|
|
 علي الزين .. ومنتدى "ضَربّة حُرّة".. حتّى لا يكون الإبداع حكراً على أحد !
|
[1]
الإبداع ليس حكراً على أحد، مقُولّة يُردِّدها كثيرٌ من المهتمّين بالشأن الإبداعي والثقافي العام لكنّها دائماً ماتكون مُجرّد حديثٌ نظريُّ مُتكرر، يقولونها أثناء قبضتهم وتشبُثِهم بمايكروفُونات المُنتديات واللقاءات الإبداعيّة والفكريّة النمطيّة، وحين يقولونها تجدهـم في ذات الوقت يعملون فعليّاً لضدّها تماماً؛ إذ يحتكرون الإبداع عليهم؛ عبر إحتكارهم لمنافذ الإبداع، التي هي دائماً ما تتمثل لدينا في السّودان في المنتدياتِ وجلسات النقاش والحوار بالعديد من المراكز الثقافيّة، إذ تجدهم يستحوذون عليها بالكامل، لا يتيحون فُرصّة لغيرهم؛ حتى صار الكثيرون يعرفون أنَّ المنتدى (الفلاني) طالما أنّه يتحدّث عن الشعر مثلاً فإنّ المنصّة بالتأكيد ستستضيف كعادتها (فُلان وفلان)، لا لشيء سوى لأن (فلان هذا) وجد حظاً صحفياً من الحوار والظهور أمام العديد من وسائل الإعلام، أو لقُربه والتصاقه بالمُثقفِ المعرُوف (فلاناً آخر)، وليس لمستوى معرفته وتخصصه مقياساً على الإطلاق، فلكم شاهدنا تشكيلياً تحدَّث في العلوم وفي الكيمياء وفي وفي وفي .. وحتى فُرص النقاش في هكذا مُنتديات تكون في الغالب مُحتكرة لـ(فُلان) و(فلان) فقط دون غيرهم، وبالفعل تجِدهم عندما يدخلون إلى المنصّة كأنما يدخُلون لمعركةٍ أو لمباراة مصطلحات، فيختارون أكثر المصطلحات تعقيداً، ودائماً ما تسبقها مقولات على شاكلة:( أعتقد- وأفتكر- وفي تقديري الخاص) ذلك دون أدنى تقدير لذهن وعقليَّة الجمهور الذي جاء ليُشارك بالتفكير وليس لإكتساب إعتقاد من شخص أو المشاركة في مبارزة المصطلحات المُقننة.
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: علي الزين .. ومنتدى "ضَربّة حُرّة".. حتّى لا يكون الإبداع حكراً على أحد ! (Re: هشام الطيب)
|
[2]
ولا يخلو الأمر هنا من طرافةٍ؛ حينما تشاهد ذات الشخوص (المُعتقدة)، وهُم يستخدمون أياديهم في الحديث بصورةِ مُفتَعلة ودراميّة مضحكة؛ بالطبع هُم يعجزون عن إيصال الملعومة للجمهور و لأنفسهم حتى. فسرعان ما يلجأون إلى أيديهم لتدعيم موقفهم الحديثي. ستُلاحظ ذلك خاصةً حين يردِّدُون على مرئى ومَسمعِ الجميع مصطلحاتٍ يكثُر استخدام الأيادي فيها وفي شرح مضامينها وهي على شاكلة :(أبستمولوجي- أنطلوجي- ي) وغيرها من المصطلحات التي كثُر إستخدامها في منصّات المراكز الثقافيّة بالرُغم من أنّها دائماً ما تُقابَل بالإندهاش والذهول من قبل كثيرٍ من الحُضور، الشيء الذي يرى فيه كثيراً من المُهتمِّين أنّه ساهم في خلق فجوّةٍ كبيرة للغايّة مابين الذين يطرحون أنفسهم كـ(مُبدعين)،(مُفكّرين) ومابين الجمهور الذي فقد القدرّة على التفاعل معهم ومع اطروحاتهم الإبداعيّة التي باتت مملة في نظرِ الجمهور.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: علي الزين .. ومنتدى "ضَربّة حُرّة".. حتّى لا يكون الإبداع حكراً على أحد ! (Re: هشام الطيب)
|
[3]
هذه المرّة نحنُ لسنا بصددِ الحديث أو مناقشة ما يُمكن أن نسميه (إشكالية المُثقَّف أو المُبدِّع مع الجمهور)، بقدر ما نحنُ بصدد تسليط الضوء على فعلٍ ثقافي وفنِّي يستحق أن يطلع عليه القاريء، هو منتدى "ضربة حُرّة" الذي يُقام مساء كُل سبت بمركز علي الزين الثقافي بالخرطوم بحري.
يقام المنتدى داخل صالة مركز علي الزين للثقافة والفنون، صالة رُغم صغرها لكنّها مُكتملة التفاصيل، بها مايكروفونات، ومُعدّات موسيقيّة، إضافةً إلى كراسي مليئة بالحضور.
المايكروفون في منتدى "ضربة حرّة" مفتُوحٌ للجميع، والفرصّة متاحة لك ولغيرك، كُّل ماستحتاجُ إليه هو الجرأة والشجاعة التي تؤهلك للوقوف أمام الحضور، لتطرح ما لديك، فإذا فعلت فلربما ستكتشف أنّك مغنٍ موهوب، أو شاعرٌ مجنون، أو قاصاً من طراز فريد، أو مبدعاً ذا موهبّة فنيّة وثقافيّة فذّة. وأما اذا أخطأت فستتحقق لك مقولة (الخطأ بوّابة الإكتشاف)، لتجد تصحيحاً من كثيرين بأرائهم وخبرتهم الإبداعيّة. على عكس النُقاد الذين دأب أكثرهم في السّودان في البحث عن سلبيات النّص وعيوبه، متجاهلين بذلك تماماً مكامن جماله وفكرته.
الذي يُثير الإنتباه بمنتدى "ضربة حرّة" هو تفاعل الحُضور مع المبدعين الذين يتحدّثون في المنصّة، ربما لأنّ الحديث هنا لا يأخذ طابعاً مُعقّداً على تلك الشاكلة التي ذكرناها في مُقدّمة هذه الكتابة؛ فينعزل الجمهور عن الطرح الإبداعي ويمتعض عنه؛ بل على العكس تماماً فالوجوه التي يتكوّن منها الجمهور هنا في "ضربة حرّة" ليست هي ذات الوجوه التي تتردد على بقيّة الفعاليّات التقليديّة بكثيرٍ من المراكز، لتُنسِط، وتستمع جيداً فقط؛ بل على عكسِ ذلك تماماً الجمهور هنا جاء ليُشارك بما لديه من إبداع، وهو بذلك مؤهلٌ تماماً للتعليق والنقد على ما يقدمه كلّ واحد منهم، مؤهلٌ بفكرة التذوق الحسّي كأساس للتقيم، وليس بفكرة الشروع في تفتيت الأطروحات بأبعادٍ فلسفيّة تقليديّة صارت منهجاً لوأد المواهب الإبداعيّة بدلاً من الإرتقاء بها وتنميتها.
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: علي الزين .. ومنتدى "ضَربّة حُرّة".. حتّى لا يكون الإبداع حكراً على أحد ! (Re: هشام الطيب)
|
[4]
ما نوّد قوله هو أنّ المركز إبتكر اسلوباً جديداً في حركة تمدُّن الفكرة الإبداعيّة، والمنتدى محاوله جيّدة تستدعي الإنتباه والكتابة لأنه يُسهم في نشر الطرح الإبداعي بصورة مميزة، لا نقول أنه فكرة نموذجيّة لأن النموذج ينتهي بسقف محدد، إنما هي فكرة مميزة تستحق التطوير والتركيز. وبالرغُم من أنّ الواقع السُّوداني يفرضُ على المتابعِ تساؤلاتٍ عديدة حول مدى صمود هذه الفكرة ومدى تفادي المركز لأخطاء قد تبدو ناسفة للجهود، سبق وأن وقعت فيها كثير من المراكز الثقافيّة، على إدارة المركز أن تعمل على الحفاظ على قيمة الفكرة وتعمل على تطويرها حتى تُصبح منفذاً ومتنفساً لكثيرٍ من الطاقات الإبداعيّة التي طُردت بسبب تعقيدات البعض واستفاضتهم في نقاشاتٍ قد تبدو مكررة ومملة إلى حدٍ بعيد.
على كلٍ هي محاولة لتسليط الضوء على مركز علي الزين للثقافة والفنون، وعلى نشاط وفعاليّات منتداه " ضربة حرّة" لما يُميِّزه من فكرةٍ لها أن تُسهم في إكتشاف كثيرٍ من المُبدعين في الضروب الثقافيّة بصورةٍ عامة، وفي الادب، متمثلاً في الشعر والغناء، والموسيقى، والقصّة بصورةٍ خاصة؛ وهذه محاولة منّا لتعريف القاريء بالفكرة التي من أجلها تكون المركز والأهداف التي يسعى لتحقيقها.
نُورِد هنا بعضاً مما جاء في البيان التأسيسي للمركز:( بدأ الأستاذ على الزين مشروعه فى مكان صغير ومتواضع بام درمان يقدِّم الخبرة الموسيقيّة للشباب، كما يدفع بمشروعة الموسيقى الخاص للامام، ولكن سرعان ماتحول المكان الصغير الى حيز عبقرى جدا تقاطر اليه ارتال من المبدعين شعراء ودراميين واعلاميين وكتاب وناشطين فى العمل العام، وكان نتاج هذا التلاقح والدفق الحيوى الكثير من المنجز فى انماط مختلفة، ولدت قصائد كثيره تحول بعضها الى غناء وربما صعدت التجربة الى ذروتها عندما خرج من هذا الفضاء ديوان ايمان ادم تجاوز بغابة حيزران، وولدت الكثير من الاغنيات والموسيقى، ومع وجود استاذ عادل ابراهيم واخرون من الدراميين انجزت مشاريع درامية على مستوى المسرح مثل الكنداكه وغيرها، وانتجت افلام تلفزيونية وبرامج اذاعية، كل ذلك كان يتم تصميم موسيقاه وكلماته المغناة فى هذا المختبر، وعندما اتسعت الفكرة وضاق المكان انطلقت فكرة تحويل كل هذا النشاط الى مركز ثقافى فنى، ونحن اليوم اذ ننجز هذا المركز نجنى ثمار هذا المشوار المرصوف بالتعب والمعاناة ونبنى فوق هذا الاساس المتجذر بالخبرة والمعاركة والاصرار الذى اطلقه استاذ على الزين ومنحة من جهده وماله وصبره الكثير. ننجز مشروع هذا المركز مستلهمين الرمزية فى مسيرة وتجربة استاذ على الزين وتراكم الخبرات التى تشكلت منذ تجربة فرقة الحان مرورا بتجربة المختبر للعلاج بالموسيقى الى تجربة الاكاديمة الموسيقية وما مازجها من انشطه أخرى، غير اننا عندما تحولنا لفكرة المركز انطلقنا من قناعة واعية بأن استلهام الرموز لتحفير العمل العام وتفعيله على اهميته ليس كافيا لانجاز عمل مؤسس، كبير وشامل. وان الوقت بات ملائم لتحويل الفكرة الى مركز يقوم على المؤسسية والعمل الجماعى كماعون اوسع واكثر تنظيم وقدرة على اطلاق الطاقات واكثر ديمقراطية فى توزيع المهام وتفعيل القدرات، لعل اهم ما تمكنا من اعداده لاطلاق نشاطنا هو صالة المركز كمكان نأمل فى المرحلة الاولى ان يتسع للانشطة الراهنه والتى شرعنا فى ممارستها فعليا، ونعلم انه سيضيق على مانحلم به فى خططنا من مشاريع وافكار ولكننا نأمل أن نوسع مواعيننا بايقاع مهرمن مع قدرتنا على الانجاز والتحقق.. نعتبر هذه الصالة نواة لعمل المركز وننوى ان نطلق لاذهاننا العنان لخلق وتطوير البيئة المكانية والعمل الثقافى الذى يشبه احلامنا).
[B/]
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: علي الزين .. ومنتدى "ضَربّة حُرّة".. حتّى لا يكون الإبداع حكراً على أحد ! (Re: هشام الطيب)
|
ياسلام ياهشام
أستاذ علي الزين (جلوسا بالعود في الأمام)
.. ياله من رجل ..
.. وياله من فنان..
هذا الرجل كما وصفته أنت كان يعمل بدأب
لا يكل ولا يمل
يضيف كل يوم شيئا جديدا لأحد ما
هناك في أماكن لا يصل إليها ضوء الشمس
كان يذهب لدارسي الموسيقى في بيوتهم
بل وأعرف أنه يوما لم يجد مايكتب عليه درسه
فاستعان ب(صاج) لعمل الكسرة لتوصيل مادته
رجل بسيط وفنان
لديه الكثير من الأعمال الخالدة في الذاكرة
ومنها سيرة "أبي سفيان بلحيته الحمراء"
أعماله التي كانت موضوعة على هامش السيرة الموسيقية السودانية
لأن أستاذ علي "ليس لديه من يوصله "
هابش العديد من التطبيقات العملية للموسيقى كما لم يفعل أحد
فكان يأتي من أقاصي المدينة لعلاج مكتئب أو للتسرية عن مهموم
هو علي الزين وكفى ..
كم أنا سعيد باستاذ علي وهو ينجز مشروعه الحلم
وشكرا لك أخي هشام على الإضاءة النافذة
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: علي الزين .. ومنتدى "ضَربّة حُرّة".. حتّى لا يكون الإبداع حكراً على أحد ! (Re: Saber Abdelhadi)
|
صابر عبد الهادي
ياخ شكراً كتيراً على هذه المُداخلة اللطيفة؛ التي حملت الكثير الكثير من المعاني الجميلة التي تكمُن في مسيرة الأستاذ علي الزين
وبالفعل الرجل صاحب أفكار إبداعيّة مميزة؛ فقد دأب على تطوير مسيرة الموسيقى السُّودانية عبر جهدٍ متواصل إمتّد لسنوات عددا.
وحتى أنّ أفكاره الإبداعيّة تجيءُ منفردةً وناجحة للغايّة، وخير دليل على ذلك، منتدى " الضربة الحُرّة" الذي يُقام بمركزه الثقافي بالمؤسسة بحري.
والذي أرى فيه ككثيرٍ من المهتمّين أنه نافذة ومتنفّس بإمكانه أن يتبنّى الكثير من المُبدّعين والموهوبين في ضروبٍ ثقافيّة وأدبيّة كثيرة.
وهو تحقيقاً فعليّاً لمقولة " الإبداع ليس حكراً على أحد".
-
(بل وأعرف أنه يوما لم يجد مايكتب عليه درسه
فاستعان ب(صاج) لعمل الكسرة لتوصيل مادته
رجل بسيط وفنان)
-
بالطبع ياصديقي؛ يسهل عليّ جداً تخيُّل هذا المنظر بهدوءٍ كهدوء علي الزين وهو يعزف على آلة العود بإطمئنان مُنقطع النظير.
أتمنى أن يمّد الله في أيام هذا الفنّان المُبدع.. حتى ننعم بأفكارٍ إبداعيّة من شأنها أن تُسهم إسهاماً فعلياً لا نظرياً في مسيرة الإبداع السّوداني.
وافر الشُكر لك مجدداً صديقي صابر على هذه الإطلالة اللطيفة والمميزة
ولعلي الزّين أمنيّاتٌ تتحقق غير عابئة بما تأتي به الأيّام من صروف ..
وله من بعد ذلك وافرُ حبٍ وكثير إحترام.
| |
|
|
|
|
|
|
| |
Saber Abdelhadi
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست