جوفٌ مشـــــروخ ..!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 01:57 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-23-2011, 07:45 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جوفٌ مشـــــروخ ..!

    جوفٌ مشــــروخ *

    ما كِدتُّ أفرغُ ممّا فاتني من فَرْضِ الظُّهْرِ في جماعةٍ بالسلام، حتى وَخَزني صوتٌ ليس من المئة صوتٍ المختارَة. يلهِبُ ظهري في غير جريرة. هذا أبأسُ ما كنتُ أتوقّعه! فالوقتُ ضيِّق وبالي مشغول بعدّة شجون. يرفَضُّ الصوت في هدارةٍ كصوت الطبلِ، أجوفَ يرجحنُّ في صدَىءٍ محموم. يتنحنح يتزحزح، يتفجفج في الوجوه الهامدة أمامه تنتظِرُ الخلاص، يقول: الحياة أبخسُ من أن نوليها اهتمامنا، فهيَ الى زوال. شجرةٌ ملعونة الظلال. نستريح فيها قليلاً ثم نمضي كما يمضي الغابرون. الى أين..؟ إلى غايةٍ قاصدة. تعرفونها ولاشك! وتلك جنة المأوى والمُلك الذي لا يبلى. فالدنيا دار البوار والخسار وَا...وَد والدمار الشامت شا...م شار الدوام الشامل "خربانة ام بُناياً قَش!" ..فَصْلَةٌ تَفزَعُني هاهنا.. فما إن جاءت سيرة القَشِّ، حتى شعرتُ بانتفاضة عميّ حاج أحمد في مكانِه! متكوِّماً بكلكله المثقول في لُجِّ الصف الأمامي. يرزحُ تحت ورطته التي وضعته في عين العاصفة ولا مخرجٌ يسير. لقد كان عمِّي حريصاً في عاداته. يوضِّب سَرجَهُ مهيلاً حين يركب. حتى ينزاحُ سهلاً من عُلوٍّ طارئ؛ ما حان داعي انصراف أو دعتْ حالُ انعطاف. بالتي هيَ أوفَر أو غيرها. ولما كان عَمُّنا يعي تماماً أنّ الطبيعةَ جبلٌ كما يقولون، فإنَّه وبما تبقَّى له من مروءة، ليس فيه من طاقة يُحرِّك بها ذيل الجبل ولا ذِقْنه! والجبلُ قد انتصبَ في وجهه. يعايره بالطلوع للخلاء؛ ولا طلوعٌ حتى للروح من دون التقافز، فوق رقاب المقشوشين غير المفشوشين؛ ليصِلَ أوّلاً مَمرِّ الباب الوحيد للزاوية "المدفوسة". وتلك رحلة عذاب كم قطعها عَمَّنا قديماً في توثُّب، قافزاً على المراحل حيناً وحارقاً لها بعض أحيان. غير أنه الآن ليس فيه من باع! ستنتاشه ألفُ عينٍ ويُشمشمه ألفُ أنفٍ. طِوالَ مِضمار التقافز يتساءلون عمّا يستعجله من داع: الدنيا ما ملحوقة يا عمَّنا "ياخ". وإن هانَ كل هذا وليس بهيِّنٍ، فكيف به الرجوع مُذَكَّراً سالماً إن كانت تلك الفارهة، والتي تَقِلّ هذا الأصمُّ المصبوغ يتفجّر تفانياً، قد رُكِّنتْ كالعادة في سَمِ الزاوية الموكوء. راحت عليك..! أتوسّمها جليّاً قد تمتم بها عم حاج أحمد داخل بطنه التي "طمَّتْ". وخِشيةٌ تُلحِقُني بكافِ تقريره الأخير في راحت عليك. تعبَثُ بي توشوِشُني :هل يقصيني قريبي! هذا التَلُّ الأشمُّ من أن آخذ حقِّي في القَشِّ الذي معه؟ صحيحٌ أنّ الجبل ما يزال حَلقُه رَطِباً؛ وكذلك بلعومُه الطويل فضلاً عن لسانِ مسمارِه. والشمس وما أدارك ما الشمس، خارج إطار هذا الظل المحرور ببطن هذه الزاوية المنخنقة بكثرة الأنفاس، تُجفِّف الجلد. ناهيك عن قَشَّات هزيلات كلّفنني مفاوضات دائرية مُهلِكة، محاورات طرشاء، مطايبات تزقو بالرِّيح، وأسفاراً بلا متاع؛ بل وغير قليلٍ من الدُّريهمات مع عمِّي الحاج! إنّ الزمان قد تغيَّر. حقيقةٌ لا شكّ فيها؛ فهذا زمان استصعاب القشِّ وليس استصحابه. لقد أُسقِط في يدي تماماً، بل وكُراعي. المأساة الآن ليست من نصيب عمِّي لوحده، فأنا أحَقُّ بها منه، ومن بقيّة الناظرين الى "القشقشة": دعوا لي مأساتي ثم تفنَّنوا يا هؤلاء..! لا بُد من حِراك؛ وحُريكَةٍ بقَدرِ الضُّفُر ولا "وَهَمة" حَدَّ العَصُر. ليست غلطتي بأيِّ حال. فقد حذّرته عمِّي هذا الكادح. بأنهم سيأخذوننا على حين غِرّة، ويغلقون علينا أفواه الطُرُق. إنهم يعرفون تماماً متى يداهمونك بالوعظ، يصلونك بالمفارقات، يمطرونك باللّمز. كان عمِّي يعلم تماماً بأنّ زاويتنا التي نقضي فيها فروضنا، ما عادت بآمنة في ظل تكانُف المتنطِّعين بفَضلِ الظّهرِ وفضْلِ البطن وفضول القول! لا يستحسنون له مكانٌ غير أسماعنا التي كلّت وملَّت فاستذلّت. ما وجدوا فرصة إلا واهتبلوها لتذكير أهل الزاوية المنكوبة، بأنها "خربانة ام بُناياً قَش". ونحن لا نوافق هذا الكلام على عواهنِه. إذ ليس في سَمتِهم المُتْرَف ما يُشيرُ إلى ذلك! بل إنّ زاويتنا في "عَضُم ضَهَرا" تقومُ كلُّها على القش. أخضره وأصفره، أسوده ومُذهَّبه. إذن، فكلّه إلا القَشْ! وتلك هيَ الحكمة الأولى والأخيرة، والتي خرجنا بها متوجِّسين منذ تباشير أول مجلس نيابي، وقبل أن يهلّ للاستقلال محل. ومع أنّ تمسُّكنا بها كان سطحياً، فلا أُغالِط في أنّ اهتمامنا بالقَشِّ مجبورين، قد حَدَفنا بعيداً بعض الشئ عن التمسّك بالحِكَم الموروثة منذ الاستقلال. ذلك أن القشَّ له الأولوية، وفي بيتِه يؤتَى الحَكَمُ. علاوةً على ذلك، فإنّ القشَّ في ذات جمعِه لم يكن بالساهل. لقد تبدّد عَرَقٌ كثيف في سبيل الحصول عليه. بل ما يزال الكثيرون في حاجة ماسّة لِحَشِّ قشوشٍ كثيرة. ليس إليها من سبيلٍ في ظل هذا التنطُّع والتّبَجُّع. عمِّي حاج أحمد وأنا، على سبيل المثال. لدينا صفقة قَشْ تنتظرنا في الهجير المبرود. لقد دخلنا هذه الزاوية مع الدّاخلين، لنقضى فيها فروضنا حتى نتفرغ سراعاً للتّفَثِ في مواطنه المعلومات! خارج أسوار الزاوية. فَصْلةٌ ثانية.. ويعود سمعي الوسنان الى صوتِ الخَليِّ من هَمِّ القشوش كما يُريد، يقول: الخُضرة وماؤها وجهٌ حَسَن. لن تتوفّر في هذه الزايلة، ما تتعبوا "ساي"..! على الناس أن يتوقفوا كثيراً. يتوقّفوا كثيراً جداً جداً قبل أن تفترسهم الحياة. هذه الدنيا حظوظ، فالمقسوم لك لا يتخطّاك وقد "يبوظ". والمحروم عليك سيذهب لغيرك فلن تحوز. عليكم أن تتركوا الحسد والشناءة والتباغض بلا سبب. كِفّوا العين يا مسلمين؛ كِفُّوا العَيْنَيْن الاثنين يا مُسلمين، فالحياة فيها الشظف وفيها الترف. فيها التجافي وفيها التصافي، فيها الرَّش وفيها القَش! الحياة "امتحانا" صَعَبْ. الشهوات والرغبات عملٌ ضلالي في رابعة النهار ومن الدرجة الأولى. وأين! عند قليلي الصبر. الذين لا يظنون ظنَّ الخير في الواحد الديان، ولا في الناّفذ القويِّ الأمين، كبير الدراية، بعيد الرِّماية، شحيم السِّماية التعبان؛ أؤلئك الضلاليين ذوي أوفضةٍ ضيقة وغفلة متردية. تراهم دوماً مغالطين في الحقائق. سريعي اللحاق بالبوائق.. فَصلةٌ ثالثة.. فصاحتُه تعلو وتهبط، ويبدو أنّه قد حان وشيك انحداره، "فَقَلَبَها: وَرا .. وَرا ورَا، أرجو "الرّاجيكم"! وين ووين؟ وين الكانوا الساس وكانوا الجلد وكانوا الراس..؟ أين الذين كانوا التُّرس وكانو العُرس وكانوا الحرقاص! ألم أحدِّثكم عن الشهيد المجيدي؟ لقد جاءني الخبر وأنا خارج لتوِّي من صلاة الفجر صباح اليوم. المجيدي الآن يأكلُ في السَّمين! ويرفُلُ في العِين ويُسقَى من عَيْن التِّنِّين. لقد مضى وفارَقَ "قِشوش العوين". مضى وعلى وجهه ابتسامة وعلى جبينه علامة. مضى وفوق أثوابه طِيباً قد تهفهَفْ، ودِثاراً قد تقصّف. "أريتكم بي حالو"..! يقولها مُتَجلِّياً فأفصِلُه للمرّة الرابعة! هذا الثرثارُ المُتَفَيهِق كأنما يقصدني وعمِّي حاج أحمد تحديداً..! وعلى الأرجح فإنّه يقصد جميع المفجوعين. ليس بمُضيِّ المجيدي فحسب؛ بل وكلَّ المكبوتين داخل "الكبسولة" في هذه الحَرّاية "الزوزاية". ثَمَّة وهدة مُتنَزِّلة يقتنصها الجبلُ المدفون في دقون كثيفة؛ غير عابئٍ بما حوله من فحيح، قائلاً: الدنيا غَشوم، والعُمُر مشروم "ووين عاد..؟" وين الكانوا الساس وكانو الجلد وكانو الراس. "وين التَّمَتَّعوا" بالنَّشَب وتنغنغوا بالقَصَب. "ووين" الضاقو الرآحات رِكبوا البرّادات، وشَبِعوا في الأعناب والتفّاحات والزّلاّجات. أين هُم الآن؟ ووين "البنوا" وشيّدوا وقَطنوا. أما رَحلوا. "آثارُم" تشهَد عليهم بالتعب في الفاضي؛ وعُقُب هي لاحقة "بي أسيادا" مهما طال الوقوف "بيها". إيّاكم أن تتوقفوا كثيراً، لا تتوقّفوا كثيراً جداً جداً..! يواصل ليصل حانَ مَصَبٍّ قائلا :لقد جئتكم بالبشارة، لقد جئتكم بالبشارة؛ لقد جئتكم بالبشااااارة. فبعد مجاهدات كثيرة وَ "قومات وقعدات" من إخوانكم المجتهدين، واجتماعات والتماعاتٍ في اللجنة الفرائحية؛ مقابلات ومجايلات مع ذوي الشأن، فقد وافَقَ أولو الأمر، جزاهُم الله خير، بفتح مخفر للشُرطة على ناصية هذا الحي الميِّتْ حتى يُشتَرَط! أبِشْروا بالخير الوارد، هذا تقدّم جِدُّ عظيم، وإنجازٌ ملحوظٌ لا يُليم؛ ولن تتعامى عنه سوى العيون التي في طرفها رَمَدٌ أو قَشَّة نِيمْ!.. عند هذا الحد فصلتُه مرّة أخيرة وللأبد. خرجتُ وتركته يتحدّث! فقد شعرتُ أن الكيل قد طفح في قلبي وفي عَمْ حاج أحمد، وقلوب مَن حولِه غيرِ أشِدَّاء، وقلوبِكُم! خرجتُ من عُنقِ زجاجة الباب؛ أخيطُ الطُّرقات التي تغبَّرتْ بالقَتَرةِ الجارفة. رياحها سموم، تهبّ بغير ما ينتظر المصلوبين بسُبل كسب القَش في السودان. تلفّتُّ وملء مِسمَعَيْ مُنادٍ مِلحاح :يا ود أحمد، يا ودأحمد أخوي. أقيف "آزول". بادرتُه : عمِّي حاج أحمد، أسَكَتَ الرجلُ عند المَصَبْ..؟ جاءني ردّه :ليتَهُ..! :وكيف خرجتَ إذن؟ زجرني متسرعاً :"غَشَّيتو"، ألم يقل خربانة ام بناياً غَش! :لا .. لا يا عَمِّي. لم يقُل غَش؛ بل قال: قَشْ. "تمطوحنا" غير قليل بين الغَش والقش. أنا أتمسَّكُ بالقش، وعمِّي حاج أحمد لا يتنازل قيد أنمُلةٍ، عن الغَشِّ! حتى وجدتُني أُفحِمه بالبِشارات: مُبارَكٌ عليكم مخفر الشرطة الجديد..! وكُلِّي توقّع أن تنزل يدُه العسراء باطشةً بمؤخِّرة رأسي المُشَعِّف ومُجَفِّفْ. تَوَقَّيتُ منه في هروبٍ للأمام؛ تدرَّقتُ لائذاً، ثم واصلنا صُحبتنا في انسجامٍ تام تُكلِّله ابتساماتنا الساخرة.





    ------
    * قصة قصيرة.

    (عدل بواسطة محمد أبوجودة on 03-06-2011, 12:30 PM)
    (عدل بواسطة محمد أبوجودة on 03-07-2011, 01:24 PM)

                  

02-23-2011, 07:51 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)
                  

02-23-2011, 07:57 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)


    التي نقضي فيها فروضنا، ما عادت بآمنة في ظل تكانُف المتنطِّعين بفَضلِ الظّهرِ وفضْلِ البطن وفضول القول! لا يستحسنون له مكانٌ غير أسماعنا التي كلّت وملَّت فاستذلّت. ما وجدوا فرصة إلا واهتبلوها لتذكير أهل الزاوية المنكوبة، بأنها "خربانة ام بُناياً قَش". ونحن لا نوافق هذا الكلام على عواهنِه. إذ ليس في سَمتِهم المُتْرَف ما يُشيرُ إلى ذلك! بل إنّ زاويتنا في "عَضُم ضَهَرا" تقومُ كلُّها على القش. أخضره وأصفره، أسوده ومُذهَّبه. إذن، فكلّه إلا القَشْ! وتلك هيَ الحكمة الأولى والأخيرة، والتي خرجنا بها متوجِّسين منذ تباشير أول مجلس نيابي، وقبل أن يهلّ للاستقلال محل. ومع أنّ تمسُّكنا بها كان سطحياً، فلا أُغالِط في أنّ اهتمامنا بالقَشِّ مجبورين، قد حَدَفنا بعيداً بعض الشئ عن التمسّك بالحِكَم الموروثة منذ الاستقلال. ذلك أن القشَّ له الأولوية، وفي بيتِه يؤتَى الحَكَمُ. علاوةً على ذلك، فإنّ القشَّ في ذات جمعِه لم يكن بالساهل. لقد تبدّد عَرَقٌ كثيف في سبيل الحصول عليه. بل ما يزال الكثيرون في حاجة ماسّة لِحَشِّ قشوشٍ كثيرة. ليس إليها من سبيلٍ في ظل هذا التنطُّع والتّبَجُّع. عمِّي حاج أحمد وأنا، على سبيل المثال. لدينا صفقة قَشْ تنتظرنا في الهجير المبرود. لقد دخلنا هذه الزاوية مع الدّاخلين، لنقضى فيها فروضنا حتى نتفرغ سراعاً للتّفَثِ في مواطنه المعلومات! خارج أسوار الزاوية. فَصْلةٌ ثانية.. ويعود سمعي الوسنان الى صوتِ الخَليِّ من هَمِّ القشوش كما يُريد، يقول: الخُضرة وماؤها وجهٌ حَسَن. لن تتوفّر في هذه الزايلة، ما تتعبوا "ساي"..! على الناس أن يتوقفوا كثيراً. يتوقّفوا كثيراً جداً جداً قبل أن تفترسهم الحياة. هذه الدنيا حظوظ، فالمقسوم لك لا يتخطّاك وقد "يبوظ". والمحروم عليك سيذهب لغيرك فلن تحوز. عليكم أن تتركوا الحسد والشناءة والتباغض بلا سبب. كِفّوا العين يا مسلمين؛ كِفُّوا العَيْنَيْن الاثنين يا مُسلمين، فالحياة فيها الشظف وفيها الترف. فيها التجافي وفيها التصافي، فيها الرَّش وفيها القَش! الحياة "امتحانا" صَعَبْ. الشهوات والرغبات عملٌ ضلالي في رابعة النهار ومن الدرجة الأولى. وأين! عند قليلي الصبر. الذين لا يظنون ظنَّ الخير في الواحد الديان، ولا في الناّفذ القويِّ الأمين، كبير الدراية، بعيد الرِّماية، شحيم السِّماية التعبان؛ أؤلئك الضلاليين ذوي أوفضةٍ ضيقة وغفلة متردية. تراهم دوماً مغالطين في الحقائق. سريعي اللحاق بالبوائق.. فَصلةٌ ثالثة.. فصاحتُه تعلو وتهبط، ويبدو أنّه قد حان وشيك انحداره، "فَقَلَبَها: وَرا .. وَرا ورَا، أرجو "الرّاجيكم"! وين ووين؟ وين الكانوا الساس وكانوا الجلد وكانوا الراس..؟ أين الذين كانوا التُّرس وكانو العُرس وكانوا الحرقاص! ألم أحدِّثكم عن الشهيد المجيدي؟ لقد جاءني الخبر وأنا خارج لتوِّي من صلاة الفجر صباح اليوم. المجيدي الآن يأكلُ في السَّمين! ويرفُلُ في العِين ويُسقَى من عَيْن التِّنِّين. لقد مضى وفارَقَ "قِشوش العوين". مضى وعلى وجهه ابتسامة وعلى جبينه علامة. مضى وفوق أثوابه طِيباً قد تهفهَفْ، ودِثاراً قد تقصّف. "أريتكم بي حالو"..! يقولها مُتَجلِّياً فأفصِلُه للمرّة الرابعة! هذا الثرثارُ المُتَفَيهِق كأنما يقصدني وعمِّي حاج أحمد تحديداً..! وعلى الأرجح فإنّه يقصد جميع المفجوعين. ليس بمُضيِّ المجيدي فحسب؛ بل وكلَّ المكبوتين داخل "الكبسولة" في هذه الحَرّاية "الزوزاية". ثَمَّة وهدة مُتنَزِّلة يقتنصها الجبلُ المدفون في دقون كثيفة؛ غير عابئٍ بما حوله من فحيح، قائلاً:
                  

02-23-2011, 08:02 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    الدنيا غَشوم، والعُمُر مشروم "ووين عاد..؟" وين الكانوا الساس وكانو الجلد وكانو الراس. "وين التَّمَتَّعوا" بالنَّشَب وتنغنغوا بالقَصَب. "ووين" الضاقو الرآحات رِكبوا البرّادات، وشَبِعوا في الأعناب والتفّاحات والزّلاّجات. أين هُم الآن؟ ووين "البنوا" وشيّدوا وقَطنوا. أما رَحلوا. "آثارُم" تشهَد عليهم بالتعب في الفاضي؛ وعُقُب هي لاحقة "بي أسيادا" مهما طال الوقوف "بيها". إيّاكم أن تتوقفوا كثيراً، لا تتوقّفوا كثيراً جداً جداً..! يواصل ليصل حانَ مَصَبٍّ قائلا :لقد جئتكم بالبشارة، لقد جئتكم بالبشارة؛ لقد جئتكم بالبشااااارة. فبعد مجاهدات كثيرة وَ "قومات وقعدات" من إخوانكم المجتهدين، واجتماعات والتماعاتٍ في اللجنة الفرائحية؛ مقابلات ومجايلات مع ذوي الشأن، فقد وافَقَ أولو الأمر، جزاهُم الله خير، بفتح مخفر للشُرطة على ناصية هذا الحي الميِّتْ حتى يُشتَرَط! أبِشْروا بالخير الوارد، هذا تقدّم جِدُّ عظيم، وإنجازٌ ملحوظٌ لا يُليم؛ ولن تتعامى عنه سوى العيون التي في طرفها رَمَدٌ أو قَشَّة نِيمْ!.. عند هذا الحد فصلتُه مرّة أخيرة وللأبد. خرجتُ وتركته يتحدّث! فقد شعرتُ أن الكيل قد طفح في قلبي وفي عَمْ حاج أحمد، وقلوب مَن حولِه غيرِ أشِدَّاء، وقلوبِكُم! خرجتُ من عُنقِ زجاجة الباب؛ أخيطُ الطُّرقات التي تغبَّرتْ بالقَتَرةِ الجارفة. رياحها سموم، تهبّ بغير ما ينتظر المصلوبين بسُبل كسب القَش في السودان. تلفّتُّ وملء مِسمَعَيْ مُنادٍ مِلحاح :يا ود أحمد، يا ودأحمد أخوي. أقيف "آزول". بادرتُه : عمِّي حاج أحمد، أسَكَتَ الرجلُ عند المَصَبْ..؟ جاءني ردّه :ليتَهُ..! :وكيف خرجتَ إذن؟ زجرني متسرعاً :"غَشَّيتو"، ألم يقل خربانة ام بناياً غَش! :لا .. لا يا عَمِّي. لم يقُل غَش؛ بل قال: قَشْ. "تمطوحنا" غير قليل بين الغَش والقش. أنا أتمسَّكُ بالقش، وعمِّي حاج أحمد لا يتنازل قيد أنمُلةٍ، عن الغَشِّ! حتى وجدتُني أُفحِمه بالبِشارات: مُبارَكٌ عليكم مخفر الشرطة الجديد..! وكُلِّي توقّع أن تنزل يدُه العسراء باطشةً بمؤخِّرة رأسي المُشَعِّف ومُجَفِّفْ. تَوَقَّيتُ منه في هروبٍ للأمام؛ تدرَّقتُ لائذاً، ثم واصلنا صُحبتنا في انسجامٍ تام تُكلِّله ابتساماتنا الساخرة.
                  

02-23-2011, 01:29 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    Quote:

    ما كِدتُّ أفرغُ ممّا فاتني من فَرْضِ الظُّهْرِ في جماعةٍ بالسلام، حتى وَخَزني صوتٌ ليس من المئة صوتٍ المختارَة. يلهِبُ ظهري في غير جريرة. هذا أبأسُ ما كنتُ أتوقّعه! فالوقتُ ضيِّق وبالي مشغول بعدّة شجون. يرفَضُّ الصوت في هدارةٍ كصوت الطبلِ، أجوفَ يرجحنُّ في صدَىءٍ محموم. يتنحنح يتزحزح، يتفجفج في الوجوه الهامدة أمامه تنتظِرُ الخلاص، يقول: الحياة أبخسُ من أن نوليها اهتمامنا، فهيَ الى زوال. شجرةٌ ملعونة الظلال. نستريح فيها قليلاً ثم نمضي كما يمضي الغابرون. الى أين..؟ إلى غايةٍ قاصدة. تعرفونها ولاشك! وتلك جنة المأوى والمُلك الذي لا يبلى. فالدنيا دار البوار والخسار وَا...وَد والدمار الشامت شا...م شار الدوام الشامل "خربانة ام بُناياً قَش!" ..فَصْلَةٌ تَفزَعُني هاهنا.. فما إن جاءت سيرة القَشِّ، حتى شعرتُ بانتفاضة عميّ حاج أحمد في مكانِه! متكوِّماً بكلكله المثقول في لُجِّ الصف الأمامي. يرزحُ تحت ورطته التي وضعته في عين العاصفة ولا مخرجٌ يسير. لقد كان عمِّي حريصاً في عاداته. يوضِّب سَرجَهُ مهيلاً حين يركب. حتى ينزاحُ سهلاً من عُلوٍّ طارئ؛ ما حان داعي انصراف أو دعتْ حالُ انعطاف. بالتي هيَ أوفَر أو غيرها. ولما كان عَمُّنا يعي تماماً أنّ الطبيعةَ جبلٌ كما يقولون، فإنَّه وبما تبقَّى له من مروءة، ليس فيه من طاقة يُحرِّك بها ذيل الجبل ولا ذِقْنه! والجبلُ قد انتصبَ في وجهه. يعايره بالطلوع للخلاء؛ ولا طلوعٌ حتى للروح من دون التقافز، فوق رقاب المقشوشين غير المفشوشين؛ ليصِلَ أوّلاً مَمرِّ الباب الوحيد للزاوية "المدفوسة". وتلك رحلة عذاب كم قطعها عَمَّنا قديماً في توثُّب، قافزاً على المراحل حيناً وحارقاً لها بعض أحيان. غير أنه الآن ليس فيه من باع! ستنتاشه ألفُ عينٍ ويُشمشمه ألفُ أنفٍ. طِوالَ مِضمار التقافز يتساءلون عمّا يستعجله من داع: الدنيا ما ملحوقة يا عمَّنا "ياخ". وإن هانَ كل هذا وليس بهيِّنٍ، فكيف به الرجوع مُذَكَّراً سالماً إن كانت تلك الفارهة، والتي تَقِلّ هذا الأصمُّ المصبوغ يتفجّر تفانياً، قد رُكِّنتْ كالعادة في سَمِ الزاوية الموكوء. راحت عليك..! أتوسّمها جليّاً قد تمتم بها عم حاج أحمد داخل بطنه التي "طمَّتْ". وخِشيةٌ تُلحِقُني بكافِ تقريره الأخير في راحت عليك. تعبَثُ بي توشوِشُني :هل يقصيني قريبي! هذا التَلُّ الأشمُّ من أن آخذ حقِّي في القَشِّ الذي معه؟ صحيحٌ أنّ الجبل ما يزال حَلقُه رَطِباً؛ وكذلك بلعومُه الطويل فضلاً عن لسانِ مسمارِه. والشمس وما أدارك ما الشمس، خارج إطار هذا الظل المحرور ببطن هذه الزاوية المنخنقة بكثرة الأنفاس، تُجفِّف الجلد. ناهيك عن قَشَّات هزيلات كلّفنني مفاوضات دائرية مُهلِكة، محاورات طرشاء، مطايبات تزقو بالرِّيح، وأسفاراً بلا متاع؛ بل وغير قليلٍ من الدُّريهمات مع عمِّي الحاج! إنّ الزمان قد تغيَّر. حقيقةٌ لا شكّ فيها؛ فهذا زمان استصعاب القشِّ وليس استصحابه. لقد أُسقِط في يدي تماماً، بل وكُراعي. المأساة الآن ليست من نصيب عمِّي لوحده، فأنا أحَقُّ بها منه، ومن بقيّة الناظرين الى "القشقشة": دعوا لي مأساتي ثم تفنَّنوا يا هؤلاء..! لا بُد من حِراك؛ وحُريكَةٍ بقَدرِ الضُّفُر ولا "وَهَمة" حَدَّ العَصُر. ليست غلطتي بأيِّ حال. فقد حذّرته عمِّي هذا الكادح. بأنهم سيأخذوننا على حين غِرّة، ويغلقون علينا أفواه الطُرُق. إنهم يعرفون تماماً متى يداهمونك بالوعظ، يصلونك بالمفارقات، يمطرونك باللّمز. كان عمِّي يعلم تماماً بأنّ زاويتنا التي نقضي فيها فروضنا، ما عادت بآمنة في ظل تكانُف المتنطِّعين بفَضلِ الظّهرِ وفضْلِ البطن وفضول القول! لا يستحسنون له مكانٌ غير أسماعنا التي كلّت وملَّت فاستذلّت. ما وجدوا فرصة إلا واهتبلوها لتذكير أهل الزاوية المنكوبة، بأنها "خربانة ام بُناياً قَش". ونحن لا نوافق هذا الكلام على عواهنِه. إذ ليس في سَمتِهم المُتْرَف ما يُشيرُ إلى ذلك! بل إنّ زاويتنا في "عَضُم ضَهَرا" تقومُ كلُّها على القش. أخضره وأصفره، أسوده ومُذهَّبه. إذن، فكلّه إلا القَشْ! وتلك هيَ الحكمة الأولى والأخيرة، والتي خرجنا بها متوجِّسين منذ تباشير أول مجلس نيابي، وقبل أن يهلّ للاستقلال محل. ومع أنّ تمسُّكنا بها كان سطحياً، فلا أُغالِط في أنّ اهتمامنا بالقَشِّ مجبورين، قد حَدَفنا بعيداً بعض الشئ عن التمسّك بالحِكَم الموروثة منذ الاستقلال. ذلك أن القشَّ له الأولوية، وفي بيتِه يؤتَى الحَكَمُ. علاوةً على ذلك، فإنّ القشَّ في ذات جمعِه لم يكن بالساهل. لقد تبدّد عَرَقٌ كثيف في سبيل الحصول عليه. بل ما يزال الكثيرون في حاجة ماسّة لِحَشِّ قشوشٍ كثيرة. ليس إليها من سبيلٍ في ظل هذا التنطُّع والتّبَجُّع. عمِّي حاج أحمد وأنا، على سبيل المثال. لدينا صفقة قَشْ تنتظرنا في الهجير المبرود. لقد دخلنا هذه الزاوية مع الدّاخلين، لنقضى فيها فروضنا حتى نتفرغ سراعاً للتّفَثِ في مواطنه المعلومات! خارج أسوار الزاوية. فَصْلةٌ ثانية.. ويعود سمعي الوسنان الى صوتِ الخَليِّ من هَمِّ القشوش كما يُريد، يقول: الخُضرة وماؤها وجهٌ حَسَن. لن تتوفّر في هذه الزايلة، ما تتعبوا "ساي"..! على الناس أن يتوقفوا كثيراً. يتوقّفوا كثيراً جداً جداً قبل أن تفترسهم الحياة. هذه الدنيا حظوظ، فالمقسوم لك لا يتخطّاك وقد "يبوظ". والمحروم عليك سيذهب لغيرك فلن تحوز. عليكم أن تتركوا الحسد والشناءة والتباغض بلا سبب. كِفّوا العين يا مسلمين؛ كِفُّوا العَيْنَيْن الاثنين يا مُسلمين، فالحياة فيها الشظف وفيها الترف. فيها التجافي وفيها التصافي، فيها الرَّش وفيها القَش! الحياة "امتحانا" صَعَبْ. الشهوات والرغبات عملٌ ضلالي في رابعة النهار ومن الدرجة الأولى. وأين! عند قليلي الصبر. الذين لا يظنون ظنَّ الخير في الواحد الديان، ولا في الناّفذ القويِّ الأمين، كبير الدراية، بعيد الرِّماية، شحيم السِّماية التعبان؛ أؤلئك الضلاليين ذوي أوفضةٍ ضيقة وغفلة متردية. تراهم دوماً مغالطين في الحقائق. سريعي اللحاق بالبوائق.. فَصلةٌ ثالثة.. فصاحتُه تعلو وتهبط، ويبدو أنّه قد حان وشيك انحداره، "فَقَلَبَها: وَرا .. وَرا ورَا، أرجو "الرّاجيكم"! وين ووين؟ وين الكانوا الساس وكانوا الجلد وكانوا الراس..؟ أين الذين كانوا التُّرس وكانو العُرس وكانوا الحرقاص! ألم أحدِّثكم عن الشهيد المجيدي؟ لقد جاءني الخبر وأنا خارج لتوِّي من صلاة الفجر صباح اليوم. المجيدي الآن يأكلُ في السَّمين! ويرفُلُ في العِين ويُسقَى من عَيْن التِّنِّين. لقد مضى وفارَقَ "قِشوش العوين". مضى وعلى وجهه ابتسامة وعلى جبينه علامة. مضى وفوق أثوابه طِيباً قد تهفهَفْ، ودِثاراً قد تقصّف. "أريتكم بي حالو"..! يقولها مُتَجلِّياً فأفصِلُه للمرّة الرابعة! هذا الثرثارُ المُتَفَيهِق كأنما يقصدني وعمِّي حاج أحمد تحديداً..! وعلى الأرجح فإنّه يقصد جميع المفجوعين. ليس بمُضيِّ المجيدي فحسب؛ بل وكلَّ المكبوتين داخل "الكبسولة" في هذه الحَرّاية "الزوزاية". ثَمَّة وهدة مُتنَزِّلة يقتنصها الجبلُ المدفون في دقون كثيفة؛ غير عابئٍ بما حوله من فحيح، قائلاً: الدنيا غَشوم، والعُمُر مشروم "ووين عاد..؟" وين الكانوا الساس وكانو الجلد وكانو الراس. "وين التَّمَتَّعوا" بالنَّشَب وتنغنغوا بالقَصَب. "ووين" الضاقو الرآحات رِكبوا البرّادات، وشَبِعوا في الأعناب والتفّاحات والزّلاّجات. أين هُم الآن؟ ووين "البنوا" وشيّدوا وقَطنوا. أما رَحلوا. "آثارُم" تشهَد عليهم بالتعب في الفاضي؛ وعُقُب هي لاحقة "بي أسيادا" مهما طال الوقوف "بيها". إيّاكم أن تتوقفوا كثيراً، لا تتوقّفوا كثيراً جداً جداً..! يواصل ليصل حانَ مَصَبٍّ قائلا :لقد جئتكم بالبشارة، لقد جئتكم بالبشارة؛ لقد جئتكم بالبشااااارة. فبعد مجاهدات كثيرة وَ "قومات وقعدات" من إخوانكم المجتهدين، واجتماعات والتماعاتٍ في اللجنة الفرائحية؛ مقابلات ومجايلات مع ذوي الشأن، فقد وافَقَ أولو الأمر، جزاهُم الله خير، بفتح مخفر للشُرطة على ناصية هذا الحي الميِّتْ حتى يُشتَرَط! أبِشْروا بالخير الوارد، هذا تقدّم جِدُّ عظيم، وإنجازٌ ملحوظٌ لا يُليم؛ ولن تتعامى عنه سوى العيون التي في طرفها رَمَدٌ أو قَشَّة نِيمْ!.. عند هذا الحد فصلتُه مرّة أخيرة وللأبد. خرجتُ وتركته يتحدّث! فقد شعرتُ أن الكيل قد طفح في قلبي وفي عَمْ حاج أحمد، وقلوب مَن حولِه غيرِ أشِدَّاء، وقلوبِكُم! خرجتُ من عُنقِ زجاجة الباب؛ أخيطُ الطُّرقات التي تغبَّرتْ بالقَتَرةِ الجارفة. رياحها سموم، تهبّ بغير ما ينتظر المصلوبين بسُبل كسب القَش في السودان. تلفّتُّ وملء مِسمَعَيْ مُنادٍ مِلحاح :يا ود أحمد، يا ودأحمد أخوي. أقيف "آزول". بادرتُه : عمِّي حاج أحمد، أسَكَتَ الرجلُ عند المَصَبْ..؟ جاءني ردّه :ليتَهُ..! :وكيف خرجتَ إذن؟ زجرني متسرعاً :"غَشَّيتو"، ألم يقل خربانة ام بناياً غَش! :لا .. لا يا عَمِّي. لم يقُل غَش؛ بل قال: قَشْ. "تمطوحنا" غير قليل بين الغَش والقش. أنا أتمسَّكُ بالقش، وعمِّي حاج أحمد لا يتنازل قيد أنمُلةٍ، عن الغَشِّ! حتى وجدتُني أُفحِمه بالبِشارات: مُبارَكٌ عليكم مخفر الشرطة الجديد..! وكُلِّي توقّع أن تنزل يدُه العسراء باطشةً بمؤخِّرة رأسي المُشَعِّف ومُجَفِّفْ. تَوَقَّيتُ منه في هروبٍ للأمام؛ تدرَّقتُ لائذاً، ثم واصلنا صُحبتنا في انسجامٍ تام تُكلِّله ابتساماتنا الساخرة.
                  

02-24-2011, 01:03 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    *
                  

02-26-2011, 07:21 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    Quote:


    مدوَّنة وجيـه



    صيدٌ ثمين لم أكن لأتوقّعه ولا ينبغي لي. فقد ذهبتُ اصطاد توقيعاً فرجعتُ بعدّة توقيعات. لا ينقص منها شئ كونها خارج الوثيقة! ففي تلك النهارية المتثاقلة في يومٍ يونيوي كالح؛ وبعشرين ألفٍ مما تعدِّون. كانت المرّة السابعة بعد الثامنة، والتي أعود فيها بأقلّ من خُفَّي حُنَيْن. لاهثاً للحصول على توقيع. مجرّد توقيع يفيد بأنّني وأنا ابن السنة الأولى بعد خمسين خَلتْ، قد أكملتُ بمنقَطِعات النظير في سنتي الأخيرة هذي، التنسيقَ المؤهِّل للتقدم للمعاينات الوظيفية. أي نعم ما زلتُ صغيرا. لا أعي ماذا أكون حينما أغدو كبيرا. أُتُرى أغدو سفيراً أو وزيرا أم مُراقِب قَمْطريرا..؟ ماعلينا، فليس فيها شئ بالساهل. كما درجت جدّتي تقول بلا توقُّف. وأنا دائماً ما أبدأ ركوب المواصلات بعد أن تنفد طاقات أقدامي، وأتخفّف ممّا تحمله خاويات الجيوب. يكون ذاك الابتداء في الأغلب من محطة الثكنة التجارية. ذات الموقع الاستراتيجي في عاصمتنا الرسالية. بديعةً تقفُ في سمتٍ باذخ وأنَفٍ شامخ. الحياة التواصلية تبدأ من هذه الثكَنة. للذى يسوى ولغيره، ممّا لا يساوي جناح بعوضة في "أضان" فيل. هناك كل الدَّواب والناس يهيمون على بطونهم ووجوههم. يتفرّسون في ألواح بعضهم البعض في مَجانةٍ توحي بالكثير. ذاهلٌ أنا في تفرّسي الذي لايُخرجني منه غير إشاراته. لا بد أنََّه مرغوم..! ذاك الذي حكى عنه الجماعة بالأمس، تحت عمود النور المطفئ. العقلاء يفعلونها تلك التفرّسات على استحياء، بينما الذاهلين يضعون الحروف تحت النقاط. بطريقة تخُضّ العقلاء وغير العاقلين. أرى مرغوماً مُصِرَّاً على بَثِّي شُكاتَه من ثكناتِه العامّة. إنه يُشير بأصابِعِه الخَمْشِ الى فِيهِ! فالأمر واضح إذن. تسارعت يداي الى جيبي الخلفي، مخزن الذخيرة الحيّة. كلها طلعتْ فشنك..! يا لتُعسَك يا مرغوم، وتُعسي أنا. تلاحقت يداي سِراعاً الى جَيْبي الإمام. لاشئ كالعادة، ولا حتى بقايا الفيل المذكور في الأحاجي السودانية ذات صيدٍ قديم! هربتْ يداي الى الجيبِ الجُنُب حيث المخزون الاستراتيجي. ليس أكثر من بقايا بقايا. حَبَّات تسالي شاحبة في "كيسٍ" قميء. أذكر جيِّدا أنها كلَّفتني فوق الخمسمائة دينار، حِجّةً حادقة مع البائع لا تقلّ شحوباً في "الحِتَّة دي" عن كياستِه! وكان قد تعلل بأنّ رُبعَه قد تضاعَف خمس مرّات من أمس و"جاي". لا مشاحة فالتَّسَلِّي ملحوق، والسيِّد مرغوم وقد لَقِينا له "بياضو". فماذا في الجُراب يا حاوي؟ سالَ البهاءُ غضنفرا من مُحيّا مرغومٍ الخَشِن، ما أن انطوت يده على التساليّات المهضومات. عرفتُ ذلك بما دفع لي من ملفوفة. بَرَّني بها غير متخاذِل. مفَكِّرة جذّابة مُجلّدة بالفخر العُباب؛ وأنا أقلِّب صفحاتها، طارداً هاجس ما دفعتُه فيها من قيمة تافـ هـ ة، فجعتني أصالتها حروفاً ومعاني..! لله درُّ هؤلاء الذين يُضيِّعون فَلذات أكباد البلد بدمٍ بارد ولا يستحون. يشقشقون من الفِتْرِ أمتاراً ولا يلتفتون، وفي غير قليلٍ من الدَّسامة يتفالحون..! رجلُ الأصفار أطلّ عليّ بوجهه الذي لايغباني. ها هوَ دوماً في عجلة من مُثلَّثِه بأضلاعِه المنهوبة. يقوم به ولا يقعُد! يلهِبُ ظهور المُثَلَّثين بضرورة شِراء شِراء شَرىً؛ ولا ينسى أن يُثَنِّي بضرورة ربط الحجارة على البطون: وإن قَلَّتِ الحِجارة فعليكم بالأحزِمة يا أخوان! علّنا نعبُر بكم الى عصر التمحين الأصغر. قَلبتُ صفحتِه سريعاً كما قلبوا هُم مجداف الرصيد قبل أن تجتاحهم الأصفار. ذلك أنّ جيوبي ليس فيها من طاقة للشُّراة. مالم أبع لِحْيتي النابتة مؤخَّراً: دَعوني أعيش وحَجَري لِصقَ حِجْري! ما يزال يتمدّد كل يوم عشرينيٍّ. يتململُ فلا أزيده إلا حزماً وعزماً ولزما. لا أملكُ غير ذلك من شروى نُقَيْر. صفحاتٌ كثيرة وإن كانت من المعلوم بالضرورة. إلا أنَّ عجائبها لا تنقضي. مرغومٌ ما يزالُ يقف بجانبي! يلتهمُ اللِّبَّ مُمتَنّاً وقد رقدتْ شَعَرَة جِلدتِه. يعاونني بأريحية في تفسير ما غمَّ عليَّ وكان كثير. رجعنا لأوسط التسعينات ولعله خواتيمها. وجدتُ شعاراً قديما مخدوماً بحق! لكنّه هذه المرّة منشورٌ في ثيابٍ جديدة يقول: تنصَّرتِ الذُّبابات إثرَ لطمة، ثم عادت بعضُها للمياه المُسكِرة والعَشَمُ يملأُ خياشيمها وأُخرياتٍ فَشَلنْ. توجَّهتُ نحو السطر الأخير، ليفجعُني تذييلٌ من صاحب الرزنامة بخطٍّ دقيق: سيعلو حَجَر الصَّرْح قليلاً فوق جسم السَّدْ؛ فلا داعٍ لتسييل الورم في المرحلة الحالية..! أعِدتُّ النظر فيما بين السطور وما فوقها فزدتُّ توهاناً. فشلتُ في الوصول لحتميات هذا الشعار التَّليد. المديدُ حواشياً قبل المتون. حاوَلَ مرغومٌ معي كثيراً ولم يُقَصِّر! كان يعرفُ فيما يبدو، ولكنّه عاجز عن توصيل ما يعرف. لم نصِلْ إلى قرار. رجَعتْ إليّ فراستي مع عودة التيار الكُهربائي؛ وكان في أول رجوعها أنّ مرغوماً سليمٌ مُسَهَّد، وإنْ ادّعى المعرفة، شأنه في ذلك شأن الكثيرين من الناس الذين على دِينِ امرائهم! فلن آخذ بكلِّ تجليّاتِه. وإنْ كان الشعار أثقَل من قُدراتي الرّاهنة و"أزرط". ففي غيره من الاستمحانات الكابية بديعُ استشعار. حينها توجَّه استمحاني المُتَلَفِّتْ الى التواصل والمواصلات. رمقتُ جسر الشُّرتان المهيب يتلألأُ قوسَ قُزَح. امتلأت عيناي بالمُشايلات والملاومات السريعات، اللوائح والمباني والرواجم والجبايات، وأشياءٌ تتشظّى تتناسل من عهد عاد. رَبَّتُّ على الوريقة الباهتة في جيبي الجُنُب مُطمئنَّاً، خِشية أن ينالها شئٌ من "الكرفسة"؛ وقصدتُّ جسر الشُّرتان التَّخْمان. لا ألوي على شيءٍ، ولا مرغوم..!
                  

02-28-2011, 02:54 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    **
                  

02-28-2011, 02:59 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    **
                  

03-01-2011, 10:20 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    عُمدة خالي أطيان

    لم يكن من المستحسن عند كثير من جماعتنا. أن يطلق أحدهم على عمدتنا الثائر "ود خِريم الباب" تلك الجُملة الماسخة: عُمدة خالي أطيان! فالعارف بأثيرية الطين عند عمدتنا الحالي، لن يفوت عليه أنّ الجهرَ بمثل هذا القول؛ نوعٌ من الأذية الجسيمة. والناس أيّامنا هذي طيِّبون. وأكثرُ إلمامهم من نشب الحكمة: أنّ حُبَّ الأذية من طباع العقرب. واقع الأمر فإن الوصف بخلوّ العمدة من الأطيان، غير مُباعَدٍ البتَّة في المحصَّلة النهائية عمّا للعموديات الجديدة من طينٍ مغشوش! وبسببٍ من ذلك فإن العمدة لا ينفطم عن التَّمَسُّح بالطينِ، نزولِه ورَواحِه. بل لايتورَّع عن احتكاره ما بدا له في النظر طين. أو استقرَّ بالجوار عجين. فعُمدتنا الغائر على الطين في كل الأوقات، دوماً ما تراه يشُدّ الخيطان ويبتني الحيطان فيما اكتنز بإحسانه الرواية والجباية، وبعض أحيانٍ العصاية. وتلك غيوض من فيوض وسائله لمِلك اليمين. قَلَّ أن يفرِّط عمدتنا ود خِريم الباب، في عودٍ أو قيراطٍ من الطين. يُجبيه في حَذاقةٍ ولو تعلّق بأستار السما الأحمر. أو غاص في البحر "عِز الضَّحا" الأعلى. قد يضطر أحياناً لإثبات واقعة شرائه لطين الغير؛ حتى قبل أن يعرضوه للبيع. ما فرقت كتير. إنه عالمٌ من أين وكيف ولماذا يتقاتل الناسُ في أيلولة الطين. كما أنّه من الذين لا يحلو لهم الطِّين إلا حينما يكون في حيازة الآخرين. لايملك ساعتها إلاّ أن يُغريهم ببيع ما عندهم. تنتابه حالة من الشهوانية التي لا تشبع. كأنما يريد تخليص أهل المدر والحجر من عبءٍ جسيم. وإن لم ينفع الناسَ حَذَرُهم، رماهم بنقيع الإغراء. أو أتاهم من خلفهم بوجيع الإزراء لا يحُدُّه سَقْف. على ذلك تجده يكدّ نهاره ويُدلجُ ليله بحثاً عن الطين؛ وفي أيِّ المناحي طلع. لقد تطوَّرت عنده الحِيَل فأصبح ألخّ طينا. تفوق طينيّاته "تور بقر الجواميس الرُّقادِن لُخ". فهاهو الآن طينٌ في طين. من ساسه الى رأسه. كُتلة من الطين تتدحرج وتترجرج؛ لتفرِض على الرائين والسامعين لِكّة الطين وصليله الأبكم! وبتواتر الأقوال والرواية داخل الرواية. فإنّ دَكّة عموديتنا لم تكن، وإلى وقتٍ قريب، بالرتبة اللامعة في نظر عمدتنا الحالي. ولا في نظرِ أمثاله من "العمادين" اللائذين من حَرِّ التراب بالطين البارد. ما إن توهطت العمودية في الطين؛ وتسربلت بالشَّعَرة والعجين، حتى غدت ملجأ مَنْ لا فكرة واضحة له عن مآسي الطين، فصولِه وغاياته. اندلقوا نحوها صرفاً غير عابئين بوعورتها. ولا بخطورة معاوِلهم التي تكبِّدهم من سباحاتٍ عكس الشورى والمشوار. وحيث أننا ما نزالُ في حِرز المعرفة غير الموثّقة. تلك التي تقول: بأنّ عُتاة الطَّامعين في الطين من بني قريتنا المجدودة قد ظلوا، في قديمهم الذي مضى ولن يعود. يتطاردونها ويفرون منها فِرار السَّليم من الأجرب؛ فليس أمامنا إلا أن نعتمد على كونهم في أفضل حالاتهم الطينية لم يحملوا عِبءَ الطين محمَل الكدَر الجَّد. بل كانوا أشغل بمداواة الرمال المتحرِّكة منهم بالطين الجامد. على هذا التفسير، وحسبما أتانا كابراً عن كابر. فإنّ العمودية لم تكن في نظر عمّنا "ودمنصور" إلاّ "وغوشة" في الفاضي، لايزيدها عن هذا التعبير المُفحِم إلا لماماً، ما كان السّامع متَّفِقاً معه في الإحسان. ماذا وإلاّ أردفها بقولِه الحكيم: والفاضي يعمل فيها قاضي. مُزِفّاً في فاء الفضاء وألِفِ الإملاءِ ما استطاع من إشباع. تصيخُ له الأسماع وترتعد له الفرائص. ومَنْ كمثلِ منصور توثَّبا..! لولا أنّ الهرم، قاتل اللَّهُ الهَرَم، قد نَشّ في نونِه وميمِه وراءِه. الأبدعُ من ذلك، أنه على الرغم من أنّ طرف ثوبه لا يخلو من "تلطيخة" أو اثنتين قديمتَيْن، إلا أنّهما في عُرف الكثيرين، بقايا من غُبار المعارك المجيدة. تتوِّج ولا تُمَوِّج. مأجورة غير مأبورة؛ بل لا يُرَى فيها أثراً من شُنار. وودمنصور، عُمدتنا السابق والبدر المُعانِق، يتمتّع برُتبة العمودية جديراً بها للأبد، يقولون: إنّه لما أتته العمودية منقادة تجرجر أذيالها، أخذَ بمرباعها وغُربالها مأخذ الجدِّ والحَدْ. فكان لها نِعم الوَزين. وبحسب إغراض ود الخبير، والذي لا ينتهِ! فإنّ ذاك السؤدد الطيني قد كان في زمنٍ مضى وانقضت "شماريخه"؛ بل أضحى "مسهوكاً" كالورَق الذي "انفرَكْ". وفيما بدا فإنّ الخبيرَ غيرُ مَعنيِّ بما مضى من الأزمان. ولا هوَ حَفيٌّ بما سَلَف أو قد كان. متناسياً قديمُه بغير القَنَع المعتاد. ها هنا فقد رجعَ الحديثُ الى أوسط الحجوة كَرّة أخرى..! مُعيداً البحث في التلطيختَيْن الهيِّنَتَيْن! تَينَكْ المُبَرَّرَتَيْن بجميل الفصاحة غير المتبجِّحة. ومرةّ أخرى يُسهِمُ عمّنا ود الخبير بباعِه الطويل في القص. يصول ويجول بما عَنّ له من عَرَض أو غَرَض. بالحفر حيناً والطّمْرِ بعض أحيان في بخسِ عموديات ود منصور. ناقراً نقرَ فأرَيْ ابن المقفّع في متن غُصن النجاة على فَمِ الجُب السحيق. مع ذلك فلم يُحسنْ قَرضاً أو نثيراً..! وقد عاش قَبْلَها لطيف الالتفاتات في غيرها من تباريح! حينها أطلّ علينا بدر التمام عَمُّنا ودمنصور، ثانياً عَنان فرسِه. قاصداً جمعنا في بُلهَنيةٍ كَسَتنا أنوارها قبل ثبوت هلاله. يزيلُ برفقٍ ما عَلَقَ على جُلبابِه الناصع من غُبارات الطريق. فحدَفنا إليه سراعاً ما "انسهَك" بين أيدينا من طيننا الذي مضى ولم يَكَدْ..! فالتزم "المايك" واستعدل المنظار وأشعل الراس ثم فتح الكرّاس؛ فحدَّثنا في الطين حديثاً غير مِهزار. فأين حديثنا من نسجِه البتَّار. وتجلّى على هواه يُثبِتْ لنا غير مُجادَل: أنّ طينَه ما يزال على حاله، أحَقَّيّةً من نهوضٍ ودَنفاً من نجوض. أما طين ود خِرَيم الباب، عُمَدتنا الخالي، فستصادره العمودية الجديدة عبرَ المفوَّضيّات والمفاوضات "الفاضيات". ذلك أنّ الطين المُلَمْلمْ في غير حقٍّ، مصيرُه الزوال! بل هوَ عينُه الحرامْ المقصود يذهَبُ من حيث أتى. وساعتها فستعلمون أنّ عمدتكم خالي أطيان! وذاك قد ينفعه ولن يضرّه في كثيرٍ أو قليل؛ من حيث أنه سيتيحُ له العودة إلى وزنِه الحقيقي من الطين. وأمّا بعد: فإنّ ود الخبير، عليه أوّلاً أن يستعيد الكَرّة للإمساك بالطين فَرَادَةً. حتى ليتجاسر من بعد، على مَنْ جاءهم الطين وهو يسعى! ولم يذهبوا إليه فُرادى أو جماعاتٍ في أقاربهم من أولات الأحمال الثِّقال.
                  

03-02-2011, 02:52 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ***
                  

03-03-2011, 03:08 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    **
                  

03-05-2011, 09:00 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)





    في هـــواك *


    حيرةٌ تعمُّ البدن، ينغمسُ في لا شئ واحد. غويصةٌ هيَ المسارَبُ التي تأخذك في كلِّ مرّة. بحثاً عن يقينٍ هارب. ما أصعب المسير نحو الوظيفة العامة في هذه البلدة المتبلّدة بثُغاء الماء وانقطاع الرّجاء. معوّقات كثيرة تتلازم لتمنع من يقين. وأيُّ يقينٍ مطارَد لشابٍ في مقتبل الحيرة الدافقة...! أإيمان بفلسفة أصل وفصل الكون؛ أم مجرّد رباط لا بُدّ منه، بينه وامرأةٍ يعمُر ويعبُر بها هذا الكون المُحيِّر. قد يبدو التحلِّي بالصراحة ورطة كبيرة في بعض الأحيان؛ مع ذلك فالصراحة، وبجروحها النَّديّة، مطيّة للشعور بموائمة الواقع، والواقع مُلتَبِس تتكانفه الحيرة المتراكبة. عالَمُنا الذي نعيش، لا يخلو من جمال ينزعُ للكمال. لكنّه في عُسرٍ يقوم ويقعُد. الرِّفقُ مطلوبٌ في الصراحة، يُطبِّبها أن تصل مرحلة أن تكون جارحة تُنشئ إحساسا بالخطر، أو شعوراً بالضجر. التدرُّج محمود العاقبة. فالطريق طويل والمسيرُ هجير؛ ما يزال أمامكم ممتداً بكل العَوَج. لا مندوحة من تعاطي السَّيْر. ليس كل السَّيْر مَسَير! وإلا فاتتكم معالم على الطريق، أو ضللتم عند الإياب. يقولون: إنّ الكثيرين يستملحون استرجاع سياقات الرحلة الوظيفية. من مبدأ التحاقهم بمعايناتها المتعددات، اختباراتها ووساطاتها المتراكبة، اعادة استعادات هيكلياتها، وحتى إعلان وفاتها بالصالح العام أو المعاش الأخير. نعم ما يزال الطريق أمامك ممتدّاً، والضياعُ يلفّ المكان. تحرّك إصراراً وتحَرّى أن تنكأك جراحات التراخي وَ...وَ ها هنا أحسستُ رفيفها.. فسكتَتْ خواطري بَغتَةً وما يزال فيها عِرقٌ ينبضُ بالهتاف! تنسَّمتُ عبيرها المُوَشوِش تتثنّى و"تتمخطر" في تلك الظُلمة الغامرة. الكهرباءُ قد خُسِفَ بها في هذا الديوان الحكومي المملوء أقواما من نسلِ "كاز"! مُتشابِهي المشارب كأنّهم التعاريف. متقاربي الأوشاج كأنّهم التواليف! فتاةٌ في الرَّيَعان الأوَّلي، أهلّت ترسُف قيدا؛ ولاستغرابي الشديد فقد سمعتها تهتِف: طامح.. صباحك فُل يا طامح! لم تُسعفني اللحظة ما إن كنتُ في حِلِم أو انني في عِلِم! وبالتالي فلستُ متأكداً تماماً، ما إنْ كان اسمي هو شاطِحَ أو طامِحْ. لكنها تقوله ثانيةً: شنو يا طامح.. سارِح وين؟.. وَفَّقْتُ أوضاعي المُرتبكة بالأساس، ومتراكبة فيما يبدو على الدوام قائلاً: أنا.. لا والله، ما سارح ولا حاجة؛ أهلاً بيك. وفي داخلٍ ما، يرُجُّني صدى طبلٍ بعيد. يختلط حابُل مِقوَلي بنابِلِ مشهدها إسراراً في جهارة. كان السبقُ فيهما للصراحة التي تليقُ بالهمسِ الجهير. باهتُّها: ما عرفتِك يا أستاذة! فإذا بها ترُدّ عليَّ بِضاعتي، وتزيد كيلَ بعير: "معقولا...! بالسرعة دي نسيتْ"؟ ..وإنّا لله، كيف أنسى وأنا حافظ لسياقاتي فهل سيفوتني "الصِّياغ"..؟ سأكتعُ ذراعي الشمال لو أنني كاذب في هذا المنلوج. واصَلْتُها آمِلاً والزّهوُ يملؤني: آهـ تذكّرتُك؛ أنتِ زميلتنا الجديدة. وسريعاً ما يأتيني التوبيخ الجندري المعهود: "ياخي "تَخْ".. اتّقي الله "إنتو زُملاي" الجُدد، أنا عَزَّة خليل "عملتا ليكم" المعاينات ضمن لجنة التوظيف الأولى قبل عامَيْن تلاتة "كِدَه".. يعودُني الاستشراقُ مخضَرَّاً فأستغرِبُ بالقولِ: يا اااهـ والله صحيح "رغم بُعدي وبرسل سلامي". أتقصدينَ تلك المعاينات التي كان في معيّتكم فيها الحاجب بن زفارة...؟ ترُدُّ ابتساماً يفتَرُّ عن أُقاحٍ كالبَرَدْ :بالضبط "كِده". تدركُني حينها القحاحة التي تشِدُّ أوتار المُغَنِّي: "بس لكين" يا آنسة "دي" كان لـِـ.... مقاطعة :سيِّدة يا أستاذ :آسف يا مدام! كان "لِيها" أكتر من تلاتة أو أربعة سنوات. :تقريباً "كده" وفي الحقيقة "بهنِّيك" على حِسِّك الوطني "الخلاّك" تجوسُ ائتماراً في معايناتنا المُتراكِبة "دي" لأكثر من خمس سنوات. حقيقي إنّه لَشعورٌ نبيل منك وحار؛ وبالمناسبة اسمك طامح، أنا "عرفتو" من الوريقة دي! فَخُذْها.. :يا اااهـ دي لقيتيها وين يا مولاّنا..؟ هاهنا يختَلِطُ القوسُ الموشَّى! فيندلقُ التيار. تتفشّى العُقَد التي تجسّمتْ في غيمة الفرح الغيومة. شكرتُها على حِفظها المُعلَّقة لما يزيد عن نصف عَقْد. تقبَّلته راضية وقد تعالَتْ هِضابها مُشرئبَّات. ذهبتْ بكبريائها جاليةً الى عَرشها المنوط بها في زمن التمادي! نظرتُ حينها ملياً فيما كان من تسويد للوريقة فكان مسفوح بها: في يومٍ مّـا، كنّا صبية رقاق الأفئدة والعيدان، نتقافز صياحاً من أسرّتنا فنملأ الدنيا صباح. نطلي الدروب سَراح. لا تستقرّ بنا حال، ولا تعتادنا الأوهام بقدرما كانت تفيض البهجة في حنايانا لسبب ولغيرما سبب. نستمزج ما تراءى من مشاهدٍ في حركة موّارة، تأخذنا الدورب إليها والمشاوير. كانت دائماً في انتظارنا، تهشّ إلينا باسمة يانعة، ساحرة عيناها وللسحر في خميلتها أفواه. تأخذنا بالأحضان، وتضعنا حيثما كنا نرغب. تمطرنا أنغاماً شجية، نتنسّم منها عبير الود ممزوجاً بريحة التراب الطاغية خصبا. كانت هيَ الغرّاء نهيم فيها بقلوب واجفة اليفاعة. لا ندركُ فَرعاءاً غيرها ولا غَرَّاء. تُبادلُنا أنخاب المودة بإعجابٍ لم تكن لتخطئه أعيننا الصغيرة. لم نكن لنرضى عنها ابتعاداً حينما نحوزها. ومثلُ ذلك كانت تفعل. لانسمع فيها ملاماً ولا نقبل فيها مزدجر؛ وكعادة الجميلات، فقد كانت تحظى بحبِّ جماعي يتسابقُ في مضماره المنافسون الصغار وبعض الكبار. كان لها صغيرات من أترابنا يهمنَ بها حُبَّاً كما نهيم. يزاحمن بالمرافق والكتوف حتى يطوِّقنها مسحاً وشما وتقبيلا. كانت أماني لاتسأم ولا تملّ ممّا يصليها من حُبٍّ وتشوين! ولا تكِلُّ عن إسرارٍ أو إشهار. تتناسل الحكايا العذبة من جميع أطرافها بديعة، مُريعة خاطفة. لم يكن لينضب ذلك الألق المُسامِر لمحياها الطروب. ولا تلك الإبتسامات النُّجل تُمطرنا بها صيفاً وعند الشتاء. نزدادُ فيها ذَوباً فلا تمنع، نحيطُها عِناقاً فلا تدفع. نتحسس ونتجسس فلا تردع! نسألُ فتجيب مُحِقّة، نطلبُ فتدفع غير مُدقَّة. نتعبُ أحيانا والحلوة بعد، لم تتغطّى بالتَّعَبْ. تُريحنا من كل المَشَقَّات. نشتهي أحياناً وقد نتشهـَّى، فتُلبِّي وتُربِّي وتُعبِّي. كانت هي الكنز الذي جمع كل طارف وتليد؛ فظللنا على هوانا نَعُبُّ. وما أجمل أن تظلّ على الهوى. نعيشُها، تلك الأماني عَيْشَ الوامق الوجِل. لا نقرُّ لأحدٍ سواها بجميل. ولم يكن ليعنينا كثيراً ما هيَ! ما أصلها أو فصلها، بقدرما كُنّا نزداد إغراقاً في صحبتها التي لا تُملّ؛ فهاهي تستطير حلاوة، وترجحنّ غلاوة، رخيمة الصوت تتناغم الثيمات من بين لعساويها كأشهى ما يكون الكلام. لم نرَ لها أبناء ولا بنات، بل لا زوج ولا شقيق، وبرغم ذلك، فلم تكن لتثنينا تحذيرات آبائنا وأمّهاتنا من تطويل صحبتنا لها. لم نكن لنرتدع عن عُشرة أيامها، لولا أن الأيام الى وصول؛ وفي طريقنا الى الوصول النهائي، نستحلي مشاغباتها ومطايبها. إنها تلكم الأماني الخيِّرة في الدنيا الجميلة لو نعرف معناها..! هجستُ بُرهةً. تناولت القلم لأكتب: بل عزّة خَـ...وقبل أن أستوفي للخليل حقَّه من نضال، فإذا بِبُنانٍ شاعريٍّ يُسوِّي قلمي، ليُكمل معي... في هواك؛ وكانت عازّة في هواك، هيَ الأماني الخيِّرة، وما تزال.




    *قصة قصيرة

    (عدل بواسطة محمد أبوجودة on 03-06-2011, 12:14 PM)

                  

03-06-2011, 11:57 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)


    أضغاثُ أحلام *

    تلك الليلة الخانقة، وكأنما الكون يدلقُ آخر ثمالاتِه. هزيعٌ أوّل يتهيّأ للمثول، في حضوره الذاهل يلتَفٌّ الغياب. طودٌ من الأحلام المهترئة بفعل الاجترار. يشبّ حريقاً في الحلق مُرّاً بعض شئ، يتغلغل مسام الجلد يبحث عن دفءٍ توارى في الوجوم. إحساسٌ واهٍ بالمرئيات يتبدّى هوناً ريثما يهتاجُ هياما. تستنشقُ الروحُ عبء المكان. والزمان بلا رواحٍ كثيرة أحماله، أليفة الى حدٍّ ما. تتأوّب الأفكار متوجِّسة تسري فتستمرئ. تتلمَّس مطاوي بدنها النامي ينبُتُ بالقلق. تمتشق ثم تستوثق من وجودها جيّاشاً. وفي حزمة الظلال الشاحبة، تتطاير الأفكار لاذعة. يمضّها اقتراب النهارات؛ ظلّ حبيسا يراقب النجوم. بعيدة في كمون غير مسبور. والبدرُ شاحب في لمعانِه تخمش من ذيله أطراف السُحب. يااااهـ لقد طالت رقدته كأنما من عام الرَّقادة! نظراته بلا دليلٍ نحو السماء بحثاً عن خبر. يتضاءل إحساسه بالزمن وباللاجدوى. كم مضى كم بقيَ من إخبارٍ وكم تطاول من ازورار..! تلصّصَ على ما حوله من حواضر باهتة. ضَجِر بعض الشئ. تهاطلَ مدَّاً وجذرا. تشاغل بعدّة أشياء. تحسّس واندَسَّ ثم جَسَّ. خَدَرٌ لَزوم ينتابُ أطرافه. يدلِقُ شِلواً من شجونٍ تخرجُ من قعر الجوف والمعاتِبْ. سفرٌ في زمنٍ بلا حِساب. بغتةً ينقطع وعيه بالجَسّ. تناهَتْ الى سمعه ضوضاء. أرسل نظره متثاقلاً حيث منبع الصوت. آهٍـ هذا كلـ ـبٌ يتقحّم الدار. مجرّد كل ـب ابن كلـ ـب! لا بُدّ أنّ صاحبه قد تركه في غير وفاء كالعادة. جائعاً يتكفّف خلوات الساهرين. تلك الأبواب ما عادت تمنعُ الدّواب! ولا الكلاب ولا السِّحرُ العُجاب. ودون كبير روّية يتمتم: الكــ ـلاب تسفعها اللعنات بالناصية، ما وسَعها أن تقتات من خشاش الارض الطيبة. تفرّسَ في الكـ ـلب بنظرةٍ قد عادت لتوِّها من مواقع النجوم. جليةً تخرجُ من جوف الرمية المتنائية. آهـ.. إنه ليعرفُ هذا الكـ ـلب بصاحبه. وهل للكـ ـلاب تُعرفُ من غير أُصَيحابها..! تُشيِّدُ التذكرة جسراً من الحكمة الـ كـ ـلبـ ـية بادٍ للعيان: ولو كانت الأرزاق تجري على الحِجا، هَلَكْنَ إذن! تُلاحِق دوماً ذلكم الصاحب. هل لهذا الكُلـ ـيب حمىً يحميه..؟ هل له جليلةٌ يتسفَّدها عند العَشيِّ والقيلولة! ما مداها بل أين منتهاها. أهوَ أسعد حظا أم نحن يا تُرى؛ وأيّ طبائع لتلك الحظوظ. طافت به ذكريات قديمة ومنها في تدرّجٍ غير منتظم، الى أحداث أقدم. شروق وغروب، سموق ونزوق، نجوز ولموذ. أناس وحيوانات؛ أشياءٌ تسرّ الخاطر، وأخرى غير تلك، ونام. نام في صحوٍ يُدنِّس ضِبنَيه السَّهَر؛ ليصحو في الهزيع الأخير من الليل. طويلٌ هو ليلُ التناجي كما زعموا "وهردبيس". ما تزال نجيماته يتغوّرن ويتضوّعن. ما بالُ هذه الليلة لا تنتهي كأخواتها. أيكون الأمن قد هرب منها هروب الجبـ ــان! وصدىً يهتف من حُفرةٍ بعيدةٍ مهجورة: إخرج منها يا ملعـ ـون! لابد أنها هيَ. ليلتي هذي عروسٌ من الزنج عليها قلائد من جُمان. لكن أين الجمان، بل أين الزنج قبل أن تمنحني عُرسا تسبطرّ به الجدلات قبل الجدالات؟ بان الخليط وتبيّن الخيط أو كاد. أبيضه مُلتَفٌّ في أسودِه. فالسواد خَلفيّة الأشياء وواجهتها؛ وليس ثمّة مزيد من بياض. على رِسلكم يا هؤلاء. ويا قائمقام الجبلَ، أن تُؤتى من قِبَلِه. هَبّتْ عليه نسيمات الجنوب مع آخر الهزيع الكوني فاترة. بين أفوافها صَدْعٌ لا يجهله مُجرِّب! جَرّ ملاءته ليطوي نفسه من داخلها. غاص في بطن الفراش. وقبل أن تستقلّ الرّاحة مكانها المثلوم؛ يضجُّ المكان بحشرجةٍ تلفِتُ الانتباه. قِطّة مزمجرة تموء نذارة. تأخذُ لونَيْها بين الكَلَحة التي بين غَبَشَتَيْن والفَرْضَة التي بين فَلَقَتَيْن؛ هكذا يقوقلون! تملاّها بنَصَبٍ في آخرِ رمق. تمشّت فتثنَّت خافتة المواء. هاهو أيضاً يعرفُ صاحبتها..! تلك التي تشتاق غيّاً ولا تسدُر فيه إلاّ لماماً؛ ولكنّها قد تسدُر في غيَّها عمّا قريب. إنّ زمانَ الغَيِّ ماثِل! والنجوم ما تزال توالي نظرها الصامت الكسول. في غير قليل من اهتزازٍ وابتزاز. خبرٌ تنزّل على عَجل. ميعاداً أرادوه مقدّساً لا تتوطأه المظنّات وألفُ عينٍ ترقُبه. هكذا أفحموا طويّاتهم. فبانت عليهم من السُّعار نواجذ. يداهمه النوم عُقيبَ الزمجرة التي تناءت هوناً ما. ثَمَّةَ صحو أخير في كل الأحوال أشبه بثالثة الأثافي. لُبٌّ مشقوق، خُمارٌ يصدّع الرأس يتداوي رويداً، يخِفُّ ثِقَلُ البصر. حركة الأشجار من بعيد، تتقافز بينها طيور الظلام. تنسجُ أثواباً لها من الحَلَكة الماثلة، والعصافير قد تدلّت ناسيةً بعضَ شئٍ حذرها المفقود. الأنسامُ تمطّتْ في سجوم وسهوم. يالها من ضعيفة، تلك العصافير الآدمية، ويوم صيدها قد آن حين قِطافه. لن يُنجيها الحذر المبهوت. كونٌ مكوّن من كل لونٍ فيه رونقُ. أبدعه خلاّق بمهارةٍ لا تخفى. أتاح لنا حرية أن نستمسك به على ألوانه وهَمَيانه. غاباته وصحرائه. فأين المفر من لوّاحة للبشر وعليها أكثرُ من تسعة عشر! كأنما سلا القلبُ عنها. أتستعجلُ الشجن؛ نوعاً ما. أتَراكَ ترغَبُ في اللوعة ربما. أتستجيشُ بكَ خشخشة الأكفان، كلاّ وألفُ لا. لكنَّه تعاقُبُ الأيام وتشابه الحال في الليالي الطوال. بماذا..! بأشد ممّا تتماثل به الآثام في عرين الآجال. والليل البهيم الى انبلاج. غداً لناظره قريب. قريبٌ للدرجة التي يدهمك فيها وميض ناره من خُلل الرماد. غداً لناظره مُريب. سأقوم بِما يليني، وسأفعل ما يقيني. سأعملُ وأأملُ كَرّةً أخرى في سبعٍ سمان، تهربُ أمامهنُّ خمسٌ عجاف. أأحلام يقظانة أم يقظةٌ حالِمة. مَن يا تُري قد عاد في ذاك المساء ولم يجد. وجهاً كظَهرِ النًّعلِ يُبدعُه العبارات السَّخيمة..! تجلّد إذن أو تَبَلَّد. مَنْ يا تُرى سيثقب بالوننا عند صباحات العَظَل؛ والأسى قد يسبِقُ بعض أحيان. أيحلُّ بالجوار واحدٌ أم أنهم شرذمة. أبِشارةً تلك أم كانت خُدَيعة..! ومهما يكُنِ الآتي فلا مفر من أن تحلموا يقظة، حتى تَتَبيَّينَ لكم وجيعة الخيط الأربد من قطيعة الخيط الأغبر..! إن كنتم للرؤيا تعبرون.





    * قصة قصيرة
                  

03-06-2011, 01:12 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ***
                  

03-06-2011, 09:55 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    *
                  

03-07-2011, 01:34 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    *
                  

03-07-2011, 09:21 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    Quote:
    والليل البهيم الى انبلاج. غداً لناظره قريب. قريبٌ للدرجة التي يدهمك فيها وميض ناره من خُلل الرماد. غداً لناظره مُريب. سأقوم بِما يليني، وسأفعل ما يقيني. سأعملُ وأأملُ كَرّةً أخرى في سبعٍ سمان، تهربُ أمامهنُّ خمسٌ عجاف. أأحلام يقظانة أم يقظةٌ حالِمة. مَن يا تُري قد عاد في ذاك المساء ولم يجد. وجهاً كظَهرِ النًّعلِ يُبدعُه العبارات السَّخيمة..! تجلّد إذن أو تَبَلَّد. مَنْ يا تُرى سيثقب بالوننا عند صباحات العَظَل؛ والأسى قد يسبِقُ بعض أحيان. أيحلُّ بالجوار واحدٌ أم أنهم شرذمة. أبِشارةً تلك أم كانت خُدَيعة..! ومهما يكُنِ الآتي فلا مفر من أن تحلموا يقظة، حتى تَتَبيَّينَ لكم وجيعة الخيط الأربد من قطيعة الخيط الأغبر..! إن كنتم للرؤيا تعبرون.
                  

03-08-2011, 10:42 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جَوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    جبـَّار الكسـور
    يومُ عملٍ مِخفاق، يدخل بعده السيد طَفّار فوق العَوَجات، الى بيته وقد أخذ منه البلبال أيَّ مأخذ. فقط هو البلبال ولا شئ غير ذلك. فالهَمُّ الصريح قد باع طفّاراً منذ أزمان. تَشغِلُه عُدَّة أمور غرائبية. تدور حيثياتها خارج حدود بيتهم "الموكوس". هناك مَسرِجُ لهوِه وتصفيدُه هاهنا. ما أنْ يلج بيته ويستوي على "عنقريبه" الهبّاب مُحلِّقاً في لامرئي، إلاّ وتلبّسه التوق من كل جانب! لمعرفة رأي زوجته السيدة ممكونة بت حَلال، فيما تشظف به دارهما وساكِنيها. لكنه مع ذلك، لايذهب أبعد من التنعُّمِ بالتَّوق و"طكِّ الحنك". يتمارى فيه كواجبٍ زوجيٍّ مدروسٍ والسلام؛ يسوقه خَلاصاً من بصارةٍ قد تنهمر فجأةً على أُمِّ رأسِه من تحالُم بت حلالِه. إنّه يعرفها جيِّداً، نقّاقة فرّادة حينما ينوء بها الحال. فطفّار رجلٌ والرجالُ ليس قليل! لا يختلفُ كثيراً عن رجال حِلَّتنا المضفورين على أكثر من سعفة، وعلى رُبى قريةٍ مذعورةٍ بأكثر من موجة. يمشى قريباً من الجُدُر، لا يألفُ المَلَجةَ ولا الجَّزُر، ولا يُفوِّتُ مغالطات الشباب حول "الكورة" والمونديال عند العصُر. فوق ذلك فإنِّه مِرحابٌ يذهبُ في بذخٍ رجولي مِتلاف ساعةَ محينِ "كونكانْ". يدفن جثّتِه بكل هزائمه المطويات بداخل حُفرة "الكونكان". ما إن يضَعْ كُبَّاية شاي "الكَرْسَة" المغربية باللبن واللقيمات؛ حتى يجمع "كيمانه" ويعدّل من هندامه وآهٍـ ها..يندلقُ كالسيلِ العَرِم نحو جُمَيعة الكوتشينة. أهلُ الهوى ومالو "جالي" الهوى جااني يااااهـ. هاهُنا تتحقّّق الانتصارات بلا تعَب ولا لَمَّة. تثور الحماقات الطاعمة على مذبح الانتقامات والمطاعنات؛ بلا وِترٍ ولا غَمَّة. والسيِّد طفّار من المُلهَمين في جرِّ الفتوح. مهيل النَّترة كأنما يسحب "العِنتيل" وليس ورقة ملساء فسَحبْ! فوق ذلك فطَفّار ذَرِبُ اللسان في الكونكان، مهزارٌ لا يتوانى عن التبذُّلِ سَخفاً في ملعب الورَق. ثابت الجُنان عند إلقاء البائظ في مُنعطَفات "الزّنقة". يعينُه في هذه الموهبة الجليلة، قُدرةٌ على عَدِّ ما نزَل على الساحة من وَرَق. وما ظلّ مُنكفياً على وجهه بالصندوق؛ وما توزّع في أيدى المهرة من اللاعبين، شِيرياهُمُ دِيناريِّهُمُ أسودهُمُ والهااآرتس! وتلك خبرة مشهودة احتاز بسببها طفّارٌ غيرُ مُفدَّى، لقب جبّار الكسور. فقد كان يعرفُ تماماً وكسة "التعريجة" فيُسرِعُ بالتغطيات، يفهمُ التَّشنيقة وهيَ طائرة. فيوضِّب مَدرَجَه "بالدَّامات والآسات والشايبات". مُغيثاً للزميل الملهوف ومُحَشِّماً لسِترِه المكشوف. يعرفُ لكل "كَرْتٍ" محلَّه، غيرُ مُزاحَمٍ ولا مكتوف؛ فلَعِبُ الكونكان مع طَفَّار ولا أحلى منه..! وبسببٍ من كل هذه الفراسة الورقية، فطفّار لا يجدُ الوقت كي يهتمّ بما سيأتي به الغد أو بعد بعج الغدْ. اللّهمُّ إلاّ في إطار تصاوير الكوتشينة وترقيماتها، بل و"تَريقاتها" العبيطات. وأكثر ما يشغلُ بَلبالَهُ من بعد توثيق الكونكانات، هو أن يوضِّب الأرائل لمشاهدة الريال والبايرن والشيلسي! أعياده الموسمية كانت تلك، وليس غيرها. والسيدة ممكونة رعاها الله، ومع أنها أحياناً قد تُنيب الصبرَ في محلِّه بكلِّ الجدارة المطلوبة؛ فلها من النِّقّة نصيبها الوافر ما قامَ انقداح. ولها من التلويع والتفجيع ما انشهر قديماً عند عمَّتها سَجَاح. على ذلك فالممكونة نجّامةٌ فرَّامة حينما ينوء بها الحال؛ وهاهو الحالُ الآن قد ناء واغترب، وادّعى الغضَب، علّ ذلك المطموس يدرِكُ السبب..! لكنَّما المطموس حَذِرٌ في تلافيفه وتلاوينه. مكينُ الدّرب لا يقع في الشِّراكِ "سمبلا". وقد درَجَ في الآونة الأخيرة، على أن يطلي وجهه بتقطيبة عبوسة. يضعها في شِق الحيطان الأمامية لمنزلهم حالما خرَج. ليرتديها هيبةً ومكراً حينما يعود لمعطنِه "أنصاص" الليالي، فيفلِتْ من براثن ممكونة المشحونة؛ وكم كان له في حِرفة الفَلَتان من العواقب أفنان..! والممكونة رعاها الإله، في غالب أحوالها لا تنام. يوغل بها الليلُ فلا تنام. فراخها الزُّغُب الصغار يتهالكون على أسِرَّةٍ أكل الدهرُ عليها. تمطّى ثُم نام على الحُطام. فكيف لها أن تنام! حيطانها المسكينة قد تشرّمتْ بخريفاتٍ لا تأتي في أوانها، كما تقول شُلَّة طَفَّار، وهيَ لا تنام. دوماً ما تأتي التشقُّقات مع الإجازات. تمتلئ القرية، والهامدة طول العام، فجأةً بأهل الدَّرَق والورَق والمَرَق! وهنا حوبة طَفَّار. يكون فيها أسد القرية "البِتضرَّع". مُنشغلاً كُليَّةً بما يدور خارج أسوار البيت. والممكونة ممحونة لا تنام. يأسٌ مميت يطحنها في مختلف المستويات، يمنعها أن تنام. عطالة سافرة يُقنِّعها بعلها، مُتَجَمِّلاً بها أمام وجوه الحيِّ فلا تنام. يَفهقُها الغمُّ من آثار هذه "المطوَحانية" الفارغة فلا تنام. تعلمُ يقيناً وخيم آثارها على أنجالها، لا لا لاتنامي..! تعليمهم، معيشتهم، مستقبلهم، لا تنامي. الجوع قد دخل الصواني، لا تنامي. الفقرُ قد ثقَبَ الأواني، لا تنامي. بعد كل ذلك، فللثُقَلاءِ أحياناً وحشة. وطفَّارها زينة الثُّقلاء في الحيِّ. لا يخلو من أهمية "كبّاس في الظلام". أو ذاك ما يجِبُ أن يكون عليه الحال! وعَلى رأي العواتك المُدركات يقُلنَ خيراً: فالرّاجل ولا "ضُل" السَّبُّورة. إضافة الى ذلك فطفّار من العناقرة الخُدُر "وود اعمِّي كمان" ابِنْ حَلال هوَ أيضاً برغم عدم مُشهادِه في كثيرٍ من الأحيان. آهٍـ ثُمَّ آهٍـ لو يسعى دؤوباً. فالدنيا ما زالت "بخيرا"، والظروف "الما مساعداه" من الممكن انصلاحها. "بس نان وين" المخارَجة من الشِّين للزَّين..؟ هذا هو السؤال. يحتويها العجزُ من كلِّ الجبهات. لكنَّ فضلها الأغر، أنها تُديم التفكير دون كلل. تتقلَّى في مناقِده لعلّها تجدُ مخرجاً من هذه العماهة الخاوية لمهلوكِها طفَّار: هل أبحتُ في "عَلَقاتِه" عند المشومشة وفكيْ مويا..؟ هل "دي" عين يا ربي! وسريعاً ما تطرد الهاجس المُجحِف عند العواقل. هيَ بلا شك، تُعَدُّ واسطة عقدَهِنّ: لا لا.. جنَّاً تعرفو "بي كيشتينتو ولا جِنَّاً يعرفك هو، وما تكون بتعرفو..!". ودون أن تدري، تجدُ نفسها تتدحرج في وادي تشكير طفّار المنحدر. أقلَّه أنه يجيد تصفيف الورَق وترصيصه غير مُدافَع. لا تفوته شاردة ولا واردة في العَدِّ والتقفيل؛ وعندها فقط، لمعتْ الفكرة الوثّابة تستبي وجدانَها. فيذرفُ توقُّعات عظيمة بما يُذاع على "الإف إم" "والجابت" الفيسبوك. عالم جميل على مرمى نَظَر. زين ..زين .. معانا.. وعند انتهاء الغفوة؛ كان السيِّد جبّار الكسور، و"يلفاها" هَجعة ليل، قد حوَّل رصيد الورَق الفاضي الى وَرِقٍ زيِّنٍ مليان! فقد ضَمِنَتْ له المبروكة: أنْ ها هنا مكان الجبر يا جبّار.. فاعتَمِلْ يا هذا وتعاطى، ولا تنكسِرْ مرَّةً أخرى.

                  

03-09-2011, 05:38 AM

عاطف عمر
<aعاطف عمر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 11152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    حين يكتب أبو جودة
    تنصاع الحروف
    وتأتلق المعاني
    وننصت خاشعين
    عفى الله عنك صديقي الحبيب
    هل تعتقدنا ( حمل ) كل هذا الجمال ؟؟؟


    ______________

    قراءة أولية
    ومرور على سبيل السلام
    ورفعاً لهذا الجمال لأهل الذوق الرفيع
                  

03-11-2011, 08:07 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: عاطف عمر)

    يا بُشراي صديق قريب..


    أهلاً ومرحبا عزيزي عاطف ...


    وافر التقدير على المرور الكريم ،، ونتواصل.
                  

03-12-2011, 01:57 AM

munswor almophtah
<amunswor almophtah
تاريخ التسجيل: 12-02-2004
مجموع المشاركات: 19368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    أبوجوده كده لقينا فيك ملكه ولملكه هذه قصة واقعيه
    أحد عرباننا كان يمشى وصديقه يتسامران بفرايحيه فضاق
    الطريق بجدول إستوجب أن يمشى أحدهم أمام الآخر وللآخر
    شملوخ مضبب بجلد عنسيت سميك فما كان منه إلا أن لوح
    عكازه ذلك ووكز به صديقه فى عنقرته حتى خر فى الجدول
    كما الحوت وعندما جاء الناس وسألوه ما السبب أجاب
    لقيت لى فيهو ملكه فيا أبوجود أبشر بالخير لا نبوت
    لنا ولا كالوت ولكن قليل صبر لمطالعة الجميل.
    تقبل خالص السلام.




    منصور
                  

03-12-2011, 04:16 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: munswor almophtah)

    مرحى كثيراً بالعزيز منصور

    وعن "المَلَكة" فلا يسعنا إلا أن نقول: يا هو ده السودان!


    ونروي حكاية لأحد أقاربنا، وجدَ مَلَكة في خالو، فاستشاره: والله يا خالي بشير فيك "مَلية!"

    وبشير قد نوسر به مشي الحمار الكحيان! فقال مُتضجّراً - وبَعيد مهوى قُرطَه! مملوك: أملاني آ ود أختي، ولا يهمِّك!

    فملأه فأصبح خارج السرج! متوسِّداً الوهيطة..


    أتابعك بقدر ما تتيحه الغشيات، وقد قرأتُ الكثير من فارعة البروف، له التحايا، آن أوان الماركشية!

    ولم تتح الغشيات مزيد براح للتداخل..

    ألف مرحب بيك، عزيزنا منصور..
                  

03-13-2011, 11:45 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ....
                  

03-15-2011, 07:24 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ..
                  

03-16-2011, 07:25 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)








    مَنْ سيربَح الدَّهـبون..؟

    ظلامٌ يحيط بالمكان وبالسكان الطارئين، فالذين طالت إقامتهم في هذه الأرض اليباب، قد تحشّرتْ أعينهم في مآقيها. أضحت في طاقة إبصار الحشرات، تخترق الظلام المُريب دون القريب! مظاهرُ أبدانهم هيَ أيضاً، قد لحقت بمفهوم التَّحَشُّر النظري! أجرامٌ صغيرة مُتَرَّبة مُغَرَّبة، تجهد أنظارها في غيرِ مَرْئيٍّ بالأفُقِ البعيد. يتراكم الغبار على العيون والآذان والأعناق. تنغلق المسامُّ بتُراب المعدن النفيس. أتربةٌ معدونة تتطاير على الأجساد من المساحيل والغرابيل. غسيلٌ فَنَشْرٌ ثُمَّ طيٌّ، لأجلِ التلقيط. حُبيبات سحرية شاحبة. تتبادلها الأكُف في ذَهابٍ عمّا يدور بوجه الحقيقة من تغبيش. الإعياءُ بادٍ والشَّرَه قد مَدَّ بأعناقِه. يطلُّ من بين الجفون المُتَرَّبة بغُبار الضّهَبْ المُستَدام! من واق الواق إلى مضمار السِّباق الزَّهَّاق. شُقَّتِ الدروبُ الى حيث الأملِ الخلوب بأرضِ النُّوبْ؛ وكثيراً ما تجبهك هذه النبوءة الذهبية، ما إنْ تحادِث أيّام قليدورث عظيم النوبة. مسجد دنقلا العجوز والبقط، ووادي العلاقي يشقُّه الفارس القُمِّي يُطارد آل بابا. لن ترتوِ حتى تجهَدْ نفسَك راتعاًُ في حَملة ود الباشا. يفركُ كعوب جُندِه في ساحة المليون قنطار ذهب. تُلاحِقه الصيحات: يا الباشا الغشيم قول لي جدادَك كَرْ! من كورتي الى الرّجاف فبني شنقول. عائداً لصحراء النفوذ تَهِدُّ حمولُه جِمال الشِّيْل، في سفرٍ بالعتامير ليل. لم يُخبرنا مُخبِر كم من القناطير شوَّلها الغازون. أقناطيرٌ..! ياللثراء المُفْتَرَض إذن؛ بل أقلُّ من ذلك كافٍ وواف. وحدُها الحُبيبات تعود بالكثير على اللُّقاط، إن تجاوزت مرحلة "الكوار" الحسابي المعمول به هاهنا وهناك. جاؤوها من مختلف المنابت والبُلدان. ها نحنُ نسعى سعيَهُم وفي آخِر العُصُر. التاريخُ يعيدُ نفسَه، وقد أشبهتِ الليلةُ البارحة. أتُراهم كانوا يأرقون الى آخر الليالي صنيع ما نفعل آننا..؟ هل كانت تسكنهم ذكريات الحنين لمن تركوا خلف ظهورِهم وما رجعوا خبر..؟ وتَفغَمُني تلك الرياح تأتيني بذيّاك العَشَم التليد: ألا ليتَ الرياحُ لنا رسول، إليهم إن جنوباً أو شمالا. والمقدور إذا ما حَلّ، فلن ينفع "الجقليب"؛ والصَّقْر إن وقعْ "فكَترة البتابتْ عيب". هذا هو الباب الوسيط، والذي ما تماوَج أمام ناظِرَيِّ في دهبِ الظُّلمات السّرمدي، إلا وشرعتُ في تجليد الليلة الليلاء بما كان في الأمس القريب. ها أنذا الآن تفصلني المسافات الأسيفة عن دكان "ود عشا البايتات" على فوهة واحد من "مطابِق" قريتنا المنتفخة أوداج ساكنيها بمَن سيربح الدَّهَبون. كأني بالوهم يتمدد صفحات في ربوع القرية. تلك التي ما يزال ليلُها طفلاً يحبو، مع أنَّه قد جاوز المنتصَف أو كاد! طُرقات القرية لا تخلو من حركة تتهادى مع نسائم الليل "عادَنْ". خلف الحُجرات والنوافذ تتماوج حيواتٌ زاخرة. بيوت هنيئة وأخرى لم تذُقْ للدهبِ طعم منذ أن افترش الشظف طُرقات الحي، وحامت بين بطون أمسياتنا الغريقة أشباحُ المسغبة. أمام الحوانيت الناعسة يحلو التسامر والتناذر والتلاوم. يملأون صالات المتاجر خفيضة الإضاءة؛ يبحثون حلولاً لمشاكلهم. يستعْدون بعضهم بعضاً على الحكومة وفساد السلطة وسوء الزمان. يطرقون ابواب المواضيع طرقاً واهناً في البدايات، يتقوّى مع استمرار التناذر. ينزلق مع الإضاءة الخافتة صوت عَمَّنا محجوب، مثل نمرٍ هَرِم :يا "اخوانَّا ولدنا سيف الدين ما شايفنو ليهو" شهرين. تأتي الإجابة مُحَجّّلة! من جَوَّاب المدارات محيميد: "إمكِن في واحدة من سفراته للصعيد. ولاّ باقيلك الزول ده يمكن خشَّ مع الجماعة ديل وقام الجهاد"..! يعود الصوت العتيق مُفَسِّراً : "باقيلك هو فضَلْ فيها تِني ولا بِكري"..!الأشباح فقط! هي التي تسكُنُ المكان! أو اهترأت الأرواح تضنى بالترف الذي وقَعَ في "العِبْ" دون كبير مساومة! الأمور وصلت حدّها وما ظنَّيتو سيف الدين من عَيْنة هؤلاء..! ينبري صوتٌ اتّفاق: صَدقتَ والله يا محجوب، ولا من أؤلئك! يأخذ ود عشا البايتات فرصته في الحديث. بعد أن قرطّس لي ولد "ود" جبر الدار، رُبع البُن المعهود :سيف الدين "ده زول بيضا ساي" وليس من أؤلئك ولا هؤلاء..! جنو وجن "يشيل له شيتاً ما هو هيلو". يأتي صوت من بعيد ينضح أسىً والتياعا : هل الكلام "ده" صحيح ياجماعة! معقول شهرين وما جايبين خبر..؟ يا اخوانا "ده كلام شنو ده" .. وقبل أن أتبين أيّ كلامٍ هوَ، وفي أيِّ شِنٍّ هو؛ تدهمُني بَغتةً صياحات الماحي وعبدالشكور: سيف سيف يا سيف الدَّين! "آزول إتْ ما نُمتَ لي "هَسّع!" أها قوم آ خوي " دهبتكم "مَرَقتْ تَبْ آزول". كُجرة كبيرة "خلاس!" آزول ألحَق حَقَّك! فانطلقتُ أتعثّر بين الصخور، متلافياً أن تبتلعني هوّة في هذه الظُلمة التي تكاد أن تشرِق على خير. أتُراني قد كسبتُ الدّهبون ربما ..!

                  

03-17-2011, 04:28 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ....
                  

03-18-2011, 05:15 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    متابعة
    وتحية
    يا ابوجودة
                  

03-19-2011, 08:01 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: طلعت الطيب)

    أخي طلعت، ألف تحية ليك ..
    وعلى لقائك الطيب بالخرطوم
    وحمداً لله على سلامة الوصول الى برٍّ آمن ..

    وتطلع للتواصل

    مع عظيم تقدير للمتابعة ..

    ودمتَ، عزيزي طلعت
                  

03-20-2011, 09:22 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ***
                  

03-24-2011, 06:05 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جوفٌ مشـــــروخ ..! (Re: محمد أبوجودة)

    ..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de