|
|
د. أحمد الأبوابي .. الإسلاميون شمولية السلطة ، و المعارضة ..
|
الإسلاميون… شمولية السلطة ، و المعارضة.. حز ب الله نموذجاً .. 1-2
د.أحمد الأبوابي
إنك لا تجني من الشوك العنب .. حكمة قديمة ، تؤكد معنى مستقراً في التجربة الإنسانية ، منذ بدء تأريخ الإنسان ، ألا و هو أن الأصل الفاسد ، لا ينتج فرعاً صالحاً.. هذه الحكمة تتناغم أيضاً مع العلاقة المنطقية بن المقدمة، و النتيجة .. هذا ما خطر لي أن أن أبدأ به مقالي هذا، الذي أريد فيه أن أناقش موضوع الجنين الشمولي، في أحشاء الكيانات الأسلامية ، الذين يسفر عن نفسه في المعارضة، بأوضح مما يمكن أن يسفر في حالة أن لو لو تسلم القوم السلطة.. و لقد ذكرني هذا الأمر بقصة تروى عن أحد اشيوخ كان له حمارين ، وكان له مزرعة غنية بالطيب من الخضر، فخرج ذات يوم عن داره، و ترك أحد الحما رين مقيداً، و الآخر طليق .. و لما رجع أخبره أحدهم بأن الحمار-الطليق طبعاً- قد أتلف الزرع ، فما كان من الشيخ إلا أن توجه نحو الحمار الآخر –المقيد- وانهال عليه ضرباً …هنا استنكر الحاضرون الأمر ، محاولين تنبيهه، إلى أن هذ الحمار مسكين ، و لم يفعل سوءاً ..فما كان منه إلا أن أجابهم ، بحنق، و هو يشير، إلى الحمار المقيد: (( دا و كان مفكوك كان سوا أنعل ما داك))، أو كما قال.. و الحق اننا في السودان قد ابتلينا بضرب من ضروب الحكم الإسلاموي، أوشك أن يزهد العالمين، في دين رب العالمين ، بما رأوه من الظلم ، و العسف، و استغلال السلطان لمآرب الدنيا، و لكن الحكمة التي تعطيها هذه القصة السابقة، هي أن هذه ليست سوى مجرد ( عينة ، من طرف الشنطة).. حقاً أن العديد من الكيانات الإسلاموية، التي ربما ترى لنفسها فضيلة على الجهة الإسلامية، و ترى بأنها لو استلمت السلطة ، لكانت أهدى، سبيلا، أقول ،لوتسلمت السلطة ، لفعلت بنا ما لم يفعله ( الكيزان بالسودان).. ذلك بأن العيب ليس في تطبيق الجبهة الإسلامية ، لما هو صحيح من الفكر، بل العيب، كما ازعم، هو في عظم الفكر الإسلاموي ، المعاصر، سواء منه الفكر السلفي الصراح ،أم الفكر الإسلاموي (المتعصرن)، فإن هذا الفكر يعاني من قطيعة بعيدة الغور مع العصر، وحاجاته، من الديمقراطية ، والتواشج ، و التعايش (الإنسانوي)، السلمي القائم على احترام حقوق الإنسان، من حيث هو إنسان..و لإن كنت في مقال سابق قد وصفت ظاهرة الفصام الفكري، المسيطرة على المؤتمر الوطني، فإني أحتاج هنا لأن أقول بأن هذه الظاهرة في الأصل ظاهرة إسلاموية ، في الصميم ، أوقل إن شئت الدقة ، أنها ظاهرة ( إخوانية) أصيلة، فانت تراها بارزة في سلوك الإسلامويين على اتساع المعمورة او قل إن شئت التحديد من مراكش للبحرين.. مروراً، بلبنان حزب الله…أنت على سبيل المثال عندما تستمع ، لأحد دهاقنة الفكر الإسلاموي ، و هو الشيخ القرضاوين وهويتحدث عن قضاي المرأة،أوالديمقراطية، اوالمواطنة، تكاد لا تخرج برأي واضح يمكنك ن تبني عليه سلوكاً بعينه ، فالقرضاوي، كماغيره من الإسلاويين، رجل يعرف كيف يرسم باللون الرمادي، بإبداع.. و لعل المشكلة كما أراها هي في ذك الفصام بين الذهن الإسلاموي السلفي، المثقل، بتراث الجهاد، و الحروب المقدسة -الذي تجعل الفرد الإسلاموي ،لا يتخيل نفسه إلا (غالباً)، و غانما ، أومغلوباً مقتولاً منتهكاً، إذ لا توجد منطقة وسطى- و بين فكر التعايش السلمي الذي لا غلبة لك فيه إلا وفق الدستور، و لا مغنم إلا تحت راية القانون الذي يساوي بينك، و بين الآخر مهما تكن الشقة بينك، و بينه عقدياً، و ثقافياً.. إن ذاك التراث الجهادي الذي كان للإخوان المسلمين المبادرة، و الباع الأطول ، في تقعيده، و إخراجه من قمقمه التأريخي، تجده أوضح مايكون في أغنية كان يرددها (إخواننا ) المسلمين، في السودان ، و هي أغنية (أنا عائد ) .. والتي بها بيت يقول .. ((لغة الدماء لغتي ، و ليس سوى الدماء*** أنا عن فنون القول أغلقت الفم..))…و الله لقد قلتم شيئاً نكراً.. فإن من يمثل هذا البيت من الإغنية، و لو جزءاً صغيراً من تفكيره ، لجدير بأن يذهب إلى أقرب مشفى نفسي ليتدبر مشكلته العويصة، و التي هي وجوده في مجتمع يسعى منذ عقود ، رغم عثراته ، لتحقيق دولة الدستور ، و القانون ، والتي تحرّم الدماء إلا بحقها الذي يمتلكه ، فقط من بيده القانون، و يشجع الرأي ، و يدعم حرية ((القول) مادام قولاً، باللسان، لا طعناً ، بالسنان... هذه الذهنية (الدموية) ، لا يمكن لعاقل أن يرى وشيجة منطقية بينها، و بين الديمقراطية، و السلام.. هذا يقال، و لو تمسح أصحابها بمسوح اللبرالية، و اقحموا أنفسهم في المعتركات الإنتخابية .. إن هذه الذهنية ، لم ، ولن ينتج عنها سوى السلوك الشمولي، و لن يكون أصحابها سوي ديكتاتوريين، سواء أكانو في الحكم، أم في المعارضة.. إن هذه الذهنية لا يمكن لصاحبها أن يدخل في دين الديمقراطية، و هو محسن ، إلا إذا تاب عنها ، و اغتسل من (دمائه) ، المتلطخة بها كلتا يديه، و الملتاث بهاعقله.. و لإن كان الإسلامويون من السنة قد قدموا نموذجهم ، المعبر لشمولية السلطة، و المعارضة، فإن حزب الله اللبناني يمثل في تقديري ، أنصع مثال للنسخة الشيعية.. هذا الحزب الذي استغل ((قميص المقاومة))، أسوأ استغلال ليحقق ديكتاتورية كالحة في وجه الشعب اللبناني، فأصبح دولة ،لا تبالي بالدولة، وسلطة تنتهك السلطة ، ذاك الحزب الذي يورط بلاده في حرب ماحقة تأكل الأخضر من أرض الجنوب ، واليابس ، دون أن يستشير، قبلها ، أو أن يعتذر بعدها، بل يلوم الآخرين على عدم مناصرته، و دعمه .. الحزب الذي يحتل بجيشه العاصمة، في حادثة يندى لها جبين كل حريص على أن تسود في الأرض قوة الحق ، لا حق القوة .. إن المرء ليتساءل .. أحزب هذا ام عصابة ؟؟؟.... إني أرى أنه كان أكرم لهذا الحزب لو بقي كياناً مقاوماً، موظفاً نفسه ، لما يزعمه من الدفاع عن حرمة البلاد ، و المقاومة للإحتلال الإسرائيلي، أو أن يترك في المقابل أمر الدفاع عن البلاد للجهة التي هو بالنسبة لها مهنةً ، وواجباً، و أن يدخل المعترك السياسي، كحزب، له رؤيته ، و برنامجه .. و لكن الذي يحصل من حزب الله هو فوضى تسيء لمبدئيته ، كحزب ، و لشرفه ، كمقاومة ، فإنه ليس مما يتسق مع الدستور، بالنسة لك كحزب أن تستخدم القوة في معترك الصراع السياسي ، و ليس من شرف المقاومة ، و الجهاد أن تستغل نضاليتك من أجل أغراض الدنيا بجاهها ، و سلطانها ، أو ان تستغل قوتك، ضد العزل من الأحزاب ، والمواطنين، الذين يفترض أنك قدهببت ثأراً لكرامتهم ، ولتهين كرامة الوطن الذي يفترض أنك كرست نفسه لحماية حرمته.. نواصل
|
|

|
|
|
|