|
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
التي نقضي فيها فروضنا، ما عادت بآمنة في ظل تكانُف المتنطِّعين بفَضلِ الظّهرِ وفضْلِ البطن وفضول القول! لا يستحسنون له مكانٌ غير أسماعنا التي كلّت وملَّت فاستذلّت. ما وجدوا فرصة إلا واهتبلوها لتذكير أهل الزاوية المنكوبة، بأنها "خربانة ام بُناياً قَش". ونحن لا نوافق هذا الكلام على عواهنِه. إذ ليس في سَمتِهم المُتْرَف ما يُشيرُ إلى ذلك! بل إنّ زاويتنا في "عَضُم ضَهَرا" تقومُ كلُّها على القش. أخضره وأصفره، أسوده ومُذهَّبه. إذن، فكلّه إلا القَشْ! وتلك هيَ الحكمة الأولى والأخيرة، والتي خرجنا بها متوجِّسين منذ تباشير أول مجلس نيابي، وقبل أن يهلّ للاستقلال محل. ومع أنّ تمسُّكنا بها كان سطحياً، فلا أُغالِط في أنّ اهتمامنا بالقَشِّ مجبورين، قد حَدَفنا بعيداً بعض الشئ عن التمسّك بالحِكَم الموروثة منذ الاستقلال. ذلك أن القشَّ له الأولوية، وفي بيتِه يؤتَى الحَكَمُ. علاوةً على ذلك، فإنّ القشَّ في ذات جمعِه لم يكن بالساهل. لقد تبدّد عَرَقٌ كثيف في سبيل الحصول عليه. بل ما يزال الكثيرون في حاجة ماسّة لِحَشِّ قشوشٍ كثيرة. ليس إليها من سبيلٍ في ظل هذا التنطُّع والتّبَجُّع. عمِّي حاج أحمد وأنا، على سبيل المثال. لدينا صفقة قَشْ تنتظرنا في الهجير المبرود. لقد دخلنا هذه الزاوية مع الدّاخلين، لنقضى فيها فروضنا حتى نتفرغ سراعاً للتّفَثِ في مواطنه المعلومات! خارج أسوار الزاوية. فَصْلةٌ ثانية.. ويعود سمعي الوسنان الى صوتِ الخَليِّ من هَمِّ القشوش كما يُريد، يقول: الخُضرة وماؤها وجهٌ حَسَن. لن تتوفّر في هذه الزايلة، ما تتعبوا "ساي"..! على الناس أن يتوقفوا كثيراً. يتوقّفوا كثيراً جداً جداً قبل أن تفترسهم الحياة. هذه الدنيا حظوظ، فالمقسوم لك لا يتخطّاك وقد "يبوظ". والمحروم عليك سيذهب لغيرك فلن تحوز. عليكم أن تتركوا الحسد والشناءة والتباغض بلا سبب. كِفّوا العين يا مسلمين؛ كِفُّوا العَيْنَيْن الاثنين يا مُسلمين، فالحياة فيها الشظف وفيها الترف. فيها التجافي وفيها التصافي، فيها الرَّش وفيها القَش! الحياة "امتحانا" صَعَبْ. الشهوات والرغبات عملٌ ضلالي في رابعة النهار ومن الدرجة الأولى. وأين! عند قليلي الصبر. الذين لا يظنون ظنَّ الخير في الواحد الديان، ولا في الناّفذ القويِّ الأمين، كبير الدراية، بعيد الرِّماية، شحيم السِّماية التعبان؛ أؤلئك الضلاليين ذوي أوفضةٍ ضيقة وغفلة متردية. تراهم دوماً مغالطين في الحقائق. سريعي اللحاق بالبوائق.. فَصلةٌ ثالثة.. فصاحتُه تعلو وتهبط، ويبدو أنّه قد حان وشيك انحداره، "فَقَلَبَها: وَرا .. وَرا ورَا، أرجو "الرّاجيكم"! وين ووين؟ وين الكانوا الساس وكانوا الجلد وكانوا الراس..؟ أين الذين كانوا التُّرس وكانو العُرس وكانوا الحرقاص! ألم أحدِّثكم عن الشهيد المجيدي؟ لقد جاءني الخبر وأنا خارج لتوِّي من صلاة الفجر صباح اليوم. المجيدي الآن يأكلُ في السَّمين! ويرفُلُ في العِين ويُسقَى من عَيْن التِّنِّين. لقد مضى وفارَقَ "قِشوش العوين". مضى وعلى وجهه ابتسامة وعلى جبينه علامة. مضى وفوق أثوابه طِيباً قد تهفهَفْ، ودِثاراً قد تقصّف. "أريتكم بي حالو"..! يقولها مُتَجلِّياً فأفصِلُه للمرّة الرابعة! هذا الثرثارُ المُتَفَيهِق كأنما يقصدني وعمِّي حاج أحمد تحديداً..! وعلى الأرجح فإنّه يقصد جميع المفجوعين. ليس بمُضيِّ المجيدي فحسب؛ بل وكلَّ المكبوتين داخل "الكبسولة" في هذه الحَرّاية "الزوزاية". ثَمَّة وهدة مُتنَزِّلة يقتنصها الجبلُ المدفون في دقون كثيفة؛ غير عابئٍ بما حوله من فحيح، قائلاً:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
الدنيا غَشوم، والعُمُر مشروم "ووين عاد..؟" وين الكانوا الساس وكانو الجلد وكانو الراس. "وين التَّمَتَّعوا" بالنَّشَب وتنغنغوا بالقَصَب. "ووين" الضاقو الرآحات رِكبوا البرّادات، وشَبِعوا في الأعناب والتفّاحات والزّلاّجات. أين هُم الآن؟ ووين "البنوا" وشيّدوا وقَطنوا. أما رَحلوا. "آثارُم" تشهَد عليهم بالتعب في الفاضي؛ وعُقُب هي لاحقة "بي أسيادا" مهما طال الوقوف "بيها". إيّاكم أن تتوقفوا كثيراً، لا تتوقّفوا كثيراً جداً جداً..! يواصل ليصل حانَ مَصَبٍّ قائلا :لقد جئتكم بالبشارة، لقد جئتكم بالبشارة؛ لقد جئتكم بالبشااااارة. فبعد مجاهدات كثيرة وَ "قومات وقعدات" من إخوانكم المجتهدين، واجتماعات والتماعاتٍ في اللجنة الفرائحية؛ مقابلات ومجايلات مع ذوي الشأن، فقد وافَقَ أولو الأمر، جزاهُم الله خير، بفتح مخفر للشُرطة على ناصية هذا الحي الميِّتْ حتى يُشتَرَط! أبِشْروا بالخير الوارد، هذا تقدّم جِدُّ عظيم، وإنجازٌ ملحوظٌ لا يُليم؛ ولن تتعامى عنه سوى العيون التي في طرفها رَمَدٌ أو قَشَّة نِيمْ!.. عند هذا الحد فصلتُه مرّة أخيرة وللأبد. خرجتُ وتركته يتحدّث! فقد شعرتُ أن الكيل قد طفح في قلبي وفي عَمْ حاج أحمد، وقلوب مَن حولِه غيرِ أشِدَّاء، وقلوبِكُم! خرجتُ من عُنقِ زجاجة الباب؛ أخيطُ الطُّرقات التي تغبَّرتْ بالقَتَرةِ الجارفة. رياحها سموم، تهبّ بغير ما ينتظر المصلوبين بسُبل كسب القَش في السودان. تلفّتُّ وملء مِسمَعَيْ مُنادٍ مِلحاح :يا ود أحمد، يا ودأحمد أخوي. أقيف "آزول". بادرتُه : عمِّي حاج أحمد، أسَكَتَ الرجلُ عند المَصَبْ..؟ جاءني ردّه :ليتَهُ..! :وكيف خرجتَ إذن؟ زجرني متسرعاً :"غَشَّيتو"، ألم يقل خربانة ام بناياً غَش! :لا .. لا يا عَمِّي. لم يقُل غَش؛ بل قال: قَشْ. "تمطوحنا" غير قليل بين الغَش والقش. أنا أتمسَّكُ بالقش، وعمِّي حاج أحمد لا يتنازل قيد أنمُلةٍ، عن الغَشِّ! حتى وجدتُني أُفحِمه بالبِشارات: مُبارَكٌ عليكم مخفر الشرطة الجديد..! وكُلِّي توقّع أن تنزل يدُه العسراء باطشةً بمؤخِّرة رأسي المُشَعِّف ومُجَفِّفْ. تَوَقَّيتُ منه في هروبٍ للأمام؛ تدرَّقتُ لائذاً، ثم واصلنا صُحبتنا في انسجامٍ تام تُكلِّله ابتساماتنا الساخرة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote:
ما كِدتُّ أفرغُ ممّا فاتني من فَرْضِ الظُّهْرِ في جماعةٍ بالسلام، حتى وَخَزني صوتٌ ليس من المئة صوتٍ المختارَة. يلهِبُ ظهري في غير جريرة. هذا أبأسُ ما كنتُ أتوقّعه! فالوقتُ ضيِّق وبالي مشغول بعدّة شجون. يرفَضُّ الصوت في هدارةٍ كصوت الطبلِ، أجوفَ يرجحنُّ في صدَىءٍ محموم. يتنحنح يتزحزح، يتفجفج في الوجوه الهامدة أمامه تنتظِرُ الخلاص، يقول: الحياة أبخسُ من أن نوليها اهتمامنا، فهيَ الى زوال. شجرةٌ ملعونة الظلال. نستريح فيها قليلاً ثم نمضي كما يمضي الغابرون. الى أين..؟ إلى غايةٍ قاصدة. تعرفونها ولاشك! وتلك جنة المأوى والمُلك الذي لا يبلى. فالدنيا دار البوار والخسار وَا...وَد والدمار الشامت شا...م شار الدوام الشامل "خربانة ام بُناياً قَش!" ..فَصْلَةٌ تَفزَعُني هاهنا.. فما إن جاءت سيرة القَشِّ، حتى شعرتُ بانتفاضة عميّ حاج أحمد في مكانِه! متكوِّماً بكلكله المثقول في لُجِّ الصف الأمامي. يرزحُ تحت ورطته التي وضعته في عين العاصفة ولا مخرجٌ يسير. لقد كان عمِّي حريصاً في عاداته. يوضِّب سَرجَهُ مهيلاً حين يركب. حتى ينزاحُ سهلاً من عُلوٍّ طارئ؛ ما حان داعي انصراف أو دعتْ حالُ انعطاف. بالتي هيَ أوفَر أو غيرها. ولما كان عَمُّنا يعي تماماً أنّ الطبيعةَ جبلٌ كما يقولون، فإنَّه وبما تبقَّى له من مروءة، ليس فيه من طاقة يُحرِّك بها ذيل الجبل ولا ذِقْنه! والجبلُ قد انتصبَ في وجهه. يعايره بالطلوع للخلاء؛ ولا طلوعٌ حتى للروح من دون التقافز، فوق رقاب المقشوشين غير المفشوشين؛ ليصِلَ أوّلاً مَمرِّ الباب الوحيد للزاوية "المدفوسة". وتلك رحلة عذاب كم قطعها عَمَّنا قديماً في توثُّب، قافزاً على المراحل حيناً وحارقاً لها بعض أحيان. غير أنه الآن ليس فيه من باع! ستنتاشه ألفُ عينٍ ويُشمشمه ألفُ أنفٍ. طِوالَ مِضمار التقافز يتساءلون عمّا يستعجله من داع: الدنيا ما ملحوقة يا عمَّنا "ياخ". وإن هانَ كل هذا وليس بهيِّنٍ، فكيف به الرجوع مُذَكَّراً سالماً إن كانت تلك الفارهة، والتي تَقِلّ هذا الأصمُّ المصبوغ يتفجّر تفانياً، قد رُكِّنتْ كالعادة في سَمِ الزاوية الموكوء. راحت عليك..! أتوسّمها جليّاً قد تمتم بها عم حاج أحمد داخل بطنه التي "طمَّتْ". وخِشيةٌ تُلحِقُني بكافِ تقريره الأخير في راحت عليك. تعبَثُ بي توشوِشُني :هل يقصيني قريبي! هذا التَلُّ الأشمُّ من أن آخذ حقِّي في القَشِّ الذي معه؟ صحيحٌ أنّ الجبل ما يزال حَلقُه رَطِباً؛ وكذلك بلعومُه الطويل فضلاً عن لسانِ مسمارِه. والشمس وما أدارك ما الشمس، خارج إطار هذا الظل المحرور ببطن هذه الزاوية المنخنقة بكثرة الأنفاس، تُجفِّف الجلد. ناهيك عن قَشَّات هزيلات كلّفنني مفاوضات دائرية مُهلِكة، محاورات طرشاء، مطايبات تزقو بالرِّيح، وأسفاراً بلا متاع؛ بل وغير قليلٍ من الدُّريهمات مع عمِّي الحاج! إنّ الزمان قد تغيَّر. حقيقةٌ لا شكّ فيها؛ فهذا زمان استصعاب القشِّ وليس استصحابه. لقد أُسقِط في يدي تماماً، بل وكُراعي. المأساة الآن ليست من نصيب عمِّي لوحده، فأنا أحَقُّ بها منه، ومن بقيّة الناظرين الى "القشقشة": دعوا لي مأساتي ثم تفنَّنوا يا هؤلاء..! لا بُد من حِراك؛ وحُريكَةٍ بقَدرِ الضُّفُر ولا "وَهَمة" حَدَّ العَصُر. ليست غلطتي بأيِّ حال. فقد حذّرته عمِّي هذا الكادح. بأنهم سيأخذوننا على حين غِرّة، ويغلقون علينا أفواه الطُرُق. إنهم يعرفون تماماً متى يداهمونك بالوعظ، يصلونك بالمفارقات، يمطرونك باللّمز. كان عمِّي يعلم تماماً بأنّ زاويتنا التي نقضي فيها فروضنا، ما عادت بآمنة في ظل تكانُف المتنطِّعين بفَضلِ الظّهرِ وفضْلِ البطن وفضول القول! لا يستحسنون له مكانٌ غير أسماعنا التي كلّت وملَّت فاستذلّت. ما وجدوا فرصة إلا واهتبلوها لتذكير أهل الزاوية المنكوبة، بأنها "خربانة ام بُناياً قَش". ونحن لا نوافق هذا الكلام على عواهنِه. إذ ليس في سَمتِهم المُتْرَف ما يُشيرُ إلى ذلك! بل إنّ زاويتنا في "عَضُم ضَهَرا" تقومُ كلُّها على القش. أخضره وأصفره، أسوده ومُذهَّبه. إذن، فكلّه إلا القَشْ! وتلك هيَ الحكمة الأولى والأخيرة، والتي خرجنا بها متوجِّسين منذ تباشير أول مجلس نيابي، وقبل أن يهلّ للاستقلال محل. ومع أنّ تمسُّكنا بها كان سطحياً، فلا أُغالِط في أنّ اهتمامنا بالقَشِّ مجبورين، قد حَدَفنا بعيداً بعض الشئ عن التمسّك بالحِكَم الموروثة منذ الاستقلال. ذلك أن القشَّ له الأولوية، وفي بيتِه يؤتَى الحَكَمُ. علاوةً على ذلك، فإنّ القشَّ في ذات جمعِه لم يكن بالساهل. لقد تبدّد عَرَقٌ كثيف في سبيل الحصول عليه. بل ما يزال الكثيرون في حاجة ماسّة لِحَشِّ قشوشٍ كثيرة. ليس إليها من سبيلٍ في ظل هذا التنطُّع والتّبَجُّع. عمِّي حاج أحمد وأنا، على سبيل المثال. لدينا صفقة قَشْ تنتظرنا في الهجير المبرود. لقد دخلنا هذه الزاوية مع الدّاخلين، لنقضى فيها فروضنا حتى نتفرغ سراعاً للتّفَثِ في مواطنه المعلومات! خارج أسوار الزاوية. فَصْلةٌ ثانية.. ويعود سمعي الوسنان الى صوتِ الخَليِّ من هَمِّ القشوش كما يُريد، يقول: الخُضرة وماؤها وجهٌ حَسَن. لن تتوفّر في هذه الزايلة، ما تتعبوا "ساي"..! على الناس أن يتوقفوا كثيراً. يتوقّفوا كثيراً جداً جداً قبل أن تفترسهم الحياة. هذه الدنيا حظوظ، فالمقسوم لك لا يتخطّاك وقد "يبوظ". والمحروم عليك سيذهب لغيرك فلن تحوز. عليكم أن تتركوا الحسد والشناءة والتباغض بلا سبب. كِفّوا العين يا مسلمين؛ كِفُّوا العَيْنَيْن الاثنين يا مُسلمين، فالحياة فيها الشظف وفيها الترف. فيها التجافي وفيها التصافي، فيها الرَّش وفيها القَش! الحياة "امتحانا" صَعَبْ. الشهوات والرغبات عملٌ ضلالي في رابعة النهار ومن الدرجة الأولى. وأين! عند قليلي الصبر. الذين لا يظنون ظنَّ الخير في الواحد الديان، ولا في الناّفذ القويِّ الأمين، كبير الدراية، بعيد الرِّماية، شحيم السِّماية التعبان؛ أؤلئك الضلاليين ذوي أوفضةٍ ضيقة وغفلة متردية. تراهم دوماً مغالطين في الحقائق. سريعي اللحاق بالبوائق.. فَصلةٌ ثالثة.. فصاحتُه تعلو وتهبط، ويبدو أنّه قد حان وشيك انحداره، "فَقَلَبَها: وَرا .. وَرا ورَا، أرجو "الرّاجيكم"! وين ووين؟ وين الكانوا الساس وكانوا الجلد وكانوا الراس..؟ أين الذين كانوا التُّرس وكانو العُرس وكانوا الحرقاص! ألم أحدِّثكم عن الشهيد المجيدي؟ لقد جاءني الخبر وأنا خارج لتوِّي من صلاة الفجر صباح اليوم. المجيدي الآن يأكلُ في السَّمين! ويرفُلُ في العِين ويُسقَى من عَيْن التِّنِّين. لقد مضى وفارَقَ "قِشوش العوين". مضى وعلى وجهه ابتسامة وعلى جبينه علامة. مضى وفوق أثوابه طِيباً قد تهفهَفْ، ودِثاراً قد تقصّف. "أريتكم بي حالو"..! يقولها مُتَجلِّياً فأفصِلُه للمرّة الرابعة! هذا الثرثارُ المُتَفَيهِق كأنما يقصدني وعمِّي حاج أحمد تحديداً..! وعلى الأرجح فإنّه يقصد جميع المفجوعين. ليس بمُضيِّ المجيدي فحسب؛ بل وكلَّ المكبوتين داخل "الكبسولة" في هذه الحَرّاية "الزوزاية". ثَمَّة وهدة مُتنَزِّلة يقتنصها الجبلُ المدفون في دقون كثيفة؛ غير عابئٍ بما حوله من فحيح، قائلاً: الدنيا غَشوم، والعُمُر مشروم "ووين عاد..؟" وين الكانوا الساس وكانو الجلد وكانو الراس. "وين التَّمَتَّعوا" بالنَّشَب وتنغنغوا بالقَصَب. "ووين" الضاقو الرآحات رِكبوا البرّادات، وشَبِعوا في الأعناب والتفّاحات والزّلاّجات. أين هُم الآن؟ ووين "البنوا" وشيّدوا وقَطنوا. أما رَحلوا. "آثارُم" تشهَد عليهم بالتعب في الفاضي؛ وعُقُب هي لاحقة "بي أسيادا" مهما طال الوقوف "بيها". إيّاكم أن تتوقفوا كثيراً، لا تتوقّفوا كثيراً جداً جداً..! يواصل ليصل حانَ مَصَبٍّ قائلا :لقد جئتكم بالبشارة، لقد جئتكم بالبشارة؛ لقد جئتكم بالبشااااارة. فبعد مجاهدات كثيرة وَ "قومات وقعدات" من إخوانكم المجتهدين، واجتماعات والتماعاتٍ في اللجنة الفرائحية؛ مقابلات ومجايلات مع ذوي الشأن، فقد وافَقَ أولو الأمر، جزاهُم الله خير، بفتح مخفر للشُرطة على ناصية هذا الحي الميِّتْ حتى يُشتَرَط! أبِشْروا بالخير الوارد، هذا تقدّم جِدُّ عظيم، وإنجازٌ ملحوظٌ لا يُليم؛ ولن تتعامى عنه سوى العيون التي في طرفها رَمَدٌ أو قَشَّة نِيمْ!.. عند هذا الحد فصلتُه مرّة أخيرة وللأبد. خرجتُ وتركته يتحدّث! فقد شعرتُ أن الكيل قد طفح في قلبي وفي عَمْ حاج أحمد، وقلوب مَن حولِه غيرِ أشِدَّاء، وقلوبِكُم! خرجتُ من عُنقِ زجاجة الباب؛ أخيطُ الطُّرقات التي تغبَّرتْ بالقَتَرةِ الجارفة. رياحها سموم، تهبّ بغير ما ينتظر المصلوبين بسُبل كسب القَش في السودان. تلفّتُّ وملء مِسمَعَيْ مُنادٍ مِلحاح :يا ود أحمد، يا ودأحمد أخوي. أقيف "آزول". بادرتُه : عمِّي حاج أحمد، أسَكَتَ الرجلُ عند المَصَبْ..؟ جاءني ردّه :ليتَهُ..! :وكيف خرجتَ إذن؟ زجرني متسرعاً :"غَشَّيتو"، ألم يقل خربانة ام بناياً غَش! :لا .. لا يا عَمِّي. لم يقُل غَش؛ بل قال: قَشْ. "تمطوحنا" غير قليل بين الغَش والقش. أنا أتمسَّكُ بالقش، وعمِّي حاج أحمد لا يتنازل قيد أنمُلةٍ، عن الغَشِّ! حتى وجدتُني أُفحِمه بالبِشارات: مُبارَكٌ عليكم مخفر الشرطة الجديد..! وكُلِّي توقّع أن تنزل يدُه العسراء باطشةً بمؤخِّرة رأسي المُشَعِّف ومُجَفِّفْ. تَوَقَّيتُ منه في هروبٍ للأمام؛ تدرَّقتُ لائذاً، ثم واصلنا صُحبتنا في انسجامٍ تام تُكلِّله ابتساماتنا الساخرة. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote:
مدوَّنة وجيـه
صيدٌ ثمين لم أكن لأتوقّعه ولا ينبغي لي. فقد ذهبتُ اصطاد توقيعاً فرجعتُ بعدّة توقيعات. لا ينقص منها شئ كونها خارج الوثيقة! ففي تلك النهارية المتثاقلة في يومٍ يونيوي كالح؛ وبعشرين ألفٍ مما تعدِّون. كانت المرّة السابعة بعد الثامنة، والتي أعود فيها بأقلّ من خُفَّي حُنَيْن. لاهثاً للحصول على توقيع. مجرّد توقيع يفيد بأنّني وأنا ابن السنة الأولى بعد خمسين خَلتْ، قد أكملتُ بمنقَطِعات النظير في سنتي الأخيرة هذي، التنسيقَ المؤهِّل للتقدم للمعاينات الوظيفية. أي نعم ما زلتُ صغيرا. لا أعي ماذا أكون حينما أغدو كبيرا. أُتُرى أغدو سفيراً أو وزيرا أم مُراقِب قَمْطريرا..؟ ماعلينا، فليس فيها شئ بالساهل. كما درجت جدّتي تقول بلا توقُّف. وأنا دائماً ما أبدأ ركوب المواصلات بعد أن تنفد طاقات أقدامي، وأتخفّف ممّا تحمله خاويات الجيوب. يكون ذاك الابتداء في الأغلب من محطة الثكنة التجارية. ذات الموقع الاستراتيجي في عاصمتنا الرسالية. بديعةً تقفُ في سمتٍ باذخ وأنَفٍ شامخ. الحياة التواصلية تبدأ من هذه الثكَنة. للذى يسوى ولغيره، ممّا لا يساوي جناح بعوضة في "أضان" فيل. هناك كل الدَّواب والناس يهيمون على بطونهم ووجوههم. يتفرّسون في ألواح بعضهم البعض في مَجانةٍ توحي بالكثير. ذاهلٌ أنا في تفرّسي الذي لايُخرجني منه غير إشاراته. لا بد أنََّه مرغوم..! ذاك الذي حكى عنه الجماعة بالأمس، تحت عمود النور المطفئ. العقلاء يفعلونها تلك التفرّسات على استحياء، بينما الذاهلين يضعون الحروف تحت النقاط. بطريقة تخُضّ العقلاء وغير العاقلين. أرى مرغوماً مُصِرَّاً على بَثِّي شُكاتَه من ثكناتِه العامّة. إنه يُشير بأصابِعِه الخَمْشِ الى فِيهِ! فالأمر واضح إذن. تسارعت يداي الى جيبي الخلفي، مخزن الذخيرة الحيّة. كلها طلعتْ فشنك..! يا لتُعسَك يا مرغوم، وتُعسي أنا. تلاحقت يداي سِراعاً الى جَيْبي الإمام. لاشئ كالعادة، ولا حتى بقايا الفيل المذكور في الأحاجي السودانية ذات صيدٍ قديم! هربتْ يداي الى الجيبِ الجُنُب حيث المخزون الاستراتيجي. ليس أكثر من بقايا بقايا. حَبَّات تسالي شاحبة في "كيسٍ" قميء. أذكر جيِّدا أنها كلَّفتني فوق الخمسمائة دينار، حِجّةً حادقة مع البائع لا تقلّ شحوباً في "الحِتَّة دي" عن كياستِه! وكان قد تعلل بأنّ رُبعَه قد تضاعَف خمس مرّات من أمس و"جاي". لا مشاحة فالتَّسَلِّي ملحوق، والسيِّد مرغوم وقد لَقِينا له "بياضو". فماذا في الجُراب يا حاوي؟ سالَ البهاءُ غضنفرا من مُحيّا مرغومٍ الخَشِن، ما أن انطوت يده على التساليّات المهضومات. عرفتُ ذلك بما دفع لي من ملفوفة. بَرَّني بها غير متخاذِل. مفَكِّرة جذّابة مُجلّدة بالفخر العُباب؛ وأنا أقلِّب صفحاتها، طارداً هاجس ما دفعتُه فيها من قيمة تافـ هـ ة، فجعتني أصالتها حروفاً ومعاني..! لله درُّ هؤلاء الذين يُضيِّعون فَلذات أكباد البلد بدمٍ بارد ولا يستحون. يشقشقون من الفِتْرِ أمتاراً ولا يلتفتون، وفي غير قليلٍ من الدَّسامة يتفالحون..! رجلُ الأصفار أطلّ عليّ بوجهه الذي لايغباني. ها هوَ دوماً في عجلة من مُثلَّثِه بأضلاعِه المنهوبة. يقوم به ولا يقعُد! يلهِبُ ظهور المُثَلَّثين بضرورة شِراء شِراء شَرىً؛ ولا ينسى أن يُثَنِّي بضرورة ربط الحجارة على البطون: وإن قَلَّتِ الحِجارة فعليكم بالأحزِمة يا أخوان! علّنا نعبُر بكم الى عصر التمحين الأصغر. قَلبتُ صفحتِه سريعاً كما قلبوا هُم مجداف الرصيد قبل أن تجتاحهم الأصفار. ذلك أنّ جيوبي ليس فيها من طاقة للشُّراة. مالم أبع لِحْيتي النابتة مؤخَّراً: دَعوني أعيش وحَجَري لِصقَ حِجْري! ما يزال يتمدّد كل يوم عشرينيٍّ. يتململُ فلا أزيده إلا حزماً وعزماً ولزما. لا أملكُ غير ذلك من شروى نُقَيْر. صفحاتٌ كثيرة وإن كانت من المعلوم بالضرورة. إلا أنَّ عجائبها لا تنقضي. مرغومٌ ما يزالُ يقف بجانبي! يلتهمُ اللِّبَّ مُمتَنّاً وقد رقدتْ شَعَرَة جِلدتِه. يعاونني بأريحية في تفسير ما غمَّ عليَّ وكان كثير. رجعنا لأوسط التسعينات ولعله خواتيمها. وجدتُ شعاراً قديما مخدوماً بحق! لكنّه هذه المرّة منشورٌ في ثيابٍ جديدة يقول: تنصَّرتِ الذُّبابات إثرَ لطمة، ثم عادت بعضُها للمياه المُسكِرة والعَشَمُ يملأُ خياشيمها وأُخرياتٍ فَشَلنْ. توجَّهتُ نحو السطر الأخير، ليفجعُني تذييلٌ من صاحب الرزنامة بخطٍّ دقيق: سيعلو حَجَر الصَّرْح قليلاً فوق جسم السَّدْ؛ فلا داعٍ لتسييل الورم في المرحلة الحالية..! أعِدتُّ النظر فيما بين السطور وما فوقها فزدتُّ توهاناً. فشلتُ في الوصول لحتميات هذا الشعار التَّليد. المديدُ حواشياً قبل المتون. حاوَلَ مرغومٌ معي كثيراً ولم يُقَصِّر! كان يعرفُ فيما يبدو، ولكنّه عاجز عن توصيل ما يعرف. لم نصِلْ إلى قرار. رجَعتْ إليّ فراستي مع عودة التيار الكُهربائي؛ وكان في أول رجوعها أنّ مرغوماً سليمٌ مُسَهَّد، وإنْ ادّعى المعرفة، شأنه في ذلك شأن الكثيرين من الناس الذين على دِينِ امرائهم! فلن آخذ بكلِّ تجليّاتِه. وإنْ كان الشعار أثقَل من قُدراتي الرّاهنة و"أزرط". ففي غيره من الاستمحانات الكابية بديعُ استشعار. حينها توجَّه استمحاني المُتَلَفِّتْ الى التواصل والمواصلات. رمقتُ جسر الشُّرتان المهيب يتلألأُ قوسَ قُزَح. امتلأت عيناي بالمُشايلات والملاومات السريعات، اللوائح والمباني والرواجم والجبايات، وأشياءٌ تتشظّى تتناسل من عهد عاد. رَبَّتُّ على الوريقة الباهتة في جيبي الجُنُب مُطمئنَّاً، خِشية أن ينالها شئٌ من "الكرفسة"؛ وقصدتُّ جسر الشُّرتان التَّخْمان. لا ألوي على شيءٍ، ولا مرغوم..! |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
عُمدة خالي أطيان
لم يكن من المستحسن عند كثير من جماعتنا. أن يطلق أحدهم على عمدتنا الثائر "ود خِريم الباب" تلك الجُملة الماسخة: عُمدة خالي أطيان! فالعارف بأثيرية الطين عند عمدتنا الحالي، لن يفوت عليه أنّ الجهرَ بمثل هذا القول؛ نوعٌ من الأذية الجسيمة. والناس أيّامنا هذي طيِّبون. وأكثرُ إلمامهم من نشب الحكمة: أنّ حُبَّ الأذية من طباع العقرب. واقع الأمر فإن الوصف بخلوّ العمدة من الأطيان، غير مُباعَدٍ البتَّة في المحصَّلة النهائية عمّا للعموديات الجديدة من طينٍ مغشوش! وبسببٍ من ذلك فإن العمدة لا ينفطم عن التَّمَسُّح بالطينِ، نزولِه ورَواحِه. بل لايتورَّع عن احتكاره ما بدا له في النظر طين. أو استقرَّ بالجوار عجين. فعُمدتنا الغائر على الطين في كل الأوقات، دوماً ما تراه يشُدّ الخيطان ويبتني الحيطان فيما اكتنز بإحسانه الرواية والجباية، وبعض أحيانٍ العصاية. وتلك غيوض من فيوض وسائله لمِلك اليمين. قَلَّ أن يفرِّط عمدتنا ود خِريم الباب، في عودٍ أو قيراطٍ من الطين. يُجبيه في حَذاقةٍ ولو تعلّق بأستار السما الأحمر. أو غاص في البحر "عِز الضَّحا" الأعلى. قد يضطر أحياناً لإثبات واقعة شرائه لطين الغير؛ حتى قبل أن يعرضوه للبيع. ما فرقت كتير. إنه عالمٌ من أين وكيف ولماذا يتقاتل الناسُ في أيلولة الطين. كما أنّه من الذين لا يحلو لهم الطِّين إلا حينما يكون في حيازة الآخرين. لايملك ساعتها إلاّ أن يُغريهم ببيع ما عندهم. تنتابه حالة من الشهوانية التي لا تشبع. كأنما يريد تخليص أهل المدر والحجر من عبءٍ جسيم. وإن لم ينفع الناسَ حَذَرُهم، رماهم بنقيع الإغراء. أو أتاهم من خلفهم بوجيع الإزراء لا يحُدُّه سَقْف. على ذلك تجده يكدّ نهاره ويُدلجُ ليله بحثاً عن الطين؛ وفي أيِّ المناحي طلع. لقد تطوَّرت عنده الحِيَل فأصبح ألخّ طينا. تفوق طينيّاته "تور بقر الجواميس الرُّقادِن لُخ". فهاهو الآن طينٌ في طين. من ساسه الى رأسه. كُتلة من الطين تتدحرج وتترجرج؛ لتفرِض على الرائين والسامعين لِكّة الطين وصليله الأبكم! وبتواتر الأقوال والرواية داخل الرواية. فإنّ دَكّة عموديتنا لم تكن، وإلى وقتٍ قريب، بالرتبة اللامعة في نظر عمدتنا الحالي. ولا في نظرِ أمثاله من "العمادين" اللائذين من حَرِّ التراب بالطين البارد. ما إن توهطت العمودية في الطين؛ وتسربلت بالشَّعَرة والعجين، حتى غدت ملجأ مَنْ لا فكرة واضحة له عن مآسي الطين، فصولِه وغاياته. اندلقوا نحوها صرفاً غير عابئين بوعورتها. ولا بخطورة معاوِلهم التي تكبِّدهم من سباحاتٍ عكس الشورى والمشوار. وحيث أننا ما نزالُ في حِرز المعرفة غير الموثّقة. تلك التي تقول: بأنّ عُتاة الطَّامعين في الطين من بني قريتنا المجدودة قد ظلوا، في قديمهم الذي مضى ولن يعود. يتطاردونها ويفرون منها فِرار السَّليم من الأجرب؛ فليس أمامنا إلا أن نعتمد على كونهم في أفضل حالاتهم الطينية لم يحملوا عِبءَ الطين محمَل الكدَر الجَّد. بل كانوا أشغل بمداواة الرمال المتحرِّكة منهم بالطين الجامد. على هذا التفسير، وحسبما أتانا كابراً عن كابر. فإنّ العمودية لم تكن في نظر عمّنا "ودمنصور" إلاّ "وغوشة" في الفاضي، لايزيدها عن هذا التعبير المُفحِم إلا لماماً، ما كان السّامع متَّفِقاً معه في الإحسان. ماذا وإلاّ أردفها بقولِه الحكيم: والفاضي يعمل فيها قاضي. مُزِفّاً في فاء الفضاء وألِفِ الإملاءِ ما استطاع من إشباع. تصيخُ له الأسماع وترتعد له الفرائص. ومَنْ كمثلِ منصور توثَّبا..! لولا أنّ الهرم، قاتل اللَّهُ الهَرَم، قد نَشّ في نونِه وميمِه وراءِه. الأبدعُ من ذلك، أنه على الرغم من أنّ طرف ثوبه لا يخلو من "تلطيخة" أو اثنتين قديمتَيْن، إلا أنّهما في عُرف الكثيرين، بقايا من غُبار المعارك المجيدة. تتوِّج ولا تُمَوِّج. مأجورة غير مأبورة؛ بل لا يُرَى فيها أثراً من شُنار. وودمنصور، عُمدتنا السابق والبدر المُعانِق، يتمتّع برُتبة العمودية جديراً بها للأبد، يقولون: إنّه لما أتته العمودية منقادة تجرجر أذيالها، أخذَ بمرباعها وغُربالها مأخذ الجدِّ والحَدْ. فكان لها نِعم الوَزين. وبحسب إغراض ود الخبير، والذي لا ينتهِ! فإنّ ذاك السؤدد الطيني قد كان في زمنٍ مضى وانقضت "شماريخه"؛ بل أضحى "مسهوكاً" كالورَق الذي "انفرَكْ". وفيما بدا فإنّ الخبيرَ غيرُ مَعنيِّ بما مضى من الأزمان. ولا هوَ حَفيٌّ بما سَلَف أو قد كان. متناسياً قديمُه بغير القَنَع المعتاد. ها هنا فقد رجعَ الحديثُ الى أوسط الحجوة كَرّة أخرى..! مُعيداً البحث في التلطيختَيْن الهيِّنَتَيْن! تَينَكْ المُبَرَّرَتَيْن بجميل الفصاحة غير المتبجِّحة. ومرةّ أخرى يُسهِمُ عمّنا ود الخبير بباعِه الطويل في القص. يصول ويجول بما عَنّ له من عَرَض أو غَرَض. بالحفر حيناً والطّمْرِ بعض أحيان في بخسِ عموديات ود منصور. ناقراً نقرَ فأرَيْ ابن المقفّع في متن غُصن النجاة على فَمِ الجُب السحيق. مع ذلك فلم يُحسنْ قَرضاً أو نثيراً..! وقد عاش قَبْلَها لطيف الالتفاتات في غيرها من تباريح! حينها أطلّ علينا بدر التمام عَمُّنا ودمنصور، ثانياً عَنان فرسِه. قاصداً جمعنا في بُلهَنيةٍ كَسَتنا أنوارها قبل ثبوت هلاله. يزيلُ برفقٍ ما عَلَقَ على جُلبابِه الناصع من غُبارات الطريق. فحدَفنا إليه سراعاً ما "انسهَك" بين أيدينا من طيننا الذي مضى ولم يَكَدْ..! فالتزم "المايك" واستعدل المنظار وأشعل الراس ثم فتح الكرّاس؛ فحدَّثنا في الطين حديثاً غير مِهزار. فأين حديثنا من نسجِه البتَّار. وتجلّى على هواه يُثبِتْ لنا غير مُجادَل: أنّ طينَه ما يزال على حاله، أحَقَّيّةً من نهوضٍ ودَنفاً من نجوض. أما طين ود خِرَيم الباب، عُمَدتنا الخالي، فستصادره العمودية الجديدة عبرَ المفوَّضيّات والمفاوضات "الفاضيات". ذلك أنّ الطين المُلَمْلمْ في غير حقٍّ، مصيرُه الزوال! بل هوَ عينُه الحرامْ المقصود يذهَبُ من حيث أتى. وساعتها فستعلمون أنّ عمدتكم خالي أطيان! وذاك قد ينفعه ولن يضرّه في كثيرٍ أو قليل؛ من حيث أنه سيتيحُ له العودة إلى وزنِه الحقيقي من الطين. وأمّا بعد: فإنّ ود الخبير، عليه أوّلاً أن يستعيد الكَرّة للإمساك بالطين فَرَادَةً. حتى ليتجاسر من بعد، على مَنْ جاءهم الطين وهو يسعى! ولم يذهبوا إليه فُرادى أو جماعاتٍ في أقاربهم من أولات الأحمال الثِّقال.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
Quote: والليل البهيم الى انبلاج. غداً لناظره قريب. قريبٌ للدرجة التي يدهمك فيها وميض ناره من خُلل الرماد. غداً لناظره مُريب. سأقوم بِما يليني، وسأفعل ما يقيني. سأعملُ وأأملُ كَرّةً أخرى في سبعٍ سمان، تهربُ أمامهنُّ خمسٌ عجاف. أأحلام يقظانة أم يقظةٌ حالِمة. مَن يا تُري قد عاد في ذاك المساء ولم يجد. وجهاً كظَهرِ النًّعلِ يُبدعُه العبارات السَّخيمة..! تجلّد إذن أو تَبَلَّد. مَنْ يا تُرى سيثقب بالوننا عند صباحات العَظَل؛ والأسى قد يسبِقُ بعض أحيان. أيحلُّ بالجوار واحدٌ أم أنهم شرذمة. أبِشارةً تلك أم كانت خُدَيعة..! ومهما يكُنِ الآتي فلا مفر من أن تحلموا يقظة، حتى تَتَبيَّينَ لكم وجيعة الخيط الأربد من قطيعة الخيط الأغبر..! إن كنتم للرؤيا تعبرون. |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
حين يكتب أبو جودة تنصاع الحروف وتأتلق المعاني وننصت خاشعين عفى الله عنك صديقي الحبيب هل تعتقدنا ( حمل ) كل هذا الجمال ؟؟؟
______________
قراءة أولية ومرور على سبيل السلام ورفعاً لهذا الجمال لأهل الذوق الرفيع
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
|
أبوجوده كده لقينا فيك ملكه ولملكه هذه قصة واقعيه أحد عرباننا كان يمشى وصديقه يتسامران بفرايحيه فضاق الطريق بجدول إستوجب أن يمشى أحدهم أمام الآخر وللآخر شملوخ مضبب بجلد عنسيت سميك فما كان منه إلا أن لوح عكازه ذلك ووكز به صديقه فى عنقرته حتى خر فى الجدول كما الحوت وعندما جاء الناس وسألوه ما السبب أجاب لقيت لى فيهو ملكه فيا أبوجود أبشر بالخير لا نبوت لنا ولا كالوت ولكن قليل صبر لمطالعة الجميل. تقبل خالص السلام.
منصور
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: munswor almophtah)
|
مرحى كثيراً بالعزيز منصور
وعن "المَلَكة" فلا يسعنا إلا أن نقول: يا هو ده السودان!
ونروي حكاية لأحد أقاربنا، وجدَ مَلَكة في خالو، فاستشاره: والله يا خالي بشير فيك "مَلية!"
وبشير قد نوسر به مشي الحمار الكحيان! فقال مُتضجّراً - وبَعيد مهوى قُرطَه! مملوك: أملاني آ ود أختي، ولا يهمِّك!
فملأه فأصبح خارج السرج! متوسِّداً الوهيطة..
أتابعك بقدر ما تتيحه الغشيات، وقد قرأتُ الكثير من فارعة البروف، له التحايا، آن أوان الماركشية!
ولم تتح الغشيات مزيد براح للتداخل..
ألف مرحب بيك، عزيزنا منصور..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: طلعت الطيب)
|
أخي طلعت، ألف تحية ليك .. وعلى لقائك الطيب بالخرطوم وحمداً لله على سلامة الوصول الى برٍّ آمن ..
وتطلع للتواصل
مع عظيم تقدير للمتابعة ..
ودمتَ، عزيزي طلعت
| |
|
|
|
|
|
|
|