|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
قصيدة عبري شعر: جيلي عبد الرحمن

هذه القصيدة تحمل قدرا كبيرا من الحنين للقرية النوبية ممثلة في عبري الرمز. ألفها شاعرنا جيلي عبد الرحمن ونشرها عام 1953م في الصحف المصرية. ووجدت رواجا كبيرا. وقد ضمنها ديوانه الأول "قصائد من السودان" الذي أصدره مع رفيقه الأستاذ الشاعر تاج السر الحسن.
*********
أحن إليك ياعبري حنينا ماج في صدري
وأذكر عهدك البسام عهد الظل في عمري
تطوف بخاطري الذكرى من الأعماق من غوري
وتبدو في بهاتتها كطيف خالد يسري
عليه غلالة سوداء ذابت في رؤى الفجر
طيوف لست أنساها ورب يعافها غيري
أنا ظمآن ياعبري إلى الأمواه والطير
إلى كثبانك الغرقى هناك بحافة النهر
يذهبها سنا الشمس بأكوام من التبر
ونخلك رامق النظرات ملء السفح والجسر
يطل على ربى النيل ويحمل أطيب التمر
غذاء دائم حلو لنا في البرد والحر
وأطباق مبعثرة على أكواخك السمر
تلألأ مثل آمال نمت في جدبه القفر
وخلف جبالك الثكلى عتاة الجن والشر
والغاز ..... تحير عالم الفكر
تخوفني بها أمي تقول طويلة الشعر
وأرجلها من الطين وأعينها من الجمر
وساقية مرنحة تجرجرها قوى الثور
تدلت أذنه تعبا من الإنهاك والسير
ويمشى خلفه الفلاح وهو مقوس الظهر
تغيم بعينه الدنيا ويلعن ذلة الفقر
وتجثم خلفها الأخرى وتشكو قسوة الهجر
أجل قد ماتت الأبقار والمحصول لايغري
ونجري نحن أغرارا ونلقي الطوب في البئر
ونبني كوخنا المختار بالطين وبالصخر
فمأدبة بلا خبز وزيجات بلا مهر
ويوم غرقت في النهر وأختي ولولت تجرى
وصاح الناس من هول وماج الجمع في ذعر
وأنقذني من الموت فتى قد هاله أمري
أكلنا لحم تمساح وذقنا أرنب البر
وعيشا قد عرفناه حثالات من البر
نجهز ذبحة الضان لعيد الفطر والنحر
فنشبع فيهما لحما ونعطي البعض للغير
أنا ظمآن يا قلبي إلى صاي إلى عبري
إلى عنزاتي الصغرى إلى ليلاتي الغر
أقضيها بلا قيد مع الأطفال والبدر
سذاجات وأخيلة تظللها يد الطهر
نشاوى مثل أسماك تعوم برائق النهر
حنيني جارف عات برغم المسلك الوعر
تراثي كيف أنساه وقد أودعته عبري
********
رحم الله شاعرنا جيلي الذي مضى وهو يمني النفس بالعودة إلى قريته ويغني :
وإنا سنرجع يا صاي يوما نعمر أكواخنا والدروب
***************
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
تحية للمزيد من الإحالات: 1- دراسة عن شعر جيلى عبدالرحمن كتبها الشاعر محمد عبدالحى ومنشورة بمجلة كلية الاداب -جامعة الخرطوم... 2- مقال عن جيلى عبدالرحمن كتبه الدكتور عبدالسلام نور الدين. 3- قصيدة فى رثاء جيلى عبدالرحمن كتب شاعر واكاديمى عراقى عمل مع جيلى فترة بجامعة جزائرية والقصيدة منشورة فى ديوان لهذا الشاعر وهو مقيم بلندن ويعمل بالملحقية الثقافية السعودية هناك... 4- كتاب " جيلى عبدالرحمن شاعر الوقت فى سياق أخر-- مجموعة مقالات ودراسات - تحرير الشاعر إلياس فتح الرحمن صدر عن مركز الدراسات السودانية بالقاهرة فى التسعينات ...
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: فيصل محمد خليل)
|

بقلم: الحسن هاشم
في الوقت الذي يحتفل فيه الحزب الشيوعي بميلاده في السادس عشر من أغسطس من عام 1946م، لا ينسى ذكرى رحيل الشاعر جيلي عبد الرحمن الذي رحل عام 1990م في أغسطس فيه بمصر، لا في وطنه الذي أحبَّه وأنشد فيه أروع قصائده منذ أن كان شاباً يافعاً عام 1953م، حين نظم قصيدته عن مدينته التي رأى فيها النور (عبري). ولد شاعرنا الراحل بجزيرة صاي بمنطقة عبري عام 1931م، ورحل لمصر وعمره تسع مع والدته حيث كان يعمل والده، ودرس هناك وتخرج من الازهر الشريف. للراحل ديوانين هما (قصائد من السودان) الذي طبع بالقاهرة عام 1956م بالإشتراك مع صديقه الشاعر تاج السر الحسن، ثم ديوان (الجواد والسيف المكسور) الذي يقول فيه:
ماعاد فاسك المعلَّق فوق صهوات الجياد
وكأنَّه تلٌّ من النيران تركض في الوهاد
مستصرخاً تاجوج ياقمريتي
فتردد الأصداء جوج
والارض كانت في هجير الجدب تسهد بالمروج
وسيوفهم كالصخر غطته الثلوج
قام راحلنا بترجمة الكثير عن الادب الروسي وله دراسة عن الاديب السوداني الراحل الطيب صالح، حيث كان جيلي ناقداً بارعاً أيضاً. وغنى جيلي بهموم القارة الافريقية وشبَّه مأساة إنسانها بمأساة ضحايا هيروشيما، حين قال:
هيروشيما على صدر أفريقيا
قد لاحت أضواء المرفأ
لم يبق سوى بعض صخور
سيق الأطفال الى سجن أورندي
رقصت نار في أكواخ الزاندي
يا أفريقيا..
وغنى جيلي غارسيا لوركا الاسباني وذكرى إستشهاده على يد الجلاد فرانكو، كما غنى للأمل والمستقبل، وغنى لبيئته الاولى في (قصائد من السودان):
وساقية مرتجة تجرجرها قوى الثور
وتجثم خلفها الأخرى وتشكو قسوة الهجر
أجل قد ماتت الأبقار والمحصول لا يغري
ونجري نحن أغراراً ونلقى الطوب في البئر
ونبني كوخنا المختار بالطين وبالصخر
فمأدبة بلا خبز وزيجات بلا مهر
حمل راحلنا السودان في كل المرافيء التي حط فيها فيها من روسيا شمالاً واليمن جنوباً والجزائر غرباً ومصر وسطاً، وكل هذه الدول وغيرها لم تنسه يوم أقعده المرض بمستشفى (ناصر للكلى) بمصر، ويومها رفع جيلي وسادته وأخرج عشرات الخطابات والشيكات قائلاً لي: “يا إبني أنا في هذه اللحظة أبحث عن وطني وعن شعبي الذي قدمت بإسمه ما قدمت لكل الشعوب” وكان خطابه لرئيس الوزراء بواسطة إتحاد الكتاب السودانيين عام 1987م، تقريباً.
جريدة الميدان
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
Quote: كان جيلي شاهداً على عصرنا مما جعله نموذجاً للبطل الذي يعي قسوة الحياة وفسادها مثل إدراكه لبهائها وجمالها وآمالها العراض. وفى هذا كان شأنه شأن الشعراء والأدباء عامة في عصره، إذ كان الشاعر الذي يعيش الصدمة ويحياها..صدمة فجيعته في أهله ووطنه الذي تصور أو أوحت له أفكاره بذلك بأن الأبرياء والمناضلين الذين تاقوا لحياة تليق بالإنسان قد واجهوا العسف والتعذيب والعزلة. هكذا كان جيلي عبد الرحمن سباقاً في النبوءة والمعرفة والصمود في زمن لا تكفيه حكمة الشعر ولا صمود الشاعر.
|
التحيه والاجلاال للاجيال التى حملت الرايه وحافظت عليها مرفوعه وسط كل الظروف والازمان التحيه لك دكتور عبد القادر
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|

لو أن بلدا غير السودان لا يشعر السوداني فيه بالغربة أبدا فهو اليمن وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في أيامها على وجه الخصوص.. ولو أنني لاحظت على جيلي في أخريات عام 1981 إحساسا شديدا بالاغتراب، فلربما كان ذلك الإحساس جزءا من كيانه ووجوده، وأحد أهم أسباب إبداعه الشعري ومع أنني لست من جنس الشعراء ولم يكن لدى ما اشتكى منه باليمن ألا انحنى كنت أحس وقتها إحساسا مماثلا باغتراب ألجأني إلى ديواني جيلي أعب من إشعارهما وأحفظ منهما عن ظهر قلب ...كانا بلسما شافيا بدد شعوري بالاغتراب تماما..
احتفينا في الجالية السودانية بتكريم جيلي في الاحتفال بعيد الاستقلال في مطلع عام 1982م. وقد صادف الاحتفاء هوى في نفوس الجميع . ألقيت قصيدة عبري من الذاكرة.. قرأ مبارك حسن الخليفة عددا كبيرا من قصائده.. كان الاحتفال مشهودا، وقامت إذاعة عدن بتسجيله وإذاعته.. ترك ذلك أثرا كبيرا في نفس جيلي.
احتفلنا بجيلي في نفس المساء احتفالا خاصا حضره عدد من أصدقائه السودانيين واليمنيين.. كان الاحتفال في منتجع (الشاليهات ) في جزيرة كان أسمها (جزيرة العبيد) قبل الثورة صارت بعدها (جزيرة العمال).. انتهزت الفرصة مستعرضا فألقيت عدة قصائد من الذاكرة منها "شاطئ الذكريات" و"شجرة اللالوب" و"هجرة من الجزيرة صاي ".
قاطعني جيلي حينما وصلت إلى نهاية الهجرة المأساوية من صاي إلى القاهرة بأبيات لم تكن مثبتة في ديوان " قصائد من السودان" ولا في مختارات شعره الأخرى كمختارات على المك جاء فيها :
وقالوا جاء النوبي ضعوا بيده مكنسة
روى جيلي أن صلاح سالم ،وزير شؤون السودان حينئذ أمر بحذف هذه الأبيات ضمن القصيدة في احتفال بالنادي النوبي بالقاهرة سنة 1953م، لأنها كانت تعكس واقعا (يسئ) إلى العلاقة المصرية السودانية في عام اتفاقية القاهرة والاستفتاء المزمع حول وحدة وادي النيل في السودان .
اشتد المرض على جيلي – القلب والسكر والكلى والنقرس.. قضى وقتا طويلا بالمستشفى العسكري ،أولته الحكومة اليمنية والجالية السودانية وزملاؤه من كل الجنسيات اهتماما كبيرا يليق بشخصه. لكن جيلي لم يكن يكترث كثيرا بالمرض ولم يكن يحفل كثيرا بنصائح الأطباء والأصدقاء فيما يخص الشخصي...
غير انه أكثر من الرثائيات في أخريات أيامه ، ثم غادرنا إلى الجزائر ليعاود العمل بجامعتها لأن مناخها كان يناسبه أكثر، واحتفى الجميع بوداعه، والتقيت به في الخرطوم مرارا بعد الانتفاضة في ابريل سنة 1985، حينما عدنا جمعيا إلى السودان. كان يتوق إلى الاستقرار والعمل بالسودان ، في جامعة الخرطوم أو أي موقع آخر تؤهله له ثقافته وخبرته ومكانته .. كان مجرد وجوده في السودان كسبا ومفخرة للسودان والسودانيين.. لكن حالته الصحية المتأخرة لم تمهله الوقت الكافي.
ترى هل كان جيلي يطيق البقاء في الخرطوم لو سمحت له حالته الصحية بذلك؟ لو واتت حالة البلاد السياسية ؟ بالطبع لم يكن صديقي الأديب الصومالي عبد السلام إلا هازلا في حديثه عن هوية أولئك الشعراء. ومع أن جيلي كان يتوق إلى الاستقرار في وطنه السودان، لكنه كان أيضا من تلك الطيور المهاجرة التي لا يقر لها قرار إلا في الترحال بحثا عن هوية إنسانية أرحب وأوسع أهله لها إنتاجه الشعري.. وكذلك كان الفيتوري ... وربما كان ذلك هو ما عناه صديقي المرحوم عبد السلام الذي كان يحس في قرارة نفسه بانتمائه إليهم وانتمائهم إليه.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
الصديق الجميل الرفاعى عليك بخير واحمد وعزة
لا اجد مساحة فى ما تكتب بينى وبينك مساحة خضراء وبعض من مزن
لك وحشة قدر تلك التى تهيم حول الترهل من من حول ضخامة اسمك وجسدك المرتع لكل العذابات والصمود لك ايها الجميل بعض من التحايا العجلى فى هذا الزمن الذى لا تجد فيه اوارق الخريف التساقط بمهل على الرمال المتحركةبتهافت لتبتلع المساحات الخضراء من هذا العمر الكئيب عنوانا ومعنى
الحديث عن جيلى ابن جتتى النوبى الثائر
حديث ذا شجون
وحين جيلى كان خليل فرح سابقا ومحمد صالح ابراهيم ثم فاروق كدودة
وصديقك اللدود محمد وردى وقصص خرافية عن علاقات انسانية لها حفر عميق فى الذاكرة
وللك فى لحظة التمدد القسرى فى المساحات الضيقة بعض كم ذكريات جميلة فى دروب النضال الشاق
صديقك ص ش
| |
 
|
|
|
|
|
|
[center]Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: محمد الكامل عبد الحليم)
|
شكرا الدكتور عبد القادر الرفاعي فقد عهدنا فيك أقصى درجات الوفاء لأصدقائك، وهاانت تؤرخ الآن لصديقك الشاعر الكبير جيلي عبد الرحمن الذي كان رقما مهما في عالم الشعر العربي رغم نوبيته.
ألتقيتُ بالمرحوم جيلي عبد الرحمن مرة واحدة بمنزل الأستاذ محمد وردي بالكلاكلة وكان ذلك اليوم يوما مشهودا بالنسبة لي حيث كانت الدهشة والفرحة والسرور تغمر جوانحي من لقاء هذا الهرم الكبير...
رحل شاعرنا سريعا متوهجا أحزانه وأماله الكبرى بعد أن خلَّد أسمه في سفر الخالدين بأشعاره الباذخة....
وقد أحببتُ جل قصائده خاصة قصيدته في الشهيد عبدالخالق محجوب.
1 رؤيَّة وأراكم عبر هامات الليالى والمهانات، المسافات الطوال تنحتون الجدر الحدباء ... فى صمت الظلال صرختى أزَّت على الجير... شيوعى، شيوعى وأنا أعلم دجل العمق، وعمق الدجل كلمات نيئات فى الخوان الثمل وضمير السادة النقاد، ألوان المونيكير... الربيعى لا رتوش الآن، فالحرف مقاصل - سيداتى، سادتى يبصق الجلاد فى وجه المقاتل شاهدى الزور، وأشباه الرجال قد نسيت الهمس، والإيحاء أشكال الفواصل فلتنوحوا فى المواخير... على الفن الرفيع
2 المنحنى ايه يا طلق المحيا... والحجى ها أنا أرسف فى قاع السلاسل والأفاعى مثل أنياب الدجى تنفث السم على وجه السنابل هل مضى الصيف؟ وقد لقنته قصة الموت الذى قام يقاتل! وخريف العمر... يصفر على همهمات الريح... فى الحور الذوابل عاود الروح أساها، أطبقت فى جدار الصمت، آلام المفاصل ايه هل عدت الينا... كالسنى حين أرعبت أراجيح المقاصل الجماهير اشرأبت والقنا يستبيها الصوت والميدان حافل - يا صياح الخير كم أوحشتنا! يا مساء الخير تشجيك المنازل
* * *
لم يعد للنبع غير المنحنى أرهف القلب على نبض المناجل ما المنايا؟ انها أقدارنا وامتداد البحر... أحضان السواحل لا ألوم الدمع إن هامت به وحشة النخل، وأحلام البلابل لا ألوم الليل، والنجم هوى يعتلى الفجر، المتاريس، الجنادل أيها الشاعر ضوأت المشاعل فانبثق ثأراً وصخراً، وجداول
3 من الطارق؟ عبدالخالق! يا أيادى الله... قالوا ضعت من غير سرادق أين أطفوا زهرة الليمون والعطر حدائق؟ نصبوا للشمس أعواد المشانق! - يا حبيبى - تدلف الفرحة من سجن الشرانق ورأيت القتلة مثل فئران الخنادق وهدير المقصلة مثل أفراح البيارق كانت الخرطوم شعراً.. يشعل الليل حرائق
| |

|
|
|
|
|
|
Re: [center]Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبدالأله زمراوي)
|
Quote: قرأت أن جيلي نام ليلة مع صديق له كانت ليلة باردة ولكن صديقه احضر له بطانية سميكة فنام شاعرنا غرير العين علم في الصباح اليوم التالي أن والدة صديقه هي صاحبة البطانية .. ولما رأت هزاله وضعف جسمه آثرنه علي نفسها .. ولم يستحمل قلبه الرقيق ذلك العطف أن تنام سيدة عجوز ليلة واحدة دون غطاء كاف فأجهش القلب الكبير بالبكاء، وكأني بلسان حاله يقول : وا خيبتاه .. أهذا هو نضالي من اجل الفقراء أن اسرق غطاء سيدة عجوز في ليلة بردها قارس يعض العظام. حساسية الرجل المفرطة تحسها كثيرا في شعره . وفي بعض المرات – يخيل لنا – أن شاعرنا يساوره شعور بذنب لم يغترفه وحتى عمق مأساة بلاده يتحمل وزرها الأكبر .. فلو قاوم أكثر وناضل أكثر لما استمر القبح معشعشا. وهو لا يعطي من يحب شيئا له قيمة، وكل ما قام به لم يستطع أن يوفر قطعة خبز |
إنسان ...إنسان جميل و مرهف الإحساس.
_ متــــــــــابعة عن قرب. فوق حتي يقرأ الناس أجمعين
عاطر تحياتي وإحترامي أستاذنا الرفاعي.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: محمد الكامل عبد الحليم)
|
احن إليك يا جيلي ! هذه مساهمة متواضعة جدا لملف الراحل المقيم الأستاذ الشاعر العبقري جيلي عبد الرحمن الذي أتحفنا يوما برائعته: (احن إليك يا عبري حنيناً ماج في صدري) وقالوا إنها عبقرية المكان وقال علي المك: بل دلالة المكان.. ولكن أقول إنها عبقرية جيلي عبد الرحمن.
**********
احن إليك يا جيلي
شعر: محمد تاج السر

د. جيلي عبد الرحمن
**** احن إليك يا جيلي
حنينا ماج في عقلي
فما جيلي وجيلك يا
حبيب الروح
غير الصدق في
القول
فلا آسيا ولا إفريقيا
العذراء
صارت مثلما كنا نود
وكان (تاج السر)
يهتف في دجى
الليل
ولا الخرطوم وأمدرمان مددتا
ظلال الأنس للإنسان والنيل
وما زرعت بنات العز
زهر الشوق
والآتي
ولا القسمات في وجه الشباب
الحر مدت ناظريها نحو الشمس
غد كريم الأصل
والذات
ولا السلطان ساق
العدل
والتحنان للفقراء
في كرم العشيات
ولا جرح المريض
الصابر
المنهوك لاقى
جرعة تشفي
غليل القلب في طول الجراحات
احن إليك يا جيلي
حنين الماء للنيل
(أبو ذكري)
تداهمه
الوفاة بقرب سهول
سيبريا
وقد يبكي عليك النيل والشعراء
في وطن تخدره الحكومات
وفي شعب حبيب لم يزل
يرنو تؤرقه العذابات
وتسحقه الصراعات
تؤلمه النزاعات
وللحرية الحمراء مهر صار اغلى
كلما مرت ليالي الشعر والشعراء
في صبر وفي مهل
احن إليك يا جيلي
وأرنو نحو هذا النخل
ذي العظمات والنبل
ونحو الشمس والنيل
فأين يسوقنا الترحال
والتسآل والذكرى ؟
أنحو سحابة هطالة
التسكاب؟
أم نحو عتمور تحرق
في لظاها نشوة الترحاب؟
فنرجع مرة أخرى
نفتش عنك يا جيلي
********
حاشية: *تاج السر الحسن شاعر (آسيا وإفريقيا) رائعة الكابلي.
*عبد الرحمن أبو ذكري عبقري الشعر في الستينيات.. توفي بالاتحاد السوفيتي (سابقا) .. شقيق الشاعر الصديق الوفي عثمان عبد الرحيم.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
Quote: حاشية: *تاج السر الحسن شاعر (آسيا وإفريقيا) رائعة الكابلي.
|
عندما أعزف ُ ياقلبي .. الأناشيد القديمة ويطل الفجر في قلبي .. علي أجنح غيمة سأغني .. آخر المقطع للأرض الحميمة للظلال الزُرق .. في غابات كينيا والملايو لرفاقي .. في البلاد الآسيوية للملايو .. ولباندونق الفتية لليالي الفرح الخضراء في الصين الجديدة والتي أعزف في قلبي لها ألف قصيدة *** يارفاقي ... صانعي المجد لشعبي ياشموساً .. ضؤها الأخضرُ قلبي وعلي باندونق ... تمتد سمائي وأنا في قلب أفريقيا ... فدائي والقنال الحر يجري... في دمائي وعلي وهران يمشي .. أصدقائي
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: Mubarak kunna)
|
حين استدار الماء للينبوع الرجعى لمصادر الحضارة النوبية عند الشاعر جيلي عبد الرحمن
بقلم: مصعب الصاوي
مهاد نظري: تجتهد هذه المقاربة النقدية في الإمساك بجزئية محددة في المشروع لجيلي عبد الرحمن تمهيدا أوليا لاقتراح فرضية تتصاعد من الجزئي إلى الكلي. وهى تلخيص للحنين المتصل عند جيلي عبد الرحمن لنقطة الأصل – الوطن – بمعناه الجغرافي الكوني، والقرية برمزيتها الوجودية والاجتماعية كموطن للبراءة والنقاء والتوازن النفسي. والقرية عند جيلي، سواء أكانت صلي أو عبري، مشبعة بطاقة حضارية تتجاوز تاريخها الآني المؤقت إلى جذرها الحضاري الضارب في أغوار التاريخ. ومن ثم يمكننا افتراض أن مشروع جيلي الشعري هو محاولة مستميلة لهذه الرجعى بكل ما تحمله تبعاتها من معاناة ونفى واغتراب، فضلا عن الحاجز الموضوعي الذي فرضته متغيرات الأنظمة الأيديولوجية المتعاقبة، والتي وقف منها جيلي موقف النقيض. وبالتالي فهذه الاستمالة استمالة حركية فرضتها :
الهجرة – اختيارا. المنفى – قسرا. نمو التجربة الوجودية وتشكلها خارج الوطن،الشيء الذي جعل جيلي يحاول باستمرار إثبات العكس.
من ثم أسمينا هذه المحاولة المستميلة (استدارة الماء للينبوع)(1). تتخذ هذه المحاولة بعدا آخر وجوديا معرفيا عند شاعر آخر هو محمد المهدي مجذوب من اكبر الشعراء تأثيرا في جيلي. فإذا كان الحنين إلى دفء العشيرة والانتماء للقرية النوبية في شمال السودان هو هاجسه الشعري الأول، فإن الحنين المتصل إلى القرآنية عند محمد المهدي مجذوب هو ما يدفعه كشاعر للإحساس بعظم التناقض الوجودي بين البراءة والتجربة (2). وفق هذه المقترحات يمكننا أن نستقصى هذا الخيط السري في مشروع جيلي عبد الرحمن.
القرية، المكان الذكرى والظلال: يتجلى الإحساس بالماضي عميقا وجذريا في ثنايا التجربة الشعورية عند جيلي عبد الرحمن.. هذا الإحساس الغامر بسطوة الماضي يستصحب معه دفق الزمن بمعناه التراكمي.. الزمان المستعاد في الفن وفق الرمز الموحى الرموز التشكيلية الحية كما يعبر استأذنا أحمد الطيب زين العابدين:
أجدادنا الأموات
أقدامهم مغروسة في الطين
في ليلة مصدورة جياشة الأنين
ويرفعون فى عقيرة المساء
غناءهم والدمع والإرهاق (3)
وتلمس في أجزاء أخرى من نص القصيدة توثيق الرموز في لحظة اقترانها بالحبيبة فكأنما هي لحظة يندمج فيها الذاتي الخاص بالموضوعي الخارجي العام أسوة لتجربة خليل فرح في رمزية عزة (4) يقول جيلي:
وكنت يا حبيبتي تبكين من بعيد
أغنية قديمة رنمها الجدود
وصوتك الحنون موجتان تضحكان
وتحملان عطر صخرة ملساء مثل الحوت
في صدرها قد حفرت أسماء لا تموت
كالنخيل ..كالبيوت (5)
تلمس حضور الأجداد كرمز يمثل تجلى الماضي واستمراره كأثر بعيد الغور في رؤيا الشاعر للعالم. وهذا الحضور لأرواح الأسلاف والأجداد من العناصر المعرفية في صميم الحضارة النوبية القديمة، لاسيما المروية، وهو الذي يمثل الخاصية الإفريقية لهذه الحضارة؛ ففلسفة الزمن في الحضارة الإفريقية، والتي يجسدها تشكيليا (القناع) ، تقوم على حلول الماضي بروحه المسيطرة، مرتدا بشكل تعاقبي إلى الأحفاد. وقد عبر محمد عبد ألحى عن ذلك في العودة إلى سنار):
الليلة يستقبل أهلي
أرواح جدودي.. (6)
لكن بالضرورة أن يتوسل الشاعر وسيطا حضاريا ينقل عبره تأثير الماضي على حاضره والوسيط التعبيري الذي اتخذه جيلي عبد الرحمن هو الشعر أو الغناء في أكثر من إشارة أوصل الأجداد رسائلهم غناء :
ويرفعون في عقيرة المساء (7)
غناءهم
تبكين من بعيد (8)
أغنية قديمة رنمها الجدود (9)
وأنت يا قصيدتي تبكين
أغنية مجروحة الأنغام (10)
والوسيط الحضاري، والذي اتخذه محمد عبد الحي في العودة إلى سنار، هو الشعر أو العرفان الذي يفضى إلى المعرفة والوصول. ويتخذ عند عبد الحي عدة مدلولات: فهو طوراُ(اللغة الزرقاء) وهو رمز يلمع بين النخلة والأبنوس، وهو (صوتي.. لغتي.. غنائي) (11)الخ
استخدم جيلي في ديوان (قصائد من السودان) الرموز التقليدية التي تعبر عن القرية: المكان والإنسان (النيل – النخيل – البيوت، الصخرة الملساء التي تقام عندها تقوس عاشوراء ). ولكن هذه الرموز والدلالات التقليدية تطورت في دواوينه اللاحقة، وربما حداثة التجربة الشعرية وتلقائية البدايات كانت إحدى تفسيرات استخدام الرمز التقليدي في الشعر. (صدر ديوان قصائد من السودان عام1956).
إلا أن رموز الرجعى لنقطة الأصل تعقدت وصارت أكثف شاعرية في إصدارات جيلي عبد الرحمن الأخيرة، لاسيما (بوابات المدن الصفراء (12)
قدر النوبي:
نص هجرة إلى جنان الخير يمثل مرحلة النضج في ظني، وهى الرحلة الأكثر تطورا وتعقيدا في مستويات تطور الصورة الشعرية عند جيلي عبد الرحمن. كما تتوهج في هذا النص ظاهرة العودة إلى الأصل لتمثل محاولة الاتحاد الكلى بعنصري الزمان والمكان. ويتكثف البناء الدرامي لهذا النص لاستهلاله باختيار الملك تهراقا مطلعا لنص ومضاهاته بالتخيل المعادل الكوني للوجود الإنساني:
كقامة النخيل تهراقا
والصبر صمت الناقة
إن معابد الصحارى النوب
في جهنم تذوب
قد أسبلت أجفانها
وأشعلت أجفانها
وروحها الغريب
تتم في هذه الجزئية من النص عدة محاولات لاستدعاء الملك تهراقا، بما تحمل سيرة هذا الملك من دلالة اللقاء (بمصر). وترد إشارات حضارية للمعابد والمسلات والأعمدة، ثم يربط الشاعر بين هذه العناصر التاريخية الحضارية المشرقة وظلام الحاضر المطبق على ضمير الشاعر بالمأساة ليستبدل زمان الصحو بهول المنفى والمأساة:
والصحو في العينين
منذ البين
منذ الفاقة
من يا ترى
إطفاءه أراقه؟
وجرجر النوبى للبعيد قيده
ومرمر التابوت حين مل لحده
أهجرة؟
وصخرة؟
تتناول هذه المتجزئات قدر النوبي الهجرة – المنفى – الاغتراب المقترن بالقدر الشخصي لجيلي عبد الرحمن الشاعر الصادح بهذا المعنى وتبرز في هذا النص نفسه محاولة استنهاض الملك ترهاقا من جديد ليعلب في الحاضر دوره الذي أنجزه في الماضي:
تهش يا ترهاقا
للسيدالمهندالذواقة
وهيأوا في السجن للغريب مقعدا
لتستعيد مجدك المصفدا
القرية النوبية (الحلم) غرقى في النيل:- من أقوى الإشارات الفكرية والحضارية عند جيلي مراثي قريته النوبية الحلم وهى غرقى في النيل. وقد بدأ هذا العنصر الشعري المأساوي يتكثف عند جيلي عبد الرحمن بعد اتفاقية السد العالي في عهد الفريق إبراهيم عبود والتهجير الكسرى الذي تم لأهالي وأدي حلفا. وإذا كانت (القصائد الأولى من السودان) تتحدث عن هجرة اختيارية أملاها البحث عن الرزق، فإن الصور الشعرية الأخيرة في مجموعة إصدارات جيلي عبدالرحمن جاءت تحمل ملمحا فكريا مقاوما. ولكن هذا الاحتجاج الجزئي على ضياع المكان الذي ولد وعاش فيه الشاعر طفولته وصباه ارتبط بضياع آخر يشمل الوطن كله. وتتوجه الإدانة عند جيلي للأنظمة الشمولية التي أوردت الوطن هذا المصير سيما عهدي إبراهيم عبود وجعفر نميرى.
تطفو صور القرية وقد غمرتها المياه بشكل أقرب إلى الوسواس النفسي أو الهاجس المؤرق الذي يضغط على ضمير جيلي عبد الرحمن الشاعر وكأنما يحمل نفسه وزر هذا الضياع.. فلو كان حاضرا في قلب القرية ربما أن يفعل شيئا لإنقاذ المكان (الحلم) من الضياع:
معابدا شيدتها تطوف في النهر
غاصت لحى عشبية.. في وهدة القرار
معفرون .. ضامرون
قل من عبر
في نص (بوابات المدن الصفراء ) ترد هذه الإشارة إلى غياب مئذنة مسجد حلفا العتيق في النهر والنخل غريقا كما عبر عن ذلك بروفيسور على المك نثرا (أريد أن أرسم مئذنة المسجد في حلفا بعيدة عن الماء غير غرقى في النيل ) (3). وفى تطابق يقترب من النبوءة الشعرية يورد جيلي هذا المقطع الشعري من نص (بوابات المدن الصفراء):
إن لذت بجنح الصمت
مئذنتي..أطرقت
وقلت.. الموت
تراه الموت؟
غرقى أنتم مثل النخل.. الأحياء
سوف أقول لأصحابي..شكرا
وتعالوا في أمسية أخرى
في أيديكم عشب الذكرى
وترد نفس الإشارة لاختفاء المكان في نص المكان طير لشجرة ضائعة (14):
أعمتك ثريات المنفى
صحوة أنجمنا القدسية
وحوافر قريتنا في الطين ضياعا وفروسية
هامش:
(1)الإشارة لمسمى قصيدة (حينما استدار الماء للينبوع) ديوان (بوابات المدن الصفراء). (2)انظر المجذوب (مقدمة ديوان الشرافة والهجرة ص9. (3)انظر- أحزان نوبية - ديوان (قصائد من السودان). (4)عزة في هواك - أغنية سودانية للشاعر المغني خليل فرح، يعتبرها المهتمون رمزا وطنيا للشعر المقاوم -قيلت إبان الحكم الثنائي الإنجليزي المصري. (5)النص نفسه – ديوان (قصائد من السودان). (6)راجع – (العودة إلى سنار.. محمد عبد الحي – إصدار دار النشر جامعة الخرطوم). (7)(8)(9)(10)(11) أحزان أغنية نوبية (قصائد من السودان). راجع (العودة إلى سنار.. محمد عبد الحي – النشر جامعة الخرطوم). (12) ديوان (بوابات المدن الصفراء). (13) انظر مجموعة على المك – (وهل أبصر أعمى المعرة). (14) ديوان (بوابات المدن الصفراء).
(عدل بواسطة عبد القادر الرفاعي on 01-19-2011, 07:44 AM)
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
الأصدقاء الأعزاء:
أحمد الأمين أحمد فيصل محمد خليل عاطف مكاوي صلاح شريف محمد الكامل عبد الحليم عبد الإله زمراوي هواري نمر مبارك كنة
لكم جميعاً المحبة والإعزاز والتقدير على ما تفضلتم به من كلمات ودودة عن شخصي (الضعيف!) .. ولما عبرتم عنه من إعجاب وثناء على مبادرة التوثيق لشاعرنا المبدع المرهف، والإنسان الوطني المتجرد جيلي عبد الرحمن.
كما أشكركم شكرا جزيلاً على الإسهامات والإضافات الثرية.. وبشكل خاص يوتيوب قصيدة عبري الذي زودنا به الأخ فيصل، والدراسات والمقالات والقصائد عن الشاعر جيلي التي أشار إليها الأخ أحمد الأمين ( والتي سوف أحرص على الحصول عليها وضمها إلى هذا الملف في مرحلة لاحقة).. والشكر الخاص موصول لمولانا الشاعر عبد الإله زمراوي على إثراء الملف بقصيدة جيلي عن الشهيد عبد الخالق محجوب.
شكري وتقديري مجدداً
عبد القادر
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: فيصل محمد خليل)
|
Quote: كان جيلي يخجل أن يلقي الشعر علي الناس.. كان فقط يهمس لنا به اواخر الليل. كان يبكي كثيرا أحبابه الذين ابتلعتهم السجون وكان معدنه الإنساني من النوع النادر.. تواضعه لا حد له وأدبه لا حد له وتوقه للمعرفة لا حد له.. وغربه جيلي لم تكن غربه سودانيين في القاهرة بقدر ما كانت غربة طفل في هذا الكون المرعب، وعلي العكس كنا نحس أننا الغرباء وأننا لسنا غرباء به في هذه المدينة المعقدة. ولم يكن ذلك إحساس أحسه وحدي، بل أن جيل الستينات في بدايته من قصاصين وشعراء وفنانين وتشكيليين ومؤرخين، هم جيمعا يدينون بالكثير لذلك الحضن الدافئ القادر دائما علي المطابقة بين عواطف الإنسان وعواطف الشاعر بنفس القدر. |
التقدير للشاعر النوبي الكبير عبد الرحمن الأبنودي على هذا الوفاء والإخلاص لصديقه الشاعر النوبي جيلي عبد الرحمن، والإعجاب بهذا الوصف المبدع وهذا الصدق وهذة الدقة في الحديث عن جيلي .. إنه الرسم بالكلمات.
محبتي
عبد المنعم خليفة
| |
   
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
غربة طفل في هذا الكون المُرعب !
كلام عجيب .. يا عبد القادر ! بتجيبوا الكلام الزي دا من وين ؟ في سودان المُعاناة و الالم و التوهان
يعنى نواصل مشروع النضال الطويل لتحويل السودان ( حاضنة أطفال كبيرة)
جاتني النسمات من علايل ابوروف بطيبكم سارية .. وجدت عيناي دموعن جارية .. انعش روحي .. و زيل الم البين
ازيك يا عبد المنعم : شكرا على الأناشيد القديمة .. أتشفع لينا عند صحبك عبد القادر بالله في موضوع السينتاكس (قافية و اوزان) عند ابو صلاح
| |
 
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: أحمد طراوه)
|
.
جيلي عبد الرحمن: كالأشجار واقفاً أحببته شاعراً قبل أن اعرفه وإنسانا بعد أن عرفته
بقلم:الأستاذة نجاة عثمان محمد سعيد

جيلي عبد الرحمن عندما تتسرب نقطة الضوء الصادرة من الشمس، تحاول أن تمسكها بيدك فتنسرب وتطل من مكان آخر فتكتشف أن الأشجار تتحرك والأغصان تهديك من بينها دوائر ومثلثات ومربعات... كلها بلون الشمس.. كان كالأشجار .. واقفا مثلها .. وما يزال يشع بدفء الشمس ... ذلك الرجل الذي زين الحياء .. وانطق الصمت .. أحببته شاعرا قبل أن اعرفه.. وأحببته إنسانا بعد أن عرفته.. فهو كالنيل يجعلك تحس بالعطاء وبالفخر. كان قد سمعني اقرأ الشعر فسال إن كنت أرسم.. ثم أهداني الصديق محجوب شريف لحظات تواجد معه، مازلت أحسها أجمل لحظات حياتي كشاعرة.. وسأعود.. غير أني التقيته آخر مرة في اتحاد الكتاب ولم احظ بفرصة للجلوس معه فقد كان حوله الكثير من الأصدقاء.. ولم أكن اعلم أنها كانت دقائق ماسية قد هربت ونحن في هذا العالم تسعدنا تماما تلك المعرفة التي لم تأت من تجاربنا وواقعنا، بل من هذه العقول المبدعة المتفاعلة مع الإحداث بشكل يثير الإعجاب. لذلك أعود لتلك اللحظات التي تؤكد ما لدكتور جيلي عبد الرحمن من شخصية شديدة البريق والتميز بتواضعه الجم، استمع إلى تجاربي الشعرية وكان الموجودون يطالبون بسماع قصائده وهو يطلب مني المزيد .. ثم بعدها وجهني لقراءة القرآن وديوان بشار بن برد قائلا (إذا واظبت علي قراءة المصحف وقراءة بشار بن برد يمكن أن تصبحي أحسن شاعرة في الوطن العربي.. فتوهجت في تلك اللحظة وأحسست بأهمية أن تصبح مبدعاً واعياً جادا وكنت منذ تلك اللحظة قد أدركت تماماً ضخامة ذلك الرجل القمة.. وموسوعيته وضآلة ما اعرف .. وأنا افخر تماما بتلك المقابلة فالرجل يشبه شعره تماماً.
> ![50335_160427287314924_4951_nsudan1sudan.jpg Hosting at Sudaneseonline.com[/center]](http://www.sudaneseonline.com/uploadpic11/Jan/50335_160427287314924_4951_nsudan1sudan.jpg) محجوب شريف وكنت يا حبيبتي تبكين من بعيد أغنية قديمة ... رسمها الجدود وصوتك الحنون موجتان تضحكان وتحملان عطر صخرة ملساء مثل الحوت في صدرها قد حفرت أسماء لا تموت بسطاء طيبون كالنخيل كالبيوت فهل نحتاج لذلك التعقيد وتلك الكلمات المفتعلة التي يكتبها البعض هو يحمل ريشته ويرسم ونحن نري تلك اللوحات المبدعة تأخذ شكلها في المدى. ليس مجرد بعد وإنما ببعدها الثالث والرابع ... الخ؟ وتسير في وسط الطريق ... زبالة متضرمة قروية تاهت دجاجتها .. وتبحث هائجة وتغوص في روث البهائم وهو ملقي في الظلم ويطير نجم في السماء .. ويختفي بين السدم ونري كلابا ضامرات .. وهي تعوي عندما تلقي لقم أتمني لو كنت وقتها قدر قرأت له ما كتبه للوممبا ولوركا ..فقد كانت معرفتي به وقتها لم تتعد بعض القصائد أشهرها (احن إليك يا عبري حنينا ماج في صدري واذكر عهدك البسام عهد الظل في عمري) .. ذلك السهل الممتنع من الشعر .. كنت أتمنى وقتها لو أنني قرأت له بعمق أكثر لأنني احمل الكثير من الأسئلة والتي ستظل بلا إجابات وأظل تملؤني الدهشة عندما اقرأ. وغدا تأتي إلينا حاملا سمنا وثوبا غرد الطل ونام سعيدا بالغناء في ظلام المعتقل وغراس الصمت كالقضبان تغتال المقل حب "جومو" يرقب النجم تواري في الجبل فرت الدمعة والحزن هطل ثم أقبلت لوممبا كعناقيد الأمل كفكف الحزن ونادي ابن أفريقيا البطل آه لوممبا البطل فكيف يكتب هذا الشعر وهو يحمل هذه الألحان الملحمية، مليئا بالإيقاع والموسيقى، واقعيا ً تضامنياً ملهما.. center>  لوركا يا صوت الأرض الريفية كيف ركضت صهلت علي هذا السيل؟ الشارع يهتز كأن خطاه الوتر المشدود لوركا يا كبدي .. ماذا قلت عن الأيام السود افتح عينيك ولا تسرح .. كدت تبعثر حلوى عرق اليوم يهتف حتى يقول: هب لي شيئاً يا لوركاي يمشي في أوصال الناي يهتف أن أحيا وكنت يا حبيبتي تبكين من بعيد أغنية قديمة ... رسمها الجدود وصوتك الحنون موجتان تضحكان وتحملان عطر صخرة ملساء مثل الحوت في صدرها قد حفرت أسماء لا تموت بسطاء طيبون كالنخيل كالبيوت وغدا تأتي إلينا حاملا سمنا وثوبا غرد الطل ونام سعيدا بالغناء في ظلام المعتقل وغراس الصمت كالقضبان تغتال المقل حب "جومو" يرقب النجم تواري في الجبل فرت الدمعة والحزن هطل ثم أقبلت لوممبا كعناقيد الأمل كفكف الحزن ونادي ابن إفريقيا البطل آه لوممبا البطل يا للقدرة المتمثلة في أن الشاعر يكتب كل شيء بقدرة .. ومقدرة .... ومثل ذلك أتساءل هل كان لهذا الشاعر آلام في علاقته بالآخرين وهو يحمل هذا القلب الرائع؟؟ وكيف تعرف علي سجل تفاصيل العالم وصاغها .. بحيويته وواقعيته أخيرا؟ لا أحب تصنيف المدارس .. ولكني أؤمن أن هناك من يكتب فتبدو الواقعية الشديدة في كتابته، أو يرسم فتبدو الانطباعية في لوحاته، لكن الاتجاه الواحد لا يخلق الإبداع .. لذلك إن كنت استحق تلك المعرفة لجيلي عبد الرحمن الشاعر والإنسان نسيجاً لعالم من الإبداع، متعدد الأدوات، متعدد المعاني ، متعدد المداخل وعميق جداً نرجو أن نقرأه ونستلهمه .. ونستحقه.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: فيصل محمد خليل)
|
تحية يا فيصل....انظر كيف يتمدد في الارض الواسعة وتتمدد رؤاه عبر الظلال...من غابات كينيا الي الملايو قبل ان يدلف الي النيل هي ترقد الثورة رابضة في حضن جمال...
وكيف يحتفي برفاقه صانعي المجد....
اين نحن من الشموس الحديدة والرؤي الحديدة....كيف كنا وكيف نكون....
جيل وجيله مهدوا الارض ولم نفلح في غرسها بعد...
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: sharnobi)
|
صفحة الآخر في هوس الشاعر أو الأذى الأكبر...! أ.د. فيصل إبراهيم المقدادي
الشاعر جيلي عبد الرحمن
حين التقيت الدكتور الجيلي عبد الرحمن (الشاعر السوداني) في عدن عام 1981م, لم أكن في حاجة إلى من يعرفني إليه أو من يقدم لي البراهين على حداثة شعره و تميزه الفكري وسمو حيويته بالعواطف و بتناغم قوة خياله. وقد يكون لقصيدته التي نشرها بصحيفة (الثورة) العراقية ببغداد عام 1977م عن وجع عربي خص الفلسطينيين أيام (تل الزعتر) الأثر البالغ في ذلك... لأنها تحدثت بنفسها كثيرا عن جزالة لغته و قوة مفردته الشعرية وما تشيعه على الفور من ارتياح و مرونة وتنوع في الحركات واكتناز صورها المشرقة بالمعاني - و مطلعها: شهروا بنادقهم علىَ
تخندقوا بدم الطفولة
آه يا دمشق... ... ...
جاءت القصيدة منسجمة مع طبيعة إبداعات (جيلي) السابقة واللاحقة في مستوى تناغمها الداخلي الفني, بل الانسجام بين التناغم العام في شعره و الجمهور المتلقي بسبب المهارة في المزج المتنوع للمقاطع السهلة الممتلئة والرنانة البطيئة تارة والسريعة تارة أخرى. وإذا ما استثنينا الخوض في (عفة) جيلي و رفضه لـ (ديات ومكرمات) أثرياء السياسة و مضاربات (نوادي السفارات) في بيع و شراء ذمم المثقفين بعد ذلك...! وعلى الرغم من قلة ما كتب عنه إلا أن إشارة من الدكتور عز الدين إسماعيل في كتابه (الأدب وفنونه) كانت كافية لتأكيد تفرد (جيلي) الشاعر برؤاه في لغة الشعر (غير المحدودة) التي سجل فيها واختار وركب وكوَن مشهدا كاملا جميلا في عيوننا:
كنا ندور
كالنحل نخطو كالزهور
على الحصير
والراية السوداء تصبغ لحية الشيخ الوقور
والله حي في الصدور
الله نور فوق نور
كنا ندور مرد لأصحاب النذور
مرد على طول الدهور
كنا ندور
و عمامة خضراء ترقص.. والطبول
ولد الرسول وأشرقت شمس القبول
وتفح أصوات الكهول
... ... ... ... ... ...
و زغردت بعض النساء
ورف في القلب السرور*)
إن اسم (جيلي) الشاعر مرهون ببناة الأدب الجديد أيضا منذ اجتماعه في (رابطة الأدب الحديث) و (نادى القصة) في الخمسينات من القرن الماضي بمصر مع محمد الفيتوري وتاج السر الحسن و غائب طعمة فرحان و عبد الوهاب البياتي و محي الدين إسماعيل (كما يذكر ذلك د. غالى شكري) فقد أصبح رمزا أدبيا و فكريا واسعا؛ عرف بتمرده على القوافي الفنية واهتمامه بجوهر الفكرة وعمق العاطفة والوضوح في الكلمات والمواقف والتراكيب الطبيعية وانسيابية التعابير, وقد تعذر على البعض تلمس (هوس الشاعر) من كل جهة...
إن لقائي (كفنان مسرحي مغترب) بجيلي في عدن 1981-1982م في وقت يتسارع فيه دولاب التدهور، صار استهلالا للخوض في موضوعات (أكثر جدية) من الالتزام بمفهوم الثورية السياسية الذي كان شائعا، خاصة حين أصبح أصحابه مضحين بقواعدهم التي أربكت شلة من الجهال الأميين وشوشت بها أفكار التقدم. إن ممارسات كتلك قد أسهمت في الحط من قيمة المفاهيم السامية، لان (كوادرها) ما كانت تعتقد أنها تمارس أساليب الإرهاب العقائدي؛ وكانت تبدى صلافة مضحكة في تطبيقاتها الشاذة مع الأدباء والفنانين للحد الذي دعاهم لإفقار تلك المبادئ إلى مستوى اخذ فيه الفنانون يفتشون عن مثال جديد، ولم يجدوا في الأفكار القديمة ما يدعوهم للاقتناع بها أو الانتماء إليها. إن تلك الأحاديث قد طالت فضاء أدبيا فنيا واسعا وامتدت لمنتديات المثقفين والصحف والمجلات.. أسهم فيها: سعدي يوسف وفاضل الربيعي وعبد الكريم قاصد وزكى عمر وسمير عبد الباقي ود. صبيح الجابر ونزار فيصل وجعفر حسن وسلام عبود وآخرون, ونالت قسطا عظيما من (الهوس المعقول) كما يسميه فولتير- الذي يعد سمة كبار الشعراء والأدباء والفنانين) حتى صار مدعاة لأحاديث أكثر صراحة عن ارتباط تلك المفاهيم والمواقف بعوالم التوهم والهشاشة التي طالت العديد من الأدباء والفنانين وحولتهم (أتباعا للسياسيين).. أجادوا جلد رفاقهم بأشكال مختلفة أشهرها الابتعاد عن الاستمرار في الدراسة بالكليات والمعاهد، وإنكار حقهم في الإقامة بالأقسام الداخلية للجامعة، ثم التنصل من (تزكية) إقامتهم في اليمن الجنوبي بالكامل ونفيهم عن (امتياز الإقامة في مركز التجربة الفريدة).. ولم يكن سهلا على كثيرين من أصدقاء د.جيلي عبد الرحمن الشاعر من العراقيين والمصريين والفلسطينيين المغتربين إدراك سعة وشمولية ما كان يجرى من تهشيم حقيقي سريع لمفهوم الالتزام جرَاء الفشل الفكري الذي بدأ يفسد على بعضهم– آنذاك- سمو الروح بشكل دعا بعضا للصمت العقائدي عن قاعدة (نفذ ثم ناقش...)، وبعضا آخرا للتمرد على ضيق أفق العقيدة... ولم يكن جيلي بعيدا عما كان يرى آنذاك, ولم يشهد عاطفة موضحة بلوحة شعره ولم يحرر مفردته الفنية بـ (هوس معقول) مؤكدا قسمته كشاعر كبير لتنفذ في عصره مؤثرة ضد وحشية الفظائع التي كانت ترتكب قربه على قاعدة (.. إن الذي يستخرج من أعماق الصعوبات نفسها جمالا يرضى الجميع هو نفسه هو الإنسان الحكيم الذي يكاد يكون فريدا).. لكن, وللأسف.. لم يعكس مظهرا ما لتلك المرحلة التي عاصرها على نحو حقيقي... إن (تحاشى) الخوض بالحديث في بعض (الظواهر) وتعقيداتها.. يشكل تبريرات جاهزة تمكن أيا كان من التذرع بها, غير أن هذه التبريرات والذرائع لم تكن إلا نوعا من الإصرار (المبدئي المقيت) في الهروب من المسئولية ومحاولة لخداع الذات، وهى (فضيحة) لممارسة ازدواجية في شخصية بعض المبدعين الذين ما انفكوا يثقفون (بعض العقول) ويفشلون في الارتفاع بأذواق الناس.
إن محاولة (غض الطرف) عن هذه وتلك في (وسط قريب) والتقيد بما يجرى (بعيدا) بالمفهوم الفكري يعد تخلفا عن مجرى التفاعل ألحى مع الحياة ذاتها وانغلاقا جامدا مع المفاهيم العقائدية، وهذه أيضا لا يمكن تحديدها- بالضبط – لأنها تتوقف على طبيعة امتياز النجاح في شخصية الشاعر ذاتها التي لا تقوم إلا على موهبة الابتكار والعبقرية الطبيعية التي من شأنها إعادة خلق (المبادئ) و(الأفكار).. تركيبها وحسن تعبيرها، والحديث اليوم عن صفحات مجهولة كهذه في ذكرى وفاة شاعر صديق لا يعد وثيقة علمية تنطوي على إدانته أو الخوض في أفضاله, بل تتجاوز ذلك كله إلى محاولة معرفة حجم (الآخر) وفاعليته في توضيح أسرار إشكالية العلاقة بين (الحرية والالتزام) في شخصية وإبداع جيلي عبد الرحمن التي ألحقت به الأذى الأكبر، والتي جاءت متناقضة مع ممارسة الفعل المستنير في وقت كانت تحركه آلهة الشعر.. ومن يدرى قد تكون هذه أيضا مدعاة لتفسير لوحة تناقضات أخرى في معنى أعم وأشمل حول صفحة الآخر في أنا الشاعر.
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
center> 
الشاعر جيلي عبد الرحمن
حوار لم ينشر مع الشاعر الراحل جيلي عبد الرحمن (1)
أجرت الحوار: زينب الكردي بعثت إلينا الروائية والقاصة والكاتبة الدرامية زينب الكردي السودانية المقيمة في القاهرة هذا الحوار الذي عام1996 مع الشاعر جيلي عبد الرحمن ولأسباب ما لم ينشر.. الأستاذ السر السيد سجل زيارة للأستاذة زينب بمنزلها، وأجرى معها حواراً سننشره في أعدادنا القادمة ومن بين أوراقها أرسلت الأستاذة زينب هذا الحوار لجريدة الصحافة خاصة.. من جانبنا نرحب بالكاتبة الكبيرة وبحوارها. وقد تطرق الراحل جيلي عبد الرحمن في هذا الحوار إلى فترة إقامته بمصر وبروزه كشاعر هناك، وهو والشاعر محي الدين فارس، وقد تناول كثيرا من ذكرياته مع الأدباء المصريين الذين عاصرهم وكانت هنالك علاقات فكرية تربطه معهم فكان هذا الحوار:
* تم هذا اللقاء عام 1996، إي قبل وفاة صاحبه الشاعر الكبير السوداني جيلي عبد الرحمن بشهور قليلة، وكان وقتها على فراش المرض يعاني من الفشل الكلوي. واعترف أن ذلك اللقاء أجريته معه بالصدفة، فالفكرة نبتت في رأسي بدون نية أو إعداد مسبق، وكان يومها يجلس علي فراشه وحوله ابنتاه وزوجته التي عانت معه رحلتي المرض والمرض وهى أذربيجانية مسلمة.
* قلت لجيلي:
حسب معلوماتي قضيت أنت وعائلتي المرحوم حاكم رسام الكاريكاتير، والكاتب الريفي الطيب فاروق منيب طفولتك في قرية (انشاص) كبرى التفاتيش الملكية، وبعد قيام الثورة رحلتم جميعاً إلى القاهرة لتستقر مع عائلتك في عابدين. فما الذي قادك إلى عالم الشعر وما هي المنابع التي استقيت من منها أشعارك؟
- أجاب جيلي:
أنا انتمي لقومية متميزة هي أهل النوبة وهم أناس غالبيتهم فقراء جداً، إذ بخلت عليهم الطبيعة بالموارد الضرورية التي تضمن لهم استمرارية الحياة وبخلت عليهم الدولة أيضاً بالرعاية.. كانت النوبة هي المنفى الطبيعي لأي موظف في الدولة تغضب عليه السلطة المركزية في مصر.. حالياً اهتموا بها بعد أن اكتشفوا أنها منجم ذهب يدر عليهم مليارات الدولارات بسبب السياحة فتم تجميلها بما يرضي السائح لا النوبي إذ ظلت الحياة فيها صعبة والبيئة شحيحة، لهذا سعى معظم سكان النوبة إلى الهجرة منها إلى مصر طلباً للرزق.. أسرتي كانت من بين من هاجروا.
في البداية عشنا في (انشاص(أهم واكبر التفاتيش الملكية، وفيها اكتشفت عمق الهوة التي تفصل بين الأغنياء والفقراء، وكنت أقارن دائماً بين قصور وضياع الملك الشاسعة وبين التعاسة والفقر اللذين يعيشهما الفلاح العادي.. وفي القاهرة وجدت نفس الهوة بين أغنياء تمتعوا بالثراء الفاحش، والفقراء الذين ينسابون- كهوام الأرض- في الحارات والأزقة، وكانت أسرتي من بين تلك الطبقة الأخيرة، لكننا كنا نختلف عنهم بسواد بشرتنا ولهجتنا النوبية وكانت مختلفة وغير مفهومة وان كنا مثلهم نعيش أسفل السلم الاجتماعي، وكان معظم أهلي يمتهنون حراسة البنايات والقصور أو يعملون داخلها كخدم لأنهم لم يتلقوا حتى التعليم الأولي الذي لم تهتم بإيجاده لهم الدولة، وكانوا كغيرهم- يناضلون باستماتة من اجل ادخار بضعة جنيهات ثمن تذكرة الباخرة وتغطية مصاريف الإقامة في الإجازات كل سنتين أو ثلاث .. وكان أهل النوبة في مواجهة في هذه الظروف الصعبة شديدو التكافل والتعاطف مع بعضهم البعض في لحظات الفرح والموت، وكان الأثرياء والأمراء يستأمنوهم على بيوتهم وممتلكاتهم ويمنحونهم ثقتهم الفائقة ويحترمونهم لأن النوبي بطبعه لا يداهن ولا يكذب ولا يستحل ما ليس له.. إنا لا أتحدث عنهم باستعلاء فهم مميزون بالفعل وكانوا يستحقون دراسات عديدة على الأقل ليعرف الناس من هم؟ وما أصل (الرطانة) التي يتحدثون بها وما هو سر هذا الحزن في أغانيهم وإلحانهم ولماذا هذا النواح الغريب الذي لم استشعره أبدا في مجتمع آخر؟ هل هي تركيبة مجتمع؟ هل هو موروث فرعوني؟ هل سببه كارثة الهجرات العديدة التي أرغموا عليها من اجل إقامة السدود وآخرها السد العالي؟ هل هذه الهجرات أكدت داخلهم مشاعر الفقد والاغتراب وعدم الإحساس بالاستقرار والأمان..
* أول قصيدة كتبتها؟
- كانت من وحي هجرتي من قرية (صاي) النوبية قريتي وكان موقف وداعي لها حزيناً، مؤثراً:
وقفا على الشط والذكريات بقلبي المعذب والشاعر وقبلت أمي في وجهها ولوحت للمركب الزاخر وعمي يبلل رأسي الصغير بريق الفم اللاهث الفاتر ولحيته شوكت وجنتي وداعب شاربه ناظري وقال وفي مقلتيه دموع نزلن غزارا على خده وفي قلبه أمنيات حيارى يناجي بها الليل في مهده بنيَ إذا ما وصلت بخير وأعطاكم الله من عنده فقل لأبيك تذكر أخاك.. تذكره دوماً على بعده
كانت تلك القصيدة هي خطوتي الأولى لعالم الشعر.. تعبير لطفل حديث عهد بالغربة..
بعد ذلك بدأت أنا وفاروق منيب وتاج السر الحسن وحاكم، رحلة العمل الجاد وتعرفنا على الكتاب والأدباء ، واذكر أن الفنان الكبير زكريا الحاوي- وكان يعمل في جريدة المصري- بدأ يقدم لنا كثيراً ويستقبلنا بحب وحفاوة مقدماً نصائحه وتوجيهاته ويقدمنا للندوات الأدبية والفنية وكتب عنا مقالة لفتت ألينا الأنظار تنبأ لنا فيها بالريادة ( كان عمري وقتذاك 16 سنة) ثم تعرفنا على المرحوم (الجرنوسي) الذي لعب في حياتنا نفس الدور الفعال.. وبعدها تعرفت على مزيد من الشعراء المصريين واكتشفت في نفسي قدرات شعرية أكبر مما كنت أتصور.. تلك القدرات كنت استضعفها فوجدتها تنال احتراماً كبيراً، و بعد عدة قصائد- خاصة- قصيدة عزاء في قريةـ ضمنتها قصائد سودانية ونشرتها في مجلة الآداب، وكان لها صدى كبير في مصر إلى حد أنها ساعدت على تحويل تيار كامل من الرومانسية والضبابية والكلمات المزوقة إلى لغة الشعب العادية والتعبير الحر ، ثم دخلت بوابة الشعر الحقيقية من خلال قصيدة (أطفال حارة زهرة الربيع) التي نشرها الأستاذ الكبير الحجاوي في جريدة المصري ثم في الإذاعة ومجلة الفنون الشعبية.. بعد الأستاذ الحجاوي التقطنا الأستاذ الكبير احمد بهاء الدين ثم الأساتذة محمود أمين العالم واحمد عباس صالح وهما اللذان عرفانا على الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس.. وبعدها وضعنا يدنا على عمق الحركة الشعرية والأدبية والفنية.
يسترجع جيلي الذكريات ثم يتنهد قائلاً،بعد لحظة صمت: كنا فقراء نستحي من أنفسنا وضعفاء لكننا بتأييد الناس وخاصة الجالية السودانية التي تحمست لنا إنا وتاج السر ومحي الدين فارس ومحمد الفيتوري كنا نشعر بالقوة.. أيامها لعبت مجلة الآداب البيروتية ومجلة الثقافة الوطنية ومجلة «المجلة» ومجلة الشعر دوراً قوياً في احتوائنا وفتحت الباب للأقلام التي تستطيع أن تشق طريقها..
يتبع...
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
حوار لم ينشر مع الشاعر الراحل جيلي عبد الرحمن (2)
أجرت الحوار: زينب الكردي
الشاعر جيلي عبد الرحمن
* من هم أبناء جيلك؟ - المرحوم صلاح عبد الصبور، واحمد المعطي حجازي، والمرحوم فوزي العنتيل والأخير كنت أحبه كثيراً وكانت لديه طاقة شعرية كبيرة وكان مريضاً لا تملك إلا أن تتعاطف معه، وقد حزنت كثيراً من أجله عندما التقيته خارج مصر وكان مريضاً.. كان فلاحا عاشقا حقيقيا للفن الشعبي.. أيضا كان من جيلي الشاعر كمال نشأت وهو شاعر مجيد وقد قام هو وفوزي العنتيل والفيتوري بتأليف رابطة النهر الخالد وكانت تنشر في الآداب والأديب في بيروت.. وكان معنا العظيم كامل أيوب ، لكنه كان منكفئاً على نفسه لأنه تخيل أن المجتمع الأدبي لا يهتم به وهذا اعتبره أنا شخصية سلبية أتاحت للشعراء قليلي القيمة أن يتصدروا مواقع لا يستحقونها.. كان هو ومجاهد عبد المنعم من الشعراء المجيدين لكنهما للأسف لم يتحمسا للنشر.. لا بد للفنان أن يفرض نفسه ويتواجد في المحافل الأدبية خاصة إن غياب النقد الجاد يعطي الفرصة للضعفاء أن يتسيدوا وينتشروا.
* دور النقد في شعرنا الحديث حالياً؟ - دور ضعيف للغاية... على ايامنا كان هناك نقاد عظام: الدكتور عبد المحسن طه بدر، الدكتور محمد مندور، شكري عياد، ومصطفى ناصف وهو ناقد ممتاز تدرس كتاباته في الجامعة، لكنه- هو ايضاً- تغيب عن الساحة وترك النقد كما فعل الدكتور محمود أمين العالم الذي ترك الشعر واكتفى بالمقالة ثم صمت عن الشعر والنقد معاً.. حالياً حركة الشعر تحتل دروباً حديثة لكن النقد لا يواكبها فهو- إي النقد- إما جزئي أو انطباعي وليس نقداً منهجياً يرتكز على التفوق والعلم، وكانت في الخمسينات والستينات تتناول المد الشعري تقييماً وتعميماً للتجربة، رغم أن هذا النقد تجاوز بعض الشعراء.. إي تقييم نراه الآن هو مجرد تكرار واجترار بلا قاعدة أو ثقافة ولا يواكب الجديد الناس ، ثم وقعت الحركة الشعرية في مأزق وسادت أصوات لا علاقة لها بالشعر إلا عن طريق السطو والشعوذة وتقاربت النماذج حتى في التفاعيل والكلمات وألغي الأصل في محاولة دائمة للتجريد والذهنية والتلخيص وعزل الشعر عن منابعه الأصلية.
* في نظرك ما هي أسباب هذا العجز وما هو العلاج؟- سبب هذا العجز هو غياب المنابر وضياع الشعراء والنقاد والأهم من ذلك هو غياب الديمقراطية التي لابد من طرحها كمضمون اجتماعي بديل وحيد، لكن هذا لا يعفي النقاد القادرين منهم وبالأخص الأستاذ محمود أمين العالم مثلاً بالتصدي لمسؤوليتهم ارتكازاً على نماذج حسية بالمقارنة والتقييم، والبعد عن المجاملات والتمسح لأسماء معروفة مهما كثرت كتبها وجلبتها في الساحة.
* أعلم انك سافرت إلى موسكو ثم إلى اليمن، فلماذا؟- سافرت أولا لموسكو لمواصلة الدراسة في معهد (جوركي) للآداب ودرست علم الجمال الذي يهتم به المعهد كثيراً، وهذا العلم وثيق الصلة بالفلسفة وبالنقد الأدبي وتاريخ الفن وكانت رسالة الماجستير التي تقدمت بها تتناول تقييم تجربتي الشعرية مدعمة بنماذج مترجمة إلى الروسية أهلتني للدفاع عن أطروحتي أمام متمرسين بنظريات الجمال ثم ذهبت إلى اليمن الديمقراطية لتدريس الأدب الحديث وهو تخصص في رسالة الدكتوراه، واستجبت لرغبة كلية التربية اليمنية في تدريس مادة علم الجمال فأنا لا ادرس الفلسفة خالصة، ولا شك إن استيعاب فلسفة علم الجمال يكمل دور الشعر كمنظور فلسفي إبداعي.
* في رأيك هل تراجع الشعر حالياً؟- الشعر العربي- تحديداً- لا يتراجع أبدا. لدينا شعراء عظام: محمد عفيفي مطر، أمل دنقل، محمد الفيتوري، وغيرهم كثيرون.. المشكلة في التوصيل، الصحف والمجلات الكويتية كالعربي مثلاً تقوم بدور فعال ومؤثر، لكنها لا يمكن إن تستوعب كل الشعر العربي ولا يمكن أن تصل لكل البلدان العربية، نفس الشيء بالنسبة للصحف والمجلات والكتب العربية الأخرى، المصرية- مثلاً- والسورية والعراقية وهذه التجزئة وخلو الساحة من مجلة مركزية لكل الناس في كل الأرض العربية وغير العربية من أسباب عدم وجود التفاعل الشعري وعدم بروز الأسماء الجيدة وانعزال الشعراء.. هناك شعراء مجيدون في اليمن كالبردوني مثلاً لا تعرفه إلا قلة متخصصة في العالم العربي مع أنهم قمة. كذلك في السودان مع أنها تعيش عصر الازدهار الشعري.. يكفي أن فيها محمد المكي إبراهيم، ومحمد عبد الحي، والياس فتح الرحمن وغيرهم.. عندك أيضا في الكويت أصوات شعرية ممتازة كمحمد الفايز، وخليفة الوقيان، والعتيبي وغيرهم لكن لا أ حد يعرفهم خارج حدود بلدان الخليج.. الحكم الآن على الشعراء العرب لن يكون دقيقاً ولا منصفاً خاصة أن هناك بعض المجلات تصدر في لندن وأوربا وباريس تنشر إشعارا مهلهلة تحسب على الشعر العربي مما أصاب الشعراء الجيدين باليأس.. المسألة تحتاج إلى مجاهدة لأن يتصدى اتحاد الكتاب العرب إلى إنشاء مجلة عربية تعبر عن الحركة الشعرية والنقدية بنماذج مختارة على أن يكون لها مجلس إدارة مكون من خيرة الكتاب العرب في كل بلدان العالم العربي.. مجلة العربي تنشر لكنها لا يمكن أن تستوعب كل الشعراء لأنها تهتم بمواضيع أخرى مهمة.. هناك إبداع لكنه محدود وغير متداول في العالم العربي كالجزائر مثلاً والمغرب العربي أو المغرب..
مجلة المجلة محترمة جداً لكنها غالية الثمن ونسخها قليلة.. نحتاج لمجلة كالآداب مثلاً فقد تركت فراغاً كبيراً.. لابد إن يميز المثقفون بين الأدب والسياسة. محاولة التمييز صعبة.. ممكن أن تطالب الأديب بالبعد عن التعصب لكن كيف ينأى عن السياسة؟
في روسيا، وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر ظهرت حركة الديمقراطيين الروس للنقاد، وكانت هذه الحركة معارضة لنظام الحكم القيصري والإقطاعي وقتذاك، لكنها كانت تحارب بأسلحة أدبية صرفة.. ما أود أن أقوله انه على السياسيين إن يرفعوا أيديهم عن الأدب ولابد أن توجد مساحة من الديمقراطية وحرية التعبير والتحضر.
ما نراه الآن: كل مدينة عربية علاقتها عدائية بالدولة المجاورة لأسباب سياسية تمنع دخول كتبها وصحفها ومجلاتها ، لكن إذا كانت العلاقات حسنة تسمح، وهذا خطأ وجريمة في حق الشعوب.. في أوربا ثمة مذاهب واتجاهات متعددة لكنهم يسمحون لجميع الآراء بالتعبير عن نفسها بحرية.. تفكيرنا القبلي الضيق يجب أن يزول ليحل محله مقارعة الرأي بالرأي وليس بالإرهاب ولي الذراع، كل امة تتميز بآدابها.. خذي مثلاً ما يحدث في أمريكا اللاتينية وما لعبه الأدب من دور.. كل أوربا تقرأ لهم ولم نسمع عن مصادرات أو إرهاب.. أنا شخصياً عندما يقع تحت يدي كتاب من الكتب التي تدعهما الدولة الكويتية اشعر بالاعتزاز فهم يمنحون المجال واسعاً لكل الكتاب العرب، دون تمييز.. يجب أن نميز بين السياسة والأدب لأن الأخير سلاح فعال وثابت ويجلي وجه القومية العربية.
* كم ديوان صدر لك حتى الآن؟- (قصائد من السودان) (الرافضون) وهو مشترك مع تاج السر حسن ونجيب سرور ومجاهد عبد المنعم مجاهد وكمال عمار، و(الجواد والسيف المكسور)، و(بوابات المدن الصفراء).
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
الطائف وزهرة الليل
إلى الشهيد الإنسان حسن الطاهر زروق شعر: جيلي عبد الرحمن

حسن الطاهر زروق
*****
وأينعت علقما وغناء
"زهرة الليل"
للفقراء انتشاء
قرنفلتي الحمراء يا سيدي
ومشرحة تتجمد فيها العروق دماء
وتخجل مئذنة المسجد
تتعثر.. كنت تجاهدها
في دجاها.. أزقتها النابحة
كلاب تعض عصافير
طارت بلا أجنحة
وأنت تناشدها
من أم درمان أتيت
وملء قميصي شذا الأضرحة
فلا تنهشيني
مسيحا شهادته الأسلحة!
داهمتك فدعني أطاردها
وأنيابها في دم المذبحة
برعمت زهرة الليل كأسا من الحنظل
وكانت تسقسق من راحتيك
عناقيد كالسنبل
وتوتا وظلاً علي جدول
وكسرة خبز بماء وملح
مع النخل والأهل
يلتام جرحي
وتثمر ليمونة تستثير البكاء
وأحببت مسك المناشير
شعارا مع الليل
اختفاء من الأعين الجارحة
ويزكم أنفك برد وثلج
فذا الصيف يا رفقة العمر أهدر
وهو يشيع
زنابق مترعة الرائحة
زهرة الليل تخجل.. تتألق
وأنت تغيب وراء الأفق
أنيساً
تجادلني رحمة
وحياء
تطالعني فجأة
وكل الفصول
وعمري النزق
فداء الذي قد تناءى
وصلى ثناء لأقطارها النائحة
وأشعل فينا ضحى البارحة
*****
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
جيلي عبد الرحمن وحركة التجديد الشعري أو: شرف الريادة
بقلم: أحمد عبد المكرم (1)
جيلي عبد الرحمن..هذا الذي جاءنا من (عبري) وكأنه أمشاج تكونت من تربة هذا الوطن السودان، من طمي نيله، وسمرة أرضه الخضراء، اشتعلت لتضئ لنا ولأجيال قادمة الطريق لغد أفضل ينمو ويتصاعد من خلال مخاض الميلاد العسير)..
الشاعر تاج السر الحسن كلمتان أساسيتان في هذا العنوان الطموح تثيران جملة من الأسئلة المفاهيمية الصعبة وهاتان الكلمتان هما :لفظة (التجديد) ولفظة (الريادة)فعلى الصعيد الاصطلاحي اوالمفاهيمي ..تحمل هاتان المفردتان معان ثقالا يحتاج إثباتها إلى عدة نقدية صارمة وحساسية أو مقاربة تحليلية بارعة..لاستجلاء الوقائع والحيثيات..فمفهوما (التجديد )و(الريادة) وخاصة فيما يتعلق بأعمال الخلق الجمالية مصطلحان يوحيان بالتفرد والعبقرية.. ولكن مع ذلك فليس كل كتابة هي بالضرورة تجديدا.. كما وأنه ليس كل تجديد ريادة غير أن الفرق بينهما جد دقيق. ولا يمكن استجلاؤه إلا بقراءات عميقة مستوفية.
وهذا المقال المختصر..حينما يربط أسم شاعرنا جيلي عبد الرحمن بمظان هذين المعنيين.. في تجربة الشعر العربي المعاصر.. فانه يدرك جيدا حجم المصاعب التي يمكن أن يواجهها مثل هذه المسعى.. في ساحة حافلة بالكثير من اللغط والجدل التاريخي والنظري – معا – بشأن مولد وتطور مسار قصيدة التفعيلة أو الشعر الحر في الثقافة والإبداع العربي المعاصرين. ولهذا فان المقال.. ومنذ البداية يود التنبيه إلى انه سيتعرض للموضوع من زاوية التجربة الحية التي خاضها جيل شعراء الخمسينيات من السودانيين الذين درسوا في مصر وعاشوا في أجوائها الثقافية ونهلوا من معين إبداعها.. فتفتحت قرائحهم مبكرا لقول الشعر فتأثروا وأثروا في مسار قصيدة التفعيلة.. وأضافوا الجديد لموضوعاتها وإنجازتها الجمالية.. بل كانوا – وبشهادة العديد من النقاد – من فرسان جيلها الثاني.. ينشدون الشعر جنبا إلى جنب مع البياتي وصلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطى حجازي وغيرهم..
والمقال من ثمة.. ينطلق من افتراض أساسي واحد هو:إلى أي مدى استطاع الشاعر جيلي عبد الرحمن.. وزملاؤه من الشعراء السودانيين في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي.. التأثير في تطور قصيدة الشعر الحر المصرية وبالتالي تجربة القصيدة العربية الحديثة ؟!
سؤال مهم.. لا يدعى المقال إمكانية الإجابة عنه أو ما يفترضه من مزاعم..ولكن ولكن عزاءنا الوحيد هو إمكانية طرحه طرحا صحيحا استناد إلى إفادات ووقائع السيرة الذاتية لهؤلاء الشعراء أو ما أفصح به بعضهم من أقوال في حوارات عديدة موثقة أجريت معهم.وإذا كانت التطبيقات النصية – في شأن كهذا مسألة لا غنى عنها لأية محاولة تدوم الإجابة على هذا السؤال.. فأنه يكفينا في هذه العجالة بمناسبة هذا الملف عن تجربة الشاعر.. لفت الانتباه لهذا الموضوع الهام شعريا في تجربة الشاعر..لفت الانتباه لهذا الموضوع الهام شعريا في تجربة جيل الكتاب الواقعيين وانتصاراتهم الأدبية أمام مبحثنا الشعري.. هذا المبحث الذي قصر كثيرا في الاحتفاء بأمجاد رموزنا الأدبية في سياق تفاعلها العربي.. وبالمقابل أنتج هذا التقصير مناخ الخنوع الذي جعلنا واقعين تحت إسار الدونية وسياج العزلة المكينة التي ضربناها حول أنفسنا برغم إشراقات لامعة حفلت بها مسيرتنا الأدبية في شتى المجالات ولكننا ارتضينا ومنذ زمن طويل دور المتلقي والمستهلك النجيب لمنتجات الآخرين الثقافية. والحقيقة أن هذه التجربة (التجديدية) السودانية المؤثرة في الواقع الشعري المصري التي أسهم بها شاعرنا الكبير جيلي عبد الرحمن وأبناء جيله (شعراء المهجر الجديد) كما أسماهم مرة الدكتور النويهي.. تعتبر الأمثولة السودانية الثانية في هذا المقام.. مقام الريادة والتجديد في مسار الإبداعية العربية المعاصرة..إذا ما وضعنا في الحسبان الآثار الأولى لمعاوية نور..وكذلك ما حققته في مرحلة ثالثة في الستينات.. إنجازات الطيب صالح العميقة في المجال الروائي. وفى مسعانا لوضع هذه القضية أمام فعاليات الحركة النقدية لدينا..فإننا سوف نعتمد في صياغة حيثيات السؤال.. على الإفادات أو المقاصد الواعية لممثلي تلك التجربة الشعرية الفريدة..
وما أفصح عنه بعض النقاد العرب بشأنها إضافة إلى مقارنة مختصر مابين رواد النهضة الأدبية بدايات القرن العشرين وعلاقاتهم بالحركة الثقافية المصرية، وما فعله جيل الخمسينيات (من المهجرين الجدد) في هذا السياق التفاعلي بين الثقافتين. العلاقات الثقافية السودانية المصرية: قبل ما يزيد قليلا عن ثلاثة عقود على سطوع اسم شاعرنا جيلي عبد الرحمن في سماء الشعر والحركة الأدبية المصرية بدايات خمسينيات القرن الماضي.. كانت جذوة العلاقات الثقافية والإبداعية بين السودان ومصر – وخاصة في المجال الشعري – قد رسخت عراها.. وبلغت محاولات الأدباء السودانيين المتطلعة لكل ما هو جديد ومبتكر تجود به الحركة الثقافية المصرية..شأوا بعيدا حتى كاد كل ما أنتجه المبدعون السودانيون – في تلك الفترة – أن يكون صدى وانعكاسا مباشرا للأدب المصري ويكفى أن النهضة الأدبية في عشرينات وثلاثينيات القرن العشرين ما كان لها أن تتم بالصورة التي كانت عليها.. دون ذلك التطلع الشغوف الذي كان يمحضه رجالات تلك النهضة لكل ما هو مصري..ولكل ما يحدث فيها من تطورات حملتها إليهم الصحف والكتب المصرية.. التي كانت (ترد إلى السودان بغير انقطاع منذ الحرب العالمية الأولى..فعلى الرغم من محاولة الإنجليز منع تسرب الصحف والمجلات المصرية إلى السودان كانت هذه الصحف والمجلات تصل إلى القراء بشتى الوسائل والحيل كلما أمعن الإنجليز في منع المجلات والصحف المصرية من دخول السودان.. كلما ازداد شغف السودانيين وتعلقهم بها ). وبما تقدمه إليهم من معارف هم في أمس الحاجة إليها.. مع العزلة العميقة التي أحاطت بهم وبالمجتمع السوداني الخارج لتوه من ظروف المهدية.. وبالذات كان لتدفق الكتب والمجلات المصرية (أثر بالغ الخطر في الفكر والسياسة والثقافة. فتأثر أدباء السودان بأدباء مصر، وشعراؤهم بشعراء مصر، جاروهم مقلدين في بعض الأحيان، ومنافسين أحيانا في كثير من أغراض الشعر وموضوعات البحث والأدب التي كانت تشغل الناس في تلك الحقبة من الزمان.وانقسم الأدباء ما بين محافظين ومجددين في السودان ).
واشتعلت وتعمقت على أثر ذلك الصراعات والمعارك الأدبية مابين المحافظين والمجددين وعلت حدة خطاب الأجيال الأدبية الصاعدة في نقدها لشيوخ الكلاسيكية من الشعراء الاتباعيين بالنهج الذي فعله كل من حمزة الملك طمبل وزميله الأمين على مدني.. من خلال تحريضهما لناشئة الأدباء بالثورة على المقلدين التقليدين والسير في ركاب التجديد والمجددين في الأدب العربي..فها هو صاحب كتاب (أعراس ومآتم ) الأمين على مدني يقول: يجب (علينا أن نقلد رجال النهضة الأدبية العصرية وأن نقتفى أثر الأدب العصري، نحن في حاجة إلى كاتبا (مقلد) يقلد الأستاذ العقاد في فصوله ومطالعاته لعبد الحميد الكاتب؛ وإلى ناقد يقلد الدكتور طه حسين في حديثه لابن رشيق. في حاجة إلى أديب يقلد الأستاذ كامل كيلاني في نظراته، هذا إن كان لابد أن نقلد فنقلد هؤلاء وما شاكلهم من رجال النهضة الأدبية المصرية).. ويقول أديب آخر.. موجها حديثه إلى الأدباء المصريين (أجل إننا نسير وراءكم ونحاكيكم كما يحاكى الطفل أخاه الأكبر.لكن سيرنا ببطء وبخطوات متزنة لأننا نخشى الكبوة ولأمن سوء العاقبة).
إذن، فباب الشغف بمصر وثقافتها وأعلامها في مختلف مجالات المعرفة كان بمثاب عقيدة راسخة أسهمت في إثراء الفاعلية الأدبية السودانية بتيارات وأساليب كان لها أبلغ الأثر في تكوين الحياة العقلية السودانية بشكل عام والأدبية بشكل أخص.. وحتى عندما أثمرت نتائج هذه العلاقة..عندما تمايزت الأصوات واختلفت في صلب الحركة الأدبية الناشئة..فقد كان اختلافها هو في إتباع أو تقليد هذا الاتجاه أو ذاك، أو هذه المدرسة أو تلك من تيارات الأدب والثقافة المصرية.. وفى الاعتراف الصريح الذي جهر به الأمين على مدني ما يكفى (وإن كان لابد أن نقلد.فلنقد هؤلاء وما شاكلهم من رجال النهضة الأدبية العصرية ).
لقد كان التجديد في عرف متمردي جيل النهضة الأدبية بدايات القرن العشرين لا يطمح إلى أكثر من تقليد الاتجاهات الطليعية المبكرة في الواقع الأدبي المصري..
ولم يتجاوز لدى كلا الطرفين (التقليدين والمجددين) مقتضيات الإتباع أو التلمذة المخلصة للأفكار والاتجاهات المتنافسة في الحركة المصرية..جماعات الديوان وأبوللو وخصومهم في المدرسة الكلاسيكية الجديدة (شوقي وحافظ ).
صحيح أن مدرسة الفجر في الثلاثينيات قد طرحت وناقشت مفاهيم متعلقة بهوية الأدب السوداني وما ينبغي إن يكون عليه..وأثارت قضايا البعد القومي إلا أن تلك التساؤلات مع جديتها لم تكن إلا مناسبة للإفصاح عن الأبعاد الأخرى المؤثرة التي رفدت البنية الثقافية السودانية.. نتيجة لما اكتسبه المثقف والمتعلم السوداني من مصادر جديدة مغايرة بإتقانه للغة الإنجليزية وآدابها التي ربطته مباشرة بأوثق الروابط مع تيارات الأدب والثقافة الغربيتين الأمر الذي جعل بعض أدباء تلك المرحلة يفاخرون بمعارفهم الواسعة في هذا الجانب.. فها هو المحجوب على سبيل المثال يتعالى على الثقافة المصرية حين يصفها بقوله (أن الأدب المصري الحديث عربي الثوب؛ أما الروح فإنها أوروبية). على كل حال فانه ليس من أغراض هذه المقالة التاريخ لفصول العلاقة مابين الحركتين الثقافيتين السودانية والمصرية.. ولكن كان الغرض من هذا العرض المقتضب هو إبراز درجة التحول الايجابي الكبير الذي حققه جيل شعراء الخمسين من الواقعيين (جيل جيلي ) في طبيعة وأساسيات هذه العلاقة الاتباعية والقفز بها مرة واحدة إلى مصاف الندية والصالة الإبداعية.. بل والإسهام الفعلي في مشروعات التجديد الأدبية.. حتى وصف الناقد الكبير محمود أمين العالم دورهم بالريادة..حين قال (وكنت أعتبر جيلي ود.تاج السر الحسن )والمجموعة السودانية من رواد الشعر الحديث. يتبع..
(عدل بواسطة عبد القادر الرفاعي on 02-26-2011, 02:34 PM)
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
البحر والمنفي إلي الرفيق الحر السجين عبد المجيد شكاك
شعر: جيلي عبد الرحمن

الشاعر جيلي عبدالرحمن
واعذروني
إن سئمت الكأس والصرخة تنفي من قيود المجد
من يرصف دوني ؟
ودنان الخمر هذا البحر شرياني الذي ينزف في الغربة
أشباح جنوني
وتجاعيد التراب الجهم في قيد سنيني
وانحناءات الجبين
ودعاء ألأم يقظى خلف باب الفجر يدعوني
وقلبي نقرته لقمة العيش المهين
واغفروا لي أن رقصنا في خريف العمر في ورد الذبول
وارتشفنا رائق (البيرة) من كفين كالسحر الهيولي
واراكم في البوادي
مثل أشباح صوادي
واستبحت الليل في عينين .. في سجنين
صحراء تذر الرمل في البحر الجميل
واستحالت جوقة السهرة أنات السليط
يا عذارى النشوة الخضراء غاص الدفء في وجه القتيل
واتاني
كشراع البحر مفتون ألأغاني
أينا العاجز في سجن الزمان؟
أينا المغمول في بئر الهوان؟
قم وعانق واحة الفرحة بارك نبعها من اجلنا
وتخطر مثل ليل في صحاري ليلنا
إن داء الحزن أردانا الغفار !
لن يسوق البحر للمنفي وقاع الموج فينا
هل يجف الحب في القلب دفينا ؟
والمنافي اللعنة الغبراء أشعلنا دجاها
معبد العمر جليل
كيف تطويه انتحارا
أيها الخيام آتون علي نبض ألأغاني
شعرك الغجري
رعاف المعاني
افتحي الأبواب يا خرطوم
تغردن يتامى وعذارى
"واذكرونا مثل ذكرانا لكم "
نحن أسرى الشعر والدوبيت ألحانا وسكرا
أصدقائي..
مترع كوبي من ريح الصحاري
نحن منكم دفقة الخير
وعرس للدماء
فاعذروني أصدقائي إن رفعت الكأس في هذا المساء
لنسور ظامئات جنحها المشبوب طار
كبلت في العتمة المنفى وسجن الكبرياء
*****
| |

|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: عبد القادر الرفاعي)
|
اخي العزيز لك العمر والعافية فقد اثرت الشجون وزادني اقتناعنا بان المناضل لا يموت لان انتاجه يبقى في افئدة الناس عبر الأزمان.. لقد تابعت الخيط الذي ابتتدرته وخطر ببالي ان الكلام كله بمتابعاته يستحق النشر بحيث يشتمل الكتاب على المداخلات بعد ترتيبها يقيني ان الشاعر الياس فتح الرحمن الموجود محله بالخرطوم، ناشر السيرة الأولى، سوف لا يبخل بالنصح في طباعة هذا الكتاب.. فما رأيك؟ سعاد إبراهيم أحمد السبت 30 ابريل 2011
| |
   
|
|
|
|
|
|
Re: جيلي عبد الرحمن شاعر متوهج بالأحزان والأمل (Re: محمد حيدر)
|
جيلي وهذا الجيل: الزمن القادم يحمل في رحمه ألف جيلي ليحملوا الراية بقلم: سلوى غالب
***** السودان قطر مترامي الأطراف، واسع المساحة، متعدد القبائل، وتبعا لذلك تتعدد العادات والتقاليد والأعراف. وعلى طول هذه المساحة التي تزخر بالإبداع والمبدعين في شتى مجالات الإبداع المختلفة، الغناء الموسيقى، الرسم، والشعر .. وعلى ذكر هذه الأخيرة، نحن الآن وفى هذه المساحة المتواضعة، بصدد الحديث عن الشاعر الراحل جيلي عبد الرحمن.
ولد الشاعر جيلي عبد الرحمن في جزيرة صاي بسكوت المحس في عام 1932م، وتوفى بالقاهرة التي شهدت نشأته في 24/8/1990. و خلال سنوات عمره الثمانية و الخمسين، كانت حياته مليئة بالتحدي و المثابرة, لتنمية موهبته الشعرية التي ظهرت مبكرا عندما بلغ سن السابعة, حسب رواية أخته الكبرى الحاجة منيرة التي تقول: جاء جيلي إلى مصر و عمره حوالي السنتين. ثم ذهب إلى صاي مع والدتنا الحاجة شورة، أطال الله في عمرها، وهو في الخامسة. وعندما جاءته باكورة الشعر قام بتصوير كل مشاهداته في قصيدته "أحن إليك يا عبري" أو "هجرة من صاي". و قد قام الأستاذ على المك بجمعها بعد سفره إلى روسيا إلى الدراسة . وكان جيلي يحفظ القرآن كله و عمره تسع سنوات. ونال جائزة عليها من الخاصة الملكية ببلدة أنشاص، حيث كان والدنا يعمل, ونسكن فيها. وكان والدنا يشجعه على الدراسة الدينية، ولكنه، بفكر متطور وافق واسع كان يقرأ أشعار جيلي، ولا يضغط على حريته الشخصية، خاصة أن جيلي كان متأثرا بأشعار حافظ إبراهيم واحمد شوقي وكذلك بالحياة الريفية بأنشاص. وكان دائما يتفقد أحوال الفلاحين، ويصور حياتهم في أبيات شعرية فيقول:
تلاشت في حضن الظلمة أكواخ واجمة جهمة ثم يقول:
يا رب الناظر هذا الفاجر هل يأخذ منى البقرة من اجل جنيهات عشرة وجنيهين سأسددها بعد الأذرة؟ فقد كان يسخر من الإقطاعيين, وقد مكث جيلي بأنشاص حتى بلغ الرابعة عشرة, ثم احتضنه خالد باشا حسين رئيس أنشطة الكشافة بمصر حينذاك وألحقه بالأزهر. ثم انتقل للدراسة بدار العلوم و زامل الشعراء (تاج السر الحسن, و الفيتوري, ومحي الدين فارس)، واتجه للكتابة في الصحف المصرية وهو طالب. في عام 1953م نشرت له أول قصيدة بجريدة المصري.
جيلي والهجرة إلى روسيا: أول ديوان صدر لجيلي كان في عام 1956م بالقاهرة بعنوان " قصائد من السودان " و في عام 1961م بدأت هجرته إلى روسيا لاستكمال دراسته بمعهد جوركي للآداب. وفى عام 1967م صدر له ديوانه الثاني " الجواد والسيف المكسور". ثم حصل على الدكتوراة حول تطور النثر الفني في السودان من بدايات القرن التاسع عشر حتى آخر الستينات . وقدم أيضا عام 1965م كتاباً سياسياً بالتعاون مع صديق عمره الشاعر تاج السر الحسن , بعنوان " المعونات الأجنبية وأثرها على استقلال السودان"؛ واشترك مع نجيب سرور، ومجاهد عبد المنعم، و كمال عمار في ديوان "أغاني الزاحفين". وقد قام بترجمة العديد من الأعمال و المختارات الشعرية للشاعر الروسي كونابيف .وظل جيلي عبد الرحمن مهاجراً بين جامعات روسيا والجزائر واليمن كأستاذ محاضر حتى نهاية حكم نميري، فعاد إلى السودان لفترة قصيرة ثم جاء للعلاج بالقاهرة، وتوفي بها.
صدر له بعد وفاته ديوان " بوابات المدن الصفراء" عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
| |

|
|
|
|
|
|
|