|
|
 بروفسور/ بلقيس بدري: فكرة إستفتاء لإقليم أو ولايات في دارفور هي سيناريو فتنة
|
فكرة إستفتاء لإقليم أو ولايات في دارفور هي سيناريو فتنة
فلنتفق أولا على نظام الحكم ونوع النظام الفدرالي قبل الإستفتاء
بروفسور: بلقيس بدري
إن مسألة الإقليم والولايات هي أمور تتعلق بشكل الحكم في السودان ، تم الإرتضاء على نظام الحكم الفدرالي في السودان منذ وقت طويل، كما وأن تاريخ السودان يؤكد أن السودان هو عبارة عن إتحاد لدويلات أو تجمعات تم منحها صفة الدولة الواحدة عام 1821.
عليناأن نتوافق في رأي علي الاتي:
أولا: أن نشير بوضوح في الدستور بأن جمهورية السودان فدرالية وديموقراطية.
ثانيا:
إن الفلسفة من وراء فكرة نظام الحكم الفدرالي هو:
1. تقصير الظل الإداري وتوسيع قاعدة المشاركة
2. إدارة التنوع في البلاد بتوزيع عادل للسلطة وضمان أن كل الكيانات الثقافية والإثنية لها فرصة المشاركة السياسية ووضع دساتير وقوانين تتلاءم والتنوع الموجود
3. إستنهاض همة المواطنين للتنمية والمشاركة فيها بوضع السياسات والخطط والبرامج وتنفيذها ومتابعتها
4. ضمان الشفافية والمحاسبة وتقليص المحسوبية والفساد.
5. الإدارة الجيدة والتخطيط الجيد على المستوى الإقليمي والفدرالي وتوزيع الموارد بعدالة على المناطق الأقل تنمية أو نمو أو قدرات بشرية.
6. ضمان نظام يجعل مشاركة الإقاليم على المستوى الفدرالي بصورة عادلة ومتوازنة معبرة لطموحات ولكيانات متعددة في الإقليم .
إذن إذا كانت تلك أهم مقاصد النظام الفدرالي فهل يمكن تحقيقها عن طريق التفكير في أن السناريو إما إقليم أو خمس ولايات – أم أن التفكير السديد هو الجمع بين الخيارين لأن تحقيق المقاصد يتحقق عن طريق الجمع وليس عن طريق الفصل وسأوضح كيف يمكن أن يتم الجمع دونما زيادة في الأعباء المالية لهذا الجمع.
ثالثا:
1. توزع دارفور وكل السودان إلى أقاليم ويصبح السودان به خمس أقاليم هي دارفور-كردفان-الشرق-الأوسط-الشمالية، بعد أن إنفصل الجنوب.
2. العاصمة القومية تقلص حدودها ويذهب الجزء الريفي منها للولاية التي يتاخمها وبالتالي تتبع أجزاء منها للإقليم الشمالي والاوسط وكردفان.
3.إقليم دارفور يقسم إلى خمس ولايات.
4. في رأي الإقليم الأوسط يصبح بثلاث ولايات النيل الأزرق – الجزيرة –والنيل الأبيض" توزع سنار بين النيل الأزرق والأبيض والجزيرة لأن التنوع فيها قليل والظل الإداري كذلك.
5. الإقليم الشمالي يكون دون تقسيم لولايات لأن التنوع به قليل وكذلك الولاءات القبلية المتعصبة وكذلك عدد السكان.
6. من الأفضل أن تسمى تعتبر الولايات محافظات على راسها محافظ وليس والي – ولها مجلس تشريعي للمحافظة بهذا نقلل الإنفاق بقيام وزارات.
7.الحكم المحلي لابد من إنجازه بوجود المحليات والمجالس التشريعية المحلية وقانون الحكم المحلي، ويمكن مراجعة عدد المحليات.
رابعا:من شأن هذا التعديل أن يقلص التكاليف المالية بحيث يصبح منصب المحافظ عملا مثل الوالي ولكن إمتيازات مثل المحافظ سابقا ويرأس المحلية معتمد.لا يكون للمحافظة حكومة تنفيذية ولكن مدراء بدل وزراء وتسمى " الوزارة" الحالية مديرية الصحة، التعليم إلخ. أو أي أسماء أخرى.دونما تقليل من الخدمات والتنمية وتقليص الظل الإداري وإنما فقط تقليص الإنفاق والصلاحية المطلقة للوزراء في الوضع الحالي. الإبقاء على المجالس التشريعية هو الأهم من أجل أن يقوم المواطنون بوضع وإجازة القوانين الملائمة لهم وبوضع السياسات وإجازة الميزانيات على مستوى المحافظة ومن محاسبة العاملين بالخدمة المدنية وعلى المشاركةفي صنع الخطط التنمويةومتابعة الخطط وتنفيذها.
إذن المجالس التشريعية على مستوى المحافظة والمحليات أمر هام لابد أن لا نلغيه لأن ذلك يضمن لنا المشاركة القاعدية ويضمن السلام الإجتماعي.
خامسا:هذه الأقاليم تكون لها حكومات وحاكم أو والي ومجلس تشريعي للإقليم – هذه الحكومة الإقليمية هي التي تضع الخطط التنموية والسياسات العامة للإقليم والتشريعات ذات الطابع العام لكل الإقليم.
هذا المستوى هام من أجل أن يكون هناك تواصل وترابط وتبادل بين إمكانيات المحافظات وقدراتها البشرية ومن أجل وضع البنيات التحتية على مستوى الإقليم والمشروعات التنموية الكبرى للإقليم. وكذلك للحديث بإسم الإقليم وتمثيله على المستوى الفدرالي.
سادسا: وفي هذا السناريو الجمع بين الإقليم والولايات/المحافظات أود أن أتحدث بشيء من التفاصيل حول كيف يمكن أن يؤدي ذلك إلى حل مشكلة دارفور عبر الآتي:
1. حكومة إقليم ومجلس تشريعي يتم إنتخابه بواسطة سكان كل الإقليم .
2. إنتخاب والي الإقليم أو حاكم الإقليم عن طريق مجالس الولايات ومجلس الإقليم . هم الذين ينتخبون الحاكم (( الوالي)) للإقليم. وأن تكون حكومة الإقليم ممن يمثلون كل الولايات عن طريق وضع قانون إنتخابات يضمن ذلك.
3. تكوين البنك الإقليمي : بنك إقليم دارفور للتنمية – ويختار مدير البنك كل ثلاث سنوات من مواطني أحدى الولايات "المحافظات" وحتى يتم الإستقرار في الإقليم بعد خمسة عشر سنة . يمكن أن يستغنى عن هذا النظام الدوري على تلك الاسس إن رأوا ذلك.
4. تكوين مفوضيات كالآتي : لحل النزاعات ، الأراضي ، التعويض، الدستور – حقوق الإنسان إلخ من ممثلين لكل الولايات ومحلياتها، يرأس كل مفوضية شخص من محافظة/ ولاية مختلفة .
5. تكوين محكمة عليا للإقليم ، يرشح أعضائها من مجالس المحافظات/ الولايات ومجلس الإقليموالمجتمع المدني والإدارة الأهلية.
6. تكوين المجلس الأعلى للإقتصاد والتنمية من ممثلين لكل الولايات/ المحافظات والمحليات.
7. تكوين المجلس الأعلى للموارد البشرية أو للسكان.
8. تكوين المجلس الاعلي للحقيقة والمصالحة من قادة الادارات الاهلية وغيرهم من النخب يتبع له محفظة لتمويل الاعسار عن التعويضات من اجل ضمان تحقيق المصالحة والسلام بين القبائل.
كل ذلك من أجل ضمان تمثيل المجموعات الإثنية في دارفور والكيانات الحزبية والأهلية والمجتمع المدني والنخب والقطاع الخاص والشباب والمرأة والحركات المسلحة إلى حين أن تصبح أحزاب حتى نضمن أن التنوع قد تمت إدارته عن طريق تمثيل الجميع في كل أنواع السلطة على المستوى الإقليمي بدرجة مثلى.
سابعا: لابد من عدم تجزئة القضايا والإجابة على التساؤلات الخاصة بنظام الحكم في السودان إذا أردنا حل قضية دارفور بالإتفاق حول :-
1. هل النظام رئاسي ببرلمان ومجلس وزراء
2. رئاسي وبنائب ومجلسين تشريعيين ورئيس وزراء
3. مجلس رئاسي مكون من خمسة يختارون بواسطة أعضاء المجلس.
أي نظام نختار مثل الفرنسي ، التركي ، الألماني إلخ.
المهم ليس نوع النظام وإنما إلى ما ذا يؤدي و نرغب في أن يكون نظاما يقلص من حكم الفرد الواحد وتسلطه. يحقق الحرية وإحترام حقوق الإنسان وكرامته، يحارب الفساد والمحسوبية ويتسم بالشفافية – نظام يوقر ويرسخ مباديء الحكم الراشد من سيادة حكم القانون والديموقراطية – ويدير التنوع بكفاءة ودستورا يؤكد على ذلك ويحققه، ومجلس وزراء يصنع خططه وسياساته من خلال المشاركة الواسعة من المواطنين ، ومجلس يؤتمن على صيانة المال العام وعلى إنجاز ما يتم الموافقة عليه من قبل مجلس تشريعي منتخب عبر إنتخابات حرة نزيهة.نظام حكم ستتم حمايته بواسطة "مجلس" رأس الدولة ويقسم على صونه الجيش وقائده الأعلى.
من بعد أن يتم التوافق على نظام الحكم والنظام الفدرالي فرضا كماإقترحت بأقاليمه الخمسة ومحافظاته وعددها والإتفاق على كيفية إختيار حكامها و محافظيها وأسماء محلياتها وقوانين الفدرالية المالية وقوانين الحكم المحلي ودساتير المحافظات والإقليم – بعد أن نتوافق على ذلك بصورة عامة – لن يكون هناك تخوف من أن تكون دارفور إقليم أو أن ذلك بالضرورة خطوة نحو الإنفصال أوأن يحدث تشرذم للسودان. لن يحدث ذلك إذا حققنا ديموقراطية حقيقية ، وأسسنا لنظام الحكم الراشد وأدرنا التنوع بإدراك، دون هيمنة أو إقصاء أو تعالي من أدنى مستوى إلى أعلى المستويات الإدارية في سلسلة نظام الحكم – والتعليم والإعلام والمجتمع المدني والأهلي ، بإختصار إذا إستطعنا أن نؤسس لدولة السودان لن نتحدث عن إماإقليم أو خمس ولايات لدارفور ولن يصيبنا الفزع من أن الإقليم سيؤدي إلى الإنفصال .
ثامنا:علينا أن نعي لماذا إنفصل الجنوب وهل لأنه حصل على إقليم أو حصل على حق تقرير المصير أو لأسباب أخرى متمثلة في فشلنا في إدارة التنوع ، فشلنا في تحقيق أسس الحكم الراشد ، فشلنا في تحقيق تنمية متوازنة وعادلة وإقتصاد يوفر فرص العمل ويتسم بعدم الإحتكار والفساد ، إعلام حر يمثل التنوع ويحترمه ، تنوع ثقافي وإجتماعي وسياسي وفكري، وتعليم يعبر عن التنوع دون هيمنة لفكر أو ثقافة أو إثنية.
إذا لدارفور وغيرها أن تبقى ولا تنفصل لا يكون ذلك عن طريق تجزئتها وخلق الصراع بداخلها وتزكيته – لقد فعلنا مثل تلك السياسات والأفعال حينما قسمنا جنوب السودان من إقليم إلى ثلاثة ولايات ثم إلى عشر ولايات وخلقنا كل أنواع الفتن الداخلية وقسمنا الجبهة الواحدة إلى جبهات ووقعنا عدد من الإتفاقيات لنقوي من الصراع الداخلي وفرضنا لغة عربية وثقافة عربية – وكل ذلك لم يأت بنتيجة الوحدة وإنما كان الإنفصال – فلنستفيد من الدرس ولا نعيد سناريو الجنوب في دارفور عن طريق الحديث عن إما إقليم أو خمس ولايات.
تاسعا:اقترح المستوى القومي أن يتم الترشح للمجلس التشريعي على المستوى القومي – وإختيار ممثلين لمجلس الأقاليم القومي من خلال إنتخابهم بواسطة مجالس ولاياتهم محافظاتهم ومحلياتهم – وعليه تبدأ عملية الإنتخابات من الأسفل إلى الأعلى أي المستوى المحلي المحافظة/ والولائي والإقليمي ثم بعدها المستوى القومي لإنتخابات رئاسة الجمهورية ، وينتخب البرلمان القومي رئيس الوزراء الذي يكون حكومته – وتنتخب مجلس الاقاليم والمحافظات والولايات نائب رئيس الجمهورية أو مجلس الرئاسة من خمسة أشخاص إذا إتفقنا على عدم وجود رئيس جمهورية فرد واحد منتخب مباشرة وإنما مجلس منتخب من مجلس الولايات – فإذا كان عدد الولايات 15 بعد زيادة إثنين (2) بدارفور وتقليص إثنين آخرين ، يكون المجلس القومي للمحافظات والاقاليم مكون من 55 ، 3 من كل ولاية واثنين من كل اقليم، ينتخبون 5 أعضاء لمجلس الرئاسة ممن يتم ترشيحهم بواسطة مجالس الولاياة/المحافظة ومجالس الاقاليم التشريعية في كل السودان – ونظام المجلس الرئاسي هو الأمثل للسودان.
فمن الأفضل عدم الإنتخاب المباشر بواسطة كل الناخبين حتى يمكن تقليص الصلاحيات وإنما هو مجلس من أجل حفظ هيبة ووحدة الدولة وإن إتباع النموذج الألماني فهو الأمثل لنا نسبة لأن تاريخ تكوين دولة ألمانيا هو مشابه لتكوين دولة السودان والنظام الفدرالي بها هو الأنسب لنا.
أرجو أن يتم التراجع عن فكرة الإستفتاء حول أي من الخيارين فإن رفضها أو رفض نتيجة الإستفتاء يعني إستمرار التمرد ضد الحكومة المركزية وأخشى أن ينتقل من تمرد ضد السلطة ونظامها وضد التهميش إلخ ومطالب محدودة ليصبح حرب تحرير بحق وحقيقة وهذا يعني بداية الإنفصال.
|
|
 
|
|
|
|
بكري الخير
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست