| 
| | 
 
 |  | 
  |  ربتهم الجبهة الإسلامية فأحسنت تأديبهم |  | من أين أتى هؤلاء؟
 
 الطيب صالح
 
 
 السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟
 هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين ؟
 يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين .
 يُعلَن عن قيام الطائرات ولا تقوم . لا أحد يكلّمهم .
 لا أحد يهمّه أمرهم .
 هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى ؟ وعن الأمن والناس في ذُعر ؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب ؟
 الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب ، تنام منذ العاشرة ، تنام باكية في ثيابها البالية ، لا حركة في الطرقات . لا أضواء من نوافذ البيوت . لا فرحٌ في القلوب . لا ضحك في الحناجر . لا ماء ، لا خُبز ، لاسُكّر ، لا بنزين ، لا دواء . الأمن مستتب كما يهدأ الموتى .
 نهر النيل الصبور يسير سيره الحكيم ، ويعزف لحنه القديم " السادة " الجدد لايسمعون ولا يفهمون .
 يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل . يعرفون الحلول . موقنون من كل شيئ .
 يزحمون شاشات التلفزيون ومكرفونات الإذاعة .
 يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته ولكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأم
 مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟ أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟
 أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟
 أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟
 أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟
 أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي و المصطفى ؟
 أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟
 أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟
 إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟
 أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافـهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق .
 من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات ؟
 هل حرائر النساء من " سودري " و " حمرة الوز " و " حمرة الشيخ " ما زلن يتسولنّ في شوارع الخرطوم ؟
 هل ما زال أهل الجنوب ينزحون الى الشمال وأهل الشمال يهربون الى أي بلد يقبلهم ؟
 هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام والمغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب ؟
 من أين جاء هؤلاء الناس ؟ بل - مَن هؤلاء الناس ؟
 |  |  
  |    |  |  |  |  | 
 
 
 
 
 | 
 
 |  | 
  |  Re: ربتهم الجبهة الإسلامية فأحسنت تأديبهم (Re: عبد الله حسين) |  | من بقاع مُظلمة في التاريخ
 من واقعنا الاجتماعي الاقتصادي السياسي
 من الاستعلاء الديني والعرقي والقبلي
 من أوهام سودانوية تصدر تدوماً عن مرجعيات مُطلقة غبية متوارثة ( قيمّنا، أخلاقنا، تقاليدنا، عاداتنا )
 وكأن هذه جواهر مُعلقة في السماوات المُطلقة، لا تتأثر بالمكان والزمان، ولا يأتيها الباطل من أمامها أو من خلفها
 |  |  
  |    |  |  |  |  | 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
                    
                 
 
 
 
 
 
 
 |  |