهم بعد ذلك ان كان ممارسته لعمله شج رأس مريم الصادق او قتل مجندي معسكر العيلفون او اغتيال محمد عبد السلام او احتكار السكر والسيخ والاسمنت او المصادقة على قرض (ربوي) او قصف المدنيين في دارفور المهم لدى مناصري الاسلام السياسي ان يظل الشعار خفاقاً (الاسلام هو الحل) او (هي لله.. هي لله) او فـ(لتُرق كل الدماء).
                  

04-03-2011, 08:27 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    رئيس (خارج الشبكة) ..

    بقلم: سيف الدولة حمدناالله عبدالقادر
    السبت, 02 نيسان/أبريل 2011 08:45
    Share

    في يونيو الماضي كتب الاستاذ عادل الباز رئيس تحرير صحيفة الاحداث يدعو السيد رئيس الجمهورية للانضمام لكوكبة الكتٌاب بصحيفته (الاحداث)، وقد وصف ذلك ب (الحلم) الذي يشغل حياته ، وفي تقديمه لدواعي الطلب قال الباز " على الرئيس ان يفرد جانباً من وقته ليطلع الشعب والمراقبين مباشرة عن رأيه في قضايا الناس عبر الكتابة بالصحافة وهي الاداة الاكثر تأثيراً الآن في الرأي العام" . وبدوري كنت قد تناولت حديث (الباز) بالتعليق عليه في حينه في مقال نشر بعنوان (عادل الباز.. قليل من الرزانة حتى في الخيال).

    دعوة (الباز) خلٌفت عندي – منذ ذلك الحين - تساؤلات حول مدى توفر المعلومات الكافية عند الرئيس عن احوال الشعب ، وما هي السبل والوسائل التي تمكنه من على الوقوف على (حقيقة) تلك الاحوال ؟ فالواقع يشير الى ان الرئيس يعيش حالة (انكار) للواقع ، وهو الوصف العلمي الذي يقابله اللفظ الشعبي بوجوده (خارج الشبكة) ، وهي – الحالة – التي لا يستطيع احد ان يعينه في الخروج منها ، لانه – ببساطة – لا يرغب في الخروج منها ، فالرئيس يعتقد ان شعبه يعيش في نعيم الدنيا في انتظار رديفه بالآخرة ، وان الشعب يمكنه الصبر على شظف العيش ومكائد الدنيا (ان وجدت) في سبيل ما قدمته له الانقاذ من معروف ببنائها كبري (ام الطيور) واخوانه بالحلفايا وتوتي وطريق شريان الشمال ، كما يعتقد الرئيس بانه يجلس على رأس حكم عادل وشريف ، وكل من يقول بغير ذلك فهو اما خائن او عميل او مأجور.


    لا اعتقد بانني اتجنى على الرئيس اذا قلت بانه ليست لديه فكرة عن حقيقة واقع الحال الذي يعيشه الشعب ، فقد طال بالرئيس الزمن واستطال على جلوسه في نعيم القصر ، فالرئيس ومنذ (22) سنة لا يدفع اجرة مسكن ، ولا يسأل عن فاتورة هاتف ولا يشتري (رصيد) جمرة خبيثة – كشأن الرعية - بالاسبوع واحياناً باليوم ، ولا يستجرئ على باب منزله (محصٌل) عوائد او ضرائب او رسوم نفايات ، وليس له – بحمد الله – ابناء في المدارس والجامعات ينتظرون مصروف الصباح ، ولا يوجد حول الرئيس من بين رفاقه في الحكم او اهل بيته من يؤرقه دين او تعوزه حاجة من حوائج الدنيا ، فقد سخٌر الله لهم – وفق تعبيره - من متاع الدنيا ما يكفي حاجتهم ويزيد.
    وفي ظل هذا الواقع ، لا يستطيع الرئيس – وان رغب - معرفة احوال العباد من المطحونين وهموم المغلوبين ، وليس هناك ما يصلح دليلاً على ان الرئيس يقرأ قصص المكلومين التي توردها صفحات (فاعل خير) بالصحف اليومية ، بل لا يوجد ما يقول بأنه يقرأ الصحف من الاساس ، ولا تصله – ولو بالتسامع – ما تسطره الاقلام بعيداً عن رقابة اجهزة الامن بالمواقع السودانية بشبكة الانترنت عن قضايا الفساد والمفسدين ، ولم يعرض الرئيس يوماً لمشكلة مرض ومرضى الفشل الكلوي ، وسرطانات الاطفال ، و حالات الولادة (الجماعية) بداخليات الطالبات.


    الواقع يقول ان حالة (الانفصال الرئاسي) عمٌا يجري في ارض الواقع ليس بالشيئ الجديد ، وهي حالة يتولى الرئيس كشفها بنفسه في كل مناسبة ، ففي لقائه - قبل يومين - بانصار حزبه من مغتربي دولة قطر تحدث الرئيس البشير – لاول مرة – عن استيلاء مصر على ارض حلايب السودانية ، ولم يجد الرئيس حرجاً في ان يعلن انه كان عاجزاً في الدفاع عن تراب الوطن ، وقال في تبرير ذلك ان النظام المصري انتهز فرصة انشغال الجيش السوداني في حرب الجنوب وفي حروبه ضد اثيوبيا واريتريا ويوغندا وبريطانيا واسرائيل (هكذا) فقام بالاستيلاء على ارض حلايب.

    البشير يعلم انه لم يدخل حرباً ضد اي من الدول التي ذكرها ، كما يعلم – ايضاً – ان القوات العسكرية التي يحتشدها نظام الانقاذ قد صممت خصيصاً لمواجهة العرق السوداني دون غيره ، وقد اثبتت جدارتها فيما خصصت له ، فقد صرعت العشرات من ضحايا معركة بورتسودان وكجبار والعيلفون وغيرها.


    سوف نقفز فوق حديث الرئيس البشير عن ظلم الامن المصري وحبيب العادلي في مقابل حُلم الامن السوداني وعدل قوش وعطا المولى، فلن نضيف جديداً حول ذلك مهما قلنا ، ولننصرف للحديث عن خطة الرئيس البشير في استرداد حلايب ، وهي الخطة التي تكشف عن قمة (حالة) الخروج عن دنيا الواقع ، فقد ذكر البشير ان مشكلة حلايب ما كان لها ان تحل ما دام (ابوالغيط) يمسك بخارجية مصر و (كرتي) يمسك باختها في السودان ، ولكن - والحديث للبشير – (ربنا سخٌر لينا قيام الثورة المصرية وتعيين نبيل العربي وزير لخارجية مصر ، ونحن لو قالوا لينا اختاروا براكم ، ما كنا نختار وزير خارجية غيره) .
    الى جانب تعيين (ولدنا) نبيل العربي وزيراً للخارجية ، يتضمن الوجه الآخر لخطة استرداد حلايب ارسال قوة قوامها 2500 بقرة سودانية تعويضاً للشعب المصري عن خسران حلايب( بمعدل بقرة واحدة لكل 33.600 مواطن مصري) .

    الطامة الكبرى في لقاء الدوحة كانت في ما قال به الرئيس حول مشاركة الحركات الدارفورية في الحرب الليبية حيث ذكر نصاً " ان الجماعات المسلحة في دارفور تقاتل الى جانب كتائب القذافي بعد ان قام بتسليحها" ومثل هذا القول سبق البشير فيه المذيع التلفزيوني خالد موسى الذي اصبح – بحول من الله - ناطقاً باسم وزارة الخارجية السودانية ، وقد كان من نتائج ذلك التصريح ان تعرض عدد كبير من ابناء الشعب السوداني في ليبيا الى القتل ذبحاً بالسكاكين والسحل وتقطيع الاوصال ، كما اغتصبت بسببه العديد من الفتيات و النساء السودانيات ، والرئيس يعلم بأن الحرب الليبية لا تزال تشتعل بين اطرافها ، بل لعل الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد ، كما يعلم الرئيس انه لا يزال هناك الاف من ابنائنا وبناتنا العالقين داخل المدن والقرى الليبية الذين يمكن ان يتعرضوا جراء هذه التصريحات لمزيد من عمليات القتل والتعذيب والاغتصاب .

    حقاً انه رئيس (خارج الشبكة) ...
    ولا حول ولا قوة الا بالله ،،

                  

04-04-2011, 10:03 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    حالة السلطة وسايكولوجية الرعديد
    Thursday, March 31st, 2011
    عبداللطيف عوض الضو

    بات جلياً أن اضطراب الحكومة وفزعها الظاهر علي مستوي تصريحات وتعليقات منسوبيها والذي يعبر عن تناقض وتضارب كلي ما هو إلا استشعار حقيقي برحيل قادم وعاجل وبمصير صعب ينتظرهم ولعل من أوضح المفارقات الدالة علي ذلك هو تأييد السلطة القائمة للثورات الجماهيرية التي انتظمت عدداً من البلدان المحكومة بأنظمة استبدادية ولن اجرؤ علي توصيف أو تصنيف حكومتنا أو قياس مدي شرعيتها وكيف تؤسس لاكتساب ذلك لتأتي تصريحات السلطة بأن حالة الثورات التي تسود المنطقة حالياً لن تنتقل الي السودان بحجة أننا نختلف عن تلك البلدان التي انتفضت وثارت شعوبها بمعني أننا نعيش في وضعية أفضل مقارنة بنظرائنا واعتقد بأن هذا التصريح يدرج ضمن التصريحات التي بدون تعليق ، وفي ذات السياق للتصريحات المربوكة والممجوجة يأتينا تصريح آخر يفيد بأن في حالة ثورة الجماهير عليهم فإنهم لم يهربوا وسيظلوا باقين ويقيني أنهم يتدبرون أمر الهرب وكيفية إعداد سيناريو يناسب ذلك ،




    وعلي ذات المنوال من التصريحات يطل تصريح آخر مفاده أن المعارضة التي فشلت في الحصول علي اصوات الجماهير في الانتخابات السابقة غير قادرة علي تحريك الشارع في الوقت الذي افرغت فيه السلطة الانتخابات التي جرت من محتواها وشوهتها في اكبر مهزلة عبر التاريخ ليتبين عدم الايمان بالممارسة الديمقراطية السليمة وبالتالي الايغال في الشمولية المفرطة ، وتتوالي تصريحات السلطة المعبرة عن ارتباكها مثل التي تهدد وتتوعد المعارضة بسحقها ومحوها حال نزولها للشارع وأعتقد بان هذا التصريح يستبطن في اللاوعي تجارب وقدرة الشعب السوداني علي ازاحة الديكتاتوريات ...

    وتذكرني في ذلك وعلي وجه المقاربة إحدي تعابير وشعارات الشعب المصري التي تم استخدامها في الثورة المنصرمة والقائلة ( ارحل يعني امشيش ) وبالمقابل وبمثل لغة السلطة نقول اليهم ( سوف ترحلوا ورجولكم في رقابكم ) وتتوالي تصريحات السلطة وفي الوقت الذي يقسم فيه رئيسهم بضرورة تطبيق الشريعة وفرضها بالقوة وأن هذه هي رسالتهم علي وجه الأرض في تصوير للصراع السياسي الدائر بأنه معركة بين الكفر والايمان فإذا بتصريح مرادف ومتناقض مع ما سبقه يرجح إمكانية ذهاب الشريعة لو توصل حوار الأحزاب الي ذلك لتنكشف المحاولة لاضفاء قدسية علي برنامج سياسي يخدم مصالح محددة لفئات محددة وبالتالي يبقي الاساس في كل حوارهو حرية الراي والحق في الحياة والعمل وحق التعبير والاحتجاج وانشاء الاحزاب وغيره ،



    وتتواصل خزعبلات السلطة المعبرة عن فوبيا التغيير الذي اعتراها وذلك باتهامها للمعارضة وفقاً لتخطيط أجنبي لأجل احداث اعمال تخريبية في محاولة للتشويش وفي وقت توصل فيه الجميع بأن الصراع ما بين الحكومة والمعارضة هو صراع واضح المعالم يهدف الي إلغاء الهيمنة والاستبداد وإحلال نظام ديمقراطي يعمل علي كفالة جميع الحقوق المتعلقة بالمواطنة والحياة ومن أجل ان يسود الاستقرار والتقدم كل ربوع وأرجاء الوطن مع استصحاب عدم تدوين الشأن الداخلي وخطورته علي مستقبل البلد ،




    وفي غمرة هذه التصريحات المتضاربة تتفاقم الأوضاع المعيشية والحياتية بصورة مطردة مع ممارسة السلطة لتزداد حدة وتائر الأزمة المتمثلة في تهالك وانهيار اقتصاد الدولة لتحيط المشاكل بالسلطة من كل حدق وصوب ففي الوقت التي تخصص فيه الحكومة نسبة كبيرة من الميزانيات للدفاع والأمن بغية بناء ترسانات قمعية تعزز حمايتها بكبح حركة الجماهير وتثبيت قلوبها المرتجفة فلم يتم لا هذا ولا ذاك فضلاً عن استفحال الصراعات الداخلية للحكومة وانفراط عقدها ليمتد ويشمل أغلب الولايات بما فيها المركز وكل ذلك يتم علي اساس المصلحة الضيقة ، هذا وبينما تنؤ السلطة بحمل وزر فقدان ثلث عزيز من مساحة الوطن تتعنت في تأسيس علاقة طيبة ما بين الشمال والجنوب وذلك بمعالجة القضايا العالقة وقضايا ما بعد الاستفتاء حيث لا زالت تسوف وتماطل في محل النزاعات حول أبيي الشئ الذي يصف الوضع ببرميل البارود القابل للإنفجار في لحظة بسبب سياسات السلطة الباحثة عن أطماع النفط والريع الذي لم يعد هنالك اعتماد غيره بعد اهمال وانهيار الزراعة والصناعة أسيس تايالب..



    مما وضع السلطة في خانة أن لا تكون فقط ، هذا بجانب ارتفاع أصوات أبناء الشرق في هذه الايام منادين بضرورة الالتزام بتنفيذ ما جاء في اتفاق سلام الشرق من خلال إعادة البناء وتقييم الاتفاق وعقد مؤتمر جامع لحوار أهل الشرق ، يحدث هذا كله في وقت كانت تتوهم فيه السلطة بأن الصراع السياسي في شمال البلاد وبقضاياه المختلفة مقدور عليه من جانبها لتطل القضايا برأسها مجتمعة واكثر تعقيداً في وقت كانت تتغابي فيه الحكومة صوت العقل القائل بأن مشاكل السودان المختلفة ذات جذر واحد وبالتالي فإن حلها يكمن في الإلتزام بمبدأ الحوار الجامع الذي لا يستثني أحداً وبالكاد سيعمل علي حلحلة كل الاشكالات وينهي هيمنة وسيطرة التوجه الاحادي..


    إلا ان سلطة المؤتمر الوطني لم تع الدرس الشئ الذي انعكس علي ما يدور في دارفور ومن خلال الاصرار علي الحل العسكري وفرض التصور الواحد مما انعكس علي سير المفاوضات وبالتالي انعكس ذلك سلباً علي مجمل الاوضاع المأساوية التي تحدق وتحيط بالوطن ولذات الممارسة السياسية وما قضايا المشورة الشعبية في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان والعمل علي افراغها من مضامينها والمضئ في الترتيب لتزوير الانتخابات بالولايتين يؤكد استمرار النهج الاقصائي والاحادي وتبقي المحصلة مفاقمة أزمات الوطن لاصرار وتعنت السلطة علي نهجها الاحادي الشئ الذي يكشف عن حالة السلطة وحقيقتها المتمثلة في الحصار المضروب عليها من كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفي علاقاتها الخارجية وحسابات المصالح مع المجتمع الدولي من خلال ارسال العيون والبعثات المختلفة والممثلين لكافة الجهات الحقوقية والعدلية والانسانية وبالتالي فلا مناص للافلات قيد أنملة وتبقي النهاية والمصير هو تفكيك الشمولية وفي أمد يمضي في اتجاه التحديد والتحقيق الشي الذي وضع السلطة في خانة تحسس واقعها وبإحساس الفناء المصحوب بهواجس ومخاوف ردود افعال الغبن الثوري إعمالاً لمبدأ تصفية الحساب الصاح بالصاح أحقاقاً للعدالة والمحاسبة لكل من أجرم في حق هذا الشعب وعاث فساداً لا ليكونوا عظة لغيرهم لانه ليس هنالك من يفكر في المجئ علي طريقتهم لانها تجربة رسخت استيعاب كل الأشكال التي تؤدي الي الاستغلال واقحام الدين في السياسة ..


    وبالتالي إعلان موات الانتهازية وبزوق فجر الحرية الديمقراطية ، عليه فان المتامل الي أن كيف تفكر السلطة من خلال تصريحاتها وممارستها المتعسفة يصل الي نتيجة تصف وتشخص حالة الاضطراب النفسي الذي يلازم السلطة في كل خطوة استشعاراً بالتسونامي الجماهيري القادم بقوة والذي يحمل في طياته الانعكاسات الاجتماعية للتناقض الاساسي والمسيطر واستفحال أزماته التي خلفت واقعاً مأساوياً صار المحرك الاساسي لحركة التغيير القادم والتي تضم في أحشائها الغالبية العظمي من جماهير شعبنا تمثيلاً للظروف الموضوعية في إكتمال لوحتها التي تقود الي الخلاص وبقوة دافعة لن تقف أمامها تهديدات السحق المتوهم ٍالمعبر عن

    الميدان
                  

04-04-2011, 06:49 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    ليلة السكاكين الطويلة



    فتحي الضَّــو

    [email protected]

    من قبل أن نبدأ، العتبى للقاريء الكريم حتى يرضى، فأرجو أن يعذرني لغياب هذا المقال الراتب الأسبوع الماضي، وذلك لظروف قاهرة حالت دون التواصل المعتاد. ودعوني أقتنص هذه السانحة لأعبر لكم عن سعادتي بهذا العلاقة الحميمة التي نشأت بيننا، والتي يسعدني من خلالها أن نتفاكر ونتبادل الرؤى والآراء حول قضايا الوطن المختلفة، أو إن شئت فقل علاقة نؤازر فيها بعضنا البعض، في أسوأ ظروف يمر بها وطننا العزيز في تاريخه. ولن أجد حرجاً في نفسي إن قلت منذ أن هبط سيدنا آدم (عليه السلام) من الجنة، وقيّض الله لبنيه إعمار هذه الأرض واتّخاذها وطناً تهوى إليه أفئدة شعوب وقبائل من شتى الملل والنحل. فهل كثير عليهم أن يشهدوا منافع لهم تتوسد باطن أرضه وتستظل بسمائه؟ وهل عصِيٌّ عليهم أن يتزاوجوا ويتناسلوا ويتعايشوا في ثبات ونبات كما سائر خلق الله؟ وهل عزَّ عليهم أن يصبحوا جزءً من هذه الكون العريض، وينعموا بحياة هادئة تشع خيراً وفيراً عليهم وعلى البشرية جمعاء؟ وهل كُتب عليهم أن يتبعثروا في فجاج الأرض في رحلة التِيه التي لا يعرف أحدٌ متى منتهاها؟ وهل من العدل والانصاف أن تجلس عصبة من شذاذ الآفاق على صدور مواطنيه من دون إرادتهم، وتُشرعِّن نفسها وفق مزاجها وأهوائها، ثمَّ تتحكم في مصائرهم بالتحارب والتباغض والكراهية، حتى كادت أن تذهب ريحهم بين الأمم؟ أسئلة ما أيسر الاجابة عليها وما أصعبها في آن معاً!

    لكن دعونا نعود لنقطة البداية، حيث أن الظروف التي ذكرتها ما زالت قائمة، ولكني فضلت كسر طوقها على إثر معلومات تلقيتها وهي من الأهمية بمكان، وآثرت أن أشرك فيها معشر القراء الكرام، لا سيّما، وأن الأوضاع الحرجة التي يمر بها هذا الوطن تحتم علينا المتابعة الدقيقة، لعلنا نهتدي إلى مخرج يجنبه ويلات الانقسامات، ويبعد عنه شبح التفكك، ويعصمه من شرور التشرذم، وحتى لا يتسرب ما تبقى منه من بين أصابعنا كما تسرب الجنوب الحبيب. وبالطبع نحن لا ندلي بجديد إن قلنا إن مصيره سيظل غامضاً طالما أن العصبة ذوي البأس تعتبر مواطنيه رعايا لا حقوق لهم سوى الصبر على المكاره، وبالقدر نفسه تثقل عليهم بواجبات لو وزعت على البشرية كلها لما نقصت حبة خردل!

    المعلومات التي نتحدث عنها تعكس حالة الفوران والدوران والارتباك الذي يسود أروقة العصبة بعد التطورات التي حدثت وتحدث الآن في المنطقة العربية. وقد وصفها مصدري المُطلع على أسرار العصبة إن لم أقل سرائرها بأنها أشبه بـ (السكون الذي يسبق العاصفة) وحتى أكون دقيقاً فهو يتحدث عن دائرة ضيقة أصبحت تتحكم في صنع القرار. هي بالضبط التي سبق لصديقي الراحل محمد أبو القاسم حاج حمد – طيب الله ثراه – تسميتها بـ (المنظمة داخل المنظومة) وزيادةً على كثرة المصطلحات التى يعُجّ بها قاموسهم سنسيمها (العصبة داخل العصبة) وهؤلاء بحسب مصدري ليس فيهم مولانا فتحي شيلا الذي أصبح قيّماً على إسلام أهل السودان، وقال لنا الأسبوع الماضي (الشريعة خط أحمر) وتعلمون هذه من مسكوكاتهم التي أرهقني فهمها.


    وزاد مصدري، ليس فيهم واحدٌ من المؤلفة قلوبهم أمثال الدقير ومسار ونهار وهلمجرا. ولكن قد تندهش مثلي، إن علمت أنه ليس بينهم أيضاً، غندور ولا مندور، ولا غازي صلاح الدين ولا مصطفى عثمان، ولا كمال عبد اللطيف ولا أمين حسن عمر.. والواقع إنني طفقت أتكهن له بالأسماء التي انتثرت في سماء العصبة وهو ينفي، حتى ظننت إنه سيحصرني في كائنات غير مرئية. ولكنه بدّد دهشتي حينما قال لي: إن ما ذكرتهم أصبحوا يسمون بـ (الروافع) وأن (القرارات تتنزل عليهم بلا مجادلة، للتنفيذ والترويج) لكن الغريب في الأمر، عندما سألته عن الرئيس الضرورة، قال لي: (لا في العير ولا في النفير) ولكنه أردف قائلاً: (إن التيارات المتصارعة متفقة على رئاسته في هذه المرحلة، لكن بعضهم يضع احتمال التضحية به)!

    قال مصدري إن الأجندة الرئيسية التي دار فيها النقاش، وحدث حولها تباين في وجهات النظر، أدى بدوره لبروز تلك التيارات إلى السطح بعد أن ظلت زمناً تتشكل في الكواليس، كانت كالتالي، أولاً: ما هي الاستراتيجية التي يمكن اتِّباعها مع القوى السياسية المعارضة في المرحلة القادمة؟ ثانياً: كيف سيتم التعامل مع الواقع في ضوء الأزمات الاقتصادية المتوقع حدوثها بعد شهر يوليو القادم؟ ثالثاً: أي ما هي السبل الكفيلة والطرق البديلة أمام تضاؤل الموارد الطبيعية، وفشل الانتاج الزراعي والصناعي؟ رابعاً: ما العمل في معضلة البطالة وعطالة الشباب؟ خامساً: كيف يمكن الاستفادة من التحولات الجارية في المنطقة لعقد تحالفات جديدة تعمل على إمتصاص الأزمات الاقتصادية وإزالة الاحتقان السياسي؟ وأكد المصدر ما سبق وذكره لنا من قبل في بروز ثلاثة أو أربعة تيارات تمور تحت السطح، ولكنه قال إن (المنظمة داخل المنظومة) لها ممثلون من كل هذه التيارات (لكن دون أن يعني ذلك تخطيطاً تنظيمياً) الغريب في الأمر أنه فاجأني بما ليس لدي به علم من قبل، وقال: (لعلمك كل من يتقلد منصباً في الدولة الرسالية من السياديين عضو في جهاز الأمن والاستخبارات بمرتب ثابت) فوسوست في سري وقلت: السيادة لله، لكن هل يعني ذلك أنهم يتجسسون ويتلصصون ويتبصبصون على بعضهم البعض؟ الله وهم أعلم!

    وحول ما رشح من ردود أفعال حول الأجندة المذكورة، قال مصدري: لن استطيع أن أسرد لك تفصيلاً دقيقاً، ولكن بصورة عامة.. هناك تباين حاد حول كيفية التعامل مع القوى المعارضة، تيار غالب يرى ضرورة إبداء مرونة كبيرة بخاصة مع الأحزاب الكبيرة أو التقليدية – سمها ما شئت – ومحاولة إشراكهما معاً في السلطة (مهما كانت التضحيات) وإن استحال ذلك فالاكتفاء بأحداهما (لأن ذلك من شأنه تعجيز النشاط المعارض) في حين أن القلّة المتطرفة تمسكت بضرورة عدم إشراكهما والاكتفاء بفكرة (الحكومة الموسعة) كترياق لما يطرحه بعضهم في مسألة (الحكومة الانتقالية) وأضاف أصحاب هذا الرأى هم الذين يحاولون التخفيف من وطأة الأزمات الاقتصادية المحتمل حدوثها بعد شهر يوليو. ويروا إمكانية تهيئة المواطنين لـ (إجراءات تقشفية) موازاة مع (تقشف قيادي) تصاحبهما حملة إعلامية ضخمة لتحويل الأنظار. في حين أن آخرين رأوا ضرورة الإيحاء بمحاربة الفساد، وذلك عن طريق اتِّباع إجراءات تجميلية مثل (التضحية ببعض الرموز القيادية) إلى جانب التعويل على تقديم تسهيلات استثمارية كبيرة لدول خليجية بخاصة قطر والسعودية (المجال التجاري والصناعي) ومصر (المجال الزراعي والحيواني) لكنهم يقرون بأنه (خيار يحتاج لوقت طويل ليأتي مردوده) إلى ذلك أكد تشاطر الطرفين استغلال حاجة الدولة الجنوبية الجديدة لمصافي النفط والأنبوب الناقل لسد الفاقد جزئياً، وهو خيار (يمنح فسحة من الوقت حتى لو فكرت الدولة الجديدة في خيارات أخرى مستقبلاً) أو كما قال!

    مضى المصدر في الخطوط العريضة للآراء المتباينة، وقال: تمّ الاتفاق على إعلان (حزب إسلامي جديد) بدعوى أن المؤتمر الوطني لا يُعبر عن هذه الهوية. ومن المتوقع أن يتصدر نشاط الحزب التيار الأكثر تطرفاً، وقال المصدر (استراتيجيته ترهيبية تسترجع سيرة الإنقاذ الأولى) ويهدف لقيادة معارضة على النمط (القاعدي) وأضاف أن مقترحي الحزب بنوا فكرتهم على احتمال بروز حركات وتنظيمات إسلامية راديكالية يمكن أن تفرزها التحولات الإقليمية الجارية. وأوضح المصدر بعض أهداف هذه الفكرة، وقال هي متصلة بكيفية (قمع أي تنامٍ لنشاط معارض في مهده) ومن جهة ثانية (إبطاء أي فكرة توحي بتدخل دولي في دارفور في حال تطور الأوضاع مع الحركات المسلحة) لكن مصدري لم يعلق على ملاحظة ذكرتها له، وهي أن تجارب الشعوب التي اجتاحها التغيير أثبتت عدم فاعلية سلاح القوة المفرطة، وعجز الأجهزة الأمنية القمعية إزاء أي طوفان جماهيري. لكنه قال عن ملاحظة مماثلة عن خيار التدخل الدولي وفشل جدواه: (تجربة العراق وأفغانستان هي آخر التدخلات المباشرة نظراً للتكلفة المادية والبشرية).

    بناءً على هذه المعلومات كنت قد طرحت على مصدري ثلاث ملاحظات أو بالأحرى تساؤلات، لكنه قال إنه لا يملك إجابات محددة وقاطعة، بيد أنه وعدني بأن يكون ذلك محور حديث قادم. وبدوري أبسطها أمامكم لربما تكشفت لنا حُجب وأستار يتخفى وراؤها التنظيم الماسوني:

    أولاً: هل يمكن أن يقود الحزب الجديد انقلاب قصر بمقدمات ما يجري الآن من حديث مكثف عما يسميه بعضهم بـ (ثوابت الشريعة)؟ ذلك في ضوء قوله إن ساكن القصر يتوجس خيفة من احتمال التضحية به؟

    ثانياً: هل يمكن أن تؤدي خيارات اليأس إلى اندلاع حرب حدودية مع الدولة الجديدة، أو حتى اتساع رقعة الحرب الدارفورية تجسيداً لسياسة الإلهاء عن الأزمات المتفاقمة، أو تحويل الأمر لمؤامرة دولية بغية استقطاب دعم الراديكاليين، وإلهاب مشاعر الوطنيين؟ وما موقع الجماعات الأصولية المتطرفة التي رعتها العصبة، أو جهاز الأمن على وجه الدقة، ولم يخش عقباها بعد أن اتَّضح أنها قنبلة موقوتة للسلطة نفسها؟

    ثالثاً: هل يمكن أن يؤدي اختلاف الرؤى والآراء بين (العصبة داخل العصبة) لأن نشهد ليلة السكاكين الطويلة السودانية، بدوافع حب السلطة وفقه المصالح وغريزة البقاء؟

    وأخيراً لماذا أملكك هذه المعلومات يا قارئي الكريم؟ أولاً يعلم الله الذي علم الإنسان ما لا يعلم، إنني لولا وشائج العلاقة التي ذكرت ابتداءً لما غامرت بمصداقيتي في عقد أخلاقي بيني وبينكم، وتعلمون إنه امتدَّ لأكثر من ثلاثة عقود زمنية وبيننا وطن يئن. وأصدقكم القول رغم المسافات التي تفصل بيننا فأنا أكاد أستشعر صبر المرابطين في الداخل، وبقدر سواء لهفة المثابرين في الخارج، وهم يجوسون بين السطور بحثاً عن طمأنينة لوطن يقف على حد السيف! وقل لي كيف أغامر ومصدري الذي أثق به بدد قلقي بقوله (قريب وقريب جداً ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار ما لم تزود).. ومنّا إليكم!



    آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!!

                  

04-06-2011, 09:52 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=19134
    --------------------------------------------------------------------------------
    || بتاريخ : الثلاثاء 05-04-2011
    : سيناريوات التغيير في السودان
    :
    محمد جلال هاشم

    باتت قوى المعارضة مستيقنة من أن نظام الإنقاذ يشهد أيامه الأخيرة وأن المسألة لا تعدو أياما ويسقط النظام. قد يعيد هذا إلى ذاكرتنا ما ظلت المعارضة تنشره أول أيام النظام قبل 21 عاما عندما زعمت أن الإنقاذ ليست سوى رغوة صابون وأنها سوف تهمد وحدها.

    بيد أن دخول نظام الحكم في السودان مرحلة التغيير أصبحت مؤكدة بأكثر من حجة، منها الأصوات التي برزت مؤخرا من داخل دوائر النظام تدعو للتغيير.

    فالإنقاذ قد حكمت لما يزيد عن 20 عاما دون أن تتمكن من أن تحافظ على السيادة على الأرض ووحدة البلاد، ومن يفشل في الحفاظ على هذين الشرطين اللازمين لا يبقى أمامه غير أن يذهب، حسبما ترى قوى المعارضة.





    كما فشلت الإنقاذ في تحقيق ما جاءت من أجله، فضلا عن أنها أتت بنفس الأخطاء القاتلة التي أدانت الأنظمة السابقة عليها، بل فاقتها في ارتكابها.



    ثم هناك هذا تسونامي الثورات الذي يجتاح المنطقة أوليس كافيا أن يحكم رئيس أو نظام حكم واحد شمولي بلدا ما لأكثر من عقدين؟ كل هذا مما يدعم أن أيام الإنقاذ ربما أصبحت معدودة، حتى لو كان هذا يعني إحداث تغييرات جوهرية في بنية النظام بها لا يصبح هو نفسه النظام الذي حكم السودان لما يزيد عن 20 عاما، أي من قبيل الدمقرطة الحقّة.



    لكن السؤال هو ماذا عن سيناريوات التغيير؟ فحتى الآن لا يبدو واضحا في الأفق كيف سيذهب نظام الإنقاذ، سنناقش فيما يلي سيناريوات التغيير المحتملة في السودان.



    الثورة الشعبية



    هذا السيناريو هو الثورة الشعبية على غرار ما حدث في أكتوبر/تشرين الأول 1964 ثم أبريل/نيسان 1985، ثم ما حدث في تونس ومصر قبل أقل من شهرين، وما يحدث الآن في اليمن وليبيا والبحرين وعمان والأردن والعراق وغيرها من دول المنظومة العربية.



    إذ ليس هناك ما يتعلمه الشعب السوداني في هذا الخصوص بخلاف التكتيكات؛ فهو قد اجترح ثورتين من قبل، وبالتالي يصبح أقدر على أن يجترحها مرة ثالثة. ولكن هناك متغيرا في هذه الحالة يجعل الثورة الشعبية تختلف في شروطها عما حدث في أكتوبر وأبريل، ففيهما كان للقوى النقابية دور بارز في بلورة الفعل الثوري، بينما لا توجد هذه القوى الآن، إذ إما جميعها مع الإنقاذ (حسب نظر الإنقاذ) أو تم تدجينها (حسب نظر المعارضة).



    كما لم تعد القوى الحزبية بنفس القوة التي كانت عليها إبان تلك الثورتين، فالأحزاب الآن تقف في الساحة كما يقف الرجل الطاعن في السن الذي يعرف ما يجب فعله، بينما تخونه قواه الجسدية فلا يحير حراكا.



    كما يصعب في السودان أن تعتمد الثورة على تكنولوجيا الاتصال مثلما حدث في مصر وتونس، فالسودان بلد شاسع ولا تزال مناطق كبيرة منه لا تعرف عن هذه التنكولوجيا شيئا.



    ولكن هذا لا يمنع قيام الثورة الشعبية كونها عندما تهب عادة تهب ضد كل الشواذ (against all the odds). كما يبقى للثورة الشعبية تحدي أن تقتلع النظام من جذوره، لا أن يتكرر ما حدث في أكتوبر وأبريل، إذ يذهب رأس النظام بينما يبقى جسم النظام ممثلا في مؤسساته بل وفي بعض رموزه.



    وهذه هي ربما الحالة التي تمر بها تونس ومصر من حيث اختطاف الثورة من قبل نفس النظام الذي قامت الثورة ضده.



    فالأنظمة الشمولية أثبتت أنها أشبه بالتنين، لها سبعة رؤوس، ولا يكفي قطع ما يبدو منها على أنه الرأس الأكبر، فنظرة سريعة للوضع الاستقطابي في السودان تشير إلى أن هذا لن يحدث، وذلك لاستعصاء أي مواقف وسطى بين الإنقاذ ومعارضيها.



    التغيير الداخلي



    يقوم هذا السيناريو على التغيير الداخلي في النظام بما من شأنه أن يجعله قادرا على الاستمرار لفترة قادمة بنفس شموليته.



    في سبيل إحداث مثل هذا التغيير لا بد من مواجهة لتصفية الاستقطاب الداخلي ممثلا في مجموعة العسكريين من جانب (ويقودها الرئيس البشير) ومجموعة الإسلاميين من الجانب الآخر (ويقودها نائب الرئيس علي عثمان).



    هذا بينما كلتا المجموعتين يمكن النظر إليهما (كل على حدة) على أنهما عبارة عن بطة عرجاء، فمستقبل البشير معلق بالموقف من المحكمة الجنائية الدولية، وعلي عثمان معلق بالتهمة التي ألصقها به الترابي وهي التخطيط لاغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في إثيوبيا.



    وكيفما كان الأمر، فالفوز في هذه اللعبة يمر عبر تجيير الحركة الإسلامية من جانب وضمان ولاء القوات المسلحة من الجانب الآخر.



    فلكي يفوز البشير باللعبة، باعتبار ضمانة ولاء الجيش، يحتاج إلى توحيد الحركة الإسلامية الأمر الذي يستلزم التصالح مع الشيخ حسن الترابي. ولكن المشكلة تكمن في استحالة تحقيق هذا التصالح طالما كانت مجموعة البشير تضم تلاميذ الترابي الذين ثاروا عليه وقاموا بإقصائه، وعلى رأسهم يأتي علي عثمان، وهو ما يمكن أن يعطينا مؤشرا لاتجاهات المفاصلة والاستبعاد.



    من الجانب الآخر، لكي يفوز علي عثمان باللعبة يتوجب عليه التخلص تماما من الترابي، وهو ما سيضمن له اصطفاف الحركة الإسلامية خلفه (اعتقال الترابي).



    بعد هذا عليه أن يتخلص من البشير على أن يضمن ولاء الجيش عبر شخصية رفيعة الرتبة يمكن أن تكون بديلا للبشير (تحرك البشير لإحالة كبار الضباط إلى المعاش مؤخرا).



    وضمن هذا السيناريو يدخل أيضا احتمال الانقلاب العسكري، وهو احتمال ضعيف، فقد جرت التجربة السياسية السودانية بأن أنظمة الحكم الديمقراطية أزيحت بأنظمة عسكرية، بينما تزاح الأنظمة العسكرية الشمولية بالثورات الشعبية.



    ولكن، مع هذا يمكن للانقلاب أن يحدث بوصفه انقلابا داخل المنظومة بغية تجديد دمائها. ولكن، كيفما كان هذا التغيير، فإنه لا يعدو كونه بداية النهاية لحكم الإنقاذ، إذ ليس من المتوقع أن يخرج أي واحد منهما بحالة يكون فيها النظام أقوى مما هو عليه.



    الانفتاح الديمقراطي



    يكمن هذا السيناريو في اتباع خطة واضحة وصادقة للانفتاح الديمقراطي وتفكيك نظام الإنقاذ من داخله وبرضي أهله والقائمين على أمره. مثل هذه الخطوة قد تشهد بدرجة عالية وغير مألوفة من الذكاء الوجودي عادة تعوز الشموليين، والأيديولوجيين الدينيين منهم على وجه التحديد، ولكنها إذا حدثت قد تؤدي إلى تخليد الشخصية التي سوف تبادر بها وترعاها، أكانت البشير أم علي عثمان أم غيرهما.



    ولكن من يمكن أن تواتيه مثل هذه القرارات النيرات لا يمكن له أن يفوته قطار التغيير الأكثر مواءمة وملاءمة من الذي أتاحته اتفاقية نيفاشا في الفترة بين 2011 و2015، فقد كانت تلك فرصة تاريخية لنظام الإنقاذ في أن يتحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي بما من شأنه أن يعصم وحدة البلاد من شرور الانفصال، على أن تكون هناك بعض ضمانات بعدم الملاحقة فيما يتعلق بالثروة والممارسات في إطار ما هو مقبول.



    كما لا يمكن لمن يمكن أن تواتيه هذه الاستنارة التاريخية أن يقوم بتزوير الانتخابات بالطريقة الفجة التي رأيناها قبل عام، بدلا من اهتبال الفرصة لتحقيق نفس خطوة التحول الديمقراطي الحقيقي.



    وعليه، ليس واردا عند الكثير من المراقبين أن يتحقق هذا التغيير الديمقراطي الذي يمر عبر بوابة تفكيك نظام الإنقاذ.



    فالخطابات التي أدلى بها البشير عشية إعلان نتيجة الاستفتاء تشير إلى أن قادة الإنقاذ ماضون في طريقهم لا يلوون على شيء.



    ولكن، قد يحاولون تطبيق نوع من الانفتاح الصوري، بيد أن مثل هذه الخطوة قد تجعلهم ينزلقون، إذ ليس أخطر من التظاهر بالديمقراطية بالنسبة للأنظمة الشمولية، فغالبا تتحول اللعبة إلى سلوك جدي، فينقلب السحر على الساحر.



    الهجوم على العاصمة



    هو ما يمكن تسميته بسيناريو أفريقيا، وهو أن تقوم حركة تمردية بالهجوم على العاصمة ومن ثم اقتلاع النظام الحاكم واقتلاع مؤسسة الدولة معا، فهذا السيناريو قد حدث في تشاد وأفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي وأوغندا وإثيوبيا وإريتريا والصومال.



    عليه، ما الذي يمنع حدوثه في السودان، خاصة أنه كاد يحدث عندما تحرك القائد المتمرد خليل إبراهيم بحوالي 2000 جندي من حدود تشاد، فدخلوا العاصمة بينما نظام الحكم يرقب مجيئهم لخمسة أيام متتالية؟







    وينطوي هذا السيناريو على مفارقة تكمن في أنه في اللحظة التي ظن فيها شماليو السودان الانفصاليون أنهم ربما تخلصوا من تبعة أفريقيتهم ممثلة في انفصال جنوب السودان، تأتي الأحداث لتثبت لهم أنهم لا يزالون يخضعون للمعايير الأفريقية للتغيير وليس المعايير العربية.



    وعلى أي، مثل هذا السيناريو ربما يكون عالي التكلفة من حيث الأرواح والمال والمؤسسات. وبالتالي يمكن أن يكون هو نفسه مقدمة لمرحلة من التداعيات والتساقط المؤسسي بما يمكن أن يقود إلى انهيار مؤسسة الدولة أو الصوملة.



    وبعد، هل يمكن الزعم بأن أيا من هذه السيناريوات ليس سوى مرحلة ضرورية من المعاناة في سبيل استشراف ديمقراطية حقيقية ليست صورية تقوم فقط على إجراء ميكانيكي للانتخابات؟



    على هذا، هل ينبغي للشعب السوداني أن يكون مستعدا لتحمل مسؤوليته في اختيار من يحكمونه بدلا من انتظار شخصية تخلصهم من عذابهم لا يعرفون عنها شيئاً ولا يملكون أي شيء لترقبها غير حسن نيتهم؟ هذا ما سيكشف عنه المستقبل القريب.
                  

04-06-2011, 09:55 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    صحيفة أجراس الحرية
    http://www.ajrasalhurriya.net/ar/news.php?action=view&id=19075
    --------------------------------------------------------------------------------
    || بتاريخ : الأحد 03-04-2011
    : خيارات "الوطني".. التغيير أم التفكيك؟


    : تحليل : صالح عمار


    المأزق،، وحالة التوهان (والبلبلة) التي يعيشها المؤتمر الوطني طوال الاسابيع، والاشهر القليلة الماضية لاتخطئها العين، ولاتحتاج لذكاء اوفراسة لالتقاطها.
    ويكفي فقط قراءة أخبار الصحف وتصريحات قياداته وحركتهم ليكتشف المرء عشرات الاخطاء في أبجديات العمل السياسي.
    ومع أن الامر يبدو مستغرباً ـ وربما حتي مستهجناً عند البعض ـ الا أن المدرك لحقيقة الاوضاع في السودان الشمالي، وحجم التحديات التي تواجهه، وغياب الرؤية الواضحة للتعامل معها، سيجد العذر للحزب الممسك بمقاليد السلطة منذ العام 89 في حالة التخبط التي يعيشها. وتتضح الصورة أكثر مع استحضار فوبيا تسونامي التغيير الذي يجتاح المنطقة، و الذي قلب الطاولة علي أعتي الانظمة وأكثرها رسوخاً.









    خطورة تسونامي (التغيير) القادمة من الشمال تكمن في استحالة التنبؤ بزمانها ومكانها. فخطأ صغير من موظف حكومي، اوانقطاع مياه في منطقة ما، اوحادث حركة في اي طريق بالاهمال ـ يتزامن في تلك اللحظة مع وجود مجموعة شباب من الملايين العاطلين تجلس في ظل شجرة اوقهوة ـ يمكن أن يفجر الشرارة ويهزم فيالق الامن والشرطة، وهو السيناريو والمسلسل التاريخي الذي يتابع كل العالم أحداثه مذهولاً هذه الايام.



    (التغيير) المفردة السحرية المنتشرة علي كل لسان في منطقة الشرق الاوسط هذه الايام، تؤكد كل المعطيات علي الارض أن السودان ليس ببعيد عنها. فيما يري اخرون ان السودانيين قطعوا شوطاً في عملية التغيير؛ ولكن علي طريقتهم ووفق معطيات واقعهم السياسي والاجتماعي؛ ويستدلون بتصويت 98 % من سكان الجنوب للانفصال والخروج علي سلطة المركز في دارفور وعدد اخر من الاقاليم.



    المؤتمر الوطني المسيطر علي مقاليد السلطة؛ والذي يتهمه معارضوه بالتماهي والدمج بين الدولة والحزب؛ يشهد هذه الايام صراعاً حاداً بين مكوناته الداخلية التي ينادي بعضها (بالتغيير)، في مواجهة المجموعة التي يتزعمها د.نافع ويعتقد أنها تحظي بدعم الرئيس، وتقف ضد اجراء اي تغييرات حقيقية في خطاب وبنية الحزب.



    المطالبين (بالتغيير) من منسوبي المؤتمر الوطني وعلي رأسهم نائب الرئيس علي عثمان محمد طه، يري مراقبين أن خلافاتهم مع التيار الاخر في الاساس تتعلق بالسلطة، بجانب قراءتهم للاوضاع في السودان والمنطقة التي تؤكد شواهد كثيرة أن رياحها لاتمضي في مصلحة المؤتمر الوطني وتهدد حتي بما يمكن أن يكون مصيراً مشابهاً للحزب الحاكم في تونس، ولهذا ينادي هذا التيار باجراء عملية اصلاحات بمنطق (بيدي لابيد عمرو).



    ومن الثابت أن الحديث المتداول خلال الاسابيع الماضية عن الفساد (والتي امتدت حتي للحديث عن ثروة اشقاء الرئيس) والاحاديث والدعوات الصادرة من قيادات في المؤتمر الوطني للاصلاح؛ وتبني بعض الصحف المحسوبة علي قيادات في الحزب الحاكم لهذا الخط؛ كلها مؤشرات علي احتدام الصراع داخل الحزب.



    ومع أن المطالبين باجراء اصلاحات وعمليات (تغيير) في الدولة والحزب من منسوبي المؤتمر وقياداته يندرج بعضهم ضمن المتنفذين في الدولة ومن الممسكين بكروت وملفات مهمة، الا أن موازين القوي العسكرية والامنية تميل لمصلحة الطرف الاخر، وبالتالي من الصعب التنبؤ بامكانية نجاحها في اجراء تغيير داخلي. وليس من المستبعد في حال أحست المجموعة الممسكة بزمام الامور داخل الحزب والدولة بالحصار وامكانية الهزيمة، أن تلجأ لفتح جبهات قتال جديدة جنوباً اواشعال نار الحرب بدارفور بمفاهيم وعناوين جديدة (تشابه مايتبناه منبر السلام العادل من افكار).



    أحزاب المعارضة، تنادي (بالتغيير) منذ فترة وتطرح نقاطاً وخطوطاً رئيسية، غير أن تجارب عملية كثيرة طوال الاشهر والسنين الماضية اثبتت أن تأثير هذه الاحزاب علي الشارع محدود، وتحتاج هي نفسها لعملية (تغيير) واصلاحات جذرية. كما يفتقد الكثير من هذه الاحزاب لرؤية وموقف واضح من السلطة الحاكمة واستمراريتها.



    القوي والدماء الشبابية الجديدة التي يقوي عودها يوماً بعد يوم؛ وتستمد دفعة معنوية من نظيراتها في دول شمال افريقيا؛ تسلط عليها الاضواء في هذه المرحلة كبديل ورأس رمح لاي عملية تغيير قادمة.



    وبالمتابعة الدقيقة للحراك الشبابي المستقل، يمكن القول إنه يمضي في تصاعد مستمر ويشهد نمواً سريعاً، خصوصاً مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي علي شبكة الانترنت، التي تتيح حرية تداول المعلومات وتبادل الافكار والتجارب.



    ويجمع مراقبين ومعطيات محلية ودولية متعددة علي أن الاوضاع في السودان وصلت مرحلة يستحيل معها الاستمرار بنفس النسق والسياسات، وأن اجراء عملية جراحية أصبح حتمية. وفي حال فشل اجراء هذا التغيير الجذري، فمن المرجح أن هناك احداثاً من العيار الثقيل ستفرض نفسها.



    اول واخطر هذه الاحداث سيكون تطور الصراع في دارفور ودخوله في منحني جديد بعد شهر يوليو القادم، وليس من المستبعد أن تطرح الحركات الدارفورية مطلب حق تقرير المصير للاقليم، والذي قد يجد تأييداً وسط قوي اجتماعية وسياسية في الاقليم، نتيجة لطول الفترة الزمنية للصراع وحالة الاحباط السائدة وسط اهالي الاقليم والمجتمع الدولي من ذلك.



    الاوضاع في دارفور لاتختلف أيضاً إلا بمقدار عن الاوضاع في اقاليم أخري مثل جبال النوبة والنيل الازرق والشرق (بل وحتي الجزيرة في وسط السودان)، وكل هذه المناطق تموج بحراك سياسي ومطلبي يطالب بإعادة هيكلة الدولة واجراء تغييرات جذرية فيها لتمثل الجميع سياسياً واجتماعياً واقتصادياً.



    وفي حال رفض الحكومة المركزية في الخرطوم الاستجابة لهذه المطالب والاستمرار في الحكم بنفس الطريقة والادوات، ستواجه الدولة خيارين لاثالث لهما، اما نجاح انتفاضة جماهيرية تسهم في اجراء اصلاح جذري وعملية تغيير، او استمرار التركيبة الحالية للسلطة مع موجات تمرد وتآكل للدولة من أطرافها (وتكرار نماذج دول مثل يوغسلافيا والصومال).



                  

04-10-2011, 05:37 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)



    أزمة القيادة في المجتمع الأبوي (2)
    د. إبراهيم الأمين

    في أكتوبر 1987م عقد مركز دراسات الوحدة العربية ندوة حول قيادات العرب في المستقبل... بمشاركة عدد من المفكرين العرب والندوة التي تنبأت بما يحدث الآن كانت لها محاولة للإجابة علي السؤال الآتي:
    ما هو شكل زعامات المستقبل في الوطن العربي؟


    ومن الأسباب التي ذكرت للتأكيد علي أهمية الندوة.. أولها الحقيقة الديمغرافية ففي العالم العربي مجتمعات شابة.. 45% من سكانه دون إل 15 عاماً...إضافة ألي أن المجتمعات العربية تمر بمرحلة تغير إجتماعي وسياسي وثقافي سريع للغاية ترتب عليه اهتزاز إيديولوجي عام لغياب حركة قائده أو تيار فكري رئيسي يشد الوطن العربي من أقصاه إلي أقصاه نتيجة لتراجع دور مؤسسات التنشئة، الجامعات وتأكل دورها والأحزاب السياسية وما تعانيه من حصار ومطاردة لقادتها بعض هذه الأحزاب أحزاب نخبة لا قواعد لها والبعض الآخر في السلطة وفي المعارضة الولاء فيه للرئيس لغياب الديمقراطية والمؤسسية.. الشباب في بلادنا اليوم يعيش في عالم تغيرت معالمه وفي مناخات فكرية حرة نتيجة لثورة الاتصالات والمعلوماتية التي لم تكن متاحة للأجيال التي سبقته وفي المقابل نجد أن المشهد السياسي والاقتصادي مختلف.. غياب القدوة علي مستوي الدولة والمجتمع سوء الإدارة، الفساد، الفقر، البطالة، ووجود أنظمة سياسية متكلسة تعيد إنتاج نفسها في مجتمعات مغلقة...


    المشهد اليوم بالنسبة للقيادات الجديدة مختلف عن ما كان عليه في خمسينيات وستينيات القرن الماضي في تلك المرحلة كانت الأحزاب الوطنية والجامعات والأندية الثقافية والرياضية النقابات والاتحادات الطلابية مكان طبيعي لتدريب الشباب وإعدادهم لتولي القيادة في المستقبل.. والدليل أن هذه المنظمات أفرزت عدداً كبيراً من القيادات المسؤولة والملتزمة بقضايا الناس.. إلي إن جاءت الأنظمة الشمولية التي تختلف أساليب التنشئة فيها عن الأنظمة الديمقراطية.. الهدف الأول هنا تنشئة معلبه في إطار الحزب الواحد أو الزعيم الأوحد الذي لا يعلو صوت آخر علي صوته بمحاصرة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني خاصة النقابات وللنقابات في السودان تاريخ مشرف علي المستوي المطلبي والوطني... فهم الذين فجروا ثورة أكتوبر1964م والانتفاضة 1985م..


    الأنظمة الشمولية:


    الأنظمة الشمولية التي تبدأ بالانقلاب العسكري... وما يتبعه من قرارات يطلق عليها قرارات ثورية أبرزها حل الأحزاب السياسية، إلغاء الدستور.. بعدها تبدأ حملات التطهير والإحالة إلي الصالح العام والاعتقالات... والمحاكمات .. الخ هنا يتم التعويض بقيادات من المؤسسة العسكرية ومن أصحاب الولاء المطلق للنظام الجديد.. ومع غياب الشفافية والحريات والتداول السلمي للسلطة يصبح الحاكم الفرد فوق الجميع... في العهد المايوى عدل الرئيس نميري الدستور لضمان أن يظل في الحكم مدي الحياة.. دون مساءلة أو محاسبة ومن المواد التي تم تعديلها:
    (أ‌) المادة 80.. نصت قبل التعديل علي أن تكون مدة الرئاسة ستة سنوات قابلة للتجديد، عدلت بأن تبدأ دورة الرئاسة من تاريخ البيعة ولا تحدد بمدة زمنية معينة..أي أن يكون نميري في الحكم مدي الحياة.
    (ب)المادة 187 من الدستور.. نصت هذه المادة علي أن الهيئة القضائية مستقلة ومسؤولة أمام رئيس الجمهورية عن حسن الأداء.. عدلت للآتي:-
    الهيئة القضائية مسؤولة مع رئيس الجمهورية أمام الله هنا لا مجال للضوابط والقوانين والرقابة.
    (ج) المادة 191.. في هذه المادة تفاصيل صلاحيات مجلس القضاء العالي.. أما التعديل فهو أن تحال جميع صلاحيات مجلس القضاء العالي إلي رئيس الجمهورية.. أي تجريد المجلس من كل صلاحياته ليصبح مجرد وجود بلا فاعلية.


    الاستمرار في الحكم لمدة طويلة مع تغيب الشعوب والمؤسسات.. وحتى العقلاء من أنصار النظام.. يزيد من الفجوة بين الحاكم والمواطنين فالحاكم الفرد عادة يثق في المطبلين وفي الأجهزة الأمنية.. ربما يفسر هذا تعاظم دور المؤسسية الأمنية في دول العالم الثالث.. في بعض البلاد أصبحت موازية للمؤسسة العسكرية وفي الأحداث الأخيرة في ليبيا تم تحجيم دور الجيش لصالح الكتائب الأمنية وهي التي تقوم هذه الأيام بالعمليات العسكرية ضد الثوار في شرق ليبيا وغربها الأولوية للأنظمة الشمولية هي حماية النظام يتم هذا بتطوير المؤسسة الأمنية التي تمتلك أسلحة متقدمة وتستخدم أساليب متطورة في الإدارة والتنظيم ولها صلاحيات واسعة في أكثر من مجال الأمن الاقتصادي..الأمن الإعلامي.. الأمن الاجتماعي إضافة إلي دورها الرئيسي وهو الحفاظ علي الأمن الداخلي.. التوسع المستمر في دور وصلاحيات المؤسسة الأمنية أفرز قادة جدد"النخبة الأمنية" مثلما حدث للمؤسسة العسكرية..

    لهذا لم يعد جهاز الأمن مجرد آلية لجمع المعلومات وتحليلها... ففي ظل ما حدث من متغيرات كانت كلها تصب في صالح المؤسسة الأمنية أصبح لها صوت مسموع وقدرة علي التأثير علي مواقع إتخاذ القرار بمختلف مستوياته.. ولها علاقات واسعة ومعقدة مع مؤسسات شبيه وحركات معارضة علي مستوي الإقليم والعالم.. وفي التصريح الذي أدلي به الفريق صلاح قوش بعد أحداث 11سبتمبر ما يؤكد هذا.. إذ قال: إن جهاز الأمن تمكن من حماية البلاد من كوارث كبيرة بعد أحداث 11سبتمبر.. ومن الهجمة العشوائية الكاسحة للإدارة الأمريكية علي كل ما هو إسلامي.


    في الفترة الأخيرة بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وإنفراد الولايات المتحدة بقيادة العالم.. حدث تغير ملفت في علاقات أمريكا بدول الشرق الأوسط في الماضي كان الاهتمام منصباً علي المؤسسة العسكرية التي تراجع دورها في هذه الدول مع ذلك لم تجد أمريكا صعوبة في تحديد البديل ففي واحدة من زياراتها لمصر اجتمعت كونداليزا رايس وزيرة خارجية أمريكا السابقة بقيادة الأجهزة الأمنية في مصر والأردن والسعودية والإمارات..!!هنا يبرز سؤال هام هو لماذا تهتم الولايات المتحدة بالأجهزة الأمنية في هذه الدول.
    ... المؤسسة الأمنية نتيجة للتطور الذي حدث فيها هي الأكثر حداثة مقارنة بمؤسسات أخري والأكثر قدرة علي التعامل مباشرة مع مختلف القضايا... في السودان بعد الانفتاح النسبي لعبت المؤسسة الأمنية دورا أساسيا في إضعاف الأحزاب السياسية وتفكيكها بلعبة زكية.. استغلت فيها حالة التوهان التي تعيشها هذه الأحزاب لذلك نجدها ممسكة بكل الخيوط وعلي معرفة تامة بكل ما يحدث داخل هذه الأحزاب.. البعض يتحدث عن اختراق الأحزاب وهي مرحلة تجاوزها الزمن فالمعلومات عن هذه الأحزاب متاحة للعامة وفي الشارع العام أما الجديد فهو أن بعض العناصر التي تتولي مواقع داخل هذه الأحزاب ولها طموحات لا تتناسب مع ما تتمتع به من قدرات متواضعة لها قابلية أن يتم التلاعب بها.


    هؤلاء بوعي أو بغير وعي هم الأداة الجديدة للتحكم في مسار الأحزاب.. وفي دمارها بعد نجاحها في هذه المهمة انتقلت المؤسسة بعد اختيار الفريق صلاد قوش مستشاراً لرئيس الجمهورية إلي مرحلة جديدة.. أهم معالمها وضع إستراتيجية قومية بمشاركة واسعة للأحزاب السياسية.. وما تعرض له اللواء حسب الله عمر من حملة شرسة فيها ما يؤكد.. أن هناك من لا يريد ومن داخل النظام بأن تعطي المؤسسة فرصة إفراز قيادات أمنية كما يحدث في دول كبري.. النظام السوفيتي سابقاً أفرز أشخاصاً لعبوا دوراً أساسيا في الحياة العامة مثل أندروبوف وبيوتن الذي وصل إلي رئاسة الدولة..وما زال له نفوذ في قراراتها ومع وجود رئيس أختاره هو وفق المعايير التي تمكنه من التحكم في الرئيس الجديد ومن أن يحكم من وراء ستار..


    وفي أمريكا قبل أن يشغل بوش الابن منصب رئيس الجمهورية كان رئيسا لوكالة المخابرات الأمريكية.. السؤال هنا علي ضوء ما حدث في مصر وتونس وليبيا ولا يوجد بلد محصن مما حدث في هذه الدول من هم قادة المستقبل في السودان؟... خاصة والسودان اليوم في مفترق الطرق.. ففي التقرير الذي صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية عن الحالة السودانية ضمن عدد من التقارير أصدرها المجلس عن حالة الأمةالعربية2007- 2008م ثنائية التفتت والاحتراق تحدث التقرير عن عجز النخبة السياسية وعن تأكل الاستقرار والتنمية في السودان .. وأشار إلي الطبيعة البنيوية للأزمة السودانية وعجز النخبة في إدارتها، مع تأرجح ميزان القوي المصاحب لفترات الانتقال من الحرب إلي السلام ومن نظام إلي آخر.. ساهمت مع عوامل أخري في هشاشة الترتيبات الدستورية والسياسية بل وفي فشلها أيضا وهو ما أكده عجز الحكومات في تحقيق مهامها الوطنية وتزداد المهام الوطنية صعوبة بمرور الوقت.. فالأنظمة الشمولية والعسكرية تبدد الموارد القومية وتعبث بعوامل الوحدة والتنمية وتضيق الخناق علي القوي الديمقراطية أن لم تقم بتصفيتها وتخلخل النسيج الاجتماعي فيتآكل الرصيد التراكمي للوحدة وللديمقراطية وللثقافة المدنية والتعايش السلمي.. وللمفكر محمد أبو القاسم حاج حمد تفسير لما وصلت إليه البلاد في ظل الإنقاذ فهم في نظرة أي قادة الإنقاذ لم يستوعبوا مشكلات السودان وتكوينه التاريخي والاقتصادي والسياسي والاجتماعي والفكري ومركزه الجيوسياسية بالنسبة لدول الجوار..



    وأضاف أنهم يسبحون عكس التيار دينياً وحضارياً باتجاه زمان ومكان متعاكسين.. والنظام عنده لا يستطيع أن يستمر ضمن مركبات الواقع السوداني والإقليمي والدولي..فمهما أمتد به الزمن سيظل غارقاً في المشاكل، يتخبط في الاختيارات وينتج مزيداً من الأزمات، يظل يدور في حلقة مفرغة وقد ينتهي به الأمر"لحياة إكلينيكية اصطناعية.. تتطلب (إنقاذا) " متجددا عبر القلب والدم وهي حالة محكوم عليها بالموت الطبيعي بعد محاولات الإنقاذ الاصطناعي.. وما ينتج عن ذلك هو المزيد من استنزاف موارد البلاد وقهر المزيد من العباد ومعاناة العزلة والانهيار وبروز كافة ظواهر التمزق الداخلي والفوضى وهذه أوضاع يحزوها النظام كما تحزوها المعارضة نفسها والخاسر هو السودان.. كان هذا قبل ثورات الشباب التي غيرت مسار الحياة في مصر وتونس وليبيا واليمن وهي تيار جارف لكل القوي الرافضة للتغيير في كل دول المنطقة.. لذلك يجب أن ينتبه الجميع بأنه لا توجد دولة واحدة محصنة.. فالشباب قادمون... قادمون بقوة وفي ثوب جديد.


                  

04-12-2011, 08:41 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)



    اولاد حاج الماحى
    شوقى لى مدينة العلم

    استمتع وانت تقرا المقالات
                  

04-13-2011, 10:22 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    في الشأن العام
    سعاد ابراهيم عيسى

    حيرة المؤتمر الوطني بين حتمية التغيير الذاتي والخوف من تبعاته

    لا اعتقد أن قيادات المؤتمر الوطني على جهل بأن الثورات التي اجتاحت الدول العربية من أقصاها إلى أدناها، فأطاحت بحكومات بعضها، ولا زال الجهد مستمرا لتلحق بها الأخريات، سوف لن تطالها، خاصة وهى تعلم علم اليقين، ان كل الأسباب التي قادت إلى ثورة الشعوب العربية تلك، تتوفر بالسودان وبأكثر مما توفرت بغالبيتها. وكل الاختلاف ان حكومة المؤتمر الوطني أفلحت في تقييد أرجل شعبها، حتى لا يتمكن من الخروج إلى الشارع العام،

    كما وأفلحت في تكميم أفواهه حتى لا يسمعها رأيه فيها. وبموجب تلك القيود ونتائجها، رسمت حكومة المؤتمر الوطني صورة لشعب يتمسك بحكومته، ويقف معها وخلفها، وهو ما يخالف الحقيقة ويجافى الواقع تماما. وهنا أيضا لا أشك في أن قيادات المؤتمر الوطني تؤمن بأن الشعب السوداني لم يخرج عليها رغبة منه، ولكن بسبب القيود التي قيدته بها، والتي متى تحلل منها فلن يحول دون خروجه وتحقيق أهدافه حائل. وقد أقرَّ أحد مسؤولي مستشارية الحوار، التي هي إحدى محاولات المؤتمر الوطني في اتجاه الانحناءة لعاصفة التغيير، بأن المؤتمر الوطني ليس بمأمن من ذلك التغيير، وأضاف بأن «العاقل من اتعظ بغيره» ومن بعد طالبه بتقديم تنازلات حقيقية، وإحداث تغيير جذري في السياسات العامة للحزب، لإنجاح فرص الحوار الاستراتيجي الذى تديره تلك المستشارية، والذي ستصبح مخرجاته جاهزة بحلول التاسع من يوليو، لتصبح خريطة طريق للدولة الجديدة بعد انفصال الجنوب. فهل يتعظ الحزب الحاكم بغيره؟



    مشكلة حكومة المؤتمر الوطني إنها متنازعة بين الإقبال على التغيير الذى سيكلفها فعل الكثير مما لا تهوى، وبين الأمل في حدوث معجزة تخمد تلك الثورات قبل التاسع من يوليو نهاية حوارها مع الآخرين، ومن ثم تكفيها شر التنازل ولو بالقليل من سلطتها. وهكذا ظللنا نستمع إلى الكثير من الوعود في اتجاه التغيير قولا، دون ان نشاهدها فعلا حتى الآن، إن لم نشاهد العكس تماماً، إذ لا زالت بعض تصرفات النظام الحاكم تؤكد على إصراره على السير في ذات طريقه القديم، الذى يقود إلى تثبيت أقدامه على ارض سلطته، بل والسعي لجعلها خالصة له ولمنسوبيه، اليوم ومستقبلا. وليس أدل على ذلك من الإعلان عن تكوين كتيبة استراتيجية للمؤتمر الوطني بولاية الخرطوم، وهى التي كثر الجدال حولها وحول مهامها، بعد التصريحات التي أدلى بها د. مندور المهدي بإمكانية استخدامها لسحق المعارضة، إن فكرت في الاقتراب من سلطة حكومته. حيث صرح صاحب فكرة إنشائها، بأنها ستعيد المواطنين للعهد الأول من الإسلاميين، من ناحية الحفظ والتلاوة والصيام والقيام، وغير ذلك، ورغم جهلنا بالعهد الأول للإسلاميين الذى ستعيد هذه الكتيبة المواطنين إليه، إلا ان الهدف من إنشائها تجلى في القول بأنها «نواة للكادر المثالي الذى يتم إعداده لسودان المستقبل». يعنى المؤتمر الوطني لم يكتف بحكم الحاضر منفردا بسلطته، لكنه يعمل على إعداد كوادره الشابة، لترث الحكم مستقبلا. الغريب ان أحزاب المعارضة قد تقدمت بشكوى لمجلس الأحزاب حول ذات الكتيبة، باعتبارها إحدى المليشيات العسكرية الممنوع امتلاكها بواسطة الأحزاب السياسية، ومن ثم طالبت بأن يوقف المجلس نشاطات المؤتمر الوطني استنادا على ذلك الاتهام.

    وقد أجاب د. نافع على طلب المعارضة ذاك، بأنه من حقها ان تطالب بما طالبت به، ولكنه أردف «وعليها ان تنتظر الإجابة». ولعل المعارضة فهمت المقصود من ذلك الانتظار الذى قطعا سيطول، فمجلس الأحزاب هو من صنع ذات المؤتمر الوطني، الذى تنتظر ان ينصرها عليه حتى ان كانت محقة في ما ذهبت إليه. كما ونسأل أحزاب المعارضة عن الفرق بين هذه الكتيبة الاستراتيجية وغيرها من الكيانات الأخرى التي تعج بهم الساحة السياسية، من دفاع شعبي ولجان شعبية ودبابين، ثم لجان مجتمعية هي أيضا حديثة التكوين، لأجل التمكين، وجميعها من صنع المؤتمر الوطني ومن أجل حمايته، فيصبح المطلوب، بدلا من شكوى المؤتمر الوطني لنفسه، التي هي مجلس الأحزاب، لماذا لا تعمل أحزاب المعارضة على الرد عليه بذات أسلوبه، بحيث تعمل على تكوين كتائبها الخاصة بها لأجل حمايتها من كتائب المؤتمر الوطني، الذى لن يستطيع حينها، ان يقف في طريقها أو يمنعها مما أباح لنفسه، فهل ستفعل؟


    والمؤتمر الوطني يحاول ان يسد بعض الثغرات في أسلوب حكمه، ولكن بصورة تكلفه شيئا خاصة الانتقاص من سلطته.. فقد كثر الحديث عن حكومته التي انفردت بالجهازين التنفيذي والتشريعي، ومن ثم جردت الجهاز التشريعي من أي وجود لقوى معارضة بداخله، والتي هي الدليل الأول على ديمقراطية الحكم والتبادل السلمي لسلطته. فلمعالجة ذلك الخلل خرجت علينا مجموعة من شبابه يقول بأنها بصدد تكوين معارضة داخل البرلمان من بينها، لم ندر حتى الآن كيف سيصبح للحزب الحاكم معارضة من بين عضويته، التي خاضت الانتخابات وفق برامجه، وكسبت مقاعدها بمساندته؟

    ثم كيف لهذه المجموعة المعارضة حتى ان صدقت في مسعاها، ان تؤثر في حق النقض الممنوح لحزبها، متى رأت الوقوف ضد أي من قراراته؟ ثم إن كانت تلك المجموعة ستعارض حكومتها فعلا، فلماذا لا تنسلخ عنها نهائيا، بدلا من هذه اللعبة المكشوفة؟


    ثم كثر الحديث عن الفساد أخيرا، فرأت الحكومة ان تغلق هذا الباب أيضا، ولكن بعد ان أصبحت للفساد مناهج ومدارس وتخصصات، من العسير إغلاق أبوابها بمثل ما نرى ونسمع من جعجعة بلا طحن. فالحكومة ركبت موجة النقد الجماهيري المتصاعد عن الفساد بإعلاناتها المتكررة عن محاربة الفساد والمفسدين، ولم تنس ان تمتد حربها لتشمل المحسوبية أيضا. وكالعادة في إرسال الوعود ومن بعد إهمالها، فقد وعدت الحكومة بأنها بصدد تكوين مفوضية لمحاربة الفساد، كنا نتوقع الإسراع بتكوينها نسبة لأن الفساد مثله مثل أمراض السرطان، ان لم يتم اكتشافه مبكرا فلا سبيل إلى اجتثاثه لاحقا. ولكن لم تخرج تلك المفوضية المنوط بها شن تلك الحرب للوجود حتى الآن. كما وان بعض المسؤولين لا زال بين الشك واليقين حول وجود فساد بمؤسسات الدولة، بدليل مطالبتهم الجمهور بأن يمدهم أو يدلهم على مواقع الفساد والفاسدين، رغم أن اكتشاف الفساد لن يكون عسيرا عليهم ان نظر أي منهم حوله، وقرر ان يستجلى بعض الحقائق عن بعض الظواهر التي لم يعرفها السودان من قبل، ولم يألفها السودانيون أيضا، مثل الأبراج التي شهقت تناطح السحاب،

    وبغالبية طرقات ولاية الخرطوم، وتساءلوا، من أين أتى مالكوها بكل تلك الأموال لتشييدها؟، لتكشف لهم الكثير المثير الخطر عن بعض ملاكها. وقلنا من قبل، ان هنالك بعض من أثرياء اليوم، كانوا بالأمس من بين موظفي الدولة العاديين، ولكنهم استطاعوا بين عشية وضحاها ان يصبحوا من بين أصحاب الثراء العريض جدا، ففي معرفة الكيفية التي تحقق لهم بها كل ذلك الثراء، ما سيدل المسؤولين عن نوع آخر من أنواع الفساد الذى اتبعه هؤلاء الأثرياء الجدد، الذين تمكنوا من تحقيق ثرائهم على حساب إفقار الشعب وإفلاس خزينته.


    أما تقارير المراجع العام التي يتم تعويمها في كل عام، من اجل ستر فساد الأقربين، فهي لا تحتاج إلى دليل اضافى لمواقع الفساد وحجمه بل وحماته مرتكبيه، الم يقل المراجع العام بأنه قد أشار إلى بعض الفاسدين وحدد مواقعهم بولاية الخرطوم، ولكن السلطات المعنية غضت الطرف عنهم، فظلوا في فسادهم يعمهون؟ ثم آخر صيحة في الفساد الذى كشفه ما أعلنته السلطة عن عزمها التخلص من كل الشركات الحكومية، التي اعترف بعضهم بأن عددها لا يعلمه إلا الله، وكانت البداية الإعلان عن تصفية «23» شركة، قيل إن الغرض من ذلك هو استكمال خروج الحكومة من النشاط الاقتصادي المباشر.


    فالحكومة التي سارعت بالتخلص من عدد من مؤسسات القطاع العام، في بداية عهدها، ومنها ما كان رابحا، فباعتها بأبخس الأثمان، استجابة لسياستها الاقتصادية الجديدة التي لم تثمر نفعا، كانت في ذات الوقت تنشئ شركاتها الخاصة، التي يحق للمواطن الآن ان يتعرف على كيفية نشأتها، ومصادر تمويلها، ومن يقف على رأسها، وأين تذهب عائداتها، ودون أن يسدل الستار عليها بقرار تصفيتها، حتى ان تم تطبيقه كاملا وشاملا؟ ويبدو ان هذه الشركات هي التي عناها المراجع العام بعدم الالتزام بالخضوع لمراجعته السنوية،التي كانت ستكشف الغطاء عن أنواع من الفساد ما انزل الله مثله، وبالطبع فإن لمثل تلك الشركات السرية كل الحماية والحصانة من الحكومة التي أنشأتها. حتى تستمر في خدمة أهدافها من خلف ظهر المواطن ولولا الظروف العالمية الضاغطة في اتجاه التغيير، لاستمرت تلك الشركات، القائمة منها والوهمية في ذات حالها ما دامت حكومة الإنقاذ قائمة.
    أما المحسوبية، التي برزت الدعوة لمحاربتها أخيرا، تعتبر من أكثر العوامل التي أدت إلى خراب الخدمة المدنية وتدميرها، ومن بعد قادت إلى تزايد أنواع الفساد وحجمه. فالذي يجلس على مقعد ليس من حقه، ولكنه أتاه محمولا على أكتاف غيره من المسؤولين الكبار، قطعا لن يأبه بالعبث بمسؤولياته الإدارية أو المالية استنادا على الظهر الذى مكن له من الموقع الذى يحتله، إلا من رحم ربى طبعا. فإن كانت الحكومة جادة حقا في محاربة المحسوبية، فلا أظنها ستحقق نصرا في حربها تلك، ما لم تقرر بداية إبعاد كل الذين أتت بهم لقيادة الخدمة المدنية من كوادرها، ليحتلوا مواقع من قذفت بهم إلى الشارع العام، خاصة أصحاب الكفاءة والخبرة. وبالطبع قد لا يكون ذلك ممكنا الآن، وبعد مضى أكثر من عقدين من الزمان على ارتكاب تلك الجريمة، فتصبح الجدية في الحرب على المحسوبية أن تسارع الحكومة بالعمل على إنصاف كل الذين تعرضوا لذلك الظلم البائن بدلا من هذه الوعود المكررة والممجوجة التي لم يشرع في تنفيذها حتى اليوم.


    ثم هنالك نوع خاص من المحسوبية تتمثل في منح المقربين كل الفرص التي تضاعف من دخولهم، وغالبيتها في غير حاجة لمزيد. فالتعيين بمجالس الإدارات بمختلف المؤسسات، خاصة تلك ذات العطاء المجزئ، حيث أصبحت عضوية تلك المجالس حصرية لصالح المقربين، وقد لا يكتف احدهم بعضوية مجلس واحد، بل مثنى وثلاث ورباع، في حين يحرم من ذلك الامتياز هم أحق منهم به كفاءة وحاجة أيضا. فإن كانت الحرب على المحسوبية جادة، فلتبدأ بمراجعة عضوية منسوبي الحزب الحاكم بمختلف مجالس إدارات المؤسسات المختلفة، وإعادة توزيع تلك العضوية بناءً على معيار الكفاءة والخبرة وبعيدا جدا عن معيار الولاء للحزب أو العشيرة وغيرها، حتى نطمئن على جدية الحرب على المحسوبية وإمكانية الانتصار فيها.


    وهنالك الرشوة، كإحدى مظاهر الفساد التي أصبحت ضريبة ملازمة لكل أمر يريد المواطن قضاءه بأى من مؤسسات الدولة. والرشوة قد تزايدت وتيرتها بسبب تدهور الخدمة المدنية، بجانب تدهور مرتبات العاملين، التي لا علاج لها إلا بإعادة النظر في الحد الأدنى لرواتبهم. إلا ان هنالك الرشوة التي ينفرد بها الكبار، والتي ترتفع قيمتها بارتفاع درجة قابضها. وبصرف النظر عن العطاءات والتلاعب بها، فهنالك نوع جديد من الرشاوى تفرضها مجموعة، واصلة، وبنسبة معينة، على كل من يريد ان يصل إلى حق من حقوقه المالية وبأي من مؤسسات الدولة، التي أصبح من العسير تحقيق ذلك بأى منها، دون إتباع تلك الطرق الشائكة. فالمبالغ التي يقدمها صاحب الحق بعد الحصول على حقه، يتم تقاسمها بين المجموعة الواصلة وبعض المسؤولين بالمؤسسة المعنية الذين يسروا مهمة الوصول إلى المبالغ المطلوبة. وما خفي أعظم.


    المهم، ان الأمر لا زال بيد حكومة المؤتمر الوطني حتى الآن، إن أحسنت إدارته وبالسرعة والجدية اللازمة، ربما كفاها شر المطالبة برحيلها. وإلا فلا تلومنَّ إلا نفسها.
                  

04-15-2011, 09:20 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    التحول الاستباقي بديلا للثورة وللضياع ..
    بقلم: رباح الصادق
    الجمعة, 15 نيسان/أبريل 2011 19:58
    Share
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إن أمام السودان ثلاثة خيارات فإما أن يكون عبر تحول ديمقراطي استباقي للثورة يتيحه النظام، أو أن يكون عبر ثورة مقتدرة تلملم أطراف الشعب المدنية والحاملة السلاح في هبة تسبح تجاه البلاد الغريقة لتنتشلها وبحسب تعبير الأغنية (يا غرق يا جيت حازما)، أو أن لا يكون الوطن عبر التفريط الحالي والتردي المتفاقم. وسنتحدث اليوم عن تفاصيل الخيار الأول: التحول الاستباقي.
    مطالب القوى السياسية والمدنية السودانية المجمع عليها تدور حول قضايا أساسية صيغت بأشكال متعددة ونشير هنا لوثيقتين نالتا زخما ما، ونبدأ بالأخيرة.
    وثيقة النخبة
    "وثيقة التضامن من أجل التغيير الديمقراطي" صدرت في مارس 2011م وسوقتها مجموعة من النخبة السودانية ووقع عليها عدد لم نحصه من أوائلهم السيدة والسادة: محمد الحسن عبد الرحمن، مصطفى حسن محجوب، صديق الهندى، الخير خلف الله خالد، عبد الله امير عبد الله خليل، قاسم بدرى، عالم عباس محمد نور، أحمد عبد الوهاب جبارة الله، بركات موسى الحواتى، عبد الله آدم خاطر، ناهد محمد الحسن، عدلان الحردلو، نبيل أديب، أمير عبد الله خليل، ميرغنى سليمان خليل، جمال محمد إبراهيم، عبد الغفار محمد احمد ، ونور الدين ساتى. ويلاحظ أن بينهم أساتذة جامعات ونشطاء نقابيين ومجتمع مدنيين.
    مطالب وثيقة التضامن للإصلاح تتمثل في إحدى عشرة نقطة مفادها:
    1. الإصلاح الدستوري (دستور دائم يقوم على المواطنة وفصل السلطات واحترام التنوع)
    2. الإصلاح السياسي (الديمقراطية التعددية والعدالة واللامركزية)
    3. الإصلاح الإداري (الوظيفة العامة تكليف لا غنيمة، الكفاءة، المؤسسية، المساءلة، إشراك الشباب، والتطوير).
    4. الإصلاح الاقتصادي (إبطال سحب الدعم وتخفيض النفقات على الخدمات والضرائب والجبايات، وتخفيض الإنفاق في هياكل الدولة والصرف الأمني، وتنمية الإنتاج).
    5. إصلاح النظام التعليمي وتحديثه (الكيف وليس الكم، تأهيل المعلم ومراجعة المناهج)
    6. إعادة هيكلة النظام الدفاعي والأمني (حماية الوطن والمواطنين وليس الحكومات أو الحاكمين أو الأحزاب).
    7. مراجعة الخطاب الثقافي والإعلامي (تحقيق شعار الوحدة بالتنوع، ورفع يد الدولة عن الإعلام).
    8. مراجعة وتحديث السياسة الخارجية (الارتكاز على وحدة البلاد وأمنها القومي وتنوعها، والالتزام بالمواثيق الإقليمية والدولية، واستعادة فعالية الدور السوداني عربيا وإفريقيا).
    9. نزاع دارفور: اتفاق سلام شامل يضم كل الإطراف المتنازعة، والمجتمع المدني و الأهلي الدارفوري، ويقوم تضامن قوى التغيير بتكوين منبر سوداني لدعم سلام دارفور.
    10. قضايا ما بعد الانفصال المعلقة: الحدود، والنفط، والتجارة والزراعة والغابات، وأبيي، تعالج كلها بما يجنب الصدام.
    11. المشورة الشعبية لسكان النيل الازرق وجبال النوبة: إجراء معالجات سياسية داخلية وخارجية واتخاذ الإجراءات المناسبة قبل 9 يوليو.
    أزمعت مجموعة التضامن بحسب وثيقتها التحرك عبر وسائل التعبئة والإعلام المختلفة وذلك لـ "لتوسيع دائرة الحوار" بهدف "بلورة مشروع وطنى يرسم المتراضون عليه بدائل وطنية لتحقيق الذات السودانية ديمقراطيا ولا مركزيا".


    الأجندة الوطنية


    صدرت هذه الوثيقة في أواخر العام 2010 قدمها حزب الأمة القومي بعنوان "معاهدة الخلاص الوطني" واشتهرت باسم "الأجندة الوطنية". وعرضت على قوى الإجماع الوطني فأبدوا تأييدهم لها. وقدمت للمؤتمر الوطني وكانت مادة حوار أدارته لجنة مشتركة بين الحزبين اختتمت اجتماعاته على أن ترفع نتيجة الحوار لاجتماع يضم رئيسي الحزبين، ثم ترفع النتيجة لمؤسستي الحزبين التشريعية.
    أعلن حزب الأمة أن هذه الأجندة نابعة من مواثيق سابقة تواطأت عليها القوى السياسية السودانية في مختلف المجالات، فهناك عدد من المواثيق في قضايا متخصصة مثل الحريات، ودارفور، والاقتصاد وغيرها. وقال إن هذه الأجندة وإن جاءت بيديه فهي ليست من بنات أفكار الحزب الخاصة، ولا هي حلمٌ أتاه بليل، بل نتيجة نقاشات شملت الكافة، وهي موضوعة في سبعة عناوين رئيسية ملخصها:


    أولا: دستور جديد أسسه: دولة مدنية قائمة على المواطنة- رئاسة تمثل أقاليم السودان- مجلس تشريعي منتخب ديمقراطيا- العودة للمديريات الستة- التشريعات ذات المحتوى الديني تطبق على أتباع الدين المعني- يجوز للمسلمين معارضة التشريعات المتعارضة مع قطعيات الشريعة ديمقراطيا- منع الإساءة للمقدسات الدينية والإثنيات- ولا يجوز إصدار أية تشريعات تنقص من الحريات الدينية، وحقوق الإنسان.
    ثانيا: العلاقة مع الجنوب تقوم على مبادئ: الاعتراف المتبادل بالسيادة الوطنية للدولتين- معاهدة توأمة للمصالح المشتركة- مفوضية حكماء للمسائل المختلف عليها في بحر عامين- الالتزام بالفيدرالية ومواثيق حقوق الإنسان الدولية للدولتين- توأمة اقتصادية- حدود مرنة وآليات إدارية لحفظ الأمن- الالتزام بحقوق أبيي، وجنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق- الالتزام بحقوق الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب- الالتزام بحسن الجوار وعدم التدخل في شئون البعض والتنسيق الأمني والدفاع المشترك- مؤتمر الأمن الإقليمي- والاتفاق على قضايا ما بعد الانفصال.


    ثالثا: تحقيق مطالب دارفور المشروعة في عشر نقاط: وحدة الإقليم وحدوده ومشاركته في الرئاسة تعاد للحال الكائن قبل 1989م- عدم الإفلات من العقوبة ضمن معادلة للتوفيق بين العدالة والاستقرار- تكوين هيئة قومية للحقيقة والمصالحة ورفع المظالم- التعويضات الفردية والجماعية- إدارة انتقالية قومية- حقوق الإقليم في السلطة والثروة بنسبة السكان- عقد ملتقى دارفوري جامع- الالتزام بحسن الجوار- ملتقى قومي جامع لينال الاتفاق شرعية- والنص عليه في الدستور.
    رابعا: الحريات العامة حقوق مقدسة تفصل بنودها ويؤكد الالتزام بها، وتكوين مفوضية مستقلة متفق عليها قوميا لمراقبة ذلك الالتزام بدعم الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
    خامسا: الالتزام بإصلاح اقتصادي يحقق التنمية وضبط الترهل الإداري وضبط الصرف العسكري والأمني وتحقيق مبادئ الألفية الجديدة، وإقامة الرعاية الاجتماعية في التعليم، والصحة، وتوجيه عائدات النفط للبنية التحتية، والخدمات الاجتماعية، والاستثمار الزراعي، والصناعي، والتعديني.
    سادسا: الالتزام بسياسة خارجية تحترم الشرعية الدولية، والواجبات السودانية في المجالات الإقليمية، وتتعامل بواقعية مع مؤسسات العدالة الدولية.


    سابعا: إقامة حكومة قومية انتقالية لتطبيق هذه الأجندة في فترة انتقالية لا تتجاوز عامين.
    هذا وقد علمنا من موقعنا في مكتب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة بأنه قد زاره في الأسبوع الماضي وفد من الحزب الشيوعي فيه السيد صديق يوسف والدكتور الشفيع خضر أعلن تأييده لهذه الأجندة وتمثيلها للشعب السوداني مع ضرورة معالجة المواقف المبتعدة لئلا تضيع الحزازات الحزبية أو سوء الفهم المصلحة الوطنية. ووفد للحركة الشعبية يرأسه السيد ياسر عرمان عبر عن تأييد مماثل مع ضرورة إخراج الأجندة الوطنية بشكل يشارك فيه الجميع فلا يظل حزبيا أو ثنائيا. المطالبة بتحسين إخراج الأجندة الوطنية والترويج لها أكثر من مشروعة، إن الوطن ملك الجميع وشأنه عام، وتجاوب حزب الأمة القومي مع هذه الأصوات لإخراج السيمفونية الوطنية هو جزء لا يتجزأ من الأجندة نفسها فالآلية القومية المطلوبة لا يمكن أن تدار ثنائيا أو ثلاثيا بحسب أشواق البعض داخل النظام الذين لو قبلوا بالأمة أو الاتحادي فهم لا يقبلون بالبقية. وننتظر أن تشهد الأيام المقبلة قفلا لصفحة التهديف في المرمى الحليف التي سادت مؤخرا.
    كيف الاستباق؟


    قال الدكتور حسن حاج علي عميد كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم وخبير العلوم السياسية وعضو قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني في "منتدى الأمة" يوم الثلاثاء 12 أبريل الجاري إن الانتفاضات الإقليمية تلقي علينا بدرسين: الأول ضرورة الانفتاح السياسي والثاني حتمية الارتباط بين قضايا الداخل والخارج. وأكد أن السودان بعد يوليو 2011م سوف يواجه مخاطر ماحقة تتهدده إذا لم يحدث الانفتاح السياسي، وقصد بالانفتاح الوصول لتوافق مع قوى البلاد السياسية الرئيسية. وقال إن أهل الإنقاذ عليهم "إما أن يتكيفوا مع المتغيرات أو تتجاوزهم الأحداث بمزيد من التشرذم والعنف ولا أظن هناك إنسان عاقل يقبل بهذا للبلاد".
    وحدد حزب الأمة معالم ذلك الانفتاح أو التحرك الاستباقي المطلوب في الأجندة الوطنية المشتملة على الآلية القومية المطلوبة لتنفيذها.
    ومع أن هذه الملفات واضحة لا لبس فيها ولكن النظام وبعض أبواقه الإعلامية يحاولون التشويش على مائدة الحوار بأن القصد هو الوصول لمناصب وأن يحل حزب الأمة و/أو الاتحادي الديمقراطي محل نواب ووزراء الحركة الشعبية فيما يسمى بحكومة القاعدة العريضة.


    قلنا مرارا، لو افترضنا جدلا أن المؤتمر الوطني أقنع الفرق المفاوضة له بصفقة الحكومة العريضة، وباع تلك الصفقة في المكتب السياسي للحزب، وهذا افتراض من باب أن يلج الجمل من سم الخياط أي يدخل الجمل من قد الإبرة، فإن هذا لن يحل المؤتمر الوطني بشيء، ستظل القاعدة العريضة لحزب الأمة ولغيره من الأحزاب معارضة وناشدة للتغيير. ولذلك ينبغي الانصراف عن هذه المناوشات الجانبية والتركيز فيما يمكن أن يقدمه المؤتمر الوطني بالواضح الذي ليس فاضحا: هل يستطيع تقديم تنازلات مصيرية كهذه أم لا؟
    قال الدكتور عبد الوهاب الأفندي في مقاله بعنوان "أين هي الثورة السودانية" إن الانتفاضات في العالم واحدة من اثنين: وجود قطب معارضة معروف "زعيم منتخب أو حزب معارض جامع يوحد غالبية قطاعات الشعب في وجه نظام معزول شعبياً"، أو قيام منظمات المجتمع المدني خاصة الجمعيات المهنية والنقابات والاتحادات الطلابية بدور رأس الرمح حيث تقوم "بدور التوحيد والتعبير عن الشارع".
    السودانيون يزحفون عبر الثغرتين.. وربما توحد الجيشان في لحظة ما مثلما حدث عشية أكتوبر حينما انضمت جبهة الهيئات للجبهة القومية المتحدة وصار التفاوض ينطلق يومها من بيت الأمة (قبة ومجمع بيت الإمام المهدي عليه السلام).


    ونقول: هذه هي مفردات التحول الاستباقي المطلوب من المؤتمر الوطني. أما هل ستقوم الثورة إذا لم يفعل؟ قال المهدي في القضارف: إما مشاركة تنقل السودان من دولة الحزب لدولة الوطن أو مقالعة تستخلص حقوق الوطن. وقال الأفندي (الانتفاضة السودانية قادمة لا محالة إذا لم يقدم النظام على إصلاحات حقيقية) وقال إن مفتاح الانتفاضات هو بيد الحكومات. ونقول: ربما لن يستجيب النظام، ولن تقوم الثورة في الوقت الممكن، ولكن سوء العاقبة سيكون ألا نكون لأنه ليس لدينا وقت طويل ننتظر فيه عقل النظام أو نضج الثورة.
    نواصل بإذن الله حول إحداثيات الثورة السودانية، ومفردات الضياع إذا لم يحدث الاستباق الديمقراطي ولا الثورة الشعبية في زمان مناسب وبطريقة مناسبة.
    وليبق ما بيننا
    Rabah Al Sadig [[email protected]]
                  

04-21-2011, 11:27 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    صحوة المشير المثيرة للريبة !! ..
    بقلم: عدنان زاهر
    الخميس, 21 نيسان/أبريل 2011 19:19
    Share

    عند قرأتى للخبرين انتابتنى مشاعر متعددة أولهما الدهشة، السخرية و من ثم الرثاء لما آل اليه حال الأنقاذ. نبدأ بالخبر الأول كما جاء فى وسائل الاعلام.
    الخبر الأول
    أكد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير فى جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 15 أبريل امكانية اعفاء الجيوش الجرارة من المستشارين و المعتمدين الولائين و الاستفادة من مخصصاتهم لحل مشاكل الأطباء (ان الولاة يشتكون من انعدام الميزانيات للأطباء لذلك يمكنهم التخلص من أعداد المستشارين و المعتمدين و تعين أطباء بمخصصاتهم).
    نقول
    1- ان الأنقاذ تحكم السودان طيلة 22 عاما حكما مطلقا و على رأس السلطة الرئيس عمر البشير. طيلة تلك السنوات كان السودان يدار بنفس عدد المستشارين و المعتمدين و لا توجد دولة فى العالم تدير شئونها بمثل هذا العدد. كتب رجال السياسة، الأقتصاديين و المهتمين بالشأن العام منتقدين لتضخم الجهاز الأدارى و التنفيذى و لم يسمع لرأيهم، بل دمغوا بالعمالة و معاداة نظام الحكم.
    2- رئاسة الجمهورية بها عددا معتبرا من المستشارين الذين تقوم باعباء أعمالهم وزارات أخرى، فلماذا لا يتحدث السيد الرئيس عنهم و عن مخصصاتهم التى تكفى لتعين ألآف من الشباب المؤهلين علميا الذين يجوبون شوارع المدن المتعددة بحثا عن العمل!
    3- مشكلة الأطباء التى يتحدث عنها الرئيس، لم " تنبل " اليوم فهى مشكلة مستمرة منذ سنوات طويلة تناولها الأعلام و كل المهتمين بالشأن العام، أعتصم الأطباء، خاطبوا الرئيس ثم أضربوا. تم فصلهم وهاجر منهم المئات ولم يحاول الرئيس أن يلتفت لحل مشكلتهم طيلة هذه السنوات.
    الخبر الثانى:
    فى لقاء نظمته أمانة الشباب بالمؤتمر الوطنى قال السيد الرئيس( ان السودان يعانى من تفشى الجهوية و القبلية و العنصرية التى وصفها بعناصر التفتت، و دعى لتمتين الوحدة و جمع الصف الوطنى، ووجه الشباب بتبنى برامج ثقافية تقود للوحدة و بناء نسيج اجتماعى يقف امام المحاولات التى تستهدف الانسان السودانى).
    نقول أيضا
    1- من المدهش أن يتناول الرئيس الحديث عن العنصرية و حكومة الأنقاذ هى من كرس للعنصرية و الجهوية و قننتها. فحرب الجنوب التى قادتها السلطة على أساس جهادى و عنصرى هى من أدت لفصل الجنوب.
    2- تم التكريس للقبلية بشكل رسمى عندما أحتوت طلبات التقدم للوظيفة عن سؤال عن القبيلة و التى يتم التعين أو يقبل الطلب على أساسها.
    3- الصحف الحكومية أو الموالية للسلطة تقود خطا اعلاميا عنصريا تفصح به جهرا و لا تداريه كصحيفة الانتباهة التى يرأسها- خال الرئيس- و الرأى العام.
    4- أصبحت الأغانى، النكات، الأناشيد تكرس للقبلية، كما اصبحت معظم نواحى الحياة فى المجتمع ان لم نقل كلها تكرس للقبلية و قيمها.

    5- الحرب فى دارفور تؤجج السلطة نيرانها على أساس قبلى قتل فيها الآف و لا زالت الحرب مستمرة و السلطة لا تود حلها الا من خلال أجندتها و رؤيتها.

    6- الرئيس نفسه الذى يتحدث عن سيادة النظرة القبلية، قد هاجم فى تجمع جماهيرى بنيالا الرئيس السابق لاتحاد المحامين العرب ةفاروق أبوعيسى معيرا له بأن لا قبيلة تقف " وراهو "! و هو لايعلم أن من يقف وراءه هم المظلومين،المنادين بالديمقراطية والمنادين بسيادة حقوق الأنسان.
    السؤال الذى يطرح نفسه لماذا تطلق مثل هذه الاحاديث الآن؟!
    الجواب لا يحتاج لكثير من الجهد. الدولة تخشى من " تسنامى" التغير القادم نحوها وهى بتلك الأحاديث تحاول خداع المواطنين. ان محاولة تسويق الرأى بأن الرئيس " كويس " و لكن من يلتفون حوله هم الفاسدين، هى سياسة قديمة، جربتها كثير من الدول كما حاولها الرئيس نميرى من قبل و فشل فى تسويقها.
    الجماهير قد اصابتها التخمة من مثل هذه الأحاديث. الرغبة الحقيقة فى التغير لا تحتاج الى " لولوة ". الجماهير تحتاج الى قرار سياسى شجاع بارجاع الديمقراطية المسلوبة، الغاء القوانين المقيدة للحريات، اشراك الشعب فى السلطة، ارجاع المفصولين تعسفيا للعمل و محاكمة المفسدين و كل من أرتكب جرما تجاه الشعب السودانى!
                  

04-29-2011, 04:26 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    عقلية الإسلاميين في السودان أصغر من بناء دولة ..
    بقلم: أحمد يوسف حمد النيل- الرياض
    الخميس, 28 نيسان/أبريل 2011 09:14
    Share


    مقدمـــة:
    في مقال سابق بعنوان " الدوافع الانشطارية في فكرية الحركة الإسلامية في السودان" قد ذيلت هذا المقال بسؤال مطروح للإجابة و هو : هل انشطر تماسك المجتمع السوداني وفكريته الراسخة و ثقافته المتنوعة والمتناغمة جراء الانشطارات الإسلامية ذات البعد الفكري و الثقافي المستورد جملة وتفصيلا ؟
    الكثير من الإسلاميين في السودان يرى أن الدين و التدين له معايير ثقافية , و كذلك هو حكر لأصحاب الأفكار و إن العامة و الدهماء لا نصيب لهم في ذلك , فهذا ما ورثته الحركة الإسلامية في السودان من عرابها الترابي. و لكن الحقيقة المطلقة التي تدحض ما ذهبوا إليه أن رسالة الإسلام قد حملها رجل أمي من قريش اتسم بعلو الأخلاق و الصدق فطابقت شخصيته الوحي , و عاش في وسط مجتمع مظلم و ظالم , و لكن الرسالة قد أكملت شخصية هذا الرجل الدينية و الفكرية و الثقافية و الحضارية , فخرج لنا بهذا الإرث الذي فكّ أغلال العقول من الجهل إلى الحرية و الانعتاق. و عندما أسس دولته في المدينة ترك أمر تعليم الكتابة و القراء لأسرى موقعة بدر ليعلموا أهل المدينة , فكانت دولته الحضارية التي شعّ منها النور.
    فهل يا ترى فعلت دولة الإسلام السياسي في السودان ما فعله نبي الأمة؟

    التعليم و المهنية في الدولة السودانية:


    لا أعرف أن دولة من الدول في عصرنا الحديث قد تطورت و نمت دون الالتفات إلى التعليم بصورة جادة وشفافة. 22 عام مضت في ظل الدولة السودانية الحالية و التعليم كل يوم تهبط مستوياته إلى الأدنى. كيف لا و هي (أي الدولة) لم تبني مدرسة واحدة حكومية للفقراء لتنميهم مثل ما فعل الاستعمار و حتى الجامعات الجديدة كثير منها قامت على أنقاض مباني الاستعمار. هذه دعوة صريحة لتجاهل التعليم , أما لجهل و عدم مهنية و افتقار للرؤية أو لتغليب السياسة و اقتصاد الأفراد و (الشلليات) على مصلحة البلاد , فالنتيجة واضحة أن تلصق الدولة في عنق الزجاجة المتهشمة أصلاً. فالمناهج مسيسة و عقول الأطفال مسيسة و الإعلام مسيس. و أن تصل نسبة النجاح لمادتي الرياضيات و الإنجليزي لمرحلة الأساس في ولاية الخرطوم هذا العام 2011م 29.4% و 29.9% على التوالي (صحيفة الميدان) , يعني أننا لا نبني بل نهدم. و هذا في العاصمة فكيف يكون الحال في الأقاليم؟ و هذه الدولة (أي دولة الإسلاميين) ليس لها شخصية تعليمية واضحة يمكن أن نصفها بها. عدد الجامعات السودانية الحكومية 28جامعة , أما الجامعات الأهلية و الكليات الجامعية و المعاهد فهي 65 العدد الكلي (93)جامعة حكومية و أهلية و كلية (أو يزيد) . ترتيب جامعة الخرطوم حاليا رقم 69 أفريقيا بينما في السابق كانت رقم 5 قبل هذه الحكومة.
    فلنعقد مقارنة بسيطة بدولة يسترشد بها النظام الإسلامي في الخرطوم و هي ماليزيا. عدد الجامعات في ماليزيا فقط 7 جامعات منها 5 كليات تربية في 5 جامعات. التعليم ما قبل المدرسة في ماليزيا ينتشر في جميع أنحاء البلاد (أكثر من ستة آلاف مركز) للأطفال من سن الثالثة حتى الخامسة , 77% منها إداراتها حكومية و البقية منها تديرها مؤسسات خاصة.


    بدأت وزارة التربية الماليزية في الآونة الأخيرة بطرح برنامج المدارس تخصيص المدارس الثانوية المهنية , بمعنى أن تخصص كل مدرسة مهنية لصناعة معينة حسب موقعها وقربها من المصنع المعني بتلك الصناعة، بهدف مساعدة الطلبة على اكتساب خبرات علمية أكثر من خلال التدريب في موقع العمل. تهدف مناهج التعليم الابتدائي إلى إكساب الأطفال المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب، وتنميتهم جسدياً وعقلياً ونفسياً. ويتحقق ذلك من خلال أسلوب التعلم الممركز حول الطفل، ويشمل ذلك استراتيجيات التعليم والتعلم التي تستخدم طرائق متنوعة مثل التجميع المرن للطلبة الملائم لتدريس مهارات معينة، والاهتمام الكبير بالاحتياجات الفردية للطفل من خلال الأنشطة العلاجية الإثرائية، وتكامل المهارات والمعارف في الدروس التي يتم تدريسها للطلبة، واستخدام المواد المتنوعة
    و في السودان التعليم الفني و التقني في سلم التعليم العام تم تدميره كلية في خلال ال22 عام التي حكمت فيها حكومة الجبهة.نسبة لعدم وجود رؤية تعليمية و أيضا لأن من يقومون بدور تطوير المنهج ليس لديهم إستراتيجية فعلية. فكثير من من يتقلدون الأدوار التنفيذية و الوزارات ليسو مهنيين و يقومون بأدوار ليست من تخصصهم و خاصة بعد ثورة الصالح العام و كان الغرض منها سياسي و حزبي في المقام الأول.
    أما النشاط المدرسي فهو يخدم أفكار الحزب الحاكم و نشره بين الطلاب مما يعني تكبيل العقول و تدجينها , و من ثم تموت المواهب و يتم توجيه الطفل دون وعي إلى فكرية الحزب لا إلى سياسة تخدم الأسرة و الوطن.


    تعنى ماليزيا بالبحوث والدراسات وتتمثل تلك العناية في الآتي:
    - دراسة شاملة بالتعاون مع جامعة هارفارد حول وضع قاعدة معلومات يتم من خلالها جمع المعلومات عن المدارس والمناهج والطلاب وغيرها ومن ثم تحليلها ودراستها. ويتم ذلك عبر شبكة الحاسب بدءاً من المدرسة وانتهاءً بالوزارة وميزانيته تعادل بالجنيه السوداني5.810.000.000. وتقديم جائزة لكل معلم يقدم اقتراح بحث أو دراسة يحظى بالقبول تقدر بمبلغ يعادل 415000 جنيه سوداني.
    - تمويل البحوث والدراسات من وزارة التربية ووزارة العلوم والتقنية (التكنولوجيا) في ماليزيا بالإضافة إلى دعم مالي كبير من الشركات والمصانع.
    - تهتم الدراسات الحالية بالإبداع في تدريس الرياضيات والعلوم، وبالطلاب الذين يعملون ويدرسون في الوقت نفسه ومدى رضا أصحاب العمل من مصانع وشركات عن أداء الخريجين ومستوى إعدادهم.
    يعنى بالمتفوقين من الطلاب حيث تمت تهيئة مدارس خاصة لهم ألحق بها سكن داخلي وتتم العناية به علمياً وتربوياً.


    فكم يا ترى ميزانية التعليم العام ككل في السودان؟

    تشتيت المجتمع و تسييسه و تسييس الخدمة العامة :

    الولاء ليس للوطن و لكن للحزب الحاكم. فقدت الحياة العامة معناها و فقد التعليم مبتغاه. و استقطب النظام الأموال من كل صوب و حدب على حساب المواطن , ظهر على السطح أغنياء جدد كنتيجة فعلية للفساد في البلاد. انشغلوا بالسياسة على حساب مكتسبات الوطن. من الناحية العملية فشلت كل محاولات الدولة في تنظيم قانوني و دستوري يقود البلد الى بر الآمان و بالتالي الفشل السياسي. فشل في تطبيق العدالة و الموازنة الاجتماعية. لقد دخلت البلاد في مشادة و حروب داخلية و خارجية إعلامية و فكرية و في ساحات القتال و بذلك تكون الحكومة قد فقدت صوابها و هيبتها الدبلوماسية. و بدلاً من أن تتفرغ للمواطن و تحسين حالته الاقتصادية دخلت في عقدة الفكر و أصبحت الحرب لا تهم المواطن من قريب أو من بعيد. لقد اختلق النظام حروبا ً كان في غنى عنها و لو لا النظام لما دخلها السودان. دخلت البلاد في أزمات عصية على الحل , فاشتعل المواطنون إحباطاً و يئسا و لا عزاء لهم سوى الخطب الثورية غير الناضجة , اكتفى بعض منظري الثورة بعد تشظيها بالصراع الداخلي و حرب التصريحات و فقدت الحكومة هيبتها و مكانتها كمنظومة سياسية و اقتصادية و سيادية. و أظهرت علل الصراع الذي اندلع في جسد الدولة منذ ميلادها كثير من الاستخفاف بعقول المواطن و كبت الحقيقة و ممارسة فقه السترة على أعضاء الحزب و المنتفعين الانتهازيين. فصارت الحرب داخل أروقة الحزب و المواطن يتفرج على أكبر مأساة في تاريخ السودان الحديث. انقسم الوطن إلى شطرين و المآسي ما زالت تتوالى.

    أخذ شباب الإسلاميين (كما يسمونهم) أفكار حزبهم على عواهنها , كبر مقت القول على أنفسهم فخالف ما يفعلون , لم تكن ثورة لإكمال الدين الذي هو أصلا مكتمل منذ نزول آخر آية قرآنية , و إنما هي ثورة انتهازية هتكت حرمة الحرية لشعب السودان الطيب , مزقته بفرية اللحمة العروبية و إدعاءات الدين غير الصائبة. مارسوا على أنفسهم فقه السترة و هم ينظرون للشعب و ما سواهم و كأنهم قُصّر ,مارسوا فقه و تشريع انتهازي لا يليق بنقاء الضمير و صدق الدعوة. أعادوا السودان إلى ما قبل 1956م , فتعددت الأيادي الاستعمارية و أسكنوا أنفسهم من الناحية العملية في حفرة سحيقة. أشعلوا أوار فتنة كانت نائمة فوقعوا في اللعنة , و ذهبت ريحهم و ثمارهم تتخطفها بغاث الطير من البشر.


    هم يريدون إعادة صياغة المجتمع السوداني الذي مرّ بالرفاهية في فترات سابقة و الأمن , فوقعوا في محظور السياسة و الدين. كمثل زواج باكر لفتاة بكر تعد كطفلة لم تنضج بعد فكان الموت بالإجهاض لجنينها الذي غالبها البقاء في رحمها غير المهيأ. فالخوض في البرك الآسنة لا يثير إلا فضول البعوض. فقد كان القرار بيد مندفع و ليس مدافعا عن الدين و الأخلاق , فهوت التجربة بمنظورها السياسي و الديني. فأدرك قادتها إن الديمقراطية ستجلب لهم فضح المستور و ستزيل مملكتهم إلى الأبد فأنكروها و عملوا لمحوها تماما , و نمت في الحال العنتريات بعد ما شاب الفكر و تعطل العقل. فأظهرت هذه الثورة المنجرفة و المندفعة غثاء السيل و زبدا ذهب بجفاء الروح الفكرية , فاستقرت الدولة على نمط تقليدي من المنتفعين لذلك ذهبت الحكومة بلا هدى , فقدت بوصلتها للاتجاه الصحيح. فالصراع في صدور رجال الجبهة ليس من الدين في شي , فالشكل الجميل يشير الى المضمون الجميل إن كان في الدين أو الأدب أو الفنون. التدرج في بناء الأمة بتسليح شبابها بنور العلم هو مسؤولية الحكام ثم ينتظر الناس التطور في اقتصادهم و أمنهم و سلمهم.


    إن غرس قيماً كبر الوالدين و احترام الآخرين و فقه التعامل بين الناس في مناهجنا خير من أن تبدأ دعوتك بذروة سنام الإسلام , فقد فضل رسول الله المعاملة الحسنة على الجهاد في أحاديث كثيرة , لأن حرمة النفس البشرية أغلظ , فالسودانيون الذين طردوا المستعمر لم يعجزهم الشيطان و الفساد و الدفاع عن حقوقهم و أوطانهم. و كل إناء بما فيه ينضح , فقد نضح إناء الإسلاميين بالجهل المهني و فقه السترة , كستر الجريمة لدى البدو مهما عظمت خوفا من الفضيحة ليس من الله , و كأنما التوبة و الاستغفار ليست من الإيمان في شي.
    و في مقال آخر سنناقش : هل الحركة الإسلامية في السودان تهدف لبناء حزب سياسي و أتباع جهلاء أم تمزيق دولة؟

    ahmad mohammad [ahmad-
                  

05-01-2011, 07:48 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    قولوا حسنا

    على كرتى ونظرية المؤآمرة

    محجوب عروة
    [email protected]

    لست أدرى لماذا يسئ وزير خارجيتنا السيد على كرتى للشعب السورى الثائر البطل ويصف مايجرى من انتفاضة فى سوريا بأنها (مؤامرة)!! هل يريد أن يقنعنا السيد كرتى بأن المطالب المشروعة لهذا الشعب العظيم الذى قدم مئآت الشهداء وآلاف الجرحى والمفقودين من أجل الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية وفك سيطرة حزب واحد على مفاصل السلطة منذ ستينات القرن الماضى هى مؤآمرة؟ ان هذا لشئ عجاب، اذن فثورة تونس مؤامرة وثورة مصر مؤامرة والشعوب العربية بملايينها التى خرجت للشوارع ثائرة ضد الظلم والكبت مجرد أراجوزات يتلاعب بها غيرهم. وهذا السفاح على صالح الذى وصف شعبه الثائر بأنهم مجرد عملاء وخونة والقذافى – نيرون ليبيا – يصف شعبه بالجرذان والعملاء هم وحدهم الوطنيون هل الثورة ضدهم مؤامرة؟


    هل يدرك السيد كرتى حقيقة حزب البعث الذى تأسس عام 1947 على أيدى ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار فأصبحت سوريا والعراق بسببه مسرحا للأنقلابات والأنقلابات المضادة جرت فى بلادهما اعتقال المعارضين و حمامات الدم وتصفية الأحرار وسحل المخالفين وسيطرة أقلية عرقية وطائفية انتهت بأفكار ومبادئ القومية العربية الى سيطرة زعامات ومراكز قوى و أسر يتوارث فيه الأبناء الحكم يتحكمون فى مقدرات البلاد ليس برضاء الشعب عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة بل بالأجهزة القمعية والأمنية والأستخباراتية التى لا ترحم.


    المؤامرة الحقيقية ياسيد كرتى هى تآمر حزب البعث على مقدرات الشعب السورى ولك أن تسأل أو تزور مدينة القنيطرة المحطمة بالعسكرية الأسرائيلية فى سوريا وعجزت الحكومة السورية عن حمايتها ثم أنظر حيث مرتفعات الجولان وأسأل من سلمها لأسرائيل فى حرب يونيو 1967 حيث اعلن عن سقوطها فى المذياع قبل أن تسقط حقيقة رغم أنه من المستحيل سقوطها فكانت (الجائزة)!! ثم اذهب الى منطقة (مجدل شمس) حيث (وادى الصياح) وشاهد واسمع بنفسك المأساة التى تعيشها الأسر السورية فى الجانبين السورى والأسرائيلى يتبادلون أخبارهم الأسرية عبر الصياح بالأفواه و بالمايكرفونات، كل ذلك بسبب تخلى النظام البعثى عن مسئوليته تجاه شعبه وفشله فى استرداد الجولان.. لم يطلق طلقة واحدة تجاه اسرائيل المحتلة للجولان ولكن عندما يتظاهر الشعب السورى بطريقة سلمية يعبر عن مطالبه المشروعة يطلق عليه مجرمو وسفاحو النظام البعثى الرصاص الحى وترسل الدبابات الى درعا تقتل المئآت وتنتهك الحرمات.


    المؤامرة ياسيد وزير الخارجية كرتى ان كنت لا تدرى بدأت منذ ثورة الشريف حسين فى الحجاز فى الحرب العالمية الأولى متعاونا مع الأنجليز عبر (لورانس العرب) ضد تركيا الأسلامية باسم القومية العربية بهدف تمزيقها وتفكيكها و هو ماحدث فأكملها حزب البعث العربى - المشكوك فى حقيقته - بجدارة منذ نهاية الأربعينات باسم الثورة العربية الزائفة تحت شعارات الحرية والوحدة والأشتراكية والتى كانت فى حقيقتها كبت واستبداد و مؤامرات مزقت العالم العربى و أفقرته وأضعفته وهزائم عربية متكررة من اسرائيل(أسد على وفى الحروب نعامة). هل تدرك لماذا لأن هذه الأنظمة المستبدة الطاغوتية الفاسدة المفسدة كبلت شعوبها وصادرت حريتها وأضعفت ارادتها ونهبت أموالها وبددت ثرواتها، بل دولة مثل سوريا البعث تمنع أى تحرك وانطلاق للمقاومة الفلسطينية المسلحة من أراضيها منذ قيام اسرائيل تعطيهم فقط الكلام المعسول والتصريحات الفارغة.
                  

05-01-2011, 09:29 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)



    استمتع بلغناء الجميل الخالد وانت تقرا المقالات
    انقر على المثلث
    سميرة دنيا ...دنيا بحالها
    انقر على المثلث
                  

05-03-2011, 04:58 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    المفلس


    نشر بتاريخ May 1, 2011
    د. عمر القراي………



    (وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ!! إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ) صدق الله العظيم


    جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أتدرون من المفلس؟! قالوا: المفلس فينا من لادرهم له ولا دينار.. قال: لا!! المفلس من يأتي يوم القيامة وقد ضرب هذا وشتم هذا ولعن هذا وأخذ حق هذا فيؤخذ من حسناته ويعطى لهم جميعاً حتى تنفد حسناته!! ثم يؤخذ من خطاياهم فتطرح عليه ويطرح في النار) أو كما قال. ما تذكرت هذا الحديث قط، إلا وقفز الى ذهني الطيب مصطفى صاحب صحيفة “الإنتباهة”!! فالرجل لا يكاد يعي أو يتعظ، فقد تدهور من مدير للتلفزيون، الى مدير للإتصالات، الى مدير لصحيفة صفراء، تزكي من نار العنصرية البغيضة، التي وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها (منتنة)!! وتسئ الى إخواننا الجنوبيين وقادتهم، وتدعو الى الإنفصال والقطيعة، وتردد نغمة التعالي العرقي، الذي عناه النبي الكريم، حين قال لمن عير أخاه لعنصره (إنك إمرؤ فيك جاهلية)!! وحتى إدارة صحيفة يومية باهتة، مأجورة، مثل سائر صحف المؤتمر الوطني، بل أقل قدراً بكتابها امثال إسحق فضل الله، منصب كبير، على الطيب مصطفى.. فلو كان هنالك إنصاف، لما أوكل له إدارة أمر نفسه، دع عنك إدارة صحيفة يعمل فيها تحته عدد من الموظفبن والموظفات!!


    لقد مرد الطيب مصطفى، على إساءة كل الناس، فشتم قادة الحركة الشعبية مراراً، وهاجم كل من كانوا إخوان له في تنظيم الجبهة القومية الإسلامية، الذين قاموا بنقد حكومة الإنقاذ والحركة الإسلامية، مثل الاستاذ عادل الباز، و د. عبد الوهاب الأفندي، و د. التجاني عبد القادر، ثم انقلب على بعض قادة المؤتمر الوطني، الذين يتفق معهم، فهاجم السيد علي عثمان محمد طه، والسيد صلاح قوش، ولكنه عاد واعتذر لهما من دون الآخرين!! ولقد طور أسلوبه في التردي، فأخذ يهاجم إخوانه، الذين يرون بعض الإيجابية لمعارضيهم في الفكر، والمواقف السياسية، فهو ذو رؤية أحادية عمياء عن محاسن الآخرين، وكأنه يقول لإخوانه (مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ)!! فهل بعد كل هذا، يستبعد من مثل الطيب مصطفى، أن يسئ للاستاذ محمود محمد طه، دون ان يناقش افكاره، أو حتى يرجع قراءه الى مصادرها؟!
    كتب الطيب مصطفى تحت عنوان “بين التثاقل الى الأرض وفقه الولاء والبراء”



    (قبل يومين قرأت عن تصريح لحاج ماجد سوار الذي كان ذات يوم من الدبّابين فقال إنه تغيّر ولم يعد يؤيِّد الحكم بردة محمود محمد طه وأنه معجب بالجمهوري «القراي» المتيّم بشيخه محمود الذي نصب نفسه رسولاً ونقض عُرى الإسلام عُروة عُروة وأعفى نفسه من الصلاة بعد أن زعم أنه وصل وسقطت عنه «الصلاة ذات الحركات» التي لم تسقط حتى عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولست أدري والله من الذي تغيَّر محمود محمد طه وكاتب أجراس الحرية «القراي» أم حاج ماجد؟! نفس السؤال الذي وجهته من قبل للشيخ الترابي وهو يتوسط في مقر صحيفة أجراس الحرية محمد إبراهيم نقد وباقان بعد أن قاد ذات يوم حملة حل الحزب الشيوعي السوداني، فمن بربكم تغير الترابي أم نقد وباقان؟ إنها الهزيمة النفسية وهل تُستبدل الأمم وتبيد إلا عندما تسود ثقافة «إنا ها هنا قاعدون» وتهيمن روح التثاقل إلى الأرض والتهافت والهرولة نحو الأعداء حتى لو أعلنوا عن مشروعهم المصادم لديننا وأرضنا؟)(الإنتباهة 1/4/2011م) ولما كان صاحب (الإنتباهة) يلقي الكلام على عواهنه، ويخوض في الإتهامات الباطلة، دون أن يرمش له طرف، فلم يكلف نفسه عناء الرجوع لمؤلفات الأستاذ محمود، ليذكر لنا منها، كيف نصب نفسه رسولاً؟! وأين قال أن الصلاة سقطت منه؟! (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)!!


    أنظر الى قول كاتب “الإنتباهة” (ولست أدري والله من الذي تغيّر محمود محمد طه وكاتب أجراس الحرية القراي أم حاج ماجد؟) فإذا كنت رغم ما اوردت تقسم بأنك لا تدري، فلماذا لا تصمت، حتى يفتح الله عليك بالمعرفة، بدل ان تكتب وأنت على ما انت عليه من جهالة؟! وإذا كان حاج ماجد رغم ما قال، من قيادات المؤتمر الوطني، ومن (الدبابين)، ولا يزال يكلف بمهام في (دولة الإسلام)، لم تكلف بها أنت، بل ترفع درجته ويحط قدرك كل يوم، فلماذا لا تقتدي به حتى يصلح أمر دينك؟! وكيف تصفه بالهزيمة النفسية، والتثاقل إلى الأرض، والتهافت، والهرولة نحو الأعداء، وقد كان من (المجاهدين) بينما كنت انت دائماً من (القاعدين) غير ذوي الضرر!! وما قلته عن حاج ماجد قلته عن شيخك وشيخ زعمائك الترابي وفي عنقك له بيعة!! أتنكر عليه أن جلس الى نقد وباقان؟! ولا تنكر على من جلس الى قرنق وسلفاكير؟! إنه النفاق الذي يأكل قلبك (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ).


    يقول الطيب مصطفى (مما أثار دهشتي قبل أيام قليلة أن حواراً أُجري في «أجراس الحرية» مع أسماء محمود محمد طه ابنة ذلك الدجّال الذي يسميه بنو علمان والشيوعيون وصحيفة أجراس الحرية بالأستاذ ويحتفلون بذكراه السنوية وينصبون سرادق العزاء والتبجيل بينما يتجاهلون رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وعجيبٌ والله أن يحتفي هؤلاء بمحمود بنفس الصورة التي يحتفون بها بالهالك قرنق الذي يطلقون عليه صفة «الشهيد»!!) (المصدر السابق)


    أول ما تجدر الإشارة إليه في هذه العبارة المليئة بالجهالات، الحقد، والحسد، الذي ينطوي عليه الطيب مصطفى، في استنكارة ان تطلق كلمة (الأستاذ) على الأستاذ محمود محمد طه!! وهو رجل قد كتب أكثر من أربعين كتاباً، عن فكرته، وليس عن افكار الآخرين.. ولديه مئات التلاميذ ممن لا يصلح الطيب مصطفى، تلميذاً لأدنى واحد منهم!! وقد كُتبت رسائل الدكتوراة والماجستير بمختلف اللغات عن فكره.. ثم يقبل الطيب مصطفى، ان يعتبر هو أستاذ، وهو لم يُعرف، ولم يكتب شئ منذ ان تخرج من كلية الآداب بجامعة الخرطوم، والتحق كدارس بمعهد البريد والبرق ثم وصف نفسه بعد ذلك بأنه (مهندس)!! ثم ظهر بآخرة، بفضل حكومة الإنقاذ، واصبح بقدرة قادر مديراً للتلفزيون، ولأن من يصعد بغير حق، ينزل بحق، ولو بعد حين، فقد هبط الى حيث صحيفته هذه!!


    إن اجراس الحرية تذكر الاستاذ محمود، ود. جون قرنق، وتشيد بمواقفهم الوطنية المشهودة، وتحيي ذكرى استشهادهما، فهل يعني هذا التجاهل لرسول الإسلام؟! أم تريد أن تمتلئ الصحيفة بالمديح النبوي، الذي له اماكنه واوقاته؟! ولماذا لا تمتلئ صحيفتك أنت بمدح النبي الكريم، بدلاً من عصيانه يومياً، ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم (ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذئ)؟! ولكن الطيب مصطفى، يتساءل في بلاهة منكرة (سؤال أوجهه لأجراس الحرية: لماذا تهتمون بمحمود محمد طه بهذه الدرجة ولا تُبدون عُشر مِعْشار ذلك الاهتمام بالرسول صلى الله عليه وسلم أو من يسميه محمود بصاحب الرسالة الأولى؟! لماذا الاهتمام بمحمود الذي ما كُتب عن زيفه وضلاله في صحيفتكم يمكن أن يُجمع في كتب؟! هل لأنه نقض عُرى الإسلام عروة عروة؟! هل لأنه أسقط عن نفسه الصلاة التي قال إنها رُفعت عنه بالرغم من أنها لم تُرفع عن الرسول الأعظم حتى وفاته؟! هل لأنه مناضل كبير اعتُقل مرة واحدة فقط في حياته في سجون الاستعمار البريطاني للسودان بسبب قيادته مظاهرة تحتج على ـ ويا للهول ـ منع الإنجليز الختان الفرعوني!!)(الإنتباهة 27/4/2011)


    لقد أوضحنا افتراءات الطيب مصطفى فيما نسب للاستاذ دون ان يرجع الى كتبه مما يغني عن التكرار.. ومن ذلك زعمه بان الاستاذ محمود يقول عن النبي أنه رسول الرسالة الاولى!! ومن الكذب أيضاً قوله بان الاستاذ محمود قد أعتقل مرة واحدة!! والحق انه أعتقل عام 1946م، قبل حادث رفاعة، ثم أعتقل في نفس العام بسبب ثورة رفاعة، واعتقل عام 1976م بسبب كتاب “أسمهم الوهابية”، وأعتقل عام 1983م لحوالي عامين، واطلق سراحه لمدة سبعة أيام، ثم اعتقل مرة أخرى إعتقاله الأخير.. فكم مرة أعتقل الطيب مصطفى؟! وهل هناك رجل عاقل، يزايد على إعتقال شخص، لم يتهيب القتل نفسه في سبيل مبدئه؟! لقد كرر الطيب مصطفى أكثر من مرة، هذه الجهالة الجهلاء، بأن الأستاذ محمود عندما قاد ثورة رفاعة، كان يدافع عن الخفاض الفرعوني!! أسمعه يقول (في حوار أسماء محمود شنّت حملة شعواء على ختان الإناث وضحكتُ حين تذكرتُ أن والدها محمود سُجن من قِبل الإنجليز لا لأنه اتّخذ موقفاً وطنياً وإنما لأنه احتجّ على منع الاستعمار الإنجليزي ختان الإناث)(الانتباهة 1/4/2011م).

    لقد ذكرنا من قبل أن الجمهوريين أصدروا منشور الخفاض في ديسمبر 1945م، بينما كان حادث رفاعة في سبتمبر 1946م.. ومما جاء في منشور الخفاض (إن الخفاض عادة سيئة ولها مضارها المتعددة ولكن السودانيين كبقية الشعوب لهم عاداتهم الحسنة وعاداتهم السيئة والعادات السيئة لا تحارب بالقوانين وإنما بالتربية والتعليم والوعي) وجاء عن قانون منع الخفاض (واما القانون في حد ذاته فهو قانون أريد به إذلال النفوس وإهدار الكرامة، والترويض على النقائص والمهانة.. قل لي بربك أي رجل يرضى ان يشتهر بالتجسس على عرض جاره؟! وأي كريم يرضى ان يكون سبباً في ارسال بنات جاره أو صديقه أو عشيرته للطبيب للكشف عليهن؟! عجباً لكم يا واضعي القانون ان تستذلونا باسم القانون!! أومن الرافة بالفتاة ان تلقوا بكاسبها في أعماق السجن؟!)..


    فالاستاذ محمود لم يكن في حادث رفاعة يدافع عن الخفاض، وإنما أوضح رأيه ضد الخفاض من قبل هذا، ومع ذلك عارض قانون الخفاض، لأنه يعلم ان المستعمر ليس حريصاً على المرأة السودانية، وإنما كان يهدف به الى إذلال الشعب، ولهذا استغل القانون الجائر، ليقود ثورة شعبية ضد المستعمر.. يقول المؤرخ السوداني التيجاني عامر رحمه الله (الحزب الجمهوري: قد يكون هذا الحزب من اقدم الأحزاب السياسية بحساب الزمن وهو أول حزب صغير يعمل خارج نطاق النفوذ الطائفي باصرار بل بمناجزة وصدام واسمه يدل على المنهج الذي انتهجه لمصير السودان ومؤسس الحزب الجمهوري هو الأستاذ محمود محمد طه الذي كان من أبرز الوجوه الوطنية في مستهل حركة النضال…. وقد تعرض محمود للسجن الطويل في خصومات إيجابية مع الإنجليز منها حادث “الطهارة الفرعونية” في رفاعة وهو حدث اجتماعي رفعه محمود الى مستوى المساس بالدين والوطن)(الصحافة 16/4/1975م). فهل علم الطيب مصطفى بعد كل هذا أن ضحكه على الاخت أسماء محمود قد كان مجرد سذاجة؟!

    لقد سمى الطيب مصطفى مقاله السقيم هذا “بين التثاقل الى الأرض وفقه الولاء والبراء”!! ولو كان الطيب مصطفى خالي لاستعملت فقه البراء وتبرأت منه حتى لا يصيبني رذاذ من طيشه وجهالته!!
    د. عمر القراي.
                  

05-03-2011, 06:13 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    وليبقى هذا البوست مرصدا ومرجعاً للشباب الثائر ...تحياتي
                  

05-03-2011, 06:14 AM

عبدالرحمن الحلاوي
<aعبدالرحمن الحلاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 5714

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: عبدالرحمن الحلاوي)

    الترابي يدعو السودانيين للثورة ضد الفساد بعد إطلاق سراحه
    03/05/2011 04:56

    أطلقت السلطات السودانية الاثنين سراح زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض حسن الترابي بعد احتجازه لأكثر من ثلاثة أشهر، حسب ما أعلن احد مساعدي الترابي.

    وأعلن الترابي بعد إطلاق سراحه جهله بأسباب اعتقاله وإخلاء سبيله على حد سواء، مشيرا إلى أن أحدا لم يتحدث معه بشأن اعتقاله.

    ودعا الترابي الشعب السوداني للثورة ضد الفساد، مشيرا إلى أن الشعب السوداني ليس أقل من الشعوب العربية التي ثارت ضد حكامها، وأكد أن الأوضاع في السودان أسوأ من هذه البلدان.

    وتابع الترابي قائلا إن التغيير في السودان لن يكون سلميا على غرار ما حدث في مصر وتونس.

    وكانت قوات الأمن ألقت القبض على الترابي وثمانية آخرين من مسؤولي حزبه في يناير/كانون الثاني الماضي، بعدما دعوا إلى ثورة شعبية إذا لم تعالج حكومة الخرطوم التضخم في البلاد.

    واعتقل الترابي وأفرج عنه مرارا منذ انشقاقه عن حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس عمر حسن البشير قبل أكثر من 10 أعوام.

    وقال أمين العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الشعبي المعارض في السودان بشير آدم رحمة إن إطلاق سراح الترابي الاثنين لم يأت نتيجة أي حوار مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم.

    وأوضح رحمة لـ"راديو سوا" "أن إطلاق الترابي لا يدل على وجود حوار بين الحزبين إنما تم إطلاقه من المستشفى حيث كان طريح الفراش".

    ولم يستبعد رحمة اعتقال الترابي مجددا، خصوصا "في ظل القوانين المقيدة للحريات وإذا ظل النظام في وضعه السلطوي الحالي".
                  

05-04-2011, 10:38 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: عبدالرحمن الحلاوي)







    السودان وسياسة البقاء بالأزمات

    د. حيدر إبراهيم علي
    [email protected]

    يعيش النظام السوداني سلسلة ودوامة من الأزمات، يظن المراقبون أن كل واحدة منها كفيلة بإسقاط أي نظام في الظروف العادية، ولكن النظام يتجاوز كل التوقعات والتحليلات، بل يبدو وكأن الأزمات تحصنه، وما لا يقتله يقويه.

    ويمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، والقول بأن النظام صار يفتعل ويخلق الأزمات، لكي يوظفها في البقاء والاستمرار وشغل المواطنين. فقد توقع الكثيرون أن تكون محاولة اغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك في أديس أبابا عام ‬1995، هي قاصمة الظهر للنظام، ولكنه تجاوز الإدانات والمقاطعات والقصف وهجمات المعارضة المسلحة.

    ثم جاء الخلاف مع عراب المشروع الشيخ حسن الترابي، نهاية ‬1999؛ أو ما اصطلح على تسميته «المفاصلة»، التي أدت إلى الانقسام بين حزب المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي. وتوقع البعض تكرار تجربة اليمن الديمقراطي منتصف ثمانينات القرن الماضي، حين تمت تصفيات دموية بين الرفاق. وتحولت الأزمة الكبرى إلى مناوشات ومطاردات صغيرة مستمرة، يحركها النظام حين يريد. ثم جاءت مفاوضات السلام الماراثونية حتى وقعت اتفاقية السلام الشامل ‬2005. وكانت الفترة الانتقالية نموذجاً للنكد والمنغصات بين الشريكين، مليئة بالمشكلات حتى انتهت بالانفصال مطلع هذا العام. وفي هذه الأثناء لم تتوقف الخلفية العنيفة لأحداث دارفور الكارثية.

    ظنّ السودانيون أنهم قد طووا صفحة الحروب والاقتتال والدمار، وسيبدأ عهد التنمية والبناء مع عهد اتفاقية السلام الشامل. أمّا النظام فقد كان يعول كثيرا على توقيع الاتفاقية وإيقاف الحرب، وبالتالي قدم تنازلات كبيرة وقبل باتفاق مليء بالعيوب والثقوب، إذ كان يرى في وقف الحرب إرضاء للغرب الذي وقف باستمرار مؤيدا لمطالب الجنوبيين القومية. وحين بدأت المفاوضات التمهيدية المبكرة، كانت العقوبات الاقتصادية ضد النظام في السودان قد بدأت. لذلك، ولدت مبكرا علاقة ما سمي بالجزرة والعصا في السياسة الأمريكية أو الغربية عموما، تجاه السودان. ومن الطبيعي أن تفهم كل سياسات النظام الخارجية تجاه مسألة الجنوب، في إطار الترهيب والترغيب أو مدى خدمة تلك السياسة لعملية القرب أو البعد من أمريكا والغرب.

    ومن هنا يمكن أن نفهم التصعيد الحالي بشأن وضعية أبيي المتنازع عليها. فقد كان النظام السوداني يتوقع أن تسارع الولايات المتحدة الأميركية برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإلغاء العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية، بعد أن أجري الاستفتاء بطريقة رضي عنها المراقبون الغربيون، ثم قبل بنتيجة الاستفتاء التي صوتت لخيار الانفصال، محتملاً النقد وتهمة التفريط في وحدة الوطن، فقد كان في انتظار مكافأة أعظم من تلك التضحيات، ولكن الولايات المتحدة منذ يناير ‬2011 تجاوزت الجنوب واتفاقية السلام الشامل، وشرعت في التركيز على دارفور.

    أراد الرئيس السوداني في خطابه الأخير في جنوب كردفان، أن يبعث برسائل مغلّظة تهدد بالحرب وإخضاع الجنوب، مذكرا الجنوبيين ببلائه القديم في حروبه ضدهم. ويأتي تهديد البشير، رغم الشعار المرفوع: لا عودة للحرب!

    بداية لا بد من التوقف عند توقيت الزيارة نفسها، إلى جنوب كردفان وأهدافها. فقد زار الرئيس البشير الولاية التي ستشهد في الأيام القليلة القادمة، انتخابات لاختيار الوالي ونائبه والبرلمان الإقليمي، ضمن بروتوكول المشورة الشعبية. وتتنافس على منصب الوالي شخصيتان مثيرتان للجدل؛ أحمد هارون، مرشح حزب المؤتمر الوطني الحاكم والمطلوب دوليا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بالإبادة الجماعية في دارفور. ولذلك لم يكتف الرئيس بزيارة نائبه علي عثمان محمد طه للمنطقة وقيامه بحملة انتخابية واسعة لصالح هارون، بل جاء بشخصه، لأن فوز أو فشل هارون له دلالات رمزية تطال النظام والرئيس معاً. ففي فوزه إسقاط بالتصويت الشعبي لتهمة المحكمة الجنائية، بينما يعني سقوطه التصويت بتسليمه ومحاكمته، والتأييد غير المباشر لقرار المحكمة الجنائية. فالانتخابات تتجاوز كادوقلي والدلنج إلى لاهاي، لذا لا تتحمل المسألة أي تفريط أو تساهل. ومن جانب آخر، يعني فوز عبد العزيز الحلو، مرشح الحركة الشعبية لتحرير السودان، وجود ولاية للحركة الشعبية في السودان الشمالي، بعد انفصال الجنوب. وهذا وضع معقد يجعل الاستقرار شبه مستحيل، خاصة في حالة إصرار حكومة الجنوب ـ مستقبلاً ـ على ضم أبيي.

    ومن الواضح أن الطريقة التي خاطب بها الرئيس البشير الجنوبيين، تقع ضمن سياسة إدارة الحكم بالأزمات، فهذا تجديد لأزمة أبيي في مرحلة لا تتحمل الحديث أو التهديد بالحرب ولو هزلاً، ولكن من الواضح أن النظام السوداني ما زال يرى حقبة السلام بعقلية الحرب، أو بلغة أدق عقلية القوة والعنف، حتى إن لم تصل درجة الحرب. فقد قدم الرئيس في خطابه بجنوب كردفان، خياراً يفسر مجمل سياسات النظام، حين قال: إما صندوق الانتخابات أو صندوق الذخيرة! فالمسافة شديدة القرب بين الصندوقين لدى النظام.

    وللأسف، تتحدث المصادر عن حشود ضخمة على حدود أبيي، وزاد الحديث عن «شمالية» أبيي بين المسؤولين الشماليين وفي وسائل الإعلام الرسمية. وهكذا يبلغ النظام السوداني الدول الغربية، بأن اتفاقية السلام الشاملة ما زالت ناقصة، وأن دوره لم ينته بعد، خاصة وأنه لم ينل أي مقابل.

    ولكن السؤال؛ ما مدى فاعلية هذا السلاح، أي افتعال الأزمات، في مواجهة الغرب؟ أخشى أن يكون السودان مع التحولات التي اجتاحت المنطقة، قد فقد كثيرا من أهميته دون أن يدرك ذلك. يضاف إلى هذا ضيق مساحة المناورة التي يلعب فيها النظام، بعد أن تنازل عن كثير من أوراقه حتى قبل الانفصال. ولم يعد التراجع مجدياً وسياسة حافة الأزمة غير فعالة؛ فهل لدى النظام السوداني القدرة على الدخول في حرب مجددا في الجنوب، وهو الذي لم يستطع حسم دارفور عسكريا منذ ‬2003؟ لقد كان الجلوس إلى مائدة المفاوضات من البداية دليلاً على أننا أمام طرفين ـ الحركة الشعبية لتحرير السودان، والنظام السوداني ـ منهكين وغير قادرين على الحرب، ولكن على إثارة التوتر.

    ورغم أن النظام استطاع أن يعيش على إنتاج الأزمات، إلا أن هذه السياسة سلاح ذو حدين؛ فمن المعروف أن التصعيد في أي أزمة يولّد أجنحة متشددة، وأخرى معتدلة. وهذا برز في السودان في الأيام الأخيرة، وأدى إلى معركة نافع علي نافع وصلاح قوش، التي انتهت بإعفاء الأخير وتقوية الجناح المتشدد بلا منازع، لكن من الخطأ الظن بوجود خلاف في جوهر سياسة إنتاج الأزمات، وإنما الخلاف في الأسلوب والممارسة

                  

05-10-2011, 06:41 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    هل بدأت انتفاضة السودان من الشمال؟
    د. عبدالوهاب الأفندي
    2011-05-09

    القدس العربى


    في اليوم الذي دخلت فيه القوات السورية المسلحة إلى مدينة درعا الباسلة، نشرت عدة صحف سودانية بياناً يحمل عنوان 'المذكرة رقم 1'، هو عبارة عن خطاب موجه لرئيس الجمهورية السوداني المشير عمر حسن أحمد البشير من ممثلي ضحايا سد مروي. وقد ذكر البيان الحكومة السودانية بأنها لم تف بوعودها المتكررة بحل مشكلة آلاف الأسر التي شردها السد وما زالت بدون مأوى، وبدون تعويض عن المنازل والمزارع التي أغرقت، وبدون مدارس ومستشفيات وأي خدمات أخرى، بما في ذلك الماء والكهرباء والطرق.
    ولا شك أن نشر خطاب موجه لرئيس الجمهورية في الصحف، وعلى شكل إعلان مدفوع الأجر، وتحت مسمى المذكرة رقم 1، يحمل في طياته دلالات لا تخفى. أول الدلالات أن الخطاب لم يكن موجهاً للرئيس ولا لحكومته، بل لعموم الشعب السوداني للتذكير بمأساة طالت فصولها أعواماً، في إشارة كذلك إلى أن الحكومة، مثل نظيراتها لا تسمع ولا تفهم إلا بعد ضحى الغد.


    وكان رئيس الجمهورية لقي استقبالاً حسناً حين زارالمنطقة المنكوبة وشهد بأم عينه وضعها الكارثي والمأساة الإنسانية الماثلة في آلاف الأسر التي تفترش العراء. ولم تكن تلك كارثة تسببت فيها السيول أوالعواصف، بل قيام مسؤولي السد بإغلاق بواباته بدون إنذار، وفي وقت علموا فيه أن محاصيل أهل المنطقة وثمار بساتينهم قد أينعت وحان قطافها. ولكنهم أغرقوها مع ذلك تشفياً وعقوبة، مما أدى إلى أن تواجه المنطقة شبح المجاعة، وأن تنفق كل الحيوانات تقريباً، حيث لم يعد هناك طعام يكفي حتى البشر. عندها أعلن الرئيس تأثره، ووجه بتقديم معونات عاجلة للمتضررين. كان هذا في مطلع عام 2009، وما تزال تلك المعونات 'العاجلة' في الطريق لم يصل منها شيء للمواطنين حتى اللحظة. كيف وهناك أمور أكثر إلحاحاً من إطعام من قطعت الحكومة رزقهم، مثل الانتخابات أو تمويل متمردي تشاد.


    المؤلم هو أن الحكومة عاملت وتعامل أهل المنطقة بأسوأ مما عاملت به أهل دارفور، ضحايا الكارثة الأخرى التي اجترحتها. فعلى الأقل في دارفور سمحت الحكومة للمنظمات الطوعية الدولية بالوصول إلى المنطقة وإغاثة المتضررين. أما في دار المناصير وبقية مناطق متضرري سد مروي، فإنه محرم على أي منظمة إغاثية أن تصل، كما أن هناك تعتيماً إعلامياً مقصوداً على المأساة الإنسانية فيها. وثالثة الأثافي أن أموالاً طائلة تصرف على دعاية تصور الحالة بغير ما هي عليه. وكنا قد اتصلنا بعدد من المنظمات العاملة في السودان حين أغرقت المياه المساكن وشردت السكان للمساعدة في تقديم العون العاجل للمتضررين، ولكنها كلها رفضت بحجة أنها تخشى أن تتعرض للطرد إن قامت حتى بتقديم مساعدات غير مباشرة للمتضررين. تذكرنا حينها حديث المرأة التي دخلت النار لأنها حرمت القطة من الطعام.


    المذكرة إذن لم تكن موجهة للرئيس، لأن سيادته إما أن يكون على علم بأن التوجيهات التي أعلنها قبل أكثر من عامين، وقبل ذلك أكثر من اتفاقية أشرف عليها شخصياً مع المتضررين، لم ينفذ منها شيء، وإما أن يكون عن ذلك غافلاً. وفي الحالين المصيبة كبيرة، والموعظة غير ذات نفع. وعليه فإن المذكرة كانت من جهة خطاباً للرأي العام حول استمرار المأساة التي يصورها الإعلام الحكومي على أنها إنجاز عظيم، حيث تم تشغيل السد بالكامل منذ العام الماضي وأصبحت الكهرباء تدر على الحكومة دخلاً طائلاً، وتساعد في دفع عجلة التنمية. ومن جهة أخرى كانت المذكرة إعلاناً عن نفاد صبر المتضررين واستعدادهم للتصعيد بعد أن صبروا طويلاً ولم يستجب لمطالبهم، وهي مطالب تتعلق بضروريات الحياة من مسكن ومعاش وصحة وتعليم.
    وبالفعل فإنه لم يكد يمر أسبوع على نشر المذكرة حتى قام الآلاف بتنفيذ اعتصام في عاصمة الإدارة المحلية للمنطقة، وهو اعتصام يعتبر الأول من نوعه في السودان، ويكتسب أهمية كبرى في عصر الثورات العربية، وقد استمر لمدة ثلاثة أيام بدءاً من الثلاثين من نيسان/أبريل. وقد سلم المتظاهرون كذلك مذكرة للمعتمد يؤكدون فيها على مطالبهم، وهددوا بنقل الاعتصام إلى عاصمة الولاية إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم قبل 21 من الشهر الجاري، ثم إلى المركز والعاصمة الخرطوم.


    ويذكر أن أهالي المنطقة والمتضررين من السد عموماً قد طوروا أساليب النضال السلمي بمهارة فائقة منذ بداية الأزمة، واستطاعوا عبر حشد وتعبئة الجماهير تحقيق انتصارات مرحلية، رغم محاولات متكررة للقمع وإفراغ الاحتجاجات من مضمونها. ففي نيسان/أبريل من عام 2006 قامت جهة مجهولة (معلومة) بالهجوم على محتجين سلميين في مدرسة أمري، وأطلقت النار عليهم وهم يتناولون طعام الإفطار، فقتلت ثلاثة أشخاص وجرحت تسعة. القوات التي جاءت على سيارات لاندكروزر على طريقة كتائب القذافي لم تكتف بهذا، بل قامت باعتقال من نقلوا الجرحى إلى المستشفى، كما فتحت بلاغات ضد الجرحى! ورغم ذلك، وبعد مرور خمس سنوات على هذا الحادث، ما تزال الجريمة البشعة مقيدة ضد مجهول، رغم فتح تحقيق رسمي فيها. وفي هذا حجة دامغة ضد من يقولون بأن العدالة السودانية قادرة على إنصاف ضحايا العنف بدون الحاجة إلى تدخل دولي. فإذا كانت الدولة غير قادرة أو راغبة في تحديد الجهة التي قتلت متظاهرين سلميين في وضح النهار، وعلى مسمع ومرأى من آلاف الشهود، في منطقة لا يوجد فيها قتال ولا ميليشيات، وبعد خمس سنوات من الحدث، فأي فرصة هناك لضحايا دارفور؟



    بعد هذه الحادثة بأشهر، حاولت قوة ضخمة - معروفة الهوية هذه المرة- من الكتائب الأمنية الدخول إلى المنطقة والانتشار فيها لفرض قرار إخلائها، ولكن عدة آلاف من المواطنين العزل من كل سلاح أحاطوا بها وحاصروها في منطقة جبلية ولم يتراجعوا حتى توسطت قيادات أهل المنطقة وأقنعتهم بإخلاء سبيل تلك الوحدات على أن تغادر المنطقة إلى غير رجعة. الطريف أن الحكومة كافأت القيادات التي توسطت لفك أسر قواتها باعتقالهم جميعاً، واجتمع رئيس جهاز الأمن (المخلوع الآن) صلاح قوش مع من بقي من ممثلي الأهالي، وهددهم بتصعيد القمع وزيادة الاعتقالات ودخول المنطقة دخول الفاتحين، فلم تجد تهديداته شيئاً. اضطرت الحكومة بعد ذلك إلى الدخول في مفاوضات والاستجابة إلى بعض المطالب، بما في ذلك إطلاق سراح المعتقلين. ولكن سرعان ما ظهر أن الجهات المسؤولة كانت تراوغ لكسب الزمن، لأن شيئاً مما تعهدت الحكومة به لم ينفذ رغم التوقيع على أكثر من اتفاقية، حتى جاءت زيارة الرئيس إلى المنطقة في مطلع عام 2009 وتجديد التعهد بتنفيذ ما اتفق عليه، وهو ما لم يحدث حتى هذه اللحظة.


    ويعود السبب في إخلاف الوعد المنهجي هذا إلى تركيبة النظام القائم وعلاقة مراكز القوى فيه. فبخلاف الأنظمة الانقلابية التي تهدف إلى الاستيلاء على الدولة واستخدامها لتحقيق أهدافها السياسية، فإن النظام الانقلابي ظل في حالة حرب مع الدولة وأجهزتها حتى بعد الاستيلاء عليها. وإذا كان لهذا الوضع تبريراته في الفترة التي شهدت ازدواجية القيادة ووجود مراكز القوى الحقيقية خارج إطار الدولة، فإن الإشكالية تحولت إلى إدمان حتى بعد التخلص من تلك المراكز. وهكذا صممت كثير من المؤسسات ليس على أنها جزء من الدولة، بل على أنها جهات خارجة عن سلطانها، بل ومتآمرة ضدها. فهناك مؤسسات سرية حتى في داخل الأجهزة السرية، وأحزاب داخل الحزب، ووزارات داخل الوزارات. وقد تجسدت هذه الطبيعة الملتبسة في أجلى صورها فيما سمي بوحدة السدود، والتي منحت امتيازات تجعلها غير تابعة لأي مؤسسة في الدولة، ومحصنة من المساءلة من أي جهة.
    لهذا السبب فإن أهل المنطقة البسطاء الفقراء والعزل وجدوا أنفسهم في مواجهة مع منظمة سرية أشبه بعصابة مافيا، وليس مع مؤسسات دولة.


    هذه الهيئة لها قوات خاصة بها، وأموال طائلة تفضل استخدامها في شن الحرب على المواطنين بدلاً من تقديم التعويضات لهم. حتى التعويضات نفسها استخدمت كوسيلة للفساد والإفساد وشق الصفوف عبر الإغداق على من ينصاعون لإملاءات العصابة وابتزاز الآخرين بالحرمان والتجويع. فخلال الأعوام الماضية صرفت الوحدة الملايين في تعويضات لأشخاص ليسوا من أهل المنطقة أصلاً، وعلى الإعلانات في الصحف (وأيضاً الضغط عليها حتى لا تنشر شكاوى المتضررين) والتلفزة، وتنظيم رحلات يومية للمئات، بل الآلاف، لزيارة السد كأنه حائط الصين العظيم، أو أول سد بني في العالم (رغم أن هناك ثلاثة سدود أخرى قائمة في البلاد). ولا تخضع أوجه الصرف هذه لمراجعة من أي جهة للبحث في جدواها، رغم أن الوحدة إياها اقترضت مليارات الدولارات من الخارج ستثقل كاهل البلاد لعقود قادمة.
    وفي الوقت الذي يستمر فيه هذا الصرف البذخي على السياحة المجانية والإعلانات، يتضور المواطنون جوعاً عند حافة البحيرة بعد أن تعمدت الوحدة إهلاك الزرع والضرع.
    ففي آخر زيارة لي للمنطقة قبل عامين، شهدت الطلاب يجلسون للامتحانات في مدرسة مهددة بالغرق في أي لحظة، وقد التهمت المياه المركز الصحي المجاور لها. وقد بلغ الفقر من بعض شرائح المجتمع حداً أنهم كانوا يغلون الذرة لإطعام أطفالهم بعد أن تبرع لهم بها البعض، لأنهم لا يملكون أجرة طحنها. ولم يجد حديثنا مع المسؤولين وقتها نفعاً، حيث أن والي الولاية وقتها رفض أن يقدم الإغاثة العاجلة للمواطنين المتضررين رغم تسلمه المبلغ الذي وعد به رئيس الجمهورية، زاعماً أنه سيستخدم المال لبناء المدارس والمستشفيات، وهي أمور لم تكن تحتاج لتدخل رئيس الجمهورية لأن بناء المدارس والمراكز الصحية للمهجرين من واجبات الدولة أصلاً، وإنما القضية الملحة كانت أن الناس كانوا يهلكون جوعاً.
    عليه كان لا مناص من أن ينفجرغضب المتضررين ويفيض بهم الكيل، فتشتعل ثورتهم. ولعلهم في هذه الحالة يلعبون دور البوعزيزي في تونس، وأهل البيضاء في ليبيا وأهل درعا في سورية، فيشعلون الانتفاضة التي طال انتظارها.
    وكنت قد نوهت في بداية أمر هذه الأزمة مذكراً بأن أول انتفاضة سودانية أطاحت بنظام عسكري، وهي ثورة أكتوبر المجيدة في عام 1964، ساهمت فيها إلى حد كبير ثورة أهلنا النوبيين الذين تعرضوا للتهجير بعد بناء السد العالي. وعلى الرغم من أن المهجرين وقتها تم تعويضهم وإعادة توطينهم، إلا أنه كانت لهم اعتراضات مشروعة على التهجير إلى مناطق قصية في شرق البلاد، وأمور أخرى تتعلق بالتعويضات وحجمها.
    وقد كانت احتجاجات النوبيين ومظاهراتهم الغاضبة هي التي أبقت جذوة النضال ضد حكم الفريق ابراهيم عبود مشتعلة في وقت هدأت فيه التحركات السياسية بعد عام 1961، وكان النوبيون في طليعة ثورا أكتوبر، حيث أصبح ه########م: 'يسقط، يسقط بائع وطنه'، هو هتاف الجماهير المفضل.


    والمأمول هو أن تتنزل بركات على أهل السودان من نضال ضحايا مافيا وحدة السدود الذين لم تلن لهم قناة وهم يطالبون بحقوقهم، ولم يهزهم الابتزاز والتجويع والتهديدات. ولا شك أن الجماهير الرافضة لمشاريع سد كجبار وسد الشريك لن تتخلف عن الركب بعد أن رأت أن السدود تحت نظام مراكز القوى السرية القائم هي كارثة بيئية واجتماعية واقتصادية إثمها أكبر من نفعها بكثير على أهل المنطقة.


    في بداية حملته الانتخابية لمنصب الرئاسة في مصر، أعلن عمرو موسى أن من أولوياته إنصاف أهل النوبة في مصر وإيفاءهم حقوقهم. وفي هذا آية لمن اعتبر، وتذكيراً بأن الحقوق لا تضيع وإن طال الزمن، وأن الظلم قد يصبح ظلمات في الدنيا كما هو ظلمات يوم القيامة، وأسألوا أخاكم حبيب العادلي، خفف الله عنه. ولعل الدرس الأبلغ أن أقصر الطرق لنيل الحقوق هو التحرك لإسقاط أنظمة البغي والظلم. ونحن ندعو أهلنا في محلية البحيرة ألا ينتظروا الأجل الذي ضربوه حتى يصعدوا، فقد انتظروا ما فيه الكفاية، وألا ينفردوا بهذا الشرف العظيم، وهم أهله. والرأي أن يدعوأ كما فعل شباب الثورة في مصر إلى يوم مشهود يتداعون إليه وكل رافض للظلم من أفراد الشعب السوداني، في ساحة اعتصام في قلب العاصمة السودانية، يكون فيها الحسم، وتقطع فيه جهيزة قول كل خطيب.

    ' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن

                  

05-10-2011, 08:33 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    شخصيات بارزة وأحزاب سودانية عديدة تعلن تأييدها للفقى وتعتبر تبريرات حزب البشير لرفضه واهية /أسماء الحسينى
    منذ 3 ساعة 33 دقيقة


    أسماء الحسينى


    خلافا للموقف الرسمى السودانى الرافض لترشيحه أمينا عاما للجامعة :

    شخصيات بارزة وأحزاب سودانية عديدة تعلن تأييدها للفقى وتعتبر تبريرات حزب البشير لرفضه واهية

    الأكثر فهما لقضايا السودان ومتطلبات المرحلة ويمكن أن يساهم فى نقل الجامعة للتعبير عن الشعوب


    كتبت –أسماء الحسينى :


    خلافا للموقف السودانى الرسمى الذى سارع مبكرا للإعلان عن رفضه مرارا وتكرارا لترشيح الدكتور مصطفى الفقى مرشح مصرلمنصب الأمين العام للجامعة العربية بزعم مواقفه المعادية للسودان ،أعلنت قيادات وشخصيات سودانية بارزة تأييدها وتقديرها لترشيح الدكتور مصطفى الفقى الذى قالت عنه أنه الأعمق فهما للقضية السودانية و تعاطيا معها والأكثر جدارة بالمنصب ،وأعربت هذه القيادات عن عميق أسفها لموقف حزب المؤتمر الوطنى الحاكم من الفقى لمجرد تعبيره عن موقفه الساخط تجاه السياسات التى أدت لفصل جنوب السودان ،وتهدد البلد كلها بالتمزق ،وأكدت أن الشعب السودانى و كل القوى السودانية تقف معه،وأن التبريرات لرفضه واهية ومستفزة .


    وقال مبارك الفاضل المهدى القيادى البارز بحزب الأمة السودانى ومساعد الرئيس سابقا :إن الدكتور مصطفى الفقى هو أحد أبرز المثقفين المصريين والعرب المستنيرين وصاحب رأى حر ،وماقاله بمسئولية حزب المؤتمر الوطنى الذى يترأسه الرئيس السودانى عمر البشير عن إنقسام السودان كان فيه تقييم صحيح وشجاع لماحدث ،وقال :إن الموقف الذى اتخذه حزب المؤتمر الوطنى السودانى الحاكم الذى يقود جناحا من حركة الإخوان المسلمين من الفقى هو أولا موقف حزبى عقائدى لاصلة له بالسودان والدولة السودانية أو الشعب السودانى ، ،وقال :إن النظام فى السودان وجد فى ذلك فرصة لكى يخرج من حرج عدم مساندة المرشح المصرى لأنه لديه إرتباط ومصالح مع دولة قطر التى يلجأ إليها فى كثير من المعونات الإقتصادية والمالية كلما دخل فى أزمة ،وقد حصل مؤخرا عدة مرات على معونات منها ،وبالتالى هو لايستطيع أن يتجاوز المرشح القطرى .


    وأكد المهدى أن كل أهل السودان فى حزب الأمة والقوى السياسية بصفة عامة تؤيد ترشيح الفقى ،وتؤيد مواقفه الجريئة وقدراته ،بل وترى فيه شخصية تستطيع أن تساهم فى نقل الجامعة من كيان يتحدث فقط بإسم الحكومات إلى جامعة تحاول أن تطور نفسها لتعبر عن الشعوب ولتصلح هذه الحكومات ولتحترم حقوق الشعوب وحقوق الإنسان العربى وتعمل على تطويره ،لا أن تتابع فقط دعم الحكومات والحكام.
    أما الدكتور حسن الترابى زعيم حزب المؤتمر الشعبى السودانى فقد وصف الفقى بأنه مفكر له قيمة وتأثير ،وقال المحبوب عبد السلام مساعد الترابى إن الحكومة السودانية ترفض ترشيح الفقى لأنها مرتبطة بالتصويت لصالح المرشح القطرى ،وأضاف أنه يعتقد أن الفقى مفكر وأنه حر فى التعبير عن رأيه ،ولكن النظام السودانى يعتبر الرأى والفكر جريمة ولايستطيع التعايش مع رأى مخالف ،وقال المحبوب عبد السلام إن الفقى عندما يتولى منصب الأمين العام للجامعة العربية خير من يعرف متطلبات المنصب ،ووصف الموقف السودانى الرافض له بأنه غير موفق ،لأن الفقى سيعطى الجامعة وزنا لأنه مفكر وسياسى وكاتب ويستطيع أن يتعامل مع متطلبات المرحلة بعقله الكبير ومستواه المشرف ،وخير من يخدم القضية السودانية .


    ومن جانبه أكد على محمود حسنين رئيس الجبهة السودانية العريضة المعارضة أن الدكتور مصطفى الفقى مثقف مستنير رفيع المستوى ،ومن أكبر القيادات المصرية تفهما للقضية السودانية ،كما أنه يتمتع بالشجاعة فى إبداء الرأى ،وقال إن كلامه الذى عابته عليه الحكومة السودانية بأن النظام الذى يحكم السودان حاليا هو أسوأ نظام مر على السودان وأنه سبب تمزيق وحدة البلد وإنفصال جنوب السودان يعبر عن وعى كبير ،ولكنه يعيب عليه إعتذاره الأخير للحكومة السودانية ،ويأمل ألا يكون مانقل عنه فى هذا الشأن صحيحا
    ومن جانبه قال حاتم السر القيادى البارز بالحزب الإتحادى ومرشحه للرئاسة فى الإنتخابات الماضية :إن مصطفى الفقى هو الأمين العام الذى إنتظرته الجامعة العربية طويلا ،وأكد أن الفقى مفكر قومى ومثقف عربى ودبلوماسى عريق وسياسى مخضرم وتوليه لقيادة الدبلوماسية العربية كفيل بفتح الطريق أمام الجامعة العربية لتحتل المكانة اللائقة بها ولتقوم بدورها الطليعى فى هذه المرحلة من تفعيل للتحول الديمقراطى فى البلدان العربية وصيانة للحقوق والحريات ودعم للعلاقات العربية العربية ومعالجة للفقر والبطالة ومحاربة لسيناريوهات تقسيم وتفتيت الدول العربية التى ابتدأت بالسودان واتجهت الى العراق وليبيا واليمن.


    والدكتور الفقى أفضل من يقود الجامعة العربية فى هذه المرحلة لمواكبة التطورات الجديدة فى المنطقة العربية واغتنام رياح الانتفاضات والثورات العربية وتحريك ركود وجمود الجامعة وتغيير صورتها النمطية والأخذ بيدها وانتشالها من وهدتها التى كانت محل استياء كل الشعوب العربية
    ووصف موقف السودان الذى اعترض عليه أبسط ما يمكن أن يوصف به أنه متناقض ومتضارب للحكومة السودانية و خليط غريب من السطحية فى التناول والمسارعة بالكيد السياسي والإيغال في مناكفة غير منطقية لمصر ،وقال :إن موقف الخرطوم حيال الفقى تم بصورة مغايرة للأعراف السودانية الراسخة ومتنافية مع المواقف التاريخية للسودان المعروفة بالانحياز للشقيقة مصر ودعمها على الدوام.


    وأضاف :أن المثير للدهشة والاستغراب هو استعجال حكومة السودان فى إطلاق التصريحات المستفزة وإصدار البيانات المعادية لمرشح مصر، والمغالاة في رفضه دون مراعاة لابسط قواعد الدبلوماسية التى تقتضى أول ما تقتضى التأنى والتقصى قبل إصدار البيانات وإعلان المواقف خاصة فى المسائل والقضايا التى تهم كل الشعب والتى يفضى التسرع فى التعامل معها إلى جر البلاد إلى مشكلات تتعدى أضرارها من أطلقوها الى الأمة بأسرها وتكلف جهدًا ووقتا ثمينا لاحتواء آثارها الضارة وتداعياتها السلبية ،وأضاف أن هذا الموقف أمر محزن ومشين ويندى له الجبين ويضاف إلى سجل الاستعجالات الارتجالية التي ظلت تمارسها الدبلوماسية السودانية في الفترة الأخيرة.


    وقال :إن التسرع والعجلة فى إصدار مواقف غير مدروسة برفض مرشح مصر يمثل أبرز مظاهر الفشل الدبلوماسى والسطحية السياسية، وفي هذا الإطار يأتي أيضًا التبرير المخجل الذي تم صياغته إذ لا يعقل أن تبرر حكومتنا –هداها الله- اعتراضها على الدكتور الفقى لمجرد كونه كتب او قال رأياً لم ينل رضا قيادات الحكومة السودانية أو حزبها الحاكم، فيذهبوا مباشرة الى وصمه وتصنيفه على أنه صاحب مواقف عدائية ضد السودان "كل السودان" و كل ذنبه انه كمفكر عربى وكاتب قومى ومثقف مصرى سبق له ان حمل حكومة السودان مسؤولية أنفصال الجنوب وعبر عن موقف داعم لوحدة السودان ورافض لتفتيته، والسؤال الذى يطرح نفسه بالحاح شديد :هل يستحق الدكتور مصطفى الفقى الثناء والشكر على ما قاله بمنتهى الوضوح والشجاعة والمباشرة بشأن وحدة السودان من منطلق الحب للسودان والحرص على وحدة ترابه، أم يستحق الجفاء والعداء والضرب ،وقال :إننا ندعو الحكومة السودانية بإخلاص أن تكف عن الخوض فى تناول هذا الملف الحساس حفاظا على المصالح المشتركة لشعب وادى النيل العظيم، واحتراما لروابط الجغرافيا والتاريخ بين البلدين الشقيقين.


    وأوضح السر أن التبريرات لموقف الحكومة السودانية الرافض لمرشح مصر والفوضى الواضحة فى تعاطيها مع هذا الملف يعكس عدم فهم القائمين على هذا الأمر ويفضح جهلهم بأبجديات العلاقات الخارجية وقالوا :إنه "معادى"للسودان على حسب زعمهم وكأن السودان هو "حزب المؤتمر الوطنى. ".وأكد السر :لو كانت الشعوب هى التى تختار المرشح وليست الحكومات المصادرة لحريات شعوبها والمكممة لأفواهها لكان شعب السودان فى مقدمة الشعوب المؤيدة للدكتور الفقى وانا على يقين بان الرجل يعرف جيدا بان الشعب السودانى الذى يبجل العلماء ويقدر المفكرين ما كان له ان يتأخر عن تأييده ولن يبخل عليه بالصوت الذى يستحقه عن جدارة وحاشاه أن يحجب عن الدكتور الفقى الثقة التى هو أهل لها، فالرجل على تواصل مع القوى السياسية السودانية وتربطه علاقات أخوية مع رموزها وهو بتاريخه العلمى والوظيفى والفكرى والثقافى وبكفاءته وشجاعته يستحق التقدير والاحترام لا الحسد والحقد والبغضاء و العداء الذى بدأت تمارسه ضده الدبلوماسية السودانية بلا اسباب وبلا مبررات،وقال :إننا نرجو ونأمل أن يتجه الدكتور الفقي إلى السودان بلد أهله وأحبابه ويلتقي بكل الفعاليات، بما فيها المؤتمر الوطني، وحينها سينكشف من رفض الدكتور الفقي
                  

05-12-2011, 10:12 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)



    هبوط اضطراري (3)
    حنان بدوى


    في زمنٍ سالفٍ كانت الدبلوماسية السودانية مضرباً للمثل، في وقتٍ كان كلُّ شيءٍ فيه منتظماً مع انتظام المجتمع السوداني، وكانت الدبلوماسية منتظمة مع إيقاع المجتمع... ومع أخلاقه... ومع أهدافه... كانت تنظر للعالم الآخر كشريك، لا كعدو.. وركبت السياسة السودانية (بكلِّ أمراضها) في زمانٍ ما في طائرة الدبلوماسية، كانت بجانب أمراضها تحمل أثقالاً من (المفاهيم الخاطئة)، ثمّ انتقلت من مقاعد الرَّكاب إلى مقعد كابتن الطائرة... وصارت تدير العمل الدبلوماسي من خلال مفاهيم سياسية موغلة في النظر لما تحت الأفق، مفاهيم لا تستوعب معها تغيرات الخارج ولا متطلبات التوازن بين مصالح الداخل والخارج... ففقدت الطائرة توازنها، وظلت تتأرجح في الأجواء العالمية ردحاً من الزمان... حتى اضطرت للهبوط الاضطراري بعد تسعينيات القرن الماضي، بعد أن تنحت الكوادر الدبلوماسية مفسحة المجال لطاقم آخر... أورث السودان عُزلة عالمية... مازالت آثار جروحها وندوبها بادية على الوجه الوطني الوسيم.


    المفاصلة.. جراب الحاوي


    ومثلما كان لانشقاق الإسلاميين آثاره الإيجابية على الانفراج السياسي والدبلوماسي، إلا أن هناك آثاراً سالبة على الاستقرار والأمن في البلاد تجسّدت في تعقيد أزمة دافور وتدويلها على خلفية اتهام المؤتمر الوطني للمؤتمر الشعبي بتأجيج الأزمة؛ نظرة العالم الخارجي للمؤتمر الوطني باعتباره أكبر مهدد أمني لمصالحها، وقد يرجع ذلك إلى دقة تنظيمه وفاعلية كوادره، وقد كان للقاءات العامة التي يجريها المؤتمر الشعبي على مستوى القواعد أثراً فعّالاً في حسم ازدواجية الولاء وإكمال المفاصلة على مستوى القواعد، من خلال طرحٍ حرج الحكومة كثيراً حين اتهمته بنشر أسرار الدولة والتعاون مع أجهزة الاستخبارات العالمية، ثُمّ جاء تأليف ونشر (الكتاب الأسود) الذي أظهر – حسب الكتاب - حكومة الإنقاذ على أنّها حكومة قلة عنصرية شمالية، يُضاف إلى ذلك اعتبار الحكومة أن ملف دارفور (ملف أمني وعسكري) وأخذت تضيق الخناق على المؤتمر الشعبي، ورفضت مقترحاته للحلول واتبعت منهج القوة العسكرية في حل أزمة دارفور، الأمر الذي دفع بعض قيادات دارفور في المؤتمر الشعبي وبعض النشطاء في التنظيمات الأخرى بما فيها المؤتمر الوطني إلى الالتحاق بحركات التمرد، كما ساعد وجود مجموعات الجنجويد (المسلحة وغير النظامية) وافتقاد الرؤية الشاملة للحل، الكثير من أبناء المنطقة للالتحاق بحركات التمرد، كما ساعد وجود الإسلاميين على رأس تلك الحركات من تعقيد المشكلة أكثر، لاعتقادهم أن الحكومة لا تستجيب لصوت العقل وإنما تستجيب لصوت البندقية، ولذلك استغلوا وجودهم المُقدَّر في أوربا والولايات المتحدة، والتأثير على مؤسسات اتخاذ القرار هناك.

    وقد اتخذت تلك المجموعة أزمة دارفور مدخلاً لطرح قناعاتهم بقضايا التهميش والظلم الواقع على الولايات من المركز، وأهمية العدالة في توزيع السلطة والثروة. وعلى وجه العموم يمكن القول إنّ المفاصلة لم تكن خيراً محضاً ولا شراً محضاً مثلها وأيِّ فعل إنساني، يكون فيه الخير الذي تتسرب من ثناياه الشرور؛ لكن رغم ذلك ظلّ الإسلاميون يمثلون العناصر الأكثر تاثيراً في إدارة الأزمة الدارفورية. الانحناء للعاصفة ومكافحة الإرهاب لجأت الإنقاذ إلى اتباع سياسة (الانحناء للعاصفة) بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م والتي أدت إلى مقتل أكثر من ثلاثة ألف أمريكي، وخلفت هذه الحادثة تحالفاً دولياً بقيادة الولايات المتحدة للعمل ضد الدول التي يُعتقد أنها ترعى وتدعم الإرهاب. وعليه أرسلت الأسرة الدولية والتحالف إشارات سالبة قبل وبعد احتلال أفغانستان وإسقاط حكومة طالبان، واحتلال العراق لكل الدول المارقة عن المحور الغربي؛ وكان للإنقاذ علاقات حميمة بالدولتين المحتلتين إذ قامت (حركة طالبان) بامداد السودان بالأسلحة والمعدات العسكرية إبّان الحصار الاقتصادي والدبلوماسي عقب حرب الخليج الثانية، كما تطورت علاقة الإنقاذ بالعراق نسبةً لموقف حكومة الإنقاذ المناهض للسياسات الغربية تجاه العراق؛ لذلك انعكست سياسات الدول الغربية بقيادة أمريكا سلباً على البلاد، في محاربة الإرهاب. ورأى كثيرٌ من المراقبين للشأن السوداني بأن الدور بعد أفغانستان والعراق على السودان، إلا أن حكومتا طرابلس والخرطوم قد استوعبتا الدرس الذي لم تستوعبه طالبان والعراق.


    واستعراضنا لهذه التقلبات السياسية الدولية هو من صميم استعراضنا لتطورات الدبلوماسية السودانية التي لا تعمل بمعزل عن سياسة الحكومة. رأت الإنقاذ أنه من المفيد لها أن تستخدم سياسة جديدة ربما تمنع الحرب ضدها من قِبل التحالف، وبالتالي أعلنت من تلقاء نفسها (سياسة مكافحة الإرهاب) إذ قامت باعتقال بعض القيادات الإسلامية المعارضة الموجودة في السودان وسلّمتهم إلى دولهم، وسُلّم البعض الآخر لأجهزة الاستخبارات الأمريكية، ووجهت الحكومة السودانية بعض تلك المجموعات للذهاب لسفاراتهم، وأصبح هناك تعاون أمني وثيق بين جهاز الأمن والمخابرات السوداني وبين أجهزة الاستخبارات العالمية الأخرى، وأصبحت العلاقات بين جهاز الامن والاستخبارات السودانية وأجهزة المخابرات الغربية ذات طابع تعاوني، وبعدها صرَّح كثيرٌ من الغربيين ولاسيّما الإمريكيين والبريطانيين بأن السودان دولة متعاونة في مكافحة الإرهاب، وأنه يمكن النظر في رفع العقوبات المفروضة على السودان. ورغم ذلك التعاون الأمني والمخابراتي إلا أنّ واقع الحال يقول بأنّ العمل الدبلوماسي للسودان لم يمضِ بذات الوتيرة التي سار بها العمل الأمني، ولذلك أسبابه التي سبق الوقوف عند بعضها. سياسة شدّ الأطراف بعد الانحناءة للعاصفة والتعاون مع سياسة مكافحة الإرهاب التي جنبت الإنقاذ المواجهة المباشرة مع التحالف الدولي، بدأت الولايات المتحدة في انتهاج سياسة شد السودان من أطرافه، بدءاً بمشكلة الجنوب مروراً بدارفور بكل تعقيداتها الداخلية (الحرب ـ المعسكرات) والخارجية (الجنائية الدولية) ونشاط جبهة الشرق، وقيام حركة شهامة العسكرية في منطقة غرب كردفان، وحركات مسلّحة في مناطق المناصير بالشمال.


    إلا أن سياسة شد الأطراف أدت إلى تأثيرات إقليمية ودولية كان انعكاسها واضحاً على الدبلوماسية السودانية، ومن ذلك أن تمّ تدويل ملف دارفور بصورة كاملة، حيث أصبحت كل أوراق دارفور بالخارج، ابتداءً من الأمن إلى التفاوض ثم المحكمة الجنائية، ووجد الدبلوماسيون أنفسهم في مواجهات مع المنظمات الدولية، مثل مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي؛ ومِمّا ساعد أزمة دارفور على النمو والتطور هو غياب الفكر السلمي والجنوح للحلول العسكرية، في وقتٍ لم تكن فيه أزمات دولية فانشغل الإعلام بدارفور، وحدّ من مقدرات الحكومة على المواصلة في الحل العسكري. هذا الزخم الإعلامي هو الذي جعل قضية دارفور تأخذ هذا الحجم الكبير في أروقة المجتمع الدولي، ولذلك توقف قطار السلام في بعض المحطات وكان لابد من واقع يدفعه إلى الأمام، الأمر الذي جعل قادة الحركة الشعبية يستقلون التوترات الناشئة في دارفور، فعملوا على تشجيع ودعم المتمردين كوسيلة ضغط على الحكومة لتعجيل التوقيع على اتفاق السلام،

    وقد صرح د. إبراهيم أحمد عمر بقوله: إن الحوار مع الحركة مرهون برفع يدها عن دارفور، وبالفعل صنعت الحكومة السلام مع الحركة لتجنب الضغط المتصاعد في ملف دارفور، لانّ الوضع في الساحة يعكس كثيراً من الاتجاهات السالبة التي بدأت تتنامى منذ الربع الأخير من العام 2004م من ناحية أمنية ومعيشية، وفشل عملية وقف إطلاق النار والتفاوض وانقسام للحركات المتمردة وظهور حركات جديدة في دارفور وكردفان، كما كتبت (لجنة التحقيق الدولية) التي كوّنها مجلس الأمن تقريراً سالباً عن الحكومة وبعض المليشيات المتحالفة معها، ولم تتوانَ الحركة الشعبية في دعم حركات دارفور، بل قدمت لها الدعم المادي واللوجستي، وشاركت طائراتها في إخلاء الجرحى والمصابين أيضاً. تأثرت علاقات السودان الإقليمية والدولية بأزمة دارفور، وفوجئت الحكومة بأزمة جديدة في مجلس الأمن، وسبقت تلك الأزمة تقارير من منظمات دولية، ومن لجنة مجلس الأمن، ولجنة حقوق الإنسان بالاتحاد الأوربي، ومجلس السلم الإفريقي. وتأزمت العلاقة الدبلوماسية مع تشاد على خلفية الأزمة السياسية بين العاصمتين، حينما تبدلتا الاتهامات بإيواء كلّ عاصمة لمعارضة الدولة الأخرى،



    بعدها تدخل الاتحاد الأفريقي للقيام بعمل دبلوماسي من خلال الوساطة بينهما، وفشلت جهوده المتتالية، كما تأزمت العلاقة مع يوغندا من خلال تدخلها في الشأن الجنوبي، وتأزمت مع أرتريا بعد تعميق وتمتين العلاقات مع أثيوبيا. ويمكن إجمال دور الدبلوماسية السودانية في خلال الفترة منذ مفاصلة الإسلاميين وإلى ما قبل توقيع اتفاق السلام في (إطفاء النيران) التي يشعلها السياسيون، وهي نيران ذات فواتير مُرحَّلة من أوقاتٍ سابقة، منذ مجئ الإنقاذ، وظلت غير قابلة للإخماد لدى بعض الأطراف الدولية إلا بزوال حكم الإنقاذ. ويلاحظ أيضاً أنّ السياسة كانت هي التي تسوق خلفها الدبلوماسية والاقتصاد، وليس العكس كما هو حادث في دولٍ كثيرة، سيما الدول المتقدمة، حيث يتمّ تحديدُ الأهداف الاقتصادية ومن ثمّ يسوق الاقتصادُ الدبلوماسيةَ والسياساتِ الخارجيةِ من خلفه... ويتصل الحديث عن فترة ما بعد توقيع اتفاق السلام الشامل بضاحية نيفاشا 2005م.








                  

05-18-2011, 06:08 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    "عبقريات" الإنقاذ: الشعب يريد بقاء النظام!؟ ..

    بقلم: إبراهيم الكرسني
    الأربعاء, 18 أيار/مايو 2011 08:55



    يحق لنا أن نصف عام 2011م بعام الثورات فى المنطقة العربية، وذلك ليس لأنها قد تفردت بالإطاحة بأنظمة عسكرية دكتاتورية، فإن كان الأمر كذلك فقد سبقها فى هذا التميز الشعب السوداني بأكثر من أربعة عقود من الزمان حينما أطاح بنظام عسكري فى العام 1964، و هو أعزل إلا من إيمانه بربه و عشقه للحرية و الديمقراطية. و لكن يمكن تسمية هذا العام بعام الثورات لأن تلك الشعوب قد نجحت فى الإطاحة بأكثر الأنظمة عمالة وفسادا و أشدها قمعا و إضطهادا لمواطنيها.



    من كان يصدق بأن النظام المصري العميل سوف يذهب الى مزبلة التاريخ بثورة شعبية لم يعرف لها قائد رمز حتى وقتنا الراهن؟ من كان يصدق أن رأس ذلك النظام و أركان حربه سيقفون أما المحاكم متهمين بالفساد، و نهب أموال الشعب، بل و قتل العديد من مواطنيهم دون مسوغ قانوني؟ من كان يصدق بأن النظام المصري، و بكل ما توفر له من ترسانة عسكرية، و أجهزة أمن قمعية، وقوانين فصلت خصيصا لملاحقة معارضيه، و حبسهم، والتنكيل بهم، بل و تعذيبهم، سينهار بكل هذه البساطة، و بحساب تاريخ البشر، ربما فى طرفة عين؟


    ليس هنالك من سبب وراء هذه الظاهرة الفريدة سوى إرادة الشعوب الغلابة. فحينما يبلغ سيل إضهاد الشعوب و قمعها الزبي، فليس هنالك من مخرج لها سوى الطوفان، و الخروج الى الشوارع ذرافات ووحدانا، ليهز هديرها أركان نظام الطغيان. عندها فقط سيفهم الطغاة لماذا خرجت هذه الجماهير الى الشوارع. وعندها فقط سوف لن يكون أمام هؤلاء الطغاة سوى ثلاث إحتمالات: إما الموت على أيدى الثوار، أو الهروب الى خارج البلاد، أو الوقوف داخل قفص الإتهام ليحاكموا وفقا للقانون، تلك المحاكم التى حرموا عدالتها على شعوبهم طيلة سنوات طغيانهم.


    إن أكثر ما يثير الدهشة فى أمر الثورات التى إجتاحت المنطقة العربية هو طبيعة الأنظمة القمعية التى تواجهها و تتصدي لها. و إن أكثر ما يميز الطغاة التى أطاحت بهم هو الغباء المشترك فيما بينهم. إنني لا أتحدث عن الغباء الفطري، الذى ربما كان عاملا مشتركا بين أولائك الطغاة، و لكن أتحدث عن ما يمكن أن نصفه ب’الغباء التاريخي‘ لأولائك ’القادة‘، و الذى تمثل فى عجزهم عن عدم فهم ما تموج به الأرض من تحت أقدامهم، حتى بعد أن ظهرت بوادره كالشمس فى رابعة النهار، فى البلدان المجاورة لبلدانهم. فحينما أطاح الشعب التونسي العظيم بجلاده، لم يفهم دكتاتور مصر الرسالة، و أصر على أن مصر ليست كتونس، حتى إنهار نظامه أمام عينيه. حينها، و حينها فقط، أدرك الطاغية بأن مصر كتونس تماما، إن لم تتجاوزها فى تعدد الأسباب الكفيلة بالإطاحة بنظام حكمه.


    وهكذا يتكرر السيناريو بحذافيره أمامنا فى بقية البلدان العربية. أنظروا الى طاغية اليمن الذى يقتل شعبه ليل نهار بدم بارد معتقدا بأن اليمن ليست كمصر أو تونس، و بالتالى فليس هنالك أدنى فرصة لنجاح الثورة فى اليمن، أو حتى لزعزعة أركان نظامه!! أليس هذا هو الإستبداد الذى يعمي البصر و البصيرة معا؟ و إن لم يكن الأمر كذلك فلماذ يصر طاغية سوريا على أن ما يجرى فى بلاده ليس سوى مؤامرة صهيونية-أمريكية لزعزعة إستقرار نظام الصمود و التصدي الذى ورثه عن والده الدكتاتور الراحل؟ لقد ظل هذا الطاغية ووالده الراحل يبشرون الشعب السوري، و كذلك بقية الشعوب العربية، لأكثر من أربعة عقود من الزمان، بقرب تحرير أرض فلسطين من البحر الى النهر، فى ذات الوقت الذى عجزوا فيه عن تحرير شبر واحد من ترابهم الوطني، الذى يحتله نفس ’العدو‘ الذى يحتل فلسطين منذ عام 1967م! وبعد كل المئات الذين إستشهدوا فى سبيل الإطاحة بنظام حكمه القمعي، يصر هذا الطاغية بأن سوريا ليست كمصر أو تونس أو اليمن...فتأمل!


    لكن المضحك المبكي على مسرح اللامعقول فى السياسة العربية هو العقيد القذافى و نظام حكمه. إنه بالفعل طاغية من نوع فريد. لقد بلغ جنون العظمة وحب الذات بهذا الرجل مبلغا أصبح بعده عاجزا عن أن يفرق بين طبيعة الأشياء و مكونات الحياة. نعم لقد ظن هذا الرجل بأن معمر القذافي ما هو إلا صنو للشعب الليبي. لذلك فقد إعتقد لفترة طويلة بأن الجماهير الثائرة ضد نظام حكمه فى شرق البلاد لم تخرج سوى للتعبير عن حبها ل’القائد التاريخي‘. وحتى حينما رأى بأم عينيه بأن شرق البلاد قد أصبح فى قبضة الثوار، و أيقن تماما بأن الشعب الليبي قد حزم أمره للإطاحة بالنظام، لم يجد سوى صفات كريهة ك’الجرذان‘ و ’المقملين‘ ليصف بها جحافل الثوار.



    إن كان هنالك عنصر نجاح واحد للأنظمة الدكتاتورية فهو يتمثل فى قدرتها على إعادة صياغة الإنسان ليصبح على شاكلة ’الأخ القائد‘! لقد ظل هذا الرجل يبشر طيلة سنوات حكمه الكالحة بعصر الجماهير، و حينما زحفت تلك الجماهير نحو ’قائدها‘ لم يجد ما يستقبله بها سوى ضربها بالرصاص الحي. حينها فقط فهمنا بأن الجماهير عند هذا ’القائد‘ لا تعني سوى الجماهير المعلبة، و التى يمكن تحريكها كقطع الشطرنج. إن المنهج الدكتاتوري فى فلسفة الحكم و الإدارة، كما أثبت ذلك نظام ’أول جماهيرية فى التاريخ‘، يقف عاجزا عن فهم طبيعة الحراك الإجتماعي للشعوب الحية، الذى يقف على النقيض تماما للوعي الجماهيري، كما هو فى مخيلة أؤلائك الطغاة. و إن لم يكن الأمر كذلك فلماذا ظل هذا الطاغية يعيد على أسماعنا نفس الأسطوانة المشروخة التى ظللنا نسمعها من قبل، بأن ’جماهيريته‘ ليست كمصر أو تونس، و أن شعبه ليس كالشعب المصري أو التونسي لأنه ’يموت حبا‘ فى ذاته الفانية!!



    لكن أكثر ما يثير الدهشة فى أمر الثورات العربية هو موقف قادة الإنقاذ منها. إنه موقف شكلته "عبقرية" نظام التوجه الحضاري، وصنعته خصيصا، ليس لإقناع الشعب السوداني به، و إنما لإقناع كوادرها القيادية، و’تغبيش‘ وعي مؤيديها ليختلط عندهم حابل الثورات العربية بنابلها بحيث يتعثر عندهم لحظتها القدرة على التمييز بين طبيعة الأنظمة الحاكمة، فتصبح أنظمة مبارك و إبن على أنظمة دكتاتورية يتوجب الإطاحة بها، و أما نظام الإنقاذ فيصبح نظاما ديمقراطيا، لا يجاريه فى ديمقراطيته سوى نظام الحكم فى بريطانيا!



    و إن لم يكن الأمر عند نظام الإنقاذ بهذا المستوى فكيف يمكن لنا تفسير إحتفاء قادتها بإنتصار الثورة فى مصر و تونس؟ كيف يمكن لنا أن نفسر هذه الفرحة، و ذلك الإبتهاج، بسقوط طغاة مصر و تونس من قبل قادة الإنقاذ، حتى وصل بهم الأمر أن يشد رأس النظام الرحال الى قاهرة المعز لتقديم التهنئة الى قيادة الثوار بإنتصار نضالهم؟ لقد توصل ’هؤلاء الناس‘ الى خلاصة مفادها بأن الشعب السوداني لم يخرج الى الشوارع حتى الآن ليطيح بنظامهم الفاسد المستبد لأنه ’مبسوط‘ للغاية من نظام التوجه الحضاري. ولقد إعتقدوا جازمين بأن ’إنبساط‘ الشعب من نظامهم لا يعادله سوي ’إنبساط‘ شريف نيجريا من فنانات الدولة الرسالية اللائي إصطفاهن من بين جميع فنانات العالم!! و ما أكد لهم هذا الإعتقاد هو أن الشعبين التونسي و المصري يعيشان فى ’بحبوحة‘ قياسا الى البؤس، و الشقاء، و شظف العيش الذى يكابده الشعب السوداني.



    من هنا خلص قادة دولة الفساد و الإستبداد بأن الشعب السوداني لم يخرج الى الشارع أسوة بالشعبين التونسي و المصري لأنه يريد بقاء النظام...فتأمل!! إنه الإفتراض الخاطئ الذى سيقود حتما الى نتيجة خاطئة. لقد نسى قادة الإنقاذ بأنه يستحيل الوصول الى نفس النتيجة بمقدمات مختلفة. إن الإفتراض الخاطئ الذى بنى عليه ’هؤلاء الناس‘ موقفهم هو أن نظام حكمهم ليس نظاما عسكريا دكتاتوريا لأنه قد إستمد شرعيته من إنتخابات ’حرة ونزيهة‘، و بانهم قد منحوا الشعب حريته كاملة، وبأنهم قد وفروا له بنية تحتية متكاملة من طرق و جسور وسدود. لقد ظل قادة الدولة الرسالية يقيمون الإحتفالات الراقصة بين حين و آخر ل’إنجازات‘ تعتبر هي من أولى المهام لأي حكومة مسئولة وراشدة منذ أن ’حفروا البحر‘، كشق طريق عابر. ولو كانت الحكومات تقيم المهرجانات لمثل هذا النوع من ’الإنجازات‘ لما وجدت حكومات مثل حكومة اليابان الوقت الكافى لبناء إقتصادها من الصفر، بعد الحرب العالمية الثانية، ليصبح ثاني أكبر إقتصاد فى العالم فى أقل من أربعة عقود. إن المفارقة تكمن فى إن نظام دولة ’البدريين‘ قد نجح، فيما يعادل نصف الفترة الزمنية لنهضة اليابان، فى تحويل السودان ليتبوأ بجدارة موقعه فى ذيل دول العالم من حيث الفساد و الحريات، بل ليصبح فى عداد الدول الفاشلة على مستوى العالم. ثم بعد كل هذا يقيمون المهرجانات الراقصة....فتأمل!!


    نختم فنقول بأن إعتقاد قادة دولة ’البدريين‘ بأن الشعب السوداني ’يحبهم موت‘ و لهذا ’يريد بقاء النظام‘، ما هو سوى وهم، و إعتقاد خاطئ. و إذا كانت شعوب مصر و تونس قد أطاحت بأنظمتها إنتقاما لكرامتها، و لتسترد حريتها التى صادرتها تلك الأنظمة الدكتاتورية، فإن الشعب السوداني يعتبر عاشق للحرية بطبيعته. و أن لا تتوهما بأن كمونه وعدم خروجه حتى الآن للإطاحة بدولة الفساد و الإستبداد ليس سوى حبا فى بقاء النظام، و إنما يكمن السبب الرئيسي من وراء كل ذلك فى عدم ثقة الشعب السوداني فى ’قيادات الكنكشة‘ كبديل لهذا النظام. وما نود تأكيده لقادة الإنقاذ هو أن رحم حواء السودان لم ولن يتوقف عن إنجاب قادة أفذاذ من الشباب سيتمكنون من الإطاحة ب ’قيادات الكنكشة‘ أولا، وبالوسائل الديمقراطية، من على رأس أحزابهم و من ثم بالإطاحة بنظامكم المستبد الفاسد، وبأساليب جديدة و مستنبطة، ستثير دهشة بقية الشعوب العربية التى سبقته فى هذا المجال، و ستجعل منهم مجرد هواة للثورات. إنكم ترون هذا اليوم بعيدا، و إننا نراه أقرب إليكم من حبل الوريد!!
                  

05-23-2011, 07:06 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    علماء السودان صمتوا عن الفساد.. وطالبوا بقهر العباد!!..
    النظام لن يستطيع تطبيق الشريعة لأسباب محددة.

    د. عمر القراي

    (فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ * فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ)!! صدق الله العظيم


    في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها السودان، وهو يفقد جزءاً عزيزاً من الوطن بفقد الجنوب، وتفشل محادثات دارفور، وتزيد ثورتها، وتنتشر التحرشات في أبيي، بسبب نكوص الحكومة عن الإستفتاء، وعن حكم المحكمة الدولية، الذي سبق ان وافقت عليه، ويتأزم الوضع في جنوب كردفان، بسبب تزوير الإنتخابات، ويتوقع ان يتفجر في أي لحظة.. في هذا الجو المتوتر تجيء مطالبة (علماء) السودان بالمزيد من القهر والبطش باسم الدين، بدعوى ان إنفصال الجنوب يعني ان السودان أصبح كله مسلم، وموافق على فهمهم الإسلامي المتخلف حكماً للبلاد.
    ولو أن (علماء) السودان كانوا قد أدانوا الفساد المنكر، الذي إستشرى في مؤسسات الدولة، وطالبوا بالتحقيق مع أمثال مدير سوق الخرطوم للاوراق المالية، والسلطة التي سمحت له بالمرتب الذي نشره الصحفي النابه الطاهر ساتي في صحيفة السوداني، وهو كما جاء في شهادة مرتبه: 18 ألف جنيه، بالإضافة الى 90 ألف بدل عيدين، و72 ألف بدل ملابس، مما يجعل جملة مرتبه الشهري 180 ألف جنيه!! بالإضافة الى 5 تذاكر سفر لاقصى ما تصل اليه الخطوط السودانية بالدرجة الأولى!! هذا وضع مسئول في شعب دفعت الفاقة، والحرب، والنزوح، الكثيرين من أهله الى التسول.. لو أنهم كانوا قد طالبوا بمحاكمة الذين قتلوا الآلاف، وأغتصبوا النساء، وحرقوا القرى في دارفور، لو أنهم إعترضوا على فقدان حلايب، والفشقة، وغيرها، من أجزاء البلاد التي اضاعها النظام، ولم يقاتل من أجلها، بل ولم يشتك لمجلس الأمن.. لو أنهم وقفوا تضامناً مع آلاف المواطنين الذين شردوا، وتحطمت أسرهم، بسبب إحالتهم للصالح العام، أو وقفوا تضامناً مع مزارعي مشروع الجزيرة الذين يناضلون لمنع الحكومة من بيع المشروع وتشريدهم.. لو أنهم كانوا قد إعترضوا على جلد فتاة "الفيديو" بحجة أنه لا يشبه الجلد كما جاءت به الشريعة،


    وطالبوا بالتحقيق مع من اتهمتهم "صفية" بإغتصابها حتى لا تكون أعراض الناس عرضة للتجاهل والعبث.. لو فعل علماء السودان كل ذلك لسمعنا لهم، وصدقناهم، حين طالبوا اليوم بإقامة الدستور بمرجعية الشريعة. ولكن (علماء) السودان صمتوا عن كل ذلك، فلم يتظاهرون الآن بالحرص على الشريعة وعلى الإسلام وعلى الشعب السوداني؟! وحين يطالبون الآن بجعل الشريعة مرجعاً للدستور هل يعني انها لم تكن كذلك من قبل؟! أم ان مطالبتهم تحصيل حاصل؟! فإذا كانت الشريعة لم تكن مرجعية الدستور فلماذا لم يعلن (علماء) السودان رأيهم هذا، ويسفروا بمعارضتهم للنظام طوال العشرين سنة الماضية؟! إن النظام الحاضر يرزح في الظلم، ويخوض في بالفساد، وهو لهذا لن يستطيع تطبيق الشريعة، لأن الشريعة لا تقوم إلا إذا بدأ الحاكم بنفسه وآل بيته.. و(علماء) السودان يعرفون ذلك حق المعرفة، ويحدثوننا في خطبهم، كيف أن عمر رضي الله عنه، لم يجمع بين الخبز والإدام في مائدة، منذ أن تولى الخلافة، ولكنهم مع ذلك يزينون الباطل، ويصمتون عن قول الحق، ليحافظوا على مراكزهم، وعائداتهم، التي لو ضاعفوها لهم أضعافاً مضاعفة، ما زادتهم غير تخسير!!

    لقد رفع (علماء) السودان مذكرة لرئيس الجمهورية، جاء عنها (ودعت المذكرة التي توافق عليها العلماء ورجال الدين أن يكون القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة هما المرجعيتان للدستور بعد الاستفتاء وانفصال الجنوب وأن يحقق الدستور مقاصد الشريعة كلها ويحفظ حقوق غير المسلمين وأكد العلماء عبر مذكرتهم التي تلاها البروفيسور محمد عثمان صالح الأمين العام لهيئة علماء السودان أن البلاد مقبلة على مرحلة مهمة تحتاج إلى فقه أوسع للدولة لتحقيق أمنيات الشعب السوداني وأكدت المذكرة أهمية أن يثبت الدستور القيم الاجتماعية الفاضلة ويحافظ على موارد البلاد ويضمن وحدتها وأن يقوم على الشورى بين أهل الحل والعقد ودعا العلماء إلى إصلاح المظهر العام بالشارع السوداني ومعالجة التفكك الأسري ومحاربة الفقر والهجرة ، مشيرين إلى تزايد روح التدين وسط الشباب. وأوصت المذكرة بإرجاع النشاط الاقتصادي إلى أصوله الإسلامية عبر المصارف الإسلامية وتقليل الجبايات وضبطها بقوانين والحد من العمالة الوافدة. وأمن العلماء على أهمية إتاحة فرص التعليم لكافة شرائح المجتمع وتشجيع التعليم قبل المدرسي وتصحيح الاستثمار في التعليم والتركيز على التعليم التقني وإلغاء المناهج الأجنبية ، مشيرين إلى أن عدم مراجعة المناهج أدى إلى ضعف التحصيل بجانب ضعف المخصصات المالية للتعليم ، ودعوا إلى إعادة النظر في التعليم المختلط بالجامعات. وانتقدوا انتشار الموسيقى والغناء في القنوات والإذاعات ، داعين إلى إستراتيجية إعلامية تقوم على نشر الفضيلة)(المصدر وكالة السودان للأنباء

    أول ما يلاحظ على المذكرة تناقضها، فهي قد دعت لأن يكون الكتاب والسنة هما مرجعية الدستور، ثم إعترفت بوجود غير المسلمين، ودعت للمحافظة على حقوقهم!! فهل يعرف هؤلاء (العلماء) من الكتاب والسنة مستوى يوفر الحقوق لغير المسلمين؟! إذ لو كان مبلغ علمهم الشريعة، فإنها لا تساوي بين المسلمين وغير المسلمين، ولا تحفظ لهم حق المواطنة، وإنما تفرض عليهم الجزّية، يؤدونها عن قهر وغلبة، وهو صاغرون، إذا كانوا من أهل الكتاب، وتفرض عليهم السيف، حتى يسلموا لو كانوا من المشركين.. قال تعالى في حق المشركين (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقال في حق أهل الكتاب (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ). هذه هي معاملة الشريعة لغير المسلمين، وهدفها إذلالهم ودفعهم ليدخلوا في الإسلام حيث العزة، قال تعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)، وهذا يعني فيما يعني، ان غير المسلمين لهم الذلة والصغار.. والمواطن المسيحي لا يجوز له ان يترشح لرئاسة الدولة في ظل الشريعة، ولا أن يكون له منصب في الجيش، لأن الجيش جيش جهاد، ولن يكون مسؤولاً في منصب رفيع في دولة الشريعة، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ولقوله صلى الله عليه وسلم (لا ولاية لكافر على مسلم)، والشريعة قد كانت في تلك الأحكام، حكيمة غاية الحكمة، في وقتها، ولكن نفس هذه الأحكام، لا تمثل أصل الدين، ولا يمكن ان يقوم عليها دستور اليوم، وهذا ما لا يقوى (العلماء) الذين نعرفهم، على إدراكه..


    ولكنهم على الاقل يعرفون أن الشريعة لن توفر حقوق لغير المسلمين، ويعلمون انهم موجودون بعد إنفصال الجنوب، في السودان الشمالي كالمسيحيين من السودانيين الاقباط، الذين يعيشون منذ مئات السنين، في مدن السودان الكبرى، وكالمسيحيين في جبال النوبة، وكالوثنيين في جبال النوبة وفي جنوب النيل الأزرق، فلماذا يضللون كل هؤلاء بأن الشريعة لا تضيرهم؟! أم يظنون أن هذه الأقليات لا قيمة لها، وان الدستور يجب ان يعبر عن دين الاغلبية؟! وهذه فرية اخرى روج لها الإسلاميون كثيراً، فالدستور لا يعبر عن رأي الأغلبية، وإنما يحوي تطلعات، وآمال وطموحات كل الشعب، ويجب ان يجد فيه كل فرد ضالته. أما الاغلبية فإنها تحكم بموجب الدستور، ولكنها لا تضعه حسب إعتقادها.. والدستور هو القانون الأساسي، الذي يوفر الحق الأساسي، وهو حق الحياة وحق الحرية.. فالحكومات التي تغتال الناس، وتعذبهم، وتصادر الحريات، لا يعتبر حكمها دستورياً، وإن إدعت ذلك. والشريعة على كمالها، وحكمتها في الماضي، لا تحوي دستوراً لأنها لا تحفظ حق الحياة وحق الحرية لكافة المواطنين، وإنما توفره فقط للمسلمين. والدستور لازمة من لوازم الحكم الديمقراطي فلا يتحقق في دولة لا تحكم بالديمقراطية.. ولكن الإسلام في مستوى أصوله، في السنة، التي هي أرفع من الشريعة، والتي توفر عليها القرآن المكي في جملته، يحوي الدستور الإنساني الرفيع، الذي يعطي كافة الحقوق لغير المسلمين، على قدم المساواة مع المسلمين.. وهذا ما لا يدعو له (علماء) السودان، بل يعادونه، ويحاربونه، مع انه مخرجهم الوحيد، الذي يدرأ عنهم النفاق، حين يدعون للشريعة، ويعجزون عن تطبيقها.

    ومما جاء في المذكرة (أن البلاد مقبلة على مرحلة مهمة تحتاج إلى فقه أوسع للدولة لتحقيق أمنيات الشعب) أوسع من ماذا؟! أوسع من الفقه السلفي التقليدي، الذي درجوا على إشاعته بين الناس؟! وإذا كانت (أمنيات الشعب) هي الحرية، والمساواة، وحقوق الإنسان، فهل يستطيع الفقه توفيرها أم ان ذلك يحتاج الى إجتهاد في فهم النصوص نفسها؟؟
    ولقد ذكر (علماء) السودان أنهم يريدون دستوراً (يحافظ على موارد البلاد ويضمن وحدتها وأن يقوم على الشورى بين أهل الحل والعقد ودعا العلماء إلى إصلاح المظهر العام بالشارع السوداني ومعالجة التفكك الأسري ومحاربة الفقر والهجرة) إن من اسباب إنفصال الجنوب، التلويح بالدستور الإسلامي، وفرض أحكامه على غير المسلمين، فكيف يطالب به العلماء، ويدعون بأن ذلك يمكن ان يحقق الوحدة؟! والنظام الحالي قام على إنتخابات، فهل يريد العلماء ان نستبدله بنظام الشورى، الذي بدلاً من كافة الشعب، يستمع فقط لأهل الحل والعقد؟! والعلماء يعلمون ان الشورى آلية لدعم نظام الخلافة، فلماذا لم يطالبوا بالخلافة صراحة، وهي نظام الحكم في الشريعة، كما درسوها وعرفوها؟! إذا كان الزمن قد تطور، والمفاهيم قد تغيرت، لدرجة ان (العلماء) يستحون من المطالبة صراحة بحكم الشريعة وهو الخلافة، أفلا يستدعي ذلك النظر في أمر تطوير الشريعة؟؟ وكيف يدعو العلماء لمحاربة الفقر والهجرة وهم لم يدينوا الفساد؟! ولماذا يريدون ان ينضبط الشارع العام بمزيد من القوانين الرادعة، ويغفلون مهمتهم الأساسية، في التربية، والوعظ ، والإرشاد، سبيلاً لإصلاح مظهر الشارع؟! لقد طبق قانون النظام العام بإدعاء ضبط الشارع، وجلد، وحبس في عام واحد 43 ألف امرأة سودانية، ولم ينضبط الشارع، بل زاد الفساد، والسبب أن سوء الأخلاق لا يعالج بالقهر والبطش، وإنما بالنماذج الصالحة من القادة والحكام والعلماء، وبحسن التربية، وبالموعظة الحسنة، التي يقدمها من يعيشون للدين، لا من يعيشون عليه!!

    (وأوصت المذكرة بإرجاع النشاط الاقتصادي إلى أصوله الإسلامية عبر المصارف الإسلامية وتقليل الجبايات وضبطها بقوانين والحد من العمالة الوافدة). والمصارف الإسلامية، ليست إسلامية، وإنما هي ربوية!! والفائدة التي يضعها المصرف العادي على القرض، يضع المصرف الإسلامي، أكثر منها على سعر السلعة في المرابحة، فهل تسميته بأنه ربح تمنع من كونه ربا؟! إن زيادة السعر، بسبب جهل الزبون ربا، فقد جاء في الحديث (غبن المسترسل ربا).. ثم ان ديون السودان الخارجية، التي فاقت الثلاثين مليار دولار، قد كانت في أصل الدَين ثمانية مليار، وكل الزيادة قد جاءت من الفوائد التراكمية على القرض، فإذا قبل (علماء) السودان هذه الأضعاف المضاعفة من الربا، ثم أنشأت الحكومة من هذه الأموال الربوية بنوكاً، فهل يمكن ان تكون إسلامية؟! ما هي القيمة التنموية الزائدة التي قدمتها البنوك الإسلامية حتى يطالب بها العلماء؟!

    مما ورد أيضاً (وأمن العلماء على أهمية إتاحة فرص التعليم لكافة شرائح المجتمع وتشجيع التعليم قبل المدرسي وتصحيح الاستثمار في التعليم والتركيز على التعليم التقني وإلغاء المناهج الأجنبية). إن من أسباب الفاقد التربوي الحروب، والنزاعات، والنزوح، والهجرة، وهو ما لم يتعرض له (علماء) السودان، فكيف يريدون ان تتوفر فرص التعليم للجميع؟! وماذا يعنون ب (المناهج الأجنبية)؟! هنالك لغات أجنبية، أدى إلغائها الى إضعاف التعليم، وحتى الذين قاموا بتعريب جامعة الخرطوم، وافقدوها مكانتها الاقليمية والدولية، أنشأوا جامعات خاصة تدرس باللغة الإنجليزية، وكثير من قادة الدولة دعاة التعريب، يعلمون أولادهم في مدارس أجنبية، ويبعدونهم عن الجامعات التي قاموا بتعريبها!! أم أن (علماء) السودان، يعنون بالمناهج الأجنبية، تلك التي تدرس مفاهيم غربية، مثل نظرية التطور، والماركسية، والليبرالية، والوجودية..ألخ وهذه معارف إنسانية، لابد من معرفتها، حتى ولو من باب ضرورة نقدها، وتقديم ميزة الإسلام عليها.

    ولم يكتف (علماء) السودان بكل ذلك بل (دعوا إلى إعادة النظر في التعليم المختلط بالجامعات. وانتقدوا انتشار الموسيقى والغناء في القنوات والإذاعات ، داعين إلى إستراتيجية إعلامية تقوم على نشر الفضيلة). لماذا دعا العلماء لعدم الإختلاط في الجامعات، ولم يدعوا له في كل المجتمع؟! لقد منعت الشريعة الإختلاط، ولكنها فعلت ذلك، بإبقاء النساء في البيوت، قال تعالى (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى)، وقال (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ)..


    وإذا كانت هذه القيود قد فرضت على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وهن أمهات المؤمنين، ومظنة العفة، فمن باب أولى بقية النساء.. فلماذا ترك العلماء هذه الاحكام، ولم يطالبوا بها، وأكتفوا بالإختلاط في الجامعات؟! ألم نقل أن (علماء) السودان ليسوا منضبطين على الشريعة، ولا مخلصين لها، ولا حريصين على أحكامها؟! والشريعة لا تمنع الموسيقى، والاغاني في التلفزيون فقط، بل تمنع التلفزيون نفسه، من باب منع الصور.. فقد جاء في الحديث (من صور صورة يعذب يوم القيامة ويقال له أنفخ فيها الروح وما هو بنافخ فيها ابداً)، وروي (ان السيدة عائشة رضي الله عنها فرشت للنبي صلى الله عليه وسلم نمرقة عليها تصاوير فرفض ان يدخل حجرتها حتى مزقتها. وقال: إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه ###### أو صورة)(البخاري- باب الصور). ولهذا حين طبقت "طالبان" الشريعة في أفغانستان، جمعت كل التلفزيونات، وحرقتها وأرجعت النساء للبيوت!! ولكن في حقائق الدين، هذه النصوص الشرعية، التي تحرم الإختلاط، وتحرم الفنون، وتحرم الصور، لا تمثل أصل الدين، وإنما هي نصوص مرحلية، ناسبت الماضي، ولا يمكن تطبيقها في حاضر ومستقبل البشرية القريب.. بل ان دعاتها، أنفسهم، لا يملكون إلا مفارقتها. فالعلماء الذين يعلموننا الأحاديث التي تمنع الصور، لابد ان يكون لأحدهم صورة يضعها في جواز السفر، حتى يستطيع أن يحج!! إن إختلاف الواقع الذي أجبر دعاة الشريعة على مفارقتها، هو الذي إستدعى تطوير التشريع ، وهو مخرجهم الوحيد، وإلا فإن الدعوة لتطبيق الشريعة، ومفارقتها في نفس الوقت، يضعهم تحت طائلة الوعيد الإلهي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ؟! * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).

    لقد نصح (علماء) السودان نميري بتطبيق الشريعة، فجلد، وقطع، وقتل، ولم تتحقق الشريعة، بل أطيح بنظامه!! والسودان اليوم يواجه ظروف أكثر تعقيداً من عهد نميري، والعالم العربي يشهد ثورات لم تطالب بالشريعة، ولكنها طالبت بالحرية، واطلاق سراح المعتقلين، والكرامة لكافة المواطنين.. ولعل العقلاء في نظام الإنقاذ، يفكرون في وضع دستور يتراضى عليه الجميع، لا يستمد من عقيدة الأغلبية، حتى يحفظ حقوق الاقليات، ولا يعتمد على القهر، والبطش، و إنما على توسيع الحريات، وإشاعة السلام، ثم يفتح المنابر الحرة، حتى نتحاور في كافة قضايا الوطن، بما فيها الفهم الإسلامي المتخلف، الذي يصر عليه من سموا أنفسهم (علماء) السودان!!

    د. عمر القراي
    omergarrai
                  

05-24-2011, 04:10 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)




    هل آن أوان استقالة الحكومة السودانية؟

    د. عبدالوهاب الأفندي



    كان من الممكن أن نتحدث عما وقع الأسبوع الماضي في منطقة أبيي في ولاية جنوب كردفان السودانية من عودة إلى مربع الحرب بين الشمال والجنوب باعتباره كارثة كبرى حاقت بالوطن، لولا أن حكومتنا السنية عودتنا أن تهدينا الكوارث كغذاء يومي، في وقت لم يعد فيه المواطن يجد قوت يومه إلا بشق الأنفس. ولكن حتى بمقاييس اجتراح المعجزات الكارثية التي عودتنا عليها الحكومة السودانية، فإن ما وقع الأسبوع الماضي يعتبر إنجازاً ينبغي أن يسجل في سجلات التفوق العالمية. فلم يحدث في التاريخ من قبل أن جيشاً 'غزا' أرضه ودياره، واستثار بذلك الإدانات العالمية والمطالبة بالانسحاب!


    وهذا يقودنا إلى جوهر القضية والمظهر الحقيقي للفشل لدى هذه الحكومة التي أدمنت الفشل. فمنطقة أبيي المتنازع عليها تقع في شمال السودان بكل تعريف ممكن، بما في ذلك التعريف المضمن في بروتوكول مشاكوس الذي مثل أساس اتفاقيات نيفاشا المعروفة بمسمى اتفاق السلام الشامل. وقد كانت تلك الاتفاقيات حددت أن تقرير المصير سيكون لجنوب السودان الذي لم يكن هناك خلاف على تعريفه. ولكن سلسلة من القرارات (حتى لا نقول الإخفاقات ودلائل الخرق السياسي) اللاحقة أدت إلى أن تتحول مناطق أخرى، مثل أبيي وجنوب كردفان والنيل الأزرق إلى مناطق تنازع. ولا ننسى بالطبع أن مناطق أخرى في السودان، مثل دارفور والشرق، كانت آمنة مطمئنة إلى حد كبير، قد تحولت إلى مناطق نزاع في عهد النظام الحالي.




    وليست هذه كل القصة، لأن الأزمة الحالية تعود في جوهرها إلى مسألتين. الأولى أن الحكومة فشلت في أن تجعل الجنوبيين يختارون الوحدة، بل فشلت في أن تجعل حتى عشرة أو خمسة بالمائة منهم يختارون الوحدة، وهو فشل ماحق بكل المقاييس، كان لا بد من أن يتحمل مسؤوليته من حمل نفسه هذه المسؤولية ظلماً وجهلاً. وهذا بدوره انعكس على وضع أبيي، التي أصبح انضمامها المحتمل إلى الجنوب يعني أن تصبح جزءاً من دولة أجنبية. أما المسألة الثانية فهي الفشل المزدوج في حسم النزاع حول أبيي بين قبائل المسيرية والدينكا، وكذلك في كسب ثقة الدينكا بحيث يشعرون بالأمان تحت سلطان الشمال، ويستغنون بذلك عن طلب الحماية من الحركة الشعبية أو من الأمم المتحدة. وهم ليسوا للأسف ببدع في ذلك، لأن كثيراً من أهل دارفور لا يأمنون بوائق النظام، وقد اضطر كثير منهم إلى النزوح إلى صحارى تشاد، أو التكدس في معسكرات النزوح، وطلب الحماية من قوى خارجية. ولا نريد أن نضيف هنا أن كثيراً من مواطني الشمال، وعلى رأسهم الشيخ حسن الترابي الذي يدين إليه كل أهل الحكم بمناصبهم التي لم ينتخبوا إليها، أصبحوا لا يأمنون على أنفسهم في ظل الأوضاع القائمة.
    إذن نحن أمام نسق من السلوك والنتائج، يبدأ من الفشل في كسب ثقة قطاع من الشعب، يقود لاحقاً إلى التمرد المسلح، ثم وتعقب ذلك محاولات لقمع هذا التمرد بالقوة، مما يؤدي إلى الإضرار بقطاعات أوسع، ودفع أعداد كبيرة إلى الهجرة والنزوح. وتكون النتيجة هي الفشل في قمع التمرد المسلح، مع خسارة المزيد من الرضا الشعبي، ثم العودة إلى التفاوض مع حركات التمرد التي لم يكن لبعضها وجود من قبل.



    أخيراً يأتي الانصياع إلى إملاءات هذه الحركات، مما يشجع بدوره على اندلاع أعمال تمرد جديدة. هذا لأن الحكومة قد أكدت بالقول والفعل أنها لا تقبل الجدال بالتي هي أحسن، ولا تنصاع لصوت العقل وقواعد الحوار، وإنما تنصاع فقط لمن يجلبها بقوة السلاح راغمة إلى طاولة المفاوضات، أو لقوى الهيمنة الأجنبية التي تخافها وتخشاها رغم شعارات التحدي الجوفاء. ثم ما لم يلبث الأمر أن يعود كرة أخرى، فيبدأ التملص من الالتزامات التي دخلت فيها الحكومة مرغمة وتحت الضغط، فينفرط عقد التوافق، ثم يعود الصراع المسلح، ثم تعود الحكومة مرة أخرى إلى الطاولة فتقدم تنازلات أكبر.



    يمكن إذن أن نرى أن ما وقع في أبيي أخيراً انعكاس لهذا المنهج: فشل سياسي يحاول البعض التغطية عليه بتحرك عسكري، ثم الانحدار إلى فشل سياسي آخر. فلم يكن هناك قبل اتفاق السلام وجود لقوات من الحركة الشعبية ولا غيرها في أبيي، ولم تكن موضع تنازع عسكري حتى يضطر الجيش إلى اجتياحها كأنها خط بارليف.
    فالحكومة الآن تعود إلى الوضع الذي كان قائماً قبل التاسع من يناير عام 2005، ولكن في وسط إدانات دولية، وضغوط لا بد أن تفرض التراجع عاجلاً لا آجلاً.


    ذلك أنه إذا كان هناك ما تخشاه الحكومة أكثر من التمرد المسلح، فهو الإدانات الدولية وغضب أمريكا التي بذلت جرياً وراء كسب رضاها ما لا يبذل. إذن فلن نكون مندهشين إذا سمعنا عن قريب مسلسل التنازلات والانبطاح، بعد أن أهدرت الدماء وأهلك الحرث والنسل في رعونة لا معنى لها.



    ويبدو أن هذا المسلسل الحلزوني الهابط من الفشل السياسي ثم المزيد من الفشل، لن يشهد نهاية في ظل الإدارة الحالية. فها هو الجنوب ضاع بعد عشرين سنة من الاحتراب، وعشرات الآلاف من الأرواح التي أهدرت، ومئات الآلاف ممن أهدرت طفولتهم وضاع شبابهم أو توقفت حياتهم. وقد كان من الممكن إنهاء هذه الحرب منذ فترة طويلة بخسائر أقل ونتائج أفضل. ولم تكن خسارة الجنوب ثم الوقوع في فخ الدفاع عن ما بقي من الشمال هو نهاية المطاف، لأن تفجير الصراعات في دارفور وغيرها، ثم سوء إدارتها وتحويلها إلى كارثة أكبر على البلاد هو الوجه الآخر لهذه العملة الكاسدة.



    لكل هذا لم يعد من الممكن التحدث هنا عن خلل جزئي هنا أو هناك، أو تقصير من مسؤول تصلح الأمور بإقالته. بل إن الخلل هو في النظام من قمته إلى قاعدته، وبالأخص في قمته. فلا بد إذن من تغيير جذري في المنهج إذا كان المطلوب إنقاذ ما بقي من البلاد من انحدار بدا أنه حتمي نحو الفوضى والتفكك. وهذا بدوره يستوجب تغيير الحكومة التي ظلت تتبع هذا المنهج وفشلت في تغييره حتى الآن رغم تطاول بقائها في السلطة. فالحكومة قد فشلت في الحرب، وفشلت في السلم، وفشلت في الحفاظ على وحدة البلاد والدفاع عن سيادتها، كما فشلت في حل أزمة دارفور وفي معالجة أزمات الاقتصاد والفقر والبطالة. ومن نافلة القول أنها لم تفلح في محاربة الفساد، لأنها هي الراعية الأهم للفساد والمفسدين.



    لم يعد هناك إذن من أمل في أن يؤدي إصلاح جزئي إلى تفادي الكارثة، وذلك رغم عدم وجود حتى ما يشبه المساعي إلى إصلاح جزئي. بل بالعكس، نجد هناك مساعٍ لمزيد من احتكار السلطة وتثبيت الفاشلين والفاسدين في مواقعهم. ولا بد عليه من تغيير جذري في أشخاص الحكم وأسلوبه معاً. وقد كان الرئيس عمر حسن أحمد البشير أكد هذا الأسبوع في تصريحات صحفية عزمه على عدم الترشح لفترة رئاسية قادمة في الانتخابات المقررة بعد ثلاثة أعوام. وهو في هذا يكون وصل إلى الموقع الذي وقف فيه كل من رؤساء تونس ومصر السابقين، ورئيس اليمن المرشح للحاق بهما، بعد انفجار الانتفاضات الشعبية. وهذا موقف يحمد له أنه قد تبلغ الرسالة في وقت مبكر نسبياً. ولكن هذا لا يكفي، لأن تغيير المنهج المطلوب لإنقاذ البلاد من نظام الإنقاذ لا يمكن أن ينتظر.



    عليه فمن الحكمة أن يسارع الرئيس فوراً بإعلان موعد جديد قريب لانتخابات عامة رئاسية وبرلمانية، والتمهيد لذلك بإطلاق الحريات واتخاذ إجراءات لضمان حيادية ونزاهة المؤسسات القومية من قضاء وجيش وشرطة وأجهزة أمنية وخدمة مدنية، والفصل الكامل بين الحزب الحاكم والدولة. هذه الانتخابات ضرورية لإعادة دمج المعارضة في النظام السياسي، وبناء إجماع وطني متجدد تلح الحاجة إليه لمواجهة التحديات الماثلة، وعلى رأسها أزمة دارفور وتحديات إصلاح العلاقة مع الجنوب والتصدي للتحديات الاقتصادية المرتقبة. وتصبح هذه الخطوة أكثر إلحاحاً في ظل تعثر الحوار بين الحكومة والمعارضة، ووصول مفاوضات دارفور إلى طريق مسدود.


    ولعل اتخاذ الرئيس قراراً بإجراء انتخابات مبكرة لن يكون فقط تعبيراً عن الشجاعة، بل كذلك عن الحكمة وبعد النظر. فقد أثبتت تجارب السابقين الأولين من بن علي وصحبه أن أي محاولة لمعالجة الأمور بعد تفجر الأزمات عبر حلول إجرائية ستصبح غير ذات جدوى. فلم تنفع الوعود بعدم الترشح وعدم التوريث أو الحوار الوطني أو إجراء انتخابات مبكرة أو غير ذلك من المقترحات بعد تفجر الثورات كما لا تنفع التوبة بعد مجيء أشراط الساعة. والعاقل من بادر بالصالحات السبع المعلومات، وحفظ لنفسه بعض الكرامة، ولأنصاره المخرج المشرف، ولبلده الكثير من الاستقرار والسلام الاجتماعي قبل أن تأتي الطامة الكبرى.

    ' كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
                  

05-24-2011, 07:14 AM

Shawgi Sulaiman
<aShawgi Sulaiman
تاريخ التسجيل: 12-25-2006
مجموع المشاركات: 2536

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    واللقاء السري لعرمان ونقد.. يقول


    آخر الليل: اسحق احمد فضل الله



    &#1645;.. (نتصرف)..
    &#1645; كلمة تقولها الآن كل جهة.. والكلمة يصبح لها كل معاني «جذب الزناد»..
    &#1645;.. والوطني يتصرف.. والحركة.. والتجمع والأمم المتحدة ... وكلهم يتصرف..
    &#1645; .. واللقاء السري بين نقد وعرمان مساء 81/5 الذي يعد للانتفاضة المسلحة.. يتصرف
    &#1645;.. و..
    (6)
    &#1645; والقوات المسلحة «تلطم» لطمة تجعل كل الرؤوس تستدير
    &#1645; ونهار الجمعة كان الاجتماع العاجل بقيادة الحركة الشعبية في جوبا يعلن للحاضرين أن الحركة طلبت تدخل الطيران الإسرائيلي واليوغندي..
    &#1645;.. وقادة الحركة في جوبا «يصنقعون» نهار الجمعة كله.. ولا طائرة واحدة تأتي
    &#1645;.. وقادة الإستوائية الذين يعقدون لقاءً عاجلاً بعد لقاء قيادة الحركة يقولون
    : الدينكا ظلوا يرسلون جنود كل قبيلة لمنطقتهم.. النوير يرسلونهم للقتال في مناطق النوير.. والتبوسا للقتال في مناطق التبوسا.. الآن أبيي دينكاوية.. فليذهبوا هم للقتال هناك.
    &#1645;.. والغيظ يجعل أحد أبرز قادة الحركة الشعبية يهاتف مسئولاً في الخرطوم ليقول له نهار الجمعة = مبروك .. خلي تاني ناس حرب يقولوا عايزين حرب!!
    &#1645; لكن ناس حرب في الخرطوم كان لهم حديث
    &#1645; وفي اللقاء السري مساء الثامن عشر كان عرمان يحدث الحاضرين من قادة الحزب الشيوعي «نقد وصديق يوسف وحسن عثمان» ليقول
    : حضوري إليكم هذا بتكليف رسمي من قيادة الحركة الشعبية.. لأن الحركة الشعبية الآن مأزومة تماماً في الجنوب.. والقضايا العالقة تكتم أنفاس جوبا.. والقضايا هذه يحاصرها الزمن فإنها لن تصل الى حل أبداً قبل 9/7..
    &#1645; وعرمان ينظر إلى نقد ليقول
    : قيادة الحركة طلبت مني الجلوس معكم وإبلاغكم بالنتائج.. لأن ترتيب الحركة هو أن يصحب تصعيد العمل السياسي تصعيد عمل عسكري في دارفور.. ومع الأصدقاء وهو خطوة أولى في عمل حقيقي لحركات دارفور يتزامن مع عمل عسكري في جنوب كردفان..
    &#1645; كان هذا قبل كمين الخميس الماضي الذي فجّر الأحداث
    &#1645; والذي كان بدوره بوابة لعمل مسلح في أماكن أخرى من السودان.. والخرطوم في قلب هذا كله.
    &#1645; لكن الخرطوم كانت تعرف
    &#1645; وعلي عثمان في اليومين الماضيين كان ينظر إلى وفود مجلس الأمن وأمريكا من تحت جفونه.. ويؤجل الحديث لأن الرجل كان ينتظر أن «تكتمل» عملية جنوب كردفان.
    &#1645;.. وأحدهم ينظر إلى حقائب الأمم المتحدة وهى تهتز فوق ظهور الوفد الذي جاء يجري ليقول
    : لو أن الضربة كانت موجهة من الحركة الشعبية إلينا لما جاء أحد
    &#1645; وعلي عثمان وكرتي وغيرهم كلهم يقرأ «كتاب الأحزان وقصة الأمم المتحدة مع السودان»..
    &#1645; ومنتصف ديسمبر عام 1002 كانت توصية كوفي عنان بالاستعداد لدخول قوات الأمم المتحدة في العراق.. ودارفور
    &#1645;.. مع أن مشكلة دارفور لم تكن قد بدأت!!
    &#1645;.. وأمريكا تهدد بالبند السابع عقاباً للسودان لأن السودان يطرد «برونك» بعد اجتماع له مع حركات التمرد وتحريضه الحركات هذه على القتال
    &#1645; وأمريكا = مهتاجة = تعلن أمس الأول أنه على الخرطوم الانسحاب من أبيي .. وعودة الحركة الشعبية.. وإلاّ..
    &#1645; وأحد قادة الوطني يقول
    : لو أن أمريكا تركت لنا شيئاً نخاف فقدانه لكان مفهوماً..
    (3)
    &#1645; لكن دوار جوبا وتخبط حقائب وفد الأمم المتحدة كان لقاء عرمان ونقد يسبقه بالتخطيط لما هو أكبر
    &#1645; وفي اللقاء السري كان نقد يحدث عن تحريك الشارع
    &#1645;.. أولاً تحت مطالب عادية.. مثل مطالب الأطباء.. ثم تحويل الأمر إلى انتفاضة لإسقاط النظام.. هكذا قال
    &#1645; واللقاء يشيد بأنور الحاج لنجاحه في إدارة نقابة الأطباء دون أن تشعر النقابة بشيء.
    &#1645; ثم الإشادة بالسيد حسن عثمان لنجاحه في اختراق اللجان الشعبية وزرع قيادات هناك
    &#1645; وأسماء ترد.. لكن أغرب الأسماء كانت هى ما يشير إليه عرمان وهو يقول
    : علينا استخدام قيادات مثل مبارك الفاضل ومريم الصادق وآخرين دون أن يشعروا
    &#1645; فإن كانت هناك ردة فعل عنيفة من النظام كانوا هم الذين يتلقون الضربة.. بينما القيادة الثورية بعيدة
    &#1645; وبعض الأسماء كان هو عبد الجليل الباشا والتوم هجو وحسن هلال
    قال عرمان
    : تعلمون أننا مكلفون من المجتمع الدولي بطرد الوطني حتى تأتي حكومة متصالحة مع العالم
    &#1645; وصديق يوسف كان يقول
    : تشكيل حكومة مقاومة أمر لابد منه لأنه يزيد الحركة الشعبية قوة.. ويشجع الأحزاب المساعدة للحركة ويحسم جدال الأحزاب المتخاذلة.. فالأمة والإتحادي يشرعان بالفعل في محادثات مع النظام.
    &#1645;.. ونقد حين يسأل عرمان عن خطته لدعم حركات دارفور يقول هذا
    : طلبنا من الحركات المتفاوضة في الدوحة المطالبة بمطالب جديدة كسباً للزمن وترتيبات أمنية تجعل السلطة لها في دارفور
    قال: حدثت مناوي وعبد الواحد أن المظاهرات سوف تكون هى البداية وشعاراتها هي تزوير الانتخابات في جنوب كردفان.. ثم التصعيد للمطالبة بإسقاط النظام..
    &#1645; قال عرمان
    : دعمنا لحركات دارفور سوف يتم عبر ممرات يستحيل على النظام أن يكتشفها .. وعبد الواحد أبلغني أنه ومناوي سوف يقودون المعارك بأنفسهم
    &#1645; كانت هذه هي بعض نقاط اللقاء السري الذي يعد للانتفاضة المسلحة في الخرطوم بقيادة نقد وعرمان وعبد الواحد ومناوي.
                  

05-25-2011, 06:13 PM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: Shawgi Sulaiman)

    ما هي علاقة (علماء السودان) بشؤون الفن؟ ..

    بقلم: صلاح شعيب
    الأربعاء, 25 أيار/مايو 2011 10:07

    الذي لا يفهم شيئا في الفن لن يستطيع، طبعا، أن يوفيه حقه كما لو أن الفنان يفعل. والفن فنون. ما أنزل الله بها من سلطان في زمان الثقافة الرقمية. ومنزلة الفنون هي بين (تجميل الوعي وترسيخ التسامح) و (ترهيف الوعظ وتعميق الإرشاد). ورسالتها أدعى للحوار، إتفق أو إختلف الناس على مداة فنية ما. فليس من شأن الكاره لفن ما، أو المختلف مع ملاحم فكرية ما، أن يدعو لقمعها، لمجرد أنه لا يفهمها، أو لا يستوعبها، أو يحرجه أن فهمه أقل من أن يستوعبها.


    الأجدى في حالات (عسر الفهم العلمائي) لفك شفرة مادة فنية، هو أن يستعد علماء الدين وغيرهم للتحاور مع الفنانين لفهم مقاصدهم. فالإستعداد للتلقي أفضل من إستعدائه. حوار أي فرد ، وليس علماء الدين فحسب، مطلوب مع علماء الفن. وللفن علماء بتاريخه، وأنسابه، وأفخاذه حتى. وإن كان حوار هؤلاء الفئة من المجتمع مع الفنانين مطلوب، فليس هو حوار من موقع إستعلائي ديني، أو وطني، وإنما من موقع إستيعاب المختلف، أو تشكيل رؤية لما غمض في ذهنهم. هذا ـ طبعا، أيضا ـ إذا كان الدعاة، أو الفقهاء، يوقنون أن ما يؤتى بالسيف يؤتى أيضا بالحوار، وذلك درعا للمفاسد وجلبا للمصالح. وتوفيرا لطاقة أمة محمد. وإلا فلن يكون الدين قد قطع شيئا، أو أبقاه، وحاشاه. فهو ليس فتنة أشد بين الناس.


    مناسبة كل هذا الدفق، والذي بعضه روحاني، هي أن فيضا من علماء السودان، يمثلون مذهبية محددة، إجتمعوا بالرئيس، ثم إنتقدوا في مذكرة رفعت له ـ ضمن إنتقادات كثيرة ـ " ‏انتشار الموسيقى والغناء في القنوات والإذاعات، داعين إلى إستراتيجية إعلامية تقوم على نشر الفضيلة". ولعل هذا المطلب ينهض على سوانح تلوح لجعل الأسلمة كاملة لمجتمع حزين، عقب شطر نهائي لجزء حبيب إليه.
    وحقا، لا يسترعي أمر المذكرة إنتباهنا، أو (إنتباهتهم)، إن جاء في واقع تظلله العلمانية الكاملة. ولكن يسترعينا عندما يجعلنا الفقهاء ندرك الآن فقط أن الإستراتيجية الإعلامية المطبقة طوال العقدين الماضين غير كافية في نشر الفضيلة، أو أن الفضيلة غير مضمنة فيها. أما أمر إنتشار الغناء في السودان فمرده إلى سياسة إعلامية لا تبيح تكفير المغنيين والمغنواتية طوال هذه المدة، وإن قست عليهم. ثم ماذا تفعل القنوات المسيرة، والمستثمرة، بواسطة (إسلامويين بررة) إذا كانوا يرون أن الرئيس يحفظ عن ظهر قلب لعثمان حسين، ويردد، بغير إجازة صوت، وعلى أسنة الاشهاد، مقاطعا موحية من غنائه؟. بل ولا يني الرئيس من تأكيد معرفته بشاعر (الفراش الحائر) أو (شجن) أو معرفة عناوين تلك التصاوير التي بذلها بازرعة، أو دوليب، أو قرشي محمد حسن، أو الحلنقي.


    في حال إختلاف الإخوة العلماء مع دعوة (الفن للفن) بدلا عن متعاكستها (الفن للحياة) لأمكن لنا التعاطف معهم من موقع ضعفنا في الحصول على إمتياز مقابلة الرئيس والشكوى إليه من خطل ما يدعون. ولكن أن يسوئهم إنتشار هابط للغناء والموسيقى مع عدم وجود إستراتيجية تقوم على نشر الفضيلة فإن ذلك يسوئنا أيضا.
    ففن الغناء ـ إذا تركنا جانبا الموسيقى البحتة، أو الحافية من خبز الكلام ـ هو جزء من نسيج معرفة شبعنا. وما إحتاج إليه إلا لإعلاء القيم بالوسائل التي تتكامل مع وسائل المدرسة، والمسجد، والندوة. أما إذا كان مقصد علماء الدين المتذمرين غناء محددا، يرون فيه منقصة للرجولة مثلا أو سببا للتفسخ الإجتماعي، فإننا إزاء تذمرهم متجاورون بالإتفاق. فرسالة مدارس الفن الغنائي ـ من حيث هي ـ مضبوطة وتتماشى مع تقاليد المجتمع، وما شذ لا قياس له، فهو الشذوذ الطبيعي لأي ممارسة إنسانية. نحن نتضامن مع العلماء في الشكوى من غياب الإستراتيجية الإعلامية التي تطيب الخواطر وتكشف مكنونها الإبداعي الحر. ولكن المشكلة أن العلماء الذين قابلوا الرئيس لا يفقهون مدارس الغناء والموسيقى ودورها في بناء وطن ينعمون هم فيهم الآن بما لذ وطاب من إمتيازات كان أولى بها أولئك المساكين.


    إن طريق فقهائنا طويلة من أجل الإيفاء بمستلزماتهم الدينية، والسياسية، والأخلاقية. وإن كانوا قد ركزوا، مرارا، على قول الحق تجاه الحكام لما أحتاجوا لتذكرة تمد نحوه، وهي التي تعني بضرورة وضع إستراتيجية للفضيلة بعد كل هذه السنين. فأولوية رجال الدين أن يجتمعوا إلى المساكين الذين أقعدت بمروءتهم سياسات إقتصادية، والوقوف على أثر سياسات الحاكم قبل الوصول إليه، هذا إذا كانوا يريدون الرضوان. ولا ندري كيف يقابل هؤلاء العلماء ربهم وهم لا ينصرون مظلوما في البوادي والقرى، و لا يغيثون ملهوفا بالتضامن مما أفاء الله عليهم من فصاحة، ولا يتفرغون لخدمة المجتمع عبر منظماته العديدة.
    إن تشذيب قنوات الإعلام، بإستراتيجية أو بدونها، أمر مطلوب كما أن تجفيفها من الفن الهابط أمر دونه خرط القتاد. ولكن لماذا تغيب فضيلة وإيثار ومروءة العلماء نحو أهل الفن، إذ هم لا يضمنون في مذكرتهم فقرة تطالب بتسهيل أمور الرسامين، والمسرحيين، والملحنين، والسينمائيين، ونقاد الفنون والتوصية بإفتتاح دور مسرحية على عرض البلاد وطولها لتقديم العروض الراقية؟ هل فات على علماء السلطان أن يعرفوا قيمة هذه التسهيلات وأثرها في رتق النسيج الإجتماعي وتطوير فنون الأمة، أم أنهم يريدون المجتمع خاليا من أي حس فني وبلا فنون تعكس ثقافاته المتعددة والمتنوعة؟


    إن هؤلاء العلماء إذا تواضعوا لإحتاجوا إلى كورسات في الموسيقى، وفن التشكيل، والمدارس النقدية الفنية ليستوعبوا قيمة الفن قبل أن يرفعوا المذكرات الشاكية عن وجود تكاثر في العرض الغنائي والموسيقي في البرامج العامة لهذه القنوات التي إزدهرت في الدولة الرسالية. ولا يعقل لعاقل عالم أن يحث على تقليل العرض الغنائي وهو نفسه يخفي رأيا سلبيا دفينا حول الفن. فمن دون المطالبة بتكريم أولئك الفنانين الذي حفظوا حدودا للبلد عبر الأناشيد الوطنية المعمقة للإنتماء الوطني سيتم الإشتباه في القول بتحجيم طلة المغنواتية على الشاشة. ومع ذلك، هل يدرك الكاره للفن قيمة الدعوة للإحتفاء بذكرى فنانين عظماء قدموا لهذا الوطن تراثا من العطاء دون أن يداهنوا سلطانا، أو يماروا حاكما، أو يحظوا بمقابلة أحدهم؟. لقد مضوا ولم يشدوا قصورا بجوار حاكم أو في الأحياء الشعبية.


    الوضع الآن في مجالات الفكر والثقافة والفنون معبر حقيقي عن صمت العلماء عن الصدع، أو الصدح، بكلمة الحق تجاه السلطان الجائر. فعلماؤنا أخذوا من الدين فقه عباداته وغضوا الطرف عن تطبيق فقه معاملاته. وليس كافيا عند الله أن يتمشدق العلماء بوعظ لا علاقة له بالواقع بينما تتناسل ثرواتهم ويكثرون في التزواج في زمن ضربت العزوبية والطلاقات بنية المجتمع. فمن ضمن متطلبات الإسلام أن يبحث حداة ركبه اسباب العوز والفقر الذي ألم بالمجتمع وأن يتقدموا صفوف المطالبين بوجود شرعية للسلطة الحاكمة، وبوجود ديموقراطية تتيح الفرص لمذاهب المسلمين كي تتحاور بالحسنى لتطوير أسس وأحكام ومبادئ النظر إلى الدين، وبوجود شفافية تضبط مرافق الخدمة العامة.
    فالإسلام دين الحرية ولا يمكن أن تتحقق للإسلام معانيه في ظل قوانين الإستبداد التي لا تثير حنق الساعي لحسن الخاتمة. كل هذه المطلوبات، وما لم تذكر، ينبغي أن تتصدر هموم رجال الدين الذين يريدون ربط الممارسة العامة بقيم السماء، ولكن كيف يدرك رجال الدين دورهم دون أن يتعمقوا في حقيقة أن شؤون الأرض تفرض معرفة قبل الحكم عليها.


    لقد غابت الأفكار الجديدة التي تجتهد في تجديد الفهم للإسلام وهذا التواتر التاريخي الإسلامي، وبالتالي صارت سوح الفكر نهبا لاصحاب الحظوة ممن أعانهم مناخ الحاكم في خدمته وخدمة مشاريعه التي لا تعود بالنفع على أغلبية المسلمين. وإذا كان الدين قد حض على طلب العلم وبسط المعرفة، فإن الذين يتصدرون الدعوة لتحقيق المعاني الإسلامية هم الأكثر جهلا بثقافة العصر الرقمية. فمن جهة فهم لا يقرأون هذا النتاج ولا يترجمون ولا يسعون للفهم كما كان فلاسفة وعلماء الإسلام في القرون الوسطى، وإن قرأوا فإنهم لا يتمثلون المضامين والغايات. وإن فهموا ضنوا في إظهار الحقيقة. أما مجتمعنا الإسلامي فهو الاكثر جهلا بقيم الدين والعلم، والسبب يعود في المقام الأول إما إلى تحول العلماء إلى أدوات طيعة للسطان يحركها كيفما إتفق، أو إلى صمت غالبية فئات العلماء التي تلقت علوما شرعية وفقهية وبالتالي تكدس حراكهم في التنظير الديني الذي لا يمس معاناة الناس وأولوياتهم.
    salah shuaib [[email protected]]
                  

06-12-2011, 10:45 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    الكارثة!! (1)
    June 6, 2011

    عمر القراى


    إن السودان بجانب ما يرزح تحته الآن من حروب، وما يتهدده من المزيد منها، في مناطق أبيي، وعلى طول الخط الفاصل بين الشمال والجنوب، وما يعاني شعبه من النزوح، والهجرة، والمعيشة في المعسكرات في دارفور، مقدم الآن، على كارثة ماحقة، إذا لم يتم تغيير حقيقي، في سياسات الدولة، بشجاعة، وصدق، ووطنية حقيقية، تتعالى على المطامع الشخصية، والمظاهر الدينية الفارغة، وأهواء القمع والتسلط.

    فهناك غلاء فاحش في الاسعار، يزيد كل يوم، إذ أن سعر زيت صباح عبوة اللتر بلغ سعره 9.5 جنيه، بدلاً من 6 جنيهات. وعبوة 2 لتر ارتفع إلى 17 جنيه، بدلاً عن 12 جنيه. وبلغ سعر 4.5 لتر 38 جنيه، بدلاً عن 25 جنيه. أما لبن البودرة فقد قفز بصورة ملحوظة، حيث بلغ سعر كرتونة لبن كابو 115 جنيه، بعد أن كان 104 جنيه. وبلغ سعر عبوة 2.5 كيلو 50 جنيه، بعد ان كان 42 جنيه. فيما بلغ سعر لبن بدرة ليدو عبوة 2.5 كيلو 46 بدلاً عن 40 جنيه. وكيلو دقيق القمح 2.7 جنيه. كما ان هناك زيادة في أسعار صابون البودرة نوع وايت، حيث بلغ سعر 4 كيلو 18 جنيه بدلاً عن 12 جنيه. أما صابون الغسيل العادي، فقد بلغ سعر الكرتونة 13 جنيه، بدلاً عن 9 جنيه. وبلغ كيلو العدس 7 جنيه بعد أن كان 6 جنيه.

    وبلغ سعر الربع من دقيق الذرة 15 جنيه، والربع من الكبكبي 23 جنيه، وربع العدسية 20 جنيه. أما الذرة الهجين فقد وصل سعر الجوال منه إلى 20 جنيها، ويرجع الانخفاض إلى ضعف الإقبال على الصنف، بينما حافظ الدخن على 61 جنيهاً. وبلغ سعر القمح 140 جنيه للجوال.

    وتشهد البهارات ارتفاعا ملحوظاً في أسعارها، حيث ارتفعت أسعار الويكة وهي عدة أنواع والربع منها 35 جنيه، وهناك نوع آخر منها ب 52 جنيه.

    وبلغ رطل الشمار 5 جنيهات، ورطل الكسبرة 4، ورطل البن 5 جنيه، ورطل الجنزبيل 8 جنيه، ورطل القرفة 5 جنيه. ورطل الثوم 9 جنيه، ورطل الكركدي 8 جنيه، ورطل الفلفل 20 جنيه. وسعر جوال الفول 600 جنيه. وجوال الفاصوليا 400 جنيه، فيما وصل سعر جوال الأرز عبوة 10 كيلو إلى 52 جنيهاً، ليباع الكيلو منه 6 جنيهات. وبلغ سعر كرتونه شاي الغزالتين 73 جنيها، مقارنة بسعره في حدود 60 جنيها في السابق، ورطله ب 7 جنيهات.

    وبلغ كيلو اللحم البقري 20 جنيه والعجالي 22 والعجالي الصافي 24 جنيه والضأني 26 جنيه(المصدر: زيارة شخصية للسوق). هذه الأسعار رصدت قبل أسبوعين، وهي في إرتفاع مستمر، وربما كانت اليوم أكثر مما ذكرنا هنا. وهذه سلع ضرورية، لا غنى لأسرة عنها، فإذا علمنا إن الحد الأدنى من الأجور، لا يتجاوز حوالي 300 جنيه في الشهر، وهذا تقريباً مرتب المعلم خريج الجامعة، فكم من الأسر تستطيع شراء هذه الضروريات ؟! هذا بالإضافة الى مصاريف المدارس، والعلاج، واللبس، والإيجار، والمواصلات.

    مع ملاحظة ان هذه الأسعار في الخرطوم وهي أضعاف ذلك في دارفور أو جنوب النيل الازرق والأقاليم البعيدة.
    إن هنالك إرتفاع في الاسعار في دول كثيرة، ولكنه لم يبلغ المستوى الكارثي الذي يحدث في السودان فقد (جاء في صحيفة الواشنطن بوست الثلاثاء 19 أبريل بأن البنك الدولي يذكر إن الأسعار في العالم ارتفعت بنسبة 36% خلال عام مما يدفع بالناس نحو الفقر. وذكر ان أكثر الاقاليم معاناة هي أفريقيا حيث بلغت نسبة ارتفاع الأسعار في الثلاثة أشهر الماضية نسبة 87% في السودان، وحوالي 25% في كل من كينيا ويوغندا والصومال وموزمبيق) (المصدر: حريات الإلكترونية 20/4/ 2011 نقلاً عن الواشنطن بوست الأمريكية).

    هذا هو الوضع الآن قبل إنفصال الجنوب، فماذا سيحدث بعد ذلك ؟ (قال الخبير الاقتصادي ومحافظ بنك السودان المركزي السابق الشيخ سيد أحمد إنه بعد الانفصال سيستمر تدهور الاقتصاد السوداني لفترة 10 سنوات، فضلاً عن استمرار الفقر والبطالة والعجز في الموازنة، واستمرار عدم الرؤية لبناء اقتصاد فاعل، وأبان أن جميع هذه الدلائل تشير إلى المستقبل المظلم للاقتصاد السوداني، وأضاف أن المشكلة الرئيسية هي في غياب الرؤية لبناء اقتصاد، وأرجع الامر إلى وجود إدارة غير كفؤة للاقتصاد، وعدم قدرة القيادة السياسية على قراءة الوضع الاقتصادي، وزاد «لهذه الأسباب ظلت تتعمق المشاكل في جميع الجوانب»، مشيراً إلى أن صادرات البترول لفترة 10 سنوات بلغت 50 مليار دولار، واعتبر هذا يدل على أن هناك نموذجاً أسوأ لإدارة الموارد، موضحاً أن برنامج النهضة الزراعية هو عبارة عن إهدار للموارد، مرجعاً ذلك الأمر إلى أن إدارة الاقتصاد قامت على معدل النمو وليس التنمية، وإفراغ معنى التنمية، وأضاف أن الخلل في النهضة الزراعية يأتي لأنها إذا نجحت لا تغير في هيكل الاقتصاد ولن تؤدي إلى نقلة في هيكل الاقتصاد، مشيراً إلى أن الإنتاجية الزراعية لم تزد منذ بداية النهضة الزراعية، وأضاف أن افتراضات النهضة الزراعية لم تتغير ولم تؤد إلى زيادة الإنتاجية وجميع المعطيات إذا لم تحرك الإنتاجية لن تحرك التنمية والنمو، وقال إن النهضة الزراعية تمت في إطار جزئي وليس شاملاً، واستطرد أن الفساد هو الأصل في السودان، فضلاً عن أن عدم الكفاءات في الإدارة هو الأصل في جميع المؤسسات، مبيناً أن هذا الأمر سيؤدي إلى تأخر السودان)

    المصدر: http://www.alhadag.com/reports1.php?id=5144
    إن هذه الشهادة، تأخذ قيمتها بالإضافة الى مهنيتها، كون صاحبها كان محافظاً لبنك السودان، من أنه أيضاً قد كان من الكوادر الرئيسية للإتجاه الإسلامي، منذ أن كان طالباً بجامعة الخرطوم.

    هذا الوضع المأساوي لإرتفاع الأسعار الجنوني، مع ضعف المرتبات، وكثرة الجبايات، أدى الى إنتشار غير مسبوق للفقر.. فقد جاء (يشير “التقرير الاستراتيجي السوداني” إلى أن البلاد شهدت خلال العقدين الأخيرين ازدياداً مطرداً لظاهرة الفقر، حيث بلغت نسبة الفقر 94% من إجمالي السكان، وتتراوح هذه النسبة بين 75.4% لولاية الخرطوم، 95.4% لولاية غرب دار فور… ولقد نظمت مجموعة “أبحاث الفقر” بالتعاون مع مؤسسة “فريد ريش أيبرت” الألمانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ورشة عمل عن الفقر في السودان مع نهاية عام 1998
    ويعزى انتشار الفقر في السودان لأسباب عديدة، أهمها

    أ) الفشل المتوالي للسياسات الاقتصادية الكلية، خاصة سياسة تحرير الاقتصاد، التي تبنتها الدولة منذ التسعينات.
    ب) حدوث الكوارث الطبيعية كالجفاف والتصحر والفيضانات بصورة متكررة.
    ج) الحروب الأهلية وعدم الاستقرار السياسي.
    د) نزوح سكان الريف المنتجين إلى المدن والمراكز الحضرية الكبرى.
    هـ) فساد الإدارة وأجهزة الحكم وغياب الشفافية والمسؤولية.
    و) فشل السياسات الزراعية لأسباب ترتبط بمشاكل الري وارتفاع تكلفة الإنتاج وإعسار المزارعين.
    المصدر: http://www.facebook.com/topic.php?uid=235231162664&topic=20488
    ولقد تسبب هذا الغلاء، والتدهور الإقتصادي، والفقر في ان تنتشر في هذا الشعب، الأمراض الخطيرة، بصورة وبائية فظيعة، فقد جاء (ازدياد عدد المصابين بالسرطان الي 12 ضعف خلال الاعوام القليلة الماضية..عدد المصابين بالسرطان كان أقل من 500 حالة عام 1964، ارتفعت الي 450 ألف حالة عام2006)(الصحافة ا\4\2011). ولقد (أقرت وزارة الصحة بارتفاع حالات الإصابة بمرض الدرن (السُّل) الي 60% من الحالات الجديدة، بواقع 180 حالة وسط كل 100 ألف شخص. وقالت الوزارة انه يتعين علاج 85% من الحالات المكتشفة لايقاف انتقال العدوي. وعزت الوزارة انتشار المرض الي “تفشي الفقر المدقع وسوء التغذية، وان السودان يمثل الدولة الثانية في المنطقة من حيث الإصابة.”

    وذكرت الوزارة أن الدرن يمثل 16% من حالات الوفيات بالمستشفيات… وكشف مصدر مسؤول ل “الصحافة” فضَّل حجب اسمه ان مرض الدرن قد انتشر بصورة واضحة في الولايات الشرقية، وبمعدلات كبيرة مع نقص الكوادر، مبيناً أن ولاية كسلا لا يوجد بها اختصاصي صدرية، ولا يوجد قسم خاص بالمستشفي إلا عنبر وحيد متهالك، وكذك الحال في جنوب طوكر، حيث يتسبب الدرن في وفاة ثلاثة من كل خمسة مصابين، ولا يوجد مستشفي)(الصحافة 2\4\2011).

    والذين أصابهم المرض من الفقر، وسوء التغذية، لا يجدون حق الدواء بسبب ارتفاع أسعاره، ثم بسبب السياسات الخاطئة التي لا تعتبر الإنسان أولوية، بل تكرس لظلمه، واضطهاده، وتعريضه لأسوأ الظروف بما فيها تركه ليفترسه المرض. ولعل من أفضل الشهادات في هذا الصدد ما ورد من وزارة الصحة، إذ جاء (وقالت اقبال أحمد البشير، وزيرة الصحة بولاية الخرطوم، ان هنالك مشكلة في تقنين اسعار الدواء بالنسبة للمواطن.

    وطالبت مجلس الأدوية والسموم بتفعيل لائحة تسعير الدواء حتي يتمكن المواطن من شرائه. وأفادت دراسة حول تقنين أسعار الدواء في السودان ان السكان الذين يحصلون علي الأدوية الأساسية اقل من 50%، وان 79% من الصرف علي الخدمات العلاجية من المواطنيين أنفسهم. وحذرت من ان حدة الفقر وانتشاره في السودان يعرضان شريحة كبيرة للمرض، وأشارت الي ان 44% من الأدوية غير مقدور علي شرائها، وقالت ان أسعار الأدوية في السودان هي الأعلي في إقليم شرق المتوسط، وتعادل 18 مرة السعر الدولي المرجعي، واكدت الدراسة ان 85% من سكان المدن بالولايات الشمالية تحت خط الفقر، وأن 93% من سكان الريف من الفقراء.

    وحذر نقيب الصيادلة السودانيين، صلاح سوار الذهب، من مغبة ارتفاع اسعار الدواء وإحجام المواطنيين عن شرائه بسبب زيادة الرسوم الحكومية، التي قال انها في زيادة مطردة نتيجة لتعدد الرسوم والضرائب والجمارك)(الصحافة 3\4\2011).

    ومن ضمن غلاء وغياب الدواء، يأتي تعثر التطعيم، مما يزيد من وفيات الاطفال.. فنقرأ (السودان يسجل أعلى الأرقام في وفيات الأطفال عالمياً: أعترفت وزارة الصحة الاتحادية بعجزها عن تطعيم 300 ألف طفل في السودان. وكشفت مديرة إدارة التحصين الموسّع بالوزارة دكتورة أماني عبد المنعم عن ارتفاع معدلات وفيات الأطفال بالسودان في العام الماضي إلى «112» حالة وفاة من بين ألف حالة ولادة، وأشارت إلى أنها تُعد النسبة الأعلى في العالم. في وقت أبدت فيه منظمة الصحة العالمية قلقها من ارتفاع وفيات الأطفال في العالم إلى أكثر من مليون طفل سنوياً بسبب الأمراض الوبائية الناتجة عن عدم التطعيم).

    المصدر: http://www.alahramsd.com/ah_news/6078.html
    وهكذا فنحن الآن شعب يعاني من الغلاء، والفقر، والمرض، ووفيات الأطفال، وبدلاً من ان تهتم الحكومة بهذه الأمور، وتجعلها أول أولوياتها، تستمر في الحروب، وتزكي من نيرانها.. وتوظف إمكانات الشعب، وهو مقبل على كوارث إقتصادية طاحنة، الى المزيد من شراء السلاح، مما يحرمها أي تعاون دولي، أو إقليمي، أو جدولة، أو إعفاء لديون تفاقمت، من غير سداد، كانت قد أستغلت في مشاريع كالسدود، أصبحت من نذر الحرب الأهلية في الشمال، بالإضافة الى دارفور، وأبيي، وجنوب النيل الازرق، وجبال النوبة، إذا تنصلت الحكومة عن المشورة الشعبية، كما تنصلت عن استفتاء أبيي.
                  

06-12-2011, 10:53 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    من يحكم السودان!؟ فتحي الضَّـو
    منذ 19 ساعة 22 دقيقة
    حجم الخط:

    فتحي الضَّـو

    [email protected]


    قبل نحو عقدين من الزمن أو يزيد قليلاً، كنا ثُلة من الأصدقاء والزملاء نتحلّق حول ضابط من ضُباط قوات (الشعب المسلحة) وكان قد قدم للتو من الخرطوم إلى القاهرة، قبل أن تُصبح الأخيرة محط أنظار المعارضين بصورة سافرة. وكان من بين الحاضرين من يعرف القادم الجديد معرفة تبدو وثيقة، فسأله أحدهم بصورة مباغتة لا تخلو من دهشة توارت بين ثنيات السؤال.. إنت يا سعادتك (ولولا خشيتي مما لا يُحمد عقباه، لذكرت اسمه) الزول ده (ويقصد العميد عمر حسن أحمد البشير، ولا أتذكر إن كان يومئذ قد أصبح مشيراً أو فريقاً، مع أن كليهما لا يفيدان شيئاً في قصتنا هذه) المهم مضى السائل في سؤاله وقال له: فصلك ليه مع أنكما عملتما مع بعض (وذكر له اسم حامية عسكرية، نسيتها الآن) وسكنتما متجاورين لسنوات، بل كنتما أصدقاء أو شيئاً من هذا القبيل؟. فأمّن الضابط الضيف على كل الملاحظات وقال له: الحقيقة أنا قابلت عُمر بعد الفصل (يقصد الفصل التعسفي أو ما سُميّ احتقاراً بالفصل للصالح العام) وسألته نفس السؤال.. فاعتذر لي وقال إنه لم يكن يعلم!


    لم يشأ السائل أن يجعل الدهشة تأخذ دورة لولبية في رؤوس السامعين جراء إجابة الضيف الصاعقة، فقال له: طيب بالله بصراحة كده رأيك الشخصي فيه شنو بغض النظر عن موضوع الفصل ده؟ تنهد المُسائل كمن يختزن سراً دفيناً أُجبر على كشفه تحت وطأة تعذيب وقال: بأمانة يا جماعة، الزول ده طيلة معرفتي له، والتي امتدت لسنوات فيها الحُلوة والمُرة، ما شفت منه حاجة! ثمّ صمت برهةً كأنه يسترجع وقائع ذكريات بدأت تخبو في تلافيف الذاكرة، وأردف كأحد مُخرِجي أفلام الإثارة.. بس في الحقيقة عنده عيب واحد! وهنا اشرأبت الأعناق، وتهدلت الشفاه، وكادت العيون أن تخرج من محاجرها، في حين بدا صاحبنا الذي كان يمسك بدفة الأسئلة متحفزاً أكثر من الآخرين، كأنه يرمم بمهارة الإحباط الذي أصابه جراء الإجابة السابقة.. أو هكذا تراءى لي. ثمّ صدرت عدة أصوات بمعنى واحد كأنها جوقة موسيقية، كانت ترجو الإسراع في كشف السر المكنون من مظانه.. أها قلت العيب شِنو؟ فقال الرجل باقتضاب شديد: كان كضاب! (ويعني كذاب لغير الناطقين بدارجية أهل السودان) ثمّ جال ببصره بين الحاضرين كأنه يود أن يرى وقع ما ذكر في سيمائهم. وكعادة بعض أهل السودان حينما يودون أن يستقر حديثهم في أفئدة وعقول سامعيهم، قال واثقاً: والله على ما أقول شهيد يا جماعة!


    ليس بعد الكفر ذنب كما يقولون، ولكن الأشياء في ذاك البلد التعيس آيات تنسخ آيات. لم يكن القائل في حاجة لأن يشهِد الله فيما ذكر، وبالقدر نفسه لم يكن أهل السودان أنفسهم في حاجة بعدئذٍ لأن يعرفوا المزيد عن رئيس أصبح يتحرى الكذب حتى كُتب في لوحهم كذاباً. ولكن هل يا تُرى يعلمون أن رئيسهم الذي نصّب نفسه أو نصبه رفاقه كان قاتلاً أيضاً؟ بالطبع أن لا أعني الأرواح التي أزهقها بعد وصوله لسدة الحكم. سواء العشرات من الضابط والجنود الذين أُعدموا في العشر الأواخر من رمضان وعشية عيد الفطر المبارك، أو الشباب اليُفع أمثال مجدي محمد أحمد وجرجس القس يسطس وأركانجلو داقاو، أو الطُلاب الأبرياء في الجامعات والمعاهد، أو زملاءهم في معسكر العيلفون، أو المواطنين العُزل في بورتسودان وأمري وكجبار، أو حتى مئات الآلاف الذين قُتلوا في دارفور الذين سُئل عنهم مرةً، فأجاب بما هو أنكى وقال: إنهم لا يتجاوزون العشرة آلاف. الواقع أنا لا أعني هؤلاء ولا أولئك، وإنما أقصد تحديداً، حادثة قتل معلومة يعرفها قلّة من الناس، ارتكبها المذكور قبل وصوله لسدة الحكم!



    نعم كان ذلك قبيل انقلاب الثلاثين من يونيو المشؤوم بفترة قصيرة، يومذاك كان (أسد البرامكة) قائداً لمنطقة غرب النوير العسكرية ورئاستها ربكونا. ويبدو أنه كان ثملاً بالبروجاندا الإعلامية التي أسبغتها عليه صحافة الجبهة الإسلامية في أنه حامل لواء النصر الوهمي في تحرير (ميوم) من الخوارج كما كانت تنعت مقاتلي الحركة الشعبية لتحرير السودان. الذي حدث يومذاك أنه كان يسير على رأس قوة عسكرية صادف أن مرت بقرية صغيرة تحتفل بمناسبة زواج. توقفوا فاستأذنه أحد جنوده في إطلاق طلقات في الهواء، وفعل الجندي ذلك بيدٍ واحدةٍ في دلالة استعراضية أمام الحاضرين. أراد (أسد البرامكة) أن يفعل الشيء نفسه، ولسبب ما لم تطاوعه يده فطاشت منه رصاصة استقرت في صدر فتاة صغيرة كان ترقص طرباً مع الراقصين. ذهبت روحها إلى بارئها عوضاً عن أن تعانق فارس الأحلام الذي منت به نفسها كسائر خلق الله. وكعادة أهل السودان في الملمات والمصائب تدخل الوسطاء (الأجاويد) لأن الجاني غريب الديار كما قالوا. فعفا أهل الدم عنه بعد أن دفع لهم دراهم معدودات، وسواء زادت أو نقصت عن الدية، فإنها لن تعيد نفساً رحلت للعالم الآخر!



    بالإشارة لعنوان المقال، فرغم الحزن الخاص الذي يعتصر قلبي، وجدت نفسي أتأمل قضية الحكم التي ابتذلتها العُصبة ذوي البأس، ذلك لأن للوطن حزن أكبر كاد أن يُصبح سرمدياً. وبالرغم من أن كلنا يعلم أن السلطة في السودان لم تعد ذات السلطة التي تواصت عليها البشرية عبر حقب مختلفة، وتوصلت فيها إلى مجموعة قيم ونُظم تضبط إيقاعها.. مثل الديمقراطية والشفافية والمؤسسية والحرية والعدالة الاجتماعية والمحاسبة والفصل بين السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية. لهذا لا غروّ أن شهد الناس ما لا يمكن أن يحدث في الدول المحترمة، الرئيس الكذاب (رُؤس وتُيس) كما نقول في أمثالنا العامية. أذكر أن أحد الذين أثق في قولهم ويمتّ له بِصِلة قربى، قال لي: إنه كلما زاره في بيته في تلك الأيام عقب الانقلاب، وجده ممسكاً بـ (الريموت كنترول) يتنقل بين القنوات الفضائية باستمتاع طفولي، دون أن يطرق بابه أحد، أو حتى يحادث أحداً عبر الهاتف، وذلك طيلة الفترة التي كان يمضيها معه وتمتد لساعات. وهو حال استمر لنحو عقد من الزمن كما تعلمون. ثمّ يشهد الناس السلطة المُبتذلة تنقسم على نفسها، ويقول الحاكم الحقيقي في مؤتمر صحفي على رأس القوم، إنهما اتفقا على أن (يذهب هو للسجن حبيساً والمذكور للقصر رئيساً) وهي عبارة لو قيلت في بلد غير السودان لتظاهر الأموات في أجداثهم. ثمّ يدخل القائل للسجن الحقيقي، ويصبح للقصر رؤوس عدة لا يعرف المرء من الحاكم ومن المحكوم. ثمّ تتنازع هذه الرؤوس الرئاسة من وراء حجاب، حتى طمع فيها صلاح قوش القاتل الآخر، ونافع علي نافع الذي قال عنه الترابي إن لسانه يتبرأ منه!



    لهذا معذرة للأذكياء إن جاء العنوان أعلاه كسؤال تقريري إجابته لا تخفى على أحد، وأعترف رغم نمطه التقليدي إلا أنه أوحى لي بمستجدات تشحذ الهمم وتوقظ الألباب. حدث ذلك أثناء مشاهدتي الرئيس الضرورة يخطب في جمع من المدرسين بمناسبة انتهائهم من تصحيح الشهادة. علماً بأن ما شاهدته ليس جديداً ولا فريداً، فهو يعد مثالاً لحالة ظلت تكرر نفسها أمام ناظرينا بلا كلل أو ملل طيلة العقدين الماضيين. وكان المذكور قد خصص حديثه لأبيي وما أدراك ما أبيي. ولسنا بصدد استعراض أو استفراغ ما قال، فقط وددت الإشارة لتلك الصورة النمطية التي فُرِضت علينا، فهو كالعهد به يُظن أن حديثه لا يمكن أن يُسمع إلا وهو غضبان أو بالأحرى مدعيٍ الغضب. فقد كانت تعابير وجهه تتمدد وتنكمش بصورة تكاد تسقط الأجنة في الأرحام. وحتى تكتمل الغضبة العُمرية، كان يلوح بيده كأنه يخوض معركة شخصية، وذلك في إشارة للهلاك والدمار والموت الزؤام. ألم يمرر ذات يوم يده على نحره مثلما يفعل القصاب مع ذبيحته وقال متوعداً (الترابي يستاهل الضبح!) ولعمري لم أر شخصاً يستخدم الأصبع السبّاب في وظيفته المُسمى بها مثلما يفعل المشير. ويعلم الله خالق النفس المطمئنة أن جزعاً انسلَّ إلى قلبي بالرغم من أن بيني وبينه بحور ومحيطات!


    ولكن مهلاً يا هداك الله، هل كنت أطمح لأن أشاهد منظراً غير الذي ذكرت؟ ليس لأن ما ذكرت لا يعد مألوفاً في حياة الرؤساء الطبيعيين، وليس لأن المذكور نال شرف الإنتماء لقبيلة المهرجين بلا منافس، أو لأنه استمرأ الكذب لدرجة الإدمان، وليس لأنه اعتاد أن يُطيِّر أعتى القرارات المصيرية في الهواء الطلق وينكص على عقبيه، وليس لأنه استعذب الرقص على أشلائنا حتى في أقسى اللحظات التي يمر بها الوطن الجريح. ولكن ببساطة لأننا لم ننتخبه، فلمْ إذن نتوخى الحكمة لتنثال من بين صدغيه وتشع علينا سراجاً منيراً وهادياً نصيراً. والمفارقة أن الرئيس المُفدى هو صاحب القول المأثور في تفسير شئون السلطة وشجونها (جبناها بالبندقية والعايزها يجي يقلعها مننا بالبندقية) وهذا قولٌ - يا عافاك الله - جعل من ميكافيللي مجرد تلميذ في بلاط صاحب النياشين والأوسمة! ولكن قمة التراجيدكوميديا لو تعلمون، أن المدعو صلاح قوش استلهم ذات القاموس بعد عقد كامل من الزمن، وقال لجلسائه (استطيع أن أقلع السلطة دي في ثلاثة ساعات) وهي مقولة وجدت أكثر من فمٍ متوضيءٍ ليوصلها لساكن قصر غردون، والذي دّب الهلع في نفسه فـ (قلعه) في ثلاثة دقائق قبل أن يتبين ليله من ضحاه!


    بالعودة لحادثة مقتل الفتاة، صحيح أن القتل نفسه أصبح ثقافة في دولة بني أمية وعُرف (أسد البرامكة) كما أشرنا من قبل، وصحيح أيضاً أن حادثة الفتاة المسكينة كانت قضاءاً وقدراً كما نقول وفق ثقافتنا العقدية التواكلية. ولكن الأصح من هذا وذاك، أن هذا لا يمكن أن يحدث في الدول التي تحترم نفسها، لا سيما، التي ينعتها المذكور بالكفر والفجور والقول المنكور. أي لا يمكن أن يرتكب المرء جريمة جنائية ويجد نفسه في هرم السلطة ليحكم شعباً بأكمله. ونكتفي بمثل واحد يستحي المرء أن يضربه، فرئيس الدولة الصهيونية السابق موشيه كتساف أدانته المحكمة بتهمة التحرش الجنسي بموظفات كن يعملن معه إبان توليه وزارة السياحة، واحدة منهن كان نصيبها من الوزر قبلة على عنقها وليس رصاصة في قلبها. ومع ذلك لم يكن الرجل ممن يلحنون القول بمعزوفة (هي لله لا للسلطة ولا للجاه) فضلاً عن أن لجريمة أسد البرامكة وجهاً آخر لا أظنه يفوت على فطنة القاريء. أليس ما حدث يطعن في عقيدته العسكرية. كيف لضابط وصل إلى رتبة عميد أن يخطيء في استخدام السلاح الفردي وهو أبسط مهام الجندية؟
    يا إلهي.. إنها دولة الصحابة بحق، عوضاً عن أن يكون المذكور مسجوناً أضحى سجاناً، وبدلاً من أن ينزوي من الحياة العامة أصبح رئيساً.. شيمته الرقص!!
    لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!
                  

06-13-2011, 08:25 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    الكارثة!! (2)
    عمر القراى
    June 9, 2011
    وبالإضافة الى وفيات الأطفال، إنتشرت في السودان أمراض خطيرة، فقد (قال وزير الدولة بوزارة الرعاية الاجتماعية وشؤون المرأة والطفل السوداني الدكتور سامي عبد الدائم، ان كل المؤشرات تؤكد ان السودان الدولة الاولي عربيا من حيث عدد المصابين بالايدز، والثالثة عربيا من حيث استخدام المخدرات ودعا خلال مخاطبته فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات الي تكوين جمعية مكافحة المخدرات في كل الجامعات وذلك بالتعاون مع ادارة مكافحة المخدرات ووزارته)(المصدر: سودانيزاونلاين 26/6/2007 – نقلاً عن الراية – عادل أحمد صادق). إن انتشار الايدز، والمخدرات، وإزدياد أعداد الأطفال غير الشرعيين، وما يعانون من أمراض وموت بمركز “المايقوما”، وما أثار من جدل، دعا أحد الفقهاء البارزين، الى الدعوة الى نشر “الكوندم”، لتفادي هذه المآسي، كلها ظواهر تفضح بلسان بليغ، فشل المشروع الحضاري الذي إدعت الإنقاذ فيه أنها ستحارب الرذيلة وتطبق الشريعة، فرأى الشعب إنتشار الرذيلة واضرارها، ولم ير شيئاً من الشريعة، غير الشعارات الفارغة!!

    ولم يقتصر الأمر على الأيدز، حتى يقول قائل أنه مسؤولية الأفراد، ونتاج سوء سلوكهم وليس مسؤولية الحكومة، فإن (من الأخبار المؤسفة التي نشرت في الأسبوع الماضي، خبر يفيد بارتفاع حالات الإصابة بمرض الدرن «السل»، إلى نسبة 60% من الحالات الجديدة المكتشفة، بواقع 180 حالة وسط كل 100 ألف شخص، ومصدر الخبر هو وزارة الصحة التي قالت إنه يتعين علاج حوالى 85% من الحالات المكتشفة لإيقاف انتقال عدوى الدرن، وعزت- الوزارة- تمدد المرض إلى انتشار «الفقر المدقع» وسوء التغذية وسط المواطنين، وأشارت إلى أن السودان يمثل الدولة الثانية من حيث معدل الإصابة في الإقليم ويساهم بنسبة 11% من الحالات في المنطقة العربية والإفريقية، ويمثل الدرن نسبة 16% من الوفيات بالمستشفيات. والغريب أن وزير الدولة بوزارة الصحة لم يطمئن المواطنين، بل أنه بشّر بوصول النسبة إلى 70% وهذا مؤشر خطير جداً وينبغي التعامل معه بمسؤولية وبالنظر إلى هذا الوضع نجد أن بلادنا دخلت في عنق الزجاجة حيث يرتبط هذا المرض بانتشار «الفقر المدقع» وسوء التغذية وسط المواطنين، ويجب أن نشعر بالخطر إذا علمنا أن السودان يمثل الدولة الثانية من حيث معدل الإصابة في الإقليم ويساهم بنسبة 11% من الحالات في المنطقة العربية والإفريقية، ويمثل الدرن نسبة 16% من الوفيات بالمستشفيات) (السودانى، الأربعاء, 30 مارس2011).

    ومعلوم ان السل مرض ينتج عن الجوع وسوء التغذية، وقد ارتفعت معدلاته بعد ان اصبح السودان دولة منتجة للنفط، يفترض ان يرتفع شعبها على الاقل من حالة الفقر المزري الذي يسبب مثل هذه الامراض.. وبدلاً من ان توظف أمكانات الدولة لتغذية الشعب، وظفت للثراء الفاحش لقلة قليلة منه، إستاثرت بالسلطة والثروة، وتركت بقية أهلها نهباً للفقر والمرض، ثم هي بعد كل هذا، لا تستحي أن تحدثهم عن الإسلام!!

    عندما حدث إنقلاب يونيو 1989م، كان من مبرراته إنقاذ البلاد من الوضع الإقتصادي المتردي، ولقد جعل ذلك المواطنين يأملون في تحسن أوضاعهم المعيشية، بتحسن التنمية، وازدياد الموارد، ولكن ما حدث في الواقع كان عكس ذلك تماماً، ف (عندما أطلقت حكومة الانقاذ الوطني عند مجيء نظام عمر البشير إلى السلطة “شعار نأكل مما نزرع” عام 1990، نجد ان ما كان يستورده السودان من الغذاء في ذلك الوقت يعادل 72 مليون دينار، من كافة انواع الغذاء من قمح ودقيق وألبان ومنتجات البان وزيوت وسكر وغيرها.. وقامت حكومة الانقاذ في ذلك الوقت، بوضع خطة عشرية تبدأ في عام 1992 وتنتهي في عام 2002.

    وكان هدفها ان نأكل مما نزرع أولا ونلبس مما نصنع ثانيا، وتطوير المنتجات الزراعية في السودان وزيادتها.. فعندما جاء الانقلاب العسكري للانقاذ كان آخر انتاج للحكومة الديمقراطية المنتخبة في عام 1988 – 1989 في السودان 4 ملايين و425 الف طن من الذرة.

    ورمت الخطة العشرية للانقاذ إلى مضاعفة هذا الرقم إلى مايزيد إلى أربعة أضعافه، أي الوصول به إلى 20 مليون طن من الذرة. ولكن عند نهاية الخطة العشرية، تدهور الانتاج ليصل إلى 2 مليون و825 ألف طن من الذرة. وهذا يعني انه اقل من 15% من الرقم الذي استهدفته الخطة العشرية، ويساوي 65% من الرقم الذي تحقق قبل وصول الانقاذ للسلطة أي قبل 12 سنة!! كذلك وضع شعار الاكتفاء الذاتي من القمح، واكثر من ذلك تصديره إلى الخارج.

    وعندما جاءت حكومة الانقاذ كنا قبلها نستورد 250 ألف طن من القمح، ووضعت الانقاذ خطة لإنتاج يبلغ 2 مليون و360 الف طن من القمح. وعندما انتهت الخطة العشرية لم ندرك حتى الجزء اليسير من هذا الهدف إذ انتجنا فقط 47 الف طن من القمح.

    وهذا الرقم يعادل 11% من الخطة العشرية، ويعادل بالضبط ما كان ينتج من قبل الانقاذ في الموسم الأخير 1988 – 1989)(المصدر: الخبير الاقتصادي السوداني محمد إبراهيم كبج في حوار مع الراية” الاسبوعية نشر في الراكوبة الإلكترونية

    إن فشل الخطة العشرية الذي أوضحه الأستاذ كبج في هذا اللقاء، وظل يكرره في كافة الندوات التي شارك فيها في مختلف المراكز في الخرطوم، لم يجد تعقيباً من المؤتمر الوطني، أو من أي مسئول في الحكومة!! ولقد ترتب على فشل الخطة التنموية، وتراجع الإنتاج بهذه الصورة المزرية، أن ارتفعت معدلات الإستيراد، واصبحنا في أبعد مراحلنا عن الإكتفاء الذاتي، وارتهن مصيرنا الإقتصادي، واستقلالنا الحقيقي، بما يمكن ان نحصل عليه من الديون والهبات، وحتى هذه أخذت في الإضمحلال والتراجع، بسبب سوء السياسة، التي ربطت البلاد بالهوس الديني والارهاب والتطرف. يواصل كبج (بنهاية الخطة العشرية ارتفعت وارداتنا من الغذاء من 72 مليون دولار في عام 1990 إلى 420 مليون دولار في عام 2002، وبدلا من أن نأكل مما نزرع ويكون لدينا اكتفاء ذاتي من الحبوب والغذاء في السودان فاننا قد ضاعفنا استيرادنا للغذاء في السودان إلى ستة اضعاف أي من 72 إلى 420 مليون دولار…

    ففي عام 2005 وصل استيراد السودان من الغذاء إلى ما قيمته 811 مليون دولار أي ضعفي ما وصل اليه عام 2002 عند نهاية الخطة العشرية ويساوي 11 ضعف ما كنا نستورده عندما رفع شعار نأكل مما نزرع في السودان… ثم ارتفع مرة اخرى في عام 2007، ثم مرة اخرى عام 2008 وبلغ مليارا و333 مليون دولار وهو ما يعادل حوالي 20 ضعف ما كان عليه الحال عندما رفعنا شعار نأكل مما نزرع عام 1990)(المصدر السابق).

    ولعل المأساة الكبرى ليست في مجرد ارتفاع الإستيراد، وفقدان العملات الصعبة، وإنما في ان الإستيراد نفسه غير مرشد، ولا يستهدف مدخلات الإنتاج الهامة التي تعتمد عليها الزراعة او الصناعة، فقد جاء (وبالتأمل فيما جرى لمفردات مدخلات الانتاج الزراعي نجد اننا قد استوردنا في تلك الفترة وعلى مدى 15 عاما جرارات زراعية بقيمة 135 مليون دولار، ومبيدات حشرية بقيمة 138 مليون دولار. والمفارقة اننا وفي تلك الفترة استوردنا أجهزة راديو وتلفزيونات واجهزة اتصال بما قيمته 763 مليون دولار، أي اكثر من كل مدخلات الانتاج الزراعي ثم استوردنا مستحضرات تجميل وعطور بمبلغ 148 مليون دولار، واستوردنا مياه معدنية وبسكويت وحلوى بمبلغ 148 مليون دولار كما استوردنا “شاي وبن” في حدود 600 مليون دولار وعربات صالون للاستعمال الشخصي بمبلغ 600 مليون دولار)!!(المصدر السابق).

    وهكذا أهدرت أموال الشعب السوداني، وبددت فيما يرى فيه النافذون مصالحهم من التجارة الهامشية، والسلع الشوفونية، في بلد يرزح تحت خط الفقر، يموت أبناءه كل يوم بالفقر، والجوع والمرض.

    ولقد كان من الطبيعي، أن يؤدي التدهور الإقتصادي المريع، وضياع ثروة البلاد، الى تفاقم العطالة، فقد (كشفت دراسة للبروفيسور خالد سر الختم المستشار بوزارة العمل عن ارتفاع اعداد العاطلين عن العمل بالبلاد الى (11) مليون شخص، (48.7%) منها تتركز في فئة الشباب الخريجين وهناك حوالي (2.670.000) عاطل عن العمل في الخرطوم فقط من فئة الشباب تتراوح اعمارهم بين (18- 35) سنة، عاطلين تماما عن العمل ولا يمارسون اعمالاً هامشية.

    ويقول الدكتور ابراهيم سليمان – الخبير في مجال العمل والقوة العاملة – إن البطالة تشكل تحدياً خطيراً لايمكن التعامل معه بالمهدئات والمسكنات والاجراءات الرمزي)(المصدر: الرأى العام 28 مارس2011). في هذه الظروف التي لا يجد فيها شبابنا من الخريجين فرصة للعمل، ويقبلون أن يسوق أحدهم “حافلة” أو “ركشة”، تفتح الحكومة البلاد للأثيوبيين، والأرتريين، والمصريين، من غير ذوي الكفاءة العليا، أو المهارات المتميزة، فيزاحمون أبناء الوطن في قيادة “الركشات” والعمالة في المطاعم والكافتريات، والفنادق، والتجارة البسيطة، ومحلات الحلاقة، وغيرها.. وهذه الاعداد المهولة من الأجانب، يمكن ان تحصل على الجنسية السودانية، في خمسة سنوات فقط حسب قانون الجنسية الجديد!! هذا بينما يصرح مسؤولون في الحكومة بطرد الجنوبيين، من الشمال مباشرة بعد إعلان قيام حكومة الجنوب في يوليو القادم!! مع ان كل من عاش في الشمال لفترة طويلة ونال الجنسية فيه، يجب ان يعتبر سوداني، وإن كانت أصوله ترجع الى الجنوب، أو ترجع الى مصر كالأقباط، أو الى الجزيرة العربية كالزبيدية.

    ولقد أدت هذه الظروف السيئة، الى أن يترك السودانيون وطنهم بصورة تشبه الهجرة الجماعية، فقد دلت التقارير على ان السودان (يعتبر موطن أكبر عدد للنازحين أكثر من أي بلد آخر في العالم، مع ما يقرب من 4.3 مليون شخص نزحوا بعد سنوات عديدة من الصراع. ولا تزال الفيضانات وسوء التغذية والافتقار إلى الصرف الصحي والرعاية الصحية والتعليم غير المناسب فضلاً عن تهديدات مباشرة من الصراعات العنيفة تشكل حقيقة واقعة بالنسبة لكثير من السودانيين)(موقع اليونيسف-

    - ومن عجب ان هذه الأعداد الضخمة من النازحين من جراء الحروب، لم تثن الحكومة عن شن غارات جديدة، في أبيي، نتج عنها مشردين ونازحين جدد!! بل أن اطروحات الحكومة لحل مشكلة دارفور، لم تحو الإعتراف بالجرائم والحرص على القصاص، مما افشل كل الحوارات، وفاقم الحروب في دارفور، وزاد من معدلات النازحين واللاجئين.. ولقد زادت الهجرة أيضاً، بسبب غياب الديمقراطية، وحرمان الكفاءات، من ما يليق بها من مواقع قيادية، بسبب تمكين أعضاء الحزب الحاكم من عصب الدولة، وإختطافها بالكامل، وابعاد كل العناصر المؤهلة من خارج حزبهم..

    فقد جاء (أدهشتني أرقام هجرة الأطباء السودانين إلى الخارج بشكل خاص، اضافة الى تزايد أعداد المهاجرين من السودان طوعا وقسرا فى السنوات الأخيرة، حدث منه استنزاف غير مسبوق للموارد البشرية والكوارد المؤهلة مما يجب الوقوف عندها كقضية وطنية هامة.

    لقد أدت ظاهرة الهجرة المتزايدة، إلى قيام وطن مواز خارج الحدود هو سودان المهجر، وفى الوقت الذي انصب فيه هم المهاجرين نحو توفير العيش الكريم، ورعاية أسرهم الممتدة داخل وخارج السودان، والاهتمام بتعليم ورعاية أبنائهم من الجيل الجديد، بما يضمن الانتماء للوطن، اتجه النظام نحو استنزافهم من خلال الجبايات، وحرمانهم من حقوقهم الدستورية والقانونية، مع الضغط على من هم بالداخل، ممن يصنفونهم بالمعارضين للنظام، ليغادروا الوطن قسرا. إن عدد المواطنين الذين تشردوا قسرا فى الفترة من عام 1975 م إلى 2009 م بحثا عن الأمان خارج الوطن، حتى وصلوا إلى جميع الدول بما فيها إسرائيل والصومال بلغ عددهم 11059036، وهو ما يبلغ نسبته 28 % من عدد السكان فى السودان حسب الإحصاء السكاني للعام 1997. علماً بأن العدد المذكور يشمل فقط من تم اعتمادهم بواسطة الأمم المتحدة، والدول المضيفة كلاجئين، ولا يشمل المغتربين، أو المهاجرين الاقتصاديين، أو أولئك الذين لم يبت فى شأنهم من المسجلين لدى سلطات الهجرة فى الدول التي يتواجدون بها، كما لا يشمل النازحين قسرا من ديارهم داخل السودان…

    إن أعلى معدلات الهجرة القسرية حدثت فى عهد حكومة الإنقاذ، إذ بلغ عدد المهاجرين فى الفترة من عام 1989 م إلى 2009 م 9858176 وهو ما يعادل 89 % من العدد الكلى للمهجرين قسرا، و يمثل هذا العدد أربعة أضعاف من تم تهجيرهم خلال الحرب النازية فى أوربا)(المصدر: من مقال الهجرة القسرية فى السودان جرح الوطن- البشرى عبد الحميد- جريدة الخرطوم العدد 7651 الأحد 17 أبريل 2011 – نشر بموقع سودانير – لقد مر السودان من قبل بضائقات، ومجاعات، وكان يعاني من أخطاء في السياسات، وحرب بين الشمال والجنوب، ولكنه لم يبلغ حداً من التدهور، والسوء، والفساد، يهدد بالكارثة، كما يحدث الآن..

    ولقد نبه الى هذه الاخطاء، والتدهور، والمفاسد، بعض الكتاب، والصحفيين، المعتبرين من ضمن كوادر الحركة الإسلامية.. فلم يسمع لهم تنظيمهم، أو حكومتهم، وأعتبروهم “متفلتين” يجب إبعادهم، وبدلاً من الاصوات العاقلة، إذا بهم يسيرون على حداء المتطرفين، الذين يستفزون شعبهم، ويدفعونه دفعاً الى الثورة، وحينها يقع الندم ولات حين مندم
                  

06-14-2011, 07:33 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    السودان.. خيارات العنف..
    د. حيدر إبراهيم علي


    تواترت الأنباء من السودان خلال فترة قصيرة، تخبر العالم عن قتال ونزوح جديدين في البلد الذي يبدو وكأنه يرفض السلام والاستقرار، بينما العالم ينتظر قرب نهاية اتفاقية السلام الشامل دون عدائيات، رغم النتيجة الصعبة التي انتهت إليها: الانفصال. فهل الحرب في السودان أسهل من السلام والاستقرار؟ هل يخشى النظام استحقاقات السلام (وقد كتبت من قبل عن العيش بالأزمات)؟

    لقد تم تجييش البلاد بصورة خطيرة ومبالغ فيها، ويظهر ذلك في الصرف غير المحدود على ما يسمى القوات النظامية. وعندما نقارن في الميزانية نسبة الصرف على التعليم والصحة بنسبة الصرف على الجيش والأمن، نجد الفرق شاسعا، وهذا يفصح عن الأولويات الحقيقية.

    ولا يقتصر الأمر على النواحي الاقتصادية، ولكن مجمل الحياة العامة يظهر فيها الاهتمام الكبير بكل ما له صلة بالعسكرة. ويبدأ ذلك بالزي المدرسي للطالبات، والذي يشابه لباس جنود الصاعقة، يضاف إلى ذلك العديد من المؤسسات والمنظمات والشركات. ورغم حل مجلس قيادة الثورة، إلا أن اثنين متبقيين يقومان بالمهام الصعبة. وما زال الرئيس البشير حين يريد إعلان قرارات خطيرة ومخاطبة الجماهير يرتدي زي المارشالية. فقد أصبح هذا الزي رمزا للجدية والخطورة.

    كان السوداني يرتاح إلى شخصية نمطية تصنفه كإنسان مسالم، رغم استمرار الحرب الأهلية على أراضيه لأكثر من نصف قرن. كما أن تاريخه الأقدم عرف النزاعات المستمرة بين القبائل، وعرف ظاهرة «القيمان»، أي النهب والسلب المتبادل بين القبائل.

    وقد اشتهرت هذه الشخصية لأن بعض سودانيي فئات اجتماعية معينة، نجحوا في تقديمها للخارج. وهذه ليست الشخصية السودانية الأساسية، ولكنها جماع لشخصية سكان المدن وبعض المناطق الزراعية المستقرة وفئة الموظفين والتجار والمغتربين المثاليين والمبعوثين الجادين. فالعدوانية أو العنف كامنان بين الفئات الفقيرة والمقهورة والمناطق الهامشية، ولذلك لم تتردد في حمل السلاح حين سنحت الفرصة.

    وفي ثمانينيات القرن الماضي وجد السودانيون أنفسهم مصنفين كمواطنين ينتمون إلى دولة «راعية للإرهاب»، وينسحب هذا الوصف ـ قانونيا ـ على كل من يحمل جنسية هذه الدولة. وأصبح السوداني المسالم متهما، وصار جواز السفر الذي يحمله شبهة تجره إلى عذاب، إذا حاول الحصول على تأشيرة دخول، والبلدان التي كانت تصدر التأشيرة للسوداني في الحدود أو المطارات، صار تنتظر لأسابيع. ووقعت العقوبات على المواطنين العاديين، وليس على النظام.

    وحتي النظام نفسة تراجع عن التهويش وعن تمثيل دور الإرهابي بقصد الابتزاز، وعمل النظام خلال السنوات الأخيرة كل جهده مع الولايات المتحدة الأميركية، لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولكن الأميركان يتمنعون حتى يركع النظام السوداني تماما ويمنحهم ما يريدون. وهذه بدورها علاقة شديدة الالتباس، ورغم أن البعض يحاول أن يختصرها في سياسة «العصا والجزرة»، إلا أنها لا تنطبق عليها.

    فقد قام السودان بخطوات كان يستحق على ضوئها أن يذوق طعم الجزرة، وعلى رأسها إنفاذ اتفاقية السلام الشامل حتى الخطوات الحالية. وحين ظن النظام أنه نجح في تحقيق إنجاز مهم، قفز الأميركيون على مشكلة الجنوب، وشرعوا في الحديث عن دارفور. وهنا يتصرف النظام بعصبية ويدخل في حماقات تبرر الموقف الأميركي المتعنت، كما حدث أخيرا في أبيي وجنوب كردفان. وبالتالي يجد التوتر وتدهور العلاقات مبرره، ونقفز إلى مرحلة أخرى مختلفة.

    تسببت سياسة النظام الداخلية، بعيدا عما يقدمه على المسرح العالمي، في تغييرات طالت قطاعات من السودانيين، ضمن مشروع إعادة صياغة الإنسان السوداني المعلنة. فقد تنازل أو تراجع كثير عن السودانيين من صفات التسامح والمجاملة، لحساب قيم جديدة خاطئة. فقد استهل النظام الحالي عهده بإعلان الجهاد ضد الجنوبيين، وخلط الشعارات الدينية والقبلية والذكورية، لإثارة الحماسة والنخوة بين الشباب، حسب تصور النظام الأيديولوجي! وأخذت صناعة الموت موقعا مركزيا في عقل ووجدان الشباب.

    وارتد الشباب إلى قيم جاهلية ـ للمفارقة ـ وليست إسلامية، فقد انتشرت قيم العنف والعدوانية، بسبب تفسير وفهم خاطئين للحديث الشريف: {المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف}. فهم أولا لا يوردون البقية: {.. وفي كل خير، أحرص على ما ينفعك واستعن بالله}. وهؤلاء المفسرون يخلطون ـ عمدا أو جهلا ـ بين القوة والعنف. فالقوة المعنية في الحديث هي قوة الإرادة وقوة الإيمان، بينما العنف هو في كثير من الأحيان إخفاء للخوف والضعف، من خلال المبادرة بالاعتداء على الآخر وغدره، منعا لعدوان قد يحصل عليه. وما نشاهده الآن هو عنف غير مبرر، لا يعكس صفات المؤمن القوي التي يقصدها النبي الكريم.

    ومن المشكلات التي يعاني منها المجتمع السوداني الحالي، أن العنف قد تسرب إلى الثقافة السودانية، وإلى العلاقات الاجتماعية. وهنا لا أتحدث عن تزايد الجريمة كما ونوعا، رأسيا وأفقيا، أي طالت طبقات اجتماعية كانت بعيدة، ولكن عن العدوان الظاهر في اللغة كتابة ومخاطبة.

    -------------------


    تاني يا حسين..؟ا
    فيصل محمد صالح

    زميلنا الأستاذ حسين خوجلي رئيس تحرير "ألوان" نعى في مقال طويل الحركة الإسلامية وتجربتها في السودان، وهو بالتأكيد ليس أول من يفعل ذلك، ولا أظنه سيكون الأخير. وبعد أن استمطر الحسين قدرا غير يسير من الدموع، ختم بكائيته الطويلة بالقول " إن الإسلاميين الذين أعرفهم وعاصرتهم وعملت معهم لم يحكموا السودان بعد!"، تاني يا حسين؟

    يريد الحسين أن يأتي بإسلاميين آخرين، يعرفهم هو، ليحكموننا ... تاني، وكأن قدرنا أن نصير حقل تجارب لمغامرات الإسلاميين وتجاربهم، وكأن لنا وطن آخر بديل نمنحه لهم ليتعلموا في القيادة والريادة.

    لقد حكمنا الإسلاميون يا حسين، وهم نفس الإسلاميين الذين تعرفهم وانتميت لهم، ودافعت عنهم وتغنيت بمآثرهم واحدا واحدا. تقاسمونا ذات ليلة ليلاء، فذهب بعضهم رئيسا وبقي الآخر حبيسا، حكمونا أكثر من عشرين عاما، خنقوا أنفاسنا ومنعونا حتى من الكلام، ثم شرقوا وغربوا، وتمايلوا يمنة ويسرة، واختلفوا واختنقوا، وأثرى بعضهم واغتنى، وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع، واستطالوا في البنيان، فماذا يريدون أكثر من ذلك؟

    لقد حكمونا يا حسين، وتصرفوا في هذه البلاد وكأنها بعض أملاكهم التي ورثوها من جهة أجدادهم، باعوا ما باعوا وخصخصوا ما خصخصوا، ووهبوا ما وهبوا، وكأن الشعب بعض سباياهم، فماذا تريدهم أن يفعلوا بنا أكثر من ذلك.
    لقد تمزق وطننا على أيديهم، ذهب الجنوب بنتيجة تصويت 99% ، وهو شئ لم يكن يتخيله أعتى الانفصاليين، ودارفور ما تزال معلقة على أيدي نعرف بعضها ولا نعرف البعض الآخر، وجنوب كردفان تشتعل، وقد تعقبها النيل الازرق، وذاك القائد " الشريف " ينعق بصيحات الحرب التي ما خاضها يوما ولن يخوضها في المستقبل، فماذا تبقى لإسلاميين آخرين ليفعلوه.

    لقد جربناهم كلهم يا صديقي، ولم يعد من بقية لم تجرب، انفردت الجبهة القديمة وحدها، ثم تحالفت مع الأخوان وانصار السنة، ثم ركب المعدية من جاء من السلفيين وتوابع القاعدة، واستتبعهم شيوخ الطرق وزعمائها.

    لقد ظننت يا حسين، ولازال ظني فيك حسن، أنه وبعد التجربة التي اختلفت أنت نفسك معها، ستعرف أن المهم ليس الشعار الذي يرفعه الناس، ولا الزي الذي يلبسونه ويلتحفونه، ولا طول اللحى والشوارب، بل المهم ما يفعلونه بالسلطة والقوة التي امتحنهم بها الخالق.

    ظننت يا حسين أنك، ومثل باقي الشعب، لن تخدعك من جديد الشعارات ولا الدموع التي تسيل والأصوات التي تتحشرج بادعاء التقوى ومخافة الله، وإنما ستنظر لقيم ومبادئ العدالة والمساواة والنزاهة وعفة اليد والإحسان واحترام كرامة البشر، والتي هي جوهر كل دين ورأس كل ممارسة سياسية راشدة. أما سمعت يا حسين بأن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة؟

    لا تظنن يا حسين أن أحدا يستطيع ان يقنع الشعب السوداني من جديد بشعاراته وادعاءاته، هذا الشعب لن يهمه بعد الآن دين من يحكم أو مذهبه، ولا طول لحيته ولا جلبابه.، ولا تاريخه "البدري" من عدمه.

    يهم هذا الشعب أن يعرف ماذا يفعل من يحكمه بأموال البلاد ومقدراتها، هل ظهرت في لقمة العيش وخدمات الصحة والتعليم، أم في كروش البعض وقصورهم الفخيمة وقصور أقاربهم.
    يهم هذا الشعب أن يعرف ماذا يفعل الحاكم بقوة البلاد العسكرية والأمنية والشرطية، أيدافع بها عن أمن البلاد وسلامتها وأمن المواطنين، أم يبطر بها في الأرض ويسلطها على خلق الله الآمنين؟
    حنانيك يا حسين خوجلي بهذا الشعب، تمنى له ما ينفعه ويرفعه، ولا تدعو له بأصدقائك الذين تعرفهم ونعرفهم.


    فيصل محمد صالح



    فقد أدخل بعض الصحافيين لغة الشتم والسب والتجريح إلى قاموس الصحافة السودانية، خلال حقبة الديمقراطية الثالثة 86-1989، وكان القصد إرهاب الخصوم والمخالفين، خاصة وأن السودانيين لم يتعودوا على هذه اللغة، لذلك صعقوا ولم يتصوروا وجود من يعتدي بهذه الطريقة. وقد ارتكز هؤلاء الصحافيون على حديث «المؤمن القوي».

    وقد يقلل البعض من العنف اللغوي، ولكنه قوي التأثير لأنه يسقط الحاجز النفسي في الاعتداء واستخدام العنف. ومن يطالع الصحف السودانية في الفترة الاخيرة، سوف يبادر بالتساؤل: أين السوداني المهذب، المؤدب، عفيف اللسان الذي عرفناه؟ ويتكرر نفس الشيء في الانترنت والمجال الاسفيري، مع إمكانية الكتابة باسم مستعار. ومن أخطر الظواهر في علاقات الحوار، أن يغيب الاحترام والتوقير.

    وهناك جانب تقليدي قديم، عاد ليغذي قيم العدوان والقتل والتخريب، فقد انتشرت ظاهرة ما يسمي بأغاني الحماسة، وهي أغانٍ كانت ترددها نساء القبيلة في الماضي، لكي يتقدم المحاربون بشجاعة للحرب، وتصف الشخص بأن سيفه يرتوي من دماء أعناق الرجال وبأنه يملأ سروج العدو بالدماء... الخ. وأغلب الأغاني التي تبث في المحطات الفضائية السودانية، هي ترديد لتراث القتل والعنف والدمار.. فقد عدنا مرة أخرى لتمجيد صناعة الموت.

    وتقرع هذه الأيام طبول الحرب في الجنوب وجبال النوبة، ويدور الحديث عن التمشيط والتأديب، وتتحدث الدوائر العالمية عن القصف والنزوح. وأخشى أن يعود السودانيون إلى مربع الحرب الأهلية الأول. ولقد خبر السودانيون الحرب ويعلمون ماذا تعني.. هذه أيام تحتاج لكثير من الحكمة والعقل، وليس في الأمر شجاعة أو قوة أيا كان معناها. ويجب ألا تترك الساحة للأصوات العالية، التي اعتادت على التهييج والإثارة.

    [email protected]

                  

06-15-2011, 09:22 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    هوامش على ملف مسألة حلايب ..

    بقلم: دكتور فيصل عبدالرحمن علي طه
    الإثنين, 13 حزيران/يونيو 2011 11:47

    [email protected]


    تواتر مؤخراً في وسائل الإعلام السودانية والمصرية أن مثلت حلايب المتنازع عليه بين مصر والسودان سيصبح منطقة تكامل بين البلدين الشقيقين. وكشف سفير السودان بمصر لصحيفة روز اليوسف اليومية في عددها رقم 1818 بتاريخ 5 يونيو 2011 عن ملامح اتفاق بين مصر والسودان لحسم الجدل المثار حول المنطقة. وفي تفصيل ذلك أوضح السفير أن معالجة ملف حلايب تقوم على مجموعة من الأسس المتفق عليها بين البلدين وهي الإدارة المشتركة والاستثمار والتنمية المشتركة حتى تكون منطقة حلايب نموذجاً ونواة للتكامل بين البلدين.



    إذا تم التكامل في حلايب على نحو ما سنورد لاحقاً، فلا جدال في أنه سيشمل إقليم حلايب البري وإقليمها البحري. فحلايب لها ساحل على البحر الأحمر يمتد إلى مسافة قد تصل إلى حوالي مائة وثمانين كيلومتراً. وسينتج هذا الساحل لإقليم حلايب البري مناطق بحرية تمتد إلى وسط البحر الأحمر. وربما يثبت في مقبل الأيام أن الإقليم البحري لمثلث حلايب له جدوى اقتصادية كبرى لجهة ثرواته الطبيعية الحية وغير الحية. وحتى يكون القارئ غير المتخصص على بينة من الأمر، نذكر هنا أنه وفقاً للقانون الدولي للبحار، فإن الدولة التي تملك السيادة على مثلث حلايب ستكون لها قانوناً مناطق بحرية في الرقعة البحرية المتاخمة لها. فالقاعدة الجوهرية في هذا المجال هي أن الأرض تسيطر على البحر. أي بمعنى أن الحقوق البحرية تُستمد من سيادة الدولة الساحلية على إقليمها البري. ففي قضية تعيين الحدود البحرية بين قطر والبحرين، قالت محكمة العدل الدولية إن الوضع الإقليمي البري ينبغي أن يؤخذ كنقطة البداية لتحديد الحقوق البحرية للدولة الساحلية.


    بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 ومصر والسودان من أطرافها، ستكون لاقليم حلايب البري مياه داخلية وبحر اقليمي ومنطقة اقتصادية خالصة وجرف قاري، وقد نصت الاتفاقية التي أصبح معظمها الآن عرفاً دولياً على اتساع كل منطقة وطريقة تحديدها وخصائصها القانونية. حسبنا أن نذكر باختصار شديد أن الدولة صاحب السيادة على إقليم حلايب البري ستكون لها سيادة كاملة على المياه الداخلية. وباستثناء حق المرور البرىء المكفول للسفن الأجنبية ستكون لها أيضاً السيادة على البحر الإقليمي. وتشمل هذه السيادة الحيز الجوي فوق البحر الاقليمي وكذلك قاعه وباطن أرضه. وفي المنطقة الاقتصادية الخالصة ستتمتع تلك الدولة بحقوق سيادية لغرض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية الحية منها وغير الحية. كما ستكون لها في نفس المنطقة ولاية على إقامة واستعمال الجزر الاصطناعية والمنشآت والتركيبات، وولاية على البحث العلمي البحري وحماية البيئة والحفاظ عليها. أما في الجرف القاري فستمارس تلك الدولة حقوقاً سيادية لاغراض استكشاف واستغلال الموارد الطبيعية التي يحتويها الجرف. ويُقصد بذلك الموارد المعدنية وغيرها من الموارد غير الحية لقاع البحر وما تحته.


    نأمل أن يكون ما سقناه في الفقرة الفائتة قد عكس بشكل كافٍ أهمية الإقليم البحري لمنطقة حلايب. ولكن يُؤسف المرء أن يذكر أن هذا الإقليم لا يجد الاهتمام الذي يستحقه من السودان وسندلل على ذلك بوقائع سترد من بعد.
    إن التكامل والإدارة المشتركة والتنمية والاستثمار المشترك أفكار خيرة ولكنها ستظل غامضة مالم يُتفق على المفهوم والأساس القانوني الذي ستنطلق منه. ففي ضوء إدعاء كل من السودان ومصر بالسيادة على مثلث حلايب، فأحسب أن الأساس القانوني لأي ترتيب ثنائي ينبغي أن يكون سيادة البلدين المشتركة على منطقة حلايب. فمن السيادة المشتركة ستستمد السلطة المشتركة التي ستُشكل الشخصية القانونية لممارسة كافة الإختصاصات في بر وبحر حلايب، وكذلك الأهلية لإبرام ومنح إمتيازات استغلال الثروات والاستثمار. ولكن إثباتاً لحسن النوايا وتمهيداً لقيام أي سلطة مشتركة تنعقد لها ولاية الأمر في حلايب، فإن هناك أوضاعاً قائمة ينبغي توفيقها. سنعرض فيما يلي تباعاً لهذه الأوضاع.


    1- قرار رئيس جمهورية مصر رقم (27) لسنة 1990

    بمقتضى قرار رئيس جمهورية مصر رقم (27) لسنة 1990 أعلنت مصر عن خطوط الأساس المستقيمة التي تقاس منها المناطق البحرية لجمهورية مصر العربية. نصت المادة الأولى من القرار على أن يبدأ قياس المناطق البحرية الخاضعة لسيادة وولاية مصر بما فيها بحرها الاقليمي من خطوط الأساس المستقيمة التي تصل بين مجموعة النقاط ذات الإحداثيات التي وردت في المادة الثانية من القرار. وقد نصت الفقرة (2) من المادة الثانية على أن تكون الإحداثيات في البحر الأحمر وفقاً للمرفق رقم 2. وبمطالعة هذا المرفق نجد أن الإحداثيات المصرية تشمل في البحر الأحمر ساحل منطقة حلايب وذلك عبر إحداثيات النقاط من 50 إلى 56. ودلالة ذلك على مسألة السيادة على حلايب لا تحتاج مني لشرح أو تفسير.

    ولفائدة القارئ أنوه إلى أن القرار رقم (27) لسنة 1990 منشور في موقع قسم شؤون المحيطات وقانون البحار التابع للأمم المتحدة. لا تتوافر لدي معلومات حول ما إذا كان السودان قد بعــث بمذكرة احتجاج للحكومة المصرية يتحفظ فيها على القرار رقم (27). ولكن يستطيع المرء أن يقطع بأن السودان لم يسجل أي مذكرة تحفظ لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة كما تقتضي الأصول القانونية والدبلوماسية المرعية في مثل هذه الحالات، لأنه إن فعل ذلك فإن تحفظه كان سينشر في موقع شؤون المحيطات وقانون البحار.
    2- الوجود العسكري ووضع علامات على خط 22
    إن لمصر الآن وجود عسكري كبير في حلايب يعود تاريخ نشره إلى ديسمبر 1992. ونجد تفصيلاً لذلك في الرسالة التي بعث بها في 27 ديسمبر 1992 وزير خارجية السودان آنذاك علي أحمد سحلول إلى رئيس مجلس الأمن. جاء في تلك الرسالة أن القوات المصرية توغلت بتاريخ 9 ديسمبر 1992 في الأراضي السودانية لمسافة 28 كيلومتراً جنوب مدينة حلايب السودانية في محافظة حلايب، وعلى الطريق الذي يربطها بميناء بورتسودان. كما جاء فيها أن تلك القوات أقامت عدة معسكرات في الأراضي السودانية. وجاء في مذكرة السودان كذلك أنه في مساء نفس يوم 9 ديسمبر تقدمت قوة مصرية أخرى مكونة من ستمائة جندي وضابط داخل الأراضي السودانية واستقرت على بعد ثلاثة كيلومترات جنوب مدينة حلايب وفرضت حصاراً كاملاً على المدينة وأحاطت بنقاط عسكرية سودانية كانت موجودة في المنطقة. وقد توقفت تلك القوة عند خط 22 وأقامت على طول الخط عدداً من المعسكرات وعلامات حدودية كُتِب على جنوبها الجغرافي السودان وعلى شمالها مصر.


    رد وزير خارجية مصر آنذاك عمرو موسى في رسائل بتاريخ 3 و14 يناير 1993 إلى رئيس مجلس الأمن على الرسالة السودانية. ففي إحداهما رفض عمرو موسى ما وصفها بالادعاءات التي تضمنتها رسالة سحلول واعتبرها مساساً بسيادة مصر على أراضيها. وشدد على أن مصر لم تنقطع عن ممارسة سيادتها على المنطقة الإدارية الواقعة شمال خط العرض 22 منذ توقيع وفاق 1899. وأبرز من مظاهر تلك السيادة ما يلي:
    - الوجود المصري الأمني والإداري في المنطقة بكل صوره.
    - مسؤولية مصر عن اصدار القرارت الخاصة بالتنقيب على المعادن في المنطقة للشركات المصرية والسودانية على السواء علاوة على ممارسة مصر لانشطة تعدينية في المنطقة منذ عام 1915.
    - إنشاء محمية طبيعية في المنطقة بهدف حماية مظاهر الحياة الطبيعية فيها.
    - صدور الخرائط الرسمية لمصر منذ توقيع وفاق عام 1899 موضحاً عليها حدودها الدولية التي يمثلها خط عرض 22.
    وفي رسالة أخرى بتاريخ 30 مايو 1993 إلى رئيس مجلس الأمن قال عمرو موسى إن الاختصاصات الادارية المحدودة التي خولتها مصر للسودان في المناطق الواقعة شمال خط عرض 22 هي اختصاصات لا ترقى بحال إلى الدرجة التي تستحق معها صفة أعمال السيادة، ولا تصلح سنداً لاكتساب أية حقوق على الإقليم. وأوضح عمرو موسى أن وجود قوات حرس الحدود على طول الحدود المصرية أمر طبيعي ومن قبيل ممارسة مصر لسيادتها على أراضيها، وتقتضيه في الآونة الأخيرة دواعي حماية الأمن المصري في مواجهة العناصر الإرهابية التي تزايد نشاطها واختراقها للحدود.
    حري بالذكر أنه أثناء فترة هذا التراسل كان وزير خارجية مصر الحالي نبيل العربي يشغل منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة بنيويورك. ولعل من قرأ مذكرات السفير المتقاعد عبدالرؤوف الريدي التي صدرت في يناير 2011 بعنوان «رحلة العمر» قد لاحظ أنه أشاد بقرار الرئيس السابق حسني مبارك تأمين منطقة حلايب والوجود المصري حتى خط 22 جنوباً لأنه الحدود القانونية واعتبره قراراً صائباً تماماً.
    على أية حال، إذا كانت هناك جدية في مقاربة مسألة حلايب بروح وفهم جديدين فإن سحب القوات العسكرية المصرية والسودانية من حلايب ينبغي أن يشكل أولوية قصوى، وأن يصار إلى إنشاء قوة شرطية مشتركة تكون تحت إمرة وتوجيه السلطة التي سيعهد إليها بإدارة منطقة حلايب.
    3- المفاوضات المصرية - السعودية
    في 26/1/1431هـ الموافق 12 يناير 2010 أصدرت المملكة العربية السعودية المرسوم رقم (م/4) لتحديد خطوط الأساس للمناطق البحرية للمملكة في البحر الأحمر وخليج العقبة والخليج العربي وفق قوائم إحداثيات جغرافية ضمنت في ثلاثة جداول تحمل الأرقام 1 و2 و3. وهذا المرسوم منشور في موقع قسم شؤون المحيطات وقانون البحار.
    وبما أن السودان من الدول المشاطئة للبحر الأحمر فمن الطبيعي أن يتوقع المرء أن تعكف الجهة المختصة في السودان لدراسة الإحداثيات الواردة في الجدول رقم 1 المتعلقة بالبحر الأحمر واتخاذ موقف بشأنها حيال الدولة المعنية وتسجيل هذا الموقف لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة. خاصة وأن الحدود البحرية بين السودان والمملكة لم تحدد بعد ولكنهما أبرما في 16 مايو 1974 اتفاقية بشأن الاستغلال المشترك للثروة الطبيعية الموجود في قاع وما تحت قاع البحر الأحمر في المنطقة المشتركة بينهما.


    أما مصر فقد تحفظت على خطوط الأساس السعودية بإعلان بتاريخ 15/9/2010 بعثت به إلى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة ونُشر الإعلان المصري في موقع شؤون المحيطات وقانون البحار. وتكمن أهمية الإعلان المصري في أنه كشف عن مفاوضات تجري بين الحكومتين المصرية والسعودية لتحديد الحدود البحرية بين البلدين في البحر الأحمر وأن هذا التحديد ربما يشمل المنطقة البحرية لمثلث حلايب. جاء في الفقرة الثانية من الإعلان المصري: «إن جمهورية مصر العربية تعلن بأنها سوف تتعامل مع خطوط الأساس الواردة إحداثياتها الجغرافية في الجدول رقم 1 المرفق بالمرسوم الملكي رقم (م/4) بتاريخ 12 يناير 2010 - المقابلة للساحل المصري في البحر الأحمر شمال خط عرض 22 الذي يمثل الحدود الجنوبية لمصر - بما لا يمس بالموقف المصري في المباحثات الجارية مع الجانب السعودي لتعيين الحدود البحرية بين البلدين».


    في ضوء ما أسلفنا فإن المرء كان يتوقع تحركاً دبلوماسياً سريعاً من السودان: كأن تطلب وزارة الخارجية مثلاً توضيحاً من المملكة عن الحدود التي يجري التفاوض بشأنها مع مصر وما إذا كانت تشمل إقليم حلايب، والتحفظ على الإعلان المصري لأنه مؤسس على فرضية أن منطقة حلايب تخضع للسيادة المصرية، والتحفظ كذلك ورفض نتائج أي مفاوضات سعودية - مصرية تقوم على أساس الاعتراف بالسيادة المصرية على حلايب. ومن ثم تضمين الموقف القانوني في مذكرة أو مذكرات وإيداعها لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة وطلب تعميمها على الدول الأعضاء ونشرها.

    ولكن يبدو أن شيئاً من ذلك لم يحدث. بل أدلى الناطق الرسمي لوزارة الخارجية بتصريح لصحيفة الاهرام اليوم السودانية في 12 يناير 2011 قال فيه «إن معالجة النزاع التاريخي في مثلث حلايب أمر متروك لتقدير وحكمة القيادة السياسية للسودان ومصر. ونبه إلى أن موقف السودان في القضية معلوم وموثق في أضابير الأمم المتحدة. وأكد أن أي اتفاق ثنائي لا يدحض موقف السودان في النزاع القانوني القائم حول خط 22. وقطع خالد موسى بأن أي اتفاق بين دولتين ليست له سلطة نفاذ على طرف ثالث مجاور».
    لا خلاف في أن المعاهدة لا تنشئ إلتزامات أو حقوقاً للدول الغير بدون موافقتها. فهذا مبدأ ثابت في القانون الدولي العرفي وقد قننته المادة 34 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لعام 1969. ولكن إذا مست أو حتى لو كان هناك مجرد احتمال بأن تمس معاهدة ما حقوق طرف ثالث، فإنه ينبغي على هذا الطرف الثالث أن يتدخل لتأكيد حقوقه أو الحفاظ عليها وذلك بالاحتجاج لدى الدولتين المعنيتين وتسجيل موقفه لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة. فلا مجال للسكوت أو عدم الاحتجاج في ظرف يستوجب رد فعل إيجابي للتعبير عن الاعتراض أو الدفاع عن الحقوق. فالقبول الضمني والإذعان ينشأ من السكوت أو عدم الاحتجاج عندما يكون الاحتجاج أو التدخل ضرورياً بل واجباً لحفظ الحقوق.
    4- حلايب في قائمة مجلس الأمن
    أعود إلى الوراء قليلاً فأذكر أن مسألة الحدود السودانية - المصرية برزت لأول مرة عندما تلقت حكومة السودان مذكرة من الحكومة المصرية بتاريخ 29 يناير 1958. إدعت هذه المذكرة أن إدخال المنطقة الواقعة شمال وادي حلفا ومنطقة حلايب ضمن دوائر الانتخابات البرلمانية التي ستجرى في السودان في 27 فبراير 1958 يناقض إتفاق 19 يناير 1899 ويشكل خرقاً للسيادة المصرية لان هذه المناطق مصرية ولا يحق لحكومة السودان أن تشـــملها ضمن الدوائر الانتخابيـــة. وفي مذكـرة بتاريخ 9 فبراير 1958 أبلغت الحكومة المصرية الحكومة السودانية أنه تأسيساً على حقوق سيادتها فقد قررت أن تتيح لسكان منطقتي وادي حلفا وحلايب فرصة الاشتراك في الاستفتاء على رئاسة الجمهورية العربية المتحدة بين الرئيس جمال عبدالناصر والرئيس السوري شكري القوتلي.
    إزاء حشد القوات السودانية والمصرية على جانبي الحدود وإصرار الحكومة المصرية على إجراء الاستفتاء في 21 فبراير 1958 قرر السودان اللجوء إلى مجلس الأمن. ففي رسالة بتاريخ 20 فبراير 1958 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، قال رئيس وزراء السودان آنذاك عبدالله خليل بأن التقارير تشير إلى أن مصر قد حشدت قوات عسكرية على الحدود المشتركة، وبما أن السودان عازم على حماية إقليميه، فإن الموقف قد يؤدي إلى إخلال بالسلم وإذا لم يُسيطر عليه فلربما يتطور الى نزاع مسلح.


    إجتمع مجلس الأمن في 21 فبراير 1958 لبحث شكوى السودان. يكفي أن نذكر هنا أن مندوب مصر عمر لطفي تلى على المجلس البيان الذي أصدرته الحكومة المصرية في 21 فبراير 1958 واعلنت بموجبه قبول تأجيل مسألة الحدود إلى ما بعد الانتخابات السودانية. وإزاء ذلك أجل مجلس الأمن بحث النزاع حتى يتسنى للبلدين إيجاد تسوية وتُركت شكوى السودان مدرجة في جدول أعمال المجلس ودأب السودان على تجديدها سنوياً.
    في 20 أغسطس 1996 أصدر رئيس مجلس الأمن مذكرة بشأن تبسيط قائمة المسائل المعروضة على مجلس الأمن. ورد في هذه المذكرة أن مجلس الأمن قرر ألا يحذف أي بند من قائمة المسائل المعروضة على المجلس دون الموافقة المسبقة للدول الاعضاء المعنية وفقاً للاجراءات التالية:

    (أ) سيحدد البيان الموجز السنوي الذي سيصدره الأمين العام في يناير من كل سنة بشأن المسائل المعروضة على المجلس البنود التي ستحذف من القائمة في حال عدم صدور أي إخطار من دولة عضو بحلول نهاية فبراير من تلك السنة.
    (ب) إذا أخطرت دولة عضو في الأمم المتحدة الأمين العام برغبتها في الاحتفاظ ببند من البنود في القائمة، فإنه سيحتفظ بذلك البند.
    (ج) سيظل الإخطار سارياً لمدة سنة واحدة ويمكن تجديده سنوياً.
    أرفق رئيس مجلس الأمن مع مذكرته قائمة بالمسائل المعروضة على المجلس آنذاك وقد كان بضمنها البند رقم 6: «رسالة مؤرخة 20 شباط / فبراير 1958 موجهة إلى الأمين العام من مندوب السودان». نحسب أن بعثة السودان الدائمة في نيويورك تواظب على تجديد هذا البند وفقاً للمطلوبات الاجرائية.


    في الختام نعيد القول بأن التكامل والإدارة المشتركة والتنمية والاستثمار المشترك أفكار واعدة ولكنها لن تتحقق أو يكتب لها الدوام إلا إذا استندت إلى اساس قانوني محدد يساوي بين مركز الطرفين مصر والسودان في الحقوق والواجبات في كل أمر يتعلق بمنطقة حلايــب براً وبحراً. فلنطــرح العواطــف جانباً، ولنؤســس العلاقـــات السودانية – المصرية بشأن حلايب وغيرها من المسائل على أسس موضوعية فهي الأبقى.
                  

06-19-2011, 11:16 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)


    "عبقريات" الإنقاذ: ما بين رقصة العجكو 1968م... و أماسي العاصمة المثلثة!؟
    إبراهيم الكرسني


    أعتقد أن الكثير من شباب اليوم، و الذى عقد العزم وحزم أمره، لخوض معركة فاصلة وطويلة المدى، تهدف الى الإطاحة بنظام الإنقاذ من جهة، وعلى ’قيادات الكنكشة‘ من جهة أخرى، من أجل بناء سودان معافى، وخال من جراثيم نظام التوجه الحضاري، سودان ديمقراطي حر يسع الجميع، و يحترم حقوقهم، ربما لا يكون قد سمع، مجرد السمع، بقصة رقصة العجكو، و التى دارت أحداثها بجامعة الخرطوم فى العام 1968م.
    أصل هذه القصة أن الجبهة الديمقراطية لطلاب جامعة الخرطوم كانت تقيم مهرجانا سنويا، غالبا ما يكون مقرونا بموسم الإنتخابات التى تجرى كل عام لإختيار المجلس الأربعيني لإتحاد طلاب الجامعة، و الذى يقوم بدوره بإختيار اللجنة التنفيذية لذلك الإتحاد. لقد كانت الأجواء التى تحيط بموسم إنتخابات الإتحاد غالبا ما تتميز بالعديد من الأنشطة السياسية، و الفكرية، و الثقافية، و الإجتماعية، وتأتى مفعمة بحيوية الشباب، الذى يملأ ساحات الجامعة و ميادينها وقاعاتها بالفعاليات المختلفة التى تجعل منها أمكنة للإبداع الطلابي بمختلف أشكاله و أنواعه، فوق دورها الأساسي كأماكن لتلقى العلم، و ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة للطلاب.


    لقد قررت الجبهة الديمقراطية أن يتضمن مهرجانها لذلك العام نماذج من الرقصات الشعبية التى تذخر بها مناطق السودان المختلفة، كالجابودي، و الصقرية، و الرتروتي، و العجكو، على سبيل المثال لا الحصر، و التى تؤديها قبائله متنوعة الثقافة و الفنون، كجزء من حملتها الإنتخابية التى ترى فى الإرتباط بالمجتمع السودانى بمختلف مكوناته العرقية، و الدينية، و الثقافية، هو جزء من رسالتها، و إعتراف صريح بتلك المكونات المختلفة. ليس هذا فحسب، بل يعكس إحتفاء الجبهة الديمقراطية بالتراث الشعبي لمختلف القبائل السودانية درجة من الوعي المبكر بأهمية، بل ضرورة، إحترام ذلك الإختلاف و التنوع لمختلف مكونات المجتمع السوداني، و تبجيله، و المحافظة عليه، وتطويره، حتى تشعر تلك القبائل بأنها جزء أصيل من مجتمع السودان، وأحد مكونات الوطن، التى لا تكتمل صورته الكلية من دونها.


    إن المغزى الأساسي لإحتفال طلاب الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم بالتراث و الفنون الشعبية يتمثل فى ربط القبائل السودانية فى مواقعها المختلفة بعضها ببعض من خلال تلاحم أبنائها فى مؤسسات التعليم العالى فى تنظيم واحد يسمو فوق الإختلافات القبلية، مما كان يعتبر مؤشرا قويا لإمكانية بناء سودان واحد موحد يتسع لجميع أبنائه و بناته بمختلف سحناتهم، و أعراقهم، و دياناتهم، و ثقافاتهم. ولو حذت أحزابنا الوطنية حذو أبنائها من طلاب الجبهة الديمقراطية، وإحتفت بثقافة القواعد المكونة لعضويتها، و إحترمتها، و بجلتها، وطورتها، لكان الوضع مختلف كليا عن واقع التمزق المزرى و الإحتراب الذى تدور رحاه بين أبناء تلك القبائل الذين شعروا بالتهميش، السياسي و الثقافي، الذى حاول طلاب الجبهة الديمقراطية لفت الإنتباه إليه فى وقت مبكر، فكانت مبادرات مهرجاناتهم الشعبية تتقدم على عقليات قيادات أحزابهم بعقود طويلة من الزمان.


    سأعود بكم الآن لقصة العجكو. قررت الجبهة الديمقراطية إقامة فعالية رقصات الفنون الشعبية، و التى شكلت جزءا رئيسيا من مهرجانها لعام 1968م، على مسرح قاعة الإمتحانات الشهيرة بجامعة الخرطوم، و التى كانت تعتبر مكانا مقدسا و مخيفا، فى ذات الوقت، حيث تعقد بداخلها الإمتحانات النهائية للطلاب من كل عام. لقد شكل شهر مارس، وقت إجراء الإمتحانات بعبعا للطلاب حتى كنوه بشهر الكوارث! و أطلقوا عليه شعارهم الشهير،"مارس..شهر الكوارس"!! بدأ المهرجان مبشرا وواعدا، حيث تم التحضير له بصورة دقيقة و منضبطة، كعادة طلاب الجبهة، لكنهم أغفلوا عنصرا واحدا لم يدر بخلدهم فى ذلك الحين. لم يتوقع أعضاء الجبهة الديمقراطية بأن هنالك جهة ما داخل الجامعة كانت تخطط، وبصورة دقيقة أيضا، ليكون الفشل مصير ذلك المهرجان. تلك الجهة هي ’الإتجاه الإسلامي‘، الوعاء التنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين فى أوساط الحركة الطلابية.


    بينما كان طلاب وطالبات الجبهة الديمقراطية يؤدون رقصة العجكو الشهيرة بصورة جذابة، و بينما كان الحضور مستمتعا غاية الإستمتاع، و مشدودا بكل حواسه نحو ذلك الأداء الرائع، إذا برجل نحيف أسمر اللون يعتلى مسرح القاعة صائحا، ’حرااااام... أوقفوا هذا العبث.... حرااااام‘، ثم قذف بكرسي كان يحمله تجاه الطلاب و الطالبات المبدعين الذين كانوا يشاركون فى أداء رقصة العجكو. لقد ساد القاعة هرج و مرج شديدين، و تحول المسرح من مكان للإبداع الى ساحة حرب غير متكافئة، حيث كان طلاب الجبهة الديمقراطية فى قمة الإستعداد للبذل والإبداع، و أعدوا لذلك ما أستطاعوا من أدوات للفنون، بينما كان طلاب الإتجاه الإسلامي فى قمة الإستعداد لمعركة فاصلة، و أعدوا لها ما إستطاعوا من أدوات الحرب، ورباط الخيل....فتأمل!! إنتهت المعركة بإصابة أحد الطلاب فى مقتل، أستشهد على إثره، رحمه الله رحمة واسعة و أحسن إليه، فكان بذلك أول شهداء الهوس الديني و التهميش الثقافي!!


    أتدرون من كان ذلك الرجل النحيل الذى قاد تلك ’الموقعة‘؟ إنه الأستاذ عبد الرحيم على، رئيس مجلس شورى الجبهة الإسلامية، و الذى ترأس الإجتماع الأخير لمجلس شورى المؤتمر الوطني. تأمل، عزيزي القارئ، الإختلاف فى التسميات و المسميات، و الوحدة فى الشخوص و القيادات. إنه نفس عبد الرحيم على القيادي فى الإتجاه الإسلامي، و الجبهة الإسلامية القومية، و المؤتمر الوطني....أليس فى ذلك عبقرية؟!
    إن مجلس الشورى هذا هو نفس التنظيم الذى يجيز ويقر برنامج المؤتمر الوطني، و الذى تنفذه حكومة المؤتمر الوطني برئاسة الرئيس البشير، و الذى يعود ليحاسبها فى مدى كسبها و إخفاقها فى تنفيذ بنود ذلك البرنامج بكل جزئياته. إذا كان ذلك صحيحا يصبح السؤال: كيف تسني لمجلس برئاسة نفس الرجل الذى حرم رقصة العجكو، أن يبيح إقامة ما أسماه ’أماسي العاصمة المثلثة‘، و لكن بصورة منفردة، متمثلة فى ’أماسي أم در‘، ’أماسي بحري‘، و ’أماسي الخرطوم‘، كل على حدة؟


    إن أكثر ما يميز تلك الأماسي هو الحضور المختلط لمرتاديها من الجنسين، ليس فى نفس المكان فحسب، بل جلوسا جنبا الى جنب. ليس هذا فحسب، بل لقد تميزت تلك الأماسي بالرقص المختلط بين الجنسين، شيبا و شبابا، يشاركهم فى ذلك قادة الدولة ’الرسالية‘ ممن أتيح لهم فرصة الحضور، و لكن بصورة خاصة السيد وزير الثقافة!! يا ترى ما الذى جعل رقصة العجكو حراما فى العام 1968، و أماسي العاصمة المثلثة حلالا فى بدايات القرن الواحد وعشرين؟! ترى ما الذى جعل الرقص المختلط حراما فى العام 1968 و حلالا فى العام 2011م؟ هل يا ترى تغير المكون الثقافى للمجتمع السوداني أثناء تلك الفترة، أم تغيرت عقول ونفسيات قادة دولة ’البدريين‘؟


    أكاد أجزم بأن مكونات المجتمع السوداني الثقافية لم تتغير ما بين عامي 1968م و 2011م، على الرغم من إمكانية تطورها، فلا تزال مختلف القبائل السودانية تمارس نفس طقوسها و رقصاتها أثناء مراسم فرحها، و كذلك مواسم زرعها و حصدها، على الرغم من أن الدولة الرسالية قد أسست وزارة مختصة، فى بداية عهدها، أسمتها وزارة ’التخطيط الإجتماعي‘، تمثلت مهمتها الأساسية فى إعادة صياغة الإنسان السوداني... فتأمل! كما أكاد أجزم بأن عقلية قادة الدولة ’الرسالية‘ لم تتغير كذلك، و الدليل أنهم لا يزالوا يجلدون حرائر السودان لمجرد لبسهن للبنطال، و من منا لا يذكر مأساة/ قصة الأستاذة لبنى أحمد حسين؟ لكن الذى تغير هو شئ واحد: فقه الضرورة.


    يشكل فقه الضرورة، الذى إبتدعه شيخهم الذى علمهم السحر، قمة الإنتهازية السياسية، بل إنه يجسدها فى أبهى صورها، يتقزم فى حضرته السيد ميكافيلي. لقد أفتى هذا الشيخ، كما ورد على لسان العديد من تلامذته وحوارييه، بتحليل كل ما يسهل لهم الوصول الى إستلام السلطة السياسية، و ’الكنكشة‘ بها حتى يأتى أوان تسليمها الى السيد المسيح، و كذلك كل ما يبرر إنفاذ سياسة ’التمكين‘ لقيادات و عضوية الجماعة، و كذلك المؤلفة قلوبهم، بما فى ذلك الكذب الصراح!


    لقد شكل فقه الضرورة القاعدة الذهبية التى مكنت ل"هؤلاء الناس" من العبث بمقدرات شعبنا، و نهب ثرواته، و أن يعيثوا فسادا فى البلاد بصورة أذهلتهم هم أنفسهم حتى أضطروا إضطرارا فى الآونة الأخيرة الى تكوين مفوضية، أسموها ’مفوضية محاربة الفساد‘، بعد أن أزكمت رائحته أنوفهم هم أنفسهم، نا هيك عن الآخرين!
    إذن هذا هو الأساس فى ’تحليلهم‘ لإقامة أماسي العاصمة المثلثة فى صورتها المختلطة السافرة. الهدف هو الكسب السياسي ليس إلا، والذى لا علاقة له البتة بشرع الله، أو غيره من الشعارات المتمسحة بأهداب الدين، و التى لا يهدفون من ورائها سوى الكسب الدنيوي الرخيص. فحينما شعر "هؤلاء الناس" بأن الأزمة السياسية الطاحنة أخذت تاخذ بألبابهم، و بأن حبلها بدأ يلتف حول رقابهم، و بأن شباب السودان بدأ يعد العدة للإطاحة بهم، حيث بدأ فى تكوين تنظيماته، ك’شباب من أجل التغيير‘، و’حركة شرارة‘، التى سوف توظف طاقاته بصورة إيجابية، و تنظم صفوفه، بهدف الإطاحة بدولة الفساد و الإستبداد، فكر هؤلاء الأبالسة فى أنجع أسلوب يمكن لهم من خلاله تفتيت جهود أولائك الشباب، وصرف أنظارهم الى سفاسف الأمور، و تفريغ طاقاتهم فيما لا ينفع، و تحويل جهودهم الى الرقص و الغناء، بدلا من السعي للإطاحة بالنظام. حينها تفتقت ’عبقرية‘ الإنقاذ عن أماسي العاصمة المثلثة،كأفضل أسلوب يمكن من خلاله إمتصاص غضب الشباب و تحويل طاقاتهم الخلاقة نحو مجال الفنون، بدلا من مجال الصراع السياسي الذى سيطيح بهم فى نهاية المطاف.


    هذا هو الهدف الذى برره لهم فقه الضرورة، و إلا فكيف يعقل أن يوافق نفس الرجل الذى حرم رقصة العجكو، التى تجسد أحد أفضل تراثنا الشعبي، على إقامة أماسي العاصمة المثلثة، بعدما يقارب الثلاثة و أربعين عاما من ذلك التحريم؟ هل يمكن لأعداء الفن بجميع أنواعه، و فى جميع صوره و أشكاله، أن يسمحوا بإقامة المهرجانات الفنية فى المسارح و الساحات العامة، إن لم يكن ذلك خدمة لأهدافهم السياسية؟ هل يمكن لأعداء الحياة، الذين زجوا بخيرة شباب الوطن فى محرقة حرب جهادية ضد أبناء الهامش، أن يسمحوا للشباب من الجنسين بإقامة مهرجانات الفنون، التى تشكل قمة العطاء الإنساني، بل الحياة نفسها، والغناء و الرقص المختلط فى الهواء الطلق، إن لم يكن ذلك من أجل الكسب السياسي الرخيص؟


    إن المضاهاة بين رقصة العجكو التى أقيمت ضمن مهرجان طلاب الجبهة الديمقراطية على مسرح قاعة إمتحانات جامعة الخرطوم فى العام 1968م، وبين مهرجانات أماسي العاصمة المثلثة، والتى يقيمها هؤلاء الأبالسة هذه الأيام، لا تجسد سوى حالة الفصام الفكرى و الإستلاب الثقافي التى يعيشها قادة الدولة ’الرسالية‘ فى أبهى صورها. وعلى الرغم من فقه الضرورة الذى يجيز لهم كل فعل، مهما يبدو خارج نطاق نسقهم الفكري، إلا أن ’تحليلهم‘ لنفس الفعاليات و الأنشطة الشبابية التى حرموها قبل ما يزيد على الأربعة عقود، يقف دليلا صارخا على مقدرة شعبنا المبدع على هزيمة مجموعات الهوس الديني، وإعادة صياغة كائن من كان، حتى لو كان ذلك حسن البنا نفسه، ناهيك عن تلامذته من ضيقي الأفق و قصيري النظر!!

    19/6/2011م
                  

06-27-2011, 07:19 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مختارة ...تكشف خوف اهل الانقاذ من التغيير القادم ... (Re: الكيك)

    حينما يُصبح الله مُتهماً!

    فتحي الضَّـو

    [email protected]

    أبدى كثير من الأصدقاء والقراء وبعض الكُتاب استياءهم وامتعاضهم الشديد من لغة البلطجية التي تحدث بها المشير عمر حسن البشير (رئيس جمهورية السودان الديمقراطية) الأسبوع الماضي بمحلية هيا، وذلك في مُستهل زيارته لولاية البحر الأحمر، حيث وجّه حديثه لأعداء الله والوطن بحسب زعمه. وقال لهم مُهدداً إن (قوات الشعب المسلحة جاهزة، وأي زول يمد أصبعه بنقطعو ليه) وأضاف مُتوعداً أي (زول يتطاول بنساويهو بالأرض) وزاد مُنذراً (أي زول يعاين للبلد بنقد عينو) وعلى هذا المنوال جاء الحديث الذي اقشعرت له أبدان السامعين، في الوقت الذي بات عصياً على الناس أن يمر أسبوع أو أقله، دون أن تطرق آذانهم كلمة طائشة من ذلك القاموس الغني بالدرر الثمينة!

    من المفارقات الغريبة لكأنما الله سبحانه وتعالى أراد أن يبريء عقيدته السمحاء ممن افترى عليه كذباً. إذ بينما كنت أقرأ في موضوع لا يخص العُصبة ذوي البأس في كبير شيء، كان الرئيس الضرورة يتلو في موشحاته تلك عبر القناة الفضائية (القومية) وكنت أرمقه بنظرة عابرة بين الفينة والأخرى، وعندئذٍ وقعت عيناي تلقائياً على الحديث الذي رواه عبد الله بن مسعود عن الرسول الكريم وقال فيه: (ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء) وزد على ذلك فقد كنت أعلم سلفاً من قراءاتي المتواضعة، أنه صلى الله عليه وسلم هو القائل: (إنّما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ووصفه ربّنا تبارك وتعالى في قرآنه بقوله (وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم) وعندئذٍ قلت لنفسي: ما أكثر الآيات والأحاديث النبوية التي تحض عباد الله المسلمين على مكارم الأخلاق، ولكن على من تعزف مزاميرك يا داود!؟

    ونعلم أيضاً – يا هداك الله – في الشأن نفسه، أن الله الذي خلق الإنسان بشراً سوياً سيُحاسِب (كل نفس بما كسبت رهينة) ولو أنه شاء أن يُعاقب عباده بجرائر حُكامهم وموبقاتهم (لهُدمت صوامعُ وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً) لكنه والرحيم إحدى صفاته، أكرم من أن يؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا، بدليل قوله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) ورحمة الله أوسع من السماوات السبع والأرضين. ومن فضله على العالمين إنه بشّرهم بالفردوس نُزلاً، واستثنى الكاذبين والمنافقين والمؤتفكة أهوى. بيد أنه بقدر ما اطمأن قلبي في عدالة الخالق، توجست نفسي خيفة من معايير المخلوق. فقد خشيت أن يسيء الظن قوم أحسنوا الظن بِنا من قبل، وهم ممن يظنون أن الناس على دين ملوكهم. فوسوست لي نفسي وقالت: لو أن حظنا العاثر قاد أولئك القوم لسماع حادينا وهادينا في إحدى لقاءاته الراقصة، لما توانوا لحظة في نزع ما ظللنا نتباهى به بين الأمم والشعوب!

    بيد أنني مع كل هذا لم أشاطر المكلومين جزعهم وفزعهم في المصيبة التي أمطرت سِجِّيلاً على رؤوسنا. ليس لأنني أعرف سنناً وفرائض وقر بها الإيمان في قلبي كما ذكرت، وليس لأن (أسد البرامكة) ظلّ يُشنِّف آذاننا بهذه اللغة طوال عقدين من الزمن دون كلل أو ملل. ولا لنقصٍ في مشاعري وأحاسيسي الوطنية حتى أثأر لهما. ولكن ببساطة لقناعتي أن كل لسان بما فيه ينضح. وتبعاً لذلك طالما أن القاعدة الأزلية تقول إن فاقد الشيء لا يعطيه، هل يمكن لثمرة الحنظل أن تطرح عنباً شهياً؟ وقياساً عليه ما الذي يمكن أن يرجوه المرء من المشير وتابعه نافع علي نافع، ومن لف لفهما من أصحاب الأيادي المتوضئة والأفواه المتمضمضة!

    بما إن المحنة بالمحنة تُذكر. فثمة ما شغل بالي، وأرق مضجعي، وسهّد مرقدي، وبدّد حتى النوم من عينيّ. ففي لقاء للمذكور مع أعضاء مجلس شورى المؤتمر الوطني مطلع هذا الشهر (وما أكثر اللقاءات حين تعدهم ولكنها في النائبات قليل) قدمه رئيسه أبو علي مجذوب أبو علي وقال إنه (المجاهد الأكبر) فاعتلى المنصة منتشياً ومزهواً. ولأنها صفة ساقها الله له فلا غرو أن بدأ حديثه بشيراً ونذيراً وسعيراً.. ابتدره بالشعارات الطقسية التي ما رفعت راية ولا خفضتها. ثمَّ بعد لوازم التهليل والتكبير، قال في معرض حديثه عن انفصال الجنوب وقيام دولة جديدة في يوليو القادم (تلك مرحلة جديدة في تاريخ السودان والمؤتمر الوطني، تتطلب منّا رؤية واضحة، نجدد فيها النيّة والإخلاص لله سبحانه وتعالى، والذي كان في معيتنا طوال السنين الماضية منذ قيام الإنقاذ وحتى إن شاء الله 9 يوليو القادم)! والحق أقول ما إن طرقت أذني العبارة الأخيرة المضللة هذه، حتى بت لا أسمع ولا أعي شيئاً سوى أضغاث أحلام وأوهام!

    هذا خطاب دسّ السم في الدسم. ففي ظل أُميّة تنهش في المجتمع كما تنهش الضباع فرائسها. وفي كنف قوم جُبلوا على دين الإسلام بالفطرة، وفي ضوء التخويف والترعيب والترهيب الذي برعت فيه العصبة ذوي البأس ورفعت راياته عالية خفاقة، فإن ذلك حديث خطورته تكمن في أنه يمكن أن ينطلي على الناس ويفسد عليهم دينهم وينكّد عليهم دنياهم. ولو إننا تأملناه بوعيٍ وعقل مفتوح، فسنجد حتماً أنه لن يخرج من ثلاثة احتمالات: إمّا أن الله سبحانه وتعالى ابتعث العصبة في مهمة رسالية لإخراج شعب السودان من الظلمات إلى النور، أو أن الله تنزّه وعلا كان شريكاً لهم في أخطائهم وخطاياهم، أو أنه بالحد الأدنى كان راضياً عمّا يفعلون! ولعمري كل تلك هرطقات.. لا تغني فقراً ولا تسمن ضرعاً!

    ولو أن السامعين صدقوا مزاعهم تلك، فهذا يعني أنهم عندما نحروا ضباطاً وجنوداً في شهر رمضان الكريم وعشية عيد الفطر المبارك، كان ذلك تلبية لرؤية غشت خليفة المسلمين عمر بن حسن البشير في المنام. إذ رأى ما رآه سيدنا إبراهيم وهو يذبح ابنه إسماعيل. فاستيقظ وجمعهم صفاً صفاً وقال لهم يا رفاقي الأعزاء إني رأيت في المنام إني أذبحكم، فانظروا ماذا أنتم فاعلون؟ فقالوا له بصوت جهير لا لبس فيه ولا غموض، افعل ما تؤمر يا خليفتنا العادل ستجدنا إن شاء الله من الصابرين. وإن صدّقنا ما توهموا، فإن ذلك يعني أن جبريل عليه السلام، نزل عليهم من سماوات طباقاً، وقال لهم إن الله يأمركم بــ (صيف العبور) فادخلوا بجيشكم أدغال جنوب السودان، وستجدون قوماً كافرين من النصارى وعبدة الطواغيت والكجور، قولوا لهم إن الله يأمركم بأن تدخلوا في دين الله أفواجاً أو تدفعوا الجزية وأنتم صاغرون!

    لو أننا سلَّمنا جدلاً بترهاتهم، فذلك يعني أنه عندما سرى صوت السيدة سمية هاشم القاضي من (عمورية) وزارة التربية والتعليم، ونادت في مقالها المنشور بصحيفة الصحافة 7/5/2011 (وامعتصماه) فسمعها زوجها دكتور المعتصم عبد الرحيم وكيل الوزارة فلبى النداء بنهش 165 مليون جنيه حافزاً على امتحانات الشهادة. ذلك يحدث في بلد تقول إحصائيات مدارس العاصمة وحدها إن 140 ألف تلميذ لا يتناولون وجبة الإفطار بسبب الفقر والعوز وضيق ذات اليد. ولكن السيدة المحترمة قالت إن المعتصم من الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، يأخذ الملايين باليمين، فيوزعها على أصحاب الحاجات بالشمال، ولدعاة التأصيل نقول إنه يا كرام هو (روبن هود) المستنسخ إسلاموياً!

    كذلك فإن زعم العصبة باصطحاب الله يعني أنه عندما أزهق محمد طاهر أيلا أرواحاً بريئة في مذبحة بورتسودان. وحينما واصل أسامة عبد الله مهمته الجهادية التي بدأها في بيوت الأشباح، وقتل الأنفس التي حرّمها الله إلا بالحق في (أمري وكجبار) فينبغي ألا نسأل هؤلاء عن أشياء إن تبدي لنا تسؤنا، لا سيّما، وأن الأخير هذا حظي بما لم يحظ به أحد في دولة إسلامية أو علمانية، حدث هذا حينما أصدر خليفة المسلمين فرماناً قرأه الناس في الصحف السيارة، دون أن يثير فضول أحد، تمّ بموجبه تعيين أسامه عبد الله مسؤولاً عن إدارة السدود بدرجة وزير، على ألا يخضع لقانون الخدمة المدينة، ولا ديوان المراجع العام، ولا أي هيئة رقابية، وكاد المنشور أن يقول إن حسابه عند ربّ العالمين وحده لا شريك الله! أما إن قلت لي في مقابل ماذا يا هذا؟ سأصمت كمن في فمه ماء. لأن هذا مالا يستطيع أن يجرؤ أسامة نفسه على ذكره. ربّ قائل إن أسامة بن عبد الله قد تمثّل سيرة زيد بن حارثة والد سَمّيه أسامة بن زيد، ولزيد الوالد مأثرة تحفظها له الأضابير وبطون الكتب، حيث إنه آثر رسول الله (ص) على نفسه، فتزوج الرسول زينب بنت جحش لحكمة يعلمها، ذلك بعد أن قضى زيد منها وطراً. فهل فعل أسامه بن عبد الله شيئاً مماثلاً حتى ينال تلك الدرجة الرفيعة؟ والاجابة في بطن الفاعل والمفعول وبطانتهما!

    إذا كان الله بمعيتهم طوال الفترة الماضية، فذلك يعني أن القائل وعصبته يتبرأون مما أثمت أيديهم لأنهم فعلوا ما فعلوا استجابة لأوامر الله، وطبقاً لذلك علينا ألا نحاسبهم. فعندما يعترف المشير بأن عدد القتلى في دارفور لا يتعدون العشرة آلاف، ويقول إنه لا يريد أسيراً ولا جريحاً. فلا ينبغي لمدعٍ أثيم أن يهدده بالوقوف أمام المحكمة الدولية في لاهاي. وإذا حدث وبنى آية الله أحمد علي الإمام بيتاً لنفسه من ريع بيت من بيوت الله أوتمن على بنائه، ينبغي علينا أن نُزيّن داره بحدائق غُلبا حتى يكون مزاجه معتدلاً لكي يعمل بهمة في إصدار الفتاوى التي تنغّص علينا حياتنا. وعندما يبرم وزير المالية عقداً لمدير سوق الأوراق المالية بالمليارات المقنطرة، علينا أن نتذكر أنه ينتمي لحزب خزائنه كعطايا السيدة العذراء، كلما دخل عليها زكريا وجد عندها رزقاً، قالت له: هو من عند الله! وعندما تفوح رائحة الفساد في (سوداتل) بعين رأت وأذن سمعت ولم يخطر على قلب بشر، فاعلم أن تلك نفحات الصحابي الجليل المهندس عماد الدين حسين، الذي كتب عنه ابن عصبته الطيب مصطفى في صحيفته المُطهّرة الانتباهة 29/5/2011 (أجدني في غاية الأسف أن أسطر هذه الكلمات التي أرجو أن تعذرني وتتقبلها بصدر رحب فقد حاولت أن أكون رفيقاً بك، فوالله لا أريد إلا الإصلاح وليست المسألة شخصية، فقد بكيت أكثر من مرة وأنا أستمع إلى خُطب الجمعة التي تقدمها من بعض المساجد وجلَّ من لا يخطيء) أما أنتم فابحثوا عن حائط بين من بكى وأبكى!

    في دولة الخلافة الراشدة إن سألت لماذا ظلّ صابر محمد الحسن محافظ بنك السودان في موقعه لعقد ونصف دون أن يتزحزح قيد أنملة؟ فلا تنتظر أن يقولوا لك إنه آدم أسميث زمانه، ولكنك ستعلم - شئت أم أبيت - أنه أحد رواد حلقة تلاوة الجمعة التي يؤمها خليفة المسلمين، وتلك مزية كافية بأن يجدد له العام تلو العام. وعندما عيل صبر الخمسة المُبشرين (بضم الميم) بالعذاب، لم يجد الخليفة العادل سوى الانصياع لرغبتهم. واحتسب صابر أيام تلاوته ليوم شرُّهُ مستطير، ثمّ خرج للبرية شاهراً سيف النقد، وبشرنا للمرة الأولى في الصحف باقتصاد سيدخل غرفة الإنعاش بعد يوم الفصل في يوليو القادم. تلك عبارة يا سيدي لو قالها وهو على سدة البنك المركزي، لقالت الرعية لله درك يا صابر فقد أعدت لنا سيرة خالد بن الوليد. لكنه قالها بعد أن طرح وجمع وضرب الثروة التي بحوزته وقال إنها لن تبيد أبداً!

    فهؤلاء قوم إذا انتقدهم صابر هذا كافؤوه، وإذا انتقدهم فيصل محمد صالح أقاموا عليه الحد. فالسيد وزير المالية بجلالة منصبه عزَّ عليه (السوداني 20/6/2011) أن ينفي أو يثبت أربعة مليار جنيه، هي عبارة عن مكافأة نهاية خدمة صابر. ولا أدري إن كان يعلم أو لا يعلم أيضاً أن غرفة التجارة والصناعة أقامت حفل وداع للمذكور وأهدته شيكاً بمليار جنيه، وللذين لا يحسنون قراءة الأرقام المخيفة، نقول إن هذا المليار يساوي 330 ألف دولار بسعر اليوم. أي أن صابر غادر منصبه بنحو مليون ونصف دولار، جزاءاً وفاقاً لهذا الوطن الصابر أهله! علماً بأنه نفس الرجل الذي انهار في عهده الميمون بنك نيما وبنك الصفا، وهرب فيها العراقي عبد اللطيف حسن مهدي (صقر قريش) بملايين الدولارات، وفرّ فيها أيضاً الأردني الربضي بسبعة ملايين دولار واجبة السداد لبنك السودان وقضايا أخرى. وعلى ذات الدرب سار السعودي جمعة بن فهد الجمعة. كذلك هي الفترة التي شُيّد فيها برج بنك السودان بصفقة مريبة تحدثت عنها الصحف ولا حياة لمن تنادي. فضلاً عن استشراء ظاهرة الشيكات الطائرة والمرتدة والقروض القارضة، وما خُفي كان أعظم!

    دعونا نختم بالرسالة التي قرأناها لأخينا في الله والقلم الأستاذ عادل الباز (الأحداث 2/6/2011) والتي وجهها للمشير عمر البشير يسأله إلحافاً أن يبدي رأيه في فساد (سوداتل) الذي زكمت رائحته الأنوف. ويهمنا من تلك الرسالة فقرة صغيرة جاءت كصك براءة، لو تمعنتها لحسبت أن الممدوح هو خامس الخلفاء الراشدين (قد يقولون عنك أي شيء وكل شيء، ولكنهم أبداً ما استطاعوا أن يشككوا في نظافة يدك ولا في براءة ذمتك ولا اقتربوا من أن يدمغوك بتهمة تسيء إليك، فكنت لا زلت في نظرنا ونظر الشعب رمزاً نظيفاً لم تشبه شائبة فساد، حاشاك) فهل هذا يعني أن عمر بريء من فساد أخيه وزوجه وصاحبه وبنيه. تلك شهادة يسأل عنها الباز يوم لا ظلّ إلا ظلّه، في مشهدٍ يُرى فيه الناس سكارى وما هم بسكارى. وليت عمر بن البشير الممنوح صك البراءة ينظر يمينه، ويسأل نفسه هل قال لأخيه عبد الله، ما قاله عمر بن الخطاب لابنه عبد الله في الإبل التي صادرها لصالح بيت المال. وهل أبلى العباس شقيقه في بدر أو أحد حتى يكون له الخُمس من غنائمهما. أما (دبي) التي ذكرها الباز عرضاً، فتلك نقرة أخرى، سيعلم المنقبون ولو بعد حين إنها (كعب أخيل) الصحابة والصحابيات، فصبراً آل عادل!

    اللهم يا من تؤتي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء. نشهد أنك لو كنت تريدها دولة ثيوقراطية كهذه التي يعبث بها المدّعون، لكنت قد أوحيت لرسولك الكريم أن يختار وريثه ولا يترك الأمر جدلاً بين صحابته يوم السقيفة. فتعاليت ربنا ذو الجلال والإكرام وتنزهت عما يزعمون. ونسألك أن تعيننا على حفظ دينك في ظل دولة مدنية ديمقراطية، الحاكمية فيها للشعب وبالشعب ومن الشعب.. واستووا يرحمكم الله!

    آخر الكلام لابد من الديمقراطية وإن طال السفر
    26/6/2011

    ---------------------


    الكارثة!! (3-3)
    June 26, 2011
    د. عمر القراي ………


    ولقد أشارت منظمة اليونسيف العالمية، الى المستوى المتردي الذي بلغه السودان، فقد جاء: (صورة متشائمة رسمتها المنظمة الدولية للطفولة والأمومة المعروفة ب (اليونسيف) لأوضاع وفيات الأطفال والأمهات عند الولادة، والتى قالت إن السودان به معدل لوفيات الأطفال دون سن الخامسة، لايفوقه فى فى ذلك إلا قليل من الأقطارالنامية. نيلس كاسبيرج ممثل المنظمة فى السودان قدم بمقر بعثة الأمم المتحدة بالخرطوم أمس خلال مؤتمر صحفي اشبه بالمحاضرة تقريراً عن الأوضاع الصحية للاطفال والنساء فى مناطق السودان والتى وصفها بالكارثية ورصد كاسبيرج معدلات مخيفة أثارت اندهاش الجميع. وقال إن من المحزن تسجيل رقم (305,000) طفل دون سن الخامسة يتوفون كل عام ومنهم حوالى (110,000) يتوفون خلال الشهر الأول من تاريخ ميلادهم. وأثناء مواصلة كاسبيرج احصاءاته المخيفة تساءل الحضور عما اذا كان هذا العدد من الوفيات فى السودان فقط، وجاءهم الرد عبر هزة رأس من المسئول الاممى اعقبه بالتأكيد متحسراً ان هذا الرقم لاطفال السودان فقط، فاصيب جميع الحاضرين من الصحفيين السودانيين بالاحباط واصيب مراسلو الوكالات الاجنبية بالدهشة. وحول اوضاع التعليم فى البلاد وفقاً لتقرير المنظمة الدولية كانت نسبة الاطفال خارج نطاق التعليم لاتقل خطورة عن معدلات وفيات الاطفال والنساء. وسجلت الاحصاءات حوالى (5,7) ملايين طفل بالمدارس وحوالى (2,9) مليون طفل فاقد تربوي مناصفة بين الشمال والجنوب اى ان ما يزيد على المليون فى الجنوب ومثلهم فى الشمال الامر الذى دفع كاسبيرج لأن يبدى تشاؤمه على مستقبل الاطفال فى البلاد. ومضى فى القول ان ما يخيف اكثر من ذلك ارتفاع نسبة الاطفال المشردين وسط الخرطوم “ظاهرة المشردين”. وقال المسئول الاممى ان محاربة ظاهرة التشرد تتطلب اعادة صياغة العادات والتقاليد فى بعض المجتمعات والاسر. وقال ان هذه الاحصاءات مخيفة وستنعكس سلباً على المجتمع السودانى فى المستقبل القريب. واضاف ان الاطفال المشردين يعاملون معاملة فظة وغير كريمة. وتساءل لماذا تعمل الاسر على اخفاء اطفالها المعاقين من المجتمع وقال ان لهؤلاء حقوقاً اكثر من غيرهم فى الحياة وفى هذه الحالة فان المعاق ليس هو الطفل وانما المعاق من يحرم الطفل من حقه فى الحياة ولذلك يجب ان يتعلم الناس كيفية حماية حقوق الاطفال خاصة ذوى الاحتياجات الخاصة)(المصدر: نقلاً عن خالد فرح: الرأي العام



    هذا الوضع المزري، لإهدار أهم رأسمال وطني وهو الأطفال، إنما مرده الى سياسات النظام الخاطئة، التي صعدت الحروب في دارفور، وفي أبيي، وفي جبال النوبة، وقتلت الآباء، ودفعت النساء وضعاف المواطنين الأبرياء للنزوح والهجرة.. وتركت بذلك الاطفال أيتاماً، دون رعاية، فكان نصيب من نجا منهم من الموت في الطفولة، بفقد العلاج، والتطعيم، التشرد، وفقدان الإستقرار، والتعليم، وما يلاقي من معاملة غير إنسانية حدثنا عنها ممثل اليونسيف. ولقد تدهور وضع السودان، في شتى المجالات، مما جعله يقترب الآن من الكارثة بخطى حثيثة، لولا ان تداركه رحمة من ربه. ولقد سبق ان نبهت بعض مراكز البحوث الدولية، لوضع السودان، ولكن حكامنا في صمم، ولا يحركون ساكناً، نقرأ مثلاً: (السودان أحد الثلاثة دول الأكثر فشلاُ في العالم… هذا ما توصلت إليه القائمة السنوية لمؤشر الدول الفاشلة التي يعدها “صندوق دعم السلام” – منظمة بحثية مستقلة تعمل على منع الحروب والحد من الظروف التي تسببها – ونشرتها مجلة فورن بوليسي يوم الاثنين 20 يونيو. ويعرف التقرير، الدولة الفاشلة، على أنها الدولة التي تعجز عن توفير الخدمات لشعبها ولا يمكنها السيطرة على أراضيها، وعادة ما تلجأ للقوة، فضلاً عن فشلها في التعامل بفاعلية مع المجتمع الدولي، وعادة ما تشهد معدلات فساد وجريمة مرتفعة. يعتمد إعداد القائمة على (12) عامل من العوامل في تقييمه مثل الفقر، انتهاكات حقوق الإنسان ، التهديدات الأمنية، والتظلمات الجماعية، والعجز الاقتصادي، والخدمات العامة، والأجهزة الأمنية، والنخب الحزبية، والفرار البشري واللاجئين، وعدم الشرعية الدولية. ويستند التقرير على (130) ألف مصدر من مصادر المعلومات لتحليل الأوضاع في (177) دولة.

    واحتلت الصومال صدارة القائمة للعام الرابع على التوالي بـ 113.4 نقطة، وجاءت بعدها تشاد في المركز الثاني ثم السودان في المركز الثالث بـ108.7 نقطة. وأورد التقرير ان السودان يعاني من (طلاق مؤلم)، ورغم مرور الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب سلمياً، فقد تجددت المعارك، وتشرد حوالي (100) ألف من أبيي، وتلوح نذر تجدد الحرب في الأفق (المصدر: حريات 22 يونيو 2011م). هذا التقرير المخجل، الذي جعلنا في ذيل القافلة البشرية، يجئ بعد 22 عاماً من حكم الجبهة الإسلامية القومية، المسمى بالإنقاذ، ومشروعه الحضاري، الذي زعم انه يطبق فيه نموذج الدولة الإسلامية!!

    ولقد اضطر آلاف المواطنين الى ترك قراهم، والنزوح الى العاصمة، إما بسبب إنعدام الأمن، أو إنعدام الخدمات الضرورية في الريف، حتى أصبحت الخرطوم، نفسها، ريفاً كبيراً، يفتقر الى الخدمات الضرورية، مثل الماء.. رغم ان العاصمة تقع بين نهرين كبيرين، لا تملكهما الدول التي توفر لمواطنيها المياه، توفيراً تاماً، يبلغ السكان، حتى لو كانوا في الطابق العاشر!! ولما كان الماء عصب الحياة، فإن المواطنين، رغم علمهم ببطش السلطة وجبروتها، إحتجوا على غياب الماء.. فقد ورد في الأخبار (خرجت عدد من أحياء ولاية الخرطوم ليل ونهار الاحد 15 مايو فى مظاهرات تطالب بتوفير المياه وشهدت عدة مناطق توترات بين المواطنين والشرطة بينما سعت الهيئة القومية لتوفير المياه بالولاية في حلول جزئية. وشهدت مناطق العزوزاب والثورة الحارة الثامنة والحارة السابعة خروجاً لمواطنيها للشوارع بينما شهدت مناطق بمحلية أمبدة وأخرى بشرق النيل ومحلية بحري الكبرى احتجاجات قليلة جراء شح المياه.. وفي منطقة العزوزاب مربع (11) بالخرطوم خرج المواطنون احتجاجاً على انقطاع المياه المتواصل منذ عام، على حد تأكيد راجي القديل أحد المشاركين في المظاهرة. والذي قال إنهم ولمدة تجاوزت العام ظلوا في معاناة متواصلة نتيجة انقطاع المياه، مشيراً إلى ازدياد هذه المعاناة في الفترة الأخيرة. وأكد القديل انهم طرقوا جميع أبواب هيئة مياه ولاية الخرطوم لمعالجة هذه الأزمة دون جدوى. مضيفاً ان المحلية تقوم بتوزيع المياه بتناكر مما تسبب بظهور بعض الأمراض بالإضافة إلى عدم كفايتها. وأبان القديل ان الهيئة وبعد خروجهم للشارع قامت بجلب آلياتها لمعالجة هذه الأزمة برغم انهم على علم بهذه الشكاوى قبل أكثر من خمسة أيام. من جانبه أوضح مدير إدارة مياه محلية الخرطوم ان الياف الأشجار والحدائق في الأحياء اغلقت مواسير المياه مما تسبب في حدوث هذه المشكلة. مبيناً انهم عالجوا هذه الأزمة بتوصيل مياه من منطقة الصحافة وسوف يتم متابعة هذا الخط حتى وصولها إلى داخل الأحياء، مؤكداً انهم يقومون بحفر ارتوازي لحل الأزمة جذرياً.


    وفي الثورة الحارات السابعة والثامنة أكد عدد من المواطنين انهم ظلوا يعانون شح وانقطاع المياه منذ أكثر من شهر وان المسؤولين لم يهتموا بهم رغم البلاغات المتواصلة من الأهالى والتى وصلت إلى عشرات الالاف لافتين إلى ان الحكومة لا تلتفت إلا لمن يخرج إلى الشارع رغم انه كان خياراً بعيداً بالنسبة لهم إلا انهم لجأوا إليه مضطرين. ومن أمبدة اتصل بالصحيفة عبد الله نور وأكد ان سعر جركانة المياه بلغ جنيها كاملاً في أحياء أمبدة التي تعانى كثيراً من شح المياه وانعدامها في عدد كبير من الأحياء مشيراً إلى ان ما يرشح في وسائل الإعلام عن معالجات لمياه أمبدة لا يتعدى الأحلام بعيدة المنال مشيراً إلى ان محلية أمبدة تعد أكثر المحليات دعماً لخزينة الدولة لوجود عدد من الأسواق الكبيرة بها إلا انها افقر المحليات في جانب الخدمات. وفي شرق النيل تعاني أحياء الفيحاء وعد بابكر والكرياب من شح في المياه منذ عدة أيام دفع المواطنين فيها إلى الجأر بالشكوى)(المصدر: حريات: 17 مايو 2011م – نقلاً عن التيار). ترى كم من الملايين نحتاج الى إنشاء شبكة مياه جديدة وقوية توفر الماء لكل سكان العاصمة القومية دون إنقطاع؟! هل يمكن ان يكون تكلفة هذا المشروع الحيوي الجوهري أكبر من المليارات التي كشف المراجع العام ضياعها بسبب الفساد؟! لماذا لا تقتطع الحكومة من الميزانية الضخمة المخصصة للأمن لتقيم مشروع توفير المياه؟!

    ولقد أدي الفقر، والنزوح، وتحقير المواطنين وإذلالهم، الى تفشي الفساد الأخلاقي، الذي لم يكن من قبل من شيم الشعب السوداني.. وزاد في هذا الأمر، غياب القدوة الدينية الحقيقية، إذ إنتشرت مظاهر الدين، وغاب جوهره، المتمثل في التربية وحسن الخلق.. حتى أصبحنا نسمع عن جرائم تقشعر منها الابدان، جاءنا بها هذا التوجه السقيم، الذي وصف زوراً وبهتاناً، فقد (أقر مدير وحدة حماية الأسرة والطفل العقيد شرطة أكثم السيد السماني عن تدوين (4321) بلاغ اغتصاب أطفال خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة في ولاية الخرطوم مبيناً أن (80%) من جرائم الاغتصاب تقع من الأقارب والقريبين من الأطفال سواء سائقي الترحيلات وأساتذة مرحلة الأساس وأصحاب الأعمال التجارية!! واعترف الطيب مصطفى – خال المشير عمر البشير والمُعبر عن المشروع الأصلي المغلق والمتطرف للإنقاذ – في عموده بصحيفة الانتباهة اليوم 19 يونيو “.. أوقن أن عدد الأطفال الذين ذكرهم العقيد أكثم لا يبلغ معشار العدد الحقيقي الذي يحدّ الخوفُ من الفضيحة من معرفته وحصره..” ولم يكلف الطيب مصطفى – مدعي الفضيلة والأخلاق- نفسه مجرد عناء التفكير في ان هذه الثمار المرة للمشروع (الحضاري) ، ولأكثر من عشرين عاماً من سيطرة نظام الإنقاذ (النفاقي) الذي يعظ بالأخلاق ويشيع الفاحشة عملياً – بإفقاره للغالبية وإذلاله وتشريده للمواطنين وتحطيمه للريف وتفسيخه للقيم الأخلاقية والاجتماعية وإفشائه ثقافة العنف) (المصدر: حريات 19 يونيو 2011م).


    وأود أن اضيف الى تعليق صحيفة حريات، أن الحكومة لم تنتبه حتى الآن، رغم النقد والنصح- الذي وجهه حتى بعض الإسلاميين المنسوبين لحزبها- الى مبلغ السوء الذي ورطت فيه نفسها، ونفرت به الاذكياء من الشباب عن الإسلام نفسه، وهو وزر تنوء به الجبال الراسيات، يوم القيامة، ثم هو سبب لزوال الحكم في الدنيا. ولقد إنعكس الضعف الداخلي للنظام، الى ضعف خارجي كبير.. فلم يستطع النظام أن يسترجع الفشقة التي إحتلتها إثيوبيا، أو حلايب التي إحتلتها مصر، بل حين أعلنت زيارة السيد رئيس الجمهورية لحلايب، سارع مسئولونا بنفي الخبر وكأنه جريمة!! وحين ضربت إسرائيل شرق السودان، لم تجرؤ الحكومة، حتى على الشكوى لمجلس الأمن.. هذا الوضع المزري، جعل السودان غرضاً لأطماع الطامعين.. فقد جاء (دعا هاني رسلان – رئيس وحدة السودان بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية ، ومقرب من حزب المؤتمر الوطني – إلى تدخل مصري في السودان كضرورة أمن قومي مصر وقال في برنامج “صباح الخير يا مصر” التلفزيوني بحسب ما أوردت صحيفة الوفد 19 يونيو “ان السودان دولة شاسعة المساحة وغنية بكافة أنواع الثروات لكنها غير مستغلة مما جعلها مطمع لإسرائيل على أكثر من مستوى أولها النفط والمياه” وأضاف ان ما يحدث في السودان له أثاره على مصر وأمنها القومي وقال ان استقلال جنوب السودان سيجعله رهينة بشكل كامل فى يد اسرائيل والولايات المتحدة. وان هناك “أياد خفية” خارجية واقليمية تعبث بالسودان ومصالحه وتسعى لتقسيمه إلى أقاليم متعددة وإشعال الحروب فيه، مما يتطلب تدخل مصر. وسبق ودعا الكاتب الإسلامي المعروف والمرشح لرئاسة الجمهورية محمد مورو إلى “وحدة فورية!” بين مصر وشمال السودان لإخراج السودان من أزماته!! كما سبق ودعا محمد حسنين هيكل – الذي يعد أهم المفكرين المصريين – في ندوة بنادي القضاء إلى ان تذهب مصر بـ “فائض” قواتها العسكرية وشعبها إلى السودان لحل أزماته! وكذلك ذهب الصحفي المصري المعروف عبد الحليم قنديل إلى ذات المذهب)(المصدر: حريات 21 يونيو 2011م).


    إن هذه الروح الخديوية، الإستعمارية، البائدة، تنتظم النخبة المصرية بإسلامييها وقومييها بل وليبرالييها!! ولئن ظهرت في عهود الدكتاتوريات، كنتاج طبيعي لفساد تلك الأنظمة، ما كان ينبغي أن تظهر بعد ثورة الشعب المصري، التي اطاحت بالرئيس حسني مبارك.. لأن الثورة التي قامت من أجل الحريات، لا يمكن ان يدعو قادتها، الى إستعمار الشعوب الاخرى.. ولكن يبدو ان أمثال رسلان، هم عناصر العهد البائد، الذي يتسلقون الثورة لسرقتها.. ومهما يكن من أمر، فإن أطماع مصر في السودان قديمة، وكان الساسة المصريون، طوال تاريخ مصر، يمنون شعبهم، بالتمسك بالسيادة المصرية على السودان.

    ومن ذلك مثلاً ان صدقي باشا، قد خاطب الشعب المصري، بقوله (لقد جئتكم بالسيادة على السودان) أو قوله (لقد اعترف نهائياً بوحدة مصر والسودان تحت التاج المصري)(الرأي العام 29/10/1946م). ولم تتوقف الأطماع المصرية حتى بعد قيام الثورة المصرية، فقد كان عبد الناصر رحمه الله، يتوقع ان يتفق السودانيين على الاتحاد مع مصر، وقد استاء عندما أعلن الاستقلال من داخل البرلمان. ولما لم تتم الوحدة ، لم يقتنع عبد الناصر بذلك، ففي عام 1957م ارسل الجيوش المصرية الى شرق السودان، ووضعت العلم المصري على حلايب. وكان يمكن ان تصبح حلايب جزء من مصر، منذ ذلك التاريخ ، لو لا ان رئيس الوزراء في ذلك الحين السيد عبد الله خليل، قد كان حقاً في مستوى مسئولية الدفاع عن تراب الوطن. فقد ارسل قوات من الخرطوم الى حلايب، وأعلن الحرب على مصر.


    ولقد إلتف الشعب السوداني كله خلف عبد الله خليل، يدعم هذا الموقف الوطني الشجاع. وانسحب عبد الناصر مفضلاً ان يكسب الشعب السوداني كله بدلاً عن جزء من اراضيه. ولقد كان أول من نبه للأطماع المصرية في السودان، الأستاذ محمود محمد طه، وذلك حين قال (وشئ آخر نحب ان نشير اليه هو علاقة مصر بالسودان، فانها قامت، ولا تزال تقوم، على فهم سيئ.. فإن أنت استقبلتها بعقل القوي تستطيع تبرأتها مما تتسم به الآن من المطمع المستخفي والعطف المستعلن، فإن السودانيين قوم يؤذيهم ان يطمع طامع فيما يحمون، كما يؤذيهم ان يبالغ في العطف عليهم العاطفون)(من خطابه للرئيس محمد نجيب في 18/8/1952م).

    د. عمر القراي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de