الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 02:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-14-2011, 08:51 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ...

    الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده )
    عبد العزيز حسين الصاوي [email protected]
    مثل كثيرين من جيله يصعب علي صاحب هذا المقال ان يتعامل ببرود عقلاني مع الملحمة الخالدة التي يسجلها الشباب المصري في كتاب الثورات، إذ يعايشها بقدر أو اخر مستعيدا ايام اكتوبر 64 وابريل 85 السودانية الخالده. علي ان نظراً أعمق في هاتين التجربتين بالذات يحتم علي المرء ان يتجرد من كل العواطف والانفعالات ويلقي اضواء علي الحدث المصري بقدر ما يستطيع، انطلاقا من تقييم التجربتين السودانيتين من منظور حصيلتيهما في استدامة الديموقراطيه.
    الواقع ان قصة حدثي اكتوبر وابريل الكبيرين التي لم ترو بعد في كتاب النقد الذاتي الانتفاضي السوداني، هي قصة الانتفاضة الشعبية المغدورة بواسطة من قادوها ... ليس القيادات ولاحتي الاحزاب فقط وانما ،وهو الاخطر بما لايقاس،مجموعات النخب والمناخ العام الذي تمخضت عنه الانتفاضه. بذلك بقيت الخبرة المفيدة مستقبليا من هذين الحدثين المفصليين في تاريخ السودان الحديث غائبة عن الذهن السياسي السوداني مايفسر تمكن الشمولية الدينية من المجتمع نفسه قبل سلطة الدوله. بعبارة اخري ليس صحيحا، وفق ادعاء هذاالمقال، ان اجهاض المكاسب الديموقراطيه للانتفاضتين كان بفعل قوي من خارج صناعها، اوعلي الاقل، بفعل هذه القوي وحدها.
    ثورة اكتوبر كانت حراكا شعبيا باهرا علي ساقي اضراب سياسي عام وحضور شارعي قوي شارك فيه الجميع أحزابا وأفرادا تحضيرا وتنفيذا، ولكن الوقائع تقول بأنها كانت صناعة يسارية، وشيوعيه خاصة. وقتها كانت الموجة الاشتراكية طاغية عربيا وعالمثالثيا منذ الخمسينيات والرأسمالية ورصيفتها الامبريالية يتراجعان تحت ضغط انظمة ناصر المصري ونكروما الغاني وسوكارنو الاندونيسي وأضرابهم، والهزائم الامريكيه في فيتنام وغيرها ونمو الحركات السياسيه المسلحة بالايدولوجيا الاشتراكيه حتي في امريكا نفسها مثل " الفهود السود ". في السودان كانت بداية هذه الموجه قد أطلقت ديناميكية فعاله لمجموعة من أميز مثقفي ومتعلمي مابعد الاستقلال عام 56 اختارت صيغتها الشيوعية- الماركسيه. وفي مجال النخب الحَضَريه وشبه الحضريه شكلت الحركة الشيوعية أرقي اشكال التنظيم السياسي والنقابي مفتتحة عصر السياسة السودانية المفّكِرة القائمة علي التخطيط المشتق من اسس نظرية معينه، ومن ذلك اكتشاف وطرح فكرة الاضراب السياسي ومن ثم إعداد مستلزماتها. علي انه كما كان كعب اخيل الحركة الاشتراكية عموما ، كما اثبتت الانهيارات المتتالية لنماذجها الدوليتة منذ الثمانينيات، هو أوللة ( من أولويه ) الديموقراطي اجتماعيا علي الديموقراطي سياسيا، فأن الجهد التاريخي لصيغتها السودانيه بأعلاء مصالح الطبقات الشعبية وتفجير الوعي العام بحقوق المشاركة في السلطة والثروه صب في مسار مسدود النهايات، مما انتهي بها للتمهيد لمخرج انقلابي منه. فالنجاح الباهر لهذه النخب في تفكيك نظام الدكتاتورية الاولي ( 58- 64 ) وضعها وجها لوجه أمام مأزقها حول قضية الوصول للسلطه متمثلا في العجز عن منافسة الاحزاب التقليدية ذات الثقل الريفي الطائفي انتخابيا، بينما تنافيها الايديولوجي مع الديموقراطية الليبراليه الكامن في صلب ماركسية الحزب الشيوعي الكلاسيكية نسبيا حينذاك، يمنعها من التفكير والتخطيط لاستثمار رصيدها الاكتوبري الغني لتأهيل نفسها مستقبليا لمثل هذه المنافسه. وفي المناخ النخبوي الجامع بين التعبئة ضد الاخطارالمحدقة بمكاسب ثورة اكتوبر من فوز أحزاب الزعامات القديمة بسلطة دولتها، والتثقيف الفكري اللاديموقراطي، كان حتميا ان يأتي الانقلاب الثاني من اوساط هذه النخب نفسها. وهكذا في 25 مايو 1969 استولي خليط ناصري – يساري من ضباط الرتب الوسيطه علي السلطه بقيادة جعفر نميري متبنيا برنامجا انتخابيا كانت قد طرحته القوي الاشتراكيه، وكان طبيعيا ان يجد احتضانا ماديا ومعنويا ملموسا من المناخ الذي صنعه ناشطو ثورة اكتوبر 64 ضد الدكتاتورية الاولي.
    عند هذه النقطه بدأ الترسب التدريجي للنموذج الانتفاضي النقيض- المشابه ليتجسد متكاملا بعد 15 عاما في انقلاب يونيو 89 منبثقا، هذه المره، عن مناخ صنعه الناشطون الاسلاميون مستثمرين مجموعة من التطورات السودانية وغير السودانيه التي رشحت الفكر السياسي الديني وممثليه الحركيين كبديل لليسار. داخليا، وكما هو شأن كافة السلطات اللاديموقراطية المنشأ، تدهور التعايش القلق بين قيادة انقلاب مايو 69 و( حلفائه ) من اليسار المنظم حزبيا الي صراع عنيف، دفع بها تدريجيا نحو اليمين متخلية عن مشروعيتها التقدمية الي مشروعية تنمويه محايده ايدولوجيا تمشيا مع نشوء الحقبة الساداتيه في مصر ومع الحاجة للدعم من الاوساط الحزبية والشعبية السودانيه غير اليساريه. ومع انطفاء جاذبية النموذج الاشتراكي الناصري بعد هزيمة 67 وتزايد وزن النموذج السعودي – الخليجي الاسلامي اثر تدفق البترو دولار بعد حرب 73 ، متزامنا مع تفاقم الازمات الاقتصاديه والمعيشيه السودانيه التي وصلت حد المجاعه في غربي البلاد، انفتح الذهن النخبوي والشعبي السوداني ملجأ للتدين الخام والتبسيطي. هذه البيئة المناقضة تماما لبيئة ماقبل اكتوبر 64 هي التي نفخت الروح في حركة الاخوان المسلمين الخامله لتنجب قيادة الترابي الشابه عمرا وتفكيرا فولدت من جديد بديناميكية عاليه رفعت معدلات نمو الحركة الاسلامية بمراحل مقارنة بمعدلات نمو كافة الأحزاب الاخري منذ اواخر السبعينيات ، مقصية اليسار من موقعه في قيادة النخب المديينية ( بلغت نسبة اصوات الجبهه الاسلاميه في انتخابات مابعد الانتفاضه 18.5 % مقابل 1.7 % للحزب الشيوعي ). من هنا فأن انتفاضة 6 ابريل 85 التي اطاحت بسلطة مايو 69 كانت، بالاساس، ناتج فك تحالفها مع الحركة الاسلاميه قبل ذلك بشهر واحد وليست ناتج احتشاد ديموقراطي التوجه قريب بأي درجه من مستوي احتشاد ثورة اكتوبر وعيا او تنظيما، لان الحركة كانت مؤهلة تماما لافشال اي اضراب سياسي او حضور شوارعي لو بقي التحالف قائما. ودليل ذلك الاقوي ان الجبهة القوميه الاسلاميه، الاسم الجديد للحركه الاسلاميه وقتها، تمكنت بسهوله من العوده الي قلب مرحلة مابعد العهد الانقلابي الثاني رغم تحالفها معه لمدة 7 سنوات وحتي اللحظة الاخير (تحديدا 9 مارس 85) مخترقة كافة مؤسساته في تشكيلة المجلسين العسكري والوزاري الانتقاليين والاجهزة الامنية والعسكريه وحتي برلمانه حيث حققت مايشبه الاكتساح في الانتخابات التي جرت عام 86 قافزة الي المركز الثالث بعد الحزبين الانتخابيين تقليديا، الامه والاتحادي الديموقراطي (نسبة الاصوات : الامه 38 %، 29.5 % للاتحادي، 18.5 % للجبهه). علي أن عقائديتها الدينيه المحتوي جعلتها مصمتة ضد الديموقراطية الليبراليه أكثر من اليسار، فانجرفت علي طريق الانقلاب والشموليه، فكانت سلطة انقلاب يونيو 89 المتسلطة حتي الان في مجتمع مدجن ومرتبك أمام الموضوع الديني بفعل تدهور خصائصه ماقبل- الاستناريه الي خصائص ضد- استناريه فائضا بفكر الخرافة والغيبيات.
    ماهو السر خلف الحصيلة الفقيرة من حيث الاستدامة الديموقراطية للانتفاضتين بحيث أعقب كل منهما انقلاب اخر، والي ذلك،من داخلها وأطول عمرا واكثر شمولية من سابقه ؟ هناك حليف سري فعال للانقلابيين مدنيين كانوا او عسكريين، يساريين كانوا ام يمينيين مؤدلجين كانوا او مجرد مغامرين، غاب ويغيب وغائب حاليا عن رؤية المعارضين هو حالة التبرم من النظام ( الديموقراطي ) التي تنتشر بسرعه بين سواد الشعب بعد الانتفاضات مع انه الاكثر معاناة بما لايقاس من أفلاسات الانظمة الدكتاتوريه. بمرور الوقت تتكثف هذه الحاله الي سلبيه لاتبالي كثيرا بمصير النظام الجديد ترتفع الي مستوي التأييد الصريح للانقلاب عليه . مايو 69 استقبلته الجموع المتأثرة بأطروحات اليسار، وكانوا اغلبية كاسحة في المدن، عبر موكب 2 يونيو الحاشد ، وازاء يونيو 89 بقي ميثاق الدفاع عن الديموقراطيه الذي وقعته كافة الاحزاب ورقة في مهب الريح. بهذا المعني الهام الانقلابات هي صناعة ضحاياها أيضا. هذه حقيقة تشكل جانبا هاما من الصوره لاتدل تصرفات وخطط المعارضة الان او ضد نظامي نوفمبر 58 ومايو 69علي انتباهها لوجوده، سواء الرسمية منها ممثلة في " قوي الاجماع الوطني " أوغير الرسميه ممثلة في المعارضات الشبابية غير المؤطرة حزبيا ( قرفنا، شباب التغيير الخ ) وتلك المؤطرة حزبيا (حركات حشد وحق ، المؤتمر السوداني، التحالف الوطني والحزب الليبرالي ).
    الديموقراطيه علي فعاليتها الظاهرة استقرارا ونماء في البلدان التي استدامت فيها، يضمن سلامة ونجاعة قراراتها وسياساتها كونها تنضج علي نار هادئه عبر التفاعل المفتوح بين الحكومه والمعارضه السياسيه وغير السياسيه ( المجتمع المدني ). غير ان الضغوط اليومية الحياتية الهائلة التي تعانيها الشعوب المحرومه ترفع سقف توقعاتها بعد مجئ النظام الديموقراطي من حيث معدل سرعة تخفيف هذه الضغوط فتصاب بصدمة الاحباط وينفتح لديها مجال القبول بوعود الخلاص الانقلابي ( السريع ) التنفيذ. فمهما كانت قوة دوافع الاقدام علي الانقلابات لدي مجموعة عسكرية او مدنية معينه الا أن دخولها حيز التنفيذ مستحيل إذا كان الرأي العام محصنا ضد الاستجابه لاغراءاتها، بل ان التفكير الانقلابي نفسه لايطرأ علي ذهن احد جدياً من الاساس. والسؤال المصيري سودانيا ومصريا و.. و.. هو كيف يمكن إيجاد هذه الحصانه؟ أحد المداخل الواسعة للاجابة كامن في تجربة استدامة المكاسب الديموقراطيه في انتفاضات اوروبا الشرقيه، ففيما عدا يوغسلافيا السابقه التي لعب التدخل العسكري لحلف الناتو دورا في بداية تحولاتها الديموقراطيه المستدامه، حققت بقية الدول من بحر البلطيق الي اوكرانيا تحولاتها سلميا عموما بينما بقيت الجمهوريات الاسلاميه للاتحاد السوفيتي سابقا في حالة بين بين. النقطة التفسيرية الرئيسية هنا هي : الجسر الديني المسيحي، والثقافي عموما ، مع اوروبا الغربيه مما هيأ العقل الشعبي والنخبوي في اوروبا الشرقيه للتفاعل المفتوح والكامل مع نظامها السياسي الديموقراطي، والاهم من ذلك، مع قاعدته الاستنارية التحتيه المرتكزة الي مفهوم حرية الفرد ( مقابل الامه والشعب والطبقات ) والتأويل العصري للدين.
    افتقاد هذ الجسر لدينا ليس هو المشكلة في حد ذاته لان بيئات مسلمه مثل تركيا وماليزيا توفرت فيها قابلية التفاعل هذه، وانما ان خصوصيات تطورنا التاريخي جعلت الانتفاضتين ضد الانظمة الدكتاتوريه بقيادة النخب المتعلمه حاجزا امام نضوج البنية الاستنارية التحتيه المولده لهذه القابليه التي كانت بوادرها قد تجسدت في النهضه الثقافيه الموازيه لحركة الاستقلال الوطني منذ الثلاثينيات. علي سبيل المثال فأن دعوات التشدد الديني كانت موجودة بين ظهرانينا علي الدوام ولكنها لم تبدأ في التحول الي قبول جماعي، او استسلام في افضل الاحوال، للتزمت الاجتماعي والتعصب الفكري والسياسي حتي وسط النخب الحضريه والمتعلمه ناهيك عن الريف البدوي والزراعي، الا منذ السبعينيات. هناك بطبيعة الحال اكثر من سبب وراء هذا التحول ولكن يجدر التركيز علي دور صناع الانتفاضتين ( الديموقراطيتين ) في هذا الخصوص لانه ظل مهملا حتي الان. فالحاجز الاكتوبري تمثل في هيمنة الاشتراكيه ناقصة الديموقراطيه علي عقل وثقافة النخب المحركة للتغيير، قائدة الجمهور العام ومصدر تنمية وعيه، والحاجز الابريلي تمثل في هيمنة الاسلام ناقص الديموقراطيه علي هذه النخب. مهما كانت الظروف المخففة لمسئولية النخب الحزبيه وغير الحزبيه، مثل صعوبة التمييز بين الايجابي والسلبي في النموذج الغربي بسبب حدة العداء المشروع له خلال الستينيات مقرونا بالجاذبية العالية للانظمة الاشتراكية وقتها، فأن هذه المسئوليه تبدو هنا غاية في الوضوح من حيث ماهيتها/ طبيعتها وحجمها وكذلك علاقتها ب ( مسئولية ) سواد الشعب عن الانهيارات السريعة للانظمة الديموقراطيه.
    عدم الانتباه للمسئولية علي هذا النحو عطل ويعطل امكانية التفكير والتخطيط السليمين للعمل المعارض للانظمة الدكتاتوريه إذ يحدد اهدافه ووسائل تحقيقها انطلاقا من ظاهر المعضله فقط ( سلطةالانقلاب ) وليس مرتكزاتها التحتية أيضا، من الجزء الظاهر لجبل الجليد وليس ثقله الاكبر تحت الماء. من هنا تتذبذب حركة المعارضه بين هدف الحد الاقصي ( اسقاط النظام وبوسائل الصراع المدنيه أو العسكريه ) والادني ( الحصول علي تنازلات محدوده بواسطة التفاوض) دون نسق تصاعدي جامع ومن ثم تنتهي الي التفتت، وبالقدر نفسه تعجز المعارضات ( الجديده ) التي تنتقد عجز المعارضة الرسميه، عن تنمية بديل ذي مصداقيه. كما تخلو استراتيجية العمل لدي النوعين من المعارضه من اي تحليل يربط بين نشوء الدكتاتوريات وهشاشة الوعي الديموستناري ( الديموقراطي- الاستناري ) النخبوي والشعبي وتاليا من أي تصورات حول كيفية تنميته. والنتيجة هي ان كل الجهود والتضحيات التي تبذل قبل الانتفاضات واثناءها تتمحور كلية حول اسقاط النظام بمعني عدم استنادها الي تصورات متبلوره حول السياسات المطلوبة من قبل حكومات مابعد الانتفاضه والمعارضه الحزبيه وغير الحزبيه لاستئصال جذوره، أي الاسقاط الحقيقي الذي لادكتاتورية بعده. بذلك ايضا يستقر في روع وذهنية الجمهور العام ان توقعاته وأمانيه ستحقق بمجرد انجاز هذا الهدف مما يجعله فريسة جاهزة للاحباط واحتياطيا، بل ومحفزا، للانقلاب التالي. بذلك نجد انفسنا من الناحية العمليه امام المفارقة التي تجعل المطالبة بأسقاط النظام ثم إسقاطه فعلا سقفاً أعلي من امكانيات المعارضه بسبب عجزها عن منع تكرار وقوع مثيله الاكثر شمولية والاطول عمرا. والاخطر من ذلك أن الفراغ الناشئ بين السقف والامكانيه يستنبت الفعاليات التي تقدم ( حلولا ) جاهزة لالام البشر السودانيين وبؤسهم المتزايد، اذا لم يكن في الدنيا ففي الاخره، نتيجة تراكم فشل الديموقراطيين في تقديم هذه الحلول. هكذا تصاعد وزن الاسلام السياسي عندنا حركة، ثم سلطة تقع تدريجيا تحت سيطرة جناحها الاكثر تطرفا، بينما يترعرع الاسلام السلفي وسط الشباب.
    الاشارة الواردة من التجربة المصريه حول بؤرة السياسات المطلوبه لتنمية الوعي الديموقراطي- الاستناري نعثر عليها فيما يبدو من ان المحرك الرئيسي للقطاعات الشبابيه وراء الانتفاضه هو قيادات تكونت في حركات مجتمع مدني غير حزبيه مثل " كفايه " وبعدها " شباب 6 ابريل" و" شباب خالد سليمان" واخري غيرمنظمه، كما ان النسبة الاكبر منهم منتمية الي الطبقة الوسطي وواضح من اجادتهم للغة الانجليزيه واستخدام وسائل الاتصال الحديثه ومظهرهم الخارجي انهم تلقوا تعليما حديثا متطورا غالبا في المؤسسات التعليميه الاجنبيه المنتشرة في مصر. وكان ناشط سوداني مقيم في القاهره قد لاحظ ان معظم الناشطين المصريين الذين ساندوا جهودهم لنجدة ضحايا مجزرة ميدان المهنسين ضد اللاجئين السودانيين عام 2005 كانوا من خريجي الجامعة الامريكية في القاهره. إذا صحت هذه المعلومات، فأن من الممكن القول بوجود بؤر ديموستناريه مصريه نشطه، مايشكل ضمانا معقولا لاستدامة الديموقراطيه بعد إسقاط النظام. ماهو حظ شبابنا من فرص الوعي الديموقراطي - الاستناري التي اتاحتها الظروف لشباب مصر ؟ هذا سؤال يجب ان يشغل اهتمامات مفكرينا السياسيين والملاحظة المقلقة بصدده هي ان معظم من تتوفر فيهم مولدات الخصائص الديموستناريه المشار اليها من شبابنا، وهم اقلية ضئيله، يأتون من خلفيات أسريه اسلاميه بحكم حدوث التراكم الرأسمالي مرتبطا بصعود الاسلام السياسي، بينما الاغلبية الساحقه من شبابنا مسحوقون معيشيا ويتخرجون من نظام تعليمي مؤمم دينيا كلية منذ عشرين عاما وجزئيا قبل ذلك.
    الاشارة المصرية للوجه الاخر من الموضوع ، اذا اتضحت عدم صحة تلك المعلومات ونشأ التباين بين السقف والامكانيه كما يُتوقع عندنا، هو ماينعقد عليه الاجماع من ان الطرف السياسي الاقوي والاكثر تنظيما بمراحل من الاطراف الاخري المرشحة لملء الفراغ هو " الاخوان المسلمون " .وهؤلاء يشير اخر برامجهم الصادر في اكتوبر 2007، بعكس الحركات الاسلامية في تركيا وتونس، الي تمييز واضح تجاه غير المسلمين والمرأه ويقيد سيادة البرلمان بسلطة دينية اعلي. لذلك لم يكن غريبا ان انتخابات مكتب الارشاد الاخيره ابعدت الشخصيا المحسوبة علي التيار الاصلاحي. اما المرشح المصري الاخر متربصاً بأمكانية الاستدامة الديموقراطيه بعد الانتفاضه، فهو المؤسسة العسكريه. هذه حكمت مصر منذ نهاية النظام الملكي عام 1952 ويمكن ان تنجح في تسويق نفسها كقلعة للاستقرار ، وهو نفس التكتيك الذي استخدمته الانقلابات سودانيا، في ظروف انحطاط المعارضة المشروعه لحكومات مابعد الانتفاضه الي فوضي نتيجة ضعف القوي الديموستناريه ، كما أن الولايات المتحدة تطمئن الي المؤسسة العسكريه بحكم علاقة التمويل والتسليح والتدريب الوثيقة معها.
    ( عن جريدة الصحافه 11 فبراير 2011 )
                  

02-15-2011, 00:18 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    Quote: ليس صحيحا، وفق ادعاء هذاالمقال، ان اجهاض المكاسب الديموقراطيه للانتفاضتين كان بفعل قوي من خارج صناعها، اوعلي الاقل، بفعل هذه القوي وحدها.

    الأستاذ الصاوي تحياتي ..
    ساحاول هنا (فيما يلي) تباعا أن أناقش بعض الأفكار والإشارات التي وردت ضمن هذا المقال الهام جدا .. خاصة أن المناخ العام الآن فيما يشبه إعادة إنتاج لمناخ التحرر في العالم الثالث الذي أستمر لعدة عقود منذ الثلاثينيات حتى الستينيات ..ففي ربيع التحرر الراهن الجميع بحاجة لوقفة لتحليل الفشل , علنا نصل إلى جذور الازمة السودانية المستمرة ..لذلك أتفق معك أن القوى التي جاءت بالتغيير المنسوب إلى الديموقراطية في إكتوبر 1964 وأبريل 1985 أسهمت هي نفسها في الإنقضاض على هذا التغيير الذي كان من الممكن ان تتصحح مساراته ليفضي لديموقراطية حقيقية .. وفي ظني أنها أزمة عامة تعاني منها معظم دول العالم النامي سواء في افريقيا أو العالم العربي..
    والسودان كنموذج إختارت قواه اليسارية التنظيم السري بمبادئه العسكرية المركزية ,لأن هذا التنظيم كانت مناطة به مهام"التحرر الوطني".. وبعد ان انجزت مهمة طرد المستعمر لا في السودان فحسب بل في العديد من دول العالم الثالث وقتها (تجدر الملاحظة هنا إلى أن جواهر لال نهرو كان قد أشار في مؤتمر باندونج موجها خطابه لزعماء ومناضلي الشعوب التي نالت إستقلالها :"أن اشد ما يخشاه أن توجه البنادق التي كانت مرفوعة في وجوه المستعمرين إلى صدور الشعوب !!.. وهو بالفعل ما حدث ؟!..) .. وهو كما ذهبت أنت تماما لم يكن هناك تصور لمهام ما بعد الإستقلال وبطبيعة الحال بحكم الإرث اليساري المركزي العقائدي الشمولي لم تكن الديموقراطية جزء من هذه المهام ,للتعارضات الجوهرية بين الماركسية والليبرالية .. هذا في تقديري جانب من الأزمة التي ترتب عليها إنقلاب مايو 1969 بعد فشل أكتوبر 1964 .. هناك جانب آخر لفشل أكتوبر في تقديري الخاص يتعلق بقوى اليمين والطائفية ..
    نواصل

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-15-2011, 00:43 AM)

                  

02-15-2011, 01:28 AM

ضياء الدين ميرغني
<aضياء الدين ميرغني
تاريخ التسجيل: 01-29-2009
مجموع المشاركات: 1431

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الاستاذ محمد بشير (عبد العزيز الصاوي) دائما متميز
    فى اطروحاته بالعمق والشفافية والموضوعية
    واظنه وضع مبضع الجراح على الجرح حين تناول العلة الاساسية
    لاستدامة الديمقراطية وضمانتها حين قال:
    Quote: ماهو حظ شبابنا من فرص الوعي الديموقراطي - الاستناري التي اتاحتها الظروف لشباب مصر ؟ هذا سؤال يجب ان يشغل اهتمامات مفكرينا السياسيين والملاحظة المقلقة بصدده هي ان معظم من تتوفر فيهم مولدات الخصائص الديموستناريه المشار اليها من شبابنا، وهم اقلية ضئيله، يأتون من خلفيات أسريه اسلاميه بحكم حدوث التراكم الرأسمالي مرتبطا بصعود الاسلام السياسي، بينما الاغلبية الساحقه من شبابنا مسحوقون معيشيا ويتخرجون من نظام تعليمي مؤمم دينيا كلية منذ عشرين عاما وجزئيا قبل ذلك.

    تقديرى وتحياتى صديقى استاذ احمد ضحية
    ضياء
                  

02-15-2011, 02:52 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: ضياء الدين ميرغني)

    Quote: الاستاذ محمد بشير (عبد العزيز الصاوي) دائما متميز
    فى اطروحاته بالعمق والشفافية والموضوعية
    واظنه وضع مبضع الجراح على الجرح حين تناول العلة الاساسية
    لاستدامة الديمقراطية وضمانتها حين قال:

    Quote: ماهو حظ شبابنا من فرص الوعي الديموقراطي - الاستناري التي اتاحتها الظروف لشباب مصر ؟ هذا سؤال يجب ان يشغل اهتمامات مفكرينا السياسيين والملاحظة المقلقة بصدده هي ان معظم من تتوفر فيهم مولدات الخصائص الديموستناريه المشار اليها من شبابنا، وهم اقلية ضئيله، يأتون من خلفيات أسريه اسلاميه بحكم حدوث التراكم الرأسمالي مرتبطا بصعود الاسلام السياسي، بينما الاغلبية الساحقه من شبابنا مسحوقون معيشيا ويتخرجون من نظام تعليمي مؤمم دينيا كلية منذ عشرين عاما وجزئيا قبل ذلك.


    تقديرى وتحياتى صديقى استاذ احمد ضحية
    ضياء

    تحياتي الصديق ضياء ميرغني..
    الفنان الجميل ورفيق النضال القديم ...
    أذكر ان إحدى الصحف السودانية قامت بإجراء إستطلاع قبل فترة حول ثورة أكتوبر وتم سؤال شباب جامعيين عديدين عن ماذا يعرفون عن ثورة اكتوبر فكان رد غالبيتهم العظمى أما انهم لا يعرفون عنها شيئا أو انه حدث إرتبط بالإنقاذ ؟ هذا إن لم تخني الذاكرة ولك أن تقيس على ذلك عند الإجابة عن الرصيد الإستناري لشباب اليوم الذين ولدوا في عهد الإنقاذ ..الغنقاذ غيبت جيلا بكامله حتى عن تاريخه القريب وليس البعيد ..
    شكرا لك على المداخلة ..فهذا المقال من الأهمية بمكان إذا كان الشباب والقوى السياسية حريصون فعلا على تحقيق (الثورة السودانية)التي يحصل فيها الشعب فعلا على إستحقاقاته الديموقراطية المستدامة ...
                  

02-15-2011, 03:34 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    فيما يخص القوى الطائفية غني عن القول أنها ورثت النفوذ السياسي،وبحكم أنها لم تكن تتمثل روح الأحزاب السياسية الحديثة لا تنظيما ولا إدارة , أصبح المنضوون تحت لواءها مجرد أتباع وحواريين وليسوا أعضاء لهم حقوق ,ويتمثلون تصور محدد فيما يتعلق بالديموقراطيةوالمواطنة, عليه ظلت القوى الطائفية تنظر للسودان في إطار"النفوذ السياسي الموروث إما عن ما خلفته المهدية من زخم , أو النفوذ الختمي الديني" بالتالي أنعكس ذلك على نظرتها للسودان فهو مجرد مملكة , ترغب في توريثها لابنائها وهي في ذلك تتكيء على قيمة أموية شهيرة"الملك العضوض" لذلك من الطبيعي أن يترتب على تمكين الطائفية بعد أكتوبر إستشراء الفساد والتغييب ، بالتالي بدات روح الغبن في إنتزاع المواطنة والحقوق وهي مفاهيم أساسا خارج دائرة الوعي الطائفي .. لذلك في تقديري الخاص إنقلب صانعي أكتوبر على اكتوبر ..
    فماذا عن قوى اليمين الأخرى كالحركة الإسلامية أو الاخوان المسلمين :هؤلاء بطبيعة إلتقاءهم مع الطائفية في مشروعها الإسلاموي كانوا شركاء لها , بل أن الطائفية كما أثبتت الاحداث من بعد في أبريل 1985 هي رصيد التوجهات الإسلاموية الحديثة وإحتياطيها وليس العكس ..
    إذا لا قوى اليسار التي أشرنا إليها في المداخلة الاولى ولا القوى الطائفية واليمين الذي خرج أساسا من عباءتها لا تعني المواطنة والديموقراطية والتنوير أي شيء لهم ولذلك كان إشتعال الحرب في الجنوب وتقويض أبريل 1985
    تتواصل مداخلاتنا
                  

02-16-2011, 00:18 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    سأحاول التداخل حول جزئية أخرى بعد قليل ....
                  

03-01-2011, 04:31 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    )*(
                  

02-28-2011, 07:40 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: ضياء الدين ميرغني)

    تعليق من الأستاذ عبد العزيز حسين الصاوي على البوست :
    يصعب هذه الايام العثور علي فسحة في الزمن اوالبال لاي شئ اخر غير الزلازل الانتفاضية المتتابعه من قطر الي اخر. من هنا التأخير في اعداد هذا التعليق علي ماتفضل به المتدخلون في بوست " الانتفاضة المصريه والمعارضات السودانيه " ، متصلا بالنقطة الاعتراضيه الرئيسية التي لخصتها عبارة الاخ ابراهيم علي ابراهيم في " عزو انتفاضة ابريل لتخلي الاسلاميين عن مايو ".
    فقرة المقال ذات الصة المباشره بهذه النقطه هي : ان الحركة الاسلاميه،منذ اواخر السبعينات ، اقصت " اليسار من موقعه في قيادة النخب المديينية( بلغت نسبة اصوات الجبهه الاسلاميه في انتخابات مابعد الانتفاضه 18.5 % مقابل 1.7 % للحزب الشيوعي ). من هنا فأن انتفاضة 6 ابريل 85 التي اطاحت بسلطة مايو 69 كانت، بالاساس، ناتج فك تحالفها مع الحركة الاسلاميه قبل ذلك بشهر واحد وليست ناتج احتشاد ديموقراطي التوجه قريب بأي درجه من مستوي احتشاد ثورة اكتوبر وعيا او تنظيما، لان الحركة كانت مؤهلة تماما لافشال اي اضراب سياسي او حضور شوارعي لو بقي التحالف قائما. ودليل ذلك الاقوي ان الجبهة القوميه الاسلاميه، الاسم الجديد للحركه الاسلاميه وقتها، تمكنت بسهوله من العوده الي قلب مرحلة مابعد العهد الانقلابي الثاني رغم تحالفها معه لمدة 7 سنوات وحتي اللحظة الاخير (تحديدا 9 مارس 85) مخترقة كافة مؤسساته في تشكيلة المجلسين العسكري والوزاري الانتقاليين والاجهزة الامنية والعسكريه وحتي برلمانه حيث حققت مايشبه الاكتساح في الانتخابات التي جرت عام 86 قافزة الي المركز الثالث بعد الحزبين الانتخابيين تقليديا، الامه والاتحادي الديموقراطي (نسبة الاصوات : الامه 38 %، 29.5 % للاتحادي، 18.5 % للجبهه )."
    المقال- الاصل الذي ورد فيه هذا التقدير للموقف بصياغته هذه نشر في جريدة الحياه وكان الغرض الاساسي منه لفت انتباه المثقفين العرب الي التجربة الانتفاضية السودانيه، من هنا الاقتضاب الذي لم يسمح بأيراد دور العامل الايجابي في انتفاضة ابريل 85. ولكن هناك سبب اخر وهو قناعتي بأن هناك حاجة قصوي لتسليط الضوء علي القصور الخطير الذي تعاني منه النخب السودانيه غير الاسلاميه، يسارية كانت او غير يساريه، متمثلا في عجزها عن استعادة مكانتها القيادية في المجتمع السياسي كما يبدو واضحا في انصراف الشباب عنها الي اهتمامات سياسيه وغير سياسية اخري، رغم الاخطاء القاتله التي ارتكبتها، وترتكبها يوميا، النخب الاسلاميه. هذا القصور لاتفسير له سوي ان عملية النقد الذاتي التي مارستها النخب غير الاسلاميه لاتزال محدوده ومن هنا كان تركيزي علي استكمال هذا النقص وليس من وسيلة افضل لذلك من ابراز جوانب مسئوليتها عن ضياع مكاسب الحدثين المفصليين في تاريخ السودان الحديث : ثورة اكتوبر 64 وانتفاضة ابريل 85 الذي وصل درجة ان نجاح الاخيره توقف علي دور سلبي للحركة الاسلاميه. وفي كتاب " في الفكر السياسي، ديموقراطيه بلا استناره " مجموعة مقالات تطرح وجهة نظري في هذاالموضوع بأسهاب اكثرز
    ان الدور الذي لعبته النخب غير الاسلاميه، واهم مكوناته في تفجير انتفاضة 85 قامت به مجموعات الطلبه والمهنيين غير اليساريين، معروف وموثق لذلك فأن الفكرة النقدية التي اطرحها تقوم علي ضرورة تسليط الضوء علي الدور الذي لعبه انفكاك التحالف بين النخبه الاسلاميه وقيادة نميري في انجاح الانتفاضه. هذا الدور يستند الي ماأعتبره حقائق صلبه كما وردت في الفقرة اعلاه من المقال فاذا ثبت عدم صحتها عندئذ تسقط حجتي ويتهاوي اساس نقدي.
    ان الدور الذي لعبته اتحادات الطلاب في جامعتي امدرمان الاسلاميه والخرطوم وغيرهما ثم نقابات المحامين والاطباء والمصارف، كان تتويجا لنضال سلمي وغير سلمي طويل خاضته جموع الشعب السوداني واحزابه في فترات مختلفه بحيث يمكن ارجاع بداية احداث الانتفاضة نفسها الي عام 81- 82 بأضرابات عمال السكه حديد والمعلمين والاطباء واستقالات القضاه حتي ان نميري اضطر الي حل الاتحاد الاشتراكي ومجلس الوزراء والدخول في مجابهة مع قيادات الجيش. ولكن كل ذلك لاينفي ان المعارضه كانت مفككه وان مستوي تنظيم وفعالية الحركة النقابيه العمالية والمهنيه كان اضعف كثيرا بالمقارنة لمستوياتها عشية ثورة اكتوبر، وكذلك مستوي حيوية الحركة السياسيه. في الوقت ذاته كانت الحركة الاسلامية تنمو بسرعه مستفيدة من ظروف داخليه وعربيه . ومجموع هذه الحقائق هو الذي تحكم في مصير الانتفاضه ومكاسبها ولن يفيدنا كثيرا ان نركز فقط علي دورنا في الانتفاضه وانما نحتاج بنفس القدر للانتباه الي نواحي قصورنا التي تتمثل في الدور الذي لعبه تدهور العلاقه بين النظام المايوي وحلفاؤه الاسلاميون.
                  

03-01-2011, 05:21 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: ضياء الدين ميرغني)

    )*(
                  

02-20-2011, 06:39 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-28-2011, 08:00 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    إلى مداخلة أخرى:
                  

02-16-2011, 01:43 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    Quote: ثورة اكتوبر كانت حراكا شعبيا باهرا علي ساقي اضراب سياسي عام وحضور شارعي قوي شارك فيه الجميع أحزابا وأفرادا تحضيرا وتنفيذا، ولكن الوقائع تقول بأنها كانت صناعة يسارية، وشيوعيه خاصة. وقتها كانت الموجة الاشتراكية طاغية عربيا وعالمثالثيا منذ الخمسينيات والرأسمالية ورصيفتها الامبريالية يتراجعان تحت ضغط انظمة ناصر المصري ونكروما الغاني وسوكارنو الاندونيسي وأضرابهم، والهزائم الامريكيه في فيتنام وغيرها ونمو الحركات السياسيه المسلحة بالايدولوجيا الاشتراكيه حتي في امريكا نفسها مثل " الفهود السود ". في السودان كانت بداية هذه الموجه قد أطلقت ديناميكية فعاله لمجموعة من أميز مثقفي ومتعلمي مابعد الاستقلال عام 56 اختارت صيغتها الشيوعية- الماركسيه. وفي مجال النخب الحَضَريه وشبه الحضريه شكلت الحركة الشيوعية أرقي اشكال التنظيم السياسي والنقابي مفتتحة عصر السياسة السودانية المفّكِرة القائمة علي التخطيط المشتق من اسس نظرية معينه، ومن ذلك اكتشاف وطرح فكرة الاضراب السياسي ومن ثم إعداد مستلزماتها. علي انه كما كان كعب اخيل الحركة الاشتراكية عموما ، كما اثبتت الانهيارات المتتالية لنماذجها الدوليتة منذ الثمانينيات، هو أوللة ( من أولويه ) الديموقراطي اجتماعيا علي الديموقراطي سياسيا، فأن الجهد التاريخي لصيغتها السودانيه بأعلاء مصالح الطبقات الشعبية وتفجير الوعي العام بحقوق المشاركة في السلطة والثروه صب في مسار مسدود النهايات، مما انتهي بها للتمهيد لمخرج انقلابي منه. فالنجاح الباهر لهذه النخب في تفكيك نظام الدكتاتورية الاولي ( 58- 64 ) وضعها وجها لوجه أمام مأزقها حول قضية الوصول للسلطه متمثلا في العجز عن منافسة الاحزاب التقليدية ذات الثقل الريفي الطائفي انتخابيا، بينما تنافيها الايديولوجي مع الديموقراطية الليبراليه الكامن في صلب ماركسية الحزب الشيوعي الكلاسيكية نسبيا حينذاك، يمنعها من التفكير والتخطيط لاستثمار رصيدها الاكتوبري الغني لتأهيل نفسها مستقبليا لمثل هذه المنافسه. وفي المناخ النخبوي الجامع بين التعبئة ضد الاخطارالمحدقة بمكاسب ثورة اكتوبر من فوز أحزاب الزعامات القديمة بسلطة دولتها، والتثقيف الفكري اللاديموقراطي، كان حتميا ان يأتي الانقلاب الثاني من اوساط هذه النخب نفسها. وهكذا في 25 مايو 1969 استولي خليط ناصري – يساري من ضباط الرتب الوسيطه علي السلطه بقيادة جعفر نميري متبنيا برنامجا انتخابيا كانت قد طرحته القوي الاشتراكيه، وكان طبيعيا ان يجد احتضانا ماديا ومعنويا ملموسا من المناخ الذي صنعه ناشطو ثورة اكتوبر 64 ضد الدكتاتورية الاولي.

    الأستاذ الصاوي تحياتي ..
    على الرغم من ان اليسار السوداني أجتهد كثيرا لإحتكار ثورة أكتوبر- الأمر نفسه حدث لابريل – إلا أن الثورتين تظلان ثورتان شعبيتان ساهمت فيهما كافة قطاعات الشعب السوداني وقواه السياسية .. لكن الصحيح أيضا أنه من الغريب أن العبء النضالي الأساسي لصناعة أكتوبر وأبريل وقع على عاتق اليسار السوداني بشقيه الأممي والقومي .. ومع ذلك من ورث أكتوبر وأبريل هما الطائفية والجبهة الإسلامية .. وربما يساهم هذا في الإجابة عن سؤال : لماذا وإلى أي مدى تساهم النخبة في الإنقلاب على الديموقراطيات ؟! انه سؤال مستمر ومفتوح !!..
    لكن أبرز ملامح أكتوبر- كما تعلم - أن لجنة الإثنا عشر التي تمخضت عن الحكومة القومية فشلت في التوصل لحل "لمشكلة السودان في الجنوب" ,فالقوى التي جاءت بأكتوبر وكانت تعيب على الفريق عبود تعامله العسكري البحت مع "مشكلة السودان في الجنوب" ما أن ورثت السلطة حتى بدأت تمارس هواية "التسويف السياسي" – مع ملاحظة أنها لم تنجز أي شيء مقارنة بإنجازات عبود على كل الأصعدة - بإستثناء الصعيد السياسي- هذا التسويف الذي ننكره اليوم على الجبهة الإسلامية الحاكمة منذ 89 هو إمتداد لتسويف كل الحكومات الماضية بل هو موروث منها وهو أمر لا يقل خطرا عن النظرة العسكرية البحتة التي هي الشيء الوحيد الذي -لطالما - تمت إعابة نظام عبود على أساسها , إذا كانت "النظرة العسكرية" البحتة وليس الفشل في "الإنجاز" هو ما يعاب على عبود مما ترتب عليه ثورة أكتوبر , فما يعاب على القوى السياسية أنها قوى غير ديموقراطية ولا تحترم المواطنة بالتالي هي قوى "غير راشدة" ظلت بإستمرار تغامر بمستقبل البلاد على كل الأصعدة وليس على صعيد المواطنة والديموقراطية فحسب . ولذلك جاءت مايو1969 ..
    زبدة القول هنا ان ثورة اكتوبر ليست كما صورها لنا "آخر العنابسة – محمد المكي إبراهيم" فاكتوبر ترتب عليها ما هو جيد وما هو سيء إذ لم تكن بأي حال من الاحوال خيرا محضا .. كما أنها لم تكن شرا محضا , طبيعة كل الثورات .. لذلك النظرة المثالية في قراءة الثورات بحيث لا يتم تبيان سوي الجانب الإيجابي لا تفضي سوى للكوارث .. فالمطلوب هو تصحيح المسارات وهو الغرض الأساس لهذا المقال القيم , لأن الأمر يتعلق بمستقبل أمة بكاملها , يجب أن تتمتع بكافة حقوقها وحرياتها ..
    وقبل كل ذلك إقرار مبدأ المواطنة والديموقراطية كأداة وحيدة لتداول السلطة "وسلميا" .. لأن الديموقراطية هي حكم القانون لا "البلطجة" كما رأينا في تجربتي تونس ومصر أن أعمال "البلطجة" من يقوم بهما هم (وزارة الداخلية والمخابرات والأمن وقبلهما جميعا الحرس الرئاسي أو الجمهوري) .. فعبود ونميري لم يكونا كإبن علي .. لكن البشير والمؤتمر الوطني أسوأ من أي طغاة شهدهم التاريخ البعيد , بل هم أسوأ من السوفيات الذين جعلو من سيبيريا سجونا للمعارضين فقط لأنهم طالبوا بحقهم في الحياة!!
    كما لا يمكننا ان نغض الطرف عن ان حكومة ثورة 21 أكتوبر 1964 هي من "نجر" مصطلح الصالح العام" – هذا هو ما مهد لتصفية "الإدارة الاهلية وهو ما ادى بصورة من الصور لحريق دارفور فيما بعد, قبل أن يظهر الجنجويد على سطح الأحداث"فيما بعد أيضا ..ما يعد خرقا لقانون التطور المرحلي- .. هذه حقيقة .. وهذا تاريخ, لأن تيار الثورتين التونسية والمصرية يطغى منذ نشوبهما على الإعلام , بالتالي تشكيل الوعي العام في إتجاه محدد , بالأحرى إتجاه "ثوري" لان الأمر في نهاية المطاف سيتحول إلى إتجاه"ثورجي" اكثر منه"ثوري" مالم يتم تصحيح المسارات فيما يخص السودان, لتفادي أخطاء تجارب نمتلكها كسودانيين , ولا يمتلكها لا التوانسة ولا المصريين ..
    إذن اكتوبر تمخضت إلى جانب التسويف السياسي -خصوصا تجاه الجنوبيين ودارفور- تمخضت عن التناحرات الحزبية والشخصية بشكل رئيسي ..وهذه الأمور العديدة هي ما أجهض أكتوبر فلم تعد سوى ثورة في المعنى يغنيها كبار فنانينا وربما نتحسر ونأسف عليها أسفا نبيلا عند فنانين آخرين ..
    ستتواصل مداخلاتي ..

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-16-2011, 04:39 AM)

                  

02-20-2011, 06:31 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-20-2011, 08:45 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-16-2011, 01:43 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    Quote: ثورة اكتوبر كانت حراكا شعبيا باهرا علي ساقي اضراب سياسي عام وحضور شارعي قوي شارك فيه الجميع أحزابا وأفرادا تحضيرا وتنفيذا، ولكن الوقائع تقول بأنها كانت صناعة يسارية، وشيوعيه خاصة. وقتها كانت الموجة الاشتراكية طاغية عربيا وعالمثالثيا منذ الخمسينيات والرأسمالية ورصيفتها الامبريالية يتراجعان تحت ضغط انظمة ناصر المصري ونكروما الغاني وسوكارنو الاندونيسي وأضرابهم، والهزائم الامريكيه في فيتنام وغيرها ونمو الحركات السياسيه المسلحة بالايدولوجيا الاشتراكيه حتي في امريكا نفسها مثل " الفهود السود ". في السودان كانت بداية هذه الموجه قد أطلقت ديناميكية فعاله لمجموعة من أميز مثقفي ومتعلمي مابعد الاستقلال عام 56 اختارت صيغتها الشيوعية- الماركسيه. وفي مجال النخب الحَضَريه وشبه الحضريه شكلت الحركة الشيوعية أرقي اشكال التنظيم السياسي والنقابي مفتتحة عصر السياسة السودانية المفّكِرة القائمة علي التخطيط المشتق من اسس نظرية معينه، ومن ذلك اكتشاف وطرح فكرة الاضراب السياسي ومن ثم إعداد مستلزماتها. علي انه كما كان كعب اخيل الحركة الاشتراكية عموما ، كما اثبتت الانهيارات المتتالية لنماذجها الدوليتة منذ الثمانينيات، هو أوللة ( من أولويه ) الديموقراطي اجتماعيا علي الديموقراطي سياسيا، فأن الجهد التاريخي لصيغتها السودانيه بأعلاء مصالح الطبقات الشعبية وتفجير الوعي العام بحقوق المشاركة في السلطة والثروه صب في مسار مسدود النهايات، مما انتهي بها للتمهيد لمخرج انقلابي منه. فالنجاح الباهر لهذه النخب في تفكيك نظام الدكتاتورية الاولي ( 58- 64 ) وضعها وجها لوجه أمام مأزقها حول قضية الوصول للسلطه متمثلا في العجز عن منافسة الاحزاب التقليدية ذات الثقل الريفي الطائفي انتخابيا، بينما تنافيها الايديولوجي مع الديموقراطية الليبراليه الكامن في صلب ماركسية الحزب الشيوعي الكلاسيكية نسبيا حينذاك، يمنعها من التفكير والتخطيط لاستثمار رصيدها الاكتوبري الغني لتأهيل نفسها مستقبليا لمثل هذه المنافسه. وفي المناخ النخبوي الجامع بين التعبئة ضد الاخطارالمحدقة بمكاسب ثورة اكتوبر من فوز أحزاب الزعامات القديمة بسلطة دولتها، والتثقيف الفكري اللاديموقراطي، كان حتميا ان يأتي الانقلاب الثاني من اوساط هذه النخب نفسها. وهكذا في 25 مايو 1969 استولي خليط ناصري – يساري من ضباط الرتب الوسيطه علي السلطه بقيادة جعفر نميري متبنيا برنامجا انتخابيا كانت قد طرحته القوي الاشتراكيه، وكان طبيعيا ان يجد احتضانا ماديا ومعنويا ملموسا من المناخ الذي صنعه ناشطو ثورة اكتوبر 64 ضد الدكتاتورية الاولي.

    الأستاذ الصاوي تحياتي ..
    على الرغم من ان اليسار السوداني أجتهد كثيرا لإحتكار ثورة أكتوبر- الأمر نفسه حدث لابريل – إلا أن الثورتين تظلان ثورتان شعبيتان ساهمت فيهما كافة قطاعات الشعب السوداني وقواه السياسية .. لكن الصحيح أيضا أنه من الغريب أن العبء النضالي الأساسي لصناعة أكتوبر وأبريل وقع على عاتق اليسار السوداني بشقيه الأممي والقومي .. ومع ذلك من ورث أكتوبر وأبريل هما الطائفية والجبهة الإسلامية .. وربما يساهم هذا في الإجابة عن سؤال : لماذا وإلى أي مدى تساهم النخبة في الإنقلاب على الديموقراطيات ؟! انه سؤال مستمر ومفتوح !!..
    لكن أبرز ملامح أكتوبر- كما تعلم - أن لجنة الإثنا عشر التي تمخضت عن الحكومة القومية فشلت في التوصل لحل "لمشكلة السودان في الجنوب" ,فالقوى التي جاءت بأكتوبر وكانت تعيب على الفريق عبود تعامله العسكري البحت مع "مشكلة السودان في الجنوب" ما أن ورثت السلطة حتى بدأت تمارس هواية "التسويف السياسي" – مع ملاحظة أنها لم تنجز أي شيء مقارنة بإنجازات عبود على كل الأصعدة - بإستثناء الصعيد السياسي- هذا التسويف الذي ننكره اليوم على الجبهة الإسلامية الحاكمة منذ 89 هو إمتداد لتسويف كل الحكومات الماضية بل هو موروث منها وهو أمر لا يقل خطرا عن النظرة العسكرية البحتة التي هي الشيء الوحيد الذي -لطالما - تمت إعابة نظام عبود على أساسها , إذا كانت "النظرة العسكرية" البحتة وليس الفشل في "الإنجاز" هو ما يعاب على عبود مما ترتب عليه ثورة أكتوبر , فما يعاب على القوى السياسية أنها قوى غير ديموقراطية ولا تحترم المواطنة بالتالي هي قوى "غير راشدة" ظلت بإستمرار تغامر بمستقبل البلاد على كل الأصعدة وليس على صعيد المواطنة والديموقراطية فحسب . ولذلك جاءت مايو1969 ..
    زبدة القول هنا ان ثورة اكتوبر ليست كما صورها لنا "آخر العنابسة – محمد المكي إبراهيم" فاكتوبر ترتب عليها ما هو جيد وما هو سيء إذ لم تكن بأي حال من الاحوال خيرا محضا .. كما أنها لم تكن شرا محضا , طبيعة كل الثورات .. لذلك النظرة المثالية في قراءة الثورات بحيث لا يتم تبيان سوي الجانب الإيجابي لا تفضي سوى للكوارث .. فالمطلوب هو تصحيح المسارات وهو الغرض الأساس لهذا المقال القيم , لأن الأمر يتعلق بمستقبل أمة بكاملها , يجب أن تتمتع بكافة حقوقها وحرياتها ..
    وقبل كل ذلك إقرار مبدأ المواطنة والديموقراطية كأداة وحيدة لتداول السلطة "وسلميا" .. لأن الديموقراطية هي حكم القانون لا "البلطجة" كما رأينا في تجربتي تونس ومصر أن أعمال "البلطجة" من يقوم بهما هم (وزارة الداخلية والمخابرات والأمن وقبلهما جميعا الحرس الرئاسي أو الجمهوري) .. فعبود ونميري لم يكونا كإبن علي .. لكن البشير والمؤتمر الوطني أسوأ من أي طغاة شهدهم التاريخ البعيد , بل هم أسوأ من السوفيات الذين جعلو من سيبيريا سجونا للمعارضين فقط لأنهم طالبوا بحقهم في الحياة!!
    كما لا يمكننا ان نغض الطرف عن ان حكومة ثورة 21 أكتوبر 1964 هي من "نجر" مصطلح الصالح العام" – هذا هو ما مهد لتصفية "الإدارة الاهلية"فيما بعد ما يعد خرقا لقانون التطور المرحلي- .. هذه حقيقة .. وهذا تاريخ, لأن تيار الثورتين التونسية والمصرية يطغى منذ نشوبهما على الإعلام , بالتالي تشكيل الوعي العام في إتجاه محدد , بالأحرى إتجاه "ثوري" لان الأمر في نهاية المطاف سيتحول إلى إتجاه"ثورجي" اكثر منه"ثوري" مالم يتم تصحيح المسارات فيما يخص السودان, لتفادي أخطاء تجارب نمتلكها كسودانيين , ولا يمتلكها لا التوانسة ولا المصريين ..
    إذن اكتوبر تمخضت إلى جانب التسويف السياسي -خصوصا تجاه الجنوبيين- تمخضت عن التناحرات الحزبية والشخصية بشكل رئيسي ..وهذه الأمور العديدة هي ما أجهض أكتوبر فلم تعد سوى ثورة في المعنى يغنيها كبار فنانينا وربما نتحسر ونأسف عليها أسفا نبيلا عند فنانين آخرين ..
    ستتواصل مداخلاتي ..
                  

02-20-2011, 05:52 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-16-2011, 06:27 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)(*)
                  

02-16-2011, 05:14 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-16-2011, 11:26 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الأستاذ الصاوي
    تحية طيبة ..
    أزمة اليسار "أنه غير تقدمي".. بشقيه القومي والأممي لأنهما ظلا يعيشان بعيدا عن تعقيدات الواقع العملي للحياة السودانية .. وردما الهوة بين الواقع وما ينبغي أن يتحقق فعلا بالبيانات والمنشورات و.. بالشعر والأغنيات .. وهذه الأشياء كما تعلم لن تكون بديلا عن العمل السياسي الفعلي لإنجاز مهام بناء الدولة الوطنية الموحدة .. دولة المواطنة .. دولة الديموقراطية ..دولة الإستنارة .. دولة كهذه لا يمكن أن تتحقق في البيانات والمراسيم ولا يمكن أن تتحقق في المعاني الشعرية ونضال الكمنجات .. اليسار لا يزال غير واقعي .. حالم بما هو أسوأ من "حالم" كولن ولسن!..
    في الوقت نفسه يعمل الإسلاميون على ربط الشعب بالتاريخ ؟!.. بالماضي وليس الحاضر/ الواقع الفعلي الذي يعيشه السودان اليوم .. أنهم يقنعون الشعب بأن (رائحة المسك تفوح ممن يقطعون البصل من أخوات نسيبة دعما لمجاهدي صيف العبور؟!.). .في الوقت نفسه الترابي يتصور أنه إمتداد لحركة التجديد الديني كما عند الكواكبي أوالطهطاوي أو محمد عبده.. هذه مفارقات فرواد حركة التجديد الديني لم تنتج أفكارهم مجرمي حرب ! ..
    الترابي كرمز للإسلام السياسي في السودان يعاني ما يمكن أن نؤمن عليه من مصطلحاته .. يعاني الأشواق(التي خالها بُشريات كما ظل المؤتمر الوطني يزعم ) وبصرف النظر عن كل ذلك مفارقة أن يصبح الترابي بقدرة قادر"معارض" هذا يدلل على ضعف اليسار من جهة ويؤكد على أن "الغبن" عامل خطير جدا في السياسة السودانية !! فالترابي لا يتعدى حدود كونه شخص مغبون لأن قدره وضعه في دولة طرفية من العالم العربي والإسلامي (السودان) دولة ليست ضمن تاريخ الفتوحات العربية أو الإسلامية التي حسمها في السودان (رماة الحدق), كما أنها ليست ضمن تاريخ "فجر اليقظة العربية" .. ومع ذلك حاول أن يلفق لأتباعه ما لفق ونجح في ذلك .. المفارقة هنا أن غبينته ضد من صنعهم بنفسه ؟ أليس هذا شيئا جديرا بأن يوضع في إعتبار الثورة السودانية المتوقعة لتجنب مآسي الماضي .. والماضي هنا هو حقبة الإنقاذ بشرها الصرف !...
    السودان في تقديري الخاص شيء مختلف تماما , فهو بلد متنوع وهو عبارة عن أفريقيا مصغرة بكل مشاكلها التي يتقاطع فيها ما هو عربي وافد مع ما هو محلي أصيل .. لذلك إرتبك اليسار القومي كما أرتبك قبله اليسار الأممي , فالسودان ليس دولة صناعية حتى يحلم الشيوعيون سنة1953 بقيادة الثورة الأممية لتجتاح كل أفريقيا ؟! او حتى يحلم القوميون العرب تحت راية عبد الناصر بانهم يستطيعون خلق موالي جدد؟!..
    اليسار إرتكب مفارقات لأنه لم يتعامل مع البنى الإجتماعية التي تشكل السودان ويحللها ليستخرج منها القوانين التي تتلائم مع السودان كبلد للتنوع .. وهو الشيء نفسه الذي فشل اليمين والطائفية في التعامل معه رغم إدراكهما له .. لأن للجميع رأسمال رمزي يخصهم في سبيل الوصول للسلطة – أعني القوى السياسية عموما- لذلك أتفق معك تماما حول ضرورة إشتغال التنوير في مجتمعاتنا السودانية ليتمكنوا من إدراك أنفسهم ولإدراك إخوتهم الآخرين بثقافاتهم المختلفة .. لا بديل عن التنوير والتعليم المبني على معنى الإستنارة لإنتشال السودان من هذه المفارقات .. حقيقة في كل ما أكتب من تعليقات هنا لا أتعارض معك وإنما أناقش أفكار أرى انها قيمة عندما يربطها المتحاورين بخلفياتها .. وهو ما أسعى إليه حتى في المداخلة القادمة ..
    ستتواصل مداخلاتي

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-16-2011, 11:30 PM)

                  

02-17-2011, 09:40 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    )*(
                  

02-18-2011, 03:57 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-18-2011, 04:20 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الأخوة" قراء هذا البوست ستتوقف مداخلاتي مؤقتا لإيراد مداخلة من دكتور عبد الله علي إبراهيم
    والأخرى من ألأستاذ طارق مبارك..
    سأواصل مداخلاتي بعد مداخلاتيهما التي ارى أنهما- المداخلتان- مهمتان بأي حال من الأحوال في ظل الظروف الحالية التي "تكتنف" مشروع الثورة السودانية ....
    فإلى مداخلة بروفيسور عبد الله علي إبراهيم ...
                  

02-18-2011, 04:22 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    عبد العزيز الصاوي وأكتومايو
    عبد الله علي إبراهيم

    أقرأ باهتمام الكتابات التي تتجه إلى "نقد الذهن المعارض" للإنقاذ. وكان محرماً حتى وقت قريب على خصوم الإنقاذ الأصفياء الخوض في هذا الفرع من المعرفة السياسية. فمتى نَقدت المعارضة، حتى لو استحقت النقد، أصبحت، أردت أو لم ترد (حلوة دي) صليحاً للإنقاذ. وأعترف أنني لقيت في ممارسة حقي الدستوري في نقد المعارضة أذى جزافياً كثيراً. وصرفاً للأذى ميزت بين المعارضة الرسمية للإنقاذ (قوى الإجماع الوطني مثلاً) ومعارضة "بروس" مثل معارضتي.
    يجيء الآن إلى نقد المعارضة من يصعب اتهامهم في دينهم المعادي للإنقاذ. فأصدر فتحي الضوء في بابه كتاباً من العيار الثقيل ً بعنوان "سقوط الأقنعة". وأقرأ لإبراهيم الكرسني غضبات كرسنية على المعارضة. ولكن استصفيت مما قرأت مؤخراً كلمة جيدة لعبد العزير الصاوي في هذا الباب.
    فمن رأيه أننا لم ننم بعد "كتاب النقد الذاتي الانتفاضي" لنخضع ثورة اكتوبر 64 وأبريل 85 للنظر المراجع. فهو مثلاً يعتقد أن من أهلك الثورتين هم الثوار أنفسهم لا عدوهم. فالشيوعيون، وهم حملة ثورة اكتوبر، جعلوا للديمقراطية الاجتماعية (الطبقية ربما) أولوية علي الديمقراطية السياسية التي تأذن بالحقوق الديمقراطية الليبرالية مثل حق التصويت والاجتاع والتعبير. ولما اعيت الشيوعيون الحيلة ولم يبلغوا ديمقراطيتهم الاجتماعية تدراكوا اكتوبر بانقلاب 25 مايو. من الجهة الأخرى يرى عبد العزيز أن انتفاضة 85 هي بنت الحركة الإسلامية. فهي ثمرة التدين الخام والتبسيطي لعقد السبعينات كما كانت ثورة اكتوبر ثمرة عقود الخمسين والستين الثورية الاجتماعية. ومثلما انتكس الشيوعيون بأكتوبر يرى عبد العزير أن الإسلاميين موزورون بنكسة أبريل لأنهم لم يحسنوا تعاطي الديمقراطية السياسية . فإلحاحهم على تحميلها ثوابتهم الإيدلوجية مثل "الشريعة هي الحل" أبعدهم عن مقتضيات الديمقراطية الليبرالية. فاضطروا إلى استدراك ثورتهم بانقلاب 89 كما فعل الشيوعيون.
    إن نظر عبد العزيز مما نحتاج إليه كتمرين استناري جاء أوانه. وبالذات لتحريرنا من احتكار المعارضة الحزبية لحق المعارضة إن نجحت نجحت وإن خابت سلقها المناضلون بالسنة حداد. ولكن استوقفني من حديث عبد العزيز بعض أمور. بالطبع ستصك أسماع البعض قول عبد العزيز أن ثوار أبريل كانوا الإسلاميين وسننتظر منه بياناً أوفى عن هذا. اما الأمر الآخر فهو تعميمه عن الشيوعيين من جهة أنهم سدنة ثورة أكتوبر الذين أثقلوا عليها بالديمقراطية الاجتماعية ثم لما فشلوا تداركوها بالانقلاب.
    وليس هذا بالطبع موضع مراجعة عبد العزيز في جلية الأمر كله. ولكن بدا لي أنه لم يأخذ في الاعتبار جدية النزاع في الحزب الشيوعي قبيل مايو وما بعدها حول الخطة الإنقلابية. فقد كان من بين الشيوعيين من صدق عليه قول عبد العزيز بأنه استردف الثورة المنتكسة بالانقلاب. ولكن هناك رجال منهم عاهدوا الله على الديمقراطية الليبرالية. ودفعوا الثمن. فقد كان من رأي استاذنا عبد الخالق محجوب أنه يكفينا ،كتيكتيك، خلق حلف سياسي ليبرالي برلماني وشعبي ضد مسودة الدستور الإسلامي في 1968. ووقف في اجتماع اللجنة المركزية (دورة مارس 1969) بقوة في وجه الدعوة لاستكمال ثورة أكتوبر بانقلاب جاء في مايو: أكتومايو. وقد أوفى كمال الجزولي هذه المسألة في كتابه (الشيوعيون والديمقراطية).
    أخشى إذا ما شغفنا بأناقة بعض منظوماتنا وسلاستها الفنية مثل "الحلقة الخبيثة" وما يحاوله عبد العزير هنا أن نتنكب علم السياسة الذي يشقق المواقف في الحزب الواحد ويتناول أصولها الأجتماعية. فالدلائل قد نهضت بعد صدور كتاب المحبوب عبد السلام على أن مغامرة انقلاب 1989 لم تكن إجماعًا إسلامياً بل ربما كانت فكرة تآمرت على تنظيم الإسلاميين قبل خصومهم.
    (الأحداث، الأربعاء 16 فبراير 2011م).
                  

02-18-2011, 04:29 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    إلى مداخلة الأستاذ طارق مبارك .............
                  

02-18-2011, 04:30 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    من موقع حوار
    طارق مبارك
    المفكر العربي السوداني الصاوي وبشجاعة المتّيم عند مشارف المعشوقة، وهو لم يرهقه طول الانتظار يغازل ملامح انتفاضة سودانية كرصيفاتها في اسفل الوادي انطلقت شرارتها من "تويتر" و"الفيس بوك" وقدمت لها مسيرات نسوية يردد صداها الوادي شماله وجنوبه فيطرب لها ادروب والعوض ويترجمها حمزة علاء الدين لانشودة نوبية تسأل العدل والامن وبعضا من قمح الارض قبل الهوية، وايضا يري فيها جون وقد تقمص سماح المسيح بلسما للجرح القديم وحلم لقاء اخر وابدي.
    لم اعاتبه وهو استاذي وقد اتتني لغته عصية الفهم علي جيل يافع شرب لبن تعليم ضرعه اسن ومشوه، ولم اشح بوجهي بعيدا وهو تحليل الدبلوماسي الضليع وشعب مبتغاه رغيف خبز كريم, بل طربت لمفكرنا الصاوي وحلمت بغد لاتحتقر فيه كرامة المرأة في قارعة الطرقات والجلاد يضحك ويرقص في احتفال تقسيم الوطن, غد فيه يتولي جيل مسئول تخطيط ملامح بهاء الامة وغد اعود فيه وانا قد هجرت السفر حتي عفي عني ابويّ وخلسة تبسمت ابنة الجيران وهي بعد لم تكذب وعد ماقبل السفر المفروض قسرا بامر الشيطان،وقد لبس عمامة وتدلت لحيته وجيبه حسابات بنوك اجنبية, غد يقتنع فيه ابناء الائمة الفشل بان التاريخ...
    للصاوي إسهامات فكرية كبيرة سودانيا وعربيا منذ بداية السبعينات وظل ينشر في الصحف والمجلات العربية، ويشارك في المؤتمرات ذات الطابع الفكري والبحثي، ومن أهم كتبه الصادرة حتى الآن الثورة المهديه : مشروع رؤية جديدة (بالاشتراك مع محمد علي جادين)، دار الفارابي، الخرطوم 1987، موضوعات في الفكر والسياسة، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1993، حوارات الهويه والوحده الوطنيه ( باللغتين العربية والإنجليزية) مركز الدراسات السودانية، القاهرة، أزمة المصير السوداني: مناقشات في المجتمع والتاريخ والسياسة، مركز الدراسات السودانية، الخرطوم، الديمقراطية والهوية وتحديات الأزمة السودانية، دار عزة، الخرطوم، الحوار القومي- القومي، دار الطليعة، بيروت، 1995، العلاقة الناصرية البعثيه : دراسة استطلاعية في أزمة تطور الثورية العربية، دار الطليعه، بيروت، 1995، مراجعات نقدية للحركة القوميه: عودة جديدة من السودان لموضوع قديم، دارالطليعة، بيروت، 1999، في الفكر السياسي السوداني: ديموقراطية بدون استنارة
                  

02-18-2011, 04:14 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    )*(
                  

02-18-2011, 05:55 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الاستاذ احمد ضحية
    تحية ومودة
    نحتاج لمثل هذه الدراسات العميقة في هذا المنبر
    لمنارس عصفا ذهنيا عله يقودنا الى طريق الهداية السياسية

    * دراسة الصاوي جيدة وتستحق المراجعة والنقد ، وقد اوصيت لاشخاص بقراءتها خاصة من لعبوا ادورا
    في انتفاضة ابريل -طارق الشيخ وعمر الدقير_ وغيرهم من جيلنا، ونحن بعد يافعين نطقع الحجارة يف الشوارع
    ضد اليافطات المايوية

    * في اعتقادي ان الصاوي لمس عرقا حيا " وهو عدم ديمقراطيتنا التي تقودنادوما للانظمة العسكرية"
    اي ان الانقلابات تخرج من صلب تصلبنا نحن
    وقبلهم قال دكتور عبد الله علي ابراهيم شيئا من هذا القبيل فخرجت عليه السيوف.
    هذه المسألة لمسها ايضا دكتور حامد بدوي بدراسة بدأ نشرها هنا ايضا ولكنه توقف! قسم فيها السودان لثلاث مجموعات متصارعة خرجت من رحم الحركة الاستقلالية، تحاول كل واحدة منها اقصاء الاخرى عن الحكم، وسماها باسمائها!
    وهي ايضا دراسة تسحتق المتابعة والفحص. كلها ترتكن لنظرية " يا فيها يا نفسيها" المعروفة عن السودانيين.

    * الشيء الذي وجدته عسيرا على القبول _ وناقشت فيه طارق الشيخ ولم يقبله ايضا- هو عزو انتفاضة ابريل
    لتخلي الاسلاميين عن مايو ، وانهم ادوها الفاضي فخرجت الجماهير فانهار النظام.
    هذا عسيرا على الهضم خاصة واننا كنا جزءا منها ومعاصرين للكورنيكال بتاعها
    فالمظاهرات خرجت ، وقبع الاسلاميون اياما في بيوتهم، ثم خرجوا لاحقا
    ابريل كانت مخاضا طويلا ولعب فيها- اتحادات الشغل حلوة دي- النقابات المهنية والطلابية دورا معروفا
    واستمر مخاضها سنوات الى ان انطلق في مارس.
    لذلك يا عزيزي لا يمكن قبول ان مارس ابريل كانت نتيجة لفك الارتباط الاسلاموي بمايو ، نقطة!


    * لدي مساهمة هي دراسة مقارنة نشرتها قبل سنوات حول طبيعة ثورتي اكتوبريل ومرجعية القوى الني انجزتها
    اسميتها النخب الاجتماعية الخارجة عن منظومة البيروقراطية الحزبية
    اسمح لي بنشرهما هنا في حلقتني طويلتين.
                  

02-18-2011, 06:16 PM

ابراهيم على ابراهيم المحامى

تاريخ التسجيل: 04-19-2011
مجموع المشاركات: 126

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    انشر هنا الجزء الذي يهم هذ النقاش من دراستي:

    نحو مدخل جديد للعمل المعارض
    (2)

    إبراهيم علي إبراهيم المحامي

    تحليل لثورة اكتوبريل:
    يلاحظ انه في خلال الثورتين الشعبيتين (أكتوبر64 وابريل 85) احتلت المسرح السياسي نخبة اجتماعية جديدة تشكلت من قيادات نقابات قطاعات الاقتصاد الحديث (عمال ومزارعون، موظفون،أساتذة جامعات، أطباء، قانونيون، طلاب، الخ..) كان لها اليد الطولى في تفجير الثورة وقصب السبق في قيادتها، وعملت جنباً إلى جنب مع النخب السياسية في إسقاط نظام الفريق عبود، وبالانفراد بإزالة نظام مايو. ولعبت هذه الهيئات والنقابات دورا سياسياً حاسماً في الثورة والانتفاضة طغى على دورها الاجتماعي المنحصر في محاولة تحسين أوضاع منسوبيها الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال تنظيمها لحركة العصيان المدني الشامل التي أدت إلى سقوط الدكتاتورية. وهذا الدور السياسي لم يكن خياراً لها، فقد أجبرت سياسات الأنظمة العسكرية الشمولية النقابات المهنية والاتحادات على لعب دور لم يكن مرسوماً لها في الأصل. وبنفس القدر فقد وضع سقوط هذه الأنظمة العسكرية تجمع الهيئات والنقابات في موضع لم تكن له مستعدة.

    وكانت هذه النخب الجديدة ترى أنها القيادة الفعلية للثورة والانتفاضة، والمنظمة لحركة المعارضة والعصيان المدني، وان الأحزاب لم يكن لها دور غير المساندة في الساعة الأخيرة، وأنها ما عاد لها دور، وان حركة الجماهير تخطتها، وأنها أحق بتولي السلطة بعد سقوط النظام باعتبارها البديل الذي تنتظره الجماهير، للدرجة التي تغنى فيها شاعر الانتفاضة محمد الحسن سالم حميد بلسانه النقابي:
    (لما يا شرف المواكب
    يبقى هم الناس إمارة
    تندحر كل المناصب
    ينكسر كرسي الوزارة
    كنتوا وين، وين انتو كنتوا.....)
    وقد كان يستهدف بقصيدته تلك قيادات الأحزاب التي لم تشارك في النضال والتي صحت لتوها من غفوة طويلة، مقارنا بينها وبين قيادات النقابات التي أنجزت الثورة وتولت مهمة إسقاط النظام المايوي.

    هذا الدور الكبير للنقابات والاتحادات والخلاف الذي نشب بينها وبين الأحزاب يكذب مقولة أنها كانت مجرد عباءة للأحزاب وتابعة لها. صحيح إن الأحزاب كانت تتنافس على الفوز بقيادة هذه النقابات وتدفع بعناصر موالية لها وتقدم لها الدعم، ولكن ما حدث في نهاية المطاف من نزاع وخلاف جدي بين جبهة الهيئات والأحزاب في أكتوبر 64 وبين التجمع النقابي والأحزاب في ابريل 85 حول السلطة واقتسامها، وحول الفترة الانتقالية، وقضايا التحول الديمقراطي، وقضية الحرب والسلام والتعامل معها، يقف خير دليل على وجود نخبتين مختلفتين في الرؤى والأفكار والخلفيات الاجتماعية، ظلتا في خلاف مستمر وظاهر بينهما لدرجة النزاع.

    في أكتوبر 64 لم يكن الخلاف بين الهيئات والأحزاب عميقاً بالدرجة التي كان عليها بين التجمع النقابي والأحزاب في ابريل 85، حيث تم حل الكثير من الخلافات في أكتوبر أثناء الإعداد والتنظيم لجبهة الهيئات والترتيب للعصيان المدني، وكانت الثورة قوية للدرجة التي أطاحت فيها بالمؤسسة العسكرية وأجبرتها على الرجوع إلى الثكنات ولم تشركها في الحكم ولو بحقيبة وزارية واحدة.

    أما في ابريل 85 فكان الخلاف والنزاع عميقاً بين التجمع النقابي والقوى الحزبية لدرجة يمكن معها القول انه خلافاً بين نخب تمثل البيروقراطية الحزبية ونخب جديدة صاعدة على قمة تجمع النقابات التي تمثل القطاع الاقتصادي الحديث، اخذ وقتاً طويلا حتى الساعات الأولى من صبيحة 6 ابريل 1985 حيث تم توقيع الميثاق الوطني. ونتيجة لهذا التأخير والنزاع بين الفريقين تدخلت القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة لاستلام السلطة والجلوس على عرش الفترة الانتقالية. ولو لم يحدث هذا الشرخ العميق بين هاتين النخبتين لما حدث ما حدث، ولما كان للقيادة العامة للجيش أي دور في ابريل.

    وحقيقة كانت تساور النخب الجديدة شكوك كثيرة حول عودة الديمقراطية وانجاز مواثيق الانتفاضة ومتطلبات عهد الانتقال الديمقراطي، بواسطة نفس النخبة السياسية الصغيرة التي فشلت في الحفاظ عليها، والتي تنتمي إلى أصل اجتماعي وتاريخي واحد، وهي نخبة اتسمت سمعتها بالفشل والفساد، وذلك ما فتح الطريق للانقلابات العسكرية.

    لم يتوقف الأمر عند الصراع حول من هو أحق بالسلطة في الفترتين الانتقاليتين، حيث شهدت تلك الفترات بداية صراع آخر بين النخب الجديدة والقوى الحزبية حيث طالبت كل من جبهة الهيئات والتجمع النقابي برئاسة الحكومة في الفترتين الانتقاليتين، وكان لهما ذلك حيث توليا رئاسة مجلس الوزراء للحكومتين الانتقاليتين في الفترتين 64 و85 على التوالي: سر الختم الخليفة الذي كان يمثل جبهة الهيئات والجزولي دفع الله الذي كان يمثل التجمع النقابي. كما نشب صراع آخر حول طول الفترة الانتقالية سجلت فيه الأحزاب نصراً في المرتين كان نتيجته تقصير الفترتين إلى ستة أشهر وسنة في الحالتين. وتم حسم النزاع حول الحقائب الوزارية بمنح قيادات نقابات العمال والمزارعين والموظفين حقائب وزارية في أكتوبر، وسميت الحكومة بحكومة جبهة الهيئات. كما تمت نفس التسوية بين الأحزاب والتجمع النقابي حول الحقائب الوزارية حيث نال النقابيون وزارات مهمة مثل الخارجية والنائب العام وغيرها.

    لم يكن الأمر سهلا بالطبع بعد تحقيق الانتصارين، فقد كان الخلاف والنزاع بين قوى البيروقراطية الحزبية والنخب النقابية الصاعدة عميقاً مما ساهم في تعطيل انجاز قضايا ومتطلبات عهد الانتقال للديمقراطية في الحالتين. وانعكس هذا النزاع سلباً في رفض الحكومة المنتخبة التي أعقبت حكومة أكتوبر لمقررات الاثنى عشر التي خرجت من مؤتمر المائدة المستديرة باعتبارها إحدى "بنات أفكار جبهة الهيئات" أو النخب الجديدة التي أصبحت خارج الحكم بعودة الأحزاب للحكم. وتكرر نفس هذا الموقف في رفض حكومة الديمقراطية الثالثة لمقررات مؤتمر كوكادام الذي أتت به قيادات التجمع النقابي باعتبارها القوى الجديدة المنتصرة في ابريل 85. ليس هذا فحسب بل عملت قيادات الأحزاب بعد انتخابها على تهميش قيادات النقابات ولم تشركها في السلطة. وظهر للناس جميعاً وجود مشروعين متناقضين الأول يمثل البيروقراطية الحزبية والثاني يمثل النخب الجديدة الصاعدة، وأن البديل الذي تحقق لم يكن هو البديل المنشود لجماهير الشعب السوداني.

    عموماً كان لهذه الثورة الاجتماعية السياسية ودورها في انجاز ثورتي أكتوبريل 64/85 ومشاركة النخب الجديدة في الحكومتين الانتقاليتين وإسهامها الفعال في عودة الديمقراطية، أثره البليغ في إحداث حراك اجتماعي كبير في منتصف الستينات ومنتصف الثمانينات في أعقاب الانتصارين، حيث زاد نشاط العمل المجتمعي والمدني بشكل كبير، وظهرت الكثير من الحركات الاجتماعية، والتنظيمات الثقافية والشبابية والنسوية، والمنظمات الإنسانية، التي ظلت تعمل وتزدهر في ظل الانفراج الكبير الذي حدث في الحريات العامة والأجواء الديمقراطية. ولم تتخل هذه الحركات الاجتماعية والثقافية عن دورها السياسي الذي طغى أحيانا على أدوارها الأخرى، وبدأت الأحزاب تتسابق عليها وتتبارى في دعمها وتشجيعها على القيام، وتحاول السيطرة عليها، خاصة وأنها لعبت دورا كبيرا في تغيير الأوضاع السياسية في البلاد من خلال حركة العصيان المدني.

    وبالنظر إلى تجربة انتفاضة ابريل 85 بصفة خاصة، والنزاع الذي حدث بين التجمع النقابي وقيادة الأحزاب يتضح أن النخب السياسية المتمثلة في البيروقراطية الحزبية لم تكن تحمل مشروعاً للتغيير السياسي أو الاجتماعي، بقدر ما كان همها إحكام سيطرتها على العملية السياسية في البلاد. فانحصرت برامجها بعد السيطرة على العملية الديمقراطية على تأمين المصالح الفئوية الضيقة لأفرادها عبر تسخير أجهزة الدولة "الديمقراطية" نفسها. وقد كانت هذه الأهداف الجوهرية للنخب السياسية تتعارض وتتقاطع بشكل كلي مع المصالح الاجتماعية والاقتصادية للشعب بأسره.

    هذا المشروع يتناقض بالضرورة مع مشروع النخب الاجتماعية الصاعدة من قيادات التجمع النقابي بكل مكوناته، والمتمثل في مشروع متكامل يسعى إلى تطوير المجتمع بكل فئاته التي يمثلونها، ويهدف إلى الارتقاء بأحوال المواطن بصفة عامة، وحل قضايا الحرب والوحدة الوطنية والحكم. هذا المشروع انعكست ملامحه في مقررات مؤتمرات الانتفاضة ومواثيق التجمع النقابي الصادرة آنذاك ودعوته للمؤتمر القومي الدستوري الذي كان يسعى إلى معالجة قضايا الوطن ككل وإعادة هيكلة الدولة وتأسيسها على أعمدة جديدة.

    وقد فطنت النخب السياسية المتمثلة في البيروقراطية الحزبية منذ انطلاقة مظاهرات الطلاب في 26 مارس إلى خطورة الأوضاع من ناحيتين: الأولى ظهور علامات سقوط النظام المايوي، والثانية ظهور برنامج ومشروع وطني جديد يتعارض مع مشروعاتها، تقف خلفه قيادات اجتماعية تظهر لأول مرة على المسرح السياسي السوداني الذي كانت سماته الاحتكار، جاءت في مجملها من خارج البيروقراطية الحزبية، وتمتاز بقدر عال من الاستقلالية وقدرة هائلة على الحركة التنظيمية والإبداع الفكري الخلاق. لذلك نشب الصراع بينهما منذ البداية والذي كانت نتيجته انتصار القوى الحزبية فيه حيث تمكنت في فترة وجيزة من إزاحة هؤلاء الصاعدين الجدد من السلطة بصورة كبيرة وبالتالي القضاء على مشروعها الوطني وحرمان السودان من فرصة ذهبية كان يمكن لو قدر لها القيام أن تنقل السودان إلى آفاق أفضل بكثير مما هو عليه الآن.

    إن عمل النقابات وبصفة خاصة نقابات القطاعات الاقتصادية الحديثة ليست مشروعاً سياسياً في حد ذاته، ولكن في ظل الفراغ الذي حدث إبان العهد المايوي، انبرت هذه القيادات النقابية لملأه، والقيام بدور سياسي لم يكن مرسوما لها في الأصل، بصورة طبيعية جعلت منه تتويجاً لدورها الاجتماعي الأصيل. وبالطبع ليس هنالك فواصل بين ما هو اجتماعي وما هو سياسي. وبسبب هذه النخب الجديدة حدث تغيير نوعي في نظرة الحكومات الانتقالية حيث أدركت أن مصالح الوطن لن تتحقق في ظل صراعات القوى التقليدية والطائفية وهيمنتها على العملية السياسية في البلاد، فقامت بإعادة ترتيب الأجندة الوطنية، ووضعت قضية الحرب والسلام والوحدة الوطنية على رأس أولوياتها في تلك الفترة البسيطة من وجودها في السلطة.

    وعكست قوة القيادات النقابية التي ظهرت في أكتوبر، وبصفة خاصة في ابريل 85 ودورها العظيم في إزالة الدكتاتورية أن نخب البيروقراطية السياسية داخل الأحزاب كانت تعاني من مشاكل في التجديد وبدأت تضمحل ونضب معينها، فلم تستطع تقديم قيادات جديدة واكتفت بنفسها في قمة هرم القيادة لزمان طويل بلغ الثلاثة عقود أو أكثر. في حين استطاعت النخب الاجتماعية الصاعدة عبر النقابات وتنظيمات القطاع الاقتصادي الحديث أن تقدم قيادات جديدة شهدها الشعب السوداني لأول مرة، وبرنامج وطني جدي لحل مشاكل الوطن المعقدة.

    ليس المقصود بالطبع من وراء هذا التحليل الذي ركز على إبراز دور النخب الاجتماعية، التقليل من دور السياسيين أو رجال السياسة الرسميين، فهذا لا يسد مكان هذا، والذي يميز بينهما أن السياسي يتعامل مع القوة بشكل مباشر سواء بصنعها أو تنظيمها أو موازنتها. ولكن ما حدث في أكتوبريل أزال هذا الفارق الأساسي حيث استطاعت نخب النقابات والاتحادات أن تخلق القوة بتنظيمها وتوظيفها لجماهير الشعب، لتواجه بها قوة البطش والدكتاتورية بكل ما اشتهرت به من شراسة وعنف، واستطاعت إلحاق الهزيمة بها، وإسقاطها وإزالتها من الوجود.

    ما قدمته من توضيح يصلح كمدخل لرسم خريطة طريق جديدة للعمل المعارض بشكل عام، إذ كان ذلك الوضع يفترض تعاونا تاماً بين النخبتين السياسية والنقابية بدلا من التناحر الذي أنهى ثمرة انتصاراتهما. لذلك فإنني بقدر ما أؤكد على أهمية التعاون بين النخب السياسية والنخب النقابية والاجتماعية المختلفة لضمان نجاح العملية السياسية خاصة إذا كانت عملا معارضاً، أؤكد على ضرورة التنسيق التام والتعاون بينها وبين النخب الاثنية الجديدة للوصول إلى حل يرضي الجميع لمشاكل البلاد المصيرية. وهذا أيضا يفرض بالضرورة أهمية استصحاب تجربة الحركات الاجتماعية في العمل المعارض ونشر فكر المقاومة الشعبية الذي ابتدعته قيادات تجمع النقابات في التصدي للأنظمة الدكتاتورية الشمولية.

    فلا يمكن تصور نجاح عمل معارض تقوم به البيروقراطية الحزبية وحدها في السودان بوضعها الحالي حسب ما ثبت تاريخياً، دون أي دور للنخب الاجتماعية التي تتميز بالقدرة على الحركة والحرية بعيداً عن القيود الحزبية، حيث تلعب هذه النخب دور الوسيط المدني بين بطش السلطة العسكرية الشمولية وبين تطرف المعارضة المسلحة أحياناً، والمشلولة أحيانا أخرى، ومن دون هذه الوساطة تختل العملية السياسية في أية دولة كما اختلت في عهد الإنقاذ الوطني.

    إن عملية التغيير الوطني المطلوبة التي تعني إعادة توحيد مكونات الوطن والمجتمع بأجزائه وشرائحه المختلفة، وبث الروح فيها بحيث تصبح قادرة على قيادة حركة الإصلاح السياسي والاجتماعي هي مهمة أصيلة تقوم بها النخب الاجتماعية وذلك لما تتمتع به هذه النخب من وعي كامل ورؤية شاملة بمكونات المجتمع وقضاياه المعقدة. صحيح أن هذه النخب أحياناً تجد طريقها للبيروقراطية الحزبية وتنضم إليها، ولكن في الحالات السودانية في أكتوبر و ابريل اختارت هذه النخب طريقا آخر.


    يتبع....
                  

02-18-2011, 06:45 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: ابراهيم على ابراهيم المحامى)

    Quote: الاستاذ احمد ضحية
    تحية ومودة
    نحتاج لمثل هذه الدراسات العميقة في هذا المنبر
    لمنارس عصفا ذهنيا عله يقودنا الى طريق الهداية السياسية

    * دراسة الصاوي جيدة وتستحق المراجعة والنقد ، وقد اوصيت لاشخاص بقراءتها خاصة من لعبوا ادورا
    في انتفاضة ابريل -طارق الشيخ وعمر الدقير_ وغيرهم من جيلنا، ونحن بعد يافعين نطقع الحجارة يف الشوارع
    ضد اليافطات المايوية

    * في اعتقادي ان الصاوي لمس عرقا حيا " وهو عدم ديمقراطيتنا التي تقودنادوما للانظمة العسكرية"
    اي ان الانقلابات تخرج من صلب تصلبنا نحن
    وقبلهم قال دكتور عبد الله علي ابراهيم شيئا من هذا القبيل فخرجت عليه السيوف.
    هذه المسألة لمسها ايضا دكتور حامد بدوي بدراسة بدأ نشرها هنا ايضا ولكنه توقف! قسم فيها السودان لثلاث مجموعات متصارعة خرجت من رحم الحركة الاستقلالية، تحاول كل واحدة منها اقصاء الاخرى عن الحكم، وسماها باسمائها!
    وهي ايضا دراسة تسحتق المتابعة والفحص. كلها ترتكن لنظرية " يا فيها يا نفسيها" المعروفة عن السودانيين.

    * الشيء الذي وجدته عسيرا على القبول _ وناقشت فيه طارق الشيخ ولم يقبله ايضا- هو عزو انتفاضة ابريل
    لتخلي الاسلاميين عن مايو ، وانهم ادوها الفاضي فخرجت الجماهير فانهار النظام.
    هذا عسيرا على الهضم خاصة واننا كنا جزءا منها ومعاصرين للكورنيكال بتاعها
    فالمظاهرات خرجت ، وقبع الاسلاميون اياما في بيوتهم، ثم خرجوا لاحقا
    ابريل كانت مخاضا طويلا ولعب فيها- اتحادات الشغل حلوة دي- النقابات المهنية والطلابية دورا معروفا
    واستمر مخاضها سنوات الى ان انطلق في مارس.
    لذلك يا عزيزي لا يمكن قبول ان مارس ابريل كانت نتيجة لفك الارتباط الاسلاموي بمايو ، نقطة!


    * لدي مساهمة هي دراسة مقارنة نشرتها قبل سنوات حول طبيعة ثورتي اكتوبريل ومرجعية القوى الني انجزتها
    اسميتها النخب الاجتماعية الخارجة عن منظومة البيروقراطية الحزبية
    اسمح لي بنشرهما هنا في حلقتني طويلتين.



    الأخ الشقيق والصديق
    الأستاذ إبراهيم علي إبراهيم المحامي ..
    تحية طيبة
    وود عميق .. و .. وكيف الأولاد .. فمنذ زيارتنا لاسرتك الكريمة قبل عام إنقطعت الأخبار .. ولا سلام ولا كلام .. عموما لا تدري مدى سعادتي بمساهمتك هنا في هذا البوست , الذي أعتقد بأهميته البالغة إذا قررنا فعلا أن نخرج للشوارع ( طبعا ليس على طريقة شاهرين هتافنا *ولسوف تلقانا الشوارع بكذا وكذا) لتلقانا بأي شكل .. ففي التحليل النهائي لن تتمخض ثورة شباب السودان عن "صوملة" كما يزعم الصادق المهدي وهو يخزل الشباب؟!..
    على أية حال أشكرك كثيرا على توصياتك لآخرين ممن يعلمون بواطن أبريل بقراءة هذا المقال .. فبالتأكيد توصيتك مهمة وتجد وقعا طيبا في هذا البوست المفتوح ..
    بالطبع يلاقي جميع من لهم رأي مختلف الامرين من أدعياء السياسة وكلاسيكييها .. ولكن لن يكون ذلك بديلا عن الإستمرار في النقاش والتحليل وإبداء الرأي .. حتى نجد مخرجا .. ويا ريت تنشر لينا هنا دراسة دكتور حامد بدوي لتعميم الفائدة ومرحبا بكل ضيوفك فهذا البوست بوستك .. وبالطبع أتفق معك تماما ان أبريل لم تكن بأي حال من الأحوال تخلي الإسلامويين عن مايو .. فالثورة كعملية تمر بمراحل عديدة ..أنظر إلى مصر .. هؤلاء الشباب لأكثر من خمسة سنوات يعملون على صناعة الثورة .. لم يتركوا شيئا لم يجربوه سواء كانت حركة كفاية أو جمعية التغيير أو الفيس بوك .. فعلو كل شيء فكانت النتيجة بعد مجهود خمسة سنوات هي ما نراه الآن .. ثورة حقيقية نأمل أن تؤتي ثمارها ..مرحبا بدراستك ذات الصلة بهذا البوست وكل الدراسات والمقالات ذات الصلة
    مودتي وسلامي للأسرة الكريمة
                  

02-18-2011, 07:03 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    سأنشر فيما يلي مقال للأستاذ محمد بشير أو عبد العزيز حسين الصاوي هو بمثابة الإمتداد للمقال السابق الذي نتداخل حوله الآن .. فإلى المقال ..
                  

02-18-2011, 07:03 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    سأنشر فيما يلي مقال للأستاذ محمد بشير أو عبد العزيز حسين الصاوي هو بمثابة الإمتداد للمقال السابق الذي نتداخل حوله الآن .. فإلى المقال ..
                  

02-18-2011, 07:05 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    النموذج السوداني : عندما تلد الانتفاضات الديموقراطيه انقلابات شموليه
    عبد العزيز حسين الصاوي
    في خضم المعالجات التحليلية والاخباريه للحدث المصري، وقبله التونسي، الكبير كان المنظور السوداني قد لاحظ محدودية الاهتمام بالمثيل السوداني رغم انه تكرر اكثر من مره. والمعني بذلك ما أستقر في الادب السياسي السوداني وصفه ب " ثورة اكتوبر/ تشرين اول 1964 " التي اسقطت اول نظام انقلابي في تاريخ السودان كان قد انقض علي سلطة الاستقلال الوطني بعد عامين فقط من اكتمالها. وبعد مايقارب ربع قرن من الزمان وقعت " انتفاضة ابريل/ نيسان 1985 " ضد نظام الانقلاب الثاني في تاريخ البلاد . الواقع ان قصة اكتوبر السوداني التي لم ترو بعد في كتاب النقد الذاتي اليساري السوداني، وكذلك قصة ابريل 85 التي لم ترو بعد في كتاب النقد الذاتي الاسلامي، هي قصة الانتفاضة الشعبية المغدورة بواسطة من قادوها ... ليس القيادات ولاحتي الاحزاب فقط وانما ،وهو الاخطر بما لايقاس،مجموعات النخب والمناخ العام في المرحلة المعينه. بذلك بقيت الخبرة المفيدة مستقبليا من هذين الحدثين المفصليين في تاريخ السودان الحديث غائبة عن الذهن السياسي السوداني مايفسر تمكن الشمولية الدينية من المجتمع نفسه قبل سلطة الدوله منذ الثمانينيات خاصة، ومايجعل اعادة استكشاف هاتين الانتفاضتين مفيدا للحدث المصري الكبير الراهن .
    ثورة اكتوبر كانت حراكا شعبيا باهرا علي ساقي اضراب سياسي عام وحضور شارعي قوي، الاشمل من نوعه عربيا بالتأكيد حتي الان، وصناعة يسارية، شيوعيه خاصة، بأمتياز. وقتها كانت الموجة الاشتراكية طاغية عربيا وعالمثالثيا منذ الخمسينيات حد ظهورها كلثوميا عبر البيت الشهير " الاشتراكيون انت امامهم / لولا دواعي القوم والغلواء "، في قصيدة شاعر الارستقراطيه المصرية احمد شوقي " ولد الهدي " . في السودان أطلقت هذه الموجه ديناميكية فعاله لمجموعة من أميز مثقفي ومتعلمي مابعد الاستقلال عام 56 اختارت صيغتها الشيوعية- الماركسيه. وفي مجال نخب حَضَريه وشبه حضريه مفتوح امامها دون منافسة من صيغة تقدمية اخري شكلت الحركة الشيوعية أرقي اشكال التنظيم السياسي والنقابي مفتتحة عصر السياسة السودانية المفّكِرة القائمة علي التخطيط المشتق من اسس نظرية معينه. علي انه كما كان كعب اخيل الحركة الاشتراكية عموما ، كما اثبتت الانهيارات المتتالية لنماذجها الدوليتة منذ الثمانينيات، هو أوللة ( من أولويه ) الديموقراطي اجتماعيا علي الديموقراطي سياسيا فأن الجهد التاريخي لصيغتها السودانيه بأعلاء مصالح الطبقات الشعبية وتفجير الوعي العام بحقوق المشاركة في السلطة والثروه صب في مسار مسدود النهايات، مما انتهي بها لتمهيد مخرج انقلابي منه. فالنجاح الباهر لهذه النخب في تفكيك نظام الدكتاتورية الاولي ( 58- 64 ) وضعها وجها لوجه أمام مأزقها حول قضية الوصول للسلطه متمثلا في العجز عن منافسة الاحزاب التقليدية ذات الثقل الريفي الطائفي انتخابيا، بينما تنافيها الايديولوجي مع الديموقراطية الليبراليه الكامن في صلب ماركسية الحزب الشيوعي الكلاسيكية نسبيا حينذاك، يمنعها من التفكير والتخطيط لاستثمار رصيدها الاكتوبري الغني لتأهيل نفسها مستقبليا لمثل هذه المنافسه. وفي المناخ النخبوي الجامع بين التعبئة ضد الاخطارالمحدقة بمكاسب ثورة اكتوبر من فوز أحزاب الزعامات القديمة بسلطة دولتها والتثقيف اللاديموقراطي، المتغذي ايضا بدسامة النموذج الناصري القريب للسودان بأكثر من معني، كان حتميا ان يأتي الانقلاب الثاني من اوساط هذه النخب نفسها، لاسيما في مجتمع ماقبل- استناري لم تترسخ فيه البنية التحتية للديموقراطيه كثقافه رادعه لاي تفكير او سلوك يتناقض معها. في 25 مايو 1969 استولت مجموعة ضباط ناصرية- يساريه من الرتب الوسيطة علي السلطه بقيادة جعفر نميري وسط احتضان مادي ومعنوي ملموس من المناخ الذي صنعه ناشطو ثورة اكتوبر 64 ضد الدكتاتورية الاولي إذ تبنت برنامجا انتخابيا كانت قد طرحته القوي الاشتراكيه.
    عند هذه النقطه بدأ الترسب التدريجي للنموذج النقيض- المشابه ليتجسد متكاملا بعد 15 عاما في انقلاب يونيو/ حزيران 89 منبثقا، هذه المره، عن مناخ صنعه الناشطون الاسلاميون مستثمرين مجموعة من التطورات السودانية وغير السودانيه التي رشحت الفكر السياسي الديني وممثليه الحركيين كبديل لليسار. داخليا، وكما هو شأن كافة السلطات اللاديموقراطية المنشأ، تدهور التعايش القلق بين قيادة انقلاب مايو 69 وحلفائه من اليسار المنظم حزبيا الي صراع عنيف، دفع بها تدريجيا نحو اليمين متخلية عن مشروعيتها التقدمية الي مشروعية تنمويه محايده ايدولوجيا تمشيا مع الحقبة الساداتيه في مصر ومع الحاجة للدعم من الاوساط الحزبية والشعبية غير اليساريه السودانيه. ومع انطفاء جاذبية النموذج الناصري بعد هزيمة 67 وتزايد وزن النموذج السعودي – الخليجي اثر تدفق البترو دولار بعد حرب 73 متزامنا مع تفاقم الازمات الاقتصاديه والمعيشيه السودانيه التي وصلت حد المجاعه في غربي البلاد، انفتح الذهن النخبوي والشعبي السوداني ملجأ للتدين الخام والتبسيطي. هذه البيئة المناقضة تماما لبيئة ماقبل اكتوبر 64 نفخت الروح في حركة الاخوان المسلمين الخامله لتنجب قيادة الترابي الشابه عمرا وتفكيرا فولدت من جديد بديناميكية عاليه رفعت معدلات نمو الحركة الاسلامية منذ اواخر السبعينيات بمراحل مقارنة بمعدلات نمو كافة الأحزاب الاخري، مقصية اليسار من موقعه في قيادة النخب المدينية المدينيه الحضريه. من هنا فأن انتفاضة 6 ابريل/نيسان 85 التي اطاحت بسلطة النميري كانت، بالاساس، ناتج فك تحالفها مع الحركة قبل ذلك بشهر واحد وليست ناتج احتشاد ديموقراطي التوجه قريب بأي درجه من احتشاد ثورة اكتوبر وعيا او تنظيما، لان الحركة كانت مؤهلة تماما لافشال اي اضراب سياسي او حضور شوارعي لو بقي التحالف قائما. ودليل ذلك الاقوي ان الجبهة القوميه الاسلاميه، الاسم الجديد للحركه الاسلاميه وقتها، تمكنت بسهوله من العوده الي قلب مرحلة مابعد العهد الانقلابي الثاني رغم تحالفها معه لمدة 7 سنوات وحتي اللحظة الاخير (تحديدا 9 مارس/ اذار 85) مخترقة كافة مؤسساته في تشكيلة المجلسين العسكري والوزاري الانتقاليين والاجهزة الامنية والعسكريه وحتي برلمانه حيث حققت مايشبه الاكتساح في الانتخابات التي جرت عام 86 قافزة الي المركز الثالث بعد الحزبين الانتخابيين تقليديا، الامه والاتحادي الديموقراطي. علي أن عقائديتها الدينيه المحتوي جعلت منها مصمتة ضد الديموقراطية الليبراليه أكثر من اليسار، فانجرفت علي طريق الانقلاب والشموليه، فكانت سلطة انقلاب يونيو/ حزيران يونيو 89 المتسلطة حتي الان في مجتمع ممسوك بفعل تدهور خصائصه ماقبل- الاستناريه الي خصائص ضد- استناريه فائضا بفكر الخرافة والغيبيات الذي يستولد من الحركة الاسلاميه التكفيريات بنواصبها وروافضها المدمره حتي لهيكل الدولة المجرد كما وقع بأنفصال الجنوب والبقية تأتي.
                  

02-18-2011, 07:35 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    خبر ذي صلة :
    ويكيليكس تكشف عن محضر إجتماع تم بين مبارك والبشير
    الجمعة, 18 شباط/فبراير 2011 05:36 سودانايل
    البشير حاول تبرير أفعاله لمبارك.. لكن مبارك رد عليه: هذا الأمر غير مجدٍ الآن
    مبارك نصح البشير بترك المنظمات تعمل في دارفور دون وصاية وتجنب الاصطدام مع الغرب
    الصادق المهدي أبلغ السفارة الأميركية في القاهرة بأن فوز (الوطني) في الإنتخابات سيكون كارثة على السودان.. و(الشعبية) مؤهلة للفوز لكن الشعب غير مستعد لقيادة جنوبية
    واشنطن: نيوميديانايل: عبد الفتاح عرمان

    نشر موقع (ويكليكس) يوم أمس الثلاثاء وثائق جديدة تتعلق بالشأن السوداني. وكشف الموقع عن رسالة بعثت بها السفيرة الأميركية في القاهرة، مارغريت سكوبي للخارجية الأميركية بتاريخ الرابع عشر من يوليو 2009م قالت فيها أنها تحدثت إلى مستشار الرئيس المصري المخلوع حول زيارة الرئيس السوداني، عمر البشير للقاهرة في منتصف يوليو 2009م، وأطلعها على محضر الإجتماع الذي جاء بحسب مستشار الرئيس المصري للضغط على الرئيس البشير لعودة العلاقة إلى طبيعتها مع تشاد، وترك منظمات العمل الإنساني لتعمل في دارفور دون تدخل الحكومة وعدم الاصطدام بالغرب.

    وتابعت برقية سكوبي: "قال لي مستشار الرئيس المصري، أن الرئيس البشير حاول مرارا تبرير ما قام به من أفعال لكن مبارك أخبره بأن هذا الأمر غير مجدٍ الآن.. ونصحه بتنفيذ إتفاقية السلام الشامل وتحقيق سلام في دارفور وتجنب الاصطدام مع الغرب".

    في إتجاه ثانٍ، كشف (ويكليكس) عن برقية أرسلتها السفارة الأميركية في القاهرة إلى وزارة الخارجية في واشنطن عن فحوى إجتماع ضم مسؤولين في سفارتها في القاهرة مع الإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي في الثالث من يونيو 2009م بعد عودة الأخير من مؤتمر في أربيل بالعراق.

    قالت البرقية: "الصادق المهدي، عرضنا علينا بعض الأفكار، وهي أفكار متأثرة بمشاركته في مؤتمر أربيل؛ لكنها مرتبة بصورة بليغة". تضيف البرقية: " لكننا نشك في أنه يُحظي بالدعم السياسي الكافي لتنفيذ هذه الأفكار في السودان.. ونحن، نشعر بالقلق من أن أفكار المهدي تخلق خيارا آخرا ضمن الخيارات الأخرى لحل مشكلة السودان".

    وأستطردت البرقية على لسان الصادق المهدي: "الخطأ الأساسي لحكومة السودان، هي أنها ركزت على حماية رئيسها من إتهامات محكمة الجنايات الدولية، وحاولت تخليصه منها عبر إستخدام إتفاقية السلام الشامل وإحراز تقدم في دارفور كأدوات مساومة".

    وفيما يتعلق بإنتخابات أبريل من العام الماضي، كان رأيي المهدي- بحسب البرقية: "إنتخاب المؤتمر الوطني لفترة ثانية سيكون كارثي على السودان.. والحركة الشعبية من الممكن أن تفوز بالإنتخابات لكن السودان غير جاهز لقيادة جنوبية تحكم برؤية السودان الجديد".

    وطرح المهدي حزبه كقوي "وسط" ما بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، بالقول: "سنعمل على توسيع السلطة السياسية.. طرح حزبنا برغماتي بإمكانه حل الجنائية وتنفيذ إتفاقية السلام الشامل؛ وضمانة عدم تهميش أقاليم السودان الأخرى".

    في الحلقة القادمة نكشف عن إجتماعات الحركة الشعبية برئيس جهاز المخابرات المصرية

    هذا (...) رأي مناوي في حركة العدل والمساوأة ومنبر (الدوحة) التفاوضي
    ماذا قال مستشار مناوي للسفارة الأميركية في القاهرة عن الصادق المهدي؟
                  

02-19-2011, 03:58 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-19-2011, 05:32 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الأستاذ الصاوي
    تحياتي ومحبتي ..
    قبل أن أدلف إلى مداخلتي الأخيرة(والمطولة) ارغب في "التفاكر" مع كل المتداخلين هنا حول سؤال صغير : لماذا تجاوز التوانسة والمصريون أحزابهم وقياداتهم السياسية ,حتى يتمكنوا بعد أكثر من خمسة سنوات من صناعة هذه الثورات العظيمة التي أشعلت فتيل كل المنطقة .. ببساطة لأن القوى السياسية في كل المنطقة تم تدجينها- دجنت من قبل الأنظمة الإستبدادية التي ورثت الإستعمار بأشكال أسوأ من أشكاله كإستعمار - السؤال الصغير هو هل سيتمكن "شباب السودان" من صناعة خاتمة الإنتفاضات والثورات التي ترد لبلادنا الكبيرة إعتبارها؟ أعني إذا لم يتجاوز هؤلاء الشباب الميرغني والمهدي ونقد والترابي ...
    لا زال السؤال مستمر : الشرط الرئيسي لإنعتاق شعب السودان يكمن في تجاوزه لهذه القوى السياسية العتيقة التي لا ترى في المواطنين سوى عبيدا أو(جماهير شغيلة بلغة الشيوعيين), والتي لا ترى في أعضاء أحزابها سوى أتباع يحملون الإباريق لغسل يدي مولانا أو السيد الإمام أو الرفيق نقد ..هذا هو الواقع الذي لا يمكن غض الطرف عنه !..
    بقية السؤال هو : ماهو مصير القوى السياسية القديمة التي أودت ببلادنا إلى هذا الدرك؟..
    عن نفسي شخصيا أقترح أن تتحول أحزاب كالأمة والإتحادي والشيوعي لجمعيات خيرية أو منظمات مجتمع مدني أو أشياء من هذا القبيل.. مع أنها ستفشل حتى في هذه الأمور!!.. لكن على الأقل ستجد نفسها لديهاأشياء تنشغل بها بعيدا عن السياسة التي فشلت فيها تماما!! ..
    المفارقة هنا أن هذه القوى إلى جانب المؤتمر الشعبي ستسعى جاهدة لوراثة مجهودات ونضالات هؤلاء الشباب .. إذن ليضع الشباب منذ الآن نصب تفكيرهم هذا الأمر .. وهي ليست نصيحة ولكن مخاوف !!..
                  

02-20-2011, 06:38 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    خبر ذو صلة:
    ويكليكس: سليمان طلب من وفد الحركة عدم التدخل في دارفور لكنها رفضت
    السبت, 19 شباط/فبراير 2011 07:57
    وفد الحركة طلب من رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة دعم تغيير الحكومة السودانية .. لكنه لم يتقبل الفكرة
    ويكليكس: مناوي نادم على توقيع أبوجا ويدعم الجنائية.. و(منبر الدوحة) رشوة للعدل والمساواة
    واشنطن: نيوميديانايل: عبد الفتاح عرمان
    كشف موقع ويكليكس يوم أمس الأول عن وثائق جديدة تتعلق بالشأن السوداني. وبحسب برقية أرسلتها السفارة الاميركية في القاهرة لرئاستها في واشنطن حول زيارة وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان للقاهرة في أواخر ديسمبر 2009م فقد كشفت البرقية المعنية عن إجتماع رئيس جهاز المخابرات المصرية العامة، عمر سليمان بالأمين العام للحركة الشعبية، باقان أموم، ورئيس كتلتها البرلمانية، ياسر عرمان ووزير الخارجية، دينق الور، حينئذاك.
    تقول برقية السفارة الأميركية المرسلة لواشنطن بتاريخ التاسع والعشرين من ديسمبر 2009م، وعلى لسان فرمينا مكويت منار، رئيس بعثة حكومة الجنوب في القاهرة الذي كشف للسفارة الأميركية فحوى تلك الإجتماعات؛ إن إجتماعات وفد الحركة الشعبية مع رئيس جهاز المخابرات المصرية من يوم 19 إلى 21 ديسمبر لعام 2009م تطرقت إلى رؤية عمر سليمان حول أهمية تركيز الحركة الشعبية في الجنوب وترك أمر دارفور، الأمر الذي رفضته الحركة الشعبية- بحسب البرقية- وأرجع وفد الحركة ذلك إلى: "لا وجود لإستقرار في الجنوب دون حل أزمة دارفور".
    وكشف منار عن شعور وفد الحركة الشعبية بأن الموقف المصري صار أكثر تقبلا لفكرة الإنفصال، لكنهم طرحوا مد أجل الفترة الإنتقالية لعشر سنوات، وإقامة دولة كونفدرالية ما بين الشمال والجنوب.
    وطبقا للبرقية المعنية، فإن وفد الحركة الشعبية والجانب المصري لديهما خوف مشترك من قيام حكومة إسلامية في شمال السودان بعد إنفصال الجنوب.
    وحثّ وفد الحركة الشعبية رئيس المخابرات المصرية العامة بدعم فكرة تغيير النظام، لكن الأخير لم يكن متقبلا لفكرة تغيير النظام.
    وعبّر سليمان عن إستياءه من إعتقال الحكومة لباقان وعرمان أثناء مظاهرات ديسمبر من العام نفسه- بحسب البرقية.
    وفيما يتعلق بمياه النيل أعربت القيادة المصرية عن قلقها من تأثير إنفصال الجنوب حصتها من المياه، لكن وفد الحركة الشعبية طمأنها بأن الجنوب سينال حصته من السودان في حالة الإنفصال ولن تتأثر حصة مصر من المياه.
    في المقابل، طمأن سليمان وفد الحركة الشعبية بأن مصر ستتقبل ما تسفر عنه نتيجة الإستفتاء. وأرجع ذلك: "لأن مصر تتطلع لرؤية دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وإستقرار". حسب ما ورد في البرقية.
    في سياق منفصل، كشف (ويكليكس) عن زيارة مني أركو مناوي، رئيس حركة تحرير السودان للقاهرة في يوليو 2009م ولقاءه بالسفارة الأميركية.
    و طبقا لبرقية من السفارة الأميركية في القاهرة موجهة لرئاستها في واشنطن بتاريخ الرابع عشر من يوليو 2009م، كشفت البرقية عن إجتماع مستشار رئيس الجمهورية- وقتها-، ورئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي بالسفارة الأميركية حيث أعرب مناوي عن "ندمه" بالتوقيع على إتفاقية أبوجا للسلام مع الحكومة السودانية. وحثّ مناوي الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي على دعم محكمة الجنايات الدولية "لانها تعد جزءا من الإتفاق القانوني لحل مشكلة دارفور"- بحسب ما نقلته البرقية عن مناوي.
    وفيما يتعلق بمنبر الدوحة، هاجم مناوي حكومة قطر مقللا من دورها في حل مشكلة دارفور، مضيفاً :"قطر لا تعرف شىء عن دارفور". ووصف مبادرة قطر لحل مشكلة دارفور بأنها "مصممة على حركة العدل والمساواة". تابع: "قطر تستخدم منبر الدوحة لرشوة العدل والمساواة لتوقيع على إتفاق سلام مع الحكومة".
    ونعي مناوي ما وصفه-بحسب البرقية: "محاولة العدل والمساواة في أن تصبح الحركة الشعبية في دارفور".
    في السياق ذاته، تنبئ عبدو هاشم، مستشار مناوي للشؤون الخارجية بفشل مبادرة الإمام الصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومي في توحيد حركات دارفور. وعزا ذلك: "الصادق المهدي يجيد صناعة التحالفات لكنه ليس حلال مشاكل".
                  

02-19-2011, 07:13 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-19-2011, 02:42 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-20-2011, 07:54 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-20-2011, 11:10 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    *
                  

02-21-2011, 08:54 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الاخوان المسلمون ومستقبل الديمقراطية في مصر .... بقلم: رشا عوض
    الأحد, 20 شباط/فبراير 2011 16:46 sudanile

    "ليس أقسى من الإحساس بظلم الحبس إلا الإحساس بافتقاد العدالة أمام القاضي الطبيعي الذي يستطيع النطق بالبراءة دون رقيبٍ أو حسيب. وليس أشد من ظلم المحاكمة أمام محكمةٍ عسكريةٍ استثنائية تفتقد إلى أبسط وأهم ضمانات العدالة إلا الشعور بجريمة الصمت المطبق أمام هذا الظلم وسكوت الكافة عن إدانة الظالم وخفوت الصوت المطالب برفع الظلم عن الشرفاء والأبرياء ."
    "لم يكسر حاضر الصمت الرهيب إلا بضعة أصوات شريفة ارتفعت على استحياءٍ في كلماتٍ مُعبِّرة عن الإدانة التامة لهذه المحاكمة المريبة التي تتم في الظلام بعيدًا عن مراقبة الرأي العام، وفي الثكنات العسكرية؛ حيث يتم منع مراقبي حقوق الإنسان وكل كاميرات الإعلام سواء أكانت تليفزيونية أم صحفية، وحتى مراسلي الصحف لا يسمح لهم بالحضور، وكأننا أمام جريمة قتل منظمةٍ لكل حقوق الإنسان."
    "لقد قضى هؤلاء الأبرياء الذين قضت المحاكم الطبيعية العادية بإطلاق سراحهم عدة مرات سنةً كاملةً خلف الأسوار يمر عليهم اليوم بعد اليوم، والشهر بعد الشهر في معاناةٍ لا يعلمها إلا مَن عاشها وقاسى آلامها بعيدًا عن الأهل والأحباب، وبعيدًا عن الزوجة والأولاد، وبعيدًا عن الأعمال والمسئوليات.. تموت الأم فلا تجد ابنها بجوارها في لحظاتها الأخيرة، وتمرض الزوجة أو الأولاد فلا يشعرون بحنان الزوج أو الأب الذي يصحبهم إلى الطبيب ويناولهم الدواء، ويسهر على راحتهم، وتنهار المؤسسات والشركات وتُفلس بسبب غياب الراعي والمؤسس فيتشرد عشرات ومئات الموظفين والعمال، وتعاني عشرات البيوت والأسر."
    "لا يخفف من هول هذه المعاناة إلا الإيمان بالله الحنان المنان، القوي المتين، المنتقم الجبار، سبحانه وتعالى، وهو وحده الذي يخفف ويهون من الإحساس بالظلم والقهر، فتنزل رحماته على النفوس وعلى البيوت وعلى الجميع بردًا وسكينةً ولطفًا ومنةً، فسبحانه من إلهٍ حكيمٍ خبير"
    الفقرات السابقة هي بعض ما قاله الدكتور عصام العريان المسئول السياسي لجماعة الاخوان المسلمين في مصر عن المحاكمة العسكرية التاسعة للاخوان، اخترت هذه الفقرات بالذات لتكون مدخلا إلى مناقشة قضية الاخوان المسلمين والديمقراطية في مصر لأنها تعكس شيئا من معاناة الإخوان أنفسهم من الدكتاتورية، ولكن السؤال هل يعتقد الاخوان أن معاناتهم تلك سببها (طبيعة النظام الدكتاتوري المستبد) ومن ثم يكون مطلبهم هو إقامة نظام (غير دكتاتوري وغير مستبد) أي نظام ديمقراطي، أم يعتقدون أن سببها غياب (الحكم الإسلامي) أي(غيابهم هم عن السلطة) وبالتالي يسعون إلى اختطاف الثورة المصرية وفرض وصايتهم على الشعب المصري لا سيما إذا فازوا في الانتخابات المرتقبة بأغلبية أو أكثرية؟
    في مؤتمر صحفي عقد بمقرِّ أمانة الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين يوم التاسع من فبراير الجاري _ أي قبل سقوط نظام حسني مبارك بيومين فقط _ قال الدكتور عصام العريان: من أهم قيم الإسلام الحرية والمساواة والعدالة والتعاون، وقال ان الإخوان ضد الدولة الدينية لأن الإسلام ضدها، بينما هم مع الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية، وفي ذات المؤتمر الصحفي وفيما يتعلق بموقف الإخوان من معاهدة السلام المبرمة مع الكيان الصهيوني بعد رحيل النظام، أكد الدكتور محمد مرسي وهو قيادي بجماعة الاخوان المسلمين أن مصر دولة كبيرة، ولديها مؤسسات، وبرلمان وبعد أن يكون البرلمان منتخبا بإرادة الشعب وله حق تشكيل الحكومة، وإسقاطها فإنه هو الذي يحدد الاتفاقات والمعاهدات الخارجية والتي ستكون وفقًا للإرادة السياسية، وأكد مرسي أن الثورة المصرية المباركة هي ثورة شعبية مصرية خالصة ولا يستطيع أحد أن ينسب الفضل لنفسه في القيام بها، وكل ما قاله قياديو جماعة الاخوان المسلمين في ذلك المؤتمر الصحفي يصب في اتجاه انحياز الجماعة للديمقراطية وعدم سعيها لمنصب الرئاسة واستعدادها للتعاون مع القوى السياسية المصرية المختلفة.
    هذا ما قاله الاخوان المسلمون ولكن هل هو كاف لإزالة المخاوف داخل مصر وخارجها على مستقبل الديمقراطية؟


    ظلت جماعة الإخوان المسلمين أكبر(الفزّاعات) التي يرفعها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك كلما فتح ملف التحول الديمقراطي في مصر، فقد درج إعلام النظام على تسويق فكرة أن أي تحول ديمقراطي في مصر يعني سيطرة الاخوان المسلمين على السلطة وتمدد الجماعات السلفية الأكثر تشددا، مما يعني انهيار اتفاقية كامب ديفد والحرب مع إسرائيل وتحويل مصر إلى قاعدة انطلاق للإرهاب، والنظام البائد كان يرفع هذه الفزّاعة ويبالغ في تضخيمها تهربا من دفع استحقاقات التحول الديمقراطي ورغبة في الحصول على مساندة أمريكا والدول الغربية لنظامه المستبد الفاسد باعتباره ترياقا للتطرف الإسلاموي، ولكن الشعب المصري ثار على النظام واقتلعه رغم أنف هذه (الفزّاعة)، وخرج في الثورة وناصرها بقوة مثقفون لبراليون وعلمانيون لهم مواقف صارمة ضد توجهات جماعة الاخوان المسلمين! اعتصم هؤلاء في ميدان التحرير الذي اعتصم فيه أيضا الاخوان المسلمون ومختلف فئات الشعب وطبقاته وهتف الجميع بسقوط نظام مبارك، وهذا يؤكد أن التعريف الموضوعي للثورة المصرية هو أنها ثورة شعبية تمثل كل الشعب المصري بمختلف توجهاته وانتماءاته الفكرية والسياسية والقاسم المشترك الأعظم بين الثوار هو الاستياء والتضرر الكبير المباشر أو غير المباشر من نظام (الاستبداد والفساد) والقناعة بأن الخطوة الأولى لإصلاح الحياة العامة في مصر هي تغيير هذا النظام المستبد الفاسد بشكل جذري، فإن انطلق الطيف السياسي والفكري في مصر من هذا التعريف البسيط للثورة واتفق على أن جوهر الإشكالية هو(الاستبداد والفساد) فسوف تنصب الجهود على إقامة نظام سياسي محصن ضد الاستبداد والفساد، وبالتجارب الإنسانية المتراكمة ثبت ان لا حصانة من هذين الداءين إلا في ظل نظام سياسي قائم على أركان الحكم الراشد ممثلة في المشاركة السياسية عبر التفويض الشعبي بالانتخاب الحر النزيه بصورة دورية، و الشفافية المحمية بالقانون والإعلام الحر، والمساءلة والمحاسبة بآليات ونظم مركوزة في البنية المؤسسية للدولة، وسيادة حكم القانون عبر استقلال القضاء واستقامة نظام العدالة، أي باختصار النظام الديمقراطي معرفا بألف ولام التعريف، وقد خلصنا في المقال السابق المنشور بأجراس الحرية الخميس 17/2/2011م بعنوان (حتى لا تختطف الثورة المصرية.. الديمقراطية أولا ) إلى أن الثورة المصرية سوف تختطف يوم يفشل المصريون في إقامة هذا النظام الديمقراطي بأركانه وشروطه، وسوف تخلد هذه الثورة ويكتمل انتصارها يوم ينجح المصريون في ترسيخ نظام ديمقراطي مستدام ومتطور حتى إذا حكم عبره الإخوان المسلمون،
    ولكن هل الأمر بهذه البساطة؟ وهل ما ذكره الاخوان المسلمون في مؤتمرهم الصحفي المشار إليه أعلاه كاف لطمأنة الديمقراطيين في مصر وفي كل المنطقة على مستقبل الديمقراطية في مصر؟
    قطعا الأمر ليس بهذه البساطة، وبالتأمل في المرجعيات الفكرية والمواقف السياسية المعلنة لجماعة الاخوان المسلمين يتضح مدى تعارض مرجعياتهم مع أسس النظام الديمقراطي، وبالتالي إذا أراد الاخوان المسلمون الانخراط بصورة إيجابية في النظام الديمقراطي فلا بد لهم من وقفة مراجعة فكرية وسياسية جريئة، ابتداء من شعارهم (الإسلام هو الحل) وهو شعار عاطفي فضفاض ليس له محتوى وظيفي تطبيقي، مرورا بأطروحاتهم حول ضرورة وجود مجلس للحل والعقد وظيفته أن يراجع القوانين التي يجيزها البرلمان ليحكم فيما إذا كانت مطابقة للشريعة الاسلامية أم لا وعلى أساس حكمه تقبل القوانين أو ترفض! هذه الوصاية على البرلمان المنتخب من سلطة دينية تقويض لأهم أسس الديمقراطية ممثلا في سيادة الشعب عبر نفاذ ما يقرره عبر ممثليه في البرلمان، وهذا يتعارض مع مدنية الدولة! ومما يتعارض مع مدنية الدولة ومع حقوق الإنسان كذلك موقف الاخوان الرافض من حيث المبدأ لحق النساء والأقباط في تولي منصب رئاسة الجمهورية انطلاقا من القطع بأن الدولة ذات مرجعية إسلامية،
    مثل هذه الأطروحات تدل على أن جماعة الاخوان تحتاج إلى عملية(دمقرطة) عبر مراجعات فكرية وسياسية حاسمة، وإذا لم تفعل ذلك فسوف تكون معوقا كبيرا للتحول الديمقراطي في مصر، وليس الاخوان المسلمون وحدهم من يحتاجون لعمليات (الدمقرطة) في مرجعياتهم الفكرية، فكثير من التكوينات السياسية في مصر وفي كل المنطقة العربية تحتاج إلى (الدمقرطة) حتى تتعامل مع الديمقراطية انطلاقا من استيعاب مبادئها والتصالح معها على المستوى النظري، ولكن (دمقرطة التيارات الإسلاموية) تكتسب أهميتها من التأثير الكبير لها على المجتمع وانتشارها الواسع،
    ولكن مهما يكن من أمر يجب الصبر على (عملية نضوج الديمقراطية على نار هادئة) والبعد عن الإقصاء ومصادرة الحقوق السياسية لأية جماعة تحت أية مبررات، ولا سيما الجماعات الإسلاموية، فإقصاء هذه الجماعات عن المشاركة السياسية يدفعها إلى التطرف، ويجمد تطور وعي المجتمع ومعرفته الموضوعية بحقيقة هذه الجماعات، فجماعات الإسلام السياسي تقدم للشعوب وعودا خلاصية في قوالب دينية وفي أجواء غير عقلانية مشحونة بالعاطفة، فلا بد من الاختبار العملي لهذه الوعود الخلاصية في محكات الواقع العملي وتعقيداته الشائكة، مثل هذا الاختبار حتما سيطور هذه الجماعات باتجاه العقلانية والتواضع والواقعية، ولكن بشرط أن يكون هذا الاختبار في ظل نظام ديمقراطي.. تحت أضواء الرقابة والمساءلة الشعبية والإعلام الحر، نظام فيه يملك الشعب تغيير الحكام دوريا على أساس تقييم أدائهم.
                  

02-24-2011, 00:49 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    تتواصل مداخلاتي عبر المقال التالي
    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(1 – 8) :
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري أم مقدمات للديموقراطية والتحرر في آسيا وأفريقيا ..
    أحمد ضحية
    مقدمة :
    ربما أن عنوان هذا المقال يبدو قاصرا, عن إستيعاب الإضطرابات والإنهيارات المتتالية والمدوية, التي بدأت تتراكم سحب أغبرتها العاصفة سريعا ,في سماوات الشرق الأوسط وإمتدادته الأفريقية – مع ذلك هذا المقال – بمثابة المفتتح أو الإستهلال, لقراءات تسعى-لاحقا- لفهم هذه الإضطرابات والإنهيارات المدوية كما تمثلت في(العراق,تونس,مصر وليبيا) والتي ستتتبعها إضطرابات وإنهيارات وشيكة – كما يلوح في الأفق - في اليمن, السودان,الجزائر ,المغرب والبحرين وغيرها من بلدان الشرق الأوسط وإمتداداتها الأفريقية ..
    أو كما عبر دكتور علي خليفة الكواري "تحركات الشارع العربي من أجل الانتقال إلى نظم حكم ديمقراطية, ظاهرة جديدة نامية. فقد تحرك الشارع في أغلب البلاد العربية في الماضي من أجل الاستقلال ومقاومة الاحتلال والاستيطان. كما تحرك ضد ظلم الحكام وفسادهم, وأسقط نظما حاكمة كثيرة بشكل أو بآخر. ولكن الشارع العربي في الماضي لم يتحرك من أجل الديمقراطية كما تحرك اليوم, وذلك بعد أن انتشرت قناعات لدى كثيرين بأن الديمقراطية إلى جانب كونها هدفا في حد ذاتها فإنها أيضاً وسيلة لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. والاستثناء على ذلك هو ثورة 1919 في مصر وانتفاضتي السودان ضد نظامي عبود والنميري. ولعل غياب الديمقراطية ومقايضتها بالأهداف الوطنية الأخرى في الماضي كانت إلي جانب عوامل أخرى, وراء تنامي الاستبداد وانتشار الفساد وفشل التنمية وعدم تحقيق الأمن, مما أدى إلى تآكل الإرادة الوطنية تدريجياً وعودة القوات الأجنبية وتفاقم ظلم الحكام واستبدادهم.(1) "
    وفي الحقيقة سأركز هنا فقط على ثورات الدول موضوع المقال فيما تلى مرحلة الإستقلال ,ففكرة هذا المقال ترتكز بصورة أساسية على فرضية أن الإنقلابات التي تلت الحقبة الناصرية, لم تتمكن من تغيير نظم الدول - التي أرسيت دعائمها بإستلهام الناصرية - التي يعني بها هذا المقال ممثلة في (تونس,مصر,ليبيا,العراق,والسودان) , بل كانت تلك الإنقلابات بمثابة إعادة الإنتاج لتجربة "الضباط الأحرار" والحقبة الناصرية !..
    وأن الإنهيارات التي تحدث الآن في هذه الدول المشار إليها ,و التي أرتبطت بصورة مباشرة أو غير مباشرة بسطوة الناصرية ,بمثابة الكنس لما تبقى من آثار الناصرية ؟ بمعنى مشابه للإنهيارات التي تخطت حدود الإتحاد السوفيتي, إلى شرق أوروبا معلنة ميلاد نظم سياسية جديدة!..
    لكن , يحدث العكس بأن تعترضها ردة إلى الماضي, تذرو رياح الديموقراطية والتحرر وأحلام التغيير,بتسويق الديموقراطية في هياكل النظم القديمة !مع الإعتناء بتغييرات شكلية لا تتمثل جوهر فكرة التغيير والديموقراطية اللتان تجتاحان المنطقة الآن!..
    لشرح هذه الفرضية لابد لنا من تناول الأسباب, التي جاءت بقوى كحزب البعث في العراق ,و الدستوري في تونس والناصرية في مصر وليبيا والسودان(اللجان الثورية والإتحاد الإشتراكي فيما بعد) ..
    إذ يبدو لي أن مركز هذه الفسيفساء, يكمن في تجربة عبد الناصر ككاريزما ,سطت أفكارها على هذه الدول ,وأثرت من الجانب الآخر , في إنقلابات هذه الدول! ..
    لذلك لابد لنا من تناول تجارب هذه الدول واحدة تلو الأخرى,لتفضي بنا لتجربة بلادنا السودان .. ولأن التجربة الناصرية هنا بمثابة المركز, لابد لنا من إستهلال هذا المقال ,بدراسة الظروف التي جاءت بعبد الناصر ,وآثار المشروع الناصري بعد ذلك ,على كل من هذه الدول على حدة ..
    نواصل

    (عدل بواسطة احمد ضحية on 02-24-2011, 00:50 AM)

                  

02-24-2011, 06:25 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر الناصرية :
    ولد جمال عبد الناصر في15 يناير 1918 وتوفي في 28 سبتمبر 1970. وكان قد تولى السلطة في 1954، فقد كان أحد قادة ثورة 23 يوليو 1952، التي كان من أهم نتائجها خلع الملك فاروق وإعلان عهد جديد يرتكز معنويا على أفكارالقومية العربية.
    شجع عبد الناصرعدد من الثورات في أقطار الوطن العربي وعدد من الدول الأخرى في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وكان له دور قيادي وأساسي في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية في سنة 1964 وحركة عدم الانحياز الدولية.
    بعد سلسلة من الإخفاقات التي واجهها الملك فاروق داخليا وخارجيا وخصوصا تخبطه في علاقاته أثناء الحرب العالمية الثانية بين دول المحور والحلفاء، الأمر الذي زعزع موقف مصر كثيرا وأدى إلى إنشاء ثاني أكبر قاعدة بريطانية في المنطقة في السويس "بعد الحبانية في الفلوجة العراقية ". وكذلك موقفه في حرب 1948 التي خسر فيها الحرب. وقبل ذلك كانت الدعوات والضغوطات داخليا وعربيا تحث قادة الجيش على لعب دورا في إصلاح الأوضاع المصرية، منها ما كانت تبثه محطة إذاعة برلين العربية إبان الحرب العالمية الثانية والتي كانت تحت تصرف كل من الشخصية الوطنية العراقية رشيد عالي الكيلاني ومفتي القدس أمين الحسيني، وأخذ الكيلاني بعد أن نجح في العراق سنة 1941 بإحداث أول ثورة تحررية في الوطن العربي ضد الإنجليز ذات أبعاد قومية تنادي بوحدة الأقطار العربية أطلق إثرها التصريحات والبيانات للقادة والجيوش العربية بضرورة الانتفاض ضد الهيمنة البريطانية والفرنسية. وحث الجيش المصري على الثورة ضد المستعمر الذي يدعم النظام الملكي منبها من خطر المخططات الأجنبية لمنح فلسطين لليهود، وخص الجيش المصري بخطاب يحثه على مقاومة الإنجليز من خلال دعم وتأييد الالمان ودول المحور.
    وبعد مهادنة الملك فاروق للانجليز أصدر الكيلاني بيانا يحث الجيش المصري بالانتفاض على الملك ولقيت دعوة الكيلاني التفهم والترحيب لدى القادة العسكريين المصريين. وكانت لطروحاته وشعاراته الثورية والتحررية من خلال إذاعة برلين العربية الأثر في نفوس ثوار مصر بالاطاحة بالملك فاروق في حركة يوليو/ تموز 1952، لاسيما بعد أن تعمق هذا الاحساس بعد حرب 1948(*)
    و في 23 يوليو 1952 قامت الثورة، ولم تلقَ مقاومة تذكر، ولم يسقط في تلك الليلة سوى ضحيتين فقط، هما الجنديان اللذان قتلا عند اقتحام مبنى القيادة العامة. وكان الضباط الأحرار قد اختاروا محمد نجيب رئيسا لحركتهم، وذلك لما يتمتع به من احترام وتقدير ضباط الجيش؛ وكذلك لسمعته الطيبة وحسه الوطني، فضلا عن كونه يمثل رتبة عالية في الجيش، وهو ما يدعم الثورة ويكسبها تأييدا كبيرا سواء من جانب الضباط، أو من جانب جماهير الشعب.
    وكان عبد الناصر هو الرئيس الفعلي للجنة التأسيسية للضباط الأحرار؛ ومن ثم فقد نشأ صراع شديد على السلطة بينه وبين محمد نجيب، ما لبث أن أنهاه عبد الناصر لصالحه في 14 نوفمبر 1954، بعد أن اعتقل محمد نجيب، وحدد إقامته في منزله، وانفرد وحده بالسلطة!.
    و استطاع أن يعقد اتفاقية مع بريطانيا لجلاء قواتها عن مصر وذلك في 19 أكتوبر 1954، وذلك بعد أن اتفقت مصر وبريطانيا على أن يتم منح السودان الاستقلال.

    في العام 1958 أقام وحدة اندماجية مع سوريا، وسميت الدولة الوليدة بالجمهورية العربية المتحدة، إلا أن هذه الوحدة لم تدم طويلاً، حيث حدث انقلاب في الإقليم السوري في سبتمبر من سنة 1961 أدى إلى إعلان الانفصال ثم تم عقد معاهدة وحدة متأنية مع العراق وسوريا سنة 1964 إلا أن وفاة الرئيس العراقي المشير عبد السلام عارف سنة 1966 ثم حرب 1967 حالت دون تحقيق الوحدة. علما أن مصر استمرت في تبني اسم "الجمهورية العربية المتحدة" وذلك لغاية سنة 1971 أي إلى ما بعد رحيل عبد الناصر بسنة.
    بعد النكسة في 1967كما عرفت عند العرب، خرج عبدالناصر على الجماهير طالباً التنحي من منصبه، إلا أنه خرجت مظاهرات في العديد من مدن مصر وخصوصا في القاهرة طالبته بعدم التنحي عن رئاسة الجمهورية!.
    في عام 1968 خرجت مظاهرات في الجامعات المصرية تطالب بمحاسبة المسؤولين عن النكسة، فأصدر عبد الناصر بيان 30 مارس، الذي ربما مثل بدايةً لمرحلةٍ جديدة في مسار ثورة 23 يوليو 1952 .
    يعتبر عبد الناصر من أهم الشخصيات السياسية في الوطن العربي وفي العالم النامي للقرن العشرين والتي أثرت تأثيرا كبيرا في المسار السياسي العالمي. عرف عن عبد الناصر قوميته وانتماؤه للوطن العربي، وأصبحت الأفكارالنابعة من تجربته الذاتية مذهبا سياسيا "الفكر الناصري" والذي اكتسب عدد غير قليل من المؤيدين في ليبيا والسودان خلال فترة الخمسينيات والستينيات.
    وبالرغم من أن صورة جمال عبد الناصر كقائد إهتزت إبان نكسة 67 إلا أنه ما زال يحظى بشعبية وتأييد بينعدد غير قليل من مؤيديه، الذين لا زالوا يعتبرونه "رمزا للكرامة والحرية العربية ضد استبداد الاستعمار وطغيان الاحتلال(**).
    وبالقدر الذي ألهمت "التجربة الناصرية" البعثيون في العراق لإنجاز إنقلابهم القومي في 17-30 تموز 1968 والذي هو في الحقيقة – إنقلاب البعثيون- يتكيء على تاريخ عريق في حركة الثورة العربية منذ 1940
    ألهم عبد الناصر كذلك العقيد معمر القذافي بتجربته الإنقلابية والفكرية القومية فكان إنقلاب 1 سبتمبر 1969 في ليبيا ..
    كما ألهم أبورقيبة في تونس في الستينيات على الرغم من عدم محبة الحبيب بورقيبة لعبد الناصر ربما بسبب التشابه - غالبا في رغبة كل منهما في الإنفراد بقيادة العالم العربي - وربما بسبب كون عبد الناصر كان سندا لخصمه اللدود بن يوسف المدعوم من الشرق العربي والقوى القومية وقياداتها, إلا أنه من الواضح كان متأثرا به وهذا ربما ما دفعه لتبني الإشتراكية في الستينيات وإحتكاره التام للدولة – كما فعل عبد الناصر وصدام والقذافي تماما- بعد طلاقه غير البائن من الليبرالية ..
    ولا أشك على الإطلاق أن الناصرية ألقت بظلالها على تجربة صدام حسين الذي وصل إلى رأس السلطة في العراق حيث أصبح رئيسا للعراق عام 1979 بعد أن قام بحملة لتصفية معارضيه وخصومه.خاصة أن صدام كان قد سطع نجمه بالأدوار البارزة التي لعبها في إنقلاب17-30 تموز 1968 اي تم الإنقلاب في الظروف ذاتها التي كانت الناصرية قد أصبحت مركزا للإلهام في المنطقة ..
    نواصل
                  

02-24-2011, 09:31 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    ..
    بوفاة- أو إغتيال عبد الناصر مسموما!- ومجيء السادات ومن ثم حسني – ورغم التغييرات الطفيفة في سياسة مصركالإنفتاح ظل البنيان السياسي الذي شيد دعائمه عبد الناصر هو ذاته في جوهره! فكل ما تغير هو تحول شكلي من"الإتحاد الإشتراكي" إلى "المؤتمر الوطني".. إذ لا تزال فلسفة تغييب الشعب وتصفية الخصوم هي ما يحكم هذا البنيان , حتى على عهد الرئيس مبارك, فكلاهما –السادات ومبارك- هما إمتداد للحقبة الناصرية التي أرست دعائم التغييب وتصفية الخصوم وإحتكار السلطة والفساد! .. فكان بالنتيجة تغييب إرادة الشعب .. وبالفعل تراكم هذا التغييب لما يقارب الستين عاما ما أدى بالنتيجة لثورة 25 يناير 2011 المجيدة التي هي الثورة الوحيدة منذ تولى "الضباط الأحرار" دست السلطة في مصر في 23 يوليو 1952..
    السؤال هنا هل سيسمح هذا الإرث المتراكم لحوالي الستة عقود من الزمان للقوى السياسية المصرية الهشة بالإنعتاق من ماض إستبدادي إنفرد فيه حكام مصر الثلاثة بالقرارات المصيرية للبلاد ,بما جعل الفساد علامة مميزة لهذه الحقبة الطويلة الممتدة لأكثر من نصف قرن من الزمان ,هل سيسمح هذا الإرث البغيض للدولة بأن تبنى على أسس جديدة تسحبها إلى آفاق الديموقراطية الحقيقية , وما تقتضيه من مفاهيم ليبرالية حكمت روح شباب ثورة التغيير في تونس ومصر وتحكم ليبيا الآن ,كما تتجلى في شعارات قرفنا وغيرها من حركات الشباب السوداني ؟أم سيشد رموز هذا الإرث البغيض- الكامنين في مختلف القوى السياسية يمينها ويسارها ووسطها وليبراليها- الثورة إلى الخلف؟ هذا فيما يخص الظروف الداخلية ..
    أو كما أشار حازم صياغية :" يهبّ في مواجهة هذا المنطق منطق آخر خطير يريد كلّ شيء الآن، ويريده دفعة واحدة. والقائلون بهذا لا يبذلون الانتباه الكافي إلى الفراغ الذي لا بدّ أن ينشأ في هذه الحال. وغنيّ عن القول إنّ فراغاً كهذا يشجّع الفوضى أو الإسلاميّين على ملئه كيفما اتّفق، أو يشجّع الجيش الذي تصرّف حتّى الآن تصرّفاً بالغ المعقوليّة، على أن يتصدّى للحكم بوصفه الحارس لأمن البلد حيال الفوضى كما حيال الإسلاميّين.(2) في إشارته للثورة التونسية.
    هناك حسابات تتعلق بالإقليم الذي يتطلع لمصر التي يجب أن تستعيد دورها الرائد لقيادته(كما تتطلع كثير من القوى في مقدمتها القوى القومية و قوى الإسلام السياسي) , وهذه الحسابات تصطدم بالمصالح الإسرائيلية في المنطقة إن لم تكن تهدد وجودها , بالتالي تصطدم بالمصالح الغربية عموما في مقدمتها المصالح الأمريكية ؟ لذلك يتوجب هنا طرح سؤال حول هل ستترك القوى الغربية هذه الثورة المضي قدما لمدياتها القصوى التي قد تهدد مصالحها؟ ..
    في تقديري الخاص أن الثورة سيتم تدجينها بالإستعانة بالقوى الكامنة التي أشرت لها سابقا والتي هي إمتداد للحقبة التي ثار عليها شباب التغيير أو شباب 25 يناير 2011, بالطبع مع إجراء تعديلات غير جوهرية تتعلق بالإصلاحات في مجال الديموقراطية والمواطنة والإقتصاد ,إلخ .. لأن أي تعديلات جوهرية على النظام الذي تم إرساءه لستة عقود يعني بلوغ الثورة لمدياتها القصوى بالتالي تهديد الغرب وعن طريق الإرادة الشعبية الحرة(الديموقراطية) وليس عن طريق القرارات الفردية للحكام .. هذه مجرد فرضيات فد يثبتها الوقت أو ينفيها , هذا فيما يخص مصر ..
    هوامش :
    (1) د. الكواري, علي خليفة. الديمقراطية وتحركات الشارع العربي(اللقاء الخامس عشر لمشروع دراسات الديمقراطية) مركز دراسات الوحدة العربية. 2007.
    (2) مقال حازم صياغية : تونس الأكثر أقل .الجياة اللندنية.السبت 22يناير2011
    (*) سليم، محمد السيد. التحليل السياسى الناصرى : دراسة فى العقائد و السياسة الخارجية .بيروت.مركز دراسات الوحدة العربية، 1987.
    *)*) سامي شرف (سكرتير الرئيس عبد الناصر) رجل المعلومات الذي صمت طويلا يتحدث لعبد الله إمام (عبد الناصر كيف حكم مصر) عن دار مكتبة مدبولي الصغير القاهرة http://downloads.ziddu.com/downloadfile/2327540/samy-sharaf1.pdf.html#

    نواصل
                  

02-24-2011, 06:27 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

02-25-2011, 10:29 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(2 – 8) :
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري أم مقدمات للديموقراطية والتحرر في آسيا وأفريقيا ..
    أحمد ضحية – ميريلاند
    مقدمة :
    لمعرفة كيف آلت الأمور إلى ما آلت إليه في ثورة الياسمين التي خلعت زين العابدين بن علي لابد من المرور أولا بإعلان الجمهورية التونسية ودور بو رقيبة في التاريخ التونسي المعاصر الذي أبرز سماته الإستبداد والفساد الذي حفز الشباب التونسي لإجتراح ثورتهم المجيدة التي تتمخض عنها الجمهورية الثانية الآن ..
    وهنا في هذا الجزء من الحلقات الثمانية سأثرثر قليلا عن الحالة التونسية لأنها كحالة مغاربية تختلف قليلا عن الحالة المصرية للفروقات التي تتعلق بالمغرب العربي من حيث موقعه الطرفي من المركز المشرقي , وهي حالة مشابهة لحالة السودان كدولة طرفية من المشرق والمغرب, بمعنى هامش للوطن العربي!..
    .. ولكن ليكن مدخلنا لهذه الحالة المغاربية ثورة 25 يناير 2011 ذات نفسها .. فثورة 25 يناير قامت ضد إستبداد وعسف وفشل وتغييب إستمر لأكثر من نصف قرن من الزمان .. تغييب للإنسان عن ذاته , وإرادته الحرة حتى خال أن هذه الإرادة منعدمة !!.. الإستبداد على التوجهات المختلفة للشعب ..الإستعلاء والعجرفة- التي تبدو لدينا في السودان في أبشع صورها عند الطيب مصطفى ونافع - في التعامل مع الشعب كأن المواطنيين تلامذة أو رعايا لدى الحاكم"الذي في الحقيقة هو حاكم جاهل",يقرر نيابة عنهم ما يريد!وهي إرادة ضد إرادتهم كمواطنين! ..
    إلى جانب إزلال الشعب وإرغامه على فعل ما لايريد , بتحويل عدد كبير من أبناءه لمخبرين ورجال أمن .. عدد أكبر حتى من حجم المخاطر الحقيقية سواء كانت داخلية أو خارجية , هذا إلى جانب التردي العام ماديا ومعنويا ,إذ لا يتلائم الفساد المعنوي مع المادي إلا في مثل هذه النظم المارقة على الشرائع والقوانين والأخلاق!.. لذلك كانت ثورة الياسمين وثورة مصر وليبيا وستكون ثورة السودان المرتقبة؟! ..
    تونس بورقيبة – إبن علي :
    ولد الحبيب بورقيبة إبن الطبقة الوسطى(أبوه ضابط متقاعد في حرس الباي) , في حي الطرابلسية بمدينة المنستير الساحلية. تلقـّى بورقيبة تعليمه الثـّانوي بالمعهد الصادقي فمعهد كارنو بتونس، ثم توجه إلى باريس سنة 1924 بعد حصوله على الباكالوريا وانخرط في كلية الحقوق والعلوم السياسية وحصل على الإجازة في سنة 1927، وعاد إلى تونس ليشتغل بالمحاماة,بالطبع ليس للبشير من حظ في التعليم سوى التعليم العام و الكلية الحربية؟!.
    في 25 يوليو 1957 تم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية فخلع الملك محمد الأمين باي وتم اختيار الحبيب بورقيبة أول رئيس للجمهورية. وتواصلت في العهد الجمهوري أعمال استكمال السيادة . وتوحيد القضاء.
    في 27 ديسمبر 1974 تم تنقيح الدستور وأسندت رئاسة الدولة مدى الحياة إلى الرئيس بورقيبة وهذا شيء غريب : مدى الحياة؟!. في أغسطس 1967ربما تحت وطء الإحساس بالنكسة العربية وفي 26 يناير1978 وقعت في تونس مظاهرات وأحداث مؤلمة إثر خلاف بين الحكومة ونقابة العمال، سقط فيها مئات القتلى.
    وأمام الحالة الصحية المتردية للرئيس بورقيبة، قام الوزير الأول زين العابدين بن علي بتغييره وأعلن نفسه رئيسا جديدا للجمهورية فيما عرف باسم تحول السابع من نوفمبر. بعد هذا التغيير أقام الحبيب بورقيبة بمسقط رأسه المنستير إلى حين وفاته في 6 أبريل 2000.
    ألقاب كثيرة هي تلك التي أطلقت على الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة مثل: "الزعيم" و"المجاهد الأكبر" و"صانع الأمة" لكن الألقاب المثيرة هي تلك التي لاوجود لها في القاموس السياسي مثل "الرئيس الأبدي" و"الباي الجمهوري" أي الأمير الجمهوري حسب وصف الكاتب التونسي الصافي سعيد صاحب كتاب "بورقيبة.. سيرة شبه محرمة", فقد كان الزعيم التونسي "أكثر من رئيس وأكبر من عاهل بكثير؟! بمعنى أن بورقيبة كان كعبد الناصر لكن "بالعدلة" وكالقذافي لكن القذافي "بالقلبة"؟!..
    وهذا يذكرنا بخطاب القذافي إثر إندلاع ثورة 17 فبراير,إذ أكد الرجل أنه "الكرامة" وأنه "التاريخ" وأنه "الصخرة" وأنه وأنه ..ولم يتبق له سوى أن يقول (أنا ربكم الأعلى!!أستغفر الله العظيم)..لكن لنعد إلى بو رقيبة فقد جمع الرجل(كالبشير تماما)بين يديه دفعة واحدة كل السلطات أرضية وسماوية حتى أنه كان أميرا للمؤمنين!!.
    وهكذا قرر إعدام العديد من معارضيه ببرودة شديدة، حدث ذلك مع "اليوسفيين" في مطلع الاستقلال، وعندما تدخل ياسر عرفات طالبًا تخفيف العقوبة على الشبان الذين قادوا عملية "قفصة" الشهيرة، أصدر بورقيبة أوامره من الغد بتنفيذ حكم الإعدام على 16 منهم. أظهر بورقيبة شراسة شديدة في مواجهة خصومة السياسيين حتى لو كانوا رفاقه في الكفاح،فهو كالقذافي والبشير تماما إذ استغَلَّ الرجل تأسيسه للدولة واحتكاره لها ليُجْهِزَ على كل خصومه!!.
    كما استغل محاولة الانقلاب التي استهدفته عام 1962 ليجمد الحزب الشيوعي، ويعطل كل الصحف المعارضة والمستقلة، ويلغي الحريات الأساسية، ويقيم نظام الحزب الواحد، مستعينًا في ذلك بالإتحاد العام التونسي للشغل الذي تحالف مع الحزب الدستوري إلى درجة قبول التدخل في شؤونه وفرض الوصاية عليه وعلى قيادته.
    ومع تبني الاشتراكية في الستينيات، غاب المجتمع المدني، وهيمنت على البلاد أحادية في التسيير وفي التفكير وفي الإعلام وفي التنظيم. وهي الأثناء ذاتها التي بنى فيها علاقات جيدة مع الأنظمة الملكية والخليجية.
    شهدت علاقاته مع عبدالناصر توترات مستمرة، حيث اختلف معه في الخطاب والأيديولوجيا والمواقف من قضايا جوهرية، مثل: الوحدة والقومية وفلسطين. وفي ظني الشخصي أن بورقيبة رغم تهافته على الغرب إلا أنه من ناحية لا وعي ولا شعور إمتداد أصيل لفكرة "الكرزما" الناصرية وخطابها الذي هو قطعا لا يكشف عن آيدلوجيا كما في روسيا الإتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي ,بل يكشف عن تجربة ذاتية لزعيم كعبد الناصر يرغب أشخاص آخرون في منافسته على الزعامة ,فيتمثلون تجربته في الوقت الذي يظنون أنهم يقاومون هذه التجربة, لذلك من الصعب تحليل مواقفهم السياسية تجاه القومية أو الإشتراكية أو الأممية بصورة علمية ,لأنها مواقف ترتبط بذواتهم أكثر مما ترتبط بمناهج التحليل الموضوعي التي ليس بإمكانها التعامل مع مواد هاربة عن الموضعة بشكل دقيق ,لتنتهي إلى آراء جازمة وفقا لمنطق العلم! ..
    وعندما نعود إلى هذا الرجل مرة أخرى على خلفية ما أشرنا إليه نجد أنه كان حذرًا من حزب البعث، وحال دون امتداداته التنظيمية داخل تونس، ثم تجدد صراعه مع القذافي، ورأى فيه شابًّا "مُتَهوِّرًا" في السياسة، وكان يخشى أن تُطَوَّق تونس بتحالف ليبي - جزائري، لهذا وثق علاقاته مع فرنسا والولايات المتحدة، وعندما تسربت مجموعة معارضة مسلحة ذات توجه عروبي ومدعومة من ليبيا، وسيطرت على مدينة قفصة في يناير 1980، استنجد بباريس وواشنطن,اللتان لم تخذلاه!ليهيمن بورقيبة بعدها على تونس هيمنة كاملة,غير منقوصة وهنا هو ليس كعمر البشير فقدرات وإمكانات ووعي وأفق الآخير أقل كثيرا!!.
    على هذه الخلفية من التوجهات والمفاهيم البورقيبية إذا جاز لنا التعبير جاء الرئيس زين العابدين بن علي إلى الحكم في 7نوفمبر1987..هذا الحكم الذي أطاحت به ثورة الياسمين في 14 يناير 2011
    زين العابدين بن علي كثاني رئيس لتونس بعد الحبيب بورقيبة منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 عين رئيسًا للوزراء في أكتوبر 1987 ثم تولى الرئاسة بعدها بشهر واحد في نوفمبر 1987 في انقلاب غير دموي حيث أعلن إبن علي أن الرئيس بورقيبة عاجز عن القيام بمهامه كرئيس بحكم السن والحالة الصحية(وهو قول لا يختلف كثيرا عن مزاعم عبد الناصر عن الرئيس محمد نجيب أو صدام حسين عن الرئيس أحمد حسن البكر).
    وللمفارقة المعتادة في العالم العربي أعيد انتخاب إبن علي وبأغلبية ساحقة في كل الانتخابات الرئاسية التي جرت(كما يحدث عادة في كل الإنتخابات العربية والأفريقية غير النزيهة)، وآخرها كان في 25 أكتوبر 2009. وهنا تجدر الإشارة إلى أن جماعات حقوق الإنسان الدولية وكذلك الصحف الغربية المحافظة مثل الإيكونومست صنفت النظام الذي يترأسه بن علي بالاستبدادي وغير الديمقراطي.(التصنيف نفسه لنظام البشير-مبارك-القذافي-علي عبد الله صالح وآخرين- وانتقدت بعضا من تلك الجماعات مثل منظمة العفو الدولية وبيت الحرية والحماية الدولية المسؤولين التونسيين بعدم مراعاة المعايير الدولية للحقوق السياسية وتدخلهم في عمل المنظمات المحلية لحقوق الإنسان. وباعتبار نظام زين العابدين بن علي من النظم الاستبدادية فقد صنفت تونس في مؤشر الديمقراطية للإيكونومست لسنة 2010 في الترتيب 144 من بين 167 بلدا شملتها الدراسة(بالطبع كان السودان ومصر وليبيا واليمن والجزائر وبعض بلدان الخليج في مقدمة هذه النظم. ومن حيث حرية الصحافة فإن تونس كانت في المرتبة 143 من أصل 173 سنة 2008
    إذن فتح الرئيس بن علي لأول مرة قصر قرطاج في وجه الأحزاب والمثقفين من غير المُنتمين للحزب الدستوري الحاكم منذ استقلال البلاد عن فرنسا في مارس 1956. وفي أجواء حرب الخليج الثانية، اندلعت المواجهة بين السلطة وحركة النهضة، فكان ذلك إيذانا بنهاية سريعة لفُسحة نادرة وبداية تغيير جوهري لأسلوب تعامُل النظام مع المعارضة والمجتمع المدني، حيث بدا جليا أن زين العابدين بن علي لم يكن يرغب بتداول السلطة، لكنه في المقابل كان في البداية، وقبل أن تستقِر أوضاعه نهائيا، يميل لإشراك أطراف عديدة في اللّعبة، بما في ذلك الإسلاميون.
    أقام زين العابدين بن علي أول انتخابات تعتبر قانونيا تعددية سنة 1999 بعد ما يربو على 12 سنة من استلامه للحكم وصفها البعض بانها انتخابات تعددية مخلصة "للأحادية" .حيث ان نتائجها كانت قد اعتبرت محسومة سلفا لصالحه تماما كما هوالحال في إنتخابات السودان ومصروقد اجرى تعديل دستوري بالفصلين 39 و 40 من الدستور لا زالة الحد الأقصى لتقلد المنصب الرئاسي ومنحه الحق في الترشح لانتخابات 2009 ومنح تراخيص عمل لعدة أحزاب ,أشبه بأحزاب التوالي التي إبتدعها الترابي ,بحيث تكون غير فاعلة ونشاطها السياسي ضئيل ك(حزب الخضر والاتحاد والديموقراطيين الاشتراكيين..) وقرر مواصلة حظر حركة النهضة وحزب العمال الشيوعي التونسي نظرا لشعبيتهما العالية لدى الأوساط الدينية وخاصة العمالية وقام بمنع صحيفة الموقع التي يديرها الحزب التقدمي والمعارض الأبرز أحمد نجيب الشابي من النشر عدة مرات وكذلك قضية اغتيال شاب تونسي تمكن من اختراق الشبكة المعلوماتية لقصر قرطاج واكتشف أسماء عملاء اسرائليين بالموساد يعملون للتجسس على قادة منظمة التحرير الفلسطينية بتونس في الثمانينات وادعت السلطات التونسية أنه قتل في حادث سيارة.
    ومع تزايد قضايا حقوق الإنسان بتونس التي ظلت تأخذ جدلا واسعا وخاصة اعتقال المعارضين وتزايد أعداد سجناء الرأي الأمر الذي أقلق الإدارة الأمريكية خلال الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس.رغم أن تونس أقرت بالحوار مع الشباب سنة 2009 ومنحت حق الانتخاب لمن يبلغ 18 سنة إلى أن ذلك يهدف حسب المراقبين إلى جعل الجيل الجديد في غيبوبة سياسية متفاديا الثورات الطلابية كالتي برزت في أواخر العهد البورقيبي لكي يواصل بن علي رئاسة البلاد سنوات أخرى.
    في عهد بن علي تحكم في الاقتصاد ثلاثة عائلات "الطرابلسي" وبن عياد" وبشكل ضئيل "بن يدر" وجميعها متصاهرة ولديها ميليشيات خاصة تتجسس على المواطنين والطلاب - كما هو الحال في سودان الإنقاذ ومصر المؤتمر وليبيا اللجان تماما – تتجسس من خلال المقاهي ومكتبات الجامعات، كما أن شركات الاتصالات والإنترنت والسياحة ومساحات زراعية شاسعة يملكها أصهار الرئيس وذلك لحكم البلاد اقتصاديا بقبضة من حديد .
    في هذه الأثناء كانت تونس تستعد لاستقبال قاعدة الأفريكوم africom- بعد أن بقيت 5 عقود بشتوتغارت الألمانية – في مقرها الجديد " قاعدة سيدي حمد ب بنزرت"- رغم نفي تونس وعدم نفي أو تأكيد الولايات المتحدة إلى أن هذه الخطوة لقيت رفضا من المواطنين خصوصا وأن وجود قوات أمريكية بسواحل كاب سرات وجالطة أكد ذلك .
    إذن في هذه الأثناء قام الشاب محمد البوعزيزي يوم الجمعة 17 ديسمبر عام 2010 بإحراق نفسه تعبيراً عن غضبه على بطالته ومصادرة عربته التي يبيع عليها ومن ثم قيام شرطية بصفعه أمام الملأ، مما أدى في اليوم التالي وهو يوم السبت 18 ديسمبر 2010 لاندلاع شرارة المظاهرات وخروج آلاف التونسيين الرافضين لما اعتبروه أوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وانعدام التوازن الجهوي وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. تحولت هذه المظاهرات إلى انتفاضة شعبية شملت عدة مدن في تونس وأدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى من المتظاهرين نتيجة تصادمهم مع قوات الأمن، ومما زاد في تفاقمها وفاة الشاب محمد البوعزيزي الثلاثاء 4يناير 2011 نتيجة الحروق, وقد أجبرت الانتفاضة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على إقالة عدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية وتقديم وعود لمعالجة المشاكل التي نادى بها المتظاهرون، كما أعلن عزمه على عدم الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2014.
    وهكذا أثمرت الإنتفاضة سقوطا مدويا لبن علي. ما تجدر ملاحظته هنا أن نظام بن علي هو إمتداد طبيعي لنظام بورقيبة الذي أنقلب على ملكية دستورية تماما كما حدث في مصر وليبيا .. وكما حدث في السودان وظل يحدث (إنقلابات على حكومات ديموقراطية) ..
    أوجه الشبه بين هذه النظم تكمن في كونها جميعا متوترة فكريا وتعاني من قلق فكري غريب! .. فهي تتوجه حينا توجهات إشتراكية عروبوية أو قومية أو أممية وحينا آخر توجهات ليبرالية مفرغة من محتويات الليبرالية .. وحينا آخر توجهات إسلاموية مخاتلة بإسم حزب الوسط كما في مصر السادات والحقبة البورقيبية في مرحلة من مراحلها , وكما تحاول الجيوب الترابية التي لا تزال داخل السلطة او خارجها أن تطرح نفسها كوسطية إسلامية , وهذه اللعبة مستمدة إلى حد كبير من الوصفة الرئيسية أو النموذج الناصري ..لذلك ليس غريبا عند إنهيار أحد هذه النظم أن تتوالى الإنهيارات تباعا إنهيار قطع الدومينو واحدة تلو الأخرى.
    نواصل
    هامش :
    (*) بوابة تونس – مقالات متفرقة.
                  

02-26-2011, 04:43 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (>*)
                  

02-26-2011, 01:34 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    980
                  

03-01-2011, 00:16 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان:(3-8)
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري أم مقدمات للديموقراطية والتحرر..
    أحمد ضحية ميريلاند
    مقدمة :
    أطلق فرانسيس فوكوياما كتابه (نهاية التاريخ ) - الذي أثار ما أثار من جدل واسع في العالم- إستجابة لما يدور في الغرب – خصوصا أميركا- مؤكدا أن الحل لحالة الإحتقان الطائفي والإثني والجهوي في الشرق الأوسط ,يتمثل في تكريس الديموقراطية الليبرالية كأداة للتداول السلمي للسلطة ,لكون الديموقراطية بحد ذاتها أحد أهم آليات تفريغ العنف والإستبداد.
    سبق إطلاق فوكوياما لكتابه "نهاية التاريخ" نشر مفاهيم وأفكار المجتمع المدني,ومؤسساته, كمؤسساتتساهم مساهمة كبيرة في نشر الديموقراطية الليبرالية ومفاهيمها, إلى جانب أنها تنوب عن الدولة في نشر الوعي الإجتماعي ,إلى جانب زيادة الثقافة المجتمعية بإعتبار أن مؤسسات المجتمع المدني هي الأقرب إلى نبض الجماهير, بحكم قدرتها على التواصل مع الشعب , وقدرتها في الوقت نفسه على لعب دور الرقيب على الدولة, وأجهزة ضبطها الإجتماعي والسياسي والثقافي والأمني.
    لذلك ما يتعين عليها كمؤسسات مجتمع مدني من مهام في نشر الثقافة الديموقراطية, يتمثل في كونها هي الجهة التي بمقدورها رفع الصوت الجماعي بوجه الدولة, من أجل خدمة المجتمع . بالإضافة الى وجود بعض القضايا المصلحية لفئات أو شرائح محددة من الشعب, تريد تحقيقها مثل : تمكين المرأة من حقوقها وحرياتها , وعدم التمييز بينها وبين الرجل و خدمة مصالح المرأة مثل الجمعيات النسوية والجمعيات التعاونيه, التي تعزز الإنتاج وإقتصاد الوطن .إلى جانب قضايا حقوق الانسان الأخرى , ومناهضة التعذيب والإغتصاب الذي تمارسه الأجهزة الأمنية ضد معارضيها (هنا تجدر مراجعة العهد العالمي لحقوق الإنسان, وإتفاقية سيداو)..
    لكن ما تجدر ملاحظته هنا : أن مؤسسات المجتمع المدني في المنطقة (أو لنقل على الأقل في السودان)وضح خلال السنوات الماضية أنها منذ تأسيسها ضعيفة, وغير فاعلة في لعب ما يتعين عليها من أدوار. على الرغم من أن كل شروط عملها متوفرة , وأعني هنا الشروط المعنوية المتعلقة بقضايا الواقع ,كالمساس الخطير بالحريات العامة مثل:" حق التظاهر, حق التعبير ,حق النشر, حق الاعلام ,الحق في الحرية, إحترام الكرامة الإنسانية للمعتقلين خصوصا "النساء" ..
    إذن ترتب على ضعف دور منظمات المجتمع المدني(وهنا تجدر الإشارة لكتاب دكتور صلاح الدين الجورشي : منظمات المجتمع المدني ومعضلات التحول الديموقراطي) هذه المعضلات المتعلقة بالثقافة والمجتمع, والنظام الإستبدادي للدولة ,إلى جانب الأمية ..
    هذه المعضلات وغيرها في تقديري الخاص هي ما جعل الشباب يلجأون للعب الدور الذي كان يجب أن تتولاه منظمات المجتمع المدني ,خلال تعاملهم مع واقع إفتراضي كالفيس بوك , بعد أن أحبطهم الواقع الفعلي بعدم إستجابته, وهذه إحدى المفارقات التاريخية النادرة !!..
    إذن تولى الشباب الدور الذي يجب أن تلعبه القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني بأنفسهم عن طريق شبكات التواصل الإجتماعي,خلال مجموعات الفيس بوك التي حلت محل هذه القوى الهشة و المنظمات غير الفاعلة, أو لنكون أكثر دقة بأنها أصبحت تفوقها في الأهمية ..
    فنظرا لبطء مؤسسات المجتمع المدني في نشر الثقافة الديموقراطية, مع تفاقم أزمات الشعوب ومعاناة بعضها من النظم الإستبدادية تمت – في ظني – دراسة خيارات حاسمة- منذ عهد بوش الأب- تتمثل في التدخلات المباشرة لزرع الديموقراطية ..و في ظني أيضا أن هذا هو أحد الأوجه التي لم يتم الإعتناء بدراستها ,عند قراءة الحرب الأطلسية على العراق ,والتي سنأتي لقراءتها على ضوء هذه الخلفية في المقال التالي لهذا المقال ..
    فبعد سقوط الملكية الوراثية والفاشية البائسة والشيوعية الأشد بؤسا, لم تعد ثمة شرعية سوى للديموقراطية الليبرالية كنظام حكم , بل أن هذه الديموقراطية هي ما ألحق الهزيمة بالنظم الوراثية والفاشية والشيوعية!..
    لكن الصحيح أيضا أن الديموقرايطات التي تحلم بها ثورات الشباب الحالية ,بحاجة لوقت طويل كي تستقر. فهي عملية معالجة في المجتمع والدولة معقدة وطويلة الأمد!! ..
    إتصالا بإشاراتنا السابقة يمكننا الزعم: أن تطور وسائل البث المباشر وظهور "الإعلام الجديد" كقوة مؤثرة في الدعوة للثورات وإنجازها-تونس-مصر-ليبيا,إلخ – لكن من ناحية فكرية كل ذلك يطرح مشكلة ضرورة التقدم المواز في أخلاقيات الشعوب لتفادي إستخدام هذه التكنلوجيا في أعمال شريرة,كالترويج للأفكار العنصرية (كما عند الطيب مصطفى وآخرون) لكن ما يدعو للتفائل حتى الآن على خلفية ثورات الشباب الراهنة أن إستخدام فيس بوك وتويتر, مثلا . يجيء في إشاعة القيم العليا للديموقراطية: كالكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات العامة,إلخ ..
    وصحيح أننا حتى الآن لا نعرف مآلات هذه الثورات التي تنتظم أفريقيا وآسيا من أقصى شمال أفريقيا إلى أقصى مشرقها عبورا إلى الخليج العربي أو الفارسي.. ولكنها في النهاية مصحوبة بتفاؤل هذه الشعوب قد تفضي إلى أوضاع إنسانية أفضل من الأوضاع التي ظلت تعيش في ظلها هذه الشعوب .. وهذا أيضا هو أحد مداخلنا لدراسة الحالة العراقية في المقال التالي(رقم 4)..
    إذن على ضوء ما تقدم يمكننا إستصحاب جزئية مفصلية تتمثل في المشروع الأمريكي لنشر الديموقراطية, ودوره فيما حدث من حرب أطلسية وما يحدث الآن في المنطقة ...
    المشروع الأمريكي لنشر الديموقراطية :
    تضمنت آليات مشروع نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، مفاهيم كالربط بين : إدماج إسرائيل في المنطقة والسعي لإستزراع وتوطين الديمقراطية الليبرالية!..
    ولتحقيق ذلك لجأت أمريكا في بعض الأحيان إلى دعم حتى الأطراف التي لا تؤمن بالديمقراطية، كما في الحالة العراقية واللبنانية . كذلك ركز الخطاب السياسي الأمريكي المتعلق بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط، على أطروحة القيام بدفع المنطقة, لتَمثُل التجربة الديمقراطية الغربية، وذلك على النحو الذي تم فيه تجاهل تام لكثير من الظروف الإجتماعية والإقتصادية التي تعاني منها هذه البلدان مقارنة بالغرب,خصوصا أن الغرب ظل يعمل على تقوية بعض أكثر الانظمة إستبدادية في المنطقة(خصوصا السودان بحكم التحالف ضد الإرهاب؟!), بحكم قانون التحالف في مناطق أخرى بسبب موقعها الإستراتيجي أو إحتضانها لقواعد أميريكية أو سواء كان لأجل النفط أو الحرب ضد الإرهاب أو لكونها سوق رائجة للسلاح ومعدات مكافحة الشغب؟! وغيرها من المستهلكات العسكرية أو التجارية و الإستهلاكية؟!.
    وهنا تجدر الإشارة خصوصا لتقرير علي الطالقاني الذي أعده لشبكة النبأ المعلوماتية الذي أشار إلى أن إدارة بوش بعد أن قطعت شوطاً طويلاً في حروب أفغانستان والعراق، وفي ممارسة الضغوط على سوريا والفلسطينيين واللبنانيين، اعترف معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في ورقة بعنوان «دفعة للوراء أم تقدم؟ من إعداد الباحث الأمريكي باري روبين» الذي أشار إلى أن عدم نجاح المشروع الأمريكي- على الرغم من أن أميركا لا تزال تحلم بالمضي قدماً فيه,بغض النظر عن الخسائر الفادحة الإضافية التي يمكن أن تتكبدها أميركا - لا زال على الرغم من مراهنته على هذا المشروع.
    يؤكد باري روبين أن تطبيق مشروع الديمقراطية في الأراضي الفلسطينية قد أدى إلى صعود حماس وفوزها عبر صناديق الاقتراع.جاعلا من تطبيق الديموقراطية سببا حصريا لصعود حماس؟!
    كذلك تشير الباحثة الأمريكية –التركية الأصل- سونير كاغابتي، بأن تركيا بعد ثمانين عاماً من الديمقراطية والعلمانية، قد وصلت إلى مرحلة سيطرة الإسلامويين على السلطة، والبدء في مشروع الانقلاب على المشروع الغربي..
    ويرى الكثير من الخبراء المهتمين بعملية نشر الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، بأن الولايات المتحدة إذا تمكنت حالياً من تحقيق النجاح في مشروع نشر الديمقراطية، فإنه بعد فترة من الزمن سوف تنقلب هذه الديمقراطية ضد أمريكا على غرار ما حدث في "النموذج الديمقراطي التركي"..
    و يرى باري روبين أن على أميركا في الشرق الأوسط ,الاكتفاء بتطبيق الإصلاحات المحدودة. و إتخاذ الحيطة والحذر إزاء صعود الإسلامويين عبر صناديق الإقتراع. والتركيز على تطبيق المشروع بشكل جزئي، بحيث لا تهدد الديمقراطية النظام الملكي الأردني، والمصري، والمغربي، والسعودي وبلدان الخليج الحليفة للغرب عموماً. واللجوء للأساليب البديلة عندما يكون تطبيق مشروع الديمقراطية سيؤدي إلى المخاطر والتهديدات كما في حالة "الديمقراطية الفلسطينية" التي أدت إلى فوز حماس.
    إلى جانب إستخدام مشروع الديموقراطية الأمريكية , للبدائل ذات الجاذبية كما يسميها : كتلك التي تجمع بين مزايا الحفاظ على الأوضاع الداعمة لأمريكا ، وغير الداعمة لصعود أمريكا في المنطقة، وذلك كما في حالة مصر، وتونس وليبيا في بداية ثوراتهم.. والتي قد يؤدي تطبيق مشروع الديمقراطية فيها إلى فوز الإسلامويين!..
    ويخلص باري روبين إلى أن وجود العديد من الخيارات السياسية المتاحة أمام الإدارة الأمريكية، تتمثل في عدم التشديد على قضايا حقوق الإنسان, في مواجهة الأنظمة الحليفة للغرب والمحافظة بأي ثمن على أصدقاء أمريكا في المنطقة. و تقسيم خارطة القوى السياسية الشرق - أوسطية إلى قوى معادية للإرهاب. وقوى متطرفة تدعم الإرهاب . بحيث يتم دعم القوى المعادية للإرهاب مثل الأردن، مصر، المغرب. و الإعتراف بتعدد الآراء والمذاهب والانتماءات في الشرق الأوسط، ثم القيام بانتقاء ما يمكن أن يتماشى مع إدماج إسرائيل في المنطقة, باعتبار أن هذا الإدماج يمثل الوسيلة الوحيدة لإستقرار المنطقة!..
    ويخلص باري روبين إلى مطالبة الولايات المتحدة بالقيام بإجراء التقديرات والتخمينات الواقعية للموقف، وبالذات على النحو الذي سوف يترتب عليه إستثناء بعض الأطراف والبلدان من مشروع نشر الديمقراطية، وتركيز وتكثيف الضغوط الأمريكية على الدول الشرق - أوسطية "المتطرفة" من أجل تطبيق الديمقراطية..
    ويمكننا هنا أن نلاحظ على هذا المشروع(مشروع نشر الديموقراطية).. أنه نظريا لا غبار على الديموقراطية كأداة تصريف سياسي وكآلية سلمية لتداول السلطة .
    وأن مخاوف أميركا من صعود قوى كالتيار الإسلامي في تركيا و حماس في فلسطين عن طريق صناديق الإقتراع ,قد لا يعني بالضرورة الإنقلاب على الغرب بحكم قانون المصالح المتبادلة . بل من الأفضل ترك الشعوب تعبر عن إرادتها الحرة , بدلا عن فرض الإرادة الذي قد يؤدي غالبا لحالات الإحتقان , كما أن فرض الإرادة يتنافى وقيم الديموقراطية الليبرالية ,المستمدة من خيارات الشعوب وتقريرها لمصيرها بنفسها دون تدخل ..
    كما أن الإصلاحات المحدودة لن تكون بديلا, يلبي رغبات هذه الشعوب الجائعة للحرية والديموقراطية والعدالة والتنمية ومحاربة الفساد ..وصحيح أن هناك كثير من المخاوف الأمريكية تعضدها مخاوف الصفوة الليبرالية واليسارية والمستقلة , في الشرق الأوسط من صعود الإسلاميين عبر صناديق الإقتراع , لكن حتى لوحدث ذلك لن يكون ناتجه حالة كالحالة الإيرانية التي تعاني مأزقا وجوديا الآن إثر تململ شعبها ورفضه للمشروع الإيراني الثوري ما دفع كثيرون إلى أن يرفعوا مؤخرا علم نظام الشاه بدلا عن علم الثورة الإيرانية ؟!..
    إلى جانب أن مهمة التمدين وتكريس قيمة المواطنة, لإرساء قواعد الفصل بين الدين والدولة ,اللازمة لأي دولة ديموقراطية حقيقية ,هي مهمة تنويرية في المقام الأول, تقع على عاتق مؤسسات المجتمع المدني"غير المسيسة" وعلى عاتق شبكات التواصل الإجتماعي التي أثبتت قدرتها على الدفع بالإلتفاف الجماهيري الواسع ,حول مفهوم الدولة الديموقراطية المدنية ,التي هي دولة غير دينية مهما إنتقت لها القوى الإسلاموية والطائفية والجهوية من أسماء لا تنطبق عليها ,والتي هي في التحليل النهائي دولة علمانية أو شبه علمانية وفقا لدرجة التطور الحضاري لكل من هذا المجتمعات التي تجتاحها الثورة الآن ..
    بل أنه حتى في حالة صعود الإسلامويون, عن طريق صناديق الإقتراع ,أجهزة الضبط السياسي والإجتماعي والثقافي والإعلامي وغيرها من أجهزة ضبط يفرزها التحول الديموقراطي ستمنع ممارسات الإسلام السياسي ,وهواجسه وظنونه الدينية وأشواقه التي يعانيها وحده ,ويخالها بشريات. فالأشواق تظل مجردأشواق !!أشياء كالحنين.. كالنوستالجيا .. ,أشبه بمفهوم الوطن المعنوي غير المحكوم بضوابط الإدارة الحديثة في عالم متطور .. مثل هذه الأشواق سرعان ما تصطدم بجدر ما أفرزته الديموقراطية من تحولات, وما شيدته من جدر ومتاريس صد, ضد مصالح البلاد والعباد , في الوقت ذاته يعمل هذا التحول الديموقراطي على تفريغ المشهد السياسي من العنف , النتيجة النهائية سيجد الإرهاب والإستبداد أنهما أنزويا في الماضي السحيق ..
    المفارقة هنا أن رؤية باري حول تبني خيارات بديلة ذات جاذبية بدعم الأنظمة المعادية للإرهاب, فشلت تماما فقد إنتصرت إرادة شعب تونس ومصر وسينتصر دون أدنى شك شعب ليبيا , وفي تقديري الخاص أن تغير الموقف الأمريكي والأوروبي أو هو في الحقيقة تحول بسبب الإدراك المتأخر أن مثل هذا النوع من الخيارات (دعم بن علي ,مبارك والقذافي وربما البشير لاحقا ) لم يعد مجديا وهذا يعني أن مشروع نشر الديموقراطية ,سيشهد تحولا كبيرا في الآليات وطرق العمل بسبب التحديات الأخيرة ,التي تمثلت في إرادة الشعوب مقابل إرادة الإحتفاظ بحلفاء معزولين فقدوا شرعيتهم .خاصة بعد فقدان فزاعة الفراغ السياسي لمشروعيتها بسبب تكوين ليبيا لحكومات محلية لملء الفراغ السياسي درء لزرائع الغرب ووئدا لمخاوفه غير الواقعية!..
    ربما يشهد مشروع نشر الديموقراطية أيضا بعد التحديات التي يواجهها الآن تحولا فيما يخص آلية فرض العقوبات على الدول المتطرفة(كالسودان) , لأنه ثبت بالتجربة أن من يعاني من العقوبات هي الشعوب وليس الأنظمة ..
    نواصل

    هامش :
                  

03-02-2011, 05:23 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    المداخلة رقم(4) :
                  

03-02-2011, 07:44 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(4-8)
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري أم مقدمات للديموقراطية والتحرر..
    أحمد ضحية ميريلاند
    مقدمة :
    يشهد العراق عملية معالجة لواقع الديموقراطية, التي ربما يعيشها العراقيون كواقع للمرة الأولى عبر تاريخهم العريق . تتمثل هذه المعالجة - التي حملت الشعارات نفسها, التي حملتها ثورة تونس ومصر بإستثناء الشعارات الخاصة بإسقاط النظام - فالعراقيون لا يتظاهرون لإسقاط النظام الديموقراطي وإنما لأجل مفاهيم أكثر نبلا تتعلق بالتنمية ومحاربة الفساد وبناء دولة الرخاء,الخالية من البطالة والفساد ,و التي تعطي للعراق دورا فاعلا في التاريخ الإنساني كما كان دائما .
    إذن الحراك الجماهيري الذي ينتظم العديد من المحافظات العراقية- وهو حراك في التحليل النهائي يأتي لتجذير الديموقراطية ,في هذا البلد الذي عاني سنوات طويلة من الديكتاتوريات الفريدة في نوعها ,فرادة النظام الليبي العجيب!..
    وفي تقديري الخاص أن سقوط بغداد في حرب الخليج الثالثة, كان بمثابة بداية النهاية للمعسكر الناصري المستبد ,الذي يتداعى الآن, كل ما ألهم به دول المنطقة من تجارب وثقافة الإستبداد ,اصارت هذه الدول , تركز كل مجهوداتها على حماية نفسها من شعوبها! لا حماية هذه الشعوب من التدخلات الخارجية؟! ,بالتالي أيا كانت طبيعة العوامل العديدة, التي تضافرت لإسقاط نظام البعث في العراق , تظل التحركات الراهنة لشعب : عراق الديموقراطية ,نقطة البداية الصحيحة لحياة سلمية أفضل. قائمة على إحترام التعدد والتنوع والإختلاف, وإحترام إرادة الشعب , وتوجهات هذا الشعب وميولاته الإنسانية, بدء بالإجتماعي والعقدي إنتهاء بالثقافي والسياسي..
    وصحيح أيضا أن العراق لا يزال بحاجة لوقت طويل, لينتج هذا المخاض الذي يعانيه وحده _ وستعانيه تونس ومصر وليبيا لاحقا- تحولا ديموقراطيا مكتمل البنيان ,فالدول التي عانت ما عاناه العراق من إستبداد وتعسف , بحاجة لوقت أطول من غيرها, لتكريس قيم الديموقراطية الحقة , لذلك
    نواصل
                  

03-03-2011, 01:01 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    لفهم تحركات الشارع العراقي الآن, وهو يسعى لتصحيح تجربة الديموقراطية الوليدة , وتجذيرها في الوعي الإجتماعي العام للعراق, لابد لنا من المرور أولا بتجربة العراق الفريدة, في خوض الحروب الداخلية "الأكراد والشيعة" و الإقليمية"إيران و الكويت" والدولية " التحالف الأطلسي – العربي والتحالف العراقي المعارض= شيعة + أكراد" مقابل السنة .
    حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية :
    أطلق عليها من قبل الحكومة العراقية إسم قادسية صدام, بينما عرفت في إيران باسم الدفاع المقدس, وأيا كان الإسم الذي أطلقه عليها أطراف الصراع , أو الأطراف الداعمة لطرفي الصراع ,لا تغير تلك الأسماء ,من كونها حرب نشبت بين العراق وإيران! وأمتدت منذ سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988. خلفت هذه الحرب نحو مليون قتيل ,وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي.
    دامت الحرب ثماني سنوات لتكون بذلك ,في المرتبة الثانية بعد السودان ,الذي عانى من أطول حرب في أفريقيا القرن العشرين ,وواحدة من أكثر الصراعات العسكرية دموية,حيث لا يفوقها في الدموية سوى حرب الأنظمة السودانية ,ضد المواطنين السودانيين في جنوب السودان؟!.
    أثرت هذه الحرب – قادسية صدام - على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط, وكان لنتائجها بالغ الأثر ,في العوامل التي أدت ,إلى حرب الخليج الثانية والثالثة. وكما أزعم كان من نتائجها هذه الثورات الشبابية, التي تعتري الشباب العربي الآن, من المحيط إلى الخليج !..
    لكن قبل أن الحديث عن حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة , يتوجب علينا هنا - لمزيد من التوضيح - الإشارة للعلاقة الخاصة بين العراق على- وجه الخصوص- والخليج بصورة عامة بإيران.
    ففي عام 1979 شهدت الأحداث السياسية في كل من العراق وإيران, تطورات بارزة حيث أعلن في أبريل عن قيام الجمهورية الإسلامية في إيران, ليتولى بعدها الخميني منصب المرشد الأعلى للثورة الإسلامية ,وهو المنصب الأعلى في النظام السياسي الإيراني- ستجد المنصب نفسه لدى الأخوان المسلمين - و أصبح صدام حسين رئيسا للجمهورية العراقية في ذات العام , خلفا للرئيس أحمد حسن البكر ,الذي أعلن أنه استقال من منصبه لأسباب صحية، كذلك تم الإعلان عن اكتشاف مؤامرة في بغداد, أتهم بتدبيرها مجموعة من الأعضاء القياديين في حزب البعث الحاكم ,ومجلس قيادة الثورة العراقية، أعدم إثر ذلك, مجموعة من أعضاء مجلس قيادة ثورة 17-30 تموز 1968إلى جانب قيادات أخرى في حزب البعث!.
    حرب الخليج الثانية:
    تسمى كذلك بعملية عاصفة الصحراء أو حرب تحرير الكويت التي تم إحتلالها من قبل القوات العراقية في2 أغسطس 1990 إلى 28 أن تم تحريرها في فبراير 1991،إذن حرب الخليج الثانية
    نواصل
                  

03-03-2011, 03:10 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    هي تلك الحرب التي شنتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة ,بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق. بعد أخذ الإذن من مجلس الأمن والأمم المتحدة لتحرير الكويت, من الإحتلال العراقي.
    تطور النزاع في سياق حرب الخليج الأولى. ففي عام 1990 إتهم العراق الكويت بسرقة النفط عبر الحفر بطريقة مائلة،وعند إجتياح العراق للكويت, فُرضت عليه عقوبات إقتصادية, وطالب مجلس الأمن القوات العراقية ,بالإنسحاب من الأراضي الكويتية ,دون قيد أو شرط. إستعدت بعدها الولايات المتحدة وبريطانيا للحرب، وبدأت عملية تحوير الكويت ,عبر أكبر تحالف غربي-عربي-عراقي = يتمثل في المعارضة العراقية.
    في 17 يناير سنة 1991 حققت العمليات نصرا هاماً ,مهد لقوات هذا التحالف الواسع, للدخول إلى أجزاء من العراق، بعد تركيز الهجوم البري والجوي على الكويت والعراق, وأجزاء من المناطق الحدودية مع السعودية، وقامت القوات العراقية بالرد عن طريق إطلاق عدد من صواريخ سكود على إسرائيل والعاصمة السعودية الرياض.
    سمت الولايات المتحدة هذه الحرب باسم عاصفة الصحراء؛ وغالبا ما يُخطئ الناس, وبشكل خاص الغربيون، ويعتقدون أن هذا الإسم للنزاع بكامله، رغم أن دائرة بريد الولايات المتحدة أصدرت طابعا عام 1992 يحمل إسم "عملية عاصفة الصحراء" بصورة لا تدع مجالا للشك بأن هذا إسم هذه العملية وحدها فقط.
    بعد احتلال العراق للكويت بفترة قصيرة، بدأ الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بإرسال القوات الأمريكية إلى السعودية، وقد سميت هذه العملية بإسم درع الصحراء، وفي نفس الوقت حاول بوش إقناع عدد من الدول الأخرى ,بأن ترسل قواتها إلى مسرح الأحداث.
    فأرسلت ثماني دول قوّات أرضيّة ,لتنضم إلى القوات الخليجية المكونة : من البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وألوية الولايات المتحدة الثقيلة، البالغ عددها 17 لواءً، والخفيفة البالغ عددها 6 ألوية، بالإضافة إلى تسعة أفواج بحرية أمريكية. وكانت أربع دول قد أرسلت وحدات من طيرانها الحربي، لينضم إلى سلاح الجو السعودي، القطري، والكويتي، بالإضافة إلى الأمريكي" البحرية الأمريكية، وسلاح طيران البحرية الأخيرة"، مما جعل عدد المقاتلات الجويّة ثابتة الجناح يصل إلى 2,430.وتولى النظام المصري الحرب الإعلامية , والتسويق الديبلوماسي والسياسي لمشروعية إحتلال أميركا للعراق.
    إمتلك العراق مقابل كل هذه الأوضاع زوارق مدفعية, وزوارق حاملة للصواريخ، ولكنه عوّض عن هذا النقص في عدد القوات الأرضيّة الهائل، والبالغ 1.2 مليون جندي،ب 5,800 دبابة، 5,100 مدرعة أخرى، و 3,850 قطعة مدفعية، مما زاد من القدرة القتالية للقوات الأرضية العراقية.كذلك إمتلك العراق 750 طائرة مقاتلة وقاذفة قنابل، 200 قطعة جويّة أخرى، ودفاعات صاروخية ورشاشة دقيقة.
    أطلقت كل دولة من الدول المشاركة في هذا النزاع, إسما خاصا بها على هذه العملية،فمثلما أطلقت عليها الولايات المتحدة اسم عاصفة الصحراء ودرع الصحراء ، أطلقت عليها المملكة المتحدة عملية جرانبي تيمنا بجون مانرز، مركيز قرية جرانبي، وأحد أشهر القوّاد العسكريين في حرب
                  

03-04-2011, 00:05 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    السنوات السبع؛ وكذلك كندا أطلقت عليها إسم عملية الإحتكاك ,بينما دعتها فرنسا ببعملية دوجت أي عملية أيل الشادن.
    حرب الخليج الثالثة :
    حرب العراق المعروفة بحرب الخليج أو احتلال العراق أو تحرير العراق, هي حرب بدأت في 20 مارس 2003 بدأ الغزو من قبل القوات المتعددة الجنسيات - بما في ذلك الجنسيات العربية, لأن لهذا اهمية كبيرة في فهم الثورات التي تعتري المنطقة الآن ,سواء كان يقتصر دور هذه الجنسيات على التمويل أو الإمداد أو الإعلام كما حدث في مصر وغيرها من بلدان - والتي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
    قبل الحرب إدعت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسبانيا ,أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل,وأن ذلك يهدد أمنها وأمن حلفائها. الأمم المتحدة ومفتشي الأسلحة الدوليين,على رأسهم العالم المصري البرادعي , لم يجدوا دليلا على وجود أسلحة دمار شامل – بالطبع هذا لا يعني أن العراق لم يكن يشتغل لإنتاج أسلحة دمار شامل !- وأدعت أميركا أن سبب عدم وجود أدلة ,يعود إلى ضعف المعلومات الإستخباراتية حول هذا الموضوع,- وفي تقديري الشخصي أن هذا زعم ضعيف – ببساطة أن كل مشاريع التسليح , بكافة أشكالها في العالم العربي أو غيره من عوالم يدعمها الغرب, وليس هناك ما هو أسهل من التوصل للحقيقة خاصة في الغرب!,بسبب الديموقراطية والحريات !!.
    في أثناء الغزو خلصت الولايات المتحدة الأمريكية,إلى أن العراق قد أنهى برنامج أسلحة الدمار الشامل في سنة 1991 ,وليس لديه أي برنامج نشط في وقت الغزو، إلا أنه يعتزم إستئناف البرنامج, في حال فرض عقوبات على العراق، مع ذلك عثر على بعض الأسلحة الكيميائية المتروكة فيما يسبق سنة 1991، وتم إثبات أنها ليست من مخلفات قوات التحالف الغازية للعراق. أتهم بعض المسؤولين الإمريكيين الرئيس العراقي الراحل, المهيب الركن صدام حسين بدعم وإيواء تنظيم القاعدة، ولكن لم يتم العثور على دليل ,على وجود أي علاقة تعاونية على الإطلاق!.
    هناك عدة إتهامات وأسباب لغزو العراق, ذكرها عدة مسؤولين أمريكيون منها: الدعم المالي للمقاتلين الفلسطينيين. إنتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة العراقية(وهذه حقيقة). محاولات من جانب قوات التحالف لنشر الديموقراطية في العراق(حقيقة أخرى). وقال بعض المسؤولين أن إحتياطي النفط في العراق, كان سببا في قرار الغزو(الحقيقة الكبرى)، ولكن مسؤولين أخرون نفوا ذلك السبب, بالإحالة لأسباب إنسانية كما هي متعينة في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان!.
    وفي الواقع بعد إنتصار العراق على إيران , أصبح رقما أساسيا في معادلات المنطقة,يؤثر على كل مجريات الأحداث فيها,كما أن غريزة التنافس فيما بين الزعماء العرب ,وشعور دول الخليج بأن العراق قد يهيمن عليها مالم يتم تقويضه , إلى جانب غيرة الرئيس حسني مبارك من صدام بسبب السلطة المتنامية للأخير ,خصوصا أن صدام يتكيء على مشروع قومي وحدوي.كل هذه العوامل وغيرها كانت تقف خلف إحتلال العراق.الذي إكتمل فعليا في 14 ديسمبر 2003 عندما تم إعتقال صدام حسين في تكريت، وقام مجلس الحكم في العراق بالموافقة على دستور مؤقت للبلاد ,بعد مفاوضات مطولة وخلافات حادة حول دور الإسلام ومطالب الأكراد بحكم فدرالي.
                  

03-04-2011, 09:56 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    وفي أبريل/ ومايو 2004 قامت المليشيات التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر بشن هجمات على قوات التحالف، وتقارير عن مقتل المئات في القتال بين الجيش الأمريكي الذي حاصر مدينة الفلوجة، وظهرت صور عن انتهاكات ضد السجناء العراقيين على يد قوات أمريكية في فضيحة سجن أبو غريب، وقتل رئيس مجلس الحكم عزالدين سليم في إنفجار خارج مقر قوات التحاف ببغداد.
    وفي الأول من يونيو 2004 تم تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة, التي تم حلها فيما بعد. فحلت محلها الحكومة العراقية الإنتقالية, التي كانت من مهامها الرئيسية تهيئة الإنتخابات العراقية لإختيار مجلس النواب العراقي الدائم ,والتصديق على الدستور العراقي الدائم.

    إذن كانت عملية غزو العراق سريعة جدا, بسبب هزيمة الجيش العراقي، وإعتقال صدام حسين، ومن ثم إحتلال العراق من قبل قوات التحالف، ومحاولة قوات التحالف إحلال الديموقراطية في العراق. لذلك سرعان ما بدأت أعمال العنف بين قوات التحالف والشعب العراقي (بإستثناء قوى المعارضة التي تطابقت رؤيتها مع الرؤية الأمريكية) ، وبدأ التمرد في العراق, والحرب الغير متكافئة ,والصراع بين السنة والشيعة والجماعات العراقية والقاعدة ,إلخ. وأدى كل ذلك إلى مقتل أكثر من 85000 من السكان المدنيين في عام 2007، كما قدر عدد اللاجئين ب 4.7 مليون عراقي (حوالي 16% من سكان العراق) في أبريل 2008 ،كما هرب مليونان عراقي إلى الدول المجاورة، حسب تصريحات الصليب الأحمر الدولي وقد كانوا في حالة إنسانية سيئة.
    وفي أغسطس 2008 إحتل العراق المركز الخامس ,في مؤشر الدول غير المستقرة.ثم بدأت قوات التحالف بسحب قواتها وزيادة القوات العراقية ,وتحميلها مسؤولية الأمن في العراق، كما صدق البرلمان العراقي على هذا الإتفاق الإستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية ,التي تهدف إلى ضمان التعاون الدولي في مجال الحقوق الدستورية، والتعليم، وتنمية موارد الطاقة، والعديد من المجالات.
    في 2008 فاز أوباما برئاسة الولايات المتحدة ,بدعم رئيسي من الشباب الأمريكي ومثل فوز أوباما برئاسة الولايات المتحدة تحولا كبيرا للسياسة والمجتمع الأمريكي,كما ألهم فوزه كل شعوب العالم التي تعاني من التهميش , وألهم على وجه الخصوص الشباب ,بما زرعته خطاباته التاريخية من تفاؤل وأمل في التغيير والديموقراطية ,لكل شعوب العالم .وفي ظني فوز أوباما بما صاحبه من زخم يعد أيضا أحد العوامل المهمة والملهمة لثورات الشباب التي تنتظم الشرقالأوسط الآن.فإنتصار أوباما , لم يكن بهزيمة مكين أو غيره من المنافسين, بقدر ما هو إسقاط للمؤسسة الأمريكية القديمة!
    وهكذا في أواخر فبراير 2009 أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ,أنه سيسحب القوات الأميريكية المقاتلة في العراق خلال 18 شهرا ، مع بقاء 30000 إلى 50000 من القوات "لتدريب قوات الأمن العراقية على تدقيق المعلومات الإستخباراتية والمراقبة". ويرى قائد القوات الأميريكية راي أوديرنو أن جميع الجنود الأميريكين سيكونون خارج العراق, بحلول نهاية هذا العام(2011 ) .وفي سياق متصل أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي : أنه يؤيد الإنسحاب المتسارع للقوات الأميريكية.
                  

03-04-2011, 10:21 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)
                  

03-05-2011, 01:05 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    التاريخ السياسي للعراق:
    في العام 1939تولى إبن الملك غازي، فيصل الثاني البالغ من العمر ثلاث سنوات الحكم تحت الوصاية، وكان نوري السعيد هو الذي يدير الدولة بمباركة من الحكومة البريطانية، وفي نفس السنة أعلن العراق مقاطعته لألمانيا. وفي 2 مايو 1941 قامت ثورة ضد الوجود البريطاني بقيادة رشيد عالي الكيلاني الذي تحدثنا عنه في مقالاتنا الأولى من هذه السلسة، وتم تشكيل حكومة جديدة بعد هروب نوري السعيد خارج العراق، ولم تستطع الثورة الإستمرار في المقاومة, فأستسلمت بعد شهر من الحرب، وتم التوقيع على هدنة مكنت بريطانيا من إستعادة السيطرة على العراق، وتم تشكيل حكومة موالية لبريطانيا برئاسة جميل المدفعي الذي إستقال وخلفه نوري السعيد.
    وفي يناير1943 أعلن العراق الحرب على دول المحور. حيث قادت القبائل الكردية ثورة في ما بين سنتي 45 و1946 , وقيل وقتها أنها تلقت دعمها من روسيا، وأرسلت بريطانيا قوات إلى العراق لضمان أمن البترول، وبعد إنتهاء ثورة الأكراد سنة 1947 بدأ نوري السعيد التفاوض مع ملك الأردن ,لإنشاء إتحاد بين العراق والأردن، وتم في السنة نفسها التوقيع على معاهدة إخاء بين البلدين، ونصت المعاهدة على التعاون العسكري ,مما قاد سنة 1948 إلى إشتراك الجيش العراقي في الحرب مع الجيش الأردني ضد إسرائيل (بعد إعلان قيام إسرائيل). ولاحقا رفض العراق الهدنة التي وقعها العرب مع إسرائيل في 11 مايو 1949.
    وشهد العراق في الفترة ما بين 49 و1958 الكثير من الأحداث الداخلية والخارجية المهمة مثل : إنتفاضة عمال شركة نفط العراق سنة 1948، وانتفاضة يناير التي قضت على معاهدة بورتسوث البريطانية - العراقية، وانتفاضة أكتوبر 1952 التي طالب فيها المنتفضون بإجراء إنتخابات مباشرة والحد من صلاحيات الملك.
    وفي سنة 1955 وقع العراق مع تركيا على اتفاقية بغداد الأمنية والتي إنضمت إليها بريطانيا وباكستان وإيران، كما وقع العراق والأردن على إتحاد فدرالي في 12 فبراير 1958.
    ومن ثم قاد الجيش العراقي بقيادة الشيوعي عبد الكريم قاسم انقلابا ضد الملك في 14 يوليو 1958، وقتل الملك فيصل الثاني وخاله عبد الأله ورئيس وزراءه نوري السعيد، وأعلنت الجمهورية برئاسة محمد نجيب الربيعي، وإحتفظ عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء بصلاحيات واسعة في إدارة البلاد. كما أنسحب العراق من معاهدة بغداد(حلف بغداد) والإتحاد مع الأردن سنة 1959.
    وفي سنة 1960 أعلن العراق بعد إنسحاب بريطانيا من الكويت, عن تبعية الأخيرة له، وقاد حزب البعث إنقلابا على عبد الكريم قاسم في 8 فبراير 1963، وأصبح عبد السلام عارف الذي لم يكن بعثياً رئيساً للعراق، وتولى شقيقه عبد الرحمن عارف الرئاسة بعد موته سنة 1966.
    قاد حزب البعث بالتنسيق مع بعض العناصر غير البعثية إنقلابا ناجحا في 17 -30 تموز 1968، وتولى الرئاسة أحمد حسن البكر، وهكذا إتجه العراق نحو روسيا. واستطاع البكر أن يوقع إتفاقية الحكم الذاتي للأكراد فأصبح للأكراد ممثلون في البرلمان ومجموعة من الوزراء. وأغلقت الحدود مع الأردن سنة 1971، وأمم العراق(أسوة بعبد الناصر ) شركات النفط سنة 1972.وسنرى النميري في السودان يفعل الشيء نفسه. وهو الشيء ذاته الذي فعله القذافي في بداية حكمه.أعني التأميم كثقافة إشتراكية تسربت من الشيوعية للتجربة الناصرية ومن ثم ألهمت زعماء آخرين في المنطقة.
    وفي مارس 1974 عادت الإضطرابات مع الأكراد في الشمال, والذين قيل إنهم كانوا يتلقون دعما عسكريا من إيران. وإثر تقديم العراق بعض التنازلات المتعلقة بالخلاف الحدودي مع إيران والتوقيع على اتفاقية الجزائر سنة 1975، توقفت إيران عن دعم ثورة الأكراد، وتمكن العراق من إخماد الثورة. كما حاول الرئيس أحمد حسن البكر إنشاء وحدة مع سوريا.
    وفي سنة 1979 تولى صدام حسين رئاسة العراق بعد تنازل أحمد حسن البكر عن السلطة(لأسباب تعرضنا لها سلفا في المقالات السابقة). وبعد قيام الثورة الإيرانية سنة 1979 أعلن العراق الإعتراف بها.
    تحركات الشارع العراقي الراهنة :
    الوصف الدقيق لما يجري في العراق الآن ,هو ما توصل إليه الأستاذ هاشم صالح :في مقاله "مايحدث في العراق الآن" , إذ لخص هاشم صالح الحالة الراهنة للعراق - مستعينا بمجتزأ معبر لفرويد .. مجتزأ ينطبق على كل تحركات الشارع العربي حيث قال " كل ما كبت على مدار التاريخ سوف يستيقظ يوماً ما،وينفجر كما تنفجر البراكين من أعماق الأرض, ويطالب بحقه في الوجود والتعبير عن نفسه.وسوف ينتقم لنفسه ممن كبتوه وظلموه – فرويد"..
    لكن كيف يتم تطبيق هذا التصور الفلسفي ,على ما يجري في العراق الديموقراطي الآن !وما يجري في كل المنطقة العربية من ثورات شبابية وشعبية؟! .
    يؤكد هاشم صالح – وأنا أتفق معه تماما- أن ما يجري من صراعات وتحركات في الشارع العراقي ,ليس سببها التدخل الأميريكي , بل سببها أن التدخل الأميريكي " حرر الطاقات المكبوتة والأصوات المخنوقة ,والفئات المضطهدة على مدار التاريخ ,لدى الشيعة والأكراد على السواء. وهذا شيء غير مسموح به بالنسبة للنظام العربي- السني المسيطر منذ ألف سنة أو أقل (أي منذ إنهيار البويهيين في منطقة العراق- إيران ،والفاطميين في مصر وشمال افريقيا) ".
    إذن ما يحدث هو رد فعل للسنة على هذا التحول المفاجيء والصادم " إنه يشبه رد فعل كل الفئات المهيمنة على مدار التاريخ. فعلم الإجتماع من كارل ماركس وماكس فيبر حتى بيير بورديو يقول لنا:أن آيدولوجيا الفئة المهيمنة تاريخياً على المجتمع ,تصبح بمرور الزمن المتطاول آيديولوجيا المجتمع عامة. بل أكثر من ذلك تصبح بديهية أو تحصيل حاصل ,وتنال شرعية مطلقة لا تناقش ولا تمس.ولا يعود مسموحاً طرح أي تساؤل عنها أو عن مشروعيتها ,من قبل أي شخص كان. وبخاصة من قبل المهيمن عليهم.
    ولذلك فعندما تحاول الفئات المضطهدة أن تثور على قانون الهيمنة الراسخ هذا , فإنها تجابه فوراً بالرد العنيف والصارم.ومن هنا نفهم التفجيرات المروعة التي تصيب شيعة العراق وأكراده بالمئات والآلاف. بل أن أي باحث أو مفكر يحاول النبش عن قانون الهيمنة المخفي هذا, وإخراجه الى السطح. وجعله عرضة للنقاش والمراجعة ,سوف يواجه فوراً بالرد الحازم من أجل قطع الطريق عليه وإطالة أمد قانون الهيمنة إلى أجل غير مسمى:أي حتى نهاية الدهر إذا أمكن! فالإنسان صاحب الإمتيازات, يحب الوضع القائم ولا يشعر بوجود أي مشكلة.وحدهم ضحايا قانون الهيمنة يشعرون ويعرفون!!.
    ولكن المشكلة هي أن التاريخ ينتقم لنفسه كما قال فرويد . بمعنى أنه لايمكن لأي قانون هيمنة وإستعلاء أن يستمر إلى الأبد"..
    إذن هو القانون ذاته الذي نزع القداسة عن بن علي ومبارك والقذافي, وأسقطهم .. أنه قانون المواطنة القائمة على التساوي في الواجبات والحقوق الذي دفع جنوب السودان للإنفصال , فالمواطنة هي المعيار الوحيد للحقوق والواجبات دون إعتبار للمذهب أو الطائفة أو الدين .. دون إعطاء لون البشرة أو شكل أنف المواطن أو وجهه وشفاهه وجسمه ,أي دلالات مغايرة لمفهوم المواطنة الذي تضمنته دساتير الدول التي تتبنى الديموقراطية ..
    لكن هل يقبل عرب النظم السنية وشعوبهم بالمواطنة كمبدأ يحكم الحياة الإجتماعية و السياسية ؟ هذا السؤال يعني السودان بالقدر نفسه الذي يعني العراق!.. موقف السنة من غير السنة هو الموقف نفسه الذي حكم الكاثوليكيين" في فرنسا تجاه البروتستانتيين المعتبرين هراطقة أو خارجين على الخط المسيحي المستقيم والصحيح."وفق هذا السياق نفهم سبب زيارة موفق الربيعي لشيخ الازهر لكي يأخذ منه فتوى تعتبر ان الشيعة هم مسلمون ايضاً،ومن ثم فلا يحق لابي مصعب الزرقاوي تكفيرهم واستباحة دمائهم على هذا النحو!.
    ومادام العالم العربي خاضعاً لتصورات الفقة القديم وعقلية القرون الوسطى فانه لاحيلة لنا في الأمر،ومن ثم فتصرف الربيعي مفهوم ضمن هذه الظروف.ومن المعلوم ان الفيلسوف الفرنسي أوغست كونت كان قد بلور نظرية المراحل الثلاث التي تمر بها البشرية في سلم التطور:أي المرحلة اللاهوتية أو الغيبية القروسطية،فالمرحلة الميتافيزيقية،فالمرحلة الوضعية أو العلمية الحديثة.
    وحدها أوربا إستطاعت أن تتجاوز المرحلة اللاهوتية الطائفية القديمة وتتوصل الى المرحلة العلمية والفلسفية الحديثة التي لا تقيم الإنسان طبقا لمكان ولادته,كما نرى الجدل الدائر الآن في ليبيا عن من هم الليبيون ومن هم المرتزقة؟ وإنما طبقا لإمكاناته وكفاءته وميزاته الشخصية.
    ولأننا لم نتوصل الى هذه المرحلة بعد فإن الطائفية أو المذهبية أو الإسلام السياسي سيظل كل ذلك منتعشا في العالم العربي،وسوف يظل هذا هو المعيار او المقياس الاساسي لتقييم الناس ويا ويلك اذا ما ولدت في المكان الخطأ:اي في مناطق الاقليات! مثل أكراد العراق أو دروز لبنان وسوريا أو جنوبيين ودارفوريين السودان فأنت مجرم عندئذ؟!.. وهو الموقف نفسه ممن يعتبرون أنفسهم عرب أو أن العرب جنس أرقى من الجنوبيين أو النوبة أو النوبيين أو الفور أو الأنقسنا ,إلخ ...
    ميزة ثورات الشباب - وهنا أستعين بتحرك الشباب اللبناني مؤخرا ضد الطائفية - أنها تعمل على " تفكيك العصيبات الطائفية والمذهبية والقبلية الراسخة وهذا هو الشرط المسبق والضروري لتشكيل مجتمع مدني وديموقراطي متماسك ومنسجم في سائر الدول العربية.ولأن هذا العمل لم يتحقق حتى الآن ولم يجروء عليه اي حزب سياسي او حتى اي مفكر ذي وزن،فإن الطائفية والقبلية والعنصرية سوف تظل مستفحلة وترعب الناس ليس في العراق فقط، بل في سوريا ولبنان والخليج العربي ومصر, إلخ...
    لقد حاولت الحركات "التقدمية"القفز فوق المشكلة الطائفية بدلا من مواجهتها مباشرة.ولذلك فهي تنفجر في وجوهنا الآن بكل عنف ورعب ودموية.وسوف تظل تنفجر حتى تشبع انفجاراً.بعدئذ يمكننا تشخيصها وتحليلها وتفكيكها تمهيداً لأزالتها وتحقيق ما يدعوه محمد أركون بتوحيد الوعي الاسلامي على إختلاف مكوناته من سنية وشيعية وإباضية,أو صوفية بشكل عام" .
    غير أن هذا لا يكفي.إذ ينبغي تفكيك الجدران الطائفية والقبلية التي تفصل بين المسيحيين العرب أو غير العرب والمسلمين العرب أو غير العرب.عندئذ،وعندئذ فقط ،يمكن تشكيل دولة حديثة في سوريا او لبنان او مصر او العراق او البحرين,أوالسودان ،الخ...
    ماينطبق على الانقسامات الطائفية والمذهبية التي تنفجر الآن كالقنابل الموقوتة،ينطبق أيضاً على الإنقسامات العرقية- اللغوية.فالأكراد لهم الحق في هويتهم اللغوية والثقافية التي تعود الى ألاف السنين،وكذلك الأمر بالنسبة الى الأمازيغ في بلاد المغرب العربي الكبير.
    حقيقة ما يجري في العراق والعالم العربي هو إستيقاظ للهوية كما يقول هاشم صالح – وأتفق معه تماما في كل ما قال به– وأزيد أنه ليس بسبب الهوية العرقية أو الثقافية فقط بل الهوية الإنسانية بكافة تفاصيلها ومستوياتها وهي هوية لا يمكن إستيعابها إلا في إطار الديموقراطية الليبرالية , بالتالي يقظة الهوية الإنسانية للمواطن ليست موجهة ضد الشعوب بل ضد" نظام الهيمنة القديم الذي لم يعد قادراً على البقاء والإستمرار.بعد أن استنفد طاقاته وإمكاناته وسوف يسقط كما سقط في اوربا بعد التنوير والثورة الفرنسية .ونحن بحاجة إلى نظام جديد يتساوى فيه الجميع أمام القانون والمؤسسات كما حصل في الدول المتقدمة.
    لقد ولى زمن الاحتقار والتمييز الطائفي او العرقي أو الثقافي .وإلا فإن البديل من كل ذلك هو الحرب الاهلية المدمرة وإنهيار السقف على رؤوس الجميع!" كما يقول هاشم صالح في بحثه القيم "ما يجري في العراق الآن" .
    نواصل

                  

03-05-2011, 02:57 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(5-8)
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري أم مقدمات للديموقراطية والتحرر..
    أحمد ضحية- ميريلاند
    مقدمة :
    لا يمكن لأي كائن عاقل من مخلوقات الله ,أن ينظر للحالة الليبية الراهنة ,دون أن يكتشف أنها خلاصة تجربة مفكرين وساسة مزعومين عرب أو مستعربين!, وأنها تعبر بصورة صارخة عن تجربة الحاكم والسياسي العربي , المتجذرة في التجربة الناصرية بكل أبعادها الإستبدادية ,التي تتلائم الآن مع ما تفضحه الصحراء الليبية, فالصحراء فضيحة للمخفي والمخبأ, فمابين الأرماث , التي خلفها مفكرون وساسة مزعومون ,في مسيرتهم العامرة بالخزي ,في خذلان شعوبهم , يقود صوى الساري إلى كارثة ,من المستحيل إخفائها أو التستر عليها , إذ لا يمكنك أن تختبيء في صحراء البدو , أو لنقل أن شخص مجنون كالقذافي لا يمكنه الإختباء , وإخفاء كل شيء إلى الأبد!..
    بهذا المعنى الحالة الليبية الراهنة, هي تعبير صادق عن خطورة مفاهيم الكاريزما والعظمة والقوة الخارقة ,المستوحاة من ثقافة الجبر والإستبداد. الذي يشكل عقلية ونفسية حكام وساسة كثر على شاكلة البشير ونافع وصلاح قوش ,وحافظ وبشار الأسد, ووو..
    كل هؤلاء وأولئك الذين يستلهمون شخصية عبد الناصر أو تجربته ضاربة الجذور في تراث الإستبداد الجبري,و تعج بهم أروقة القمم العربية والجامعة العربية,وأجهزة المخابرات في العالم !
    لقد كتب الروائي والقاص الليبي الجميل و المدهش إبراهيم الكوني ,عن الصحراء الليبية كثيرا ,حتى إستحالت لديه هذه الصحراء كائنا حيا يمشي على قدمين!وقلبه يتلفت فلا يرى في مآلات المسيرة , سوى الرعب الذي يتبدى في علامات الطريق المحفوف,بالمخاوف والهواجس والظنون,وكل فزع الماضي المتجدد في الحاضر الإستبداي الرهيب! ..
    صحراء الكوني الحية والتي ينزف فيها حتى الحجر! , هي صحراء تيه عبد الرحمن منيف ذاتها , وهي الصحراء نفسها التي مثلت مرتكزا في المرشد "لفهم أشعار العرب عند عبد الله الطيب",وهي لا تختلف كثيرا عن صحارى غرب السودان وشماله! .
    إذن – من جهة أخرى- الحديث عن الحالة الليبية, لهو شيء جد مختلف عن الحديث عن الدول الأخرى في المشرق والمغرب , أنه حديث ذي "سجون" مريعة, في واقع مرعب , فالقذافي هو الخلاصة الدقيقة لعقلية ونفسية حاكم عربي أو مستعرب, سواء جاء من حوش سرت أو حوش بانقا,أو حوش تكريت! ..
    عقلية ونفسية الحاكم العربي (أو المستعرب – على غرار التركي ولا المتورك) هي عقلية ونفسية سايكوباتية, بمعنى مضادة للمجتمع, يمكنها أن تستخدم الكيميائي لقتل شعبها , ويمكنها أن تفعل كل ماهو مضاد للإنسانية في سبيل الحفاظ على كرسي الحكم!او كما ظل عبد الرحمن منيف,يحدثنا عن مؤامرات القصور في مدن الملح حتى بح صوته , فالحاكم والسياسي العربي أو المستعرب لا يعتني بشعبه, بقدر حرصه على العناية بسرواله !..
    أنه يتفقد سرواله بين آن وآخر ,ولا يكلف نفسه عناء تفقد هموم وآلام وأحزان ومواجد شعبه ! مع أن تكلفة تفقده لسرواله , الذي تتمحور حوله كل سلطاته الذكورية والرئاسية, تكلف الشعب نسبة تصويت اكثر من 99%! فشعبه كله يحبه!,فهو المجد وهو الصخرة ,لذلك دائما يصوت له الشعب بمثل هذه النسبة العالية, ليبقى في الحكم عشرات السنوات!!سواء كان هذا الحكم حكم حزب أو مؤسسة مجتمع مدني أو حكم دولة كالسودان وتونس ومصر وليبيا أو البحرين وعمان واليمن والجزائر ! ..أنه حاكم فريد الطراز , فالباطل لا يأتي من بين يديه !..
    دعونا من هذه "المغسة" التي أوحت بها حارسات – وليس حراس- القذافي , والليالي الحمراء لأبناءه في الغرب الإستعماري الفاسق الكافر! , وهي على فكرة ليال وثقها "الغرب الرجيم" وجاءت قناة الأخوان المسلمين "الجزيرة" منها بما هو مسموح فقط من مقتطفات ؟! الرجل مع ذلك داعية إسلامي!
    يبدو أن هذه "المغسة" تصر على الإطلال برأسها , إذ أتذكر الآن ما قاله أحد ظرفاء مدينة كوستي عن نظام نميري والحكومة الديموقراطية وعمر البشير , الرجل قال :" لقد أدخل نميري والطائفية الشعب السوداني في ### وزة , لكن الجماعة ديل , شالو الوزة ذاتها ودخلوها في ## الشعب السوداني !.. يقصد بالجماعة ديل المؤتمر الوطني والقوى الإسلاموية أو الإسلاربوية, بتصرف من عندي,على كيفي! ..هذه هي شاكلة جكامنا الإسلامويين, ما أن نتخلص من إمام للقرن العشرين حتى يرمينا القرن الواحد وعشرين بما هو أسوأ!..
    لكن ما يفعله القذافي الآن أخطر من كل ذلك بمراحل, إذ لم نعد نعرف أين ذهبت الوزة وأين كان الشعب لحظة ذهابها الميمون!! أنها مفارقات لا تليق سوى بالحكام والسياسيين العرب والمستعربين! ..ولله في خلقه شئوون!..
    على أية حال موضوع هذه الحلقة هو الحالة الليبية المدهشة, والمفاجئة بكل المقاييس!!..هذه الحالة التي يقسم ملك ملوك أفريقيا بأنه سيجعل من ليبيا المسكينة ,نار حمراء.. جمرة تحترق!..فما هي خلفيات هذا العنف ؟الذي يستخدم فيه القذافي مرتزقة دبابين مأجورين، إلى جانب الطائرات والمدفعيات, في مواجهة شعبه الأعزل ؟.
    استقلال ليبيا :
    كانت الدوائر الاستعمارية تدبر المكائد وتحيك المؤامرات على مستقبل ليبيا، فقد اتفقت بريطانيا وإيطاليا في 10 مارس 1949 م على مشروع (بيفن سيفورزا) الخاص بليبيا الذي يقضي بفرض الوصاية الإيطالية على طرابلس والوصاية البريطانية على برقة والوصاية الفرنسية على فزان، على أن تمنح ليبيا الاستقلال بعد عشر سنوات من تاريخ الموافقة على مشروع الوصاية، وقد وافقت عليه اللجنة المختصة في الأمم المتحدة في يوم 13 مايو 1949 م وقُدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للإقتراع عليه، ولكن المشروع باء بالفشل لحصوله على عدد قليل من الأصوات المؤيدة، نتيجة للمفاوضات المضنية لحشد الدعم لاستقلال ليبيا والتي قام بها وفد من أحرار ومناضلي ليبيا للمطالبة بوحدة واستقلال ليبيا.
    أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 289 في 21/11/1949م ,الذي يقضي بمنح ليبيا إستقلالها في موعد لا يتجاوز الأول من يناير 1952 م، وكُوِنت لجنة لتعمل على تنفيذ قرار الأمم المتحدة ,ولتبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق وحدة ليبيا ,ونقل السلطة إلى حكومة ليبية مستقلة.
    وفي شهر أكتوبر 1950م تكونت جمعية تأسيسية ,من ستين عضواً يمثل كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة (عشرون عضواً) ,وفي 25 نوفمبر من السنة نفسها إجتمعت الجمعية التأسيسية ,برئاسة مفتي طرابلس لتقرر شكل الدولة، وعلى الرغم من إعتراض ممثلي طرابلس على النظام الإتحادي فقد تم الاتفاق، وكلفت الجمعية التأسيسية لجنة لصياغة الدستور، فقامت تلك اللجنة بدراسة النظم الإتحادية المختلفة في العالم وقدمت تقريرها إلى الجمعية التأسيسية في سبتمبر 1951 م وكانت قد تكونت حكومات إقليمية مؤقتة بليبيا، وفي 29 مارس 1951م أعلنت الجمعية التأسيسية عن تشكيل حكومة اتحادية لليبيا مؤقتة في طرابلس برئاسة السيد محمود المنتصر، وفي يوم 12/10/1951م، نقلت إلى الحكومة الإتحادية والحكومات الإقليمية السلطة كاملة ما عدا ما يتعلق بأمور الدفاع والشؤون الخارجية والمالية، فالسلطات المالية نقلت إلى حكومة ليبيا الاتحادية في 15/12/1951م
    وأعقب ذلك في 24 ديسمبر 1951م إعلان الدستور واختيار ادريس السنوسي ملكا ل المملكة الليبية المتحدة بنظام فيدرالي يضم ثلاثة ولايات (طرابلس، برقة، فزان). وقام شعب ليبيا عبر ممثليه المنتخبين في 26 أبريل 1963م بتعديل دستورهم وأسسوا دولة ليبيا الموحدة, وأزالوا جميع العقبات التي كانت تحول دون وحدة ليبيا فكان إسم المملكة الليبية وعاصمتها طرابلس.
    ثورة الفاتح من سبتمبر1969:
    في الأول من سبتمبر 1969م قامت مجموعة من الضباط الشبان من ذوي الرتب الصغيرة بقيادة ,الملازم معمر القذافي(الذي كان متأثرا بإنقلاب عبد الناصر على الملكية الدستورية في مصر), بالإنقلاب على الملك إدريس السنوسي في الأول من سبتمبر 1969وهكذا تم الإعلان عن الجمهورية العربية الليبية.
    سمى الضباط الليبيون إنقلابهم بحركة الضباط الأحرار تيمنا بحركة الضباط الأحرار المصرية التي أطاحت هي الأخرى بالملكية الدستورية في مصر عام 1952 وهو الأمر الذي فعله نميري ورفاقه في السودان, بالإنقلاب على نظام ديموقراطي دستوري منتخب في 25 مايو 1969. و بالطبع كان القذافي ونميري تلاميذ غير نجباء لعبد الناصر.
    اعلان قيام سلطة الشعب :
    لكن بوفاة عبد الناصر وعدم إعتراف القادة العرب بالقذافي كخليفة لعبد الناصر في أمانة القومية العربية, تغيرت توجهات القذافي(الأمر نفسه حدث مع نميري وعلي عبد الله صالح وصدام حسين والإنقاذ,إذ تقلبوا أيضا بين القومية العربية , والإسلاموية) فتم في 2 مارس 1977 الإعلان عن قيام الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ,بالتالي تحول النظام السياسي من النظام الجمهوري إلى النظام الجماهيري بمؤتمرات شعبية تقرر ولجان شعبية تنفذ.
    وفي فبراير 2011 - وبعد نجاح ثورة الياسمين في تونس وثورة شباب 25 يناير في مصر بالإطاحة برأسي إبن علي ومبارك , إستلهم الشعب الليبي تاريخه في مقاومة الإستعمار الإيطالي والبريطاني , فكانت هذه الثورة ذات الكلفة الإنسانية العالية,و التي أفرجت عن كل ما كان مكبوتا طوال 42 عاما وأخرجته إلى العالم, لتصدم اللضمير الإنساني , بمجرياتها الدموية.
    الغريب أن ما تشهده ليبيا الآن ,شهده المواطنون السودانيون في جنوب النيل الأزرق وفي شرق السودان وجبال النوبة وجنوب السودان ودارفور , وبسبب أسوار الصمت العالية, وجدران التغييب , والإفتقار لآليات الإعلام الجديد ,لم تجد هذه الشعوب السودانية التعاطف الذي يليق بفداحة الإبادة الجماعية والتقتيل والإغتصابوكل أنواع الظلم التي حاقت بها ..
    ولم يفتح الله على القادة والساسة العرب و المسلمون والمجتمع الدولي(الذي كان يعرف لأكثر من أربعة عقود حقيقة ما يجري في السودان, من واقع الإبادة الجماعية لعدد غير قليل من المجموعات الإثنية غير العربية أو الإسلامية) بأي موقف إيجابي , الأمر الذي لم يعد ممكنا الآن بعد أن أثبتت الشعوب بمساعدة الإعلام الجديد,أنها سيدة مصيرها,و أنها قادرة على هدم جدران الصمت وكسر حواجز التغييب, وتحطيم حصون الحكام والساسة المتآمرين, ورفع صوتها الجماعي عاليا, ليصل كل أنحاء العالم , فقد تجاوزت هذه الشعوب قياداتها المدنية والسياسية الهشة والمتآمرة والمتواطئة, ومثقفيها الزائفون, ولم يعد بالإمكان إعادتها خلف قضبان الإستبداد مرة أخرى, كما لم يعد ممكنا إدخالها مرة أخرى حظائر وزرائب الأحزاب. بل أصبحت هذه الشعوب بعبعا يخيف الأنظمة والأحزاب الطائفية والعقائدية وكل الشموليات البغيضة ,من المحيط إلى الخليج, حيث ترتعش فرائص السلاطين والأمراء والملوك والحكام وزعماء الأحزاب ذعرا, في إنتظار نهاياتهم البديعة!
    إذن ما تشهده ليبيا من موجة عارمة هبت منذ يوم 17 فبراير 2011 ضمن الإحتجاجات التي شهدتها البلدان العربية مؤخرا، ومازالت جارية حتى الآن لإسقاط النظام، تستصحب معها كل إنتهاكات وجرائم وجرائر الماضي ومظالمه , خاصة في ظل التعقيدات القبلية لليبيا .
    بدأت ثورة 17 فبراير الليبية المجيدة إذن, بمظاهرات سلمية, لكن جيش االقذافي وكتائبه الأمنية تعامل معها بعنف شديد استخدمت فيه كافة أنواع الأسلحة ,بما في ذلك الهليكوبتر والطائرات الحربية المتطورة ,في محاولة مستميتة لقمع الثورة, مما نتج عنه تحول الثورة من سلمية إلى ثورة مسلحة أو محمية بالسلاح (كما يحب أخوتنا المناضلين الشيوعيين تسمية هذا النوع من الهبات الجماهيرية) إذن تحولت الثورة إلى ثورة مسلحة, خاصة بعد إنضمام أعداد كبيرة من أفراد الشرطة والجيش الليبيين إلى الثورة الشعبية ,وإستيلاء الثوار على الكثير من الأسلحة من معسكرات الجيش وأقسام الشرطة، وكانت مدن الشرق هي أول مدن تسقط بالكامل تحت سيطرة الثوار ,واستمر العقيد القذافي في حرب شرسة - أشبه بكوابيس التاريخ العربي والمستعرب - ضد الشعب الذي ثار في كل أنحاء ليبيا !.
    ظهر العقيد معمر القذافي يوم 26\02\2011 وقال من برج عال فوق إحدى القلاع العثمانية ,وتحته عدد من المؤيدين بعد أن إنحسرت المدن والقرى المؤيدة له لتصل إلى أجزاء من طرابلس وسرت , قال : سأجعل ليبيا نار حمراء جمرة تحترق . وهو ما يحدث الآن بالفعل , ما يجعل كثير من المراقبين تنتابهم المخاوف بتطور الأمر إلى حرب أهلية , بينما في الوقت نفسه يحاول القذافي توريط الغرب في التدخل العسكري لنقل معركته للحفاظ على السلطة إلى مربع مختلف (الليبيون ضد الغرب) وليس الغرب مع الشعب الليبي وضد القذافي ؟!..عقلية مريضة لدرجة أنها جهنمية!وهي عقلية لا تختلف كثيرا عن عقليات أمثال البشير وعلي عبد الله صالح والمرحوم صدام من قبل.
    الحالة الليبية حالة معقدة فثورة ليبيا , تختلف عن ثورات الدول الأخرى ,وربما أن ذلك يعود إلى أن ليبيا القذافي ليس فيها نظام أساسا ليسقطه الشعب , لذلك ثورة الشعب الآن تسعى إلى تشكيل وتأسيس نظام وهو أمر مختلف عما حدث في تونس ومصر البيروقراطية العريقة ,التي تمد جذورها في الإستعمار منذ الفراعنة والهكسوس حتى طرق الفرنسيون والإنجليز أبواب القاهرة.فما تنقله لنا الفضائيات الآن عن مجريات الأحداث في ليبيا, عند مضاهاته بتاريخها يؤكد أن الشعب الليبي وضعته الأقدار مرة أخرى, في نقطة البداية التي سبقت خروج الإستعمار.
    بروفايل : القذافي – عبد الناصر :
    العقيد معمر القذافي هو زعيم ليبيا، وقائد الثورة في الجماهيرية ,كما يطيب له تقديم نفسه. كما أنه يشغل منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة منذ عام 1969، وشغل منصب رئيس مجلس قيادة الثورة في الفترة (1969 -1977). وهو صاحب أطول فترة حكم لليبيا (42 عاما) أي منذ أن أصبحت ليبيا ولاية عثمانية عام 1551. كما يعتبر حاليا، أقدم حاكم على وجه الأرض.لذا حق للرجل أن يسمي نفسه على كيفو بالمجد والتاريخ والكرامة والشرف !! قبل ثورة ليبيا تعلمنا أن الأسماء الحسنى فقط 99 إسما , ولا يختص بها سوى الحق سبحانه وتعالى ,لكن هذا الرجل يريد إلغاء كل ما تعلمناه , وفطرنا عليه, فماذ نحن فاعلون؟ !!
    ويعتبر معمر القذافي من القادة العرب أوالمستعربين الذين تبوؤا السلطة ,في النصف الثاني من القرن العشرين, بعد الصحوة القومية العربية وجلاء الإستعمار الغربي عن العالم العربي وأفريقيا بشكل عام. فكانت له ميول قومية عربية في بداياته، حيث إتجه الى أكثر من دولة لإعلان الوحدة كما حدث مع تونس ومصر وسوريا، إلا أن محاولاته جميعها بائت بالفشل. فيمم وجهه شطر أفريقيا, وتحول مشروعه القومي العربي الى مشروع أفريقي، وهذا مادعاه الى إطلاق لقب "ملك ملوك أفريقيا" على نفسه,إلى جانب العديد من الألقاب المبهرة, تحت وطأة مركب النقص والحاجة الملحة للشعور بالعظمة! بمعنى أن حالة هذا الرجل من المناسب لأطباء مستشفى التجاني الماحي دراستها, لرفد علم النفس في شمال أفريقيا والسودان بنظريات جديدة, حتى يتمكن شعبنا في السودان من التعامل بصورة علمية ,مع مثل هذا النوع من الشخصيات الذين تعج بهم أروقة المؤتمر الوطني والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والحركة الثقافية في السودان.
    أثارت أفكارالعقيد(فهو مفكر من النوع الخطير, ويجيد إنجليزية الساحل الليبي بطلاقة,وهي إنجليزية مشابهة لإنجليزية البشير ) التي يطرحها الكثير من الجدل والإستهجان ,من قبل الكثيرون داخل وخارج ليبيا، خاصة بعد إنفرداه بالقرار في البلاد ,لمدة تزيد عن أربعة عقود. وإتهامه وعائلته بتهم الفساد وهدر مقدرات البلاد لسنين طوال وقمع الحريات العامة، بالرغم مما يطرحه من فكر جماهيري بالمشاركة بالسلطة، والذي أوجده في السبعينيات من القرن الفائت حسبما يقدمه في كتابه الأخضر.هذا الكتاب الذي لطالما أغرم به السيد عبد الله ذكريا في السودان.
    مضى على استلام القذافي للسلطة في ليبيا نحو 42 عاما، بنى خلالها نظاما غريب الأطوار لا نظير له في العالم على الإطلاق، ليس بالجمهوري ولا الملكي، وإنما هو مزيج من أنظمة قديمة وحديثة، يدعي أنه لا يحكم وإنما يقود ويتزعم، ولكن الواقع يشير إلى أنه يكرس كل الصلاحيات والمسؤوليات في يديه. ستكون مهمة الليبيين لكنس آثار مثل هذا النظام – اللانظام شاقة كيما يتمكنوا من إعادة بناء الدولة وتأسيس نظام له ملامح معروفة في نظرية الدولة, وأشكال الإدارة المعروفة. القذافي هذا كمفكر كارثة حقيقية لا تقل عن كون الترابي كارثة أكبر , فالأخير بين يوم وليلة أصبح معارضا مقبولا لدى أطراف المعارضة, حاجة تجنن!!.
    تعرض القذافي خلال فترة حكمه الطويلة, للكثير من الأزمات، ودخل في العديد من الصراعات سواء مع الدول العربية أو مع الغرب، وهو الذي بدأ حياته السياسية في الحكم راديكاليا وثوريا، لكنه أصبح مع الوقت مقربا من خصومه السابقين ,لا سيما مع الدول الغربية التي أصبحت في السنوات الأخيرة من أبرز الشركاء التجاريين والأمنيين للنظام الليبي. تماما كتعاون المؤتمر الوطني الإستخباري مع أجهزة المخابرات الغربية , التي لطالما تغنى أعضاءه ضدها : دنا عذابها !!..
    الدكتور عبد الهادي بوطالب يصف معمر القذافي بازدواج الشخصية ,من خلال تعامله مع أنصاره وضيوفه .فيؤكد أن القذافي كان ينفر من الملوك ,ويؤمن أن ثورته صالحة للتصدير ,ويبحث عن أشياء تصدم الناس ، وكشف بوطالب أن الملك الراحل الحسن الثاني قال عن القذافي : "هذا من الذين يؤمنون أن أركان الإسلام على خمس وماعدا ذلك لا يؤمن به" في إشارة من الملك الراحل إلى أن القذافي كعمر البشيرلا يملك القدرة على التعمق في الأشياء. وذكر بوطالب عن عبد الناصر أستاذ القذافي :أن عبد الناصر بدا في مؤتمر القمة الإسلامية الذي إحتضنته الرباط عام 1969 متسولا ضعيفا ومستجديا حيث قال بالحرف الواحد لرؤساء الدول العربية:" أنا عندي السلاح ولكن عاوز بقشيش، من فيكم يعطيني بقشيش....".
    الدكتور عبد الهادي بوطالب : في إطار حديثه عن كتابات العراب الصحفي لثورة يوليو 1952 الناصرية المفكر محمد حسنين هيكل :أن هيكل لا يجنح إلى التدقيق ولا يكتف بما سمعه بل يضيف عليه ، كما أن هيكل لا يضبط كلامه وينقل الكثير من الأمور عن نفسه, ولو سألنا هيكل الآن عما يجري في ليبيا سيقول لنا أنه خاطب القذافي قبل قيام هذه الثورة بيوم أو يومين وتحدث معه حول ضرورة إعطاء شعب ليبيا حريته , لكن القذافي لم يوافق؟ مفكرين غريبين الأطوار.حاجة غريبة؟!.لكن نحن مالنا ومال القوالات والقيل والقال ,وكثرة السؤال , فهذه من أعمال أهل النار,لذا فلنواصل حلقاتنا في سلام.
    نواصل
                  

03-08-2011, 01:27 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(6-8)
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري أم مقدمات للديموقراطية والتحرر..
    أحمد ضحية- ميريلاند
    مقدمة :
    الحديث عن العالم العربي هو حديث عن التاريخ , أو حديث عن عالم إفتراضي ,لم تصله الإنسانية بعد .. الحديث عن العالم العربي لهو حديث عن أروقة الفكر المعتمة بالمتناقضات ودهاليز القبيلة وأقبية الطائفية وأوكار الأحزاب الهشة,أكثر مما هو حديث عن دول لديها ممثلين في الأمم المتحدة , وعدد من المنظمات الدولية , التي تؤثر في حياة الإنسان, بما هو إنسان في الألفية الثالثة. بهذا المعنى العالم الثالث, عالم نفقي ودهليزي مرعب ,وهو ما يفسر لنا الآن لماذا كانت ثورة الياسمين في تونس أو إنتفاضة مصر أو الإنتفاضة المسلحة في ليبيا .. وبهذا المعنى ذاته يمكننا رؤية القلق التراجيدي "في" و"على" و"حول" ثورة السودان المرتقبة! , وبمعنى غير بعيد يمكننا :التعرف على لماذا الأردنيون أو المغاربة يطالبون بالإصلاحات, في ظل ملكيتيهما الدستوريتين.أوالبحرانيون والعمانيون والسعوديون يطالبون بتغيير نظامي حكميهما إلى ملكيات دستورية ,أو اليمنيون – الذين تم دفع بعضهم بأجندة إنفصالية ,تزيد الأوضاع الطائفية والقبلية اليمنية سوء, أسوأ بكثير من سؤها التاريخي- لماذا يطالبون بإسقاط النظام؟!!!!.
    هذه هي الأخبار اليومية للخليج وجنوب الجزيرة العربية في الفضائيات , في تناغم تام مع ما يجري في بقية أنحاء المشرق والمغرب العربيين ,وإمتداداتهما الأفريقية.ومن بين كل هذه الأخبار ,تحتل أوضاع اليمن موقعا بارزا في الخليج وجنوب الجزيرة , تماما كموقع لبنان بالنسبة للشام والمشرق , فكليهما لبنان واليمن (دون أن ننسى العراق)بمثابة المركز للصراعات التاريخية الطائفية والمذهبية, التي يعانيها العقل والوجدان العربي, في رحلته اللأ نهائية بحثا عن إنسانيته وإستقراره, وعن أن له دورا في المجرى العام للتاريخ الإنساني!.
    لإلقاء مزيد من الضوء على ما يجري في الخليج, وجنوب الجزيرة العربية , من أصوات تتعالى هنا وهناك, مجاهرة بضرورة إجراء إصلاحات ,أو إقامة ملكيات دستورية , لابد لنا من الجوس قليلا في في الإطار العام, الذي وسم حياة هذا الجزء من العالم , وأفضى به إلى ما يعيشه الآن, من أحداث فاجأت العالم من أقصاه غلى أدناه,و باغتت العرب والمستعربين في نومتهم الميثولوجية الخالدة .. نومة أهل الكهف الطويلة الأمد, في ظل الملكيات الوراثية أو الجمهوريات الإستبدادية ,التي في الحقيقة هي صراع مذهبي ,طائفي ,قبلي,إسلاموي سني يمد جذوره في فلسفة الجبر العتيدة, التي شكلت وجدان الحكام والزعماء العرب والمستعربين- أفرجت عنه – هذا الصراع - رياح الديموقراطية وحقوق الإنسان التي ظلت تهب لسنوات طويلة , جعلت اهل الكهف العربي يفيقون على وقائع ثورة الياسمين وضجيج شباب مصر المؤمنة!..
    لذلك ستكون هذه الحلقة عن اليمن السعيد!, لتتبعها الحلقة القادمة عن الخليج العربي, فاليمن والخليج مفصليان في ازمات المشرق والمغرب العربيين جميعها , بل أن الأزمات العربية والمستعربة بغضها وغضيضها تتقاطع الآن في اليمن , كما تقاطعت في لبنان الطائفية من قبل , لترسم عالما مختلفا لأجيال ينادون الآن بسقوط كل ذلك , فاهل الكهف الجدد ,الذين أفاقوا ادركوا مدى خطر الطائفية والمذهبية والقبلية, التي هي صنو العنصرية , ولن يتمكنوا من العودة للرقود مجددا في كهفهم البديع بسلام ,مالم تستقر الديموقراطية وحقوق الإنسان ويندثر الفساد .
    وأنا أقرأ بشراهة في تاريخ اليمن , كان يلازمني على الدوام خاطر واحد , أنه تاريخ السودان ذاته!أنه تاريخ السعودية نفسها أنه تاريخ .. أنه تاريخ غريب ومريب!..
    اليمن الشمالي (المستعرب)والجنوب العربي(اليمن الجنوبي) :
    عُرف اليمن في التاريخ الحديث تحت الهيمنة العثمانية, إذ خضع لها على مرحلتين تجاوزت 600 عام ,مع وجود وتعاون المذهب الزيدي الحاكم الى يومنا هذا واخضاع الشوافع في المناطق الوسطى لحكمهم , وسلم العثمانيين بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى الحكم, إلى امام الزيدية ,الذي اصبح بعدها الحاكم وملك المملكة المتوكلية اليمنية .وقد اعترف البريطانيين في عام 1934 بهذا الوضع في الجنوب العربي , الذي كان خاضعا لهم طوال 129 عاما ,لم يحدث خلالها أي التحام أو وحدة بين الجنوب العربي واليمن الأعلى(الشمالي) , كما لم تتم تاريخيا وحدات أو إندماجات طويلة بين الشعبيين: في الجنوب والشمال اليمنيين ,وكانت أكبر فترة للتوحد هي 34 عام في أيام الحكم الزيدي , ولكن لعدم الشعور بالوحدة والقهر , تم طرد اليمنيين من الجنوب العربي ,بتحالف: يافع وشبوة ولحج وأخيرا تم إخراجهم من حضرموت ,وكل مناطق الجنوب العربي التي كانوا يحتلونها إثر حرب مريعة, لا تزال ذكرياتها مرتسمة على في ذاكرة قبائل يافع والضالع وشبوة وردفان والشعيب وأبين.. إرتسام النقوش على جدران المعابد النوبية !
    هكذا إنفضت تلك الوحدة ,التي أتت بالدم والقوة من قبل اليمنيين الشماليين ضد أخوتهم في الجنوب وكانت المحصلة النهائية طرد اليمنيين الشماليين وتحرير الجنوب العربي في مرحلة التحرر والكفاح المسلح, التي تزامنت مع ثورة ناصر في مصر وعالم الأقطاب ,والحرب الباردة وحركة القوميين العرب, ورفع شعار الوحدة العربية من المحيط الى الخليج – ودور الإتحاد السوفيتي والمنظومة الإشتراكية ,ضد الولايات المتحدة الأمريكية ,ودول الملوك والأمراء والزعماء والرؤساء العرب وهكذا تم تم خلق عداء كبير ضد اليمن العربي(اليمن الجنوبي) من قبل المستعربين من المحيط إلى الخليج!.
    ,كما تم خلق حروب إنتهت بهزيمة القومية العربية ,التي فشلت فشلا زريعا في توحيد العرب من اليمن إلى الشام ومن الخليج إلى المحيط , بل فشل العرب حتى في التقارب الاقتصادي, والمنافع الاستراتيجية المختلفة .
    نواصل
                  

03-08-2011, 01:40 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    وبهذا عندما قامت ثورة أو إنقلاب 26 سبتمبر 1962 م في اليمن, بدعم من عبد الناصر– ونتيجة الحماس الثوري ,والمتغيرات الدولية الكبيرة في تلك المرحلة ,والصراع بين الشرق والغرب ,حول الإستيلاء على المنطقة العربية – تداخلت الأمور – وساعد أبناء الجنوب العربي ,في الدفاع عن الثورة السبتمبرية في اليمن – وبدأت إنطلاقة جديدة ,من أجل التحرير في الجنوب العربي , وأستغلت مصر عبدالناصر الصحوة العربية .فعملت على مساعدة الثورات في الجزيرة من أجل الوحدة وإسقاط كل ملكيات المنطقة – ولكن تحول الثورة في اليمن عن المسار المرسوم لها, ونتيجة حرب مصر وخسارتها في 1967 م – وتكبد مصر الكثير من الشهداء في اليمن, والدخول في حرب طويلة مع السعودية – قررت مصر والسعودية إنشاء اتفاقية في الخرطوم(وفي الحقيقة السعودية والسودان على عهد عبد الناصر ,كانا "تمومة جرتق" لا بيحلو لا بيربطو بينفذوا فقط رغبات المرحوم عبد الناصر وتوجيهاته؟!) التي بتت في أمر اليمن, دون علم القيادة اليمنية أو الرجوع إليها ,بخصوص تلك الإتفاقية, التي في الحقيقة اليمن هو المعني الأول والأخير بها – فكل ما فعله الجانب المصري ,أنه فيما بعد أطلع الرئيس عبد الله السلال, على تفاصيل الإتفاقية , فكان من الطبيعي أن يرفضها السلال, لأنها أشبه بوصاية مصرية-سعودية(طبعا العرب حتى لو كانوا يمنيين أو ليبيين لا يحسبون السودان ضمن الحسبة العربية, فقد إستقر في الوعي العربي العام وبصورة حاسمة: أن السودانيين عرب أونطة ساكت! وهذا هو السر في في ركض نميري بوفد الجامعة العربية إلى كسلا, لإقناع العرب بأن السودان قطر عربي , لأنو ناس كسلا سمحين شوية ويشبهون العرب ,حسب النظام الدلالي العربي .. لا أدري ما الذي كان سيحدث لمجهودات عبد الناصر والنميري لضم السودان للجامعة العربية , لوخطر على بال نميري أن يأخذ وفد الجامعة العربية , الذي هو في التحليل النهائي وفد عبد الناصر .. تخيلو فقط أن نميري كعسكري لا يقل غباء عن القذافي أخذ وفد الجامعة العربية إلى جبال النوبة أو الأنقسنا ؟! العرب حتى الآن لا يفهمون ,ماذا يعني الفرق بين نظام دلالي لشعب أوآخر , إلى جانب أنهم يعانون مشكلة . إستلاب أساسا ) , وهكذا تم التآمر من قبل مصر,السعودية والسودان للإطاحة بالرئيس السلال, الذي هو أول رئيس يمني بعد الثورة .وكان أحد أسباب الإطاحة به عامل القبيلة ,والوضع الإجتماعي للسلال .وإنحداراته القبيلة الضعيفة(فكروا هنا في تعبير إنحدارت) ,وفقا لأعراف وعادات وتقاليد التمييز اليمني بمعنى العربي بمعنى أن أصوله من العرب القحطانيين العاربة! .
    ومن جديد نجحت القوى التقليدية الزيدية (طبعا دي قوى زي حزب الأمة وبلاوي الصادق المهدي ,الذي يظن أنه عبقري كما ظن القذافي عن نفسه نفس الحكاية البائسة) في الحكم من خلال عقد الصلح بين الجمهورين والملكين, على أساس توسيع قاعدة الحكم من الأسرة إلى القبيلة – وإخراج الشوافع(معقولة بس؟!) من الحكم – ثم كان الدور الكبير الذي لعبه كل من البيضاني والنعمان وأطروحاتهما الأولية, التي أطاحت بهم ,وهي التوزيع الطائفي للحكم (كما في لبنان )– بالنتيجة بدلا عن أن يتوحد اليمن ,تم خلق جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية – في الجنوب العربي بعد الإستقلال نتيجة ثورة 14 اكتوبر 1963 م, التي توجت بالإستقلال في 30 نوفمبر 1967 م –
    كانت البدايات منذ الخمسينات ,عندما نزح الكثير من اليمنيين نتيجة الفقر والتعسف إلى الجنوب العربي , وكان أبناء اليمن في الجنوب العربي يعملون في الميناء ,وكان المنطلق الأول لهم في الجنوب العربي(هؤلاء العرب العاربة) يتمثل في التجمع والتعبير عن أنفسهم من خلال النقابات, ومن ثم عملوا في الصناعات النفظية وغيرها , فمن خلال تلك النقابات, ظهرت زعامات يمنية في الجنوب العربي , تنادي بالإستقلال والمواطنة المتساوية, وبعد ذلك حملة الأفكار الثورية الناصرية والماركسية والبعثية وغيرها , وأستطاعت تلك العناصر التوغل في الجنوب العربي , ومعظم العناصر اليمنية كانت من المناطق الوسطى من الشوافع ,التي أوجدت لهم مساحة ووزن كبيرين في الفضاء السياسي الجنوبي للعرب العاربة وليس المستعربة! حيث نشطوا بشكل كبير , على العكس تماما كان أخوتهم المستعربين , في الشمال اليمني ,يرسفون تحت نير القهر والإستبداد وإنتهاك الكرامة الأنسانية ,والزل والعنصرية من قبل الطائفة الزيدية وصولا إلى الجمهورية الحديثة ,إلى أن قامت الجمهورية العربية اليمنية(اليمن الشمالي) , والتي للأسف(ككل العالم العربي المزعوم) لم تقم مبادئها على مفاهيم المواطنة, بقدر ما قامت على القبلية والتمييز , على العكس تماما كانت الأوضاع في جنوب اليمن العارب القحطاني.
    وعلى الرغم من أن المواطنون في جنوب اليمن, لعبوا دورا كبيرا في العمل الثوري النظري ,والآيدلوجيات المستوردة مثل : الاشتراكية اللينينة والناصرية والبعثية وغيرها ,لكن نتيجة ضعف أبناء الجنوب العربي في الجبهة القومية, من أبناء الريف. خاصة, وصغار الضباط في الجيش , إستطاع اليمنيون الشماليون, بالتعاون مع أخوتهم الشماليون في الجنوب, من التوافق والإتفاق على تغيير إسم الدولة, و التخلص من القيادات الكبيرة في الجيش وفي الإدارة المدنية , وهكذا تم القضاء على الكثير من الأحزاب(الجنوبية) والتنظيمات والجمعيات في الجنوب العربي(أو ما يحب الشماليون أن يطلقوا عليه اليمن الجنوبي) .
    ولهذا السبب هرب كثيرون من القادة ,في الجنوب العربي إلى اليمن الشمالي, وكانت تلك إحدى حلقات نزوح الجنوبيين, الذي إستمر حتى لما يسبق إستقلال الجنوب لوقت طويل, مرورا بالإنقلاب على أول رئيس يمني جنوبي عربي قحطاني شعبي , والذي تلاحقت وتواصلت بعده الإنقلابات والتصفيات المختلفة بين رفاق الأمس , حيث لعب العنصر اليمني الشمالي دورا كبيرا ,في التخلص من القيادات التاريخية الجنوبية العربية القحطانية الشعبية (بالمناسبة الجنوبيين يعتقدون أنهم عرب عاربة ,ولذلك لديهم رأي في النقاء العرقي لليمن الشمالي ,فالشمال في ظنهم ليس عربيا بل مستعربا, لكن لا يقولون هذا الرأي -حسب علمي- فهم يكتفون عادة بالتأكيد على هويتهم العربية النقية, حتى عندما ألتقيتهم كلاجئين في القاهرة؟!) .
    أصبح الجنوب العربي هو اليمن الجنوبي ,وهذا في كل تعاليم الحزب الحاكم (حزب علي عبد الله صالح الشمالي كمستعرب) وأدبياته في المدارس والجامعات والإعلام والجيش, وفي كل أوجه الحياة اليومية , وحقيقة لم تكن تلك فقط شعارات, بل أصبحت حلم كبير وآيدلوجيا لقيام اليمن الكبير ,ولكن كانت أكثر القيادات تعي أن تلك ليست سوى شعارات , الهدف منها ترحيل كل الصعوبات القائمة في الإقتصاد الشمالي إلى الجنوب, أو حلها بإستنزاف ثروات الجنوب البترولية ,وغيرها من الموارد .
    أيضا هناك إجتياح شمالي كامل, لم يتوقف عند حدود إنجاز حربين ضد الجنوب القحطاني : حربين وجيل كامل من الاستخبارات والمرتزقة والعنصريون وغيرها ,إلى جانب الحرب الاعلامية الدائمة لذلك أصبح الوضع خطيرا جدا بعد أحداث 13 يناير 1986 م , فعدم وجود قيادة قوية ,بعد أن تمت تصفية الجيل الأول من القيادات ,نتيجة الإنقلابات والإقتتال الداخلي , بدأت بعض القيادات
                  

03-08-2011, 07:59 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    )*()
                  

03-09-2011, 03:40 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

03-09-2011, 09:07 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    Quote: عدم الانتباه للمسئولية علي هذا النحو عطل ويعطل امكانية التفكير والتخطيط السليمين للعمل المعارض للانظمة الدكتاتوريه إذ يحدد اهدافه ووسائل تحقيقها انطلاقا من ظاهر المعضله فقط ( سلطةالانقلاب ) وليس مرتكزاتها التحتية أيضا، من الجزء الظاهر لجبل الجليد وليس ثقله الاكبر تحت الماء. من هنا تتذبذب حركة المعارضه بين هدف الحد الاقصي ( اسقاط النظام وبوسائل الصراع المدنيه أو العسكريه ) والادني ( الحصول علي تنازلات محدوده بواسطة التفاوض) دون نسق تصاعدي جامع ومن ثم تنتهي الي التفتت، وبالقدر نفسه تعجز المعارضات ( الجديده ) التي تنتقد عجز المعارضة الرسميه، عن تنمية بديل ذي مصداقيه. كما تخلو استراتيجية العمل لدي النوعين من المعارضه من اي تحليل يربط بين نشوء الدكتاتوريات وهشاشة الوعي الديموستناري ( الديموقراطي- الاستناري ) النخبوي والشعبي وتاليا من أي تصورات حول كيفية تنميته. والنتيجة هي ان كل الجهود والتضحيات التي تبذل قبل الانتفاضات واثناءها تتمحور كلية حول اسقاط النظام بمعني عدم استنادها الي تصورات متبلوره حول السياسات المطلوبة من قبل حكومات مابعد الانتفاضه والمعارضه الحزبيه وغير الحزبيه لاستئصال جذوره، أي الاسقاط الحقيقي الذي لادكتاتورية بعده. بذلك ايضا يستقر في روع وذهنية الجمهور العام ان توقعاته وأمانيه ستحقق بمجرد انجاز هذا الهدف مما يجعله فريسة جاهزة للاحباط واحتياطيا، بل ومحفزا، للانقلاب التالي. بذلك نجد انفسنا من الناحية العمليه امام المفارقة التي تجعل المطالبة بأسقاط النظام ثم إسقاطه فعلا سقفاً أعلي من امكانيات المعارضه بسبب عجزها عن منع تكرار وقوع مثيله الاكثر شمولية والاطول عمرا. والاخطر من ذلك أن الفراغ الناشئ بين السقف والامكانيه يستنبت الفعاليات التي تقدم ( حلولا ) جاهزة لالام البشر السودانيين وبؤسهم المتزايد، اذا لم يكن في الدنيا ففي الاخره، نتيجة تراكم فشل الديموقراطيين في تقديم هذه الحلول. هكذا تصاعد وزن الاسلام السياسي عندنا حركة، ثم سلطة تقع تدريجيا تحت سيطرة جناحها الاكثر تطرفا، بينما يترعرع الاسلام السلفي وسط الشباب.
    الاشارة الواردة من التجربة المصريه حول بؤرة السياسات المطلوبه لتنمية الوعي الديموقراطي- الاستناري نعثر عليها فيما يبدو من ان المحرك الرئيسي للقطاعات الشبابيه وراء الانتفاضه هو قيادات تكونت في حركات مجتمع مدني غير حزبيه مثل " كفايه " وبعدها " شباب 6 ابريل" و" شباب خالد سليمان" واخري غيرمنظمه، كما ان النسبة الاكبر منهم منتمية الي الطبقة الوسطي وواضح من اجادتهم للغة الانجليزيه واستخدام وسائل الاتصال الحديثه ومظهرهم الخارجي انهم تلقوا تعليما حديثا متطورا غالبا في المؤسسات التعليميه الاجنبيه المنتشرة في مصر. وكان ناشط سوداني مقيم في القاهره قد لاحظ ان معظم الناشطين المصريين الذين ساندوا جهودهم لنجدة ضحايا مجزرة ميدان المهنسين ضد اللاجئين السودانيين عام 2005 كانوا من خريجي الجامعة الامريكية في القاهره. إذا صحت هذه المعلومات، فأن من الممكن القول بوجود بؤر ديموستناريه مصريه نشطه، مايشكل ضمانا معقولا لاستدامة الديموقراطيه بعد إسقاط النظام. ماهو حظ شبابنا من فرص الوعي الديموقراطي - الاستناري التي اتاحتها الظروف لشباب مصر ؟


    شكرا يا احمد
    المقال جرىء وفيه ملاحظات جيدة حول ما يحدث حولنا
    هناك سؤال مهم حول دور عدد كبير ممن هاجروا الى الغرب واستقروا بعد حصولهم على اللجوء السياسى ?
    من الواضح ان الظروف التى تمت فيها الثورات مختلفة عن تلك التى حدثت فيها انتفاضتى اكتوبر وابريل من حيث نمو ونضوج الوعى بالديمقراطية التعددية
    لى عودة انشاء الله
                  

03-11-2011, 05:05 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: طلعت الطيب)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(7 – 8) :
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري .. أم مقدمات للديموقراطية والتحرر في آسيا وأفريقيا ..
    أحمد ضحية – ميريلاند
    مقدمة :
    في حلقتنا السابقة عن اليمن , كنا قد أشرنا إلى التناغم التام, بين ما يجري في المشرق والمغرب العربيين, وإمتداداتهما الأفريقة ,بما تحمله الأخبار اليومية للخليج ,وجنوب الجزيرة العربية.ومن بين كل هذه الأخبار ,تحتل أخبار البحرين , كاليمن تماما موقعا بارزا, في الخليج وجنوب الجزيرة , (كما أشرنا سابقا إلى) موقع لبنان بالنسبة للشام والمشرق , فكليهما لبنان واليمن والبحرين (دون أن ننسى العراق وسوريا )بمثابة المراكز(العربية الفاعلة) للصراعات التاريخية الطائفية والمذهبية, التي يعانيها العقل والوجدان العربي, في رحلته اللا نهائية ,بحثا عن إنسانيته وحقوقه وإستقراره .. وعن أن له دورا في المجرى العام للتاريخ الإنساني!.
    سنكتفي بقراءة البحرين في هذه الحلقة, بإعتبارها أنموذجا عاما للحالة الخليجية,يمكن من خلاله رؤية أبعاد الأزمة السعودية,أو الأردنية,أو الأماراتية,أو القطرية,إلخ...لذلك سنحاول قبل الدخول في البحرين ,تقديم إشارات عابرة عن الحالة العمانية, لتكون معيننا في قراءة الخليج بصورة عامة, إلى جانب البحرين والسعودية.
    أحد أوجه متناقضاتها الداخلية أنها , لطالما عانت كونها الوسيط في حل مشكلات الدول الشقيقة والحدودية مع إيران : الإمارات العربية المتحدة والبحرين. حيث أن أول زيارة رسمية للسطان قابوس, بعد إنقلابه على والده وإستلامه السلطة ,كانت إلى إيران بدعوة من شاه إيران, وذلك للإحتفال بذكرى مرور 2500 عام على قيام الأسرة الشاهنشاهية (هي الأسرة نفسها التي رأى الرسول الكريم(ص) في الحلم عرشها يهتز , ومن ثم كانت الفتوحات الإسلامية وإمتلاك العرب والمسلمون لعرش كسرى وقيصر). وكانت الحوارات التي قام بها قابوس مع شاه إيران, ترمي إلى حل المشاكل الناجمة ,عن الصراعات الناشئة بين الدول الشقيقة لعمان,فيما يخص الحدود مع إيران.خصوصا حدود الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
    كما أن عمان كانت لوقت طويل على الخط الأمامي ,للنضال ضد توسع الشيوعية العالمية، خصوصا التي كانت رياحها تهب من اليمن الجنوبي ,كما هو حالها الآن في الخطوط الأمامية ضد الإرهاب , مع ذلك ظلت سلطنة عمان تعيش شبه عزلة سياسية ,بسبب إيمان السلطان قابوس بأن "من يتدخل - على المستوى الدولي - في شأن ليس من شأنه, كأنما ينعق في واد غير واديه"، لكن لم يمنعه هذا من رعاية إتفاقيات الهدنة, بين شطري اليمن المتحاربين في 1994، كما لم يمنع السلطنة من توقيع عدد كبير ,من الإتفاقيات السياسية والعسكرية والإقتصادية مع جيرانها وغيرهم، على أنها ( السلطنة)تبقى بلداً هادئاً جداً, كما كان يُظن لوقت طويل! , إلا أن تظاهر العمانيون مؤخرا , ورياح الثورات العربية تهب عليهم, خصوصا بعد أن فقدوا وظائفهم في الأمارات العربية
                  

03-11-2011, 05:09 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: طلعت الطيب)

    Quote: شكرا يا احمد
    المقال جرىء وفيه ملاحظات جيدة حول ما يحدث حولنا
    هناك سؤال مهم حول دور عدد كبير ممن هاجروا الى الغرب واستقروا بعد حصولهم على اللجوء السياسى ?
    من الواضح ان الظروف التى تمت فيها الثورات مختلفة عن تلك التى حدثت فيها انتفاضتى اكتوبر وابريل من حيث نمو ونضوج الوعى بالديمقراطية التعددية
    لى عودة انشاء الله

    الصديق الجميل طلعت
    لا تدري لكم أسعدتني مداخلتك.. سأعود للنقاش حالما أفرغ من إنزال هذه الحلقة , وبعض المشغوليات الاخرى لأن سؤالك جوهري كما هو العهد بك دائما
    محبتي
                  

03-11-2011, 05:11 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    ,بسبب الأزمة الإقتصادية,الأمر الذي جعل مجلس التعاون الخليجي, يقرر تخصيص ميزانية, لمساعدة عمان والبحرين! فأي عجاجة تهب رياحها في البحرين وعمان ,حتما ستطال السعودية , التي لم تستوعب عجاج اليمن حتى الآن, وآخر ما ترغب فيه عجاجات أخرى في الخليج ,فهذا سيجعلها محاصرة من جهة الخليج ,ومن جهة جنوب جزيرة العرب.
    لكن لماذا تعاني عمان الهادئة الآن, في هذا التوقيت بالذات؟
    سياسة قابوس الفعلية ,في سبيل إحتكار السلطة و التكريس لملكه , وإستمراريته تتلخص في مبدأ بسيط جدا : توجيه إهتمام السلطنة لتطويرها عمرانيا ,بما يعود بالنفع عليه وعلى أبناء السلطنة (حسب فهمه للنفع, دون تعقيدات قانون المنفعة والمنفعة المتبادلة) و بعيدا عن الزج بالسلطنة في الخلافات الدولية والإقليمية..
    فقابوس هذا( وليست هنا أي إشارات, يمكن أن يفهم أن لها علاقة بالمارق مظفر النواب!) شخص لا يحب القلق والتوترات.. فهو يعرف تاريخ الخليج وتاريخ السلطنة جيدا ,منذ كان هذا الجزء من العالم يواجه التحدي, الذي ترتب على الوجود البرتغالي، الذي تحدته دولة اليعاربة ونجحت في القضاء عليه، الأمر الذي أغراها بمزيد من العمل على تعقب البرتغال خارج الخليج ,مدفوعة بروح قوية ,للتخلص من السيطرة المسيحية ,على أراض كان يحكمها العرب المسلمون قبل ذلك.
    عرب الخليج (والعمانيين بالذات) كانوا موجودين في تلك المناطق, منذ وقت طويل قبل الإسلام وبعده ، كما أن جذورهم لم تكن تقطعت بعد، مما شكل باعثا لهم على العودة إليها. ,إلى جانب دور الإمام ناصر بن مرشد في تصفية الوجود البرتغالي,خلال الأعوام الثمانية الأولى من عهده,فهو الذي طبق وبصورة شبه منظمة, سياسة ثابتة وحازمة وقوية, حيال القبائل المتمردة , وقد أخضعها إخضاعا صارما , كما أخضع الممالك الصغيرة ,الشكلية القائمة في المقاطعات والمناطق .
    كانت إنجازات الإمام ناصر بن مرشد ,ملحمية وتاريخية , فقد حقق توحيد عمان ومحا آثار خمسة قرون من المرارة الوطنية, وقد أعاد الإعتبار للكرامة العمانية .وأستعاد تقاليد الإمامة وأرجع تراثها( حسب تقدير العمانيون الإماميون), كما أعاد مكانة السلطنة إلى أذهان العمانيين , وبفضله إستطاعت عمان دخول التاريخ الحديث موحدة ,ومزودة برسالة روحية وهوية وطنية وثقافية واضحة .
    الأمر الذي مكن عمان فيما بعد من إستعادة موقعها ,كأقوى دولة بحرية في المحيط الهندي , باسطة سلطتها ونفوذها من الخليج إلى شرق أفريقيا , ولم يكتف حكامها الأئمة المتعاقبون بذلك, إذ أخذوا أيضا يطاردون البرتغاليين, خارج الحدود العمانية. تعرفون الآن لماذا لا يريد قابوس أي نوع من القلق والتوترات ,فهو يعلم أن الخليج كله برميل بارود تاريخي ,إذا ما أنفجر فيه جزء, فليس ثمة شيء سيحاصر هذا الإنفجار, في كل أجزاء الخليج الأخرى!.
    القاسم المشترك الذي فجر الأوضاع في دول الشرق الأوسط ,هو الوضع الاقتصادي، ثم الإنفجار على أنظمة حكم برمتها، ولكن هل تستحق سلطنة عمان مثل هذا الانفجار؟.. نعم تستحق .فأزمة البطالة, التي يعاني منها كل العالم تجتاح عمان الآن، فهي مشكلة عالمية، وإذا كان الوجه الأساسي الذي ترغب السلطات الرسمية في السعودية وعمان عكسه ,عن مشكلتيهما كأزمة بطالة , فالحالة البحرينية تثبت غير ذلك, فالمطالب في البحرين مزدوجة: إقتصادية وسياسية، والبحرين ليست
                  

03-11-2011, 05:13 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    بعيدة عن عمان في التقدم الذي تحقق رغم ضعف الموارد، وتميزت بإصلاحات سياسية, لاتزال خاضعة للتقييم والمراجعة, كونها حديثة التطبيق.
    في السنتين الماضيتين نقلت شركات دولية مقارها من دبي الى البحرين, بسبب إرتفاع تكاليف المعيشة، من الجانب الآخر نلاحظ في السعودية,تغييرات مفاجئة.أجراها الملك عبد الله بن عبد العزيز,في الجهاز الحاكم في المملكة العربية السعودية ,التي تشهد قيادتها توترا شديدا منذ قيام ثورة الياسمين,يزداد أكثر ,عند سماعها بأي نوع من التحركات الجديدة في الشارع العربي، لذلك جاء تفسير الغييرات التي أجراها الملك عبد الله بأنها مفاجئة وغير معهودة في القيادة السعودية لكونها جاءت في مرحلة مفصلية ودقيقة، لا سيما بعد مبادرته للمصالحة العربية, في قمة الكويت الإقتصادية، والتي فاجأت بدورها كل الحكام العرب, والمستعربين دون إستثناء , بل وحتى حكام السودان الذين هم أقل درجة من المستعربين!.
    يظهر من التغيرات والتعديلات التي شملت المؤسسة الدينية، لا سيما رئاسة جمعية النهي عن المنكر، ومناصب حكومية وقضائية وعسكرية وأمنية، فضلاً عن تعيين مجلس شورى جديد، فالذين شغلوا تلك المناصب لسنوات عديدة, لم يكونوا على المستوى, الذي يجعل الملك يضع ثقته فيهم في ظل ظروف الغليان الثوري ,الذي يجتاح المنطقة الآن ,من أقصاها إلى أدناها، خصوصاً بعدما تراجع الدور السعودي على المستوى العربي والعالمي, إلى درجة كبيرة، فضلاً عن العجز عن مواكبة الأوضاع الداخلية.
    ويعتبر مقربون من الملك أن "الإصلاحات" الواسعة, التي أصدرها .وأعتبرها البعض مفاجئة وسريعة، إنما كانت نتاج تراكم العديد من الملفات، والتي واكبتها في الفترة الماضية ,ضغوط أميركية هائلة، مقرونة بسلسلة مطالبات, حاولت الإدارة الأميركية السابقة, فرضها للإمساك بمفاصل السلطة، بحيث أن الملك لم يعد يستسيغ كل تلك التدخلات، إن على المستوى الداخلي أو الخارجي في أداء السياسة السعودية.
    فعلى المستوى الداخلي: ولا سيما ما يتعلق بالمؤسسة الدينية، التي تعتبر فيصلاً حاداً في التعاطي مع المجتمع، تصاعدت الكثير من الإنتقادات, لأدائها ولأداء القيمين المباشرين عليها، بحيث بات الشارع السعودي بغالبيته ,ينظر إليها كأداة قمعية بلا رحمة، وكذلك فإنها لم تعد تجاري الثقافة الإجتماعية للمواطنين، التي إخترقتها بشكل حاد ,قِيَم دخيلة تعتبر مدمرة، وكذلك عدم القدرة على الإحتواء العاقل للتطور السياسي للمجتمع، وأيضاً فشلت تلك المؤسسة الدينية, في إستيعاب ومجاراة حجم الثقافة, لدى علماء الدين وتطورهم، الأمر الذي جعلها مجال تهكم ,من قبل العديدون من علماء الدين، وكذلك من المواطنين، بحيث فقدت حضورها المعنوي بشكل كبير، من حيث تحولها, إلى هدف يومي لإطلاق "النكات".
    وما زاد طين المؤسسة الدينية بلة، إصدار القرارات والفتاوى, المستفزة لمشاعر غالبية المواطنين في المملكة العربية السعودية. وهنا تلمس الملك - حسب فهم سموه العالي- خلال الحرب على غزة, أنه لا يجوز أن يبقى الموقف السعودي ,على ما هو عليه. ولذلك فجر قنبلته أمام قمة الكويت، بالتلويح بسحب المبادرة العربية - التي هي مبادرته هو في الأصل - للصلح مع إسرائيل، وإعلانه أنها لن تبقى على الطاولة طويلاً، وبادر بالتوازي مع ذلك, إلى إعلان نيته في إطلاق مصالحة عربية - عربية لمواجهة ما يجري، خصوصاً أن الإدارة الأميركية ,التي كان رأسها جورج بوش قد
                  

03-11-2011, 05:14 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    تهاوت كل شعاراتها وأهدافها,بتنامي فوز أوباما , كإنعكاس لروح المهمشين في كل العالم، خصوصا أن سياسات بوش, لم تقدم سوى الفتن وتمزيق الصف العربي.السعوديين ديل يجننو!..
    إلا أن تحركاً قاده بعض وزراء الخارجية العرب الموغلين ,إلى أقصى الحدود في العلاقة مع الولايات المتحدة، وشارك فيه وزير الخارجية السعودي: سعود الفيصل، بنشاط لم يلقَ ارتياحاً لدى الملك عبد الله، خصوصاً بعد الإجتماع الذي عُقد في أبو ظبي، وأظهر كأن محوراً جديداً يتشكل ,لإجهاض مبادرة المصالحة، لا سيما بين سوريا والسعودية من جهة، والسعودية وقطر من جهة أخرى، دون أن يتم إبلاغ الملك بموعد الإجتماع، ولا بمحتواه الهادف ,إلى تكوين محور ضد إيران كعدو بديل لإسرائيل، وإحراج الملك عبد الله، من خلال وضعه أمام أمر واقع يظهر أن العرب اتفقوا عليه بمعاداة إيران، الأمر الذي قد يؤدي إلى حرب طويلة معها، ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة ككل، وهو الهدف الأكبر الذي تسعى إليه إسرائيل. كلام محللين!..
    هذا الأمر الذي يشبه الانقلاب, تزامن مع معلومات كشفتها المخابرات الأميركية ,عن أن إسرائيل تشن حرباً خفية على إيران، دون أن تقدم تفاصيل ,عن دور بعض الدول العربية، لا سيما تلك التي تفرغت لمهاجمة إيران ,وقوى المقاومة في فلسطين ولبنان، في الوقت الذي كانت إسرائيل تشن حربها على غزة .
    هذا الإتجاه لفت حتى إنتباه العنقالة أمثالنا, لفجاجته التي لا تحدها حدود، سيما أنه أعقب مبادرة المصالحة التي بدأت تأخذ طريقها، من خلال إالواسع على سوريا، والتي تمثلت ,بزيارة رئيس المخابرات السعودية إلى دمشق، وإستقباله من جانب بشار الأسد، والحديث عن زيارة لبشار سيقوم بها إلى السعودية, قبل القمة العربية في الدوحة، رغم شائعات مصدرها دبلوماسيون عربا مريبون!, تشكك في حصول المصالحة، وقصر الأمر على تهدئة، لتمرير القمة العربية.
    مقابل ذلك من العوامل التي سرّعت أيضاً قرارات "الإصلاح" ,التي إتخذها الملك عبد الله، قيام مستشاريه بعرض مخاوف تكونت لديهم قاعدتها؛ خطة صهيونية, تهدف إلى توريط السعودية بحرب ضد ايران على أرض العراق، بعد الإنسحاب الأميركي المتوقع من بلاد الرافدين، بهدف إستنزاف القدرات الإيرانية والعربية على حد سواء، ما يؤدي حتماً ,إلى أن يكون الإحتلال مطلباً عربياً عاماً، لا بل حاجة عربية لمواجهة "العدو الجديد"، فيما لم تغب عن الملك صورته ,وهو يدخل قمة دول مجلس التعاون الخليجي ,ممسكاً بيد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد.
    ويبقى أيضاً أن التغييرات, التي أجراها الملك عبد الله, تتزامن مع الأنباء عن التردي الكبير, في صحة ولي العهد الأمير سلطان، الذي يعاني سكرات الموت، ولذلك فإن المسارعة إلى إصدار الإصلاحات, تقطع الطريق على من يريد إستغلال الوفاة ,في حال حدوثها. لفرض أشخاص موالين له.
    لذلك وقبل أن تهبط طائرته القادمة من المغرب, إثر فترة نقاهة تزيد عن الشهرين قضاها هناك بعد أن تم علاجه في أميركا , عمد الملك عبد الله على توزيع الهبات والمكرمات من الجو , دون أن ينتظر هبوط طائرته بسلام : زعماء العرب ديل فعلا زعما أونطة ساكت , الله يرحمك يا عبد الناصر! فعلا!حاجة غريبة!
                  

03-11-2011, 05:15 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الحالة السعودية بتعقيداتها مع اليمن من جهة, والبحرين من الجهة الأخرى. إلى جانب عمان: تعطينا صورة كاملة , لو قرأناها كمشهد روائي واحد يعبر عن حالة الخليج والجزيرة العربية. فالسعودية بقدر ما تشترك مع اليمن في أزمته مع الشيعة , فهي تشترك مع البحرين أيضا في ذات الأزمة , إلى جانب أن المطالب الخدمية الخاصة بسلطنة عمان ,هي مطالب تلتقي فيها كل من السعودية والبحرين,ودول الخليج الأخرى, بل المشرق العربي كله , إلى جانب هذا الصعود المتنامي للتوجهات الخاصة ,بإجبار الأنظمة الملكية الوراثية في الخليج وجزيرة العرب , للتحول لملكيات دستورية ,تقلص من سلطات الملك أو الأمير أو الشيخ , وإقرار حكومات منتخبة من قبل الشعب.
    لكن مشكلة السعودية أنها كالقذافي, فمثلما يعلن القذافي في كتابه الأخضر أن من تحزب خان , تصر السعودية على رفض تكوين أي أحزاب سياسية, لأنه لا يوجد في قاموسها ما يسمى بالحقوق والحريات الإنسانية .بالتالي من الصعب التنبوء بما سيحدث في السعودية, و الخليج من تطورات في ظل حالة الإحتقان الحالية ,التي تعتبر السعودية فيها دولة مفصلية رئيسة.
    لنقرأ الآن نموذجنا الأساسي (البحرين) وذلك , الأول: أن البحرين بحكم أغلبيتها الشيعية ,مجريات الأمور فيها تتأثر بطريقة أو أخرى بالنفوذ الإيراني. والسبب الثاني: أن كل أزمات الخليج وجنوب الجزيرة العربية, تتقاطع فيها . بحيث يمكن إعتبارها الخليج العربي مصغرا.
    البحرين :
    في سنة 1783 م قام العتوب بقيادة أسرة آل خليفة أهل الزبارة ,المدينة القطرية التاريخية, التي تقع في الشمال الغربي ,من شبه الجزيرة القطرية, والتي سميت بهذا الإسم بسبب إرتفاع أراضيها (الزبارة تعني الأرض المرتفعة ,وكذلك هناك حي كامل إسمه الزبارة في منطقة حائل السعودية كما يوجد قصر برزان الشهير, لحكام حائل آل رشيد .. الذين هم في الواقع أصحاب السلطة التاريخية على السعودية! فهم الحكام الذين سبقوا آل سعود ,قبل توحيد السعودية تم هدم هذا القصر للأسف بإيعاز من الحكام الجدد آل سعود! - أيضا يوجد قصر تاريخي آخر لبرزان في قطر!).
    لم تستقر الأوضاع في البحرين, إذ تعرضت الجزيرة لغزوات عمانية ,ما بين أعوام 1799 و1828 م،كما أضطر حكام البحرين, لدفع الجزية لإمارة الدرعية(الوهابية السعودية) لبضع سنوات. ودفع الجزية لحاكم مسقط لأكثر من 30 سنة ,وقد جعل آل خليفة قاعدتهم في جزيرة المحرق، بينما كانت الحاضرة الكبرى في البحرين هي المنامة.
    بعد قيام الدولة السعودية الثانية, حاول حاكمها فيصل بن تركي السيطرة على البحرين, وأستطاع فرض الزكاة عليها مؤقتًا. وإستمرت النزاعات بين الطرفين ,وأمتد حكم آل خليفة في بعض الأوقات إلى قلعة الدمام،إلا أن تلك الفترة ,شهدت أيضًا دخول الإمبراطورية البريطانية ,إلى الخليج العربي. وقد كانت بريطانيا تعتبر الخليج, بمثابة بحيرة بريطانية ,وحلقة إتصال مهمة في الطريق إلى ممتلكاتها في الهند.
    وحرصت بريطانيا على بقاء البحرين مستقلة ,عن الدول المحيطة كالسعودية، لذلك قامت في سنة 1859 م ,بإبلاغ فيصل بن تركي بأنها تعتبر البحرين "إمارة مستقلة", وهكذا أرسلت بريطانيا أسطولاً بحريًا لحمايتها.
                  

03-11-2011, 05:17 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    وبعد سلسلة من المعاهدات بين بريطانيا وحكام البحرين,أولها معاهدة السلام البحري عام 1820 ,وقع آل خليفة إتفاقية الحماية البريطانية سنة 1861 م, وظلت البحرين محمية بريطانية , سنة 1971 م. وقد قدّر الرحالة البريطاني بالغريف ,عدد سكان البحرين وقت توقيع الإتفاقية, بنحو 70,000 نسمة. أدت المعاهدة بين البحرين وبريطانيا, إلى تغييرات إجتماعية جذرية.
    تأسست أول مدرسة تعليمية في البحرين عام1919 , بمعنى أن مدرسة الخرطوم القديمة التي أسست في عام 1805 أقدم منها ,وكانت هي مدرسة الهداية الخليفية للبنين، وكذلك تم إفتتاح أول مدرسة للبنات ,في منطقة الخليج في البحرين عام 1928, وهي مدرسة خديجة الكبرى. كما تطلب إكتشاف النفط في البحرين عام 1932، آلاف العمال المتعلمين لإنتاجه، فظهرت طبقة عاملة جديدة ساهم نتاجها ,في تطوير المجتمع البحريني ,على السنوات الخمسون التالية.
    وفي عام 1923 م عمت الإضطرابات البحرين, بعد أن تصادمت قبيلة الدواسر بالبحارنة ،وقد كان الدواسر يعيشون في البحرين, بشكل شبه مستقل عن آل خليفة,منذ قدومهم إلى البحرين, من شرق الجزيرة العربية سنة 1845 م، فقام البريطانيون بإجبار الدواسر, على الجلاء عن البحرين في ذلك العام ,وغادر معظمهم إلى الدمام على الساحل المقابل.شفت كيف المشاكل دي؟ ذي مشكلة عرب دارفور مع الفور!
    بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت منطقة الخليج العربي ,أقل أهمية للإدارة البريطانية .ففي عام 1968، أعلنت الحكومة البريطانية قرارها لإنهاء علاقات المعاهدة, التي كانت قد عقدتها مع شيوخ دول الخليج العربية. وكانت إيران قد إدعت أحقيتها بحكم البحرين - ( بإعتبار أن أصول البحرينيين والخليجيون بصورة عامة ,هي إصول فارسية , إلى جانب أن الخليج العربي تاريخيا, هو خليج فارسي, أصول المجموعات السكانية فيه: أصول فارسية) – إذن منذ أول اتفاقية بين البحرين والبريطانيين, كان ذاك هو موقف إيران! في القرن التاسع عشر، وجددت الحكومة الإيرانية مطالبها حين رأت نية بريطانيا مغادرة الخليج، إلا أنها قررت التوقف عن مطالبها في البحرين, مقابل تنفيذ مطالب أخرى لها في المنطقة.
    وأجري على إثر ذلك إستفتاء في البحرين, تحت إشراف الأمم المتحدة سنة 1970 م ,صوت فيه البحرينيون على بقاء البحرين مستقلة عن إيران.لأنهم منسجمين مع قصة كونهم عرب!إنسجام العروبة السودانية المضروبة!
    إنضمت البحرين إلى قطر والإمارات السبع ( الذين يمثلون دولة الإمارات العربية المتحدة الآن : أبوظبي ، دبي ، الشارقة ، عجمان ، أم القوين ، الفجيرة ، رأس الخيمة ) لبحث توحيد الإمارات التسع. في منتصف 1971، لكن لم يستطيعوا الإتفاق على ذلك, وقررت البحرين الإستقلال، وإستطاعت القيام بذلك في 15 أغسطس 1971 ، ومبايعة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أميراً لها .
    كانت البحرين من أسبق وأوعى الدول(ربما بسبب لاشعورها الجمعي, بأنها تنتمي لحضارة عريقة ,أعرق من الحضارة العربية ,كالحضارة الفارسية) لضرورة وجود مجلس يناقش الحاكم ويحاوره ، فبدأت بالبرلمان عام 1973 ، ولكن سرعان ما تم حل هذا البرلمان ,بقرار من الأمير الراحل : عيسى بن سلمان آل خليفة في العام 1975.
                  

03-11-2011, 05:18 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    أصبح الملك حمد بن عيسى آل خليفة, أميرًا على البحرين عام 1999 ,خلفًا لأبيه الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة. وشهدت البلاد تغييرات كبيرة, منها أنه شرع الإتخابات للبرلمان، وأعطى المرأة حقها في التصويت، وأطلق سراح المساجين السياسيين.
    المراقبون إختلفوا في عدد المشاركين فيها ، وذهب مراسل محطة " سي إن إن " الأميركية إلى تقديرها بستمائة ألف متظاهر ، بينما تراوحت تقارير بعض الوكالات والمراسلين, إلى أنها ضمت بين ثلاثمائة ألف وأربعمائة ألف متظاهر . وعكست التظاهرة التي حملت شعار " الوفاء لدماء الشهداء والتاييد لمطالب شباب ثورة 14 فبراير المعتصمين بميدان اللؤلؤة ، مطالب الشعب البحريني بعد المجازر التي إرتكبها النظام ضد المعتصمين في وادي اللؤلؤة ، وكانت الأصوات تدوي في سماء العاصمة المنامة, وهي تصدح قائلة : " الشعب يريد إسقاط النظام " وأيضا تطالب بسقوط الحكومة, ومحاكمة المسؤولين عن إصدار أوامر بإطلاق النار ,على المتظاهرين في مجزرتي الخميس والجمعة .
    وكان النظام البحريني ,قد حاول إستباق, إحدى التظاهرات, فنظم في مسجد " الفاتح " في المنامة تجمعا جماهيريا ,بهدف تصوير الأمر وكأن في البحرين نزاعا وصراعا طائفيا: بين الشيعة والسنة ، وحاول التلفزيون البحريني الرسمي ,تصوير هذا التجمع ,وكأنه الأكبر في البلاد ، فكتب وبخط عريض على شاشة التلفزيون " ثلاثمائة الف يجددون البيعة والوفاء ,لسمو الملك وولي العهد ورئيس حكومته "!! يعني أفلام الكيزان نفسها!..
    ولم يكن التجمع يضم أكثر من عشرين الف شخص فقط ، وكشف أحد المصورين التابعين لقناة البحرين الرسمية, والذي شارك في تصوير هذا التجمع الجماهيري " أن أوامر صدرت إليهم ,وشددت على: أن لايقرب المصورون وجوه الرجال المشاركين في التجمع الجماهيري " . ويقول هذا المصور : " لقد إكتشفت بعد إنتهاء التجمع, أن آلافا من العمال الآسيويين, كانوا يلبسون الثياب والعقال, ويرفعون أعلام البحرين بإعتبارهم مواطنين بحرينيين(يعني قصة القذافي نفسها مع المرتزقة! وقصة البشير نفسها في دارفور!) ". ويضيف قائلا : " حينها عرفت السبب الذي دفع بالمسؤولين في التلفزيون الرسمي, إلى إصدار الأوامر ,بعدم إلتقاط صور للرجال المشاركين في التجمع عن قرب ، وذلك حتى لاتنكشف هوية آلاف الآسيويين من العمال والخدم, المشاركين في التجمع ,بإعتبارهم مواطنين بحرينيين يؤيدون النظام ".. عجايب!..
    وأتفق المراقبون المهتمون بالشأن البحريني ,على أن " شعب البحرين من خلال مسيرته وه######## بسقوط الحكومة ، أجرى إستفتاء عمليا اليوم على النظام وعلى الحكومة ، عندما هتف مئات الآلاف من المتظاهرين بسقوط النظام ,وحل الحكومة, ومحاكمة المسؤولين عن إصدار قرارات إطلاق النار ,وتنفيذها ضد المتظاهرين . وعلى صعيد متصل ,كشفت مصادر خليجية لـ " شبكة نهرين نت الإخبارية " قولها " أن الإدارة الأميركية طلبت من وزارة الخارجية الأميركية و السي آي إيه ,معرفة موقف المتظاهرين من إتفاقية التسهيلات المقدمة للأسطول الخامس الأميركي, حيث أن مقر قيادته يقع في البحرين ".
    وقالت هذه المصادر " أن الثورة في البحرين, فاجأت رجال المخابرات الأميركية وعملاءها ، وبدأوا يشعرون بقلق كبير على مصير قاعدة البحرية في " الجفير ", وقلق على وجود وإستمرار هذه التسهيلات, التي يحظى بها الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين ، خاصة وأن الولايات
                  

03-11-2011, 05:20 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    المتحدة, تعتير إمتلاكها لقاعدة لأسطولها الخامس في البحرين ، له أهمية إستراتيجية لأسطولها البحري, العامل في مياه الخليج وبحر العرب ..
    وقالت هذه المصادر " أن الأميركيين أبلغوا جهات سياسية في البحرين ، أنهم على إستعداد للتضحية بالنظام البحريني, وبوجوده والإتفاق مع المعارضة على تحويل الملكية الرئاسية, إلى ملكية دستورية ، إذا حصلوا على تطمينات بإستمرار إتفافات التعاون العسكري مع البحرين ,في حال سقوط نظام آل خليفة, أو بقاء الملك في ظل دستورية ملكية".
    على صعيد آخر أُتهمت قوى المعارضة,النظام ، بالسعي إلى تجزئة المعارضة وتشتيتها ,بإختلائه مع كل جماعة على حدة ، للإيقاع بين الأحزاب ,والقوى المعارضة. وبالتالي خلق المشاكل بينها ,وصولا إلى تشتيت وحدة المتظاهرين ,والتأثير على تكاتفهم, وتعاونهم ووحدة الكلمة بينهم.
    هذا وقد شيع المتظاهرون أحد المتظاهرين الشبان, الذين أصيبوا خلال مواجهات الجمعة ,قرب دوار اللؤلؤة في البحرين،بعد أن توفي متأثراً بإصابته السابقة في الرأس ، ليرتفع بذلك عدد الشهداء جراء بربرية تعامل قوات الأمن ,مع المتظاهرين في البحرين، منذ الخميس الماضي، إلى سبعة شهداء .
    وأكدت المصادر الطبية أن الشاب رضا محمد، البالغ من العمر 20 عاماً، توفي جراء إصابته في الرأس، بينما كان يتقدم مع مجموعة من الشبان نحو دوار اللؤلؤة، غير أن قوات الأمن ,ردت بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل جنوني .
    إذن من وحي ثورة الياسمين التونسية ,ومن وحي الثورة المصرية المجيدة، يجوب اليوم البحرينيون الشوارع ,مطلقين العنان لإحتجاجاتهم ومسيراتهم.. رافعين مطالب الإصلاح السياسي, وإسترجاع الحقوق، التي إستبقها الملك بـ "مكرمات" إقتصادية, وهم إذ يرفعون عقائرهم بالهتاف لا يتطابقون مع السودانيون, الذين يدعي بعضهم التمثل بالهتاف النجيض : سوف نخرج للشوارع شاهرين هتافنا,
    ولسوف تلقانا الشوارع .......إلخ..
    لكم هو مؤلم رؤية جثث القتلى الذين سقطوا في مجزرة ميدان اللؤلؤة ,وقد إخترقتها عشرات الرصاصات.. شبان وشابات سقطوا في هجوم وحشي شنته قوات الأمن البحرينية, عليهم في الرابعة صباحا أثناء نومهم!.
    وهكذا أخذ المشهد البحريني يغلي, وهو مرشح للتصعيد خلال الأيام القادمة، فالجيش نزل لأول مرة بمدرعاته إلى شوارع المنامة, بعد سقوط قتلى وعشرات الجرحى ,خلال مداهمة الشرطة لساحة تعتصم بها المعارضة، ويلبي المحتجون البحرينيين , الإثنين قبل قبل الماضي, دعوات ناشطين على الإنترنت, لقيام "ثورة" في البحرين من أجل الإصلاح السياسي, والإفراج عن معتقلين شيعة ,ووقف "التجنيس السياسي – ألا يذكركم هذا بمنح البشير الجنسية السودانية, للعرب المرتزقة ,الذين جاء بهم من أفريقيا, لتغيير الخريطة الديموغرافية في دارفور؟!" في إشارة إلى إتهامات يوجهها الشيعة للحكومة, بتجنيس أشخاص من الطائفة السنية ,لتغيير التوازنات الطائفية في المملكة ,ذات الغالبية الشيعية!.
                  

03-11-2011, 05:21 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    المطالب مضمونها سياسي, يتعلق بالحريات والقمع والإستئثار بالسلطة، ويرتبط بمشاكل مزمنة ,في المملكة. تميّزها عن محيطها الخليجي.
    هل كان مفاجئا ما حدث في البحرين؟
    بالتأكيد لا، فالمراقب عن قرب للحالة هناك، يدرك أن البحرين ,لا تختلف عن دول الخليج الأخرى, أو دول مشرق ومغرب العالم العربي ,وإمتداداته الأفريقية،المراقب المتابع يعي أن ما حدث كان أمرا متوقعا، وإن إختلف السيناريو، حيث أن النتيجة المتوقعة : غليان في الشارع، وتوتر طائفي لم يسبق له مثيل.. مسيرات ضد الحكومة وزبانيتها، وأخرى مضادة مؤيدة ومبايعة. بإختصار: المحظور وقع.
    المحللون والخبراء يرشحون البحرين كدولة رابعة ,سيحصل فيها تغيير على غرار السيناريو التونسي والمصري,( وهو سيناريو لا يشبه السيناريو الليبي العجيب) إلا أن ما هو مثير للإهتمام يتمثل في مصداقية هذه الإضطرابات والإحتجاجات ,فيما يخص الإطاحة بنظام الملك البحريني الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة!.
    التقارير تتحدث عن وجود نوعين من المطالب,أشرنا لها فيما سبق، وبرغم وجود بعض التطابقات والإختلافات بينها, وبين مطالب الثورات العربية الأخرى, إلا أن التقارير أثارت، وعلى وجه الخصوص تقرير : وكالة رويترز، الذي أشار إلى المطالب الخاصة, بالأغلبية الشيعية ,وما تضمنته: ( القضاء على عمليات التمييز والتهميش, التي يعاني منها الشيعة البحرينيون، وعلى وجه الخصوص في مجالات: خدمات السكن، خدمات الصحة ,إضافة إلى خدمات حق الحصول على الوظائف العامة. إلى جانب ضرورة إجراء التعديلات الدستورية والبرلمانية ,بما يتيح تمثيل أكبر للمجتمع الشيعي البحريني. كذلك إعادة ضبط توازن القوى البحرينية ,بما يعيد قسمة السلطة والثروة بين المكونات الثلاث: القوى الإسلامية الشيعية، القوى الإسلامية السنية، القوى العلمانية.إلى جانب الوقف الفوري لعمليات منح القوى الإسلامية السنية الخارجية, لمزايا النسبية المتمثلة في: الحصول على الجنسية، الحصول على الوظائف في القوات المسلحة وقوات الأمن. الوقف الفوري لعمليات استيعاب المسلمين السنة القادمين من البلدان الأخرى, ضمن الهوية الوطنية البحرينية ,الأمر الذي أصبح يهدد التوازن الديموغرافي, الذي يشكل الشيعة أغلبيته العظمى. كذلك الوقف الفوري لعمليات الأجهزة الرسمية البحرينية ,التي ظلت تستهدف السكان الشيعة البحرينيين.
    إلى جانب هذه المطالب, نجد مطالب أخرى مثل:المطالب الخاصة بالشباب المعارضين: حل دستور عام 2002. تكوين مجلس يضم الخبراء ,وجميع مكونات السكان البحرينيين, تكون مهمته وضع مسودة الدستور الجديد. إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والناشطين السياسيين والمدنيين, إضافة إلى التحقيق في عمليات التعذيب والإنتهاكات الأخرى. إقامة جهاز قضائي مستقل عن السلطة السياسية. التحقيق في عمليات منح الجنسية البحرينية, للأجانب وفقاً للدوافع والميول السياسية والطائفية.
    ما يمكن قوله في هذا السياق, أن مملكة البحرين هي الدولة الخليجية ,التي يعتقد أنها الأكثر عرضة للإضطرابات ,بسبب الاستياء المتأصل بين الأغلبية الشيعية ,من عائلة آل خليفة السنية الحاكمة. ويشكو المحتجون من مصاعب إقتصادية ,والإفتقار للحريات السياسية ,وتمييز في الوظائف لصالح السنة.
                  

03-11-2011, 05:22 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    المتظاهرون يريدون عزل رئيس الوزراء : الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة ,الذي يحكم البلاد منذ إنتهاء الحكم البريطاني لها عام 1971. وحتى الآن لم يطلب أحد تغييرا على مستوى القمة ,أي لإبن أخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة ,الذي يملك السلطة المطلقة على البلاد. ومن المرجح أن تتدخل السعودية لتقديم المساعدة, إذا شهدت البحرين حالة من عدم الاستقرار.
    وكانت مواقع إعلامية قد أشارت, إلى دخول قوات عسكرية سعودية ,يوم الإثنين للأراضي البحرينية, لمساعدة الحكومة على ما يبدو ,في التصدي للإحتجاجات, التي إجتاحت عدة مناطق في "يوم الغضب" وسط أنباء ,عن سقوط قتلى برصاص عناصر الأمن.
    ويرى محللون أن الإضطرابات واسعة النطاق في البحرين, تثير مخاوف لدى السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم, من إمتداد الإحتجاجات للمدن السعودية ,بتحفيز من الثورتين الشعبيتين, في تونس ومصر. وتشعر السعودية بالتوتر أكثر من غيرها، لتشابك إرتباطاتها مع البحرين، فالسعوديون لن يترددوا ,في تقديم العون للحكومة البحرينية، وقد يتدخلون مباشرة, إذا أقتضى الحال ، وخرج الأمر عن سيطرة الأمن البحريني!.
    في السياق نفسه تجدر الإشارة , إلى أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة, وإلى جانب صلاته القوية بالعائلة السعودية الحاكمة ,تربطه في الوقت نفسه علاقة مصاهرة بالأمير نايف. وتقول المصادر أن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز, كون خلية أزمة لمتابعة الوضع في البحرين.
    وأكّدت المصادر نفسها أن هناك تفاهماً سعوديا ــ أميركياً على منع تدهور الوضع، وأن الأسطول الخامس في حالة استنفار.
    آخيرا سنصل إلى حلقتنا المخصصة للسودان , فهذه بلاد أمرها عجب!..
                  

03-11-2011, 03:33 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الاخ الفاضل احمد
    متابع الخيط رغم المشغوليات ، اليك هذا المقال المهم من اجل اكتمال الصورة والمناقشة لاحقا


    Quote: القرضاوي وهويدي وقناة الجزيرة زز بقلم: بابكر فيصل بابكر


    هذا المقال لم ينشر في صحيفة "السوداني" اليوم الخميس ١٠ظ ٣ظ ٢٠١١ لوقوعه في بعض المحظوراتز


    كنت قد عبرّت في العديد من المقالات والمناسبات المختلفة عن رأيي في مسألة الفتاوى الدينية المتعلقة بالأمور العامةو وقلت أنها رأي سياسي يتدثر بعباءة الدين من أجل كسب المشروعية لأنّ الدين في المنطقة العربية والأسلامية يعتبر أكبر مصدر للمشروعيةز

    والفتاوى الدينية أيضا تمثل أداة يتم توظيفها بواسطة الأشخاص أو التيارات السياسية المستندة الى الفكر الديني أو الأنظمة الحاكمة لأضفاء صفة المشروعية أو نزعها عن المواقف السياسيةز

    وقد شهدنا في الأسبوعين الماضيين ما يؤكد صواب رؤيتنا بخصوص تلك الفتاوىز حيث أصدر الشيخ القرضاوى فتوى هوائية " على الهواء مباشرة " من ستوديوهات قناة الجزيرة تدعو لقتل القذافيو وقال : " أصدر الآن فتوى بقتل القذافيز أي ضابط أو جندي أو أي شخص يتمكن من أن يطلق عليه رصاصة فليفعل ودمه في رقبتي، ليريح الليبيين والأمة من شر هذا الرجل المجنون وظلمه "ز

    قد يرى البعض في فتوى الشيخ القرضاوي موقفا انسانيا نبيلا يسعى لحقن دماء الليبيينو وهو الشىء الطبيعي الذي يمليه الضمير السليم على أى انسانو ولكن خطورة تلك الفتوى تتمثل في أنها تعتبر بالمعايير السياسية دعوة " مفتوحة للأغتيال"و فهل يستطيع زعيم معارضة في أي بلد الظهور في شاشات التلفزيون والدعوة لأغتيال رئيس ذلك البلد دون أن يترتب على ذلك أى مسئولية ؟

    يبدو للوهلة الأولى لكل مراقب للشأن السياسي أنّ موقف القرضاوي موقف متقدم يدافع عن حقوق الأنسان والحرية ويتجاوب مع تطلعات الشعوب الطامحة للتخلص من الحكام الطغاة والمستبدينو ولكن للأسف فأنّ مواقف الشيخ ليست بتلك المبدئيةو بل هى مواقف متذبذبةو ومتلونة بألوان الميول الفكري والمذهبي لديهز أليس هو من أجاز الأنقلاب العسكري في السودان بالقول " لا مانع من هذا" ؟! أليس هو من دعا لحرية الشعب المصري ولأزالة الحكم المستبد الفاسد في مصر وصمت عن أحوال السودان المشابهة لبلده الأم لأنّ حكام السودان يشاركونه ذات التوجه الأيديولوجي ؟ أليس الأختلاف المذهبي هو الذي منعه من قول الحق في شأن أنتفاضة الشعب البحريني الذي قتلت حكومته سبعة من مواطنيها الأبرياء المسالمين دون ذنب ؟ ولماذا لم يصدر ذات الفتوى في حق الرئيس علي عبد الله صالح الذي تقتل قواته الشعب اليمني كل يوم ؟ أهى الموازنات الطائفية والخوف من أن يمتطي " الزيدية" صهوة الحكم عوضا عن " الشافعية"؟

    الرأي عندي أنّ الشيخ القرضاوي – وبحسابات سياسية ذرائعية محضة وليست مبدئية – يعتقد أنّ البديل لأنظمة الحكم المصرية والتونسية والليبية سيكون " الحركة الأسلامية"و بينما لن يكون الأمر كذلك في السودان أو البحرين أو اليمنز فالأخوان المسلمين في مصر هم أكثر الجماعات تنظيماو وحركة النهضة التونسية كذلكو أما ليبيا فقد أحدث فيها نظام القذافي فراغا سياسيا هائلا لن يسده سوى الأسلاميين الذين كانوا الجهة الوحيدة التي شكلت حضورا ملحوظا في ظل حكم العقيدز

    وفي موازاة فتوى القرضاوي صدرت فتاوى المدرسة الوهابية السلفية تصف المظاهرات والأنتفاضات والثورات الجماهيرية بأنهّا " فتنة"ز وقال عالم الدين السعودي البارز وعضو المؤسسة الدينية الرسمية الشيخ صالح اللحيدان أنه "لم يعرف عن أحد من أئمة الإسلام ظمن الصحابة والتابعين والأئمة الأربعةظ حثه الناس عند الاستنكار أن يقوموا بمظاهرة ومغالبة"، مذكراً "بالسمع والطاعة حتى إذا كان الوالي غير مرضي عنه من الناس ما دام لم يكفر"ز وقال الشيخ علي الحلبي أحد المرجعيات البارزة للتيار السلفي بالأردن أنّ فهم السلف في الفتن هو أن "نخرج منها كما دخلنا فيها"، وأشار إلى أن الكثير من المطالبين بالتغيير وحقوق الإنسان "لا يفهمون أنهم يخالفون دين الله عز وجل"ز

    ومثلما قصدت فتوى الشيخ القرضاوي الى نزع المشروعية عن نظام العقيد الليبيو بل وذهبت لأبعد من ذلك بالدعوة للتصفية الجسدية للقذافيو فأنّ فتوى المؤسسة الوهابية تعمد الى اضفاء الشرعية على أنظمة سياسية حاكمة وذلك بوضعها لشروط تعجيزية للتغيير والثورة مثل أن " يكفر" الحاكم أو " يمنع الصلاة" وهو ما لن يحدث من قبل أنظمة تجيد اللعب على العواطف الدينية وتوظف شيوخ الدين لأصدار الفتاوى التي تثبّت أركانها الفاسدةز

    أما الأستاذ فهمي هويدي الذي يحلو للكثيرين وصفه "بالأسلامي العقلاني"و فهو كذلك لا يختلف كثيرا عن الشيخ القرضاوي في التوظيف الانتهازي للمبادىء ظ وليس الفتوىو فهويدي لا يصدر فتاوى دينية بالمعنى الدقيق للكلمة ظ التي لا تحتمل التجزئة والتعامل الأنتقائيز فبينما كتب الرجل كثيرا عن مساوىء النظام المصري السابقو وعن ضرورة التغييرو وتحدث كثيرا عن الديموقراطية وحقوق الأنسان في مصرو فأنه يتعامل مع الحالة السودانية بتحّيز ايديولوجي وبخفة لا تليق بأهل الفكر والرأيز

    زار الأستاذ هويدي السودان مرارا في ظل حكم الأنقاذو وكان بعد كل زيارة يكتب ليكيل المدح للنظام الأنقلابيو حتى بلغ درجة أن وصف المجلس الأنقلابي العسكري الأنقاذي ب " مجلس الصحابة الذي يحكم السودان"ز وعندما يكتب عن الوضع السوداني فهو لا يتناول القضايا التي يتناولها عند كتابته عن النظام المصري السابقو فلن تجده يتحدث عن الفقر و الفساد والمحسوبية والتفاوت الطبقي الحادو وكبت الحرياتو والرشوة والتدهور الأخلاقي الذي حدث في السودانو بل يفاجئك بالكتابة عن الرئيس البشير والقول : " كنت أعلم أنه حافظ للقرآن وله خلفيته الدينية التي حصلها منذ صغره حين كان حفظ القرآن أول ما يتعلمه أبناء جيله (من مواليد عام ١٩٤٤)ز ولما صار رئيسا، فإنه ظل يواظب على أداء الفرائض الخمس من الفجر إلى العشاء في مسجد صغير مقام إلى جوار بيته الرئاسي"ز

    ويعلم الأستاذ هويدي أنّ كبت الحريات و الفساد المتفشي لن تحد منه صلاة الرئيس للأوقات الخمسة في المسجدو وأنّ الفقر والتفاوت الطبقي لن يزيله حفظ الرئيس للقرانز وأنّ التديّن الشخصي للرئيس هو أمر يخصه وحده في علاقته برّبهو أما ما يخص الناس فيتمثل في تنظيم علاقة الحاكم بالمحكوم من خلال عقد ينبني على الدستور الذي يكفل الحكم الديموقراطي والتداول السلمي للسلطةز فلماذا – على سبيل المثال ظ لم يستنكر الأستاذ هويدي في أحدى مقالاته أستمرار الرئيس البشير في الحكم لأثنين وعشرين سنة مثلما استنكر بقاء مبارك لثلاثين ؟ ولماذا لم يكتب عن ممارسات حزب المؤتمر الوطني في الأنتخابات الماضيةو وهى لا تختلف عن ممارسات الحزب الوطني في مصرو وكافة الأحزاب المهيمنة في الأنظمة العربية الفاسدة ؟

    لا يجادل أحد في أنّ قناة الجزيرة منذ انطلاقها الأول في ١٩٩٦ أحدثت تحولا كبيرا في شكل الأعلام العربي وذلك بما تمتعت به من حرية وجرأة كبيرة في تناول الموضوعات المسكوت عنها في أجهزة الاعلام السلطوية التابعة للأنظمة العربية الحاكمةز وقد أنحازت القناة في الكثير من المناسبات للمواقف التي تطمح اليها الشعوب العربية والأسلاميةو ومن ذلك تغطيتها المتمّيزة لأحداث الحرب الأسرائيلية على غزةو وكذلك التغطيات الكاملة لأحداث الثورة التونسية و المصرية والليبيةز

    ولكن يبدو أنّ الجزيرة لم تنجو من شراك التحيزّ الايدولوجي عندما تعلق الأمر بتناول وتغطية العديد من المواقف والأحداث السياسيةو ومنها – على سبيل المثال ظ ما يجري في مملكة البحرين ز حيث اكتفت بايراد أخبار عن انتفاضة الشعب البحريني دون تسليط الأضواء الكافية على ما يدور في " دوّار اللؤلؤة" مثلما فعلت مع " ميدان التحرير"ز والسبب الذي يبدو واضحا لذلك هو الظلال المذهبية الشيعية للأنتفاضة وما قد يترتب عليها من تشابكات جيو – سياسية ممتدة في الأقليم وتؤثر على الأوضاع والتوازنات القائمةو والتي تطال دول الخليج جميعها بما فيها الدولة التي تنطلق منها قناة الجزيرةز

    القناة التي تشكل فيها الأصوات القومية ( الأستاذ هيكلو والدكتورعزمي بشارة)و وأصوات الأسلام السياسي ( القرضاوي) حضورا دائماو لا تسمح بظهور أصوات القوى الديموقراطية والليبرالية بذات القدرو وهو ما دعا بعض المحللين لوضعها ضمن الفضائيات التي يسيطر عليها " صراخ المتاجرين بالشعارات القومية التي فقدت معناهاو وهيجان حلفائهم من الذين يوظفون الدين لتحقيق أغراضهم السياسية"ز

    الشيخ القرضاوي والاستاذ فهمي هويدي وقناة الجزيرة يفقدون أراض كثيرة اذا أستمروا في التعمية والتمويه و واجتزاء المبادىء لأجل خدمة توجهات ايدولوجية ثبت عدم جدواها في تلبية حاجات الشعوب الثائرة من أجل الحرية والديموقراطية والتقدم

    يوجد سؤال اخر لا يقل عن الاول الذى كنت قد كتبته فى مداخلتى الاولى فى هذا الخيط يفيد بأهمية الوعى بالتعددية الديمقراطية وامكانية ان يلعب كل من المهاجرين للغرب والتعليم دور عظيم فيها !
    لكن بنفس القدر يمكن ان نطرح سؤال اخر بالمقابل وهو:
    هل هناك اصلاح جقيقى لمصلحة التعددية الديمقراطية داخل جركات الاسلام السياسى فى العالم العربى خاصة فى مصر وتونس ?
    هل اختفاء الشعارات التى عهدناها منهم مثل (الاسلام هو الحل) وغيرها من الانتفاضة نوع من (التقية) لا اكثر ولا اقل ام ان هناك قراءات جديدة ?
                  

03-11-2011, 07:09 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: طلعت الطيب)

    Quote: يوجد سؤال اخر لا يقل عن الاول الذى كنت قد كتبته فى مداخلتى الاولى فى هذا الخيط يفيد بأهمية الوعى بالتعددية الديمقراطية وامكانية ان يلعب كل من المهاجرين للغرب والتعليم دور عظيم فيها !
    لكن بنفس القدر يمكن ان نطرح سؤال اخر بالمقابل وهو:
    هل هناك اصلاح جقيقى لمصلحة التعددية الديمقراطية داخل جركات الاسلام السياسى فى العالم العربى خاصة فى مصر وتونس ?
    هل اختفاء الشعارات التى عهدناها منهم مثل (الاسلام هو الحل) وغيرها من الانتفاضة نوع من (التقية) لا اكثر ولا اقل ام ان هناك قراءات جديدة ?

    الأخ الفاضل
    والصديق الجميل طلعت
    صدقني سآتي لمناقشة كل الأسئلة بصرف النظر إختلفنا أو إتفقنا في إستنتاجاتنا. مشكلتي الآن أنني في العمل , بحيث لن أفرغ إلا صباح الإثنين , لذا ليس بإمكاني التحاور, أشكرك كثيرا على الإهتمام بما أكتب فهو ذي صلة وطيدة بالإنتفاضة السودانية المقبلة - حسب ظني وقد أكون مخطئا - لكن ما يحدث الآن في مجالنا الثقافي أشبه بالثورة الفرنسية التي غيرت وجه أوروبا والعالم .. على أية حال أنها إجتهادات قد تخطيء وتصيب , كمقدمات لثورة سودانية(تتجاوز آفاق الثورة الفرنسية) تعيد صياغة علاقتنا بالمعنى الإجتماعي العام لمعنى"شعبنا" .. بمجرد إنتهاء عملي سأبدأ في مناقشة أسئلتك السابقة واللاحقة .. لأجل خير بلادنا ..
                  

03-14-2011, 07:59 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: طلعت الطيب)

    Quote: الاخ الفاضل احمد
    متابع الخيط رغم المشغوليات ، اليك هذا المقال المهم من اجل اكتمال الصورة والمناقشة لاحقا
    يوجد سؤال اخر لا يقل عن الاول الذى كنت قد كتبته فى مداخلتى الاولى فى هذا الخيط يفيد بأهمية الوعى بالتعددية الديمقراطية وامكانية ان يلعب كل من المهاجرين للغرب والتعليم دور عظيم فيها !
    لكن بنفس القدر يمكن ان نطرح سؤال اخر بالمقابل وهو:
    هل هناك اصلاح جقيقى لمصلحة التعددية الديمقراطية داخل جركات الاسلام السياسى فى العالم العربى خاصة فى مصر وتونس ?
    هل اختفاء الشعارات التى عهدناها منهم مثل (الاسلام هو الحل) وغيرها من الانتفاضة نوع من (التقية) لا اكثر ولا اقل ام ان هناك قراءات جديدة

    لا خلاف حول ضرورة الوعي بالأهمية الكبيرة للتعددية الديموقراطية, فهي بأجهزة ضبطها الثقافي والإجتماعي والسياسي,إلخ ..تضمن السلام , والتصحيح للأخطاء ,ومحاربة الفساد , بحكم إستقلالية أجهزتها الرقابية , وما تمارسه من ضغوط لتصحيح مسارات الحكومة(كما يحدث الآن في العراق) أو كما يحدث في لبنان, فعلى الرغم من أن ديموقراطية لبنان مبنية على أساس حصص الطائفية إلا أننا لا نستطيع غض الطرف أن ممثلوها يأتون عن طريق الإنتخابات؟ الآن هناك وعي متنامي في لبنان يرفض هذا الأمر نفسه (الطائفية) فلبنانيون كثر بمختلف طوائفهم ومذاهبهم وتوجهاتهم يرفعون أصواتهم الآن لتصحيح ديموقراطيتهم بأن لا يجيء أحد إلى السلطة على أساس طائفي , بل على أساس البرنامج وهذه نقلة نوعية في التجربة الطائفية اللبنانية ..عليه وضع مصر وتونس , بيد المصريون والتوانسة أنفسهم إذا الشعب أراد إن تحكمه قوى الإسلام السياسي فهذا خياره كما أختارت لبنان من قبل الطائفية .. لذلك لا أرى أن هذا امر مزعج فالديموقراطية إذا جاءت اليوم بالإسلامويون لا يعني ذلك أنها ستجيء بهم في كل دورة من دوراتها وهذه ميزة الديموقراطية تكمن قوتها في قدرتها على تصحيح تجربتها ..للك ليس مهما أن تكون قوى الإسلام السياسي تؤمن بالديموقراطية , وهي قطعا لا تؤمن بها , لكن بعد هذه الثورات لن تسطيع هذه القوى أو لن يكون بمقدورها الإنحراف بالبرامج التي يريدها الشعب بفرض برامجها الإسلاموية , فهناك روح جديدة كما ترى , جزء أساسي فيها تطور وسائل البث المباشر والأدوار التي يلعبها الإعلام الجديد عموما في كشف وفضح المستورات وتعبئة الشعوب والقدرة على تحشيدها سلميا ..كما أنك لت تستطيع أن تلغي قوى الإسلام السياسي بسبب عدم مبدئيتها من الديموقراطية , ببساطة لانها جزء من هذه الشعوب .. لذلك من مصلحة هذه الثورات وضع جند إصلاح التعليم في مقدمة أولوياتها , لقطع الطريق أمام أي جهة لإستغلال الدين في العمل السياسي.وكما رأيت بنفسك في الحالة المصرية تنازل الإسلاميون حتى عن إسم حزبهم(الأخوان المسلمين) تحت ضغط الشعارات الوطنية السلمية للشعب وأبناءه الشباب .. أما فيما يخص موضوع الفتاوي التي يطلقها الإسلامويون كالقرضاوي , هذه لن تقدم ولن تؤخر كثيرا , فشباب الإنترنيت من خلال الإطلاع على شعارات ثوراتهم يعلمون - في ظني- أن فتاوى الإسلامويون تجيء في سياق إلجام العوام عن الكلام كقاعدة أموية , ألف فيها الامويون حتى الأحاديث لدعم الأنظمة الفاسدة.
    آمل أن نتواصل أكثر الحوار حول تساؤلاتنا هذه.
    مودتي
                  

03-14-2011, 07:35 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: طلعت الطيب)

    Quote: شكرا يا احمد
    المقال جرىء وفيه ملاحظات جيدة حول ما يحدث حولنا
    هناك سؤال مهم حول دور عدد كبير ممن هاجروا الى الغرب واستقروا بعد حصولهم على اللجوء السياسى ?
    من الواضح ان الظروف التى تمت فيها الثورات مختلفة عن تلك التى حدثت فيها انتفاضتى اكتوبر وابريل من حيث نمو ونضوج الوعى بالديمقراطية التعددية
    لى عودة انشاء الله


    الأخ طلعت
    تحية طيبة
    فعلا الظروف التي تمت فيها الثورات الحالية تختلف من شعب لآخر ,حسب طريق تطور كل شعب.لكنها تشترك جميعها في كون هذه الثورات في واحدة من أوجهها - حسب ظني- تلتقي في الآثار التي خلفتها الثقافة الإسلاموعربية التي يشتركون فيها جميعهم , لذلك درجات تأثرهم بمتناقضاتها الطائفية والقبلية والمذهبية , إلخ .. تتفاوت بين قطر وآخر حسب درجة تعمق قوانين هذه الثقافة في مكوناته البنيوية الإجتماعية..
    هذه الثورات من جهة أخرى وفي السياق نفسه هي رد فعل للمهمشين والذين تم التمييز ضدهم من قبل "ثقافة الجبر والإستبداد" الإسلاموعربية.. بالتالي هي في وجه من وجوهها ,ثورة ضد كل الهزائم والفساد والإنكسارات والغبائن التي ترتبت على الجبر والإستبداد.. فهذه الثورات نتيجة تراكم كل ذلك عبر عقود طويلة من الزمان .. كل ما آمله أنا شخصيا أن تتمخض في المنطقة عن حالة أشبه بحالة(الثورة الفرنسية)..
    أما فيما يخص أن ثوراتنا السودانية - إذا جاز لنا تسمية ثورة 24 أو أكتوبر أو ابريل , فهذا صحيح إذ توفر للثورات الحالية من عوامل تراكم في الغبن والهزائم والفساد (كحوافز أساسية) ما لم يتوافر بهذه الدرجة لثورة 24 التي سبقت خروج الغستعمار بثباثة عقود , أو أكتوبر وأبريل اللتان تلتا الغستعمار بعدة عقود .. هذا غلى جانب أن العالم كان متماسكا أكثر لم يشهد الإنهيارات التي تشهدها الثورات الحالية أعني إنهيار الإتحاد السوفيتي وجدار برلين , والأزمات الإقتصادية الدولية والحروب الإقليمية والداخلية .. لذلك تجيء هذه الثورات في ظروف مختلفة تماما يشهدها عالمنا الراهن ..
    بالمناسبة أنا لا أولي أهمية كبيرة للمعارضين من الخارج , فهؤلاء مهما فعلوا يظل دورهم ثانويا.. لذلك أتصور ان الدور الئيسي هو للداخل .
                  

03-15-2011, 01:37 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    مصر, تونس,العراق , ليبيا و السودان(8 – 8) :
    سقوط المعسكر الإشتراكي الناصري .. أم مقدمات للديموقراطية والتحرر في آسيا وأفريقيا ..
    أحمد ضحية – ميريلاند
    مقدمة :
    لا يمكننا – في ظني الخاص- الحديث عن :"ثورة السودان المرتقبة" , دون التعرض لمصدر إلهام أساسي للثورات السودانية, كالمصدر الذي مثلته ثورة علي عبد اللطيف ورفاقه , الموسومة ب: اللواء الأبيض أو ثورة 1924,أي بعد ثورة سعد زغلول في مصرعام 1919بخمسة سنوات فقط!. وهنا في سيرة مصر ,لابد من الإشارة إلى شعار وحدة وادي النيل, في سياق الحديث العام عن ثورة اللواء الأبيض , إستنادا لرؤية دكتور محمد سعيد القدال في كتابه : "تاريخ السودان الحديث".
    فمثلما توقفت دكتورة يوشيكو كوريتا أمام دلالة اللون الأبيض, وما تمثله بالنسبة لهذه الحركة ,التي أتخذته شعارا لها, بما يمثله من إلتباس وتعقيد, لا يقل عن إلتباس وتعقيد شعار"وحدة وادي النيل" ,كما نجد أن هناك دراسة أخرى مفيدة في هذا السياق نفسه هي دراسة دكتور الباقر العفيف:"متاهة قوم سود في ثقافة بيضاء",والتي إهتمت في أحد جوانبها ,بالبحث في النظام الدلالي العربي ,حيث ركز العفيف على دلالتي أبيض وأسود, لفهم - في التحليل النهائي - طريقة عمل العقل السوداني بمعنى (مجموعة تيارات الفكر والثقافة الأساسية وروافدها) .
    فثورة اللواء الأبيض بهذا المعنى, هي محاولة للتخلص من أزمة الهوية الوطنية من ,كما هي الجذر لثورة أكتوبر 1964وأبريل 1985 . وهو ما كانت قد أشارت إليه الباحثة اليابانية يوشيكو كوريتا في كتابها :"علي عبد اللطيف وثورة 1924- بحث في مصادر الثورة السودانية- مركز الدراسات السودانية ,القاهرة,1997".
    أشارت كوريتا في هذا الكتاب إلى ثلاثة قضايا : 1- مفهوم الوطنية عند علي عبد اللطيف.2- دور العناصر الزنجية المنبتة قبلياً ,في المجتمع السوداني بين عشرينات وأربعينات القرن العشرين .3- حياة علي عبد اللطيف نفسه.
    ويشير هنا دكتور محمد سعيد القدال في تقديمه لكتاب يوشيكو كوريتا إلى أنه :" يجب أن نبدأ من إدراك تناقض الحركة الوطنية,وليس فقط بتمجيدها, إذا أردنا التفكير بجدية, في مسألة الوطنية".
    تشير كوريتا والقدال أن عناصر حركة اللواء الأبيض , بأنهم أو: ينحدرون من العناصر الزنجية.. الذين تحرروا من الرق، والذين تعود جذورهم إلى قبائل جنوب السودان وجبال النوبة، ولكنهم استقروا في مجتمع شمال السودان ,بعد أن فقدوا جذورهم القبلية الأصلية ,من طول إغترابهم في الشمال، فلا روابط قبلية ولا تقاليد ولا مهن يركنون إليها، عندما أحس البريطانيون أن جرثومة القومية السودانية ,موجودة بين تلك العناصر، بينما الإنتماء القبلي بين أهل الشمال يصطدم بشكل مباشر, مع المشاعر القومية، ويقف حجر عثرة, أمام إنصهار أهل السودان في بوتقة الأمة. على هذه الخلفية إتخذ الإنجليزالكثير من الإجراءات ,التي عقدت مشكل الهوية في السودان,فيما بعد.
                  

03-15-2011, 01:39 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    يحاول القدال أيضا لفت الإنتباه :إلى ما أثار إهتمام الباحثة اليابانية يوشيكو كوريتا ,بعلي عبد اللطيف ورفاقه. مشيرا إلى ممارسات الإحتلال البريطاني , الذي كان يعاقب بالجلد كل من "يكتب في شهادة ميلاده أنه "سوداني" ,ومع ذلك لعبت تلك العناصر ذات الأصل الزنجي, دوراً قيادياً وبطولياً في أحداث 1924م، مثل علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ وزين العابدين عبد التام".
    تقصت كوريتا إذن دور هؤلاء "المنبتين" في المجتمع السوداني ,وصولا إلى ظهور الكتلة السوداء ,فى أربعينيات القرن العشرين، وتواصل جهدها إلى إنفجار مشكلة السودان في الجنوب ,بشكلها الدرامي المأساوي.
    تكمن أهمية بحث يوشيكو كوريتا في ثورة 1924 في كونها" أخرجت القضية (قضية الزنوج السودانيين,هؤلاء الذين يعج بهم الهامش)من هامشيتها الإجتماعية , الى مركز الصراع الاجتماعي. وكما يشير القدال أنه ليس بالإمكان, أن ينصهر السودان ليصبح أمة، ما لم يتلاش الحاجز ,الذي يطل من فوق أبراجه العالية, أهل الشمال على العناصر الزنجية بإعتبارهم عبيداً، بينما العبودية عبر التاريخ في مفهومها :"وضع اقتصادي اجتماعي وليست صفة عرقية ملازمة للعناصر الزنجية".هذا الفهم الإجتماعي المتخلف هو ما دعا أحد قادة الإسلام السياسي في الخرطوم يقول ما معناه :أنه من الشرف للغرابية أن يغتصبها جعلي – هذا ليس إغتصاب.. عندما أتهمت الحركات المسلحة في دارفور , جيش شمال السودان بإغتصاب النساء , فمرجعية الرجل هنا : ما ملكت إيمانكم ,التي تضرب بجذورها في الوجدان الثقافي العربي, و التي إنبنت على السلب والنهب والغزو,كسلوكيات إجتماعية سابقة للإسلام)
    تحدثت الباحثة يوشيكو كوريتا إذن ,عن بروز تيارين بين دعاة الوطنية السودانية الأول : بقيادة الزعماء الدينيين وزعماء القبائل، وهم الذين قوى البريطانيون من شوكتهم، فملكوا الأرض وارتبطوا بمشاريع القطن، وقالوا بتفويض السودانيين للبريطانيين للتحدث باسم السودان.
    وقادت جمعية اللواء الأبيض التيار الثاني. ومن أجل فهم هذا التيار، ترى الباحثة ضرورة تحليل العلاقة بين جمعيتي الاتحاد السوداني واللواء الأبيض. وناقشت في السياق, الأسباب التي أدت الى انقسام جمعية الاتحاد السوداني، وبروز جمعية اللواء الأبيض، وإختلاف وجهة نظر الجمعيتين بشأن وحدة وادي النيل. وخرجت من تناولها عن ما كان سائداً حول ذلك الخلاف.
    ثم تناولت مفهوم الوطنية عند علي عبد اللطيف. ولأنه من أصل غير شمالي، فقد كان حريصاً على أن تكون الأمة السودانية موحدة تضم أهل الشمال والجنوب. وترى أن هذا الفهم يطرح سؤالاً حول قبول علي عبد اللطيف في جمعية الاتحاد السوداني, التي يقودها عبيد حاج الأمين كممثل لتيار عروبة السودان وتوحيده مع مصر.
    وقبيل استقلال السودان وجد التعبير السياسي لتلك العناصر آخر مظهر له في جمعية الوحدة السودانية (1942)، ثم خلفتها الكتلة السوداء (1948) وتحولت تلك العناصر بعد ذلك لتصبح جزءاً من الطبقة الوسطى في المدن.
    ومنذ بداية الخمسينات من القرن العشرين، انتهى دورهم كقوة مؤثرة سياسياً، وتحوَّل الصراع الى صراع بين الشمال والجنوب. وتواصل بروز هذه الكتلة السوداء ,خلال الانيانيا , وغيرها من القوى الجنوبية وصولا إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان.. كما برز أيضا هذا التواصل خلال
                  

03-15-2011, 01:40 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    الحركات الدارفورية : سوني,اللهيب الأحمر ونهضة دارفور, وصولا للحركات الدارفورية الراهنة.. مثلما تواصل مع حركات جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق,إلخ..
    ثورة اللواء الأبيض إذن تمثل وعيا جنينيا بالهوية الوطنية والقومية السودانية , التي تطلعت إلى ما فشلت فيه المهدية, كثورة دينية تتسم بضيق الأفق بسبب دعاويها , فبعد إنتصارات الثورة المهدية تحول الجهادية السود, الذين كان قد إسترقهم الأتراك والمصريون, وكونوا منهم قوة عسكرية , إنضم هؤلاء الى الصفوف المقاتلة للثورة المهدية , ولعبوا دوراً حاسماً في حروبها الداخلية والخارجية. لكن مع ذلك ظلت علاقة المهدية بالقبائل الزنجية غائمة ,وتأرجحت بين ما سماه دكتور محمد سعيد القدال : «الإنتماء والإغتراب». (في دراسته عن علاقة الدولة المهدية بجنوب السودان في كتاب «الانتماء والاغتراب»).
    نلاحظ هنا أن تناقض المهدية, تمت إعادة إنتاجه في العلاقات الداخلية للحركة الإسلامية ,في موقف الشماليين داخلها من الدارفوريين ,الذين لعبوا دورا حاسما في حربها ضد الجنوب ,والتمكين لأركان المشروع الحضاري, ومع ذلك ظلت علاقة الشماليين داخل التنظيم وفي أجهزة الدولة, علاقة مرضية يشوبها الكثير من الإستعلاء والتهميش والصلف ,ما ترتب عليه بالنتيجة المفاصلة الشهيرة إثر قرارات 4 رمضان. ونهوض عدد من الحركات المسلحة في دارفور, بداية بحركة داؤود يحى بولاد ,مرورا بحركة عبد الواحد , فخليل إبراهيم .
    ونلاحظ هنا أن تجربتي بولاد وخليل , إنتقلت من خانة الحركة الإسلامية,إلى خانة الحركات المسلحة, إنتقال علي عبد اللطيف من الإتحاد السوداني ,وهي تجارب تتقاطع بدورها مع تجربة الزعيم قرنق ,فهؤلاء جميعهم يشتركون في أفريقيتهم السوداء .
    ثورتي: أكتوبر 1964- أبريل1985:
    ثورة أكتوبر لا تختلف كثيرا عن ثورة أبريل, في الأسباب والمآلات أوالمصائر , فالأولى منذ نشوبها حتى الآن ,ظلت مصدر خلاف كبير في تقييمها , بسبب الإنجازات الإقتصادية للفريق عبود ,وهي إنجازات ينطبق مثلها على حكم النميري , في الوقت الذي تفتقر الحكومات التي ترتبت على ثورة أبريل لأي نوع من الإنجازات,بل ساهم خطلها في تعقيد أزمات السودان..
    وكلتا الثورتين: أكتوبر وأبريل كانتا"حركتين سياسييتين ضد نظامي 17 نوفمبر 1964العسكري الإستبدادي الذي حكمه إبراهيم عبود,و ونظام 25 مايو 1969 العسكري الغاشم الذي حكمه نميري, الفرق بين أكتوبر وأبريل أنه في أكتوبر سلم الفريق إبراهيم عبود سلطاته لجبهة الهيئات.. لكن في أبريل خلع الشعب الرئيس نميري, الذي كان مسافرا .ولو كان موجودا لطارد نميري الشعب زنقة زنقة,كما سيفعل البشير لاحقا, فأمثال نميري والبشير, الذين إما تربوا على أيدي عبد الناصر,أو تأثروا بتجربته لا يتنحون! .. وكلتا الثورتين رفعتا شعارات : الإضراب السياسي-العصيان المدني-الإنتفاضة الشعبية الشاملة.
    نتج عن ثورة أكتوبر إذن ,قيام حكومة قومية برئاسة سر الختم الخليفة ,قوامها الاحزاب السياسية والنقابات والهيئات, التي أشعلت الثورة ,التي ترتب على نجاحها (ثورة اكتوبر)قيام إنتخابات عامة في البلاد بعد أشهر قليلة,أفضت هذه الإنتخابات إلى فوز القوى الطائفية(الإتحادي والأمة) بشكل رئيسى, ودخل الشيوعيون والأخوان المسلمين البرلمان.
                  

03-15-2011, 01:41 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    وهو الأمر نفسه الذي حدث بعد أن سلم المجلس الإنتقالي لسوار الذهب,السلطة للأحزاب ,بعد نجاح ثورة أبريل 1985, إذ ترتب على إنتخابات 1986 فوز القوى الطائفية مرة أخرى, إلى جانب الجبهة الإسلامية القومية , وإنحسار نفوذ اليسار بصورة مريعة!. وهكذا بدأ واضحا للمرة الثانية ,أن شعارات أبريل الثورية التي تدعو للتغيير, ستلحق أمات طه , وأمات طه هن شعارات أكتوبر المجيدة.
    فالطائفية وقوى الإسلام السياسي ,في كلتا الثورتين(أكتوبر وأبريل) تمكنت من إجهاض روح الثورة , إذ لم تتمكن لا حكومة أكتوبر أو أبريل ,من حل مشكلة الجنوب .فالتمرد الذي كانت ضراوته قد خفت بعد مؤتمر المائدة المستديرة إبان أكتوبر ,عاد من جديد أشد ضراوة ,حيث لم تستطيع القوي السياسية ,التي استمرت بلجنة الاثني عشر ,أن تضع نهاية سعيدة لمشكلة الجنوب ,رغم تطورها للجنة تضم كل الاحزاب, فاللجنة القومية للدستور,التي وضعت مشروع دستور 1968 إلى أن جاء انقلاب 25 مايو1969,وقلب نميري الطاولة على رؤوس الجميع بدء باليسار مرورا بالطائفية وقوى الإسلام السياسي, وهكذا تم وضع حد ,للتطور السياسي والدستوري السلمى ,مرة أخرى ,فدخلت البلاد من جديد فى دوامات أشد تعقيدا من العنف والعنف المضاد,الذي لم يهدأ إلا قليلا غثر إتفاق أديس أبابا 1972, لتفجره قوى الإسلام السياسي والنميري في 1983,مرة أخرى ,وهكذا أصبح السودان يدور في حلقة مفرغة من ديموقراطية إلى إنقلاب, أو ما أسماه المفكر السياسي الراحل الخاتم عدلان ب"الحلقة الجهنمية" أو "الشريرة" .
    إذن التمرد الذي وعدت قوى أبريل بالتوصل معه لحل جذري ,فشلت في الإيفاء بوعدها. بل أجهضت(بعض قوى أبريل) في إطار التنافس كل المبادرات البناءة , وأتهمت قوى كوكادام ,التي تمثلت روح أبريل في مؤتمرها ,أتهمتهم الطائفية بالعمالة للغرب, فقط لأن إعلان كوكادام قدم رؤية بناءة ضد التمييز والإستعلاء والتهميش ما يتعارض مع العقل الإستبدادي المتخلف للقوى السياسية القديمة !
    ولم تكتفي طائفية أبريل بالفشل في حل مشكلة الجنوب, بل فتحت حربا جديدة في دارفور,مولها حزب الأمة وليبيا. ما فتح البلاد على حروب عديدة, كل منها تلد حربا أشد ضراوة من سابقتها .
    فشل ثورتي أكتوبر وأبريل في حل مشكلة الجنوب- في تقديري- يعود للمشكلة الأساسية, التي مثلت مصدرا لثورة 1924 ,إذ لم تتحقق أية خطوات ملموسة تجاه الوحدة الوطنية أو الهوية الوطنية, كمدخلين لا غنى عنهما ,في بناء الدولة التي حلمت بها بعض قوى أكتوبر , كخطوة صحيحة ,في إتجاه بناء الدولة السودانية الوطنية القومية .
    بمعنى الدولة التي تتبنى شعارات الثورات الحقيقية كالإخاء والمواطنة والحرية والديموقراطية والمساوة والعدالة الإجتماعية والتنمية ,كشعارات نقيضة للإستعلاء والتهميش,إذ لم يكن ممكنا ,تحقيق مثل هذه الشعارات لتصبح واقعا ملموسا ,بسبب التوجهات الطائفية العروبية الإسلاموية الصرفة ,على حساب أفارقة السودان ومسيحييه وكجورييه,وعدم إحترام هذه القوى لواقع التعدد والتنوع.
    في تقديري الخاص أن غياب هذه المفاهيم عن القوى الطائفية والإسلاموية أدى لفشل الوصول إلى حل لمشكلة الجنوب ,كمشكلة تمثل تعبيرا صارخا عن أزمة الهوية الثقافية والحضارية للسودان,بالتالي سقط مشروع أكتوبر قبل أن تسقط حكومة أكتوبر نفسها بإنقلاب مايو 1969.ومثله
                  

03-15-2011, 01:43 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    سقطت شعارات ومشروع ثورة أبريل للأسباب نفسها, إلى جانب العوامل الأخرى كالإقتصاد والفساد,إلخ..
    ثم جاءت الجبهة الإسلامية بإنقلاب عسكري في 30 يونيو 1989 ,على أنقاض الديموقراطية الطائفية, لتبلغ بأحلام وأوهام وأشواق الطائفية وقوى اليمين الأخرى والقوى العروبية الإسلاموية عموما وما تتمثله من مفاهيم إستبدادية وديكتاتورية متخلفة: من إستعلاء وتهميش وفساد,وعدم إحترام لمفهوم الديموقراطية وقيمة المواطنة.. فأفرجت بذلك عن كل ما هو كامن في الطائفية, وبلغت به أقصى حدوده, فكل ما كان ثاويا في وعي هذه القوى– أو لا وعيها الثقافي- ولم تصرح به أفرجت عنه – نيابة عنها-الجبهة الإسلامية ,فوصلت بأزمات السودان إلى منتهاها , حيث يبدو الآن طريق العودة إلى نقطة البداية صعبا ,مالم تقم ثورة حقيقية , تتمثل قيم التغيير التي تنطوي عليها الثورات الحقيقية.
    نعود إلى الأسئلة التي طرحناها في الحلقة الأولى من هذه السلسلة, التي أشرفت حلقاتها على الختام ففكرة هذه السلسلة, ترتكز بصورة أساسية على فرضية أن الإنقلابات التي تلت الحقبة الناصرية, لم تتمكن من تغيير نظم الدول - التي أرسيت دعائمها بإستلهام الناصرية - التي عنت بها هذه السلسلة ممثلة في (تونس,مصر,ليبيا,العراق,والسودان) , بل كانت تلك الإنقلابات بمثابة إعادة الإنتاج لتجربة "الضباط الأحرار" والحقبة الناصرية !..
    وأن الإنهيارات التي تحدث الآن في هذه الدول المشار إليها ,والتي أرتبطت بصورة مباشرة أو غير مباشرة بسطوة الناصرية ,بمثابة الكنس لما تبقى من آثار الناصرية ؟ بمعنى مشابه للإنهيارات التي تخطت حدود الإتحاد السوفيتي, إلى شرق أوروبا,مسقطة لا المعسكر الشرقي فحسب بل هدت حتى جدار بريلين على رؤوس مشيديه, معلنة ميلاد نظم سياسية جديدة! في العالم..
    لكن ,ربما يحدث العكس بأن تعترضها ردة إلى الماضي(كما رأينا في الإنقلابات على أكتوبر وأبريل),التي ذرت رياح الديموقراطية والتحرر وأحلام التغيير,بتسويق الطائفية وقوى الإسلام السياسي, للديموقراطية في هياكل النظم القديمة ! مع الإعتناء بتغييرات شكلية ,لا تتمثل جوهر فكرة التغيير والديموقراطية, اللتان تجتاحان المنطقة الآن!..
    إنتهى.
                  

03-15-2011, 04:44 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

03-16-2011, 03:54 AM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    (*)
                  

03-16-2011, 04:00 AM

Adil Hamza
<aAdil Hamza
تاريخ التسجيل: 09-09-2008
مجموع المشاركات: 1361

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: احمد ضحية)

    *


    نجمة بدون قوسين
    مرور للتحية

    عادل
                  

03-18-2011, 11:17 PM

احمد ضحية
<aاحمد ضحية
تاريخ التسجيل: 02-24-2004
مجموع المشاركات: 1877

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الانتفاضة المصريه وعيوب معارضتينا ( القديمة ) و ( الجديده ) .. عبد العزيز حسين الصاوي ... (Re: Adil Hamza)

    Quote: *


    نجمة بدون قوسين
    مرور للتحية

    عادل

    شكرا جميلا الصديق
    والاستاذ عادل حمزة
    على النجمة
    زمان كنا بنغني مع إبراهيم حسين "نجمة ..نجمة الليل نعدو"
    هسه بقينا نغني "زنقة .. زنقة.. الليل نعدو"
    وسمعت انو برضو في "راب أمريكي جديد" إسمو : حيطة .. حيطة .. وهكذا....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de