كنا نضحك عليه، ملء قلوبنا، كأن الله خلقه هكذا من أجلنا نحن، واليوم وصدى الذكريات يرفرف في سماء خواطري، كأسراب من طيور ملونة، أيقنت بأنه خلق من أجلنا، كما خلق سر الغروب، وكما خلقت عذوبة الموسيقى الحزينة..
شلل أطفال أصاب نصفه الأيمن كله، من طرف الفم الأيمن واليد اليمنى، وحتى قدمه اليمنى والتي تكاد لا تصل ركبته من قصرها، نحيفة كأنها يد ثالثة، يجري بصورة خلقت من أجلنا، نصيح فرحين حين يخرج من داره، وهو يكاد يسقط على يمينه مع كل خطوة، (احمد العوير العوير، الشين الشين) يجري خلفنا، مثل زنبرك ساعة ينحني يمنة ثم يعلو، يمنه ثم يعلو، في إثرنا دوما، وهو أسعدنا، جميعا، وجهه ثملا ببسمة، توحي بأن خلق الشعر في الكون ضرورة قصوى، كخضرة العشب، وكتلك البسمة، التي تخترق سر الحياة، وسر المعاناة،!!..
كان يكبرنا بعامين، أو ثلاث، كنا نمضي لجلب الماء من البير، سرب من أطفال، على رؤوسنا الماهرة جرادل وبستلات، كان يحمل طاسته بيسراه، خلفنا دوما، وحين يصل دارهم الطينة، غرفتهم اليتيمة، تصل فارغة كفؤاد أم موسى، ثم يرجع مرة أخرى، نسمع وقع قدمه اليسرى، حتى مساء القرية، وهي تمضي للبير وتقبل منه، والطاسة تصل فارغة، كعادتها، اقسم بأنهم يشربون ضوء القمر، طاسة الماء تخرج فارغة من دارهم، وترجع أفرغ، هناك سر في هذه الدار، هناك شعر في هذه الدار..
كان يحب معزته، وشجرة ليمون صغيرة غرب دراهم، حيث تغيب الشمس عن القرية، والمقابر، كان لا يمل من صداقة العنزة أو الشجرة، كأنه يحصي اسماء وصفات حسان لهن، لا تحصر، كأنه يسمع ضجة وحزن وغرور وثرثرة، كل ورقة خضراء على غصون الشجرة الألف، دهشة مليون فيلسوف فطري تشع من عينيه وهو يسقى اللميونة بتلك الطاسة الفارغة، أهي مثلهم تشرب ضوء القمر وتخدعنا؟ ألهذا خلق الله نشوة الشعر غامضة؟ كيف تهوي قطرة ماء واحدة من قعر الطاسة لألف جذر لشجرة اللميون الخضراء، البراقة، والتي أقسم بأنها كانت أعمق خضرة من شجر السماء حين تنصب الموازين، من يعلم، فقد تكون هي شجرة الحياة، وهو حارسها الأمين، من يفهم غموض الشعر؟، الذي يلف الحياة كلها، ويغني في سكينته، بألف عقل وألف نبض، والف شكل، وألف وتر!!...
...
يتبع...
...
03-28-2011, 12:55 PM
أبوبكر أبوالقاسم
أبوبكر أبوالقاسم
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 2805
حرام ان يقبع هذا الإبداع فى الصفحات الداخلية ... وكأنه يتوارى خجلاً من غثاء البعض فى الصفحات الأُوَل ....
هــلا نطمع فى ما سيلى برفعه للربع التالى ؟
Oliver asks for more.
Quote: كان يحمل طاسته بيسراه، خلفنا دوما، وحين يصل دارهم الطينة، غرفتهم اليتيمة، تصل فارغة كفؤاد أم موسى، ثم يرجع مرة أخرى، نسمع وقع قدمه اليسرى، حتى مساء القرية، وهي تمضي للبير وتقبل منه، والطاسة تصل فارغة، كعادتها، اقسم بأنهم يشربون ضوء القمر، طاسة الماء تخرج فارغة من دارهم، وترجع أفرغ، هناك سر في هذه الدار، هناك شعر في هذه الدار … كان يحب معزته، وشجرة ليمون صغيرة غرب دارهم، حيث تغيب الشمس عن القرية، والمقابر، كان لا يمل من صداقة العنزة أو الشجرة، كأنه يحصي اسماء وصفات حسان لهن، لا تحصر، كأنه يسمع ضجة وحزن وغرور وثرثرة، كل ورقة خضراء على غصون الشجرة الألف، دهشة مليون فيلسوف فطري تشع من عينيه وهو يسقى اللميونة بتلك الطاسة الفارغة، أهي مثلهم تشرب ضوء القمر وتخدعنا؟ ألهذا خلق الله نشوة الشعر غامضة؟ كيف تهوي قطرة ماء واحدة من قعر الطاسة لألف جذر لشجرة اللميون الخضراء، البراقة، والتي أقسم بأنها كانت أعمق خضرة من شجر السماء حين تنصب الموازين، من يعلم، فقد تكون هي شجرة الحياة، وهو حارسها الأمين، من يفهم غموض الشعر؟، الذي يلف الحياة كلها، ويغني في سكينته، بألف عقل وألف نبض، والف شكل، وألف وتر!!...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة