النوبة -- الأصول والجذور والمنابت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-22-2024, 04:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2011م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-12-2011, 07:56 AM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النوبة -- الأصول والجذور والمنابت

    الباب الأول

    الأصول والجذور والمنابت•


    زاد الاهتمام ببلاد النوبة وحضاراتها القديمة والوسيطة والمعاصرة خلال القرنين التاسع عشر والعشرين وبلغ ذروته عقب النداء العالمي لإنقاذ آثار النوبة في مارس 1960م لدى الشروع في بناء السد العالي بمصر.
    • الحصيلة البارزة لهذا الاهتمام وجهود العديد من البعثات العلمية وأجيال من علماء الآثار الأجانب والوطنين كانت ولا زالت كشف النقاب عن بعض جوانب عظمة تلك الحضارات ومنجزاتها الثقافية والمادية ورسم صورة عامة عن سيرورتها تواتراً وانقطاعا، واتصالا وانفصالا وهي تشكل على مهل خريطة الهوية الحضارية والثقافية السودانية في الزمان والمكان والوعي.
    • مخلفات العصور الحجرية القديمة والوسيطة والحديثة وجدت في سائر مناطق السودان من حلفا شمالاً إلى سنجة جنوباً ومن البطانة شرقاً إلى الفاشر غرباً.
    • العناصر البشرية التي كونت حضارات تلك العصور عناصر زنجية أصيلة وهنالك إجماع مطرد بين علماء الآثار والتاريخ والتشريح بأن الهياكل التي تم العثور عليها في منطقة القرن الأفريقي وعند جبل الصحابة شمال حلفا تنتمي للإنسان العاقل الأول (homo sapiens) وهذه الهياكل موجودة حالياً بجامعة ساوث ميزودست بأمريكا فيما ترك هيكل واحد لمتحف الخرطوم الحالي.
    • التآلف الفريد لخاصية الموقع والموضع وبيئة السافنا الغنية والمتنوعة حينذاك مكنت أسلافنا المضي قدماً في مسارهم لآلاف السنين دون انقطاع محكومين فقط بفعالية قوانين الانتخاب الطبيعي (Natural Selection) والتطور الاجتماعي التي ألزمتهم القيام بالمسيرة الحتمية الموحشة والدامية التي حولتهم من كائنات بيولوجية بسيطة إلى كائنات اجتماعية صانعة للحضارة والثقافة والتاريخ.
    • في أواخر العصر الحجري وحوالي 3100 ق.م أقامت ذات العناصر ثلاث مجموعات حضارية جديدة في شمال السودان على قاعدة اقتصاد طبيعي وتحول بطئ للزراعة شكل الأساس المادي الحاسم للثقافة النوبية وتبلورها اللاحق في كرمة وكوش وقد وجدت آثار هذه المجموعات في النوبة السفلى والعليا ومنطقة أمدرمان بمعناها الأثري الواسع.
    • إلى الجنوب من منطقة حضارات المجموعات النوبية الثلاث ظهرت حضارة كرمة التي امتدت من الشلال الثاني إلى جنوب أرقو واكتسبت دور الرواق التجاري والمركز الثقافي بين وسط وشرق أفريقيا ومصر ولا زالت حضارة كرمة رغم مخلفاتها المادية المعروفة تحتضن الكثير من الأسرار والكنوز التي تنتظر المزيد من جهود المسح والحفر والتنقيب والتحليل سداً لبعض الثغرات المعرفية واستدراكا لجوانب لازالت غامضة خفية.
    • مرحلة المجموعات الحضارية الجديدة وحضارة كرمة شهدا اتصالا متعاظماً مع مصر وتفاعلاً مع العناصر المادية للحضارة المصرية في عصر ملوك الأسرات وربما هجرات من الشمال لجماعات تنتمي للعنصر البشري الذي ساد مصر في عصر ما قبل الأسرات علاوة على غزوات وعمليات إلحاق وضم للنوبة السفلى حتى منطقة الشلال الثاني.
    • عقب دخول الهكسوس مصر أرغمت المملكة المصرية الوسطى على إخلاء النوبة وتزامن ذلك مع انتقال مركز الحضارة النوبية إلى دولة كوش بجناحيها في نبتة ومروي.
    • التحليل العلمي العميق يسمح بتلمس العنصر الأساسي في هذا الانتقال في التحول من البداوة أو شبه البداوة إلى نمط الإنتاج الزراعي واقتران ذلك بالسبق أو المعية باكتشاف تقنية صهر المعادن وتطور صناعة الخشب والمعمار وأساليب الري وهندسة الساقية التي أحدثت تغييراً عميقاً في مجرى التطور الاجتماعي والثقافي النوبي لازالت أثاره ماثلة في الكثير من أوجه الحياة النوبية المعاصرة.
    • هندسة الساقية بتمحورها حول فكرة التروس كانت تطبيقاً خلاقاً وغير مسبوق لقانون نقل الحركة واستخداما عملياً لها حتى لو لم تكن وليدة فروض نظرية لأن العلاقة بين النظرية والممارسة كما صاغتها البشرية بعد جهد جهيد علاقة متبادلة حيث تمهد الممارسة أحياناً الطريق إلى النظرية كما أن النظرية تفتح الباب دوماً أمام التطبيق وتحقق أهدافاً عملية بل وتفتح آفاقاً جديدة ما كان يمكن الوصول لها من قبل.
    • مع الساقية بدا فصل جديد في علاقة النوبي بالطبيعة ومحيطه الايكولوجي. إذ تمت السيطرة نسبياً على بيئة النيل الفيضية والتغلب على نزواتها وجموحها وجنوحها، فصار الري وفيراً على مدار الساعة وطوال العام واتسعت الرقعة الزراعية وتنوعت التركيبة المحصولية وتعاظمت الفوائض الإنتاجية ونشأت دورات تبادل داخلي وخارجي جديدة امتدت إلى أعماق القارة الأفريقية وشبه الجزيرة العربية والهند ومصر وغيرها من الأقاليم المتوسطية.
    • اقتصاد الساقية وفر الأساس المادي لعلوم الأرض والتربة والمساحة والسماد والمناخ والحساب والتقويم علاوة على ابتكار الأبجدية المروية وإرساء مقدمات فنون وعلوم حفظ الغلال وصناعة الطعام.
    • مع الساقية انتظمت حركة الحيـاة وفق قواعـد وأشكـال واضحة لتقسيم العمل وعلى تخومهـا اصطفت حرف الحدادة والنجارة والدباغة والفخار والنسيج والصناعات المنزلية (Cottage industries) كأنشطة مكملة لاحتياجات الاستهلاك وضرورات التبـادل السلعي والإستحواز على الفوائض من قبل الحكام والملوك.
    • الأثر الانتخابي البيولوجي والاجتماعي والثقافي للساقية يتجلى في إحلال طاقة الحيوان محل طاقة الإنسان والتحرير النسبي لليد من عبودية الشواديف ووسائل الري البدائية الأخرى التي تستوعب كل الطاقة الحيوية للإنسان مدى الحياة وتثوير مفهوم الوقت الضروري للإنتاج والإبداع الفكري والفني والروحي.
    • زوال مملكة مروي على يد الأكسوميين ولأسباب أخرى داخلية تلتها فترة غامضة لا زالت موضع أخذ ورد بين العلماء ولكن الثابت والجوهري هو أن الجرح النوبي سرعان ما انغلق على ذاته واستأنف مسيرته الظافرة التي توجت بتكوين ممالك علوة والمقرة ونوباتيا على ذات قاعدة اقتصاد الساقية وعلاقاتها المزدهرة.
    • علوة والمقرة ونوباتيا كانت ممالك وثنية في وقت أحاطت فيه المسيحية بها من إثيوبيا في الجنوب ومصر في الشمال ويذهب رأي غالب العلماء إلى أن النخب النوبية الحاكمة وذات السطوة كانت البادئة بالتحول للدين الجديد ثم تسارع الانتقال للمسيحية مع وصول البعثات التبشيرية البيزنطية وغيرها في سياق التنافس بين المذهب الملكاني واليعقوبي ورغبة الإمبراطور جستنيان في إحكام سيطرته على وادي النيل الأوسط وطرق القوافل التجارية واتخاذ كل من بلاد النوبة ودولة أكسوم كمعبر للسيطرة على اليمن المتحالفة آنذاك مع الدولة الفارسية.
    • اعتناق الممالك النوبية الثلاث للمسيحية تزامن مع الفتح الإسلامي لمصر في القرن السابع الميلادي وأورد البلاذري في فتوح البلدان أن طلائع الجيوش العربية وصلت أسوان وبلاد النوبة بعد وقت قصير من فتح مصر.
    • ابتداء من عام 652م توالت محاولات ضم وإخضاع النوبة ودارت معارك رهيبة بين الجانبين انتهت بإبرام معاهدة البقط والتي كانت عهداً سياسياً وتجارياً أميز ما فيه كما ورد في كتاب المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار "للمقريزي:
    "عهد من الأمير عبدالله بن سعد بن أبي السرح لعظيم النوبة ولجميع أهل مملكته ... من حد أرض أسوان إلى حد أرض علوه ... أن تدخلوا بلادنا مجتازين غير مقيمين وندخل بلادكم مجتازين غير مقيمين ... وعليكم في كل سنة 360 رأساً تدفعونها للمسلمين من أواسط رقيق بلادكم غير المعيب ... (ويدفع) إليهم ألف إردب قمحاً ومن الخمر ألف أقنين ... ومن أصناف الثياب مائة ثوب ..."
    • بين 580 و652 من الميلاد أتحدت مملكتي نوباتيا والمقرة وكونتا مملكة دنقلا وكان مبعث هذه الخطوة التوحيدية الوقوف في وجه المطامع العربية في أفريقيا بل والزحف شمالاً كما حدث في 745م و962م حيث أحتل النوبيون صعيد مصر حتى أخميم واستمر تفوقهم لزمن طويل حتى تمكن صلاح الدين الأيوبي من إخراجهم من مصر في 1170م.
    [/
                  

02-12-2011, 09:22 AM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)

    • على الرغم من أن الصدامات مع مصر لم تنقطع إلا أن الشواهد الأثرية والمصادر التاريخية تشير إلى أن الفترة الممتدة من إبرام البقط وحتى القرن الثاني عشر الميلادي كانت أزهى عصور النوبة المسيحية وأهم مؤشراتها الكثافة السكانية ووفرة السلع الزراعية والزيادة في حجم التبادل التجاري مع مصر والتوسع العمراني وخاصة الدور الملكية والكنائس في كل من دنقلا وسوبا التي أفاض إبن سليم وأبو المكارم واليعقوبي في وصفها في مؤلفاتهم وسيرهم التاريخية عن بلاد النوبة.
    • التنافس بين المذهب الملكاني واليعقوبي في النوبة أنعكس أيضاً على اللغة إذا كانت الفرسكات (Frescoes) والنقوش المدونة والنصوص التأسيسية والأدعية على شواهد القبور والكنائس باللغتين اليونانية والقبطية التي نشرها الأقباط الهاربين من الاضطهاد الديني وتعلمها النوبيون في الأديرة أما اللغة النوبية نفسها فقد اتخذت شكلاً مكتوباً بعد 795م حسب النقوش التي وجدت في كنيسة الأعمدة الجرانيتية بدنقلا ومخطوطات قصر إبريم وما ذكره إبن سليم الأسواني من أن أهل علوة قد ترجموا الطقوس الدينية إلى اللغة النوبية إلى جانب استخدامهم لليونانية.
    • الاستقرار والازدهار النسبي للممالك النوبية المسيحية بعد اتفاقية البقط لم يحولا دون توغل العرب وإقامتهم في بعض أنحاء بلاد النوبة وخاصة بين حلفا وأسوان ودنقلا ومن الهجرات الكبرى الأخرى التي شهدها الإقليم النوبي انتقال نشاط بني الكنز من أسوان لدنقلا في العصر الأيوبي واندماجهم ومصاهرتهم لملوكها حتى انتزعوا الحكم في 1323م.
    • لعب المماليك دوراً كبيراً في تقويض الممالك النوبية وفي زعزعة بناها السياسية والاجتماعية والسلالية ابتداء من عام 1520م حين وصلت قوة الكشاف لبلاد النوبة في عهد السلطان سليم باشا واحتلت المنطقة الممتدة من أسوان حتى صاي ثم جنوباً إلى كرمة وعاثت فيها فساداً وإرهابا ونهباً للفوائض طوال ثلاث قرون واكتملت حلقــات الدمـار بوصول فلول المماليك الهاربة من بطش محمد علي قبل وبعد مذبحة القلعة في 1812م واستقرارها في منطقة دنقلا ومروي وأرقو وغيرها.
    • بمرور الوقت وأمام صلابة البنية الثقافية النوبية وقدرتها الفذة على تصفية وامتصاص جميع الموجات الوافدة ولأن المماليك وقوة الكشاف جاءت من خلفيات فلاحيه في أوطانها الأصلية شبيهة بالبيئة الزراعية والقروية النوبية، سرعان ما جرى استيعابها في النسيج العام وتنوبت وذهبت في التكوين النوبي دون إخلال بالأصل القاعدي الجنسي والسلالي وأصبحت مصدر غنى وتنوع وإثراء لكافة جوانب الحياة النوبية. أما العناصر العربية المقيمة في النوبة فقد حافظت على أنماط حياتها الموروثة وعاشت في المناطق غير المعمورة ولكن ضرورات التبادل والعيش المشترك أرغمتها على التنوب خلال المراحل التاريخية الأخيرة واندمجت كغيرها في النسيج النوبي العام وفقدت لغاتها وثقافاتها الأصلية.
    • الحقبة المسيحية النوبية هي الأفضل توثيقاً والأغنى محصولاً من حيث المصادر والمدونات النصية والأثرية الثابتة والمنقولة باستثناء حقبة مملكة علوة المسيحية التي لا زالت تتنادى لها جهود وعقول علماء الآثار في الداخل والخارج رغم شح الموارد وانصراف الدولة السودانية عن دعم وتشجيع علماء الآثار والتاريخ الوطنيين والأجانب.
    • انهيار مملكة المقرة في القرن الرابع عشر ومملكة علوة المسيحية أوائل القرن السادي عشر الميلادي وقيام سلطنة الفونج الذين يعدهم أسبولدنج جماعة نوبية متأسلمة آذن بافتتاح فصل كامل من الأسلمة والتعريب العفوي والسلمي في وسط البلاد وداخل الجماعة النوبية التي أغتصب الفونج أرضها كما ورد على لسان الشيخ إدريس ود الأرباب في طبقات ود ضيف الله .. (ص ـ 60).
    • سلطنة الفونج تأسست لهذا الحد أو ذاك في سياق الصراع على السلطة داخل وخارج الجماعة النوبية ولم تتخذ طابعاً دينياً إلا في أواخر عهدها طمعاً في اكتساب وضع دار الإسلام لدرء مطامع دولة المماليك والأتراك في مصر.
    • الانتشار العضوي الأسموزي للإسلام أولاً وللعربية لاحقاً تم من خلال الهجرات العربية والإسلامية للسودان بمختلف الدوافع ولكن النخب المحلية النوبية ساهمت بل وتولت ـ بصورة تزيد أو تنقص ـ الدعوة للدين الجديد دون إخلال بالمكونات المادية لثقافتها وأنماط حياتها.
    • الجماعات العربية والإسلامية التي وفدت للسودان قبل وبعد البعثة المحمدية لم تكن حاملة لحضارة مادية خارج اللغة والدين، لذلك بقدر ما أسهمت في أسلمة وتعريب قطاعـات واسعة من السكان الأصليين بقدر ما تمت سودنتها حضارياً وثقافياً واندمجت في الأساس الجنسي القاعدي الزنجي والمتزنج.
    • جماعات الأساس السوداني التي تحولت للإسلام واللغة العربية بكامل أنماط حياتها المادية ونظمها الاجتماعية والثقافية وتصورتها التمثيلية الجماعية (collective representations) بكل حمولاتها الطوطمية والوثنية والمسيحية أفرزت الإسلام الشعبي السوداني والعامية السودانية بخصائصها النوعية الفريدة..
    • الإسلام الشعبي السوداني هو حصيلة تفاعل الدعوة الجديدة مع ثقافات الأساس السوداني وتمثل ولا زال في استلال الجوهر الروحي العميق للإسلام واختزاله في بضع أوراد وأدعية ومدائح ورواتب بواسطة مؤسسات الخلوة والطريقة والطائفة ورموزها من الفقهاء والفقراء والأولياء والمهديين والخلفاء وهو إسلام بالغ السماحة والمرونة أتاح حتى للموتى حيزاً يتحركون ويتناغمون فيه مع الأحياء.
    • أبان الحكم التركي ومروراً بالمهدية والحكم الثنائي والوطني توسعت حركة الأسلمة والتعريب القصدية والعفوية بواسطة الدولة وأجهزتها ومؤسساتها دون أدنى اعتبار لثقافات ولغات جماعات الأساس السوداني التي تمتد جذورها وتترامي عبر الماضي وخلال التاريخ.
    • بانهيار دولة المهدية وقيام دولة الحكم الثنائي بعد الفتح 1989م ألتحق السودان بقطب الحداثة الغربية وفق إستراتيجية محكمة لتغيير مجرى التطور الداخلي ونقل زمام الأمور للخارج في ذلك الوقت وكل وقت على المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي وذلك من خلال البني الهياكل والأجهزة والمؤسسات الحديثة التي أقامها المستعمر.
    • هكذا نشأت ظاهرة تعدد أنماط الإنتاج في السودان وتعدد الأنساق الثقافية والاجتماعية المرتبطة بها والمتطابقة معها فصار الفضاء الثقافي ساحة لتصادم وتعايش ثلاث دوائر ثقافية كبرى هي دائرة ثقافات الأساس السودان (Core Cultures) وعلى رأسها الثقافة النوبية ودائرة الثقافة العربية التي تشكلت عبر الهجرات والأسلمة والتعريب ودائرة الثقافة الغربية التي انخرطنا فيها خلال القرن العشرين.
    • هذا التعدد والتنوع في الأصول والمنابت والخصوصيات والمؤثرات الثقافية لا يمكن تجاوزه بالإنكار أو الخداع الأيديولوجي أو القسر والإكراه وإلاّ انتقلنا من منطق السياسة إلى منطق الحرب والاقتتال كما حدث في العقود الماضية.
    • الاعتراف الحقيقي بالعموميات التي تجمع بين سائر مكونات الهوية السودانية والخصوصيات والتفاصيل التي تتمايز بها كل جماعة عن سواها يصدر عن الاعتراف بتنوّع صور وأشكال الحياة والثقافة واللغة والمعتقدات التي صاغتها كل جماعة وتكوين قومي على مهل طوال آلاف السنين، خلال المسيرة الإلزامية التي حوّلتها من كائنات تعيش في جماعة إلى كائنات صانعة للمجتمع تعيش فيه.
    • بهذا الفهم نتجاوز الدرك والانحطاط السياسي والفكري والأخلاقي الذي انحدرنا له مع سلطة الإنقاذ وحكومات الانغلاق والتعصّب العرقي والأيدلوجي في السودان ونخرج من دائرة الحرب والاقتتال على الهوية إلى رحاب الوحدة المدركة لذاتها ومحيطها الإنساني بمعناه الواسع.
    • بهذا الفهم أيضاً تستأنف عملية الاندماج والانصهار الوطني العفوي والتلقائي مسيرتها الحتمية بشكل قصدي ومخطط ومدروس لحمته وسداه الاعتراف المتبادل بتعدد مصادر الهوية الوطنية وحق كل منها في التعبير عن نفسها سياسياً وثقافياً على قدم المساواة وحضورها الفاعل على المستوى التعليمي والإعلامي والثقافي في المركز والأطراف والحفاظ على خصوصياتها اللغوية والثقافية وتطويرها بكافة الوسائل والأساليب الممكنة وبدعم كامل من الدولة.
    • ولأن الثقافات واللغات لا تزدهر إلاّ في بيئاتها الأصلية ولأن مستوى التطور الثقافي مرهون بالتطور الاقتصادي والاجتماعي ولا ينفصل عته، لا بد من تمكين كل جماعة أثنية من تولّي زمام أمورها في موطنها الأصلي من خلال ولايات تتمتع بأشكال مرنة واسعة من الحكم الذاتي في إطار صيغة الحكم الفيدرالي الواردة في اتفاقيات السلام المختلفة وغيرها من الصيغ التي يمكن التوافق عليها مع سائر الجماعات والقوميات السودانية الراغبة والمتطلّعة لحكم نفسها بنفسها.
    • من نافل القول أن حماية الحقوق الثقافية لجميع التكوينات القومية والاجتماعية يمر عبر بوابة النمو المتوازن والمتكامل لسائر أقاليم السودان، وتوحيد السوق الوطنية كأداة ناجعة لصهر كل الجماعات والثقافات في بوتقة واحدة وخلف هوية سودانية واحدة بوجوه متعددة وملامح وقسمات متنوعة تحمل أرفع ما في موروثاتنا من مآثر وقيم معيارية إنسانية.
    • وفيما يتعلق بالموقف من العقائد والأديان ندعو على ضوء تجاربنا المريرة في السودان خلال القرن الماضي على التمييز الواضح بين الدين كعقيدة ميتافيزيقية والدين كظاهرة وتجربة اجتماعية وتاريخية ملموسة وإلى التمييز الكامل للبني السياسية عن البني الدينية واعتبار شئون البشر من حكم وإدارة وتنمية مجالات منزوعة القداسة وخاضعة للاجتهاد البشري المحض والتجريب والتعلم من المحاولة والخطأ والاستفادة من خبرات وتجارب جميع الشعوب في هذا المجال.
    • دلت تجاربنا في السودان كذلك أن كل الدعوات التي بدأت بتحكيم الدين انتهت بمصادرة أساس السلطة وامتيازاتها وإضاعة الحقوق المدنية والسياسية للشعب وتحطيم كل إجماع قائم أو محتمل وتوسيع آفاق الشقاق والحروب الأهلية التي وصلت حد الإبادة والتطهير الديني والعرقي الذي لم يوفر حتى المسلمين أنفسهم.
    • ثم أن واقع التنوّع الديني والثقافي في السودان يجعل فصل السياسة عن المعتقدات الدينية والمذهبية والطائفية أمراً لا غنى عنه لاستقراره ووحدته وترسيخ نظام الحكم الديمقراطي الفيدرالي.
    • بناءً على ذلك ندعو لاعتماد مبادئ مدنية تشمل ولا تقتصر على الآتي عند صياغ الدستور الدائم والقوانين النابعة منه:
    1. مبدأ المواطنة كقاسم مشترك بين كل السودانيين كمناط للحقوق والواجبات.
    2. الشعب كمصدر للسلطات.
    3. المساواة بين الأديان مع كفالة وحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية.
    4. ضمان الحقوق المدنية والسياسية المعروفة.
    5. سيادة حكم القانون ووحدة القوانين واستقلال القضاء والمساواة أمام القانون صرف النظر عن العرق أو الجنس أو المعتقد.
    6. كفالة وحماية الحقوق الثقافية لجميع الجماعات السودانية على قدم المساواة في كل المستويات المركزية والولائية.
                  

02-12-2011, 09:36 AM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22512

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)

    إبن العم زمراوي

    تحياتي

    موضوع دسم

    أرجو التركيز و تسليط الضوء على الآتي لأنه ذي علاقة بكل قبائل السودان و إرتباطاتهم بالنوبة :

    . في أواخر العصر الحجري وحوالي 3100 ق.م أقامت ذات العناصر ثلاث مجموعات حضارية جديدة في شمال السودان على قاعدة اقتصاد طبيعي وتحول بطئ للزراعة شكل الأساس المادي الحاسم للثقافة النوبية وتبلورها اللاحق في كرمة وكوش وقد وجدت آثار هذه المجموعات في النوبة السفلى والعليا ومنطقة أمدرمان بمعناها الأثري الواسع.
    • إلى الجنوب من منطقة حضارات المجموعات النوبية الثلاث ظهرت حضارة كرمة التي امتدت من الشلال الثاني إلى جنوب أرقو واكتسبت دور الرواق التجاري والمركز الثقافي بين وسط وشرق أفريقيا ومصر ولا زالت حضارة كرمة رغم مخلفاتها المادية المعروفة تحتضن الكثير من الأسرار والكنوز التي تنتظر المزيد من جهود المسح والحفر والتنقيب والتحليل سداً لبعض الثغرات المعرفية واستدراكا لجوانب لازالت غامضة خفية.
    • مرحلة المجموعات الحضارية الجديدة وحضارة كرمة شهدا اتصالا متعاظماً مع مصر وتفاعلاً مع العناصر المادية للحضارة المصرية في عصر ملوك الأسرات وربما هجرات من الشمال لجماعات تنتمي للعنصر البشري الذي ساد مصر في عصر ما قبل الأسرات علاوة على غزوات وعمليات إلحاق وضم للنوبة السفلى حتى منطقة الشلال الثاني
    .


    دمتم
                  

02-12-2011, 09:45 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)

    الأخ زمراوي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    وشكراً لافتتاحك هذا البوست، حقيقةً نحن بحاجة إلى معرفة أنفسنا،
    وقد يتوهم البعض أن هذا مبحث جهوي، لأنه خاص بجنس معين من أجناس تركيبتنا الاجتماعية،
    نعم، ولكن لا يمكننا أن نتفاعل تفاعلاً إيجابياً في إطار انتمائنا إلى وطن واحد،
    ما لم يكن كل منا قد تفاعل تفاعلاً إيجابياً في إطار انتمائه الخاص أولاً!
    إثبات كلّ إنسان (أو جماعة) لشخصيته إثباتاً إيجابيّاً في إطار محيط أسرته أو قبيلته أو جنسه،
    هو الخطوة الأساسية نحو بناء وحدة حقيقية، تتفاعل فيها إيجابياً، جميع مكونات المجتمع!
    فالعنصرية أصلاً عقدة نفسية، كما تتمثل في استعلاء، تتمثل في استخذاء!
    المهم، ما أطيل، وأرجو أن يتاح لي قراءة هذا البوست بمزاج، حتى أستكمل ما عندي من نقص
    حول معاني انتمائي إلى النوبة،...، والشواغل كثيرة، فلذلك يا ريت لو لجأت إلى ملخصات
    وخلاصات جامعة،، صور ، ... الخ
    وأرجو أن يقوم الإخوة المتداخلون بهذا الدور، وأن يتم سبر غور الموضوع من جوانبه المختلفة!
    أجدد شكري!
                  

02-12-2011, 11:42 AM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: صلاح عباس فقير)

    شكرا الريس ابو جهينة

    شكرا على هذه الاضافة القيمة وارجو ان تتحفني بكل ما تملكه في هذا الرواق
    لكي يتم اضافته وياريت لو قدرت تشوف لينا المرجعية الاساسية التي لم تطله
    يد التعريب الحديث حيث ان اغلب التاريخ النوبي قد تم تحريفه في ظل الحكومات
    العربية وخاصة في العهد القريب، واعتقد ان المستشرقين الاجانب كانوا تحت
    ضغط السلطان الحاكم في ذلك الوقت.
                  

02-12-2011, 11:44 AM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)

    شكرا الحبيب صلاح عباس فقيري

    شكرا للمرور والارشادات وسوف نقوم بنشر
    ما يرد الينا وسوف اقوم بالبحث في بطون الكتب
    لايجاد وتفريغ المستندات بالصور.
                  

02-12-2011, 11:47 AM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)

    الباب الثاني

    الدولة السودانية الحديثة•



    • امتدت بلاد النوبة التاريخية من الأقصر في مصر إلى الغابات الاستوائية جنوباً ومن تلال البحر الأحمر شرقاً إلى شمال كردفان ودارفور غرباً وحتى حدود ممالك السودان الغربي بمعناه الجغرافي والسلالي الواسع.

    • حدود السودان كما تم ترسيمها بعد الفتح الثنائي في 1898م ضمت بصورة تزيد أو تنقص ذات المساحة التي ترامت فيها وتعاقبت عليها دويلات وممالك وسلطنات السودان القديم ودولتي الأتراك والمهدية.

    • أسلافنا من نوبيين وسواهم عاشوا حياة ما قبل التاريخ، وما زال بعضهم يعيشها، كصيادين وجامعين للثمار إلى أن دفعتهم ضرورات البقاء وقوانين التطور القاهرة إلى الانتقال للرعي ثم الزراعة خلال آلاف السنين ومنها لنمط الإنتاج العبودي فالإقطاعي في ظل ممالك كرمة وكوش ونبته ومروي.

    • يذكر ألآب فانتقيني أن نظام الحكم في العهد المروي كان إقطاعياً وأن الملك كان يحكم المناطق المجاورة للعاصمة حكماً مباشراً أما البعيدة فيقطعها لبعض الملوك الخاضعين له مقابل إتاوات وأن الحكم المركزي كان قوياً ويبعث الذعر في قلوب الرعايا في سائر إنحاء المملكة لكن عصر الانحلال أقترن بانقطاع سيطرة المركز على المناطق الطرفية فتحررت وأسست ممالك مستقلة إلى أن تم تدمير المملكة نفسها.

    • سمات الدولة الإقطاعية ماثلة أيضاً في ضخامة وقوة الجيوش المروية وكفاءتها العالية وفي الصروح والنصب الحضارية التذكارية والسعي الحثيث لتدوين اللغة المروية وظهور الديانات التوحيدية الضرورية لإعادة تكوين النظم الإقطاعية المستندة على قوى فوق طبيعية وفوق بشرية تبرر شرعيتها واستمرارها.

    • الممالك النوبية المسيحية الثلاث التي ظهرت بعد عام 500 للميلاد حافظت على جوهر الإرث المروي الإقطاعي إذ كان المجتمع منقسماً إلى ثلاث طبقات هي الطبقة الحاكمة وطبقة الموظفين وعامة الشعب وكان نظام الوراثة السائد هو النظام الأمومي الموروث من العهد المروي مع تأثر نظام الإدارة بالنموذج البيزنطي بينما كان الرق فاشياً بل وسيلة من وسائل التبادل ويصف إبن سليم ملوك علوة بأنهم يسترقون من شاءوا بجرم أو بدونه ولا تنكر الرعية عليهم ذلك بل يسجدون لهم ولا يعصون أمرهم.
    • أياً كانت الأسباب التي دعت لذلك فإن إتحاد كل من مملكتي نوباتيا والمقرة بين القرن السابع والثامن الميلادي عكس وحدة التشكيلة الاجتماعية التي جمعتهما إلى جانب معطيات أخرى كوحدة الأصول العرقية واللغة والثقافة والدين والتاريخ والمصالح المشتركة وهي ذات العناصر التي يعدها علم الاجتماع والسياسة المعاصرين شروطاً نموذجية لبناء الدولة – الأمة (Nation-State).

    • واصلت الدولة الإقطاعية مسيرتها بعد قيام سلطنة الفونج وفق أسس مركزية وفيدرالية الأولى ممثلة في السلطان ومؤسسات البلاط في سنار من أمناء ووزراء السلطان والجيش والقضاة وبيت المال والثانية في مكوك وشيوخ المشيخات الممتدة من جبال فازوغلي جنوباً وحتى الشلال الثالث شمالاً ومن سواكن شرقاً إلى النيل الأبيض غرباً.

    • أبرز مؤرخي السلطنة كاوفاهي ود. محمد أبو سليم توصلا لاستنتاجات مفادها أن سلطات سلاطين الفونج المطلقة نظرياً كانت مقيدة فعلياً بحكم وجود حكام الأقاليم وأنهم لم يكونوا يملكون حرية التصرف الإداري والقضائي والمالي والإقطاعي إلا في المنطقة الخاضعة لهم مباشرة فيما كان مشايخ المناطق والأقاليم الأخرى أحراراً في إدارة الشئون المذكورة نظير الإتاوات والهدايا الموسمية المدفوعة للسلطان في سنار الأمر الذي يعزز الأطروحة القائلة بأن السلطنة كانت في التحليل الأول والأخير إتحاداً فيدرالياً فضفاضاً بين الفونج ية الإقطاعية الموروثة من العهد المروي وممالك النوبة المسيحية في علوة والمقرة.

    • بقدر ما كانت سلطنة الفونج الامتداد الطبيعي لمملكة مروي والممالك النوبية المسيحية بقدر ما تركت آثاراً باقية في كثير من أوجه حياتنا السياسية والثقافية والمعاصرة من خلال بني ومؤسسات أهمها الطرق الصوفية والرق ونظام المشيخات والعامية السودانية بخصائصها المميزة إلى جانب التكوين القومي الجديد الذي تخلق وتشكل في جوفها ضاماً بين أعطافه أعظم ما في العروبة والنوبية والزنجية من عناصر وخصائص اجتماعية وثقافية.

    • على أنقاض ممالك ودويلات وسلطنات السودان القديم وسلطة سياسية مشتتة بين مشايخ وملوك وسلاطين وفوق واقع يتميز بتعدد أنماط الإنتاج والثقافات والديانات واللغات والنزعات الاستقلالية متعددة الأشكال، أقام الأتراك أول دولة مركزية ذات شأن في السودان في 1821م.

    • لتحقيق أهدافها المتمثلة في السيطرة على منابع النيل والثروات المعدنية والفوائض الوطنية وسد احتياجات دولة محمد علي من الجنود والأرقاء، عمد الأتراك إلى تقسيم البلاد إلى مديريات ومراكز مزودة بعناصر إدارية وأمنية وقضائية أجنبية ووطنية لحفظ الأمن وتحصيل الجبايات وتأمين التجارة وخاصة تجارة الرقيق.
    • وكما هو الحال مع تجارب الاستعمار ذو الطابع الكلاسيكي لم يثقل الحكم التركي كاهله بالحفاظ على البني الاجتماعية ـ الاقتصادية السائدة وإنما اكتفى باستنزافها حتى الموت مما أدى ضمن عوامل أخرى إلى اندلاع الثورة المهدية وانتصارها في 1885م.
    • بقدر ما عبرت الثورة المهدية عن نزوع وميل وحدوي وانصهاري بقدر ما بددت هذا الرصيد المبدئي عندما نسجت على منوال الحكم التركي في سياساتها الإدارية والاقتصادية والمالية وأثقلت كاهل الشعب بالضرائب والحروب الداخلية والخارجية والتهجير القسري وتجارة الرقيق وعمدت إلى إزكاء النعرات القبلية والجهوية مما فتح الباب على مصراعيه أمام الطامعين فدخل الفتح الثنائي منه في 1898م.
    • بعد الفتح عاودت الدولة الحديثة مسيرتها ولكن وفق إستراتيجية محكمة لتغيير مجرى التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي بشكل عميق وربط السودان بالسوق البريطانية والعالمية كمصدر للمواد والخامات الأولية وسوق للمنتجات والسلع الصناعية.
    • بنى وهياكل الإنتاج والخدمات التي أقامها الحكم الأجنبي لغرس عناصر النمو الرأسمالي والتبادل السلعي فرضت منطقهـا التوحيـدي الإلزامي من خلال توسيع السوق المحلية وبروز القـوى الاجتماعية الحديثة وغيرها من العوامل ولكن الإدارة البريطانية عمدت في ذات الوقت إلى تشجيع الميول الاستقلالية والنزعات العنصرية والجهوية المضادة لا لمركزية الحكم فحسب، بل للدولة نفسها عن طريق سياسة (فرق تسد) وتزكية النعرات القبلية والطائفية وسن قوانين المناطق المقفولة في 1822م وغيرها من الإجراءات والسياسات المعوقة للانصهار والاندماج الوطني.

    • القصور الفكري والسياسي للفئات التي تولت زمام الأمور عقب الاستقلال والطابع المبتور للبنية الاجتماعية ـ الاقتصادية التي غرسها الحكم الأجنبي وتقديم المصالح الخاصة على الصالح العام والانفصال عن تطلعات الشعب بتكويناته الاجتماعية والقومية المختلفة وفرض أيديولوجية عرقية استعلائية عن طريق القهر والإكراه أدى إلى تراكم وتفجر نزعات التمرد ومعاداة الدولة وتقدم أجواء الحرب الأهلية وحمل السلاح في الجنوب وغيره من الأقاليم.
    • في تاريخ السودان الحديث محاولات محدودة لإعادة النظر في شكل الحكم المركزي إما استجابة لضغوط مباشرة كالحرب الأهلية في الجنوب وإما لاعتبارات سياسية لإضفاء مسحة شرعية على النظم الحاكمة أو لتوسيع قاعدة المستفيدين منها أو للتخفف من أعباء الحكم أو لمزيج منها كلها.
    • تجربة الحكم الذاتي الإقليمي لعام 1972م بين الشمال والجنوب مثلت خطوة غير مسبوقة في طريق تطوير شكل الحكم في السودان ولكن إبرامها في ظل نظـام شمولي وتفشي الفساد في أجهزة الحكم الإقليمي وانعدام الرقابة وافتقار القائمين على أمر الحكومة لمشروع أو برنامج للنهوض الشامل في الجنوب إلى جانب انقلاب سلطة مايو على الاتفاقية التي عدت أهم إنجازاتها طوال 16 عاماً من الحكم أفضى إلى اندلاع الحرب الأهلية من جديد في 1983م وبضراوة أشد من سابقتها.
    • في 1971م صدر قانون للحكم الشعبي المحلي تحت شعار إشاعة الديمقراطية ثم أستبدل عام 1980م بقانون الحكم الإقليمي وكانت حصيلة الاثنين توسيع وتضخيم الهياكل البيروقراطية للدولة واستشراء الفساد المسنود بسلطات مطلقة وافتقاد الحد الأدنى من المشاركة الشعبية في صنع القرار والمراقبة والمحاسبة وإذكاء روح التعصب الجهوي والقبلي لصالح الفئات الانتهازية وتحولها في النهاية إلى أدوات قهر وتحطيم لخصوم السلطة ومعارضيها.
    • بعد انقلاب الجبهة الإسلامية في عام 1989م فقدت الدولة دورها كمؤسسة اجتماعية عامة ومركزية وأصبحت مؤسسة خاصة تحرس مصالح القائمين عليها وأداة لتحطيم كل إجماع قائم أو ممكن أو محتمل ونفياً مطلقاً للحياة السياسية وساحة حرب ضد كل الجماعات والتكوينات القومية السودانية أياً كانت أصولها العرقية أو معتقداتها الدينية.
    • اتفاقية نيفاشا للسلام شكلت ولا زالت تشكل خطوة هامة نحو إرساء قواعد الحكم الفيدرالي أللا مركزي وتقسيم الثروة وغيرها من المكاسب التي طال انتظارها ولكنها تتضمن سلبيات عديدة أهمها الافتقار إلى نصوص واضحة تخول لكل قومية أو إقليم أو جماعة الحق في تكوين ولايتها أو إقليمها على أساس أثني وثقافي ولغوي بدل أن تحشر في أطر إدارية أو جغرافية فضفاضة لا تتيح لها تولي زمام أمورها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار الحكم الاتحادي المأمول.
    • صفوة القول أن الاعتراف بتعدد مكونات الهوية السودانية وتنوع أقاليم السودان يجب أن يترافق بإعادة صياغة الدولة وسلطتها وفق إستراتيجية الحكم الفيدرالي كإطار حاضن لتباين الأصول والجذور والمنابت العرقية والثقافية واللغوية والدينية وكجسر ومعبر للوحدة الاندماجية الطوعية على المدى الطويل وكأداة فعالة لتحقيق نمو متكافئ ومتوازن على مستوى الوطن كله كفيل بإبطال الميول والنزعات الانفصالية وما يصاحبها من اقتتال ودمار مادي ومعنوي وبشري.
                  

02-13-2011, 12:34 PM

Zomrawi Alweli
<aZomrawi Alweli
تاريخ التسجيل: 08-04-2007
مجموع المشاركات: 3368

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)

    [الباب الثاني
    القضية النوبية•

    [align=justify]

    كانت النوبة تارة رواقاً لأفريقيا ومعبراً للقوافل التجارية ولتبادل الخيرات المادية والخبرات الثقافية في أوقات السلم وتارة دار حرب وساحة مغامرة لجحافل الغزاة والباحثين عن الثراء والمهاجرين طلباً للرزق أو هروباً من وجه العدالة أو فراراً من الاضطهاد العرقي أو الديني أو السياسي وقد جاءت معظم هذه الموجات البشرية من الشمال وشملت في وقت ما الهكسوس والفرس والرومان والعرب والمماليك بكل فصائلهم والأتراك والإغريق والأرمن وسواهم من القوميات الأوربية والشرق أوسطيه.
    • خصائص الموقع والموضع النوبي شجعاً منذ أقدم العصور ميلين متعارضين للكيان النوبي هما الانفتاح والاحتكاك مع الشمال من جهة والانغلاق والانعزال الناشئ عن غلالة الصحراء والبيئة الطبيعية المحدودة الحجم والموارد وقوة النزعة الاستقلالية الملازمة لكل التكوينات الإثنية ذات الحدود الصارمة وشبكة العلاقات التي لا تتسع للآخر بسهولة ويسر.
    • الحملات العسكرية التي نظمها المسلمون لإخضاع النوبيين بعد فتح مصر تكسرت على أبواب دنقلا ومهدت الطريق لاتفاقية البقط ولكن النوبة لم تسلم أبداً حتى بعد إبرامها من محاولات الضم والإخضاع المستمرة على يد الدولة الأموية والعباسية والإخشيدية والأيوبية مروراً بالمماليك بمختلف نحلهم ومللهم وانتهاء بالترك الذين احتلوا السودان كله في 1821م.
    • بوصول قوة الكشاف لبلاد النوبة بعد 1520م عقب الانهيار الكلي للممالك المسيحية الواحدة تلو الأخرى بدأ فصل جديد في التاريخ النوبي أهم سماته استسلام النوبيين للكشف وقوة السلاح الناري والتخريب المنظم لنمط الإنتاج النوبي عن طريق الاستيلاء بالقوة على عائدات الإنتاج ونقلها مع القوى المنتجة للبلد الأم للعمل كأقنان في القصور والحقول والجيوش واكتملت حلقات التدمير بعد ذلك بوصول المماليك الهاربين من مذابح محمد علي باشا وبطشهم بالسكان من أسوان إلى مروي الحالية وما ترتب على ذلك من هجرات نوبية واسعة نحو الجنوب فراراً من الإتاوات السلب والنهب والتصفيات العشوائية التي طالت كل من عجز عن سداد الإتاوة المقررة أو تهرب منها.
    • أستأنف الأتراك التدمير الذي دشنه الكشاف المماليك لاقتصاد الساقية وعلاقاتها المزدهرة طوال قرون من خلال النهب الهمجي للفوائض ودفع النوبيين لمزيد من الهجرة والهروب من أرض الأجداد بعد طمر السواقي وينسب لمدير دنقلا في 1835م أن ثلثي سواقي دنقلا البالغة خمسة ألاف عند الفتح قد تعطلت ونخربت بسبب النقص في القوى العاملة وتدهور الإنتـاجية في وجه إتاوات تشمل ولا تقتصر على ربط الساقية، متأخرات الضريبة، وضريبة النخيل، ضريبة الماء، قلم المقاطعات، نصيب القورتي أي متحصل الضرائب، ضريبة ساقية من كل 25 ساقية، ضريبة 4 أفدنة من كل 100 فدان وضريبة عبيد المساعدة و10 قروش من كل خمس سواقي لكسوة الرقيق أضف إلى ذلك أن العائد الإنتاجي يوزع أصلاً وفق أنصبة معلومة تشمل نصيب صاحب الأرض، والساقية ونصيب الأبقار والمزارع والنجار والحداد والمركب والعمدة الصمد وجالب الماروق والفكي والأرامل والأيتام إلى جانب الاحتفاظ بكمية من الفائض كبذور لإعادة الإنتاج في الموسم القادم.
    • بعد انتصار الثورة المهدية وانتهاء أمر السودان كما قال المهدي تم إعداد جيش النجومي لفتح مصر وبذلك صارت أرض النوبة دار حرب وكر وفر بين جيوش الأتراك المندحرة وطلائع جيش الأنصار فتضاعف الخراب الموروث من الحقبة التركية بتجاوزات الأنصار وولاة المهدية بشهادة يونس الدكيم الذي أعترف بأن التجاوز في التحصيل قد دفع الأهالي في خط دنقلا وأرقو إلى الهرب. وبحلول مجاعة سنة ستة (1889م) اتسعت دائرة الهجرة والنزوح حتى أن جميع سكان دنقلا وأرقو والمحس والسكوت تجمعوا شمال حلفا ولم يعاودوا تعمير السواقي واستئناف حياتهم الطبيعية إلا بعد اكتمال الفتح الثنائي في 1898م.
    • في اليوم التاسع عشر من يناير 1899م وقعت اتفاقية الحكم الثنائي التي نصت في مادتها الأولى: "تطلق لفظة السودان في هذا الوفاق على جميع الأراضي الواقعة إلى جنوب الدرجة الثانية والعشرين من خط العرض" وفي ذلك اليوم المشئوم انقسمت بلاد النوبة التاريخية إلى شطرين لأول مرة. شطر في مصر وآخر في السودان دون أدنى اعتبار لحقائق الاجتماع البشري الممتدة لآلاف السنين أو ينتج عن ذلك من إعاقة المسار الطبيعي لتكوين قومي مميز عرقياً ولغوياً وثقافياً وذو تاريخ متصل ومصالح مترابطة وتطلعات مشتركة نصبت في موضع القلب منه حدود مصطنعة لم يطلبها أو يبحث عنها أو يرحب بها أحد إلى يومنا هذا.
    • بعد عام 1902م شهدت أرض النوبة شيئاً قريباً من طوفان نوح حين تحالفت أرقي منتجات التكنولوجيا الحديثة مع الإرادة السياسية لحكام مصر لبناء خزان أسوان وتعليته في 1912م ثم 1932م وأضيف لهما السد العالي في الستينات لتكتمل حلقات الحصار على النوبة حجراً وبشراً ومحيت من الوجود الرقعة الممتدة من أسوان شمالاً إلى شلال دال على بعد 150 كيلو متر جنوب مدينة حلفا التي نقل سكانها قسراً على سهل البطانة في وسط السودان.
    • سواء كان اقتصاد الساقية نمطاً إنتاجياً قائماً بذاته أو شكلاً مميزاً من أشكال الإنتاج الخراجي ـ الإقطاعي فقد حافظ على بنيته لمئات السنين إلى أن حل الفتح الثنائي بإستراتيجيته المحكمة لتغيير مجرى التطور الاجتماعي في السودان كله وتأثرت الساقية والمجتمع النوبي بمفاعيل تلك السياسات التي أثرت على أنماط الاستهلاك دون مساس يذكر بأنماط الإنتاج ووسائله وعلاقاته.
    • إذا كان الاستعمار نقمة لدى البعض فقد كان نقمة ممزوجة بالنعم بالنسبة للإقليم النوبي لأنه عمد في أول عهده على استتباب الأمن والاستقرار لأول مرة منذ قرون من الذل والقهر والسلب والنهب والاسترقاق، فاستأنف النوبيون حياتهم الاقتصادية دون عوائق تذكر خاصة وأن الحكم الجديد سعى لرفع إنتاجية العمل عن طريق تقديم سلفيات الزراعة وبذل محاولات عديدة لإحلال سواقي معدنية بدل الخشبية وانتهج سياسات ضريبية معقولة أقام بعض الخدمات الاجتماعية والمشروعات الإنعاشية إلى جانب حل المشاكل المرتبطة بالملكيات والحيازات لتأهيل الإقليم وإعداده للانخراط في السوق الوطنية الجديدة والتحول للإنتاج السلعي النقدي.
    • غني عن القول، أن الحكم البريطاني لم يكن معنياً بتحقيق تنمية حقيقية لا في الإقليم النوبي ولا في غيره وإنما كان هم<ه الأول هو إنشاء بنى اقتصادية حديثة في وسط البلاد في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات تكون قادرة على تلبية احتياجات السلطة الجديدة والسوق البريطانية والعالمية من جهة واستيراد السلع والخدمات الصناعية من جهة أخرى.
    • وهكذا نشأت ظاهرة التهميش أو النمو غير المتوازن أو ما يعرف بالاستقطاب في مجتمعنا منذ1898م أي ظاهرة التناقض بين التنمية في المركز والتخلف في الأطراف وتصادم وتعايش قطاع تقليدي بدائي جنبا إلى جنب قطاع حديث مع ما بينهما من فروق كبيرة في تطور القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج وتوزيع المشروعات والخدمات بين المركز والإطراف وتوفير البنى الهيكلية كالكهرباء والمياه والطرق وغيرها.
    • الحكم الوطني عوضاً عن إنجاز تنمية مستدامة ومتوازنة وإقامة نظم إنتاجية فعالة في المناطق المهمشة حسب ميزاتها النسبية وصولاً لتكامل السوق الوطنية أقتفي خطى الحاكم الأجنبي في إعطاء الأولوية القصوى لسلع الصادر واستيراد المنتجات الصناعية وتركيز المشروعات الزراعية والصناعية والخدمية في وسط البلاد أو توزيعها عشوائياً أو لأسباب سياسية بحيث كانت سلبياتها أكثر من إيجابياتها في غالب الأحوال بل أن كل المكاسب كانت تصب في النهاية في طاحونة المناطق الأكثر نمواً والقائمين عليها والمتحكمين بها.
    • الحصيلة المرة لعقود من الحكم المركزي كانت ولا زالت احتكار السلطة والثروة وتحطيم السوق الوطنية حديثة التشكيل والمفتقرة للتكامل وانهيار نمط الإنتاج الحديث والتقليدي وزوال الحدود الفاصلة بينها ونهب الفوائض الوطنية وتهريبها إلى الخارج وتسارع معدلات الهجرة والنزوح واللجوء وتفاقم ظاهرة الفقر والمجاعة والتصحر والسلب والنهب والإتاوات والضرائب، وتقدم أجواء حروب أهلية متعددة الجبهات.
    • في إطار هذه الخريطة العامة لم تقتصر ظاهرة التهميش على البعد الاقتصادي فقط ، وإنما اقترنت باستبعاد مناطق وأقاليم كاملة بما في ذلك النوبيين من الحياة السياسية من خلال احتكار العمل السياسي من قبل فئات اجتماعية معينة وعزلهم من الحياة الثقافية بفرض مرجعية أحادية لا تعترف بثقافات الأساس السوداني ولا بتعدد مصادر الهوية الوطنية وحقها في التعبير عن نفسها من خلال المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية.
    • من هنا أيضا تصبح قضية وضع حد للتهميش الثقافي وتحقيق النهضة الشاملة قضية وجودية، لأن الإنسان النوبي لا يستطيع تأسيس وجوده وثقافته على مرجعية مستمدة من تاريخ آخر، ولغة أخرى وسيرورة لا تعنيه، لأن ثقافتهم التي شيدوها على مهل طوال آلاف السنين وافية باحتياجاتهم الحالية وضامنة لاستمرار يتهم وتميزهم وتاريخيتهم واستقلالهم الذاتي دون انغلاق أو تعصب مع نهي دائم للانفتاح على الديناميات المحركة للحداثة، على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
    • والزكوات والحروب متعددة الجبهات في الشرق والغرب والجنوب إلى المدن لا كقوى عاملة ومنتجة بل ككتل هائلة لا أمل ولا مستقبل لها إلا من خلال حلول جذرية لقضية التنمية ومكافحة الفقر والبطالة.
    • كيف صمدت النوبية في حين اندثرت حضارات وشعوب ولغات عريقة كالآرامية والفينيقية والبابلية والأشورية والفرعونية والقبطية؟ كيف حافظت على تماسكها في وجه غزوات وحملات عسكرية متصلة بعد انهيار ممالك مروى وعلوة والمقرة وقيام مملكة الفونج وفي عهد دولة الأتراك والمهدية والفتح الثنائي والدولة الوطنية بعد 1956م؟ كيف استطاعت لغة غير مدونة البقاء في وجه التعريب والأسلمة الكاسحة العفوية القصدية طوال القرون؟ وما السر في بقاء الثقافة النوبية وصور وأشكال الحياة المرتبطة بها في وجه متغيرات ومؤثرات خطيرة كسيادة علاقات التبادل السلعي النقدي منذ الفتح الثنائي ونشأة وتطور نمط الإنتاج الرأسمالي الحديث إلى جانب عوامل أخرى عديدة كالهجرة والتهجير كانت كفيلة بالإطاحة بكل الموروثات أو زعزعتها وتفتيتها إلى شظايا لغوية وثقافية مبعثرة لا يجمعها جامع ولا يحتويها نظام؟
    • ليس للثقافة النوبية منطق أو قانون تختص به من دون الثقافات البشرية الأخرى ولا سمات مفارقة أزلية اكتسبتها أو أغدقت عليها هبطت عليها ببرشوت من حيث لا تدري بل هي ظاهرة اجتماعية تاريخية مميزة بالفعل ولكنها مرتبطة بغيرها حيث استمدت وجودها ولا زالت تستمده من نمط الإنتاج النوبي الصامد والراكد منذ العهد المروى إلى يومنا هذا.
    • حتى بعد اكتساح العلاقات النقدية للمجتمع النوبي وحلول الطلمبات محل الساقية لا زال نمط الإنتاج النوبي قائماً على نفس علاقات الملكية والإنتاج ووسائل وأدوات الإنتاج البدائية وطالما بقي هذا الأساس على حاله، ستظل النوبية تعيد تكوين نفسها دون توقف وتواصل إنتاج نفس الثقافة فيما تظل كل حركة داخل الجماعة النوبية مهما بلغت قوتها أقرب لحركة الاعتماد لا النقلة كما يقول المعتزلة
                  

02-14-2011, 02:37 AM

بريمة محمد
<aبريمة محمد
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 13471

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة -- الأصول والجذور والمنابت (Re: Zomrawi Alweli)
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de