|
الزعيـــم جــمال عبدالنـــاصر.. حــوار ..
|
كثيراً ما سئلت فيما إذا كنت أعتقد أن نظام الدولة الشمولية نظام لازم في مرحلة التكوين التي تمر بها البلاد النامية، والإجابة على هذا السؤل تتوقف على المقصود بالدولة الشمولية. والذي لاشك فيه أن النظرية الغربية المألوفة في الديمقراطية ليست النظرية الوحيدة ولا المحتومة للديمقراطية، ولقد قلت إنه من المهم أن ترتبط تذكرة الانتخابات برغيف العيش؛ فإن حرية التصويت يمكن التلاعب فيها مع رجل جائع . وهذه كانت حقيقة الأحوال في 1952، فلو أننا أقمنا بعد الانقلاب مباشرةً في يوليو 1952 نظاماً على الطراز الغربي؛ لأفضى ذلك إلى انتخاب نوع من الحكومة الفاسدة، لا تختلف في شيء عن الحكومة التي أزلناها، فالسلطة كلها كانت مركزة في يد طبقة واحدة تتمتع بالامتيازات . كان أول جوهريان الثورة إذن هو إزالة الحواجز بين الطبقات، وإعادة توزيع ثروة البلاد بطريقة أقرب إلى العدالة، ورد الحريات الأساسية للمصري العادي؛ كحرية العمل، وحرية القوت، وحرية تملك الأرض التي يفلحها؛ وكذلك حق حماية نفسه وأسرته، وحق المشاركة في الثروة القومية والأشراف عليها.. وهى جميعاً حقوق وحريات ساعدته على استرداد عزته وكرامته الشخصية، وهما حق طبيعي لكل إنسان . والأحزاب السياسية محظورة في مصر في الوقت الحاضر؛ لأن بلادنا تجتاز ثورة شاملة، نحتاج فيها إلى وحدة قواها العاملة، مجردة عن مناورات الصراع الحزبي، ولا أعرف متى تجد الأحزاب السياسية لنفسها مكاناً في حياة أمتنا من جديد. ونحن في سبيلنا إلى وضع دستور جديد سوف يؤدى إلى إنشاء برلمان منتخب انتخاباً كاملاً على أساس الدوائر الانتخابية؛ فإنه من المحتم أن يتمتع كل مواطن بحق التصويت، وأن يتمكن من الإدلاء برأيه في كل مسألة قومية بحسب قيمتها. وفى هذه المرحلة لن يتقيد أحد بالقيود الضيقة التي تفرضها المذهبية الحزبية . أما بالنسبة للمستقبل؛ فإن شعبنا لا يرضى بأي دكتاتورية من أي نوع كان؛ فقد حطمنا الدكتاتورية السابقة التي كانت تفرضها الطبقات العليا في المجتمع . إن الشعب لمصمم بنفس القوة على ألا تقع البلاد فريسة لأي دكتاتورية بديلة لها
|
|
|
|
|
|